وسائل الشيعة - ج ١٥

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

وسائل الشيعة - ج ١٥

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5503-15-9
ISBN الدورة:
964-5503-00-0

الصفحات: ٣٩٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : ارجع فكن مع والدتك ، فوالذي بعثني بالحق لأُنسها بك ليلة خير من جهاد في سبيل الله سنة.

٣ ـ باب أنّه يستحب أن يخلف الغازي بخير وتبلغ رسالته ويحرم أذاه وغيبته وأن يخلف بسوء

[ ١٩٩٣١ ] ١ ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن أبان بن عثمان ، عن عيسى بن عبدالله القمي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ثلاثة دعوتهم مستجابة : أحدهم الغازي في سبيل الله فانظروا كيف تخلفونه.

[ ١٩٩٣٢ ] ٢ ـ وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن وهب عن جعفر ، عن أبيه قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : من بلغ رسالة غاز كان كمن أعتق رقبة وهو شريكه في ثواب غزوته.

ورواه الصدوق في ( ثواب الأعمال ) عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ( عليهم السلام ) (١).

وفي ( المجالس ) عن علي بن عيسى ، عن علي بن محمّد ماجيلويه ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن وهب بن وهب ، عن الصادق ( عليه السلام ) عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام ) مثله (٢).

__________________

الباب ٣

فيه ٣ أحاديث

١ ـ التهذيب ٦ : ١٢٢ / ٢١٢ ، وأورد مثله عن الكافي في الحديث ٢ من الباب ١٢ من أبواب الاحتضار ، وفي الحديث ١ من الباب ٥١ من أبواب الدعاء.

٢ ـ التهذيب ٦ : ١٢٣ / ٢١٤.

(١) ثواب الأعمال ٢٢٥ / ٣.

(٢) أمالي الصدوق ٤٦٣ / ٩.

٢١

محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن أبي البختري ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وذكر مثله (٣).

[ ١٩٩٣٣ ] ٣ ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : من اغتاب مؤمناً غازياً أوآذاه أو خلفه في أهله بسوء نصب له (١) يوم القيامة فيستغرق حسناته ثمّ يركس في النار إذا كان الغازي في طاعة الله عزّ وجلّ.

ورواه الصدوق في ( عقاب الأعمال ) عن أبيه ، عن سعد ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي (٢).

أقول : وتقدم ما يدلّ على ذلك في السفر (٣).

__________________

(٣) الكافي ٥ : ٨ / ٨.

٣ ـ الكافي ٥ : ٨ / ١٠.

(١) في العقاب زيادة : ميزان عمله ( هامش المخطوط ).

(٢) عقاب الأعمال : ٣٠٥ / ١.

(٣) تقدم في الباب ٤٧ من أبواب السفر ما يدل على استحباب خلف الحاج في أهله وماله ، وتقدم ما يدل عليه عموماً في الحديث ١ من الباب ٥٧ ، وفي الأحاديث ٨ ، ١٩ ، ٢٢ من الباب ١٢٢ من أبواب العشرة.

٢٢

٤ ـ باب وجوب الجهاد على الرجل دون المرأة بل تجب عليها طاعة زوجها ، وحكم جهاد المملوك

[ ١٩٩٣٤ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : كتب الله الجهاد على الرجال والنساء فجهاد الرجل بذل ماله ونفسه حتى يقتل في سبيل الله ، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته.

[ ١٩٩٣٥ ] ٢ ـ وفي حديث آخر : وجهاد المرأة حسن التّبعُّل.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب (١).

أقول : ويأتي ما يدلّ على ذلك (٢).

[ ١٩٩٣٦ ] ٣ ـ الحسن بن يوسف بن المطهر في ( المختلف ) نقلاً عن ابن الجنيد أنّه روى أن رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ليبايعه ، فقال : يا أمير المؤمنين ابسط يدك أُبايعك على أن أدعو لك بلساني ، وأنصحك بقلبي ، وأُجاهد معك بيدي ، فقال : حرّ أنت أم عبد ؟ فقال : عبد ، فصفق أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يده فبايعه.

__________________

الباب ٤

فيه ٣ أحاديث

١ ـ الكافي ٥ : ٩ / ١، وأورده مثله عن الفقيه في الحديث ٦ من الباب ٧٨ من أبواب مقدمات النكاح.

٢ ـ الكافي ٥ : ٩ / ١ ، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٨١ من أبواب مقدمات النكاح.

(١) التهذيب ٦ : ١٢٦ / ٢٢٢.

(٢) يأتي ما يدل على بعض المقصود في الحديث ١ من الباب ٨٧ ، وفي الحديث ١ من الباب ١٢٣ من أبواب مقدمات النكاح.

٣ ـ مختلف الشيعة : ٣٢٤.

٢٣

أقول : عمل به ابن الجنيد ، وحمله العلامة على تقدير الحرية ، أو إذن المولى ، أو عموم الحاجة.

وتقدم ما يدل وجوب الجهاد عموماً (١) ، ويأتي ما يدلّ على أنّه ليس للعبد التصرف في نفسه ولا ماله إلاّ بإذن سيده (٢).

٥ ـ باب أقسام الجهاد وكفر منكره وجملة من أحكامه

[ ١٩٩٣٧ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعلي بن محمّد القاساني جميعاً عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن فضيل بن عياض قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الجهاد أسنة هو أم فريضة ؟ فقال : الجهاد على أربعة أوجه ، فجهادان فرض ، وجهاد سنة لا تقام إلاّ مع الفرض ، وجهاد سنة ، فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عز وجل وهو من أعظم الجهاد ، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض ، وأما الجهاد الذي هو سنة لا يقام إلاّ مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأُمة ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الأُمة ، وهو سنة على الإِمام وحده أن يأتي العدو مع الأُمّة فيجاهدهم ، وأمّا الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال ، لأنها إحياء سنّة ، وقد قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : من سنّ سنة حسنة

__________________

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٤ من أبواب الحجر ، وفي الباب ٧٨ من أبواب الوصايا ، وفي الباب ٢٣ من أبواب نكاح العبيد والإِماء.

وتقدم ما يدل على عدم وجوب الجهاد على العبد في الحديث ٤ من الباب ١٥ من أبواب وجوب الحج وشرائطه.

الباب ٥

فيه ٥ أحاديث

١ ـ الكافي ٥ : ٩ / ١ ، والخصال ٢٤٠ / ٨٩.

٢٤

فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أُجورهم شيء.

ورواه الحسن بن علي بن شعبة في ( تحف العقول ) مرسلاً (١).

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن علي بن محمّد القاسانيّ ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) وذكر نحوه (٢).

[ ١٩٩٣٨ ] ٢ ـ وبالإِسناد عن المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سأل رجل أبي ( عليه السلام ) عن حروب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وكان السائل من محبينا ، فقال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : بعث الله محمّداً ( صلّى الله عليه وآله ) بخمسة أسياف : ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن الناس كلّهم في ذلك اليوم فيومئذ ( يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ) (١) ، وسيف منها مكفوف (٢) وسيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا ، وحكمه إلينا ، فأمّا السيوف الثلاثة المشهورة (٣) فسيف على مشركي العرب قال الله عز وجل : ( فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ) (٤) ( فَإِن تَابُوا ـ يعني : آمنوا ـ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) (٥) فهؤلاء لا يقبل منهم إلاّ القتل أو

__________________

(١) تحف العقول ١٧٣ مرسلاً عن الحسين بن علي ( عليه السلام ).

(٢) التهذيب ٦ : ١٢٤ / ٢١٧.

٢ ـ الكافي ٥ : ١٠ / ٢.

(١) الانعام ٦ : ١٥٨.

(٢) في الاستبصار : ملفوف ( هامش المخطوط ).

(٣) في التهذيب والاستبصار : الشاهرة ( هامش المخطوط ).

(٤) التوبة ٩ : ٥.

(٥) التوبة ٩ : ١١.

٢٥

الدخول في الإِسلام وأموالهم (٦) وذراريهم سبي على ما سنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فإنه سبى وعفا وقبل الفداء ، والسيف الثاني على أهل الذمة قال الله تعالى : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) (٧) نزلت هذه الآية في أهل الذمّة ، ثم نسخها قوله عز وجل : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) (٨) فمن كان منهم في دار الإِسلام فلن يقبل منهم إلاّ الجزية أو القتل وما لهم فيء وذراريهم سبي وإذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم ، وحرمت أموالهم ، وحلّت لنا مناكحتهم ، ومن كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم ، ولم تحل لنا مناكحتهم ، ولم يقبل منهم إلاّ الدخول في دار الإِسلام أو الجزية أو القتل ، والسيف الثالث سيف على مشركي العجم ـ يعني : الترك والديلم والخزر ـ قال الله عز وجل في أول السورة التي يذكر فيها الّذين كفروا فقص قصتهم ثم قال : ( فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الحَرْبُ أَوْزَارَهَا ) (٩) فأما قوله : ( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ ) يعني: بعد السبي منهم ( وَإِمَّا فِدَاءً ) يعني : المفاداة بينهم وبين أهل الإِسلام ، فهؤلاء لن يقبل منهم إلاّ القتل أو الدخول في الإِسلام ، ولا تحل لنا مناكحتهم ما داموا في دار الحرب ، وأمّا السيف المكفوف فسيف على أهل البغي والتأويل ، قال الله عزّ وجلّ : ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ ) (١٠) فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) :

__________________

(٦) في الخصال : وما لهم فيء ( هامش المخطوط ).

(٧) البقرة ٢ : ٨٣.

(٨) التوبة ٩ : ٢٩.

(٩) محمد ٤٧ : ٤.

(١٠) الحجرات ٤٩ : ٩.

٢٦

إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسُئل النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) من هو ؟ فقال : خاصف النعل ـ يعني : أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ـ فقال عمّار بن ياسر : قاتلت بهذه الراية مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ثلاثاً ، وهذه الرابعة ، والله لو ضربونا حتى يبلغونا المسعفات (١١) من هجر لعلمنا أنّا على الحق وأنّهم على الباطل ، وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ما كان من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في أهل مكّة يوم فتح مكّة فإنّه لم يسب لهم ذريّة ، وقال : من أغلق بابه فهو آمن ، ومن ألقى سلاحه (١٢) فهو آمن ، وكذلك قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يوم البصرة : نادى لا تسبوا لهم ذرية ، ولا تجهزوا (١٣) على جريح ، ولا تتبعوا مدبرا ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن ، وأما السيف المغمود فالسيف الذي يقوم (١٤) به القصاص ، قال الله عزّ وجلّ : ( النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ) (١٥) فسلّه إلى أولياء المقتول وحكمه إلينا ، فهذه السيوف التي بعث الله بها محمّداً (١٦) ( صلّى الله عليه وآله ) فمن جحدها أو جحد واحداً منها أو شيئاً من سيرها أو أحكامها فقد كفر بما أنزل الله على محمّد ( صلّى الله عليه وآله ).

ورواه الصدوق في ( الخصال ) عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمّد (١٧) ، وكذا الذي قبله.

__________________

(١١) في التهذيب : السعفات.

(١٢) في التهذيب والاستبصار زيادة : أو دخل دار أبي سفيان ( هامش المخطوط ).

(١٣) في التهذيب والاستبصار : لا تتموا ( هامش المخطوط ).

(١٤) في التهذيب : يقام ( هامش المخطوط ).

(١٥) المائدة ٥ : ٤٥.

(١٦) في التهذيب : إلى نبيه ( هامش المخطوط ).

(١٧) الخصال ٢٧٤ / ١٨.

٢٧

ورواه علي بن إبراهيم في ( تفسيره ) عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد مثله (١٨).

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن علي بن محمّد القاساني نحوه ، وترك حكم أموال المشركين وذراريهم وحكم أموال أهل الكتاب وذراريهم ومناكحتهم (١٩).

وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن علي بن محمّد القاساني نحوه.

[ ١٩٩٣٩ ] ٣ ـ وعن الصفار ، عن السندي بن الربيع ، عن أبي عبدالله محمّد بن خالد ، عن أبي البختري ، عن جعفر ، عن أبيه قال : قال علي ( عليه السلام ) : القتال قتالان : قتال أهل الشرك لا ينفر عنهم حتى يسلموا أو يؤتوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وقتال لأهل الزيغ لا ينفر عنهم حتّى يفيئوا إلى أمر الله أو يقتلوا.

[ ١٩٩٤٠ ] ٤ ـ وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن بعض أصحابه ، عن محمّد بن حميد ، عن يعقوب القمي ، عن أخيه عمران بن عبدالله ، عن جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) في قول الله عزّ وجلّ : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ ) (١) قال : الديلم.

[ ١٩٩٤١ ] ٥ ـ محمّد بن علي بن الحسين في ( الخصال ) عن أبيه ، عن

__________________

(١٨) تفسير علي بن ابراهيم ٢ : ٣٢٠.

(١٩ و ٢٠) التهذيب ٤ : ١١٤ / ٣٣٦ و ٦ : ١٣٦ / ٢٣٠.

٣ ـ التهذيب ٤ : ١١٤ / ٣٣٥.

٤ ـ التهذيب ٦ : ١٧٤ / ٣٤٥.

(١) التوبة ٩ : ١٢٣.

٥ ـ الخصال : ٦٠ / ٨٣.

٢٨

سعد ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : القتل قتلان : قتل كفارة ، وقتل درجة ، والقتال قتالان : قتال الفئة الكافرة حتى يسلموا ، وقتال الفئة الباغية حتى يفيئوا (١).

٦ ـ باب حكم المرابطة (*) في سبيل الله ، ومن أخذ شيئاً ليرابط به ، وتحريم القتال مع الجائر إلاّ أن يدهم المسلمين من يخشى منه على بيضة الإِسلام (*) فيقاتل عن نفسه أو عن الإِسلام

[ ١٩٩٤٢ ] ١ ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن نوح بن شعيب ، عن محمّد بن أبي عمير رواه عن حريز ، عن محمّد بن مسلم وزرارة ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) قالا : الرباط ثلاثة أيام ، وأكثره أربعون يوماً ، فإذا جاوز (١) ذلك فهو جهاد.

[ ١٩٩٤٣ ] ٢ ـ وعنه عن محمّد بن عيسى ، عن يونس قال : سأل أبا الحسن ( عليه السلام ) رجل ـ وأنا حاضر ـ فقلت (١) له : جعلت فداك إنّ رجلاً

__________________

(١) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الباب ٢ من أبواب مقدمة العبادات.

الباب ٦

فيه ٤ احاديث

(*) المرابطة : ان يربط كل من الفريقين خيلا لهم في ثغرة ( مجمع البحرين ـ ربط ـ ٤ : ٢٤٨ ).

(*) بيضة الإِسلام : جماعته ( مجمع البحرين ـ بيض ـ ٤ : ١٩٨ ).

١ ـ التهذيب ٦ : ١٢٥ / ٢١٨.

(١) في الاصل : كان ، وما أثبتناه من المصدر.

٢ ـ التهذيب ٦ : ١٢٥ / ٢١٩.

(١) كتب المصنف على كلمة ( فقلت ) : « كذا » ولعلّه لانه ظاهر النص ان يكون ( فقال له ).

٢٩

من مواليك بلغه أنّ رجلاً يعطى سيفاً وقوساً (٢) في سبيل الله فأتاه فأخذهما منه (٣) ثمّ لقيه أصحابه فأخبروه أنّ السبيل مع هؤلاء لا يجوز ، وأمروه بردهما ؟ قال : فليفعل ، قال : قد طلب الرجل (٤) فلم يجده وقيل له : قد قضى (٥) الرجل قال : فليرابط ولا يقاتل قال : مثل قزوين وعسقلان والديلم وما أشبه هذه الثغور ، فقال نعم ، قال : فإن جاء العدو إلى الموضع الذي هو فيه مرابط كيف يصنع ؟ قال : يقاتل عن بيضة الإِسلام قال : يجاهد ؟ قال : لا إلاّ أن يخاف على دار المسلمين ، أرأيتك لو أنّ الروم دخلوا على المسلمين لم ينبغ (٦) لهم أن يمنعوهم ، قال : يرابط ولا يقاتل ، وان خاف على بيضة الإِسلام والمسلمين قاتل فيكون قتاله لنفسه لا للسلطان ، لأنّ في دروس الإِسلام دروس ذكر محمّد ( صلّى الله عليه وآله ).

ورواه الصدوق في ( العلل ) عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى ، نحوه إلاّ أنّه قال : فإن جاء العدوّ إلى الموضع الذي هو فيه مرابط ، كيف يصنع ؟ قال : يقاتل عن بيضة الإِسلام لا عن هؤلاء (٧).

ورواه الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) نحوه.

ورواه عن علي ، عن أبيه ، عن يحيى بن أبي عمران (٨) ، عن يونس

__________________

(٢) في المصدر فرساً.

(٣) في الكافي زيادة : وهو جاهل بوجه السبيل ( هامش المخطوط ).

(٤) في نسخة : شخص ( هامش المخطوط ).

(٥) قضى : مات ( الصحاح ـ قضي ـ ٦ : ٢٤٦٣ ) ، وفي نسخة : مضى ( هامش المخطوط ).

(٦) في نسخة : يسع ( هامش المخطوط ).

(٧) علل الشرائع ٦٠٣ / ٧٢.

(٨) في نسخة : يحيى عن أبي عمران ( هامش المخطوط ).

٣٠

عن الرضا ( عليه السلام ) نحوه (٩).

[ ١٩٩٤٤ ] ٣ ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن يحيى ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل دخل أرض الحرب بأمان فغزا القوم الذين دخل عليهم قوم آخرون ؟ قال : على المسلم أن يمنع نفسه ويقاتل عن حكم الله وحكم رسوله ، وأمّا أن يقاتل الكفار على حكم الجور وسنّتهم فلا يحلّ له ذلك.

[ ١٩٩٤٥ ] ٤ ـ وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد (١) ، عن واصل ، عن عبدالله بن سنان قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : جعلت فداك ما تقول في هؤلاء الذين يقتلون في هذه الثغور ؟ قال : فقال : الويل يتعجّلون قتلة في الدنيا وقتلة في الآخرة والله ما الشهيد إلاّ شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم.

أقول : ويأتي ما يدلّ على ذلك (٢).

__________________

(٩) الكافي ٥ : ٢١ / ٢.

٣ ـ التهذيب ٦ : ١٣٥ / ٢٢٩.

٤ ـ التهذيب ٦ : ١٢٥ / ٢٢٠.

(١) في المصدر : علي بن سعيد.

(٢) يأتي في الباب ٧ من هذه الأبواب ، ويأتي ما يدل على بعض المقصود في البابين ١٢ ، ١٣ من هذه الأبواب.

٣١

٧ ـ باب حكم من نذر مالاً للمرابطة أو أوصى به

[ ١٩٩٤٦ ] ١ ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن مهزيار قال : كتب رجل من بني هاشم إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) إني كنت نذرت نذراً منذ سنين أن أخرج إلى ساحل من سواحل البحر إلى ناحيتنا مما يرابط فيه المتطوعة نحو مرابطتهم بجدة وغيرها من سواحل البحر ، أفترى جعلت فداك أنه يلزمني الوفاء به أو لا يلزمني أو أفتدي الخروج إلى ذلك بشيء من أبواب البر لأصير إليه إن شاء الله ؟ فكتب إليه بخطّه وقرأته : إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين فالوفاء به إن كنت تخاف شنعته وإلاّ فاصرف ما نويت من ذلك في أبواب البر وفقنا الله وإيّاك لما يحب ويرضى.

[ ١٩٩٤٧ ] ٢ ـ عبدالله بن جعفر الحميري في ( قرب الإِسناد ) عن محمّد بن عيسى ، عن الرضا ( عليه السلام ) أنّ يونس سأله وهو حاضر عن رجل من هؤلاء مات وأوصى أن يدفع من ماله فرس وألف درهم وسيف لمن يرابط عنه ويقاتل في بعض هذه الثغور ، فعمد الوصي فدفع ذلك كلّه إلى رجل من أصحابنا فأخذه منه وهو لا يعلم ، أنّه لم يأت لذلك وقت بعد ، فما تقول يحلّ له أن يرابط عن الرجل في بعض هذه الثغور أم لا ؟ فقال : يردّ إلى الوصي ما أخذ منه ولا يرابط ، فإنّه لم يأت لذلك وقت بعد ، فقال : يردّه عليه ، فقال يونس : فإنّه لا يعرف الوصي ، قال : يسأل عنه ، فقال له يونس بن عبدالرحمن : فقد سأل عنه فلم يقع عليه كيف يصنع ؟ فقال : إن كان هكذا فليرابط ولا يقاتل ، قال : فإنّه مرابط فجاءه العدو حتّى

__________________

الباب ٧

فيه حديثان

٢ ـ التهذيب ٦ : ١٢٦ / ٢٢١.

٢ ـ قرب الإِسناد ١٥٠.

٣٢

كاد أن يدخل عليه كيف يصنع ، يقاتل أم لا ؟ فقال له الرضا ( عليه السلام ) : إذا كان ذلك كذلك فلا يقاتل عن هؤلاء ، ولكن يقاتل عن بيضة الإِسلام فإنّ في ذهاب بيضة الإِسلام دروس ذكر محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) فقال له يونس : يا سيدي فإنّ عمك زيداً قد خرج بالبصرة وهو يطلبني ولا آمنه على نفسي فما ترى لي أخرج إلى البصرة أو أخرج إلى الكوفة ؟ فقال : بل أخرج إلى الكوفة فإذا مرّ (١) فصر إلى البصرة.

٨ ـ باب جواز الاستنابة في الجهاد وأخذ الجعل عليه

[ ١٩٩٤٨ ] ١ ـ عبدالله بن جعفر الحميري في ( قرب الإِسناد ) عن السندي بن محمّد ، عن أبي البختري ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) إنّ علياً ( عليه السلام ) سئل عن إجعال الغزو ؟ فقال : لا بأس به أن يغزو الرجل عن الرجل ويأخذ منه الجعل.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن أبيه (١) ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي ( عليهم السلام ) (٢).

__________________

(١) في المصدر : فإذا فصر الخ.

الباب ٨

فيه حديث ١

١ ـ قرب الإِسناد : ٦٢ ، وأورده عن التهذيب في الحديث ٢ من الباب ٦٣ من هذه الأبواب.

(١) في التهذيب زيادة : عن وهب.

(٢) التهذيب ٦ : ١٧٣ / ٣٣٨.

٣٣

٩ ـ باب من يجوز له جمع العساكر والخروج بها إلى الجهاد

[ ١٩٩٤٩ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد ، عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قلت له : أخبرني عن الدعاء إلى الله والجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحلّ إلاّ لهم ولا يقوم به إلاّ من كان منهم أم هو مباح لكلّ من وحّد الله عزّ وجلّ وآمن برسوله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ؟ ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله عزّ وجلّ وإلى طاعته وأن يجاهد في سبيل الله ؟ فقال : ذلك لقوم لا يحلّ إلاّ لهم ، ولا يقوم به إلاّ من كان منهم فقلت : من أُولئك ؟ فقال : من قام بشرائط الله عزّ وجلّ في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عزّ وجلّ ، ومن لم يكن قائماً بشرائط الله عزّ وجلّ في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد والدعاء إلى الله حتى يحكم في نفسه بما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد ، قلت : بين لي يرحمك الله ، فقال : إنّ الله عزّ وجلّ أخبر في كتابه الدعاء إليه ، ووصف الدعاة إليه فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها بعضاً ، ويستدلّ ببعضها على بعض ، فأخبر أنّه تبارك وتعالى أوّل من دعا إلى نفسه ودعا إلى طاعته واتّباع أمره ، فبدأ بنفسه فقال : ( وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (١) ثمّ ثنّى برسوله فقال : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (٢) ـ يعني : القرآن ـ ولم يكن داعياً إلى الله عزّ وجلّ من خالف أمر الله ويدعو

__________________

الباب ٩

فيه حديثان

١ ـ الكافي ٥ : ١٣ / ١.

(١) يونس ١٠ : ٢٥.

(٢) النحل ١٦ : ١٢٥.

٣٤

إليه بغير ما أمر في كتابه (٣) الذي أمر أن لا يدعى إلاّ به ، وقال في نبيه ( صلّى الله عليه وآله ) : ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٤) يقول : تدعو ، ثمّ ثلّث بالدعاء إليه بكتابه أيضاً فقال تبارك وتعالى : ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ـ أي يدعو ـ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ ) (٥) ثمّ ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال : ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ) (٦) ثمّ أخبر عن هذه الأُمّة وممّن هي وأنّها من ذرّية إبراهيم وذرّية إسماعيل من سكّان الحرم ممّن لم يعبدوا غير الله قطّ الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر عنهم في كتابه أنّه أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، الذين وصفناهم قبل هذه في صفة أُمّة إبراهيم (٧) الذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله : ( أَدْعُو إلى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) (٨) يعني : أوّل من اتبعه (٩) على الإِيمان به والتصديق له بما جاء به من عند الله عزّ وجلّ من الأُمّة التي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق ممّن لم يشرك بالله قطّ ، ولم يلبس إيمانه بظلم ، وهو الشرك ، ثمّ ذكر أتباع نبيّه ( صلّى الله عليه وآله ) وأتباع هذه الأمّة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلها داعية إليه ، وأذن له في الدعاء إليه ، فقال : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ ) (١٠) ثمّ وصف أتباع نبيّه ( صلّى الله عليه وآله ) من المؤمنين فقال عزّ وجلّ :

__________________

(٣) في نسخة زيادة : والدين ( هامش المخطوط ).

(٤) الشورى ٤٢ : ٥٢.

(٥) الإِسراء ١٧ : ٩.

(٦) آل عمران ٣ : ١٠٤.

(٧) في نسخة : محمّد ( هامش المخطوط ).

(٨) يوسف ١٢ : ١٠٨.

(٩) في نسخة : أول التبعة ( هامش المخطوط ).

(١٠) الأنفال ٨ : ٦٤.

٣٥

( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ) (١١) الآية ، وقال : ( يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ) (١٢) ـ يعني : أُولئك المؤمنين ـ وقال ( قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ ) (١٣) ثمّ حلاّهم ووصفهم كيلا يطمع في اللّحاق بهم إلاّ من كان منهم ، فقال فيما حلاهم به ووصفهم : ( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ـ إلى قوله : ـ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (١٤) وقال في صفتهم وحليتهم أيضاً ( الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ ) (١٥) وذكر الآيتين ثمّ أخبر أنّه اشترى من هؤلاء المؤمنين ومن كان على مثل صفتهم ( أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ) (١٦) ، ثمّ ذكر وفاءهم له بعهده ومبايعته فقال : ( وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (١٧) فلمّا نزلت هذه الآية : ( إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ) (١٨) قام رجل إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فقال : أرأيتك يا نبي الله الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتّى يقتل إلاّ أنّه يقترف من هذه المحارم أشهيد هو ؟ فأنزل الله عزّ وجلّ على رسوله ( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ ) (١٩) وذكر الآية فبشر الله المجاهدين من المؤمنين الَّذين هذه صفتهم وحليتهم بالشهادة والجنّة وقال : التائِبُونَ من الذنوب العابِدُونَ الذين لا يعبدون إلاّ الله ولا يشركون به شيئاً الحَامِدُونَ الذين يحمدون الله على كل حال في الشدّة

__________________

(١١) الفتح ٤٨ : ٢٩.

(١٢) التحريم ٦٦ : ٨.

(١٣) المؤمنون ٢٣ : ١.

(١٤) المؤمنون ٢٣ : ٢ ـ ١١.

(١٥) الفرقان ٢٥ : ٦٨.

(١٦ و ١٧ و ١٨) التوبة ٩ : ١١١.

(١٩ ) التوبة ٩ : ١١٢.

٣٦

والرخاء السائِحُونَ وهم الصائمون الراكِعُونَ الساجِدونَ وهم الذين يواظبون على الصلوات الخمس والحافظون لها والمحافظون عليها في ركوعها وسجودها وفي الخشوع فيها وفي أوقاتها الآمِرونَ بالمَعرُوفِ بعد ذلك ، والعاملون به والناهُونَ عن المُنْكَرِ والمنتهون عنه ، قال : فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشروط بالشهادة والجنّة ثمّ أخبر تبارك وتعالى أنّه لم يأمر بالقتال إلاّ أصحاب هذه الشروط فقال عزّ وجل : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ ) (٢٠) وذلك أنّ جميع ما بين السماء والأرض لله عزّ وجل ولرسوله ( صلّى الله عليه وآله ) ولاتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة ، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجّار من أهل الخلاف لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) والمولي عن طاعتهما ممّا كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم على ما أفاء الله على رسوله فهو حقّهم أفاء الله عليهم ورده إليهم ، وإنّما كان معنى الفيء كل ما صار إلى المشركين ثمّ رجع مما كان غلب عليه أو فيه فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عزّ وجل : ( لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ـ أي رجعوا ، ثمّ قال : ـ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢١) وقال : ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ ـ أي ترجع ـ فَإِن فَاءَتْ ـ أي رجعت ـ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ) (٢٢) يعني بقوله تفيء : ترجع فذلك (٢٣) الدليل على أنّ الفيء كلّ راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه ،

__________________

(٢٠) الحج ٢٢ : ٣٩ ، ٤٠.

(٢١) البقرة ٢ : ٢٢٦ ، ٢٢٧.

(٢٢) الحجرات ٤٩ : ٩.

(٢٣) في التهذيب : فدل ( هامش المخطوط ).

٣٧

ويقال للشمس إذا زالت قد فائت الشمس حين يفيء الفيء عند رجوع الشمس إلى زوالها ، وكذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفّار فإنّما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفّار إياهم ، فذلك قوله : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) (٢٤) ما كان المؤمنون أحقّ به منهم ، وإنّما أُذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الإِيمان التي وصفناها ، وذلك أنّه لا يكون مأذوناً له في القتال حتّى يكون مظلوماً ، ولا يكون مظلوماً حتى يكون مؤمناً ، ولا يكون مؤمناً حتّى يكون قائماً بشرائط الإِيمان الّتي اشترط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزّ وجل كان مؤمناً ، وإذا كان مؤمناً كان مظلوماً ، وإذا كان مظلوماً كان مأذوناً له في الجهاد لقول الله عزّ وجل : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) وإن لم يكن مستكملاً لشرائط الإِيمان فهو ظالم ممن يبغي (٢٥) ويجب جهاده حتّى يتوب وليس مثله مأذوناً له في الجهاد والدعاء إلى الله عزّ وجل لأنّه ليس من المؤمنين المظلومين الَّذين أُذن لهم في القرآن في القتال ، فلمّا نزلت هذه الآية ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) في المهاجرين الذين أخرجهم أهل مكة من ديارهم وأموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إيّاهم ، وأذن لهم في القتال ، فقلت : فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم ، فما بالهم في قتالهم كسرى وقيصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب ؟ فقال : لو كان إنّما أُذن في قتال من ظلمهم من اهل مكة فقط لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى وقيصر وغير أهل مكة من قبائل العرب سبيل ، لأنّ الذين ظلموهم غيرهم ، وإنّما أُذن لهم في قتال من ظلمهم من اهل مكة لإِخراجهم إياهم من ديارهم وأموالهم بغير حق ، ولو كانت الآية إنما عنت المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة كانت الآية مرتفعة الفرض عمّن بعدهم اذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد وكان فرضها مرفوعاً عن الناس بعدهم إذا لم يبق

__________________

(٢٤) الحج ٢٢ : ٣٩ وكذا في الموردين الآتيين.

(٢٥) في نسخة : سعى ( هامش المخطوط ).

٣٨

من الظالمين والمظلومين أحد وليس كما ظننت ولا كما ذكرت ، لكن المهاجرين ظلموا من جهتين : ظلمهم أهل مكّة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك ، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحقّ به منهم ، فقد قاتلوهم بإذن الله عزّ وجلّ لهم في ذلك ، وبحجّة هذه الآية يقاتل مؤمنو كلّ زمان ، وإنما أذن الله عزّ وجلّ للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله عزّ وجلّ من الشرائط التي شرطها الله عز وجل على المؤمنين في الإِيمان والجهاد ومن كان قائماً بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى ، ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين ، وليس بمأذون له في القتال ، ولا بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف ، لأنّه ليس من أهل ذلك ، ولا مأذون له في الدعاء إلى الله عزّ وجلّ لأنّه ليس يجاهد (٢٦) مثله ، وأمر بدعائه إلى الله. ولا يكون مجاهداً من قد أمر المؤمنون بجهاده وحظر الجهاد عليه ومنعه منه ، ولا يكون داعياً إلى الله عزّ وجلّ من امر بدعائه مثله إلى التوبة والحقّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به ، ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه ، فمن كانت قد تمّت فيه شرائط الله عزّ وجلّ التي وصف بها أهلها من أصحاب النبي ( صلّى الله عليه وآله ) وهو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما أذن لهم في الجهاد ، لأنّ حكم الله عزّ وجلّ في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلاّ من علة أو حادث يكون ، والأولون والآخرون أيضاً في منع الحوادث شركاء ، والفرائض عليهم واحدة ، يسأل الآخرون من أداء الفرائض عما يسأل عنه الأولون ، ويحاسبون عمّا به يحاسبون ، ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد وليس بمأذون له فيه حتّى يفيء بما شرط الله عزّ وجلّ

__________________

(٢٦) في نسخة : بمجاهد ( هامش المخطوط ).

٣٩

فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد ، فليتق الله عزّ وجلّ عبد ولا يغترّ بالأماني التي نهى الله عزّ وجل عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله التي يكذّبها القرآن ، ويتبرأ منها ومن حملتها ورواتها ، ولا يقدم على الله عزّ وجلّ بشبهة لا يعذر بها ، فإنّه ليس وراء المتعرض (٢٧) للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها ، وهي غاية الأعمال في عظم قدرها ، فليحكم امرؤ لنفسه وليُرِها كتاب الله عزّ وجل ويعرضها عليه فإنّه لا أحد أعلم بالمرء من نفسه ، فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد ، وإن علم تقصيراً فليصلحها وليقمها على ما فرض الله تعالى عليها من الجهاد ثمّ ليقدم بها وهي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها وبين جهادها ، ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين : لا تجاهدوا ، ولكن نقول : قد علّمناكم ما شرط الله عزّ وجلّ على أهل الجهاد الذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك ، وليعرضها على شرائط الله عزّ وجلّ ، فإن رأى أنّه قد وفي بها وتكاملت فيه فإنّه ممّن أذن الله عزّ وجلّ له في الجهاد ، وإن أبى إلاّ أن يكون مجاهداً على ما فيه من الإِصرار على المعاصي والمحارم والإِقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى والقدوم على الله عزّ وجلّ بالجهل والروايات الكاذبة فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل أنّ الله تعالى ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ، فليتق الله عزّ وجلّ امرؤ وليحذر أن يكون منهم ، فقد بيّن لكم ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل ولا قوّة إلاّ بالله وحسبنا الله عليه توكّلنا وإليه المصير.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب نحوه (٢٨).

__________________

(٢٧) في نسخة : المعترض ( هامش المخطوط ).

(٢٨) التهذيب ٦ : ١٢٧ / ٢٢٤.

٤٠