شرح زيارة الغدير

السيّد عبدالمطلب الموسوي الخرسان

شرح زيارة الغدير

المؤلف:

السيّد عبدالمطلب الموسوي الخرسان


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: باقيات
المطبعة: وفا
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-6168-69-5
الصفحات: ٤٦٤

يكون قد ولد على الفطرة ، وقد نشأ في حجر الرسول المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبيل نزول الوحي بالرسالة ، وكان يصحبه في عزلته بحراء ، فكان معه عند نزول الوحي عليه ، فرأى وسمع معه ما رأى وسمع ، وكان أول مصدِّق برسالته ، عندما كان الدين الجديد مقتصراً على ثلاثة ضمهم بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هو ، وزوجته خديجة ، وابن عمه علي عليهم الصلاة والسلام ، وليس على وجه الأرض مَن يدين بالإسلام سواهم ، فهو أول من آمن ، وأول من صدَّق ، والدعوة لا تزال سرية ، لم يعلن عنها بعد ، وبعد أن اُمر بإنذار عشريته الأقربين ، واشتهر أمر الدين الجديد في مكة ، كذبه الناس سواهما ، إلى أن منَّ الله تعالى على نفر منهم بالإسلام ، فآمنوا بعد أن أقاموا على الشرك ، واتجهوا لعبادة الله تعالى ، بعد أن قضوا العمر في عبادة الأوثان.

يحدثنا الإمام علي عليه‌السلام عن ذلك في خطبته المسماة بالقاصعة حيث يقول : «ولقد كان يجاور ـ أي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في كل سنة بحراء ، فأراه ، ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد ـ يومئذ ـ في الإسلام غير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخديجة ، وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة.

ولقد سمعت رنَّة الشيطان حين نزول الوحي عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنَّة؟. فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته ، إنَّك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ، إلّا أنَّك لست بنبي ، ولكنك وزير ، وإنَّك لعلى خير» (١).

وقد تواتر النقل على تقدم إسلام أمير المؤمنين عليه‌السلام على كافة الصحابة دون استثناء ، وقد روى ذلك عدد كبير من الصحابة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورواه بعضهم دون إسناد إليه ، فأمّا الصحابة الذين رووه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مناسبات مختلفة ، وألفاظ متعددة ، فهم : أبو أيوب الأنصاري ، وأبو ذر الغفاري ، وأبو ليلى ، وأسماء بنت

__________________

(١) نهج البلاغة ٢ / ١٥٧.

١٠١

عميس ، وأم أيمن ، وأنس بن مالك ، وبريدة الأسلمي ، وجابر بن عبد الله ، وسلمان الفارسي ، وعائشة أم المؤمنين ، وعبد الله بن عباس ، وعمر بن الخطاب ، وفاطمة الزهراء عليها‌السلام ، وليلى الغفارية ، ومعاذ بن جبل ، ومعقل بن يسار.

وأمّا الصحابة الذين رووه دون إسناد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهم : أبو أيوب الأنصاري ، وأبو رافع ، وأنس بن مالك ، وبريدة الأسلمي ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، والحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وحذيفة بن اليمان ، وخباب بن الأرت ، وخزيمة بن ثابت (ذو الشهادتين) ، وزيد بن أرقم ، وسعد بن أبي وقاص ، وسلمان الفارسي ، والعباس بن عبد المطلب عليه‌السلام ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن مسعود ، وعفيف الكندي ، وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وعمرو بن العاص ، ومالك بن الحويرث ، والمقداد بن الأسود الكندي ، وهاشم بن عتبة المرقال ، ويعلى بن مرة التميمي.

فعدد من روى تقدم إسلامه من الصحابة بإسناد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو بدون إسناد إليه ، بعد إسقاط المتكرر ـ حيث رواه بعضهم مرة مسنداً ، وأخرى بدون إسناد ـ ثلاث وثلاثون صحابياً في حدود ما اطلعت عليه (١).

وهناك قول بإجماع علماء المسلمين على تقدم إسلام الإمام علي عليه‌السلام ، وقد

__________________

(١) نجد رواياتهم في : أسد الغابة ٤ / ١٦ ، ١٨ ، البداية والنهاية ٣ / ٣٦ ، تاريخ الأمم والملوك ٢ / ٢١٩ ، ٢٤٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٦ ، ٤٥ ، ١٣١ ، ١٣٣ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٢٧ ، ٢٣٠ ، ٢٣٣ ، ٢٣٦ ، الغدير ٣ / ٢١٩ ـ ٢٤٣ ، فضائل الخمسة ١ / ١٧٨ ، ١٩٩ ، فضائل الصحابة ١٣ ، كتاب الأوائل لابن أبي عاصم ٧٩ ، كتاب الأوائل للطبراني ٧٨ ، ٨٠ ، كنز العمال ١١ / ٦١٦ ، ٦١٧ ، المستدرك ٣ / ٤٩٩ ، المصنف للصنعاني ٥ / ٣٢٥ ، المعجم الكبير ٦ / ٢٦٩ ، المناقب ٥١ ، ٥٨ ، نظم درر السمطين ٨١ ، ٨٢ ، ينابيع المودة ١ / ١٨٩ ـ ١٩٧ ، ٢ / ١٤٥ ، ١٤٨.

١٠٢

نقل هذا القول كل من السيوطي (١) ، وابن حجر (٢) ، وكلاهما نص عليه بقوله : (ونقل بعضهم الإجماع عليه) ، ولم ينسبا هذا القول لأحد ، ولكن بعضهم جمع بين الروايات ، فعطف الموضوعات منها على الأحاديث الصحيحة ، والمتواترة ، وذهب إلى أن الإمام عليّاً عليه‌السلام أول من أسلم من الصبيان ، وأنَّ أبا بكر أول من أسلم من الرجال (٣) ، وهذا لا يصح لأمرين :

الأول : إنَّ المناط في هذه القضية هو تكليف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الإمام علياً عليه‌السلام ، وقبول إسلامه ، بغض النظر عن سنه يوم أسلم ، وهل كان بالغاً؟ أو كان إسلامه قبل البلوغ؟. فقد دعاه ، وكلفه ، في وقت لم يدع فيه غيره ممن هو أكبر سنّاً منه ، لأنَّه كان مأموراً بالتكتم على ما أُوحي إليه ، وكان ائتمان الإمام علي عليه‌السلام على أمر الدعوة ، واختصاصه دون غيره من الناس بها ، لما له من شأن خاص ، ومنزلة اختصه الله عزوجل بها.

إنَّ المسؤوليات التي كانت تترتب على من ينتمي للدين الجديد تحتاج إلى الرجال الأشداء ، للصمود بوجه التيارات العاتية ، وتحمل المصاعب ، والمتاعب ، والتعذيب ، وما إلى ذلك مما ابتلي به المؤمنون الأوائل من الصحابة رضي الله عنهم ، فما حدث لياسر ، وسمية ، وعمار ، وصهيب ، وبلال ، وسواهم من التعذيب لا يتحمله الصبيان ، ولا يقوون عليه ، كما أنَّ الصبيان لا يؤتمنون على مثل هذه الأسرار ، لأنَّهم قد يفشونها قبل وقت إعلانها بقصدٍ ، أو بدون قصد ، من هنا يتضح لنا ما قدمناه من أنَّ للإمام علي عليه‌السلام شأنٌ خاص في دعوته من قبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

__________________

(١) تاريخ الخلفاء ١٦٦.

(٢) الصواعق المحرقة ١٢٠.

(٣) تاريخ الخلفاء ٣٤.

١٠٣

وقبول إسلامه ، وأنَّه أو من أسلم.

الثاني : إنَّ هذا الجمع مبني على الأخبار التي يستفاد منها تقدم إسلام أبي بكر ، وهي لا تقوى على مقابلة الأحاديث التي نصت على تقدم إسلام الإمام علي عليه‌السلام لعدة أمور :

إنَّ هذه الأخبار أخبار آحاد ، وهي منقولة عن عدد من التابعين أو الصحابة الذين لم يعاصروا أحداث بدء الدعوة ، وأخبار الآحاد ـ على فرض صحتها من الناحية الفنية ـ لا تقوى على معارضة ما صح أو تواتر من الحديث النبوي الشريف.

وقد استند البعض على الإجماع المدعى على تقدم إسلام أبي بكر (١) ، وهو لا يصح لأنَّ من تابع أحداث بدء الدعوة يرى أنَّ عدداً من الصحابة سبقوه إلى الإسلام ، منهم : جعفر بن أبي طالب ، وزيد بن حارثة ، كما أنَّ هذا الإجماع المدعى يناقض ما ثبت بالسنة المتواترة.

والأخبار التي روت تقدم إسلام أبي بكر كلها ضعيفة معللة ، بل وضعت لظروف سياسية خاصة ، والتحقيق يأبى الأخذ بالضعيف ، والإحتجاج به في أحاديث الفضائل ـ كما يرى ذلك بعضهم ـ لأنَّ ذلك يترتب عليه الكذب على النبي المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد ورد في السنة الثابتة : «من كذب علي معتمداً فليتبوأ مقعده من النار».

ولنختم موضوعنا هذا بروايتين لصحابيين يرويان تقدم إسلام الإمام علي عليه‌السلام عن عمه العباس بن عبد المطلب عليه‌السلام :

__________________

(١) نقل القول بهذا الإجماع في : تاريخ الخلفاء ٣٤ ، الصواعق المحرقة ٧٦.

١٠٤

رواية عبد الله بن مسعود :

قال : أول شيء علمت من أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قدمت مكة في عمومة لي ، فأرشدنا على العباس بن عبد المطلب ، فانتهينا إليه ، وهو جالس إلى زمزم ، فجلسنا إليه ، فبينا نحن عنده ، إذ أقبل رجل من باب الصفا أبيض تعلوه حمرة ، له وفرة ، جعد إلى أنصاف أذنيه ، أشم ، أقنى ، أذلف ، برّاق الثنايا ، أدعج العينين ، كثِّ اللحية ، دقيق المسربة ، ششن الكفين والقدمين ، عليه ثوبان أبيضان ، كأنَّه القمر ليلة البدر ، يمشي على يمينه غلام أمرد ، حسن الوجه ، مراهق ، أو محتلم ، تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها ، حتى قصد نحو الحجر ، فاستلمه ، ثمَّ استلم الغلام ، ثمَّ استلمت المرأة ، ثمَّ طاف بالبيت سبعاً ، والغلام والمرأة يطوفان معه ، ثمَّ استلم الركن ، ورفع يديه ، وكبر ، وقام الغلام عن يمينه ، ورفع يديه ، وقامت المرأة خلفهما ، فرفعت يديها ، وكبرت ، وأطال القنوت ، ثمَّ ركع ، فأطال الركوع ، ثمَّ رفع رأسه من الركوع ، فقنت وهو قائم ، ثمَّ سجد ، وسجد الغلام والمرأة معه ، يصنعان مثل ما يصنع ، ويتبعانه.

قال : فرأينا شيئاً لم نكن نعرفه بمكة ، فأنكرنا ، فأقبلنا على العباس ، فقلنا : يا أبا الفضل ، إنَّ هذا الدين لم نكن نعرفه فيكم ، أشيء حدث؟. قال : أجل ، والله ، أما تعرفون هذا؟. قلنا : لا ، قال : هذا ابن أخي محمد بن عبد الله ، والغلام علي بن أبي طالب ، والمرأة خديجة بنت خويلد ، أمَ والله ما على ظهر الأرض أحد يعبد الله على هذا الدين إلّا هؤلاء الثلاثة (١).

__________________

(١) البداية والنهاية ٦ / ٢١ ، تاريخ مدينة دمشق ٣ / ٢٦٥ ، ٣٣ / ٦٧ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٢٥ ، شواهد التنزيل ٢ / ٣٠١ ، كنز العمال ٣ / ٤٦٧ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٨٣ ، المناقب ٥٦.

١٠٥

رواية عفيف الكندي :

قال : جئت في الجاهلية إلى مكة ، فنزلت على العباس بن عبد المطلب ، فلمّا ارتفعت الشمس ، وحلقت في السماء ، وأنا أنظر إلى الكعبة ، أقبل شاب فرمى ببصره إلى السماء ، ثمَّ استقبل القبلة ، فقام مستقبلها ، فلم يلبث حتى جاء غلام ، فقام عن يمينه ، فلم يلبث حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما. فركع الشاب ، فركع الغلام والمرأة ، فرفع الشاب ، فرفع الغلام والمرأة ، فخرَّ الشاب ساجداً ، فسجدا معه ، فقلت : يا عباس ، امرٌ عظيم. فقال لي : أمرٌ عظيم. فقال أتدري من هذا الشاب؟. فقلت : لا. فقال : هذا محمد بن عبد الله بن أبي طالب بن عبد المطلب ، هذا ابن أخي ، وقال : تدري من هذا الغلام؟. فقلت : لا ، قال : خديجة ابنة خويلد زوجته ، إنَّ ابن أخي هذا حدثني أنَّ ربك ربّ السماوات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه ، ولا والله ما على ظهر الأرض كلها أحدٌ على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة (١).

والذي نستفيده من هاتين الروايتين هو أنَّ هذين الصحابيين يتحدثان عمّا شاهداه عياناً قبل إسلامهما ، ويرويان عن العباس عليه‌السلام ، وأنّض ما شاهداه حصل بعد إعلان الدعوة ، وبعد دعوة العشيرة ، والعباس عليه‌السلام يقسم بالله تعالى لكل من الصحابيين بأن ليس على هذا الدين على وجه الأرض غير هؤلاء الثلاثة.

__________________

(١) أسد الغابة ٣ / ٤١٤ ، الإصابة ٤ / ٤٢٥ ، البداية والنهاية ٣ / ٣٥ ، تاريخ الأمم والملوك ٢ / ٥٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٨ / ٣١٣ ، ٤٢ / ٣٤ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٠٦ ، السيرة النبوية لابن كثير ١ / ٤٣ ، شواهد التنزيل ١ / ١١٣ ، ١١٦.

١٠٦

جهاد متواصل

(وجاهدت وهم محجمون [مجمحون]) :

اللغة : الإحجام ضد الإقدام. أحجم عن الشي : كفَّ عنه ، أو نكص هيبة. يقال : أحجم الرجل عن قرنه ، إذا جبن ، وكفَّ. وجمح : يقال : جمحت المرأة زوجها ، : إذا تركته ، وغادرت بيتها ، ومجمحون : منهزمون في الحرب (١).

والأخذ بكلتا الروايتين مناسب ، فقد كان الإمام علي عليه‌السلام يقدم إذا نكص غيره هيبة ، وكفَّ عن القتال ، ويثبت إن انهزموا ، وكانت حياته جهاداً متواصلاً في الله تعالى ، لا ينثني ، منذ أيام شبابه الأولى وحتى لحق بالرفيق الأعلى ، لم يتخلف عن الجهاد وبذل النفس ، يقول عليه‌السلام : «لقد نهضت فيها ـ أي الحرب ـ وما بلغت العشرين ، وها أنا ذا قد ذرَّفت على الستين» (٢).

ولئن كان الجهاد سمة اتصف بها خيار الصحابة رضي الله عنهم ، فكانوا يتسابقون لملْ سوح الجهاد دفاعاً عن الإسلام ، فإنَّ في الإمام علي عليه‌السلام خصيصة ينفرد بها ، وينماز عنهم ، وهي ثباته حيث يفر الناس ، وإقدامه حين ينكصون ، فهو يرمي بنفسه في لهوات الحرب ، مبتغياً الشهادة ، باذلاً مهجته في الله عزوجل ، مدافعاً عن الدين الحنيف ، لا يهاب الموت ، لأنَّه يبتغي الشهادة ، والسعادة الأبدية.

يدل على ذلك السجل الجهادي للإمام علي عليه‌السلام الذي واكب الدعوة منذ انبثاقها ، وما انفك يسايرها في مختلف أدوارها ، فعندما تعرض النبي

__________________

(١) لسان العرب.

(٢) نهج البلاغة ١ / ٧٠.

١٠٧

المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للخطر في مكة المكرمة ، انبرى لحراسته الإمام علي عليه‌السلام ، إذ كان يتناوب عليها هو وعمه حمزة سيد الشهداء عليه‌السلام ، وفي أيام مقاطعة قريش لبني هاشم ، ومحاصرتهم بالشعب ، كان أبو طالب يوقضه ليلاً ، ليرقد في مرقد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ليفديه بنفسه ، خوفاً من تبييت الأعداء ، وقد ختم جهاده في مكة بالمبيت في فراشه ليلة الهجرة ، يوهم الأعداء ببقائه ، ليتمكن من النجاة ، ثمَّ خروجه بالفواطم مهاجراً ، بعد أن أدى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما ائتمن عليه.

واشترك بعد الهجرة في جميع حروب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومغازيه ، عدا غزوة تبوك ، إذ خلفه فيها على المدينة ، وكان له في هذه الحروب أثر خاص بمواقفه الشجاعة ، وبما عرف من إقدامه ، فكان يجعل كفة النصر تميل لصالح المسلمين ، فيوقع الهزيمة بالعدو ، أو يحوِّل هزيمة المسلمين إلى نصر ، أو يحول دون تحقيق العدو لمكاسبه ، ومن أشهر تلك المواقف :

أ ـ فرَّ أغلب المسلمين يوم اُحد ، وتركوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ميدان القتال ، ولم يبق معه إلّا بضعة نفر من الصحابة ، اختلف المؤرخون في تحديد عددهم ، وأسمائهم ، ولكنهم أجمعوا على أنَّ الإمام علياً عليه‌السلام ثبت معه ، وكان المدافع الوحيد الذي ردَّ كتائب المشركين عنه ، حتى أصابهم اليأس من الوصول إليه ، وردّوا خائبين ، فنادى جبرائيل بين السماء والأرض : «لا سيف إلّا ذو الفقار ، ولا فتى إلّا علي».

ب ـ أحجم جميع الصحابة يوم الأحزاب عن مبارزة عمرو بن عبد ود ، وذلك عندما عبر الخندق ، وتحدى المسلمين قائلاً : ولقد بححت من النداء بجمعكم : هل من مبارز فلم يستجب لدعوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمبارزته ، ودفع كيده عن المسلمين سوى الإمام علي عليه‌السلام إذ نهض لمبارزته ، فأرداه قتيلاً ، وهُزم بقتله جيش الأحزاب ، وردهم الله تعالى خائبين.

١٠٨

ج ـ هُزم المسلمون في خيبر مرتين : أعطى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الراية إلى أبي بكر ، فعاد بها منهزماً هو ومن معه في اليوم الأول ، ثمَّ أعطاها في اليوم الثاني إلى عمر ، فعاد بها منهزماً هو ومن معه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، كرّار غير فرّار» ، ثمَّ أعطاها في اليوم الثالث علياً عليه‌السلام فذهب بها ، وبُشر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنصر قبل أن يكتمل الجيش.

د ـ وهُزم المسلمون يوم حنين ، فلم يبق مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سوى جماعة من بني هاشم ، ومولىً لهم ، أحاطوا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحمونه من الأعداء ، ويصدّونهم عنه ، والإمام علي عليه‌السلام يضرب بسيفه بين يديه ، حتى قتل حامل راية هوازن (أبا جرول) ، فحلت بهم الهزيمة ، وعاد المسلمون يلاحقونهم ، ويجمعون الغنائم.

١٠٩
١١٠

إخلاص علي عليه‌السلام في العبادة

(وعبدت الله مخلصاً له الدين) :

الإخلاص في الطاعة : ترك الرياء. ومن البديهي أنَّ الرياء يفسد النية ، ويحبط العمل ؛ لأنَّ فيه إشراك غير الله.

والإخلاص لله عزوجل في العبادة يتفرع عن معرفة العبد وإيمانه ، فكلما ازداد العبد معرفة وإيماناً بالله تعالى ، ازداد إخلاصاً له في عبادته ، وكلما قلت معرفته ، وضعف إيمانه ، كان أقل إخلاصاً.

والعبادة بدون معرفة ، وتعقل ، ويقين ، لا تعدوا أن تكون عادة من العادات التي يمارسها الإنسان ، فهي مجرد حركات وأعمال يؤديها ، وآيات وأذكار يقرؤها ، وهو ل يعرف ماذا يصنع؟. ولماذا؟. وهي بهذه الصفة لا تنفعه في دنياه ، ولا في آخرته ، إذ لا تترتب عليها الآثار المرجوة منها ، لعدم اقترانها بالمعرفة والعقيدة الصحيحة والتأمل ، والتعقل في أمور الدين ، يقول الإمام علي عليه‌السلام : «كم من صائم ليس له من صيامه إلّا الجوع والضمأ ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلّا السهر والعناء ، حبذا نوم الأكياس وإفطارهم» (١) ، وقال عليه‌السلام ـ وقد مرَّ على رجل حروري يتهجد ـ : «نوم على يقين خير من صلاة في شك» (٢) ، وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنَّه قال : «قصم ظهري رجلان : جاهل متنسك ، وعالم متهتك» (٣).

__________________

(١) نهج البلاغة ٤ / ٣٥.

(٢) نهج البلاغة ٤ / ٢٢.

(٣) شرح نهج البلاغة ٢٠ / ٢٨٤.

١١١

فالعقيدة السليمة المبتنية على المعرفة واليقين إذا اقترنت بها العبادة ، كانت العبادة نافعة تؤدي الأهداف المرجوة منها في النشأتين ، وكيفي الإنسان من العبادة أداء ما فرضه الله تعالى عليه ، إن كانت عقيدته سليمة ، تقترن بالتفقه في الدين ، والتعقل في أموره ، أمّا المندوبات فهي زيادة في الخير إذا اقترنت بالمعرفة ، والعقيدة السليمة ، ويتحقق ما يُرتجى منها من فوائد للدنيا والآخرة ، لنفسه ولمجتمعه.

والإمام علي عليه‌السلام يحدد الأهداف والمنطلقات التي تدفع الناس إلى العبادة فيقول : «إنَّ قوماً عبدوا الله رغبة ، فتلك عبادة التجار ، وإنَّ قوماً عبدوا الله رهبة ، فتلك عبادة العبيد ، وإنَّ قوماً عبدوا الله شكراً ، فتلك عبادة الأحرار» (١).

والعبادة في الإسلام لا تقتصر على الطقوس العبادية : كالصلاة والصوم ، والحج فحسب ، بل تتعداها لتشمل جميع مجالات الحياة : كالتوسيع على العيال ، وإماطة الأذى عن الطريق ، ومساعدة الفقراء ، وحل المشكلات الاجتماعية ، ونشر العدل بين الناس ، وإرشادهم لما فيه الخير ، ومكافحة الرذائل والشر ، وكل عمل من شأنه إسعاد الناس في النشأتين فهو عبادة إذا أريد به وجه الله تعالى.

وفي ضوء ما تقدم لو تأملنا حياة الإمام علي عليه‌السلام ، تلك الحياة التي بدأت بولادته في الكعبة ، وختمت باستشهاده في محراب مسجد الكوفة ، لوجدناها عبادة متواصلة ، يتجلى فيها الإخلاص بأسمى صوره وأفضل أشكاله ، حيث تجسده التضحيات ، ونكران الذات ، وتقديم مرضاة الله تعالى ، وطاعته على كل اعتبار.

والإمام علي عليه‌السلام أول من عبد الله تعالى من هذه الأمة مع نبيها الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) نهج البلاغة ٤ / ٥٣.

١١٢

سنين عديدة ، قبل إعلان الدعوة ، ودخل معترك الحياة الجهادية معه بعد إعلانها ، فلم يُفقد في ميدان من ميادين الجهاد والعمل الصالح ، وهي ميادين عبادة ، فكان يرشد الناس ، ويعلمهم ما جهلوا من أحكام دينهم ، ويدلهم على الصواب فيما اختلفوا فيه ، إلى أن عاد الحق إلى نصابه ، فقام بالأمر خير قيام ، وهو يتحرى في كل ذلك رضى الله تعالى بإخلاص.

١١٣
١١٤

صبر علي عليه‌السلام

(صابراً محتسباً حتى أتاك اليقين ، ألا لعنة الله على الظالمين) :

يتعرض الإنسان في حياته إلى شتى المحن والآلام ، ويختلف رد الفعل الذي يصدر عنه بحسب الظروف والملابسات ، كما يختلف من فرد إلى آخر ، والذي يحدد تصرف المرء في مثل هذه الظروف : الإيمان ، والعقل ، فمن توفر على قوة الإيمان ، ونضوج العقل قابل المحن بصبر وثبات ، ومن كان ضعيف الإيمان غير ناضح عقلياً قابلها بالجزع ، ويُقسَّم الصبر إلى ثلاثة أقسام : فصبرٌ عن المعصية ، وصبرٌ على الطاعة ، وصبرٌ على المصيبة.

وقد مرَّ بنا أنَّ الإمام علياً عليه‌السلام معصوم ، وهو القائل : «والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت» (١) ، وقد قضى عمره الشريف في طاعة الله تعالى ، وطلب مرضاته.

وقد تعرض الإمام علي عليه‌السلام لمصائب ومحن شتى ، ولعل أشد كارثة نزلت به هي فقده الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهو الذي ربّاه في حجره ، وتعاهده منذ نعومة أظفاره ، ثمَّ كان منه بمنزلة نفسه ، وكان أخوه ، ووليه ، وهو أبو حليلته ، وهو ولي هذه الأُمة ، ومنقذها من الضلال ، والذي تحمل معه الإمام علي عليه‌السلام أعباء الرسالة تبليغاً ، وعملاً ، وجهاداً فكانت المصيبة به عظيمة ، والرزية بفقده جليلة ، ولكنه قابلها بصبر وثبات ، فغسَّله ، وكفنه ، وتولى دفنه ، ووقف عند قبره مؤبناً ومودعاً : «بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة

__________________

(١) نهج البلاغة ٢ / ٢١٨ ، وجلب الشعيرة (بكسر الجيم) : قشرها.

١١٥

والأنباء ، وأخبار السماء ، خصَّصت حتى صرت مسلياً عمن سواك ، وعمَّمت حتى صار الناس فيك سواء ، ولولا أنَّك أمرت بالصبر ، ونهيت عن الجزع ، لأنفذنا عليك ماء الشؤون (١) ، ولكان الداء مماطلاً ، والكمد محالفاً ، وقلّالك ، ولكنه ما لا يُملك ردّه ، ولا يستطاع دفعه ، بأبي أنت وأمي ، اذكرنا عند ربِّك ، واجعلنا من بالك» (٢).

تحلى الإمام علي عليه‌السلام بالصبر أمام هذه المصيبة المؤلمة ، والكارثة العظيمة التي تستدعي الحزن الشديد ، والهم الدائم ، فلم تخرجه عن طوره ، بل كان يسلي نفسه بهذا الأسلوب البليغ الذي يدل على عمق إيمانه ، ولكن الأقدار لم تتركه وشأنه ، يعالج آلامه ، ويسلي نفسه ، بل جاءته المصائب والمحن تترى في سلسلة متواصلة الحلقات ، لا هوادة فيها ، إبتداءً بالنزاع بين المهاجرين والأنصار حول الخلافة ، وأهل البيت عليهم‌السلام مشغولون بتجهيز الجثمان الطاهر ، إذ زويت عنه الخلافة ، وغصب حقه فيها ، وما رافق ذلك من آلام تعرضت لها الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها‌السلام : من اعتداى عليها ، وغصب لحقوقها ، حتى مضت إلى لقاء ربها ، فالتحقت بأبيها غضبي على القوم الذين أوصت أن لا يحضروا جنازتها ، لما نالها منهم من أذى ، وممّا يزيد ألم تلك النوائب أنّ الإمام علياً عليه‌السلام كان يرى نفسه بين خطرين :

أحدهما : أن يترك حقه ، ويصبر على مضض ، وهو يرى وديعة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تئنّ من الألم ، ولا تجد من ينتصر لها.

والثاني : أن يلجأ إلى القوة لأخذ حقه وعندها تقع الفتنة ، ويحصل ما لا تحمد عقباه ، ويرتد الناس عن الدين الذي تحمل من أجل إرساء دعائمه المشقة والعناء ،

__________________

(١) الشؤون : منابع الدمع.

(٢) نهج البلاغة ٢ / ٢٢٨.

١١٦

فما الذي يصنعه لمواجهة هذا الموقف الصعب؟.

تحصن الإمام علي عليه‌السلام بالصبر حفاظا على وحدة الأمة ، ودفعاً للفتنة ، فضحّى بحقه من أجل سلامتها ، يقول عليه‌السلام في خطبته المعروفة بالشقشقية : «فسدلت دونها ـ أي الخلافة ـ ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أنَّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت ، وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا» (١).

وقد تتالت الأحداث بعد ذلك لتنتقل من سيء إلى أسوء ، حتى بلغت ذروتها في خلافة عثمان ، فبعد أن زويت عنه الخلافة ثالثة ، وتسلط الأمويون على رقاب الناس في ظل حكمه ، فكانوا يتلاعبون بمقدرات الأمة ، «ويخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع» ، وكلما اعترض المسلمون على تصرفاتهم ، اتهمه الأمويون بالتحريض عليه ، فكان الخليفة يتسدعيه ، ويطلب منه مغادرة المدينة ، وإذا تفاقمت الأمور استقدمه إليها ليكون وسيطاً بينه وبين الناس ، وهو يقابل ذلك بصبر وثبات ، محاولاً إخماد الفتنة ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

وما أن انتهت الفتنة بقتل عثمان ، اجتمع الناس حوله ، وبايعوه ، وانتقلت الخلافة إليه ، وعاد الحق إلى نصابه ، فابتلي بالفتن والتمرد ، وخاض حروباً داخلية اضطروه إليه ، ولم يمهلوه ليحقق ما كان يصبو إليه من تصحيح ما ارتكب غيره من أخطاء ، فاضطر إلى قتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين ، ثمَّ ابتلي بتقاعس الناس عن نصرته ، وامتناعهم عن الخروج لحرب عدوه ، وهو يقابل هذه ال محن بالحكمة والصبر حتى استشهد ، وذهب إلى لقاء ربه صابراً محتسباً.

__________________

(١) نهج البلاغة ١ / ٣١.

١١٧
١١٨

سيد المسلمين

(السلام عليك يا سيد المسلمين ، ويعسوب المؤمنين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، ورحمة الله وبركاته) :

اللغة : اليعسوب أمير النحل ، ويستعمل في الرئيس والكبير ، ويقال للسيد : يعسوب قومه ، وفي حديث علي عليه‌السلام : «أنا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الكفار ـ وفي رواية ـ المنافقين» (١).

الغر : جمع أغر ، من الغرة : وهي بياض الوجه. والمحجَّل : الذي في يديه وقدميه بياض دون الركبة من الخيل. والغر المحجَّلين : أي بيض مواضع الوضوء من الأيدي ، والأوجه والأقدام ، استعار أثر الوضوء في الوجه ، واليدين ، والرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ، ويديه ، ورجليه (٢).

وهذه الفقة من الزيارة تنص على أوصاف للإمام علي عليه‌السلام تجعله سيداً وقائداً للمسلمين في الدنيا والآخرة ، ومن يرجع إلى كتب الحديث يجد أحاديث كثيرة تضمنت معاني ما ورد في هذه الفقرة ، ننقل منها ما يأتي :

حديث أسعد بن زرارة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ليلة اُسري بي ، انتهيت إلى ربي عزوجل ، فأوحى إليّ ـ أو أخبرني ـ في علي بثلاث : إنَّ سيد المسلمين ، وولي المتقين ، وقائد الغر المحجلين» (٣).

__________________

(١) لسان العرب.

(٢) لسان العرب.

(٣) تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٠٢ ، كنز العمال ١١ / ٦٢٠.

١١٩

وفي حديث علي عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «علي يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب المنافقين» (١).

وفي حديث آخر لعلي عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مرحباً بسيد المسلمين ، وإمام المتقين». فقيل لعلي : فأي شيٍ كان من شكرك؟. قال : «حمدت الله على ما آتاني ، وسألته الشكر على ما أولاني ، وأن يزيدني ما أعطاني (٢)».

وفي حديث لعلي عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «يا علي أنت سيد المسلمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، ويعسوب الدين» (٣).

وفي حديث أنس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أول من يدخل من هذا الباب إمام المتقين ، وسيد المسلمين ، ويعسوب الدين ، وخاتم الوصيين ، وقائد الغر المحجلين» ، قال أنس : فقلت اللهم اجعله رجلاً من الأنصار ، وكتمت دعوتي ، فجاء علي ... الحديث.

قال ابن أبي الحديد : رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء (٤). وقال : (هذه كلمة قالها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلفظين مختلفين : تارة : «أنت يعسوب الدين» ، وتارة : «أنت يعسوب المؤمنين» ، والكل راجع إلى معنى واحد ، كأنَّه جعله رئيس المؤمنين ، وسيدهم ، أو جعل الدين يتبعه ، ويقفو أثره حيث سلك ، كما يتبع النحل اليعسوب) (٥).

__________________

(١) تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٠٤ ، الجامع الصغير ٢ / ١٧٨ ، الصواعق المحرقة ١٢٥ ، كنز العمال ١١ / ٦٠٤ ، ينابيع المودة ٣ / ٩٧.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٧٠ ، كنز العمال ١١ / ٦١٩ ، ١٣ / ١٧٧ ، نظم درر السمطين ١١٥.

(٣) المناقب ٢٩٥.

(٤) شرح نهج البلاغة ٩ / ١٦٩ ، ينابيع المودة ٣ / ٤٨٨.

(٥) شرح نهج البلاغة ١٩ / ٢٤٤.

١٢٠