الفائق في غريب الحديث - ج ١

جار الله محمود بن عمر الزمخشري

الفائق في غريب الحديث - ج ١

المؤلف:

جار الله محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٥

هي مَفْعِلة ، من حَنَى ، وهي مُنْعَطف الوادي ومُنْحَنَاه.

[حنث] (*) : لا تزالُ الأُمَّة على شريعة ما لم يَظْهَر فيهم ثلاث : [ما لم] يُقْبَض منهم العِلْم ، ويكثُرْ فيهم أولادُ الحِنْث ، ويظهرْ فيهم السّقارون. قالوا : وما السَّقَّارون يا رسول الله؟ قال : نَشْءٌ يكونون في آخر الزمانِ تحيتُهم إذا التَقَوا التَّلاعن.

الذَّنْب العظيم سمي بالحِنْث ، وهو العِدْل الكبير الثقيل. وقيل للزِّنا : حِنث ، لأنه من العظائم.

السَّقّار والصَّقّار : اللَّعان لمن لا يستحق اللعن ، سُمِّي بذلك ؛ لأنه يَضْرب الناسَ بلسانه ، من الصَّقْر ، وهو ضربك الصَّخْرة بمِعْول وهو الصَّاقور. ومنه الصَّقر لأنه يَصْقُر الصيدَ ؛ أي يضربه بقُوَّة.

النّشْءُ : القَرْن الذي ينشأ بعد قَرْن مضى ، وهو مصدر كالضَّيْف.

[حن] (*) : عمر رضي الله عنه ـ لما قال ابنُ أبي مُعَيْط : أَأُقْتَل من بين قُريش؟ قال عمر : حَنَ قِدْحٌ ليس منها.

ضربَه مثلاً لإِدخاله نفسَه في قريش ، وليس منهم ، وأَصْله أن يستعار قِدْح فيُضْرَب مع القِدَاح فيصوِّت صوتاً يخالفُ أَصواتها.

[حنق] (*) : لا يصلح هذا الأمرُ إِلا لمن لا يُحْنِق على جِرّته.

يقال : ما يكظم فلانٌ على جِرّة ، وما يُحْنِق على جِرّة : إذا لم يَنْطَو على حِقْد ودَخَل ، وأصل ذلك في البعير أن يفيض بجِرَّته ، وهو أن يَقْذِف بها ولا يضمر عليها ، والإِحْناقُ : لُحُوق البَطْنِ والتِصَاقُه. قال أوس :

وجَلّى بها حتى إذا هي أَحْنَقَتْ

وأَشْرَف فَوْقَ الحالِبين الشَّرَاسِف (١)

وإنما وُضِع مَوْضع الكَظْم من حيث إن الاجْتِرار ينفخ البطن والكَظْم بخِلَافه.

[حنك] : طلحة ـ قال لعمر رضي الله عنهما حين استشارهم في جُموع الأعاجم : قد حنَّكَتْك الأمور ، وجرَّسَتك الدُّهور ، وعَجَمَتْك البَلَايا ، فأنتَ وليُّ ما ولّيت ، لا نَنْبُو في يديك ، ولا نخُول عليك.

__________________

(*) [حنث] : ومنه الحديث : اليمين حِنْثٌ أو مندمة. ومنه حديث عائشة : ولا أتحنث إلى نذري. النهاية ١ / ٤٤٩.

(*) [حنن] : ومنه في حديث زيد بن عمرو بن نفيل : حنانيك يا رب. ومنه حديث حارثة بن مضرب : ما بين وبين العرب حِنة. النهاية ١ / ٤٥٢ ، ٤٥٣.

(*) [حنق] : ومنه حديث أبي جهل : إن محمداً نزل يثرب ، وإنه حَنِقٌ عليكم. النهاية ١ / ٤٥١.

(١) البيت في ديوان أوس ص ٦٨.

٢٨١

حَنَّكَته الأُمور وأحْنكَتْه وحنَّكته : إذَا أدَّبَتْه ورَاضَتْه ، وهو حَنيك ومحنّك ومُحْنَك ، واحتنك فهو مُحْتَنك ، وأصله من قولهم : حَنَك الفرسَ يَحْنُكه : إذا جعل في حَنَكِه الأسفل حَبْلاً يقودُه به.

جرَّسته : أَحكمته ، وهو من جَرَّست بالقوم : إذا سمَّعتُ بهم ، كأنه ارتكب أَموراً لم يهتد للإصابة فيها ، فَعُنِّف وصيح به وأنحى عليه باللوائم حتى تعلّم واستحكم.

عَجَمَتْك : من عجَمْ العود ؛ وهو عضّه ليعرف صَلَابته من رَخَاوته ، ومن فصيح كلامهم ما حكاه أبو زيد من قولهم : إني لتَعْجُمك عَيْني ؛ يريدُون يخيَّل إليّ أني قد رأيتك.

لا نخُول : لا نتَكبَّر. قال :

فإنْ كُنْتَ سَيِّدَنَا سُدْتَنَا

وإن كُنْتَ لِلْخَالِ فاذْهَبْ فَخُلْ (١)

وهو مع الخُيَلاء والخيل شاذّ.

لا نَنْبُو في يديك : أي نحنُ لك كالسيوف البَاتِرة.

[حنى] : أبو ذَرّ رضي الله عنه ـ لو صلّيْتم حتى تكونوا كالحَنَايا ما نَفَعكم ذلك ، حتى تحِبُّوا آل رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم.

وعنه : لو صلَّيتم حتى تكونوا كالأوْتَار ، وصُمْتم حتى تكونوا كالحَنَايا ما نفعكم ذلك إلا بِنِيَّة صادقة ووَرَعٍ صادق.

الحَنِيَّة : القوس بلا وَتر ، وقيل : العَقْد المَضْروب ، وقيل كل مُنْحن.

والمعنى حتى تَحْدَبوا وتَنْحَنُوا مما تُجْهِدون أنفسكم فتصيروا كالقسيّ ، أَو العقود في انحنائها وانعطافها ، أو كالأَوتار في الدِّقة من الهُزَال.

[حنن] : ابن عباس رضي الله عنهما ـ الكِلَاب من الحِنّ ـ وهي ضَعَفَةُ الجِنّ ـ فإذا غَشِيتكم عند طعامكم فأَلْقُوا لهنّ ، فإنَّ لهنَّ أنفساً.

الحِنّ : من حَنَ عليه إذا رقّ وأَشْفَق ، قال :

ولا بد من قَتْلَى فَعَلَّكَ منْهُمُ

وإلّا فجُرْحٌ لا يحِنُ على الْعَظْمِ (٢)

والرِّقة والضعف من وادٍ واحد ، ألا ترى إلى قولهم : رقاق القلُوب وضِعَاف القلوب ، كما يقولون : غِلَاظ القلوب وأَقْوِياء القُلُوب ، ويُحْتَمل أن يكونَ من أحنَ إحناناً إذا أَخطأ ؛

__________________

(١) البيت في لسان العرب (خول).

(٢) رواية البيت في لسان العرب (حنن) :

وإن لها قتلى فعلك منهم

والاجرح لا يحسن المظم

٢٨٢

لأن الأَبْصَار تُخْطِئها ولا تُدْرِكها ، كما أن الجنَّ من الاجتنان عن العيون.

الأنفس : جمع نَفْس ، وهي العين.

[حنتم] (*) : عمرو رضي الله عنه ـ إن ابنَ حَنْتَمة بَعَجَتْ له الدنيا مَعَاها ، وأَلقت إليه أَفْلَاذَ كبدها ، ونَقَتْ له مُخَّتَها ، وأَطْعَمته شحمتها ، وأمطرت له جَوْداً سال منه شِعَابها ، ودَفقت في مَحَافِلها ، فمصَّ منها مَصًّا ، وقَمصَ منها قَمْصاً ، وجانب غَمْرَتها ، ومشى ضَحْضَاحَها وما ابتلَّت قدماه ، أَلَا كذلك أيها الناس؟ قالوا : نعم رحمه الله!.

حَنْتَمة بنت هاشم بن المغيرة المخزومي أمّ عمر بن الخطاب.

البَعْج : الشقّ ، يعني أَظْهَرت له ما كان مَخْبوءاً من غيره.

الأَفْلَاذ : جمع فِلْذ وهو القِطْعة من الكبد ؛ أي ملّكته كُنُوزَها وأَفاءَت عليه أموالها.

المحَافِل : حيث يَحْتَفِل الماء جمع مَحْفِل أو مُحْتَفَل.

مَصّ منها ، أي نال اليسير.

قَمَص : نَفر وأعرض.

الضَّحْضَاح : ما رقّ من الماء على وجه الأرض.

ما ابتلت قدماه : أي لم يتعلّق منها بشيء. نصب ضَحْضَاحَها على أحد وجهين : إِما على حذف الجار وإيصال الفعل ، أو تأوّل مشى بخَاض وسلَكَ وما أَشْبَه ذلك.

[حنن] : بلال رضي الله تعالى عنه ـ مرَّ عليه ورقةُ بن نَوْفل وهو يعذَّب ، فقال : والله لئن قَتَلْتُموه لأَتَّخِذنَّه حَنَاناً.

أراد لأَجْعَلَنّ قبرَه موضع حَنان ، أي مَظِنَّةً من رحمة الله فأتمسَّح به مُتَبَرِّكاً ، كما كان يُتَمسَّح بقُبور الصالحين الذين قُتِلوا في سبيل الله في الأمم الماضية ، فيرجع ذلك عاراً عليكم وسُبَّةً عند الناس.

وورقة هو ابنُ عم خديجة رضي الله تعالى عنها ، وهو أحدُ مَنْ كان على دين عيسى عليه السلام قُبَيل مبعَث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

[حنظب] : ابن المسيَّب رحمه الله ـ من قَتَلَ قُرَاداً أو حُنْظُبَاناً وهو مُحْرِم تصدَّق بتَمْرَةٍ أوْ بتَمْرَتَيْنِ.

وقال له ابن حمزة : قتلت قُرَاداً أو حُنْظُباً ، فقال : تصدَّقْ بتَمْرة.

هما ذكر الخَنَافس ، وقد يفتح ظاء حنظَب ، وهذا عند سيبويه دليلُ على زيادة النون ،

__________________

(*) [حنتم] : ومنه الحديث : أنه نهى عن الدباء والحنتم. النهاية ١ / ٤٤٨.

٢٨٣

وأنّ الوزن فُنْعَل لأن فُعْلَلاً ليس يثبت عنده ، ويجب على قياس مذهبه أن يُشْتَقّ من حَظِب ، إِذا سمن.

[حنط] (*) : عطاء رحمه الله ـ قال ابنُ جريج قلت لعطاء : أيُ الحِنَاط أحبُّ إليك؟ قال : الكافور ، قلت : فأيْن يجعل منه؟ قال : في مَرَافِقه ، قلت : وفي بطنه؟ قال : نعم! قلت : وفي رُفْغَيْ رِجْليه ومَآبِضه! قال : نعم! قلت : وفي عَيْنَيه وأَنفِه وأُذنيه؟ قال : نعم. قلت : أَيابساً يُجْعل الكافور أم يُبَلّ بماء؟ قال : لا ، بل يابساً. قلت : أتكره المِسْك حِنَاطاً؟ قال : نعم.

الحَنُوط والحِناط : كل ما يطيّب به الميت.

المآبض : بَوَاطن الرُّكبتين.

الرُّفْغ : أصل الفخذ.

حِنَاطاً نصب على التمييز.

[حنن] : في الحديث ـ لا تَزَوّجن حنَّانَة ولا مَنَّانةً.

أي امرأة كان لها زوجٌ قبلَك ، فهي تَذْكره بالتحزّن والحَنِينِ إليه. ولا أنسب منك ، فهي تمنُّ عليك بصُحْبتها.

[حنط] : إن ثموداً لما استَيْقَنُوا بالعذاب تكفَّنوا بالأَنْطَاع وتحنَّطوا بالصَّبِر.

أي جعلوا حَنُوطهم الصَّبِر.

الحنتم في (دب). والحنوة في (فش). في حِنْدِسه في (نح). فيتحنّث في (حر). الحانية في (سف). أحنف الرّجْل في (صع). الحنش في (غر). [حَنانيك في (لب)].

الحاء مع الواو

[حوى] (*) : النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ـ خيرُ الخيل الحُوّ.

الحوّة : كُمْتة يعلوها سَوَاد ، وقد حَوِي ، وهو أَحْوى ، والجمع حُوّ. قال طُفَيل :

وِرَاداً وحُوًّا مُشْرِفاً حَجَبَاتُها (١)

بنَاتُ حِصانٍ قد تُعُولِمَ مُنْجِبِ

__________________

(*) [حنط] : ومنه في حديث ثابت بن قيس : وقد حسر عن فخذيه وهو يتحنّط. النهاية ١ / ٤٥٠.

(*) [حوى] : ومنه في حديث قيلة : فوألنا إلى حواءٍ ضخم. ومنه الحديث : ويطلب في الحواء العظيم الكاتب فما يوجد. النهاية ١ / ٤٦٥.

(١) الحجبتان : حرفا الورك اللذان يشرفان على الخاصرتين.

٢٨٤

[حوى] : قال له صلى الله عليه وآله وسلم رجل : يا رسولَ الله ؛ هل عليَّ في مالي شيء إذا أدَّيت زَكاته؟ فقال : فأين ما تَحَاوَتْ عليك الفُضُول.

التَّحَاوِي : تَفَاعل من الحَوَاية (١) ، وهي الجمع. وما موصولة وما يجب من الضمير الرَّاجع إليها في الصلة محذوف ، والتقدير تَحَاوَتْه.

والفُضُول : جمع فَضْل وهو ما فضل من المال عن حَوَائجه.

والمعنى : فأين الحقوق التي تَحَاوَتْها عليك فُضُول المال من الصَّدَقات والمكارم.

ومن يرويه : تحَاوَأَت فوجههُ إن صحت روايته أن يكون في الشذوذ كقولهم : حَلّأْت السَّوِيق ، ولَبَّأْت في الحجّ.

[حوب] (*) : كان صلى الله عليه وسلم إذا قَدِم مِنْ سَفَرٍ قال : آيِبون تائِبون لربِّنا حَامِدون حَوْباً حَوْباً.

حَوْب : زَجْرٌ للجمل ، يقولون : حوب لا مَشَيتَ ، وفي كلام بعضهم : حَوْبُ حَوْبُ ، إنه يَوْمُ دَعْقٍ وَشَوْبٌ ، لا لَعاً لبَنِي الصَّوْبِ. وقد سُمِّي به الجمل ، فقيل له : الحَوْب. قال يصف كنانته :

هِيَ ابْنَةُ حَوْبٍ أمّ تِسْعينَ آزَرَتْ

أخا ثِقَةٍ تمْرِي جَباهَا ذَوَائِبُه

ويجوز فيه ما يجوزُ في أُف من الحركات الثلاث والتنوين إذا نكّر ، فقوله : حَوْباً حَوْباً بمنزلة قولك : سيراً سيراً ، كأنه فرغ من دعائه ، ثم زجر جَمَله.

كان صلى الله عليه وسلم إذا دَخل إلى أهله قال : تَوْباً تَوْباً ، لا يُغَادِرُ عَلَيْنَا حَوْباً.

الحَوْب والحُوب والحُوْبة : الإِثم.

ومنه : إن أبا أيّوب رضي الله عنه أراد أن يُطَلِّق أمّ أيوب ، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم : إن طلاقَ أمّ أيّوب لَحَوْب.

وإنما أثَّمه بطلاقها لأنها كانت مُصْلِحةً له في دِينه.

وفي دعائه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : اللهم اقْبَل تَوْبَتي ، واغْسِل حَوْبَتِي.

وروي : وارْحَمْ حَوْبتي.

وفَسّرت بالحاجة والمسكنة ، وإنما سموا الحاجة حَوْبة ، لكونها مذمومة غير مرضية ، وكل ما لا يرتضونه هو عندهم غيّ وخطيّة وسيئة ، وإذا ارتضوا شيئاً سمَّوه خيراً ورُشداً

__________________

(١) من حوى الشيء : جمعه.

(*) [حوب] : ومنه الحديث : اغفر لنا حوبنا. ومنه الحديث : الربا سبعون حوْباً. ومنه الحديث : إن الجفاء والحوب في أهل الوبر والصُّوف. وفي حديث ابن العاص : فعرف أنه يريد حوباء نفسه. النهاية ١ / ٤٥٥ ، ٤٥٦.

٢٨٥

وصواباً. قال القطاميّ :

والناس مَنْ يَلْقَ خَيْراً قائِلُون لهُ

ما يَشْتَهِي وِلامّ المُخْطِىء الهَبَلُ (١)

أراد من استغنى وأصاب ثَرْوة مَدَحوه وأَحْسَنوا فيه القولَ. ويقولون للفقير : هبلته أمّه.

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم إليك أرْفَعُ حَوْبَتي.

وفي حديثه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : إن رجلاً أتاه ، فقال : إني أَتيتك لأُجاهِدَ مَعك. فقال : ألك حَوْبة؟ قال : نعم! قال : ففيها فَجَاهِدْ.

هي الحُرْمة التي يأَثم في تَضْييعها ؛ من أمّ أو أخت أو بنت ، والتقدير ذات حَوْبة. قال الفرزدق :

*لحَوْبة أمّ ما يَسُوغ شَرَابُها (٢) *

ومنه الحديث : اتقوا الله في الحَوْبات. الربا سبعون حَوْباً أَيْسَرُها مِثْلُ وُقوع الرَّجُل على أُمّه ، وأَرْبَى الرِّبا عِرْضُ المُسْلِم.

هو الفنّ والضَّرْب. قال ذو الرُّمّة :

تَسْمَع في تَيْهَائِه الأَغفال

حَوْبَيْنِ مِنْ هَمَاهِمِ الأَغْوَالِ (٣)

وهذا أيضاً من الباب ؛ لأنه فن مما لا يُرْتضى.

[حوج] (*) : قال صلى الله عليه وآله وسلم للذي باع له القَدَح والحِلْس فيمن يزيد :

__________________

(١) قبله :

قد يدرك المتاني بعض حاجته

وقد يكون مع المستعجل الزلل

والبيت من البسيط وهو في ديوان القطامي ص ٢٥ ، وجمهرة أشعار العرب ٢ / ٨٠٥ ، وديوان المعاني ١ / ١٢٤ ، وهو للأعشى في تخليص الشواهد ص ١٠٢ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٧٧ ، وبلا نسبة في لسان العرب ٧ / ١٢٠ (بعض) ، ومجالس ثعلب ص ٤٣٧.

(٢) صدره :

فهب لي خنيسا واتخذ فيه منه

والبيت في لسان العرب (حوب).

(٣) البيت في ديوان ذي الرمة ص ٤٨٣ ، ورواية العجز في الديوان :

فنين من هماهم الاغوال

(*) [حوج] : ومنه الحديث : قال له رجل : يا رسول الله ما تركت من حاجة ولا داجة إلا أتيت. النهاية ١ / ٤٥٦.

٢٨٦

انطلق إلى هذا الوادي فلا تَدَعْ حاجاً ولا حَطَباً ولا تَأْتِني خمسة عشر يوماً.

الحَاج : ضرب من الشَّوك. قال :

*من حَسَكِ التّلْعَة أو من حَاجِها*

[حور] (*) : الزبير ابن عمتي وحَوَارِيّي من أُمتي.

حَوَارِيّو الأنبياء : صَفْوتهم والمُخْلِصون لهم ، من الحَور وهو أن يَصْفُوَ بياضُ العين ويشتدّ خُلوصه ، فيصفو سَوَادها ، ومن الدقيق الحُوَّارَى وهو خُلَاصته ولُبَابه ، ومن ذلك قيل لنساء الأَمصار : الحَوَارِيات ؛ لخلوص ألوانهن وذهابهن في النظافة عن نساءِ الأعراب. قال المبرد :

إذا ما الحَوَارِيّات علقن طَنّبت

بمِيثاءَ لا يألُوك رافضُها صَخْرَا

صفية رضي الله عنها : بنت عبد المطلب عمّة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ، وهي أمّ الزبير.

[حوز] (*) : أتى عبدَ الله بن رَواحَةَ رضي الله عنه يَعُوده ، فما تحوَّزَ له عن فِراشه.

التحوّز : من الحَوْزة ؛ وهي الجانب ، كالتَّنحِّي من الناحية ، يقال : تحوَّز عنه وتحيَّز ، وتحييز تفعيل.

السنَّة أنّ الرجل أحقُّ بصدر دَابته وصَدْرِ فراشه.

[حوش] : أتى صلى الله عليه وسلم حَائش نخل أو حَشا فقضى حاجتَه.

الحَائِش : النَّخْل الملتفّ ، كأنه لالتفافه يَحوش بعضه إلى بعض. قال الأخطل :

وكأَنَّ ظُعْنَ الحيِ حائِشُ قَرْيَةٍ

دَانِي الجَنَاةِ وطَيِّبُ الأَثمَارِ (١)

والحُش والحَشّ : البستان ، وقيل : هو النخل الناقص القصير الذي ليس بمَسْقى ولا مَعْمور ، من حَشّ الوَلدُ في بطنها.

وفي حديثه صلى الله عليه وآله وسلم : إنه كان أحبَّ ما استتر به إليه حائِشُ نخْل أَو حائط.

__________________

(*) [حور] : ومنه الحديث : نعوذ بالله من الحور بعد الكور. ومنه حديث عائشة : فغسلتها ، ثم أجففتها ثم أحرتها إليه. النهاية ١ / ٤٥٨.

(*) [حوز] : ومنه حديث ابن مسعود : الإثم حوَّاز القلوب. ومنه حديث معاذ : فتحوز كل منهم فصلَّى صلا خفيفة. ومنه حديث يأجوج ومأجوج : فحوِّز عبادي إلى الطور. وفي حديث عائشة تصف عمر : كان والله أحوزياً. ومنه الحديث : فحمى حوزة الإسلام. النهاية ١ / ٤٥٩ ، ٤٦٠.

(١) البيت في ديوان الأخطل ص ٧٧ ، ورواية العجز في الديوان :

دان الجناة مونع الاقمار

٢٨٧

ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم : إِنه دخل يوماً حَائِش نخل ، فرأى فيه بعيراً ؛ فلما رآه البعيرُ خَنّ أو حن ، وذَرَفت عيناه ، فمسح سَرَاته وذِفْراه فسكن ؛ فقال لصاحبه : أَحْسِن إليه ؛ فإِنه شكا إليّ أنّك تُجِيعه وتُدْئبه.

الخَنِين : البكاء في الأنف.

السَّرَاة : أعلى الظهر.

الذِّفْرَى : أصل الأذن ، وهي مؤنثة ، سواء جعلت ألفها للتأنيث أو للإِلحاق. يقول : هذه ذفرَى أَسيلة وذفرًى أسيلة.

[حول] (*) : في ذكر الكوثر ـ حَاله المِسْك ورَضْرَاضُه التُّوم.

الحال : الحَمأة ، من حَال يَحُول : إِذا تغيَّر.

ومنه الحديث ـ إن جبرئيل عليه السلام أخذ من حَالِ البحر فأدخَله فَا فِرْعون.

الرضراض : الحصى الصغار.

التُّوم : جمع تُومَة ، وهي حبة الدُّر. قال الأَسود بن يعفر :

يَسْعى بها ذُو تُومَتَيْن منظّفٌ

قَنَأَتْ أَنَامِله من الفِرْصَاد (١)

ونظيره دُرّة ودُرَر ، وصُورَة وصوَر.

[حور] : كوَى أَسْعد بن زُرَارة رضي الله عنه على عاتِقه حَوْرَاء ـ وروي : إنه وَجد وجَعاً في رَقَبته ، فحوَّره رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بحديدة.

الحَوْرَاء : كعيَّة مُدَوَّرَة ، من حَارَ يَحُور : إِذا رجع ، وحَوَّره : إذا كواه هذه الكَيَّة ، وحَوَّر عينَ دابته وحَجَّرها : إِذا وسَم حَوْلها بميسم مُسْتَدير.

وعنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : إنه لما أُخْبِر بقتل أبي جهل قال : إنَّ عَهْدِي به في ركبته حَوْرَاء ، فانظروا ذلك ؛ فنظرُوا فرَأَوْه.

[حوس] (*) : إنهم حاسُوا العَدُوَّ يوم أُحد ضَرْباً حتى أَجْهَضُوهم عن أَثْقَالهم ، وإنّ

__________________

(*) [حول] : ومنه في الحديث : بك أصاول وبك أحاول. وفي حديث طهفة : ونستحيل الجهام. وفي حديث خيبر : فحالوا إلى الحصن. ومنه الحديث : من أحال دخل الجنة. ومنه حديث عمر : فاستحالت غرباً. ومنه حديث أم معبد : والشاء عازب حيال. ومنه حديث الرجلين اللذين ادعى أحدهما على الآخر : فكان حوَّلاً قلَّباً. النهاية ٨ / ٤٦٣ ، ٤٦٤.

(١) البيت في المفضليات ص ٤٤ ، ورواية صدر البيت في المفضليات :

يسعى بها ذو تومنين مشعر

(*) [حوس] : ومنه حديث الدجال : وأنه يحوس ذراريهم. النهاية ١ / ٤٦٠.

٢٨٨

رجلاً من المشركين جَميعَ اللأْمَة كان يَحُوزُ المسلمين ، ويقول : اسْتَوْسِقُوا كما تَسْتَوْسِقُ جُرْب الغنم ، فضربه أبو دُجانة على حَبْلِ عاتقه ضربةً بلغت وَركه.

الحَوْس : المخالطة بضررٍ ونِكاية ، يقال : تركت فلاناً يَحُوسهم ويَجُوسهم ويَدُوسهم.

ومنه حديث عمر رضي الله عنه : إنه رأى فلاناً وهو يخطب امرأة تَحُوس الرجال.

قال العجاج :

خَيالُ تُكْنَى وخيال تكتما

باتا يَحُوسان أناساً نُوّمَا

وعنه : إنه ذكر فلان شيئاً ، فقال له عمر : بل تحُوسك فتنة.

ضرباً : تمييز ، ويجوز أن يكون حالاً ، أي حاسوه ضاربين.

الإِجهاض : التنحية والطّرد.

جَميعَ اللأمة : أي مُجْتَمع السلاح.

الحَوْز : السوق.

استوسقوا : اجتمعوا ؛ يقال : وسقه فاتسق واستوسق.

حَبْل العاتق : رباطه ما بينه وبين المنكب.

[حول] : نهى صلى الله عليه وآله وسلم أن يُسْتَنْجى بعَظْمٍ حائِل.

هو المتغيّر المستحيل بِلًى ، من حال : أي تغيَّر.

[حوذ] : عَلَم الإِيمان الصلاة ، فمن فرَّغ لها قَلْبَه وحاذ عليها بحدودها فهو مُؤمن.

أي حافظ عليها بجدٍّ وانكماش ، من الأَحْوَذِيّ ، وهو الجادّ الحسن السباق للأمور.

[حوى] : أقبل صلى الله عليه وآله وسلم من خَيْبَر ، وأقبل بصفيّة بنت حُيَيّ قد حازَها فكان يُحَوِّي وراءه بعباءة أو بكساء ، ثم يُرْدفها وراءه.

التَّحْوِية : أن يُدِير كِساء حول السّنام ، وهو الحوِيَّة ، وجمعها حَوَايا.

وفي قصة بَدْر : إن أبا جهل بعث عُمَير بن وَهْب الجُمَحي ليَحْزُر (١) بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأطاف عمير برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلما رجع إلى أصحابِه قال : رأيتُ الحَوَايا عليها المَنَايا ، نَوَاضِحُ يثرب تَحْمِل الموتَ الناقع.

النَّواضح : جمع نَاضح ، وهو السَّانِية (٢).

الناقع : الثابت المجتمع ، من نقع الماء في بَطْنِ الوادي واستنقع. ومنه السم المُنْقَع والنقيع ، وهو الذي جُمع وربى.

__________________

(١) حزر الشيء : قدره بالحدس.

(٢) السانية : البعير الذي يستقى عليه.

٢٨٩

[حول] : اللهم بك أُحاول وبِك أصاول.

المحاولة : طلب الشيء بحِيلة ، ونظيرها المُرَاوغة.

والمصَاولة : المواثبة ـ وروي : إنه كان يقول إذا لَقِي العدو : اللهم بك أحُول وبك أصول.

وهو من حال يَحُول حيلة ، بمعنى احْتَال ، والمراد كيد العدو ، وقيل : هو من حال بمعنى تحرَّك.

صبَّح خيبر يوم الخميس بكرة فَجْأة ، وقد فَتَحُوا الحصن ، وخَرَجُوا معهم المَسَاحي (١) ، فلما رأوه حالُوا إلى الحصن ، وقالوا : محمد والخميس.

أي تحوَّلوا إليه ، يقال : حالَ حَوْلاً كعاد عوداً.

محمدٌ خبر مبتدأ محذوف ، أي هذا محمد وهذا الخميس ، أو محمد والخميس جاءا ، على حذف الخبر.

من أحال دَخَل الجنَّة.

أي أَسلم ، لأنه قَلْبٌ لحاله عما عُهد عليه ، من حال الشيءَ وأحاله : غَيَّره.

[حوم] (*) : عمر رضي الله عنه ـ ما وَليها أحدٌ إلا حامَ على قرابته ، وقَرَى في عَيْبَته ، ولن يليَ الناسَ كَقُرَشِي عضَّ على نَاجِذِه.

هو أن يَحْكي في عَطْفه ورَفْرَفَتِه عليهم فِعْلَ الحائم على الوِرْد.

والقَرَابة : الأقارب ، سُمّوا بالمصدر كالصَّحابة.

القَرْي في العيبة ـ وهو الجَمْع فيها ـ تمثيل للاحْتِجان والاختِزال.

عَضَ على نَاجذه : صبر وتصلَّب ، والنواجذ : أربعة أضراس في أقصى المنابت تنبت بعد أن يشبّ الإِنسان ، تسمى أضراسَ العقل والحلم.

[حانوت] : أحْرَقَ بَيْتَ رُوَيْشِدٍ الثَقفي وكان حانوتاً.

هو حانَة الخمَّار. قال طرفة :

*وإن تَقْتَنِصْني في الحوانيت تَصْطَدِ (٢) *

__________________

(١) المسحاة : هي المجرفة من الحديد.

(*) [حوم] : ومنه في حديث وفد مذحج : كأنها أخاشب بالحومانة. النهاية ١ / ٤٦٥.

(٢) صدره :

وان تبغني في حلقة القوم تلقني

والبيت في معلقة طرفة بشرح التبريزي ص ١٠٦.

٢٩٠

وهو كالطَّاغوت في تقديم لَامِه إلى موضع العين ، وأصله حَنَوُوت فَعَلوت من حنا يَحْنو حنوّاً ، لإِحرازِه ما يرفع فيه وحِفْظه إياه ، ثم قلب فصار حَوَنُوت ثم حانوت.

والحانَة : أيضاً من تركيبه ، لأن أصلها حانِيَة فاعلة من الحنو ، بدليل قولهم في جمعها : حَوَان ، وفي النسبة إليها حانَوِيّ ، وفي معناها الحانياء ؛ إلا أنه حذف لامها كما قالوا : ما باليت به بالةً ، والأصل بالية كعَافِية.

[حوص] (*) : علي عليه السلام ـ اشترى قميصاً فقطع ما فضل عن أصابعه ، ثم قال لرجل : حُصْه.

أي خِطْ كِفَافه.

[حور] : ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ـ لما بايع الناسُ عبدَ الله بن الزبير قلتُ : أين المذهبُ عن ابن الزّبير؟ أبُوه حَوَاريّ الرسول ، وجدّته عمةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صفيّة بنت عبد المطلب ، وعمته خديجة بنت خُويَلد زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وجدّه صدّيق رسول الله أبو بكر ، وأمه ذات النِّطاقين ، فشددت على عَضُدِه ، ثم آثر عليَ الْحُمَيْدَات والتُّوَيْتَات والأُسَامات ، فَبأَوْت بنفسي ولم أرضَ بالهوان ؛ إن ابنَ أبي العاص مشى اليَقْدُمِيّة ـ وروي القُدَمِيّة ـ وإن ابنَ الزبير مَشَى القَهْقَرى ـ وروي : لَوَى ذنبه ـ ثم قال لعليّ ابنه : الحق بابن عمك ، فغثُّك خيرٌ من سمين غيرك ، ومِنْكَ أَنْفك وإن كانَ أَجدع ، فلحق بعبد الملك ؛ فكان آثر الناسِ عنده.

حَوارِيّ الرسول : صَفْوته ، وقد مرّ.

خَدِيجة عمّة الزّبير لأن خُوَيلد بن أسد بن عبد العزى أبو العوام وخديجة ، فجعلها عمّة لعبد الله كما يجعل الجدُّ أباً.

خالته عائشة لأن أمه أسماء بنت أبي بكر ، وسميت ذات النطاقين لِمُظَاهرتها بينهما تستراً ، وقيل : كانت تحمل في أحدهما الزاد إلى الغار.

والنِّطاق : ثوب تلبسه وتشدُّ وسطها بحبل ، ثم ترسل الأعلى على الأسفل.

شدَدْت على عَضده ، أي عضدته وأَعَنْته.

الحُمَيدات وغيرها : بنو حُمَيد. وتُوَيت وأُسامة : قبائل من أسد بن عبد العُزَّى.

بَأَوْت بنفسي : رفعتها ورَبَأْت بها.

__________________

(*) [حوص] : ومنه حديث : كلما حيصت من جانب تهتكت من آخر. النهاة ١ / ٤٦١

٢٩١

مشى اليَقْدُمِيَّة ، أي المِشية اليَقْدُمِيَّة ، وهي التي يَقْدُمُ بها الناسَ أي يتقدَّمهم ، وروي عن بعضهم بالتاء وغلط. قال :

الضّارِبِينَ اليَقْدُمِيَّ

ة بالمُهَنّدَة الصَّفَائحْ (١)

القَهْقرى : الرجوع إلى خَلْف ، وفي ذلك يقول عبد الله بن الزَّبير الأسديّ :

مشى ابنُ الزُّبير القهقرى وتقدّمت

أمية حتى أَحْرَزُوا القَصَبات

تلوية الذنب : مثلٌ لتَرْك المكارم والروغان عن المَعْروف.

[حوش] : ابن عمر رضي الله عنهما ـ دخل أرضاً له فرأى كَلْباً فقال : أَحِيشوه عليّ ، وأخذ المِسْحاة فاستَقْفَاه ، فضربه بها حتى قَتَله ، وأقبل على قَيّمه في أرض فقال : أتدخل أَرضي كلباً!.

حُشْتُ عليه الصيد حَوْشاً وأَحَشْتُه عليه : إذا نَفرْته نحْوه وسُقْته.

استقفاه وتَقَفّاه : إذا أتاه من قِبَل قَفَاه.

عمرو رضي الله عنه ـ قال في قصة إسلامه : أَقْبَلت متوجهاً إلى المدينة على جَمَلٍ لي ، فبينا أنا أسيرُ ببعض الطريق إذا ببياض أَنْحَاشُ منه مرّة ، ويَنْحَاشُ مني أخرى ، فإذا أنا بأبي هريرة الدَّوْسِي فقلت : أين تريد؟ قال : المدينة ، فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة فأَرِبْت بأبي هريرة ، ولم تَضُرّني إِرْبَةٌ أَرِبْتُها قطّ قَبْلَ يومئذ ؛ قلت : أقدم أبا هريرة فيدخل فيجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشغولاً ؛ فجئنا والصلاة قائمة فدخل أبو هريرة والناس ينظرون إليه في الصلاة ؛ فتشايَره الناسُ وشهر ، وتأخّرت أنا حتى صلَّى.

الانْحِياش : مطاوع الحَوْش وهو النِّفار. قال ذو الرمة :

وبَيضَاء لا تَنْحَاشُ مِنَّا وأُمُّها

إذا ما رَأَتْنَا زِيلَ مِنْها زَوِيلُها (٢)

أَرِبت به : احْتَلْت به.

الإِرْبَة : الحيلة.

قطّ : فيما مضى ، كعَوْض وأبداً فيما يستقبل ، يقول : ما فعلت ذلك قطّ ، ولن أفعله عَوْض ؛ وبناؤه من حيث إنه وجبت إضافته إلى صاحب الوقت أُضيف إليه قبل وبعد ، فلما انقطع من الإِضافة بني على الضم كما بينا.

__________________

(١) البيت في لسان العرب (قدم) وذكر قبله :

ماذا ببدر فالعقد

قل نت مرازبة جحاجخ

(٢) البيت في ديوان ذي الرمة ص ٥٥٤.

٢٩٢

تَشَايَرُوه : تراءوا شَارتَه أي هيئته ، وهذا يُؤْذن بأنّ أَلف الشّارة عن ياء.

وقد روى أبو عبيد : إنه لَحَسَنُ الشَّوْرة بمعنى الشارة ، فهما لغتان.

والصحيح أن إسلام عمرو تقدّم إسلام أبي هُرَيرة ، أَسْلَم عمرو مع خالد بن الوليد سنة خمس وأبو هُرَيرة سنة سبع.

[حول] : معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ـ لما احْتُضِر قال لبنت قَرَظة : اندُبِيني.

فقالت :

ألا أبكيه ألا أبكيه

ألا كل الفتى فيه

فقال : لابنتيه : قلِّبَاني ، وقال : إنكما لتُقَلِّبَان حُوَّلاً قُلَّباً ، إنْ وُقِيَ كُبَّةَ النَّار.

وروي : حُوَّلِيًّا قُلَّبِيًّا إنْ نَجَا من عذاب الله غداً ، ثم تمثّل :

لا يبعدنّ ربيعة بن مُكَدَّم

وسقَى الْغَوادِي قّبْرَه بذَنُوب (١).

الحوّل : ذو التصرّف والاحتيال.

والقلّب : المقلِّب للأمور ظهراً لبطن ، ولحوق ياء النسبة للمبالغة.

كُبَّة النار : معظمها ، والبيت لحسّان.

[حوف] (*) : عائشة رضي الله عنها ـ تزوَّجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليَ حَوْف (٢) ، فما هو إلا أن تَزَوَّجَني فأَلْقى عليّ الحياء.

هو بَقِيرة يلبسها الصبيّ ؛ قال :

جارية ذات حِرٍ كالنَّوفِ (٣)

مُلَمْلَمٍ تَسْتُرُه بحَوْفِ

[حوس] : ابن عبد العزيز رحمهما الله ـ قدم عليه وفدٌ فجعل فتًى منهم يتَحَوَّسُ في كلامه ، فقال : كبِّروا كبِّروا! فقال الفتى : يا أميرَ المؤمنين ؛ لو كان بالكِبَر لكان بالمسلمين مَنْ هو أسنّ منك.

هو تفعّل من الأَحْوس وهو الشجاع ، أي يتشجّع في كلامه ، ولا يبالي ، وقيل : يتردد ويتحيّل ؛ من قولهم : ما زال يتحوّس حتى تركته. قال :

*سر قد أَنَى لك أيها المتحوس *

__________________

(١) البيت لرجل من بني الحارث بن فهر يرثي فيها ربيعة بن مكدم فارس مضر في الأغاني ١٤ / ١٢٥.

(*) [حوف] : ومنه الحديث : سلط عليهم موت طاعون يحوف القلوب. ومنه حديث حذيفة : لما قتل عمر رضي الله عنه نزل الناس حافة الإسلام. النهاية ١ / ٤٦٢.

(٢) الحوف : ثوب لا كمين له ، وقيل هي سيور تشدها الصبيان عليهم.

(٣) النوف : السنام العالي.

٢٩٣

كَبِّروا : أي اجْعَلوا متكلِّمَكم رجلاً كبيراً مُسِنًّا.

[حوج] : قَتادة رحمه الله ـ أن تَسْجَد بالآخرة منهما أَحرى ألّا يكونَ في نَفْسك حَوْجَاء.

هي الريبة التي يحتاج إلى إزالتها. يقال : ما في صدري حَوْجاء ولا لَوْجاء. قال قيس بن رفاعة :

مَنْ كان في نفسه حَوْجَاءُ يَطْلُبها

عِنْدي فإنّي له رَهْنٌ بإصْحَارِ (١)

أُقِيمُ نَخْوَتَه إن كان ذا عِوَجٍ

كما يُقَوِّمُ قِدْحَ النَّبْعَةِ الْبَارِي

يريد من كان له رِيبة في أمرِي يَطْلُب عندي إزالتها فأنا مُزيلها.

والمعنى : إن موضع السجود من حَم السجدة مختلف فيه ، فعند بعضهم هو في الآية الأولى عند قوله تعالى : (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) [فصلت : ٣٧]. وعند آخرين في الآية الأخرى عند قوله تعالى : (وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) [فصلت : ٣٨]. فاختار السجودَ عند الأخرى ؛ لأنه إن كانت السجدةُ عند الأولى لم يضره أَنْ يسجدَها عند الأُخرى ، وإن كانت عند الأخرى فسجدَها عند الأولى قَدّم السجود قبل الآية.

أن تسجد : في موضع المبتدأ وأحرى خَبَره.

الحَوْر في (وع). يتحوّلهم في (خو). الحَائمة في (ضح). يَحُوزُها في (حش). الحوأب في (دب). نَسْتَحِيل الجَهَام في (صب). انْحَاز في (هت). بالحَوْمانة في (عب). إلى حَواء في (فر). الحَورِي في (نص). حوشيّ الكلام في (عظ). بِحَوْر في (صه). لا يحورَ فيكم في (ثب). يَحُوف في (ذف). بِمِحْول في (قص). بخفّة الحاذِ في (اب). حُوَلَاء في (حد). أحْوَى في (سف). فلم يُحِرْ في (رج).

أحَالُوا عليه في (رح). تَحَوَّلت في (زو). المُسْتَحيلة في (ور).

الحاء مع الياء

[حيش] : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ إنَّ قوماً أَسلموا على عهده ، فقدِموا بِلَحْم إلى المدينة ، فتَحَيَّشَت أَنفس أَصْحابه وقالوا : لعلهم لم يُسَمّوا ، فسألوه ، فقال : سموا أنتم وكُلُوا ـ وروي : فتجيَّشَت.

هما تفعّل من حاش يحيش : إذا فَزِع ونَفر ، ومن جاشت نَفْسُه : إذا دارت للغَثَيان.

__________________

(١) البيتان في لسان العرب (حوج).

٢٩٤

[حيى] (*) : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : كُنّا إذا صلّيْنا خَلْفَ رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قلنا : السلامُ على الله ، السلام على فلان ، فقال لنا : قولوا التحيات لله والصلوات والطيّبات ... إلى آخر التشهد ، فإنكم إذا قلتُم ذلك فقد سلَّمتم على كل عبدٍ صالح في السموات والأرض.

التحية : تَفْعِلة من الحياة بمعنى الإِحياء والتَّبْقِية.

والصلاة من الله : الرحمة.

والطيبات : الكلمات الدّالة على الخير ، كسقاه الله ورعاه ، وأعزّه وأكرمه ، وما أشبه ذلك.

والمعنى : إنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنكر عليهم التسليم على الله ، وعلَّمهم أن ما تقولونَ عَكْسُ ما يجب أن يُقَال ؛ لأنّ كل إحياء وتعمير وسلامة في مَلْكَةِ الله وله ومنه ، فكيف يُسْتَجاز أَنْ يقال : السلام على الله ، وكذلك كلُّ رحمة وكلُّ ما يدل عليه كلمات أدعية الخير فهو مالكُها ومُعْطِيها.

إنّ مما أَدْرك الناسُ من كلام النبوَّة الأولى : إذا لم تَسْتَحْي فاصْنَع ما شِئت.

فيه إشعارٌ بأنّ الذي يكُفُّ الإِنسانَ ويَرْدَعُه عن مُواقَعَةِ السوء الحياء ، فإذا رفضه وخَلَع رِبْقَته فهو كالمأمور بارتكاب كلّ ضلالة وتعاطي كل سيِّئة.

[حيل] (*) : جاء في دُعائه صلى الله عليه وسلم ـ اللهُمَّ ذا الحَيْل الشديد.

هو الحَوْل ، أُبدل واوه ياء ـ وروى الكسائي : لا حَيْلَ ولا قوّة إلا بالله.

والمعنى ذا الكيد والمَكْر الشديد ، وهو من قوله تعالى : (وَأَكِيدُ كَيْداً)[الطارق : ١٦]. وقوله تعالى : (وَمَكَرَ اللهُ) [آل عمران : ٥٤]. وقيل : ذا القوة ؛ لأن أَصْل الحول الحركة والاستطاعة.

[حين] (*) : تحيَّنُوا نُوقَكم.

أي احتلبوها في حينها المعلوم.

[حياء] : الحَيَاء من الإِيمان.

جُعل كالبعض منه لمُنَاسبته له في أَنه يَمْنَع من المعاصي كما يَمْنَعُ الإِيمان.

__________________

(*) [حيي] : ومنه الحديث : من أحياء مواتا فهو أحق به. ومنه حديث القيامة : يصب عليهم ماء الحياة. النهاية ١ / ٤٧١ ، ٤٧٢.

(*) [حبل] : ومنه في الحديث : فصلى كل منا حياله. النهاية ١ / ٤٧٠.

(*) [حين] : ومنه حديث رمي الجمار : كنا نتحين زوال الشمس. النهاية ١ / ٤٧٠.

٢٩٥

وعن الحسن رحمه الله : إن رجلاً قال له : يأتيني الرجل وأنا أَمقُته ، لا أُعطيه إلا حَيَاء ، فهل لي في ذلك من أَجر؟ قال : إن ذلك من المعروف ، وإن في المعروف لأَجْراً.

أتاني جبرئيل ليلة أُسري بي بالبُرَاق فقال : اركبْ يا مُحمد ، فدَنَوْتُ منه لأَركب ، فأنكرني فتَحيَّا مني.

أي انقبض وانْزَوى ، ولا يخلو من أن يكونَ مأخوذاً من الحياء على طريق التمثيل ، لأنّ من شَأْنِ الحيِيّ أن يتقَبَّضَ ، أو يكون أَصْلُه تحوَّى ، أي تجمَّع ، فقُلِبت واوه ياء ، أو يكونَ تَفْعيل ، من الحَيّ وهو الجمع كتحيَّز من الحَوْز.

خرج صلى الله عليه وآله وسلم للاستسقاء ، فتقدم فصلّى بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ، وكان يقرأ في العيدين والاستسقاء في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب ، و (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب ، و (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) ، فلما قضَى صلاته استقبل القوم بوَجْهِه ، وقلَب رداءه ، ثم جَثَا على رُكْبَتيه ، ورفع يديه ، وكبَّر تكبيرة قبل أن يَسْتَسْقي ، ثم قال : اللهم اسقِنَا وأَغِثْنَا ، اللهم اسقِنَا غيثاً مُغِيثاً ، وحَياً ربيعاً ، وجَداً طبَقاً غدَقاً مُغْدِقاً ، مُونِقاً عاماً ، هنِيئاً مريئاً ، مَرِيعاً مُرْبِعاً مُرْتعاً ، وابلاً سَابلاً ، مُسْبِلاً مُجَلِّلاً ، دِيماً دِرَراً ، نافعاً غير ضَارّ ، عاجلاً غير رائِث ، غيثاً اللهم تُحْيي به البلاد ، وتُغِيث به العباد ، وتجعله بلاغاً للحاضر منّا والبَاد. اللهم أنزل علينا في أَرْضنا زينتها ، وأَنزل علينا في أرضنا سَكَنها. اللهم أَنزل علينا من السماء ماء طَهوراً فأَحْيِ (بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) واسْقِه مما خلقت لنا (أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً).

قيل لابن لهِيعَة : لم قلب رِدَاءه؟ فقال : لِيَنْقَلِب القَحْط إلى الخصب. فقيل له : كيف قَلَبه؟ قال : جعله ظَهْراً لبطن. قيل : كيف؟ قال : حوَّل الأَيسر على الأيمن والأيمن على الأيسر.

الحَيَا : المَطَر لإِحيائه الأرض.

الجَدَا : المطر العام.

الطَّبَق : مثله.

الغَدَق والمُغْدِق : الكثير القَطْر.

المُونِق : المُعْجب.

المَرِيع : ذو المَرَاعة ، وهي الخِصْب.

المُرْبِع : الذي يُرْبِعهم عن الارْتياد ، من رَبعت بالمكان وأَربعني.

المُرْتِع : المُنْبِت ما يُرْتَع فيه.

السَّابل ، من قولهم : سَبَل سَابل ، أي مطر ماطِر.

المُجَلِّل : الذي يجلِّل الأرض بمائه أو بنَبَاته.

٢٩٦

الدِرَر : الدّارّ ، كقولهم : لَحْم زِيم ودِين قِيم.

الرَّائث : البطيء.

السَّكن : القوت ؛ لأن السكنى به. كما قيل : النزل ، لأن النزول يكونُ به.

[حيش] : عمر رضي الله عنه ـ قال لأخيه زيد حين نُدِب لقتال أهل الردّة فتثاقل ما هذا الحَيْشُ والقِلّ!.

أي الفزع والرعدة ، يقال للمرأة المَذْعُورة من الريبة : حَيْشانة.

وأَخَذه قِلّ : إذا أرعد ، كأنه يقل من مَوْضِعه.

[حيهل] : ابن مسعود رضي الله عنه ـ إذا ذُكِر الصالحون فَحيَّهلا بعمر.

أي ابْدَأ به ، واعْجَل بذكره ، وفيه لغات : حَيَّهَلَ بفتح اللام ، وحَيَّهَلَا بألف مزيدة.

قال :

بحَيَّهَلَا يُزْجُونَ كلَّ مَطِيَّةٍ

أمامَ المَطَايَا سَيْرُها المُتَقَاذِفُ (١)

وحَيَّهَلاً بالتنوين للتنكير ، وحَيَهلا بتخفيف الياء. وروي حَيَّهْل بالتشديد وإسكان الهاء ، وعُلِّل باستثقال توالي المتحركات واستدراك ذلك ، وقيل : الصواب حَيَهْل بتخفيف الياء وسكون الهاء ، وأن هذا التعليل إنما يصح فيه لا في المشدد ، ويلحقه كاف الخطاب فيقال : حَيَّهَلَكَ الثريد.

وسمع أبو مَهْدِيَّة الأعرابي رجلاً يقول لصاحبه : زُوذ فسأل عنه فترجم : تعجّل. فقال : أَفَلا [يقول] : حَيَّهَلَك. ويقال : فحيّ بعمر.

[حيأ] : سلمان رضي الله عنه ـ أَحْيُوا ما بين العشاءَيْنِ فإنه يحطُّ عن أحدكم من جُزْئِه ، وإياكم ومَلْغَاة أَول الليل ، فإن مَلْغَاة أول الليل مَهْدَنة لآخره ـ وروي : مَهْذرة في مَوْضِع مَلْغاة.

إحْيَاء الليل بمنزلة تسهيده وتَأريقه ؛ لأنّ النومَ مَوْت ، واليقظةَ حياةٌ ، ومرجع الصفة إلى صاحبِ الليل ، فهو إذن من باب قوله :

*إذا ما نامَ ليلُ الهَوْجَلِ (٢) *

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه ص ٢٤٧ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٣٦٣ ، ٣٦٤ ، وخزانة الأدب ٦ / ٢٦٣ ، ٢٦٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٢٣ ، والكتاب ٣ / ٣٠١ ، ولسان العرب ٩ / ٢٧٨ (قذف) ، ولمزاحم العقيلي في شرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٢٣ ، ولسان العرب ١٤ / ٢٢١ (حيا) ، وبلا نسبة في المفصل ٤ / ٤٦ ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ١٠٨.

(٢) تمامه :

فأتت به حوش الفؤاد مبطنا

سهدا اذا ما نام ليل الوجل ـ

٢٩٧

أراد بالعشاءين المغرب والعشاء فغلّب ، وبالجزء : ما وَظَّف على نفسه من التهجّد.

المَلْغَاة والمَهْذَرة والمَهْدَنة : مَفْعَلة من اللَّغْو والهَذَر ، والهُدُون بمعنى السكون ، والمعنى : إن من قَطَع صَدْرَ الليل بالسَّمَر ذهب به النوم في آخره ، فمنعه من القيام للصلاة.

[حيص] : ابن عمر رضي الله عنهما ـ كان في غزاة بعثهم فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : فحَاصَ المسلمون حَيْصَةً ـ وروي فجَاضَ.

كلاهما بمعنى انْهَزَم وانحرَف.

ومنه حديث أبي موسى رضي الله عنه : إن هذه لحَيْصَةٌ من حَيَصات الفِتَن.

أي رَوْغَةٌ منها عدَلَتْ إلينا.

[حي] : ابن عمير رضي الله تعالى عنه ـ إنَّ الرجلَ ليُسْأَل عن كلِّ شيء حتى عن حَيَّةِ أهله.

أي عن كُلِّ نفسٍ حيَّةٍ في بيته ؛ من هِرَّة وفرس وحِمارٍ ، وغير ذلك.

[حيص] : مطرِّف رحمه الله ـ خرجَ من الطاعون ، فقيل له في ذلك ، فقال : هو الموت نُحَايِصه ولا بدّ منه.

المُحَايصة : مفاعلة من حاص عنه ، وليس المعنى أن كلَّ واحد من الموت والرجل يَحِيص عن صاحبه ، وإنما المعنى أنَّ الرجلَ في فَرْط حرْصه على الحياص عن الموت كأنه يُبَارِيه ويُغَالبه ؛ لأن من شأن المغالب المُبَاري أن يَحْرِص على فعله ويحتشد فيه ، فيؤول معنى نحَايِصه إلى قولك : يحرص على الفِرار منه. وإخراجه على هذه الزِّنة لهذا الغرض ؛ لكونها موضوعة لإِفادة المباراة والمغالبة في الفعل.

ومنه قوله تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) [البقرة : ٩].

سعيد رحمه الله تعالى ـ سُئِل عن مُكاتبٍ اشترط عليه أهلُه ألّا يَخْرج من المِصْرِ ، فقال : أَثْقلتم ظهْره ، وجعلتم عليه الأَرْض حَيْصَ بَيْص.

أي ضيّقةً لا يقدر على التردد فيها ؛ من قولهم : وقع فلانٌ في حَيْص بَيْص : إذا وقع في خطة مُلْتَبِسة لا يَجِد موضعَ تفَصٍّ عنها ، تقدَّم أو تأَخر ، من حاص عن الشيء إذا حادَ عنه ، وباص : إذا تقدَّم ، والذي قلبت له واو بوص ياء طلبُ المزاوجة كالعِين الحير ، وبُنِيَا بناءَ

__________________

ـ والبيت من الكامل ، وهو لأبي كبير الهذلي في جمهرة اللغة ص ٣٦٠ ، وخزانة الأدب ٨ / ١٩٤ ، ٢٠٣ ، وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٠٧٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٨٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٢٨ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٧٥ ، ولسان العرب ٣ / ٢٢٤ (سهد) ، ٦ / ٢٩٠ (حوش) ، ١١ / ٦٩٠ (هجل) ، ومغني اللبيب ٢ / ٥١١ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ٨٩ ، وجمهرة اللغة ص ١١٧٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٨٠ ، ولسان العرب ١٤ / ٢١٤ (جيا).

٢٩٨

خمسة عشرَ ، لأنّ الأصل حَيْصٌ وبَيْصٌ ـ وروي الفتحُ والكسر في الحاءِ والصاد ، والتنوين للتَّنكير.

[حيك] (*) : عطاء رحمه الله ـ قال له ابن جُرَيج : كيف يُمْشَى بجنازة الرجل؟ قال :

يُسْرَعُ به. قال : فالمرأة؟ قال : يُسرع بها أيضاً ؛ ولكن أَدْوَن من الإِسراع بالرجل. قال : فما حِيَاكتهم ـ أو حِيَاكَتُكم هذه؟ قال : زَهْو.

هي مِشْيَة فيها تبختر. قال :

*حَيَّاكَة وَسْطَ القَطِيع الأَعْرَم (١) *

* تحيَّضي في (كر). حيّهلا في (قح). حِيْريّ دَهْرٍ في (طر). من حاقِّ الْجُوعِ في (حق). الحياء في (مر). تحايوا في (رو). انحياشه في (ثم). بالحيا في (جز). حُبْلَة في (كر).

[آخر الحاء]

__________________

(*) [حيك] : ومنه الحديث : الإثم ما حاك في نفسك. النهاية ١ / ٤٧٠.

(١) البيت في لسان العرب (عرم).

٢٩٩

حرف الخاء

الخاء مع الباء

[خبر] (*) : النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ـ أهلَّ من ذي الحُلَيْفة ، وبعثَ مِنْ بين يَدَيْه عَيْناً من خُزَاعة يتخَبَّر له خَبَر كُفَّار قريش ، فلَقِيه ، فأَخبره أنه ترك قُرَيشاً تجْمَع لقِتاله ، قال : فرَاحُوا إلى عُسْفان ، فقال رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : خَيْلُ قريش بالغَمِيم عليها خالدُ بن الوليد ، فأَمرهم رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ يَتَيامَنُوا عن الغَمِيم.

ويُروى أنه قال لما لَقِيه خالد بن الوليد : هَلُمَّ هاهنا ، فأخذ بهم بين سَرْوَعَتَيْن ، ومال عن سَنَن القوم.

ويُروى أنه قال : يامِنُوا في هذا العَصَل ، فلم يشعر خالدٌ وأصحابُه إلّا وقد خلَّفتهم قَتَرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ، فركضَ خالد إلى مكة ، فأَنذر كفَّار قريش ، فخرجوا بأجمعهم حتى نزلوا أَعْدَاد مِيَاه الحُدَيبية ، وأقبل رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يسيرُ نحوَ القومِ ، فبرَكت به ناقَتُه ، فزَجَرها المسلمون. فأَلَحّت ، وقالوا : خلأت القَصْوَاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : والله ما خَلأتْ وما هو لها بخُلُق ، ولكنْ حَبَسها حابِس الفيل ، ثم زَجَرها فقامت وانصرف عن القومِ ، فنزل على ثمَدٍ بوادي الحُدَيبية ظَنُونِ الماء ، يَتَبَرَّضُه الناس تبرُّضاً ، فشكا الناسُ إليه قلةَ مائِه ، فانتزع سَهْماً من كنانته فأَمر به فغُرِز في الثَّمد ، فجاشَ لهم الماءُ بالرِّي ، ثم قدِم بُدَيْل بن وَرْقاء الخُزَاعي في رَهْطٍ من خُزَاعَة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت خُزَاعة عَيْبةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أَهل تهامة ، فقال : تركتُ قومك كَعْبَ بن لُؤَيّ وعامر بن لؤي ، قد خرجُوا بأجمعهم معهم العُوذ المَطَافيل ، وقد أَقسموا بالله لا يُخَلُّون بينك وبين الطَّواف ما بقي منهم أَحد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنّا لم نَأْتِ لقتالِ أحد ، ولكِنْ جِئْنا نَطُوف بالبيت ، فمن صدَّنا عنه قاتلناه ،

__________________

(*) [خبر] : ومنه الحديث فدفعنا في خيار من الأرض. وفي حديث طهفة : ونستحلب الخبير. النهاية ٢ / ٧.

٣٠٠