الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ٢١

الشيخ محمد الصادقي

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ٢١

المؤلف:

الشيخ محمد الصادقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: انتشارات فرهنگ اسلامى
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٨

(صلى الله عليه وآله وسلم) «من كان بينه وبين أخيه شيء فدعاه إلى حكم من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم لا حق له». (١)

__________________

(١) الدر المنثور ٥ : ٥٤ ـ اخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : ان الرجل كان يكون بينه وبين الرجل خصومة او منازعة على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا دعي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو محق أذعن وعلم ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سيقضي له بالحق وإذا أراد ان يظلم فدعي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اعرض وقال : انطلق إلى فلان فانزل الله (وَإِذا دُعُوا) ـ الى قوله ـ (الظَّالِمُونَ) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : من كان بينه ... وفيه واخرج الطبراني عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من دعي إلى سلطان فلم يجب فهو ظالم لا حق له ، أقول يعني به سلطان المسلمين : من له سلطة شرعية عليهم من حكام الشرع والقضاة امّن ذا من أجهزة الدولة العادلة الإسلامية إلا إذا تأكد ان هذا السلطان ظالم فالتحاكم إليه تحاكم إلى الطاغوت!.

وفي نور الثقلين ٣ : ٦١٥ ح ٢١٠ عن تفسير القمي حدثني ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : نزلت هذه الآية في امير المؤمنين (عليه السلام) وعثمان وذلك انه كان بينهما منازعة في حديقة فقال امير المؤمنين (عليه السلام) نرضى برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال عبد الرحمن بن عوف لا تحاكمه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فانه يحكم له عليك ولكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي فقال عثمان لأمير المؤمنين (عليه السلام) : لا نرضى الا بابن شيبة اليهودي فقال ابن شيبة لعثمان تأمنوا رسول الله على وحي السماء وتتهموه في الأحكام؟ فانزل الله عز وجل على رسوله (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ ـ الى ـ الظَّالِمُونَ) ثم ذكر امير المؤمنين (عليه السلام) (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ ... فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ).

وفي التفسير الكبير ٢٤ : ٢٠ ، قال مقاتل : نزلت هذه الآية في بشر المنافق وقد خاصم يهوديا في ارض وكان اليهودي يجره إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليحكم بينهما وجعل المنافق يجره إلى كعب بن الأشرف ويقول : ان محمدا يحيف علينا وقال الضحاك نزلت في المغيرة بن وائل كان بينه بين علي بن أبي طالب ارض فتقاسما فوقع ـ

٢٠١

ولماذا يتولى هذا الفريق فيعرض عن حكم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلّا إذا كان لهم الحق؟ :

(أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(٥٠).

هذا الترديد التقسيم يقرر موقف (فَرِيقٌ مِنْهُمْ ... دُعُوا) أنهم جماعة بين من (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) نفاقا كبشر المنافق ، او غير نفاق حيث نفي

__________________

ـ إلى علي منها ما لا يصيبه الماء الا بمشقة فقال المغيرة بعني أرضك فباعها إياه وتقابضا فقيل للمغيرة أخذت سبخة لا ينالها الماء فقال لعلي عليه السلام اقبض أرضك فانما اشتريتها إن رضيتها ولم ارضها فلا ينالها الماء فقال علي (ع) بل اشتريتها ورضيتها وقبضتها وعرفت حالها لا اقبلها منك ودعاه إلى ان يخاصمه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال المغيرة : اما محمد فلست آتيه ولا أحاكم إليه فانه يبغضني وانا أخاف ان يحيف علي فنزلت هذه الآية ، وقال الحسن نزلت هذه الآية في المنافقين الذين كانوا يظهرون الايمان ويسرون الكفر.

وفي تفسير الالوسي ١٨ : ١٩٤ ـ اخرج ابن المنذر وغيره عن قتادة انها نزلت في المنافقين وروى عنالحسن نحوه وقيل نزلت في بشر المنافق دعاه يهودي في خصومة بينهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعا هو اليهودي إلى كعب بن الأشرف ثم تحاكما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فحكم لليهودي فلم يرضى المنافق بقضائه (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : نتحاكم إلى عمر فلما ذهبا إليه قال له اليهودي قضى لي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يرض بقضائه فقال عمر للمنافق : أكذلك؟ فقال : نعم! فقال : مكانكما حتى اخرج اليكما فدخل وخرج بسيفه فضرب عنق ذلك المنافق حتى برد وقال : هكذا اقضي لمن لم يرض بقضاء الله تعالى ورسوله فنزلت وروي هذا عن ابن عباس».

أقول : قوله تعالى : (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ ... وَإِذا دُعُوا ...) لا يناسب شخصا واحدا سواء أكان عثمان او البشر او المغيرة ، فقد تعنيهم الآية وأضرابهم دون اختصاص بشخص دون آخرين.

٢٠٢

عنهم ذلك الإيمان ، المناسب لنفاق خلوا عن أي ايمان ، أم إيمان ناقص ، وقد ردف المنافقون بالذين في قلوبهم مرض فهم أخص منهم (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ...) (٣٣ : ٦٠) ومن «ارتابوا» بعد الإيمان كمغيرة بن وائل ، ومن (يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ) وله بعض الإيمان كمن لا نسمّيه ،

فالمتولي عن حكم الرسول المعرض عنه بعد دعوى الإيمان والطاعة ليس إلّا منافقا في قلبه مرض ، أم مرتابا بعد إيمان ، أم قليل الإيمان حيث يخاف أن يحيف الله عليه ورسوله (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ... بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) بحق الإيمان المدعّى منافقا ، وبحق الإيمان الكائن مرتابا بعده ، وبحق الإيمان الباقي خائفا حيف الله ورسوله نقصا في الإيمان ، وهم الظالمون بحق الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبحق من نازعوه في حقهم ، ولم يرضوا بحكم الرسول حيث يحكم بالعدل!

و «بل» هنا إعراض عن توليهم الإعراض بمثلث الأعراض التي حالت دون الطاعة لرسول الهدى ، و (أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) يعني ـ فقط ـ المعرضين ، لا كل «الذين (يَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) فمنهم الصادقون الصالحون ، (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ) لا كلهم فلا يعمهم مثلث التنديد و «الظالمون»! لقد كانوا على علم ألا يحيف الله ورسوله عليهم ولا يحيد عن الحكم الحق فيهم ، إذ لا ينحرف الرسول مع الهوى حتى ينجرف ويتردى ، إن كانوا مؤمنين ، ولكنهم لمرض في قلوبهم : نفاقا أم ضعف الإيمان ، أو ارتياب بعد الإيمان ، خافوا أن يحيف الله عليهم ورسوله ، بل ليس هذا أو ذاك سببا لخوف الحيف (بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)!

ف ـ «بل» هذه إعراض في وجهيه ، إلى سبب واحد هو الظلم ، سواء أكان في قلوبهم مرض أو ارتياب أو خوف أم لم يكن ، فحتى المشرك

٢٠٣

بالله لا يعرض عن حكم الله خوف الحيف فضلا عن الموحّد مهما كان منافقا أمن ذا؟ فإنما هو الظلم الكامن في قلوبهم يدفعهم إلى الإعراض عن حكم الله!

ترى أليست هذه الثلاث من الظلم حتى يعرض عن سببيتها إلى الظلم؟ علّه يعني أعمق الظلم وأحمقه ، أنهم خلوا من هذه الثلاث يعرضون عن حكم الله ظالمين ، تعديا عن طور الإيمان المدّعى ، وأنهم على واحدة من هذه الثلاث ظالمون فإن الكل ظلم ، فإنما الظلم لا سواه هنا وهناك يدفعهم إلى الإعراض عن حكم الله! فلا حكم إلا لله أصالة وإلّا لرسول الله رسالة ، والتحاكم إلى غير حاكم الله تحاكم إلى الطاغوت أيا كان ، وإن مدعيا للإسلام يتردى ردائه ويتحكم أمته! (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) (٤ : ٦٠)!

إن حكم الله بحكمه فهو الوحيد البريء عن خوفة الحيف ، لأنه العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة ، وخلقه في ميزان عدله سواء ، وليس في شرعته إلّا سيادة القانون الحق دون سائر السادة ، وقيادة القانون الحق دون سائر القادة ، ولا حماية ولا مصلحية إلّا العدالة المطلقة التي لا يسطع لها إلا الله.

فإذ كان الله هو العدل حقا ، فالذي يحيد عن حكم الله إلى سواه هو الظالم حقا (بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وليس الله وليس رسول الله ، ولا كل من يحكم بحكم الله ، فإنما هم المعرضون عن حكم الله!

قضية الإيمان الصادق ألّا يقدّم بين يدي الله ورسوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (٤٩ : ١) فالمقدّمون بين يدي الله ورسوله هم المنافقون مسلمين كانوا أم سواهم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ

٢٠٤

وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٣ : ٢٣) فالمنافقون كما الكافرون ملة واحدة وأما المؤمنون :

(إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ)(٥٢).

إنما السمع والطاعة بعد القول (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) هو قاعدة الإيمان وفائدته ، فعند تقلب الأحوال يعرف جواهر الرجال ، وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان.

فالقول «آمنا ...» هو قولة الإيمان صورة لفظية ، وعقد القلب به هو صورته المعنوية ولمّا يصل إلى سيرته ، ف ـ (إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) هنا تتبين سيرة الإيمان بسريرته : (أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) عمليا في تجربة الإيمان ، بعد فلاحهم في حال ومقال!

ثم لا يفوز بفلاحه هذا بعد القول : سمعا وطاعة ، إلّا بمثلث الطاعة الخشية التقوى : ١ (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ ٢ وَيَخْشَ اللهَ) ٣ «ويتقيه» ـ (فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ)!

فالخطوة الأولى هي الفلاح : شق الطريق الصعبة الملتوية إلى المقصود ، ثم الثانية هي الفوز : الظفر بالخير مع حصول السلامة دنيا وعقبى ، فالقول : سمعنا وأطعنا إفلاح تعبيدا للطريق ، وطاعة الله ورسوله وخشية الله وتقوى الله ، هي اجتياز بسلامة إلى الخير المقصود ، كما الفلّاح يفلح الأرض شقا وإعدادا للبذر ، ثم يبذر بسلامة ويحصد ، إفلاحا ففوزا تلو بعض!

وهكذا نرى آيات الإفلاح والفوز أن الثاني بعد الاوّل ومن مخلفاته : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) (٤ : ٧٣) (فَمَنْ زُحْزِحَ

٢٠٥

عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) (٣ : ١٨٥) فالزحزحة عن النار إفلاح وتسوية للطريق إلى الجنة : (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩ : ٧٢) وعلّ «ذلك» هو الرضوان أم هو الكل ، وكل ذلك فوز نتيجة الإفلاح (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٦١ : ١٢).

وأما الإفلاح فهو التعبيد لطريق الفور (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) (٩١ :) ٩) والتحلية هي بعد التزكية (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٥ : ١٠٠) (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢٤ :) ٣١).

هنالك «كان» في قول المؤمنين (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) تضرب إلى عمق الماضي تلميحا أن ذلك قضية الإيمان بطبيعته ، فالمتخلف عنه متخلف عن الإيمان الصالح مهما كان له إيمان! ثم (وَإِذا دُعُوا ...) تعم دعوة أحد المتنازعين ، أم أي داع إلى الله ، أو داعي الله أو داعي رسول الله ، ثم الطاعة ـ وهي واقعها ـ بعد القول (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) ومن ثمّ الخشية مع الطاعة (وَيَخْشَ اللهَ) تحكيما لرباط الطاعة ، وأخيرا «ويتقه» تقوى في الطاعة الخشية والخشية الطاعة ، أن تستخلص في الله دون سواه ، هذه الثلاث زاد فائز صالح في الطريق الفالح ، اللهم اجعلنا من المفلحين الفائزين.

(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(٥٣)

وَأَقْسَمُوا بِاللهِ) مبلغ «جهد» هم في «أيمانهم» فلم يتركوا صيغة بالغة في القسم مبالغة إلّا أقسموا بها : (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ) من

٢٠٦

أموالهم (١) وإلى الجهاد في سبيل الله ، خروجا مفروضا.

(قُلْ لا تُقْسِمُوا) فلا حاجة إلى إقسام بايّ من الأقسام ، فيما لكم سبيل إلى تطبيقه دون إقسام ، فإنما الواجب عليكم (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) لدى الجميع ، معروفة في الكتاب والسنة لا تحتاج في توكيدها إلى إقسام ولا في تطبيقها إلى أمر بعد أنّ أمرها معروف ، ثم لتكن معروفة لا منكرة كما (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ...) (٤ : ٨١) ولكن طاعتكم معروفة لدينا أنها منكرة ، أن تركتموها حيث لا تخرجون رغم ما تعدون ، أم أطعتم على غير الوجه الذي تؤمرون ، إذ لا تزيدون في الخروج إلّا خبالا ووبالا :

(لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ. إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ. وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ. لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٩ : ٤٧).

فمثلث المعنى من (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) هنا معنية ، وما ألطفها تعبيرا آمرا ناهيا ساخرا متهكما متحكما! ف ـ (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) عن المنافقين محرمة ، و (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) لدى المؤمنين واجبة قدر المستطاع وإلى حد الكمال في خروج المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم) لحد «يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ)(٢).

__________________

(١) الدر المنثور ٥ : ٥٤ ـ إخراج ابن مردوية عن ابن عباس قال : أتى قوم النبي (ص) فقالوا يا رسول الله لو أمرتنا ان نخرج من أموالنا لخرجنا فانزل الله (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ ...).

(٢) نور الثقلين ٣ : ٦١٦ ح ٢١٣ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الله بن عجلان ـ

٢٠٧

(قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)(٥٤).

هنا يؤمر الرسول أن يأمر بطاعة الله ـ طبعا في كتابه ـ وبطاعة الرسول ـ طبعا في سنته وفي أحكامه الرسالية ، ولم يقل «وأطيعوني» حيث لا يطرح نفسه مطرح الطاعة إلّا كرسول ، ويفصل طاعته عن طاعته وهما واحد ، إشعارا بأصالة الأولى ورسالة الثانية ، (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ).

(فَإِنْ تَوَلَّوْا) عن طاعة الله أو طاعة الرسول أو طاعتهما (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ) من تبليغ رسالته ودلالته البالغة حسب المستطاع ، ف ـ (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) وصولا إلى الحق (اللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وليس عليه وزرهم إن تولوا (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) (٦ : ٥٢) (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى).

(وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) من طاعة الله والرسول بدلالته «صلى الله عليه وآله وسلم) وما حمّلتم من أوزاركم إن عصيتم ، أترى إذا تأمّر على المسلمين من يعصي الله فهل يحاسب المؤمّر عليهم بحسابه أو يحاسب بحسابهم؟ كلّا ، فعليه ما حمّل من العدل ، وعليه الوزر إن ترك العدل ، كما عليهم ما حمّلوا من طاعة في العدل ومن تخلف في الظلم ، فلا يجوز الاصطبار على الإمرة الظالمة إلّا تقية ، أو هجمة قاضية وكما أجمله الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بلفظ الآية حين سئل : «أرأيت إن كان علينا أمراء من بعدك يأخذونا بالحق الذي علينا ويمنعونا الحق الذي جعله الله لنا

__________________

ـ قال : ذكرنا خروج القائم (عليه السلام) عند أبي عبد الله فقلت له : وكيف لنا نعلم ذلك؟ فقال : يصبح أحدكم ...

٢٠٨

نقاتلهم ونبغضهم؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم (١) ولقد حمّلت الرعية طاعة رعاتها في الحق وعصيانها في غير حق ، ولكنما الرسول لا ياتي إلا بالحق! ويقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «يا معاشر قراء القرآن اتقوا الله عز وجل فيما حملكم من كتابه فإني مسئول وإنكم مسئولون ، إني مسئول عن تبليغ الرسالة وأما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب الله وسنتي» (٢).

ولقد «ادى ما حمل من أثقال النبوة» (٣) فعلينا أن نؤدي ما حمّلنا من أثقال السمع والطاعة والدعوة.

ولقد فصل خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أجمله هو بقوله : «قد جعل الله لي عليكم حقا بولاية أمركم ولكم عليّ من الحق مثل الذي لي عليكم ، فالحق أوسع الأشياء في التواصف وأضيقها في التناصف ، لا يجري لأحد إلّا جرى عليه ، ولا يجري عليه إلّا جرى له ، ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا لله سبحانه دون خلقه ، لقدرته على عباده ، ولعدله في كلما جرت عليه صروف قضاءه ، ولكنه جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل جزاءهم عليه

__________________

(١) الدر المنثور ٥ : ٥٤ ـ اخرج ابن جرير وابن مانع والطبراني عن علقمة بن وائل الحضرمي عن سلمة بن يزيد الجهني قال قلت يا رسول الله أرأيت ... وعن جابر سئل إن كان علي إمام فاجر فلقيت معه أهل ضلالة أقاتل أم لا ليس لي حبه ولا مظاهرة قال قاتل أهل الضلالة أينما وجدتهم وعلى الامام ما حمّل وعليك ما حمّلت ، وفيه أخرج البخاري في تاريخه عن وائل أنه قال للنبي (ص) إن كان علينا أمراء يعملون بغير طاعة الله تعالى؟ فقال : عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم.

(٢) نور الثقلين ٣ : ٦١٦ ح ٢١٥ عن اصول الكافي بإسناد عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ...

(٣) المصدر ح ٢١٥ في اصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في خطبة طويلة في وصف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيها «وادى ...

٢٠٩

مضاعفة الثواب تفضلا منه وتوسعا بما هو من المزيد أهله ، وأعظم ما افترض الله سبحانه من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي ، فريضة فرضها الله سبحانه لكلّ على كلّ ، فجعلها نظاما لألفتهم وعزا لدينهم ـ

فليست تصلح الرعية إلّا بصلاح الولاة ، ولا تصلح الولاة إلّا باستقامة الرعية ، فإذا أدّت الرعية إلى الوالي حقه وأدى الوالي إليها حقها عز الحق بينهم وقامت مناهج الدين واعتدلت معالم العدل وجرت على أذلالها السنن فصلح بذلك الزمان وطمع في بقاء الدولة ويئست مطامع الأعداء ـ

وإذا غلبت الرعية وإليها أو أجحف الوالي برعيته اختلفت هنالك الكلمة وظهرت معالم الجور وكثر الإدغال في الدين وتركت مناهج السنن فعمل بالهوى وعطّلت الأحكام ـ

وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر ويوضع أمرهم على الكبر ، وقد كرهت أن يكون جال في ظنهم أني أحب الإطراء واستماع الثناء ، ولست بحمد الله كذلك ، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لكرهته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمة والكبرياء وربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء فلا تثنوا عليّ بجميل ثناء لإخراج نفسي إلى الله وإليكم من التقية في حقوق لم أفرغ من أدائها وفرائض لا بد من إمضائها ، فلا تكلموني بما تكلّم به الجبابرة ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة ولا تخالطوني بالمصانعة ، ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي ، ولا التماس إعظام لنفسي ، فإنه من استثقل الحق أن يقال له ، أو العدل أن يعرض عليه ، كان العمل بهما أثقل عليه ، فلا تكفّوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل فإني لست في نفسي بفوق أن أخطأ ولا آمن ذلك من فعلي إلّا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني ، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره ، يملك منا

٢١٠

ما نملك من أنفسنا وأخرجنا مما كنا فيه إلى ما صلحنا عليه ، فأبدلنا الله بعد الضلالة بالهدى وأعطانا البصيرة بعد العمى» (١)

(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٥٥).

نرى إجمالا من هذا الوعد الصدق في آية مكية حينما الأخطار حادقة والأشرار مسيطرة على عاصمة التوحيد ، فدين الله في تقية والديّنون في تخوّف لا يأمنون على أنفسهم شيئا ، والمشركون مسيطرون على بيت الله وعاصمة الإسلام ، نراها تعد المضطرين المستضعفين الداعين خلافة الأرض : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (٢٧ : ٦٢) ولكنهم ما لمسوا في العهد المكي طرفا من ذلك الوعد!

ثم نرى في هذه المدينة تفصيلا لذلك الوعد ، علّه يشير إلى الوعد المكي «وعد» على تبدّل ل ـ (الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) ب ـ (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) وفيهما لمحة باهرة أن اضطرار المؤمنين العاملين الصالحات ينتهي إلى خلافة الأرض شرط (إِذا دَعاهُ) لا فقط في المقال ، فإنه واقع لهم على أية حال دون واقع لوعدهم ، بل وفي الحال والأعمال أن يصبحوا دعاء : إيمانا حركيا وعملا صالحا حركيا يزعزع عروش الضلالة ويتبنى عرش الحكم الحق ، فاستخلافا لهم في الأرض ، وتمكينا للدين المرتضى وأمنا بعد الخوف ، وعبادة لله خالصة دون إشراك.

ذلك هو الإيمان النشيط البنّاء إذ يستغرق النشاطات الإنسانية بأسرها ،

__________________

(١) نهج البلاغة عن الامام علي امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه.

٢١١

إخراجا لها عن أسرها وحصرها ، وتحريرا لها ، إعلانا وإذاعة شاملة في مختلف صور الأعمال ، جهادا في سبيل الله ، وتحقيقا لخلافة الله على الأرض ، دون إبقاء على ما تهوى الأنفس إلّا هواه ، متجها بكله إلى الله : بميول الفطرة ـ أشواق القلب ـ لفتات الروح قضاء على كافة الفلتات.

لقد قضى المسلمون الأولون عهدي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مكيا ومدنيا في تخوف واضطراب واضطرار ، تصبّرا على كل أذى ولظى في مكة ، وخائفين في المدينة «يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح فصبروا على ذلك ما شاء الله ثم إن رجلا من الصحابة قال : يا رسول الله! أبد الدهر نحن خائفون هكذا؟ أما ياتي علينا يوم نأمن فيه ونضع عنا السلاح؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لن تصبروا إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم ليست فيه حديدة»! وأنزل الله هذه الآية فأظهر الله نبيه على جزيرة العرب فأمنوا ووضعوا فيه السلاح. (١) و «لما نزلت قال (صلى الله عليه وآله وسلم)» بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب» (٢).

__________________

(١) الدر المنثور ٥ : ٥٥ ـ اخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين يدعون إلى الله وحده وعبادته وحده لا شريك له سرا وهم خائفون لا يؤمرون بالقتال حتى أمروا بالهجرة إلى المدينة فقدموا المدينة فأمرهم الله بالقتال وكانوا بها خائفين يمسون ... وفيه اخرج ابن المنذر والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن أبي بن كعب قال لما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة فكانوا لا يبيتون إلّا في السلاح ولا يصبحون إلا فيه فقالوا : أترون انا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف الا الله فنزلت ...

(٢) الدر المنثور ٥ : ٥٥ ـ اخرج احمد وابن مردويه واللفظ له والبيهقي في الدلائل ـ

٢١٢

فهل الآية تعني ـ فقط ـ تلك الفترة القصيرة بعد فتح مكة حيث وضعوا السلاح وأمنوا في الجزيرة العربية؟ وهي واعدة استخلافهم في الأرض ، لا ـ فقط ـ في أرض الجزيرة!

إنها تعنيها فيما تعنيه من خلافة المؤمنين على درجاتها ، وتشهد له (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) إذ لم تسبق في الأرض كلها خلافة وسلطة إيمانية إلّا زمن النبيين داود وسليمان ولم تشمل كل المعمورة ، وخلافة ذي القرنين كذلك الأمر!

خلافة الإيمان وسلطته على أرض فضلا عن الأرض تتطلب شروطا ليست هي ـ فقط ـ الإيمان وعمل الصالحات ، بل هي بشروطهما وشروط آفاقية لا تتحقق إلّا بشرطي صلوح الإيمان والعمل الصالح الحركيين ، وإجابة إلهية لهولاء المضطرين ، ولا ظرف صالحا لهذه الإجابة إلّا اكتمالا في عدة وعدة لكتلة الإيمان : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)!

إن وعد الله مذخور لكل قائم على شروط الإيمان والعمل الصالح من هذه الامة إلى يوم القيامة ، وإنما يبطئ النصر والاستخلاف والأمن والتمكين في الأرض لتخلّف شرط أو شروط في جانب من جنباته الفسيحة ، أو في تكليف من تكاليفه الضخمة حتى إذا انتفعت الأمة بالبلاء وجازت الابتلاء وتطلبت مضطرة إلى الله ـ بعد توفية الشروط ـ فهنالك الإجابة التامة (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) تحقيقا لمربع الوعد كقوائم أربع لعرش الحكومة الإسلامية العالمية!

ليس على الذين آمنوا إلّا (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) ـ (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) : على القادة المسلمين ما حمّلوا وعلى المسلمين ما

__________________

ـ عن أبي بن كعب قال : لما نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (وعد الله الذين آمنوا ...) قال : بشر ...

٢١٣

حمّلوا ، فإذا تحمل كل ما حمّل من فرائض الإيمان ، فهنالك يتحقق النصر بإذن الله وخسر هنالك المبطلون.

إن إرادة الله في وعده ـ هذه ـ المؤمنين ، دائبة طيلة الرسالات وكتلات الإيمان : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) (٢٨ : ٦).

ولكنما المصداق الأهم والأتم لذلك الوعد إنما يتم ويطمّ في الأمة الإسلامية كما تعنيهم آية النور هذه وآية الأنبياء : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ. إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ. وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١٠٥ ـ ١٠٧ وآية الأعراف (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (١٢٨).

في طيّات الرسالات الإلهية انتصارات بدرجاتها للمؤمنين حسب الفاعليات والقابليات ، ولكنما الخلافة المطلقة في الأرض للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ووراثتها وسلطتها وتحقيق أمنها وزوال خوفها بتمكين الدين المرتضى لم يتحقق لحد الآن ، اللهم إلّا في مستقبل منير حيث يقوم حفيد البشير النذير ، فيحقق بالمؤمنين معه الصالحين البغية القصوى لهذه الرسالة والرحمة العالمية ، فهنالك الحياة (الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) مهما كانت حياة السلطة قبلها لغير المتقين ، وهنالك تتحقق رحمة الرسول محمد للعالمين في شاسعة عالم التكليف ، وهنالك يرث الأرض عباد الله الصالحون ، وهنالك تتم إرادة المن الشامل على الذين استضعفوا في الأرض وتطم حين يجعلهم أئمة الأرض ويجعلهم الوارثين!

إن المصداق الصادق المكين الأمين لذلك الوعد ليس إلّا في ذلك المستقبل المنير وكما استفاضت الرواية فيه عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته الطاهرين.

٢١٤

لقد ثبت عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا».

والخليفة عمر لما يستشير الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لانطلاقه لقتال أهل الفارس حين تجمعوا للحرب يقول له : «إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلة وهو دين الله الذي أظهره وجنده الذي أعزه وأيده حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع ونحن على موعود من الله تعالى حيث قال عز اسمه (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...)(١)

ان (الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ليسوا هم ـ فقط ـ مؤمني زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا ـ فقط ـ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفاءه المعصومون (عليهم السلام) فضلا عن سواهم ، فإن عموم اللفظ يأبى الإختصاص! والتعبير عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وذويه يفوق هكذا تعبير! وهكذا جزاء لكامل الإيمان والعمل الصالح يعم كتلة الايمان أيا كان وأيان ، فالوعد إذا يعم المجموعة

__________________

(١) نقله في نهج البلاغة عنه (عليه السلام) وتمامه بعد الآية : والله منجز وعده وناصر جنده ومكان القيّم في الإسلام مكان النظام من الحرز فان انقطع النظام تفرق وربّ متفرق لم يجتمع والعرب اليوم وان كانوا قليلا فهم كثيرون بالإسلام عزيزون بالاجتماع فكن قطبا واستدر الرحى بالعرب وأصلهم دونك نار الحرب فانك ان شخصت من هذه الأرض تنقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها حتى يكون ما تدع وراءك من العورات اهمّ إليك مما بين يديك وكان قد آن للأعاجم ان ينظروا إليك غدا يقولون : هذا اصل العرب فإذا قطعتموه استرحم فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وطمعهم فيك ، فاما ما ذكرت من عددهم فانا لم نقاتل فيما مضى بالكثرة وانما كنا نقاتل بالنصر والمعونة.

٢١٥

المؤمنة (١) لا المسلمين أجمع ، فإن «منكم» تبعّض المخاطبين المسلمين إلى (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) وسواهم ، آمن ولم يعمل كما يصلح ، أو عمل ولم يؤمن كما يصلح ، أو ترك حقهما إلى ضئالة لا تتحرك أماذا؟

هذه المجموعة الصالحة لوراثة الأرض (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) ولخلافة الأرض (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ ...) بمن يقودهم من الرسول وعترته المعصومين ، ومن حذى حذوهم من الولاة الصالحين ، هم جميعهم لا بد لهم من يوم تتحقق فيهم هذه الوعود الأربع ، ففيه رجعة من محّض الإيمان محضا ، ورجعة هؤلاء الأكارم لتحقيق القواعد الأربع لعرش الخلافة الإسلامية الكبرى :

١ (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) أترى ما هذه الخلافة؟ أهي خلافة الله فيها ، أن يخلفوا الله في أرضه؟ ولا خليفة لله بهذا المعنى ولا نائب ينوبه فإنه دائب في ربوبيته في سماواته وأرضه! ولا بد بين الخليفة والمستخلف عنه من مسانخة في ذات وصفات وأفعال ، فيخلفه في شأن من شئونه إذا مات او عجز أو انعزل أو عزل نفسه ، ولا مسانخة بين الله وخلقه على أية حال ، ولا عزل أو انعزال لشأن من شئون الألوهية حتى تصح الخلافة عنه لأيّ كان!

أم خلافة النبوة أو الإمامة إذ يقرر الله كلا منهما لخلف بعد سلفه ،

__________________

(١) ملحقات احقاق الحق ١٣ : ٣٢٨ في تفسير العياشي ان علي بن الحسين قرأ آية (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) قال : والله هم محبون اهل البيت يفعل الله ذلك بهم على يد رجل منا وهو مهدي هذه الأمة ، وفيه عن إسحاق بن عبد الله عن الامام زين العابدين (عليه السلام) قال : هذه الآية نزلت في القائم المهدي (عليه السلام) وفيه عن العلامة الشيخ هاشم بن سليمان في المحجة على ما في الينابيع ص ٤٢٥ ط اسلامبول وروى عن الباقر والصادق (عليه السلام) انها نزلت في القائم وأصحابه.

٢١٦

فكل رسول خليفة الله إذ جعله الله خليفة من سبقه ، وكل إمام خليفة الله كذلك؟ وليس المؤمنون الموعودون خلفاء الله بهذا المعنى إلّا الرسول والائمة المعصومون أصالة ، والولاة الصالحون تحت إمرتهم! ولم تكن للرسل السابقين هذه السلطة العالمية حتى يخلفهم الرسول وعترته المعصومون!

إنها خلافة الأرض عمن سيطروا عليها طول الزمان وعرض المكان من سلطات الجور وولاته ، سلبا لهذه السلطات الزور والغرور ، وإثباتا للسلطة الإيمانية للذين آمنوا وعملوا الصالحات كل على قدره وحدّه :

فقيادة الرسول مكان مناوئي الرسالة ، وقيادة الائمة من آل الرسول مكان المغتصبين طول حياتهم وزمن الغيبة ، وسائر القيادات والمكانات لسائر المؤمنين الصالحين مكان سواهم ، فلا تبقى سلطة جائرة إلّا ويخلفها سلطة عادلة ، فالمؤمنون ـ إذا ـ كلهم مستخلفون عمن سواهم ، وكما هم يرثون الأرض عمن سواهم (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) فلا يبقى دور ولا كور إلّا للصالحين ، حسب القابليات والفاعليات ، وحسب الضوابط دون الروابط ، فالإمام المهدي (عليه السلام) بمن معه من أصحابه الخصوص والعموم من الثلاثمائة وثلاثة عشر ، ومن العشرة آلاف ومن سائر الصالحين معه ، يستخلفهم الله في الأرض على درجاتهم وقابلياتهم لخلافة الأرض ، فالمهدي يخلف كل زعماء التاريخ ، وأصحاب ألويته يخلفون سائر أصحاب الالوية في التاريخ ، وجنوده يخلفون كل الجنود في التاريخ ، وكل ذي منصب حتى زمن المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخلف مثيله الباطل في سائر الزمن.

وهل (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) تنظير لهم بمن قبلهم على

٢١٧

سواء؟ ولم تسبق خلافة إيمانية عالمية قبلهم! إنه لا يعني إلّا أصل الخلافة دون قدرها ، فكما كان للذين آمنوا وعملوا الصالحات من قبلهم دور الخلافة الايمانية ، كذلك تكون لهم ، وأين خلافة من خلافة؟

(وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) دينهم المرتضى لهم هو الإسلام : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (٥ : ٦) وتمكين الدين لا نراه إلّا هنا دون سائر القرآن لسائر الأمم ، فدين الله كله تام مكين ولكنما التمكين يعني تثبيته دون تزعزع ، لا في أصله نسخا او تحريفا ، ولا في سلطته وتطبيقه ، فمن مخلفات ذلك الاستخلاف للذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ، تمكين دينهم المرتضى لهم ليحكموا به صارما قاطعا ثابتا لا يتخلف ولا يتخلف عنه.

وكما مطلق الاستخلاف في الأرض يقتضي الاستخلاف المطلق دون سلطة أخرى أمامه ، كذلك تمكين الدين ، لحد لا يبقى سواه دين ، وكما وعده الرسول الأمين : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٩ : ٣٣) و (٦١ : ٩) (... وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٤٨ : ٢٨) فعند ذلك ترتفع فتنة الاختلاف في الدين وكل فتنة ولكنه بحاجة إلى جهاد ودفاع صارم ومقاتلة دائمة : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) (٨ : ٣٩) وعند ذلك يكون (لَهُ الدِّينُ واصِباً) (١٦ : ٥٢) (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) (٣٩ : ٣) وهنالك يقام الدين دون تفرّق عنه ولا فيه : (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (٤٣ : ١٣).

٣ (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) أمن صارم بعد خوف عارم ، وتقية دائمة طول الرسالات الإلهية ، فبعد خوف دائب على دين الله والديّنين ، داخل المجموعة المؤمنة من جهل او فسق أو نفاق وأي خلاف وتخلف هو

٢١٨

لزام كل أمة ، وخارج المجموعة المؤمنة من الذين يتربصون بهم دوائر السوء ، نرى أمنا خالصا لا خوف فيه ، حيث الخلافة الوحيدة الإيمانية ، والدين الممكّن المرتضى ، ضيّقا كلّ مجالة من مجالات التقية والتخوف ، فهنالك تزول التقية إلى مجالات التقوى المطلقة ، فلا عذر لأي عاذر في تخلّفه عن دين الله ، من جهل حيث العلم يحلّق على الأجواء ، ومن خوف وتقية إمّا ذا من علل يلجأ إليها العاذرون!

هنالك يتبدل خوف الإيمان إلى أمنه ، أمن الإيمان وخوف اللّاإيمان ، ولا نجد الأمن المطلق إلى تمكين للدين مطلق وإلى استخلاف في الأرض مطلق إلّا هنا دون سائر القرآن وسائر الأمم!

٤ (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) عبادة خالصة لله ليس فيها أية شائبة من أي شرك ، رغم سائر العصور إذ (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (١٢ : ١٠٦) فمهما كان هناك ضروب من الشرك قصورا أو تقصيرا ، اختيارا أو اضطرارا في عصور التقية ، فلا شرك في ذلك العصر المنير ، لا في حكم الله إذ لا حاكم إلا كتاب الله ، ولا في عبادة الله ولا أي تخضّع إلّا لله وفي الله ، توحيدا صارما يحلّق على كافة الجنبات وكافة الأجواء بمثلث الخلافة التمكين الأمن المطلقة! ... (وَمَنْ كَفَرَ) كفرانا ففسقا ، أو نكرانا فكفرا ، وأعلام الحق ظاهرة ، وسلطته قاهرة! ف (وَمَنْ كَفَرَ) عن خالص التوحيد إلى سواه (بَعْدَ ذلِكَ) الحكم الإلهي الوطيد الوحيد بزوال كل سلطة وكل دين وكل خوفة حين لا تبقى تقية ولا أية عاذرة في التخلف عن خالص التوحيد ـ (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) الخارجون عن طاعة الله ، وبواعث خالص الإيمان كائنة ، ودوافعه زائلة ، وآيات الله بينة! فسق عارم لا يبرره أو يخفف عن وطأته أي مبرر ، فهز الدرك الأسفل من الفسق.

٢١٩

فالناس إذا بين مؤمن مخلص وهم الأكثرية الساحقة المطلقة حينذاك ، وبين فاسق أو كافر وهم القلة القليلة لا يقدرون على شيء من الإفساد وتكدير الجوّ ، إلّا تقية عن خلافة الإيمان!

نرى كلا من الوعود الثلاثة الأول في بعدين من التأكيد : لام التأكيد ونون التأكيد ، ناحية منحى سيادة الدين الحق (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) وعود أربع منقطعة النظير في تاريخ الرسالات ، فمهما شاركهم في استخلافهم في الأرض الذين من قبلهم في أصله ، فلا مشاركة في الثلاثة الباقية ، وهذه الأربعة هي قواعد عرش الخلافة الإسلامية آخر الزمن بقيادة القائم المهدي من آل محمد عليهم آلاف الصلوات والتحية! وعلى حد قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي منها» (١) ف «لا يبقى على الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل إما أن يعزهم الله فيجعلهم من أهلها وإما أن يذلهم فيدينون بها» (٢).

ذلك اليوم ليس من أيام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا أيام علي (عليه السلام) فضلا عن الثلاثة (٣) وانما هو يوم المهدي المنتظر

__________________

(١) نور الثقلين ٣ : ٦٢١ ح ٢٢٧ في جوامع الجامع قال (صلى الله عليه وآله وسلم) زويت ... (اي جمعت ...)

(٢) المصدر فيه روى المقداد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ...

(٣) المصدر ص ١٦٧ ح ٢١٩ في كتاب كمال الدين وكمال النعمة باسناده إلى سديد الصيرفي عند أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل يذكر فيه إبطاء نوح وسببه ويقول فيه «وكذلك القائم فانه تمتد ايام غيبته فيصرح الحق عن محضه ويصفو الايمان من الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يختص عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والأمر ـ

٢٢٠