الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ١٠

الشيخ محمد الصادقي

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ١٠

المؤلف:

الشيخ محمد الصادقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: انتشارات فرهنگ اسلامى
المطبعة: اسماعيليان
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٤

أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ)(١٥٧)

(وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ):(١٤٦)

أجل ، فلم تحرم عليهم ما حرمت ذاتيا ، إنما (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً) (٤ : ١٦٠) حيث (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ ..)(٣ : ٩٣).

و (الَّذِينَ هادُوا) هم الذين رجعوا عن الحق بعد اهتدائهم إليه وهم ثلة وفي القرآن شيء كثير من تهودهم وتعندهم ، ثم وهم الذين رجعوا إلى الحق وهم قلة ، والفريقان معنيان هنا ب (الَّذِينَ هادُوا) فقد حرم الله عليهم ككلّ ـ طالحين وصالحين ـ طيبات أحلت لهم (فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) (٨ : ٢٥) فعلى الطالحين فتنة شر وابتلاء وعلى الصالحين فتنة خير واعتلاء ، ومما حرمت عليهم هو صيد الحيتان يوم السبت : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٧ : ١٦٣).

(حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) من حيوان البر والطير وهي من أعظم النعم

٣٢١

(وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما) الشامل للإليات ، وقد كانوا يبيعونها ويأكلون أثمانها ، حيلة شرعية لا خبر في الشرع عنها ، وقد لعنهم رسول الله (ص) بحيلتهم الغيلة قائلا : «لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها» (١) فإن «حرمنا» الواردة على موضوع لا تختص بوضع خاص له ، بل تعم كلّ المحاولات فيه ، وقد نص التورات على حرمة الشحوم (٢).

(إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) من شحومهما (أَوِ الْحَوايا) هي المباعر والمصارين ، واحدها الحوية أو الحاوية وهي الدوارة في بطن الشياه والأبقار ، فهي ـ إذا ـ الشحوم الملتصقة بالمباعر والمصارين (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) فهذه الشحوم الثلاثة استثنيت عن «شحومهما» و«ذلك» التحريم في حقل طيبات محللة في أصولها (جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ) المتواصل على عباد الله وشرعة الله (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) في ذلك الجزاء والتحريم بسببه.

ذلك ، وقد أحل الله في شرعة المسيح (ع) ما حرمه في التوراة على الذين هادوا : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) (٣ : ٥٠).

فلا يحمل شرعة الإنجيل إلّا هكذا تحليل ، فليس فيه ـ إذا ـ غيره من

__________________

(١) الدر المنثور ٣ : ٥٣ ـ اخرج ابن مردويه عن اسامة بن زيد قال : قال رسول الله (ص) : ... ورواه عنه (ص) مثله عمر بن الخطاب وأبو هريرة وابن عباس وفي الأخيرة زيادة : وان الله لم يحرم على قوم أكل شيء إلّا حرم عليهم ثمنه ..

(٢) كما في سفر اللاويين ٣ : ١٤ ـ ١٧ «١٤ ويقرب منه قربانه وقودا للرب الشحم الذي يغشي الأحشاء وسائر الشحم الذي على الأحشاء ١٥ والكليتين والشحم الذي عليهما الذي على الخاصرتين وزيادة الكبد مع الكليتين ينزعها ١٦ ويوقد الكاهن على المذبح طعام وقود لرائحة سرور كل الشحم للرب ١٧ فريضة دهرية في اجيالكم في جميع مساكنكم لا تأكلوا شيئا من الشحم ولا من الدم» وكذلك في ٧ : ٢٤ ـ ٢٧.

٣٢٢

نسخ لا جليل ولا قليل ، اللهم إلّا مزيدات من تنظيمات خلقية من توجيهات السيد المسيح (ع) ، فشرعة الإنجيل هي شرعة التورات في الأصل ، كما يكرره السيد المسيح (ع) في الإنجيل ، ويعتبر القرآن نفسه بعد التوراة تأشيرا عشيرا إلى هذه الوحدة : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ. قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤٦ : ٣٠).

(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ):(١٤٧)

فهو أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة وأعظم المتجبرين في موضع النكال والنقمة ، ومن رحمته الواسعة تحليل الطيبات وتحريم الخبائث ، ومن نقمته تحريم طيبات على الذين هادوا ببغيهم ، ومن نكاله على الذين يحرمون ما أحل الله ويحلون ما حرم الله نكال الآخرة والأولى.

(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ)(١٤٨) :

بعد كلّ هذه التنديدات بالإشراك بالله والحجاجات على المشركين بالله نسمعهم قد يبررون موقفهم من عقيدتهم وأعمالهم الشركية بأن المشية إنما هي لله ، فلو شاء الله ألّا نشرك به ما أشركنا ولا حرمنا من شيء إذ لسنا نقدر أن نتغلب على مشيئة الله ، فحين أشركنا وحرّمنا علمنا أنه ليس خلاف مشيئة الله ، بل هو الذي يشاء شركنا وتحريمنا ، فشركنا توحيده وتحريمنا تحريمه وتوحيدنا خلاف مشيئته إشراك به.

هنا «سيقول» إخبار بالمستقبل أنهم ما قالوه حتى الآن وسيقولونه بعد

٣٢٣

الآن كما : (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (١٦ : ٣٥).

ولأن النحل نازلة بعد الأنعام فآية النحل هي مما سيقولون ، وهكذا يتبررون في عقيدتهم الجاهلة النكدة متظاهرين بالإخلاص لله والتسليم لمشيئة الله المتأكدة لإشراكهم بالله ، فإن «لو» تحيل مشيئته لترك الإشراك وتحتّم مشيئة الإشراك ، فنحن ـ إذا ـ عمال تحتيم الإشراك لله من الله.

وهؤلاء الأنكاد بين مجبرة ناكرة للاختيار في كلّ الأفعال ، وغير مجبرة خالطة بين المشيئة التكوينية والتشريعية ، وكلاهما كذب من القول وزور وغرور : (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) : (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) (٤٣ : ٢٠) ـ (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا) فنتقبل فريتكم علينا (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ).

ذلك (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١١ : ١١٩) ـ (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٦ : ٩٣) ـ (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) (١٠ : ٩٩).

وهنا عطف الظاهر (وَلا آباؤُنا) على الضمير في (ما أَشْرَكْنا) دليل على أنه من صالح الأدب ، إذا فمن سوء الأدب قول بعض أهل الأدب إن عطف الظاهر على المضمر قبيح ، حيث القائل هو القبيح السفيه (١) والقرآن هو الوجيه.

__________________

(١) وهو سيبويه وأضرابه ممن تقولوه.

٣٢٤

(قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ)(١٤٩) :

إنها ليست حجة الظن كما تزعمون ، فإن الظن لا يغني عن الحق شيئا ، إنما هي علم أو أثارة من علم آفاقيا وأنفسيا (١)(قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) تبلغ الجاهل كما العالم مهما اختلفت حجة عن حجة (٢) ولكنما (الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) تبلغ إلى كافة المكلفين بالمبلغين الرساليين رسلا وأئمة معصومين عليهم السلام (٣) والذين يحملون عنهم.

ذلك ، وأبلغ حجج الله الطاهرة الظاهرة هو القرآن العظيم ، فإنه الأكبر في الثقلين ، وهو الظاهر لا يغيب والباقي مر الدهور مهما غاب الرسول والأئمة من آل الرسول (ص) أم ماتوا ، ولأن الرسول (ص) وذويه حجة مع

__________________

(١) نور الثقلين ١ : ٧٧٥ عن اصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال : قال لي ابو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يا هشام ان لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة فاما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة عليهم السلام واما الباطنة فالعقول.

(٢) نور الثقلين المصدر في امالي الشيخ الطوسي باسناده الى مسعدة بن صدقة قال سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام وقد سئل عن قول الله (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) فقال : ان الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالما؟ فان قال : نعم قال له : أفلا عملت بما علمت وان قال : كنت جاهلا قال له : أفلا تعلمت حتى تعمل فيخصمه فتلك الحجة البالغة.

(٣) نور الثقلين ١ : ٧٧٦ في اصول الكافي عن سدير عن أبي جعفر عليهما السلام قال قلت له ما أنتم؟ قال : نحن خزان علم الله ونحن تراجمة وحي الله ونحن الحجة البالغة على من دون السماء ومن فوق الأرض.

وفيه عن أبي عبد الله (ع) قال كان امير المؤمنين (ع) باب الله الذي لا يؤتى الا منه وسبيله الذي من سلك بغيره هلك وكذلك يجري أئمة الهدى واحدا بعد واحد جعلهم الله اركان الأرض ان تميد باهلها وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.

٣٢٥

القرآن ، فالسنة هي حجة هامشية مبينة للقرآن : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (٤ : ١٦٥).

فالرسول بجنب الكتاب حجة علمية وعملية ، فهو أسوة فيهما كيلا يقال لم نفهم الكتاب كله ، أم لا نستطيع أن نعمل بالكتاب كله ، والرسول أمثولة للكتاب كله ، حجة تقطع كلّ الأعذار.

ذلك ـ وفاء التفريع الأول فيه «فلله» تقلّب حجتهم عليهم إذ لا حجة لهم على دعواهم فليس عندهم عليها من علم فيخرجوه ، والتفريع الثاني في «فلو شاء» حجة أخرى على غرقهم في لجّتهم أنه لا يشاء تسييرا على الهدى بل هو تخيير اختيارا للهدى أو للردى (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) وليس اختيارهم الشرك تحقيق مشيئة تشريعية أم وتكوينية مسيّرة لهم على الشرك ، ومن الحجّة البالغة لله الفطر والعقول الحاكمة بتوحيد الله وهم تاركوهما إلى ظنون وتخيلات تخبلات تعارض كافة الحجج الآفاقية والأنفسية!.

فلأن «لله (الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) دونما تقصير أو قصور ، وهو يشاء تشريعيا تحقيقها واقعيا ، «فلو شاء» ذلك تكوينا تسييرا (لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) ولكنه على حجته البالغة في كلّ الحلقات يبتليكم بما تختارون.

فليس عدم صدّه عن الإشراك به لرضاه به أو عجزه عن ذلك الصد ، إنما هو حكمة بالغة تكليفا حنيفا عطيفا في دار البلية والاختبار بالاختيار.

وهذه الآية هي من تلك التي تدلنا على واقع الأمر بين أمرين دون جبر ولا تفويض من جهات عدة : فإن (كَذلِكَ كَذَّبَ) تنديد بالقول (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا) في خرافة الجبر ، ثم ومديده (حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) ومن ثم التجهيل بفارغ الحجة (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا) تدليلا على

٣٢٦

سلبية العلم فيما هم يدعون بصورة طليقة ، وسحقا لما خيل إليهم من حجة (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) والخرص هو أقبح أنواع الكذب ، حيث لا يملك حجة وهو فرية وقحة على الله.

ذلك ، لأن الجبر يبطل رسالات الله ، ويمس من كرامة الربوبية فضلا وعدلا ، ويهدم صرح التشريعات عن بكرتها ، وهم يدعون الجبر نكرانا للرسالات ، وإباحية لكلّ الشهوات والشيطنات ، وجمعا لله حيث يسيّر الكلّ على كلّ الشرور والخيرات ، بين تحقيق المتضادات ، وحيث يسيّر جمعا على التوحيد وآخرين على الإشراك ، جمعا بين وحدته وتعدده ، وجمعا بين إرساله رسل الخير النبيين ورسل الشر الشياطين ، وذلك أقبح الافتراءات على رب العالمين و (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الله ورسل الله «حتى ذاقوا وبال أمرهم».

إن الحجة البالغة الإلهية على ما يحمله المرسلون شهادة ربانية على صدقهم ، فمن هم شهداءكم على ما تدعون من أصول وفروع؟ :

(قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)(١٥٠) :

«قل» لهؤلاء المدعين الزور بكلّ تزوير وغرور لو كان لكم شهداء على ما تدعون ف (هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا) الذي تحرّمون (فَإِنْ شَهِدُوا) فشهادتهم عاطلة باطلة إذ لا ترتكن إلى ركن وثيق من علم أو اثارة من علم (فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) إذ لم يوح إليك ما أوحي إلى شياطينهم (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) في هذه الشهادة الزور فإنهم في ثالوث منحوس : التكذيب بآيات الله قاعدته ، ثم (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ـ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) : تهديما لصرح التوحيد والنبوة والمعاد.

٣٢٧

فإنهم يعدلون بالله من خلقه ما يشتهون وهم بالآخرة هم كافرون وهم بآيات الله هم يكذبون!

ذلك! فكيف تقبل شهادة الخائضين في ثالوث الكفر ، وليست لتقبل شهادة المؤمنين لو شهدوا بما يضاد ما أوحي إليك ، فكما هم يتبعون أهواءهم لو شهدوا فأنت متبع أهواءهم لو قبلت شهادتهم!.

وإنها مواجهة فاصلة مستأصلة لمزاعم المتخلفين عن شرعة الله سواء المشركين الرسميين أو الذين يزاولون حق الحاكمية والتشريع للناس افتراء على الله أم تشريعا مشاقا لتشريع الله بما لم يأذن به الله.

(قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(١٥١) :

هنا وفيما يتلو سرد مجمل جميل عن كافة المحرمات الأصلية والفرعية : الرئيسية في شرعة القرآن ، وهي عشرة كاملة معظمها في صيغة النهي وأخرى في صيغة الأمر المستفاد منها النهي عن هذه ، وهذه العشرة تحلّق على كافة المرفوضات والمفروضات في شرعة الله كضوابط رئيسية يستنبط منها كافة الفروع استفسارا لها من سائر القرآن ومن السنة ، وقد تلاها الرسول (ص) على جموع حيث عرض عليهم نفسه رسولا ، كنموذج شامل عن رسالته القدسية (١).

__________________

(١) الدر المنثور ٣ : ٥٤ ـ اخرج أبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن علي بن أبي طالب (ع) قال : لما امر الله نبيه (ص) ان يعرض نفسه على قبائل العرب خرج الى منى وأنا معه وأبو بكر وكان أبو بكر رجلا نسابة فوقف على منازلهم ومضاربهم بمنى ـ

٣٢٨

ف «قل» لهؤلاء وكلّ هؤلاء المكلفين على مدار الزمن الرسالي إلى يوم الدين «تعالوا» إلى كرسول من الله (أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) :

١ ـ (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) ـ كما لم يشرك الله بنفسه شيئا ـ في أي من شؤون ربّكم بواسع ربوبيته المحلّقة على كافة الشؤون الخاصة به ، الخالصة له ، تكوينا وتشريعا ، خالقية ومعبودية أماهيه.

و«شيئا» هنا تستأصل أي شيء من شؤون ربّوبيته عن أي شيء من خلقه ف «لا تشركوا شيئا ـ به شيئا» اجتثاثا لكلّ بذور الإشراك بالله في كلّ

__________________

ـ فسلم عليهم وردوا السلام وكان في القوم مفروق بن عمر وهاني بن قبيصة والمثنى بن حارثة والنعمان بن شريك وكان اقرب القوم الى أبي بكر مفروق وكان مفروق قد غلب عليهم بيانا ولسانا فالتفت إلى رسول الله (ص) فقال له : إلى م تدعو يا أخا قريش؟ فتقدم رسول الله (ص) فجلس وقام أبو بكر يظله بثوبه فقال النبي (ص) أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له واني رسول الله وان تؤوني وتنصروني وتمنعوني حتى أؤدي حق الله الذي امرني به فان قريشا قد تظاهرت على امر الله وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد ، قال له وإلى م تدعو ايضا يا أخا قريش؟ فتلا رسول الله (ص) : قل تعالوا ـ الى ـ تتقون فقال له مفروق وإلى م تدعو ايضا يا أخا قريش فو الله ما هذا من كلام أهل الأرض ولو كان من كلامهم لعرفناه فتلا رسول الله (ص) : ان الله يأمر بالعدل والإحسان ... فقال مفروق : دعوت والله يا قرشي الى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال وقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك وقال هاني بن قبيصة قد سمعت مقالتك واستحسنت قولك يا أخا قريش ويعجبني ما تكلمت به ثم قال لهم رسول الله (ص) ان لم تلبثوا إلّا يسيرا حتى يمنحكم الله بلادهم وأموالهم ـ يعني ارض فارس وانها كسرى ـ ويفرشكم بناتهم أتسبحون الله وتقدسونه فقال له النعمان بن شريك اللهم وإن ذلك لك يا أخا قريش فتلا رسول الله (ص) : انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا ... ثم نهض رسول الله (ص) قابضا على يد أبي بكر.

٣٢٩

دركاته ، وحصيلته خالص التوحيد لله في كلّ درجاته ، فعلى كلّ قدر إمكانيته طرد الإشراك بالله ، وسرد توحيد الله في قاله وحاله وأفعاله (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).

ذلك ، فهي تبقية لضمير الفطرة على خالص التوحيد ، وتنقية له من أو شاب الشرك ، وتنقية العقل من أو شاب الخرافات ، ومن تقاليد الجاهلية الجهلاء العمياء ، وبصورة شاملة تخلية للحياة عن عبودية العباد تحلية لها بعبودية الله وحده لا شريك له ، فإن الشرك في كلّ صورة هو المحرم الأول حيث يجر إلى كلّ محرم ، والمنكر الأول الذي يجب حشد الإنكار له كله.

وترى كيف يكون مما حرم عليكم ربّكم (أَلَّا تُشْرِكُوا ... وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) فهل عدم الإشراك هناك وفعل الإحسان هنا مما حرم عليكم ربكم؟.

والجواب أولا أن «حرم» تعني جعل الحريم ، ثم بيّن ذلك الحريم بالنهي عن الحرام والأمر بالواجب ، فلكلّ حريم بذلك التحريم.

وثانيا : «أتل» قد تعني تلاوة ما يبين المحرمات سواء أكانت بصيغة النهي كما في مناهيها ، أم بصيغة الأمر كما في أوامرها ، وهما يجتمعان في بيان أصول المحرمات.

ولأن «الوالدين» هما المكمن الأوّل للناشئة إيلادا بإذن الله ، وتربية وترقية ، فلهما الدور الثاني بعد الله :

٢ ـ (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) إذا فترك الإحسان بهما محرم ، وليس فقط الإساءة إليهما ، فهنا نعرف ـ كضابطة ـ أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده العام وهو هنا ترك الإحسان ، فإن أساء فمحظور مؤكد.

وقد عد الإحسان بالوالدين في عديدة كهذه بعد النهي عن الإشراك

٣٣٠

بالله والأمر بتوحيد الله ك (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) (١٧ : ٢٣) ـ (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) (٣١ : ١٤).

ذلك ، لأنهما ـ الشاملين لوالدي الروح كالدعاة إلى الله ووالدي الجسم ـ هما مجريان لولادة الجسم والروحية الإنسانية السامية ، فأفضل الوالدين هما النبي وعلي عليهما السلام (١) كما يروى عنه «أنا وعلي أبوا هذه الأمة».

٣ ـ (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) ـ (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً) (١٧ : ٣١) والإملاق هو الإنفاق أو كثرته لحد الافتقار ، وهنا «من إملاق» تعني واقعه ، أن ثقل الإنفاق لحد الافتقار يحملكم على قتل أولادكم ، ولكن المنفق عليهم في الحق هو الله (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) ، وقد يعني «من إملاق» خشيته إلى واقعه ، كما و (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) قد تعني واقعه إلى خشيته ، فلا الإملاق ولا خشيته بالذي يبرر قتل الأولاد إذ إن أقصى التكليف هنا أن ينهي الإملاق إلى موت الأولاد جوعا ، فلما ذا تقتلونهم ـ إذا ـ أخوفا من موتهم؟ وقتلهم أسوء حالا! أم خوفا من موتكم؟ فكذلك الأمر! ، ثم الولد يأتي برزقه من الله ، فثقله على الأرض ورزقه على الله.

وأصل الإملاق هنا واقعه الذي هو للآباء ، فذلك يطمئن الاباء هنا

__________________

(١)نور الثقلين ١ : ٧٧٧ عن تفسير القمي قال : الوالدان رسول الله وامير المؤمنين عليهما السلام.

أقول : راجع آيات الأسرى ولقمان تجد تفصيل البحث حول المفروض تجاه الوالدين.

٣٣١

قبل الأولاد ، وأصله في الأسرى الخشية التي هي في الأصل للأولاد ، ولذلك يطمئن الأولاد هناك قبل الآباء ، ولأن الإملاق تستعمل لازما ومتعديا ، فإملاق الأنعام لازم هو الإفلاس ، وإملاق الأسرى متعد هو الإنفاق حيث يفلس.

٤ ـ (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) والفواحش هي المتجاوزة حدها أم إلى غير صاحبها ، ووا ويلاه إذا اجتمع فيها التجاوزان لا سيما إذا تجاوزت إلى المجتمع تشنيعا لها بينهم بتشجيع فهو ـ إذا ـ ثالوث الفاحشة : تجاوزا حدها وإلى الغير ثم إلى المجموعة.

(ما ظَهَرَ مِنْها) حيث هو بالمرئي (وَما بَطَنَ) في الباطن كالفواحش العقيدية (١) أم «ما ظهر» على رؤوس الأشهاد مهما كانت تحديثا عما بطن (وَما بَطَنَ) عن الأشهاد مهما كان ظاهرا في خفاء (٢) وهما على أية حال تشملان كافة الفواحش لمثلث الأقوال والأحوال والأفعال ، باطنة في نفسها أو ظاهرة ، متخفية أو متجاهرة ، ما هي فواحش.

ثم (وَلا تَقْرَبُوا) تأكيد للابتعاد عن الفواحش ألا تقترب إلى مقدماتها التي تجعلك تقترفها ، فالمعاصي حمى الله فمن حام حول الحمى أو شك أن يدخل فيها ، ففي مثل فاحشة الزنا يعني من قربها ما يقرّب إليها من

__________________

(١) نور الثقلين ١ : ٧٧٧ عن المجمع عن أبي جعفر عليهما السلام أن ما ظهر هو الزنا وما بطن هو المحالة.

(٢) الدر المنثور ٣ : ٥٥ عن ابن عباس قال : كانوا في الجاهلية لا يرون بالزنا بأسا في السر ويستقبحونه في العلانية فحرم الله الزنا في السر والعلانية ، وفيه عن عكرمة في الآية (ما ظَهَرَ مِنْها) قال : ظلم الناس (وَما بَطَنَ) قال : الزنا والسرقة.

وفي نور الثقلين ١ : ٧٧٧ في الكافي عن أبي عبد الله (ع) قال : إن الله تبارك وتعالى غيور يحب كلّ غيور ولغيرته حرم الفواحش ظاهرها وباطنها.

٣٣٢

مقدمات وملابسات كالتبرج والتهتك والاختلاط المثير والكلمات والإشارات والحركات والنبرات والضحكات المثيرة وكلّ الإغراءات والتزيينات والاستثارات والاستهتارات ، فانها كلها مما تقرب إلى فاحشة الزنا.

وهكذا سائر الفواحش العقيدية والأخلاقية والعملية ، فردية وجماعية حيث القرب من مقدماتها يورد المقترب في أصولها.

٥ ـ (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) وهنا (إِلَّا بِالْحَقِّ) استثناء منقطع حيث المستثنى منه (النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) أو متصل إذا كان المستثنى منه فقط «النفس» وبالحق إن دور «بالحق» حظر عن قتل النفوس كضابطة ، سواء التي تعلم أنها محرمة فقد حرمها الله أصليا ، أو التي لا تعلم أنها محرمة أصليا فإنها محرمة حسب ذلك الأصل : (إِلَّا بِالْحَقِّ) فما لم تحقق هدر دم وأن الحق هدره ليس لك أن تهدره.

ومن الملاحظ في السياق القرآني أن هذه المنكرات الثلاث ، نجدها متلاحقة مع بعض ، ولأنها متشاركة متشابهة في الأخطار ، فالنفس المشركة ميتة ، والمجتمع الذي لا يحترم النفوس ولا يحترز عن الفحشاء ميت.

فالأصل في النفوس الإنسانية الحرمة اللهم إلّا ما خرج بدليل يحق الحق في هدرها ، كالنفس القاتلة عمدا دون حق ، أو الساعية في الأرض فسادا أو المرتدة عن الدين ، أو المحصنة في زنا ، وقد يروى عن النبي (ص) أنه «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير حق» (١).

ذلك ومن غريب الوفق عدديا في القرآن أن عديد الغضب والفاحشة بمختلف صيغهما مثلان فلكلّ (٢٤) وهذه لمحة لطيفة بأنهما صنوان متماثلان حيث الفاحشة تستجر الغضب!.

__________________

(١) تفسير الفخر الرازي ١٣ : ٢٣٣.

٣٣٣

(ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ـ «ذلكم» من محظور محظور (وَصَّاكُمْ بِهِ) ربكم توصية خاصة بين سائر التوصيات (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وتربطون أنفسكم برباط التقوى ، ضباطا عن الطغوى ، عقلا عن الله ما يقيكم عن أصول المحرمات ومن ثم ما يليها:

(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(١٥٢) :

وهذه الأربع المتممة للخمس السابقة بواحدة تالية هي في عشرة كاملة ، تكملة لعقلية الايمان أن نتذكرها (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فنحافظ عليها.

٦ ـ (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) وأحسن القرب هنا هو أحسنه نفعا له وأقربه صالحا لأجله ، فلا يستدين الولي من مال اليتيم دون فائدة محللة ، ولا يأخذ أجرة على عمل الولاية إلّا إذا كان فقيرا فقدر الضرورة ، ولا يبقي ماله دون عائدة (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) حيث يجب رده إليه وهو إيناس رشد منه وهنا يجوز القرب بالتي هي حسن كسائر الأموال لسائر البالغين لخروجه عن يتمه ، وليس قرب الظلم فإنه محرم في أموال الناس ككلّ ، و«أشده» جمع الشد هي شد الجسم والعقل والرشد ، فلا يكفي بلوغه النكاح كما في آية النساء : (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) فحين يبلغ اليتيم أشده فلا يتم حتّى يستمر (لا تَقْرَبُوا ...) فالقرب بالتي هي حسن كما السّيئ محظور حالة يتمه ، ولكنه غير محظور بعد أشده ، فبين القرب السيء والحسن والأحسن ، يؤمر بالنسبة لمال اليتيم بالقرب بالتي هي أحسن ، وينهى عن الحسن كما السيء ، ثم إذا بلغ أشده يرفع الفرض عن الأحسن إلى الحسن كطبيعة الحال في كلّ الأموال ، ومن الأحسن (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) حيث يجمعهما ترك

٣٣٤

الأجر المرسوم في مثله من عمل الولاية.

٧ ـ (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) وهو هنا العدل وزيادة ، إيفاء لما يكال أو يوزن في التعاملات ، والقسط هنا هو معيار الكيل والوزن ، حيث الإيفاء بغير معيار قد لا يكون إيفاء.

وليس هذا الأمر وذلك النهي إلّا قدر الوسع : (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) وكما في سائر التكاليف الشرعية ، حيث الضابطة الثابتة فيها هي قدر المستطاع ، وهو هنا : «من أوفى على يديه في الكيل والميزان والله يعلم صحة نيته بالوفاء فيها لم يؤاخذ وذلك تأويل وسعها» (١).

فقد تشمل قاعدة الوسع واسع الظروف في مختلف التكاليف ، مهما كان موردها هنا التكليف بالنسبة لمال اليتيم وإيفاء الكيل والميزان بالقسط.

فكما لا يكلف المسلم في إيفاء الكيل والميزان إلّا وسعه ، كذلك لا يكلف في مال اليتيم إلّا وسعه ، فالولي الذي لا يسعه ـ لمكان فقره ـ ألا يأخذ من مال اليتيم قوته لا يكلّف إلّا وسعه ، وأمّا الغني فلا (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ).

٨ ـ (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) عدلا في القول أيا كان دون أي إفراط فيه ولا تفريط ، وعدلا في المقول والمقول فيه ، قولا له أو عليه (فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ) المقول فيه «ذا قربى» دون إفراط في صالحه تفريطا

__________________

(١) الدر المنثور ٣ : ٥٥ ـ اخرج ابن مردويه عن سعيد بن المسيب قال تلا رسول الله (ص) : أوفوا الكيل والميزان. وفيه عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص): يا معشر التجار انكم قد وليتم أمرا هلكت فيها الأمم السالفة قبلكم المكيال والميزان ، وفيه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله (ص) ما نقص قوم المكيال والميزان إلّا سلط الله عليهم الجوع.

٣٣٥

على غيره ، أو تفريطا فيه إفراطا على غيره ، حيث القرابة ليست بالتي تحوّل القول عن العدل ، فالحق لا يعرف قريبا عن غريب ، كما الباطل لا يعرف غريبا عن قريب ، ففي حقل الشهادة وهي أخطر الحقول نجد الله تعالى يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (٤ : ١٣٥).

وفي حقل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقول : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) (١٦ : ١٢٥) وهكذا الأمر في كافة الحقول قولا باللسان أم بالكتابة أم بالأركان ، فالميزان الوحيد في الكلّ هو العدل ، دون نقيصة فإنها الظلم ، وإن كان مزيد فهو فضل.

٩ ـ (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) عهدا في الفطر والعقول والشرائع الإلهية ، فيما عهده لنفسه علينا من توحيده وطاعته وعبادته ، وهنا (بِعَهْدِ اللهِ) عهد علينا : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٣٦ : ٦٠).

وعهدا منا له علينا وهنا (بِعَهْدِ اللهِ) عهدنا له علينا فيما سمح لنا : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ) (١٦ : ٩١) ـ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) (٣٣ : ٢٣) ، وعهودا فيما بيننا حيث يمضيها الله وهنا (بِعَهْدِ اللهِ) ما أمضاه بيننا ، فإيجاب الوفاء بعهد الله هو مثلثة الجهات كما العقود : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) و«العهد» : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) (١٧ : ٣٤).

ذلك ، وفي تقديم الظرف : (بِعَهْدِ اللهِ) على المظروف : «أوفوا» تقديم للزاوية العليا من مثلث العهود على الأخريين ، أن نفي بعهده علينا

٣٣٦

ثم بعهدنا له ، ومن ثم بعهودنا فيما بيننا ، وقد سبق من عهد الله عهد التوحيد والإحسان بالوالدين وعدم القتل إلّا بالحق وعدم قرب الفواحش وعدم قرب مال اليتيم إلّا بالتي هي أحسن والإيفاء بالكيل والميزان.

«ذلكم» الأربع من أحكام الشرعة (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ما كتب في كتاب الفطرة والعقلية السليمة من الست الأصلية التي وصاكم به لعلكم تعقلون.

١٠ ـ (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٥٣) :

«هذا» الذي وصاكم به من الخمس الأولى وهي النواميس الخمس والأربع الأخرى التي تكملها وهذا القرآن الحاوي لمسالك الهدى ، (وَأَنَّ هذا صِراطِي) الخاص بي للسالكين إليّ حالكونه «مستقيما» لا عوج له أصليا وفرعيا «فاتبعوه» فإنه السبيل المستقيم بين سائر السبل (وَلا تَتَّبِعُوا) سائر (السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) : الصراط المستقيم «ذلكم» الصراط الحق وحق الصراط (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) سائر السبل ، والسبل هي الطرق ، ولا تتفرق هي بهم ، وإنما هم الذين يفارقون نهجها ويتبعون عوجها.

فصراط الله واحد والسبل إليه عدة هي درجات ، وهذه سبل المؤمنين ، ثم تقابلها سبل المغضوب عليهم والضالين ، وهما المعنيّان بالسبل المنهي عنها في «لا تتبعوا».

وقد تعني «صراطي» إلى صراط الله صراط رسول الله إلى الله ، فإنه من قوله حسب الأمر : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ... وَأَنَّ هذا صِراطِي) مهما كان الصراط هو صراط الله ، ولكن الرسول الهادي اليه المهتدي به وهو على صراط مستقيم ، له الصراط رسوليا ورساليا ، كيف لا وهو من أنعم المنعم

٣٣٧

عليهم : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٤ : ٦٩).

وقد نستدعي ليل نهار أن يهدينا ربنا إلى صراطهم : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).

ذلك ولكن نسبة الصراط إلى الله هي نسبة المسلوك إليه ، ونسبته إلى هؤلاء المنعم عليهم هي نسبته إلى سالكه ، فصراط الله لنا هو الذي قرره لنسلكه إليه ، وصراطه هو الذي نسلكه إلى الله.

إذا ف «صراطي» نسبة إلى الله هو الأول ، ونسبة إلى الرسول هو الثاني ، ثم ونسبة إلى سائر السلّاك ليست إلّا على ضوء صراط الرسول بما يهدي الله ، وصراط الرب في ربوبيته خاص به لا يعدوه إلى سواه (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) والصراط إلى الرب خاص بالمربوبين لا يعدوهم إليه.

في هذه العشر مما (حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) لا نجد صراح النهي التحريم إلّا في خمس هي الإشراك بالله وقتل الأولاد من إملاق وقرب الفواحش وقتل النفس المحترمة وقرب مال اليتيم إلّا بالتي هي أحسن ، كأكبر المحرمات في حقل العقيدة والنفس والعرض والمال والعقل ، وهي النواميس الأصلية التي يجب الحفاظ عليها في كافة الشرائع الإلهية.

ثم الخمس الأخرى لا تدل على التحريم إلّا بصيغة إيجاب أضدادها (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ـ (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) ـ (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) ـ (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) ـ (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) إذا فالمحرم فيها ترك الإحسان بالوالدين ، وبخس المكيال والميزان ، وترك العدل في القول ، ونقض عهد الله ، واتباع سائر السبل ، مما يدل على أن الأمر بالشيء لزامه النهي

٣٣٨

عن ضده العام ، وأن هذه تكملة للنواميس الخمس.

وفي كلّ من هذه النواميس الخمس سلب وإيجاب ، فالسلب في ناموس العقيدة (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) ـ (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) والإيجاب (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) ـ (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ـ (وَأَنَّ هذا صِراطِي ...) والسلب في ناموس النفس «لا تقتلوا» ومن إيجابه (إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) والسلب في ناموس العرض (لا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ) ومن إيجابه (إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) والسلب في ناموس المال (لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ) وإيجابه (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) و (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ) ثم الإيجاب في ناموس العقل هو الإيجاب في النواميس الأربعة الأخرى ف (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

ثم (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) بعد أقسام ، و (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) بعد العاشرة ، تذكرة لإيجاب الواجب وترك المحرم ، واتقاء عن المحظور في ترك الواجب وفعل المحرم.

ذلك ، فلهذه الآيات الثلاث موقف عظيم في القرآن العظيم يتطلب الرسول (ص) أن يبايع عليها في قوله : «أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث» (١).

أجل (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ...) «فاعلموا أنما السبيل

__________________

(١) الدر المنثور ٣ : ٥٤ عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله (ص): «أيكم ... ثم تلا (قُلْ تَعالَوْا ...) ثم قال : فمن وفي بهن فأجره على الله ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله في الدنيا كانت عقوبته ومن أخره إلى الآخرة كان امره إلى الله إن شاء اخذه وإن شاء عفا عنه.

أقول : «كانت عقوبته» بالنسبة للشرك مردودة فان الله لا يغفر ان يشرك به ، اللهم إلّا شركا كالرئاء.

٣٣٩

سبيل واحد جماعه الهدى ومصيره الجنة وأن إبليس اشترع سبلا متفرقة جماعها الضلالة ومصيرها النار».

ولقد «خط رسول الله (ص) خطا بيده ثم قال : هذا سبيل الله مستقيما ، ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله ثم قال : وهذه السبل ليس منها سبيل إلّا عليه شيطان يدعو إليه ثم قرء الآية (١).

وهكذا نختم السياق الطويل من السورة الذي بدء بقوله تعالى (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً ...) ضما بين هذا المبدء وذلك الختام بقضية الحاكمية والتشريع ، فإن الصراط المستقيم كمادة الدعوة هو القرآن العظيم ، وكداعية هو الرسول (ص) ومن يحذو حذو الرسول كالأئمة من عترة الرسول عليهم السلام ، فإنهم السبل إلى رسول الله كما هو السبيل إلى الله ، فالمتخلف عنهم متخلف عن سبيل الله قدر تخلفه فإنهم أبواب علم رسول الله (ص).

وكما يروى عنه (ص) قوله : «معاشر الناس أنا صراطه المستقيم الذي أمركم باتباعه ثم علي من بعدي ومن ولدي من صلبه أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون» (٢).

__________________

(١) المصدر اخرج احمد وعبد بن حميد والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : خط ... رواه مثله عنه (ص) جابر بن عبد الله.

(٢) نور الثقلين ١ : ٧٧٩ في كتاب الاحتجاج للطبرسي باسناده الى الامام محمد بن علي الباقر (ع) عن النبي (ص) حديث طويل وفيه خطبة الغدير وفيها : «معاشر الناس ان الله قد امرني ونهاني وقد أمرت عليا ونهيته فعلم الأمر والنهي من ربه عز وجل فاسمعوا لأمره تسلموا وأطيعوه تهتدوا وانتهوا لنهيه ترشدوا وصيروا الى مراده ولا تتفرق بكم السبل عن سبيله معاشر الناس انا صراطه المستقيم ..» وفيه تفسير ـ

٣٤٠