تحصيل المرام - ج ١-٢

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]

تحصيل المرام - ج ١-٢

المؤلف:

الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٧٤

١
٢

تقديم

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله الذي شرّف هذه الأمة بخير البشر ، سيّدنا محمد القائل : «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» فبلغت به صلى‌الله‌عليه‌وسلم السّدة العلية ، ونالت به درجة الشرف على الأمم السابقة القبلية ، بقوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ). وصلّى الله على النبي القدوة ، محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم خير أسوة ، قال تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). فله الحمد أن بعث لنا هذا النبي على فترة من الرّسل ، فهدانا به إلى خير السّبل ، فقال سبحانه (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ). ورضي الله تبارك وتعالى عن أصحابه الذين آزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد :

فكتاب «تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام والمشاعر العظام ومكة والحرم وولاتها الفخام» كتاب جليل ، حمل إلينا كلّ معنى جميل ، تعلّق بمكة المكرمة ، وسلك صاحبه في الحديث عن المشاعر أحسن سلوك ، فأفاد منه الجميع ، لما تضمن من القول البديع ، فهو كتاب طيب الجذوع ، مثمر الفروع ، عذب الينبوع ، ألّفه محمد بن أحمد بن سالم المكي المالكي المعروف بالصباغ ، فكان طيب المساغ ، جمعه من كتب لطيفة ، وبسطه بطريقة ظريفة ، فجاء سهل العبارة ، واضح الإشارة ، ظاهر الدليل ، موضح السبيل ، بين فيه المؤلف مقصده ، بقوله في أوله : «ولمّا وفقني الله لطلب العلم الشريف ، وجعلني من جيران بيته المنيف ، تشوفت نفسي للاطلاع على علم الآثار ، وإلى فنّ التاريخ والأخبار ، فلمّا طالعت ذلك

٣

وفقني الله إلى هذا التأليف ، فشرعت فيه من كلّ خبر لطيف ، وأثر شريف».

وكما ترى فإنّ هدف المؤلف هو جمع كتاب يستخلصه من جملة من كتب التاريخ والسّير ، مدللا بالقرآن والحديث والفقه.

فجاء هذا الكتاب ـ بحمد الله ـ محقّقا لذلك المقصد.

إلا أنه يؤاخذ على المؤلف تأثره بالصوفية وتعظيم القبور ، وضعف التحقيق في التوحيد.

ويؤاخذ عليه أيضا مواقفه العدائية للدعوة الإصلاحية التي قام بها الإمامان : محمد بن سعود ، ومحمد بن عبد الوهاب رحمهما‌الله ، فتجنى عليهما بما لا يليق بمقامهما الجليل خاصة وأن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة سلفية نادى بها إلى تحكيم كتاب الله وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم والتمسك بهما في الظاهر والباطن.

وقد أجريت تعليقات مختصرة موجزة على مواطن شطط المؤلف ، وأحيلت إلى أول تعليق رغبة عن التكرار والزيادة.

وقد قدمنا بين يدي الكتاب دراسة وافية عنه.

وقسمنا هذه الدراسة إلى مقدمة وستة مباحث وخاتمة ، الثلاثة المباحث الأولى منها خصصناها للدراسة ، أما المباحث الثلاثة الأخرى فهي خاصة بالتحقيق.

ففي المقدمة تكلمنا عن مقاصد البحث في كتاب تحصيل المرام.

وفي المبحث الأول : ذكرنا فيه ترجمة المؤلف : (اسمه ـ مولده ـ أصله ـ شيوخه ـ حياته العلمية ـ مؤلفاته ـ وفاته).

المبحث الثاني : ذكرنا فيه التعريف بكتاب تحصيل المرام : (أهميته ـ الفترة الزمنية التي يغطيها هذا الكتاب ـ تاريخ تأليفه ـ منهج المؤلف فيه ـ التحقق من اسمه ونسبته إلى المؤلف).

٤

المبحث الثالث : وفيه موارد الصباغ في كتابه : «تحصيل المرام».

المبحث الرابع : ذكرنا فيه منهج العمل في التحقيق.

المبحث الخامس : ذكرنا فيه منهج العمل في التعليق.

المبحث السادس : ذكرنا فيه التعريف بالنسخ الخطية لكتاب «تحصيل المرام».

وأخيرا ذيلنا الكتاب بفهارس عامة تعين المراجع على الوصول إلى بغيته بسهولة وتتضمن :

ـ فهرس الآيات القرآنية.

ـ فهرس الأحاديث النبوية.

ـ فهرس الأعلام.

ـ فهرس الأماكن.

ـ فهرس الأقوام.

ـ فهرس الشعر.

ـ فهرس المهن.

ـ فهرس المصطلحات الحضارية.

ـ فهرس الصور التوضيحية.

ـ فهرس الموضوعات.

ـ فهرس المصادر والمراجع.

كتبه

أ. د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش

١ / ٣ / ١٤٢٤ ه

٥
٦

المبحث الأول

حياة الصباغ

١ ـ اسمه :

محمد بن أحمد بن سالم بن محمد المكي المالكي ، المعروف بالصبّاغ (١).

٢ ـ مولده :

ولد الصباغ ـ رحمه‌الله ـ بمكة سنة ثلاث وأربعين ومائتين وألف من الهجرة. وبها نشأ ، وأما والده فلم يولد فيها بل قدم إليها من مصر.

٣ ـ أصله :

يرجع أصل المؤلف ـ رحمه‌الله ـ إلى مصر.

٤ ـ نشأته وحياته العلمية :

نشأ الصباغ في رحاب البيت العتيق ، ينهل من علماء زمانه ، ومشايخ وقته ، ومن العلماء الوافدين إلى البيت العتيق.

حفظ القرآن ، وطلب العلم ، وتفقه على مذهب الإمام مالك بمكة.

واشتغل الصباغ بالعلم فأخذ عن مشايخ الوقت العلماء الأعيان :

ـ قرأ على مفتي مكة السيد أحمد زيني دحلان.

__________________

(١) مصادر ترجمته : مختصر نشر النور والزهر (ص : ٤٠٠) ، وفيض الملك المتعالي (٣ / ٧٣) ، والأعلام للزركلي (٦ / ٢١) ، ومعجم المؤلفين (٨ / ٢٦٢) ، ونشر الرياحين (٢ / ٥٢٣) ، وفهرس دار الكتب المصرية (٥ / ١٢٥) ، ومجلة المنهل (٧ / ٣٤٤) وأرّخ وفاته سنة ١٣١١ ، وفهرس المخطوطات المصورة ج ٢ رقم (٦١٤) ، وفهرس مخطوطات التراجم والتاريخ والسيرة النبوية في مكتبة الحرم المكي الشريف (ص : ٣٠).

٧

ـ وقرأ على مفتي المالكية الشيخ حسين «الشفا» و «موطأ الإمام مالك» و «البخاري» في الحديث ، وفي الفقه «حاشية الصفتي» و «رسالة أبي زيد» و «أقرب المسالك» و «شرح الدردير على مختصر خليل» ، وفي علم العربية «شرح القطر لابن هشام» ، وغير ذلك من الكتب العظام.

وكان رحمه‌الله مؤرخا ، ذا ذكاء وحافظة جيدة ، وكان من جملة المطوفين للحجاج المغاربة.

٥ ـ شيوخه :

١ ـ السيد أحمد زيني دحلان : (١٢٣٢ ـ ١٣٠٤ ه‍)

فقيه مكي مؤرخ. ولد بمكة المكرمة ، وتولى فيها التدريس ، وكان مفتي الشوافع بمكة ، وفي أيامه أنشئت أول مطبعة بمكة فطبع فيها بعض كتبه ، له عدد من التصانيف ، منها : «الفتوحات الإسلامية ـ ط» مجلدان ، و «السيرة النبوية ـ ط» ، و «خلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام ـ ط» وغيرها. ومات في المدينة المنورة (١).

٢ ـ الشيخ عبد القادر بن علي مشاط المكي المالكي : (١٢٤٨ ـ ١٣٠٢ ه‍)

الإمام بالمقام المالكي ، والمدرس بالمسجد الحرام. ولد بمكة المكرمة ، ونشأ بها ، وحفظ القرآن العظيم وكثيرا من متون المذهب وغيرها ، وتفقه على الشيخ العلامة حسين مفتي المالكية ، ولازم السيد أحمد زيني دحلان

__________________

(١) مصادر ترجمته : الأعلام للزركلي (١ / ١٢٩ ـ ١٣٠) ، ومعجم المطبوعات (ص : ٩٩٠ ـ ٩٩٢) ، والأعلام الشرقية (٢ / ٧٥ ـ ٧٦) وفيهم ولادته سنة ١٢٣٢ ه‍ ، وحلية البشر (١ / ١٨١ ـ ١٨٣) ، وفهرس الفهارس (١ / ٢٩٠ ـ ٢٩٢) ، وهدية العارفين (١ / ١٩١) ، ومعجم المؤلفين لكحالة (١ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠) ، ونشر الرياحين للبلادي (١ / ٢٧ ـ ٢٨) ، وفيض الملك المتعالي (مخطوط ورقة ٣٠ ـ ٣١) ، وأدبيات زيدان (٤ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩) ، والآداب العربية لشيخو (٢ / ٩٧) ، وتاريخ آداب اللغة العربية لزيدان (٤ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩) ، وفهرس التيمورية (١ / ٢٣٨ ، ٣ / ٩٨) ، وفهرس الأزهرية (٦ / ٢١٦) ، واكتفاء القنوع (ص : ٤٢٢) ، وفهرس التصوف (ص : ١٢) ، ومجلة المنار (٣٣ / ٣١٧ ـ ٣١٩).

٨

ملازمة كبيرة ، وقرأ عليه علوما عديدة في فنون كثيرة. له حاشية على متن في الاستعارات لشيخه السيد أحمد دحلان (١).

٣ ـ الشيخ حسين الأزهري : (١٢٢٢ ـ ١٢٩٢ ه‍).

هو حسين بن إبراهيم بن حسين بن عابد المالكي ، ويعرف في مصر بالأزهري ، فقيه ، كان مفتي المالكية في مكة ، مغربي الأصل ، ينسب إلى قبيلة في طرابلس الغرب ، يقال لها : «العصور» تعلم في الأزهر ، وقدم مكة بعيد سنة ١٢٤٠ ه‍ فقربه أميرها الشريف محمد بن عون ، وولاه الخطابة والإمامة في المسجد الحرام ، ثم تولى الإفتاء سنة ١٢٦٢ ه‍ إلى أن توفي ، له كتب منها : «توضيح المناسك» و «رسالة في المصطلح» ، وشرح لها مطبوع (٢).

٦ ـ مؤلفاته :

لم نجد للمؤلف بعد البحث في الكتب التي ترجمت له تأليفا آخر غير هذا التأليف الذي أسماه «تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام والمشاعر العظام ومكة والحرم وولاتها الفخام». وهذا الكتاب هو موضوع بحثنا ، فنسأل الله الإعانة على إنجازه بالشكل الذي يستفيد منه كلّ قارئ للتاريخ الإسلامي ، فهو كتاب فريد ، قد تضمن القديم والجديد.

٧ ـ وفاته :

سافر الصباغ إلى الحجاج الذين كانوا يأتون إلى مكة من المغرب لزيارتهم ، وقضاء حاجاته على عادة المطوفين ، وتوفي بالمغرب سنة إحدى

__________________

(١) مختصر نشر النّور والزهر (ص : ٢٧٤ ـ ٢٧٥).

(٢) مختصر نشر النّور والزهر (ص : ١٨٠ ـ ١٨١) ، سير وتراجم (ص : ١١٢) ، والأعلام للزركلي : (٢ / ٢٣٠).

٩

وعشرين وثلاثمائة وألف للهجرة. وبذلك يكون عمر الصباغ ـ رحمه‌الله ـ ثمان وسبعين سنة.

وقد ذكر عبد الوهاب الدهلوي في مجلة المنهل أن وفاته سنة إحدى عشرة وثلاثمائة وألف للهجرة. وهذا خطأ محض ، حيث إن الصباغ انتهى من تأليف كتابه سنة ١٣٢٠ ه‍. كما هو مثبت في آخر النسخة الأصل.

٨ ـ ذريته :

عقب الصباغ أبناء ثلاثة يتعلقون بحرفة الطوافة ، مات بعده اثنان ، والموجود منهم أصغرهم ، يحفظ غالب مقامات الحريري ، وكثيرا من الأشعار.

٩ ـ أثر كتاب «التحصيل» للصباغ في المؤلفات التي أتت بعده :

اعتنى المصنفون في تاريخ مكة بكتاب الصباغ «التحصيل» ، وأكثروا من النقل عنه ، وذلك يدل على مكانة كتاب «التحصيل» لدى العلماء :

أ ـ فقد أكثر الغازي (١٢٩٠ ـ ١٣٦٥ ه‍) النقل عن «التحصيل» في كتاب «إفادة الأنام بذكر أخبار البلد الحرام» ، وقد بلغت المواطن التي نقل فيها من كتاب «التحصيل» (١٢٦) موضعا.

ب ـ كما أن الكردي (١٣٢١ ـ ١٤٠٠ ه‍) نقل من التحصيل عددا من النقول في كتابه «التاريخ القويم» ، وقد بلغت عدد النقول (٦٥) موضعا.

ج ـ كما أن حسين باسلامة (١٢٩٩ ـ ١٣٥٦ ه‍) نقل من «التحصيل» في كتابه «تاريخ الكعبة المعظمة» (١٠) نصوص.

د ـ ونقل أحمد السباعي (١٣٢٣ ـ ١٤٠٤ ه‍) في كتابه «تأريخ مكة» ثلاثة نصوص ، ولكن لم نعثر عليها في الأصل المخطوط.

١٠

المبحث الثاني

التعريف بكتاب تحصيل المرام

١ ـ التحقق من اسم الكتاب وصحة نسبته للمؤلف :

وجدنا على الورقة الأولى من المخطوط اسم الكتاب ، وهو : «تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام والمشاعر العظام ومكة والحرم وولاتها الفخام».

وجاء في آخر المخطوط الأصل : «انتهى ما كتبه محمد بن أحمد الصباغ المالكي التيجاني. اه. وكان الفراغ من تأليفه سنة ألف وثلاثمائة وعشرين».

وأثبت المؤلف ـ رحمه‌الله ـ اسم الكتاب في مقدمته بقوله : وسميته «تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام والمشاعر العظام ومكة والحرم».

كما ذكره بهذا الاسم الزركلي في أعلامه ، وعمر كحالة في معجمه ، وفهرس دار الكتب المصرية ، ومجلة المنهل ، وفهرس المخطوطات المصورة ، وفهرس مخطوطات التراجم والتاريخ والسيرة النبوية في مكتبة الحرم المكي الشريف (١).

فهذه أدلة كافية من التحقق من اسم الكتاب وصحة نسبته إلى مؤلفه.

تنبيه : يلاحظ أن هذا الكتاب تعرض للانتحال من قبل شخص ما ، فقد تم إدخال بعض الأمور عليه ، ليبين وكأن المؤلف شخص آخر ، وفي زمن آخر أيضا ، وفيما يلي عرض لتلك التغييرات التي أدخلت على

__________________

(١) انظر مصادر ترجمته السابقة.

١١

النسخة الأصل :

١ ـ وقع كشط لاسم المؤلف «الصباغ» في الصفحة الأولى من المخطوط الأصل بعد قوله : بسم الله الرحمن الرحيم يقول العبد الفقير إلى ربه القدير ، وضع فوق الكشط اسم عبد الستار الدهلوي الصديقي الحنفي مذهبا.

٢ ـ وفي الورقة الثانية قال الصباغ : «وأتممته بذكر أمراء مكة من الأشراف وغيرهم ، طبقة بعد طبقة ، إلى وقتنا هذا وهو سنة ألف ومائتين وأربعة وثمانين».

٣ ـ وفي الورقة السابعة والخمسين عند قول الصباغ : «وفي حاشية شيخنا» أقحم بين الكلمتين كلمة شيخ ، فأصبحت العبارة : وفي حاشية شيخ شيخنا.

٤ ـ وفي الورقة الثالثة والستين : شطب أيضا اسم شيخ الحجبة وأبدل بشخص موجود في زمن الدهلوي. قال الصباغ : «وشيخ الحجبة الآن الموجود في زماننا وهو عام ألف ومائتين وتسعة وثمانين الشيخ العالم الفاضل عبد الله ابن المرحوم الشيخ محمد الشيبي».

وقد عدلت الفقرة السابقة بعد الكشط والإضافة لتصبح كالتالي : وشيخ الحجبة الآن الموجود في زماننا وهو عام ألف وثلاثمائة وتسعة وعشرين الشيخ العالم محمد صالح بن الفاضل أحمد بن المرحوم الشيخ محمد الشيبي.

٥ ـ وقد قطعت من المخطوط الصفحة : / ٢٦ / فما بعد ، واختصرت في ورقة واحدة ، وهذا كله ظاهر في النسخة الأخرى التي لم يعثر عليها من فعل هذا الفعل ، لحكمة أرادها الله في إظهار الحق.

٦ ـ كما أننا وجدنا العديد من النصوص المنقولة من التحصيل عند كل من الغازي والسباعي لم نجدها في الأصل المخطوط.

١٢

٢ ـ موضوع الكتاب :

تناول الصباغ في «تحصيله» أخبار البيت الحرام والمشاعر والأحكام ، فجمع فيه شتات ما تفرق من الأخبار والأحكام في كتب التاريخ والسير ، وما جاء في كتب الحديث والفقه وغيرها من الدقائق والعبر.

ويحتوي الكتاب على مقدمة وستة أبواب وخاتمة ، وقسّم كل باب على فصول انتخبها من جملة كتب تاريخية.

وهي في ذكر بناء آدم البيت الحرام من عهد آدم عليه‌السلام إلى بناء السلطان مراد من آل عثمان ، وفي ذكر كل ما يتعلق بالمسجد الحرام ، وفي ذكر مكة المشرفة وكل ما فيها من المساجد والجبال والآبار وغير ذلك.

انتهى فيه إلى محرم سنة / ١٢٩١ ه‍ / ه بذكر أمطار مكة وسيولها ، وذكر ما يناسب ذلك مما وقع في بعض البلدان.

٣ ـ الفترة الزمنية التي يغطيها الكتاب ، وأهم الأحداث التي تناولها البحث :

بين لنا الصباغ ـ رحمه‌الله ـ في مقدمة كتابه الفترة الزمنية التي يغطيها هذا الكتاب ، مصحوبة بأهم الأحداث التي قارنتها ، وإليك بيانها بالإجمال ، وسيأتيك إن شاء الله تعالى تفصيلها.

الباب الأول : في بناء البيت الحرام ، وعدد بنائه ، وأول من بناه ، ومن جعل له بابا ، وذكر ميزابه ، وأول من جعل ذلك ... إلخ. وذكر معاليق البيت ، وذكر الكسوة ، وحكم بيعها ، وذكر بعض فضائل البيت ، وفضل النظر إليه. وفيما يتعلق بالحجر الأسود ، والحجر ، والمقام ، والملتزم ، والحطيم ، والمستجار ، والمطاف وفضلهم. وفي الأماكن التي صلى فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حول البيت وداخله ، وفي سدانة البيت ، أي : وهي الحجابة ، وهي لبني شيبة ، وأن الحجابة بيدهم من زمن قصي ، وزمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما

١٣

بعده ، وأن عقبهم باق ما دام البيت.

وفيه ثمانية عشر فصلا :

الفصل الأول : في بناء البيت الحرام ، وعدد بنائه ، وأول من بناه.

الفصل الثاني : فيمن جعل له بابا ، وأول من بوّبه.

الفصل الثالث : في ذكر ميزاب البيت ، ومن حلّاه ، وأول من جعل له ذلك.

الفصل الرابع : في ذكر تحلية الكعبة ، وأول من حلاها.

الفصل الخامس : في ذكر معاليق الكعبة ، وأول من علّق عليها المعاليق.

الفصل السادس : في ذكر كسوة الكعبة قديما وحديثا ، وأول من كساها ، وحكم بيعها وشرائها ، والتبرّك بها.

الفصل السابع : في ذكر بعض فضائل الكعبة المشرفة.

الفصل الثامن : فيما يتعلق بالحجر الأسود وأنه من الجنة ، وفي سبب نزوله وما قيل فيه ، وأخذ القرامطة له ، ورجوعه إلى محله ، وفي تحليته وأول من حلاه.

الفصل التاسع : في فضائل الحجر الأسود ، والركن اليماني ، وما ورد بأن الدعاء يستجاب عندهما.

الفصل العاشر : فيما يتعلق بالملتزم من الفضائل ، ومعرفة محله.

الفصل الحادي عشر : فيما يتعلق بالمستجار ، ومعرفة محله ، وما جاء في فضله.

الفصل الثاني عشر : فيما جاء في الحطيم والحجر ، واختلاف العلماء في محل الحطيم ، وفيمن جدد الحجر بعد الحجاج ، وما جاء في فضلهما.

الفصل الثالث عشر : فيما يتعلق بمقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام وفضله ، ومن حلاه ، وأول من جعل ذلك ، وفي أي موضع كان زمن إبراهيم وزمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومن أخّره إلى موضعه الذي هو فيه الآن.

١٤

الفصل الرابع عشر : فيما يتعلق بالمطاف ، وأول من فرشه بعد ابن الزبير ، وفضل الطواف ، وأول من طاف بالبيت ، ومن دفن حول البيت وبين المقام وزمزم من الأنبياء ، وما جاء في فضل الطواف في الحرّ والمطر وغيره.

الفصل الخامس عشر : في معرفة الأماكن التي صلى فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حول البيت وداخله.

الفصل السادس عشر : في سدانة البيت وهي الحجابة ، أي : خدمة البيت وتولي أمره ، وفتح بابه وإغلاقه ، من زمن قصي إلى زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهم بنو شيبة ، وأن عقبهم باق ما دام البيت ، كما سنقف عليه إن شاء الله تعالى.

الفصل السابع عشر : في فتح الكعبة المشرفة زمن الجاهلية والإسلام ، وفي أيّ يوم تفتح من السنة.

الفصل الثامن عشر : في المصابيح التي تقاد حول المطاف ، وأول من جعل ذلك.

الباب الثاني : فيما يتعلق بزمزم ، وفيه ثلاثة فصول :

الفصل الأول : في إخراج زمزم لإسماعيل عليه الصلاة والسلام بواسطة جبريل.

الفصل الثاني : في ذكر حفر عبد المطلب جدّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم زمزم بعد اندثارها.

الفصل الثالث : في فضل زمزم وأسمائها.

الباب الثالث : فيما كان عليه وضع المسجد الحرام في أيام الجاهلية وصدر الإسلام ، وبيان ما حدث فيه من التوسع من زيادة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي‌الله‌عنهما ، وزيادة ابن الزبير ، والمهدي الأولى والثانية ، وتوسيعه بهذه الحالة الذي هو عليه الآن ، وتجديد آل عثمان له ،

١٥

وما عمر فيه الخلفاء والسلاطين ، وفضله ، وفيه تسعة فصول :

الفصل الأول : فيما كان عليه المسجد الحرام زمن الجاهلية ، وزمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر رضي‌الله‌عنه ، وزيادة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وابن الزبير رضي‌الله‌عنهم ، وزيادة المهدي العباسي الأولى والثانية ، وتوسيعه له بهذه الحالة الموجودة. ولم يزد فيه أحد شيئا بعده إلا زيادة دار الندوة ، وزيادة باب إبراهيم. ومن عمر فيه من الملوك والسلاطين ، إلى أن آل أمر الحرمين إلى الدولة العثمانية فجدّدوه ، إلى آخر ما يأتي إن شاء الله تعالى.

الفصل الثاني : في تجديد آل عثمان الحرم الشريف بهذه القبب الموجودة ، وذرعه ، وعدد أساطينه وقببه وشرافاته ، وعدد بيبانه وأسمائها قديما وحديثا.

الفصل الثالث : فيما حدث في المسجد الحرام لأجل المصلحة ؛ من مقامات الأئمة وغيرها.

الفصل الرابع : فيما وضع في المسجد الحرام لمصلحة من المنائر والمنابر.

الفصل الخامس : في ذكر المصابيح التي توقد في المسجد الحرام.

الفصل السادس : في عمارة ملوك آل عثمان بعد بنائهم الأول ، أي : بناء السلطان سليم والسلطان مراد.

الفصل السابع : في فضل المسجد الحرام ، وفضل الصلاة فيه ، وحدود الحرم ، وتحريره بالذرع والأميال ، وما المراد بالمسجد الحرام في حديث ابن الزبير : «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ... إلخ» (١).

الفصل الثامن : في ذكر الصفا والمروة وذرع ما بينهما.

__________________

(١) أخرجه أحمد (٤ / ٥) ، وابن حبان (٤ / ٤٩٩).

١٦

الفصل التاسع : في ذكر عرفة ، وبيان محل موقف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عرفة ، وذكر مسجد عرفة ويقال له : مسجد إبراهيم ، وحدود عرفة ، وفضل يومه. وذكر المزدلفة وحدودها ، والمشعر الحرام ، وبيان وادي المحسر. وذكر منى وفضلها. وذكر الجعرانة ، وبيان المحل الذي أحرم منه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفضلها. وذكر التنعيم ، وبيان محل مسجد عائشة رضي‌الله‌عنها ، وفضل العمرة. وذكر الحديبية ، وبيان محلها ، وفضل جدة.

الباب الرابع : في ذكر مكة المشرفة وأسمائها ، وفضل جبالها التي بالحرم مما يقارب مكة ، والأماكن المباركة فيها من المساجد التي بها ، وما قاربها مما هو في الحرم ، والدور المباركة بمكة ، والمواليد ، والمساجد التي بمنى ، وفيه ثلاثة فصول :

الفصل الأول : في ذكر مكة المشرفة وعدد أسمائها.

الفصل الثاني : في ذكر جبال مكة المشرفة وما قاربها مما هو في الحرم وفضلهم.

الفصل الثالث : في الأماكن المشرفة التي بمكة مما هو فيها وفي الحرم ؛ كالمساجد التي بمنى وما قاربها مما هو في الحرم ، التي يستحب زيارتها والصلاة والدعاء فيها رجاء بركتها ، وهذه الأماكن منها مساجد ودور ومواليد ، والمساجد أكثر من غيرها.

الباب الخامس : في فضل مكة المشرفة ، وفيما جاء في تحريم حرمها ، وفضل أهلها ، وحكم المجاورة بها وفضلها ، وفي أن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض ، واختلاف العلماء أيهما أفضل ، أي : بعد البقعة التي دفن فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي الأماكن التي يستجاب فيها الدعاء بمكة والحرم وما قاربهما ، وفيه خمسة فصول :

الفصل الأول : في فضل مكة المشرفة وما جاء في تحريم حرمها.

الفصل الثاني : في فضل مكة والمدينة ، وأنهما أفضل بقاع الأرض ،

١٧

واختلاف العلماء في أيهما أفضل ، بعد اتفاقهم بالفضل على البقعة التي فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

الفصل الثالث : في الأماكن التي يستجاب فيها الدعاء بمكة والحرم وما قاربهما.

الفصل الرابع : في فضل أهالي مكة.

الفصل الخامس : في حكم المجاورة بمكة وفضلها.

الباب السادس : في ذكر عيون مكة والبرك والآبار والسقايات مما هو بها وبالحرم وما قاربهما ، وذكر حياضها ، وفيه أربعة فصول :

الفصل الأول : في ذكر العيون التي بمكة وبالحرم وما قاربهما.

الفصل الثاني : في ذكر المدارس والأربطة الموقوفة بمكة قديما وحديثا ، وذكر البرك التي بمكة وبالحرم وما قاربهما.

الفصل الثالث : في ذكر الآبار والسقايات التي بالحرم وما قاربهما.

الفصل الرابع : في ذكر الحياض التي بمكة.

الخاتمة : في ذكر مقابر مكة وتعريفها ، ومن دفن فيها من الصحابة والصالحين ، ومعرفة قبر سيدنا عبد الله بن عمر رضي‌الله‌عنهما.

وأتم هذا الكتاب بذكر أمراء مكة من الأشراف وغيرهم ، وذكر الحوادث مما ستقف عليه إن شاء الله.

ومما تقدم نعلم أن المؤلف قد شمل بهذا المؤلف الأحداث التاريخية منذ بناء البيت العتيق إلى تاريخ انتهائه من الكتاب ، فقد لخص ما كتبه الأزرقي وغيره في القرن الثالث الهجري إلى القرن الثالث عشر الهجري وهو قرن المؤلف رحمه‌الله.

١٨

٤ ـ تاريخ تأليف الكتاب :

لم ينص المصنف صراحة على تاريخ بدئه في تأليف كتابه هذا «تحصيل المرام» ولكن يؤخذ من المقدمة أنه ابتدأ تأليفه عام ١٢٨٤ ، حيث قال في مقدمة الكتاب : «وأتممته بذكر أمراء مكة من الأشراف وغيرهم ، طبقة بعد طبقة ، إلى وقتنا هذا وهو سنة ألف ومائتين وأربعة وثمانين».

وفي آخر النسخة الأصل المخطوطة أثبت المؤلف تاريخ انتهائه من الكتاب ، بقوله : «انتهى ما ألفه محمد بن أحمد المالكي التيجاني ، وكان الفراغ من تأليفه سنة عشرين وثلاثمائة وألف للهجرة».

٥ ـ منهج المؤلف في كتابه «تحصيل المرام» :

نهج الصباغ ـ رحمه‌الله ـ في تحصيله منهج النقل عمن سبقه في هذا المجال ، فجمع مادته العلمية من بطون كتب التاريخ الإسلامي التي تناولت مكة المكرمة من جميع جوانبها التاريخية والسياسية والجغرافية ، ولقد أشار في مقدمة كتابه إلى هذه الكتب التي جعلها المادة الرئيسة التي يقوم عليها تحصيله ، بقوله : «وانتخبته من كتب عديدة ، لأئمة كبار ذوي مناقب حميدة ، منها : السيرة النبوية المسماة ب «إنسان العيون» للشيخ علي بن برهان الدين الحلبي. و «شفاء الغرام» ، و «العقد الثمين» للسيد تقي الدين الفاسي مؤرخ مكة ، والمواهب اللدنية للحافظ أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني ، وشرحها للشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني ، والبحر العميق لأبي الضياء محمد بن أحمد بن محمد أبي الضياء المكي العمري القرشي ، والإعلام لأهل بلد الله الحرام للشيخ قطب الدين محمد بن أحمد المكي الحنفي مؤرخ مكة ، و «درر الفرائد» للشيخ عبد القادر الأنصاري الجزيري الحنبلي مؤرخ مكة ، وزبدة الأعمال في فضائل مكة للشيخ سعد الدين الإسفرائيني ، وكتاب مكة للأزرقي ، و «منائح الكرم في أخبار البيت وولاة الحرم» للسنجاري ، و

١٩

«توضيح المناسك» ، وحاشيته لشيخنا الشيخ حسين ـ مفتي المالكية بمكة ـ ابن إبراهيم بن حسين بن محمد بن عامر ، والمغربي أصلا ، وغيرهم من فحول الرجال».

ثم إن المؤلف ـ رحمه‌الله ـ زيّن هذا البحث التاريخي بالنقول القرآنية والحديثية والفقهية ، فينقل عن أهل التفسير ـ كالطبري وابن كثير والبيضاوي والنسفي والجلالين ـ ما يستدل به على موضوعه ، وينقل عن أهل الحديث ، كالبخاري ومسلم ومالك وأصحاب السنن والمسانيد والمعاجم النور الذي ظهر من مشكاة النبوة ، وينقل عن أهل الفقه كأبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وغيرهم من الفقهاء ممن تكلم في المناسك وما يتعلق بها ، فلم يدع مصدرا أو مرجعا يستفاد منه في هذه السبيل إلا وجعل لكتاب التحصيل منه نصيب ، ومما يدلك على ذلك كثرة المصادر والمراجع التي أثبتها وعزا إليها في طيات كتابه (١).

وهو ـ رحمه‌الله ـ ينقل النصوص من المصادر والمراجع أحيانا مطابقة ، وأحيانا بتصرف.

٦ ـ منهج المؤلف في نقل الآثار :

من خلال النظر في ثنايا التحصيل يظهر لك ما عليه المؤلف من المعرفة في الصنعة الحديثية ، فقد جمع أدلته من كتب الصحاح ومن السنن ومن المسانيد ومن المعاجم الحديثية. فيورد المؤلف ـ رحمه‌الله ـ الحديث مع العزو إلى مصدره في الغالب.

مثال ذلك قول المؤلف : وفي البخاري عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما : «لما أتى إبراهيم عليه‌السلام من الشام لزيارة ولده بمكة إسماعيل فسأل

__________________

(١) انظر موارد الصباغ في كتابه هذا «التحصيل» ص : ٢٦.

٢٠