الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ٢٥

الشيخ محمد الصادقي

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ٢٥

المؤلف:

الشيخ محمد الصادقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: انتشارات فرهنگ اسلامى
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٦

بِوَكِيلٍ (٤١) اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥) قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧)

٣٤١

وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤٨) فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٩) قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٥٠) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥١) أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(٥٢) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)(٣٨).

هذا من أسؤلة الحجاج على المشركين المقرين أن الله هو خالق السماوات والأرضين ، فلما ذا ـ إذا ـ يدعون من دون الله من يخلق ولا يخلق ، ولا يكشف ضرا يريده الله ، ولا يمسك رحمة يرسلها الله (قُلْ حَسْبِيَ اللهُ) في كشف ضر وإرسال رحمة ، وكفاني الله عن كل بأس وزحمة و «عليه» لا سواه (يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ).

٣٤٢

فلما ذا يخاف عبد الله ومن ذا يخاف وهو في سبيله إلى الله؟ فقد انقطع الأمل عن سواه وانقطع الخوف والجدل ، إذ ليس له بدل إلا جنابه المتعال ، فهو كاف عبده ، وهو الرقيب على عبده ، وهو الوكيل لعبده ، وهذه هي الطمأنينة دون خيفة ، والثقة دون زعزعة ، والمضي في سبيل الله حتى النهاية دونما تخلف قيد شعرة.

ولفظة غير ذوي العقول «ما» وضمير الجمع المؤنث الراجع إليه «هن» تعريضان بأن ما يدعى من دون الله لا يعقل ، وهو في الأصنام والأوثان مشهود ، وفي الطواغيت معهود ، حيث الطغيان على الله خلاف العقل ، ثم في الملائكة والنبيين مردود ، فإنهم لا يتقبلون أن يعبدوا من دون الله ، فكأنهم لا يعقلون عبادتهم إذ هم ناكرون! هم كانوا يخوّفون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بمن دون الله ، وهو يخوّفهم ونفسه بالله (إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ ...)؟ ثم يرسلهم إلى مكانتهم أن يعملوا على حدها هذه:

(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ)(٤٠).

«اعملوا» ضدي وخلاف ما أوحي إلي وأرسلت به إليكم (عَلى مَكانَتِكُمْ) : منزلتكم وإمكانيتكم (١).

«اعملوا ...» ف (إِنِّي عامِلٌ) على مكانتي ، معاركة صاخبة كل على مكانته ، رغم أني وحدي وأنتم كثرة ، أنتم لكم أموال وليست لي أموال ... (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) عين اليقين ، وليس بعد الموت فحسب بل وفي الدنيا (مَنْ يَأْتِيهِ) منا (عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) هو عليه لزام دون فكاك.

__________________

(١) المكانة هي المنزلة وهي الإمكانية ، وكلما كانت المنزلة أقوى فالإمكانية أوسع ، فهذا تحدّ ذو بعدين أن كرّسوا إمكانياتكم على مستوى منزلتكم علما ومالا وقوة أمّاذا.

٣٤٣

وهذه مباهلة عملية مع الذين لا تنفعهم الدعوة بأيّة حجاج إلّا مزيد لجاج ، وهذه نهاية المطاف لداعية الحق حينما تبلغ الحجاج ذروته ، ولا يتقبل المدعو أية برهنة إلّا ردا بقوله الزور ، وانتفاجة الغرور.

(إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ)(٤١).

«أنزلنا» إنزالا «بالحق» عليك «بالحق» «الكتاب» بالحق ، كتاب حق بإنزال حق على نبي حق (فَمَنِ اهْتَدى) بمثلث الحق «فلنفسه» دون أن ينتفع به الله ورسوله (وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) لا على الكتاب الحق ورسول الحق والمرسل الحق (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) تجرهم إلى الهدى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) إلى صراط مستقيم.

و «للناس» هنا كما في غيرها دليل أنه (هُدىً لِلنَّاسِ) فهم ـ إذا ـ قادرون على تفهّمه ف «للناس» تعلّمه و «للناس» تطبيقه و «للناس» نشره ، وأنت رسول الله الى الناس بكتاب الله «للناس».

(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(٤٢).

هذه هي الآية الأمّ دلالة على حقيقة الموت والحياة البرزخية بعد الموت ، وتجاوبها بعض الشيء آية الأنعام : (هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٦١).

أترى أن بينها وبين التي تجعل التوفي لملك الموت : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ...) (٣٢ : ١١) والتي تجعله لسائر الملائكة الرسل : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) (٦ : ٦١)

٣٤٤

وأضرابها : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) (١٦ : ٣٢) (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) (١٦ : ٢٨) (فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ)(٤٧ : ٢٧).

هل إن هنالك تهافتا ثلاثيا؟ كلّا! فالمتوفي الأصيل للأنفس كلها طيبة وظالمة هو الله ، والموكّل لذلك كعامل بأمر الله هو ملك الموت حيث يدير شؤون الأموات ، ثم الموكّلون تحت إمرته بأمر الله هم رسل من الله! فلا محيي ولا مميت إلّا الله ، دون واسطة ، ام بوساطة هو في غنى عنها ، ولكن المتوفى لا يأهل أن يتوفاه الله دون وسيط.

فقد يتوفى الله دون وسيط من هو أرقى من ملك الموت وأعلى محتدا كالرسول الأقدس (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن حذى حذوه ، وليس حضور ملك الموت بمحضره حين التوفي إلّا تشريفا والمتوفي هو الله : (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) (١٠ : ٤٦).

«أما ملك الموت فإن الله يوكله بخاصته ممن يشاء من خلقه ويوكل رسله من يشاء من خاصته ممن يشاء من خلقه يدبر الأمر كيف يشاء وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس لأن فيهم القوي والضعيف ولأن منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله إلا أن يسهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه وإنما يكفيك أن تعلم ان الله المحيي والمميت وأنه يتوفى الأنفس على يدي من يشاء من خلقه من ملائكته وغيرهم»(١).

__________________

(١) نور الثقلين ٤ : ٤٨٩ ح ٦٥ في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي (عليه السلام) يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات واما قوله : ـ ثم ذكر الآيات المذكورة في المتن ـ فان الله تبارك وتعالى يدبّر الأمر كيف يشاء ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء ، واما ملك الموت ...

٣٤٥

هنالك ثلاثية التوفي ، من الله للرعيل الأعلى ، ومن ملك الموت بإذن الله لمن يتلونهم الخاصة ، ومن سائر الملائكة بدرجاتهم لسائر الناس بدرجاتهم أو دركاتهم ، وإن كان الله هو المتوفي فيها كلها!

ترى وكيف يصح هذا التقسيم وآية ملك الموت تخاطب ناكري البعث : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ... قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ ...)؟ ولكنه يعني التوفي بوسيط وليس إلّا تحت رئاسة ملك الموت بأعوانه الملائكة الآخرين (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) او (... ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) فإنهما تفسران توفي ملك الموت أن ليس كله بيده دون وسيط ، وكما تفسران مع سائر الآيات (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) أن ليس كل توفيه دون وسيط.

إذا فالمتوفي لأطيب الطيبين هو الله ، وللخصوص منهم بعدهم هو ملك الموت ، ولسائر الطيبين سائر ملائكة الموت ، وللظالمين أنفسهم أدنى الملائكة مهما كانوا كلهم معصومين ف (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (٢٢ : ٧٥).

ثم ما هو التوفي ، والأنفس المتوفاة هنا؟

ليس التوفي هو الإمامة نفسها ، بل هو أعم منها حيث هنا يطلق على الإماتة : (وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) وفي أخرى على أخذ الروح والجسم دون إماتة ولا إنامة عن هذه الكرة الأرضية إلى غيرها : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) (٣ : ٥٥) مع العلم أن المسيح حي يرزق حتى الآن : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (٤ : ١٥٩) وحتى الآن ما آمن به المسيحيون كلهم فضلا عن أهل الكتاب كلهم ، فليكن حيا حتى الآن.

٣٤٦

فالتوفي في معنى جامع لهذه الثلاث هو الأخذ وافيا ، مهما كان المأخوذ هو الإنسان بروحه وجسمه كما في المسيح (عليه السلام) أم بروحه ككل كما في الإماتة (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) (٤ : ١٥) والموت لا يميت ، أم بروحه بعضا كما في الإنامة ، فإيفاء الأخذ في كلّ بحسبه ، إيفاء للمأخوذ كونا وكيانا ، أجرا وجزاء ، دونما إبقاء هنا أو هناك ، وكذلك الله يتوفى حين يتوفى وبعده ، إيفاء دون إبقاء.

والأنفس هنا ليست هي الأرواح بالأجساد ، مهما كان المجموع نفسا ، كما كل نفس ، اللهم إلّا توفيا لهما بعد توفي الانفصال ، فإنهما معا في حفظ الله دون أن يضل منهما شيء : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ .. قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) (٣٢ : ١١) فلولا تعني توفي الجسم مع الروح لما كانت إجابة عن إشكال : (ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) إذ يعنون ضلال البدن بأجزائه.

فهنالك عند الإماتة توفّيان متداخلان ف (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) إذ يفصل الروح بكامله عن البدن ، ويحفظهما بكاملهما عن الضياع والضلال ، وقد لا تعني آية التوفي هذه إلّا الأول ، ولا سيما أن النوم ايضا هنا توف ولا يؤخذ فيه الجسم.

إذا فالأنفس في توفي الإماتة هي الأرواح بكاملها دون إبقاء ، من إنسانية وحيوانية ونباتية ، فهي تموت بذلك التوفي (حِينَ مَوْتِها) ولا يعني موتها فوتها ، وإنما انفصالها عن أجسادها وبطلان تصرفاتها فيها ، وإلّا فهي أحيى مما كانت في الحياة الدنيا ، كما أن موت البدن ـ وهو ميت في نفسه ـ يعني انفصال الحياة عنه وبطلان انصرافه بتصرفات الروح ، وأين موت من موت؟

النفس تذوق الموت لانفصال ولا تموت (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (٣ : ١٨٥) فما موتها هنا وفي أمثالها : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ

٣٤٧

اللهِ) (٣ : ١٤٥) إلّا ذوقا للموت ، أو يعني موت أبدانها اللهم إلّا هنا حيث (يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) : الأرواح (حِينَ مَوْتِها).

(وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) كذلك الله يتوفاها ، ولكنها ليست النفس الروح بتمامها ، بل هي الروح الإنسانية المديرة المدبرة لحياة اليقظة ، ثم تبقى الحيوانية والنباتية إبقاء لأصل الحياة نموا وانهضاما لغذاء وتنفسا دون تحسّس ، فمعنى توفي النفس النائمة ـ إذا ـ هو اقتطاعها عن الأفعال التميزية والحركات الإرادية كالعزوم والصعود وترتيب القيام والقعود وسائر الأفعال الاختيارية.

وبدمج النباتية في الحيوانية ، وهي لزامها ـ فلأقل تقدير ـ لكل إنسان نفسان متحدتان متمازجتان في حياة ، ثم تنفصل الإنسانية في حياة النوم ، برزخا مؤقتا حتى اليقظة ، وتنفصلان عنه عند الموت فتعيشان دون هذا البدن في الحياة البرزخية ، وفي القيامة حياة أرقّ وأرقى!

ثم بالنسبة لهذه التي لم تمت في منامها (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) يمسك النفس الإنسانية المتوفاة لكيلا تنجذب إلى الحيوانية المبقاة ، حيث الإمساك يلمح إلى التجاذب بينهما للالتحام ، تداوما للحياة الدنيوية ، فلولا الإمساك لانجذبت الانسانية الى الحيوانية ، وبالإمساك ينعكس الانجذاب : (وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى).

فالتلاحم بين نفسي الإنسان لزام حياتهما هنا وفي البرزخ ، فلا تعيش الإنسانية دون الأخرى ، كما لا تعيش الأخرى دون الأولى ، ف «ما من أحد ينام إلا عرجت نفسه إلى السماء وبقيت روحه في بدنه وصار بينهما سبب كشعاع الشمس فإن أذن الله في قبض الأرواح أجابت الروح النفس وإن

٣٤٨

أذن الله في رد الروح أجابت النفس الروح ...» (١) وسبب كشعاع الشمس أحسن تعبير عن التجاذب بينهما على فصال ، فضلا عن حالة الاتصال!

فكما (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) بتمامها ، كذلك يتوفى (الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) لأولاها (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) وحتى يتم الموت (وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) رجوعا إلى الحياة ، فقد يتحقق الموت في وصال للنفسين كحال اليقظة ، أم في فصال لهما كحال الموت ، يتوفى الأولى أولا بالإنامة والثانية ثانيا بإمساك الأولى حتى تنجذب الثانية إليها.

__________________

(١) تفسير العياشي باسناده عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ما من عبد ... وهو قوله سبحانه : الله يتوفى الأنفس حين موتها ... فمهما رأت في ملكوت السماء فهو مما له تأويل وما رأته بين السماء والأرض فهو مما يخيله الشيطان وليس له تاويل (البرهان ٤ : ٧٧) وفي نور الثقلين ٤ : ٤٨٩ ح ٦٤ عن كمال الدين وإتمام النعمة باسناده الى داود ابن القاسم الجعفري عن محمد بن علي الثاني (عليه السلام) قال : اقبل امير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم ومعه الحسن بن علي (عليه السلام) وسلمان الفارسي وامير المؤمنين متّك على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على امير المؤمنين فرد عليه السلام فجلس ثم قال يا امير المؤمنين اسألك عن ثلاث مسائل ان اخبرتني بهن علمت ان القوم ركبوا من أمرك ما اقضي عليهم انهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم وان تكن الاخرى علمت انك وهم شرع سواء فقال له امير المؤمنين (عليه السلام) سلني عما بدا لك قال : اخبرني عن الرجل إذا نام اين تذهب روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى وعن الولد كيف يشبه الأعمام والأخوال؟ فالتفت امير المؤمنين (عليه السلام) الى أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) فقال : يا أبا محمد أجبه فقال (عليه السلام) اما ما سألت عنه من امر الإنسان إذا نام اين تذهب روحه فان روحه معلقة بالريح والريح معلقة بالهواء الى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة فان اذن الله عز وجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح وجذبت تلك الريح الهواء فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها وان لم يأذن الله عز وجل برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح وجذبت الريح الروح فلم ترد الى صاحبها الى وقت ما يبعث ...

٣٤٩

إذا ف «النوم أخ الموت» ومثل له يمثّله كبراعة استهلال ، فانه توفّ كما هو ، مهما افترقا بتوفي الروح كله أو بعضه ف (هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ...) (٦ : ٦١) (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ، فحين نفكر في النوم والموت نجد بينهما تقارنا بفاصل يخص الموت ، فالنوم ـ إذا ـ آية حسية مكرورة طول الحياة تدل على إمكانية الحياة مع الموت وبعده ، معه حيث النائم ميت في نفسه حيّ في روحه ، حياتا برزخية أولى ، فلتكن في الموت حياة برزخية ثانية بعده وكما النائم يبعث باستيقاظ ، كذلك الميت يبعث للحياة الاخرى بنفخ الصور.

وإرسال النفس بعد توفّيها في المنام قضاء لأجلها ، آية إرسالها بعد موتها قضاء لأجرها.

واليقظة بعد النوم آية أن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.

وآية للرحمة المتواصلة الإلهية تقطع عن الإنسان معاذيره كيلا يقول (إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ...).

وكما أن راحة النوم عن حركات التعب ونهضات النصب آية أخرى تخجل الإنسان أمام ربه إذ يذكّرها ، فليراقب أعماله بعده ، وكما ترى في منامك رؤياءات صادقة لمكان تجرد أكثر مما في اليقظة ، وهناك تنفتح لك شعبة من الوحي فترى ما لا تراه في اليقظة ، كذلك ـ وبأحرى ـ بعد الموت حيث تتجرد أكثر من النوم ، داخلا في عالم تمامه الصدق ، فترى ما لم تكن تراه في حياتك الدنيا يقظة ونوما ، حيث تكشف عنك غطاءك كلها : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ... إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

٣٥٠

(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٤٤).

اتخذوا من دونه آلهة (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ) يشفعون لهم عند الله إذ يقولون : «هؤلاء شفعاءنا عند الله»؟ «قل أ» تتخذونهم شفعاء (وَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً) لأنفسهم فضلا عمن سواهم (وَلا يَعْقِلُونَ) فكيف ـ إذا ـ يملكون؟

ثم وليس كل من يملك شيئا ويعقل هو يملك الشفاعة عند الله ، فإن (لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) في شرعة وتكوين ، و (لا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٤٣ : ٨٦).

فهو الذي يملّك الشفاعة من يملكها على شروطها التي هو قرّرها لا سواه ، فكيف ترجون الشفاعة ممن ليس يملك شيئا ولا يعقلون ، وحتى إذا ملكوا وعقلوا و (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٤٣ : ٨٦) (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٢١ : ٢٨)!

فإنما الشفاعة في ملك الله وعباده لمن يملك السماوات والأرض ثم إليه يرجعون ، وليس إلّا الله وحده لا سواه ، ف (لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) من ايّ كان ، لأنه المبدء المبدع وإليه المعاد ، فكيف يحق لأحد أن يشفع في ملكه وعنده إلّا بإذنه (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (٢ : ٢٥٥)؟.

(وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)(٤٥).

كلّ من الاشمئزاز والاستبشار غاية في بابه ، : امتلاء القلب غما تظهر آثاره في الوجه مغبرا ، وامتلاءه سرورا تظهر آثاره في الوجه متهلّلا!

٣٥١

وهب هم يشركون بالله ما لم يأذن به الله ، فلما ذا يشمئزون من ذكر الله وحده ويستبشرون من الذين من دونه ، تلك إذا قسمة ضيزى ، اشمئزازا من الإله الأصيل الخالق ، واعتزازا بالشريك المختلق ، ذلك بأنهم لا يؤمنون بالآخرة ، فلهم ما يشتهون فيما يعبدون ، وفي الحق ما هم بمشركين كما يدعون ، بل هم موحدون لعبادة شركائهم ، رافضون لعبادة ربهم ، فهم ـ إذا ـ أنحس من الملحدين الناكرين لله ، العابدين لغير الله.

لا تقل إنهم مشمئزون ـ فقط ـ من توحيد الله : (إِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ) ومستأنسون إذا ذكر مع شركائه ، فإنهم (إِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) فهم يرفضون ذكر الله وحده ومع شركائهم ، وإذا ذكروه معهم فإنما الهدف الأصيل شركائهم.

وهكذا نرى جماعة من الموحدين ، أنهم لا يستأنسون بذكر الله استيناسهم بذكرى رسله وأوليائه ، كما لا يأنسون بكتاب الله أنسهم بخليط الأحاديث من الغث والسمين والخائن والأمين ، وهذا شرك خفي في المؤمنين بالله قد يصبح ركاما فيجلو : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)!

(قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)(٤٦).

الحاكمية بين المختلفين تتطلب حيطة علمية بسائر شروطها المتعاضلة المتفاضلة ، ولذلك لا يحكم بين عباد الله أصالة إلّا الله ، والرسول رسالة والائمة ولاية ، والعلماء الربانيون ـ الأقرب منهم فالأقرب إلى ساحة العصمة القدسية ـ خلافة عن أئمة الهدى ومصابيح الدجى.

(فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الذي خلقهما هو أعلم بهما ومن فيهما كونا

٣٥٢

وكيانا وفعلا وافتعالا ، وهو (عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) الحاكم الوحيد القهار بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون ، حكما في الدنيا بشرعته المبينة للحق ، وحكما في الآخرة ولا رسالة هناك ولا كتاب ، اللهم إلّا كتاب الشرعة والأعمال.

(وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ٤٧ وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٤٨)

(لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) هنا المشركون والناكرون لحياة الحساب فالثواب والعذاب حيث (حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ ...) كل ظلم و (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (.. أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ. الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ) (٧ : ٤٥)

فهم الذين لم يستجيبوا لربهم ف (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) (١٣ : ١٨).

وهم الذين كفروا (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٥ : ٣٧) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٣ : ٩١) وملء الأرض ذهبا هي كل (ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ) فهذا مثل لعظيم الفداء يوم القيامة الكبرى ، و (مِلْءُ الْأَرْضِ) ايضا في آيتها تعني المثال (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ

٣٥٣

الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ ...) (١٠ : ٥٤) فلا تنافي بين مثلث الآيات : (ما فِي الْأَرْضِ) (... وَمِثْلَهُ مَعَهُ) و (مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً) حيث الكل أمثال عن كثرة الفداء.

ثم هنا استحالة في قبول الفداء من بعدين ، ف «لو» تحيل أن يكون لهم ما في الأرض ، (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً) تحيل قبول أي فداء منهم مهما كان أطول الأضلاع في مثلّثه ، هول ملفوف في ثنايا التعبير الرهيب لا حول عنه بأية فداء وإن في صورها المستحيلة وحتى (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ. وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ. وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ) (٧٠ : ١٤).

ومع رد الفداء ـ لو كان ـ وبعده (بَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) من حق المبدء والمعاد ووحيه الرابط بين المبدء والمعاد ، فلم يكونوا يحتسبون ذلك المستقبل العتيد الشديد ، والاحتساب حكم لأحد النقيضين من غير أن يخطر الآخر بباله ، وهو خلاف الحساب فإنه افتعال من الحساب ، وتكلّف كاذب يناقض الحساب ، وقد كانوا يحتسبون أن الحياة هي الدنيا ، فلم يكونوا يحتسبون أن بعدها أخرى هي أحرى قضية الحساب.

ثم ومن ثم (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) بعد ما كانوا عنها غافلين عمين : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).

يوم الدنيا كانت سيئاتهم في احتسابهم حسنات ، أم ما كانت سيئات إذ (زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) ثم في يوم الحساب يكشف الغطاء عما عملوا (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)

٣٥٤

إذ كانوا يستهزئون بالعذاب الحساب ، فنزل بهم ما كانوا يحتسبون! مربع من ركام العذاب دون تفلّت عنه ولا تلفّت.

(فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٩) قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٥٠) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ)(٥١).

هذه طبيعة الإنسان وسجيّته ، نسيان الله وذكر من سواه ، فإذا مسّه ضرّ ولما يحلّ به ـ حيث المس ذريعة الحلول ـ هناك «دعانا» أن نكشف الضر عنه (ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا) : (نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ)(٨) و (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ)!.

فرغم أن (نِعْمَةً مِنَّا) هي مخوّلة غير مملّكة ، فهي عطية مؤقتة فتنة (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ) وهي «منا» لا منه ، لا ذاتا ولا استحقاقا ، بالرغم من كل ذلك (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) حاصرا هذه العطية الربانية أنها آتية «على علم» مني وخبرة واستحقاق (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).

أكثر المنعمين لا يعلمون أن نعم الله فتنة وكما أن نقمه فتنة (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ. وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ. كَلَّا ...) (٨٩ : ١٦).

ومن ثم قليل منهم يعلمون أنها فتنة ، أترى أنهم المؤمنون حقا فلا يغترون بنعمة ، ولا ييأسون بنقمة ، فهما لهم أمام الله على حدّ سواء ، فهم راضون بمرضاة الله؟ وهناك من يعلم أنها فتنة ولكنه يفتن بها! ومنهم قلة قليلة يعلمون ولا يفتنون ، ثم و «لا يعلمون» في الأكثر ليس إلّا جهل

٣٥٥

التجاهل والغفلة ، جهلا عامدا دون قصور ، حيث الجاهل القاصر معذور.

وليسوا هم بدعا من قائلي هذه القولة ف (قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من أضرابهم وهم الأكثرية الساحقة في التاريخ (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) على هذه القولة الجوفاء الخواء (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) إصابة يوم الدنيا وأخرى يوم الدين (وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ) الحاضرين وإلى يوم الدين (سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) على سواء (وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) الله.

نجد هذه الآية وأضرابها تكشف عن الفطر والعقول ركام الأهواء الهاوية والشهوات الخاوية ، تعرية من العوامل المصطنعة ، وتجريدا للإنسان في ضلاله عن كل حجة ، ضاربا إلى أعماق التاريخ في الغابرين ، ورابطا بينهم وبين الحاضرين والذين يستقبلونهم إلى يوم الدين ، حيث الكفر ملة واحدة ، وفي علة واحدة ، فإلى جهنم وبئس المصير.

وإنها تلمس قلوبهم بعرض مصارع الغابرين ، من هم أشد منهم قوة وأكثر آثارا في الأرض وعمارا (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ).

ألم يعلموا بعد أنّ نعم الله بلايا وامتحانات قد تبوء إلى امتهانات ، فهي من الله على جهلهم لا منهم «على علم» منهم؟ فإن لم يعلموا :

(أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(٥٢).

وهذا أمر ملموس أنه هو الذي يبسط الرزق وهو الذي يقدر ، فكم من كادّ في طلب الرزق الواسع ، وعالم كيف يكسبه وقد قدر عليه رزقه ، وكم من متبطّل جاهل يأتيه رزقه واسعا رغدا من حيث لا يحتسب.

٣٥٦

وليس هذا التقدير استجاشة للبطالة والعطالة ، وتجميدا للطاقات البشرية ، فإنما أمر بين أمرين ، فلا أن بسط الرزق وقدره رهينان ـ فقط ـ لسعى الإنسان أو هموله ، ولا أن الله يبسط الرزق ويقدر كفوضى جزاف تعمية للمساعي وهو القائل (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).

إنما عليك أن تسعى قدر الحاجة والاستطاعة ، دون تحتيم على ربك أنه رازقك قدر سعيك ، أو يقتر عليك إن لم تسع قدر حاجتك وطاقتك ، فإنما عليك السعي وعلى الله التكلان في منتوجات السعي.

سعة الرزق هي حصيلة معدات ليست كلها بيدك ، فقد يعدها لك ربك إن رآه صالحا لك أو في كل النظام ، أم لا يعدها لخلوه عن صالح هنا أو هناك ، ثم يسع الرزق لمن سعى دونك حيث يعدّ له معداته الخارجة عن سعيه ، إذا فهو الذي يبسط وهو الذي يقدر ، رغم واقع المساعي بمختلف درجاتها ، إذا فعليك الحركة قدر المستطاع وعلى الله البركة كما يشاء ، زائدة على سعيك أم ناقصة عنه ، فإن لم تسع اتكالا على رازقك فما لك إلّا ما لغير الساعين من جوع أم بلغة الحياة أماذا؟

وفي تخلف المسببات عن أسبابها المعدة لها دليل صارم لأمر دله أن في الغيب مسبّبا للأسباب ليس لينتظم في خيرتنا تحت الأسباب ، إلها واحدا يسبب الأسباب أم يبترها عن كونها أسبابا ، وهو الذي (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) رغم ظواهر الأسباب ، تنظيما للكون كأصلح ما يكون ، وتدليلا أن هنا مكونا واحدا قديرا عليما فوق الأسباب ، خفيا وراء الأسباب.

(قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى

٣٥٧

أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (٥٩) وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠) وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٦١)

٣٥٨

هنا بعد الهول الرهيب للذين ظلموا وتقطّع الآمال ، وتميّز الحال واضطراب البال ، لا يغنيهم أي فداء عما ظلموا بما أسرفوا على أنفسهم ، يفتح الله أبواب التوبة والأوبة والغفران بمصاريعها ، حتى ليطمع أهل الكبائر العظائم في رحمة الله غير قانطين عنها ، ولكنها فرصة متاحة بشروطها في أوانها قبل إفلاتها وفوات الأوان! حالة وسطى بين الخوف المطلق فإياس وإبلاس ، وبين الرجاء المطلق فاللّامبالات والارتكاس :

(قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا ... وَاتَّبِعُوا.).

وإنها أرجى آية في كتاب الله وأوسعها (١) تنزل في وحشي بن حرب وكل حرب وحشي حين يدعى إلى الإسلام ، وهو يسترخص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما أسرف ، فتنزل (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥ : ٧٠) فلا يقنع لأنه شرط شديد فلعلي لا أقدر على هذا ، فتنزل : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (٤ : ٤٨) فكذلك الأمر «فلا يدرى يغفر لي أم لا فهل غير هذا» فأنزل الله آية الإسراف هذه فأسلم

فقال الناس يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنا أصبنا ما أصاب وحشي قال (صلى الله عليه وآله وسلم) بلى للمسلمين عامة (٢).

__________________

(١) الدر المنثور ٥ : ٣٣١ ـ اخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال قال علي اي آية أوسع فجعلوا يذكرون آيات القرآن (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) ... ونحوها فقال علي رضي الله عنه ، ما في القرآن أوسع آية من (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ...)

(٢) المصدر اخرج الطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان بسند لين عن ابن ـ

٣٥٩

وما أحبها الى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول «ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية فقال رجل يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فمن أشرك؟ فسكت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ألا ومن أشرك ثلاث مرات (١) وظاهره الإشراك بعد التوحيد (٢) رغم

__________________

ـ عباس (رضي الله عنه) قال : بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الى وحشي بن حرب قاتل حمزة يدعوه الى الإسلام فأرسل إليه يا محمد كيف تدعوني وأنت تزعم ان من قتل او أشرك او زنى يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا وانا صنعت ذلك فهل تجد لي من رخصة فانزل الله (إِلَّا مَنْ تابَ ...) فقال وحشي هذا» شرط شديد (إِلَّا مَنْ تابَ ...) فلعلي لا أقدر على هذا فأنزل الله (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ...) فقال وحشي هذا ارى بعد مشيئته فلا يدرى يغفر لي ام لا فهل غير هذا فانزل الله (يا عِبادِيَ ...) قال وحشي هذا فهم فأسلم ... وفيه أخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن وحشي قال : لما كان من امر حمزة ما كان القى الله خوف محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في قلبي خرجت هاربا اكمن النهار وأسير الليل حتى صرت الى أقاويل حمير فنزلت فيهم فأقمت حتى اتاني رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعوني الى الإسلام قلت وما الإسلام؟ قال : تؤمن بالله ورسوله وتترك الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله وشرب الخمر والزنا والفواحش كلها وتستحم من الجنابة وتصلي الخمس قال : ان الله قد انزل هذه الآية (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ...) فقلت : اشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله فصافحني وكناني بابي حرب.

(١) المصدر اخرج احمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن ثوبان قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : ما أحب ...

(٢) المصدر اخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : نزلت هذه الآيات في عياش بن أبي ربيعة وليد بن الوليد ونفر من المسلمين كانوا اسلموا ثم فتنوا وعذبوا فافتتنوا فكنا نقول : لا يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا ابدا ، أقوام اسلموا ثم تركوا دينهم ـ

٣٦٠