أثر المحتسب في الدراسات النحويّة

الدكتور حازم الحلّي

أثر المحتسب في الدراسات النحويّة

المؤلف:

الدكتور حازم الحلّي


المحقق: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-7100-33-2
الصفحات: ٧٢٠

(تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا) فَجَريَ ذَلِك العَرَضُ فصار كَأ نَّهُ أَعادَهُ ثانياً فَقَالَ : عَرَضَ الآخرةِ ، وَلاَ يُنْكَر نحو ذَلِك (١) ألا ترى إلى بيتِ الكِتَابِ :

أَكُلَّ امرئ تَحْسَبِينَ امرأً

وَنَار تَوَقَّدُ بالليلِ نَارَا (٢)

تَقْدِيرُهُ وَكُلّ نار؟ فناب ذِكْرُهُ (كُلاَّ) فِي أَولِ الكَلاَمِ عَنْ إعادَتِهَا فِي الآخر حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : وَكُلَّ نار هَرَبَا مِنَ العَطْفِ عَلَى عاملين (٣) وَهُما كُل وَتَحْسَبِينَ.

وَعَلَيهِ بِيتُهُ (٤) أَيضاً :

إنَّ الكريـمَ وأبيـك يَعتَمِل

إنْ لَمْ يَجِدْ يَوْماً عَلَى مَنْ يَتَّكِلْ (٥)

أرادَ مَنْ يَتَّكِل عَلَيهِ ، فَحَذَفَ (عَلَيه) مِنْ آخرِ الكلامِ استغناءً عَنهَا

__________________

(١) قال سيبويه : وَتَقُولُ : مَا كُلَّ سوداءَ تمرةً ولا بيضاءَ شحمة وإنْ شئتَ نصبتَ شحمَةٌ.

وبيضاء في موضع جرّ كأ نَّك أظهرتَ كَلَّ فقلتَ ولا كلَّ بيضاء. الكتاب : ١ / ٣٣.

(٢) لأَبي دؤاد الإيادي وَيُنْسَبُ لِعَدِي بن زيد العِبادي. انظر : الكتاب : ١ / ٣٣ والأصول في النحو : ٢ / ٧١ والتمام : ٧٨ وشرح المفصل : ٣ / ٢٦ والمقرب : ١ / ٢٣٧ والمغني : ١ / ٢٩٠ وَهَمْع الهوامع : ٢ / ٥٢ ومعجم شواهد العربية : ١ / ١٤٧.

(٣) يذهب ابن جني إلى ما يذهب إليه سيبويه مِنْ مَنْع العطف على معمولي عاملين مختلفين وبه قالَ المُبَرِّدُ وابنُ السَّرَّاجِ وهشام والزمخشَري. وعن الأَخفش الإجازة وبه قَالَ الكسائي والفَرَّاء والزَّجَّاج وابن هشام. وَفَصَّلَ قوم منهم الأعلمُ الشنتمري تفصيلاً مذكوراً في (تحصيل عين الذهب) وقد سبق لأَبي الفتح أنْ ذكرَ هذا في كتابه التمَّام. ولِزيادةِ التفصيلِ في الحديثِ يُرْجَع إلى : الكتاب : ١ / ٣٣ والمقتضب : ٤ / ١٩٥ والأصُول في النحو : ٢ / ٧٠ والتمَّام : ٧٨ وشرح الكافية : ١ / ٢٩٩ ـ ٣٠١ والمغني : ٢ / ٤٨٦ وشرح المفصل : ٣ / ٢٧ ـ ٢٨.

(٤) يقصد بيت الكتاب.

(٥) يعتمل : يعمل لنفسه ويحترف. انظر : الكتاب : ١ / ٤٤٣ والخصائص : ٢ / ٣٠٥ والخزانة (بولاق) : ٤ / ٢٥٢.

٣٤١

بِزيادَتِهَا فِي قَوْلِهِ : (عَلَى مَنْ يَتَّكِل) ، إنَّما يريد : إنْ لَمْ يَجِدْ من يتّكل عليهِ.

وعليهِ قولُهُ :

أَتَدْفَعُ عَنْ نَفس أَتَاهَا حِمَامُها

فَهَلاَّ التي عَنْ بَينَ جَنْبِيك تَدْفَعُ (١)

أرادَ فَهَلاَّ عَنِ الَّتي بينَ جَنْبِيك تَدْفَعُ (٢) فَزادَ (عَنْ) فِي قَوْلِهِ : (عَنْ بينَ جنبيك) وَجَعَلها عوضاً من (عَنْ) التي حَذَفَهَا وهو يُرِيدُهَا في قوِلِه : فَهَلاَّ الَّتي ، وَمَعْنَاهَا : فَهَلاَّ عَنِ الَّتِي ، وَلَهُ نَظَائِر.

فَعَلَى هَذَا جَازَتْ هذه القِرَاءةُ ، أَعنِي قَوْلَهُ : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةِ) (٣) فِي مَعْنَى عرضَ الآخرةِ ، وَعَلَى تقديرِهِ. وَلَعَمْريِ إنَّه إذَا نَصَبَ فَقَالَ عَلَى قَرِاءَةِ الجماعة : (وَاللهُ يُريدُ الآخِرَةَ) فَإنَّمَا يُريدُ عَرَضَ الآخرةِ إِلاَّ أَنَّهُ يحذف المضافَ ويقيمُ المضافَ إليهِ مقامه ، وإذا جرَّ فَقَالَ : يُريدُ الآخِرَةِ صارَ كَأَنَّ العَرَضَ في اللّفْظِ موجود لَمْ يُحْذَفْ ، فاحتمل ضعفَ الإعراب تجريداً للمعنى ، وإزَالةً للشَّك أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ إِرادَةً مُرسلَةً هَكَذَا. هذا إلى مَا قَدّمْنَاهُ مِنْ حذفِ لَفْظ لَِمجيئِهِ فَيما قَبْلُ أَو بَعْدُ (٤).

__________________

(١) البيت لزيد بن رزين بن الملوح المحاربي ، ويروى (أتجزعُ) مكان (أتدفع) ويروى عجز البيت هكذا :

 ......

فهل أَنْتَ عما بينَ جنبيك تَدْفَعُ؟

انظر : المحتسب : ١ / ٨١ والمغني : ١ / ١٤٩ والهمع : ٢ / ٢٢ وشرح التصريح : ٢ / ١٦ والدرر اللوامع : ٢ / ١٥.

(٢) نقل هذه العبارة عن ابنِ جِنِّي ابنُ هشام في المغني : ١ / ١٤٩.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأنفال : ٨ / ٦٧ : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ).

(٤) المحتسب : ١ / ٢٨١ ـ ٢٨٢.

٣٤٢

وَجَاءَ عَنهُمْ حَذْفُ الاسمِ ومعه حذف العطف ، وذلك ، قَوْلَهمْ : فِي مَا رَوَينَاه عَن أَبِي بَكْر محمّد بن الحَسن عَنْ أحمْدَ بن يحيى : راكب الناقة طليحان (١) ، أيْ : راكبُ الناقةِ والناقةُ طَلِيحَانِ ، فحذف الناقة وحرف العطف معها.

وعلى أَنّه قَد يَحتَمِلُ ذلك تأويلاً آخرَ وهو أنْ يكونَ أرادَ راكبُ الناقةِ أحدُ طليحينِ فحذفَ المضافَ وأَقامَ المضاف إليهِ مقامه.

والّذي عندي في قوله :

ألا فَاْلِبثَا شهرينِ أو نصفَ ثالث (٢)

 ......

أَنّ يَكُونَ على حذفِ المضافِ ، أيْ : ألاَ فَالْبِثَا شهرينِ أو شَهْرَيْ نصف ثالث ، أَي : والشهرينِ الَّذَينِ يَتَبعُهُمَا نصفُ ثَالِثِهُمَا ، لأ نّه لَيْسَ كُلَّ شهرينِ يُؤمَرُ بِلَبثِهِمَا لاَ بُدَّ أَنْ يَصْحَبَهُمَا نصفُ ثالثهما ، لكنْ البثا أنتما شهرين ، أو

__________________

(١) الطليح الذي أجهده السفر وأصابه الهزال. انظر : الخصائص : ١ / ٢٨٩ ولسان العرب ـ طلح ـ وشرح التصريح : ٢ / ١٥٤ والأشموني : ٣ / ١١٦.

(٢) عجزه :

 ......

إلى ذا كَما مَا غَيَّبتني غيابيا

والبيت لِعَمرو بن أَحمر الباهلي الكناني وهو شاعر مخضرم عاشَ فِي الجاهلية ثُمَّ أَدرَكَ الإسلام وَعُمرهُ تسعونَ سنةً وَكَانَ أَعورَ. جمع ديوان شعره الدكتور حسين عطوان ، ونشره مجمع اللغة العربية بدمشق عام ١٩٧٠ م ، وكتب عنه محمد محيي الدين مينو رسالة ماجستير في جامعة دمشق ، درس في القسم الأوَّل منها حياته وشعره وفي القسم الثاني جمع ديوانه وحقّقه. انظر : الخصائص : ٢ / ٤٦٠ والمحتسب : ٢ / ٢٢٧ و ٢٢٨ والأَزهية : ١٢٠ وأمَالي الشجري : ٢ / ٣١٧ والإنصاف : ٢ / ٢٥٦ والخزانة ـ بولاق ـ : ٣ / ٣٨ ـ ٣٩ و ٤ / ٣٠٠.

٣٤٣

الشهرين اللَّذِينَ يتبعهما في اللَّبثِ نصفُ ثَالِثهما وصحتِ الإضافةُ فيهمَا هذا القدر من الوصلة بينهما. وَقَدْ أَضافَتِ العربُ الأولَ إلى الثاني لأَقلِ وأخفضِ مِنْ هَذِهِ الشَّبْكَةِ بَيْنَهُمُا ، أَنْشَدَنَا أَبو علي :

إذَا كَوكَبُ الخَرقَاءِ لاَحَ بِسُحرَة

سُهَيْلٌ أذَاعَتْ غَزْلَهَا فِي الغَرَائِبِ (١)

قَالَ : فَأَضَافَ سُهَيْلاً إلَيْهَا لجدها في عملها عند طلوعه ، وقريب من هذا قولُ الرَّجُلَينِ يحملانِ الخشبةَ ـ أَحدُهُمَا لِصَاحِبِهِ ـ : خَذْ أَنْتَ طَرَفَك وَلآخُذْ أَنَا طَرَفِي. وإنَّمَا الطرفُ للخشبة ، لا لِحَامِلِهَا ، فَاعْرِفْ كَلاَمَ القومِ تَرَ العجبَ مِنْهُ والحكمةَ البالغَة فيهِ بإذنِ اللهِ (٢).

٣ ـ حذف المضاف ضرب من التوسّع

قَرَأَ الحَسن والأَعمش : (رُكُوبُهُمْ) (٣) برفع الرَّاءِ قَالَ أَبوُ الفتحِ : أَمَّا الرُّكوبُ بِضّمِّ الرَّاءِ فَمَصْدَر ، والكلامُ مَحمُولٌ عَلَى حذفِ المُضافِ مُقَدَّماً أوْ مُؤَخَّراً.

فِإن شِئتَ كَانَ التَّقدِيرُ فِيهَا ذُو رُكُوبِهِم ، وَذُو الرَّكُوبِ هُنَا هُوَ المَرْكُوبُ ، فيرجِعُ المَعْنَى بَعْدُ إلى مَعنَى قراءَةِ مَنْ قَرَأَ (رَكُوبُهُمْ) (٤) بفتح الراء و (ركوبتهم) (٥).

__________________

(١) البيت غير منسوب لأَحد. ويروى (القرائب) مكان (الغرائب). شرح المفصل : ٣ / ٨ والمقرب : ١ / ٢١٣ واللسان : ٢ / ١٣١ والخزانة : ٣ / ١١٤.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.

(٣) مِنْ قَوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٧٢ : (وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ).

(٤) هي قراءة الجمهور. انظر : البحر المحيط : ٧ / ٣٤٧.

(٥) قراءة أُبَي وَعَائشة. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٣٨١ ومختصر في شواذ القرآن : ١٢٦ والبحر المحيط : ٧ / ٣٤٧.

٣٤٤

وإنْ شِئْتَ كَانَ التَقْدِيرُ فَمِنْ مَنَافِعها أَوْ مِنْ أغرَاضِها رُكُوبهم ، كما تقولُ لِصَاحِبِك : مِنْ مَنَافِعِك إعطاؤُك لِي ، وَمِنْ بركاتِك وُصُولُ الخيرِ إليَّ عَلَى يَدِك. ومِثْلُهُ تَقْدِيرُ حذفِ المُضافِ مِنْ جِهَتَينِ ، أَيَّ الجهتينِ شِئتَ قولُ اللهِ سبحانَهُ : (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى) (١) إنْ شِئتَ كَاَنَ عَلَى تَقْدِيرِ وَلَكِنَّ البِرَّ بِرُّ مَنْ اتَّقَى ، وَإن شِئْتَ كَانَ تَقْدِيرُهُ ، وَلَكِنَّ ذَا البِرِّ مِنْ اتَّقَى.

والتقدير الأولُ في هذا أجودُ عندنا ، وذلك أنَّ تقديرَهُ حذف المضاف من الخبر أَعني بِرَّ مَن اتَّقَى ، والخبرُ أَولَى بِذَلِك مِنْ المبتدأِ ، وَذَلِك أَنَّ حذف المضافِ ضربٌ مِنَ التوسُّعِ ، والتوسّعُ آخر الكلام أَولى بهِ من أَوَّلِهِ ، كما أَنَّ الحذْفَ والبَدَلَ كُلَّمَا تَأَخَّرا كَانَ أَمْثَلَ مِنْ حَيْثُ كَانَتِ الصُّدُورُ أَوْلَى بالحقائقِ مِنَ الأعجازِ ، وَهَذَا وَاضح ، وَلِذَلِك اعتَمَدَهُ عِندَنَا صاحبُ الكِتابِ فَحَمَلَهُ عَلَى أنَّ التَقْدِيرَ : وَلَكَنَّ البِرَّ بِرُّ مَنِ اتّقَى (٢).

أَجَازَ أَبوُ الَعبّاسِ (٣) أَنْ يَكونَ الحذفُ مِنَ الأولِ على مَا مَضى وَهوَ لَعَمْرِي جائزٌ إلاَّ أنَّ الوَجْهَ ما قَدّمْنَا ذِكْرَهُ ، لَكِنَّ الحَذْفَينِ فِي قَوْلِهِ : (فَمِنْهَا رُكُوبُهُم) ـ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ ـ متساويان ، وَذَلَك إنْ قَدّرتَهُ عَلَى أَنَّهُ : فَمِنْ

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ / ١٨٩.

(٢) لم يذكر سيبويه هذه الآية التي خرجناها في الحاشية السابقة ، وإنَّمَا ذكرَ آيةً أخرى شبيهةً بها من سورة البقرة : ٢ / ١٧٧ ، فقال : «وقال عزَّوجَلَّ : (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) وإنَّمَا هو ولكِنّ البِرَّ برُّ مَنْ آمَنَ باللهِ واليومِ الآخرِ». ويبدو أَنَ أبا الفتح ينقل من حفظه. انظر : الكتاب : ١ / ١٠٨.

(٣) قال في المقتضب : ٣ / ٢٣١ : الوجه : وَلَكنّ البِرَّ برُّ مِنْ آمَنَ بِاللهِ وَيجوز أن يوضَعَ البِرّ فِي موضِعِ البَارِّ. وهَذَا الوَجهَ سبَقَ أنَ ذَهبَ إليهِ الأخْفَشُ. انظر : معاني القرآن للأَخْفَش : ٦٨ / أ.

٣٤٥

مَنَافِعِهَا رَكُوبُهُم فَإنَّمَا حذفتَ منَ الخبرِ لأَنَّ تَقْدِيرَهُ فَرَكَوبُهم مِنْهَا ، فَهْوَ ـ وإنْ كانَ مُقدّماً فِي اللَّفظِ ـ مُؤَخَّرٌ في المعنى. وإن قَدَّرْتَهُ عَلَى مَعْنَى فَمِنْهَا ذوُ ركُوبِهم فَحَسَنٌ أيضاً وإنْ كَانَ مقدماً في المعنى فإنّه مؤخّرٌ في اللفظِ فاعرفْ ذلك (١).

٤ ـ حذف المضاف بعد مضاف

قَرَأَ طَلْحَةُ : (لَيسَ لَهَا ممّا يَدعوُنَ مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ وَهْيَ عَلَى الظَّالِميِنَ سَاءَتِ الغَاشِية) (٢).

قَالَ أَبو الفتح : هَذِهِ القراءةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ المُرَادَ بقراءةِ الجماعة : (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ) ـ حذفُ مُضَاف بعدَ مُضَاف ، ألاَ تَرَى أَنَّ تَقْدِيرَهُ : لَيْسَ لَهَا مِنْ جزاءِ عبادةِ معبود دونَ الله كاشفة؟ فالعبادة على هذا مصدر مضاف إلى المفعولِ. كقولِهِ : (بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ) (٣) و (لاَ يَسْأَمُ الاْنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ) (٤) ثُمَّ حُذِفَ المضافُ الأَول فصارَ تقديرُهُ لَيْسَ لَهَا مِنْ عبادَةِ معبود دُونَ اللهِ كَاشِفَةٌ ، ثُمَّ حُذِفَ المضافُ الثاني الذي هُوَ (عِبَادَةِ) فصار تقديره : ليس لها من معبود دُونَ اللهَ كَاشِفَةٌ ، ثُمَّ حُذِفَ المضافُ الثالثُ ، فَصَارَ إلى قوله : لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢١٦ ـ ٢١٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة النجم : ٥٣ / ٥٨ : (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ) ، والزيادة في قراءة طلحة بعد كلمة (كاشفة) تدخل في إطار التحريف ، إذ لا وجود لها في المصحف الشريف.

(٣) من قوله تعالى من سورة ص : ٣٨ / ٢٤ : (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ).

(٤) سورة فصلت : ٤١ / ٤٩.

٣٤٦

وهَذَا عَلَى تَقْدِيرِك : (دُونِ الله) اسماً هُنا ، لا ظَرْفاً لأَنَّ الإضافة إليهِ تسلبُهُ معنى الظرفيَّةِ. ولا تستكثر كثرةَ المضافاتِ المحذوفةُ هَناك ، فإنّ المعنى إذا دَلَّ عَلَى شيء وَقَبْلَهُ القياسُ أَمِضيَ عَلَى ذَلِك وَلَمْ يُسْتَوحَشْ مِنْهُ أَلاَ تَرىَ إلَى قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) (١).

أَلاَ تَرَاهُ أنَّ مَعناهُ : مِن ترابِ أرض أَثَرِ وطءِ حافِرِ فرسِ الرَّسُولِ ، أيْ : مِن تُرابِ الأرضِ الحاملةِ لأثرِ وطءِ فرسِ الرسولِ ، المَعْنَى عَلَى هَذَا لأَ نَّهُ في تَصْحِيحِهِ لاستيفاءِ معانيهِ ، وإذا دَلَّ الدَّلِيلُ كَانَ التّعَجُبُ مِن حِيلَةِ العاجِزِ الذَّلِيلِ (٢).

وَرُويَ عَنْ سَعيد بِن جُبَير : (يَا أَيُّهَا الاْنسَانُ مَا أَغَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيمِ) (٣) ممدودة على التعجب.

قال أَبو الفتح : هَذَا كَقَولِ الله سبحانه : (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) (٤).

أَيْ عَلَى أفْعَالِ أَهْلِ النَّارِ فَفَيه حَذفُ مُضَافَينِ شَيئاً عَلَى شيء كَمَا قَدّمنَا (٥) فِي قولهِ : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) وَغَيرِ ذَلِك.

وَقِيلَ في قَولِهِ : (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) أي : ما الَّذِي دَعَاهُمْ إلَى الصَّبْرِ عَلَى مُوجِبَاتِ النَّار (٦)؟ فَكَذَلِك يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَيضاً : (ما أَغَرَك بِرَبّك

__________________

(١) سورة طه : ٢٠ / ٩٦.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٩٥ ـ ٢٩٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة الانفطار : ٨٢ / ٦ : (يَا أَيُّهَا الاِْنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ).

(٤) سورة البقرة : ٢ / ١٧٥.

(٥) تنظر : ص : ٣٤٦.

(٦) وقد ذكر مثل هذا الأخفش قال : وقال بعضُهم : (فَمَا أَصْبَرَهُمْ) أيْ : ما أصبَرَهُم وَمَا الذي صَبَّرَهُمْ. أنظر : معاني القرآن للأخفش : ٦٧ / ب.

٣٤٧

الكَرِيِم) أيْ : مَا الّذِي دَعَاك إلَى الاغترارِ بِهِ (١)؟

٥ ـ الفصل بين المضاف والمضاف إليه

قَرَأَ الأَعمش : (وَمَا همْ بِضَارِّي بِهِ مِن أحَد) (٢) قَالَ أبو الفتح : هَذَا مِنْ أَبْعَدِ الشاذ أَعْنِي حذفَ النُّونِ هَا هُنا ، وأمثل ما يُقالُ فِيهِ : أنْ يَكُونَ أَرادَ : وَمَا هُمْ بِضَارِّي أَحَد ثُمَّ فَصَل بينَ المُضَافِ والمَضَافِ إليه بِحَرْفِ الجَرِّ.

وَفيِهِ شيءٌ آخر ، وَهوَ أَنَّ هُناك أَيْضاً (مِنْ) فِي (مِنْ أَحد) غير أَنّهُ أجرَى الجارَّ مَجَرى جزء من المجرورِ (٣) ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : وَمَا هُمْ بضاريِّ به أَحد ، وفيه ما ذكرنا (٤).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٠٢ : (وَمَا هُمْ بِضَآ رِّينَ بِهِ مِنْ أَحَد).

(٣) قال أبو حَيَّان : «وَهَذَا التخريج ليسَ بجيّد لأَنَّ الفصلَ بينَ المضافِ والمضافِ إليهِ بالظرفِ والجارِّ والمجرور من ظرائرِ الشعر ، وأقبحُ من ذلك ألا يكونَ ثَمَّ مُضافٌ إليهِ لأَ نّهُ مَشغُولٌ بعاملِ جرّ فهوَ المؤثِّرُ فيه لا الإضافة ، وأمَّا جعل حرف الجرِّ جزءاً من المجرور فهذا ليس بشيء لأَ نَّهُ مؤثِر فيهِ وجزءُ الشيء لا يؤثرُ في الشيء».

وقد رجَّحَ أنْ يكونَ حذفُ النُّونْ تخفيفاً. انظر : البحر المحيط : ١ / ٣٣٢.

(٤) المحتسب : ١ / ١٠٣.

٣٤٨

الباب السابع

المصدر والمشتقّات

إعمالها وبناؤها وأحكامها

٣٤٩
٣٥٠

إعمال المصدر

قَرَأَ أبو عبد الرحمن : (فَجَزاءٌ) (١) رفَعٌ مَنَوّنٌ (مِثْلَ) ، بالنَّصْبِ.

قَالَ أبو الفتِح : (مِثْلَ) منصوبة بنفسِ الجزاءِ ، أيْ : فَعَلَيهِ أَنْ يَجزِي مثَل ما قَتَلَ فـ (مِثْلَ) إذا فِي صلةِ الجزاءِ ، والجزاءُ مرفوعٌ بالابتداءِ وخبره محذوفْ أيْ : فعليِه جزاءٌ مثلما قتل ، أو فالواجب عليه جزاءٌ مثلَ ما قَتَلَ ، فَلَمَّا نَوَّنَ المَصْدَرَ أعملَهُ ، كقولِهِ (٢) :

بضرب بالسيوفِ رؤوسَ قَوْم

أَزَلْنَا هَامَهُنَّ عَنِ المَقِيلِ (٣)

مجيء المصدر في موضع اسم الفاعل

قَرَأَ : (مِنْ كُلِّ امِرْئ سَلاَمٌ) (٤) ابن عَبّاس وعِكرِمَة والكلبي.

قَالَ أَبو الفتح : قالَ قطرب : معناه : هي سلامٌ مِنُ كُلِّ أمر وامْرِئ وَيَلْزَمُ عَلَى قولِ قطرب أَنْ يُقالَ فَكَيفَ جَازَ أنْ يُقَدَّمَ معمولُ المصدرِ الذي هو (سَلاَمٌ) عليهِ ، وَقَدْ عَرفنا امتناع جواز تقديم صلة الموصول أو شيء مِنهَا

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٩٥ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنْكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ).

(٢) البيت للمرّار بن منقذ. الكتاب : ١ / ٦٠ ، ٩٧ والمحتسب : ١ / ٢١٩ و ٢ / ٣٨٠ وشرح المفصل : ٦ / ٦١ وشرح الشواهد للعيني : ٢ / ٢٨٤.

(٣) المحتسب : ١ / ٢١٨ ـ ٢١٩.

(٤) من قوله تعالى من سورة القدر : ٩٧ / ٤ ـ ٥ : (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).

٣٥١

عليهِ (١)؟ والجوابُ : أَنَّ (سَلاماً) في الأصل ـ لَعَمرِي ـ مصدرٌ ، فَأَمَّا هُنَا فَإنَّمَا هو موضوعٌ موضِعَ اسمِ الفاعلِ الَّذِي هو سالمة أو المفعول الَّذِي هُوَ مُسَلَّمَةٌ (٢) فَكَأَ نَّه قال : مِنْ كُلّ امرئ سالمةُ ، أو مُسَلَّمَةٌ هِيَ أَيْ : سَالِـمَـةٌ فَهَذَا طريقُ هَذَا (٣).

إعمال اسم الفاعل

قالَ تعالى : (وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بالوَصِيدِ) (٤) أَعْمَلَ اسم الفاعِل وَإن كانَ لَمَا مَضى (٥) لَمَّا أرَاد الحال ، فَكَأ نَّها حَاضِرةٌ. واسم الفاعل يَعَملُ كَما يَعْملُ فِي الاستقبالِ (٦).

من أبنية المصدر

قَرَأ : الحَسن : (خَطَاءً) (٧) ، بخلاف.

وَقَرَأ : (خَطاً) غَيرَ ممدود والخاءُ منصوبةٌ خفيفةُ ، الحسنُ ، بخلاف.

__________________

(١) انظر : الكتاب : ١ / ٦٦ والمقتضب : ٤ / ٨٩ والأُصول في النحو : ١ / ١٦٢ والبحر المحيط : ٨ / ٤٩٧ والمغني : ٢ / ٤٣٥ ـ ٤٣٦.

(٢) قال الأخفشُ : (أَيْ هِي سَلاَمٌ : تريد مَسلَّمة). انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٨٤ / أ.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٦٨.

(٤) سورة الكهف : ١٨ / ١٨.

(٥) قال ابنُ الأَنباري : (إنَّمَا أَعمل اسم الفاعل وإنْ كَانَ للماضِي لأَ نَّهُ أرادَ بِهِ حكايةَ الحالِ).

وقال العكبري : (وإنَّمَا أعمل اسمَ الفاعلِ هُنَا وإنْ كانَ للماضي لأَ نَّهُ حالٌ مَحكيَّةٌ). انظر : البيان : ٢ / ١٠٣ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٠٠.

(٦) المحتسب : ٢ / ٣٢٧.

(٧) من قوله تعالى من سورة الإِسراء : ١٧ / ٣١ : (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاق نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْأً كَبِيْراً).

٣٥٢

وَقَرَأ : (خِطاً) بِكَسْرِ الخَاءِ غَيرَ ممدود ، أَبو رَجَاء والزُّهْرِي.

وَقَرَأَ : (خَطْئا) ـ في وزن خَطْعا ـ ابنُ عامر ، بِخَلاف.

قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا (خَطَاءً) فاسم بِمَعْنَى المَصْدَر ، وَالمَصدَرُ مِن أخطأت : إخطَاء ، وَالْخَطَاءُ مِنْ أَخْطَأْت كالعَطَاءِ مِنْ أعْطَيْت. وَيُقَالُ خَطِئ يَخْطَأُ خِطْئا وَخَطَأً ، هَذَا في الدَّينِ وأَخطأتُ الغَرَضَ وَنَحْوَهُ (١).

وَقَدْ يتَدَاخَلاَنِ فَيُقَالُ : أَخْطَأتُ فِي الدّينَ وَخَطِئتُ فِي الرّأْيَ وَنَحوه. قَالَ :

ذَرِينِي إنَّمَا خَطَئِي وَصَوْبِي (٢)

عَلَيَّ وَإنَّ مَا أَهلَكْتُ مَالُ (٣)

وَقَالَ عَبِيدُ :

والناسُ يُلْحُونَ الأميرَ إذَا هُمُ

خَطِئُوا الصوابَ وَلاَ يُلاَمُ المُرْشِدُ (٤)

وقَالَ في الدِّين أميةُ :

عِبادُك يُخْطِئُونَ وَأَ نْتَ رَبُّ

بِكَفَيْك المَنَايَا وَالْحُتُومُ (٥)

__________________

(١) يقال : لإِنْ تُخطِئ في العلم أَيسِر مِن أنِ تَخْطَأ في الدين.

وَيَقولُ الفرّاء : خَطِئ السهمُ وَخَطَأَ. وقال أَبو عبيد : أخطأَ وَخَطِئ لُغَتَانِ وَيُقالُ مع الخواطئ سهم صائب ، يُضْرَبُ لِلّذي يكثر الخطأ ويأتي بعض الأحيانَ بالصواب.

انظر : إصلاِح المنطق : ٢١٣ ، ٢٩٣ ، ٢٩٤.

(٢) يقال : إنْ أَصَبْتُ فَصَوَّبَني وَإنْ أخْطَأتُ فَخَطّئْنِي. انظر : إصلاِح المنطق : ١٥١ و ٢٩٣.

(٣) البيت لاَِوس بن غلفاء. يرى أبو زيد الأنصاري إن معنى البيت : أَنَّ الذي أَهلكتُهُ مالٌ لاَ عِرْضٌ. ويرى السيوطي : أَنَّ معناهُ : أَهلكتُ مالِي. انظر : أمالي الزجاجي : ٦١ والمحتسب : ٢ / ٢٠ ولسان العرب : ٢ / ٢٣ والهمع : ٢ / ٥٣ والدرر اللوامع : ٢ / ٦٩ ومعجم شواهد العربية : ١ / ٢٩٥.

(٤) انظر : لسان العرب : ٥ / ٨٦ وَمُعْجم شواهد العربية : ١ / ١٠٧.

(٥) يروى العجز :

 ......

كَريم لاَ تَلِيقُ بك الذمُـوُمُ

أُنظر : ديوان أمية بن أَبي الصلت : ٥٤ والكتاب : ١ / ١٦٤ واللسان : ١ / ٦٠.

٣٥٣

وأَما (خَطاً) وَ (خِطاً) فتخفيف خَطْئاً وَخِطْئاً عَلَى القياسِ (١).

وَقَرَأَ السُّلَمِي وزيد بن علي : (وَتَخَلَّقُونَ إفكا) (٢).

وَقَرَأَ فُضيل بن مَرزَوق وابن الزُبير : (وَتَخْلُقُونَ أَفِكَا) بِفَتْحِ الهمزةِ وَكَسر الفاء.

قَالَ أبو الفتح : أَمَّا (تَخَلَّقُونَ) فَعَلَى وزنِ تَكَذَّبُونَ وَمَعْنَاهُ (٣). وَأَمَّا (أَفِكَا) فَإمَّا أنْ يَكُونَ مَصْدَراً كَالكَذِبِ وَالضّحِك ، وأمَّا أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَصدَر مَحذُوف ، أيْ : تَكذِبُونَ كَذِباً أفِكاً ثُمّ حُذِفَ المَصْدَرُ وَأقِيمَتْ صِفَتُهُ مَقَامَهُ ، كَقَولِك : قمتُ مِثْلَ مَا قَامَ زَيدٌ ، أيْ : قِياماً مِثْلَ قِيَام زَيْد وأذهبُ فِي الحَذفَ عَلَى هذا الحدِّ مِنهُ قَولُ اللهِ تَعَالى : (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) (٤) أَيْ : شُرْباً مِثلَ شَرُبِ الهيم ، لأَ نَّهُ حُذِفَ فيه مع الموصوف المضاف وأقيم المضافُ إليهِ مقامه. وَأفِكٌ عَلَى هَذَا صِفَةٌ كَبَطِرَ وَأَشِرَ. وَيَجُوزُ أَنَ يَكُونَ مَحْذُوفاً مِنْ آفِك وهو اسمُ الفاعلِ مِنْ أفَكَ يَأفِكُ إفْكَاً إذا كذب وأَفكته إِفكَاً إذَا صَرفْتُهُ عَنِ الشيءِ وَهْوَ مَأفُوكٌ. قَالَ :

إنْ تَك عَنْ أَحْسَنِ المُروءَةِ مَأْ

فُوكاً فَفِي آخَرِينَ قَد أَفِكُوا (٥)

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٩ ـ ٢٠.

(٢) من قَوله تعالى من سورة العنكبوت : ٢٩ / ١٧ : (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً).

(٣) قال في البحر المحيط : ٧ / ١٤٥ (أَصْلُ تَخْلُقُونَ. تَتَخَلَّقُونَ فَحُذِفَتْ إحدى التائين).

(٤) سورة الواقعة : ٥٦ / ٥٥.

(٥) البيت لعروة بن أَذينة. وَنَسبَهُ صاحب اللسان إلى عمرو بن أَذينة.

ويروى (أَفضل) مكان (أَحسن) و (الصَّنيعة) و (الخليقة) مكان (المروءة).

أُنظر : إصلاح المنطق : ٢٣ والمحتسب : ٢ / ١٦١ و ٢٦٧ ولسان العرب : ١٢ / ٢٧٠.

٣٥٤

إلاَّ أَنَّ الألِفَ حُذِفَتْ كَمَا حُذِفَتْ في بَرِد وَعَرِد ، يُريدُ : بَارِداً وَعَارِداً (١) وَقَدْ مَضَى (٢) ذِكْرُهُ (٣).

بينَ فَعْل وفَعَل

قَرَأَ الحَسَنُ وَعِيسَى الثقفي وَأَبوُ حَيْوَة : (رَتَقاً) (٤) بِفتِحِ التَّاءِ.

قَالَ أَبُو الفَتحِ : قَدْ كَثُرَ عَنّهُم مجيءُ المَصدَرِ عَلَى فَعْل ، سَاكِنَ العَيْنِ ، وَاسم المفعول منه عَلَى فَعَل مَفْتُوحَهَا ، وَذَلِك قَولُهُم : النَّفْضُ للمصدر والنَّفَضَ لِلمنفوظي ، والْخَبْط للمَصْدَر ، والخَبَط الشيءُ المخبوط (٥) ، والطَّرْدُ المَصْدَرُ ، والطَّرَدُ (٦) المَطْرُود ، وإن كَانَ قَد يُسْتَعْمَلُ مَصْدَراً نَحو : الحَلْب والحَلَب (٧).

فقراءة الجماعة : (كانتا رَتْقاً) كَأَ نَّهُ مِمَّا وُضِعَ مِنَ المَصادِرِ مَوضِعَ اسم المفعُولِ كَالصَّيدِ في معنى المَصيدِ والخَلْقِ فِي مَعنَى الَمخلُوق.

وَأَمَّا (رَتَقَا) بِفَتْحِ التَّاءِ فَهو المرتوقُ ، أي : كَانَتَا شيئاً وَاحِداً مَرتُوقاً فهوَ إذاً

__________________

(١) يشير إلى قولِ الرَّاجز :

أصبـحَ قلبـي صَـرِدَا

لاَ يَشـتـَهـي أنْ يَــرِدَا

إلاّ عَــرَاداً عَــرِدَا

وَصَـلَيـانَا بَــرِدَا

انظر : المحتسب : ١ / ١٧١ و ٢ / ١٦١ ولسان العرب : ـ عرد ـ ٤ / ٢٨٠.

(٢) انظر : المحتسب : ١ / ١٧١.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٦٠ ـ ١٦١.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأنبياء : ٢١ / ٣٠ : (أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّموَاتِ وَالاَْرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْء حَيّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ).

(٥) انظر : إصلاح المنطق : ٣٢٩.

(٦) قال ابن السكّيت : يقال في المصادر : الظَّعْن والظَّعَن ، والعَذْل والعَذَل ، والدَّأْب والدَّأَب ، والطَّردْ ، الطَّردَ. إصلاح المنطق : ٩٧.

(٧) قَالَ الفَارابي : الحَلَبُ : اللَّبَنُ المَحْلُوبُ. اُنظر : ديوان الأَدب : ١ / ٢٠٣.

٣٥٥

كالنَّفَضَ والخَبَط ، بمعنى المنفوضِ والمخبوطِ. وَنَحوٌ مِنْ ذَلِك مَجِيئُهم بالمصدر عَلَى فَعْل مَفْتُوح الفاءِ واسم المفعول فِعْل بكسرها نَحَوَ رَعيتُ رَعياً والرِّعْيُ : المَرْعَى (١) ، وَطَحَنتُ الشيءَ طَحْناً ، والطِّحْنُ : المطحون (٢) وَنَقَضْتُ الشَّيءَ نقضاً والنَّقْضُ : التَّعَبُ.

فكأ نّه منقوض (٣) وسَوَّغَ الانحرافَ عَنِ المصدرِ تارةً إلى فَعَل والأخرَى إلى فِعْل تَعَاقُبُ فِعْل وَفَعَل في أَمَاكِنَ صالِحَة عَلَى المَعْنَى الوَاحِدِ وَهوَ المِثْل والمَثَل والبِدْل والبَدَل ، والشِّبْه والشَّبَه (٤) ، وَمِنَ المُعْتَلِّ القِيلُ والقَالُ (٥) ، والرِّيرُ والرَّارُ (٦) ، والكِيحُ والكَاحُ (٧) ، والقِيرُ والقَارُ (٨) وَقَالُوا أيضْاً صِغْوُهُ (٩) مَعَك وَصَغَاةُ مَعَك. وَكَذَلِك عِنْدِي مَا عَدَلُوا بِفعل تارة إلى فِعْل وَأَخْرَى إلى فُعْل ، وَذَلِك قَوْلُهُمْ : بِنْت عَلَى فِعْل وَأُخْت على فُعْل وَأَصْلُ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فَعَل : بَنَوٌ وَأَخَوٌ فَلَمَّا مَالُوا إلى التَّأنِيثِ جَاءوا (بِبِنْت) عَلَى فِعْل ، و (أُخت) عَلى فُعْل فَصَارَا في التقدير بَنْوٌ وأخْوٌ ثم أَبْدَلُوا الواوَ تَاءً كَتُجَاه وَتُرَاث ، فَصَارَتَا بِنْتَاً وَأُخْتَا.

__________________

(١) قال ابن السَكّيت : الرَّعْيُ : مصدرُ رَعَيتُ والرِّعْيُ : الكلا ، مقصور. انظر : إصلاح المنطق : ٧.

(٢) في إصلاح المنطق : ٧ : الطَّحْنُ مصدرُ طَحَنْتُ ، والطِّحْنُ : الدَّقِيقُ نَفْسُهُ.

(٣) انظر : إصلاح المنطق : ١٧.

(٤) إصلاح المنطق : ٩٨ ومختار الصحاح : ٤٤ و ٦١٤.

(٥) القِيلُ والقَال : اسمان لا مصدران. انظر : إصلاح المنطق : ٨٩.

(٦) الرِّير : المخّ الرَّقيقُ يَدُقُّ عِندَ الهُزَالِ. إصلاح المنطق : ٨٩.

(٧) الكِيحُ : عُرْضَ الجَبَلِ إصلاح المنطق : ٨٩.

(٨) انظر : إصلاح المنطق : ٨٩.

(٩) صَغَا : مال. مختار الصَّحاح : ٣٦٤.

٣٥٦

وَقَدْ مَالوا ببعضِهِ إلى فَعْل فَقَالوا هَنْتٌ وأصله فَعُل : هَنَوٌ : فَأَصَارَوهُ إلى هَنَوٌ ، ثُمَّ أبدَلُوا الواوَ تَاءً ، فَقَالوا : هَنْتٌ. وَقَابَلَ ذَلِك أَيضاً مِن كَلاَمِهِم مَا كَانَ فيهِ ثَلاَثُ لُغَات ، نَحْو الشَّرْبُ والشِّرْبُ والشُّرْبُ (١) وَالزَّعْم وَالزِّعْمُ والزُّعْمُ (٢). وَقَالُوا : شَنِئتُهُ شَنْئاً وشِنْئاً وَشُنْئاً (٣).

وَقَالَ أَبو عبيدة : هو قُطْبُ الرَّحَى وقِطْبُ وَقَطْبُ (٤).

فَهَذَا طريقُ مُقَابَلَةِ صنعةِ اللُّغَةِ ولفظةٌ واحِدَةٌ مِنهُ في هَذَا الحدِّ ، وَعَلى هَذَا التَّنَييُّهِ وَتَدَارُك الوَضْعِ يَقُومُ مَقَامَ كتابِ لغَة يُحفَظُ هَكَذا سَرداً. وَلاَ تبُلُّ النَّفْسُ بِنَحْوِ ذَلِك مِنْ لَطِيفِ الصنعةِ فِيهِ يداً (٥).

صيغة فعيل

قَرَأ ابنُ مسعود : (الكِبَرِ عَتِيّا) (٦) بِفَتْحِ العَينِ.

وَكَذَلِك قَرَأَ أَيضاً (أوْلَى بِهَا صَلِيّا) (٧) بفتح الصَّادِ.

قَالَ ابنُ مُجاهد : لاَ أَعْرِفُ لَهُمَا في العربية أصلاً ، قَالَ ابنُ مُجاهد ويقرأ مع ذلك (بُكيا) (٨) بضمّ الباء.

__________________

(١) انظر : إصلاح المنطق : ٨٤.

(٢) إصلاح المنطق : ٨٥.

(٣) انظر : إصلاح المنطق : ٨٤.

(٤) إصلاح المنطق : ٨٥.

(٥) المحتسب : ٢ / ٦٣.

(٦) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٨ : (أَنَّي يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً).

(٧) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٧٠ : (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً).

(٨) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٥٨ : (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِـيّاً).

٣٥٧

قال أبو الفتح : لاَ وَجْهَ لإِنكَارِ ابنِ مُجَاهد ذَلِك لأَنَّ لَهُ في العربيةِ أَصْلاً مَاضِياً وَهْوَ مَا جَاءَ مِنَ المصادِرِ عَلى فَعِيل ، نَحوَ : الحَوِيل (١) وَالزَّويِلِ (٢) والشَّخِيرِ والنَّخِيرِ.

فَأمَّا (البُكيُّ) فَجماعة وهي فعول. كَالحُثِيِّ (٣) ، والدُّنِيِّ ، والفُلِيِّ ، جَمع فلاة ، والحُلِيِّ (٤).

بَيْنَ فَعُول وَفُعُول

قَرَأَ عَلي عليه السّلام : (فيها لَغُوبٌ) (٥) بِفَتْحِ اللاّمِ. وهي قراءة السُّلَمِي.

قَالَ أبو الفتح : لَك فِيهِ وَجْهَانِ : إِن شئت حملته على ما جاء من المصادر على الفَعُولِ ، نَحْوَ : الوَضُوءِ (٦) والوَلُوعِ (٧) والوَقُودِ (٨) ، وإن شِئْتَ حَمَلْتَهُ عَلىَ أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَر مَحْذُوف أَيْ : لا يمسنا فِيهَا لُغُوبٌ (٩) لَغُوبٌ عَلَى قَوْلِهِم : هَذَا شِعْرٌ شَاعِرٌ (١٠) وَمَوتٌ مَائِتٌ كَأَ نَّهُ يَصِفُ (اللُّغُوب) بِأَ نَّهُ قَدْ لَغَبَ أَيْ : أَعْيَا

__________________

(١) الحَويل : الحِذْقُ وجودةُ النظر والقدرة على التصرّف. لسان العرب : ١٣ / ١٩٦.

(٢) الزويل : هو الزوال أي الذّهاب والاستحالة والاضمحلال ، لسان العرب : ١٣ / ٣٣٢.

(٣) الحُثِيُّ : جمعُ حاث ، من حَثَى يَحثُو التُّرَاب.

(٤) المحتسب : ٢ / ٣٩.

(٥) مِنْ قَوْلِهِ تعالى من سورة فاطر : ٣٥ / ٣٥ : (لاَ يَمَسُّنَا فِيْهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيْهَا لُغُوبٌ).

(٦) قال في مختار الصحاح : ـ وضأ ـ ٧٢٦ : وقيل المصدر الوُضوء بالضمّ.

(٧) وقيل الوَلُوعُ والقَبُولَ مصدران شاذّان وما سواهما من المصادر مضموم ، وقيل ما سوى القَبُولِ من المصادر مضمومٌ. انظر : مختار الصحاح : ـ ولع ـ ٧٢٦.

(٨) الوَقود : بالفتح الحطب وبالضمّ الاتّقاد. انظر : مختار الصحاح : ـ وقد ـ ٧٣١.

(٩) اللُّغُوب : بضمّتين التَّعبُ والإعياءُ. مختار الصحاح : ـ لغب ـ ٦٠٠.

(١٠) انظر : التَّمَام : ٩٢.

٣٥٨

وَتَعب (١).

وَهَذَا ضَرْبٌ مِنَ المُبَالَغَةِ كَقَوْلِ الآخر :

إذَا نَاقةٌ شُدَّتْ بِرَحْل وَنُمْرُق

إلى حَكَم بَعْدِي فَضَلَّ ضَلاَلُهَا (٢)

وَعَليهِ قَالُوا : جُنَّ جُنُونُهُ ، وَخَرَجَتْ خَوَارِجُه (٣).

وَمِن طَريفَ ما مَرَّ بِنَا لِمُولَّدِينَ فِي هَذَا قولُ شَاعِرِنَا :

 ......

وجُبْتُ هَجِيراً يَتْرُكُ الماءَ صَادِيا (٤)

فَهَذَا مَعَ ما فيهِ من المبالَغَةِ حلو وواصل إلى الفكِر. وَعَلى هَذَا حَمَل أَبو بكر قَوْلَهُم (٥) تَوضأت وَضُوءا ، أَنَّهُ وَصْفٌ لِمَصْدَر مَحْذوف ، أيْ : وُضُوءاً وَضُوءا كَقَولِك وُضُوءا وَضِيئا ، أيْ : كَامِلاً حَسَنا.

وَحَكَى أَبو زيد : رَجلٌ ساكوت بَيّنُ الساكوتة (٦) ، فَلَمَّا قَرَأْتُ هَذَا الموضع على أَبي عليّ حمله على قياسِ قولِ أَبي بكر هَذَا ، فَقَالَ : تقديرهُ بَيّنُ السَّكتةِ السَّاكوتةِ ، فَجَعلَهُ صِفَةً لِمَصْدَر مَحْذُوف ، وَحَسَّنَ ذَلِك عِنْدِي شَيئا

__________________

(١) قال الفرَّاء : كأَ نَّهُ جعلهُ ما يلغب. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٧٠.

(٢) البيت لأَوس بن حجر. انظر : ديوانه : ١٠٠ واللسان : ١٣ / ٤١٥.

(٣) انظر : التَّمَام : ٩٢.

(٤) هو عجز بيت للمتنبي وصدره :

لقيت المرورى والشناخيب دونه

 ......

والمرورى جمع مروراة وهي الفلاة الواسعة والشناخيب جمع الشنخوب بضمّ الشين وهو رأس الجبل وضمير دونه لكافور الإخشيدي. انظر : الديوان : ٢ / ٤٦٨ ومختارات القاموس : ٣٤٠.

(٥) انظر : المحتسب : ١ / ٦٣.

(٦) قال الفارابي : يقال رجل ساكوت. وقال في اللسان : رجل سكت : بين الساكوتة. ديوان الأدب : ١ / ٣٧١ واللسان : ٢ / ٣٤٨.

٣٥٩

أَنَّهُ مِنْ لَفظِهِ ، فكأن أحدهما صاحبه البتة.

وَحَكَى الأَصْمَعِيُّ : لَيْسَ عليك في ذلك تَضُرَّةٌ ، وَلاَ ضَارُوَرةٌ ، فَضَارُورَة ـ عَلَى قياسِ قَولِ أَبِي بَكر ـ كَالساكُوتِةِ ، أَيْ : ضَرَّةٌ ضارُوَرة (١).

وَقَرَأَ الحَسن بخلاف ومجاهد وَطَلْحة بن مُصَرف وَعيسى الهمداني : (وُقُودِهَا الناسُ) (٢).

قال أبو الفتح : هذا عِنْدَنا على حَذْفِ المُضاف ، أيْ : ذُو وُقُودِهَا أو أصحابُ وُقُودِهَا ، وَذَلِك أَنَّ الوُقُودُ بالضَّمِّ هُوَ المَصْدَرُ ، والمَصْدَرُ لَيْسَ بالناسِ. لَكِنْ قَدْ جَاءَ عَنْهُم الوَقُودُ بالفتحِ في المْصدَرِ ، لِقَوْلِهِمْ : وَقَدَتِ النارُ وَقُودا ومِثلُهُ : أُولِعتُ بهِ وَلُوعاً وَهو حسنُ القَبول مِنْك كُلُهُ شاذٌّ والبابُ هو الضمُّ (٣).

وكانَ أَبو بَكر يَقُول في قَوْلِهِم : تَوضَأتُ وَضُوءاً : إنَّ هَذَا المَفْتُوحَ لَيسَ مصدراً وإنَّما هُوَ صفةُ مصدر محذوف.

قَالَ : وَتَقديرُهُ : تَوضَأتُ وُضُوءاً وَضُوءاً لِقَوْلِكَ : تَوَضَأتُ وُضُوءاً حَسَناً لأَنَّ الوَضُوءُ عِنْدَهُ صِفَةٌ مِنْ الوَضَاءَةِ (٤).

وَقَرأتُ عَلَى أَبِي عَليّ فِي نَوَادِرِ أَبِي زَيد : رجلٌ ساكوتٌ بَيَّنُ السَّاكُوتَةِ.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٤ : (فَإِنْ لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَنْ تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ).

ومن قوله تعالى من سورة التحريم : ٦٦ / ٦ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).

(٣) تنظر : ص : ٣٣٧ و ٣٣٨.

(٤) تنظر : ص : ٣٥٩.

٣٦٠