وسائل الشيعة - ج ١٥

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

وسائل الشيعة - ج ١٥

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5503-15-9
ISBN الدورة:
964-5503-00-0

الصفحات: ٣٩٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

الحروريّة عند علي ( عليه السلام ) فقال : إن خرجوا على إمام عادل أو جماعة فقاتلوهم. وإن خرجوا على إمام جائر فلا تقاتلوهم فإنّ لهم في ذلك مقالاً.

ورواه الصدوق في ( العلل ) عن محمّد بن الحسن ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن المغيرة مثله (٢).

[ ٢٠٠٢٦ ] ٤ ـ وبإسناده عن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : لمّا فرغ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من أهل النهروان ، فقال : لا يقاتلهم بعدي إلاّ من هم أولى بالحق منه (١).

[ ٢٠٠٢٧ ] ٥ ـ وعنه ، عن الحجّال ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن صفوان ، عن عبدالرحمن بن الحجّاج قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : كان في قتال علي ( عليه السلام ) أهل قبلة بركة ، ولو لم يقاتلهم علي ( عليه السلام ) لم يدرِ أحد بعده كيف يسير فيهم.

[ ٢٠٠٢٨ ] ٦ ـ وعنه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال : قال رجل لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : الخوارج شكاك ؟ فقال : نعم ، قال : فقال بعض أصحابه : كيف ، وهم يدعون إلى البراز ؟ قال : ذلك مما يجدون في أنفسهم.

[ ٢٠٠٢٩ ] ٧ ـ الحسن بن محمّد الطوسي في ( مجالسه ) عن أبيه ، عن

__________________

(٢) علل الشرائع : ٦٠٣ / ٧١.

٤ ـ التهذيب ٦ : ١٤٤ / ٢٤٩.

(١) في نسخة : من هو أولى بالحق منهم ( هامش المخطوط ).

٥ ـ التهذيب ٦ : ١٤٥ / ٢٥٠.

٦ ـ التهذيب ٦ : ١٤٥ / ٢٥١.

٧ ـ أمالي الطوسي ١ : ٦٣.

٨١

المفيد ، عن علي بن بلال ، عن أحمد بن الحسن البغدادي ، عن الحسين بن عمر المقري ، عن علي بن الأزهر ، عن علي بن صالح المكي ، عن محمّد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه أنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله ) قال له : يا علي إنّ الله تعالى قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي ، كما كتب عليهم جهاد مع المشركين معي ، فقلت : يا رسول الله وما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد ؟ قال : فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّي رسول الله وهم مخالفون لسنّتي وطاعنون في ديني ، فقلت : فعلام نقاتلهم يا رسول الله وهم يشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسول الله ؟ فقال : على أحداثهم في دينهم ، وفراقهم لأمري ، واستحلالهم دماء عترتي ... الحديث.

[ ٢٠٠٣٠ ] ٨ ـ وعنه ، عن جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمّد بن جعفر النميري العدل ، عن محمّد بن إسماعيل القاضي وجبير بن محمّد ، عن عمّار بن خالد الواسطي ، وإسحاق بن يوسف الأزرق ، عن عبدالله بن أبي أوفى قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : الخوارج كلاب أهل النار.

[ ٢٠٠٣١ ] ٩ ـ محمّد بن علي بن الحسين في ( عيون الأخبار ) بأسانيده الآتية عن الفضل بن شاذان (١) ، عن الرضا ( عليه السلام ) ـ في حديث طويل ـ قال : فلا يحلّ قتل أحد من النصاب والكفار في دار التقية إلاّ قاتل أو ساعٍ في فساد ، وذلك إذا لم تخف على نفسك وعلى أصحابك.

[ ٢٠٠٣٢ ] ١٠ ـ عبدالله بن جعفر الحميري في ( قرب الإِسناد ) عن

__________________

٨ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٠١.

٩ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ١٢٤ ، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٥ من أبواب المرتد.

(١) تأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز (ب).

١٠ ـ قرب الإِسناد : ٤٥.

٨٢

هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد ، عن جعفر ، عن أبيه أنّ علياً ( عليه السلام ) لم يكن ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق ، ولكنه كان يقول : هم إخواننا بغوا علينا.

أقول : هذا محمول على التقية.

[ ٢٠٠٣٣ ] ١١ ـ وعن السندي بن محمّد ، عن أبي البختري ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن علي ( عليه السلام ) أنّه قال : القتل قتلان : قتل كفارة ، وقتل درجة ، والقتال قتالان : قتال الفئة الباغية حتى يفيئوا ، وقتال الفئة الكافرة حتى يسلموا.

[ ٢٠٠٣٤ ] ١٢ ـ وعن الريان بن الصلت قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) إنّ العباسي يسمعني فيك ويذكرك كثيراً وهو كثيراً ما ينام عندي ويقيل ، فترى أن آخذ بحلقه وأعصره حتى يموت ثمّ أقول : مات فجأة ؟ فقال : ونفض يديه ثلاث مرات لا يا ريان لا يا ريان لا يا ريان ، فقلت : إنّ الفضل بن سهل هو ذا يوجّهني إلى العراق في اُمورٍ له ، والعباسي خارج بعدي بأيام إلى العراق ، فترى أن أقول لمواليك القميين أن يخرج منهم عشرون ثلاثون رجلاً كأنهم قاطعوا طريق أو صعاليك فإذا اجتاز بهم قتلوه ، فيقال : قتله الصعاليك ، فسكت فلم يقل لي : « نعم » ولا « لا ».

أقول : سبب السكوت التقية ، فيدلّ على الإِباحة لأنّه لا تقية في النهي لو أراده.

[ ٢٠٠٣٥ ] ١٣ ـ محمّد بن الحسين الرضي في ( نهج البلاغة ) عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : لا تقتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق

__________________

١١ ـ قرب الإِسناد : ٦٢.

١٢ ـ قرب الإِسناد : ١٤٩.

١٣ ـ نهج البلاغة ١ : ١٠٣ / ٥٨.

٨٣

فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه ـ يعني : معاوية وأصحابه ـ (١).

٢٧ ـ باب جواز فرار المسلم من ثلاثة في الحرب ، وتحريمه من واحد أو اثنين بأن يكون العدو على الضعف لا أزيد

[ ٢٠٠٣٦ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : كان يقول : من فر من رجلين في القتال في الزحف فقد فرّ ، ومن فرّ من ثلاثة في القتال فلم يفر.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله (١).

[ ٢٠٠٣٧ ] ٢ ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث طويل ـ قال : إنّ الله عزّ وجل فرض على المؤمن في أوّل الأمر ان يقاتل عشرة من المشركين ليس له أن يولّي وجهه عنهم ، ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبّوأ مقعده من النار ، ثمّ حولهم عن حالهم رحمة منه لهم ، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفاً من الله عزّ وجلّ فنسخ الرجلان العشرة.

__________________

(١) تقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٢ من الباب ٥ ، وفي البابين ٢٤ ، ٢٥ من هذه الأبواب.

وتقدم ما يدل على جواز اخذ مال الناصب في الحديثين ٦ ، ٧ من الباب ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

الباب ٢٧

فيه ٣ أحاديث

١ ـ الكافي ٥ : ٣٤ / ١.

(١) التهذيب ٦ : ١٧٤ / ٣٤٢.

٢ ـ الكافي ٥ : ٦٩.

٨٤

[ ٢٠٠٣٨ ] ٣ ـ علي بن الحسين الموسوي المرتضى في رسالة ( المحكم والمتشابه ) نقلاً من ( تفسير النعماني ) بإسناده الآتي (١) عن إسماعيل بن جابر ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، عن علي ( عليه السلام ) في بيان الناسخ والمنسوخ ، قال : إنّ الله عزّ وجل لمّا بعث محمّداً ( صلّى الله عليه وآله ) أمره في بدو أمره أن يدعو بالدعوة فقط ، وأنزل عليه ( وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ ) (٢) فلمّا أرادوا ما همّوا به من تبييته أمره الله بالهجرة وفرض عليه القتال ، فقال : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) (٣) ثمّ ذكر بعض آيات القتال ـ إلى أن قال ـ فنسخت آية القتال آية الكف ، ثمّ قال : ومن ذلك أن الله فرض القتال على الأُمّة فجعل على الرجل الواحد أن يقاتل عشرة من المشركين ، فقال ( إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) (٤) ثمّ نسخها سبحانه فقال ( الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ ) (٥) فنسخ بهذه الآية ما قبلها فصار فرض المؤمنين في الحرب إذا كان عدة المشركين أكثر من رجلين لرجل لم يكن فارّاً من الزحف وإن كان العدة رجلين لرجل كان فارّاً من الزحف.

__________________

٣ ـ المحكم والمتشابه : ١٠ ، ١١.

(١) يأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٥٢).

(٢) الأحزاب ٣٣ : ٤٨.

(٣) الحج ٢٢ : ٣٩.

(٤) الأنفال ٨ : ٦٥.

(٥) الأنفال ٨ : ٦٦.

٨٥

٢٨ ـ باب أنّ من أُسر بعد جراحة مثقلة وجب افتداؤه من بيت المال وإلاّ فمن ماله ، وعدم جواز الاستسلام للأسر بغير جراحة

[ ٢٠٠٣٩ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمون ، عن عبدالله بن عبدالرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبدالملك ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : لمّا بعث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ببراءة مع علي ( عليه السلام ) بعث معه أُناساً ، وقال : من استأسر من غير جراحة مثقلة فليس منّا.

[ ٢٠٠٤٠ ] ٢ ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : من استأسر من غير جراحة مثقلة فلا يفدى من بيت المال ، ولكن يفدى من ماله إن أحب أهله.

[ ٢٠٠٤١ ] ٣ ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : بعث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بالراية وبعث معها ناساً فقال النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : من استأسر بغير جراحة مثقلة فليس مني.

__________________

الباب ٢٨

فيه ٣ أحاديث

١ ـ الكافي ٥ : ٣٤ / ٢.

٢ ـ الكافي ٥ : ٣٤ / ٣.

٣ ـ التهذيب ٦ : ١٧٢ / ٣٣٣.

٨٦

٢٩ ـ باب تحريم الفرار من الزحف إلاّ ما استثني

[ ٢٠٠٤٢ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في كلام له : وليعلم المنهزم بأنّه مسخط ربّه ، وموبق نفسه ، وأنّ في الفرار موجدة الله ، والذلّ اللازم ، والعار الباقي ، وإنّ الفار لغير مزيد في عمره ، ولا محجوز بينه وبين يومه ، ولا يرضي ربّه ، ولموت الرجل محقاً قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبس بها ، والإِقرار عليها.

[ ٢٠٠٤٣ ] ٢ ـ محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمّد بن سنان ، أنّ أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : حرم الله الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين ، والاستخفاف بالرسل والأئمّة العادلة ، وترك نصرتهم على الأعداء والعقوبة لهم على ترك ما دعوا إليه من الإِقرار بالربوبيّة ، وإظهار العدل ، وترك الجور وإماتة الفساد ، لما في ذلك من جرأة العدوّ على المسلمين ، وما يكون في ذلك من السبي والقتل وإبطال دين الله عزّ وجلّ وغيره من الفساد.

ورواه في ( العلل ) و ( عيون الأخبار ) كما يأتي (١).

أقول : وتقدّم ما يدلّ على ذلك (٢) ، ويأتي ما يدل عليه (٣).

__________________

الباب ٢٩

فيه حديثان

١ ـ الكافي ٥ : ٤١ / ٤.

٢ ـ الفقيه ٣ : ٣٦٩ / ١٧٤٨ ، وأورد ذيله في الحديث ٢ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

(١) لم نعثر على الحديث فيما يأتي وانما إسناده في الخاتمة في الفائدة الاولى برقم (٢٨١) وفي المتكررات برمز (أ) وانظر علل الشرائع: ٤٨١ / ١، وعيون أخبار الرضا (عليه السلام)٢ : ٩٢.

(٢) تقدم في الحديث ٥ من الباب ١٥ ، وفي الباب ٢٧ من هذه الأبواب ، وفي الأحاديث ١، ٢، ٣ من الباب ٢٠ من أبواب الاحتضار ، وفي الحديث ٧ من الباب ١ من أبواب صلاة جعفر.

(٣) يأتي في الأحاديث ١ ، ٣ ، ٥ من الباب ٣٤ من هذه الأبواب ، وفي الأحاديث ١ ، ٢ ، ٤ ، ١٣ ، ١٦ ، ٢٠ ، ٢٢ ، ٢٧ ، ٣٢ ـ ٣٧ من الباب ٤٦ من أبواب جهاد النفس.

٨٧

٣٠ ـ باب سقوط جهاد البغاة والمشركين مع قلة الأعوان من المسلمين

[ ٢٠٠٤٤ ] ١ ـ محمّد بن علي بن الحسين في ( عيون الأخبار ) وفي ( العلل ) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، عن الحسن بن عبدالعزيز العلوي (١) ، عن الهيثم بن عبدالله الرماني قال : سألت علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) فقلت له : يابن رسول الله أخبرني عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) لِمَ لم يجاهد أعدائه خمساً وعشرين سنة بعد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ثمّ جاهد في أيّام ولايته ؟ فقال : لأنّه اقتدى برسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في ترك جهاد المشركين بمكة بعد النبوّة ثلاث عشرة سنة ، وبالمدينة تسعة عشر شهراً ، وذلك لقلّة أعوانه عليهم ، وكذلك علي ( عليه السلام ) ترك مجاهدة أعدائه لقلّة أعوانه عليهم ، فلمّا لم تبطل نبوة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) مع تركه الجهاد ثلاث عشرة سنة وتسعة عشر شهراً فكذلك لم تبطل إمامة علي ( عليه السلام ) مع تركه للجهاد خمساً وعشرين سنة إذا كانت العلّة المانعة لهما واحدة.

[ ٢٠٠٤٥ ] ٢ ـ وفي ( العلل ) عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا أنّه سُئل أبو عبدالله ( عليه السلام ) ما بال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لم يقاتلهم ؟ فقال : للذي سبق في علم الله أن يكون ، وما كان له أن يقاتلهم وليس معه

__________________

الباب ٣٠

فيه ٣ أحاديث

١ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ٨١ / ١٦ ، علل الشرائع : ١٤٨ / ٥.

(١) في نسخة : العدوي ( هامش المخطوط ) ، وفي العيون : الحسين بن علي العدوي ، وفي العلل الحسن بن علي العدوي.

٢ ـ علل الشرائع : ١٤٨ / ٦.

٨٨

إلاّ ثلاثة رهط من المؤمنين.

محمّد بن مسعود العياشي في ( تفسيره ) عن أبي جعفر مثله (١).

[ ٢٠٠٤٦ ] ٣ ـ وعن أبي أُسامة الشحام قال : قلت لابي الحسن ( عليه السلام ) : إنّهم يقولون : ما منع علياً إن كان له حقّ أن يقوم بحقّه ؟ فقال : إنّ الله لم يكلّف هذا أحداً إلاّ نبيّه ، فقال : ( فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ ) (١) وقال لغيره : ( إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ ) (٢) فعلي ( عليه السلام ) لم يجد فئة ولو وجد فئة لقاتل.

أقول : وتقدّم ما يدلّ على ذلك (٣).

٣١ ـ باب حكم طلب المبارزة

[ ٢٠٠٤٧ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن حميد بن زياد ، عن الخشّاب ، عن ابن بقاح ، عن معاذ بن ثابت ، عن عمرو بن جميع ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سُئل عن المبارزة بين الصفين بعد إذن الإِمام ؟ فقال : لا بأس ، ولكن لا يطلب إلاّ باذن الإِمام.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن الحسن ، عن الصفار ، عن الحسن بن علي بن يوسف ، عن معاذ بن ثابت ، عن عمرو بن جميع رفعه إلى أمير

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ : ٥١ / ٣٠.

٣ ـ تفسير العياشي ٢ : ٥١ / ٣١. وأورده في سورة الأنفال ولاحظ سورة النساء ١ / ٢٦١ و ٢٦٢.

(١) النساء ٤ : ٨٤.

(٢) الانفال ٨ : ١٦ وتقدم في الدعاء من الصلاة ج ١٠ ب ٣٦ ، ورواه في روضة الكافي مسنداً ح ٤١٤ نحوه.

(٣) تقدم في الباب ٢٧ من هذه الأبواب.

الباب ٣١

فيه ٣ أحاديث

١ ـ الكافي ٥ : ٣٤ / ١.

٨٩

المؤمنين ( عليه السلام ) وذكر مثله ، إلاّ أنّه قال : بين الصفين بغير إذن الإِمام (١).

[ ٢٠٠٤٨ ] ٢ ـ وعن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى أن يبارزه ، فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ما منعك أن تبارزه ؟ فقال : كان فارس العرب وخشيت أن يغلبني (١) فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : فإنّه بغى عليك ، ولو بارزته لغلبته (٢) ولو بغى جبل على جبل لهدّ الباغي.

وقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) إنّ الحسين (٣) بن علي ( عليه السلام ) دعا رجلاً إلى المبارزة فعلم به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال : لئن عدت إلى مثل هذا (٤) لأُعاقبنّك ولئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأُعاقبنّك ، أما علمت أنّه بغيٌ.

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد مثله (٥).

[ ٢٠٠٤٩ ] ٣ ـ محمّد بن الحسن الرضي في ( نهج البلاغة ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لابنه الحسن ( عليه السلام ) : لا تدعون إلى مبارزة ، وإن دعيت إليها فأجب فإنّ الداعي باغ ، والباغي مصروع.

__________________

(١) التهذيب ٦ : ١٦٩ / ٣٢٣.

٢ ـ الكافي ٥ : ٣٤ / ٢ ، وأورد صدره عن عقاب الأعمال في الحديث ١٢ من الباب ٧٤ من أبواب جهاد النفس.

(١) في التهذيب : يقتلني ( هامش المخطوط ).

(٢) في التهذيب : لقتلته ( هامش المخطوط ).

(٣) في نسخة : الحسن ( هامش المخطوط ).

(٤) في التهذيب : مثلها ( هامش المخطوط ).

(٥) التهذيب ٦ : ١٦٩ / ٣٢٤.

٣ ـ نهج البلاغة ٣ : ٢٠٤ / ٢٣٣.

٩٠

٣٢ ـ باب استحباب الرفق بالأسير وإطعامه وسقيه وإن كان كافراً يراد قتله من الغد ، وإنّ إطعامه على من أسره ويطعم من في السجن من بيت المال

[ ٢٠٠٥٠ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد (١) عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إطعام الأسير حق على من أسره ، وإن كان يراد من الغد قتله ، فإنّه ينبغي أن يُطعم ويُسقى ويرفق به كافراً كان أو غيره.

وعن أحمد بن محمّد الكوفي ، عن حمدان القلانسي ، عن محمّد بن الوليد ، عن أبان بن عثمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) نحوه (٢).

وعن علي ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن محمّد ، عن جراح المدائني قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) وذكر نحوه (٣).

محمّد بن الحسن بإسناده عن الصفار ، عن محمّد بن عبدالجبار ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن عبدالله بن مسكان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن سليمان بن خالد قال : سألته عن الأسير فقال وذكر نحوه (٤).

__________________

الباب ٣٢

فيه ٣ أحاديث

١ ـ الكافي ٥ : ٣٥ / ٢.

(١) في نسخة : حماد بن عيسى ( هامش المخطوط ).

(٢) الكافي ٥ : ٣٥ / ٣.

(٣) الكافي ٥ : ٣٥ / ٤.

(٤) التهذيب ٦ : ١٥٢ / ٢٦٦.

٩١

[ ٢٠٠٥١ ] ٢ ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن قول الله عزّ وجل : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) (١) قال : هو الأسير ، وقال : الأسير يُطعم وإن كان يقدّم للقتل ، وقال : إنّ عليّاً ( عليه السلام ) كان يطعم من خلد في السجن من بيت مال المسلمين.

[ ٢٠٠٥٢ ] ٣ ـ عبدالله بن جعفر الحميري في ( قرب الإِسناد ) عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد ، عن جعفر ، عن أبيه ، قال : قال علي ( عليه السلام ) : إطعام الأسير والإِحسان إليه حقّ واجب وإن قتلته من الغد.

٣٣ ـ باب استحباب إمساك أهل الحق عن الحرب حتى يبدأهم به أهل البغي

[ ٢٠٠٥٣ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب في حديث عبدالرحمن بن جندب عن أبيه إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كان يأمر في كل موطن لقينا فيه عدونا فيقول : لا تقاتلوا القوم حتّى يبدأوكم ، فإنكم بحمد الله على حجة وترككم إياهم حتى يبدأوكم حجّة أُخرى لكم ، فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مُدبراً ، ولا تجيزوا على جريح ، ولا تكشفوا عورة ولا تمثّلوا بقتيل.

__________________

٢ ـ التهذيب ٦ : ١٥٣ / ٢٦٨.

(١) الدهر ٧٦ : ٨.

٣ ـ قرب الإِسناد : ٤٢.

الباب ٣٣

فيه حديثان

١ ـ الكافي ٥ : ٣٨ / ٣.

٩٢

[ ٢٠٠٥٤ ] ٢ ـ قال الكليني : وفي كلام آخر له ( عليه السلام ) : وإذا لقيتم هؤلاء القوم غداً فلا تقاتلوهم حتّى يقاتلوكم ، فإن بدأوكم فانهدوا إليهم ... الحديث (١).

٣٤ ـ باب جملة من آداب الجهاد والقتال

[ ٢٠٠٥٥ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي حمزة ، عن عقيل الخزاعي أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات فيقول : تعاهدوا الصلاة ، وحافظوا عليها ، واستكثروا منها ، وتقربوا بها ، فإنّها كانت على المؤمنين كتابا موقوتاً ، وقد علم ذلك الكفّار حيث سُئلوا ما سلككم في سقر قالوا : لم نك من المصلّين ، وقد عرفها حقّها من طرقها وأكرم بها المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع ، ولا قرة عين من مال ولا ولد يقول الله عزّ وجلّ : ( رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ ) (١) وكان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) منصباً لنفسه بعد البشرى له بالجنّة من ربّه ، فقال عزّ وجلّ : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) (٢) الآية ، فكان يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه ، ثمّ إنّ الزكاة جعلت مع الصلاة قرباناً لأهل الإِسلام على أهل الإِسلام ، ومن لم يعطها طيّب النفس بها يرجو بها من الثمن ما هو أفضل منها ، فإنه جاهل بالسنّة ، مغبون الأجر ، ضال العمر طويل الندم بترك أمر الله عزّ وجلّ ، والرغبة عما عليه صالحو عباد الله ، يقول

__________________

٢ ـ الكافي ٥ : ٤١ ، وأورد تمامه في الحديث ٤ من الباب ٣٤ من هذه الأبواب.

(١) تقدم ما يدل على ذلك في الجملة في الباب ٣١ من هذه الأبواب.

الباب ٣٤

فيه ٥ أحاديث

١ ـ الكافي ٥ : ٣٦ / ١.

(١) النور ٢٤ : ٣٧.

(٢) طه ٢٠ : ١٣٢.

٩٣

الله عز وجل ( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ) (٣) من الأمانة (٤) فقد خسر من ليس من أهلها وضل عمله ، عرضت على السماوات المبنية ، والأرض المهاد والجبال المنصوبة فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم لو امتنعن من طول أو عرض أو عظم أو قوة أو عزة امتنعن ، ولكن أشفقن من العقوبة ، ثمّ إنّ الجهاد أشرف الأعمال بعد الإِسلام (٥) وهو قوام الدين ، والأجر فيه عظيم ، مع العزّة والمنعة ، وهو الكرّة فيه الحسنات والبشرى بالجنّة بعد الشهادة ، وبالرزق غدا عند الرب والكرامة ، يقول الله عزّ وجل ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) (٦) الآية ، ثمّ إنّ الرعب والخوف من جهاد المستحق للجهاد والمتوازرين على الضلال ضلال في الدين ، وسلب للدنيا مع الذل والصغار ، وفيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال ، يقول الله عزّ وجلّ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ ) (٧) فحافظوا على أمر الله عزّ وجل في هذه المواطن التي الصبر عليها كرم وسعادة ، ونجاة في الدنيا والآخرة من فظيع الهول والمخافة فإنّ الله عزّ وجلّ لا يعبأ بما العباد مقترفون في ليلهم ونهارهم ، لطف به علماً ، فكل ذلك في كتاب لا يضلّ ربي ولا ينسى ، فاصبروا وصابروا واسألوا النصر ، ووطنوا أنفسكم على القتال ، واتّقوا الله عزّ وجلّ فإن الله مع الذين اتّقوا والّذين هم محسنون.

[ ٢٠٠٥٦ ] ٢ ـ قال : وحدث يزيد بن إسماعيل ، عن أبي صادق قال : سمعت عليّاً ( عليه السلام ) يحرض الناس في ثلاثة مواطن ، الجمل ،

__________________

(٣) النساء ٤ : ١١٥.

(٤) في النهج ( خ ١٩٧ ) : ثم أداء الأمانة.

(٥) في نسخة : الصلاة ( هامش المخطوط ).

(٦) آل عمران ٣ : ١٦٩.

(٧) الأنفال ٨ : ١٥.

٢ ـ الكافي ٥ : ٣٨ / ٢.

٩٤

وصفين ، ويوم النهر ، يقول : عباد الله اتّقوا الله وغضوا الابصار ، واخفضوا الأصوات ، وأقلّوا الكلام ، ووطنوا أنفسكم على المنازلة والمجاولة والمبارزة والمناضلة والمنابذة والمعانقة والمكادمة ، (١) ، وأثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلّكم تفلحون ، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين.

[ ٢٠٠٥٧ ] ٣ ـ قال : ـ وفي حديث مالك بن أعين ـ قال : حرض أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الناس بصفين فقال : إن الله عزّوجلّ قد دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، وتشفى بكم على الخير الإِيمان بالله ، والجهاد في سبيل الله ، وجعل ثوابه مغفرة للذنب ، ومساكن طيبة في جنات عدن ، وقال جلّ وعزّ : ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ) (١) فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص فقدموا الدارع ، وأخّروا الحاسر ، وعضوا على النواجد ، فإنّه أنبى للسيوف عن الهام ، والتووا على أطراف الرماح ، فإنّه أمور للأسنّة ، وغضّوا الأبصار فإنّه أربط للجأش ، وأسكن للقلوب ، وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل ، وأولى بالوقار ، ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلاّ مع شجعانكم فإنّ المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ ، ولا تمثلوا بقتيل ، واذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا ستراً ، ولا تدخلوا داراً ، ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلاّ ما وجدتم في عسكرهم ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أُمراءكم وصلحاءكم فإنهنّ ناقصات القوى والانفس والعقول ، وقد كنّا نؤمر بالكف عنهن وهنّ مشركات ، وإن كان الرجل ليتناول المرأة فيعير بها وعقبه من بعده ، واعلموا أنّ أهل الحفاظ هم الذين يحتفون

__________________

(١) المكادمة : العض بأدنى الفم ، وكذلك إذا أثرت فيه بحديدة ( الصحاح ـ كدم ـ ٥ : ٢٠١٩ ).

٣ ـ الكافي ٥ : ٣٩ / ٤.

(١) الصف ٦١ : ٤.

٩٥

براياتهم ويكتنفونها ، ويصيرون (٢) حفافيها وورائها وأمامها ، ولا يضيعونها لا يتأخرون عنها فيسلموها ، ولا يتقدمون عليها فيفردوها ، رحم الله امرءاً واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللاّئمة ، ويأتي بدناءة وكيف لا يكون كذلك وهو يقاتل الاثنين ، وهذا ممسك يده قد خلّى قرنه على أخيه هارباً منه ينظر إليه وهذا فمن يفعله يمقته الله ، فلا تتعرضوا لمقت الله فإنّ ممركم إلى الله ، وقد قال الله عز وجل : ( قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ المَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ) (٣) وأيم الله لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيف الآجلة ، فاستعينوا بالصبر والصدق ، فإنّما ينزل النصر بعد الصبر فجاهدوا في الله حق جهاده ، ولا قوة إلاّ بالله.

[ ٢٠٠٥٨ ] ٤ ـ قال : وفي كلام آخر له ( عليه السلام ) : وإذا لقيتم هؤلاء القوم غداً فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم ، فإن بدأوكم فانهدوا إليهم وعليكم السكينة والوقار ، وعضّوا على الأضراس فإنه أنبى للسيوف عن الهام ، وغضوا الأبصار ، ومدوا جباه الخيول ، ووجوه الرجال ، وأقلّوا الكلام فإنّه أطرد للفشل ، وأذهب للويل ووطّنوا أنفسكم على المبارزة والمنازلة والمجاولة وأثبتوا واذكروا الله كثيراً ، فإنّ المانع للذمار عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم ، ويضربون حافتيها وأمامها ، وإذا حملتم فافعلوا فعل رجل واحد ، وعليكم بالتحامي ، فإن الحرب سجال لا يشتدّن عليكم كرة بعد فرة ، ولا حملة بعد جولة ، ومن ألقى إليكم السلم فاقبلوا منه ، واستعينوا بالصبر ، فإنّ بعد الصبر النصر من الله عز وجل إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.

__________________

(٢) في نسخة : يصبرون ( هامش المخطوط ).

(٣) الأحزاب ٣٣ : ١٦.

٤ ـ الكافي ٥ : ٤١ ، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب.

٩٦

[ ٢٠٠٥٩ ] ٥ ـ وعن أحمد بن محمّد الكوفي ، عن ابن جمهور ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن مفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، وعن عبدالله بن عبدالرحمن الأصم ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لأصحابه : إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلّوا الكلام ، واذكروا الله عز وجل ولا تولّوهم الأدبار ، فتسخطوا الله تبارك وتعالى وتستوجبوا غضبه ، وإذا رأيتم من إخوانكم المجروح ومن قد نكل به أو من قد طمع فيه عدوكم فقوه بأنفسكم.

٣٥ ـ باب حكم ما يأخذه المشركون من أولاد المسلمين ومماليكهم وأموالهم ثم يغنمه المسلمون

[ ٢٠٠٦٠ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن بعض أصحاب أبي عبدالله ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في السبي يأخذ العدو من المسلمين في القتال من أولاد المسلمين أو من مماليكهم فيحوزونه ، ثم أنّ المسلمين بعد قاتلوهم فظفروا بهم وسبوهم وأخذوا منهم ما أخذوا من

__________________

٥ ـ الكافي ٥ : ٤٢ / ٥.

وتقدم ما يدل على خفض الصوت عند القتال في الحديث ٣ من الباب ٢٣ من أبواب قراءة القرآن.

وتقدم ما يدل على إختيار بعض الأيام للخروج للقتال في الحديثين ١ ، ٤ من الباب ٦ ، وما دل على استصحاب خاتم في الحرب في الحديث ١ من الباب ٤٥ من أبواب آداب السفر.

وتقدم جملة من آداب أمراء السرايا في الباب ١٥ من هذه الأبواب.

الباب ٣٥

فيه ٥ أحاديث

١ ـ الكافي ٥ : ٤٢ / ١.

٩٧

مماليك المسلمين وأولادهم الذين كانوا أخذوهم من المسلمين كيف يصنع بما كانوا أخذوه من أولاد المسلمين ومماليكهم ؟ قال : فقال : أمّا أولاد المسلمين فلا يقامون في سهام المسلمين ، ولكن يردون إلى أبيهم وأخيهم وإلى وليهم بشهود ، وأمّا المماليك فإنّهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون وتعطى مواليهم قيمة أثمانهم من بيت مال المسلمين.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب ، عن أحمد بن محمّد نحوه (١).

[ ٢٠٠٦١ ] ٢ ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل لقيه العدو واصاب منه مالاً أو متاعاً ثمّ إنّ المسلمين أصابوا ذلك كيف يصنع بمتاع الرجل ؟ فقال : إذا كانوا أصابوه قبل أن يحوزوا متاع الرجل رد عليه ، وإن كانوا أصابوه بعدما حازوه فهو فيء المسلمين فهو أحق بالشفعة.

محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله (١).

[ ٢٠٠٦٢ ] ٣ ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عيسى ، عن منصور ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سأله رجل عن الترك يغيرون على المسلمين فيأخذون أولادهم فيسرقون منهم أيرد عليهم ؟ قال : نعم ، والمسلم أخو المسلم ، والمسلم أحقّ بماله أينما وجده.

[ ٢٠٠٦٣ ] ٤ ـ وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن معاوية بن

__________________

(١) التهذيب ٦ : ١٥٩ / ٢٨٧.

٢ ـ الكافي ٥ : ٤٢ / ٢.

(١) التهذيب ٦ : ١٦٠ / ٢٨٩.

٣ ـ التهذيب ٦ : ١٥٩ / ٢٨٨ ، والاستبصار ٣ : ٤ / ٧.

٤ ـ التهذيب ٦ : ١٦٠ / ٢٩٠ ، والاستبصار ٣ : ٥ / ٩.

٩٨

حكيم ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن رجل ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في رجل كان له عبد (١) فأدخل دار الشرك ثمّ أُخذ سبياً إلى دار الإِسلام قال : إن وقع عليه قبل القسمة فهو له ، وإن جرى عليه القسم فهو أحقّ به بالثمن.

[ ٢٠٠٦٤ ] ٥ ـ وبإسناده عن الحسن بن محبوب ، في ( كتاب المشيخة ) عن علي بن رئاب ، عن طربال ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سُئل عن رجل كان له جارية فأغار عليه المشركون فأخذوها منه ثم أنّ المسلمين بعد غزوهم فأخذوها فيما غنموا منهم ؟ فقال : إن كانت في الغنائم وأقام البينة أنّ المشركين أغاروا عليهم فأخذوها منه ردّت عليه ، وإن كانت قد اشتريت وخرجت من المغنم فأصابها ردّت عليه برمتها ، وأُعطى الذي اشتراها الثمن من المغنم من جميعه ، قيل له : فإن لم يصبها حتّى تفرق الناس وقسموا جميع الغنائم فأصابها بعد ؟ قال : يأخذها من الذي هي في يده إذا أقام البيّنة ويرجع الذي هي في يده اذا أقام البينة على أمير الجيش بالثمن.

أقول : قد عمل به الشيخ وجماعة (١) وحملوا ما خالفه على التقية.

٣٦ ـ باب تحريم التعرب بعد الهجرة ، وسكنى المسلم دار الحرب ودخولها إلاّ لضرورة ، وحكم قتل المسلم بها ، وأنّ من ذهبت زوجته إلى الكفار فتزوج غيرها أُعطي مهرها من بيت المال

[ ٢٠٠٦٥ ] ١ ـ محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن حماد بن عمرو

__________________

(١) في نسخة : عبيد ( هامش المخطوط ).

٥ ـ التهذيب ٦ : ١٦٠ / ٢٩١ ، والاستبصار ٣ : ٦ / ١١.

(١) راجع الشرائع ١ : ٣٢٦ ، والمختلف ٣٢٩ ، والمسالك ١ : ١٢٣ ، والتنقيح الرائع ١ : ٥٨٧.

الباب ٣٦

فيه ٧ أحاديث

١ ـ الفقيه ٤ : ٢٦٥.

٩٩

وأنس بن محمّد ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ـ في وصية النبي ( صلّى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) ـ قال : ولا تعرّب بعد الهجرة.

[ ٢٠٠٦٦ ] ٢ ـ وبإسناده عن محمّد بن سنان ، أنّ أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : وحرّم الله التعرّب بعد الهجرة للرجوع عن الدين وترك المؤازرة للانبياء والحجج ( عليهم السلام ) ، وما في ذلك من الفساد وإبطال حق كل ذي حق لعلّة سكنى البدو ، ولذلك لو عرف الرجل الدين كاملاً لم يجز له مساكنة أهل الجهل والخوف عليه ، لأنّه لا يؤمن أن يقع منه ترك العلم والدخول مع أهل الجهل والتمادي في ذلك.

ورواه في ( العلل ) وفي ( عيون الأخبار ) كما يأتي (١).

[ ٢٠٠٦٧ ] ٣ ـ وفي ( معاني الأخبار ) عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن الحسين ، عن ابن سنان ، عن حذيفة بن منصور قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : المتعرّب بعد الهجرة التارك لهذا الأمر بعد معرفته.

[ ٢٠٠٦٨ ] ٤ ـ محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : بعث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) جيشاً إلى خثعم فلمّا غشيهم استعصموا بالسجود ، فقتل بعضهم ، فبلغ ذلك النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) فقال : أعطوا الورثة نصف العقل بصلاتهم ، وقال النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ألا إنّي

__________________

٢ ـ الفقيه ٣ : ٣٦٩ / ١٧٤٨ ، وأورد قطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

(١) لم نعثر على الحديث فيما يأتي وانما إسناده في الخاتمة في الفائدة الاولى برقم (٢٨١) وفي المتكررات برمز (أ) وانظر علل الشرائع: ٤٨١ / ١، وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) ٢ : ٩٢.

٣ ـ معاني الأخبار : ٢٦٥ / ١.

٤ ـ الكافي ٥ : ٤٣ / ١.

١٠٠