تاريخ الأدب الجغرافي العربي - ج ١

اغناطيوس يوليانوفتش كراتشكوفسكي

تاريخ الأدب الجغرافي العربي - ج ١

المؤلف:

اغناطيوس يوليانوفتش كراتشكوفسكي


المترجم: صلاح الدين عثمان هاشم
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: لجنة التأليف والترجمة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٩

ورجع إليه كونيك مرة أخرى فى مقال واف عالج فيه مسألة ذكره للروس (٣٩). ولم تلبث أن ظهرت طبعة جديدة للكتاب بواسطة دى خويه (١٨٩٢) ، وتم تتويج كل هذا بظهور ترجمة نموذجية للكتاب بقلم فييت G.Wiet (١٩٣٧) تحتوى على تعليقات وافية.

أما من الناحية الأدبية فإن كتاب اليعقوبى يمتاز على كتاب ابن خرداذبه بصورة قاطعة رغما من أنه قصد به نفس الوسط من القراء الذين كتب من أجلهم ابن خرداذبه. وهو قليلا ما يكترث للنظرية الجغرافية بل هدفه إعطاء لوحة عامة للبلدان لمن يريدون الإلمام السريع بها. وقراؤه ، باستثناء المطلعين والراغبين فى المعرفة ، هم على ما يبدو موظفو الدولة العديدين الذين كانوا يبتغون تعريف أنفسهم ببلد أو آخر قبل الذهاب إليه. وهو ليس بعرض جاف للطرق على طراز ابن خرداذبه بل يقرب أكثر من النمط المتأخر «لكتاب المسالك والممالك» كما عرفته المدرسة الكلاسيكية فى القرن العاشر ، أضف إلى هذا أن أسلوبه علمى مبسط وسهل المأخذ. ويحس فى الكتاب نزعة المؤلف إلى التحليل العقلى ، ولا عجب فهو يخلو من أى أثر للعجائب Mirabilia التى افتتن بها المؤلفون الآخرون.

وقل أن تقابلنا اقتباسات أو نقل من كتاب اليعقوبى لدى المؤلفين المتأخرين ، غير أن القليل الذى وجد منها يرجع إلى أسماء معروفة فى ميدان الجغرافيا مثل الإدريسى وياقوت وأبى الفداء ، ويعتبره الأخير مصدرا هاما يمكن وثوق به. وبخلاف مصنفه الجغرافى هذا فقد وصلنا عن اليعقوبى أيضا كتاب فى التاريخ هو «تاريخ اليعقوبى» فى جزئين ، وهو مصنف له مكانته فى ميدان التاريخ أضف إلى هذا أنه يحفل بالمادة الجغرافية أو على الأصح الاثنوغرافية. وعلى أية حال فوفقا لما جاء فى المقدمة التى سقنا شذرة منها فيما سبق من الكلام فإن اليعقوبى يعتبر نفسه جغرافيا قبل كل شىء. هذا وقد كان مجال نشاطه الأدبى من السعة بحيث لم يكن غريبا عليه قرض الشعر ، وتنسب إليه فى هذا الصدد أبيات قالها حين زيارته للطولونيين بمصر (٤٠).

وعلى النقيض من اليعقوبى فإنه يغلب عند البلاذرى جانب التاريخ على جانب الجغرافيا ، بل إنه يحتل مكانة مرموقة فى الميدان الأول لمحاولته تطبيق المنهج البراغمى (Pragmatic) فيه ؛ ويمكن اعتباره ليس جامعا فحسب بل ومؤرخا بمعنى الكلمة. ولقد حفظ لنا البلاذرى مادة هامة فى محيط الجغرافيا التاريخية يستحيل معها إغفال ذكر صاحبها فى عرض للأدب الجغرافى. وكان البلاذرى مقربا أيضا من بلاط الخلفاء كمعاصريه اللذين مر ذكرهما قبل قليل ، ولكن لا فى مرتبة الموظف الكبير بل فى مرتبة أكثر تواضعا وهى التدريس ؛ وكان من تلامذته الشاعر والأديب الذى استخلف «ليوم واحد» عبد الله بن المعتز. ويجب أن نطرح القصة التى تحيط بأصل لقبه وهو أنه سمى بذلك لأنه كان يفرط فى أكل البلاذر حتى مات من جراء ذلك ، إذ ليس مألوفا لدى العرب إضافة النسبة عقب وفاة صاحبها ، فضلا عن أن جده قبله كان يحمل هذا اللقب (٤١).

١٦١

ويهمنا من الناحية الجغرافية مصنفه الأصغر «كتاب فتوح البلدان» وهو أشبه بتاريخ للفترة الأولى للفتوحات الإسلامية ، ويمثل للأسف موجزا للكتاب الأكبر. أما مضمونه فيشمل قصة كفاح محمد ضد أعدائه بعد هجرته إلى المدينة ، وحروب الردة ، وفتح الشام والجزيرة وأرمينيا ومصر والمغرب والعراق وفارس ، مع ذكر بعض الحوادث التالية لذلك. وتتركز قيمة الكتاب فى أنه لا يمثل تاريخا عسكريا جافا ؛ بل إن البلاذرى يورد بكل دقة الأخبار المحلية عن السكان والهجرات والأبنية الشهيرة. وهو يقدم لنا تفاصيل عديدة من مجال التاريخ الحضارى كمسألة دخول اللغة العربية الدواوين ، وعن الخراج ، وعن مسائل السكة ، وتاريخ الكتابة العربية. وقليلا ما يشير البلاذرى إلى مصادر مكتوبة ، ولعل هذا يفسر وجود عدد من الأخطاء التاريخية فى صلب الكتاب. ولا يخلو من أهمية بالنسبة لنا فى الاتحاد السوفيتى المادة التى يوردها عن أذربيجان وأرمينيا والتى ترجمت إلى الروسية. وفى الأعوام الأخيرة أخذ يتحقق مشروع إصدار طبعة علمية لكتابه الكبير فى التاريخ الذى انتظرت الدوائر العلمية طويلا صدوره ، وهو ذو قيمة كبرى فى ميدان التاريخ الإسلامى ولكنه يختلف فى تبويبه عن بقية المؤلفين (١).

وقرب نهاية القرن التاسع كانت أنماط الأدب الجغرافى تقف متنوعة فى صورها ، فإلى جانب المصنفات التى وضعت من أجل الإداريين وعمال الدواوين نلتقى بكتاب جامع على منهج مؤلفات الجاحظ قصد به إمتاع المثقفين ذلكم هو «كتاب البلدان» لابن الفقيه الهمدانى الذى تم تأليفه حوالى عام ٢٩٠ ه‍ ـ ٩٠٣. ولا نعلم عن المؤلف شيئا ما ، وكل ما استطاع أن يذكره عنه صاحب «الفهرست» فى نهاية القرن العاشر أنه كان من أهل الأدب وأن اسمه أحمد (٤٢) ؛ وأغلب الظن أنه من مدينة همدان Hamadan بإيران وكان خبيرا بالرواية والأدب وله كتاب آخر عن الشعراء معروف من عنوانه فقط. ومؤلفه الجغرافى كان فى الأصل ضخم الحجم يشتمل على خمسة أجزاء فى حوالى ألفى صفحة على ما يقال ، ولكنه معروف فقط فى مختصره الذى عمله على الشيزرى فى عام ٤١٣ ه‍ ـ ١٠٢٢ ، أى بعد حوالى مائة عام من تاريخ تأليفه.

وينقل ياقوت عن المسودة الأصلية شذرات كبيرة ؛ أما المقدسى فيقف من الكتاب موقف الحذر حين يقول :

«ورأيت كتابا صنفه ابن الفقيه الهمدانى فى خمس مجلدات سلك طريقة أخرى ولم يذكر غير المدائن العظمى وأدخل فيه فنونا من العلوم مرة يزهد فى الدنيا ودفعة يرغب فيها ووقتا يبكى وساعة يضحك ويلهو وأما كتاب الأمصار للجاحظ فصغير وكتاب ابن الفقيه فى معناه غير أنه أكثر حشوا وحكايات

__________________

(*) يعنى المؤلف بذلك «أنساب الأشراف» وقد أخرجت دار المعارف بالقاهرة الجزء الأول منه ، ونرجو أن يحالفهم التوفيق فى إخراج بقية أجزاء هذا السفر الهام. (المترجم)

١٦٢

واحتجّا بأنّا إنما أدخلنا خلال كتبنا ما أدخلنا ليتفرّج فيها الناظر إذا ملّ وربما كنت أنظر فى كتاب ابن الفقيه فأقع فى حكايات وفنون انشأ أين كنت من البلدان ولم أستحسن أنا هذا» (٤٣).

والحق إلى جانب المقدسى ، إذ أن ارتباط أسلوب ابن الفقيه بأسلوب الجاحظ أمر غير مشكوك فيه وغلبة هذا الأسلوب لديه شىء واضح للجميع ؛ وليس كتابه إذا حكمنا من مختصره مصنفا جغرافيا بالمعنى الدقيق للكلمة بل مجموعة أدبية عن بلاد العالم الإسلامى تذخر بكمية كبيرة من الشعر والقصص. وهو عبارة عن نخبة مختارة من الطرائف الأدبية من أجل القارئ العام لا تمس الجغرافيا أو الأسماء الجغرافية إلا من بعيد. وبعض الأمثلة التى سقناها فيما مضى تصور بما فيه الكفاية ذوق ابن الفقيه الأدبى. ومصادر ابن الفقيه متنوعة بشكل كبير فجميع المؤلفين الذين مر ذكرهم على وجه التقريب وجدوا مكانا فى مصنفه وأحيانا فى مقتطفات كبيرة كالجاحظ (٤٤) وابن خرداذبه والتاجر. سليمان (٤٥) والبلاذرى وربما الجيهانى أيضا (٤٦). والمقدسى محق أيضا من ناحية أخرى وهى اتهامه لابن الفقيه بالافتقار إلى خطة يسير عليها فى مؤلفه ، ويكفى لإثبات هذا أن نورد عناوين الفصول ورؤوس الموضوعات التى يعالجها فى القسم الأول من كتابه : فى خلق الأرض والبحار المحيطة بها وما فيها من العجائب ، الفرق بين الصين والهند ، مكة والكعبة ، الطائف ، المدينة ومسجدها ، فرق ما بين تهامة ونجد ؛ اليمامة ، والبحرين ، اليمن ، انقلاب الهزل إلى جد والجد إلى هزل ، فى مدح التجوال ، مصر والنيل ، البلاد الواقعة إلى جنوبها (النوبة والحبش والبجة) ، المغرب ، المقدس ، دمشق ، العراق ، الروم ، مدح الآثار المشهورة وذمها ، الكوفة وقلعة الخورنق (مع مجموعة من الملاحظات التاريخية والاستشهادات) ، البصرة ، فارس ، أذربيجان ، أرمينيا الخ. ولإعطاء فكرة عن ميله إلى الحشو والاستطراد الذى أشار إليه المقدسى من قبل نذكر أنه عند الكلام على عين ماء قرب همدان وقع ابن الفقيه فى ثلاثة استطرادات مختلفة أحدها عن الماء مع مدح الماء العذب والثانى محاورة بين منتصر للعراق وممجد لهمدان ومنقص من شأنهما والثالث فى حب الأوطان. ويسوق الاستطراد الأخير إلى الاعتقاد بأن ابن الفقيه أصله من همدان.

ومنذ حوالى خمسة عشر عاما اكتشفت بمدينة مشهد مخطوطة تحوى الجزء الثانى من المسودة الكبرى لكتاب ابن الفقيه ويبدأ على وجه التقريب بالكوفة. ولعل الدارسة والفحص الدقيق قد يسفران عن تفاصيل هامة فيه ، غير أن الفكرة العامة عن مصنفه ستستمر فى الغالب على ما كانت عليه دون تبديل. وإذا كان كتاب ابن الفقيه لا يرقى إلى مصاف عدد من مؤلفات معاصريه فى ميدان الجغرافيا إلا أنه من وجهة نظر تاريخ الحضارة يقف أحيانا على مستوى أعلى إذ يقدم لنا لوحة معبرة للنزعات والاتجاهات الأدبية للمجتمع العربى المثقف فى نهاية القرن التاسع (٤٧). وابن الفقيه غير مجهول للمستشرقين الروس فهو إلى جانب ما يورده من معلومات عن تركستان والقوقاز (٤٨) يصف طريق سير التجار اليهود والروس ،

١٦٣

وقد نقل ذلك عن ابن خرداذبه. وهو موضوع دفع إلى ظهور عدد من الأبحاث من بينها بحث خاص لكونيك Kunik (٤٩) ؛ ومن الممكن أن تلقى مخطوطة مشهد ضوءا على بعض جوانب هذه المسئلة.

ومعروف بصورة أفضل من هذه للمؤرخين الروس الجغرافى الفارسى أبو على بن رسته الذى كتب بعد عشر سنوات من ابن الفقيه وذلك بين عامى ٢٩٠ ه‍ ـ ٩٠٣ و ٣٠٠ ه‍ ـ ٩١٣. ويرى ماركفارت أن تاريخ تأليفه لكتابه يرجع إلى عام ٣١٠ ه‍ ـ ٩٢٣ ، ذلك لأنه يعتبر المصدر الأساسى لابن رستة كتاب الجيهانى فى الجغرافيا الذى تم تأليفه بحسب رأى ماركفارت فى حوالى ذلك الوقت (٥٠). ومن العسير بالطبع قبول هذا الرأى ، بل إن بارتولد يتشكك فى صحة الزعم القائل بأن ابن رسته قد رجع إلى ابن فضلان فى قصته عن الروس. ويلوح أن الرأى الأكثر قبولا الآن هو أن الكتاب قد تم تأليفه بعد قليل من عام ٢٩٠ ه‍ ـ ٩٠٣ (٥١) ، ويندر الآن وجود من يقول بإرجاع زمن تأليفه إلى عام ٩١٣ كما كان سائدا من قبل (٥٢). وتستند شهرة ابن رستة لدينا على كتاب خفولسون Chwolson العتيق (١٨٦٩) (٥٣) الذى أثبت على مدى طويل الصيغة الخاطئة لاسمه وهى ابن دسته ؛ وهذا الكتاب لم يوضح سوى جانب واحد من المادة المتعلقة بوصف الشعوب التى كانت تقطن الاتحاد السوفيتى والأصقاع المتاخمة له. أما المؤلف نفسه فلا نعرف عنه سوى القليل وهو أن أصله من أصفهان وأنه كان بالحجاز على ما يظهر فى عام ٢٩٠ ه‍ ـ ٩٠٣. ولم يتبق لنا من موسوعته الضخمة «الأعلاق النفيسة» سوى الجزء السابع فى الفلك والجغرافيا وهو موجود فى مخطوطة فريدة (٥٤) ؛ ويمكن أن يعتبر ابن رسته أستاذا للكوزموغرافى القزوينى. وابن رسته يتوخى الحذر فى كتابته كى لا يتهم بحرية الفكر فهو يعتمد على شواهد من القرآن لإثبات التنجيم ، وعرضه للجغرافيا الفلكية والرياضية واف جدا ويعتمد فى ذلك على الفرغانى وأبى معشر المعروفين لنا جيدا ولكنه لا يخلو من تأثير عرض ابن خرداذبه (٥٥). أما الجغرافيا الطبيعية لديه فتبدأ بوصف مكة والكعبة مع تحديد الأبعاد بدقة متناهية ولكن وصفه يفتقر إلى الحيوية ؛ ويلى وصف المدينة قسم مكرس لجميع صنوف العجائب من العالمين النباتى والحيوانى وللمبانى الشهيرة ، ثم يعقب هذا وصف البحار والأنهار والأقاليم السبعة بما فيها من المدن المشهورة. وفى وصفه للأقطار يفرد أهمية خاصة لإيران ولكنه لا يهمل الكلام على بلاد العرب الجنوبية ومدينة صنعاء والعراق ومدينة بغداد ومصر. وفيما يتعلق بالقسطنطينية يحدثنا عن موكب الإمبراطور المهيب إلى أياصوفيا ، ثم يصف الكنيسة نفسها ويتحدث عن الساعة الموجودة بها والتى تنسب صناعتها إلى أبولون التيانى Apollo of Tean. وطبيعى أن تختلف قيمة كل قسم من كتابه عن الآخر ، ويظفر بأهمية خاصة كلامه عن صنعاء والإمبراطورية البيزنطية والهند الشرقية والصقالبة والشعوب الأورالية الألتائية Ouralo ـ Altaic)) (١) ونواحى

__________________

(*) هى المجموعة اللغوية التى تضم الترك والمغول والتنغوس من ناحية ، والمجر والفنيين Finns وغيرهم من ناحية أخرى. ويميل علماء اللغة الآن إلى فصل هذين الفرعين عن بعضهما البعض. (المترجم)

١٦٤

مدينة أصفهان. كما لا يخلو من الأهمية أيضا كلامه عن مكة والمدينة ووصفه للأنهار ولنواحى طبرستان ووصف الطرق الوارد فى آخر الكتاب. ويلى هذا استطرادات يحس منها أنها إضافات عارضة ليس هناك ما يربطها على الدوام بالموضوعات الجغرافية (٥٦).

أما من ناحية العرض والأسلوب فكتاب ابن رسته ينضم إلى ذلك النوع من المؤلفات المفضلة عند جمهرة القراء والتى قصد بها على ما يظهر كتبة الدواوين ، ولكن يتضح لديه الميل الأدبى أكثر مما لدى ابن خرداذبه. وأحيانا يقتصر العرض على سرد الأسماء ، ولكن يحس لدى المؤلف الميل إلى القصص فتوجد لديه مثلا قصة سلام الترجمان التى أسقطها الناشر لأنها تكرر النص المعروف لدى ابن خرداذبه.

وإذا كان ابن رسته فارسيا فقد كان قدامة بن جعفر أراميا فهو ينتمى إلى أسرة مسيحية من عمال الدولة أقامت بالبصرة وكانت مقربة إلى العباسيين ؛ ولم يعتنق قدامة الإسلام إلا بعد إلحاح شديد من جانب الخليفة المكتفى (٢٨٩ ه‍ ـ ٢٩٥ ه‍ ـ ٩٠٢ ـ ٩٠٨) ، وكان من جراء ذلك أن انفسح أمامه الطريق إلى المناصب العليا فشغل فى أواخر أيام حياته منصب صاحب البريد. ولم يكن هذا هو الشبه الوحيد الذى يربطه بابن خرداذبه بل إن جميع نشاطه وميوله الأدبية تذكرنا بذلك المؤلف ، فهو قد جمع بين العمل الإدارى والاهتمام بالمسائل الأدبية البحتة وترك لنا بضعة مؤلفات. وفى إحدى هذه المؤلفات يقدم لنا نظرية جريئة فى الشعر على طراز ما فعله ابن المعتز ، ينعكس فيها تأثير الفلسفة اليونانية التى من الجائز أن قدامة كان على معرفة بها وفقا لتقاليد أسرته. وتاريخ وفاته غير معروف على وجه التحديد ويتأرجح بين عامى ٣١٠ ه‍ ـ ٩٢٢ و ٣٣٧ ه‍ ـ ٩٤٨ (٥٧) ، ومن المحتمل أن يكون وسطا بين هذين التاريخين.

وليس لقدامة مصنف جغرافى بالمعنى الدقيق بل لديه مدخل من أجل عمال الدولة هو «كتاب الخراج وصنعة الكتابة». وليس فى الاستطاعة الحكم عليه ككل ، وقد تم تأليفه على ما يبدو حوالى عام ٣١٦ ه‍ ـ ٩٢٨ (٥٨) ، وكان يتكون من ثمانية أقسام لم يصلنا منها سوى أربعة فقط تمثل الجزء الثانى من الكتاب ، وقد نشر من بينها الشطر الذى يتعلق بالخراج. أضف إلى هذا أن حالة المخطوطة لا تبعث كثيرا على الرضى فقد وجدت طريقها إليها من حين لآخر ملاحظات توضيحية أضافها إليها النساخ (٥٩). والجزء الذى فى متناول الأيدى الآن يذكّر كثيرا بكتاب ابن خرداذبه فقد انصب اهتمامه الأساسى على وصف طرق البريد والولايات مع إيراد معلومات هامة عن تقسيم الأراضى وجباية الخراج ؛ كما يوجد به استطراد فى تاريخ الفتوحات الإسلامية يستند على البلاذرى. وترد فى صلب العرض معلومات من محيط الجغرافيا الرياضية وأوصاف الجبال والأنهار والأقاليم السبعة كما يولى اهتماما كبيرا لجيران العالم الإسلامى. وعلى العموم فمن الأفضل اعتبار القسم المطبوع من كتاب قدامة بمثابة تتمة هامة لابن خرداذبه إذ كثيرا ما يساعد فى تحقيق نقاط عديدة فيه لأنه يعتمد فى أغلب الأحوال

١٦٥

على الوثائق الرسمية لذلك العهد. وقد وضحت أهميته الكبرى فى هذا المجال من أبحاث العلامة اشبرنجرSprenger (١٨٦٤).

ومقدمة القسم المطبوع من كتابه تعطى فكرة جلية عن وجهة نظر المؤلف والغاية التى استهدفها والخطة التى سار عليها (٦٠) ، وهى تسمح بتقدير دور البريد فى الدولة العباسية ، وهو الغرض الرئيسى من كتابى ابن خرداذبه وقدامة.

«قال أبو الفرج يحتاج فى البريد إلى ديوان يكون مفردا به ويكون الكتب المنفذة من جميع النواحى مقصودا بها صاحبه ليكون هو المنفذ لكل شىء منها إلى الموضع المرسوم بالنفوذ إليه ويتولى عرض كتب أصحاب البريد والأخبار فى جميع النواحى على الخليفة أو عمل جوامع لها ويكون إليه النظر فى أمر الفروانقيين (١) والموقعين والمرتبين فى السلك وتنجّز أرزاقهم وتقليد أصحاب الخرائط فى سائر الأمصار والذى يحتاج إليه فى صاحب هذا الديوان هو أن يكون ثقة إما فى نفسه أو عند الخليفة القائم بالأمر فى وقته لأن هذا الديوان ليس فيه من العمل ما يحتاج معه إلى الكافى المتصفح وإنما يحتاج إلى الثقة المتحفظ والرسوم التى يحتاج إليها من أمر الديوان هو ما يقارب الرسوم التى بيناها فى غيره مما يضبط به أعماله وأحواله فاما غير ذلك من أمر الطرق ومواضع السكك والمسالك إلى جميع النواحى فإنا لم نذكره ولا غنى بصاحب هذا الديوان أن يكون معه منه ما لا يحتاج فى الرجوع فيه إلى غيره وما أن سأله عنه الخليفة وقت الحاجة إلى شخوصه وإنفاذ جيش يهمه أمره وغير ذلك مما تدعو الضرورة إلى علم الطرق بسببه وجد عتيدا عنده ومضبوطا قبله ولم يحتج إلى تكلف عمله والمسئلة عنه فينبغى أن نكون الآن نأخذ فى ذكر ذلك وتعديده بأسماء المواضع وذكر المنازل وعدد الأميال والفراسخ وغيره من وصف حال المنزل فى مائه وخشونته وسهولته أو عمارته أو ما سوى ذلك من حاله ونبدأ بالطريق المأخوذ فيه من مدينة السلام إلى مكة وهو المنسك العظيم وبيت الله الأقدم ونأخذ بعد البلوغ إليه بذكر ما بعده من الطريق إلى اليمن ثم فى سائر الجهات المقاربة له وتسميته إن شاء الله».

فى هذه المقدمة نبصر مرة أخرى كيف استحثت المطالب الدنيوية على تأليف الأوصاف الجغرافية التى انضمت إلى الجغرافيا الفلكية لتقدم لنا عرضا عاما شاملا مترابط الحلقات ابتداء من القرن التاسع. وإلى جانب هذه المصنفات الجغرافية العامة فقد أسهم القرن التاسع فى تدعيم الأشكال المختلفة للجغرافيا الإقليمية المحلية ؛ وهذه الأخيرة لم يكن فى طوقها أن تدعى حق الانضواء تحت ما يمكن أن يعتبر عرضا عاما للأدب الجغرافى إذ كثيرا ما طغت فيها المادة التاريخية ، أو الأسطورية بتعبير أدق ، على الجغرافية. ولم يكن أمرا نادرا أن تتحول هذه المصنفات إلى مجموعات تعالج سير الشخصيات الكبرى التى اشتهرت فى الأماكن والبلدان المختلفة ، هذا إلى أنه يمكن أن يلاحظ فيها تطور طراز «الفضائل»

__________________

(*) من فرانق معرب بروانك الفارسية وهو البريد أو الذى يدل صاحب البريد على الطريق. (المترجم)

١٦٦

المعروف لنا جيدا ، أعنى بذلك ذكر مناقب الأماكن المختلفة استنادا إلى الأحاديث النبوية. ونادرا ما تكون المادة الجغرافية فيها سهلة المأخذ إذ يجب انتزاعها انتزاعا من الروايات والأخبار التى قلّ أن تمس المسائل التى نعالجها. وعلى أية حال فإنه يلاحظ فى هذا الميدان ميلاد أشكال جديدة حية تتعلق بالقواعد الجغرافية العامة ، بل إنه أنتج لنا فى القرن العاشر مصنفا هاما ؛ ومن العسير أن نستعرض جميع أمثلته ونماذجه ولكن من الضرورى أن نعطى فكرة عامة عن أشكاله المختلفة.

ومن الطبيعى أن يتجه اهتمام العلماء فى ظروف ذلك العهد إلى «المدن المقدسة» ، كما اتجه اهتمام اللغويين من قبل إلى بلاد العرب. ونلتقى فى القرن التاسع بمؤلّفين على الأقل كتبا فى تاريخ مكة ، أحدهما هو الأزرقى (المتوفى عام ٢٤٤ ه‍ ـ ٨٥٨) (٦١) والآخر الفاكهى (المتوفى حوالى عام ٢٧٢ ه‍ ـ ٨٨٥) (٦٢) ، وينحدر الأول من أسرة تنتسب إلى آل غسّان وتربطها الرواية بالحديث النبوى. وهذا النوع من المصنفات فى تواريخ المدن انبعث نتيجة لاهتمام المسلمين بالأماكن المقدسة وحاجتهم إلى مصنف يكون أشبه بدليل جغرافى للتعريف بنواحيها ووصف الشعائر الدينية المرتبطة بهذا. وقد أسبغت عليها الأساطير القديمة التى ترجع إلى التوراة والتلمود طابعا مميزا فهى تتكون غالبا من مقدمة يليها وصف الكعبة وتاريخها المتأخر ووصف الأبنية المحيطة بها ، ثم يعقب هذا تعداد الدروب والأحياء بمكة مع ذكر عدد كبير من الأسماء ؛ أما المادة الجغرافية فضئيلة للغاية ولكنها ذات قيمة كبرى بالنسبة لتاريخ نشأة مكة ونموها (٦٣). وقد تعاقب بعد الأزرقى عدد من المؤلفين كانوا متممين لعمله وتمتعت مؤلفاتهم بالشهرة عند الجمهور إلى الآونة الأخيرة. ويرجع الفضل فى إلمامنا بهذا الفرع من الأدب إلى أبحاث فستنفلد الذى نشر «أخبار مكة» فى أربعة أجزاء (١٨٥٧ ـ ١٨٦) ختمها بآخر ممثل لهذا النمط الجغرافى وهو النهروالى من أهل القرن السادس عشر (توفى عام ٩٩٠ ه‍ ـ ١٥٨٢) (٦٤)

والطابع الغالب على تواريخ المدن هو أن تحتوى المقدمة على الجانب الجغرافى الذى يعطى وصفا طوبوغرافيا للمدينة ، بينما تتحكم فى بقية مادة الكتاب السّير ، أى تراجم حياة المشاهير من أهل تلك المدينة. ومن العسير الجزم هل وجدت مثل هذه المقدمة عند أول مؤرخ لبغداد وهو أحمد بن أبى طاهر طيفور (توفى عام ٢٨٠ ه‍ ـ ٨٩٣) (٦٥) ، إذ لم يعثر إلى الآن سوى على الجزء السادس من تاريخه وهو يحوى مادة تاريخية صرفة. ومثل هذه المقدمة موجودة عند خلفه المشهور الخطيب البغدادى (توفى عام ٤٦٣ ه‍ ـ ١٠٧١) (٦٦) الذى يقدم لنا فى «تاريخ بغداد» تراجم لنحو من ثلاثين وثمانمائة وسبعة آلاف شخص فى أربعة عشر جزءا. وهذه المقدمة تمثل بالتقريب جميع المادة الجغرافية للكتاب ، وقد بينت أهميتها بالنسبة لتاريخ تخطيط المدينة الترجمة الفرنسية التى قام بها سلمون Salmon (١٩٠٤). واستخراج المادة الجغرافية من هذا النوع من المصنفات لا يمثل على الدوام جهدا يسيرا ، ويصدق هذا بصورة خاصة على أضخم مصنف من هذا النوع فى الأدب العربى ، أعنى «تاريخ دمشق» فى ثمانى عشر

١٦٧

مجلدا لابن عساكر (توفى عام ٥٧١ ه‍ ـ ١١٧٦) ، خاصة وأنه يوجد فى طبعة لا تبعث كثيرا على الرضى.

هذا النوع من تاريخ المدن الذى يتضح فيه الميل إلى وصف خططها قد نال انتشارا واسعا فى الأدب العربى بحيث لا تكاد توجد مدينة كبرى فى العالم العربى إلا ولها مؤرخها من هذا النوع. وبعض هذه المؤلفات يمثل أحيانا أهمية خاصة من وجهة نظر الجغرافيا التاريخية فى أوسع مدلولها ويصدق هذا بصورة خاصة على «تاريخ بخارى» للنرشخى (توفى عام ٣٤٨ ه‍ ـ ٩٥٩) (٦٧). وقد كتب هذا المصنف بأسلوب لا يخلو من الصنعة ، وقدمه مؤلفه إلى نوح بن نصر السامانى حوالى عام ٩٤٣ ثم ترجم إلى الفارسية فى القرن الثانى عشر ، وهى التى وصلتنا وذلك فى صورة معدلة ترجع إلى أزمنة متأخرة. هذا وقد قدر مؤرخو تركستان قيمته منذ عهد طويل وأخضعوه لدراسة منظمة ، وفى الحقيقة أن التنقيحات والاختصارات والزيادات التى لحقت بهذا الكتاب (٦٨) تبرر بالكاد نسبته إلى النرشخى ، ولكن بالرغم من هذا الشكل الذى آل إليه أخيرا فإنه يحتفظ بالكثير من أخبار بلاد ما وراء النهر قبل الإسلام وفى فترة الفتوحات العربية. كما لا تخلو من قيمة المعلومات ذات الطابع الجغرافى التى يوردها عن المناطق المأهولة حول بخارا والمبانى والمحاصيل وأساليب الحياة المتخلفة عن العهد السابق لدخول الإسلام إلى تركستان (٦٩).

ويتميز بنفس هذه الدرجة من الطرافة كتاب مفقود هو «التاريخ فى أخبار ولاة خراسان» لعلى السلامى الذى يرجع تأليفه إلى حوالى عام ٣٤٤ ه‍ ـ ٩٥٥ ، وقد أفاد منه كثيرا المؤرخون المتأخرون مثل كرديزى وابن خلكان ، وعلى الأخص ابن الأثير الذى كان هذا الكتاب يمثل بالنسبة له المصدر الأساسى لتاريخ خراسان وبلاد ما وراء النهر إلى منتصف القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى). ويتضح مما نقلوه عنه أنه كان كتابا حافلا بشتى صور الحياة اليومية والمعلومات الجغرافية.

وقد اكتسب الأدب الجغرافى ـ الطوبوغرافى انتشارا واسعا خاصة فى مصر ، حيث يمكننا أن نتتبع منذ النصف الثانى للقرن التاسع ميلاد نوع فريد مستقل من المصنفات من الطراز المعروف باسم «الخطط» ، أى وصف الأحياء والنواحى. وقد استمر هذا النمط فى سيل لا ينقطع ، بل ليس من العسير أن نتبين آثار مولده لدى أول مؤرخ لمصر وهو ابن عبد الحكم (توفى عام ٢٥٧ ه‍ ـ ٨٧١) (٧٠) فى كتابه «فتوح مصر» ؛ وهو يقع فى خمسة أبواب يفرد الثالث منها لوصف خطط الفسطاط والجيزة والإسكندرية ؛ وقد ورد فى الشطرين الأولين من هذا الباب لفظ «خطة». ويعوز المؤلف الكثير من الموهبة النقدية ، ومع ذلك فيجب تقدير كتابه بوصفه أول مؤلف يصل إلينا من هذا النوع. وأوضح دليل على قيمته أن المؤرخين المتأخرين قد أفادوا منه كثيرا ، ولا يقتصر هذا على المصريين وحدهم من أمثال المقريزى والسيوطى بل تعداه إلى غير المصريين مثل ياقوت. ويرى المقريزى أن أول من ألف فى هذا الباب هو محمد بن يوسف الكندى (توفى عام ٢٥٠ ه‍ ـ ٩٦١) صاحب كتاب «تاريخ ولاة مصر وقضاتها» (٧١) ،

١٦٨

إذ يبدو أنه وضع مصنفا بعنوان «الخطط» (٧٢) لم يصل إلينا ، كما أن ابنه عمر بن محمد الكندى وضع رسالة بعنوان «فضائل مصر» (٧٣) سار فيها على نمط النهج القديم للمؤلفين الأوائل من العصر الأموى ؛ وفى الوقت نفسه جمع مؤرخ العهد الفاطمى ابن زولاق (توفى عام ٣٨٧ ه‍ ـ ٩٩٧) (٧٤) مجموعة من الفضائل من هذا النوع اعتمادا على الأحاديث النبوية ؛ وهو أيضا ممن اهتموا بخطط مصر. هذا وقد استمرت الرواية الأدبية فى مصر متواترة أكثر مما فى غيرها من البلاد العربية الأخرى لذا فإن جميع الأنماط الأدبية التى تميزت ولو بقليل من الحيوية وجدت من يتممها ويسير فيها من رجالات الأجيال التالية. وفى القرن الحادى عشر وضع المؤرخ المعروف القضاعى (توفى عام ٤٥٤ ه‍ ـ ١٠٦٢) (٧٥) مصنفه «المختار فى ذكر الخطط والآثار» ، وهو مصنف اجتذب أيضا أنظار ياقوت والمقريزى مرات عديدة. وفى القرن الثانى عشر وضع أبو الصلت أمية بن عبد العزيز (المتوفى عام ٥٢٩ ه‍ ـ ١١٣٤) (٧٦) ، وهو طبيب وشاعر وفلكى وعالم بالطبيعيات أصله من الأندلس ، كتابا بعنوان «الرسالة المصرية» قدم فيه من ناحية تراجم لسير المشاهير ومن ناحية أخرى وصفا طوبوغرافيا ؛ وهو معروف بدوره جيدا للمؤلفين اللذين مر ذكرهما.

هذا وقد شقت الجغرافيا الإقليمية لنفسها طريقا إلى المغرب ، ويمكن أن نشير فى خلال القرن العاشر إلى محمد بن يوسف الوراق (توفى عام ٣٦٣ ه‍ ـ ٩٧٣) الذى عاش فى القيروان وقرطبة وأفرد لوصف المغرب كتابا يحمل العنوان المعهود لنا «كتاب المسالك والممالك» (٧٧). ولم يصلنا هذا الكتاب ولكن البكرى يدين له لا بعنوان كتابه فحسب بل بمقتطفات عديدة كما يتضح ذلك من نقوله عنه (٧٨). وأول من أدخل نمط الجغرافيا الإقليمية إلى الأندلس مؤرخها الكبير أحمد بن محمد الرازى التاريخى (توفى عام ٣٤٤ ه‍ ـ ٩٥٥) (٧٩) المشهور فى أوروبا باسم Elmore Elrasis ، والذى حفظ لنا مصنفه التاريخى فى ترجمة قشتيلية ترجع إلى عهد متأخر ونقلت بدورها عن ترجمة برتغالية مفقودة (١). وتشير جميع المصادر إلى أنه وضع كتابا كبيرا فى طرق الأندلس ومرافئها ومدنها الكبرى والأجناد العربية الستة التى نزلتها بعد الفتح. وبالرغم من أن استعمال مصنف مر بترجمتين أمر معقد فإن كتاب الرازى مصدر هام جدا لمعرفة الأحوال الجغرافية فى الأندلس على عهد عبد الرحمن الثالث ، أى عهد ازدهار خلافة قرطبة (٨٠). ويبدو أنه وضع أيضا مصنفا خاصا بقرطبة هو «كتاب فى وصف قرطبة» على طراز كتاب ابن طيفور فى وصف بغداد ؛ وترد فيه تفصيلات عن شوارعها وقصور الأعيان بها (٨١).

__________________

(*) عثر على الترجمة البرتغالية وتم نشرها منذ وقت غير بعيد ، كما تم العثور على شذور من كتاب الرازى لدى بعض المؤلفين المغاربة. راجع عن حياة الرازى مادة الرازى فى دائرة المعارف الإسلامية بقلم ليقى بروقنسال ، واستدرك عليها بالرجوع إلى كتاب الدكتور حسين مؤنس «فجر الأندلس» ، (ص ٥٦١ وما يليها ، القاهرة ١٩٥٩) ، ومقال الدكتور لطفى عبد البديع الذى ظهر بمجلة معهد المخطوطات العربية ، الجزء الثانى من المجلد الأول ص ٢٧٢ وما يليها ، القاهرة ١٩٥٥.

وأخيرا وليس آخرا المقال الوافى للدكتور حسين مؤنس بعنوان «الجغرافية والجغرافيون فى الأندلس من البداية إلى الحجارى» (صحيفة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد ١٩٥٩ ـ ١٩٦٠). (المترجم)

١٦٩

وليس فى وسعنا إحصاء جميع المؤلفات العربية فى الجغرافيا الإقليمية التى ظهرت فى العصور التالية لذلك ؛ وقد ظل الوصف التاريخى الطوبوغرافى من أهم الأنماط التى افتتن بها المسلمون إلى أيامنا هذه لا فى الأدب العربى وحده بل وفى الأدبين الفارسى والتركى أيضا.

ومن بين المجموعة الضخمة لمصنفات هذا الأدب التى ترجع إلى القرن العاشر يجب أن نفرد مكانة خاصة لمصنف يقف فريدا فى نوعه هو «صفة جزيرة العرب» للهمدانى الذى يعتبره اشبرنجرSprenger (٨٢) إلى جانب كتاب المقدسى أقيم ما أنتجه العرب فى الجغرافيا. ولم يكن هذا المؤلف معروفا للعلم الأوروبى قبل السنوات التسعينيات من القرن الماضى ، بل إن معلوماتنا عنه لا تزال ضئيلة للغاية إلى الآن ؛ وهذا أمر قد حدث مرارا لعدد من كبار الكتاب العرب ممن جروا على أنفسهم ريبة أهل السنة فى الأجيال التالية. هذا ومما زاد فى تعقيد المسألة وفى جهل المؤلفين المتأخرين به أن اسمه ورد فى أشكال مختلفة ، فهو الحسن بن أحمد الهمدانى ، وتدل النسبة على أنه من قبيلة همدان المعروفة فى جنوب الجزيرة العربية. وقد جرت النسبة إلى الخطط بينه وبين ابن الفقيه الهمدانى الذى مر ذكره والذى أخذ نسبته من مدينة همدان بإيران (١) ؛ وقد وقع ضحية هذا اللبس علماء كبار منذ منتصف القرن الماضى (٨٣). ومما ساعد على زيادة الغموض أنه كان يشار إليه أحيانا باسم جده ابن أبى الدمين ، كما لقب أيضا بابن الحائك الذى أطلقه عليه فيما يظهر خصومه. ولا يعرف عن تاريخ حياته سوى أنه ولد ونشأ بصنعاء وزار مكة وتوفى عام ٣٣٤ ه‍ ـ ٩٤٥ بسجن صنعاء الذى كان سبب الزجّ به فيه كما تزعم الرواية قصيدة هزلية فى حق رسول الله ؛ ولكن الراجح أن يكون السبب فى ذلك دسائس أعدائه ضده.

وفى مصنفاته ترتسم أمام ناظرينا شخصية فذة لوطنى متحمس وعالم متعدد النواحى وشاعر. وقد مرت بنا الإشارة عرضا إلى معرفته الواسعة فى محيط الجغرافيا الفلكية ؛ وهو لم يكن جغرافيا فحسب بل وخبيرا كبيرا بأنساب العرب وتاريخ الجزيرة العربية نفسها ، خاصة آثارها القديمة (Archaeology) ، وهو أمر نادر بين العرب. ومما يدعو إلى الدهشة حقا أنه استطاع فك رموز الكتابة العربية القديمة فى جنوب الجزيرة (٨٤) ؛ ويقف مصنفه «الإكليل» الذى يقع فى عشرة أجزاء دليلا ساطعا على سعة معارفه ، فقد أفرغ فيه جماع معرفته بالأنساب والتاريخ والآثار بل وحتى بأدب الحميريين سكان جنوب الجزيرة فى القدم. ولم يكتف فى كتابه بعرض المادة الأسطورية التى تجمعت فى الأدب العربى بعد الإسلام بل بذل قصارى جهده ليقف منها موقف الناقد وذلك على ضوء دراسته المباشرة للنقوش التاريخية. وإلى عهد قريب لم يعرف من كتابه هذا سوى الجزئين الثامن والعاشر وذلك بفضل أبحاث مولرMüller الذى يرجع الفضل إليه فى التعريف بالهمدانى فى القرن التاسع عشر. وقد نشر وترجم الآن الجزء الثامن بفضل مجهودات العلماء العرب ببغداد وأمريكا (٨٥) ؛ أما الجزآن الأول والثانى فقد كشف عنهما منذ وقت

__________________

(*) همدان بتسكين الميم القبيلة وبفتحها المدينة. (المترجم)

١٧٠

غير بعيد ببرلين المستشرق السويدى لوفجرين Lo؟fgren ؛ وعثر على الجزء التاسع بمكتبة البارودى ببيروت (٨٦). وهكذا لم يعد ثمة مجال فى الوقت الحاضر لتلك الفروض المتشائمة من جانب درنبورج Derenbourg الذى أصر على أن المؤلف لم يتمم من الكتاب سوى الجزئين الثامن والعاشر فقط (٨٧). أما فيما يتعلق بالكشف عن الأجزاء الباقية فقد راجت إشاعة قوية عن وجود نسخة كاملة بمكتبة الإمام بصنعاء (٨٨) وأجزاء متفرقة باستنبول (٨٩) وفى جنوب الجزيرة العربية (٩٠) بل وفى أماكن نائية مثل جاوه (٩١).

ولا شك أنه قد اتضح مما اقتبسناه عن الهمدانى فيما مر من هذا الكتاب أن «وصف جزيرة العرب» لا يمكن ضمه بأية حال إلى ذلك النوع من المؤلفات الجغرافية اللغوية المفردة لجزيرة العرب والتى سبق وعالجنا الكلام عليها فيما مر من الكتاب. والهمدانى كان بلا شك على علم تام بالمادة الجغرافية اللغوية التى عرفها المؤلفون السابقون له فى القرن التاسع ، كما كان أيضا على معرفة تامة بالجغرافيا الفلكية الرياضية ؛ ويمكن تتبع كلا الاتجاهين بوضوح فى كتابه. ومن المستحيل بالطبع القول بأنه وفق فى المزج بينهما فى وحدة تامة منسجمة ، كما من العسير أيضا القول بأن الهمدانى قد نفذ خطته الأولى بحذافيرها. ومن الواضح أن وصفه لليمن يعتمد على الملاحظة الشخصية مع الإفادة بالطبع من المادة الأدبية التى خلفها السابقون ؛ أما وصف بقية الجزيرة العربية فيعتمد فيه أساسا على الرحالة والحجاج الذاهبين إلى مكة كما يعتمد أيضا بدرجة كبيرة على مادة الجغرافيين اللغويين المتخصصين فى جزيرة العرب ؛ بل إنه قد يسوق أحيانا شواهد من مصادر غير معروفة لغيره من المؤلفين.

وللهمدانى معرفة جيدة ببطلميوس ، وهو يبدأ كتابه بمقدمة رياضية جغرافية وافية يورد فيها ذكر المذاهب المختلفة لتحديد الأطوال والعروض كما يورد فيها أيضا وصفا عاما لمناطق الأرض بحسب توزيعها على الأقاليم السبعة. أما القسم الأساسى من كتابه فقد كرسه لوصف جزيرة العرب ، وهو ينقسم إلى خمسة أبواب رئيسية فى وصف تهامة والحجاز ونجد والعروض واليمن. ووصفه بالطبع لا يسير دواما على نسق واحد أو يتبع خطة محددة فهو يكثر من إعادة الكلام على المناطق التى ذكرها من قبل. وبينما تحتل اليمن مكان الصدارة فى كتابه نجد حضرموت لا تظفر منه إلا بالإشارة الطفيفة والذكر العابر ؛ وبصدد اليمن نراه يفصل فى الكلام على مساكن قبيلته همدان. وهو يكشف دائما عن معرفة لا تجارى بالآثار والنقوش القديمة التى حاول أحيانا أن يفك رموزها ؛ كما تبدو جلية للعيان معرفته الجيدة بالرواية السماعية والأدبية فهو مثلا يعرف جيدا تقسيم اليمن قبل الإسلام إلى «مخاليف» (جمع «مخلاف» أى ناحية). وفى خلال كلامه عن اليمن يعود القهقرى من وقت لآخر إلى ذكر حقائق ذات طابع تكميلى عن شمال الجزيرة العربية ولكنه على أية حال يختتم كلامه باليمن ويفرد قسما خاصا لذكر عجائبها أو على

١٧١

الأصح خصائصها التى لا يشاركها فيها بلد آخر. ونفس هذا الطابع الفريد تحمله مجموعة الأشعار «الجغرافية التى استخرجها من دواوين الشعراء الأقدمين والوارد فيها ذكر الأسماء الجغرافية المختلفة ، وتضاف إليها أرجوزة جغرافية طويلة تقع فى خمس قصائد ومائة وسبعة وعشرين بيتا هى أشبه بملحق للكتاب يصف فيها صاحبها أحمد بن عيسى الرّداعى طريق الحج فى بلاد العرب.

لقد تملك الهمدانى ناصية المادة الأدبية بأكملها ؛ ولم تكن مقدرته فى الملاحظة المباشرة بأقل من ذلك فى شىء. ولا يزال كتابه محتفظا إلى أيامنا هذه بقيمته العلمية ؛ وقد أشار الرحالة مالتزان Maltzan المعروف بتجواله فى الجزيرة العربية إلى أنه كثيرا ما يساعد فى دراسة الجغرافيا المعاصرة لجزيرة العرب (٩٢). أما فى مجال الجغرافيا الإقليمية فإن كتاب الهمدانى يمتاز على جميع مصنفات القرنين التاسع والعاشر ولا يبزه فى القرن العاشر إلا أثر واحد ذلكم هو كتاب «الهند» للبيرونى العظيم.

١٧٢

حواشى الفصل الخامس

__________________

(١) ـ Kramers EI, Eb, p. ٥٦ ـ Brockelmann, GAL, SBL, p. ٤٠٤ etc No ٢

(٢) قارن : «هبة الشمس الجميلة»

ـ Barbier de Meynard, Liver des routes, p. ٩, notel

(٣) توضيح فريمان A.A.Freimann

(٤) أخطأ متزMez فى قوله إن ابن خرداذبه معناها «الكوب» Mez ,Renaiss.,p.٤٦٢ راجع توضيح زكى محمد حسن ، كنوز الفاطميين ، ص ٤٤ ، ملاحظة ٢ ، ص ٤٥.

(٥) عن ابن خرداذبه كموسيقى ، راجع : Farmer ,p.٩٦١.٠٧١ and sui

(٦) الفهرست ، ص ١٤٩

(٧) حبيب الزيات ، Les Couvents ، ص ٣٧٨ ، ملاحظة ٢

(٨) المسعودى ، المروج ، الجزء الأول ، ص ١٣ ؛ الثانى ، ص ٢٧

(٩) ـ Markwart ,Strelfzüge ,p.٠٩٣

(١٠) حدود العالم ، ص ١٠

(١١) حاجى خليفة ، الجزء الثانى ، ص ١٠١ ، رقم ٢٠٨٦

(١٢) ـ Ruska ,GZ ,p.٤٢٥ ـ ٨٢٥

(١٣) Kimble p.٠٥ ـ ١٥ : يقتطف منها ـ Blache؟re ,p.٢٢ ـ ٤٢ ;

(١٤) ـ Kremer ,Culturgeschichte ,I ,p.٨٦٢ ـ ٩٦٢

(١٥) راجع : Kpymski ,Narisi ,p.١٣١

(١٦) ـ Ferrand ,Relations ,I ,p.١٢ ـ ٣٢

(١٧) ـ Florilegium ,p ٧٦٢ ـ ٩٦٢

(١٨) الترجمة لدى رينو : ـ Reinaud ,Introduction ,p.LVIII ـ LIX

(١٩) راجع : Rozen ,ZVO ,IV ,p.٢٥٤

(٢٠) ـ Bartold ,SV ,I ,٠٤٩١

(٢١) ـ De Goeje, Russes ـ Normands, p ٩٣ ـ ٠٤ ـ Hennig, II, p. ٨٠٢ ـ ٤١٢, ٦٥٣ ـ ٠٦٣

(٢٢) ـ Kunik ـ Rozen ,II ,p.٨٢١ ـ ١٣١

(٢٣) جمعها دى خويه (De Goeje ,BGA ,VI ,p.XII ـ XIII)

(٢٤) راجع عنها : Rozen ,ZVO ,I ,٦٨٨١ ,p.٥٢٢ ـ ٦٢٢

(٢٥) راجع : ـ Kunik ـ Rozen ,II ,p.٩١١ ـ ٨٣١

(٢٦) حدود العالم ، ص ٩ ـ ١١

(٢٧) راجع عنه : ـ Kotwiczi Kotwiczowna ,Coll.Orient ,No ٨

١٧٣

__________________

(٢٨) ـ Brockelmann ,GAL ,SBI ,p.٥٠٤ ,No ٣

(٢٩) فى آخر زيارة له لألمانيا نقل عنها المستشرق الروسى بارتولد شذرات محفوظة الآن فى أوراقه بأرشيف أكاديمية العلوم السوفيتية.

(٣٠) Brockelmann ,GAL ,SBI ,p.٥٠٤ No ٣

(٣١) النقاط المتتابعة تشير إلى طمس فى المخطوطة.

(٣٢) اليعقوبى ، BGA ,VII ، ص ٢٣٢ ـ ٢٣٣ (قارن : Blache؟re ,p.٧١١ ـ ٨١١) الترجمة لدى : Wiet ,Jakubi ,١ ـ ٣ (قارن : Mez ,p.٥٦٢)

(٣٣) اليعقوبى : BGA ,VII ص ٢٦٨ ـ ٢٦٩ ـ Wiet ,p.٤٦

(٣٤) شرحه ، ص ٣٢٣ ، ملاحظة د

(٣٥) Fra؟hn ,Beleg ,p.١٣١ ـ ٧٤١

(٣٦) Senkovski ,Sobr.Soch.,VI ,p.٩٤١ ـ ٨٦١ (ـ Bibl dlia ,Ch ,XXIX ,٨٣٨١ ,p.٥٤ ـ ٨٥

(٣٧) Reinaud ,Introduction ,p.LXI

(٣٨) Garkavi ,Skazania ,p.٩٥ ـ ١٧

(٣٩) Kunik ـ Rozen ,II ,p.١٥١ ـ ٤٧١

(٤٠) راجع مسألة صحة نسبتها إليه ، مع تحليل المتبقى منها لدى : D. M. Hassan, Les Tulunides, p. ١٧٢ ـ ٣٧٢

(٤١) Brockelmann ,GAL SBI ,p.٦١٢ ,No ٣

(٤٢) الفهرست ، ص ١٥٤

(٤٣) المقدسى ، BGA ,III ، ص ٥ ـ الاختلاف فى المخطوطات لا يؤثر فى الفكرة الأساسية.

(٤٤) الجاحظ ، ص ٢٩٦ ، راجع : Van Vloten ,Naturphilosoph ,p.٣٤ ,note ٤

(٤٥) Ferrand ,Relations I ,p.٣.٥ وخاصة : Ferrand ,Note ,p.٩٠٣ ,and ٨١٣

(٤٦) يرفض دى خويه De Goeje ,BGA ,V ,p XI) الفكرة على عكس «الفهرست» (ص ١٥٤).

(٤٧) راجع : Sprenger ,Reiserouten\'p XVII ـ XVIII

(٤٨) Karaulov

(٤٩) Kunik Rozen ,II ,p.٨٣١ ـ ١٥١

(٥٠) Markwart ,Streifzüge ,p.٦٢

(٥١) Bartold SV ,I ,٠٤٩١

(٥٢) Umniakov ,Compendium ,p.٩٣١١ ,note ٥ : بحسب مقال Hudud ,p.٨٦١ ,

(٥٣) Khwolson

١٧٤

__________________

(٥٤) يضيف بروكلمان مخطوطة بكامبردج ، لا علم لنا بها (Brockelmann ,GAL ,SBI p.٦٠٤ ,No ٥)

(٥٥) ـ Blache؟re ,p.٤٣ ـ ٤٤

(٥٦) راجع : Nallino, II Valore Nallino, Cosmos, Ser. II. V. XII, p. ٨٥, (note ٦٢

(٥٧) سوء فهم لدى : ـ Brockelmann ,GAL ,SBI ,p.٦٠٤ ,No ٨ ـ

(٥٨) ـ Nallino ,II Valore ,p.٦٥ ـ Hudud ,p.٨٦١

(٥٩) ـ Hudud ,p.١٩٢ ,note ٣

(٦٠) قدامة بن جعفر ، BGA ,VI ، ص ١٨٤ ـ ١٨٥ (المتن) ؛ ص ١٤٤ ـ ١٤٥ (المترجمة) ـ Blache؟re p.٥٥ ـ ٧٥

(٦١) ـ Brockelmann ,GAL ,I ,p.٧٣١ ,No I ;SBI ,p.٩٠٢

(٦٢) شرحه ، رقم ٢

(٦٣) ـ Ruska ,GZ ,p.٠٩٥

(٦٤) ـ Brockelmann, GAL, II, p. ١٨٣. ٢٨٣, No ٣; SBII, p. ٤١٥ ـ ٥١٥

(٦٥) ـ Brockelmann ,GAL I ,p.٨٣١ ,No ٥ ;SBI ,p.٠١٢

(٦٦) ـ Marcais, EI, II p. ٧٩٩. ٨٩٩ ـ Brockelmann, GAL, I p. ٩٢٣ No I; SBI. p. ٢٦٥ ـ ٤٦٥

(٦٧) ـ Brockelmann, GAL, SBI, p. ١١٢. No ٦ ـ Krymski Istoria Persii, ٤١٩١, p. ١٩١ ـ ٢٩١ ـ Bartold, Iran, p. ٠٧

وشرحه ٩٠٩١ ,p.٦ ـ ٧

(٦٨) ـ Markwart ,Wehrot ,p.٠٦١ ـ ١٦١

(٦٩) ـ Minorsky ,Narshakhi ,p.٤١٩

(٧٠) ـ Brockelmann, GAL, I, p. ٨٤١, No I; SBI, p. ٧٢٢ ـ ٨٢٢ ـ Sarton, introduction, I, p. ٦١٦ ـ Torrey, EI, II, p. ٥٧٣ ـ ٦٧٣

(٧١) ـ Brockelmann ,GAL ,I ,p.٩٤١ ,No ٤ ;SBI ,p.٩٢٢ ـ ٠٣٢

(٧٢) ـ Guest ,GMS ,XIX ,p.٩ (٣)

(٧٣) ـ Brockelmann GAL ,SBI ,p.٠٣٢ ,No ٤ A

(٧٤) ـ Brockelmann ,GAL ,I ,p.٩٤١ ,No ٦ ;SBI ,p.٠٣٢

(٧٥) ـ Brockelmann ,GAL ,I ,p.٣٤٣ ,No ٣ ;SBI ,p.٤٨٥ ـ ٥٨٥

(٧٦) ـ Brockelmann ,GAL ,I ,p.٦٨٤ ـ ٧٨٤ ,No ٤١ ;SBI ,p.٩٨٨

(٧٧) المقرى ، الجزء الثانى ، ص ١١٢ الخ

ـ Kramers, EI, EB, p. ٧٦ ـ Pons Biogues, p. ٠٨ ـ ١٨, No ٩٣ ـ Brockelmann, GAL, SBI, p. ٣٣٢, No ٤ A ـ LéviProvencal, Fés ـ p. ١٤

(٧٨) ـ Brunschwig ,p.١٥١ ـ ٢٥١

١٧٥

__________________

(٧٩) ـ Brockelmann GAL, L, p. ٠٥١, No ٢; SBI, p. ١٣٢ ـ Pons Boigues. p. ٢٦ ـ ٦٦, No ٣٢

(٨٠) ـ Le؟vi ـ Provencal ,Al ـ Ra؟zi p.٨٢٢١

(٨١) المقرى ، الجزء الثانى ، ص ١١٨ ـ Pons ـ Boigues ,p.٣٦ ,No ٣ ـ

(٨٢) ـ Sprenger ,Reiserouten ,p.XVIII

(٨٣) ـ Lo؟fgren ,Hamdani Fund ,p.٣ note ١

(٨٤) ـ Müller ,Südarabische Studien p.٣٣

(٨٥) ـ Arendonk ,Al ـ Hamadani p.٧٨

(٨٦) عيسى اسكندر المعلوف ، مجلة المجمع العلمى العربى بدمشق ، المجلد الخامس ، ١٩٢٥ ، ص ٣٢.

(٨٧) ـ Derenbourg ـ Schefer, p. ٨١ ـ Löfgren, Hamdani ـ Fund, p. ٨ note ١

(٨٨) أمين الريحانى ، ملوك ، الجزء الأول ، ص ٤٤

(٨٩) شكيب أرسلان ، ص ٤٣٩ ـ ٤٤٤

(٩٠) الإكليل ، الجزء الثامن : Krenkow L\'A ,IX ,p.١٩٢ ـ ٢٠٢ ;,p.٦٢٦ ـ ٧٢٦ شرحه I and VI

(٩١) مجلة المجمع العلمى العربى بدمشق ، المجلد الحادى عشر ، ١٩٩١ ، ص ٤٤٠ ـ ٤٤١

(٩٢) ـ Müller, Das Buch der Arabischen Halbinsel, p. ٩٩٢

١٧٦

الفصل السّادس

المسعودى والرحالة الذين زاروا الأصقاع الشمالية فى القرن العاشر

يعتبر القرن العاشر من الناحية السياسية عصر الاضمحلال النهائى للخلافة الإسلامية ، ولكن من ناحية أخرى يعتبر أيضا عصر ازدهار الحضارة العربية أو «النهضة الإسلامية» Renaissance of Islam كما حلى لأحد المستشرقين أن يسميه (متزMetz). وفى القرن العاشر كذلك بلغ الأدب الجغرافى العربى أوجه فى مجال تطوره الخلاق كحركة مستقلة قائمة بذاتها. وهو يذخر بمصنفات هامة فى محيط الجغرافيا الإقليمية ، غير أن الإنتاج الأدبى فيه لم يقف عند هذا الحد فقد تم فى هذا القرن أيضا تشكيل ما يسمى «بالمدرسة الكلاسيكية» للجغرافيا العربية ، كما شهد أيضا ميلاد أكثر آثار الكارتوغرافيا العربية أصالة وهو «أطلس الإسلام». وقد بلغ عدد الرحالة فى هذا القرن حدا كبيرا ، غير أن المهم بالنسبة لنا هو أن بعضهم قد جالوا فى بعض أصقاع اتحادنا السوفيتى أو الأصقاع المتاخمة لها. وفى هذا العصر بالذات نفذت الجغرافيا إلى الأنماط الأدبية المقاربة لها وأفرد لها مكان فى دوائر المعارف وفى المصنفات الببليوغرافية وفى معاجم المصطلحات ، كما ارتبطت ارتباطا وثيقا بالموضوعات الأدبية والعرض الأدبى. وإلى جانب كل هذا يقدم لنا القرن العاشر شخصيات كبرى ذات جوانب متعددة ليست هى شخصيات جغرافية بالمفهوم الضيق للفظ.

ويحتل المكانة الأولى بينهم دون منازع المسعودى (١) «أكثر الكتاب الجغرافيين أصالة فى القرن العاشر» ، على حد قول واحد من أفضل المتخصصين فى هذا الفرع من الأدب فى عصرنا (١). غير أن آراء العلماء حوله أبعد من أن تتسم بطابع الإجماع ، فخبير آخر بالجغرافيا العربية ـ لا يخلو فى الحقيقة من بعض الميل إلى التناقض ـ يرى فى أسلوبه «قرابة ورحما مع أسلوب الصحافة الحديثة» ، وفى شخصه «أنموذج المراسلين الصحفيين المعاصرين الذين يذرعون الأرض» (٢). هذا الحكم يقف دليلا آخر على عدم جدوى أمثال هذه المقارنات المبالغ فيها بين القديم والحديث ، ولا يزال أفضل منهج لمعرفة شخص ما أو إلقاء ضوء على حياته هو التحليل الدقيق للظروف التى عاش فيها.

والمسعودى عربى صرف يرتفع نسبه إلى الصحابى مسعود ؛ وقد ولد على ما يظهر ببغداد فى بداية القرن العاشر وأحاط إحاطة تامة بكل التراث الأدبى لعصره وبمختلف نواحى العلوم. غير أن ميدانه

__________________

(*) فى يناير من عام ١٩٥٨ أقيمت احتفالات بجامعة عليكرة بالهند بمناسبة مرور ألف عام على المسعودى وصدر بهذه المناسبة كتاب بعنوان : Al. Masudi Millenary Commemoration Volume, ٠٦٩١.

يحوى عددا من الأبحات الجيدة عنه. (المترجم)

١٧٧

الحقيقى فيما يبدو كان الرحلات الواسعة والاتصال المباشر بممثلى مختلف الطبقات ؛ وقد شملت رحلاته جميع البلدان من الهند إلى المحيط الأطلنطى ومن البحر الأحمر إلى بحر قزوين ، ومن المحتمل أن يكون قد زار الصين وأرخبيل الملايو. وكثيرا ما يثبت فى مصنفاته تاريخ زيارته لمواضع معينة ، وهو أمر وإن لم يمكنا من تتبع خطاه إلا أنه على أية حال يعطى فكرة عن تجواله الواسع العريض.

ولعل شخصية المسعودى ككاتب يمكن أن تكون أكثر جلاء لو أن مؤلفاته الكبرى لم تمسها يد الضياع ، ونخص منها بالذكر كتابيه الكبيرين «أخبار الزمان» الذى يقع فى ثلاثين جزءا والذى بدأ تأليفه فى عام ٣٣٢ ه‍ ـ ٩٤٣ ، و «الكتاب الأوسط». غير أن هذه المؤلفات مع الأسف لم تعرف إلا من خلال اقتباسات ضئيلة ليست بذات أهمية ، فضلا عن أن الشك يعتور صحة نسبتها إليه (٣). وهكذا فمن بين جميع مؤلفاته العديدة المعروفة لدينا بأسمائها نستطيع إعطاء فكرة عن نشاطه العلمى اعتمادا على اثنين منها فقط أحدهما هو «مروج الذهب ومعادن الجوهر» (٤) ، وهو أكثر مؤلفاته التاريخية الثلاثية إيجازا ؛ وآخر يعكس مادة جغرافية بالمعنى الصحيح وهو كتاب «التنبيه والإشراف». وكلاهما يقف مثالا حيا لصعوبة الفصل بين المؤلفات التاريخية والجغرافية. وقد تم تأليف الأخير منهما فى عام وفاة المسعودى ، وهو يقدم لنا فيه خلاصة وافية لمعارفه وتحليلا لكل مؤلفاته ؛ ومقدمته تعطى فكرة محددة عن الخلط فى التبويب وعن الوفرة فى مادة كتبه التى لم تصلنا.

«ذكر الغرض من هذا الكتاب. قال أبو الحسن على بن الحسين بن على المسعودى أما بعد فإنا لما صنفنا كتابنا الأكبر فى أخبار الزمان ومن أباده الحدثان من الأمم الماضية والأجيال الخالية والممالك الداثرة وشفعناه بالكتاب الأوسط فى معناه ثم قفوناه بكتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر فى تحف الإشراف من الملوك وأهل الدرايات ثم أتلينا ذلك بكتاب فنون المعارف وما جرى فى الدهور السوالف وأتبعناه بكتاب الاستذكار لما جرى فى سالف الأعصار ذكرنا فى هذه الكتب الأخبار عن بدء العالم والخلق وتفرقهم على الأرض والممالك والبر والبحر والقرون البائدة والأمم الخالية الداثرة الأكابر كالهند والصين والكلدانيين وهم السريانيون والعرب والفرس واليونانيون والروم وغيرهم وتاريخ الأزمان الماضية والأجيال الخالية والأنبياء وذكر قصصهم وسير الملوك وسياساتهم ومساكن الأمم وتباينها فى عاداتها واختلافها فى آرائها وصفة بحار العالم وابتدائها وانتهائها واتصال بعضها ببعض وما لا يتصل منها وما يظهر فيه المد والجزر وما لا يظهر ومقاديرها فى الطول والعرض وما يتشعب من كل بحر من الخلجان ويصب إليه من كبار الأنهار وما فيها من الجزائر العظام وما كان من الأرض برّا فصار بحرا وبحرا فصار برّا على مرور الزمان وكرور الدهور وما قاله حكماء الأمم فى كيفية شبابها وهرمها وعلل جميع ذلك والأنهار الكبار ومبادئها ومصابّها ومقادير مسافاتها على وجه الأرض من ابتدائها إلى انتهائها والأخبار عن شكل الأرض وهيئتها وما قالته حكماء الأمم من الفلاسفة وغيرهم فى قسمتها والربع المسكون منها وحدبها وأنجادها وأغوارها

١٧٨

وتنازع الناس فى كيفية ثباتها وتأثيرات الكواكب فى سكانها واختلاف صورهم وألونهم وأخلاقهم ووصف الأقاليم السبعة وأطوالها وعروضها وعامرها وغامرها ومقادير ذلك ومجارى الأفلاك وهيأتها واختلاف حركاتها وأبعاد الكواكب وأجرامها واتصالها وانفصالها وكيفية مسيرها وتنقلها فى أفلاكها ومضاداتها إياها فى حركاتها ووجوه تأثيراتها فى عالم الكون والفساد التى بها قوام الأكوان وهل أفعالها على المماسّة أم على المباينة عن إرادة وقصد أم غير ذلك وكيف ذلك ومما سببه وهل حركات الأفلاك والنجوم جميعا طباع أم اختيار وهل للفلك علة طباعية فاعلة فى الأشياء المعلولة التى هو مشتمل عليها ومحيط بها والنواحى والآفاق من الشرق والغرب والشمال والجنوب وما على ظهر الأرض من عجيب البنيان وما قاله الناس فى مقدار عمر العالم ومبدأه وغايته ومنتهاه وعلة طول الأعمار وقصرها وآداب الرئاسة وضروب أقسام السياسة المدنية الملوكية منها والعامية مما يلزم الملك فى سياسة نفسه ورعيته ووجوه أقسام السياسة الديانية وعدد أجزائها ولأية علة لا بد للملك من دين كما لا بد للدين من ملك ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه ولم وجب ذلك وما سببه وكيف تدخل الآفات على الملك وتزول الدول وتبيد الشرائع والملك والآفات التى تحدث فى نفس الملك والدين والآفات الخارجة المعترضة لذلك وتحصين الدين والملك وكيف يعالج كلّ واحد منهما بصاحبه إذا اعتلّ من نفسه أو من عارض يعرض له وما نيّة ذلك العلاج وكيفيته وإمارات إقبال الدول وسياسة البلدان والأديان والجيوش على طبقاتهم ووجوه الحيل والمكايد فى الحروب ظاهرا وباطنا وغير ذلك من أخبار العالم وعجائبه ، وأخبار نبينا صلعم ومولده وما ظهر فى العالم من الآيات والكوائن والأحداث المنذرات بظهوره قبل مولده من أخبار الكهان وغيرهم وما أظهر الله سبحانه على يديه من الدلائل والعلامات والجرائح المعجزات ومنشأه ومبعثه وهجرته ومغازيه وسراياه وسواربه ومناسره إلى وفاته والخلفاء بعده والملوك والغرر من أخبارهم وما كان من الكوائن والأحداث والفتوح فى أيامهم وأخبار وزرائهم وكتابهم إلى خلافة المطيع. وذكرنا من كان فى كل عصر من حملة الأخبار ونقلة السّير والآثار وطبقاتهم من عصر الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار وغيرهم من ذوى الآراء والنّحل والمذاهب والجدل بين فرق أهل الصلاة ومن مات منهم سنة سنة إلى هذا الوقت المؤرّخ ، وذكرنا فى كتاب منظم الأعلام فى أصول الأحكام وكتاب نظم الأدلة فى أصول الملة وكتاب المسائل والعلل فى المذهب والملل تنازع المتفقهين فى مقدمات أصول الدين والحوادث التى اختلفت فيها آراؤهم وما يذهب إليه من القول بالظاهر وإبطال القياس والرأى والاستحسان فى الأحكام إذ كان الله جل وعز قد أكمل الدين وأوضح السبيل وبين للمكلفين ما يبغون فى آياته المنزلة وسنن رسوله المفضلة التى زجرهم بها عن التقليد ونهاهم عن تجاوز ما فيها من التحديد وما اتصل بذلك من الكلام فى الفتوى والأحكام العقليات منها والسمعيات وغير ذلك من فنون العلوم وضروب الأخبار مما لم تأت الترجمة على وصفه ولا انتظمت ذكره رأينا أن نتبع ذلك بكتاب سابع مختصر نترجمه بكتاب التنميه

١٧٩

والإشراف وهو التالى لكتاب الاستذكار لما جرى فى سالف الإعصار نودعه لمعا من ذكر الأفلاك وهيأتها والنجوم وتأثيراتها والعناصر وتراكيبها وكيفية أفعالها والبيان على قسمة الأزمنة وفصول السنة وما لكل فصل من المنازل والتنازع فى المبتدأ به منها والاستقصّات وغير ذلك والرياح ومهابها وأفعالها وتأثيراتها والأرض وشكلها وما قيل فى مقدار مساحتها وعامرها وغامرها والنواحى والآفاق وما يغلب عليها وتأثيراتها فى سكانها وما اتصل بذلك وذكر الأقاليم السبعة وقسمتها وحدودها وما قيل فى طولها وعرضها وقسمة الأقاليم على الكواكب السبعة الخمسة والنيرين ووصف الإقليم الرابع وتفضيله على سائر الأقاليم وما خصّ به ساكنوه من الفضائل التى باينوا بها سكان غيره منها وما اتصل بذلك من الكلام فى عروض البلدان وأطوالها والأهوية وتأثيراتها وغير ذلك وذكر البحار وأعدادها وما قيل فى أطوالها وأعراضها واتصالها وانفصالها ومصبات عظام الأنهار إليها وما يحيط بها من الممالك وغير ذلك من أحوالها وذكر الأمم السبع فى سالف الأزمان ولغاتهم وآرائهم ومواضع مساكنهم وما باتت به كل أمة من غيرها وما اتصل بذلك ثم تتبع ذلك بتسمية ملوك الفرس الأولى والطوائف والساسانية على طبقاتهم وأعدادهم ومقدار ما ملكوا من السنين وملوك اليونانيين وأعدادهم ومقدار ملكهم وملوك الروم على طبقاتهم من الحنفاء وهم الصابئون والمتنصرة وعدتهم وجملة ما ملكوا من السنين وما كان من الكوائن والأحداث العظام الديانية والملوكية فى أيامهم وصفة بنودهم وحدودها ومقاديرها وما يتصل منها بالخليج وبحرى الروم والخزر وما اتصل بذلك من اللمع المنبهة على ما تقدم من تأليفنا فيما سلف من كتبنا وذكر الأفدية بين المسلمين والروم إلى هذا الوقت وتواريخ الأمم وجامع تأريخ العالم والأنبياء والملوك من آدم إلى نبينا محمد صلعم وحصر ذلك وما اتصل به ومعرفة سنى الأمم الشمسية والقمرية وشهورها وكبسها ونسيئها وغير ذلك من أحوالها وما اتصل بذلك من التنبيهات على ما تقدم جمعه وتأليفه وذكر مولد النبى صلعم ومبعثه وهجرته وعدد غزواته وسراياه وسواربه وكتّابه ووفاته والخلفاء بعده والملوك وأخلاقهم وكتابهم ووزرائهم وقضاتهم وحجابهم ونقوش خواتيمهم وما كان من الحوادث العظيمة الديانية والملوكية فى أيامهم وحصر تواريخهم إلى وقتنا هذا وهو سنة ٣٤٥ للهجرة فى خلافة المطيع منبهين بذلك على ما قدّمنا ذكره من كتبنا ، وإنما اقتصرنا فى كتابنا هذا على ذكر هذه الممالك لعظم ملك ملوك الفرس وتقادم أمرهم واتصال ملكهم وما كانوا عليه من حسن السياسة وانتظام التدبير وعمارة البلاد والرأفة بالعباد وانقياد كثير من ملوك العالم إلى طاعتهم وحملهم إليهم الإتاوة والخراج وأنهم ملكوا الإقليم الرابع وهو إقليم بابل أوسط الأرض وأشرف الأقاليم وأن مملكتى اليونانيين والروم تتلوان مملكة فارس فى العظم والعزّ ولما خصّوا به من أنواع الحكم والفلسفة والمهن العجيبة والصنائع البديعة ولأن مملكة الروم إلى وقتنا هذا ثابتة الرسوم منسّقة التدبير وإن كان اليونانيون قد دخلوا فى جملة الروم منذ احتووا على ملكهم كدخول الكلدانيين وهم السريانيون سكان العراق فى جملة الفرس

١٨٠