الفائق في غريب الحديث - ج ١

جار الله محمود بن عمر الزمخشري

الفائق في غريب الحديث - ج ١

المؤلف:

جار الله محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٥

ثم دخل رجل من الموالي من أشدّ الناس في ذلك الزمان ، فقال له : هل كان وراءَك من غيث؟ قال : نعم ، أصلح الله الأمير ، غير أني لا أحسن أن أقولَ كما قال هؤلاء ، إلا أنه أصابتني سحابةٌ فلم أَزَل في ماءٍ وطينٍ حتى دخلت على الأَمير. فضحك الحجّاج ثم قال : والله لئن كنتَ من أَقصرهم خطبة في المطر إنك لمن أطولهم خُطوةً بالسيف.

التبشير : واحد التباشير ؛ وهي الأَوائل والمبادىء. ومنه تباشير الصُّبْح ، وهو في الأَصل مصدر بَشّر ؛ لأن طلوع فاتحة الشيء كالبِشارة به ، ومثله التعشيب والتنبيت.

لُحْمة لِلْكِبار ؛ أراد أنَّ الْقَطْرَ قد انْتَسَج لفرط تَتَابُعه ، فشبّه الكبار بسدَى النسيج والصغار بلُحْمته.

السَّبْط : الممتد المنبسط ، وقد سَبِط وسَبُط.

النَّادِح : الواسع ، من نَدَح يَنْدَح إذا وسَّعه ، وهو من باب العيشة الراضية ، والماء الدافق ، ومنه المندوحة وهي السّعة ، مصدر من نَدَح كالمكذوبة والمصدوقة.

الدِّمَاث : السهول ، جمع مكانٍ دَمْث أو أرض دَمِثة.

العَزاز : الأرض الصلبة.

دُحِّضَت التِّلَاع : صيرتها مَداحض : أي مَزَالق.

الإخَاذ : المصانع (١).

أُفْعِمت : مُلئت.

الرِّيادة : مُخْرجَة على زنة الخياطة والقِصارة ؛ لأنها صناعة.

الكِظَّة : الامتلاء المفرط من طعام أو شراب ؛ من اكتظَّ الوادي إذا غَصّ بالماء.

قلبت جيم «تجتر» شيناً لتقاربهما.

قيل في «تَشَكّى النساء» وجه آخر ؛ وهو اتِّخاذهنّ شِكاءَ اللَّبن ، جمع شَكْوة ، وهي القِرْبة الصغيرة يقال : شَكَّى الراعي وتَشَكَّى ، قال :

وحَتَّى رَأَيْتُ العَنْزَ تَشْرَى وشَكَّتِ الْ

أيَامَى وأَضْحَى الرِّثْم بالدَّوِّ طَاوِيا (٢)

الجنة : عامة الشجر التي تتربّل (٣) في الصَّيف.

السَّنَة : القَحْط ، أراد بطول الخطوة التقدم إلى الأَقران ، من قول ابن حطان :

إذا قصُرت أسيافُنا كَانَ وَصْلُها

خُطَانا إلى أَعْدَائنا فنُضَاربِ (٤)

__________________

(١) المصانع : مواضع يجتمع فيها الماء.

(٢) البيت بلا نسبة في لسان العرب (شكا).

(٣) الربل : ضرب من الشجر ، وتربل الشجر : أخرجه.

(٤) البيت من الطويل ، وهو لقيس بن الخطيم في ديوانه ص ٨٨ ، وخزانة الأدب ٧ / ٢٥ ، ٢٧ ، وشرح أبيات ـ

١٠١

وأَبْشَره في (قر). فبَشَكَهُ في (طر). والبَشامَ في (ظر). بِشَقّ في (غث).

الباء مع الصاد

[البصر] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن ابن طَرِيف : كنتُ شاهداً النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو محَاصِرٌ أهلَ الطائفِ ، فكان يصلّي بنا صلاة البَصَر ، حتى لو أن إنساناً رمي بنَبْلةٍ أبصر مواقع نَبْله.

البَصَر ، بمعنى الإِبصار ، يقال : بَصُر به بَصَراً. وقيل لصلاة الفجر أو المغرب على خلافٍ فيها : صلاة البَصر ؛ لأنها تُصَلَّى في وقت إبصار العيون للأشخاص بعد حيلولة الظلمةِ أو قبلها.

ذكر قوماً يؤمُّون البيتَ ورجل متعوِّذ بالبيت قد لجأَ به من قُرَيْش ، فإذا كانوا بالبَيْداءِ خُسِف بهم. فقيل : يا رسول الله ؛ أَلَيْس الطريقُ يجمعُ التاجر وابنَ السبيل والمُسْتَبْصِر والمَجْبُور؟ قال : يهلِكُونَ مهلكاً وَاحِداً ، ويَصْدرون مَصَادِر شتَّى.

المستبصر : ذُو البصيرة في دِينه.

المجبور : المجْبَر على الخُروج ، يقال : جَبره على الأمر وأَجبره ؛ ومعناه أن قوماً يقصدون بيت الله ليُلْحِدوا في الحرم فيَخسف بهم الله. فقيل له : إن تلك الرفقة قد تَجمَع مَنْ ليس قصدُه قصدَهم. فقال : يهلكون جميعاً ، ثم يَذْهَبُون مذاهبَ شتَّى في الجزاء.

ابن مسعود رضي الله عنه ـ بين كل سَمَاءين مَسيرةُ خمسمائة عام ، وبُصْرُ كلِّ سماء مسيرةُ خمسمائة عام.

البُصْر : غِلظ الشيء ، يقال : ثوب ذو بُصْر ؛ إذا كان غليظاً وَثيجاً (١). ومنه البَصْرة والبِصْر لنوع من الحجارة.

ويجوز أن يُرَاد بالمسيرة المسافة التي يُسارُ فيها كما قيل : المَتِيهة (٢) والمزلّة. ويجوز

__________________

ـ سيبويه ٢ / ١٣٧ ، وشرح المفصل ٧ / ٤٧ ، والشعر والشعراء ص ٣٢٧ ، والكتاب ٣ / ٦١ ، وهو برواية (نضاربُ) بدل (فنضاربِ) للأخنس بن شهاب في خزانة الأدب ٥ / ٢٨ ، وشرح اختيارات المفضل ص ٩٣٧ ، وهو لكعب بن مالك في فصل المقال ص ٤٤٢ ، وليس في ديوانه ، ولسهم بن مرة في الحماسة الشجرية ١ / ١٨٦ ، ولعمران بن حطان في شعر الخوارج ص ٤٦ ، وبلا نسبة في شرح المفصل ٤ / ٩٧ ، والمقتضب ٢ / ٥٧.

(*) [البصر] : ومنه في حديث أم معبد : فأرسلت إليه شاة فرأى فيها بُصْرة من لبن. ومنه الحديث : بَصُر عيني وسمع أُذني. وفي حديث الخوارج : وينظر في النصل فلا يرى بصيرة. وفي حديث عثمان : ولتختلفن على بصيرة. ومنه الحديث : بُصْرُ جلد الكافر في النار أربعون ذراعاً. النهاية ١ / ١٣١ ، ١٣٢.

(١) الوثيج : الكثيف.

(٢) أرض متيهة : مضلة.

١٠٢

أن يكون مصدراً بمعنى السَّيْر كالمَعيشة والمَعيش ، والمَعْجِزَة والمَعْجِز.

[بصص] : كعب رضي الله عنه ـ تُمْسَكُ النَّارُ يومَ القيامة حتَّى تَبِصَ كأنها مَتْنُ إهالة ، فإذا اسْتَوَتْ عليها أقدامُ الخلائق نادى منادٍ : أَمْسِكي أصحابَكِ ودَعي أصحابي فتَخْنُسُ بهم ـ وروي : فتَخْسِف بهم ، فيَخْرُج منها المؤمنون نَدِيَّة ثيابُهُم.

البصيص : البريق.

الإِهَالة : الودك.

خَنس به يخنُس ويخنِس : إذا أخَّرَهُ وغيَّبه.

بَصِير وأعْمَى في (سف). ما هذه البَصْرَة في (كذ). بُصْرَه في (بر). وبصرها في (فر). أصحّ بصرٍ في (خس).

الباء مع الضاد

[البضع] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ لمّا تزوَّج خديجة بنت خُوَيلِد دخل عليها عمرو بن أُسَيْد ، فلما رأى النبي عليه السلام قال : هذا البُضْع لا يُقْرَعُ أنفه ـ وروي : لا يُقْدع.

وروي : أنه لما خَطَبَ خديجة اسْتَأْذَنَتْ أباها وهو ثَمِل فقال : هو الفَحْل لا يُقْرَع أَنْفُه ؛ فَنحَرَتْ بعيراً ، وخَلَّقَت أباها بالعَبِير. وكسَتْهُ بُرْداً أَحْمَر ؛ فلما صَحَا من سُكْرِه قال : ما هذا الحَبِير؟ وهذا العَقِير؟ وهذا العَبِير؟.

البُضْع : مصدر بَضع المرأةَ إذا جامَعها ، ومثله فيما حكاه سيبويه : قَرَعَها قُرْعاً ، وذَقَطها ذُقْطاً (١) ؛ وفعْل في المصادر غيرُ غريب ؛ منه الشُّغل والسُّكر والكُفْر وأخوات لها. ويقال لعقد النكاح : بُضْع أيضاً ، كما استعمل النكاح في المعنيين. وأرادها هنا صاحب البُضْع فحذف.

قَرْعُ الأنف : عبارة عن الردّ ، وأصله في الفحل الهجين إذا أراد أن يَضْرب في كرائم الإبل قُرِع أَنفه بالعَصَا [ليرتدّ عنها].

والقَدْع : قريب من القَرْع ، قالت لَيْلَى الأَخْيَلِيَّة :

__________________

(*) [البضع] : ومنه الحديث : تُستأمر النساء في أبضاعهن. ومنه حديث عائشة : وله حصّصني ربي من كل بُضْع. ومنه الحديث : وبُضْعة أهله صدقة. ومنه الحديث : عتق بضعك فاختاري. وفي الحديث : فاطمة بضعة مني. ومنه : أنه سئل عن بئر بضاعة. النهاية ١ / ١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٣٤.

(١) ذقط الطائر أنثاه : سفدها (لسان العرب : ذقط).

١٠٣

ولم يقْدع الخصم الألدّ ويملأ الْ

جِفان سديفاً (١) يوم نكباء صرصر (٢)

أراد بالحَبير : البُرْد الذي كَسَتْه ، وبالعَبير : الذي خلَّقَتْه به. وبالعَقِير : البعير المَنْحُور.

عمر رضي الله عنه ـ كان لرجلٍ حقٌّ على أم سَلمة ، فأَقْسَمَ عليها أن تعطيَه ، فضربه أَدَباً له ثلاثين سَوْطاً كلّها يَبْضَع ويَحْدُر ـ وروي : يُحْدِر.

أي يشقُّ الجِلْد ، ومنه المِبْضع ، ويُوَرِّم ، يقال : أحْدَرَه الضَّرْب وحَدَرَه حَدْراً. وحدَر الجلدُ بنفسه حُدُوراً. قال عمر بن أبي ربيعة :

لو دَبَّ ذَرٌّ فَوْقَ ضَاحِي جِلْدِها

لأَبَانَ مِنْ آثارِهِنّ حُدُورَا

وقيل : يُحْدِر الدم ؛ أي يسيله.

[البضيض] (*) : النّخَعيّ رحمه الله تعالى ـ يقال : إن الشيطان يجزي في الإحليل ، ويَبِضّ في الدُّبر ، فإذا أحسّ أحدُكم من ذلك شيئاً فلا ينصرف حتى يسمعَ صوتاً أَوْ يجد رِيحاً.

البَضِيض : سيَلان قليل ، شِبْه الرَّشْح ؛ والمعنى أنه يدب فيه فيخيّل إليك أنه بَضيض بَلل.

[البض] : الحسن رحمه الله تعالى ـ ما تَشاء أن ترى أحدَهم أَبْيَض بَضّاً يَمْلَخُ في الباطل مَلْخاً ، يَنْفُض مِذْرَوَيْهِ ، ويضرب أَسْدَرَيْه ، يقول : هأنذا فاعْرِفوني! قد عرفناك فمقتك الله ، ومقتك الصالحون.

البضّ : الرقيقُ البَشرَة الرَّخْص الجسد.

المَلْخ : الإسراع والمرّ السهل ، يقال : بَكْرة ملوخ ، وقال رُؤْبة :

*مُعْتَزِمُ التَّجْلِيخ مَلَّاخُ المَلَق (٣) *

أي سريع في الملَق ، وهو ما استوى من الأرض.

المِذْرَوان : فرعا الأليتين ، وإنما لم يقل : مِذْرَيان كقولهم : مذريان في تثنية مذرى الطعام ؛ لأنَّ الكلمة مبنية على حرف التثنية ، كما لم تقلب ياءُ النهاية ، وواو الشقاوة همزة لبنائهما على حَرْف التأنيث.

__________________

(١) السديف : السنام.

(٢) ترثي توبة بن الحمير.

(*) [البضيض][البض] : ومنه في حديث طهفة : ما تبضُّ ببلال. ومنه حديث تبوك : والعين تبضُّ بشيء من ماء. ومنه حديث خزيمة : وبضَّت الحلمة. النهاية ١ / ١٣٢.

(٣) يصف الحمار ، ورواية لسان العرب : مقتدر التجليخ.

١٠٤

الأَسْدَران : العِطْفَان ، أي يضرب بيديه عليهما. عن ابن الأعرابي : وهو مثل للفَارغ ، ونَفْض المِذْرَوَين للمختال.

قد عرَفْنَاك : يسمى التفاتاً ، وله في علم البيان مَوقع لطيف.

وتبضع طيبها في (كي). ما تبضّ ببلال في (صب). يبضّ ماءً أصفر في (ند). من كل بضع في (سح). أن يستبضع في (نظ).

الباء مع الطاء

[بطن] (*) : النبيّ صلى الله عليه وسلم ـ رأيت عيسى ابن مريم عليه السلام ، فإذا رجل أبيض مُبَطَّن مثل السَّيف.

هو الضامر البطن.

[بطاقة] (*) : ابن عمرو رضي الله تعالى عنهما ـ يُؤْتَى برَجُل يوم القيامة ، وتُخْرَج له بطاقة فيها شهادةُ أن لا إله إلا الله ، وتخرج له تسعة وتسعون سِجِلًّا فيها خطاياه فترجَح بها.

قال ابن الأعرابيّ : البِطاقة : الورَقة ـ وروي «نطاقة» بالنون. وقال شمر : هي كلمةٌ مبتذَلة بمصر وما وَالاهَا ، يدعون بها الرُّقعة الصغيرة المنوطةَ بالثوب التي فيها رَقْم ثمنه ؛ لأنها تُشَد بطاقة من هُدْبه ، وقيل لها : النِّطاقة ؛ لأنها تَنْطِق بما هو مرقوم عليها.

[البطة] : ابن عبد العزيز رحمه الله تعالى ـ قال رَجاء بن حَيْوَة : كنت معه فضُعف السراج فقلت : أقوم فأُصلحه ، فقال : إنه لَلُؤْم بالرجل أَن يستخدمَ ضيفَه ، فقام فأخذ البطَّة فزاد في دُهْن السراج ثم رجع فقال : قمت وأنا عمر بن عبد العزيز ورجعتُ وأنا عمرُ بن عبد العزيز!.

البطَّة : الدَّبَّةُ بلغة أَهل مكة ، وقيل : هي إناء كالقَارُورة ، وكأَنها سُمِّيَتْ بذلك لأنها على شكل الطائر المعروف.

[بطن] : النّخعيّ رحمه الله تعالى ـ كان يُبَطِّنُ لِحْيَته ويأخذ من جوانبها.

أي يأْخذُ شعرها من تحت الذَّقَن والحَنَك.

أبطحوا في (رف). وبطْن في (ظه). والبطحاء في (جد). بطيحاء في (كم).

__________________

(*) [بطن] : ومنه الحديث ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطائتان. وفق حديث الاستتسقاء : وجاء أهل البطانة يضجون. وفي صفة القرآن : لكل آة منها ظهر وبطن. ومنه : المبطون شهيد. ومنه الحديث : أن امرأة ماتت في بطن. وفي صفة علي : البطين الأنزع. وفي حديث سليمان ابن صرد : الشوط بطين. النهاية ١ / ١٣٦ ، ١٣٧.

(*) [بطاقة] : ومنه حديث ابن عباس قال لا مرأة سألته عن مسألة : اكتبيها في بطاقة. النهاية ١ / ١٣٦.

١٠٥

ذو البُطَيْن في (جب). بطاقة في (كه). ليستبطنها في (غل). أبا البطحاء في (قح). إنّ الشَّوْط بَطِين في (رح). بِبِطْنَتِك في (غض). الأباطيل في (دح). البطريق في (رس). ما بّطأ بهم في (ثب).

الباء مع الظاء

[بظارة] (*) : عليّ عليه السلام ـ أتِي في فريضة ، وعنده شريح فقال له : ما تقول أنت أيّها العَبْدُ الأَبْظَر؟.

هو الذي في شَفته العليا بُظَارة ، وهي هَنَة نَاتئة في وَسَطها لا تكون لكلِّ أحد.

ويقال لحلمة ضَرْع الشاة : بُظارة أيضاً ، وقيل : الأبظر الصخَّاب الطويل اللسان ؛ وجعله عبداً ؛ لأنه وقع عليه سِبَاء في الجاهلية.

بظيت في (زر).

الباء مع العين

[البعل] (*) : النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ما سُقي منها بَعْلاً ففيه العُشْر.

البَعْل : النَّخل النابت في أرض تقربُ مادةُ مائها ، فهو يَجْتَزىء بذلك عن المطر والسَّقي ؛ وإياه أراد النابغة في قوله :

مِن الوَارِدَات الماءَ بالْقَاعِ تَسْتَقِي

بأَذْنَابِهَا قَبْلَ اسْتِقَاء الْحَنَاجِرِ (١)

وإنما سمي بَعْلاً لأنّه باجتِزائِه كَلٌّ على مَنابته ومَرَاسِخ عروقه ، من قولهم : أصبح فلان بَعْلاً على أَهْله ؛ إذا صار كَلًّا وعِيَالاً عليهم.

ومنه حديثه : إن رجلاً أتاه فقال : يا رسول الله ؛ أُبايعك على الجهاد ، فقال : هل لك من بَعْل؟ قال : نعم ، قال : انطلق فجاهِدْ فيه ، فإنَّ لك فيه مُجَاهَداً حسناً.

قيل معناه : هل لك من يَلْزمك طاعته من أبٍ وأم ونحوهما؟ من قولهم : هو بَعْل الدار

__________________

(*) [بظارة][بظر] : ومنه في حديث الحديبية : امْصُص ببظر اللّات. ومنه الحديث : يا بن مقطعة البظور.

النهاية ١ / ١٣٨.

(*) [البعل] : ومنه حديث أسماء الأشهلية : إذا أحسنتن تَبَعُّل أزواجكن. وفي حديث الإيمان : وأن تلد الأمة بعلها. ومنه حديث ابن عباس : أنه مر برجلين يختصمان في ناقة وأحدهما يقول أنا والله بعلها.

ومنه حديث أكيدر : وإن لنا الضاحية من البعل. وفي حديث الشورى : قال عمر : قوموا فتشاوروا فمن بعل عليكم أمركم فاقتلوه. النهاية ١ / ١٤١ ، ١٤٢.

(١) البيت في ديوان النابغة ص ٤٦.

١٠٦

والدابَّة ، أي مالكهما. ومنه بَعْل المرأة. ويجوز أن يكون مخفَّفاً عن بَعِل ، وهو العاجز الذي لا يهتدي لأمره من بَعِل بالأمر (١) ، وامرأة بَعِلة : بَلْهاء لا تُحْسن اللّبس ولا إصلاح شَأْن النَّفْس.

بَعْلاً ، نصب على الحال ، والمعنى ما سقاه الله بَعْلاً.

[الانبعاق] : تكلَّم لديه رجل فقال له : كم دون لسانك من حجاب؟ فقال : شفتاي وأَسناني. قال : إن الله يكره الانْبِعَاقَ في الكلام.

هو الإِكثار والاتّساع فيه ، من انبعث المطر ؛ وهو أن يَسيل بكثرةٍ وشدَّةٍ.

[بعال] : ذكر أَيَّام التَّشْرِيقِ فقال : إنها أيام أَكْل وشُرب وبِعَال.

هو المُبَاعلة ، وهي ملاعبة الرجل أهلَه ، قال الحطيئة :

وكَمْ مِنْ حَصان ذَاتِ بَعْلٍ تَرَكْتَها

إذا الليل أَدْجَى لم تَجِدْ من تُبَاعِلُه (٢)

[البعولة] : ابن مسعود رضي الله عنه ـ ما مُصَلًّى لامرأة أَفضل من أشدّ مكان في بيتها ظُلْمة ، إلا امرأة قد يَئِسَتْ من البُعولة فهي في مَنْقَلَيْها.

هي جمع بَعْل ، والتاء لتأنيث الجمع ، كالسهولة والحُزُونة ، ويجوز أن يكون مصدراً ، يقال : بَعّلتِ المرأة بُعولة ، أي صارت ذات بَعْل.

المَنْقَل : الخُفّ ، قال الكميت :

وكَانَ الأَبَاطِحُ مِثْل الإِرِنْ

وشُبِّهَ بالْحِفْوَةِ المَنْقَل (٣)

أي هي لَابِسة خُفَّيها لخروجها من البيت ، وتردّدها في الحوائج ، والمعنى كراهة الصلاةِ في المسجد للشوابّ والترخيص فيها لِلعجائز.

لامرأة : في موضع الرفع صفة لمصلًّى.

وأفضل إمّا أَنْ يُنْصب على لغة أَهْل الحجاز ، أو يرفع على لغة بني تميم.

[البعق] : حُذيفة رضي الله عنه ـ قال : ما بقي من المنافقين إلا أربعة ، فقال رجل : فأَيْنَ الذين يُبَعِّقُونَ لِقَاحَنا ، ويَنْقُبُونَ بيوتنا؟ فقال : أولئك هم الفاسقونَ ـ مرّتين.

بعَق الناقة : نَحَرها ، وبعَّق للتكثير.

وفي كلام الضّبيّ ـ كانت قبْلنا ذئبة مُجْرِيَةٌ (٤) ، فأقبلت هي وعِرْسُها ليلاً ، فبَعَقَتَا غَنَمنا.

__________________

(١) بعل بالأمر بعلاً ، فهو بعل : برم فلم يدرِ كيف يصنع.

(٢) البيت في ديوان الحطيئة ص ٣٨.

(٣) البيت في لسان العرب (نقل).

(٤) المجرية : ذات الجرو.

١٠٧

أي شقّتا بطونها ، أو المراد اللصوص الذين يُغيرون على أهل الحيّ فيستاقونها ، ثم يَنْحرونها ويأكلونها.

[بعثة] (*) : إن للفتنة بَعَثَاتٍ ووَقَفَاتٍ ، فمن استطاع أنْ يموتَ في وقَفَاتِها فليَفْعَل.

جمع بَعْثَة ، وهي المرّة من البَعْث ؛ أي إثارات وتهيجات.

[البعثط] : معاوية رضي الله عنه ـ قيل له : أخبرنا عن نفسك في قريش؟ فقال : أنا ابن بُعْثُطِها والله ما سُوبقت إلّا سبَقْت ، ولا خُضْتُ برِجْلٍ غَمْرَةً (١) إلا قطعتُها عَرْضاً.

البُعْثط : سرّة الوادي ، أراد أنه من صميم قريش وواسِطتها. وخوض الغَمْر عَرْضاً أمر شاقّ لا يَقْوَى عليه إلا الكامل القوة ، يقال : إن الأسد يفعل ذلك. والذي عليه العادة اتّباعُ الجِرْية حتى يقع الخروج ببعدٍ من موضع الدخول ، وهذا تمثيلٌ لإِقحامهِ نفسَه فيما يعجز عنه غيرُه ، وخوضه في مستصعبات الأمور وتفصّيه منها ظافراً بمبَاغِيه.

[بعلياً] : عُرْوَة رضي الله عنه ـ قال : قتِل في بني عمرو بن عَوْفٍ قتيلٌ ، فجعل عَقْله على بني عمرو بن عوف ؛ فما زال وارثه ، وهو عمير بن فلان ، بَعْليًّا حتى مات.

هو منسوب إلى البَعْل من النَّخل ، وقد سبق تفسيره ، والمراد ما زال غنياً ذا نخْل كثير ، ويجوز أن يكونَ بمعنى البَعْل وهو المالك ، من قولهم : هو بَعْلُ هذه الناقة ، والياء ملحقة للمبالغة مثلها في أحمري ودَوَّارِي ؛ أي كثير الأملاك والقِنْية (٢). وقيل : يشبه أن يكون بعَلياءَ من قول العرب في أمثالها : ما زال منها بعَليَاء ، يُضْرَب لمن يفعل فَعلَة تُكْسِبه شرفاً ومجداً ، ومثله قولهم : ما زال بعدها ينظر في خير.

والعَلْيَاء : اسم للمكان المرتفع كالنّجد واليَفَاع ، وليست بتأنيث الأعلى ؛ الدليل عليه انْقِلاب الواو فيها ياء ، ولو كانت صفةً لقيل : العَلوَاء ، كما قيل : العَشْواء ، والقَنْواء والخَذْوَاء ، في تأنيث أَفْعلها ، ولأنها استعملت منكّرة ، وأَفعل التفضيل ومؤنثه ليسا كذلك.

فبعَّها في (كر). يوم بُعاث في (قي). تبعّل أزواجكنّ في (قصّ). ولا باعُوثاً في (قل). بعجَت له في (حَنّ). اغدوا المبعث في (غد). بَعَج الأرض في (زف). بَعِل بالأمر في (هط). وبعيثك في (دح). من البعل في (ضح). بُعْد ما بين السماء والأرض في (رف). بَعْلِي رسولها في (سح).

__________________

(*) [بعث] : ومنه حديث عائشة : فبعثت البعير فإذا العقد تحته. ومنه الحديث : أتاني الليلة آيتان فابتعثاني. وفي حديث القيامة : يا آدم ابعث بعث النار. ومنه حديث ابن زمعة : إذا انبعث أشقاها. النهاية ١ / ١٣٨ ، ١٣٩.

(١) الغمرة : الماء الكثير ، ضربه مثلاً لقوة رأيه عند الشدائد.

(٢) القنية ، بالكسر : ما اقتنى من شاة أو ناقة.

١٠٨

الباء مع الغين

[بغش] : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ كانوا معه في سفَر ، فأصابهم بُغَيْش فنادى مُنَادِيه : من شاءَ أن يُصَلّيَ في رَحْله فلْيَفْعَل.

تصغير بَغْش ، وهو المَطر الخفيف ، وقد بغشت السماء الأرض تبغَشها. قال رؤبة :

*سيداً كَسِيدِ الرَّدْهَة المبغوشِ (١) *

[بغاء] (*) : أبو بكر الصديق رضي الله عنه ـ خرج في بُغَاء إبلٍ ، فدخل عند الظَّهيرة على امرأة يقال لها حَبّة ، فسقته ضَيْحَةً حَامِضَةً.

أخرج بُغَاء الشيء على زِنَة الأَدْواءِ كالعُطَاس والنُّحَاز (٢) تشبيهاً لشغل قلب الطالب بالدَّاء ، وبِغَاء المرأة على زِنَةِ العيوب كالشِّرَاد والحِران ؛ لأنه عيبٌ فاحش.

الضَّيحة : من الضَّيح ، وهو اللَّبن المرقَّق ، كالشحمة من الشحم ، والشّهدة من الشّهد ، وهي الشيءُ اليسير منه.

[بغثر] : أبو هريرة رضي الله عنه ـ إذ رأيتُك يا رسولَ الله قرَّت عيني ، وإذا لم أَرَك تَبَغْثَرَتْ نَفْسي.

التَّبَغْثُر : خَبَث النفس من غَثَيان وسوء ظنّ وغير ذلك ، والمراد هاهنا خُبْثُها للوَحْشة بفقد المشاهدة.

باغٍ وهادٍ في (كر). بُغْياناً في (ان). بغَوْتها في (صح). ابْغِني في (غف). [لا] ينبغي له أن ينام في (قس). باغوثاً في (قل). البَغَايا في (أب). أبْغِيها الطّعام في (دي).

الباء مع القاف

[بقي] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ تَبَقّهْ وتَوَقّهْ.

__________________

(١) أوله :

أعدو لهبش المغنم المبغوش

وفي لسان العرب «المهبوش» بدل «المبغوش» ويروى أيضاً «أغدو» بالغين المعجمة بدل «أعدو» بالعين المهملة.

(*) [بغاء] : ومنه الحديث : ابغني أحجاراً أستطب بها. ومنه حديث سراقة والهجرة : انطلقوا بغياناً. ومنه الحديث : امرأة بغيٌّ دخلت الجنة في كلب. النهاية ١ / ١٤٣ ، ١٤٤.

(٢) النحاز : داء للإبل يصيبها في رئتها تسعل به شديداً.

(*) [بقي] : ومنه حديث ابن عباس وصلاة الليل : فبقيت كيف يصلي النبي صلى الله عليه وسلم. وفي حديث النجاشي والهجرة : وكان أبقى الرجلين فينا. النهاية ١ / ١٤٧.

١٠٩

التبقّي : بمعنى الاستبقاء ، كالتقصّي بمعنى الاستقصاء ، وفي أمثالهم : لا ينفعْك من زَادٍ تُبقّى. وقال ذو الرّمة :

*وأَدرَك المُتَبَقّي من ثَمِيلَتِه (١) *

والمعنى الأَمْرُ باستقباء النفس ، وألا يُلْقى بها إلى التّهلُكة ، والتحرّز من المَتَالف ، والهاءُ ملحقةٌ للسكت.

[بقر] (*) : نهى عن التَّبَقُّر في الأَهْلِ والمال.

التبقّر : تفعّل ، من بقَر بطنه ؛ إذا شقّه وفتحه ، فوُضِع موضع التفرّق والتبدّد.

والمعنى النّهي عن أن يكونَ في أَهْل الرجل ومالِه تفرّق في بلادٍ شتّى ؛ فيؤدّي ذلك إلى توزّع قلبه. وهذا التفسير معنى قول ابن مسعود رضي الله عنه : فكيف بمالٍ بِرَاذَان ومالٍ بكذا؟.

[بقع] (*) : قال أبو مُوَيْهِبة رضي الله عنه : طرقَني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أبا مُوَيْهِبةَ ؛ إني قد أُمِرْتُ أن أستغفرَ الله لأهلِ البقيع ؛ فانطلقتُ معه ، فلما تَفَوَّهَ البَقِيع قال : السلام عليكم. في كلام ذكره.

المراد بَقِيع الغَرْقَد : مقبرة بالمدينة.

تَفَوَّهَ ، أي دخل فُوّهته ، وهي مَدْخله ، يقال : تفوَّهت الزّقاق والسِّكة.

[بقر] : أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ـ قال أبو موسى الأشعري حين أقبلت الفِتنة بعد مَقْتَلِه : إنَّ هذه الفتنةَ بَاقِرَةٌ كداءِ البَطن ، لا يُدْرَى أيْنَ يُؤْتى له!.

أي صادِعة للأُلفة شاقَّةٌ للعصا ، وشبَّهها في تعذّر تلافيها والحيلةِ في كشفها بداءِ البطن الذي أعضل وأَعيت مُدَاوَاته.

[التبقط] (*) : أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ـ حمل على عَسْكَرِ المشركين فما زالوا يُبَقِّطُون.

__________________

(١) عجزه :

ومن ثمائلها واستثنى ، الغرب

والبيت في ديوان ذي الرمة ص ١١.

(*) [بقر] : ومنه في حديث أبي موسى : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيأتي على الناس فتنة باقرة تدع الحليم حيران. وفي حديث حذيفة : فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا. ومنه حديث الإفك : فبقرت لها الحديث. وفي حديث هدهد سليمان عليه السلام : فبقر الأرض. وفي كتاب الصدقة لأهل اليمن : في ثلاثين باقورة بقرة. النهاية ١ / ١٤٤ ، ١٤٥.

(*) [بقع] : ومنه الحديث : أنه أمر بقتل خمس من الدواب ، وعد منها الغراب الأبقع. وفي حديث أبي هريرة : أنه رأى رجلاً مُبقع الرجلين وقد توضأ. ومنه الحديث : ففاتحته فإذا هو باقعة. النهاية ١ / ١٤٥ ، ١٤٦.

(*) [بقط] : ومنه في حديث عائشة : ما اختلفوا في بقطة. النهاية ١ / ١٤٥.

١١٠

التبقيط : الإسراع في المشي والكلام. ويقال : بقَّط في الجبل وبَرْقَط : أسرع في صعوده ، والمعنى تَعَادَوْا إلى الجِبالِ مُنْهزمين.

[بقى] : معاذ رضي الله عنه ـ بَقَيْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ ليلة في صلاة العشاء ، حتى ظننّا أنه قد صلّى ونام ، ثم خرج إلينا فذكر فَضْل تأخيرِ صلاةِ العشاء.

أي انتظرْنا ، والاسم منه البَقْوَى ، قلبت الياء فيها واواً. وكذلك كلّ «فَعْلَى» إذا كانت اسماً كالتَّقْوى والرَّعْوى والشَّرْوى ، وإذا كانت صفة لم تقلب يَاؤُها كقولهم : امرأة صَدْياً وخَزْياً. قال:

فهُنَّ يَعْلُكْن حَدَائدَاتهَا

جُنْحُ النَّوَاصي نَحْوَ أَلْوِيَاتِهَا

*كالطَّيْرِ تَبْقِي مُتَدَاوِماتِهَا (١)

 [بقع] : أبو هريرة رضي الله عنه ـ يُوشك أن يُسْتَعمل عليكم بُقْعَانُ أهل الشام.

أَراد خُبَثاؤهم ، فشبَّهَهُمْ في خُبْثِهم بالبُقْع من الغِربان التي هي أَخْبثها وأَقْذَرُها.

وقيل : أراد المولّدين بين العرب والرُّوميات لجمعهم بين سَوَادِ لَوْن الآباء وبياض لَوْنِ الأمهات.

وفي حديث الحجاج : إن بعضهم قال له في خيل ابنِ الأشعث : رأيت قوماً بُقْعاً. قال : ما البُقْعُ؟ قال : رقَّعوا ثيابَهم من سُوءِ الحال.

شبَّه الثياب المرقعة بلَوْن الأَبقع.

[بقط] : ابن المسيّب رحمه الله ـ قال : لا يَصْلُح بَقْط الجِنَان.

أي لا يجوز إعطاء البساتين على الثّلث والربع ، وإنما سمي هذا بَقْطاً ؛ لأنه خَلْطُ المِلْك وتَصْيِيرُه مشاعاً ، من قولهم : بَقَط الأَقِطَ : إذَا بكَلَهُ.

[بقق] (*) : ابن ميسرة رحمه الله ـ إنَّ حكيماً من الحكماء كتب ثلاثمائة وثلاثين مُصْحَفاً حِكَماً فبثّها في الناس فأوحى الله تعالى : إنك قد ملأت الأرض بَقَاقاً ، وإن الله لم يَقْبَل من بَقَاقِكَ شيئاً.

هو كثرة الكلام ، يقال : بَقَ علينا فلان يَبُقُ بَقَاقاً ، كقولك : فكّ الرهن يفكّ فَكاكاً ؛ إذا اندفع بكلام كثير ، ومنه بقَّتِ المرأة : كَثُر وَلَدُها.

وتكلّم أعرابي فأكثرَ ، فقال له أخوه : أَحْسنُ أَسْمَائك أن تُدْعَى مِبَقّاً.

لقًّا وبقاً في (لق). باقِعة في (نس). عين بَقّة في (حز). وَبقَر خواصرهما في (شر).

__________________

(١) الرجز للأحمر في لسان العرب (بقى).

(*) [بقق] : ومنه الحديث : أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر : ما لي أراك لقاً بقاً ، كيف بك إذا أخرجوك من المدينة. النهاية ١ / ١٤٧.

١١١

الباء مع الكاف

[بكت] : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ أُتِي بشارب خمر ، فقال : بكِّتُوه فبَكَّتُوه.

التَّبكيت : استقباله بما يكره من ذمٍّ وتقريع ، وأن تقول له : يا فاسق ؛ أَمَا اتَّقَيْتَ! أَمَا اسْتَحْيَيْتَ! ومنه قيل للمرأة المِعْقَاب : مُبَكِّت ؛ لأَنها كلما وضعت أُنثى استقبلت زوجَها بمكروه.

[بكأ] (*) : نحن مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ [فينا] بَكْء.

أي قِلَّة كلام ؛ مثل بَكْء الناقة أو الشاة ، وهو قِلّة لبنها ، يقال : بكَأت وبكُؤت بُكَاءَ وبكْأً وبُكُوءاً ، فهي بَكِيء وبكِيئَةٌ.

وفي حديث عمر رضي الله عنه ـ إنه سأل جَيْشاً : هل يثبت لكم العدوّ قَدْرَ حَلْبِ شاةٍ بكيئةٍ؟ فقالوا : نعم ، فقال : غَلّ القوم.

أي خانوا في القَوْل ، ومعناه يكذّبهم فيما زعموا من قلّة ثبات العدوِّ لهم.

[بكر] (*) : عليّ عليه السلام ـ كانت ضرباته مُبْتَكَراتٍ لا عُوناً (١).

الضَّرْبة المبتَكرة : هي التي ضُرِبت مرة واحدة ولم تُعَاوَدْ لشدّتها وإتيانها على نَفْس المضروب ؛ شبِّهت بالجارية المبتَكرة وهي المفتضّة ؛ لأنها التي بُنيَ عليهما مرّةً واحدة.

والعَوَان : التي وقعت مُخْتَلَسَةً فأَحْوَجَت إلى المُعَاوَدة ؛ شُبِّهَتْ بالمرأة العَوَان وهي الثيّب. ومنه : حرب عَوَان ، وحاجة عَوَان ، ويجوز أن يُراد أنه كان يوقعها على صفَةٍ في الشدّة لم يسبقه إلى مثلها أحدٌ من الأبطال.

[بكك] (*) : مجاهد رحمه الله تعالى ـ من أسماءِ مكة بَكَّة ، وهي أمّ رُحْم ، وهي أمّ القُرَى ، وهي كُوثَى ، وهي الباسَّة ـ وروي النَّاسّة.

قيل : سمّيت بكّة لتباكّ الناسِ فيها ؛ وهو ازدحامهم. وقيل : لأنها تبكّ أعناق الجبابرة ومَنْ أَلْحَد فيها بظلم ؛ أي تدقّها.

__________________

(*) [بكأ] : ومنه الحديث : من منح منيحة لبن بكيئةً كانت أو غزيرة. النهاية ١ / ١٤٨.

(*) [بكر] : ومنه الحديث : لا تزال أمتي على سنتي ما بكَّروا في صلاة المغرب. وفي الحديث : بكِّروا بالصلاة في يوم الغيم فإنه من ترك العصر حبط عمله. ومنه الحديث : لا تعلموا أبكار أولادكم كتب النصارى. ومنه حديث المتعة : كأنها بكرة عيطاء. ومنه حديث طهفة : وسقط الأُملوج من البكارة. النهاية ١ / ١٤٨ ، ١٤٩.

(١) العون : جمع العوان.

(*) [بكك] : ومنه الحديث : فتباك الناس عليه. النهاية ١ / ١٥٠.

١١٢

وهي الباسَّة أو النَّاسَّة ؛ لأنها تَبُسهم أي تطردهم. وتنسُّهم أي تَزْجُرهم وتسوقهم.

وأم رُحم : أصل الرّحمة ، يقال : رَحِمه رَحماً ورُحْماً. قال الله تعالى : (وَأَقْرَبَ رُحْماً) [الكهف : ٨١] ـ قرىء باللغتين ، وقال زهير :

ومِنْ ضَريبتِه التَّقْوَى ويَعْصِمُهُ

من سَيِّىءِ العَثَرَاتِ اللهُ والرُّحُمُ (١)

وقيل في أمّ القرى : لأنها أولُ الأرض وأَصْلها ومِنها دُحيت.

وكُوثَى : بقعة بمكة ، وهي محلّة بني عبد الدار ، قال :

لَعن اللهُ مَنْزِلاً بَطْنَ كُوثَى

ورماه بالفَقْرِ والإمْعَارِ (٢)

ليس كُوثَى الْعِرَاقِ أَعْنِي ولكِنْ

كُوثَةَ الدَّارِ دَارِ عَبْدِ الدَّارِ

يريد بكُوثى العراق ؛ قرية وُلِد بها إبراهيم صلوات الله عليه.

[بكر] : الحجاج ـ كتب إلى عامل له بفارس : ابعث إليَّ بعسَل أَبْكَار ، من عَسل خُلَّار من الدّسْتفشَار ، الذي لم تمسّه النار.

أَراد أَبكار النحل وهي أَفْتاؤها ؛ لأن العسل إذا كان منها كان أطيبَ ، وقيل أراد أن أَبْكارَ الجَوارِي يَلينه. والأول أصحّ ، لأنه قد روي : ابعث إلي بعسل من عَسَلِ خُلّار من النَّحْل الأَبْكارِ.

خُلّار : موضع بفارس.

الدّسْتَفشَار : كلمة فارسية ؛ أي مما عَصَرَتْه الأيدي وعالَجَتْه.

بكَر وابْتَكَر في (غس). أبكار أولادكم في (نب) إن تَبْكعَنِي بها في (قر). فبعكتّه في (قر). وبِكْره في (رج). بكلّت في (لب). مِمْ بكْر في (اب). مَنْ بك في (خص) شاة بكىء في (نو).

الباء مع اللام

[بله] : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول الله تعالى : أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصالِحينَ ما لَا عَيْنٌ رأَتْ ، ولَا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، ولَا خَطَر عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، بَلْه ما أطْلعتُهم عليه.

بَلْهَ : من أسماء الأفعال ، كرُوَيْد ، ومَهْ ، وصَهْ ، يقال : بَلْه زيداً ؛ بمعنى دَعْه واتركه. وقد يوضع مَوْضِع المصدر فيقال : بَلْه زيدٍ ، كأنه قيل : تَرْكَ زيد ، ويقلب في هذا الوجه فيقال : بَهل زيد ؛ لأن حال الإعراب مظنة التصرّف.

__________________

(١) البيت في ديوان زهير ص ١٦٢.

(٢) البيتان لحسان بن ثابت ، وهما في ديوانه ص ٢٢٨. وأمعر : أي افتقر وفني زاده ، وأمعرت الأرض : لم يكن فيها نبات.

١١٣

وما أطلعتهم عليه : يصلح أن يكون منصوبَ المحلِّ ومجروره على مقتضى اللغتين. وقد رُوي بيت كعب بن مالك الأنصاري :

تَذَرُ الجَماجِمَ ضَاحِياً هاماتُها

بَلْهَ الأَكُفِّ كأنها لم تُخْلَقِ (١)

على الوجهين. المعنى : رأَته وسمعته ، فحُذِف لاستطالة الموصول بالصلة ، ونظيره قوله تعالى : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) [الفرقان : ٤١].

[البل] (*) : بُلُّوا أَرْحَامكم ولو بالسَّلَام.

لما رأَوا بعض الأشياء يتَّصل ويختلط بالنَّداوَة ، ويحصل بينهما التّجافي والتفرّق باليُبْس استعاروا البَلَ لمعنى الوَصْل ، واليُبْس لمعنى القَطيعة ، فقالوا في المثل : لا تُؤْبِس الثرى بيني وبينك. قال :

فلا تُؤْبِسوا بَيْنِي وبَيْنَكم الثَّرَى

فإنّ الذِي بيني وبينكم مُثْرِي (٢)

وفي حديث عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ـ إذا اسْتَشَنَ (٣) ما بينك وبَيْنَ الله فابْلُلْه بالإحْسَان إلى عِبَادِه.

[البله] : إن أهل الجنة أَكْثَرُهم البُلْه.

هم الذين خلوا عن الدّهاء والنّكر والخُبْث ؛ وغَلبت عليهم سلامةُ الصُّدور وهم عُقلاء.

وعن الزِّبرقان بن بدر : خيرُ أولادنا الأَبْله العقول.

قال النَّمِر بن تَوْلب :

ولَقَدْ لَهَوْتُ بِطَفْلةٍ ميَّالةٍ

بَلْهاءَ تُطْلِعُني عَلَى أَسْرَارِها (٤)

وفي المقامات التي أَنْشَأتُها في عِظَة النَّفْس في صِفَةِ الصالحين : «هَيْنون لَيْنون ، غير أن لا هَوادة في الحقّ ولا إدْهَان ، أبْلهٌ خلا أن غَوْصَهُم على الحقائق يغمرُ الألباب والأَذْهان.

__________________

(١) البيت من الكامل ، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص ٢٤٥ ، وخزانة الأدب ٦ / ٢١١ ، ٢١٤ ، ٢١٧ ، والدرر اللوامع ٣ / ١٨٧ ، وشرح شواهد المغني ص ٣٥٣ ، ولسان العرب ٣ / ٤٧٨ (بله) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٢١٧ ، وتذكرة النحاة ص ٥٠٠ ، والجنى الداني ص ٤٢٥ ، وخزانة الأدب ٦ / ٢٣٢ ، وشرح الأشموني ١ / ٢١٥ ، وشرح التصريح ٢ / ١٩٩ ، وشرح شذور الذهب ص ٥١٣ ، وشرح المفصل ٤ / ٤٨ ، ومغني اللبيب ص ١١٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٣٦.

(*) [البل] : ومنه حديث طهفة : ما نبضّ بِبِلال. وفي حديث المغيرة : بَلِيلَة الإرعاد. النهاية ١ / ١٥٣ ، ١٥٤.

(٢) البيت لجرير في لسان العرب (ثرى).

(٣) استشن : أخلق.

(٤) البيت لابن شميل في لسان العرب (بله).

١١٤

[البلس] (*) : مَنْ أَحَبَّ أن يرقَّ قَلْبه فلْيدْمِنْ أَكْلَ البَلَس.

هو التّين ، وروي البُلُس والبُلْسُن. وهما العَدَس ، وقيل : حبٌّ يشبهه ، والنون في البُلْسن مزيدة مثلها في خَلْبن (١) ورَعْشَن (٢) من الخلابة والرِّعشة.

[بلم] (*) : ذكر الدَّجال فقال : رأيته بَيْلَمَانيًّا أقْمَر هِجَانا ، إحْدَى عينيه كأنها كوكب دُرّي ـ وروي فَيْلَمانِيًّا وفَيْلَماً.

البَيْلَمانيّ : الضَّخْم المنتفخ ، من قولك : أَبْلم الرّجل إذا انتفخت شَفَتاه ، ورأيت شفتيه مُبْلَمَتَينِ ، وأبلمت الناقة : وَرِم حَياؤها ، ويقال لطُوط (٣) البَرْدِي : البَيْلَم لطول انتفاخه.

والفَيْلماني والفَيْلَم : العظيم الجثّة ، يقال : رأيت امْرَأً فَيْلَماً : أي عظيماً. وقال الهذليّ :

ويَحْمِي المُضَافَ إذا ما دَعا

إذا فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الفَيْلَمُ (٤)

والألف والنون والياء المشددة المزيدات على الفَيْلم مبالغات في معناه.

الأَقمر : الأبيض. والهِجَان تأْكيدٌ له.

[بلل] : عمر رضي الله تعالى عنه ـ أرسل إلى أبي عُبيدة رسولاً ، فقال له حين رجع : كيف رأيتَ أبا عُبيدة؟ فقال : رأيتُ بلَلاً مِنْ عَيْش. فقصر من رِزْقه ، ثم أرسل إليه وقال للرسول حين قدم عليه : كيف رأَيته؟ قال : رأيتُ حُفُوفاً. فقال : رَحِم الله أَبا عبيدة بَسَطْنا له فبسَط ، وقبضنا له فقبض.

جعل البَلل والحَفُوف ـ وهو اليُبْس ـ عبارة عن الرَّخاء والشدَّة ؛ لأن الخصبَ مع وجود الماء والجدبَ مع فقدَه. يقال : حفَّت أرضنا : إِذَا يبس بَقْلُها.

وعن أعرابيّ : أتَوْنا بعصيدة قد حفَّت فكأنها عَقِب فيها شقوق.

العباس رضي الله تعالى عنه ـ قال في زمزم : لا أُحِلُّها لمُغْتَسِل ، وهي لِشَارب حِلٌّ وبِلّ.

__________________

(*) [بلس] : ومنه الحديث : فتأشب أصحابه حوله وأبلسوا. ومنه الحديث : ألم ترَ الجن وإبلاسها. وفي حديث ابن عباس : بعث الله الطير على أصحاب الفيل كالبلسان. النهاية ١ / ١٥١ ، ١٥٢.

(١) امرأة خلبن : امرأة حمقاة.

(٢) امرأة رعشن : امرأة مرتعشة.

(*) [بلم] : ومنه في حديث السقيفة : كقِدّ الأُبلمة. النهاية ١ / ١٥٤.

(٣) الطوط : المقطن ، وقيل قطن البردي خاصة.

(٤) البيت لعياض بن خويلد في لسان العرب (فلم) ، ويروى صدره :

يشب بالسيف أقراته

١١٥

قيل : بِلّ إتباعٌ لحلّ ، وقيل : هو المباح بلغة حِمْير.

وعن الزّبير بن بكّار : معناه الشِّفاء ، من بلج المريض وأَبَلَ.

[بلان] : ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ـ قال صلى الله عليه وآله وسلم : ستفتحون أرضَ العَجَم ، وستجدون فيها بيوتاً يقال لها البَلَّانَات ، فمن دَخَلَها ولم يستتر فليس منّا.

واحدها بَلّان ، وهو الحمّام ، من بلّ ، بزيادة الألف والنون ؛ لأنه يبلّ بمائه أو بعرَقه مَنْ دخله. ولا فِعل له ، إنما يقال : دخلنا البلَّانات ـ عن أبي الأزهر.

[بلا] : ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ـ سُئل عن الوضوء من اللَّبن ، فقال : ما أُبالِيه بَالَةً ، اسْمَحْ يُسْمَحْ لَكَ.

أي مبالاة ، وأصلها بَالِية ، كعافية.

أَسمح وسَمَح وسَامَح : إذا ساهل في الأمر ، يقال : أسْمَحَتْ قَرُونَتُه ، وفي أمثالهم : إذا لم تجدْ عزًّا فسمّحْ.

[البلغين] : عائشة رضي الله تعالى عنها ـ قالت لعليّ رضي الله تعالى عنه ـ يوم الجَمل : قد بَلغْتَ مِنّا البُلَغِين.

قيل : هي الدّواهي ، كقولهم : البُرَجينَ ، والتحقيق فيهما أن يقال : كأنه قيل : خَطبٌ بِلَغ ، أي بليغ ، وأمر بِرَح أي مبرّح ، كقولهم : لَحْم زِيمَ (١) ، ومكان سِوّى ، وديناً قِيَماً ، ثم جُمِعا جمع السلامة ؛ إيذاناً بأن الخطوبَ في شدة نِكايتها بمنزلة العُقَلاءِ الذين لهم قصد وتعمّد. وفي إعراب نحو هذا طريقان : أحدهما أن يجري الإعراب على النون ويقرّ ما قبلها ياء ، والثاني أن يفتح النون أبداً ويعرب ما قبلها ؛ فيقال : هذه البِلَغون ، ولقيت البِلَغين ، وأعوذ بالله من البِلَغين ، قالت ذلك حين جهدتها الحَرْب.

وأبْلِسوا في (أش). البُلُسُ والبُلْسنُ في (جل). من البَلاغ في (رف). بلّح في (عن).

الأبْلَمة في (قد). بالة في (حش). بذي بَلِّي وبذي بِلِّيان في (بن). بَلَاقع في (خش). أبْلَج الوجه في (بر). وبلّتْها في (صح). مُبَلِّجاً في (مح). البَلقعة في (قي). بليلة الإرعاد في (زو) ، والبُلَت في (شن). ما نبضّ بِبِلال في (صب). وما ابتَلّت قدماه في (حن).

الباء مع النون

[بنا] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ قالت عائشة رضي الله عنها : ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتَّقِي الأرضَ بشيء إلا في يوم مطير أَلْقَينا تحته بناء.

__________________

(١) لحم زيم : أي لحم متعضل متفرق ليس بمجتمع في مكان فيبدن.

(*) [بنا] : ومنه في حديث الاعتكاف : فأمر ببنائه فقوِّض. ومنه حديث علي : قال : يا نبي الله متى تبنيني. النهاية ١ / ١٥٧ ، ١٥٨.

١١٦

معنى البناء : ضمُّ الشيء إلى الشيء ، ومنه قيل للنِّطَع مِبناة ومَبناة وبناء ؛ لأنه أَدِيمان فصاعداً ضُمَّ بعضُها إلى بعض ووصل به.

في يوم مطير ؛ أي مُطر فيه ، فاتُّسع في الظَّرف بإجرائه مجرى المفعول الصحيح ، كما قيل : ويوم شهدناه ، إلَّا أنَّ الضميرَ اسْتكَنَّ هنا لانْقِلابه مَرْفوعاً. وبرز في شهدناه ؛ لأنه انقلب منصوباً ، والنَّصْبُ أَخُو الجر.

خالد رضي الله تعالى عنه ـ خطب الناس فقال : إن عمرَ استعملني على الشامِ ، وهو له مهمّ ؛ فلما أَلْقَى الشَّامُ بَوَانِيَه ، وصار بَثَنِيَّةً وعَسَلاً ، عَزَلَني واستَعْمَل غَيْرِي فقال رجل : هذا والله هو الفِتْنَة. فقال خالد : أما وابنُ الخطاب حيٌّ فلا ، ولكنَّ ذاك إذا كان الناسُ بذي بِلِّيٍّ وذي بِلَّى ـ وروي : «بذي بِلِّيَانِ».

البَوَاني : أَضْلَاع الزَّوْرِ لتضامِّها ، الواحدة بَانية ، ويقال : أَلْقى البعيرُ بَوَانِيه ، كما يقال : ألقَى بَرْكه (١) ، وأَلْقَى كَلْكَله : إذا اسْتَنَاخَ ، فاستعاره لاطمِئنان الشامِ وقرار أُمُوره.

البَثَنِيَّة : حِنْطة حبّ منسوبةٌ إلى البَثْنَة ، وهي بلاد من أرض دمشق. والبَثْنَةُ : الأرض السهلة اللينة ؛ أي كثر فيها الحنطة والعسل ، حتى كأن كلّه حنطة وعسل. والمرادُ ظهور الخصب والسَّعة فيه.

يقال لمن بَعُد حتى لا يدري أين هو : صار بذِي بِلِّيٍّ وذي بِلِّيان ، من بلَّ في الأَرض إذا ذهب. والمعنى ضياع أمورِ الناسِ بعده وتشتّت كلمتهم.

[بنت] : عائشة رضي الله تعالى عنها ـ كنت أَلْعب مع الجواري بالبنات ، فإذا رأينَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم انْقَمَعْن فيُسَرِّبهُنَّ إليّ.

البنات : التماثيل التي يَلعبُ بها الصبايا.

انْقَمَعْن : دَخَلْن البيت وتغيَّبْن.

يُسَرِّبُهنَ : يرسلهن ، من السِّرْب ، وهو جَمَاعة النساء.

[بنن] (*) : شُرَيح رحمه الله تعالى ـ قال له أعرابيّ ـ وأراد أن يَعْجَل عليه بالحكومة : تَبَنَّنْ.

أي تثبَّت ، والبَنِين : العاقل المتثبِّت ، وهو من باب أبَن بالمكان.

أُبَيْنَى عبد المطلب في (غل). وبنَّسوا في (نس). بَنَّة الغَزْل في (با). ابن أبي كَبشة في (عن).

__________________

(١) البرك : الصدر.

(*) [بنن] : ومنه في جابر وقتل أبيه يوم أُحد : ما عرفته إلا ببنانه. ومنه الحديث : إن للمدينة بنَّةً. النهاية ١ / ١٥٧.

١١٧

الباء مع الواو

[بوق] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا يَدْخُل الجنَّةَ مَنْ لَا يأمَنُ جَارُه بَوَائقَه.

أي غَوائِله وشُرُوره ، يقال : باقَتْه بائقة تَبُوقه بَوْقاً.

[بوك] : جاءوهم يَبُوكون حِسْى (١) تَبُوك بقِدْح (٢) ، فقال : ما زِلتُم تَبُوكونها بعدُ! فسمِّيت تَبوك.

وهو أن يحركوا فيه القِدْح حتى يخرجَ الماء.

ومنه حديثه : إن بعض المنافقين بَاكَ عَيْناً كان النبي صلى الله عليه وسلم وضع فيها سَهْماً.

ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما ـ إنه كانت له بُندقة من مِسْك ، وكان يبلُّها ثم يَبُوكها بين راحته ، فتَفُوح رَوَائحها.

أي يحرِّكها بتَدْوِيره بين رَاحَتَيْه.

[بور] (*) : قال عَلْقَمة الثقَفي رضي الله عنه : كنت في الوَفْد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فضرب لنَا قُبَّتين ، فكان بلالٌ رضي الله عنه يأْتِينا بفِطْرِنا ، ونحن مُسْفِرون جدًّا حَتَّى وَاللهِ ما نحسب إلّا أنّ ذاك شيء يُبْتَارُ به إسْلَامُنا ، وكان يأْتِينا بطعامنا للسَّحور ونحن مُسْدِفُون فيكشِفُ القُبّةَ فيسْدِفُ لنا طعامَنا.

بَارَه يَبُوره وابْتَاره ، مثل خَبَره يَخْبُره واخْتَبَره في البناء والمعنى.

الإِسداف : الدخول في السُّدفة وهي الضّوْء ؛ وقوله : «يُسْدِف لنا طعامَنا» ، أي يدخل في السّدفة فيُضيء لنا. أَرَاد أنه كان يعجِّل الفطور ويؤخِّر السحور امتحاناً لهم.

بفِطْرنا : أي بطعامِ فِطْرِنا فحذف.

ومن الابْتِيار حديث عَون ، قال : بلغني أنّ داود سأل سليمان صلوات الله عليهما وهو يَبْتَارُ عِلْمَه (٣). فقال : أخبرني ؛ ما شرُّ شيء؟ قال : امرأة سوء إن أَعطيتها بَاءَت وفَخَرت ، وإن منعتَها شَكَتْ ونفرت.

الباء : الكِبر.

__________________

(*) [بوق] : ومنه حديث المغيرة : ينام عن الحقائق ويستيقظ للبوائق. النهاية ١ / ١٦٢.

(١) الحسى : العين.

(٢) القدح : السهم.

(*) [بور] : ومنه الحديث : فأولئك قوم بور. ومنه حديث أسماء : في ثقيف كذاب ومبيرٍ. ومنه حديث عمر : الرجال ثلاثة : فرجل حائر بائر. وفي كتابه صلى الله عليه وسلم لأُكيدر : وأن لكم البور والمعاصي. ومنه : نعوذ بالله من بوار الأيِّم. النهاية ١ / ١٦١.

(٣) يبتار علمه : يختبر علمه.

١١٨

[بوأ] (*) : كان بين حَيَّيْن من العرب قتالٌ ، وكان لأحد الحيَّيْن طَوْلٌ (١) على الآخر ، فقالوا : لا نَرْضَى إلا أنْ يُقْتَل بالعَبْدِ مِنّا الحرُّ منكم ، وبالمرأة الرجلُ ؛ فأمرهم أن يَتَبَاءَوْا.

هو أن يتقاصُّوا في قَتْلاهم على التساوي ؛ فيُقْتَل الحرُّ بالحر والعبْدُ بالعبد. يقال : هم بَوَاء ، أي أَكْفاء في القصاص ، والمعنى ذَوُو بَوَاء ، قالت ليلى الأخيلية :

فإنْ تَكُنِ الْقَتْلَى بَوَاءً فإنّكُمْ

فَتًى ما قَتَلْتُمْ آلَ عَوْفِ بنِ عامِرِ (٢)

ومنه الحديث : الجِرَاحاتُ بَوَاء. : أي سوَاء.

وكَثُر حتى قيل : هم في هذا الأَمْرِ بَوَاء : أي سوَاء.

[بوح] (*) : قال صلى الله عليه وآله وسلم لعبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه : إن عليك السَّمْعَ والطاعة في عُسْرِك ويُسْرك ، ولا تنازع الأَمْر أهلَه إلا أن تُؤْمَر بمعْصِية بَوَاحاً ـ أو قال : براحاً.

يقال : باح الشيءُ ، إذا ظهَر ـ بَواحاً وبُؤوحاً ، فجعل البَواحَ صِفَةً لمصدرٍ محذوف تقديره إلا أنْ تُؤمر أمراً بَوَاحاً ؛ أي بائحاً ظَاهراً.

برَاحاً بمعناه من الأَرْض البراح ، وهي البارزة.

ليس للنساء من بَاحَة الطّرِيق شيء ، ولكن لهن حَجْرَتا الطّرِيق.

بَاحَة الطريق : وَسَطه ، وكذلك بَاحَة الدَّار : وسطها ، وهي عَرْصَتُها.

الحَجْرَة : الناحية.

[بوص] : كان جالساً في ظل حجرة قد كاد يَنْبَاص عنه الظلّ.

أي ينقبض عنه ويَسبِقه ، من باص ، إذا سبق وفات.

ومنه حديث عمر رضي الله عنه ـ إنه كان أراد أن يستعمل سعيد بنَ عامر فباص منه.

؛ أي فاته مستتراً.

[بوج] (*) : عمر رضي الله تعالى عنه ـ إن الجن ناحت عليه فقالت :

__________________

(*) [بوأ] : ومنه الحديث : فقد باء به أحدهما. ومنه حديث وائل بن حجر : إن عفوت عنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه. وفي الحديث : بؤْ للأمير بذنبك. ومنه الحديث : أنه قال في المدينة : هاهنا المتبوَّأ. ومنه الحديث ؛ أن رجلاً بوَّأ رجلاً برمحه. النهاية ١ / ١٥٩ ، ١٦٠.

(١) الطول : الغنى والسعة والفضل والقدرة.

(٢) البيت في لسان العرب (بوأ).

(*) [بوح] : ومنه الحديث : نظفوا أفنيتكم ولا تدعوها كباحة اليهود. النهاية ١ / ١٦١.

(*) [بوج] : ومنه في حديث عمر : اجعلها باجاً واحداً. النهاية ١ / ١٦٠.

١١٩

عليك سلامٌ من أميرٍ وباركتْ

يَدُ الله في ذاك الأَدِيم الممزّق

قضيتَ أُمُوراً ثم غادَرْتَ بَعْدَها

بَوَائِجَ في أَكْمَامِهَا لم تُفَتّقِ (١)

فمنْ يَسْعَ أو يركب جَنَاحيْ نَعامةٍ

ليدرك ما قدّمت بالأمس يسبق

أَبَعْدَ قَتيلٍ بالمَدِينَةِ أَظْلمَتْ

له الأرْضُ تهتَزُّ العِضَاه (٢) بأَسْوُقِ.

البَوَائج : الْبَوَائق.

الأَكْمَام : الأَغْطِية ، جمع كِمّ ؛ أي كانت الفِتَنُ في أيامك مستورة فانكشفت.

الأَسْوُق : جمع ساقٍ ؛ أنكر على الشجر اخضرارها واهتزازها ، أي كان يجب أن تجفَّ وتذهب رطوبتها بمَوْتة.

[بال] (*) : الأحنف رضي الله تعالى عنه ـ نُعي إليه شقيق بن ثور ، فاسترجع وشقّ عليه ، ونُعِيَ إلى حَسَكة الحَبَطيّ فما ألقى لذلك بالاً ؛ فغضب مَنْ حضره من بني تميم ، فقال : إن شقيقاً كان رجلاً حليماً ، فكنتُ أقول : إن وقعت فتنةٌ عصم اللهُ به قومَه ، وإن حسكة كان رجلاً مُشَيَّعاً ، فكنتُ أخشى أن تقع فتنة فيجرّ بني تميم إلى هلكة.

إلْقَاء الْبَالِ للأمر : الاكْتِرَاث له ، والاحتفال به.

قيل المُشَيَّع هنا : العَجُول ؛ من شَيَّعْتُ النارَ : إذا أَلْقَيْتُ عليها ما يُذكيها ، وليس يَبْعُد أن يُرَاد به الشجاع ، ودَيْدَنُ الشُّجْعان اقتحامُ المهالك ، والتخفّف إلى الحروب والفِتن ، وقِلّة تدبر العواقب ، ولا يخلو مَنْ هَذَا دَأْبُه أن يُوَرِّط نفسَه وقومَه.

[بوك] : عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ـ رُفِعَ إليه رجل قال لرجلٍ : إنكَ تَبُوكُهَا ـ يعني امرأةً ذَكَرَها ـ فأمر بضَرْبه ، فجعل الرجلُ يقول : أَأُضْرَبُ فِلَاطاً.

وروي من وَجْه آخر : إنّ ابن أبي خنَيس الزّبيري سابَّ قرشيًّا ، فقال له : علَامَ تَبُوكُ يَتِيمَتَكَ في حجرك؟ فكتب سليمان بن عبد الملك إلى ابْنَ حَزْم : إن البَوْكَ سفادُ الحمار فاضْرِبْه الحدَّ. فلما قُدِّم ليُضْرَبَ قال : (إِنَّا لِلَّهِ)! أُضْرَبُ فِلَاطاً!.

قال ابن حزم ـ وكان لا يعرفُ الغَريب : لا تعجلوا عسى أن يكون في هذا حدٌّ آخر.

الفِلاط : المفاجأة ، وأفلطه : فاجأه ، لغة هذيلية ، قال المتنخّل الهذلي :

بهِ أَحْمِي المُضافَ إذا دَعَانِي

ونَفْسِي ساعةَ الفَزَعِ الفِلَاطِ (٣)

__________________

(١) البيت الثاني للشماخ في لسان العرب.

(٢) العضاه : كل شجر يعظم وله شوك ، واحده عضاهة وعضهة.

(*) [بال] : ومنه الحديث : من نام حتى أصبح فقد بال الشيطان في أذنه. ومنه : كان للحسن والحسين قطيفة بولانية. وفي حديث المغيرة : أنه كره ضرب البالة. النهاية ١ / ١٦٣ ، ١٦٤.

(٣) البيت في ديوان الهذليين ٢ / ٢٦.

١٢٠