شرح زيارة الغدير

السيّد عبدالمطلب الموسوي الخرسان

شرح زيارة الغدير

المؤلف:

السيّد عبدالمطلب الموسوي الخرسان


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: باقيات
المطبعة: وفا
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-6168-69-5
الصفحات: ٤٦٤

في رحاب الغدير

يحسن بنا ـ بعد نقل ما حدث يوم الغدير ـ أن نلقي نظرة فاحصة على ما جرى في ذلك اليوم الأغر ، وأن ندرس بدقة كلَّ ما دار فيه ، بدءاً بالإنذار بعدم تبليغ الرسالة ، ومروراً بالخطبة ـ بكل ما حملته من معان بعيدة المرمى ـ وما أنشده حسان بن ثابت من شعر ، ونزول الآية مبشرة بإكمال الدين ، والبيعة التي أعقبت كلَّ ذلك ، وانتهاءً بنزول العذاب على من أنكر الولاية.

هذه الأمور تستدعي الوقوف عندها ، والحديث عنها مفصَّلاً ، ودراستها بدقة ، ولكن طبيعة بحثنا تقتضي أن نقتصر على التعليق عليها باقتضاب ، لأنَّ التوسع فيها يقتضي وضع كتاب مستقل ، لذا نوجز القول عنها في نقاط :

ـ ١ ـ

إنَّ الإنذار الذي حملته الآية الكريمة : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)، يدل على أنَّ ما أمر الله تعالى بتبليغه ضرورة من ضرورات الدين الحنيف ، فالرسالة التي ضحّى الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكل ما يملكه من أجلها ، منذ بعثته وحتى دنو أجله ، فإنَّ أتعابه طيلة هذه المدة ، وما تحمَّله من أذىً في سبيلها ستذهب سدىً إذا لم يبلّغ هذا الأمر ، وكأنّه لم يفعل شيئاً ، إذ سيبقى التبليغ غير تام ـ كما يفهم من الآية الكريمة ـ وهذا يبيِّن لنا ـ بوضوح ـ أن الولاية امتداد للنبوة ، ومكمِّلة لها في توضيح الأحكام وتبليغها ، وهي أصل من أصول العقيدة ، تتوقف عليها صحة الإيمان.

٢١

ـ ٢ ـ

بدأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطبته بحمد الله تعالى ، والثناء عليه ، ثمَّ جدَّد الإقرار بالشهادتين أمام ذلك الجمع الغفير ، وهو يُنْبِؤهم بدنو أجله ، وإنَّه سيرحل عنهم قريباً للقاء الله عزوجل ، ثمَّ أعاد إلى الأذهان أنَّه مسئول ، وأنَّهم مسئولون أمام الله تعالى ، مذكراً إيّاهم ما تحمَّله من مسؤولية تبليغ الرسالة وتطبيقها ، وما تحمَّلوه من مسؤولية الإيمان بها ، والعمل بأحكامها ، فهي أمانة يُسأل الجميع عن أدائها أمام الله تعالى ، كلٌّ بحسب تكليفه.

ثمَّ سألهم عن دوره ، وأدائه للرسالة : ماذا أنتم قائلون؟ فشهدوا له بالتبليغ ، والنصح ، وبذل الجهد ، وجَزَّوه خيراً ، وفي ذلك ما لا يخفى من إقرارهم بالمسؤولية ، وتحمّل الأمانة ، وقيام الحجة عليهم بعد إقرارهم بالتبليغ.

ثمَّ أتبع ذلك بأخذ الإقرار منهم بأصول العقيدة ، تأكيداً لما أقروا به ، فابتدأ بالإقرار بالشهادتين ، ثمَّ الإقرار بالمعاد ، بعد الإقرار بأنَّ الموت والجنة والنار حق ، فأقروا له بذلك ، وقد جدَّد البيعة والإقرار ، ليقرنها ببيعة جديدة ، مكمَّلة لما أقرّوا به من أصول ، وذكَّرهم بالمعاد ، والحساب ، ليعيد إلى أذهانهم أنَّ الوفاء بما أعطوه من عهود ، وما أقرّوا به ، يؤول حسابه إلى الله عزوجل يوم الجزاء ، لذا نراه يبرم هذا العهد والميثاق الذي أقرّوا به مذعنين بإشهاد الله تعالى عليهم.

ثمَّ قال : ألا تسمعون؟. وهذا التنبيه فيه المزيد من إلفات النظر ، وتوجيه السامع للإصغاء ، إذ يفهم من هذا التنبيه أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد وصل إلى هدفه من الخطبة ، وهو ما اُمر به من تبليغ الولاية.

ـ ٣ ـ

أمرهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالتمسك بالثقلين ، وأخبرهم أنَّهما لن يفترقا حتى يردا عليه

٢٢

الحوض يوم القيامة ، وأنَّ التمسك بهما يعصم من الضلال ، وأمرهم بعدم التقدم عليهما ، أو التأخر عنهما ، لأنَّ ذلك ـ على حدٍّ سواء ـ يؤدي إلى الهلاك ، وهذا يستفاد منه أمور عديدة :

منها : أنَّ الكتاب والعترة باقيان ما بقي الدهر ، إلى أن يردا عليه الحوض يوم القيامة ، وهذا يقتضي وجود إمام قائم بالأمر من العترة الطاهرة عليهم‌السلام في كل زمان.

ومنها : أنَّ المرجع من بعده في أمور الدين والدنيا : الكتاب العزيز ، والعترة الطاهرة ؛ لأنَّ العترة هم خزنة علم الكتاب ، وتراجمة الوحي الذين يجب الرجوع إليهم في فهم الكتاب العزيز وتفسيره.

ومنها : أنَّ العترة الطاهرة لمّا كانوا ملازمين للكتاب العزيز الذي (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ (١))، فهم معصومون بمقتضى هذا الحديث الشريف الذي أخبر بملازمتهم له ، ولأنَّ من لا عصمة له ، لا يعصم من الضلال لأنَّ فاقد الشي لا يعطيه.

والإمام علي عليه‌السلام سيد العترة الطاهرة ، وأبوهم ، وكل ما يستفاد من الحديث ينطبق عليه أوَّلاً ، لذا كان تمهيد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحديث الثقلين مناسباً لتنصيبه للولاية العامة في خطبة الغدير.

ـ ٤ ـ

ناشد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك الحشد من المسلمين : مَن أَولى بكم من أنفسكم؟. فقالوا : الله ورسوله أعلم ، وبعد هذه المناشدة ، أعلمهم بأنَّ الله عزوجل هو مولاه ، وأنَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولى المسلمين ، وهو أولى بهم من أنفسهم ، ثمَّ قال : «فمن كنت مولاه فعلي مولاه» ، ليلفت أنظارهم إلى أنَّ ولاية الإمام علي عليه‌السلام هي عين ولايته ،

__________________

(١) فصلت : ٤٢.

٢٣

ومتفرغة عنها ، وامتداد لها ، لا تختلف عنها بشي ، فكل ما اختص به الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ولاية الأمر ، يخلفه عليه الإمام علي عليه‌السلام من بعده.

ثمَّ رَفْعُهُ لعليِّ عليه‌السلام علماً فيه المزيد من التنبيه ، والدفع لأي التباس في الأمر ، فقد أعذر إليهم في التبليغ : إذ رفعه لهم ، ليعلم الجميع : أنَّ الذي رفعه لهم علماً ، وأعلن لهم ولايته ، هو وليّهم من بعده ، وهو أولى بهم من أنفسهم ، وكرر القول : «فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه» ليُسْمِع كلَّ من حضر ، وليعلم الجميع أنَّ ذلك أمر مؤكد ليس فيه تردد.

ـ ٥ ـ

دعاء النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي ختم به خطبته بعد إعلانه ولاية الإمام علي عليه‌السلام ، جاء متضمناً ما يُبيِّن نوع الولاية التي أعلنها ، وإذا كان للمولى في اللغة معان متعددة ، فإنَّ هذا الدعاء قرينة ـ تضاف إلى غيرها من قرائن ـ تعيِّن معنى هذه الولاية ، وتحدِّده ، وتبين أنَّها الولاية العامةت دون سواها ، فالموالاة ، والحب ، والنصرة ، وعدم العداء ، وعدم البغض ، وعدم الخذلان ، وملازمة الحق ، التي تضمَّنها الدعاء ، كلّها من لوازم ولاية الأمر إذ لا تقوم الولاية بدونها.

أمّا الدعاء : «وأدر الحق معه حيث دار» ففيه ملازمة الإمام علي عليه‌السلام للحق ، وذلك دليل آخر على عصمته ، ويضفي على هذه الولاية قدسية تؤكد كونها من أصول ال عقيدة.

ـ ٦ ـ

تظهر أهمية هذه الولاية بجلاء بنزول الوحي ـ بعد إعلانها ـ بالآية الكريمة : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (١))،

__________________

(١) المائدة : ٣.

٢٤

فقد حملت هذه الآية الكريمة للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وللمسلمين بشارة عظيمة من الباري عزوجل بإكمال الدين ، وإتمام النعمة بهذه الولاية ، لذا نراه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبادر إلى شكر هذه النعمة العظيمة : بالتكبير ، والحمد لله عزوجل لرضاه برسالته ، والولاية لعلي عليه‌السلام من بعده.

والآية الكريمة نصَّت على أنَّ الدين كمل بالولاية ، فهي دليل آخر على أنَّ هذه الولاية أصلٌ من أصول الدين ، يضاف إلى ما دلَّ عليه كونها امتداد للنبوة ، وكونها عصمة من الضلال.

ـ ٧ ـ

إنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر المسلمين بأن يبلّغ الشاهد منهم الغائب ، وهذا يدل على أنَّ هذه الولاية فرضٌ يجب على كلِّ مسلم التمسك به ، ثمَّ إبلاغَه لمن لم يعلم به امتثالاً لأمره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي هو أمر الله تعالى ؛ لذا فهي ملزمة لجميع المسلمين ، سواء في ذلك من حضر ذلك الموقف ، أو لم يحضره ، ومن كان موجوداً في ذلك العهد ، أو من يأتي في الأجيال المتعاقبة بعده ، فهي ملزمة لكلِّ مسلم يبلغه أمرها مدى الدهر ، لا تختلف في ذلك عن سائر الفرائض.

ـ ٨ ـ

إنَّ شعر حسان بن ثابت الذي ألقاه على أجلة الصحابة ، وعِليَة القوم ، ووفود الأمصار ، وبمشهد ومسمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل بإذن منه ، وإقرار ، جاء موضحاً الهدف الذي من أجله جمع الناس ، وهو تنصيب إمام للأمة ، ووليٍّ لها من بعده ، وقد فهم حسان ذلك ، ووعاه ، فقال على لسان الرسول المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

فقال له : قم يا علي فإنَّني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا

٢٥

وقد أقره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على هذا القول ، كما أقره على كل ما جاء في شعره ، إذ قال له ـ بعد ما انتهى من إنشاده ـ : «ما تزال يا حسان مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك (١)».

ـ ٩ ـ

الظروف التي خطب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها خطبته تلك ، حيث جمع الناس عند الظهيرة ، وتحت وطأة الشمس ، وعلى تلك الأرض الملتهبة بأشعتها ، ثمَّ يأمر السابقين بالرجوع ، والمتأخرين بأن يلحقوا ، ليحضر الجميع ويسمعوا ، ثمَّ أمرهم أن يبلّغوا ما سمعوا منه من لم يحضر ذلك الاجتماع ، كل ذلك يُبيِّن لنا أهمية ما اُمر بتبليغه ، وإذا أضفنا إلى ما تقدم أنَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلَمَ الناس بدنو أجله ، وأنَّ الخطبة كانت قبل وفاته بشهرين وعدة أيام ، اتضح لنا مراده منها.

والذي يفهم من كلِّ هذه الإمارات ، أنَّه كان يتخذ من ذلك الاجتماع الحاشد فرصة ، ليعهد عهده بإعلان من يخلفه لقيادة هذه المسيرة التي بدأها ، وقام بقيادتها خير قيام ، لذا نراه يبدأ بالإقرار بأصول العقيدة ، ثمَّ يأخذ الإقرار منهم بذلك ، ويذكرهم الحساب ، والجنة ، والنار ، والمسؤولية أمام الحكم العدل ، وليس أمام الإنسان وهو يودع أودّاءه ، وأصحابه ، وأتباعه ، وهو يعلم أنَّ هذا اللقاء هو اللقاء الأخير ا لذي لا اجتماع مثله في هذه الدنيا إلّا أن يعهد عهده.

ـ ١٠ ـ

كانت البيعة للإمام علي عليه‌السلام خاتمة ما حدث يوم الغدير ، وقد بدأها عمر بن الخطاب ، حيث تقدم إيه قائلاً : «بخ .. بخ لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت

__________________

(١) الغدير ٢ / ٣٤.

٢٦

مولاي ، ومولى كل مؤمن ومؤمنة» وقد توالى المسلمون الذين حضروا على أداء البيعة بأجمعهم ، كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الذي أجلس الإمام علياً عليه‌السلام ، وأمر المسلمين جميعاً بأداء البيعة له ، وهذه البيعة خير شاهد وإمارة لإرادة الخلافة من هذه الولاية التي اُعلنت يوم الغدير ، وإن لم تكن كذلك ، فما معنى أخذ البيعة؟ وهل يحتاج الأمر بالحب ، أو الإخبار بأنَّه الناصر ـ كما فسر به الولاية بعضهم (١) ـ إلى بيعة يبرمها المحب لمن أمر بحبِّه؟!.

حاشا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يشغل نفسه ، ويأخذ من وقت الناس ويؤخرهم عن المسير ، ويجمعهم في مثل تلك الظروف ، لمثل هذا الموضوع المعلوم ضرورة بأية المودة ، بل إنّه عمل ذلك لحكمة إلهية وأمر خطير ، لا أظن أنَّه خفي ـ مع كثرة قرائنه ـ على ما ادّعى ذلك تعصّباً.

ـ ١١ ـ

إنَّ نزول العذاب على الحرث بن النعمان الفهري لإنكاره على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر الولاية ، بعد علمه بأنَّها من الله عزوجل ، وطلبه نزول العذاب عليه ، ونزول الآيات الكريمة بذلك ، يؤكّد لنا أنَّ هذا الفرض الذي بلغ به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أسس الإسلام ، وأركان العقيدة ، وأنَّ الراد لهذا الفرض راد على الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبذلك استحق الحرث العقاب عاجلاً ، والله تعالى أعلمُ بما سيواجه في الآخرة من حساب عسير ، وعذاب شديد.

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ٤٣.

٢٧
٢٨

سند زيارة الغدير

نقلتً نصَّ زيارة الغدير من كتاب مفاتيح الجنان ، ثمَّ قمت بمطابقته مع رواية بحار الأنوار ، فظهر لي أنَّ الروايتين متطابقتان إلّا في مورد واحد سأذكره في محله ، ثمَّ قمت بمطابقته مع رواية المزار الكبير للشيخ محمد بن المشهدي ، ورواية المزار للشهيد الثاني ، فظهر لي وجود اختلافات يسيرة في كلٍّ من هاتين الروايتين مع الروايتين السالفتي الذكر ، سأشير إليها في محلها من الزيارة.

السند :

أورد الشيخ محمد بن المشهدي (١) سند الزيارة في كتابه : المزار الكبير ، أمّا المصادر الاُخرى التي مر ذكرها فقد روت الزيارة ، ولم تذكر سندها ، ولننقل السند كما جاء في المزار الكبير (٢) :

وأخبرني الفقيه الأجل أبو الفضل شاذان بن جبرئيل القمي رضي الله عنه (٣) ،

__________________

(١) الشيخ محمد بن جعفر المشهدي : قال الحر العاملي : كان فاضلاً ، صدوقاً ، له كتب يروي عن شاذان بن جبرئيل. أمل الآمل ٢ / ٢٥٣ (٧٤٧) ، معجم رجال الحديث ١٦ / ١٨٨ (١٠٤٣٤).

(٢) المزار الكبير ٢٦٣.

(٣) الشيخ الجليل الثقة أبو الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمي : قال الحر العاملي : كان عالماً ، فاضلاً ، فقيهاً ، عظيم الشأن ، جليل القدر ، أمل الآمل ٢ / ١٣٠ (٣٤٦) ، معجم رجال الحديث ١٠ / ٩ (٥٦٧٩).

٢٩

عن الفقيه العماد محمد بن أبي القاسم الطبري (١) ، عن أبي علي (٢) ، عن والده (٣) ، عن محمد بن محمد بن النعمان (٤) ، عن أبي القاسم جعفر بن قولويه (٥) ، عن محمد ابن يعقوب الكليني (٦) ، عن علي بن

__________________

(١) الشيخ الإمام عماد الدين أبو جعفر محمد بن أبي القاسم بن محمد بن علي الطبري الآملي الكجي : قال الحر العاملي : فقيه ، ثقة ، قرأ على الشيخ أبي علي بن الشيخ أبي جعفر الطوسي ، أمل الآمل ٢ / ٢٣٤ (٦٩٨) معجم رجال الحديث ١٥ / ٣٠٧ (١٠٠٤٩).

(٢) الشيخ أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن علي الطوسي : قال الحر العاملي ، كان عالماً ، فاضلاً ، فقيهاً ، محدثاً ، ثقة ، وقال الشيخ منتجب الدين عند ذكره ، فقيه ، ثقة ، عين ، قرأ على والده جميع تصانيفه ، أمل الآمل ٢ / ٧٦ (٢٠٨) ، معجم رجال الحديث ٦ / ١٢٢ (٣١٠٣).

(٣) شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠) ، قال النجاشي : جليل في أصحابنا ، ثقة عين ، رجال النجاشي ٤٠٣ (١٠٦٨) ، معجم رجال الحديث ١٦ / ٢٥٧ (١٠٥٢٦).

(٤) قال النجاشي : محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير ... شيخنا ، واُستاذنا رضي الله عنه ، فضله أشهر من أن يوصف في الفقه ، والكلام ، والرواية ، والثقة ، والعلم ، وقال الحر العاملي : محمد بن محمد بن النعمان ، يكنى أبا عبد الله ، يلقب بالمفيد ، ويعرف بابن المعلم ، من أجل مشايخ الشيعة ، ورئيسهم ، واُستاذهم ، وفضله أشهر من أن يوصف ، أوثق أهل زمانه ، رجال النجاشي ٣٩٩ (١٠٦٧) ، أمل الآمل ٢ / ٣٠٤ (٩٢١) ، معجم رجال الحديث ١٨ / ٢١٣ (١١٧٤٤).

(٥) جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه ، أبو القاسم : قال النجاشي : وكان أبو القاسم من ثقات أصحابنا ، وأجلّائهم في الحديث ، والفقه ، وقال : وكل ما يوصف به الناس من جميل ، وثقة ، فهو فوقه ، وهكذا نص عليه الحر العاملي ، رجال النجاشي ١٢٣ (٣١٨) ، أمل الآمل ٢ / ٥٥ (١٤٣) ، معجم رجال الحديث ٥ / ٧٦ (٢٢٦٣).

(٦) محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكليني : قال النجاشي : شيخ أصحابنا في وقته بالري ، ووجههم ، وكان أوثق الناس في الحديث ، وأثبتهم ، رجال النجاشي ٣٧٧ (١٠٢٦) ، معجم رجال الحديث ١٩ / ٥٤ (١٢٠٦٧).

٣٠

إبراهيم (١) ، عن أبيه (٢) ، عن أبي القاسم بن روح (٣) ، وعثمان بن سعيد العمري (٤) ، عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري ، عن أبيه صلوات الله عليهما ، وذكر أنَّه عليه‌السلام زار بها في يوم الغدير في السنة التي أشخصه المعتصم.

وقد أورد السيد عبد الكريم بن طاووس (٥) سند الزيارة في كتابه : فرحة الغري عن محمد بن جعفر المشهدي ، ولم يرو الزيارة بكاملها ، وهذا نص

__________________

(١) قال النجاشي : علي بن إبراهيم بن هاشم ، أبو الحسن القمي ، ثقة في الحديث ، ثبت ، معتمد ، صحيح المذهب ، رجال النجاشي ٢٦٠ (٦٨٠) ، معجم رجال الحديث ١٢ / ٢١٢ (٧٨٣٠).

(٢) قال النجاشي : إبراهيم بن هاشم ، أبو إسحاق الثمي ، أصله كوفي ، إنتقل إلى قم ، وقال السيد الخوئي قدس سره : أقول : لا ينبغي الشك في وثاقة إبراهيم بن هاشم ـ وساق عدداً من الأدلة على وثاقته ، رجال النجاشي ١٦ (١٨) ، معجم رجال الحديث ١ / ٢٨٩ (٣٣٢).

(٣) قال السيد الخوئي : الحسين بن روح النوبختي ، أبو القاسم : هو أحد السفراء والنواب الخاصة للإمام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه ، وشهرة جلالته ، وعظمته ، أغنتنا عن الإطالة في شأنه ، (مات في شعبان سنة ٣٢٦) ، معجم رجال الحديث ٦ / ٢٥٧ (٣٤٠٦).

(٤) قال السيد الخوئي : عثمان بن سعيد العمري : عده الشيخ في رجاله (تارة) في أصحاب الهادي عليه‌السلام ... (واُخرى) في أصحاب العسكري عليه‌السلام ، قائلاً : عثمان بن سعيد العمري الزيات ، ويقال له : السمان ، يكنى : أبا عمرو ، جليل القدر ، ثقة ، وكيله ـ العسكري عليه‌السلام ، وسيأتي عن الشيخ في ترجمة ابنه (محمد بن عثمان بن سعيد) ـ أيضاً ـ أنَّ عثمان بن سعيد وكيل من جهة صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) ، وله منزلة جليلة عند الطائفة ، معجم رجال الحديث ١٢ / ٢٢٠ (٧٦٠٤).

(٥) قال السيد الخوئي : السيد عبد الكريم بن أحمد : قال ابن داود (٩٤٧) من القسم الأول : عبد الكريم بن أحمد بن موسى بن جعفر ... بن طاووس الحسني العلوي : سيدنا الإمام المعظم غياث الدين ، الفقيه ، النسابة ، النحوي ، العروضي ، الزاهد ، العابد ، أبو المظفر ـ قدس الله روحه ، إنتهت رئاسة السادات وذوي النواميس إليه ، وكان أوحد زمانه ، حائري المولد ، حلي المنشأ ، بغدادي التحصيل ، كاظمي الخاتمة ... ولد في شعبان ٦٤٨ ، وتوفي في شوال سنة ٦٩٣ ، معجم رجال الحديث ١١ / ٦٦ (٦٦٢٠) ، أمل الآمل ٢ / ١٥٨ (٤٥٩).

٣١

ما قاله (١) :

أخبرني والدي (٢) وعمّي (٣) رضي الله عنهما ، عن محمد بن نما (٤) ، عن محمد بن جعفر (٥) ، وهو نفس السند السابق إلى أن قال : وذكر أنَّه زار بها في يوم الغدير ، في السنة التي أشخصه فيها المعتصم ، يقف عليه صلوات الله عليه ، ويقول : السلام على رسول الله خاتم النبيين ، وهي تقرب من كراسة ونصف قطع الثمن ، وآخرها : الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، إنَّك حميد مجيد ، ولم نذكرها لئلا يخرج الكتاب من الغرض إلى ذكر الزيارات.

__________________

(١) فرحة الغري ١١٢.

(٢) قال الحر العاملي : السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن جعفر .......... بن طاووس العلوي الحسني : كان عالماً ، فاضلاً ، صالحاً ، زاهداً ، عابداً ، ورعاً ، فقيهاً ، محدثاً ، مدققاً ، ثقة ، ثقة ، أمل الآمل ٢ / ٢٩ (٧٩) ، معجم رجال الحديث ٣ / ١٣٨ (٩٨٤).

(٣) قال الحر العاملي : السيد رضي الدين أبو القاسم ، علي بن موسى بن جعفر ر ... بن طاووس الحسني : حاله في العلم ، والفضل ، والزهد ، والعبادة ، والثقة ، والفقه ، والجلالة ، والورع أشهر من أن يذكر ، أمل الآمل ٢ / ٢٠٥ (٦٢٢) ، معجم رجال الحديث ١٣ / ٢٠٢ (٨٥٤٦).

(٤) قال الحر العاملي : الشيخ نجيب الدين أبو إبراهيم محمد بن نما الحلي ، كان من فضلاء وقته ، وعلماء عصره ، له كتب ، يروي عن ابن إدريس ، ويروي المحقق جعفر بن الحسن الحلي عنه ، أمل الآمل ٢ / ٣١٠ (٩٤٥) ، معجم رجال الحديث ١٨ / ٣٢٣ (١١٩٤٦).

(٥) محمد بن جعفر المشهدي صاحب المزار الكبير.

٣٢

نص

زيارة الغدير

٣٣
٣٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله خاتَمِ النَّبِيِّنَ وَسَيِّدِ المُرْسَلِينَ * وَصَفْوَةِ رَبِّ العالَمِينَ * أَمِينِ الله عَلى وَحْيِهِ وَعَزائِمِ أَمْرِهِ * وَالخاتِمِ لِما سَبَقَ * وَالفاتِحِ لِما اسْتُقْبِلَ * وَالمُهَيْمِنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ وَصَلَواتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ * السَّلامُ عَلى أَنْبِياءِ الله وَرُسُلِهِ وَمَلائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ وَعِبادِهِ الصَّالِحِينَ * السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ * وَسَيِّدَ الوَصِيِّينَ * وَوارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّنَ * وَوَلِيَّ رَبِّ العالَمِينَ * وَمَوْلايَ وَمَوْلى المُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ * السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (١) يا أَمِينَ الله فِي أَرْضِهِ * وَسَفِيرَهُ عَلى خَلْقِهِ * وَحُجَّتَهُ البالِغَةَ عَلى عِبادِهِ * السَّلامُ عَلَيْكَ يا دِينَ الله القَوِيمَ * وَصِراطَهُ المُسْتَقِيمَ * السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَّبَأُ العَظِيمُ الَّذِي هُمْ فِيِهِ مُخْتَلِفُونَ وَعَنْهُ يَسْأَلُونَ * السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ * آمَنْتَ بِالله وَهُمْ مُشْرِكونَ * وَصَدَّقْتَ بِالحَقِّ وَهُمْ مُكَذِّبُونَ * وَجاهَدْتَ وَهُمْ مُحْجِمُونَ (٢) * وَعَبَدْتَ الله مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ صابِراً مُحْتَسِبا حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ * أَلا لَعْنَةُ الله عَلى الظَّالِمِينَ * السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ المُسْلِمِينَ *

__________________

(١) السلام عليك يا أمير المؤمنين (المزار الكبير ٢٦٤).

(٢) مُعجِمُونَ (رواية ثانية في مفاتيح الجنان).

٣٥

وَيَعْسُوبَ المُؤْمِنِينَ وَإِمامِ المُتَّقِينَ * وَقائِدَ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ * أَشْهَدُ أَنَّكَ أَخُو رَسُولِ الله وَوَصِيُّهُ * وَوارِثُ عِلْمِهِ وَأَمِينُهُ عَلى شَرْعِهِ وَخَلِيفَتُهُ فِي اُمَّتِهِ * وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِالله وَصَدَّقَ بِما أُنْزِلَ عَلى نَبِيِّهِ * وَأَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنِ الله ما أَنْزَلَهُ فِيكَ * فَصَدَعَ بِأَمْرِهِ * وَأَوْجَبَ عَلى اُمَّتِهِ فَرْضَ طاعَتِكَ وَوِلايَتِكَ (١) * وَعَقَدَ عَلَيْهِمْ البَيْعَةَ لَكَ * وَجَعَلَكَ أَوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفِسِهِمْ كَما جَعَلَهُ الله كَذلِكَ * ثُمَّ أَشْهَدَ الله تَعالى عَلَيْهِمْ فَقالَ : أَلَسْتُ قَدْ بَلَّغْتُ؟ * فَقالُوا : اللّهُمَّ بَلى * فَقالَ : اللّهُمَّ أَشْهَدْ وَكَفى بِكَ شَهِيداً وَحاكِماً بَيْنَ العِبادِ * فَلَعَنَ الله جاحِدَ وِلايَتِكَ بَعْدَ الإقْرارِ * وَناكِثَ عَهْدِكَ بَعْدَ المِيثاقِ * وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَفَيْتَ (٢) بِعَهْدِ الله تَعالى * (وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّـهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)(٣) * وَأَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ الحَقُّ الَّذِي نَطَقَ بِولايَتِكَ التَّنْزِيلُ * وَأَخَذَ لَكَ العَهْدَ عَلى الاُمَّهِ بِذلِكَ الرَّسُولُ * وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَعَمَّكَ وَأَخاكَ الَّذِينَ تاجَرْتُمْ الله بِنُفُوسِكُمْ فَأَنْزَلَ الله فِيكُمْ : (إِنَّ اللَّـهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ فَاسْتَبْشِرُوا

__________________

(١) فرض ولايتك (المزار الكبير ٢٦٥).

(٢) أوفيت (المزار الكبير ٢٦٥).

(٣) الفتح : ١٠.

٣٦

بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّـهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(١) * أَشْهَدُ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَنَّ الشَّاكَّ فِيكَ ما آمَنَ بِالرَّسُولِ الاَمِينِ * وَأَنَّ العادِلَ بِكَ غَيْرَكَ عانِدٌ (٢) عَنِ الدِّينِ القَوِيمِ الَّذِي ارْتَضاهُ لَنا رَبُّ العالَمِينَ * وَأَكْمَلَهُ بِوِلايَتِكَ يَوْمَ الغَدِيرِ * وَأَشْهَدُ أَنَّكَ المَعْنِيُّ بِقَوْلِ العَزِيزِ الرَّحِيمِ : (وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ)(٣) * ضَلَّ وَالله وَأَضَلَّ مِنْ اتَّبَعَ سِواكَ * وَعَنَدَ عَنِ الحَقِّ مَنْ عاداكَ * اللّهُمَّ سَمِعْنا لأمْرِكَ (٤) وَأَطَعْنا وَاتَّبَعْنا صِراطَكَ المُسْتَقِيمَ فَاهْدِنا رَبَّنا وَلاتُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا (٥) إِلى طاعَتِكَ * وَاجْعَلْنا مِنَ الشَّاكِرِينَ لاَنْعُمِكَ * وَأَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَزَلْ لِلْهَوى مُخالِفاً * وَلِلْتُقى مُحالِفاً * وَعَلى كَظْمِ الغَيْظِ قادِراً * وَعَنِ النَّاسِ عافِياً غافِراً * وَإِذا عُصيَ الله ساخِطاً * وَإِذا اُطِيعَ الله راضِياً * وَبِما عَهِدَ إِلَيْكَ عامِلاً راعِياً * لِما اسْتُحْفِظْتَ * حافِظاً لِما اسْتُودِعْتَ * مُبَلِّغاً ما حُمِّلْتَ * مُنْتَظِراً ما وُعِدْتَ * وَأَشْهَدُ أَنَّكَ ما اتَّقَيْتَ ضارِعاً * وَلا أَمْسَكْتَ عَنْ حَقِّكَ جازِعاً * وَلا

__________________

(١) التوبة ٩ : ١١١ ـ ١١٢.

(٢) عادل (رواية أخرى في مفاتيح الجنان ، المزار ٦٩).

(٣) الأنعام : ١٥٣.

(٤) وأطعنا (المزار الكبير ٢٦٦ ، المزار ٧٠).

(٥) ولا تزغ قلوبنا بعد الهدى عن طاعتك (المزار الكبير ٢٦٦).

٣٧

أَحْجَمْتَ عَنْ مُجاهَدَةِ غاصِبِيكَ (١) ناكِلاً * وَلا أَظْهَرْتَ الرِّضى بِخِلافِ ما يُرْضِي الله مُداهِناً * وَلا وَهَنْتَ لِما أَصابَكَ فِي سَبِيلِ الله * وَلا ضَعُفْتَ وَلا اسْتَكَنْتَ عَنْ طَلَبِ حَقِّكَ مُراقِباً * مَعاذَ الله أَنْ تَكُونَ كَذلِكَ بَلْ إِذْ ظُلِمْتَ احْتَسَبْتَ رَبَّكَ * وَفَوَّضْتَ إِلَيْهِ أَمْرَكَ * وَذَكَّرْتَهُمْ فَما ادَّكَرُوا (٢) وَوَعَظْتَهُمْ فَما اتَّعَظُوا * وَخَوَّفْتَهُمُ الله فَما تَخَوَّفُوا (٣) * وَأَشْهَدُ أَنَّكَ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ جاهَدْتَ فِي الله حَقَّ جِهادِهِ حَتّى دَعاكَ الله إِلى جِوارِهِ * وَقَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاْخِتيارِهِ * وَأَلْزَمَ أَعْدائكَ الحُجَّةَ بِقَتْلِهِمْ إِيَّاكَ لِتَكُونَ الحُجَّةُ لَكَ عَلَيْهِمْ مَعَ مالَكَ مِنَ الحُجَجِ البالِغَةِ عَلى جَمِيعِ خَلْقِهِ * السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ * عَبَدْتَ الله مُخْلِصاً * وَجاهَدْتَ فِي الله صابِراً * وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ مُحْتَسِباً * وَعَمِلْتَ بِكِتابِهِ * وَاتَّبَعْتَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ * وَأَقَمْتَ الصَّلاةَ * وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ * وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ ما اسْتَطَعْتَ * مُبْتَغِياً (٤) ما عِنْدَ الله * راغِباً فِيما وَعَدَ الله * لا تَحْفِلُ بِالنَّوائِبِ * وَلاتَهِنُ عِنْدَ الشَّدائِدِ * وَلا تَحْجُمُ عَنْ مُحارِبٍ أَفِكَ مَنْ نَسَبَ غَيْرَ ذلِكَ إِلَيْكَ * وَافْتَرى باطِلاً عَلَيْكَ * وَأَوْلى لِمَنْ عَنَدَ عَنْكَ * لَقَدْ جاهَدْتَ فِي الله حَقَّ الجِهادِ * وَصَبَرْتَ عَلى الأذى صَبْرَ احْتِسابٍ * وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِالله وَصَلّى لَهُ وَجاهَدَ وَأَبْدى

__________________

(١) عاصيك (المزار الكبير ٢٦٧ ، بحار الأنوار ٩٧ / ٢٦١).

(٢) ذكروا (المزار الكبير ٢٦٧).

(٣) فلم يخافوا (المزار ٧٠).

(٤) مرضاة ما عند الله (المزار الكبير ٢٦٨).

٣٨

صَفْحَتَهُ فِي دارِ الشِّرْكِ * وَالأَرضُ مَشْحُونَةٌ ضَلالَةً * وَالشَّيْطانُ يُعْبَدُ جَهْرَةً * وَأَنْتَ القائِلُ : لاتَزِيدُنِي كَثْرَةُ النَّاسِ حَوْلِي عِزَّةً * وَلا تَفَرُّقَهُمْ عَنِّي وَحْشَةً * وَلَوْ أَسْلَمَنِي النَّاسُ جَميعاً لَمْ أَكُنْ مُتَضَرِّعاً * إعْتَصَمْتَ بِالله فَعَزَزْتَ * وَآثَرْتَ الآخِرَةِ عَلى الاُولى فَزَهِدْتَ وَأَيَّدَكَ الله وَهَداكَ وَأَخْلَصَكَ وَاجْتَباكَ * فَما تَناقَضَتْ أَفْعالُكَ * وَلا اخْتَلَفَتْ أَقْوالُكَ * وَلاتَقَلَّبَتْ أَحْوالُكَ * وَلا ادَّعَيْتَ وَلا افْتَرَيْتَ عَلى الله كَذِباً * وَلا شَرِهْتَ إِلى الحُطامِ * وَلا دَنَّسَكَ الآثامُ * وَلَمْ تَزَلْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَيَقِينٍ مِنْ أَمْرِكَ تَهْدِي إِلى الحَقِّ وَإِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ * أَشْهَدُ شَهادَةَ حَقٍّ * وَأُقْسِمُ بِالله قَسَمَ صِدْقٍ أَنَّ مُحَمَّداً وَآلَهُ صَلَواتُ الله عَلَيْهِمْ ساداتُ الخَلْقِ * وَأَنَّكَ مَوْلايَ وَمَولى المُؤْمِنِينَ * وَأَنَّكَ عَبْدُ اللهِ وَوَلِيُّهِ وَأَخُو الرَّسُولِ وَوَصِيُّهِ وَوارِثُهِ * وَأَنَّهُ القائِلُ لَكَ : وَالَّذي بَعَثَنِي بِالحَقِّ ما آمَنَ بِي مَنْ كَفَرَ بِكَ * وَلا أَقَرَّ بِالله مَنْ جَحَدَكَ * وَقَدْ ضَلَّ مَنْ صَدَّ عَنْكَ وَلَمْ يَهْتَدِ إِلى الله وَلا إِلى مَنْ لا يَهْتَدِي بِكَ * وَهُوَ قَوْلُ رَبِّي عزوجل : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ) إِلى وَلايَتِكَ * مَوْلايَ فَضْلُكَ لا يَخْفى وَنُورُكَ لا يُطْفأ * وَأَنَّ مَنْ جَحَدَكَ الظَّلُومُ الأشْقى * مَوْلايَ أَنْتَ الحُجَّةُ عَلى العِبادِ * وَالهادِي إِلى الرَّشادِ * وَالعُدَّةُ لِلْمَعادِ * مَوْلايَ لَقَدْ رَفَعَ الله فِي الاُولى مَنْزِلَتَكَ * وَأَعْلى فِي الآخِرةِ دَرَجَتَكَ * وَبَصَّرَكَ ما عَمِيَ عَلى مَنْ خالَفَكَ * وَحالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مواهِبِ الله لَكَ * فَلَعَنَ الله مُسْتَحِلِّي الحُرْمَةِ مِنْكَ وَذائِدِي الحَقِّ عَنْكَ *

٣٩

وَأَشْهَدُ أَنَّهُمْ الاَخْسَرُونَ الَّذِينَ (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ)(١) وَأَشْهَدُ أَنَّكَ ماأَقْدَمْتَ وَلاأَحْجَمْتَ وَلانَطَقْتَ وَلاأَمْسَكْتَ إِلاّ بِأَمْرٍ مِنَ الله وَرَسُولِهِ * قُلْتَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ نَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ أَضْرِبُ بِالسَّيْفِ قُدُماً (٢) فَقالَ : ياعَلِيُّ أَنْتَ مِنِّي (٣) بِمَنْزِلَةِ هارونَ مِنْ مُوسى إِلاّ أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي * وَأُعْلِمُكَ أَنَّ مَوْتَكَ وَحَياتَكَ مَعِي وَعَلى سُنَّتِي * فَوَالله ماكَذِبْتُ وَلا كُذِّبْتُ * وَلا ضَلَلْتُ وَلا ضُلَّ بِي * وَلا نَسِيتُ ما عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي * وَإِنِّي لَعَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي بَيَّنَها لِنَبِيِّهِ * وَبَيَّنَها النَّبِيُّ لِي * وَإِنِّي لَعَلى الطَّرِيقِ الواضِحِ أَلْفُظُهُ لَفْظاً * صَدَقْتَ وَالله جَلَّ وَقُلْتَ الحَقَّ * فَلَعَنَ الله مَنْ ساواكَ بِمَنْ ناواكَ * وَالله جَلَّ اسْمُهُ يَقُولُ : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)(٤) * فَلَعَنَ الله مَنْ عَدَلَ بِكَ مَنْ فَرَضَ الله عَلَيْهِ وَلايَتَكَ وَأَنْتَ وَلُيُّ الله وَأَخُو رَسُولِهِ * وَالذَّابُّ عَنْ دِينِهِ * وَالَّذِي نَطَقَ القُرْآنُ بِتَفْضِيلِهِ * قالَ الله تَعالى : (وَفَضَّلَ اللَّـهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)(٥) * وَقالَ اللهُ تَعالى : (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ

__________________

(١) المؤمنون : ١٠٤.

(٢) أضرب قدّامه بسيفي (المزار الكبير ٢٧٠).

(٣) عندي (المزار الكبير ٢٧٠).

(٤) الزمر : ٣٩ : ٩.

(٥) النساء : ٩٥ ـ ٩٦.

٤٠