الفائق في غريب الحديث - ج ١

جار الله محمود بن عمر الزمخشري

الفائق في غريب الحديث - ج ١

المؤلف:

جار الله محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٥

وقال أيضاً :

أَفْلَطها اللَّيْلُ بعيرٍ فتَسْ

عى ثوبُها مُجْتَنِبُ الْمعدِلِ (١)

وإنما قال ذلك لأنّه لم يعلم أن الكلمة كانت قَذْفاً.

بَوْغاء في (رج). بَائِر في (هي). فأولئكم بُور في (شر). بَواء فليتبوّأ في (مث).

والبُور في (ند). بآئلة وبيلتي في (فو). بوّالاً في (شص). حَتّى باصَ في (ول). وبَوْغاء في (عف). بَيْص في (حي).

الباء مع الهاء

[بهز] : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ أُتِيَ بشارِب خمر فخُفِق بالنِّعال وبُهزَ بالأَيْدِي.

البَهْز : الدَّفع العنيف. ومنه قيل لأَوْلَاد العَلّات (٢) : بنو بَهْز ؛ لِتَدَافُعهم وقلة تَرَافدهم ؛ وبه سمي ابنُ حكيم بَهْزاً.

[بهر] (*) : سار ليلة حتى ابهارَّ الليلُ ، ثم سار حتى تَهَوَّرَ الليل.

ابهارَّ : انتصفَ ، من البُهْرَة وهي وسَط كلِّ شيء ، وإنّما قيل للوسط بُهْرة ؛ لأنه خيرُ موضع ، فكأنه يَبْهر (٣) ما سواه.

تَهَوَّر : مستعار من تهوّرِ البناءِ وهو انهدامه ، والغرض إِدْبَارُه ، ومثله قولهم : تقوّض الليل.

[بهش] (*) : قال لرجل : أمِنَ البَهْش أنت؟.

أَراد أمن أَهل بلاد البَهْش؟ وهي بلادُ الحجاز ؛ لأن البَهْش ينبت بها ، وهو المُقْل ما دام رطباً ، فإذا يبس فهو خَشْل ، وهو من بَهَش إليه ، إذا أقبل باسْتِبْشَارٍ ؛ لأن النبات إقباله ورَوْنَقه في رُطوبته وغَضَاضته ، وإدباره وإنكاسه في يُبْسه وجفوفه.

ومنه حديث عمر رضي الله عنه ـ إنّ رجلاً قرأ عليه حَرْفاً أَنكره ، فقال : مَنْ أقرأك هذا؟ فقال : أبو موسى الأشعريّ. فقال : إن أبا موسى لم يكن من أَهْل البَهْشِ.

__________________

(١) البيت في ديوان الهذليين ٢ / ١٢.

(٢) بنو العلات : أبوهم واحد وأمهاتهم شتى.

(*) [بهر] : ومنه الحديث : فلما أبهر القوم احترقوا. وفي الحديث : صلاة الضحى إذا بهرت الشمس الأرض. وفي حديث الفتنة : إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف. ومنه الحديث : وقع عليه البهر. النهاية ١ / ١٦٥.

(٣) بهره : علاه وغلبه.

(*) [بهش] : ومنه حديث أهل الجنة : وإن أزواجه لتبتهشن عند ذلك ابتهاشاً. ومنه الحديث : ما بهشت لهم بقصبة. وفي حديث العرنيين : اجتوينا المدينة وابتهشت لحومنا. النهاية ١ / ١٦٦ ، ١٦٧.

١٢١

أراد أن القرآن نزل باللّغة الحجازية وهو يَمنيّ.

ومنه حديث أبي ذر رضي الله عنه ـ إنه لما خرج إلى مكة أخذ شيئاً من البَهْشِ فتزوَّدَه.

[بهم] (*) : يُحْشَرُ الناسُ يومَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً حُفَاةً غُرْلاً بُهْماً ، قيلَ : وما البُهْمُ؟ قال : ليس معهم شيء.

البُهْم : جمع الأَبْهَم ، وهو البَهيم ، أي المصمَت الذي لا يخالط لونه لونٌ آخر. ويجوز أن يكون جمع بَهيم مخفّفاً كسُبُل ، جمع سَبيل. والمعنى : ليس معهم شيء من أعراض الدنيا. شبه خلوّ جسد العاري عن عرَض يكون معه بخلو نُقْبَة (١) الفرس عن شِيَة مخالفة لها.

والأَبْهَم والبَهِيم أيضاً : الحجر المُصْمَت الذي لا خرق فيه. قال العجاج :

*فَهَزَمْتَ ظَهْرَ السِّلَامِ (٢) الأَبْهَم *

ومن هذا جوّز أن يكون وصفاً لأبدانهم بالصحة والسلامة من الأَمْراض والعاهات الدُّنْيَوِيَّة ، إلا أنه فاسد من وَجْهَين آخَرَين.

الغُرْل : جمع أَغْرَل وهو الأَقْلَف.

[بها] (*) : سمع رجلاً حينَ فُتِحَت جزيرة العرب ، أو مكة يقول : أَبْهُوا الخيلَ ، فقد وَضَعت الحرب أوزارَها. فقال : لا تزَالون تقاتلون الكفَّار حتى تقاتل بقيَّتكم الدجَّال.

إبهاء الخيل : تَعْرِيَةُ ظهورها عند تَرْكِ الغزو ، من قولهم : أبهى البيتَ ؛ إذا تركه غير مسكون. وأبهى الإناء ؛ إذا فرَّغه.

[بهش] : كان يُدْلِعُ لِسَانَه للحسنِ ، فإذا رأى الصبيُّ حُمْرَة لسانِه بَهَشَ إليه.

أي أقبل إليه وخفّ بارتياح واستبشار. قال المغيرة :

سَبَقْتَ الرِّجالَ الْبَاهِشِينَ إلى العلا

فِعَالاً ومَجْداً والفعَالُ سِبَاقُ (٣)

ومنه حديثه : إنه أرسل أبا لُبَابة إلى اليهود ، فبَهش إليه النساء والصِّبيان يبكون في وَجْهِه.

كان أبو لُبابة يهوديًّا فأسلم ؛ فلهذا ارْتَاحُوا حين أَبْصَروه مستغيثين إليه.

__________________

(*) [بهم] : ومنه في حديث عياش بن أبي ربيعة : والأسود البهيم كأنه من ساسم. وفي حديث علي : كان إذا نزل به إحدى المبهمات كشفها. النهاية ١ / ١٦٨.

(١) النقبة : اللون.

(٢) السلام : الحجارة.

(*) [بها] : ومنه الحديث : من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد. وفي حديث أم معبد : فحلب فيه ثجاً حتى علاه البهاء. النهاية ١ / ١٦٩.

(٣) البيت للمغيرة بن حنباء التميمي في لسان العرب (بهثن) ، ويروى «إلى الندى» بدل إلى «العلا».

١٢٢

ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال أبو بَشَامة : قلت له : إني قتلتُ حيَّة وأنا مُحْرِم. فقال : هل بَهشتْ إليك؟ قلت : لا ، قال : لا بأس بقتل الأَفْعَوْ ولا برَمْي الْحِدَوْ ، فما نسيتُ خِلَافَ كلامه لكلامنا.

أي هل أَقبَلَتْ إِليك تريدك؟ قلب ألف أفعى واواً ، وهذه لغةً لأهل الحجاز إذا وقفوا على الألف يقولون : هذه حُبْلَوْ ، ولقيتُ سُعْدَو ؛ ومنهم مَنْ يقلبها ياء فيقول : حُبْلَى وسُعْدَى ، وأما الْحِدَأ (١) فإنه لما وُقِفَ عليه فسُكِّنَت همزته خففها تخفيفَ همزة رأس وكأس ، ثم عاملها معاملة الألف في أَفْعَى.

[بهنس] [البهنس] : في قصة حُنَين : خرجوا بدُرَيْد بن الصِّمَّة يَتَبَهْنَسُونَ به (٢) ـ وروي يَتَبَيْهَسُون به ؛ فقال : بأَيِّ وادٍ أنتم؟ قالوا : بأَوْطَاس. قال : نِعْم مَجَال الخَيْل! لا حَزْنٌ (٣) ضَرِس (٤) ولا سَهْلٌ (٥) دَهِس (٦) ، ما لِي أَسْمَع بُكاء الصَّغِير ، ورُغاء البعير ، ونُهَاق الحمير ، ويُعَار الشاء (٧)؟ قيل : ساقَ مالِك بن عوف مع الناس الظُّعن والأموالَ. فقال : ما هذا يا مالك؟ قال : يا أبا قرّة ؛ أردتُ أن أُحْفِظ الناس ، وأنْ يُقاتِلوا عن أَهليهم وأمْوَالهم ؛ فأَنقض به (٨) ، وقال : رُوَيعى ضَأْنٍ والله! ما له ولِلحرب! وهل يردُّ المنهزمَ شيء؟ وقال : أنت مُحِلٌّ بقَومك ، وفاضحٌ من عَوْرتك. لو تركتَ الظّعن في بلادها ، والنّعم في مَرَاتعها ، ثم لقيتَ القوم بالرِّجال على مُتُون الخَيْل ، والرّجالة (٩) بَيْنَ أَضعافِ الخيلِ أو متقدمة دَرِيَّةً أَمام الخيل كان الرَّأيُ. ثم قال : هذا يومٌ لم أشهدْه ولم أغب عنه ، ثم أنْشَأَ يقول :

يا ليتَني فيها جَذعْ

أخُبُّ فيها وَأَضَعْ (١٠)

أقُودُ وَطْفَاء الزَّمَعْ

كأنّها شَاةٌ صَدَعْ.

التَّبَهْنُس والتَّبَيْهُس : مِشية البَيْهَس ، وهو الأسد ، ومِشْيَة تبختُر ، والنون والياء زائدتان بدليل تصريفيّ. وقيل اشتقاق البَيْهس من البَهْسِ وهو الجرأة ، والمعنى : يمشُون به على تُؤَدة كمشي المتبختر ، وقيل : إنما يَتَهَبَّوْن (١١) به ، وهو من قولهم : لضعيفِ البَصر مُتَهبٍ لا يدري أين يطأ ، مأْخَذُه من الهَبْوَة.

وروي : «يُقَاد به في شِجَار» (١٢) ؛ وهو مركب للنساء.

__________________

(١) الحِدَأ : جمع حدأة ، وهي الطائر المعروف.

(٢) التبهنس : التبختر في المشي (لسان العرب : بهن).

(٣) الحزن : المرتفع الغليظ من الأرض.

(٤) الضرس : الذي فيه حجارة محددة.

(٥) السهل : المطمئن من الأرض.

(٦) الدهس : اللبن الكثير التراب.

(٧) يعار الشاء : صوتها.

(٨) أنقض به : زجره.

(٩) الرجالة : جمع الراجل : الماشي خلاف الفارس.

(١٠) الرجز في لسان العرب (وضع).

(١١) التهبي : مشي المختال المعجب ، من هبا يهبو ، إذا مشى مشياً بطيئاً.

(١٢) الشجار : شبه الهودج ، غير أنه مكشوف الأعلى.

١٢٣

ضَرِس : خَشِن. دَهِس : ليّنِ.

أُحْفِظ : من الحفيظة وهي الغضَب ؛ أي أَذْمرهم للحرب.

أَنْقضَ به : نَقَر بلسانه في فِيه كما يُزجي الحمار والشاة ؛ فَعَلها اسْتِجْهالاً له.

مُحِلٌ بقومك : مُخْرِج لهم من الأمْن كمن يَخْرج من الحَرم ، أو من الأشهر الحُرَم ، أو من حُرمة هو فيها ، أو مُنْزِل بهم بَليَّة ، فحذف المفعول.

الدَّرِيَّة : بَعير يَسْتَتِر به الصائدُ عند رَمْي الوحش ، من دراه : إذا خَتله ، وهي الدَّريئة أيضاً بالهمز ، من الدَّرْء وهو الدَّفع ، لأنه يَدْرَأ دَرْءاً ودِرَاء حتى يقربَ من الرمية ، أي يجعل الرَّجَّالة ستراً دون الخَيْل.

الوَضْع : سير حثيث ، يقال : أوضع الراكبُ البعير ، ووضع البعيرُ.

الوَطْفَاء ، من الوَطَف : وهو كثرة الشعر.

الزَّمَع : زَوائِد من وراء الظَّلْف.

الصَّدَع : الخفيف.

[الابتهار] : عمر رضي الله عنه ـ رفع إليه غلام ابتهَرَ جارِيَةً في شِعْره ، فقال : انظروا إليه فلم يُوجَدْ أنْبَتَ ، فدَرَأ عنه الحدَّ.

الابتهار : أن يقول : فجَرْتُ ولم يفجر ، من الشيء الباهر ، وهو الظَّاهر.

والابتيار : أن يقول وقد فعل ؛ من البُؤْرة وهي الحُفْرة ، قال الكُميت :

قَبِيحٌ بمثْلِيَ نَعتُ الْفَتَا

ةِ إمَّا ابتِهَاراً وإمَّا ابتِيَارَا (١)

ومنه حديث العوَّام بن حَوْشب رضي الله عنه : الابتِهَارُ بالذَّنْب أعظمُ من ركوبه.

لأن فيه تبجّحاً بالذنب ، ولا يُتبجّح به إلا مع استحسانه ، واستحسانُ ما قَضَى الإِسلام بقُبحه يضرب إلى الكفر.

[بهأ] : عبد الرحمن رضي الله عنه عنه ـ رأى رجلاً يَحْلِفُ عند المَقام ، فقال : أرى الناسَ قد بَهَئُوا بهذا المقام.

أي أنِسُوا به حتى قَلَّت هَيْبَتُه في صُدُورهم ، فلم يهابوا الحَلِف على الشيءِ الحقير عنده.

ومنه حديث ميمون بن مهران رحمه الله : إنه كتب إلى يونس بن عبيد : عليك بكتاب الله ؛ فإن الناسَ قد بَهَئوا به واستخفُّوا ، واستحبّوا عليه الأحاديث أَحاديثَ الرِّجال.

__________________

(١) البيت في اللسان (بهر).

١٢٤

[البهلة] (*) : ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ـ مَنْ شاء باهَلْتُه أنّ الله لم يذكر في كتابه جَدًّا وإنّما هو أب.

المُبَاهَلة : مفاعلة من البَهُلَة وهي اللَّعْنة ، ومأخذها من الإبهال وهو الإِهمال والتَّخْلية ؛ لأنّ اللعن والطّرد والإِهمال من وَادٍ واحد ، ومعنى المباهلة أن يجتمعوا إذا اختلفوا ، فيقولوا : بَهُلَة الله على الظَّالم منا.

[البهار] : عمرو رضي الله عنه ـ إن ابنَ الصَّعْبَة تَرك مائة بُهَار في كلِ بُهَار ثلاثةُ قناطير ذهب وفضة.

البُهار : ثلاثمائة رطل ، وهو ما يُحْمَلُ على البعير بلغَة أهل الشام. قال بُريق الهذليّ :

بِمُرْتَجزٍ كأنَّ عَلَى ذُرَاهُ

رِكاب الشَّامِ يَحْمِلْنَ البُهَارَا (١)

ابن الصَّعبة : طلحة بن عبيد الله ، أَضَافَهُ إلى أمه وهي الصَّعبة بنت الحَضْرَميّ ، وكانت قبل عبيد الله تحت أبي سفيان بن حرب ، فلما طلقها تبعتها نفسُه فقال :

فإني وصَعْبة فيما ترى

بَعيدَانِ ، والوُدُّ وُدٌّ قَريب

فإن لا يكن نسبٌ ثاقبٌ

فعند الفتاةِ جمالٌ وطِيبُ

وإنما أضافه إليها غضًّا منه ؛ لأنها لم تكن في ثقابة نَسَب.

[بهرج] : الحجاج ـ كان أبو المليح على الابُلّة فأُتِيَ بِلُؤْلُؤ بَهْرَجٍ ، فكتب فيه إلى الحجاج ، فكتب فيه أن يخمس ـ وروي نَبَهْرَج.

وهما الباطل الرديء. وبَهْرَج السلطان دَمَه : إذا أَهْدَره ، وهي كلمة فارسية قد استعملها العرب وتصرفوا فيها ، قال :

*محارم اللَّيلِ لهن بهرج (٢)

*[بهو] : وفي الحديث ـ وتنقل الأَعراب بأَبْهَائها إلى ذي الْخُلَصَة.

جمع بَهْو ، وهو بيتٌ من بُيُوتِ الأعرابِ يكون أَمَام البيوت.

ذو الْخَلُصَة : بيت فيه صَنَمٌ كان يقال له : الْخَلَصة لدَوْس وخَثْعَم وبَجيلة ، وقيل : هو الكعبة اليمانية.

__________________

(*) [البهلة] : ومنه في حديث أبي بكر : من ولي من أمر الناس شيئاً فلم يعطهم كتاب الله فعليه بهلة الله. النهاية ١ / ١٦٧.

(١) البيت في ديوان الهذليين ٣ / ٦٢ ، والبهار : متاع البيت.

(٢) عجزه :

حتى ينام الورع المحرج

١٢٥

أَبْهر القوم في (عز). بُهْلَة الله في (خف). قطعت أَبْهري في (اك). بَهْرجَتنِي في (ضب). وعَلَاه البهاء في (بر). تبهر في (تب). ابهارّ الليل في (هج). البهيم في (زح). المُبْهمات في (ذم). فبِها ونِعْمَت في (نع). أنابها في (خص). هذه البَهائم في (اب).

الباء مع الياء

[بيد] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بَيْدَ أنهم أُوتوا الكتاب من قَبْلِنا وأُوتيناه من بعدهم.

قيل معناه : غير أنهم ، وأُنشِد :

عَمْداً فَعَلْتُ ذَاكَ بَيْدَ أَنِّي

إِخَالُ إِنْ هَلَكْتُ لَمْ تَرَنِّي (١)

وفي حديثه : أنا أفصحُ العربِ ، بيدَ أَني من قُرَيش ، ونشأتُ في بني سَعْد بن بكر ـ وروي : «مَيْدَ أني».

[البياض] (*) : لا تقوم الساعةُ حتى يظهر الموتُ الأَبيض. قالوا : يا رسولَ الله ؛ وما الموتُ الأبيض؟ قال : موت الفُجَاءة.

معنى البياض فيه خلوُّه عما يُحدثه مَنْ لا يُغَافَص (٢) ؛ من توبة واستغفار ، وقضاءِ حقُوق لازِمة ، وغير ذلك ، من قولهم : بيَّضْت الإِناء إذا فرَّغته ، وهو من الأَضداد.

[البيغ] : عليكم بالْحِجَامة ، لا يَتَبَيَّغُ بأَحَدِكم الدَّم فيَقْتُلَهُ.

قيل : هو قَلْب يتبغَّى ، من البَغْي.

وعن ابن الأعرابيّ : تبيَّغ الدم ، وتَبوّغ : ثَارَ ، وهو من البَوْغاء ، وهو التّرَاب إذا ثار.

[البيع] (*) : لا يَخْطُبُ أَحَدُكم على خِطْبَةِ أخِيه ، ولا يَبِعْ على بيعِ أَخِيه.

__________________

(*) [بيد] : ومنه في حديث الحج : بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها على رسول الله. ومنه الحديث : فإذا هم بديارٍ باد أهلها. ومنه حديث الحور العين : نحن الخالدات فلا نبيد. النهاية ١ / ١٧١.

(١) الرجز بلا نسبة في إصلاح المنطق ص ٢٤ ، والدرر ٣ / ١٧٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٥٢ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٤٧ ، ولسان العرب ١٣ / ٩٩ (بيد) ، ١٨٧ (رنن) ، ومغني اللبيب ١ / ١١٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٣٢.

(*) [البياض] : ومنه حديث الحديبية : ثم جئت بهم لبيضتك تفضها. ومنه الحديث : أُعطيت الكنزين الأحمر والأبيض. ومنه : كان يأمرنا أن نصوم الأيام البيض. النهاية ١ / ١٧٢ ، ١٧٣.

(٢) غافص الرجل : أخذه على غرة.

(*) [بيع] : ومنه في حديث ابن عمر : أنه كان يغدو فلا يمر بسقّاط ولا صاحب بيعة إلا سلّم عليه. وفي الحديث : أنه قال : ألا تبايعوني على الإسلام. النهاية ١ / ١٧٤.

١٢٦

البيع هاهنا : الاشْتِرَاء ، قال طرفة :

ويَأْتِيك بالأَخْبَارِ من لم تَبِعْ لَهُ

بَتَاتاً ولم تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ (١)

[التبين] (*) : ألَا إن التبيّن من الله ، والعَجَلَة من الشَّيْطان ؛ فَتَبَيَّنُوا.

هو التثبّت والتأَنّي.

[بيض] : قال لامرأة ـ وذكرت زوجها ـ أهُوَ الذي في عَيْنَيْهِ بَيَاض؟ فقالت : لا.

ذهب إلى البياض الذي حَوْل الحدَقة ، وظنته المرأة الكَوْكَب (٢) في العين.

[البيت] (*) : قال لأبي ذرٍّ رضي الله عنه : كيف تصنعُ إِذا مات الناسُ حتى يكون البيتُ بالوَصِيف (٣)؟.

أراد بالبيت القبر ، وأن مواضع القبور تضيف لكَثْرَةِ الموتى حتى يُبْتَاع القبر بالوَصيف.

كان لا يُبَيِّتُ مالاً ولا يُقيِّلُه.

يعني أن مال الصَّدَقة إذا وافاه مَساء أو صباحاً لم يلبّثه إلى الليل ، أو إلى القَائِلَة ؛ بل كان يعجّل قِسْمَته.

عائشة رضي الله عنها ـ تزوَّجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بيت قيمتُه خمسون دِرْهماً ـ وروي : «على بَتٍّ».

البيت : فَرْش البيت وهو معروفٌ عندهم. يقولون : تزوَّج فلان امرأةً على بيْتٍ.

البتّ : الكِساء ، وقيل : الطيلسان من خَزٍّ.

بيّعاً في (خب). بِيَاح في (مك). البَيَاض أكثر في (رس). يبين في (فد). بَيْسان في (زو). بَيْص في (حي). بِيعة في (سق). والأبْيَض في (حم). بَيْتك في (فض). بَيْن إحدَى ثلاث في (خب).

[آخر كتاب الباء ولله الحمد والمنة]

__________________

(١) البيت من المعلقة بشرح التبريزي ص ١٣٥.

(*) [التبين] : ومنه حديث آدم وموسى عليهما السلام : أعطاك الله التوراة فيها تبيان كل شيء. ومنه حديث الصديق : قال لعائشة : إني كنت أبنتك بنُحل. النهاية ١ / ١٧٤ ، ١٧٥.

(٢) الكوكب : بياض في سواد العين.

(*) [البيت] : ومنه الحديث : بشّر خديجة ببيت من قصب. ومنه الحديث : لا صيام لمن لم يبيت الصيام.

ومنه الحديث : هذا أمر بُيّت بليل. ومنه الحديث : أنه سئل عن أهل الدار يبيَتون. ومنه الحديث : إذا بُيِّتُم فقولوا (حم) ... (لا يُنْصَرُونَ). النهاية ١ / ١٧٠ ، ١٧١.

(٣) الوصيف : الغلام.

١٢٧

حرف التاء

التاء مع الهمزة

[الإِتآر] : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ أتاهُ رجلٌ عليه شارةٌ وثِياب ، فأَتْأَرَه بَصَره.

وجاءه رجلٌ آخر فيه بَذَاذة تَعْلُو عنه العينُ ، فقال : هذا خيرٌ من طِلَاع الأَرْضِ ذَهباً ؛ إنّ هذا لا يُريد أن يظلمَ الناس شيئاً.

الإِتْآر : إتْبَاع النَّظَر بحدّة ، قال :

أَتْأَرْتُهُمْ بَصَرِي وَالآلُ (١) يَرْفَعُهُمْ

حتى اسْمَدَرَّ بِطَرْفِ الْعَينِ إتْآرِي

تعلو عنه : أي تنبو عنه وتَقْتَحِمُه.

طِلَاعُ الْأَرْضِ : ما يملؤُها حتى يَطْلع ويَسِيل.

ومنه قَوْسٌ طِلَاعُ الكَفِّ. قال [يصف قوساً] :

كَتُومٌ طِلَاعُ الْكفِّ لَا دُونَ مَلْئِهَا

ولا عَجْسُهَا عَنْ مَوْضِعِ الْكَفِّ أَفْضَلا (٢)

هذا خير : إشارة إلى شأْن الرجل وحاله.

ذهباً : نصبر على التمييز.

الفرس التّئق في (سو).

التاء مع الباء

[التبانة] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ إنّ الرجلَ يتكلَّم بالكلمة يُتَبِّنُ فيها يَهْوِي بها في النَّار.

تَبَّن : دقَّق النظر من التَّبَانَةِ وهي الفِطْنة ، والمراد التعمّق ، والإِغماض في الجدَل ،

__________________

(١) الآل : السراب ، وأطراف الجبل ونواحيه.

(٢) البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص ٨٩.

(*) [التبانة][تبن] : ومنه في حديث عمرو بن معدي كرب : وأشرب التِّبن من اللبن. النهاية ١ / ١٨١.

١٢٨

وأداء ذلك إلى التكلّم بما ليس بحق.

ومنه حديث سالم رحمه الله : كنا نقولُ في الحامل المتوفَّى عنها زوجُها : إنه ينفق عليها من جميع المال حتى تَبَّنْتُمْ ما تَبَّنْتُم ، ودقّقتم النظر حتى قلْتُم غيرَ ذلك.

[تبع] (*) : إنَّ مريم ابنة عمران سألت ربَّها أَنْ يُطْعمها مما لا دَمَ فيه ، فأَطْعَمها الجرادَ. فقالت : اللهم أَعِشْه بغير رَضَاع ، وتابعْ بينه بغير شِياع.

أي اجعله يَتْبع بعضه بعضاً من غير أن يشايعَ به مشايعة الرَّاعي بالنعم ، وهي دعاؤه بها فتجتمع ، قال جرير :

فأَلْقِ اسْتَكَ الهَلْبَاء (١) فَوْق قَعُودها

وشَايِعْ بهَا واضْمُمْ إليكَ التَّوَالِيَا (٢)

[التبعة] : قال له قيسُ بن عاصم المنقري : يا رسولَ اللهِ ، ما المالُ الذي ليس فيه تَبِعَةٌ من طالب ولا من ضَيْفٍ؟ فقال : نِعْمَ المال الأربعون ، والكُثْر الستون ، ووَيْلٌ لأصحاب المئين ، إلا من أَعْطَى الكريمة ، ومَنَح الغزيرة ، وذبح السمينة ؛ فأَكَلَ وأَطْعَمَ (الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ).

وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف تَصْنَع في الطَّرُوقَة؟ قال له : يَغْدُو الناسُ بحبَالهم ، فلا يُوزَعُ رَجُلٌ عن جَمَلٍ يَخْطِمه. وقال له : كيف تصنع في الإِفْقَار؟ فقال : إني لأُفْقِرُ [البَكْرَ] الضَّرَع ، والنَّابَ المُدْبِرة.

وقال له : كَيف أنْت عند القِرَى؟ قال : أُلْصِق والله يا رسول الله بالناب الفانية والضَّرع.

التَّبعة : ما يتبع المال من الحقوق.

الكُثْر : الكثير.

مَنَح : من المِنْحة ، وهي الناقة أو الشاة تُعَار لِلبَنها ثم تستردّ.

القَانِع : السائل ، ومصدره القُنوع.

المعتَرُّ : الذِي يتعرضُ ولا يُفْصِح بالسُّؤَالِ.

في الطَّرُوقة ؛ أي في صاحبِ الطّروقة إذا استَطْرَقَك فحلاً.

لا يُوزَع : لا يُمْنَع ، أراد أنه يطرق الفحول كلَّ من أراد من غير مضايقة في ذلك.

الإِفْقَار : إعارةُ البعير للركوب أو الحمل ، والمعنى التمكين من فَقاره.

الضَّرَع : الصغير الضعيف.

__________________

(*) [تبع] : ومنه في حديث الزكاة : في كل ثلاثين تبيعٌ. ومنه حديث الحديبية : وكنت تبيعاً لطلحة بن عبيد الله. ومنه حديث الحوالة : إذا أُتبع أحدكم على مليء فليتبع. وفي حديث الأشعري : اتَّبعوا القرآن ولا يتَّبعنَّكم. ومنه الحديث : لا تسبُّوا تُبَّعاً فإنه أول من كسا الكعبة. النهاية ١ / ١٧٩ ، ١٨٠.

(١) يقال : رقبة هلباء : كثيرة الشعر.

(٢) التوالي : المستأخرات.

١٢٩

الإِلصاق بالناب : عَرْقبتها ، والمعنى إلْصاقُ السيف بساقها ، قال الراعي :

فقُلْتُ لَهُ أَلْصِق بِأَيْبَس سَاقِها

فإن يُجْبَر العُرْقُوبُ لَا يَرْقَأ النَّسَا (١)

[تبر] : الذهبُ بالذهب تِبْرِها وعَيْنِها ، والفضة بالفضة تِبْرِها وعَيْنِها ، والتِّبْر بالتِّبْرِ مُدْي بمُدْي.

التِّبر : جوهر الذهب والفضة غير مطبوع ، من التَّبَار (٢) ، فإذا طُبِع وضُرب دنانير ودراهم فهو عَيْن ، من عَيْن الشيء وهو خَالِصه.

المُدْي : مِكْيال لأَهْل الشام يسع خمسة عشر مَكُّوكاً ، والمَكُّوك : صاع ونصف.

الذهب مؤنثة ، يقال ذهب حمراء ـ وروي الفرَّاء تذكيرها.

[تبع] : عليّ عليه السلام ـ استخرج رجلٌ مَعْدِناً ، فاشتراه منه أبو الحارث الأزْدِيّ بمائة شاة مُتْبِع ، فأتى أمَّه فأخبرها فقالت : يا بنيّ ؛ إن المائةَ ثلاثمائة ؛ أمَّهاتُها مائة ، وأولادُها مائة ، وكفْأَتها مائة. فاستقالَه فأَبى فأَخذه فأَذَابَه فاستخرج منه ثمن أَلْف شاة ، فقال له البائع : لآتينّ بك عليًّا عليه السلام ، فأتى علياً عليه السلام فأخبره ، فقال له عليّ عليه السلام : ما أرى الخمْس إلا عليك. ـ يعني خمسَ المائة.

المُتْبع : التي يَتْبَعُها وَلدُها.

الكُفْأَة في نتاج الإِبل : أن تجعلَها نصفين وتُرَاوِح بَيْنها في الإِضراب ليكونَ أقوى لها وأحرى أن لا تخلف. قال ذو الرُّمة :

تَرَى كُفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ ولم يَجِدْ

لها ثِيلَ سَقْب في النِّتَاجَيْنِ لامِسُ (٣)

وإنما سُمِّيت كفأة ؛ لأنَّها جَعْل الإِبل فرقتين متكافئتين ، ولا كفأَة للغنم ، ولكنها أرادت نِتاجها الذي لا يخلف ولا يُرْتاب فيه أن تُفِذّ : وهو أن تلد كلّ واحدة واحداً ؛ لأنهن قد يُتْئِمْنَ ، وفي ذلك ريب فسمَّته كُفْأة لذلك.

الأَثى والأثو : السِّعاية ، وعدَّاه على تأويل أخبر وأعلم ، كأنه قال : لأخبرنَّ بشأنك علياً ، أو بحذف الجار وإيصال الفعل.

[تبن] : عمّار رضي الله عنه ـ صلى في تُبَّانٍ وقال : إني مَمْثون.

التُّبَّان : سَرَاوِيل المَلَّاحِين ، وقد تبنَّهَ : إذا أَلْبَسَه إياه.

المَمْثُون : الذي يَشْتَكِي مَثَانته.

__________________

(١) البيت في لسان العرب (لصق).

(٢) التبار : الهلاك.

(٣) البيت في ديوانه ص ٣٢١ ، ويروى «كلا كفايتها» بدل «ترى كفايتها».

١٣٠

[تبع] : زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه ـ جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلٌ فسأله فقال : ما عندنا شَيْءٌ ولكن أَتبع علينا.

يقال : أتبَعتُ فلاناً على فُلَان : أي أحَلْتُه.

ومنه الحديث : إذَا أُتبِع أحدُكم على مَلِيءٍ فلْيَتّبِعْ.

أي إذَا أحيل فلْيَحْتَلْ.

أبو واقد رضي الله تعالى عنه ـ تابعنا الأَعمَال فلم نجد شيئاً أبلغَ في طلبِ الآخرة من الزُّهد في الدنيا.

أي مارَسْنا وأَحْكَمنا معرفتها ، من قولهم : تابع البَارِي القَوْسَ : إذا أحكم بَرْيَها ، فأعطى كلَّ عضو منها حقه. وتابع الرَّاعي الإِبل : إذا أنعم تسمينها وأَتْقَنه ، وكل بليغ في الاتِّساق والإِحكام مُتَتَابع. ومعناه أنه أشبه بعضه بعضاً ، وتبعه في الإحكام ؛ فليس فيه موضعٌ غير مُحْكَم.

[تبن] : ابن عبد العزيز رحمه الله تعالى ـ كان يَلْبَسُ رِدَاءً مُتَبنَّاً بزَعْفَرانٍ.

هو المصبوغ على لون التِّبْنِ.

وأُشْرِب التِّبْن في (قو).

التاء مع الجيم

[تجر] (*) : أبو ذَرّ رضي الله عنه ـ كنا نتحدَّث أن التاجر فاجِر.

هو الخمار. قال ابنُ يَعْفُر :

ولَقَدْ أَرُوحُ إلى التِّجَارِ مُرَجَّلاً

مَذِلاً بمالِي لَيِّناً أَجْيَادِي (١)

وقيل : هو كل تاجر ؛ لما في التِّجارة في الأغلب من الكَذب والتَّدليس ، وقلة التَّحاشي عن الرِّبا ، وغير ذلك.

التاء مع الحاء

[تحت] : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا تقومُ الساعةُ حتى يظهرَ الفُحْش والبُخْل ، ويخونَ الأمين ، ويُؤْتمنَ الخائن ، وتَهْلِك الوُعُولُ ، وتَظْهَرَ التُّحُوتُ. قالوا : يا رسولَ الله ؛

__________________

(*) [تجر] : ومنه الحديث : إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق. ومنه الحديث : من يتجر على هذا فيصلي معة. النهاية ١ / ١٨١ ، ١٨٢.

(١) البيت في لسان العرب (تجر) ، ويروى «على التجار» بدل «إلى التجار».

١٣١

وما الوُعُول؟ وما التُّحوت؟ قال : الوُعول : وجوهُ الناس وأشرافُهم. والتُّحوت : الذين كانوا تحتَ أقدامِ الناس لا يُعْلَم بهم.

شبّه الأشرافَ بالوُعول لارتفاع مساكنها. وجعل «تحت» الذي هو ظَرْف نقيض «فوق» اسماً ؛ فأدخل عليه لامَ التعريف ؛ ومثله قول العرب لمن يقولُ ابتداء : عندي كذا : أوَلَكَ عِنْد؟

ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه : إنه ذَكَر أشراطَ الساعة ، فقال : وإنّ منها أَنْ تَعْلُو التُّحوتُ الوعولَ. فقيل : ما التَّحوت؟ قال : بيوتُ القانصة (١) يُرفعون فَوْق صالحيهم.

كأنّه ضرب بُيوت القَانِصة ، وهي قُتَر الصيادين ، مثلاً للأرذال والأَدنياء ؛ لأَنَّها أرذل البيوت.

تحفة الكبير في (حب).

التاء مع الخاء

[تخم] : النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ـ مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّر تُخُومَ الأَرْضِ ـ وروي تَخوم.

التُّخوم ـ بوزن هُبوط وعَروض : حدُّ الأرض وهي مؤنثة. قال :

يا بَنِيَ التُّخُومَ لا تَظْلمُوهَا

إنَّ ظُلْمَ التُّخُومِ ذو عُقَّالِ (٢)

والتَّخوم جمع لا واحد له كالقَتُود ، وقيل : واحدها تَخْم ، وقيل : وهذه الأرض تُتَاخِم أرض كذا : أي تحادّها ؛ والمعنى تغيير حدود الحرَمِ التي حدَّها إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، وقيل : هو عامٌّ في كل حدٍّ ليس لأَحدٍ أن يزوي من حدِّ غيره شيئاً.

وفي حديثه الآخر : من ظلمَ [جاره] شِبْراً من الأرض طُوِّقه يومَ القيامة من سَبْعِ أَرَضِين.

التاء مع الراء

[ترع] : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ إن مِنْبَري هذا على تُرْعَةٍ مِنْ تُرَع الجنّة ـ وروي من تُرَع الحَوْض.

قيل : هي الرّوضة على مرتفع من الأَرض ، وذلك آنقُ لها وأخشن ، ولهذا قالوا : رِياض الحَزْن. وفسِّرت بالباب والدَّرَجة ومَفْتَح الماء ؛ والأصل في هذا البناء التَّرَع : وهو

__________________

(١) القانصة : اللئام.

(٢) البيت لأبي قيس بن الأسلت في لسان العرب (عقل) و (تخم).

١٣٢

الإِسراع والنَّزْو إلى الشرّ ، وفلان يَتَتَرَّع إلينا أي يتسرّع ويتنزَّى إلى شرِّنا ، ثم قيل : كُوز تَرَع ، وجَفْنَة مُتْرَعة ؛ لأن الإِناءَ إذا امتلأ سارع إلى السَّيَلان ، ثم قيل لمفتح الماء إلى الحوض : تُرْعة ؛ لأنه منها يُترَع أي يُملأ ، وشبّه به الباب لأنه مفتح الدَّار ، فقيل له : تُرْعة ؛ وأما التُّرْعة بمعنى الروضة على المرتفع والدّرجة فمن النَّزْو ؛ لأنّ فيه معنى الارتفاع ، ومنه قيل للأكَمة المرتفعة على ما حولها : نَازية.

والمعنى أن من عمل بما أَخْطُب به دَخل الجنة.

[ترب] (*) : عليّ عليه السلام ـ لئن وُلِّيتُ بني أُميَّة لأَنفضنَّهُم نَفْضَ القَصَّاب التِّرَاب الوَذِمة.

التِّرَاب : جمع تَرْب ، تخفيف «تَرِب».

الوَذِمة : المنقطعة الأوْذَام ، وهي المعاليق ، من قولهم : وَذِمَت الدّلو فهي وَذِمَة ، إذا انقطعت وِذَامها ، وهي سُيُور العَرَاقي ؛ والمعنى كما ينفضُ اللحوم أو البطون التي تعفَّرت بسُقوطها على الأرْض لِانْقِطَاعِ مَعَاليقها.

وقيل : هذا من غلط النَّقَلة وإنه مقلوب ، والصواب الوِذَام التَّرِبة ، وفسرت الوِذام بأنها جمع وَذِمَة ، وهي الحزَّة من الكَرِش أو الكبد والكَرِش نفسها ؛ والوجْه ما ذكرت.

[ترز] (*) : مجاهد رحمه الله تعالى ـ لا تقومُ السَّاعةُ حتى يكثر التُّرَازُ.

قيل : هو موت الفُجَاءَة ، وتَرِزَ يَتْرُزُ تَرْزاً. قال ابن دُريد : الترْز : اليُبْس ، ثم كَثُر حتى سمّوا الميت تَارِزاً ، قال الشمّاخ :

*كأنَّ الذي يَرْمي من الْوَحْشِ تَارِزٌ (١) *

وقيل : أصله أن تأكلَ الغنمُ حشيشاً فيه النَّدَى ، فيقطّع بطونها فتموت ، يقال تَرِزَت الغنم ونَفِصَت : أصابها التُّرَاز والنُّفَاص.

[ترص] : في الحديث : لو وُزِنَ رَجَاءُ المُؤْمِن وخَوْفُه بميزان تَرِيصٍ ما زَادَ أحدُهما على الآخر.

__________________

(*) [ترب] : ومنه الحديث : عليك بذات الدين تربت يداك. وفي حديث خذيمة : أنعم صباحاً تربت يداك.

وفي حديث فاطمة بنت قيس : وأما معاوية فرجل ترب لا مال له. ومنه الحديث : أتربوا الكتاب فإنه أنجح للحاجة. النهاية ١ / ١٨٤ ، ١٨٥.

(*) [ترز] : ومنه حديث الأنصاري الذي كان يستقي لليهود : كل دلو بتمرة واشترط أن لا يأخذ تمرة تارزة.

النهاية ١ / ١٨٦.

(١) صدره :

قليل التلاد غير قوس وأسهم

والبيت في ديوان الشماخ ص ٤٦.

١٣٣

هو المُحْكم العدل الذي لا يَحيف ، وقد تَرُصَ تَرَاصةً ، قال :

*فَشُدَّ يَدَيْكَ بالعَقْدِ التَّرِيصِ (١) *

تارّ في (لح). تَرِبَتْ يداك في (وس). تَركْتَه في (نف). تَرَائك في (شر).

التاء مع العين

[تعس] (*) : أبو هُريرة رضي الله عنه ـ تَعِسَ عَبْدُ الدّينارِ والدِّرْهم ، الذي إنْ أُعْطِي مَدَحَ وضَبَحَ ، وإنْ مُنِعَ قَبَّحَ وكلَحَ ، تَعِس فلا انْتَعَشَ ، وشِيكَ فلا انْتَقَش.

تَعِس تعساً فهو تَاعس : إذا انحطَّ وعثر ـ وقد روي تَعَس فهو تَعِس ، وليس بذاك.

ضَبَحَ : من ضُبَاح الثَّعْلب وهو صِياحُه. شبَّه صوتَه في مخاصمته دونه ومُجَادلته عنه بالضُّبَاح. وهذا كقولهم : فلان كلْبٌ ينبح ، ودِيك يَضْبَح.

قَبَّحَ ، أو قَبَح له وجْهَه ، بمعنى قَبَّحَه.

وكلَحَ : عبس. شِيك من قولهم : شاكه الشَّوْك ، إذا دخل في رِجْلِه.

والانتقاش : اسْتِخراجه.

وقام تِعَار في (صب).

التاء مع الغين

[تغب] : الزّهري رحمه الله ـ مضت السُّنَّة أنه لا يجوزُ شهادةُ خَصْم ، ولا ظَنِين ، ولا ذِي تَغْبَةٍ في دِينه.

هي الفساد ، وقد تَغِب تَغَباً فهو تَغِب ـ وروي : «ذي تَغِبَّة» ، وقيل : هي العَيْب والفَسَاد ، ولا تخلو من أن تكون «تَفْعِلة» ، من غَبَّبَ الذي هو مبالغة في معنى غبَّ الشيءُ :

إذا فسد وتغيّر ، أو من غبَّب في الحاجة إذا لم يُبَالغ فيها ، وفي ذلك فسادُها ، أو من غبَّبَ الذِّئْبُ الغنم : إذَا عَاثَ فيها وعضَّض أغبابها (٢).

التاء مع الفاء

[تفل] (*) : النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا تَمْنعُوا إمَاءَ الله مساجدَ الله ، وليخرجُنَّ إذا خرجن تَفِلات.

__________________

(١) البيت في لسان العرب (ترص) ، ويروى : «رشد يديك» بدل «فشد يديك».

(*) [تعس] : ومنه في حديث الإفك : تعس مسطح. النهاية ١ / ١٩٠.

(٢) الغبب الجلد الذي تحت العنق (لسان العرب : غبب).

(*) [تفل] : ومنه حديث علي : قم عن الشمس فإنها تتفل الريح. النهاية ١ / ١٩١.

١٣٤

التَّفَل : ألَّا يتطيَّب فيوجَد منه رائحةٌ كريهة ؛ من تَفَل الشيءَ من فيه : إذا رَمى به مُتَكرِّهاً. قال ذو الرُّمة :

*متى يحس منه ذائقُ القوم يَتْفَل (١) *

ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم : إذَا شَهِدتْ إحداكنّ العِشاء فلا تَمَسَّنَّ طِيباً.

قال رَافع بن خَدِيج رضي الله عنه في النَّصْل الذي في لَبَّتِهِ : إن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مَسَحَهُ بيده وتَفَل عليه فلم يَصْرِ وبقي في طِمّ غير أنه مُنْتَبر في رأْس الْحَوْل.

أي بَزق عليه.

لم يَصْرِ ؛ أي لم يجمع المِدَّة ، من صَرَى الماء.

الانْتبار : التورّم.

[تفه] (*) : ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ـ ذكر القرآنَ فقال : لا يَتْفَهُ ولا يَتَشَانّ.

هو من تَفِه الطعام ، إذا سَنِخ ، وتَفِه الطيب : إذا ذهبت رائحتُه بمرُور الأزمنة.

والتشانّ : الإخلاق ، من الشنِّ وهو الْجِلْد اليابس البالي ؛ أي هو حُلْو طيّب ، لا تذهب طَلاوته ، ولا يبلى رَوْنقه وطراوته بتَرْدِيد القراءة كالشعر وغيره.

ومنه قول عليّ عليه السلام : لا تَخْلَق بكَثْرَة الردّ.

ويجوز أن يكون من تَفِه الثوب ، إذا بلي. ولا يتشانّ تأْكيداً له ، ويجوز أن يكونَ من تَفِه الشيء : إذا قلَّ وحقر ؛ أي هو معظَّم في القلوب أبداً.

وقيل : معنى التشانّ الامتزاج بالباطل ، من الشُّنَانَة ، وهي اللّبن المَذيق (٢).

الرجل التّافه في (رب). تُنْفِلُ الرّيح في (جف). التّفَث في (عم).

التاء مع القاف

التَّقْدة في (جل).

التاء مع اللام

[تلو] (*) : النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ـ إن الملَك يَأتي العبدَ إذا وُضِع في

__________________

(١) صدره :

ومن جوف ماء عرمض الحول فوقه

والبيت في ديوان ذي الرمة ص ٥١٥.

(*) [تفه] : ومنه الحديث : كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه. النهاية ١ / ١٩٢.

(٢) المذيق : اللبن الممزوج بالماء.

(*) [تلو] : ومنه في حديث أبي حدرد : ما أصبحت أتليها ولا أقدر عليها. النهاية ١ / ١٩٥.

١٣٥

قَبْره ، فإن كان كافِراً أَوْ منافقاً قال له : ما تقولُ في هذا الرجل؟ يعني محمداً صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : فيقول : لا أَدْري ، سمعتُ الناس يقولون شيئاً فقلته ، فيقول : لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ.

أي ولا اتَّبَعْتَ الناسَ بأن تقول شيئاً يقولونه. ويجوز أن يكونَ من قولهم : تَلا فلان تِلْو غير عاقل ، إذا عمل عملَ الجهال ، أي لا علمتَ ولا جهلت ؛ يعني هلَكْت فخرجتَ من القبيلين.

وقيل : لا قرأت ، وقلب الواو ياء للازدواج. وقيل : الصواب أَتَليْتَ.

يَدْعُو عليه بألا يُتْلِيَ إبلَه ؛ وإتْلَاؤُها : أن يكون لها أولاد تَتْلُوها ، وقيل : هو ائتْلَيت افْتَعَلْت من لا آلُو كذا ، إذا لم تَسْتطعْه.

[تلع] (*) : عن عائشة رضي الله عنها ـ كان رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يبدو إلى هذه التِّلَاع ، وإنه أراد البِدَاوة مرة فأرسل إليَّ ناقةً مُحَرَّمَة.

التِّلَاع : مَسايل الماءِ من الأعالي إلى الأَسافل.

بَدَا بَدَاوة وبِدَاوة : خرج إلى الصَّحراءِ.

المحرَّمة : التي لم تذلّل ولم تُرْكب. ومنه أعرابي مُحرَّم : إذا لم يخالط أهل الحضر ، وسوط محرَّم : لم تتم دِبَاغته.

[تل] : بينا أنا نائم أُتِيت بمفاتِيح خَزائنِ الأَرْض فتُلّت في يَدي.

أي أُلْقِيت ووُضِعت ، والمعنى ما فتح اللهُ لأُمَّته من خزائنِ الملوك بَعْدَه.

ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم : إنه أُتي بشَرَاب فشرب منه ، وعن يَمينه غلام وعن يَسَاره الأَشْياخ ، فقال للغلام : أَتَأْذَنني أَنْ أُعْطِي هؤلاء؟ فقال : لا والله يا رسولَ اللهِ ، لا أُوثر بنصيبي منك أحداً ؛ فتلَّه في يده.

ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ـ أُتي بسَكْران فقال : تَلْتلُوه ومَزْمِزوه.

التَّلْتَلَة من قولهم : مَرَّ فلانٌ يُتَلْتِل فلاناً ، إذا عَنُفَ بسَوْقِه. وقيل : هي التخييس والتَّذليل.

والمَزْمَزَة : التَّحْريك.

وهذا كقوله : بُهِزَ بالأيدي (١) ، وقيل : معناه حَرّكوه حتى يوجدَ منه ريح ماذَا شَرِب.

__________________

(*) [تلع] : ومنه الحديث : فيجيء مطر لا يمنع منه ذَنَبٌ تَلْعَة. النهاية ١ / ١٩٤.

(١) البهز : الدفع.

١٣٦

[تلد] : قال في سورة بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء : هنَّ من العِتَاق الأوَل ، وهُنَّ من تِلَادي.

أي من قديم ما أَخَذْتُ من القرآن ، شبَّههُنَ بتِلاد المال. وتاؤُه بدل من واو. ومعناه ما ولد عندك.

ومنه حديث عائشة رضي الله عنها : إن أخاها عبد الرحمن مات فرأَتْه في منامها ، وإنها أَعتَقت عنه تِلاداً من أتلاده.

[تل] : أبو الدَّرداء رضي الله عنه ـ أين أنتَ من يومٍ ليس لك من الأَرض إلا عَرْضُ ذِراعين في طول أربع! أتْقَنوا عليك البنيانَ ، وتركوك لمَتَلِّك.

أي لمَصْرَعِك.

[تلان] : ابن عمر رضي الله عنهما ـ سأله رجل عن عُثْمان ، فقال : أنشُدُك الله تعالى! هل تعلم أنه فرَّ يومَ أُحُد ، وغاب عن بَدْر ، وعن بَيْعَةِ الرّضوان؟ فذكر عُذْره في ذلك كلّه ، ثم قال : اذهَبْ بِه تَلَان معك.

أراد الآن فخفَّفه بألَان وأسقط همزته وألقى حركتَها على اللام ، كما يقال : أَلْرض في الأرض ، وزاد في أوله تاء ، قال الشاعر :

نَوِّلِي قَبْلَ نَأْيٍ دَارِي جُمَانا

وَصِليَنا كما زَعَمتِ تَلَانَا (١)

وقد زادها على «حين» من قال :

العاطِفُونَ تَحِينَ ما مِن عَاطِفٍ

والمُسْبغون يَداً إذَا ما أَنعَمُوا (٢)

فتلَّها إليه في (خل). والتِّلْوة في (ثغ). تَلِيدة في (ول).

__________________

(١) البيت من الخفيف ، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص ١٩٦ ، ولسان العرب ١٣ / ٧٤ (تلَن) ، وبلا نسبة في الإنصاف ص ١١٠ ، وتذكرة النحاة ص ٧٣٥ ، والجنى الداني ص ٤٨٧ ، ورصف المباني ص ١٧٣ ، وسر صناعة الإعراب ص ١٦٦ ، ولسان العرب ١٣ / ٤٣ (أين) ، ١٣٤ (حين) ، والممتع في التصريف ١ / ٢٧٣.

(٢) البيت من الكامل ، وهو لأبي وجزة السعدي في الأزهية ص ٢٦٤ ، والإنصاف ١ / ١٠٨ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٧٥ ، ١٧٦ ، ١٧٨ ، ١٨٠ ، والدرر ٢ / ١١٥ ، ١١٦ ، ولسان العرب ٢ / ٨٧ (ليت) ، ٩ / ٢٥١ (عطف) ، ١٣ / ٤٣ (أين) ، ١٣٤ (حين) ، ١٥ / ٤٧٢ (ما) ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٤٨٧ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٨٣ ، والدرر ٢ / ١٢٢ ، ورصف المباني ص ١٦٣ ، ١٧٣ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٦٣ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٨٢ ، ومجالس ثعلب ١ / ٢٧٠ ، والممتع في التصريف ١ / ٢٧٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٦. ولعجز البيت روايات مختلفة منها : «والمطعمون زمان ما من مطعم» و «نعم الذرا في الغائبات لنا هم» «والمطعون زمان أين المطعم».

١٣٧

التاء مع الميم

[تمم] (*) : سليمان بن يَسار رضي الله عنه ـ الجَذَع التامُ التَّمَمُ يُجزِىءُ في الصَّدَقَةِ.

أراد بالتامّ : الذي اسْتَوْفَى الوقت الذي يسمَّى فيه جَذَعاً كلَّه وبلغ أن يُسمَّى ثَنِيًّا.

وبالتّمَم : التامّ الخَلْق. ومثله في الصفات خلق عَمَمٌ وبَطل وحسَن.

يُجْزِىءُ ؛ أي يَقْضي في الأضْحية.

[تمر] (*) : النخعي رحمه الله ـ لم يَرَ بالتّتْمِير بأْساً.

هو تَقْدِير اللَّحم. وقيل : هو أن تُقَطِّعَه صغاراً على قَدْر التَّمرِ فتجفّفه. والمراد الرُّخْصة للمُحْرِم في تزوّده قديدَ الوَحْش ؛ فأَوْقَع المصدرَ على المفعول ، كما يقال : الصيد بمعنى المصيد ، والخَلْق بمعنى المَخْلوق.

تَمَمتْ في (أص). فتتامَّت في (قح).

التاء مع النون

[تنور] : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ أَتاه رجُلٌ وعليه ثوب مُعَصْفَر ، فقال له : لو أَنَّ ثوبَك هذا كان في تَنُّورِ أَهْلِك ، أو تحتَ قِدْرِ أَهْلك ، لكان خيراً لك. فذهب الرجلُ فجعله في التنّور أو تحت القِدْرِ ، ثم غَدَا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ما فَعَل الثوبُ؟ فقال : صنعتُ ما أمرتَني به. فقال : ما كذا أَمَرْتك! أفلا ألقيتَه على بعض نسائك؟.

قال أبو حاتم : التَّنُّور ليس بعربي صحيح ، ولم تعْرِف له العرب اسماً غيره ، فلذلك جاء في التنزيل ؛ لأنهم خُوطبوا بما عَرفوا.

وقال أبو الفتح الهمْدَانيّ : كان الأصْلُ فيه نَوّور فاجتمع وَاوَان وضمّة وتشديد ، فاستثْقل ذلك فقلبوا عَيْنَ الفعل إلى فائِه فصار ونوّر ، فَأَبْدَلوا من الواو تاء ، كقولهم : تَوْلج في وَوْلج (١).

وذات التَّنَانِير. عَقَبَةٌ بحِذَاء زُبالة. أَراد : لو صرفتَ ثمنَه إلى دقيق تختبزه أَوْ حَطبٍ تطبخُ به [كان خيراً لك].

والمعنى : إنه كرِه [الثوب] المعَصْفَر للرِّجال.

__________________

(*) [تمم] : ومنه الحديث : أعوذ بكلمات الله التامات. ومنه حديث دعاء الأذان : اللهم رب هذه الدعوة التامة. وفي حديث عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم ليلة التمام. النهاية ١ / ١٩٧.

(*) [تمر] : ومنه في حديث سعد : أسدٌ في تامورته. النهاية ١ / ١٩٦.

(١) التولج : كناس الظبي أو الوحش الذي يلج فيه (لسان العرب : ولج).

١٣٨

[تنا] : عمر رضي الله عنه ـ مرَّ قومٌ من الأنصار بحيٍّ من العرب ، فسألوهم القِرَى فأبَوْا ، فسألوهم الشراء فأَبوا ؛ فتَضَبَّطُوهم فأصابوا منهم ، فأتوا عُمَر فذكروا ذلك له ؛ فهمّ بالأَعراب وقال : ابنُ السَّبِيل أَحَقّ بالماء من التَّانِئ عليه.

هو المُقِيم.

[تنوخ] : ابن سلَام رضي الله عنه ـ آمنَ ومن معه من يَهُود ، وتَنَخُوا في الإسلام.

أي أقاموا وثبتوا. ومنه تَنُوخ ؛ لأنها قبائل تحالفت فتَنَخت في مواضعها.

ورُوِي : «ونَتخوا». وفسِّر برسخوا. والأَصل في يهود ومجوس أن يُسْتعملا بغير لام التعريف ؛ لأنهما علمان خاصان لقومين كقبيلتين. قال :

فَرّتْ يَهُودُ وأَسْلَمتْ جِيرانَها

صَمِّي لِمَا فَعَلَتْ يَهُودُ صَمام (١)

وقال :

أَحارِ أُرِيك بَرْقاً هَبَّ وَهْناً

كَنارِ مَجُوسَ تَسْتَعِر اسْتِعَارَا (٢)

وإنما جوّز تعريفهما باللام لأنه أجرى يهودي ويهود ومجوسيّ ومجوس مجرى شعيرة وشعير وتَمْرة وتَمْر.

وتَنُوفة في (عب). تَنوُّمة في (أي).

التاء مع الواو

[تومة] (*) : النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ـ رأى على أسماء بنت يزيد سِوَارَيْن من ذَهب وخَوَاتيم من ذهب ، فقال : أَتَعْجِز إِحْدَاكُنَّ أَنْ تَتَّخِذَ حَلْقَتَيْن أو تُومَتَيْنِ من فِضّة ، ثم تُلَطِّخُهُمَا بعبيرٍ أَوْ وَرْس أَوْ زَعْفران؟.

التُّوَمة : حبَّة تُصَاغ على شكل الدُّرة ، وجمعها تَومٌ وتُوَم ، كصُور وصُوَر في جَمْع صُورَة.

العبير : أنواع من الطيب تخْلط ـ عن الأصمعيّ.

__________________

(١) البيت من الكامل ، وهو للأسود بن يعفر في ديوانه ص ٦١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٤٣٧ ، ولسان العرب ٣ / ٤٣٩ (هود) ١٢ / ٣٤٥ (صمم) ، ومجالس ثعلب ص ٥٨٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١١٢.

(٢) البيت من الوافر ، وصدره لامرىء القيس ، وعجزه للتوأم اليشكري في ديوان امرىء القيس ص ١٤٧ ، ولسان العرب ٦ / ٢١٣ (مجس) ، ولامرىء القيس في شرح شواهد الإيضاح ص ٤٣٨ ، والكتاب ٣ / ٢٥٤ ، وبلا نسبة في لسان العرب ٦ / ٢١٤ ، ٢١٥ (مجس) ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٦٠ ، والمقرب ٢ / ٨١.

(*) [توم] : ومنه حديث الكوثر : ورضراضُه التَّومُ. النهاية ١ / ٢٠٠.

١٣٩

[تو] (*) : الاسْتِجْمار توٌّ ، والطّواف توٌّ ، وإذا اسْتَجْمَر أَحدكم فلْيَسْتَجْمر بتوٍّ.

هو الوِتر ؛ سبع جمرات ، وسبعة أشواط ، ومنه قولهم : سافر سفراً توًّا ، إذا لم يعرِّجْ في طريقه على مكان. والتّوُّ : الْحَبْلُ المفتولُ طاقاً واحداً.

[تولة] (*) : ابن مسعود رضي الله عنه ـ إن التَّمَائم والرُّقَى والتِّوَلة من الشِّرْك.

التِّوَلة : ضَرْبٌ من السحر تُؤَخّذ بها المرأة زوجَها ، وتحبب إليه نفسها ، وهي من التُّولة والدُّولة ، وجاء فلان بتُولاته ودُولَاتِه.

ومنه الحديث : إن أبا جهل لمَّا رأى الدَّبْرَة (١) قال : إنَّ اللهَ قد أراد بقريش التُّوْلَة (٢).

والتاء مبدلة من دال ، كما قال سيبويه في تاء تَرَبُوت ، وهي النَّاقَةُ المُرْتَاضة : إنها بَدَل من دَال مدرّب (٣) ، واشْتِقَاقُ الدُّولة من تَدَاوُلِ الأيَّامِ ظَاهِرٌ.

تاج الوقار في (يم). التُّوَيتات في (حو). ورَضْراضه التُّوم في (حو).

التاء مع الهاء

[التهم] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ إنّ بِلَالاً أَذَّن بلَيْلٍ ، فأمره أن يرجعَ فينادي ألا إنّ الرجل تَهم ـ وروي تَهِنَ.

النون فيه بدَلٌ من ميم ، كما حكى البَنَام في بَنَان ، وجاء قَاتِن بمعنى قَاتِم في شعر الطِّرمَّاح:

كطَوْفِ مُتَلِّي حَجَّةٍ بينَ غَبْغَبٍ

وقُرَّة مُسْوَدٍّ مِن النَّسْك قَاتِن (٤)

والتّهَم : شِبْه سَدَر يُصيب من شدة الحرّ ورُكود الريح ، ومنه تِهَامة. والمعنى أَنه أَشْكل عليه وقت الأَذَان وتحيَّر فيه فكأَنه تَهِم ، ويجوز أن يشبّه فرطُ نُعَاسه بذلك ؛ فيكون المعنى مَلَكه النُّعاس ، فلم يتفطّن لمراعاة وَقْتِه.

__________________

(*) [تو] : ومنه حديث الشعبي : فما مضت تَوَةٌ حتى قام الأحنف من مجلسه. النهاية ١ / ٢٠١.

(*) [التولة] : ومنه في حديث ابن عباس : أفتنا في دابة ترعى الشجر وتشرب الماء في كرش لم تثغر؟ قال : تلك عندنا الفطيم ، والتولة ، والجذعة. النهاية ١ / ٢٠٠.

(١) الدبرة : العاقبة.

(٢) التولة : الداهية.

(٣) الناقة الدروب والدربوت : أي الذلول (لسان العرب : درب).

(*) [التهم] : ومنه الحديث : جاء رجل به وضحٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : أنظر بطن وادٍ لا منجدٍ ولا مُتْهمٍ فتمعك فيه ، ففعل ، فلم يزد الوضح حتى مات. النهاية ١ / ٢٠١.

(٤) البيت في لسان العرب (قتن).

١٤٠