أثر المحتسب في الدراسات النحويّة

الدكتور حازم الحلّي

أثر المحتسب في الدراسات النحويّة

المؤلف:

الدكتور حازم الحلّي


المحقق: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-7100-33-2
الصفحات: ٧٢٠

هندٌ (١).

ومثله ما حكاه صاحب الكتاب من قولهِم : حضَر القاضِي اليوم امرأة (٢) وَأَ نَا أرى أَنَّ تذكيرَ (كان) معَ تأِنيثِ اسمها أَسهل مِن تذكيرِ الأفعال سواها وسوى أَخواتها مع فاعليها (٣). وكان في الدار هندٌ أسوَّغَ من قامَ في الدار هندٌ ، وذلك أنَّهُ إِنَّمَا احتيجَ إلى تأنيثِ الفعلِ عند تأنيثِ فاعلهِ لأَنَّ الفعلَ انطبعَ بالفاعلِ حتَّى اكتسى لفظُه من تأنيثِهِ فقيلَ : قامتْ هند وانطلقت جُمْل ، من حيث كان الفعل والفاعل يَجرِيان مجرى الجزء الواحد ، وإنَّمَا كانَ ذلك كذلك لأَنَّ كُلَّ واحد منهما لا يستغني عن صاحبه ، فأنث الفعل إيذاناً بأَنَّ الفاعلَ الواقعَ بعدَهُ مؤنث ، وليس كذلك حديثُ كانَ وأَخواتها ، لأَ نَّهُ لَيسَتْ (كان) معَ اسمها كالجزءِ الواحدِ ، من قِبَـلِ أَنك لو حذفتَ (كان) لاستقلَّ ما بعدَها برأسهِ ، فقلت في قولِك : كانَ أَخوك جالساً : أخوك جالسٌ ، فَلَمَّا أَنْ قامَ ما بعدَها برأسِه وَلَم يحتجْ إليها لم يتّصلْ بهِ اتّصالَ الفاعلِ بفعلِهِ ، نحو قامَ جعفرٌ وجلسَ بِشْرٌ.

أَلاَ تراك لو حذفتَ الفعلَ هُنا لاتفردَ الفاعل جزءاً برأسهِ فَلم يستقلّ بنفسِه استقلاَلَ الجملةِ بعدَ (كانَ) بِنَفسِهَا؟ فَلَمَّا لَم تَقوَ حاجتُه إلى (كان) قوةَ حاجة الفاعل إلى الفعلِ انحطّتْ رتبتُهُ في حاجتِهِ إلى (كانَ) ، فامتازَ مِنْهَا

__________________

(١) ذكر هذه الوجوه العكبري مع تقديم وتأخير فيها كما ذكرها أبو حَيَّان.

انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٥٦ والبحر المحيط : ٤ / ١٩٤.

(٢) عبارة سيبويه : (حضر القاضي امرأة). الكتاب : ١ / ٢٣٥.

(٣) قالَ أَبو حيان : لا أعرف هذا عن النحويين ولم يفرّقوا بين كان وغيرها.

انظر : البحر المحيط : ٤ / ١٩٤.

١٦١

امتيازاً قد أَحطنا به ، فساغ لذلك أَلاَّ يلزمَ تأنيثُ (كان) لاسمها إذا كانَ مؤنثاً تأنيثَ الفعلِ لفاعلِهِ إذا كان مؤنثاً ، ولم يذكر أَحدٌ من أصحابِنَا هذا (١) فأفهمْهُ ، فإِنَّ هذهِ حالهُ (٢).

ب ـ اسم كان أعرف من خبرها

قالَ أَبو الفتح : اختاروا : (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا) (٣) ، فَجعلوا اسم كان (أَنْ قَالوا) (٤) ، لأَ نَّهُ (٥) ضارَعَ المضمَرَ بالامتناع من وصفه كالامتناع من وصف المضمر (٦) والمضمر أعرف (٧) من (جواب قومهِ) وإذا كان أعرف كانَ بكونِه اسم (كان) أَجدَر (٨).

__________________

(١) يشهد بذلك قول أبي حيان في البحر المحيط : ٤ / ١٩٤.

ينظر الذي ذكر في : ص : ١٦١.

(٢) المحتسب : ١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥.

(٣) سورة الأَعراف : ٧ / ٨٢. قراءة الجمهور بنصب (جوابَ) وقرأ الحسن برفعه.

انظر : البحر المحيط : ٤ / ٣٣٤ وسيذكر أبو الفتح ذلك قريباً.

(٤) الضمير يعود على المصدر المؤول من أن ومَا بعدَها.

(٥) قال سيبويه : (أَنْ) محمولة على (كانَ) ، كأ نَّهُ قالَ : فما كانَ جوابَ قومهِ إلاّ قوله كذا

وكذا.

وإن شِئتَ رفعتَ الجوابَ فكانت (أنْ) منصوبة. انظر : الكتاب : ١ / ٤٧٦.

(٦) قال ابن الحاجب : «والمضمر لا يوصف ولا يوصف به والموصوف أخصّ أو مساو» وقد علّل ذلك الرضي الأسترآباذي وأجاز الكسائي وصف ضمير الغائب.

انظر : شرح الكافية : ١ / ٣١١ وشرح اللمحة البدرية : ١ / ٢٩٥.

(٧) على اعتبار أنَّ المضمرَ أعرفُ المعارفِ على قولِ. انظر : اللمحة البدرية : ١ / ٢٩٥ وقد قال سيبويه تبتدئ بالأَعرف : الكتاب : ١ / ٢١.

(٨) المحتسب : ٢ / ٣١٤.

١٦٢

وقرأ الحسن : (فما كانَ جوابُ قومه) (١) برفع الباء.

قال أَبو الفتح : أَقوى من هذا (جوابَ قومهِ) بالنصبِ ، ويجعل اسم كان قوله : (أَنْ قَالوا أَخرجوا آل لُوط) لشبه أَنْ بالمضمر من حيثُ كانَتْ لا توصف كما لا يوصف ، والمضمر أَعرف من هذا المظهر وقد تقدّم القولُ في ذلك (٢).

وقَرَأَ عليٌّ (عليه السلام) والحسنُ ـ بخلاف ـ وابنُ أبي إسحاق : (إِنما كان قولُ المؤمنينَ) (٣) بالرفعِ.

قالَ أَبو الفتح : أَقوى القراءتين إِعراباً ما عليه الجماعة من نصب (القول) (٤) وذلك أَنَّ في شرطِ اسم كان وخبرها أَنْ يكونَ اسمُهَا أَعرفَ مِنْ خبرِهَا (٥) وقولُهُ تعالى : (أَنْ يقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) أَعرف من (قولَ المؤمنين) ، وذلك لشبه (أنْ) وصلتها بالمضمر من وحيثُ كان لا يجوز وصفها كما لا يجوز وصف المضمرِ والمضمرُ أَعرَفُ (٦) من قولِ المؤمنين ، فلذلك اختارت الجماعة أنْ تكون (أنْ) وصلتها اسم كان. ومثله (وَمَا كَانَ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النمل : ٢٧ / ٥٦ : (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوط مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ).

(٢) المحتسب : ٢ / ١٤١.

(٣) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٥١ : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

(٤) هي قراءةُ الجمهور. البحر المحيط : ٦ / ٤٦٨.

(٥) قال سيبويه عن اسم كان وخبرها : اعلم أَنَّهُ إِذَا وقعَ في هذا الباب نكرة ومعرفة فالذي تشغل به كانَ المعرفةِ لأَ نَّهُ حدُّ الكلام وليسَ بمنزلةِ قولك : ضربَ رجلٌ زيداً لأ نّهما شيئان مختلفان وهما في كان بمنزلتهما في الابتداء إذا قلتَ عبدُ الله منطلقٌ تبتدئ بالأعرف ثمّ تذكر الخبر وذلك قولك كانَ زيدٌ حَليماً. الكتاب : ١ / ٢٢.

(٦) انظر ما تقدّم في : ص : ١٦٢.

١٦٣

جَوابَ قَومِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا) (١).

أَي : إلاَّ قولُهم على ما مضى. فأما قولهم :

وَقَدْ عَلِمَ الأَقوامُ مَا كانَ دَاءَهَا

بِثَهْلاَنَ إِلاَّ الخِزْيُ مِمَنْ يَقُودُهَا (٢)

وَأَ نَّهُ إِنَّمَا اختيرَ فيه رفعُ الخزيّ وإِنْ كان مُظهَراً ومعرفةً كما أنَّ داءَها مُظهرٌ ومعرفةٌ ، من حيثُ أَذكرُهُ لك ، وذلك (أَنَّ إِلاّ إذا باشرتْ شيئاً بعدَها فَإِنَّمَا جِيءَ به لتثبيته وتوكيد معناه ، وذلك كقولِك : ما كانَ زيدٌ إلاَّ قائماً ، فزيدٌ غيرُ محتاج إلى تثبيته ، وإِنَّمَا يَثبتُ لهُ القيامُ دونَ غيرِهِ.

فإذا قُلْتَ : ما كانَ قائماً إلاّ زيدٌ فهناك قيامٌ لا محالةَ ، وإنِّمَا أَنتَ ناف أَنْ يكونَ صاحِبُهُ غيرَ زيد فعلى هذا جاء قولُه : ما كانَ داءَها بثهلان إلاّ الخزيُ ، برفعِ الخزي ، وذلك أَنَّهُ قد شاعَ وتعولِمَ أَنَّ هناك داءٌ ، وإِنَّمَا أَرادَ أَنْ يثبتَ أَنْ هذا الداءَ الذي لا شَك في كونِهِ ووقوعهِ لَمْ يَكنْ جانِيهُ ومُسَببُهُ إلاّ الخزيُ ممنْ يقُودُها ، فهذا أمرٌ الإِعراب فيه تابعٌ لمعناهُ ومحذوٌ على الغرضِ المرادِ فيه) (٣) وأَما قولُهُ :

وَلَيْسَ الذي يَجْرِي مِنَ العينِ ماءَهَا

وَلَكنَّها نَفْسٌ تَذُوبُ فَتَقْطُرُ (٤)

وَيرُوى (وَلَكِنَّه) فالوجهُ فيه نصبُ الماءِ وذلك أنَّهُ رأى ماءً يجري من العين فاستكثره واستنكره فقال : ليسَ هذا الذي أَراه جارياً من العين ماء

__________________

(١) سورة الأعراف : ٧ / ٨٢. وانظر : ص : ١٦٢.

(٢) يقول : لم يكن سبب انهزام هذه الكتيبة عند جبل ثهلان إلاّ جبن قائدِها والبيت لا يعرف قائله. انظر : الكتاب : ١ / ٢٤ والمحتسب : ٢ / ١١٦ وشرح المفصل : ٧ / ٩٦.

(٣) المحصور بين القوسين سنذكره في مبحث إلاّ ، ص : ٢٨٦.

(٤) البيت لأَبي حية النميري. انظر : سمط اللآلي : ٢٦٥ والمحتسب : ٢ / ١١٦.

١٦٤

للعين ، وإِنَّمَا هو هكذا ، وشيءٌ غيرُ مائِهَا.

هذا هو الذي عناه فعبَّرَ عنه بما تراه ، ولم يعنِـهِ الإخبارُ عن ماءِ العينِ فيخبر عنه بأ نَّهُ هذا الشيء الجاري من العين ، فلذلك اختار نصبَ الماءِ ، ولو رَفَعَهُ لجازَ ، لأَ نَّهُ كانَ يعودُ إلى هذا المعنى ، لكنَّهُ كانَ يعودُ بعدَ تعب بِهِ ، ومُسَامَحَة فيهِ ، وعلاج يريدُ حملَهُ عليهِ (١).

ج ـ اسم كان ضمير الشأْن (٢)

قَرَأَ أَبو سعيد الخدري : (وأَما الغُلاَمُ فَكَانَ أَبَواهُ مُؤمِنَانِ) (٣).

قال أَبو الفتحِ : يجوز في الرفع هنا تقديرانِ :

أحدُهُمَا : أَنْ يكونَ اسمُ كان ضميرَ الغلام ، أَي : فكان هو أَبَواهُ مُؤمِنَانِ ، والجملةُ بعدَهُ خبرُ كان.

الآخرُ : أَنْ يكون اسمُ كانَ مضمراً فيها ، وهو ضميرُ الشأنِ (٤) والحديث ، أَي : فكان الحديثُ أَو الشأْنُ أَبواهُ هو مؤمنانِ ، والجملةُ بعدَهُ خبرٌ لكان على ما مضى ، إِلاّ أَنَّهُ في الوجهِ الثاني لا ضميرَ عائداً على اسم (كان) لأَنَّ ضميرَ الأَمرِ والشأْنِ لا يحتاج من الجملة التي هي بعدَه خبرٌ عنه إلى ضمير عائد عليه منها ، من حيث كان هو الجملة في المعنى. وقد مضى ذلك آنفاً (٥).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١١٥ ـ ١١٦.

(٢) انظر : ص : ١١٩ حول ضمير الشأن.

(٣) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٨٠ : (وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً).

(٤) قال بهذا القول العكبري. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٠٧.

(٥) ذكر ذلك في المحتسب : ٢ / ٣ ، وقد تقدّم في : ص : ١١٩ ـ ١٢٠.

١٦٥

ومثله قول النبيّ صلّى الله عليه وآله : «كُلُّ مولود يُولَدُ على الفطرةِ حَتَّى يكون أَبواه هما اللّذانِ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ» (١).

١ ـ إِنْ شِئْتَ كانَ ضميرُ المولوِد في (كانَ) اسماً لها وأبواه ابتداء و (هما) فصل لا موضع لها من الإعراب و (اللذان) خبرٌ (لكان) والعائدُ على اسم كان الضميرُ في (أبواه) لأ نَّهُ أقربُ إليهِ مَمَّا بَعْدَهُ.

٢ ـ وإِنْ شِئْتَ جعلتَ اسمَ (كان) على ما كانَ عليه ، وجعلتَ (أَبواه) ابتداء والجملة بعدهما خبراً عنها وهي مركبة من مبتدأ وخبر : فالمبتدأ (هما) ، وخبرهما اللّذانِ و (هما) وخبره خبرٌ عن (أَبواه) ، و (أَبواه) وما بَعْدَهُمَا خبرُ (كانَ).

٣ ـ وإنْ شئت كانَ في (كان) ضميرُ الشأْنِ والحديثِ ، وما بعدَهُ خبرٌ عَنْهُ (٢).

٤ ـ وإِنْ شَئْتَ رفعتَ (أَبواه) لأَ نَّها اسمُ كانَ وجعلتَ ما بعدهما الخبر على ما مضى من كونِ (هما) فصلا إِنْ شِئْتَ ، ومبتدأ إِنْ شِئْتَ (٣) ، ويجوز فيه هما اللّذين (٤).

__________________

(١) استشهد بهذا الحديث وبهذا النص سيبويه في الكتاب : ١ / ٣٩٦ ، وقد ورد بنص يختلف قليلاً في من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق : ٢ / ٤٩ / ١٦٦٨ برواية فضيل بن عثمان ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) ، وعنه في وسائل الشيعة : ١٥ / ١٢٥ / ٢٠١٣٠ (٣) باب (٤٨) شرائط الذمّة.

(٢) ذكر السيرافي هذا الوجه : الكتاب : ١ / ٣٩٦.

(٣) الوجوه الثلاثة : الأوّل والثاني والرابع ذكرها سيبويه ولم يذكر الثالث : وكذلك فعل الجرجاني. اُنظر : الكتاب : ١ / ٣٩٦ والمقتصد : ١ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧.

(٤) المحتسب : ٢ / ٣٣ ـ ٣٤.

١٦٦

وقرأَ إِبراهيم : (وَلَم يَكُنْ لَهُ صَاحِبةٌ) (١) بالياء.

قال أبو الفتح : يَحْتَمِلُ التذكيرُ هنا ثلاَثة أَوجه :

أحدها : ...... (٢).

والثاني : أنْ يكون في (يكن) ضمير الشأن والحديث على شريطة التفسير وتكون الجملة بعده تفسيراً له وخبراً كقولك كانَ زيدٌ قائمٌ أَي كان الحديث والشأن زيدٌ قائمٌ (٣).

د ـ جواز جعل اسم كان نكرةً

رُويَ عن عاصم أَنَّهُ قرأَ : (وَمَا كانَ صلاتَهُمْ عِنْدَ البيتِ) نَصباً ، (إِلاَّ مكاءٌ وتصديةٌ) (٤) رَفْعاً. رواهُ عُبيد اللهِ عن سفيان عن الأعمش أَنَّ عاصماً قرأَ كَذَلِك.

قالَ الأعمش : وإِنْ لَحَنَ عَاصِمٌ تلحن أَنت؟ وقد رُويَ هذا الحرفُ أَيضاً عن أَبان بنِ تَغْلِب أَنَّهُ قَرَأَ كذلك.

قال أَبو الفتح : لسنا ندفع أَنْ جَعلَ اسم كانَ نكرة وخبرها معرفة قبيح (٥) فإنّما جاءت منه أبيات شاذّة (٦) وهو في ضرورة الشعر أعذر ، والوجه

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١٠١ : (بَدِيعُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْء وهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ).

(٢) تقدّم ذكر هذا الوجه وبقية الأوجه في : ص : ١٦٠.

(٣) انظر : المحتسب : ١ / ٢٢٤ وص : ١٦٠.

(٤) سورة الأنفال : ٨ / ٣٥ : (وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ البَيتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصَدْيِةً).

(٥) لأ نّهم كرهوا أن يبدأوا بما فيه اللبس ويجعلوا المعرفة خبراً لما يكون فيه هذا اللبس.

انظر : الكتاب : ١ / ٢٢.

(٦) انظر : بعض الشواهد في الكتاب : ١ / ٢٣ ـ ٢٥.

١٦٧

اختيار الأفصح والأعذر ولكن من وراءِ ذلك ما أَذكرُهُ (١).

(اعلْم أَنَّ نكرةَ الجنسِ تفيد مفادَ معرفتهِ ، أَلا ترى أَنَّك تقولُ : خرجت فإذا أَسدٌ في الباب فتجد معناه معنى قولك : خرجتُ فَإِذا الأسد بالباب لا فرق بينهما ، وذلك أنّك في الموضعين لا تريد أَسداً واحداً معيناً وإنَّما تريد خرجت فإذا بالباب واحدٌ مِنْ هذا الجنس ، وإذا كانَ كذلك جازَ هنا الرفعُ في «مُكَاءً وَتَصْدِيَةً» جوازاً قريباً حَتَّى كَأَ نَّهُ قالَ : وَما كانَ صلاتَهم عندَ البيتِ إلاَّ المُكَاءُ والتَّصديةُ ، أَي : إِلاَّ هذا الجنس من الفعلِ ، وَإِذا كانَ كذلك لَمْ يجرِ هذا مجرى قولك : كان قائمٌ أَخَاك وكانَ جالسٌ أَباك ، لاَِنه ليسَ في جالس وقائم معنى الجنسية التي تلاقي معنيا نكرتها ومعرفتها على ما ذكرنا وقدّمنا) (٢). وأيضاً فَإِنَّه يجوزُ مع النفي مِنْ جعل اسم كان وأَخواتِها نكرة ما لا يجوز مع الإيجاب ، أَلاَ تَراك تَقولُ : ما كان إِنسان خيراً منك ، ولا تجيز : كان إنسان خيراً منك (٣)؟ فكذلك هذه القراءة أَيضاً لما دخلها النفي قوى وحسن جعل اسم كان الجنس لمعرفته ، ولهذا ذهب بعضهم في قول حسان :

كَأَنَّ سبيئةً مِنْ بيتِ رأس

يكونُ مزاجَها عسلٌ وماءُ (٤)

__________________

(١) نقل هذا الكلام الطبرسي عن أبي الفتح. انظر : مجمع البيان : ٩ / ١٤٢.

(٢) انظر : ص : ٩٨.

(٣) لأ نّك تلبس حيث لا يستنكر أن يكون في الدنيا إنسان هكذا لكن يجوز أَنْ تقول ما كان أَحد خيراً منك. انظر : الكتاب : ١ / ٢٢ و ٢٧.

(٤) السبيئة : الخمر ويروى مكانَها (سلافة) و (مدامة) وهي بمعنى واحد. انظر : ديوان حسّان : ٣ والكتاب : ١ / ٢٣ والمقتضب : ٤ / ٩٢ وشرح أبيات سيبويه للنحاس : ٤٢ وشرح المفصل : ٧ / ٩١ والخزانة ط. بولاق : ٤ / ٤٠ وهمع الهوامع : ١ / ١١٩ والدرر اللوامع : ١ / ٨٨.

١٦٨

أَنّه إِنَّما جازَ ذَلِك مِنْ حيثُ كانَ عسلٌ وماءٌ هما جنسين ، فكأَ نَّهُ قالَ : يَكونُ مزاجَها العسلُ والماءُ ، فبهذا تسهل هذا القراءة ولا يكون من القبحِ واللحنِ الذي ذهبَ إليهِ الأعمش على ما ظن (١).

هـ ـ تقديم خبر كان عليها

قَرَأَ أُبيّ وابن مسعود : (وَبَاطِلاً مَا كَانُوا يَعْمَلُون) (٢).

قالَ أَبو الفتح : (باطلاً) منصوب بـ (يعملون) ، و (ما) زائدة للتوكيد ، فَكَأَ نَّهُ قال : وباطلاً كانوا يعملون. ومن بعد ففي هذه القراءة دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها (٣) ، كقولك : قائماً كان زيدٌ ، وواقفاً كان جعفر.

ووجه الدلالة من ذلك أَنّه إنَّما يجوز وقوع المعمول بحيث يجوز وقوع العامل ، و (باطلاً) منصوب (يعملون) والموضع إذا لـِ (يعملون) لوقوع معمولِه متقدّماً عليهِ ، فكأَ نَّهُ قال : ويعملونَ باطلاً كانوا.

ومثله قول الله تعالى : (أَهؤلاءِ إيّاكُم كَانُوا يَعْبُدون) (٤)؟ استدلّ أَبو علي بذلك على جوازِ تقديم خبر كان عَلَيْهَا ، لاِنَّ (إِياكُمْ) معمول (يعبدون) وهو خبر كان (٥) وإنَّمَا يجوزُ وقوعُ المعمولِ بحيثُ يجوزُ وقوعُ العاملِ على

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

(٢) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ١٦ : (وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

(٣) انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ١٩٨.

(٤) سورة سبأ : ٣٤ / ٤٠.

(٥) المعروف أنَّ مسألةَ جوازِ تقديمِ خبرِ كان عليها مُتَّفَقٌ عليها بينَ النحاةِ لكنَّ الخلافَ في بعض أخوات كان. وعلى العموم فقد قسَّمَ النُّحَاةُ هذهِ النواسخَ على ثلاثةِ أقسام :

أ ـ كلّ ما ليس في أوّله (ما) يجوز تقديم أخبارها عليها وفي ليس خلاف.

ب ـ وأمَّا ما دام فلا خلافَ في امتناع تقديمِ خبرِهَا عليها.

ج ـ وأمَّا غيرُ ما دام مِمَّا في أوّلِهِ (ما) ففيها خلافٌ بينَ النُّحاةِ.

انظر : الكتاب : ١ / ٢٢ والتمام : ١٧٤ وشرح الكافية : ٢ / ٩٧ والتسهيل : ٥٤ وشرح المفصل : ٧ / ١١٣ وحاشية الصبَّان على شرح الأشموني : ١ / ٢٣٤.

١٦٩

ما قدّمناهُ.

وعلى نحو من ذلك ما (١) استدلَّ أَبو علي على جواز تقديم خبر المبتدأ (٢) عليهِ (٣).

و ـ كان التامّة

قَرَأَ : (كي لاَ تكونَ دُولَةٌ) (٤) بالتاءِ مرفوعة الدالِ والهاءِ ـ أَبو جعفر يزيد (٥).

قال أبو الفتح : (تكون) هنا هي التامّة ولاَ خبَرَ لَها ، أَي : كي لا تقعَ دُولَةً أَو تحدثُ دولةٌ بينَ الأَغنياءِ.

وإِنْ شِئْتَ كانَتْ (٦) صفةً لـ (دولة) وإِن شئتَ كانت متعلّقةً بنفسِ (دُولَة) تُداوَل بينَ الأغنياء ، وإنْ شئتَ عَلَّقْتَهَا بنفسِ (تكون) أَي : لا تحدث بين الأغنياءِ منكم وإنْ شئتَ جعلتَها (كان) الناقصةَ ، وجعلتَ (بَيْنَ)

__________________

(١) ما : زائدة.

(٢) انظر : ص : ١٤٩.

(٣) المحتسب : ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢١.

(٤) من قوله تعالى من سورة الحشر : ٥٩ / ٧ : (كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَاء مِنكُمْ).

(٥) قرأَ الجمهور كي لا يكون بالياء وعبد الله وأبو جعفر بالتاء والجمهور (دُولةً) بضمّ الدال ونصب التَّاء وأبو جعفر وأبو حيوة وهشام بضمّهما وعلي والسُّلَمِي بفتحها.

انظر : البحر المحيط : ٨ / ٢٤٥.

(٦) يقصد (بين الأغنياء) كما يتّضح فيما بعد.

١٧٠

خبرَهَا (١) ، والأوّلُ الوجهُ ، ومعناهُ : كي لا تقعَ دُولِةٌ فيه أَو عليهِ ، يعنِي على المُفَاءِ من عندِ اللهِ (٢).

٢ ـ ليس وزيادة الباء في اسمها

قَرَأَ أُبَيّ وابنُ مسعود : (لَيْسَ البِرّ بأَنْ تُولُوا وجُوهَكُمْ) (٣) قالَ ابنُ مجاهد : فإِذا كانَ هكذا لَمْ يَجُزْ أنْ يُنصَبَ الْبِرُّ.

قالَ أبو الفتح : الذي قالَهُ ابنُ مجاهد هُوَ الظاهرُ في هَذا ، لِكنْ قَدْ يَجوزُ أنْ يُنْصَبَ مع الباءِ ، وهو أنْ تَجْعَلَ الباءَ زائدةً كقولِهمْ : كَفى باللهِ ، أَي : كَفى اللهُ ، وكقولِهِ تعالى : (وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (٤) أَي : كَفَيْنَا ، وكذلك ليس البِرَّ بِأَنْ تُوَلُوا بِنَصْبِ البِرِّ كما في قراءَةِ السبعةِ.

فإذا قُلْتَ : فَإِنَّ (كَفى باللّه) شَاذٌّ قَلِيلٌ فَكَيفَ قِسْتَ عَليهِ (لَيْسَ) وَلَمْ تُعْلَمْ الباء زيدتْ في اسم ليسَ إِنَّمَا زيدتْ فِي خَبرِهَا نَحو قولِهِ : (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ) (٥) قِيلَ لَوْ لَمْ يَكُنْ شاذّاً لما جَوَّزْنَا قياساً عليهِ ما جوّزناهُ ، وَلِكنَّا نُوجِبُ فيهِ البتة واجباً فاعْرِفْهُ (٦).

__________________

(١) واسمها ضمير مستتر.

(٢) المحتسب : ٢ / ٣١٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٧٧ : (لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ).

(٤) سورة الأنبياء : ٢١ / ٤٧.

(٥) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٢٣ : (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ).

(٦) المحتسب : ١ / ١١٧ ـ ١١٨.

١٧١

٣ ـ (إنْ) التي بِمَعْنَى (ما) وعملها

قَرَأَ سعيد بنُ جُبَيْر : (إِنِ الَّذِينَ تَدعونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادَا) (١) نصبٌ (أمثالَكُمْ) نَصْبٌ (٢).

قَالَ أَبو الفتح : يَنْبَغِي ـ واللهُ أَعلمْ ـ أَنْ تَكُونَ إنْ هذه بمنزلِة مَا (٣) فَكَأَ نَّهُ قال : مَا الذين تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِباداً أَمثالكم. فأعمَلَ إنْ إعمَالَ (ما) (٤) وفيه ضعفٌ ، لأَنَّ (إِنْ) هذِه لَمْ تختصْ بنفي الحاضر اختصاصَ (ما) بِهِ فتجري مجرى ليسَ فِي العَمَل.

ويكون المعنى : إِنْ هؤلاءِ الذينَ تَدْعُونَ مِنْ دون الله إِنَّما هِيَ حِجَارَةٌ أَوْ خَشَبٌ فهم أَقلُّ مِنْكُم لأَ نَّكم أَنتم عُقلاءٌ ومخاطَبُونَ فكيفَ تعبدونَ ما هو دُوَنَكُمْ؟ فَإِن قُلْتَ : ما تصنع بقراءة الجماعة : (إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عبادٌ أَمْثَالُكُمْ) (٥)؟ فَكَيفَ يُثبِتُ في هذِه ما نَفَاهُ في هذه؟ قِيلَ : يكونُ تقديرهُ أَنَّهُم مخلوقون كما أَنتم أَيُّها العبادُ مخلوقون فسماهم عباداً على تشبيهِهِم في

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٩٤ : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ).

(٢) قال النحاس : «هذه قراءة لا ينبغي أن يقرأ بها لثلاث جهات» وقد ردّ قوله أبو حيان. انظر : البحر المحيط : ٤ / ٤٤٤.

(٣) يريد (ما) الحجازية التي تعمل عمل ليس فترفع المبتدأَ وتنصب الخبر.

(٤) في هذا خلاف. فقد منعه أَكثر البصريين وأَجازَهُ الكِسائي وأَكثر الكوفيين وابن السراج والفارسي واختلف النقل عن سيبويه والمبرد. انظر : الجنى الداني : ٢٢٩ والبحر المحيط : ٤٣ / ٤٤٤ ، وقال العُكبري : (إِن) بمعنى (ما) لا تعمل عند سيبويه وتعمل عند المبرد. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٩١.

(٥) سورة الأَعراف : ٧ / ١٩٤.

١٧٢

خلقهِم بالناس (١) ، كما قال : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) (٢) وكما قالَ : (وَإِنْ مِنْ شَيء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (٣) أَي : تَقُومُ الصنعةُ فيه مقامَ تسبيحِهِ (٤).

من الأحرف المشبّهة بالفعل

أ ـ إِنَّ

١ ـ فتح همزة إِنَّ

قَرَأَ أَبو جعفر والأَعمش وسهل بن شُعَيْب : (وَعْدَ اللهِ حَقا أَنَّهُ يبدأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ) (٥).

قال أبو الفتح : إِنْ شئتَ كانَ تقديرُهُ وعد الله حقّاً لأَ نَّهُ (٦) يبدأُ (٧) الخلقَ ثُمَّ يُعيدُهُ ، أَي : من قَدَرَ على هذا الأمر العظيم فإِنَّهُ غَنِيُّ عن إِخلافِ الوَعْدِ.

__________________

(١) وقد خرجها أبو حيان في شرح التسهيل ثمّ نقل ذلك في البحر المحيط تخريجاً يجعلُ القراءتين متطابقتين من دون تأويل وهو أَنَّهُ اعتبرَ (إن) مخفّفة من الثقيلة وأعملها عملَ المشدَّدةِ ونصبَ خبرَها على لغة من ينصبَ أخبارَ إن وأخواتِها أو على إِضمار فعل تقديرُهُ إنِ الذين تدعون من دون الله تدعون عباداً أمثالكم. البحر المحيط : ٤ / ٤٤٤.

(٢) سورة الرحمن : ٥٥ / ٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة الإِسراء : ١٧ / ٤٤ : (وَإِن مِّن شَيْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).

(٤) المحتسب : ١ / ٢٧٠.

(٥) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٤ (وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) بكسر همزة إنّ ، وهي قراءة السبعة.

(٦) وهكذا قدره العكبري. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٤.

(٧) ماضي الفعل يبدأُ : بدأَ ، وفيه لغة أخرى : أَبدأَ. إملاء مامنَّ به الرحمن : ٢ / ٢٤ والمعجم الوسيط : ٤٢.

١٧٣

وإِنْ شِئْتَ كانَ تقديرُهُ ، أَي : وَعَدَ اللهُ وَعْداً حَقّاً أَنّهُ يبدأُ الخَلقَ ثمّ يعيدُهُ فتكون (أَنَّهُ) منصوبةً بالفعلِ الناصبِ لِقَولِهِ : (وَعْداً) ولا يجوزُ أَنْ يكونَ (أَنَّهُ) منصوبَةَ الموضعِ بنفسِ (وَعْد) لأَ نَّهُ قَدْ وُصِفَ بقولهِ حقّاً والصِّفَةُ إذا جَرَتْ على موصوفِها أَذِنَتْ بتمامِهِ وانقضاءِ أَجزائِهِ فهي من صلتِهِ فكيفَ يُوصَفُ قبلَ تمامِهِ؟ فأمَّا قولُ الحُطَيئةِ :

أزمَعتُ يَأْساً مُبِيناً مِنْ نَوَالِكُمُ

وَلَنْ تَرى طارِداً للحُرِّ كالياسِ (١)

فَلا يكون قوله من نوالكم صلة يأسِ مِنْ حيثُ ذكرنا أَلا تراه قد وصفه بقوله (مبيناً)؟ وإِذا كان المعنى لَعَمرِي عليهِ وَمُنِعَ الإِعراب منه أُضمِرَ لهُ ما يتناولُ حرفَ الجرِّ ويكون يأْساً دليلاً عليه ، كأَ نَّهُ قالَ فيما بَعْدُ يَئِسْتُ من نوالكم (٢).

وقرأَ أُبَي : (وَلاَ تُكلِّمونِ أَنَّهُ) (٣) بِفَتحِ الأَلفِ. (٤)

قالَ هارون : كيف شئتَ (إِنَّه) و (أَنَّه).

وفي قراءة ابن مسعود (ولا تُكَلِّمونِ كانَ فريقٌ) بغيرِ (أَنَّه) وقال يُونُس عن هارون في حرف أُبي : (ولا تكلمون أَنْ كانَ فريقٌ).

قالَ أَبو الفتح : قراءة ابن مسعود (كان فريقٌ) بغير (أَنَّه) تشهد للكسر ،

__________________

(١) البيت من قصيدة للحطيئة في هجاء الزِّبرِقان بن بدر. يُروَى (مُريحاً) مكان (مُبيناً) و (لم تجدْ) مكان (لن ترى). الديوان : ٥٣ والخصائص : ٣ / ٢٥٨ والهمع : ٢ / ٩٣.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٠٧.

(٣) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٠٨ ـ ١٠٩ : (قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَتُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا).

(٤) وبها قرأ هارون والعتكي. انظر : البحر المحيط : ٦ / ٤٢٣.

١٧٤

لأ نَّهُ موضع استئناف ، والكسر أَحقُّ بذلك (١). والقراءة : (أَنْ كانَ فريقٌ) تشهد لـ (أَنَّهُ). أَلا ترى أَنَّ معناه ولا تكلّمونِ لأَ نَّهُ كانَ فريق كذا (٢).

٢ ـ حذف خبر إِنَّ

قرأَ أُبي : (أَئِنَّك أَوْ أَنْتَ يُوسُفُ) (٣).

قال أَبو الفتح : ينبغي أن يكونَ هذا على حذفِ خبر إِنَّ حَتَّى كَأَ نَّهُ قالَ : أَئِنَّك لَغَير يوسفُ (٤) أوْ أنْتَ يوسفُ (٥)؟ فَكَأَ نَّهُ قالَ : بَلْ أَنْتَ يوسفُ فَلَمَا خَرَجَ مَخْرَجَ التوثيقِ قال : أَنَا يوسفُ. وَقَدْ جَاءَ عَنَهْم حذفُ خبر إنّ ، قَالَ الأعشى :

إِنّ مَحَلاًّ وَإِنَّ مُرْتَحَلاً

وَإِنَّ في السَفْر إِذْ مَضَى مَهَلا (٦)

أَرادَ إِنَّ لَنَا محلاًّ وإنَّ لَنَا مُرْتحلاً فحذف الخبر.

والكوفيون لا يجيزون حذف خبر إِنَّ إِلاَّ إذا كان اسمُها نكرةً (٧) ولهذا

__________________

(١) الكسر : قراءة الجمهور. انظر : البحر المحيط : ٦ / ٤٢٣.

(٢) المحتسب : ٢ / ٩٨.

(٣) من قوله تعالى : من سورة يوسف : ١٢ / ٩٠ : (قَالُواْ أَءِنَّكَ لاََنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي).

(٤) نقل هذا أَبو حيان عن ابن جنِّي وفي نقله سهو. انظر : البحر المحيط : ٥ / ٣٤٢.

(٥) وقدره الزمخشري : أئنّك يوسف أو أنت يوسف ، فحذف الأَول لدلالة الثاني عليه.

انظر : الكشاف : ٢ / ٢٧٣ والبحر المحيط : ٥ / ٣٤٢.

(٦) البيت مطلع قصيدة لِلأَعشى. انظر : الديوان : ١٥٥ والكتاب : ١ / ٢٨٤ والمقتضب : ٤ / ١٣٠ والخصائص : ٢ / ٢٧٣.

(٧) ويشترط الفرّاء في جواز حذف أخبارها تكريرَ إِنَّ. واحتجَّ المبرِّدُ على الكوفيين ولا يَعتَبِرُ أبو علي الفارسي حُجَّةَ المُبَرِّدِ. انظر : المقتضب : ٤ / ١٣١ والخصائص : ٢ / ٣٧٤ وشرح الكافية : ٢ / ٣٦٢ وشرح المفصل : ١ / ١٠٤.

١٧٥

وجهٌ حسَن (١) وإِنْ كان أصحابُنا (٢) يجيزونه (٣) مع المعرفة (٤).

٣ ـ ما بعد إِنَّ لا يعمل فيما قبلها

من ذلك قراءة : (إِذا مُتْنَا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً إِنَّا) (٥) على الخبر كلاهما بلا استفهام. (٦)

قال أَبو الفتح : مَخْرَج هذا مِنْهُم على الهُزْء وهذا كما تقول لِمَنْ تهزأ به ، إذا نظرتَ إِليَّ مِتُّ مِنْك فَرَقاً وإِذا سألتك جَمَعْتَ لِي بحراً ، أَي : الأمْرُ بخلافِ ذَلِك ، وإِنَّمَا أَقولُهُ هازِئاً ويدلُّ على هذا شاهدُ الحالِ حِينَئذ ، ولولا شهودُ الحالِ لكانَ حقيقةً لا عَبَثاً ، فكأَ نَّهُ قالَ : إذا مِتنا وكنَّا تراباً بُعثنا. ودَلَّ قَوْلُهُ : (إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) على بُعثنا ، ولا يجوزُ أنْ يعمَلَ فيه (مبعوثونَ) لأَنَّ ما بَعْدَ إِنَّ لا يعملُ فيما قبلَها (٧).

__________________

(١) قال في الخصائص : وقد حُذِفَ خبرُ إنَّ مع النكرة خاصَّةً. انظر : الخصائص : ٢ / ٢٧٣.

(٢) يكشف ابن جنِّي عن مذهبه النحوي فإنّ أصحابَه هنا البصريون لأ نّهم الذين يجيزون ذلك كما سنرى.

(٣) فقد أجاز ذلك سيبويه والمُبَرِّدُ وهو قولٌ أخذَ بِهِ بعدَ ذلك عددٌ من النحاة منهم : الزَّمخشري وابنُ يعيش وابنُ الحاجب وابنُ مالك وابنُ عصفور والسيوطي.

انظر : الكتاب : ١ / ٢٨٤ والمقتضب : ٤ / ١٣٠ وشرح المفصل : ١ / ١٠٣ والكافية في النحو : ٢ / ٣٦٢ والتسهيل : ٦٢ والمقرب : ١ / ١٠٨ وهمع الهوامع : ١ / ١٣٦.

(٤) المحتسب : ١ / ٣٤٩.

(٥) من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٤٧ : (وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ).

(٦) لا أدري من الذي قرأَ بها ، ولم أعثر على هذه القراءة فيما بين يديَّ من مصادر.

(٧) المحتسب : ٢ / ٣٠٩.

١٧٦

٤ ـ إِنِ المُخفّفة مِنْ إِنَّ

قَرَأَ قتادة : (وَإِنْ مِنَ الحِجَارَةِ) (١) وَكَذلِك قراءَتُهُ : (وَإِنْ مِنْهَا) (٢) مخفّفة (٣).

قال ابن مجاهد : أحسبه أَرادَ بقولهِ مخفّفةً الميم ، لأنّي لا أَعرفُ لتخفيفِ النون معنى.

قال أبو الفتح : هذا الذي أَنكره ابنُ مجاهد صحيحٌ ، وذلك أَنَّ التخفيفَ في إِنَّ المكسورة شائعٌ عنهم أَلاَ ترى إلى قولِ اللهِ تعالى : (إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا) (٤) ، (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَك بِأَبْصَارِهِمْ) (٥) أَي : إنَّهُم على هذه الحال.

وهذه اللاّم (٦) لازمة مع تخفيف النون فرقاً بين إِنْ مخفّفة من الثقيلة

__________________

(١) و (٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٧٤ : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ).

(٣) قالَ أَبو حيان : يحتمل وجهين :

أحدُهما : أنْ تكون (إنِ المخفّفة من الثقيلة) معملة ويكون من الحجارة في موضع خبرها وما في موضع نصب بها وهو اسمها واللاّم لام الابتداء.

والوجه الثاني : أنْ لا تكونَ معملة بلْ تكون ملغاةً والمبتدأ والخبرُ في الجار والمجرور قبله. البحر المحيط : ١ / ٢٦٤.

(٤) سورة الفرقان : ٢٥ / ٤٢.

(٥) سورة القلم : ٥٤ / ٥١.

(٦) اللاّم في (لَمَا يَتَفَجَّرُ) مختلف فيها :

ذهب علي بن سليمان الأَخفش وجماعة إلى أنَّها لامُ الابتداء ، لزمتْ للفرقِ بينَ إنِ المذكورة وإنِ النافية ، وذهب أبو علي الفارسي وغيره إلى أنّها ليست لام الابتداء.

انظر : إعراب القرآن المنسوب إلى الزجّاج : ٧٥١ ـ ٧٥٥ والبحر المحيط : ١ / ٢٦٤.

١٧٧

وبين (١) إِنِ التي للنفي بمنزلة ما (٢) في قوله (سبحانه) : (إِنِ الكافِرُونَ إلاَّ في غُرور) (٣) وقوله :

فَمَا ان طبُّنا جُبْنٌ وَلَكِنْ

مَنَايَانَا وَدَولَةُ آخرينـا (٤)

وهذا واضح (٥).

وَقَرَأَ علي بن أَبي طالب (عليه السلام) وعمر بن الخطاب وابن عباس وابن مسعود ـ واختلف عنه ـ وأُبي بن كعب وأَبو إِسحاق السَّبِيعي : (وإِنْ كادَ) بالدال ـ (مَكْرُهُم لَتزُولُ) (٦) بفتح اللاّم الأُولى وضمّ الثانية : قال أَبو الفتح : هذه إنْ مخفّفة من الثقيلة ، واللاّمُ في قوله : (لَتَزُول) هي التي تَدْخُل بعدَ (إِنْ) هذهِ المخفّفة من الثقيلة ، فصلاً بينَها وبينَ (إِنِ) التي للنفي (٧) في قولِه تعالى : (إِنِ

__________________

(١) بين زائدة أفسدتِ الجملة وربما كانت من عمل النُّسَّاخ.

(٢) قال سيبويه : لمَّا خفَّفها ... ألزمها اللاّمَ لئلاّ تلتبس بإنِ التي بمنزلة ما.

انظر : الكتاب : ١ / ٢٨٣ ومعاني القرآن للأخفش : ٥٠ / ب والأزهية : ٣٥.

(٣) سورة الملك : ٦٧ / ٢٠.

(٤) البيت من أبيات لفروة بن مُسَيك المرادي وقد استشهد بها الإمام الحسين (عليه السلام) يوم الطفّ في واقعة كربلاء (عام / ٦١ هـ). الطَّبُّ : العادة ، والدولة بالفتح : الغلبة في الحرب. وروي (طعمة) مكان (دولة).

ينظر : الكتاب : ١ / ٤٧٥ و ٢ / ٣٠٥ والأُصول في النحو : ١ / ٢٨٦ ومعاني القرآن للأخفش : ٥٠ / ب والمقتضب : ١ / ٥١ و ٢ / ٣٦٤ والخصائص : ٣ / ١٠٨ وشرح الكافية : ١ / ٢٦٦ وتاريخ مدينة دمشق : ١٤ / ٢١٩ والجنى الداني : ٣٢٨ والمغني : ١ / ٢١ والخزانة : ٤ / ١١٢.

(٥) المحتسب : ١ / ٩١ ـ ٩٢.

(٦) من قوله تعالى من سورة إِبراهيم : ١٤ / ٤٦ : (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ).

(٧) انظر : ص : ١٧٧ ـ ١٧٨.

١٧٨

الكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُور) (١) أَي ما الكافِرُونَ إلاَّ في غُرور ، فكأَ نَّهُ قال : وإنَّه كَادَ مَكْرُهُم تَزُولُ مِنْهُ الجبالُ.

وَدَخَلْتُ يَوماً على أَبي عليّ بُعَيدَ عَودَتِهِ من شيرازَ سنةَ تسع وستّينَ فقال لي : أَلاَ أُحدثُك؟

قلت له : قل! قال : دَخَلَ إِليَّ هذا الأَندَلُسِيّ فظننته قد تَعَلَّمَ فإِذا هو يظن أَنَّ اللاّمَ التي تصحب إنِ المخفّفة من الثقيلة هي لام الابتداء (٢).

قلت : لا تعجب فأكثر من ترى هكذا (٣).

وَقَرأَ ابنُ مسعود والأعمش (٤) : (إن كُلٌّ إِلاَّ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبّك) (٥).

قال أبو الفتح : معناه : ما كل إِلاَّ واللهُ ليوفينّهم ، كقولك : ما زيد إلاَّ لأضربنَّه أَي مَا زيدُ إلاَّ مستحقٌّ لأن يقال فيه هذا ، ويجوز فيه وجه ثان ، وهو أَنْ تكون (إِنْ) مخفّفةً من الثقيلة وتجعل (إِلاَّ) زائدة. وقد جاءَ عنهم ذلك. قال :

أرى الدَّهرَ إلاَّ مَنْجَنُوناً بِأهلِهِ

وما طالبُ الحاجاتِ إلاَّ مُعَلَّلا (٦)

__________________

(١) سورة الملك : ٦٧ / ٢٠.

(٢) هذا الرأي ذهب إليه علي بن سليمان الأخفش الصغير وأكثر نحاةِ بغداد وبِهِ قالَ من نحاةِ الأندَلُس ابنُ الأخضر. ويرى أبو علي الفارسي أَنَّها ليستْ لامَ ابتداء وتابَعَهُ من الأندلسيين ابن أبي العالية. انظر : البحر المحيط : ١ / ٢٦٤ وما مرَّ في : ص : ١٧٧ ـ ١٧٨.

(٣) المحتسب : ١ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ونقل ذلك ابن هشام في المغني : ١ / ٢٣١.

(٤) انظر : المحتسب : ١ / ٣٢٨ والبحر المحيط : ٥ / ٢٦٦.

(٥) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ١١١ : (وإنَّ كُلاًّ لَمّا لَيُوَفّيَنَّهُمْ رَبُّك أَعْمالَهُم إنَّهُ بِمَا يَعْمَلونَ خَبِيرٌ) والقراءة المذكورة موجودة في مصحف ابن مسعود ، والقرّاء السبعة يقرؤن (كلا) بالنصب كما في البحر المحيط : ٥ / ٢٦٦.

(٦) البيت لأحد بني سعد انفرد ابن جنِّي بروايتِهِ هكذا وفي المصادر الأخرى (معذباً) مكان

١٧٩

أَي : أَرى الدهر منجنوناً بأهله يتقلّب بهم ، فتارة يرفعهم وتارة يخفضهم ، وعلى ذلك تأوّلوا قول ذي الرمّة :

حَرَاجِيجُ مَا تنفكّ إِلاَّ مُنَاخَةً

على الخَسْفِ أَوْ تَرْمي بها بلداً قفرا (١)

أَي : ما تنفك مُنَاخَةً ، وإلاَّ زائدة (٢).

وَقَرَأَ أَبو رَجاء : (لِمَا مَتَاعُ) (٣).

قَالَ أبو الفتحِ : إِنَّ ابن مجاهد لم يذكر كيفَ إِعراب (كُل) في هذه الآية؟ هل هو مرفوعٌ أَو منصوب؟ وينبغي أنْ يكونَ منصوباً (٤) وذلك أَنَّ (إِنْ) هذه مخفّفة من الثقيلة ، ومتى خُفِّفَتْ مِنْها وأُبطل نصبُها (٥) لزمتها اللاّمُ (٦) في آخر الكلام للفرق بينها وبين (إِنِ) النافية بمعنى ما ، وذلك قولك : إنْ زيدٌ لَقَائِمٌ ، وقوله :

__________________

(معلّلاً). وفي بعضها (وما الدهر). والمنجنون : الدولاب الذي يُستَقَى عليه. مؤنّث. انظر : المحتسب : ١ / ٣٢٨ والجنى الداني : ٣٢٦ والمغني : ١ / ٧٣ وشرح التصريح : ١ / ١٩٧ وشرح شواهد المغني : ١ / ٢٢٠ وشرح الأشموني : ١ / ٢٤٨.

(١) انظر : الديوان : ١٧٣ والكتاب : ١ / ٤٢٨ والمحتسب : ١ / ٣٢٩ وشرح الكافية : ٢ / ٢٩٦ والجنى الداني : ٤٨٠ والمغني : ١ / ٧٣ والبحر المحيط : ١ / ٤٨٣.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩.

(٣) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٣٥ : (وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).

(٤) من قوله تعالى : (وَإِن كُلُّ ذَلِكَ) ، وهو لا يريدُ أَنَّ النصبَ قراءة وإنَّمَا هو الاستنباط. وليس في كتب القراءات ما يشير إلى قراءة بنصب (كل).

(٥) (إن) المخفّفة من الثقيلة فيها لغتان : الإعمالُ والإهمالُ. قُرِئ بإعمالِها في سورة هود : ١١ / ١١١ (إنْ كلاًّ لَمَا لَيُوفّيَـنَهم رَبَّكَ أَعَمَالَهُم). وَنَقَلَ سيبويه أنَّهُ سَمعَ قولَ العربِ : إنْ عمراً لمُنطَلِقٌ. انظر : الكتاب : ١ / ٢٨٣ واللاّمات : ١٢٨ والتيسير : ١٢٦ والجنى الداني : ٢٢٨ والمغني : ١ / ٢٣١ والبحر المحيط : ٥ / ٢٦٦ وشرح الكافية : ٢ / ٣٥٨.

(٦) انظر : ص : ١٧٧.

١٨٠