شرح زيارة الغدير

السيّد عبدالمطلب الموسوي الخرسان

شرح زيارة الغدير

المؤلف:

السيّد عبدالمطلب الموسوي الخرسان


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: باقيات
المطبعة: وفا
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-6168-69-5
الصفحات: ٤٦٤

فيها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد رواها في خطبة في صفين ، رواها نصر بن مزاحم بهذا النص : «والذي نفسي بيده لنظر إلي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أضرب بين يديه بسيفي هذا ، فقال : لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتى إلّا علي ، فقال لي : يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى» (١) ، والذي يبدو من هذه الرواية أنَّ الحديث صدر في أحد.

وقد روى حديث المنزلة في موارده المختلفة من الصحابة أربعة وأربعون صحابياً (٢) ـ في حدود ما اطلعت عليه ـ رواه عنهم عدد كبير من التابعين ، وتابعوهم في مختلف الطبقات.

وقد روي حديث المنزلة في جميع كتب الصحاح ، والمسانيد ، ومعاجم الحديث ، وكتب التأريخ ، والتفسير ، حتى لا يكاد يخلو كتاب منها من رواية هذا الحديث في مختلف مناسبات صدوره ، وقد أفرد بعضهم فصلاً خاصاً لهذا الحديث جمع فيه ما رواه من طرق روايته المختلفة عن الصحابة.

وللحديث دلالة واضحة على استخلاف الإمام علي عليه‌السلام (٣) ، وولايته العامة ، فهو يثبت له كل ما لهارون عليه‌السلام من موسى عليه‌السلام ، ولا يستثني سوى النبوة.

ولا شك أنَّ هارون عليه‌السلام كان خليفة موسى عليه‌السلام عند غيابه ، وأنَّ ذلك ثابت له لو بقي بعد وفاته ، وبمقتضى هذا الحديث يكون الإمام علي عليه‌السلام خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنَّه أثبت له ما لهارون عليه‌السلام من خصائص ، وما انفك يطبق عليه خصائص هارون كالسماح له بالنوم في المسجد ، والجنب فيه أسوة بهارون عليه‌السلام.

__________________

(١) راجع ص ٤٨ من كتاب حديث المنزلة للمؤلف.

(٢) راجع ص ٥٧ من كتاب حديث المنزلة للمؤلف.

(٣) راجع ص ٦٣ من كتاب حديث المنزلة للمؤلف.

٢٤١

الثبات على السنة :

عاش الإمام علي عليه‌السلام شطراً من حياته مع الرسول المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تكفله طفلاً ، فنشأ ، وترعرع في كنفه ، وتلقى تربيته ، وعطفه ، وحنانه ، وانطبع بسلوكه ، فكان مثله الأعلى الذي يقتدي به في جميع شؤون حياته ، لم تفارق سيرته سنته ، ولم يفارق هدي النبوة ، وهو الذي تحمل أعباء الدعوة معه في حياته ، فكان المكافح الأول من أجل إعلاء كلمة الله تعالى في الأرض ، ولم يزل يتحمل أعباءها بعد وفاته ليواصل مسيرتها الظافرة.

كانت حياته جهاداً متواصلاً من أجل اتباع الكتاب والسنة ، وتطبيق أحكامها ، حتى لقي ربه متشحطاً بدمه في محراب مسجد الكوفة ، فكانت حياته مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وموته معه لأنَّه استشهد وهو ملتزمٌ بسنته ، متبعٌ لسيرته ، وقد مر بنا أنَّه في الجنة معه ، يحمل لواءه في المحشر ، وهو من سادات أهل الجنة.

اتهامه بالكذب :

الكذب صفة مبغوضة مستهجنة ، يستقبحها ذوو الألباب من جميع البشر على اختلاف معتقداتهم ومشاربهم ، لما فيها من الإخبار بالشي على خلاف حقيقته ، وقد حرَّمها الدين الإسلامي الحنيف ، واعتبرها من كبائر الذنوب ، التي يمثت الله مرتكبيها.

ومن كان ربيب الصادق الأمين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حاشاه أن يكذب ، وهو الإمام المعصوم ، وأحد الخمسة الذين شهد الذكر الحكيم بإذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم ، ولما كان المقصود بالرجس الذنوب فالكذب من كبائرها ، وارتكابه يتنافى مع ما جاء في فضله من الكتاب العزيز ، والسنة الشريفة.

٢٤٢

ويبدو أنَّ الإمام علياً عليه‌السلام قد تعرض للإتهام بالكذب ، وكان ذلك ـ في الغالب ـ لأغراض سياسية ، تتعلق بما كان يطالب به من حقه بالخلافة ، وما يحتج به من الحديث النبوي الشريف ، أو ما كان ينبيء به أيام خلافته ، مما عهد به إليه الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما أنَّ ما كان يخبر به من اقتصاص الملاحم ، وما يخبر به من الأمور الغيبية ، دفعت البعض إلى اتهامه بالكذب ، ويبدو أنَّ ذلك لم يقتصر على فترة من حياته دون سواها ، بل تكرر ، لذا نرى أنَّ الإمام عليه‌السلام يكرر نفي الكذب عنه في مواطن عديدة :

يقول عليه‌السلام في خطبته القاصعة : «فما وجد ـ أي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لي كذبة في قول» (١).

وقال في خطبة له : «أتراني أكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟! والله لأنا أول من صدقه ، فلا أكون أول من كذب عليه» (٢).

وقال عليه‌السلام : «ولقد بلغني أنَّكم تقولون : علي يكذب ، قاتلكم الله ، فعلى من أكذب؟! أعلى الله ، فأنا أول من آمن به؟! أم على نبيه ، فأنا أول من صدَّقه؟! كلّا والله ...» (٣).

وقوله عليه‌السلام : (ولا كُذبت) بالبناء للمجهول تحدٍّ واضح لمن اتهمه بالكذب ، لما يترتب على ذلك من تكذيب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو الذي (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ)، والتكذيب بما جاء به الذكر الحكيم من طهارته وإذهاب الرجس عنه.

__________________

(١) نهج البلاغة ٢ / ١٥٧.

(٢) نهج البلاغة ١ / ٥٩.

(٣) نهج البلاغة ١ / ١١٩.

٢٤٣

اتهامه بالضلال :

أما الضلال فقد اتهمه به الخوارج بعد قبوله التحكيم في صفين ، فطلبوا منه أن يقر على نفسه بالكفر ، وأن يتوب إلى الله عزوجل ممّا اقترفه من ذنب ، ولو افترضنا أنَّ التحكيم ذنب ـ وليس هو بذنب ـ فقد اقترفه من أجبر الإمام علياً عليه‌السلام على قبوله ، واضطره إليه.

وما دلَّ على بطلان اتهامه بالكذب يدل على بطلان اتهامه بالضلال ، ومن كان مطهراً من الرجس ، ومن كان مع الحق ، فهو بعيد كل البعد عن الضلال ، وقد قضى حياته في محاربة الضلال.

ولقد عهد الرسول المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الإمام علي عليه‌السلام بما اُوحي إليه من أسرار الشريعة الغرّاء ، في أحكامها وآدابها ، وما سيجري لهذه الأمة ، وهو يؤكد أنَّه لم ينس تلك العهود ، بل حفظها ، ورعاها ، وعمل بمقتضاها ، مستنّاً بسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ملتزماً طريقته ، لم يفارق هديه.

والإمام علي عليه‌السلام على بصيرة من أمره في كل خطوة خطاها بعد الرسول المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يتحرّى رضى الله عزوجل بإتباعه الكتاب والسنة ، فقد كان مع الحق في سائر تصرفاته ، وصدق في كل ما ادعاه لنفسه.

٢٤٤

هل يستوي الذين يعلمون

«فلعن الله من ساواك بمن ناواك ، والله جلَّ اسمه يقول : * (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)(١) * فلعن الله من عدل بك من فرض الله عليه ولايتك» :

اللغة : ناواك عاداك ، يقال : ناوأت الرجل ، مناوءة ، ونواءً : عاديته (٢). عَدَلَ (بالفتح) : عدلت فلاناً بفلان : سوّيت بينهما (٣).

مر بنا أنَّ ما يستفاد من النصوص التي وردت في الإمام علي عليه‌السلام من الكتاب والسنة أنَّه أفضل الأمة إيماناً ، وعلماً ، وعملاً ، ولا يفضله في ذلك أحد من هذه الأمة سوى الرسول المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمّا غيره من المسلمين : الصحابة ومن دونهم ، فإنَّه يتقدم عليهم في الفضل إلى درجة كبيرة ، وهذا ما بحثناه في مناسبات عديدة في هذا الكتاب اهتداءً بما نقلناه من النصوص ، والإمام علي عليه‌السلام يؤكد ما ذهبنا إليه حيث يقول في خطبته الشقشقية : «فيا لله وللشورى ، متى اعترض الريب فيَّ مع الأول منهم ، حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر؟!» (٤) ، يضاف إلى ذلك أنَّ

__________________

(١) الزمر ٣٩ : ٩.

(٢) الصحاح.

(٣) الصحاح.

(٤) نهج البلاغة ٣٤.

٢٤٥

المسلمين جميعاً ملزمون بطاعته ، وولايته بموجب نص الغدير ، وغيره من النصوص الدالة على خلافته.

اختلاف المسلمين في التفضيل :

اختلف المسلمون في التفضيل بين الصحابة :

١ ـ مذهب أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم : وهو أنَّ الإمام علياً عليه‌السلام أفضل الخلق بعد الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعبداً بما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة.

ويتفق أغلب علماء المعتزلة مع الشيعة على تفضيله عليه‌السلام ، وقد خالف ذلك بعض علمائهم ، فقالوا بالترتيب بالفضل بينه وبين الخلفاء على حسب ترتيبهم في الخلافة (١) ، واتفق مع الشيعة والمعتزلة على تفضيله المحققون من غيرهم.

٢ ـ مذهب أغلب علماء السنة في التفضيل :

يختلف علماء السنة في التفضيل ، فيرى بعضهم الترتيب بالفضل حسب التسلسل في الخلافة ، بينما يرى آخرون تفضيل أبي بكر ، ثمَّ عمر ، ويساوون بين الإمام علي عليه‌السلام وبين عثمان بالفضل ، ويرى فريق ثالث تفضيله على عثمان بعد تفضيل الشيخين عليه (٢).

نصب العداء للإمام علي عليه‌السلام :

ومن عادى نفس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسيد المؤمنين ، ووليهم فليس من الإسلام في شي ، وهو خارج عن الدين الحنيف ، وقد عادى الله عزوجل ورسوله ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١ / ٧.

(٢) الصواعق المحرقة ٥٧.

٢٤٦

حديث الغدير ـ : «اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه».

ولا مجال للسماوات بين ولي الله وعدوه ، وهذا أمر بيِّن لا يخفى على ذي لب ، يعرفه كل مسلم بالضرورة لشهرته ، وتواتره عن المشرع ، ويعرفه العقل بالبداهة ، فمن ساوى بينه عليه‌السلام وبين أعدائه استحق اللعن لإصراره على الباطل ، وجحده ما أقره الشرع الشريف.

رجوع الصحابة للإمام علي عليه‌السلام :

ينسب للخليل بن أحمد أنَّه أجاب من سأله عن الدليل على تقديم الإمام علي عليه‌السلام للإمامة قائلاً : (استغناؤه عن الكل ، واحتياج الكل إليه ، دليل على أنَّه إمام الكل) (١).

هذه الحقيقة يكشف عنها التأريخ بما نقل من موارد كثيرة لمراجعة الصحابة ، وبشكل أخص الخلفاء للإمام علي عليه‌السلام في كثير ممّا أشكل عليهم ، ولم يهتدوا إلى معرفته من الأحكام الشرعية ، والقضاء ، فكان أبو بكر يرجع إليه كلما أشكل عليه أمرٌ ، أو استعصت عليه مسألة ، وكذلك فعل عمر عندما تولى الخلافة ، وقد اشتهر ذلك عنه ، لأنَّ مدة خلافته كانت أطول ، وله في ذلك كلمات دونتها كتب التاريخ ، منها قوله : (لو لا علي لهلك عمر) (٢) ، وقوله : (لا أبقاني الله لمعضلى ليس لها أبو حسن) (٣) ، وقوله : (أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها) (٤) ... إلى غير ذلك من

__________________

(١) لم أعثر على مصدر لهذا القول مع اشتهاره عن الخليل.

(٢) نظم درر السمطين ١٣٠ ، المناقب ١١ ، ينابيع المودة ٣ / ١٤٧.

(٣) أنساب الأشراف ١٠٠.

(٤) البداية والنهاية ٧ / ٣٩٧.

٢٤٧

العبارات المشابهة (١).

وقد روت كتب التاريخ مراجعات لعثمان ، كما روت إرجاع الصحابة : كعائشة ، وابن مسعود ، وأبو الدرداء ، وغيرهم إليه ، وأخذهم بقوله عند تضارب الأقوال.

كما سجل التاريخ على خصمه اللدود معاوية أنَّه كان يرسل الكتب إلى الكوفة ، إلى من يسأل له الإمام علياً عليه‌السلام عمّا استعصى عليه من مسائل ، ويبعث بالجواب إليه.

سجل التأريخ للإمام علي عليه‌السلام هذا ، وأكثر منه ، ولم يسجل عليه موقفاً واحداً احتاج فيه إلى أن يسأل أحداً في مسألة استعصت عليه ، وجهل الحكم فيها ، كما تحيّر غيره ، وبان جهله ، كما لم يسجل عليه أنَّه أخطأ حكم الكتاب والسنة ، كما أخطأ غيره وخالف ، ولا أصدر أحكاماً يناقض بعضها البعض الآخر في مسألة واحدة ، كما تجدد السؤال عنها ، كما فعل ذلك غيره.

يقول عليه‌السلام : «أين الذين زعموا أنَّهم الراسخون في العلم دوننا ، أن رفعنا الله ، ووضعهم ، وأعطانا ، وحرمهم ، وأدخلنا ، وأخرجهم ، بنا يستعطى الهدى ، ويستجلى العمى ، إنَّ الأئمة من قريش ، غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم» (٢).

والآية الكريمة من الآيات التي فسرت في أهل البيت عليهم‌السلام ، فعن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام في قول الله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ... الآية). قال : «الذين يعلمون» نحن «والذين لا يعلمون» عدونا (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)

__________________

(١) راجع كتاب : (قضاء أمير المؤمنين للتستري) ، وكتاب : (عجائب أحكام أمير المؤمنين للسيد محسن الأمين).

(٢) نهج البلاغة ٢ / ٢٧.

٢٤٨

شيعتنا (١).

وعن ابن عباس في قوله : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ) قال : يعني بـ «الذين يعلمون» : علياً وأهل بيته من بني هاشم ، و «الذين لا يعلمون» : بني أمية ، «وأولوا الألباب» : شيعتهم (٢).

وتقديم العالم على الجاهل ممّا يدل عليه الشرع المقدس ، ويؤيده العقل السليم ، لأنَّ العالم يهدي إلى سبيل الرشاد ، والجاهل يحتاج إلى من يهديه ، ويرشده ، قال عزوجل : (أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)(٣).

التسوية بين علي عليه‌السلام وغيره :

لا مجال للتسوية بين الإمام علي عليه‌السلام وبين غيره ، فهو ولي الأمر الذي نصبه الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر من الله عزوجل ، وهذه الولاية فرض على الأمة شهد بها الذكر الحكيم ، وبلّغها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهي ممّا يُسأل عنه يوم القيامة ، فهي فريضة ملزمة لكل مسلم بدون استثناء ، فالصحابة بما فيهم الخلفاء ، ومن تبعهم على مرّ العصور ، وتتابع الدهور ، ملزمون بهذه الولاية ، لأنَّها من ضروريات الدين التي يُسأل عنها يوم القيامة ، ومن سوّى بين الإمام علي عليه‌السلام ومن فرض الله تعالى طاعته عليه ، فقد رد على الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخالف الكتاب والسنة من حيث يريد ، أو لا يريد ، وهو بذلك يستحق اللعن.

__________________

(١) شواهد التنزيل ٢ / ١٧٥.

(٢) شواهد التنزيل ٢ / ١٧٥.

(٣) يونس ١٠ : ٣٥.

٢٤٩
٢٥٠

فضيلة الجهاد

«وأنت ولي الله ، وأخو الرسول ، والذاب عن دينه ، والذي نطق القرآن بتفضيله ، قال الله تعالى : * (وَفَضَّلَ اللَّـهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)(١)»

اللغة : الذب المنع والدفع (٢).

تحدثت ـ في مواضيع سابقة من هذا الشرح ـ عن كون الإمام علي عليه‌السلام ولي الله تعالى ، وأخو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنَّه المدافع الأول عن الدين الإسلامي الحنيف ، يذبُّ عنه بيده ، وبلسانه ، ويبذل في سبيل ذلك كل ما يملك ، حتى لو كلّفه ذلك حياته.

ومن مختصات الإمام علي عليه‌السلام التي انفرد بها ، من بين أفراد الأمة من الصحابة ، أنَّ القرآن نزل بتفضيله ، والثناء عليه في آيات عديدة ، ولم تشمله أيَّة آية من الآيات التي نزلت في عتاب الصحابة في اُحد ، وحنين ، وغيرهما من مناسبات ، ولم يحظَ غيره بمثل هذا الشرف العظيم ، الذي ناله بما قدّم من تضحيات في سبيل الله عزوجل ، وقد تضمن هذا الشرح بعض تلكم الآيات حسب ما يقتضيه شرح الزيارة.

__________________

(١) النساء : ٩٥ ـ ٩٦.

(٢) الصحاح.

٢٥١

القاعدون عن الجهاد :

وهم أصناف :

الأول : الذين يقعدون عن الجهاد اكتفاءاً بغيرهم ، وذلك عندما يكون الجهاد فرض كفاية ، وقد تقدَّم عدد من المجاهدين يكفي لأداء واجب الجهاد المقدس ، ولا حاجة للمزيد من المجاهدين ، فيسقط فرض الجهاد عنهم ، وهم غير مأثومين ؛ لسقوط الجهاد عنهم ، وعدم الحاجة إليهم.

الثاني : الذين يقعدون عن الجهاد لعذر شرعي من عاهة أو مرض ، أو غير ذلك من الأعذار اليت تعيق الإنسان ، وتمنعه عن الجهاد ، وهؤلاء غير مأثومين ؛ لأنَّ التكليف ساقط عنهم لعدم تمكنهم من الجهاد.

ويستطيع هذان الصنفان أن يشتركا في الجهاد بتقديم الدعم المعنوي أو المادي للمجاهدين ، والعمل على تقوية الجبهة الداخلية لإسناد المجاهدين ، فيتحقق لهم الأجر بذلك.

الثالث : الذين يقعدون عن الجهاد والجيش في حاجة ماسة إليهم ، بدون أي مبرر ، هرباً من القتال ، وإخلاداً للدعة والراحة حتى لو كان البلد في حالة نفير عام ، متعللين بأسباب كاذبة ، وهؤلاء مأثومون لتأخرهم عن الجهاد ، ولتركهم الواجب العيني.

والآية الكريمة تعقد مفاضلة بين المجاهدين والقاعدين الذين يكتفون بغيرهم ، لأنَّهم يشكلون قوة إحتياطية لجيش الإسلام ، يلتحقون به إذا اقتضت الضرورة ، كما يقدمون الدعم للجيش ، يدل على ذلك ما تضمنته الآية الكريمة : (لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّـهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً

٢٥٢

وَكُلًّا وَعَدَ اللَّـهُ الْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ اللَّـهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا). ومن الواضح أن الوعد بالحسنى للقاعدين يكون جزاءاً مترتباً على ما يقدمونه من دعم للمجاهدين ، واستعدادهم للجهاد إذا دعت الحاجة إليهم.

أما أولي الضرر فاستثناؤهم جاء لأنَّ التكليف ساقط عنهم بسبب عجزهم عن الجهاد ، وأمّا المتهربون فهم مأثومون ، لذا لا تصح المفاضلة بينهم وبين المجاهدين أو المعذورين ، والمجاهد أفضل من القاعد المكتفي بغيره ، لمخاطرته بنفسه ، وتحمله من مشقة الجهاد ما لا يخفى ، وصبره على المشقة ، والأذى في سبيل الله ، أمّا القاعد فهو وإن كانت نيته مع المجاهدين ، ويود لو كان قد اشترك معهم في أداء واجب الجهاد المقدس ، وبالفعل يقوم بدعمهم ، ولكنه يعيش ، ويعمل ذلك في محيط خال من الأخطار ، وما يتحمله المجاهدون ، فهو دونهم في الفضل.

والمجاهدون يتفاضلون فيما بينهم كل حسب ما يقدم من جهد ، وما يتحمل من مشقة الجهاد ، فمن حضي بالبذل في سبيل الله أكثر كان أفضل (والأجر على قدر المشقة) ومن هنا تعرف مكانة الإمام علي عليه‌السلام بين المجاهدين ، كان أكثرهم جهاداً ، وأكثرهم مشقة وجهوداً في سبيل إعلاء كلمة الحق ورفع راية الإسلام الحنيف ، وكثيراً ما حسم المعارك لصالح المسلمين ، وقد شهد له بذلك الكتاب العزيز والسنة النبويّة الشريفة ، كما أقرَّ له به المؤمنون ، ونقل التاريخ صوراً رائعة من جهاده ، ومواقفه البطولية التي طالما جاءت بالنصر المؤزر للإسلام ، أو حولت هزيمة المسلمين إلى نصر ماحق لقوى الشرك ، وحولت نصر المشركين إلى هزيمة.

يؤوب من القتال مثخناً بالجراح ، يداوي جراحه فترة من الزمن حتى يبرأ منها ، ثم يستعد للقاء خصوم الإسلام في معركة جديدة ، هذا ما عرفه به الصحابة

٢٥٣

الكرام ، وعهدوه منه ، فحدثوا به الأجيال ، والفضل ، والأجر ، والدرجات الرفيعة ، والرحمة الإلهية التي أعدها الله عزوجل لمن أخلص من عباده ، ولا يعرف كنهها غيره ، ولا شك أنَّها تتناسب وما قدمه من جهاد ، كما تقرره الآية الكريمة الثانية التي فصَّلت ما أجملته الآية السابقة لها ، والله عزوجل لا يخلف وعده.

وعلى تقدير أنَّ الإمام الهادي عليه‌السلام جاء بهاتين الآيتين على سبيل الاستشهاد ، فإنَّ ما مر بيانه يوضح ، ويؤكد شمولها للإمام علي عليه‌السلام ، وأنّه أصدق مصاديقها ، وأعظمهم فضلاً ، أمّا إذا كان يروي نزولها فيه ـ وهو أمر يرجحه نص الزيارة ـ فلابد من الأخذ بروايته لأنه من أعلام أهل البيت عليهم‌السلام الذين هم أهل الذكر ، وحملة علم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما ذكرناه في مختلف مواضيع هذا الشرح يؤكد رجحان هذه الرواية ، وصحتها.

٢٥٤

الإيمان أعظم الفضائل عن الله تعالى

«وقال تعالى : * (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)(١) *».

لا شك أنَّ خدمة البيت الحرام بالعمارة والحجابة ، وخدمة الحاج بالسقاية من الفضائل التي أقرها الدين الإسلامي الحنيف ، وقد كان العرب قبل الإسلام يعدونها من أعظم مفاخرهم ، فكان لمن يتولى السقاية ، أو الحجابة شرف عظيم عندهم.

والإيمان هو مقياس الفضل عند الله عزوجل ، فكل عمل خال من الإيمان لا ينتفع به عامله إلّا بمقدار ما يحقق له مصالح وقتية زائلة تكسبه سمعة ومفاخر ، أمّا إذا اقترنت أعمال الخير بالإيمان اكتسبت الفضيلة التي تترتب عليها صفة الدوام والشمول ، لاقترانها بما يرضي الله تعالى ، والمؤمن الملتزم بالأحكام يكون مصدراً للخير ، وجامعاً للفضائل ، لأنَّه يتوخى رضى الله تعالى في كل ما يصدر عنه من عمل.

أمّا غير المؤمن فقد تصدر منه فضيلة ، ثم يفسدها بجريرة تأتي على كل الفضائل ، فتضيع آثارها ، لأنَّ غير المؤمن يفتقر إلى التقوى التي يتحلى بها المؤمن ، فتمنعه من الموبقات.

__________________

(١) التوبة ٩ : ١٩ ـ ٢٢.

٢٥٥

وإذا ذهبنا في نظرتنا إلى أبعد من هذه الحياة الفانية ، فإنَّ الدار الآخرة يرتبط مصير الإنسان فيها بإيمانه بالله عزوجل ، لأنَّ الإيمان به عنوان كل فضل ، وبه تقاس الأعمال ، فيتقرر مصير المؤمن العامل إلى الجنة التي أعدت للمؤمنين المتقين ، ومصير غير المؤمن إلى العذاب ، وإن عمل في حياته صالحاً ، وقد تنفع الأعمال الصالحة غير المؤمن ، فتخفف عنه العذاب إذا عملها حباً بالخير ، ولم تصدر منه لمصلحة شخصية أو هدف غير مشروع.

سبب نزول الآية الكريمة :

والآية الكريمة ليست بصدد المفاضلة بين الطرفين ، لأنَّ المفاضلة تكون بين متجانسين مؤمن وآخر ، يختلفان في العمل ، والإخلاص ، وما يترتب على ذلك من فضل ، فيكون المعيار الأسبقية وتحمل الجهد ، وما شابههما من المرجحات.

فيتعين أن يكون المراد نقض ما ادعي من فضل عمارة البيت والسقاية مقابل الأيمان ، يدل على ذلك قوله تعالى : (لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ)، فالآية الكريمة تقرر فضل الإيمان والجهاد ، وتنقض الفضل المدعى لعمل غير المؤمن ، مهما كان يحمل من فضيلة ، وبأي اعتبار ، ويؤيد ذلك ما جاء من الأحاديث في سبب نزول الآية الكريمة.

نقل المفسرون والمحدثون روايات متعددة في نزول هذه الآية الكريمة في الإمام علي عليه‌السلام ، وأنَّه المقصود بقوله تعالى : (كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ) وفي شيبة (١) صاحب البيت الذي كان يتولى حجابته ، وعمارته ، والعباس ابن عبد المطلب الذي كان يتولى سقاية الحاج ، وإليك نماذج من

__________________

(١) في أسباب النزول ١٦٤ (طلحة بن شيبة).

٢٥٦

الروايات :

١ ـ عن أنس ، قال : قعد العباس وشيبة صاحب البيت يفتخران ، فقال له العباس : أنا أشرف منك ، أنا عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووصي أبيه ، وساقي الحجيج. فقال شيبة : أنا أشرف منك ، أنا أمين الله على بيته ، وخازنه ، أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟! فهما على ذلك يتشاجران حتى أشرف عليهما علي. فقال له العباس : على رسلك يا ابن أخ. فوقف علي. فقال له العباس : إنَّ شيبة فاخرني ، فزعم أنَّه أشرف مني. فقال : فما قلت له أنت يا عمّاه؟ قال : قلت له : أنا عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسل ، ووصي أبيه ، وساقي الحجيج ، أنا أشرف منك ، فقال لشيبة : ماذا قلت له أنت يا شيبة؟ قال : قلت له : أنا أشرف منك ، أنا أمين الله على بيته ، وخازنه ، ألا ائتمنك عليه كما ائتمنني؟!. قال لهما : إجعلا لي معكما فخراً. قالا : نعم. قال : فأنا أشرف منكما ، أنا أول من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمة ، وهاجر ، وجاهد.

فانطلقوا ثلاثتهم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجثوا بين يديه ، فأخبر كل واحد منهم بمفخره ، فما أجابهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشيء ، فانصرفوا عنه ، فنزل عليه الوحي بعد أيام فيهم ، فأرسل إليهم ثلاثتهم ، حتى أتوه ، فقرأ عليهم : (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) إلى آخر العشر ، قرأها أبو معمر (١). وقد رُوي الحديث بهذا المعنى عن : ابن عباس (٢) ، وعن بريدة (٣) ، وعن جابر بن عبد الله الأنصاري (٤).

__________________

(١) تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٥٧ ، الدر المنثور ٣ / ٢١٩ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٢٦ ، كفاية الطالب ٢٣٧ ، نظم درر السمطين ٨٩.

(٢) شواهد التنزيل ١ / ٣٢٧.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ٣٢٩.

(٤) شواهد التنزيل ١ / ٣٣٠.

٢٥٧

وللحديث صورة أخرى رواها عروة بن الزبير ، وهي : أنّ العباس بن عبد المطلب ، وشيبة بن عثمان ، أسلما ، ولم يهاجرا ، فقام العباس على سقايته ، وشيبة على حجابته ، فقال العباس لعلي بن أبي طالب : أنا أفضل منك ، أنا ساقي بيت الله ـ وكان بينهما كلام ـ فأنزل الله تعالى فيما تنازعا فيه : (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ)(١).

ويؤخذ على هذه الرواية أنَّ من المعروف لدى المؤرخين أنَّ شيبة ، إمّا أن يكون قد أعلن إسلامه مكرهاً في فتح مكة ، وقد حاول اغتيال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم حنين ، فلم يفلح ، وقد هداه الله لما رآه من كرامة ، وإنَّه لم يسلم إلّا عند ذلك ، وهذا يعني أنَّه خرج مشركاً مع من خرج من المشركين إلى حنين. قال ابن عساكر : شهد حنيناً مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مشركاً (٢).

وصورة ثالثة مروية عن ابن عباس في نزولها في علي والعباس عليهما‌السلام خاصة ، قال : قال العباس بن عبد المطلب حين اُسر يوم بدر : لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام ، والهجرة ، والجهاد ، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ، ونسقي الحاج ، ونفك العاني ، فأنزل الله تعالى : (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) إلى قوله : (الظَّالِمِينَ)(٣). يعني أنَّ ذلك كان في الشرك ، ولا أقبل ما كان في الشرك (٤).

وفي رواية ابن سيرين ، قال : قدم علي بن أبي طالب من المدينة إلى مكة ، فقال للعباس : يا عم ، ألا تهاجر؟! ألا تلحق برسول الله؟!. فقال : أعمِّر البيت ،

__________________

(١) شواهد التنزيل ١ / ٣٢٤.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ٢٣ / ٢٤٩.

(٣) أسباب النزول ١٦٤ ، الدر المنثور ٣ / ٢١٨ ، لباب النقول ١٠٢.

(٤) جامع البيان ١٠ / ٢١٨.

٢٥٨

وأحجب البيت ، فأنزل الله : (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ)(١).

ويؤخذ على هاتين الروايتين إسنادهما الحجابة للعباس عليه‌السلام ، والمعروف الثابت تأريخيا أنَّ الحجابة لم تكن له ، وإنّما كانت لشيبة بن عثمان ، ورثها عن أبيه عثمان بن طلحة ، وبقيت في آل شيبة يتوارثها الخلف منهم عن السلف ، والذي كان للعباس السقاية.

والآيات الثلاثة قد جاءت في سياق واحد ، توضح ما أجملته الآية السابقة لها في فضل المؤمن المجاهد ، وهو الإمام علي عليه‌السلام.

__________________

(١) أسباب المنزول ١٦٤ ، الدر المنثور ٣ / ٢١٨ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٢٣ ، لباب النقول ١٠٣.

٢٥٩
٢٦٠