الشّفاء ـ طبيعيّات

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]

الشّفاء ـ طبيعيّات

المؤلف:

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]


المحقق: الدكتور محمود قاسم
الموضوع : العلوم الطبيعيّة
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: گل‌وردى
الطبعة: ٢
ISBN: 978-600-161-072-1
الصفحات: ٢٧٦

شبحا والآخر غير ذلك الشبح ، فإن كل واحد منهما أدرك (١) ما أدرك الآخر والمدرك واحد فيجب (٢) أن لا يكون (٣) الإدراك والأداء اثنين ، بل يجب أن يأتى البصر صورة (٤) كل مرآة مرة غير مكررة. وإن تكررت بسبب العكس وكان لذلك (٥) وجه وعذر متكلف لنسامح فى تسليمه ، فلا يجب أن يقع تكرار بعد تكرار فما بال كل واحدة (٦) من المرآتين تتأدى عنها أشباح كثيرة حتى ترى المرآة الواحدة مرارا كثيرة ، مرة واحدة ترى نفسها كما هى ومرارا كثيرة جدا شبحها (٧) فإن قلنا : إن الشعاع لما انعكس من هذه المرآة إلى الأخرى فى هذه المرآة ، ثم لما انعكس مرة أخرى إلى الأولى رأى الأولى فى هذه الأخرى ، فإذا انعكس مرة أخرى فلم لا يرى كما رآه مرة أولى ، إلا أن يقولوا إن الأول رآه بجزء والآخر رآه بجزء آخر. فإن كانت الأجزاء مؤدية لإراءته (٨) فليس تؤدى أشياء أخرى ، بل ذلك الشبح بعينه واختلاف وقوعها عليه بعد كونه واحدا بعينه لا يوجب (٩) اختلافا فى الرؤية. فقد بينا ذلك أيضا ، فإن عندهم أن أجزاء المنعكس تجتاز على المبصر المنعكس عنه اجتيازا ، (١٠) فيجب أن تتبدل صورته فى تلك الأجزاء. ومع ذلك فليس يجب من (١١) تبدلها عليه أن تزيد فى عدد ما يدرك أولا وثانيا إذ كان ما يؤدى من الصورة واحدا ، (١٢) وإن كانت الأجزاء بأنفسها رائية وجب ما قلنا فى امتناع رؤية شبح المنعكس إليه فى شبح المنعكس عنه. ثم لم يجب أن ترى الأشباح عن قليل وقد صغرت.

فعسى أن يقولوا : (١٣) إن الشعاع إذا تردد طالت مسافته فرأى (١٤) كل مرة أصغر ففارق الأول الثاني بالصغر ، فيجب أن يكون أولا الخطوط الشعاعية إذا تراكمت لا تكون كخط واحد أغلظ وأقوى من الأول ، بل تبقى خطوطا (١٥) معطوفة موضوعة بعضها

__________________

(١) ما أدرك : ساقطة من د.

(٢) فيجب : فلا يجب ك

(٣) لا يكون : يكون ك

(٤) صورة : ساقطة من د.

(٥) لذلك : كذلك م.

(٦) واحدة : واحد د ، ك ، م.

(٧) شبحها : أشباحها ك.

(٨) لإراءته : لأرانية ف.

(٩) لا يوجب : ساقطة من د.

(١٠) اجتيازا : واختيارا م.

(١١) من : فى د.

(١٢) واحدا : واحدة م.

(١٣) أن يقولوا : أنهم يقولون د

(١٤) فرأى : فرؤى م.

(١٥) خطوطا : خطوط ك.

١٢١

بجنب بعض محفوظة القوام لا تتحد. وهذا الحكم عجيب. وبعد ذلك فإنهم لا يجدون للتصغر (١) بالبعد المنعرج من تحدد (٢) الزاوية ما يوجد للبعد المستقيم. ثم ما يقولون فى ذلك المرئى بعينه ، فإنه إذا بوعد به أضعاف ما تقتضيه المساحة بين الانعكسات لم ير بذلك الصغر. مثلا إنه إذا انعكس البصر من (٣) مرآة إلى مرآة ب فرأى صورة ب فى مرآة آ ثم انعكس البصر من مرآة ب إلى مرآة آ فرأى صورة (٤) آ فى مرآة ب ، (٥) ثم انعكس البصر من مرآة آ إلى مرآة ب فرأى صورة ب. ثم كذلك رأى صورة آ فى مرآة ب (٦) والبعد بينهما شبران فيجب أن يكون ما قطعه الشعاع من مسافته المنعرجة ما بين العين وإحدى (٧) المرآتين ثمانية أشبار. ولو أنا بعدنا مرآة ب عن مركزها عشرة أشبار فما فوقها (٨) لم نكن نراها (٩) بذلك الصغر. على أن العجب فيما ذكرناه هو من افتراق الصورة المأخوذة عن الشىء بذاته ، والمأخوذة (١٠) عنه بالعكس ، أو المأخوذة عنه بعكسين ، فإن جميع ذلك متفرق عند البصر. والصورتان المأخوذتان هما عن مادة واحدة فى قابل واحد فبما ذا تفترقان. لأن افتراق الصور إما بالحدود والمعانى وإما فى القوابل ؛ والصورتان معنياهما (١١) واحد وحاملهما الأول واحد ، وقابلهما الثاني واحد ، فيجب أن لا تكونا اثنين.

أما على مذهبنا ، فإن هذه الشناعة غير لازمة ، لأن الصورتين عندنا مأخوذتان عن قابلين : أحدهما حاملهما الأول ، والثاني الجسم الصقيل القابل لشبحهما (١٢) نوعا من القبول أو الفاعل (١٣) لصورهما (١٤) فى العين نوعا من (١٥) الفعل. ثم العجب من أمر الشعاع بعد الشعاع ، (١٦) فإنه إن كان الأمر (١٧) على ما قلنا من أن الشعاع الثاني لا يجب أن ينفذ فى فى الأول ، بل يماسه من خارج فكيف (١٨) يلامس الشعاع المنعكس المرئى فيراه ، (١٩) وإنما يلامس ما غطاه من لامسه السابق. فإن كان يرى ما رآه ذلك بحسب الانفعال منه

__________________

(١) للتصغر : للتصغير ك (٢) تحدد : عدد د ، ك ، م.

(٣) من : ساقطة من م. (٤) صورة : + مرآة د

(٥) ب (الثانية) : آ د ، ك ، م.

(٦) آ فى مرآة ت : ب فى مرآة آ د ، ك ، م.

(٧) وإحدى : وأجد م. (٨) فوقها : فوقه د

(٩) نراها : نراه د ، ك ، م. (١٠) أو المأخوذة : والمأخوذة ف.

(١١) معنياهما : معناهما ك ، م.

(١٢) لشبحهما : لشبحها م.

(١٣) أو الفاعل : والفاعل ف ، ك

(١٤) لصورهما : لصورتها د ، ك ؛ تصورها م

(١٥) من : فى ك. (١٦) بعد الشعاع : ساقطة من م

(١٧) الأمر : الأمر م.

(١٨) فكيف : وكيف د

(١٩) فيراه : فرآه ك.

١٢٢

وقبول ما قبله بسبب الاتصال به ، بطلت شريطة الانفعال على الزاوية المعينة ، وكان أيضا إنما أدرك ما أدرك (١) الأول لا شيئا (٢) غيره بالعدد بوجه من الوجوه ، وإن كان كل يلامس شيئا من أجزاء الشىء غير ما يلامسه الآخر ، فليس ولا واحد منهما بمستقصى الإدراك ولا إدراكهما لشىء واحد.

__________________

(١) ما أدرك : ساقطة من م

(٢) لا شيئا : لأشياء د.

١٢٣

الفصل السابع (١)

فى حل الشّبه التي أوردوها (٢) فى إتمام القول فى المبصرات

التي لها أوضاع مختلفة من (٣) مشقات ومن صقيلات (٤)

فلنحل الآن الشبه المذكورة. فأما ما تعلقوا به من أن القرب يمنع الإبصار وأن انتقال الألوان والأشكال عن موادها مستحيل ، (٥) فهذا إنما كان يصح لهم لو قيل : إن الإبصار أو شيئا من (٦) الإحساسات إنما هو بنزع الصورة من المادة على أنه أخذ نفس الصورة من المادة ونقلها إلى القوة الحاسة. وهذا شىء لم يقل به أحد ، بل قالوا إن ذلك على سبيل الانفعال. والانفعال ليس أن (٧) يسلخ المنفعل قوة الفاعل أو كيفيته ، بل أن يقبل منه مثلها أو جنسا غيرها. ونحن نقول : إن البصر يقبل فى نفسه صورة من المبصر مشاكلة للصورة التي فيه لا عين صورته ، وهذا الذي يحس أيضا بالتقريب كالمشموم والملموس فليس يسلب الحاس بذلك صورته ، بل إنما يوجد فيه مثل صورته. لكن من الأشياء ما إلى الانفعال عنه (٨) سبيل بالملاقاة ، ومنها (٩) ما إذا لوقى (١٠) انقطع عنه شىء يحتاج إليه حتى يؤثر أثره ، وهو فى هذا الموضع هو (١١) الشعاع المحتاج إلى اتصاله بالصورة المرئية فى أن يلقى ذو الصورة شبحا عن صورته فى غيره مناسبا لما نراه من إلقائه شبحه المؤكد إذا اشتد عليه الضوء ، حتى أنه يصبغ ما يقابله

__________________

(١) الفصل السابع : فصل ٧ ف.

(٢) أوردوها : يوردها د.

(٣) ومن : وفى د

(٤) صقيلات : صقيلة م.

(٥) مستحيل : يستحيل م.

(٦) من : عن ك.

(٧) إن : ساقطة من ك.

(٨) عنه : منه د ، ك ، م

(٩) ومنها : ومنه د ، م

(١٠) لوقى : لقى د ، ف.

(١١) هو : ساقطة من م.

١٢٤

بصبغه فأداه متحققا إذا كان ما يقابله قابلا لذلك ولو بتوسط مرآة أيضا ، (١) ومع الاحتياج إلى استضاءة المرئى فإنه يحتاج أيضا (٢) إلى متوسط كالآلة تعينه عليه وهو الإشفاف ، وأن يكون للمقدار منه حد محدود لا يقع الأصغر منه فيه.

ومن الدليل على أن المدرك يأخذ شبحا من المدرك ما يبقى فى الخيال من صورة المرئى حتى يتخيله متى شاء ، فترى أن ذلك المتخيل هو صورة الشىء فى نفسه ، وفد انتقل إلى الخيال وتجرد تجرد (٣) الشىء (٤) عن صورته ، كلا بل هو شىء غيره مناسب له. وأيضا فإن بقاء صورة الشمس فى العين مدة طويله إذا نظرت إليها ثم أعرضت (٥) عنها يدلك (٦) على قبول العين للشبح ، وكذلك تخيل القطرة النازلة خطا والنقطة المتحركة على (٧) الاستدارة بالعجلة دائرة ، ولا يمكنك أن تتخيل ذلك وتراه إلا أن ترى امتدادا ما ، (٨) ولا يمكن أن ترى امتدادا من نقطة متحركة فى غير زمان ولا من غير أن تتخيل ذلك (٩) الشىء فى مكانين. فيجب أن يكون (١٠) تكون (١١) القطرة فوق ثم تحت وامتدادها (١٢) فيما (١٣) بين ذلك ، (١٤) وكون (١٥) النقطة على طرف (١٦) من المسافة التي تستدير (١٧) فيها وعلى طرف آخر ، وامتدادها فيما بين ذلك ، متصور الشبح عندك. وليس ذلك بحسب آن واحد ، فيجب إذن أن يكون شبح ما تقدم مستحفظا بعده باقيا عقيبه ، ثم يلحقه الإحساس بما (١٨) تأخر ويجتمعان امتدادا كأنه محسوس. وذلك لأن صورته راسخة وإن كانت القطرة أو النقطة قد زالت عن أى حد فرضت ولم تبق فيه زمانا.

وأما ما ذكروه من أمر النور الذي يتخيل بين يدى العين ، فالسبب فى

__________________

(١) ومع ... أيضا : ساقطة من م.

(٢) أيضا : ساقطة من ك.

(٣) وتجرد تجرد الشىء : بتحرك الشىء د

(٤) تجرد : ساقطة من م.

(٥) أعرضت : أعرض م

(٦) بدلك : بذلك م.

(٧) على : عن د.

(٨) امتدادا ما : امتدادها ك.

(٩) ذلك : ساقطة من ف.

(١٠) يكون : + [ذلك] ف

(١١) تكون : لكون د ، ف ، م

(١٢) وامتدادها : وامتداد م

(١٣) فيما : ما د ، ك ، م.

(١٤) ذلك : ساقطة من م

(١٥) وكون : كون م

(١٦) من : ساقطة من ك ، م

(١٧) تستدير : تستبين م.

(١٨) بما : لما م.

١٢٥

غلطهم به أن ذلك عندهم ليس يكون إلا على وجه واحد ، حتى ظنوا أنه لا يجوز أن تكون العين شيئا له فى جوهره ضوء كالأشياء اللوامع التي ذكرناها فيما سلف. فإذا كانت ظلمة لمع وأضاء ما قدامه بكيفية يؤثرها لا لشىء ينفصل عنه وكأنه (١) لا يجوز أيضا أن يكون الحك واللمس قد يحدث شعاعات نارية لطيفة فى الظلمة ، كما يتفق من مس ظهر (٢) السنور وإمرار اليد على المخدة واللحية فى الظلمة. وقد يظهر لك أنه لا يبعد أن تكون الحدقة نفسها مما يلمع ليلا ويضيء ويلقى شعاعها على ما يقابلها ، فإن عيون (٣) كثير (٤) من الحيوان بهذه الصفة كعين الأسد والحية. فإذا كانت (٥) كذلك جاز أن ينير المظلم. ولهذا ما كان كثير من الحيوانات ترى الظلمة لإنارتها الشىء بنور يفيض من عينيها ولقوة (٦) عينها.

وأما حديث امتلاء الحدقة عند تغميض الأخرى فمن الذي ينكر أن يكون فى العصبة المجوفة جسم لطيف هو مركب القوة الباصرة ، وهو الذي يسمى (٧) الروح الباصرة ، (٨) وأنه (٩) يتحرك تارة مستبطنا هاربا وتارة مستظهرا محدقا. فإذا غمضت إحدى العينين هرب (١٠) من التعطل ومن الظلمة طبعا ، فمال (١١) إلى العين الأخرى ، لأن المنفذ فيهما مشترك على ما يعرفه أصحاب التشريح. وليس إذا امتلا شىء من شىء ، يجب من ذلك أن يكون فى طبع المالئ بروز وخروج وذهاب فى الأرض ومسافرة إلى أقطار العالم.

وأما حديث المرآة فيلزم سؤالهم جميع من عنده أن المرآة تنطبع فيها صورة المحسوس. لكن الأجوبة التي يمكن أن يجاب بها عن ذلك ثلاثة : جواب كأنه مبنى على مذهب مشهور ، وهو أن الصورة لا تنطبع فى المرآة على الهيئة التي تنطبع الصورة المادية فى موادها وبحيث لا تجتمع (١٢) فيها (١٣) الأضداد ، بل هذه الصورة تنطبع كليتها فى كلية المرآة ، ولا بأس أن يجتمع فيها شبح بياض

__________________

(١) وكأنه : وكان م.

(٢) ظهر : ظهور د.

(٣) عيون : عيونا د

(٤) كثير : كثيرة د.

(٥) كانت : كان ك.

(٦) عينيها ولقوة : ساقطة من م.

(٧) وهو الذي يسمى : وهى التي تسمى د ، م.

(٨) الباصرة : الباصر ك

(٩) وأنه : أنه ك.

(١٠) هرب : هربت د ، ف ، م

(١١) فمال : فمالت د ، ف ، م.

(١٢) لا تجتمع : لا تجمع م

(١٣) فيها : فيه د ، ك ؛ منه م.

١٢٦

وسواد معا لأنهما فيها (١) لا على (٢) سبيل التكيف بها ، بل كما يكون فى المعقول. والعقول تعقل السواد والبياض من غير تعاند ولا انقسام. ثم إنما يتأدى إلى البصر ما يكون على نسبة ما بين الثلاث (٣) أعنى المبصر والمرآة والمبصر. ولا تتفق نسبة الجميع من كل جزء من المرآة ، بل يكون جزء منها (٤) يؤدى البياض بعينه وجزء آخر يؤدى السواد بعينه ويتحدد بينهما حد فى الرؤية ، فتكون جملة الأداء والتحدد محصلة (٥) الصورة (٦) مثل المبصر فى البصر. وهذا الجواب مما لا أقول به ولا أعرفه ، ولا أفهم كيف تكون الصورة تنطبع فى جسم مادى من غير أن تكون موجودة فيه ، وقد يخلو الجسم عنها وهى منطبعة فيه ، وكيف يكون غير خال عنها وهى (٧) لا ترى فيه (٨) ، بل ترى صورته التي له ، مع أن من شأن ذلك أيضا أن يرى. أو كيف يكون خاليا بالقياس إلى واقف دون واقف وهذا (٩) اشتطاط (١٠) وتكلف بعيد. ومما فيه من التكلف أنهم لا يجعلون للشكل انطباعا فيه ، فإن جعلوا (١١) جعلوا الشكل غير محدود ؛ ومما فيه من التكلف أن يجعلوا صورة السواد فى جسم من غير أن يكون ذلك سوادا للجسم ، وأن يجوزوا أيضا اجتماع البياض فيه فى وقت واحد ويجعلوا صورة السواد غير السواد وصورة البياض غير البياض. وأما حديث العقل والمعقول فدعه إلى وقته.

وأما الجوابان الآخران اللذان يمكن أن يجيب بهما مجيب : أحدهما متشدد فيه والآخر مقارب فيه. فأما (١٢) المتشدد فيه فأن يقال : أما أولا فليس يجب إذا كان شىء يحتاج إليه ، أن يفعل شىء فى شىء أن يكون المحتاج إليه (١٣) مثل المرآة ، والمشف هاهنا ينفعل من المبدأ مثل الانفعال الذي ينفعل به الثالث ، فبرى أن السيف إذا أولم به آلم ، والهدية إذا سربها سرّت ؛ وأما ثانيا فليس بينا بنفسه ولا

__________________

(١) فيها : فيهما م

(٢) لا على : على د.

(٣) الثلاث : الثلاثة م.

(٤) منها : منه د ، ك ، م.

(٥) محصلة : محصلا ف ، م

(٦) الصورة : لصورة م.

(٧) وهى : وهو ك ، م

(٨) فيه : فبها ك.

(٩) وهذا : وهذه ك

(١٠) اشتطاط : إشطاط ف.

(١١) جعلوا جعلوا : جعلوا ك ، م.

(١٢) فأما : أما د ؛ وأما ك.

(١٣) إليه (الثانية) : ساقطة من د.

١٢٧

ظاهرا لا شك فيه أن كل جسم فاعل يجب أن يكون ملاقيا للملموس ، فإن هذا وإن كان موجودا بالاستقراء فى أكثر الأجسام فليس واجبا ضرورة أن يكون كل فعل وانفعال باللقاء والتماس ، بل يجوز أن تكون أفعال أشياء فى أشياء من غير ملاقاة. فكما (١) يجوز أن يفعل ما ليس بجسم فى الجسم من غير ملاقاة كالبارى والعقل والنفس ، فليس ببدع أن يكون جسم (٢) يفعل فى جسم بغير الملاقاة ، فتكون أجسام تفعل بالملاقاة وأجسام تفعل لا بالملاقاة. وليس يمكن أحد أن يقيم برهانا على استحالة هذا ولا على (٣) أنه لا يمكن أن يكون (٤) بين الجسمين نصبة ووضع يجوز أن يؤثر أحدهما فى الآخر من غير ملاقاة ، إنما يبقى هاهنا ضرب من التعجب كما لو كان انفق أن كانت الأجسام كلها إنما يفعل بعضها فى بعض بمثل تلك النصبة المباينة ، فكان إذا اتفق أن شوهد فاعل بفعل بالملاقاة تعجب منه كما يتعجب الآن من مؤثر بغير ملاقاة.

فإذا كان هذا غير مستحيل فى أول العقل وكان صحة مذهبنا (٥) المبرهن عليه يوجبه وكان لا برهان البتة ينقضه فنقول : إن من شأن الجسم المضيء بذاته والمستنير الملون (٦) أن يفعل فى الجسم ـ الذي يقابله إذا كان قابلا للشبح قبول البصر وبينهما جسم لا لون له ـ تأثيرا هو صورة مثل صورته من غير أن يفعل فى المتوسط شيئا ، إذ هو غير قابل لأنه شفاف. فإذا كان غير بين بنفسه ولا قام عليه برهان أن لا (٧) يكون جسم يفعل فى مقابل له بتوسط شفاف البتة ، وكان هذا مجوزا فى أول العقل ومتضحا بما برهنا عليه من كيفية الإدراك ، وكان ذلك غير محال ، فكذلك غير محال أيضا أن يكون بدل المتوسط الواحد متوسطان : المتوسط ومتوسط آخر ، وبدل النصبة والوضع نصبتان ووضعان : النصبة والوضع المذكوران ، (٨) مع وضع ونصبة أخرى. فيكون بدل هذا المتوسط الشفاف وحده متوسط ملون (٩) صقيل مع الشفاف ، وبدل نصبة المقابلة مع هذا المضيء والمستنير النصبة والمقابلة مع ذلك الصقيل الذي له النصبة والوضع

__________________

(١) فكما : كما ك.

(٢) جسم (الأولى) : ساقطة من د.

(٣) ولا على : وعلى م

(٤) يكون : ساقطة من م.

(٥) مذهبنا : مذهب م.

(٦) الملون : ساقطة ممن م.

(٧) أن لا : ألا د ؛ إلا أن ؛ أن م.

(٨) المذكوران : المذكورة د.

(٩) ملون : يكون م.

١٢٨

المذكوران مع المضيء المستنير المرئى. فيكون (١) من شأن هذا الجسم أن يفعل فى كل ما قابل مقابلا له صقيلا يكون مقابله فى شفيف ولو صقيل بعد صقيل إلى غير النهاية (٢) بعد أن يكونا على وضع محدود فعلا هو مثل صورته من غير أن يفعل فى الصقيل البتة. فيكون المشف والصقيل شيئين يحتاج إليهما حتى يفعل شىء فى شىء آخر ولا يكون ذلك الفعل بعينه فيهما. فإذا كان كذلك واتفق أن وافى خيال الصقيل إلى البصر وخيال الشىء الآخر معا ورئيا معا فى جزء من الناظر واحد ، ظن أن الخيال يرى فى الصقيل بعكس ما قالوا (٣) فى الشعاعات.

وأما الطريق المساهل فيه فهو أنه ليس يجب أن يؤثر كل شىء فى كل شىء مثل نفسه ، كما يجوز أن يؤثر أيضا مثل نفسه. فالمضىء والمستنير يجوز أن يؤثرا فى الهواء أثرا ما ، ذلك الأثر ليس أن يتشبح بشبح مثل صورة المضيء والمستنير ، بل يؤثر (٤) فيه أثرا لا يدرك بالحس البصرى أو غيره من الحواس ، (٥) وكذلك يجوز أن يؤثر (٦) فى الصقيل أثرا ما إما بواسطة المشف أو بغير واسطة. ثم المشف أو الصقيل (٧) يفعل فى آلة البصر (٨) أثرا ، ذلك (٩) الأثر هو (١٠) مثل صورة ما أثر فى كل واحد منهما أولا ، فيكون كل واحد من المؤثرين يؤثر أثرا خلاف ما فيه ، أعنى بالمؤثرين : (١١) المرئى الذي يؤثر فى المشف أو الصقيل ، والمشف أو الصقيل (١٢) الذي يؤثر فى البصر. ومثل هذا كثير ، (١٣) أعنى أن يكون شىء يؤثر فى شىء أثرا خلاف طبيعته ، ثم يؤثر هو فى شىء آخر مثل طبيعة الأول ، مثل الحركة فإنها تحدث فى جرم شىء (١٤) سخونة فتسخن الشىء ، ثم تلك السخونة تحدث حركة غير الحركة الأولى بالعدد ومثلها فى النوع. وقد يمكن أن يشاهد هذا بمرآة ينعكس عنها ضوء ولون إلى حائط بحيث يستقر فى الحائط ولا ينتقل بحسب مقامات الناظر ولا يكون مستقرا البتة فى المرآة. وهذا المستقر يعلم أنه

__________________

(١) يكون : + كل ف.

(٢) النهاية : نهاية م.

(٣) ما قالوا : ما قالوه م.

(٤) يؤثر : يؤثرا ف

(٥) الحواس : + إلا فى سطحه الذي يتأتى إليه ويقابل الجهة التي فيها ذو الشبح د.

(٦) يؤثر : يؤثرا ف.

(٧) أو الصقيل : والصقيل د

(٨) البصر : + أولا بتوسط فعلها فى سطح الهواء الذي يليه د

(٩) ذلك : وذلك د

(١٠) هو : ساقطة من د.

(١١) بالمؤثرين : بالمؤثر د ، م ؛ المؤثر ك.

(١٢) أو الصقيل : والصقيل د ، ك ، م

(١٣) كثير : كثيرا م.

(١٤) شىء : ساقطة من م.

١٢٩

وارد من طريق المرآة إلى الحائط ، وهو وإن (١) كان يرى فى المرآة فلا يرى مستقرا فيها فتكون المرآة أثرت أثرا مثل كيفية ما أثرت (٢) فيها أثرا (٣) ليس مثل كيفية (٤) فى الاستقرار ، وعلى ذلك حال البصر.

وأما حديث الانعطاف عن الماء فقد قال أصحاب الشعاع إن الشعاع (٥) إذا وقع عليه انبسط وانكسر أولا فأخذ مكانا أكثر ثم نفذ فرآه مع أكثر مما يحاذيه. وأما أصحاب الأشباح فقد (٦) قال بعضهم : إن السبب فيه أن بعض ما يحاذى يؤدى على أنه منفذ فى المحاذاة ، وبعضه على أنه مرآة ، ولا يبعد أن يظن أن الجميع يؤدى على أنه مرآة ، والمرآة من داخل خلاف المرآة من خارج. وقال فاضل قدماء المفسرين : إن البصر يعرض له لما يفوته من استقصاء تأمل الشيء أن يراه أبعد ويتفرق البصر لتأمله فيعظم شبحه. ويمكن أن يؤكد هذا القول بأن الشىء الذي اعتيد أن يرى من بعد ما على قدر ما فإذا تخيل (٧) أبعد من حيث هو ولم ير قدره القدر الذي يخيله ذلك البعد ، بل أعظم منه لأنه بالحقيقة قريب روى له مقدار أعظم من المقدار الذي يستحقه ببعده فيتخيل أعظم من المعهود. ثم فى هذا فضل نظر يحتاج أن يفطن له المتحقق للأصول ، ويكون (٨) بحيث لا يخفى عليه كيف ينبغى أن يكون الحق فى ذلك. ثم هذه الشبهة ليست مما تخص بلزومها (٩) إحدى الفرقتين دون الأخرى (١٠) فإن الانكسار الذي يقوله أصحاب الانكسار إن كان للصك فلم بقى على حاله ولم لا يرجع كرة أخرى فيستوى ، إذ (١١) طبيعة الشعاع أن ينفذ على الاستقامة. فإن كان هذا مستحيلا فى الشعاع النافذ إليه إذا لاقاه ثم ازداد الشىء غورا فلم يعرض له أن يزداد لغوره انكسارا ولم لا يزداد بامتداده انتظاما ، فإن القياس يوجب أن يحدث له بالامتداد اتصال (١٢) لا ينبسط. (١٣) وبالجملة فنعم (١٤) ما قال المعلم الأول حين قال : لأن يمتد المبصر من سعة إلى ضيق فيجتمع فيه

__________________

(١) وإن : إن د ، ك ، م.

(٢) ما أثر ت : ما أثر ف

(٣) أثرا : ساقطة من ك.

(٤) كيفية : كيفيته ف.

(٥) إن الشعاع : ساقطة من م.

(٦) فقد : وقد م.

(٧) تخيل : يتخيل ك.

(٨) ويكون : ويمكن م.

(٩) بلزومها : بلزومه ف

(١٠) الأخرى : أخرى ك.

(١١) إذ : إذن م.

(١٢) اتصال : اتصالا ك

(١٣) لا ينبسط : لا تبسط ف.

(١٤) فنعم : نعم ك ، م.

١٣٠

يكون ذلك فيه أعون على تحقيق صورته من أن يخرج الرائى من العين منتشرا فى السعة.

ومما يتصل بهذا الموضع (١) حال ما نقوله من أوضاع المرئى والرائى والضوء والمرآة ، فنقول : قد يعرض أن يكون المرئى والمضيء والرائى فى شفاف واحد ، وقد يعرض أن يكون المضيء والمرئى فى شفافات (٢) بينها (٣) سطوح ، فإن كان وضع السطح فى المحاذاة التي بين الرائى والمضيء الفاعل للاستنارة لم ير ذلك السطح كسطح الفلك والهواء ، وإن كان السطح خارجا عن ذلك كسطح الماء ونحن فى الهواء ، والمضيء ليس فى هذه المحاذاة ، فإن ذلك السطح ينعكس عنه الضوء الآتى من المضيء إلى البصر ، فيرى متميزا ، فقد علمت ما نعنى بالعكس. وإن كان فى داخل السطح المنعكس عنه مرئى (٤) أراه ما هو فيه على أنه مشف وأراه على أنه مرآة ، وكانت المرآة (٥) التي هناك مطابقة لما يحاذى المرئى إن كان مكشوفا للرائى ، وإن كان مستورا كانت (٦) المرآة ملتقى الخط الخارج من البصر والعمود الخارج من المرئى (٧) الذي فى الماء ، فإن شبحه يتأدى عنه على استقامة.

فإنك إن ألقيت خاتما فى الطشت (٨) بحيث لا تراه ثم ملأته ماء رأيته ، وإن كان المرئى خارجا عن شفاف متوسط غير الشفاف الذي فيه الرائى والمضيء ، فإن المشف المتوسط (٩) يريه وإن كان ليس كذلك ، بل هو من جهة الرائى ، فإن سطح ذلك المشف لا يريه إلا أن يجعل له لون غريب بشيء يوضع (١٠) من ذلك الجانب حتى يرى ككرة البلور الملون أحد جانبيها.

__________________

(١) والضوء : ساقطة من م.

(٢) شفافات : شفافين ك

(٣) بينهما : بينهما ك.

(٤) مرئى : مراى م.

(٥) المرآة : + هى د.

(٦) كانت : وكانت د ، ك.

(٧) المرئى : المراى م.

(٨) الطشت : طست د ؛ الطست م.

(٩) متوسط : يتوسط م.

(١٠) يوضع : بموضع م.

١٣١

الفصل الثامن (١)

فى سبب رؤية الشيء الواحد (٢) لشيئين (٣)

لنقل فى سبب رؤية الشىء الواحد كشيئين فإنه موضع نظر ، وذلك لأنه أحد ما يتعلق به (٤) أصحاب الشعاعات أيضا. ويقولون : إنه إذا كان الإبصار بشيء خارج من البصر يلقى البصر ثم يتفق أن ينكسر وضعه عند البصر ، وجب أن يرى الشىء الواحد لا محالة كشيئين متباينين فيرى (٥) اثنين. وليسوا يعلمون أن هذا يلزمهم الشناعة بالحقيقة ، (٦) وذلك لأن الإبصار إن كان بمماسة أطراف الشعاعات وقد اجتمعت عليه ، فيجب أن يرى على كل حال واحدا. ولا يضر فى ذلك انكسار أطراف الشعاعات المنكسرة ، بل الحق هو أن شبح المبصر يتأدى بتوسط الشفاف إلى العضو القابل المتهيئ (٧) الأملس النير من غير أن يقبله جوهر الشفاف أصلا من حيث هو تلك الصورة ، بل يقع بحسب المقابلة لا فى زمان ، وأن (٨) شبح المبصر أول ما ينطبع إنما ينطبع فى الرطوبة الجليدية ، وأن الإبصار بالحقيقة لا يكون عندها ، وإلا لكان الشىء الواحد يرى شيئين لأن له فى الجليديتين (٩) شبحين (١٠) كما إذا لمس باليدين كان لمسين. ولكن (١١) هذا الشبح يتأدى فى العصبتين المجوفتين إلى ملتقاهما على هيئة الصليب ، وهما عصبتان نبين الشبح يتأدى فى العصبتين المجوفتين إلى ملتقاهما على هيئة الصليب ، وهما عصبتان نبين لك حالهما حين نتكلم فى التشريح.

وكما أن الصورة الخارجة يمتد منها فى الوهم مخروط يستدق إلى أن يوقع زاويته وراء سطح الجليدية ، كذلك الشبح الذي فى الجليدية يتأدى بوساطة (١٢) الروح المؤدية

__________________

(١) الفصل الثامن : فصل ٨ ف ؛ ساقطة من د.

(٢) الواحد : ساقطة من د

(٣) كشيئين : شيئين ف ، م.

(٤) به : منه د.

(٥) فيرى : فرأى د ، ك.

(٦) بالحقيقة : ساقطة من م.

(٧) المتهيئ : المهيأ له ف ؛ ساقطة من د ، م.

(٨) وأن : فإن ك.

(٩) الجليديتين : الجليديتبين م.

(١٠) شبحين ... ولكن : ساقطة من م.

(١١) ولكن : لكن ف.

(١٢) بوساطة : بواسطة ف.

١٣٢

التي فى العصبتين إلى ملتقاهما على هيئة مخروط فيلتقى المخروطان ويتقاطعان هناك فتتحد منهما صورة شبحية (١) واحدة عند الجزء من الروح الحامل للقوة الباصرة. ثم أن ما وراء ذلك روحا مؤدية للمبصر لا مدركة مرة أخرى ، وإلا لافترق الإدراك مرة أخرى لافتراق العصبتين. وهذه المؤدية هى من جوهر المبصر وتنفذ إلى الروح المصبوبة فى الفضاء المقدم من الدماغ فتنطبع الصورة المبصرة مرة أخرى فى تلك الروح الحاملة لقوة الحس المشترك فيقبل الحس المشترك تلك الصورة وهو كمال الإبصار.

والقوة (٢) المبصرة غير الحس المشترك ، وإن كانت (٣) فائضة (٤) منه (٥) وهو (٦) مدبر (٧) لها. لأن القوة الباصرة تبصر ولا تسمع ولا تشم ولا تلمس ولا تذوق ، والقوة التي هى (٨) الحاسة المشتركة تبصر وتسمع وتشم وتلمس وتذوق على ما ستعلم. ثم إن القوة التي هى الحاس المشترك تؤدى الصورة إلى جزء من الروح يتصل بجزء من الروح الحامل لها فتنطبع فيه (٩) تلك الصورة ويخزنها هناك عند القوة المصورة وهى الخيالية ـ كما ستعلمه ـ (١٠) فتقبل تلك الصورة وتحفظها. فإن الحس المشترك قابل للصورة لا حافظ ، والقوة الخيالية حافظة لما قبلت تلك ، والسبب فى ذلك أن الروح التي فيها الحس المشترك إنما تثبت فيها الصورة المأخوذة من خارج منطبعة ما دامت النسبة المذكورة بينها (١١) وبين المبصر محفوظة أو قريبة العهد. فإذا غاب المبصر انمحت (١٢) الصورة عنها ولم تثبت زمانا يعتد به. وأما الروح التي فيها (١٣) الخيال فإن الصورة (١٤) تثبت فيها ، ولو بعد حين (١٥) كثير ، على (١٦) ما سيتضح لك عن قريب. والصورة إذا كانت فى الحس المشترك كانت محسوسة بالحقيقة فيه ، (١٧) حتى إذا انطبع فيه صورة كاذبة فى الوجود أحسها

__________________

(١) شبحية : شبيحية م.

(٢) والقوة المبصرة : فالقوة م

(٣) كانت : كان د ، م

(٤) فائضة : فائضا د ، م

(٥) منه : منا د ، م

(٦) وهو : ساقطة من د ، ك ، م

(٧) مدبر : مدبرا د ، ك ، م.

(٨) التي هى : ساقطة من ف.

(٩) فيه : فيها د ، ك ، م

(١٠) ستعلمه : ستعلمها د ، ف ، ك.

(١١) بينها : بينهما ك.

(١٢) انمحت : امتحت ك.

(١٣) التي فيها : الذي فيه د

(١٤) الصورة : الصور ف ، م.

(١٥) حين : ساقطة من د ، م

(١٦) على : وعلى د ، ك ، م.

(١٧) فيه (الأولى والثانية) : فيها د ، ك ، م.

١٣٣

كما بعرض للممرورين ، وإذا كانت (١) فى الخيال كانت متخيلة لا محسوسة.

ثم إن تلك الصورة التي فى الخيال تنفذ إلى التجويف المؤخر إذا شاءت القوة الوهمية ففتحت الدودة بتبعيد ما بين العضوين المسميين إليتى الدودة ، (٢) فاتصلت (٣) بالروح الحاملة للقوة الوهمية بتوسط الروح الحاملة للقوة المتخيلة التي تسمى فى الناس مفكرة ، فانطبعت الصورة التي فى الخيال فى روح القوة الوهمية. والقوة المتخيلة خادمة للوهمية مؤدية ما فى الخيال إليها ، إلا أن ذلك لا يثبت بالفعل فى القوة المتوهمة ، بل ما دام الطريق مفتوحا والروحان متلاقيين والقوتان متقابلتين فإذا أعرضت القوة المتوهمة (٤) عنها بطلت (٥) عنها تلك الصورة. والدليل على صحة القول بأن حصول هذه الصورة فى (٦) الوهم غير حصولها فى الخيال ، أن الخيال كالخازن وليست الصورة التي فيه متخيلة للنفس بالفعل دائما ، وإلا لكان يجب أن نتخيل معا صورا كثيرة أى صورة (٧) كانت فى الخيال ، ولا هذه الصور (٨) أيضا فى الخيال على سبيل ما بالقوة وإلا لكان يحتاج إلى (٩) أن تسترجع بالحس الخارج مرة أخرى ، بل هى مخزونة فيه ، والوهم بتوسط المفكرة أو المتخيلة (١٠) يعرضها على النفس وعنده يقف تأدى الصورة المحسوسة ، وأما الذكر فهو لشىء آخر كما نذكره بعد. فهذه أصول يجب أن تكون عتيدة عندك.

ولنرجع إلى غرضنا فنقول : إن السبب فى رؤية الشىء الواحد اثنين أربعة أسباب : أحدها انفتال (١١) الآلة المؤدية للشبح الذي فى الجليدية إلى ملتقى العصبتين فلا يتأدى الشبحان إلى موضع واحد على الاستقامة ، (١٢) بل ينتهى كل عند جزء من الروح الباصرة المرتبة (١٣) هناك على حدة ، لأن خطى الشبحين لم ينفذا نفوذا من شأنه يتقاطعا عند مجاورة ملتقى العصبتين ، فيجب لذلك أن ينطبع من كل شبح ينفذ

__________________

(١) كانت : لكانت م.

(٢) المسميين إليتى الدودة : المسميين بالدودة ف ؛ المسميين الدودة م

(٣) فاتصلت : فاتصل م.

(٤) بل ما دام ... المتوهمة : ساقطة من م.

(٥) بطلت عنها : ساقطة من م.

(٦) فى (الأولى) : ساقطة من م.

(٧) صورة : صور ك

(٨) الصور : الصورة م.

(٩) إلى : ساقطة من ف ، م.

(١٠) أو المتخيلة : والمتخيلة ، ك ، م.

(١١) انفتال : انتقال م.

(١٢) على الاستقامة : ساقطة من ف.

(١٣) الباصرة المرتبة : الباصر المرتب ف ، ك.

١٣٤

عن الجليدية خيال على حدة (١) وفى جزء من الروح الباصرة على حدة ، فيكون كأنهما خيالان عن شيئين مفترقين من خارج ، إذ لم يتحد (٢) الخطان الخارجان منهما إلى مركز الجليديتين نافذين فى العصبتين ، فلهذا السبب ترى الأشياء (٣) كثيرة متفرقة. (٤)

والسبب الثاني حركة الروح الباصرة (٥) وتموجه يمنة ويسرة حتى يتقدم الجزء المدرك مركزه المرسوم له فى الطبع آخذا إلى جهة الجليديتين أخذا متموجا مضطربا فيرتسم فيه الشبح والخيال قبل تقاطع المخروطين فيرى شبحين ، وهذا مثل الشبح المرتسم من الشمس فى الماء الراكد الساكن مرة واحدة والمرتسم منها فى المتموج ارتساما متكررا. (٦) وذلك أن الزاوية الحاصلة بين خط البصر إلى الماء وخط الشمس إلى الماء التي (٧) عندها يكون إبصار الشىء على طريق التأدى من المرآة لشىء (٨) لا تبقى واحدة ، (٩) بل يتلقاها الموج فى مواضع فتكثر هذه الزاوية فتنطبع أشباح فوق واحد. (١٠)

والسبب الثالث من اضطراب حركة الروح الباطنة التي (١١) وراء التقاطع إلى قدام وخلف حتى تكون لها حركتان إلى جهتين متضادتين : (١٢) حركة إلى الحس المشترك ، وحركة إلى ملتقى العصبتين ، فتتأدى إليها صورة المحسوس مرة أخرى قبل أن ينمحى ما تؤديه إلى الحس المشترك ، كأنها كما أدت الصورة إلى الحس المشترك رجع منها جزء يقبل ما تؤديه القوة الباصرة وذلك لسرعة الحركة ، فيكون مثلا قد ارتسم فى الروح المؤدية صورة فنقلتها إلى الحس المشترك ، ولكل مرتسم زمان ثبات إلى أن ينمحى ، فلما (١٣) زال القابل الأول من الروح عن مركزه لاضطراب حركته خلفه (١٤) جزء آخر فقبل (١٥) قبوله قبل أن ينمحى (١٦) عن الأول ، فتجزأت الروح للاضطراب إلى جزء متقدم كان فى سمت المرئى فأدركه ثم زال ، ولم تزل عنه الصورة دفعة ،

__________________

(١) على حدة. (الثانية) : ساقطة من د.

(٢) يتحد : ينفذ م.

(٣) الأشياء : الأشباح م

(٤) متفرقة : مفترقة م.

(٥) الباصرة : الباصر ف.

(٦) متكررا : تكررا م.

(٧) التي : الذي ك.

(٨) لشىء : ساقطة من ك ، م

(٩) واحدة : واحد د.

(١٠) واحد ٤ واحدة ك ، م.

(١١) الباطنة التي : الباطن الذي د ، ك ، م.

(١٢) متضادتين : مضادتين م.

(١٣) فلما : قلما ف.

(١٤) خلفه : تخلف د

(١٥) فقبل : فيقبل د ؛ وقبل ف

(١٦) ينمحى : انمحى د ، ف ؛ يمحى م.

١٣٥

بل هى فيه وإلى جزء آخر قابل للصورة أيضا بحصوله فى السمت الذي فى مثله يدرك الصورة عاقبا للجزء الأول والسبب الاضطراب. وإذا كان كذلك حصل فى كل واحد منهما صورة مرئية ، لأن الأولى لم تنمح بعد عن الجزء القابل الأول المؤدى إلى الحس المشترك أو عن غير (١) (٢) المؤدى إليه (٣) حتى انطبعت (٤) فى الثاني. والفرق بين هذا القسم والقسم الذي قبله أن هذه الحركة المضطربة إلى قدام وخلف ، وكانت تلك إلى يمنة ويسرة.

ولمثل هذا السبب ما يرى الشىء السريع الحركة إلى (٥) الجانبين كشيئين. لأنه قبل أن انمحى عن الحس المشترك (٦) صورته وهو فى جانب يراه (٧) البصر وهو فى جانب آخر فتوافى (٨) إدراكاه فى الجانبين معا. ولذلك إذا دارت نقطة ذات لون على شىء مستدير رؤيت (٩) خطا مستديرا ، وإذ امتدت بسرعة على الاستقامة رؤيت خطا مستقيما. ونظير هذه الحركة الدوار ، فإنه إذا عرض سبب من الأسباب المكتوبة فى كتب الطب فحرك الروح الذي فى التجويف المقدم من الدماغ على الدور ، وكانت القوة الباصرة تؤدى إلى ما هناك صورة محسوسة ، فالجزء (١٠) من الروح القابل لها لا يثبت مكانه ، بل ينتقل ويخلفه جزء آخر يقبل تلك الصورة بعد قبوله وقبل انمحائها (١١) عنه. (١٢) وكذلك على الدور ، فيتخيل (١٣) أن المرئيات تدور وتتبدل على الرائى ، وإنما الرائى هو الذي يدور ويتبدل على المرئى. وإذا (١٤) كان القابل ثابتا وتحرك الشىء المبصر بسرعة انتقل لا محالة شبحه الباطن من جزء من القابل إلى جزء آخر ، فإنه لو كان الشبح يثبت فى ذلك الجزء بعينه لكان نسبة القابل مع المقبول واحدة ثابتة. فإذن إذا عرض لحامل الشبح أن ينتقل عن مكانه انتقل الشبح لا محالة ، (١٥) فتغيرت نسبته (١٦) إلى الجسم الذي من خارج ،

__________________

(١) الأول ... غير : ساقطة من م.

(٢) غير : ساقطة من ف

(٣) إليه : ساقطة من م

(٤) انطبعت : انطبع د ، ك.

(٥) إلى ساقطة من م

(٦) المشترك ... خارج : ساقطة من د.

(٧) يراه : رآه ف.

(٨) فتوافى : فيتوافى ك.

(٩) رؤيت : رأيت ك.

(١٠) فالجزء : والجزء ك.

(١١) انمحائها : انمحائه ك

(١٢) عنه : ساقطة من م.

(١٣) فيتخيل : فيخيل م.

(١٤) وإذا : فإذا م.

(١٥) لا محالة : محالة م

(١٦) نسبته : نسبة م.

١٣٦

فعرض (١) مثل (٢) ما يعرض لو كان الشىء الذي من خارج ينتقل. وأيضا فإن الناظر فى الماء شديد الجرى يتخيل له أنه هو ذا يميل عن جهة ويسقط إليها ، والسبب فى ذلك أنه يتخيل الأشياء كلها تميل إلى خلاف جهة ميل الماء ، فإن شدة الحركة الموجبة لسرعة المفارقة توهم أن المفارقة من الجانبين معا ، والسبب انتقال الشبح فى القابل مع ثباته (٣) فى كل جزء تفرضه (٤) زمانا ما. ويجب أن يعلم أن مع هذه الأسباب سببا آخر معينا لها ماديا ، وذلك أن جوهر الروح جوهر فى غاية اللطافة وفى غاية سرعة الإجابة إلى قبول الحركة ، حتى أنه إذا حدث (٥) فيه سبب موجب (٦) لانتقال الشبح من جزء إلى جزء يلزمه أن يتحرك جوهر الروح حركة ما (٧) ـ وإن قلّت ـ إلى سمت ذلك الجزء.

والسبب فى ذلك أن لكل قوة من القوى المدركة انبعاثا بالطبع إلى مدركها ، حتى أنها تكاد تلتذ به وإذا انبعثت (٨) نحوه مال (٩) حاملها (١٠) إليه أو مالت (١١) بحاملها (١٢) إليه. ولهذا ما كان الروح الباصر (١٣) يندفع جملة إلى الضوء وينقبض عن الظلمة بالطبع ، فإذا مال الشبح إلى جزء من الروح دون جزء كانت القوة كالمندفعة إلى جهة ميل للشبح (١٤) بآلتها. فإن الآلة مجيبة لها إلى نحو الجهة التي تطلبها القوة فيحدث فى الروح تموج إلى تلك الجهة للطافتها وسرعتها إلى قبول الأثر كأنها تتبع حركة الشبح. ولهذا السبب إذ أطال (١٥) الإنسان النظر إلى شيء يدور يتخيل له أن سائر الأشياء تدور لأنه تحدث فى الروح حركة مستديرة لاتباعها لانتقال الشبح. وكذلك إذا أطال النظر إلى شىء سريع الحركة فى الاستقامة تحدث فى الروح حركة مستقيمة إلى ضد تلك الجهة ، لأن جهة حركة الشىء مضادة (١٦) لجهة حركة ذى (١٧) الشبح ، فحينئذ ترى الأشياء كلها (١٨) تنتقل إلى ضد تلك الجهة ، لأن أشباح الأشياء لا تثبت.

والسبب الرابع اضطراب حركة تعرض للثقبة (١٩) العينية ، فإن الطبقة (٢٠) العينية سهلة (٢١)

__________________

(١) فعرض ... يدور : ساقطة من د.

(٢) مثل : ساقطة من ف ، م.

(٣) ثباته : أنه م. (٤) تفرضه : يعرضه م.

(٥) حدث : أحدث م (٦) موجب : يوجب م.

(٧) ما : ساقطة من ك.

(٨) انبعثت : انبعث ك ، م

(٩) مال : سال م (١٠) حاملها : حامله ك

(١١) أو مالت : أو مال ك ؛ وسال م

(١٢) بحاملها : بحامله ك ؛ حاملة م.

(١٣) الباصر : الباصرة ك.

(١٤) للشبح : الشبح م. (١٥) أطال : طال م.

(١٦) مضادة : متضادة م (١٧) ذى : ساقطة من ف ، م

(١٨) كلها : كأنها م. (١٩) للثقبة : لثقبة م

(٢٠) الطبقة : الطبيعة م (٢١) العينية : الغيببة م.

١٣٧

الحركة إلى هيئة تتسع لها التقبة وتضيق تارة إلى خارج ، وتارة إلى داخل على الاستقامة أو إلى جهة ، فيتبع اندفاعها إلى خارج انضغاط يعرض لها واتساع من الثقبة ، ويتبع اندفاعها إلى داخل اجتماع يعرض لها وتضيق من الثقبة. فإذا اتفق أن ضاقت الثقبة رؤى (١) الشىء أكبر ، وإذا اتسعت (٢) رؤى أصغر ، أو انفق أن مالت إلى جهة رؤى فى مكان آخر. فيكون كأن المرئى أولا غير المرئى ثانيا ، وخصوصا إذا كان قد تمثل (٣) قبل انمحاء الصورة الأولى صورة أخرى.

ولقائل أن يقول : (٤) فلم لا تثبت الصورة واحدة مع انتقال القابل كما تبقى صورة الضوء واحدة مع انتقال القابل ، (٥) فيكون إذا زال القابل (٦) عن المحاذاة بطلت الصورة عنه وحدثت فيما يقوم مقامه ، فلم تكن صورتان ، فلم تكن رؤيتان ، ولا اتصال خط من (٧) نقطة ، ولا رؤيت الأشياء تستدير. فنقول : لا يبعد أن يكون من شأن الروح التي (٨) للحس المشترك أن لا تكون إنما تضبط الصورة بالمحاذاة فقط ، وإن كانت (٩) لا تضبطها بعد المحاذاة مدة طويلة فيكون (١٠) لا كضبط المستنير بالضوء للضوء الذي يبطل دفعة ولا كضبط الحجر للنقش الذي يبقى مدة طويلة ، بل (١١) بين بين. وتكون تخليته عن الصورة بسبب يقوى ويعان بعد المحاذاة بزمان ما لأسباب نجدها مذكورة فيما تفتر (١٢) حركته وفيما يعود إلى طبيعته حيث يتكلم فى مثله.

ومن هذا يعلم أن قبول الروح الباطن للخيالات المبصرة ليس كقبول الشبح الساذج الذي يزول مع زوال المحاذاة. وبالحرى أن تكون الحواس هى هذه المشهورة ، وأن تكون الطبيعة لا تنتقل من درجة الحيوانية إلى درجة فوقها ، أو توفى جميع ما يكون فى تلك الدرجة. فيجب من ذلك أن تكون جميع الحواس محصلة عندنا ، ومن رام أن يبين هذا بقياس واجب فقد تكلف شططا. وجميع ما قيل فى هذا فهو غير

__________________

(١) رؤى (الأولى) : يرى ك ، م

(٢) وإذا اتسعت : أو اتسعت د ، ف ، ك.

(٣) تمثل : تتمثل ك.

(٤) يقول : يقال ك.

(٥) كما تبقى ... انتقال القابل : ساقطة من د.

(٦) إذا زال القابل : القابل إذا زال د ، ف ؛ الضوء إذا زال م.

(٧) من (الأولى) : عن د ، ف ، م.

(٨) التي : الذي ف

(٩) كانت : كان د ، ف ، ك.

(١٠) فيكون : + تضبط د ، ك ؛ + ضبطه ف.

(١١) بل : ساقطة من م.

(١٢) تفتر : نعيد م.

١٣٨

مبرهن ، أو لست أفهمه فهم المبرهن عليه ويفهمه غيرى ، فليتعرف ذلك من غير كلامنا.

فالحواس المفردة والمحسوسات المفردة ما ذكرناه ، وهاهنا حواس مشتركة ومحسوسات مشتركة.

فلنتكلم أولا فى المحسوسات المشتركة فنقول : إن الحواس منا (١) قد تحس مع ما تحس أشياء أخرى لو انفردت وحدها لم تحس ، وهذه الأشياء هى المقادير والأوضاع والأعداد والحركات والسكونات والأشكال والقرب والبعد والمماسة وما هو غير ذلك مما يدخل فيه. وليس إنما تحس هذه بعرض ، وذلك لأن المحسوس بالعرض هو الذي ليس محسوسا بالحقيقة ، لكنه مقارن لما يحس بالحقيقة مثل إبصارنا أبا عمرو وأبا خالد ، (٢) فإن (٣) المحسوس هو الشكل واللون ، ولكن عرض أن ذلك مقارن لشىء مضاف ؛ فنقول : إنا أحسسنا بالمضاف ولم نحسه البتة ولا فى أنفسنا خيال أو وهم (٤) ولا رسم لأبى خالد من حيث هو (٥) أبو خالد يكون ذلك الرسم ، (٦) أو الخيال مستفادا من الحس بوجه من الوجوه. وأما الشكل والعدد وغير ذلك فإنه وإن كان لا يحس بانفراده ، فإن رسمه وخياله يلزم خيال ما يحس وما يدرك بأنه لون أو حرارة أو برودة مثلا ، حتى يمتنع ارتسام أمثال هذه فى الخيال دونها أيضا. وليس إذا كان الشىء متمثلا ومدركا لشىء فى شىء بتوسط شىء فهو غير متمثل فيه (٧) بالحقيقة فإن كثير من الأمور التي هى بالحقيقة وليست بالعرض فإنها تكون بمتوسطات. (٨) وهذه المحسوسات المشتركة لما كان إدراكها بهذه الحواس ممكنا لم يحتج إلى حاسة (٩) أخرى ، بل لما كان إدراكها بلا توسط غير ممكن استحال أن تفرد لها حاسة.

فالبصر يدرك العظم والشكل والعدد والوضع والحركة والسكون بتوسط اللون ، (١٠) ويشبه أن يكون إدراك الحركة والسكون (١١) مشوبا (١٢) بقوة غير الحس ، واللمس يدرك جميع هذا (١٣) بتوسط صلابة أو لين فى أكثر الأمر ، وقد يكون بتوسط الحر والبرد.

__________________

(١) مشتركة ... منا : ساقطة من م.

(٢) وأبا خالد : وأخا خالد ف ، م

(٣) فإن : وإن م.

(٤) أو وهم : ساقطة من ف.

(٥) هو : ساقطة من ك

(٦) الرسم : الوهم ك.

(٧) فيه : ساقطة من ك.

(٨) بمتوسطات : متوسطات م.

(٩) حاسة : حواس ك.

(١٠) بتوسط اللون : ساقطة من م.

(١١) ويشبه ... والسكون : ساقطة من م

(١٢) مشوبا : مشوية م.

(١٣) هذا : هذه م.

١٣٩

والذوق يدرك العظم بأن يذوق (١) طعما كثيرا منتشرا ، ويدرك العدد بأن يجد طعوما كثيرة فى الأجسام ، وأما الحركة والسكون والشكل فيكاد أن يدركه (٢) أيضا ولكن ضعيفا ، يستعين فى ذلك (٣) باللمس. وأما الشم فيكاد لا يدرك (٤) به العظم والشكل والحركة والسكون إدراكا متمثلا فى الشام ، بل يدرك به العدد بأن يتمثل فى الشام ، ولكن النفس تدرك ذلك بضرب من القياس أو الوهم بأن تعلم أن الذي انقطعت رائحته دفعة قد زال والذي تبقى رائحته هو ثابت. وأما السمع فإن العظم لا يدركه ولكن السمع قد يدل النفس عليه (٥) دلالة غير مستمرة على الدوام ، (٦) وذلك من جهة أن الأصوات العظيمة قد ينسبها إلى أجسام عظيمة ، وكثيرا ما تكون من أشياء صغيرة وبالعكس. ولكن قد يدرك العدد ويدرك (٧) الحركة والسكون بما يعرض للصوت الممتد من ثبات أو اضمحلال يكون مصيره إلى ذلك الاختلاف فى تحدد (٨) مثل ذلك البعد. ولكن هذا الإدراك من جملة ما تدركه (٩) النفس للعادة التي عرفتها. وقد يمكن أن يسمع الصوت عن الساكن على هيئة (١٠) الصوت الذي يسمع عن المتحرك وعن المتحرك على هيئة الذي يسمع عن الساكن ، فلا تكون هذه الدلالة مركونا إليها ولا تجب وجوبا ، بل تكون فى أكثر الأمر. وأما الشكل فلا يدركه السمع إلا شكل الصوت لا شكل الجسم ، وأما الذي يسمع عن المجوف فيوقف على تجويفه فهو شىء يعرض للنفس وتعرفه النفس على سبيل الاستدلال. وتأمل (١١) مذهب العادة فيه ويشبه أن يكون حال البصر فى كثير مما يدركه هذه الحال أيضا إلا أن إدراك البصر لما يدركه من (١٢) ذلك أظهر.

فهذه هى (١٣) المحسوسات التي تسمى مشتركة ، إذ قد تشترك فيها عدة من الحواس.

__________________

(١) يذوق : يدرك ك.

(٢) يدركه : يدركهما م.

(٣) فى ذلك : ساقطة من م

(٤) لا يدرك : أن يدركه م.

(٥) النفس عليه : عليه النفس ك ، م

(٦) الدوام : الدوم ف ، م.

(٧) ويدرك : وقد يدرك ك.

(٨) تحدد : تجدد م.

(٩) ما تدركه : ما تدرك ك.

(١٠) الصوت ... هيئة : ساقطة من د.

(١١) وتأمل : وتأميل م.

(١٢) من : عن ك.

(١٣) هى : ساقطة من م.

١٤٠