الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ١٨

الشيخ محمد الصادقي

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ١٨

المؤلف:

الشيخ محمد الصادقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: انتشارات فرهنگ اسلامى
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٠

كهولته إلا هذه المعرفة لكيانه الرسالي والذائدة عن امه الطاهرة؟ ان تكليمه الرسالي بداية وهو في المهد ـ ومن ثم منذ الكهولة حتى صعوده (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ) (٣ : ٤٦) (إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً ..) (٥ ١١٠).

فقد كان مؤيدا بروح القدس إذ يكلم الناس في المهد وكهلا ، ولم يقل من المهد الى الكهولة ، وانما (فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً ..) مما يختص تكليمه في الحالين دون ما بينهما ، فتكليمه في المهد يكرس أنباء رسالته كهلا ويذود عن امه وقد سئل الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) «فما شأنك لم تتكلم بالحكمة حين خرجت من بطن أمك كما تكلم عيسى بن مريم على زعمك وقد كنت نبيا قبل ذلك؟ فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) : إنه ليس أمري كأمر عيسى بن مريم ان عيسى بن مريم خلقه الله عز وجل من أم ليس له أب كما خلق آدم من غير أب ولا أم ولو ان عيسى حين خرج من امه لم ينطق بالحكمة لم يكن لامه عذر عند الناس وقد أتت به من غير أب وكانوا يأخذونها كما يؤخذ مثلها من المحصنات فجعل الله عز وجل منطقه عذرا لأمه» (١).

__________________

(١) نور الثقلين ٣ : ٣٣٦ ح ٧٦ في كتاب علل الشرايع عن وهب اليماني قال : ان يهوديا سأل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا محمد! كنت في ام الكتاب نبيا قبل ان يخلق آدم (عليه السلام)؟ قال : نعم ـ قال : وهؤلاء أصحابك المؤمنون مثبتون معك قبل ان يخلقوا؟ قال : نعم ـ قال : فما شأنك ..» أقول يعني به ثبوت النبوة في علم الله وفي الايمان به من النبيين اجمع قبل ان يخلق ويبعث ، فعلى هذه السابقة الشريفة المنقطعة النظير فما شأنك .. وقد بحثنا عن نبوءته قبل رسالته في «الضحى» نبوءة ونبوة غير ظاهرة الرسالة ، لم يؤمر بها قبل الأربعين كما لم يوح اليه القرآن قبله.

٣٢١

فقد «كان يومئذ نبيا حجة لله غير مرسل» (١) حيث تنبأ بنبإ الوحي ولما أرسل بكتاب ، وما كلامه عن كتابه ووصيته بالصلاة والزكاة ما دام حيا وبرا بوالديه ، إلا انباء لمستقبل أمره ، فكتابه الرسالي هو منذ كهولته ، وصلاته وزكاته وبره منذ بلوغه او غلمته واما عبوديته لله فمنذ ولادته.

ولو كان رسولا حجة على الخلق أجمعين منذ تكلّمه في المهد لكان حجة على زكريا ويحيى ، وإنما «كان في تلك الحال آية لله ورحمة من الله لمريم حين يكلم فعبر عنها وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال» (٢) دون الخلق أجمعين فضلا عن زكريا ويحيى!

وهذه الكرامة الالهية للمسيح تفسح مجالا لتصديق كرامات اخرى لآخرين من أولياءه الصالحين كما للبعض من أئمتنا المعصومين في مظاهر أمرهم (٣) وان كان كلهم اصحاب هذه الكرامات منذ ولادتهم!

__________________

(١ ـ ٢) المصدر ٣٣٣ ح ٦٦ في اصول الكافي باسناده الى أبي جعفر الكناسي قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) أكان عيسى بن مريم حين يكلم في المهد حجة الله على اهل زمانه؟ فقال : كان يومئذ نبيا حجة لله غير مرسل اما تسمع لقوله حين قال : اني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا» قلت : فكان يومئذ حجة الله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال : كان عيسى في تلك الحال آية لله ورحمة من الله لمريم حين يكلم فعبر عنها وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال ، ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان وكان زكريا الحجة لله عز وجل بعد صمت عيسى بسنتين ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير اما تسمع لقوله عز وجل (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) فلما بلغ سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين اوحى الله اليه فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين وليس تبقى الأرض يا أبا خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدم (عليه السلام) واسكنه الأرض».

(٣) نور الثقلين ٣ : ٣٣٤ ح ٦٧ ـ عن اصول الكافي عن صفوان بن يحيى قال قلت ـ

٣٢٢

(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٣٧).

اختلفوا في كل من هذه البنود الثمانية ، في ـ ١ ـ عبوديته ـ ٢ ـ وكتابه ـ ٣ ـ ونبوته ـ ٤ ـ وبركته ـ ٥ ـ وصلاته وزكاته ـ ٦ ـ وبره بوالدته ٧ ـ وان لم يكن جبارا شقيا! ـ ٨ ـ والسلام عليه.

ففي كونه عبدا وهو أهم كونه اختلفوا من بينهم بين مثلثين (١) ومريميين ثنوية (٢) او مثلثين (٣) ومؤلهي المسيح كإله واحد (٤) ، غضا عن الوهية الله وموحدين حقيقيين وقليل ما هم (٥) وكما اختلفوا في ولادته وحياته وموته ، وفي كتابه وشريعته أما ذا من كيانه وامه!.

__________________

ـ للرضا (عليه السلام) قد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك أبا جعفر فكنت تقول : يهب الله لي غلاما ، فقد وهب الله لك فقر عيوننا فلا أرانا الله يومك فان كان كون فالى متى؟ فاشار بيده الى أبي جعفر (عليه السلام) وهو قائم بين يديه فقلت : جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين! قال : وما يضره من ذلك شيء قد قام عيسى (عليه السلام) بالحجة وهو ابن ثلاث سنين وفي نقل آخر عنه (عليه السلام): ان الله تبارك وتعالى بعث عيسى ابن مريم رسولا نبيا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه ابو جعفر (عليه السلام).

أقول : الرسالة الفعلية للمسيح (عليه السلام) منذ ثلاث من عمره لا يصدقها تاريخ رسالته ولا القرآن ، بل و «كهلا» في آيتيه لعله يعارضها ، اضافة الى الحديث السابق حيث بدء رسالته من السبع ، فلا يصدق من هذه الروايات الا ما يصدقه القرآن او لا يكذبه والله اعلم.

(١) «إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً» (٤ : ١٧١).

(٢) «وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ...» (٥ : ١١٦).

٣٢٣

(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) عن القول الحق في المسيح (عليه السلام) (مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) اوّله يوم الرجعة حيث ينزل المسيح (عليه السلام) وثانيه يوم الموت ، وثالثه يوم القيامة وهي ايام الله وان كان الأخير أعظمها! ـ :

(أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٣٨).

(يَوْمَ يَأْتُونَنا) فرادى و (يَوْمَ يَأْتُونَنا) جماعات يومي الموت والقيامة الكبرى (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) : ما أسمعهم وأبصرهم بالحق فيهما بعد ما عاشوا صما وبكما في الظلمات يوم الدنيا ، فلا ينفعهم ما يسمعون من الحق وما يبصرون إذ قضى الأمر ولات حين مناص ، فليقولوا حاسرين (رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) (٣٢ : ١٢)(لكِنِ الظَّالِمُونَ) إذ ظلموا في صممهم وعما هم عامدين (الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) في ضلال هناك نتيجة ضلالهم هنا ، عن رحمة الله ، فقد تناسوا في اليوم الأول غده ثم ليس لليوم الآخر غد يقدمون له!.

ثم الحق الذي يسمعونه ويبصرون هو كل الحق ، ما تركوه وكذبوا به ، وما خلّفه تكذيبهم ، حيث السمع والبصر هنالك حديد : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٥٠ : ٣٢).

__________________

(٣) في اللاهوت العقائدي ج ٢ ص ١٠٨ لمؤلفه لوديغ اوث «ان مريم هي حقا ام الله تقول الكنيسة في قانون الرسل بان ابن الله ولد من مريم العذراء فهي ام الله من حيث هي ام ابن الله.

(٤) «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ..» (٥ : ٧٢) «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ» (٥ : ٧٣).

(٥) هم الثلثان من أعضاء نيقية الموحدون حيث اضطهدوا بالثلث غير الموحدين ويأتي تفصيله بطيات آياته.

٣٢٤

وقد يشمل (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) امر الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) كشهيد الشهداء أن يجعل سائر أهل الحشر يسمعون ويبصرون (١) حالة هؤلاء الظالمين النكدة ، إذا ف «اسمع» جامعة هنا بين الأمر وأفعل التعجب ، ولا يعني العجاب هنا إلا أنه موضعه لمن يعجب دون الله سبحانه فانه ليس ليعجب!.

(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)(٣٩).

(يَوْمَ الْحَسْرَةِ) هو يوما الموت والقيامة الكبرى حسرة على الظالمين : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (٣٩ : ٥٦) (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (٢ : ١٦٧) (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) (٦ : ٣١) لذلك فهو لهم (يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) أمر التكليف ومجال التوبة عما أترفوا فيه ، فلا حسرة عما مضى إن كان هنالك انجبار يصلح ما يأتي.

وقد يعني يوم الحسرة هنا فقط يوم الموت (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) حيث البرزخ ليس يوم الغفلة ولا يوم الايمان حتى يندّدوا بعدم الايمان ، اللهم الا لمن يجمع يوميه ظالما وهو الذي يموت بالنفخة الاولى ويحيى بالثانية وهم قلة قليلة امام جمع الظالمين المحشورين ، فمهما كان يوم القيامة الكبرى هو يوم الحسرة الكبرى ولكن (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) يختصه هنا بالقيامة الصغرى ، اللهم إلّا ان يعتبر اليومان واحدا هما (يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) ف (هُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) يعني بداية يوم الحسرة وهو القيامة الصغرى ، وقد يعني (إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) ـ فيما يعني ـ قضاء امر الموت (٢)

__________________

(١) و «بهم» اعتبارا بافعل التعجب دون الأمر فانه متعد بنفسه.

(٢) الدر المنثور ٤ : ٣٧١ ـ اخرج سعيد بن منصور واحمد وعبد بن حميد والبخاري ـ

٣٢٥

لأهل الجنة تماما ، ولأهل النار ما داموا هم في النار.

(إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ)(٤٠).

تأكيدات اربع «ان ـ نا ـ نحن ـ نرث» تدليلا صارما على وراثة الأرض ومن عليها لله الواحد القهار ، ومن ثم (وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ).

انه لا وارث لله من ولد يتخذه مسيحا ام سواه ، بل هو الوارث للأرض

__________________

ـ ومسلم والترمذي والنسائي وابو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حيان وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): إذا دخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال : يا اهل الجنة! هل تعرفون هذا؟ فيشرفون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت وكلهم قد رآه ثم يقال يا اهل النار هل تعرفون هذا فيشرفون وينظرون ويقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه فيؤمر به فيذبح فيقال يا اهل الجنة خلود فلا موت ويا اهل النار خلود فلا موت ثم قرأ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) وأشار بيده وقال : اهل الدنيا في غفلة» وفي تفسير القمي ابو ولاد الحناط عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سئل عن قوله (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) قال : ـ وذكر مثله الى قوله : ثم يقال : يا اهل الجنة خلود فلا موت ابدا ويا اهل النار خلود فلا موت ابدا وهو قوله عز وجل : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) اي : قضي على اهل الجنة بالخلود فيها وقضي على اهل النار بالخلود فيها.

أقول : يختلف الخلودان والأبدان في الخلودين في الحديثين ، فالخالدون في الجنة لا يموتون ابدا فانها (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) والخالدون في النار منهم من يخرج الى الجنة فلا يموت كسائر اهل الجنة ، ومنهم من يظل في النار ما دامت النار فلا موت إذا في النار ، واما الفناء بفناء النار فلا ينافي الخلود ولا أبده في النار ، فأبد الخلود في النار يقدر بقدر ابد النار كما الجنة بالجنة ـ راجع ج ٣٠ تفسير قوله تعالى (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) وسورة الاسراء من هذا التفسير ففيه بحث فصل حول الخالدين في النار.

٣٢٦

ومن عليها مسيحا وسواه. لقد ملكنا ربنا أنفسنا والأرض محنة التكامل بالاختيار ومهنته بما هبانا من وسائل واسباب ، ملكا عرضيا مؤقتا لذلك الهدف الاسمى ، دون ملك حقيقي فانه لزام ربوبيته دون انتقال ، ثم الله ينشئ النشأة الاخرى حيث تزول هذه الملكية العرضية فهو الوارث لما ملكه من (الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها) فإنهم (إِلَيْنا يُرْجَعُونَ) فلا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا إلّا ما قدموه يوم الدنيا (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٤٠ :) ١٦) فهم منذ موتهم حتى الأبد معزولون عما ملكوا يوم الدنيا (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) (١٥ : ٢٣) (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٣ : ١٨٠)!

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٤١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (٤٢) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (٤٣) يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (٤٤) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (٤٥) قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ

٣٢٧

وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦) قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)(٥٠)

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا).

نجد «ابراهيم» عليه السلام ٦٩ مرة في الذكر الحكيم ، وأصله العبراني آبراهام ـ او ـ أب رام ، يعني : أبا جماعة كثيرة ، وكما في التوراة : التكوين ١٧ : ٢٠

«وليشمعيل شمعتيخا هينه برختي اوتو وهيفرتي اوتو وهيربتي اوتو بمئدمئد شنيم عاسار نسيئيم يولد ونتتيو لغوي غادل».

«ولإسماعيل سمعته (ابراهيم) ها انا أباركه كثيرا وأنميه وأثمره كثيرا وارفع مقامه كثيرا بمحمد واثنى عشر إماما يلدهم إسماعيل واجعله امة كبيرة (١)

__________________

(١) راجع كتابنا رسول الإسلام في الكتب السماوية.

٣٢٨

(إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً) : كثير الصدق ومبالغه في تطابق حاله وأقواله وأفعاله في حلّه وترحاله «نبيا» : رفيع المنزلة بين الصديقين فإنهم بين (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ...) (٥٧ : ١٩) ثم معصوم لا رسول ولا خليفة رسول كمريم (عليها السلام) : (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) (٥ : ٧٥) ثم خلفاء الرسول المعصومين (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) (٤ : ٦٩) ثم الرسل (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) (١٩ : ٥٦) و (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ ..) (١٢ : ٤٦) فإبراهيم نبي : رفيع المنزلة بين الصديقين الرسل فضلا عمن سواهم ، وقد يكفي «نبيا» تدليلا على رفعته بين الرسل ، إلّا ان صديقا يضيف اليه نبوة بين الصديقين الرسل فضلا عمن سواهم ، ومن نبوته الصدّيق حواره الصارم مع أبيه حيث لم يجرفه جوّ الربوة والتربية الشركية ، فلم يزلزله عن موقفه الصارم في التوحيد ودعوته.

(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) (٤٢).

أبوه هذا ليس الأب الوالد ، بل هو عمّه أم جد لأمه ، فكان يربيه كأب منذ طفوليته إذ مات والده ، وهنا يوبخه باحترام ودونما اخترام : «يا أبت» (١)! سائلا عنه السبب لعبادته الأوثان من دون الله ، وأقله أن تسمع او تبصر ، ومن ثم تغني وتكفي عنه شيئا ، وأكثره أن يكون الخالق الكامل

__________________

(١) الدر المنثور ٤ : ٢٧٢ ـ اخرج ابو نعيم والديلمي عن انس قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): حق الوالد على ولده ألا يسميه الا بما سمى ابراهيم أباه : يا أبت ـ ولا يسميه باسمه ـ أقول هذا لا يدل على ان أباه كان والده حيث الاحترام للوالد ومن هو بمنزلته كالعم والجد.

٣٢٩

الكافل لكل ما يحتاجه عبده ، ولا تملك الأوثان كثيرا ولا قليلا مما يسبب عبودتها ، والرب يكون مع عبده يراعيه : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) (إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ).

(يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا)(٤٣).

إنه لا بد للجاهل متابعة العالم ولا سيما الذي جاءه من العلم ما جاء ابراهيم من علم الملكوت وحيا إضافة الى علمه الفطري الناضج وآزر يحرم العلمين قصورا عامدا وتقصيرا!.

وليست الهداية الى صراط سوي دونما عرج ولا حرج ولا عوج إلا على ضوء علم يأتي الإنسان من الله (جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ) حيث العلم الداخل من فطرة وعقل ، او مكتسب كما الداخل من غير الله ، هذا العلم ليس معصوما عن خطأ مهما أصاب ، فلا يصيب الصراط السوي الا على ضوء العلم الخارج وحيا!.

(يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (٤٤) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) (٤٥).

أترى بعد ما يندد به لأنه يعبد ما لا يسمع ولا يبصر ، كيف ينهاه هنا عن عبادة الشيطان واسمع به وابصر؟! وان كان لا يغني عنه شيئا؟ علّه لا يعني من عبادة الشيطان اتخاذه معبودا كما الله ، وإنما طاعته المطلقة كأنه معبود (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٣٦ : ٦٠).

فما لم تكن هنا طاعة مطلقة للشيطان فكيف يتبع فيما ليس له من سلطان ان تعبد من دون الله أوثان لا تسمع ولا تبصر ولا تعني شيئا؟ فلو ان

٣٣٠

الشيطان كان مطيعا للرحمان لم تحق له العبادة ومطلق الطاعة ، كيف وقد (كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا) فالرحمن الذي منه الرحمة العامة لكل كائن كيف يترك إلى الشيطان وهو عصيّ الرحمان ، يبدل رحمته نقمة وهداه ضلالا.

وترى إذ كان أبوه يعبد الشيطان فكيف يخاف عليه أن يمسه عذاب من الرحمن فيكون وليا للشيطان ، ومس العذاب وولاية الشيطان لزامان لمن يعبد الشيطان؟ والخوف يلمح بتردد راجح!.

في (إِنِّي أَخافُ) لمحة أن ابراهيم (عليه السلام) لمّا يعرف حتى الآن أن أباه عدو للرحمن ، فكأنه مستضعف جاهل او يحتمله ، كما وأن (فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) لمحة اخرى تؤيدها أنه لم يكن يعلم آنذاك ولايته المعمدة المعاندة الحق للشيطان ، ومن ثم (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) أيدت تلك اللمحة فأعذرت ابراهيم في وعد الاستغفار وتحقيقه!.

ثم الإنسان ولي لمن والاه في الاخرى كما الاولى ولله الآخرة والاولى.

وهذه الدعوة اللطيفة الخفيفة بقاطع البرهان وأرق الألفاظ وأدقها لم تكن لتصل الى قلب خاو هاو فإذا بآزر في عربدة نكراء وطنطنة غوغاء.

(قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا)(٤٦).

فلم يكن لولي الشيطان جواب إلا سؤال التنديد الشديد : (أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ)؟ رغبة عما أعبده وأنا أبوك وهي آلهتي (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) عن هذه الرغبة المعارضة «لأرجمنك» إذ كان الرجم شر عذاب : (وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) (١١ : ٩١) (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) (٣٦ : ١٨) (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) فاعزب عن محاورتي واغرب عن مواجهتي طويلا! فالتملي بشيء هو التمتع به بملاوة من دهر ، وهناك

٣٣١

شعّ له الرجاء بعد الخوف والعناء كأن أباه يتمهل بالهجر الملي ان يفكر مليّا علّه يخرج عن غيّه ، وذلك تمهّل وشك مقدس ام الى قداسة ولذلك يسلم عليه إبراهيم ويعده الاستغفار إذ:

(قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا)(٤٧).

هناك يسلم عليه ويعده الاستغفار ولما ، ولماذا السلام على المشرك ووعد الاستغفار؟ و (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ)!.

الجواب ـ (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ..) (٩ : ١١٣) (فَلَمَّا تَبَيَّنَ) هنا تبين أنه استغفر له قبل التبين ف (عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) لا تعني إلا موعدة آزر لإبراهيم حيث ترجى فيها هداه ، فلم يتبيّن له أنه عدو لله رغم ما تقدم من عداه ، ولا مجال لتفهم هذه الموعدة في القرآن إلا (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) فلو انه كان مصرا في عداه لكان يرجمه او يلزمه. كيلا ينشر دعوته ضد الآلهة ، إذا (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) تمتعا بملاوة من الدهر ، يرجيه بموعدة التفكير مليا علّه يهتدي ، ام يقول كلمته الاخيرة بعد مليّ التفكير ، لذلك يسلم عليه إخبارا أنه سوف لا يرى منه سوء ، ودعاء ان الله يوفقه في هجرة الملي لهداه ، ثم يعده الاستغفار موعدة عن موعدة فاستغفر له بعد ملي لم ير منه ما كان يسمعه ويراه من عداه : (وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) (٢٦ : ٨٦) ف «كان» هنا تضرب الى ماضي حاله ، وأما حاله ومنذ موعدته (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) فلم تتبين له أنها استمرارية ضلاله ، ولذلك يستغفر له (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) فلم يعد يستغفر لأبيه وإن استغفر لوالديه في نهاية أمره وخاتمة عمره عند بناء البيت ، (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) (١٤ :) ٤١) فلو أن والده أبوه لأصبح كلام الله (تَبَرَّأَ مِنْهُ) كذبا ، وأصبح ابراهيم رسول الله عاصيا إذ «لم يتبرأ منه»!

٣٣٢

إذا فأبوه ـ هنا ـ لم يكن والده ، ولم يستغفر لأبيه إلا عن موعدة لم يتبين فيها أنه عدو لله فساحته إذا براء عن الاستغفار للمشترك على تبين عداه ، فانما لا يجوز الاستغفار لمن تبين انه عدو لله فهو من اصحاب الجحيم ، دون المشكوك هداه وعداه.

إذا فالاستغفار جائز لمن يجوز له ان يغفر وان كانت حالته الحاضرة كافرة لا تغفر إذ يجوز تحوله في مستقبل قبل ان يأخذه الأجل فيجوز له ان يغفر. واما الذي تبين أنه من اصحاب الجحيم ، إذ مات مشركا فلا يستغفر له ، لأنه تحميل على الله ما ليس ليقبله او هزء به!

(سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) إذ وعدتني في هجري الملي خيرا ول (إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) : برا لطيفا ، فالحفاوة الربانية تقتضي غفرك بما أستغفر لك ، وهي لا تقتضي غفرا لأصحاب الجيم ..

فقد كان ابراهيم معذورا في استغفاره لأبيه خطأ في موضوعه لا في حكمه وموضعه ، فلم تكن الأسوة الحسنة فيه تشمل خطأه : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ... إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ..) (٦٠ : ٤).

وترى السلام على المشترك هل يجوز حال شركه مهما جاز الاستغفار له قبل أن يتبين كونه من اصحاب الجحيم؟.

(سَلامٌ عَلَيْكَ) قد يعني الاخبار أن لا يصلك مني إلا سلام عدل ام فضل دونما ظلم ولا نقير ، وهكذا سلام واجب كل مؤمن وجاه الآخرين أيا كانوا ، مقالا وحالا وأفعالا.

وقد يعني الدعاء ان يسلمك الله وينزل عليك رحمته السلام ، وهذا لا يحق إلا لمن يستحق سلاما من الله من مسلم لله أمّن هو في سبيل الإسلام او

٣٣٣

مشكوكة حاله (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) (٢٠ : ٤٧) واما المقطوع انقطاعه عن الله ، الشريد عن الله ، والطريد عن رحمه الله ، فلا يستحق سلاما كما الاستغفار.

وكما جاز وعد الاستغفار لأبيه إذ لم يتبين له أنه عدو لله ، كذلك السلام ولا سيما في مواجهة الدعوة الى الله ، حيث تجلب المدعو بحنانه الى الله ، وحتى إذا تبين أنه عدو لله ، فسلام عليك بمعنى الاخبار لا محظور فيه! (وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ. فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٤٣ : ٨٩) (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) (٢٨ : ٥٥) (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً)(٢٥ : ٦٣).

إذا فسلام الاخبار عام لا محظور فيه ، وسلام الدعاء يخص غير من تبين انه من أصحاب الجحيم ، كدعاء الهداية والاستغفار ، مهما كان في حاضره من الكفار.

والقول ان جواز السلام على الكفار لعله شرعة ابراهيمية ليست في الإسلام كما وعديد من الأحاديث تمنعه ، جوابه انه لم ينسخه القرآن. بل وأيده : «وقل سلام ـ سلام عليكم ـ قالوا سلاما» وهذه الأحاديث مطروحة بمخالفة القرآن ، او مؤولة الى سلام الدعاء ، المحظور على من تبين انه من اصحاب ، الجحيم ، دون سلام الإخبار ، والسلام!.

(وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا)(٤٨).

وترى كيف يعتزل صاحب الدعوة الرسالية مرسلا إليهم ويدعو ربه بعيدا عنهم؟ إنه اعتزال عنهم وما يدعون من دون الله! فإذ يهدده المرسل اليه «لأرجمنك» وفي إمكانيته رجمه ، ثم يطلب اليه هجره مليا في لمحة إمهاله علّه

٣٣٤

يفكر ويرجع عن غيه ، وإلّا فليعش في جوّ الإشراك بالله دونما فائدة إلا ظلامة القرب من الأوثان ، فالاعتزال إذا واجب أو راجح ذو أبعاد ثلاثة ، وفيه (أَدْعُوا رَبِّي) وعله يخفف عن وطأة الشرك في أبيه أو يهديه (عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) هجر ملي ودعاء غير شقي ورب حفي وهنالك تتم وهبة الرحمة الربانية بلسان صدق علي ف «رحم الله عبدا طلب من الله عز وجل حاجة فألح في الدعاء استجيب له او لم يستجب ..» (١).

(فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)(٥٠).

أترى ان إسحاق هو بكر مواليد إبراهيم فيفرد بذكره هنا؟ ام هو إسماعيل كما يتقدم عليه فيما يذكران (٢)؟ بكره هو إسماعيل لتقدمه حيث يذكران ، وقد يفرد بذكر إسحاق حيث المقام مقامه والأنبياء الإسرائيليين (٣) وهنا كامثاله يقتصر على ذكره حيث الهدف ذكر توالي النبوة في الشجرة الإسرائيلية ولذلك يعقبه بيعقوب ابنه دون إسماعيل أخيه ، كما قد يذكر إسماعيل وحده دون إسحاق (عليه السلام) (٤) حيث المقام يخصه دونه ، وحين

__________________

(١) نور الثقلين ٣ : ٣٣٩ ح ٨٦ في اصول الكافي عن ابن قداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) : ... وتلا هذه الآية.

(٢) «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ» (١٤ : ٣٩) «أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى» (٢ :) ١٤) و ٣ : ٨٤ و ٤ : ١٦٣ و ٢ : ١٣٣ و ١٣٦.

(٣) «كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ» (١٢ : ٦) «وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ» (١٢ : ٣٨) ولا مجال هنا لذكر إسماعيل إذ ليس أبا يوسف وانما عمه.

(٤) «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ» (٢ : ١٢٧) ـ «وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ ـ

٣٣٥

يجتمعان يتقدمه إسماعيل دونما استثناء! وفي التوراة تصديق ان إسماعيل بكر ولده (١).

«وكلا» من إسحاق ويعقوب (جَعَلْنا نَبِيًّا) رسولا رفيع المنزلة بين الرسل (وَوَهَبْنا لَهُمْ) ابراهيم وإسحاق ويعقوب (مِنْ رَحْمَتِنا) من طيبة الولادة والعلم والعمل الصالح ، رحمات متصلة بهم ومنفصلة عنهم ، ومن الثانية (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) وهو إجابة لدعوته : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (٢٦ : ٨٤) وما الآخرون في البيئة الرسالية الصادقة إلا محمد وعترته المعصومون (عليهم السلام) فهم إذا لسان صدقه العلي!

هنا وان لم يذكر إسماعيل (عليه السلام) إذ لم يكن المقام محله ، فقد ذكر عاليا في لمحة (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) حيث الآخرون هم من نسل إسماعيل وهم لسان صدق لهم عليّ ينطق بالرسالة الصادقة والولاية الفائقة ما لم يسبق له مثيل.

ولسان صدق من اضافة اللسان الى أفضل حالاته وأشرف متصرفاته ، وعلّ اللسان وهنا لسانان : لسانهم الرسالي لأممهم ، المبشر بلسان صدق في الآخرين كما بشروا في كتاباتهم بالرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) ـ ولسان آخر منفصل عنهم يصدقهم فيما أرسلوا وبشروا وهو محمد خاتم النبيين ، لو لا لسانه الصدق عنهم ، المصدّق لهم لما صدقنا رسالاتهم (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ

__________________

ـ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ» (١٩ : ٥٤) «وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ» (٣٨ : ٤٨) «وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ» (٢١ : ٨٥)

(١) تكوين المخلوقات الاصحاح ١٦ ـ الآيات ١ ـ ٦ ومنها قول سارة زوجته «ادخل على جاريتي لعلي ارزق منها بنين (٢).

٣٣٦

مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (٣٣ : ٤٠) والخاتم هو المصدق آخر الكتاب ، ومحمد يختم كتاب الرسالات ختاما وتصديقا (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ..) (٣ : ٨١).

فهم ـ ابراهيم ـ إسحاق ـ يعقوب ـ لسان صدق علي ، ولهم في الآخرين لسان صدق علي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) وعلي وعترتهما المعصومون وهم أعلى! فأين نبيّ من نبي وولي من ولي وعلي من علي؟.

وقد يعني (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) ـ في أهم ما يعنيه ـ أهل بيت الرسالة المحمدية ، كما وأنهم لسان صدق علي (١) «ولسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خير من المال يأكله ويورثه» (٢) او «يورثه من لا يحمده» (٣)!.

__________________

(١) نور الثقلين ٣ : ٣٣٩ في تفسير القمي (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) يعني لإبراهيم وإسحاق ويعقوب (مِنْ رَحْمَتِنا) : رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) يعني امير المؤمنين حدثني بذلك أبي عن الحسن بن علي العسكري (عليه السلام).

أقول : يعني امير المؤمنين تفسير بمصداق مختلف فيه ليلحق بالمصداق المتفق عليه وهو الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم).

(٢) المصدر ح ٨٨ في اصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال امير المؤمنين (عليه السلام).

(٣) في نهج البلاغة قال (عليه السلام): ان اللسان الصالح يجعله الله للمرء في الناس خير له من المال يورثه من لا يحمده.

٣٣٧

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧)

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا)(٥١)

المخلص ـ فتحا ـ هو الذي أخلصه الله بعد ما أخلص هو نفسه فأصبح مخلصا لله ، عصمة إلهية تجعل العصمة البشرية بالغة المدى لحد ينتجب لرسالة ، ونبوة إلهية ، و (رَسُولاً نَبِيًّا) مر بيانه وسطع برهانه.

(وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) (٥٢)

«الأيمن» هنا كما في (واعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ) (٢٠ : ٨٠) صفة تفضيل لجانب ، يعني الجانب الأيمن من الطور لا اليسار ولا اليمين ، وليس صفة للطور حيث الأيمن في طه منصوب لا يناسب صفة للطور ، وانه لم

٣٣٨

يوصف في ثمان اخرى (١) بالأيمن! ولان الوحي يمن ويمين فمناداته جانب الأيمن مكانا كما هو الأيمن مكانة! أفضل اليمن واليمين.

ثم و «من» تقرر منفذ الوحي اليه في كلام يسمع فليكن في مكان كما الموحى اليه في مكان ، مهما لم يكن للموحي المنادي مكان ولا زمان ، حيث يخلق الكلام كما يخلق سائر الخلق ، ولكنه كلام خارق سنة الكلام في لفظه ومعناه حيث هما من الله دون مكلّم بشري أو ملائكي أمن ذا؟

فكما الله خلق المسيح دون أب ، وخلق آدم دون أبوين ، كذلك الكلام الذي كلّم به كليمه خلقه دون لسان وشفه ومخرج صوت.

(وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) ..

«نجيا» حال من المقرّب وحال من المتقرب وعلى أية حال يعني النجوى كما يعني النجاة : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) (١٢ : ٨٠) اللهم إلّا نجاة الله إذ لا يخاف حتى ينجو ، فقد قربه «نجيا» هو عمن يبعّده او يشغله من اهله ، وعمن يتربص به دائرة السوء كآل فرعون ، ومن ثم «نجيا» في نجواه إليه وحيا ، ونجوى موسى الى ربه وقد يجمعهما (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى. قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) (٣٠ : ١٨).

ف «نجيا» هذا يجمع بين شرطي ذلك القرب ، سلبا في نجيّ النجاة عمن سوى الله ، وإيجابا في نجي النجوى مع الله ، وقد يشير الى نجاته (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) ـ والى نجواه : (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى) (٢٠ : ١٢)!.

__________________

(١) هي ٢ : ٦٢ و ٩٣ و ٤ : ١٥٤ و ٢٨ : ٢٩ و ٤٦ و ٥٢ : ١ ، وقد وصف مرة بسيناء ٢٣ : ٢٠ واخرى بسينين ٩٥ : ٢.

٣٣٩

وهل هناك نجي النجوى دون من اليه يوحى؟ أجل وقد يكون اجل واجلى من بعض الرسل كأئمة الهدى (١) حيث النجوى تعم الوحي والإلهام بمراتبهما ، فوحي النبوة يخص الأنبياء ، وإذا ختم الوحي بختم النبوة فإلهام قد يكون أرقى من بعض الوحي كما كان يلهم الى أئمة الهدى!.

(وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا)(٥٣).

هارون! يا له من وهبة رحيمية ربانية لبلاغ الرسالة الموسوية «نبيا» : رسولا رفيع المنزلة هبة باستدعائه واستعداده (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي.

__________________

(١) نور الثقلين ٣ : ٣٤٠ ج ٩٢ في بصائر الدرجات عن محمد بن مسلم قال قلت لابي عبد الله (عليه السلام) ان سلمة بن كهيل يروي في علي أشياء قال : ما هي؟ قلت : حدثني ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان محاضر أهل الطائف وانه خلى بعلي يوما فقال رجل من أصحابه : عجبا لما نحن فيه من الشدة وانه يناجي هذا الغلام مثل اليوم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما انا بمناج له انما يناجي ربه فقال ابو عبد الله (عليه السلام) : هذه أشياء يعرف بعضها من بعض أقول : يعني (عليه السلام) ان هذه النجوى تعم أئمة الهدى (عليهم السلام) وفيه ح ٩٤ باسناده الى أبي رافع قال : لما دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) يوم خيبر فتفل في عينيه ثم قال له : إذا أنت فتحتها فقف بين الناس فان الله امرني بذلك قال ابو رافع فمضى علي (عليه السلام) وانا معه فلما أصبح بخيبر وقف بين الناس وأطال الوقوف فقال الناس : ان عليا يناجي ربه ، فلما مكث امر بانتهاب المدينة التي افتتحها قال ابو رافع فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت : ان عليا وقف بين الناس كما امرته فقال قوم : الله ناجاه؟ فقال : نعم يا أبا رافع ، ان الله ناجاه يوم الطائف ويوم عقبة تبوك ويوم خيبر.

وفي روآية علي بن أعين عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) في قصة الطائف .. فسمعنا صرير الرحا فقيل ما هذا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! قال : ان الله يناجي عليا أقول وإذا يناجيه في حياة الرسول فباحرى ان يناجيه بعد وفاته وهو وحده الرابط بينه وبين خلقه بالهامات متواصلة.

٣٤٠