الشّفاء ـ طبيعيّات

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]

الشّفاء ـ طبيعيّات

المؤلف:

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]


المحقق: الدكتور محمود قاسم
الموضوع : العلوم الطبيعيّة
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: گل‌وردى
الطبعة: ٢
ISBN: 978-600-161-072-1
ISBN الدورة:

الصفحات: ٢٦٧

الفصل الرابع (١)

فصل فى

إبطال قول أصحاب الكمون ومن يقرب منهم

ويشاركهم (٢) فى نفى الاستحالة

وإذ ليس نقض القياس المنتج لمطلوب ما كافيا فى نقض المطلوب نفسه. وكيف (٣) وربما أنتج صادق عن مواد كواذب ، (٤) وربما أنتج صادق لا عن قياس صحيح فى صورته؟ فبالحرى أن نشتغل (٥) بنقض مذهب (٦) نفسه لنتوصل (٧) من ذلك إلى تحقيق التفرقة بين الكون والفساد وبين سائر الحركات ، ونستعد لتحقيق (٨) القول فى عدد العناصر وطبائعها ، وفى الفعل والانفعال ، والامتزاج.

ولنبدأ بمذهب أصحاب الكمون :

أما الطبقة (٩) القائلة منهم إن فى كل جسم مزجا من أجزاء كامنة لا تتناهى ، (١٠) فيكذبهم ما علم (١١) قبل من امتناع وجود جرم متناه مؤلف (١٢) من أجزاء فيه بلا نهاية ، كانت أجراما أو غير أجرام ، كانت متساوية الكبر ، (١٣) إن كانت أجراما ، أو مختلفة.

وأما القائلة (١٤) منهم بتناهى ذلك ، مجوزة أن يكون عن كل ماء نار أو أرض (١٥) أو غير ذلك ، على سبيل الانتقاض ، (١٦) فيفسد مذهبها (١٧) أحاطتنا بأن الماء إذا انتقضت عنه الأجزاء

__________________

(١) م ، ط : الفصل الرابع

(٢) سا : ويشاكلهم

(٣) سا : كيف

(٤) فى م : وربما أنتج صادق عن مواد كواذب ـ مكررة

(٥) م : يشتغل

(٦) م : ـ مذهب

(٧) م : ليتوصل

(٨) ط : ويستحق لتحقيق

(٩) سا ، د : الطائفة

(١٠) م ، ط ، د : لا يتناهى

(١١) م : ما قيل ، وفى ب ، ط : ما علم من قبل

(١٢) م ، ط : مؤلفا

(١٣) ب : متساوية الكم

(١٤) م : القائل ... مجوزا ، وفى ط : مجوز

(١٥) ، سا ، د : وأرص

(١٦) سا : الابتعاض

(١٧) م ، ط ، د : مذهبه.

١٠١

النارية المتناهية بقى هناك (١) ماء ، إن استحال نارا لم يكن كون كل نار عن ماء إنما هو بسبيل الانتقاض (٢) والتميز ، (٣) بل على سبيل سلخ الصورة ؛ وإن امتنع عن الاستحالة لم يكن كل ماء من شأنه أن يكون عنه نار (٤) أو هواء. وأن اضطر إلى أن يقول إن هذا الاختلاط بحيث لا يتأتى كمال التميز (٥) فيه ، لم يخل (٦) (٧) إما أن يكون جميع الأجزاء النارية التي فى الماء والهواء (٨) سواء (٩) فى شدة (١٠) الملازمة (١١) للأجزاء (١٢) المائية ، أو بعضها ألزم ، وبعضها أسلس طاعة للتميز. (١٣) فإن كان الجميع سواء (١٤) فى ذلك ، وجازت (١٥) المفاصلة على جزء جازت أيضا على كل جزء. وإن كان بعض الأجزاء (١٦) ليس من شأنه أن يفاصل فإن كان ذلك لطبيعة النارية فالآخر مثله ؛ وإن كان (١٧) لطبيعة مضافة إليها فهو غلط (١٨) آخر ، والكلام عليه ، وفى (١٩) مخالطته ومفاصلته ثابت. ومع ذلك ، فيبقى الذي لا يفاصل فى طائفة من الماء تصير (٢٠) به تلك الطائفة ماء لا يتكون عنه نار. (٢١)

وأما إن (٢٢) قيل أن الماء يتكون عنه نار أو هواء إلى أن تتميز الأجزاء المائية ، ويبقى ماء صرفا لا يتكون عنه نار بعد ذلك ـ وهو قول غير قول المخاطبين فى هذا الوقت ـ فلا يلزم هؤلاء شىء مما قلنا (٢٣) البتة ، وكانت مخاطبتهم من وجه آخر ، وبالكلام (٢٤) المشترك المخاطبة جميع من رأى أن الأشياء التي نسميها نحن الاستحالة ، (٢٥) إنما هى (٢٦) بروز (٢٧) من الكوامن ، أو مداخلة مبتدأة. وذلك لأن الماء إذا سخن لمجاورة (٢٨) النار ففيه ظن من يرى أن ناريات فيه قد (٢٩) برزت ، وظن من يرى (٣٠) أن ناريات قد (٣١) نفذت (٣٢) فيه ، وداخلته من النار المجاورة.

والشركة بين المذهبين إنما هى (٣٣) فى شىء واحد ، وهو أن الماء لم يستحل (٣٤) حارا

__________________

(١) د : هنالك (٢) م : الانتقاص فى التمييز (٣) ط : التمييز. (٤) سا : نارا. د : وإن

(٥) م : التمييز (٦) سا : نحلو (٧) وفى م ، ب ، سا ، ط ، فلم يخل

(٨) م ، ب : أو الهواء (٩) ط ، د : سواسية

(١٠) د : شد (١١) م : سا ، ب : شدة الملاقاة

(١٢) سا : الأجزاء (١٣) م ، ب : للتمييز

(١٤) م : سواء (١٥) سا ، ب ، د : جاز

(١٦) ط : الأجزاء+ منه. (١٧) د : كانت (١٨) م : خلط

(١٩) م : عليه فى (٢٠) ط ، د : يصير

(٢١) سا : نارا (٢٢) م : ـ إن. (٢٣) م : قلناه

(٢٤) د : وما الكلام (٢٥) د : به+ على ـ سا ، د : استحالات

(٢٦) ط : إنما هو (٢٧) ط : ببروز

(٢٨) م : مجاورة ، وفى ط : بمجاورة

(٢٩) سا : وقد (٣٠) سا : ترى

(٣١) ط : فقد (٣٢) م : يقذف

(٣٣) ط : إنما هو (٣٤) ط : يستحيل.

١٠٢

ولكن الحار نار يخالطه (١) والفرق بينهما أن أحدهما يرى أن النار قد كانت (٢) فى الماء ، لكنها كانت كامنة ، والثاني أن النار لم تكن (٣) فيه ، ولكن الآن قد خالطته. (٤) فيجب أن نوضح فساد كل واحد من المذهبين.

فأما (٥) المذهب الأول فمما يوضح (٦) فساده (٧) تأمل حال هذا الكمون وما معناه. فإن جوزوا فيه تداخل الأجسام فقد ارتكبوا المحال الذي بان فساده من كل وجه. وإن لم يجوزوا ذلك ، ولكن أومأوا إلى مجاورة ، (٨) ومخالطة تكون ، (٩) ويكون الكامن (١٠) هو المستبطن من الأجزاء ، (١١) وهذا الاستبطان لا يعقل منه إلا انحصارها فى باطن الجسم وبعدها عن بسيطه (١٢) وظاهره ، فيجب أن يكون باطن الماء مكانا للكامن من النيران ، وتكون (١٣) (١٤) كيفية (١٥) ذلك المكان مثل كيفيته الماء المسخن الذي لا يفعل تسخينه أمرا غير إبراز الكامن فيه إلى ظاهره ؛ بل يجب أن يكون أسخن من ذلك بكثير ، وذلك (١٦) لأن الانحصار فى الباطن (١٧) أجمع من الانتشار فى الظاهر. والمعوّل (١٨) على تصديق هذه القضية وتكذيبها هو على الحس (١٩) (٢٠). فإن ظاهر الماء وباطنه ، وأى حد وجزء (٢١) أخذت منه ، هو من طبيعة (٢٢) واحدة متشابهة.

وكذلك حال الأجسام السود والبيض ، والحلوة والمرة وغير ذلك ؛ فإنها يوجد منها ما (٢٣) يقبل الاستحالة إلى الضد ، مع دلالة الحس على تشابه أجزائه ، وأنه إذا استحال أيضا إلى الضد لا يكون ذلك بأن يبرز شىء إلى الظاهر ، ويكمن ضده (٢٤) فى الباطن ، بل (٢٥) يكون إذا سخن أيضا ظاهر البارد فإن باطنه أيضا سخين. فإن (٢٦) كان الكامن كافيا

__________________

(١) ، ط يخالطه (٢) م ، ط : قد كانت

(٣) م ، ط : يكن (٤) د : خالطه

(٥) سا : وأما (٦) م : يوضح

(٧) ط ، د : يبين فساده. (٨) م : مجاوزه

(٩) م ، ط : يكون (١٠) سا ، ط : وتكون الكامن

(١١) د ـ : «من الأجزاء» ط ؛ سا فهذ

(١٢) م : بسيطة (١٣) م ، ط : ويكون

(١٤) م : + باطن الماء مكانا للكامن من النيران ويكون

(١٥) م ، ط : الثانية كيفيته

(١٦) م : وذلك (١٧) م ـ فى الباطن

(١٨) م ، ط : المقول (١٩) ب : + على.

(٢٠) ب : هو+ على (٢١) ب : وأى جزء وحد ، وفى ط : وأى جزء فيها

(٢٢) د : فى طبيعة (٢٣) د : ـ ما

(٢٤) د : ويمكن ضده (٢٥) م : ـ بل ، وفى ط : بل يمكن أن يكون ، وفى د : بل يمكن إذا

(٢٦) ب : ـ وإن

١٠٣

بالمداخلة التي هى محالة ، (١) فيجب أنها إذا انفكت حتى يخلص البارد من الحار ، (٢) والحار من البارد ، أن تأخذ فى كل حال مكانا أعظم وليس (٣) كذلك. فإن الانفكاك الذي يخلص الحار ظاهرا من البارد قد يتبعه (٤) ويلزمه العظم. وأما الانفكاك الذي يميز البرد فإنه ينقص الحجم نقصانا (٥) بيّنا للحس : فإن كان ظهور البرد يوجب فرط مداخلة ، والمداخلة (٦) توجب زيادة خفاء ، (٧) فيكون الاستعلان استخفاء.

على أن المداخلة تقضى على (٨) المتداخلين بحكم واحد. فإن حكم كل واحد منهما من الآخر حكم الآخر منه.

وإن كان (٩) الكامن كامنا بالمجاورة فلا محالة أن للكامن حيزا يختص به ، وأن (١٠) الكامن باطنه ضد ظاهره ، أعنى باطنه الجرمى وليس هذا بموجود (١١) فى الحس ، وليس هذا الوجود إلا وجودا حسيا. فليس هذا بموجود أصلا. ثم ما بال الماء مثلا إذا أراد أن يبرز الكامن منه (١٢) من الهواء احتاج ذلك الهواء إلى مكان أعظم من المكان الذي احتاج إليه وهو فى الماء؟ ومعلوم أنه إذا كان على حجمه وقدره (١٣) المتقدم لم يحتج إلا إلى مثل مكانه. فلا يخلو إما أن تزداد (١٤) تلك الأجزاء حجما ، أو يحدث هواء جديد ، (١٥) أو يقع (١٦) خلاء.

لكنها إن ازدادت حجما فقد (١٧) يعرض (١٨) (١٩) للأجزاء المذكورة أن ينفعل (٢٠) بغير (٢١) التميز ، (٢٢) وهذا خلاف أصل المذهب. ولا محالة أن ازدياد حجمها تابع لانفعال يعرض لها ، أو مقارن يقارنها. وظاهر أن (٢٣) العلة لذلك هو التسخين ، وهذا إثبات للاستحالة. وليس (٢٤) للاستحالة عندهم وجه إثبات.

وإن صار الهواء أكبر هواء مضاف إليه حدث فقد حدث هواء جديد ؛ ولزم (٢٥)

__________________

(١) سا : مخالطة محالة (٢) م : ـ والحار سا : فإنه

(٣) د : فليس (٤) م : فيتبعه وفى «ب» : فقد يتبعه

(٥) م : نقصا (٦) د : مداخلته

(٧) م : حقا (٨) بخ : تفضى إلى

(٩) ط : فإن ، ب : وإذا كان (الأولى والثانية)

(١٠) ط : فإن ، ب : وإذا كان (الأولى والثانية)

(١١) د : الموجود (١٢) ب : فيه من

(١٣) م : قدرة (١٤) م ، ط : يزداد.

(١٥) سا. هواء جديدا

(١٦) سا. ويقع ـ ب : وإذا كان

(١٧) د : ـ فقد (١٨) م : فقد عرض

(١٩) ب : فكان يعرض وفى ط. نعرض وفى سا. عرض

(٢٠) م ، ط ، د : ينفعل (٢١) د : تغير

(٢٢) م : التمييز (٢٣) ب ، د : ـ أن

(٢٤) م : فليس (٢٥) م : ويلتزم

١٠٤

القول بالكون مع القول بالاستحالة. وكذلك الاعتبار (١) العكسى إذا حدث من الحار بارد ، وطلب حجما أصغر.

وأما الخلاء ووقوعه (٢) فلا هو حق ، ولا هم يقولون به. ونحن نشاهد مشاهدة لا يمكن دفعها (٣) من استحالة الماء اللطيف حجرا صلدا وهو أرض أو أرضى. فإن كانت هذه الأجزاء الصلبة موجودة فى الماء كامنة (٤) فكان يجب أن تفعل (٥) فى الماء من الخثورة ما يفعله سحقنا هذا الحجر وتهييئنا (٦) إياه وفرجنا إياه بقدر من الماء المقطر المصعد الصافى قدره أضعاف ذلك. وكلما أمعن هذا المزج وزادت الأجزاء تصغرا (٧) ازداد الماء خثورة. (٨) فكان (٩) يجب أن يكون فى شىء من الماء الأول ، ظاهره أو باطنه ، خثورة ما لا أقل (١٠) من الخثورة التي نجدها عند مزجنا إياها به.

وكذلك قد يمكن أن تتخذ (١١) مياه حارة (١٢) محل (١٣) الحجارة مياها سيالة فى الحال. ولم لا والمادة مشتركة قابلة لكلا الأمرين؟ فأين هذه الأجزاء السيالة من الحجر فى باطنه أو ظاهره؟ وهل أكبر (١٤) ما يظن (١٥) بالكامن أنه مغلوب ، فكيف صار غالبا ولم تحدث (١٦) له زيادة باستحالة أو كون. فإن كانت الأجزاء الرطبة (١٧) المقدار فى الحجم ، فكيف صار مقدارها غالبا عند الانحلال ولم يحدث شىء؟

وإن كانت مساوية (١٨) معادلة ، وكانت مغلوبة فى الظاهر فلم ليست غالبة (١٩) فى الباطن. وإن كانت (٢٠) النار الباطنة هى (٢١) الجسم الذي لا يحرق ولا يسخن ، ثم إذا جاوزه (٢٢) فغلب (٢٣) فأبرزه صار محرقا مسخنا ، والماء الباطن على صفة أخرى فقد ثبتت (٢٤) (٢٥) الاستحالة له ؛

__________________

(١) ط : وهكذا الاعتبار

(٢) م : ـ ووقوعه (٣) ط : رفعها

(٤) سا : ـ كامنة (٥) م ، ط ، د : يفعل.

(٦) م : ـ الحجر وتهيينا

(٧) م : تصغيرا (٨) م : خثورا

(٩) م : وكان (١٠) سا : لا أول م : إياه

(١١) م ، ط ، د : يتخذ

(١٢) سا : حادة (١٣) م : يحل

(١٤) م ، ط : أكثر

(١٥) سا : نظن (١٦) م ، ط : يحدث

(١٧) ط : الرطيبة

(١٨) د : متساوية

(١٩) م : غالية

(٢٠) كان (٢١) سا ، د : هو

(٢٢) د : ـ جاوره فغلب (٢٣) ط : وغلب

(٢٤) م : قد ثبت ، وفى ط ، د : فقد ثبت

(٢٥) د : ثبتت+ له.

١٠٥

إذ (١) صار ما لا يحرق بكيفيته (٢) محرقا (٣) بكيفيته (٤) ، اللهم إلا أن يلتجئوا إلى أن الحركة تحرق بالشكل النافذ ، فيتركوا قولهم.

وأيضا فإن كل واحد من الأجزاء البسيطة فى الخليط لا (٥) يخلو إما أن يكون مما لا يتجزأ أصلا كالنقطة ، فيلزم أن لا ينتظم منه ومن غيره متصل ، وقد فرغ من هذا. وإن كان جسما فيلزمه لا محالة شكل ؛ فإن لكل جسم طبيعى شكلا طبيعيا.

ويلزمه أن يكون شكله مستديرا ؛ لأنه بسيط ضرورة ، ولأنه لا ينفعل ، (٦) فلا يغلب على شكله البتة. وإذا كانت أشكالها مستديرة لزم أن يقع هناك (٧) فرج خالية. وهذا مخالف للحق ، ولمذهبهم جميعا.

ومما يجب أن يؤاخذوا (٨) به حال الكامن ، وأنه ما الذي يوجب بروزه ، (٩) أقوة (١٠) طبيعية له ، فيجب أن لا يتأخر إلى وقت ، (١١) أو سبب (١٢) من خارج؟ وذلك السبب من خارج إن كان حركة (١٣) (١٤) فلا يخلو إما أن يؤثر فيه (١٥) أثر أو يحدث فيه قوة حركة وانبعاث يتبع ذلك الأثر وتلك القوة (١٦) حركة منه ، (١٧) فيكون قد انفعل عندهم الشىء انفعالا فى الأثر ، واستحال فيه ، (١٨) وصحت الاستحالة ، أو يكون تحرك (١٩) بلا أثر ينفذ من المحرك إلى (٢٠) المتحرك ، بل إنما يحرك بجذب أو دفع ، أو غير ذلك. فإن كان الجذب أو الدفع بحماسة (٢١) (٢٢) وجب أن يكون المحرك إلى خارج قد (٢٣) نفذ أولا إلى غور (٢٤) الجسم فلاقى كل جزء من الكامن (٢٥) الذي يبرز. فيجب أن يكون كل مستحيل عند ما يستحيل يعظم حجمه لنفوذ الجاذب أو الدافع فيه ، وإن كان لا يحتاج إلى مماسة ؛ بل إلى حد ما من المجاورة.

__________________

(١) م : إذا (٢) ط : بكيفية ، وفى د : ليس يحرق بكيفية محرقا بكيفية

(٣) م : ـ محرقا

(٤) م : سا : ـ بكيفية (الثانية) وفى ط : يحرق

(٥) م : ـ لا (٦) م ، د لا ينفعل+ فلا ينفعل

(٧) سا ، د : يكون هناك

(٨) ط : يؤخذوا ، وفى «د» آخذوا

(٩) د : «بردا» بدلا من «بروزه»

(١٠) د : أهي قوة (١١) ط : وقت ما

(١٢) م : أم سبب (١٣) د : ـ كان حركة وفى «سا» حركة+ أو حركة ،

(١٤) فى د : إن حركها ب ، د : فيها

(١٥) م ، ب : ـ فيه (١٦): ـ قوة

(١٧) منها ـ عندها (١٨) م ، ب : ـ فيه : صمت

(١٩) م : يتحرك ، وفى «د» : قد يحركه ـ ب : يتقدمه

(٢٠) سا ، د : المحرك منه (٢١) م : والدفع. بغير مماسة

(٢٢) ط : بمماسته (٢٣) ط : فقد

(٢٤) د : ان كور الجسم (٢٥) ط : جزء من المحرك فى الكامن.

١٠٦

ونحن نشاهد أن مجاورة الحار تسخن ، (١) ومجاورة البارد تبرد. ونعلم أن الكامن ممكنه ، (٢) قوى كثيرة ، (٣) وإنما تقل فى الظاهر. فإن كان المبرز هو مجاورة الشبيه ، (٤) كيف كانت ، فلم لا تحرك الأجزاء (٥) الكامنة المتجانسة المتجاورة (٦) بعضها بعضا إلى البروز ، إن كان سبب البروز والظهور مجاورة الشبيه؟ (٧) وإن كان المجالس ليس سببا للبروز لأنه مجانس فقط ؛ بل لأنه مجانس بارز فهو محرك نحو جهته (٨) ويميل (٩) نحو مقاربه ، (١٠) فلأن ينجذب الكامن إلى مجاورة الأقرب إليه الكامن ، (١١) أولى من أن ينجذب إلى مجاور تحول بينه وبينه بالضد الآخر ، (١٢) اللهم إلا إن قيل إن السبب فى ذلك أمران :

أحدهما : هرب الضد الظاهر إلى خلاف جهة الضد.

والثاني : انتقال الضد الآخر الباطن إلى شبيهه (١٣) الذي هو ضد الهارب.

فيجب أيضا أن يكون الظاهر البارز يهرب من الكامن (١٤) اللهم ، إلا أن يجعل الأغلب أجذب. ومعلوم أن الذي يلى جسما من جهة واحدة يتحرك (١٥) إليها بالاستقامة هو ما يساويه. تم إن فصل (١٦) شىء فهو (١٧) مباين لذلك خارج عنه لا ينفع أن يقال (١٨) باشتداد (١٩) القوى عند ازدياد المجاورات وهو استحالة ثم إن لم يكن الضد عند الاستحالة. يمكن ، ولكنه يكون مخالطا لضده مخالطة غالبة ، فإذا (٢٠) أراد (٢١) أن يستحيل المستحيل تحلل هو ، وفارق ظاهر المستحيل. أو ظاهره وباطنه ، فيبقى (٢٢) الضد الآخر صرفا ـ لم يخل (٢٣) إما أن يكون مع تحلله يسد ضده مسده أولا يسد مسده. فإن لم يسد مسده وجب أن يكون كل مستحيل ينقص حجمه أو يكون كل مستحيل يتخلخل (٢٤) وينتفش. (٢٥) وإن كان قد يسد ضده (٢٦) مسده ، على سبيل

__________________

(١) م ، ط : يسخن ... يبرد (٢) م : ممكنة كثير

(٣) ن : قوى كثير (٤) د : مجاورة الشيئية

(٥) د : يتحرك الأجزاء

(٦) م : المجاورة (٧) د : الشيئية

(٨) م : إلى جهة. وفى د. إلى جهته

(٩) م : مميل (١٠) م : مقاومة

(١١) د : منه إليه الكامن

(١٢) د : بالضد الظاهر

(١٣) ب : شبهه (١٤) سا ، د : عن الكامن

(١٥) م : تحرك (١٦) م ، ب : نصل ، وفى سا : فضل ، وفى د : حصل

(١٧) ب : هو. (١٨) ط : أو يقال ، وفى «د» إذ يقال

(١٩) سا : بانسداد. (٢٠) ط : وإذا

(٢١) د : فاذا أرادت

(٢٢) م : فبقى (٢٣) سا : مع تخلله

(٢٤) م : يتحلل (٢٥) م وينفس ، وفى سا : يتفش

(٢٦) م : ـ ضده.

١٠٧

الورود من خارج ، لا على سبيل البروز ، فلم صار الشىء الذي يبرد بعد الحرارة ينقص (١) حجمه ، اللهم إلا أن يكون الذي يتحلل حاره ، (٢) (٣) ويظهر بارده لا يسد ضده مسده ، ويكون الذي (٤) يتحلل (٥) بارده ، بالضد (٦) وهذا تحكم. (٧) ومع هذا كله ، فإن (٨) ذلك البارد يسخن مرة أخرى ، والحار يبرد (٩) مرة أخرى ، كل ليس دون الأول ، ويجب أن يكون دونه ؛ لأن التحلل صرفه ومحضه ، (١٠) أو ترك (١١) فيه من الضد شيئا يسيرا.

وأما المذهب الذي يخالف الكمون ، ومع ذلك يشابهه فى أحكام ، وهو (١٢) أن الحار مثلا لن (١٣) يبرد بالانكشاف عن بارد كمين ، ولكن يرد (١٤) عليه من خارج ما يخالطه ، وهو بارد ، فيغلب عليه (١٥) البارد ؛ والبارد لن يسخن (١٦) بالانكشاف عن حار كمين ، لكن (١٧) يرد عليه من خارج ما يخالطه وهو حار ؛ وأنه (١٨) ربما كان بعض الأجسام قوى القوة فى كيفيته ، فيكون القليل منه فى المقدار يظهر قوة كثيرة ، كمن يورد عفرانا (١٩) قليلا على لبن (٢٠) كثير فيصبغه. فربما لم يكن للوارد كبير أثر (٢١) فى زيادة الحجم ، وكان له كبير أثر (٢٢) فى زيادة الأثر.

وقد يجوز أن يكون الضد (٢٣) الوارد طاردا لضده ، وربما احتاج إلى أن (٢٤) يطرد ما يساويه (٢٥) فى المقدار. وربما احتاج أن (٢٦) يطرد ما هو أكثر منه. وربما بقى أن يطرد ما هو أقل منه ، حتى يظهر أثره. وربما لم يحتج أن يطرد شيئا البتة ؛ بل جاء بزيادة. وهذا المذهب ليس بمذهب ضعيف. (٢٧)

فمما يدل على فساد هذا المذهب أن جبلا من كبريت تمسه (٢٨) نار صغيرة قدر شعلة

__________________

(١) ط : ينقض (٢) م : يتحلل جاره

(٣) د : ينحل (٤) د : ـ والذي

(٥) د : تحلل ، وفى م : يتحل

(٦) د : بردة لضد (٧) م : يحكم

(٨) ط : ـ فان (٩) د : برد

(١٠) م : بعضه

(١١) سل : يترك ، وفى د : ترسب.

(١٢) م : هو (١٣) ب : ـ لن

(١٤) د : يرد (١٥) د : عليه النار

(١٦) ط : لم يسخن ، وفى د : أن يسخن

(١٧) ط ، د : ولكن (١٨) ط : فانه

(١٩) م : عقرانا (٢٠) ط : فى لبن

(٢١) ط ، د : كثير أثر (٢٢) ب : أثر كبير

(٢٣) د : لضد (٢٤) م : ـ أن ، وفى د : ـ إلى

(٢٥) م : وما يساويه (٢٦) ط إلى أن.

(٢٧) م : ليس مذهبا ضعيفا (٢٨) م : يمسه.

١٠٨

مصباح ثم تنحى (١) عنه بعجلة مبعدة ، فيشتعل كله نارا. فإن (٢) كانت الاستحالة (٣) إنما هى (٤) ورود المخالط من المجاور ، فيجب أن يكون الوارد عليه لا أكثر من جميع تلك الشعلة ؛ بل نعلم (٥) أن المماسة لن تقع (٦) إلا فى زمان غير ذى قدر. والمنفعل (٧) عن الشعلة المداخل (٨) للكبريت لن يكون ، (٩) إن كان ، إلا جزءا لا قدر له و. فهذا الآخر (١٠) كله إما أن يكون حادثا عن الاستحالة ، أو يكون على سبيل الكمون المذكور. وقد بطل الكمون فبقيت الاستحالة.

وإن كانت النار اليسيرة القدر تفعل (١١) تسخينا وإحراقا (١٢) شديدا (١٣) لشدة قوتها فعود الشىء إلى (١٤) البرد لا يخلو إما أن يكون بمفارقة تلك النار اليسيرة ، (١٥) فيجب أن لا يكون نقصان الحجم الكائن عند البرد أمر محسوسا ؛ بل بقدر ما انفصل. وإن كان بورود (١٦) (١٧) البارد ، ويحتاج (١٨) ضرورة إلى بارد كثير حتى يغلب تلك النار اليسيرة أو يخرجها ، فيجب أن يكون المقدار محفوظا ، إن لم يكن زائدا ، اللهم إلا أن تجعل (١٩) النارية (٢٠) إذا انفصلت استصحبت (٢١) شيئا كثيرا من الجسم. فما بالها ، إذا سخنت مرة أخرى وجاءت يسيرة صرفة ، وليس معها الرقيق المستصحب أعادت ذلك الحجم بحاله؟ وإن كان الجمد (٢٢) إذا وضع عليه شىء فبرد ذلك الشىء تتحل جزاء مه ومخالطته (٢٣) إياه ، وكان المداخل يطرد مثل نفسه وجب أن تحفظ الحجم أو (٢٤) يطرد أكثر من نفسه وجب أن يكون المعيد إلى الحالة الأولى بالمخالطة (٢٥) حارا أكثر من البارد الداخل ؛ فكان الحار أضعف ، فى القوة ، من البارد.

__________________

(١) م : ينحى (٢) د : وإن

(٣) سا ، ب ، ط ، د : كان لا استحالة

(٤) سا ، بخ ، ط ، د : وإنما هو

(٥) م ، ط : يعلم (٦) م ، ط : يقع.

(٧) سا ، م ، د : والمنفصل ، وفى ط : والمنفصلة

(٨) د : المداخلة (٩) بخ ، د : أن يكون

(١٠) ب : «الآخر» بدلا من «إلا جزءا» ، وفى د : الأجراء «و) فى جميع النسخ ما عدا «ب» : فهذا الأجزاء. (١١) م : يفعل

(١٢) م : إحراقا وتسخينا وفى ط : أو إحراقا

(١٣) د : شديدة.

(١٤) د : «التي وإن» مكان «الشىء إلى»

(١٥) م : الأجزاء اليسيرة

(١٦) ب : ورود (١٧) د : لورود النار

(١٨) ط : فيحتاج (١٩) ط : يجعل

(٢٠) م ، سا : النار (٢١) ـ ط مستصحبته

(٢٢) م : الجهد (٢٣) م : ومخالطتها

(٢٤) م : او+ كان يطرد

(٢٥) د : المخالطة.

١٠٩

وهذا (١) لا يستمر على هذا الأصل. فإنهم يحوجون (٢) إلى أن يجعلوا قليل النارية كثير القوة. ومع ذلك ، فما السبب فى انفصال أجزاء الحار عن الحار (٣) فى جهة ما يجاوره ، وانفصال أجزاء البارد (٤) عن البارد فى مثلها؟ (٥) فإن كان السبب فيه حركة طبيعية ، فيجب أن يكون فى جهة واحدة لا غير. وإن كان السبب فيه أمرا (٦) من خارج يسلب تلك الأجزاء عن مقرها (٧) فلأن يسلبها عن غير الجنس أولى. (٨) فلم لا ينسلب (٩) عن المجاور ؛ (١٠) بل يتمكن فيه وينسلب عن الأصل؟ وكيف يتسخن الهواء بالحركة الصرفة ، أو الماء (١١) بالخضخضة (١٢) ويزداد حجمه ، حتى إن المخضخض ينشق ، وليس هناك وارد البتة؟ وكيف يرد هناك وارد ، (١٣) والجسم يشاهد أنه متحرك (١٤) عن مركزه ، منبسطا بحيث يرى متدافعا من كل جهة ، لا من جهة واحدة ، (١٥) بحيث (١٦) يقوى على أن يدفع شيئا إذا أراد أن ينفذ فيه؟ وكيف (١٧) ينفذ جسم في جسم (١٨) وهو (١٩) مملوء دافع عن نفسه ، إلا بقوة شديدة أقوى من قوته فى مستقره ، فيقدر على تفريق اتصاله (٢٠) ونفوذه فيه ، وليس يحيط بالجسم (٢١) المحرّك الممخوض أو المخضخض (٢٢) شىء حاله هذه الحالة؟

وجملة النار المسخن (٢٣) بها ما يسخن أيضا ضعيفة المقاومة (٢٤) تدفع (٢٥) بأدنى قوة. فكيف يكون لها ، لو كان التسخين بها لا بالمخض ، (٢٦) أن تقدر (٢٧) أجزاؤها على خرق الجسم المجتمع فى الإناء (٢٨) الصلب وتحريكه والنفود فيه ، حتى تختلط به ، ثم تبلغ أن توجب (٢٩) تموّجه بالمداخلة تمويجا (٣٠) انبساطيا (٣١) يقاوم كل صلب؟ ثم كيف يدخل منه فى الإناء الصلب إلا قدر (٣٢) ما يسع ، إما فى خلاء (٣٣) أو فى مكان أخلاه عن غيره لنفسه؟ فإذا امتلأ لم يكن يدخل ، فلم يجب انشقاق ؛ لأنه الانشقاق هو بسبب أن المحشو فى الإناء ليس يسع الإناء (٣٤)

__________________

(١) م : فهذا (٢) ب : محوجون ، وفى د : محجون

(٣) م : ـ عن الحار. (٤) م : الباردة (الأولى)

(٥) د : فى ذلك (٦) سا : أمر

(٧) م : من مقرها (٨) ط : كان أولى

(٩) ب : يسلب (١٠) سا : المجاوز (١١) م ، ط : والماء

(١٢) م ، سا : المخص (١٣) بخ : وارد+ الجسم

(١٤) م : يتحرك (١٥) م : ـ لا من جهة واحدة

(١٦) م ، ط : وبحيث (١٧) م : فكيف (١٨) د : ـ فى جسم

(١٩) م ، سا : ـ وهو (٢٠) ب ، سا : إيصاله

(٢١) سا : الجسم (٢٢) م : المخوض ـ أو

(٢٣) ب : المسخنة (٢٤) د : المتقاومة

(٢٥) م ، ط : يدفع (٢٦) م : بالمحض ، وفى د : بمخضه

(٢٧) م ، ط : يقدر (٢٨) سا : والإناء (٢٩) م : يوجب ، وفى ط ، د سا : يوجب

(٣٠) سا : تمرخه .. تمريخا ب : تمريجا (٣١) د : انبساطا

(٣٢) م : بقدر (٣٣) د : اخلاء (٣٤) م : ليس يسع الإناء

١١٠

وما لم (١) يدخل فى حشوه ، بعد ذلك ، شىء فمن المحال أن يكون باطنه لا يسع غيره ، بحيث ينشق عنه ؛ بل إنما يكون لا يسعه ، بحيث لا يدخل فيه. فإن دافع فإنما يدافع المداخل. (٢) فيجب إما أن يقل الإناء ، وإما أن يشقه حيث المدخل. وربما كان الإقلال أيسر مؤونة من شق آنية من حديد أو نحاس. (٣) فلم لا يقل ، بل يشق فى موضع غير مدخله؟

وأنت إذا تأملت تولّد نفاخات الغليان (٤) المحشوة (٥) جرما مندفعا إلى فوق ينشق عنه الغالى ، ويتفشى (٦) هو فى الجو ، تولدا بعد تولد ، بحيث لو جمع حجم (٧) الجميع لبلغ أمرا عظيما ، صدقت (٨) بأن ذلك ليس لنار (٩) تداخله ، (١٠) وصدقت بصحة القول بالاستحالة في الكيف ، والاستحالة (١١) فى الكم ، ورأيت الشىء يصير أضعافا مضاعفة بنفسه من غير زيادة جرم عليه.

__________________

(١) م : ما لم

(٢) د : المدخل

(٣) د : أو نحاس.

(٤) سا : الغليات

(٥) م : المحسوبة

(٦) ط : وينتفش ، وفى د : وينشق

(٧) سا ، د : حجمه.

(٨) م : صدقت أن

(٩) د : لناء

(١٠) م ، ط : يداخله

(١١) م : فالاستحالة ، وفى سا : فى الاستحالة.

١١١

الفصل الخامس (١)

فصل فى

مناقضة أصحاب المحبة والغلبة ، والقائلين إن الكون والفساد

بأجزاء غير الأجزاء الغير المتجزئة من السطح

واجتماعها (٢) وافتراقها (٣)

وأما مذهب صاحب (٤) القول بالمحبة (٥) والغلبة فالحق ينقضه بما يشاهد من استحالة العناصر بعضها إلى بعض ، وهو نفسه ينقض قوله ؛ إذ يرى أن للمحبة (٦) سلطانا عليها يجمعها إلى طبيعة واحدة ؛ فلا تكون (٧) نارا ولا هواء ولا ماء ، ولا أرضا. ثم إذا عادت الغلبة متسلطة فرقت ، فأحدثت (٨) العناصر فتكون صور هذه العناصر من شأنها أن تنسلخ (٩) عنها باستيلاء المحبة.

ثم يجب أن تكون ، (١٠) على مذهبه ، الألوان لا أكثر من أربعة ؛ لأنها تكون بعدد العناصر. وكذلك الطعوم ، وكذلك سائر القوى النباتية والحيوانية. (١١)

وأما مذهب (١٢) من يرى أن عنصرا واحدا ، يوجب (١٣) الاستحالة بالفعل والانفعال ، ولا يوجب كونا ، فقد يبطل بما نتحققه (١٤) من أن اليابس وحده لا يتكون منه الكائنات

__________________

(١) ـ م ، ط : الفصل الخامس ـ العنوان الذي اخترناه هو ما جاء فى بخ.

(٢) م : بافتراق الأجزاء غير المتجزئة والسطوح واجتماعها

(٣) م : وافتراقها وفى ط : هو مثل عنوان «م» مع «الغير المتجزئة» أو السطوح وفى د : مناقضة أصحاب المحبة والغلبة والقائلين إن الكون والفساد فافتراق الأجزاء الغير متجزئة أو السطح واجتماعها

(٤) أصحاب بخ

(٥) م : والمحبة

(٦) سا ، د : المحبة.

(٧) م ، ط : فلا يكون

(٨) م : واحدثت ، وفر «د» وأحدث

(٩) م ، ط : ينسلخ.

(١٠) ط : يكون

(١١) م : ـ والحيوانية

(١٢) سا : ـ مذهب

(١٣) بخ : يوجب ، وبقية النسخ : فيوجب

(١٤) ط : يحققه

١١٢

إن لم يخالطه رطب ، ولا الرطب وحده ، إن لم يخالطه يابس ؛ ولا الرطب واليابس ولا حرّ هناك ، ولا برد ؛ وأنه لا كون للمتولدات لا عن بارد (١) صرف ، ولا عن حار (٢) صرف. فإن الكائنات لو كانت إحدى هذه لم يكن إلا نارا ، أو أرضا ، أو هواء ، أو ماء فى طبيعته. وليس الأمر كذلك.

فإذا (٣) «كانت هذه العناصر والأصول نسبتها إلى الكائنات النسبة وأما نسبة بعضها إلى بعض ، كما يعترفون (٤) به ، كافتهم ، أو يلزمهم ، وإن لم يعترفوا به ـ أن كل واحد منها إذا فرض الاسطقس (٥) الأول كان راجعا إلى الآخر بالاستحالة ، ومرجوعا (٦) إليه ـ فلا يكون (٧) كونه أصلا أولى من كونه فرعا.

فإن كانت (٨) نسبة بعضها إلى بعض ، فى كون بعضها عن بعض ، وبطلان كيفية الكائن عنه عند وجود كيفية (٩) الكائن الآخر ، نسبة واحدة ، ونسبتها إلى الكائنات نسبة واحدة ـ فليس بعضها أقدم فيما بينها من بعض ، ولا بالقياس (١٠) إلى الكائن.

فكفى (١١) بهذا المذهب خطأ أن يجعل النار (١٢) عارضة للماء ، وهو ماء ، أو المائية عارضة للنار ، وهى نار. (١٣)

فلننقض الآن مذهب القائلين بالأجرام الغير المتجزئة. (١٤)

أما (١٥) مذهب السطوح فهو أرك وأضعف. (١٦) وقد سلف من أقاويلنا ما هو كفاية فى إبطاله.

وأما ما قيل في مناقضتهم إن السطح ، (١٧) لو كان له ثقل ، لكان يجب له أن يكون

__________________

(١) ط : للمتولدات عن بارد

(٢) م : «نار»

(٣) سا : وإذا

(٤) م : يعترف

(٥) م : الاسطقسين ، وفى ب : الاستقص سا : بالاستحالة+ إليه

(٦) د : مرجوعا

(٧) م ، ب : ولا يكون

(٨) د ، ب : فإذا كانث ، وفى ط : وإذ

(٩) د : كيفية دخول

(١٠) م : فيماس

(١١) م ، ب : وكفى

(١٢) ط : النارية

(١٣) سا ، د : وهو نار

(١٤) م : غير المتجزئة

(١٥) م ، سا : فأما ، وفى ط : وأما

(١٦) د. ـ فهو أرك وأضعف. وقد سلف من اقاويلنا «إلى قوله وأما ما قيل فى مناقصتهم إن السطح» ط : وهو أرك

(١٧) م : أبطالهم أن السطح وفى «ط» مناقضاتهم

١١٣

للخط. ثم للنقطة (١) ثقل. ثم اشتغل بأن النقطة لا ثقل لها ، بأنها لا تنقسم (٢) وبغير ذلك مما لا يوضح عدمها للثقل ـ فليس ذلك بيانا برهانيا ، بل نوعا (٣) من التمثيل والأخرى (٤) والأولى. فلا حاجة (٥) بنا إلى سلوك ذلك المسلك.

وأما مذهب القائلين بالأجرام الغير (٦) المتجزئة وأشكالها فنقض مذهبهم (٧) من وجوه :

من ذلك أنهم (٨) إذا جعلوا هذه الأجرام متشابهة الطبع (٩) وفى غاية الصلابة ، حتى لا تنقسم ، (١٠) فلا يخلو ، بعد وضعهم (١١) ذلك ، أن يقولوا : إن أشكال هذه الأجرام ومقاديرها أمور لا (١٢) تقتضيها (١٣) طبيعتها ؛ بل تعرض لها من خارج. فإن كانت تقتضيها طبيعتها ، وطبيعتهما (١٤) واحدة ، فيجب أن تكون (١٥) أشكالها ومقاديرها واحدة غير مختلفة. وإن كان ذلك قد (١٦) عرض لها من خارج فطباعها (١٧) مستعدة لأن تقبل (١٨) التقطيع والتشكيل من خارج ، فطباعها بحيث تقبل القسمة والاتصال ، فيجب أن يكون كل جزء منها بحيث يجوز عليه الفصل فى نفسه والوصل بغيره.

وأيضا ، إذا كانت هذه الأجزاء مختلفة (١٩) بالصغر والكبر فغير مستحيل أن تنقسم (٢٠) سطوحها المحيطة (٢١) بمماسات (٢٢) سطوح أخرى ؛ فتكون (٢٣) حينئذ سطوح من جسم واحد (٢٤) غير سطوح أحدهما لا محالة ، (٢٥) ويكون المحاط بسطوح أحدهما ، (٢٦) لا محالة ، غير المحاط بسطوح التي هى غير لها. (٢٧) وتكون متصلة مع الغيرية (٢٨) بأن لها حدا مشتركا. وطبيعة (٢٩) كل جسم طبيعة جرم منها خارج عنها. فتكون الجائرات عليها واحدة ؛ فيكون (٣٠) من طبيعة ذلك

__________________

(١) د : النقطة (٢) م ، ط ، د : ينقسم.

(٣) م : نوع (٤) م : والأخرى

(٥) م : ولا حاجة ـ بنا (٦) م : غير (٧) ب : مذاهبهم.

(٨) م : ـ أنهم (٩) د : الطبائع

(١٠) م ، ط ، د : ينقسم

(١١) د : وضعهم ـ ذلك.

(١٢) سا : ـ لا (١٣) م ، سا ، د : نقضيها

(١٤) د : ـ وطبيعتها وفى ب : فطبيعتها

(١٥) م ، ط : يكون (١٦) م ، د : ـ قد

(١٧) م : وطباعها (١٨) م ، ط : يقبل

(١٩) م : الأجرام مختلفة. (٢٠) م ، ط ، د : ينقسم

(٢١) المحيط بها (٢٢) ط : بمماسة ، وفى د : بمياسات

(٢٣) م ، ط : فيكون (٢٤) سا : واحدة

(٢٥) م : ـ أحدهما لا محالة (٢٦) ط : أحدها (الثانية)

(٢٧) ط : غيرها (٢٨) فى د فقط : الغير له (٢٩) د. فطبيعة

(٣٠) م ، ط : فيكون

١١٤

الخارج جواز الاتصال بما اتصل به منها (١) من (٢) طبيعته. فإن لم يتصل به فلعائق قسرى غريب.

وقد قالوا أيضا : إن هذه الأجرام يتألف منها أولا الهواء والماء والأرض والنار. ثم بعد ذلك تتألف منها سائر المركبات بتأليف (٣) ثان ، وإن الهواء والماء والأرض والنار تتكون بعضها من بعض على سبيل الافتراق والاجتماع ، وإن كان قوم منهم قالوا إن النار لا يتكون منها شىء آخر.

وقالوا : إن (٤) هذه الأربعة العناصر قد تتقوم (٥) من أجرام متشاكلة (٦) الشكل ، مختلفة فى العظم والصغر. فالمثلثات المقومة للهواء مخالفة (٧) فى العظم (٨) للمثلثات المقومة للماء ، (٩) وأنه ليس الأرض كلها من مكعبات ؛ بل قد يكون فيها مثلثات ، (١٠) لكنها كبيرة ، (١١) ولا الهواء كله (١٢) من مثلثات ؛ بل قد يكون فيها مكعبات ، لكنها صغيرة. وبعضهم جعل للنار أجزاء كرية ، وبعضهم جعلها من مثلثات صنوبرية تحفظ (١٣) شكلها. وبعضهم لم يجعل لها شكلا محفوظا منها ؛ بل جعلها متبدلة الأشكال بما فيها من لطافة (١٤) تنبسط بها وتلتحم. (١٥)

ومن جعل النار كرية جعلها كربة ، لتتمكن (١٦) من سرعة الحركة. ولم يعلم (١٧) أن الكرية تعين فى التدحرج ، وأن الزاوية (١٨) الحادة أعون منها فى النفود سويا ، (١٩) وأن النار لا تسمو (٢٠) متدحرجة.

ومن جعلها صنوبرية جعل (٢١) طرفها الذي يلى (٢٢) فوق حاد التقطع.

وجعلوا الأرض مكعبة لتكون باردة وغير نافذة. ولم يعلموا أن الأرض (٢٣) أيضا

__________________

(١) م : ـ منها (٢) د : ما من

(٣) م : بتألف (٤) م ، ب : وإن

(٥) م ، ط : يتقوم (٦) م : متشابكة

(٧) م : مختلفة (٨) م : ـ العظم

(٩) د : للهواء (١٠) سا : صلبات

(١١) د : كثيرة

(١٢) م : كلها ـ د+ بل قد يكون منها مكعبات لكنها كثيرة صغيرة

(١٣) م ، ط : يحفظ. (١٤) ط : لطائفه

(١٥) م ، ط ، د : يلتحم (١٦) م ، ط : ليتمكن

(١٧) سا : يعلموا

(١٨) م : الزوايا

(١٩) سا : شويا ، وفى د : السوء سويا فان

(٢٠) م يسمى

(٢١) م : يجعل

(٢٢) سا : ـ يلى

(٢٣) م : ـ أن الأرض

١١٥

سريعة الحركة إذا فارقت مكانها أسوة النار ، وأن النار تسكن (١) أيضا. ولم يعلموا أيضا (٢) أن الإحراق ، وإن (٣) كان بتفريق الزاوية للاتصال ، (٤) والتكعب (٥) بعدم ذلك ، فيجب فى الأرض أن لا تحرق فقط ، لا أن توجب ضده ، وهو أن يبرد. (٦) ولم يعلموا أنه إن كان الإحراق (٧) بالزاوية فالتبريد (٨) يجب أن (٩) يكون بضد (١٠) شكل الزاوية. (١١) ولا شكل يضاد شكلا. ولم يعلموا أن الصنوبرى يلاقى بتسطيحه (١٢) أكثر مما يلاقى بزاويته. (١٣)

وكان يجب أن يكون أكثر أحوال النار أن لا يخرق ، وذلك بأن يلاقى بالبسيط.

وإذ قد حكينا صورة مذهبهم فلنرجع إلى الوضع الذي فارقناه من إلزامهم بغير (١٤) هذه الأجرام ، فنقول :

إنهم إذا كونوا من الهواء ماء (١٥) لزمهم ، ضرورة ، أن يصغروا المثلثات وينقصوها ، (١٦) والنقصان عندهم لا يكون إلا بأخذ شىء وهضمه من المنقوص ، (١٧) فيجب أن ينقسم بالانفصال. (١٨)

وكيف (١٩) جوّزوا أن يكون من الأرض (٢٠) ماء ، والأرض من مكعبات والماء من مثلثات. (٢١) وكأنهم جوّزوا أن يتثلث (٢٢) المكعب. فقد وجب ، كما قلناه بديا.

وأيضا ، فإن ذا العشرين قاعدة ، وهو الهواء إذا استحال (٢٣) ماء يتركب ثمانية (٢٤) ثمانية من أجزائه ، وفضلت أربعة لا تستحيل (٢٥) ماء. وليس شىء من أجزائه أولى بأن ينبعث إلى تركيب الهوائية منه من الآخر ، حتى يفضل أربعة بأعيانها يلزم أن يتركب منها لا محالة نار أو جسم (٢٦) آخر ، إن (٢٧) أمكن ، أو يتعطل تركيبه ولا (٢٨) يكون شيئا (٢٩) البتة. وعندهم

__________________

(١) ط : يسكن (٢) ب : ـ أيضا

(٣) م : الاحتراق وإن (٤) م : الاتصال

(٥) د : بالتكعيب وفى سا : والتكعيب

(٦) د : برد (٧) م : ـ الإحراق

(٨) سا ، د : والتبريد (٩) د ـ : أن

(١٠) م ، ط : لضد ، وفى د : لضده

(١١) م ، د : الزاوية وفى «ب» : ذى زاوية

(١٢) م : بتبطيحه ، فى «د» : بتسطحه

(١٣) ط : بزاوية ب بوان (١٤) د : تغير

(١٥) م : بالماء (١٦) م : ينقصونها.

(١٧) م ، ب : المنقوض (١٨) د : بانفصال

(١٩) د : فكيف (٢٠) د : فى الأرض

(٢١) د : وإنما من مثلثات (٢٢) سا : يثلث

(٢٣) د : استحالت (٢٤) سا : فركبت بمائية.

(٢٥) م ، ط : يستحيل (٢٦) سا : وجسم

(٢٧) م ، سا : وإن (٢٨) م : فلا (٢٩) ط : شىء

١١٦

أن لا تركيب إلا وهو (١) أحد هذه العناصر أو المركبات منها. والماء إذا صار هواء (٢) صار (٣) أعظم حجما ، وصارت المثلثات أكبر. فكيف يكون ذلك إلا أن يكون قد تخللها جسم غريب ، فلا يكون ذلك هواء بسيطا ، أو يكون قد تخللها خلاء تباعدت به تباعدا يحصل به الحجم الهوائى؟ فيلزم من ذلك أن يكون نوع من الجمع والتفريق (٤) يوجب أن يكون بين الأجرام (٥) بعد فلانى محدود ، ونوع (٦) آخر يوجب خلافه ، حتى يكون الجمع (٧) والنضد (٨) والتأليف نفسه مما يوجب (٩) فى طباع تلك الأجرام أن يهرب بعضها من بعض هربا إلى بعد غير (١٠) محدود ؛ فيحدث لها حركات عن طبائعها ، لا عن قاسر هى حركات متضادة متخالفة بها ينبسط إلى حد محدود ، وهذا كله محال.

فإن كان الماء إنما كان ماء من (١١) قبل أن صار هواء بأشياء تخلفت (١٢) الآن عند استحالته (١٣) هواء ولم يستحل (١٤) هواء ، وتلك الأشياء المتخلفة (١٥) كانت هى الجامعة المفرقة ما بين الأجزاء التي تباعدت عند استحالتها هواء ، فلم يستحيل (١٦) الهواء مرة أخرى من غير أن يكون فيه تلك المتخلفات ، ومن غير أن يأتيها شىء من خارج؟

ثم إن كانت التراكيب من هذه الأجرام من غير أحوال وشروط أخرى وحدود توجب (١٧) الطبيعة تقديرها على حدود محدودة (١٨) من القرب والبعد توجب مغايرة فى الطبائع فواجب ، ضرورة ، أن يكون التغاير في الطباع غير متناه ضرورة ؛ لأنه وإن كان لنا أن نجعل لكل طبيعة حدا فى اللطافة والتخلخل ، وفى وقوع الخلاء فى خلله فلذلك الحد عرض إذا تعداه صار فى تخوم غيره. فيكون كل واحد من ذلك متناهيا ، لا سيما إن كانت (١٩) العناصر هى (٢٠) الأربعة على ما سلموها ، وكان لكل منها فى ذلك منها (٢١) حد (٢٢) لا يعدوه ، (٢٣) فكانت (٢٤) الحدود ، ولا محالة ، محدودة (٢٥) بين أطراف. (٢٦)

__________________

(١) د : ألا هو (٢) م : ـ طار هواء

(٣) م : صارت (٤) د : والتقدير

(٥) ب : به للاجرام ـ م : ثلاثى

(٦) د : محدد أو نوع

(٧) سا ، د : يصير الجمع

(٨) م : والفضل (٩) د : بما يوجب

(١٠) د : ـ غير (١١) م+ فلأن كان الماء إنما كان ماء من

(١٢) : تختلف (١٣) ط : عن استحالته

(١٤) ـ م : يستحيل

(١٥) م : المختلفة (١٦) م : يستحل

(١٧) م ، ط : يوجب

(١٨) د : حد محدود م ، ط : يوجب

(١٩): ـ كان (٢٠) م ، سا : ـ هى

(٢١) م ، سا : ـ منها (٢٢) م : حدا من م ، سا ، د : فلذلك.

(٢٣) م ، ط : يتعداه (٢٤) م ، ط : وكانت. ط ، لا محاله

(٢٥) سا ، ب : معدودة (٢٦) م : من أطراف.

١١٧

فإذا أخذنا (١) بين الأجرام بعدا أكثر من البعد (٢) الذي بين أجزاء النار مثلا وجب أن يحدث نوع آخر من التأليف خارجا عن تأليف الأربعة. وليس (٣) لازدياد (٤) حدود الأبعاد حد ونهاية ، اللهم إلا أن يجعلوا لبعض (٥) الأربعة (٦) حدا فى التخلخل. غير متناه ، حتى إذا كانت أجزاء أربعة يكون منها الصنوبرية النارية ، وواحد منها بالحجاز والآخر بالعراق والباقيان (٧) على مثل (٨) ذلك من بعد ، (٩) ما كان (١٠) من الجملة نار واحدة.

والعجب العجيب تجويزهم أن يكون جسم واحد من أجزاء متباعدة متفرقة فى الخلاء ولو ببعد قريب. فإن الافتراق إذا حصل لم تحصل (١١) منه نار واحدة ولا أرض (١٢) واحدة إلا فى غلط (١٣) الحس. وإذا لم تكن (١٤) نار واحدة موجودة (١٥) لم تكن نيران كثيرة بالفعل. فما معنى تأليف النار والهواء من تلك الأجزاء ، والصورة هذه الصورة؟

ثم لو (١٦) اضطر مضطر أجزاء المؤلف من أربع (١٧) قواعد مثلثات ، حتى اجتمعت (١٨) وتلاقت ، لم يخل إما أن تبقى (١٩) النارية ، فتكون النارية ليس التخلخل (٢٠) بالخلاء شرطا فى وجودها ، أو تبطل ، (٢١) فيكون تأليف موجود ، وليس عنصر أولى (٢٢) به (٢٣) من عنصر. وقد منعوه وبئس ما عملوا ؛ (٢٤) إذ كانت هذه الأجرام بأفرادها لا كيفية لها عندهم ، وتحدث (٢٥) كيفيتها بالاجتماع. (٢٦) وكان (٢٧) يجب أن يكون تأكيد الاجتماع أعمل فى تظاهرها على حدوث الكيفية منها.

ثم من العجائب (٢٨) أن يكون الأجرام (٢٩) لا كيفية لواحد واحد منها فى مجموعها حرارة أو برودة. وليس ذلك (٣٠) البتة فى فرد فرد (٣١) من ذلك المجموع ، حتى لو مست الجملة ،

__________________

(١) نجد فى المخطوط «د» فى ورقة ٤٦٣ وجه تكرارا كبيرا ، إذ يعود بنا مرة أخرى إلى الوراء ص ٥ من المخطوط ثم يتصل الكلام مرة أخرى ابتداء من ورقة ٤٦٦ وجه فى ثلثها الأخير ـ سا : أخذ ما ، وفى ط : اخذنا ما ، وفى د : أخذ بعد بين

(٢) سا ، د : بعد. (٣) م ، ط : فليس (٤) ط : للازدياد (٥) د : البعض.

(٦) سا ، د : الأربع. (٧) سا : الباقيات (٨) د : مثال

(٩) د : البعد (١٠) ط : كان.

(١١) م : ـ لم تحصل (١٢) م : والأرض

(١٣) م : غلظ (١٤) م ، ط : يكن

(١٥) سا ، ب : موجودة واحدة

(١٦) ط ، د : ـ لو (١٧) د : مع أربع

(١٨) سا : ـ حتى اجتمعت (١٩) م ، ط : يبقى ... فيكون

(٢٠) سا : التحلل (٢١) م ، ط : يبطل

(٢٢) ، ط : أولا (٢٣) ط : ـ به (٢٤) سا : يتبين ما عملوا (٢٥) ط : يحدث

(٢٦) د : باجتماع (٢٧) ب : فكان

(٢٨) ط ـ العجائب (٢٩) م ، سا : الاجرام ، وفى د : + الفلكية (٣٠) د : ـ ذلك

(٣١) م ، سا ، ط ، د : ـ فرد الثانية.

١١٨

ولم يشك (١) أن كل واحد من أجزائها إنما يلاقى حينئذ ما يساويه ، فإن كان ذلك الواحد لا يؤثر فيما يلاقيه ، وكذلك كل واحد آخر ، فيكون ليس عن آحاد المتماسات فعل وانفعال ؛ بل سلامة ، والجملة غير سالمة ولا مسلمة. (٢) وإن (٣) كان الاجتماع يوجب أن تحدث (٤) الحرارة سارية فى الجميع ، حتى تكون (٥) فى كل فرد أيضا لمجاورة (٦) قرينه (٧) ما لو انفرد عنه (٨) لم يكن. فيكون من شأنها أن يستحيل فى الكيف. وقد امتنعوا من ذلك ، وهو يضاد متوخاهم فى مذهبهم.

ثم لا يشك (٩) فى أن للأجرام حركات طبيعية. فإن كانت الحركات الطبيعية تصدر (١٠) عن جواهرها وجب أن تكون حركاتها متفقة ، وأن لا يكون فى العالم حركتان طبيعيتان متضادتان. (١١) وإن كانت تصدر عنها لأشكالها ، وأشكالها غير متناهية عند بعضهم ، فالحركات الطبيعية كثيرة جدا ، وليس كذلك على ما علمت ، وأيضا فإن الحركات الطبيعية (١٢) غير متناهية. وقد أوضحنا أنها لا تكون إلا متناهية. وهى متناهية عند آخرين منهم ، ولكن كثيرة جدا ، فوجب أن تكون (١٣) أصناف الحركات الطبيعية المتضادة موجودة. وقد عرف (١٤) من حالها أنها إنما تصدر عن قوى متضادة ، فيجب أن يكون فى الأشكال أشكال متضادة. وقد منع ذلك.

وأما (١٥) ما ظنوه من أن عديم (١٦) الزاوية ضد لذى الزاوية فيجب أن يكون للمستدير ضد ، وليس (١٧) كذلك ؛ فإنه إن كان للمستدير ضد ففرضنا (١٨) المستدير نوعا واحدا ، أو فرضنا من المستدير نوعا واحدا (١٩) وجب أن يكون اصدار المستدير أنواعا من الأشكال بغير نهاية ، وأمرا (٢٠) جنسيا أعم من كل شكل مضلع منوع ، (٢١) وضد الواحد فى النوع واحد فى النوع.

__________________

(١) ـ ـ د : يوشك الجملة ، ولم يوشك الحملة ، ولم يوشك.

(٢) م : مسلة (٣) سا : فان

(٤) م : يحدث (٥) م ، ط : يكون

(٦) ط : بمجاورة (٧) م : قرينة

(٨) م : عنها (٩) ط : نشك

(١٠) ط : يصدر (١١) سا : متضادتين

(١٢) سقط فى م : ـ كثيرة جدا ، وليس كذلك على ما علمت ، وأيضا فان الحركات الطبيعية

(١٣) م ، ط : يكون

(١٤) ط : عرفت.

لأنها تصدر

(١٥) م ، ب : فأما (١٦) م : العديم ، وفى سا : عدم

(١٧) م ، ب ، سا : فليس (١٨) ط : فرضنا (الأولى)

(١٩) ط ، د : ـ أو فرضنا من المستدير نوعا واحدا

(٢٠) ب ، ط : أو أمرا ، وفى د : أمر (٢١) ب ، ط ، د : الشكل المضلع المنوع

١١٩

وأما كون هذه الأجزاء غير متناهية ، وخصوصا على قول من يقول إن صورها متناهية ، فإن ذلك بيّن البطلان مما قيل فى أمر غير المتناهى.

فأما الذين يعترضون على هؤلاء ، ويقولون أن الاجتماع والافتراق (١) لا يغير (٢) الطبائع والصور ، كما أن الذهب إذا سحل (٣) ثم جمع فإن هذا ليس باعتراض صحيح. فإنهم يقولون إن السحل (٤) لا يرد الذهب إلى أول التأليف الذي يكون به ذهبا ؛ بل هذا الذهب المحسوس عندهم ذهب كثير وهذا الماء المحسوس عندهم (٥) مياه كثيرة متجاورة ، (٦) وإن أول اجتماع ذهبى ودمائى غير محسوس ، (٧) فكيف (٨) يحس بالتفريق إذا وقع فيه. وتركيب (٩) الترياق من أدوية مختلفة يحدث فيها صورة الترياقية بالاجتماع ، ثم لا يقدر بعد امتزاجها (١٠) على أن يقسمها الحس ، (١١) البتة ، قسمة بحيث (١٢) تخرج الأقسام عن الترياقية؟ وليس فى ذلك أن الترياقية لم (١٣) تحدث عن اجتماع وامتزاج.

وكذلك الذي يقال لهؤلاء إن الهواء لا شكل له (١٤) والماء لا شكل له ، وإنه يقبل كل شكل. أما أولا فهو كاذب. (١٥) فإن الماء إذا لم يعرض له عارض باللقاء تشكل (١٦) كريا.

وكذلك الهواء وجميع البسائط.

وأما ثانيا فإن هؤلاء (١٧) إنما يوجبون الشكل المذكور للماء الواحد بالتأليف الأول ، وما بعد ذلك فلا يمنعون البتة أن تتألف الجملة الكثيرة منه على أشكال يتفق لها ، ولا يوجبون لمجموع (١٨) المياه شكلا يوجبونه (١٩) لأول تأليف المياه. (٢٠)

وكذلك ما قيل من أن الجسم السائل (٢١) ينعقد حجرا ، والمتحجر يستحيل ماء من غير

__________________

(١) م : ـ والافتراق (٢) م : بغير

(٣) فى جميع النسخ : كل سحل ومعناه قشر ، وفى ط : سهك.

(٤) م : الثمل (٥) م : ذهب كثير وهذا الماء المحسوس عندهم

(٦) م : متجاوزة (٧) د : إما فى غير محسوس

(٨) م : وكيف (٩) م ، سا : تركيب ، وفى ط : ويتركب.

(١٠) ط : امتزاجها+ واجتماعها

(١١) ب ، د : للحس

(١٢) م : ـ بحيث (١٣) م ، ب ، ـ لم.

(١٤) م : ـ والماء لا شكل له

(١٥) سا : فهذا كاذب

(١٦) م : يشكل ، وفى «ط» يتشكل.

(١٧) د : أولا (١٨) ط : مجموع

(١٩) ط : يوجبون (٢٠) سا : الماء

(٢١) م : يسيل.

١٢٠