الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ٨

الشيخ محمد الصادقي

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ٨

المؤلف:

الشيخ محمد الصادقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: انتشارات فرهنگ اسلامى
المطبعة: اسماعيليان
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٤

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (٢٨) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (٢٩) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٣٠) فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٣١) مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ

٢٨١

رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (٣٢) إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٧) وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨) فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ

٢٨٢

وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤٠)

ندرس في ذلك العرض العريض من السورة الأخيرة للشرعة القرآنية أحكاما تشريعية سياسية قيادية تتبنّى الحياة الإنسانية السليمة المطمئنة ، تتعلق بحماية الأنفس والأموال والعقول والعقائد والأعراض ، وهي النواميس الخمسة التي تتمحورها كلّ شرعة من الدين.

ولأن النواميس الحيوية تتمحور ناموس النفس والحياة ـ مهما تقدمها ناموس العقيدة بينها أنفسها ـ نراه رأس الزاوية في ذلك المخمس ، عرضا لأولى مرحلة عجيبة من جريمة القتل الظالمة النكراء ، مخلّفة عن الحسد القاحل القاتل إذ يحمل أحد ابني آدم صفي الله أن يرتكبها بحق أخيه التقي البريء ، ثم يرتبك نادما أسفا ، وهنا تتقدم مهمة ناموس الحياة وصيانتها في قصة ابني آدم كاشفة عن طبيعة الجريمة وبواعثها في النفس البشرية الحاسدة الكاسدة ، كما تكشف عن بشاعة هذه الجريمة في نفسها ، وفجورها ، وضرورة الوقوف في وجهها ، وفرض العقاب الصارم على فاعليها ، ومقاومة البواعث والدوافع الكوارث التي تبعث النفس للإقدام عليها ، وليعتبر سائر بني آدم مما حصل لابني آدم ، ويأخذوه متراسا عن كل بأس ونبراسا ينير الدرب لمن يدق باب الصلاح والإصلاح.

وقد ينبهنا عظم قتل النفس البريئة أحاديث جمة مثلما يرويه الإمام الصادق (ع) عن رسول الله (ص) أنه وقف بمنى حتى قضى مناسكها في

٢٨٣

حجة الوداع ـ إلى أن قال ـ فقال : أي يوم أعظم حرمة؟ فقالوا : هذا اليوم ، فقال : أي شهر أعظم حرمة؟ فقالوا : هذا الشهر ، قال : فأي بلد أعظم حرمة؟ قالوا : هذا البلد ، قال : فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم ، ألا هل بلّغت؟ قالوا : بلى ، قال : اللهم أشهد ألا من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها فإنه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلّا بطيبته نفسه ولا تظلموا أنفسكم ولا ترجعوا بعدي كفارا» (١).

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢٧).

النبأ هو خبر ذو فائدة عظيمة ، وهذه التلاوة المباركة تحمل عظيم الفائدة وجسيم العائدة لبني آدم ككل ، درسا عن ابني آدم الأولين لآخرين منهم إلى يوم الدين.

فليسا هما ابني رجل إسرائيلي سمي بآدم ، زعم الاستيحاء من (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ ..) فإنه علم لأبي البشر الأوّل ، لا يعني في سائر القرآن ال (٢٥) مرة إلّا إيّاه لا سواه ، ولئن سمّي غيره باسمه فيؤتى في يتيمة قرآنية كما يزعم هاهنا ، فواجب الفصاحة والبلاغة القرآنية القمة قرن قرينة صارحة صارخة تحوّله عن مسماه الأصيل إلى بديل.

ثم وقصة الغراب غريبة عن الجيل الإسرائيلي المتحضّر الغارق في دماء الأبرياء طول خطوطها وخيوطها ، ألّا تعرف كيف يوارى سوأة القتيل ، حتى يبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه!.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٩ : ٣ القمي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أسامة زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع) أن رسول الله (ص) وقف ...

٢٨٤

وإنها لا تناسج إلّا نسج البيئة البدائية الأولى لبني آدم الأوّل الأوّلين ـ إذ لم يروا قتيلا حتى يعرفوا مواراته.

ثم و (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ ..) لا تحمل حكم القتل في أصله حتى تحرم عنه قبل التورات سائر الشرائع السابقة عليها ، بل هي قول فصل في أولى شرعة تفصيلية مترامية الأطراف ، تبين المسؤولية الكبرى أمام الأنفس ، ومدى الأهمية الجماعية في قتل نفس أو إحياءها ، ضابطة صارمة في الشرعة التوراتية المحلّقة على ما شرع قبلها ، كاملة كافلة لصيانة النفوس المحترمة المحرّمة عن سخاء الضياع بأيدي قتلتها الضياع ..

ذلك مهما ذكر حكم القتل فيما بعدها كأصل (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ...) ولكنها ليست كتابة منحصرة تحسرها عما قبل التورات من كتاب.

ثم و «بالحق» هنا لها دور المطاردة للمختلقات الزور المختلّفات عن الحق الواقع ، من مختلقات الروايات والإسرائيليات التوراتية وسواها كما وفي نص التورات إفراط وتفريط في عرض القصة ، بعيدين عن وجه الحق وواجهته (١).

__________________

(١) في الإصحاح الربع من سفر التكوين يقول : «١ وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين. وقالت اقتنيت رجلا من عند الرب ٢ ثم عادت فولدت أخاه هابيل. وكان هابيل راعيا للغنم وكان قايين عاملا في الأرض ٣ وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب ٤ وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها فنظر الرب إلى هابيل وقربانه ٥ ولكن إلى قايين وقربان لم ينظر. فاغتاظ قايين جدا وسقط وجهه ٦ فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك ٧ إن أحسنت أفلا رفع. وإن لم تحسن فعند الباب خطيئة رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها ٨ وكلم قايين هابيل أخاه وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله ٩ فقال الرب لقايين أين هابيل أخوك فقال لا أعلم أحارس أنا لأخي ١٠ فقال ماذا فعلت. صوت دم أخيك صارخ إليّ من الأرض ١١ فالآن ـ

٢٨٥

ف (اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ) خالصا دون شوب الباطل ـ : (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) وهذه هي طبيعة الحال في تقريب قربان لله تحقيق قضية الحال أو تبيّنها أو تفوّق الحال ـ طبعا ـ في صراع مبارات بين ابني آدم ، إن في زواج بين اثنتين مختلفتي الجمال (١) ، أم في مبارات استباق لأخذ وصية

__________________

ـ ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك ١٢ متى عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها. تائها وهاربا تكون في الأرض ١٣ فقال قايين للرب ذنبي أعظم من أن يحتمل ١٤ أنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض ومن وجهك اختفي وأكون تائها وهاربا في الأرض فيكون كل من وجدني يقتلني ١٥ فقال له الرب لذلك كل من قتل قايين فسبقه ينتقم منه. وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده ١٦ فخرج قايين من لدن الرب وسكن في أرض نودشة في عدن».

أنظر إلى هذه الآيات ـ مقايسا لها بآياتها من القرآن ـ واقض العجب من رب يساكن خلقه في أرضه ويجهل ما يحصل عليها حتى يسأل! ثم هو يلعن قايين فيختفي عن وجه الرب ويلعن ارض الجريمة ، ولا يسمح لأحد أن يقتل قايين المجرم إلّا وينتقم منه سبعة أضعاف! قتلا له سبعة أضعاف! أماذا!!!

(١) نور الثقلين ١ : ٦١٢ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة بإسناده إلى محمد بن الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (ع) أنه قال : لما أكل آدم من الشجرة اهبط إلى الأرض فولد له هابيل وأخته توأم وولد له قابيل وأخته توأم ثم ان آدم أمر قابيل وهابيل أن يقربا قربانا وكان هابيل صاحب غنم وكان قابيل صاحب زرع فقرب هابيل كبشا وقرب قابيل من زرعه ما لم ينق وكان كبش هابيل من أفضل غنمه وكان زرع قابيل غير نقي فتقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل وهو قول الله عز وجل (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ ...) وكان القربان إذا قبل تأكله النار فعمد قابيل فبنى لها بيتا وهو أوّل من بنى للنار البيوت وقال : لأعبدن هذه النار حتى يتقبل قرباني ثم إن عدو الله إبليس قال لقابيل انه قد تقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربانك وإن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك فقتله قابيل فلما رجع إلى آدم (ع) قال له : يا قابيل أين هابيل؟ فقال : ما أدري وما بعثتني راعيا له فانطلق آدم فوجد هابيل مقتولا فقال : لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل فبكى آدم (ع) على هابيل أربعين ليلة ثم ان آدم (ع) سأل ربه عز وجل أن يهب له ولدا فولد له غلام فسماه هبة الله لأن الله عز وجل وهبه له فأحبه آدم (ع) حبا شديدا فلما انقضت نبوة آدم واستكمل أيامه أوحى الله إليه ـ

٢٨٦

__________________

ـ أنه قد انقضت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار النبوة في العقب من ذريتك عند ابنك هبة الله ...

وفي البحار ١٣ : ٢٢٦ بابن عيسى عن البزنطي قال سألت الرضا (ع) عن الناس كيف تناسلوا من (عن خ) آدم (ع)؟ فقال : حملت حواء هابيل وأختا له في بطن ثم حملت في البطن الثاني قابيل وأختا له في بطن فزوج هابيل التي مع قابيل وتزوج قابيل التي مع هابيل ثم حدث التحريم بعد ذلك (قرب الإسناد ١٦١).

وفيه ٢٢٥ ج : عن الثمالي قال سمعت علي بن الحسين عليهما السلام ـ وذكر قصة تناسل الذرية من آدم إلى أن قال ـ : فأول بطن ولدت حواء هابيل ومعه جارية يقال لها أقليما ـ قال : وولدت في البطن الثاني قابيل ومعه جارية يقال لها لوزا وكانت لوزا أجمل بنات آدم ـ قال : فلما أدركوا خاف عليهم آدم الفتنة فدعاهم إليه وقال : أريد أن أنكحك يا هابيل لوزاء وأنكحك يا قابيل إقليما ـ قال قابيل : ما ارضى بهذا أتنكحني اخت هابيل القبيحة وتنكح هابيل أختي الجميلة؟ قال آدم؟ فأنا أقرع بينكما فإن خرج سهمك يا قابيل على لوزاء وخرج سهمك يا هابيل على إقليما زوجت كل واحد منكما التي خرج سهمه عليها ـ قال : فرضيا بذلك فاقترعا ـ قال : فخرج سهم هابيل على لوزاء اخت قابيل وخرج سهم قابيل على إقليما اخت هابيل ـ قال : فزوجهما على ما خرج لهما من عند الله ـ قال : ثم حرم الله نكاح الأخوات بعد ذلك ـ قال : فقال له القرشي : فأولداهما؟ قال : نعم ـ قال : فقال القرشي : فهذا افعل المجوس اليوم؟ قال فقال علي بن الحسين عليهما السلام : أن المجوس إنما فعلوا ذلك بعد التحريم من الله ثم قال الله (ع) : لا تنكر هذا أليس الله قد خلق زوجة آدم منه ثم أحلها له فكان ذلك شريعة من شرائعهم ثم أنزل الله التحريم بعد ذلك ، أقول : ذلك الزواج موافق للقرآن في آيات.

وهنا أحاديث اخرى تعارض ما دل على أن التناسل من الزواج بين الأخوة والأخوات كما في البحار ١١ : ٢٢٠ بسند متصل عن زرارة قال سئل أبو عبد الله (ع) كيف بدأ النسل من ذرية آدم (ع) فإن عندنا أناسا يقولون : ان الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم (ع) أن يزوج بناته من بنيه وأن هذه الخلق كلهم أصله من الأخوة والأخوات قال أبو عبد الله (ع) سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا يقول من يقول هذا أن الله عز وجل جعل اصل صفوة خلقه وأحبائه وأنبياءه ورسله والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطهر الطيب والله لقد تبينت أن ـ

٢٨٧

الوراثة والخلافة من آدم بجدارة روحية (١) أماهيه من نظرات الحال الخفية في

__________________

ـ بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزا عليها ونزل كشف له عنها وعلم أنها أخته اخرج غرموله ثم قبض عليه بأسنانه ثم قلق ثم خر ميتا ، قال زرارة ثم سئل (ع) عن خلق حواء وقيل له أن أناسا عندنا يقولون ان الله عز وجل خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى؟ قال : سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا يقول من يقول هذا ان الله تبارك وتعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجة من غير ضلعه وجعل لمتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام يقول : ان آدم كان ينكح بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم الله بيننا وبينهم! ثم قال : ان الله تبارك وتعالى لما خلق آدم من طين امر الملائكة فسجدوا له وألقى عليه السبات ثم ابتدع له خلقا ثم جعلها في موضع النقرة التي بين ركبتيه وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل فأقبلت تتحرك فانتبه لتحركها فلما انتبه نوديت تنحي عنه فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن يشبه صورته غير أنها أنثى فكلمها بلغته فقال لها : من أنت؟ فقالت : خلق خلقني الله كما ترى ، فقال آدم عند ذلك يا رب من هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه والنظر إليه؟ فقال : الله هذه أمتي حواء أفتحب أن تكون معك فتؤنسك وتحدثك وتأتمر لأمرك؟ قال : نعم يا رب ولك بذلك الشكر والحمد ما بقيت ، فقال تبارك وتعالى فأخطبها إلي فإنها امتي وقد تصلح أيضا للشهوة ، وألقى الله عليه الشهوة وقد علم قبل ذلك المعرفة فقال : يا رب فإني اخطبها إليك فما رضاك لذلك؟ قال : رضاي أن تعلمها معالم ديني فقال : ذلك ذلك يا رب إن شئت ذلك فقال عز وجل : قد شئت ذلك وقد زوجتكما فضمها إليك فقال : اقبلي فقالت : بل أنت فأقبل إلي فأمر الله عز وجل لآدم أن يقوم إليها فقام إليها ولولا ذلك لكن النساء هن يذهبن إلى الرجال حين خطبن على انفسهن فهذه قصة حواء.

(١) البار ١١ : ٢٢٦ كتاب المختصر للحسن بن سليمان نقلا من كتاب الشفاء والجلاء بإسناده عن معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن آدم أبي البشر أكان زوج ابنته من ابنه فقال : معاذ الله والله لو فعل ذلك آدم (ع) لما رغب عنه رسول الله (ص) وما كان آدم إلا على دين رسول الله (ص)! فقلت : وهذا الخلق من ولد من هم ولم يكن إلا آدم وحواء؟ لأن الله تعالى يقول : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) فأخبرنا أن هذا الخلق من آدم وحواء فقال (ع) صدق الله وبلغت رسله وأنا على ذلكم من الشاهدين فقلت ففسر لي يا ابن رسول الله (ص) فقال : إن الله تبارك وتعالى لما اهبط آدم وحواء إلى الأرض وجمع بينهما ولدت حواء بنتا فسماها عناقا فكانت أوّل من بغى على وجه الأرض فسلط الله عليها ذئبا كالفيل ونسرا ـ

٢٨٨

تلك المجال؟ لا يشير النص إلى أيّ من هذه أو تلك ، حيث الهامة المقصودة في ذلك العرض لا تعني شيئا من هذه أو تلك ، بل هي بيان الحال عن طبيعة الإنسان وسجيته لو خلي وطبعه ، ومدى هتك الحسد وقتله إلى حتفه ، وصدى القتلة المجرمة الحاسدة ، والمسئولية الكبرى الجماعية ، ومحتد التقوى بين النفوس المحترمة ، وخطر الطغوى بين الناس النسناس ، التي تتهدم بها حيوية الناس من الأساس ، في كافة النواميس الإنسانية الخمسة.

وتراهما (قَرَّبا قُرْباناً) واحدا كما يخيّل من ظاهر الإفراد في النص؟ أن اشتركا في تقريبه وهما في النية مختلفان؟ ولا يعرف تقبل ظاهر يصدقانه معا لأحدهما وعدمه للآخر! إنه لأقل تقدير اثنان ، والقربان مصدر لا يثنى أو يجمع ، فالقربان هنا ـ إذا ـ اثنان مهما اختلفا شكليا وفي مادته غنما وزرعا أم اتحدا ، ثم وفي لفظ الإفراد إيحاء إلى وحدة الاتجاه ـ رغم اختلاف النية ـ في القربان.

وبطبيعة الحال كان التقبل لأحدهما دون الآخر محسوسا لهما لا ينكر ، إذ لم يكن الآخر ليصدق ردّه وتقبّل الأوّل بمجرد الإيحاء الخبر ، ولم يك يوحى

__________________

ـ كالحمار فقتلاها ثم ولد له أثر عناق قابيل ابن آدم فلما أدرك قابيل ما يدرك الرجل اظهر الله عز وجل جنيته من ولد الجان يقال لها جهانة في صورة أنسيته فلما رآها قابيل ومعها فأوحى الله إلى آدم أن زوج جهانة من قابيل فزوجها من قابيل ثم ولد لآدم هابيل فلما أدرك هابيل ما يدرك الرجل اهبط الله إلى آدم حوراء واسمها ترك الحوراء فلما رآها هابيل ومعها فأوحى الله إلى آدم أن زوج تركا من هابيل ففعل ذلك فكانت ترك الحوراء زوجة هابيل ثم اوحى الله عز وجل إلى آدم : سبق علمي أن لا أترك الأرض من عالم يعرف به ديني وأن أخرج ذلك من ذريتك فانظر إلى اسمي الأعظم وإلى ميراث النبوة وما علمتك من الأسماء ولا في العقوبة إذ أن (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) بل المشابهة فقط في الشرف فكما أن قتل مؤمن لإيمانه قتل للإيمان ككل ، كذلك قتل إنسان لأنه إنسان قتل للإنسانية شرفيا كما أن تكذيب رسول لأنه رسول تكذيب للرسالات كلها ، وتصديق رسول لأنه رسول تصديق للرسل كلهم كذلك القتل والإحياء ، فلا يشهر القتل إلّا عمده القاصد دون الخطاء.

٢٨٩

إلى الآخر إذ لم يك تقيا ، أم ولا إلى الأوّل إذ لم يثبت وحيه النبوءة ، وعلى ثبوته لم يكن الآخر ليصدق وحيه ولا نبأه ، فليكن خارقة محسوسة في المتقبّل علامة النجاح ،.

إذا فكأنه كان «قربانا تأكله النار» علامة النجاح ، والآخر لم تأكله النار علامة السقوط ، ك (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٣ : ١٨٣)! ولأن «قربانا تأكله النار» كان علامة للرسالة ، فكان الخلاف بين ابني آدم حول وراثة النبوة عن آدم ، أم وقصة الزواج ، ونسكت عما سكت الله عنه.

ترى وما هي ردة الفعل من المردود قربانه؟ أيحاول في إصلاح نفسه فتقبّل قربانه كما تقبل من الآخر ، أم يكظم غيظه دون إصلاح ولا إفساد؟ كلّا! بل هي قولة بغيضة ثم فعلة شذيذة حضيضة : (قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ..) حسما لمادة التفاضل وحياة التعاضل ، وهذه ثالثة ثلاثة مما يحتمل في مسرح السقوط ، وما أجهلها وأرذلها! ثم وما أعضلها حالا واستقبالا؟.

هنا «فتقبّل» بصيغة المجهول توحي بغيب القبول من علام الغيوب ، وأنه هو المتقبّل دون حمل أو فرض من أحدهما وتركه من الآخر ، فلا جريرة ـ إذا ـ له توجب الحفيظة عليه وتهديده بالقتل ، إذ لم تكن له يد فيه إلّا يد التقوى ، التي هي رصيد القبول من أيّ كان ، دون يد الطغوى التي هي رصيد الأفول والذبول.

فخاطر القتل هو أبعد ما يرد على النفس وأردءه في هذا المجال : «تقريب القربان».

وعلى أية حال (قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ..) حتما لا مردّ له ، أو وحتى إذا عكس الأمر؟ كأمه نعم ، أم إلّا إذا عكس الأمر ، وليس الله ليعكس أمر التقوى

٢٩٠

والطغوى فوضى جزاف ، إذا «لأقتلنك»! حتما لا مردّ له.

ترى وما هو جواب الآخر ، هل هو رد بالمثل «وأنا لأقتلنك» أو «لأقاتلنك»؟ كلّا! حيث الناوي للقتل لا يستحق القتل ولا القتال ، ولا غير المتقبّل قربانه إذ لم يرتدّ به بعد عن الدين.

بل هو كلمة إصلاحية صالحة ، تبيينا للموقف المعادي لكي يهتدي إلى هداه ، أم يكف عن أذاه : (قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) توجيها رقيقا رفيقا للمتهدّد بالقتل أن يتقي الله كما هو اتّقاه ، وهداية إلى الطريق المؤدية إلى القبول.

فما ذنبي إذ تقبّل مني تقوى ولم يتقبل منك طغوى ، فهل ترجو تقبلا منّا معا على سواء؟ أم ردا علينا على سواء؟ وهما تسوية ظالمة والله منها براء! أم ترجو تقبلا منك رغم طغواك ، وردا عليّ رغم تقواي ، وهذا تقديم للمفضول على الفاضل وما أظلمه!.

قل لي صراحا ماذا تريد مني لأعطيك إياه إن قدرت ورضى الله بديلا عن قتلي؟.

نرى الطاغية لا يحير جوابا لأنه منغمر في طغواه ، فائر مرجل غيظه إذ سقطت مناه ، فهو مصمّم على مغزاه وأن يرمي مرماه ، والمتقي يشرح متواصلا واجهته الصالحة أمام التهديدة الكالحة الطالحة.

ف (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ضابطة صارمة لا تستثنى طول خط الحياة بكل خيوطها ، فتقريب القربان أم أية عبادة أم أي تقريب كان لن يجد مجالا لتقبله إلّا بالتقوى الصالحة له وقدرها (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) فلا مجازفة في تقبّل الأعمال ـ كما فيها ـ عند الله ، وكل شيء عنده بمقدار.

ضابطة ثابتة تجعل الأعمال الناتجة عن غير تقوى حابطة مهما أبرقت

٢٩١

وأرعدت في ظواهر الحال ، وهنالك تتخربط الحسابات الخابطة عند النسناس ، الذين (ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (١٨ : ١٠٤) (١).

__________________

(١) نور الثقلين ١ : ٦١٤ في كتاب معاني الأخبار بسند متصل عن الصادق (ع) قال : إن من اتبع هواه وأعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء العامة تعظمه وتصفه فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني لأنظر مقداره ومحله فرأيته قد أحدق به كثير من غثاء العامة فوقف منتبذا عنهم متغشيا بلثام انظر إليه وإليهم فما زال يراوغهم حتى خالف طريقهم وفارقهم ولم يقر فتفرق القوم لحوائجهم وتبعته أقتفي أثره فلم يلبث أن مر بخباز فتغفّله فأخذ من دكانه رغيفين مسارقة فتعجبت منه ثم قلت في نفسي لعله معاملة ، ثم مر بعده بصاحب رمان فما زال به حتى تغفّله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة فتعجبت منه ثم قلت في نفسي لعله معاملة ثم أقول : وما حاجته إذا إلى المسارقة؟ ثم لم أزل اتبعه حتى مر بمريض فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ومضى وتبعته حتى استقر في بقعة من الصحراء فقلت له يا عبد الله لقد سمعت بك خيرا وأحببت لقاءك فلقيتك ولكني رأيت منك ما شغل قلبي وإني سائلك عنه ليزول به شغل قلبي ، قال : وما هو؟ قلت : رأيتك مررت بخباز وسرقت منه رغيفين ثم بصاحب الرمان وسرقت منه رمانتين ، قال : فقال لي قبل كل شيء حدثني من أنت؟ قلت رجل من ولد آدم من أمة محمد (ص) قال : أين بلدك؟ قلت : المدينة ، قال لعلك جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم؟ قلت : بلى ـ فقال لي : فما ينفعك شرف أصلك مع جهلك بما شرفت به وتركك علم جدك وأبيك لئلا تنكر ما يجب أن يحمد ويحمد ويمدح فاعله ، قلت : وما هو؟ قال : القرآن كتاب الله! قلت : وما الذي جهلت منه؟ قال : قول الله عز وجل (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) وإني لما سرقت الرغيفين كانت سيئين ولما سرقت الرمانتين كانت سيئين فهذه اربع سيئات ، فلما تصدقت بكل واحد منهما كان لي بهما أربعين حسنة ، فانتقص من أربعين حسنة ، أربع بأربع ، بقي لي ست وثلاثون حسنة ، قلت ثكلتك أمك أنت الجاهل بكتاب الله أما سمعت الله يقول : إنما يتقبل الله من المتقين ، إنك لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين ولما سرقت الرمانتين كانت أيضا سيئتين ، فلما دفعتهما إلى غير صاحبهما بغير أمر صاحبهما كنت إنما أضفت اربع سيئات إلى أربع سيئات ولم تضف أربعين حسنة إلى اربع سيئات ، فجعل يلاحظني فانصرف وتركته ...

٢٩٢

وإنه «لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل» (١) ف «إن الله لا يقبل عمل عبد حتى يرضى عنه» (٢).

وهل إن تقبل عمل يقدّم لله منوط بالتقوى المطلقة في كل الأعمال ، فلا يتقبل عمل صالح بشروطه من غير العدول في كل الأعمال؟ وهذا خلاف الضرورة كتابا وسنة!.

أم التقوى مشروطة في نفس العمل المتقبّل إيمانا ونية وفي نفس العمل ، مهما كان العامل لا يتقي في سواه ، بل ولا في مقدمات نفس العمل ، وهذا هو القدر المتيقن من الآية ، فإن متعلّق التقبّل هو القربان المقرّب لله ، دون سائر الأعمال أو مقدمات هذا القربان ، فلتكن التقوى التي هي شريطة تقبل العمل ، هي التي في نفس العمل بنيته والإيمان الدافع له ، مهما كان التقبل أوفر ممن يتقي في سواه من عمل أو مقدمات لما قربه.

فالآتي بعمل صالح دون نية صالحة ، أم عمل غير صالح بنية صالحة ، لا يتقبل منه ذلك العمل ، لأنه غير متق فيه ، حيث التقوى تحلّق على ظاهر العمل وباطنه ، ونفس «يتقبل» اللّامح إلى تكلّف القبول ، مما يدل على أن العمل لا يقبل إلّا بشروط صالحة دونما فوضى جزاف.

وهنا الأخ المهدّد بالقتل لا يجابه أخاه بخشونة ، بل بكل ليونة ، فلا يقول إنك غير متق فلم يتقبّل منك ، أو إنني متّق فتقبّل مني ، بل كضابطة سارية المفعول كيفما كان انطباقها : قال إنما يتقبل الله من المتقين والتقبل وعدمه هما من فعل الله ، وليس منّا إلّا ظرف التقبل وعدمه ، فهل أنا مجرم إذ حصلت على ظرف التقبل ، فأستحق أن أقتل؟!.

__________________

(١) الدر المنثور ٣ : ٢٧٤ ـ اخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن علي بن أبي طالب (ع) قال : ...

(٢) المصدر أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال قال رسول الله (ص) : ...

٢٩٣

أترى من تقواه ألّا يبسط يد الدفاع عن نفسه إلى من يبسط إليه يد القتل؟ والدفاع عن النفس وعمّا دونها حق طبيعي لكل ذي نفس ، كأصل من أصول الشرعة الأحكامية!.

النص هنا (ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) لا «لا أدافع عن نفسي» فهنالك يدان تبسطان إلى من يريد القتل ، يد القتل وهي أثيمة كيد القاتل المتطاول ، وهذا التقي ينفيها ، ثم يد الدفاع حسب الضرورة والمستطاع ولا ينفيها ، فعلّه اغتاله (١) فيد الدفاع ـ إذا ـ غير مبسوطة قضية المفاجأة ، أم قاتله ، فيد الدفاع مبسوطة ولكنه اغتيل ولم ينفعه الدفاع.

ثم (ما أَنَا بِباسِطٍ) دون «لا أبسط» تنفي محاولة القتل من التقي على أية حال ، لمكان الدوام المستفاد من صيغة الفاعل ، ف (ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) هذا ـ ثم يبين ظاهرة تقواه مع من يريد قتله بطغواه :

(لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) (٢٨).

اللهم إلّا باستحقاق القتل ، وأما أنه صمم على قتلي امّن سواي ، أم

__________________

(١) في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني عن أبي جعفر (ع) قال : لما قرب ابن آدم القربان فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال : تقبل من هابيل ولم يتقبل من قابيل ، دخله من ذلك حسد شديد وبغى على هابيل ، ولم يزل يرصده ويتبع خلوته حتى ظفر به متنحيا من آدم فوثب عليه وقتله فكان من قصتهما ما قد أنبأ الله في كتابه مما كان بينهما من المحاورة قبل أن يقتله ـ الحديث ...

أقول : واللامح منه أن قتله كان غيلة مفاجئة ، فلم يمكن من نفسه ولم يجد ظرفا للدفاع عن نفسه.

وفي البحار ١١ : ٢١٨ في قصة هابيل وقابيل ـ إلى أن قال ـ فقال قابيل : لا عشت يا هابيل في الدنيا وقد تقبل قربانك ولم يتقبل قرباني وتريد أن تأخذ أختي الحسناء وآخذ أختك القبيحة فقال له هابيل ما حكاه الله فشدخه بحجر فقتله روي ذلك عن أبي جعفر (ع).

٢٩٤

بسط يده للقتل إلي أم إلى من سواي ، لأنني سقطت في محنة إلهية كما سقطت ، أمّاذا من دوافع غير عادلة ف (ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) فإنها ـ إذا ـ يد قاتلة متطاولة دون أي سبب ، إلّا أن مقاتله صمم على قتله ، أم بسطت إليه يده ليقتله ، وشيء منهما لا يبرّر بسط اليد القاتلة ، اللهم إلّا بسطا للدفاع إذا هو بسطها للقتل أمّا دونه ، فلم يكن من المقتول ـ إذا ـ إفراط الظلم بيد قاتلة ، ولا تفريط الانظلام بيد غير دافعة ، والنص إنما ينفي اليد المفرطة ، دونما تصريحة ولا إشارة إلى يد مفرّطة.

ولماذا (ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ)؟ ل (إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) وبسط اليد إلى نفس غير مستحقة للقتل بقصد القتل محرم في شرعة الله ، لا ابتداء ، ولا دفاعا ، فإن قتل المهاجم بضربة الدفاع قدر الضرورة لم يكن قتل عمد وفيه دية الخطأ ، وأما قتله عن تقصّد لأنه مهاجم فهو قتل عمد يتطلّب القود.

فلا مبرر لقتل المهاجم عمدا ، فضلا عمن ينويه ، اللهم إلّا مهدور الدم بسبب آخر فمسموح قتله حسب الضوابط المقررة ، وإن لم يهاجم ، والنفس المحترمة لا تقتل بسبب تقصّد القتل أو هجمته ، اللهم إلّا فلتة الدفاع القاتل من غير تقصّد فقتل خطأ.

وفي الدفاع نفسه ـ أيضا ـ لا تقابل إلّا بالمثل حسب الضابطة المقررة (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (٢ : ١٩٤) فالضارب بما لا يقتل حسب العادة لا يضرب إلّا بمثله ، دون زيادة فضلا عما يقتل ، فإن قتل بضربة زائدة فمسؤول عن الزيادة ، أم بضربة قاتلة فقتل شبه عمد مهما لم يقصده!.

ولقد ارتسم هنا نموذج بارع من الوداعة والسلام والتقوى في هذه المواجهة الخطيرة ، في أشد المواقف ، استجاشة للضمير الإنساني ، وحماسا

٢٩٥

للمعتدى عليه ضد المعتدي ... وعل توصيف الله برب العالمين تلميحة أن ما هباه الرب لا يسمح لغيره أن يسترجعه.

وقد كان في هذا القول اللين ما يفتأ الحقد المكين ، ويهدّئ الحسد الدفين ، ويسكن الشر ماسحا على الأعصاب المهتاجة المحتاجة إلى التليين ، حيث يرد صاحبها إلى حنان الأخوة واللين ، وبشاشة الإيمان الأمين ، وذلك في الشطر الأول من إجابته ، وفي الشطر الثاني إخافة وإنذار من سوء العاقبة وآجل الجزاء للظالمين :

(إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) (٢٩).

ذلك التبشير وهذا الإنذار كانا كافيين لأخيه أن يصداه عن بغيه فلا يمد في غيّه ولكن لا حياة لمن تنادي!

أتراه بعد يريد لأخيه أن يقتله فيبوء بإثمه إلى إثمه فيكون ـ إذا ـ من أصحاب النار؟

وذلك بعيد كل البعد عن ساحة العلم والتقى اللذين عرفناهما من هذا التقي!.

«إني أريد» ليس مطلقا وعلى أية حال ، إنما هو على فرض القتل حين يهاجم وتكلّ يد الدفاع ، فالقاتل ـ إذا ـ مسئول عن تعمّده هنا وفي الأخرى ، وقد أراد الله للقاتل ظلما أن يكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين ، وأراد أيضا أن يبوء بإثمه نفسه قتلا وسواه ، وبإثم المقتول فيما دون القتل من إثم إن كان ، فيما دون حق الناس ، فيصبح المقتول ظلما ـ وهو تقي ـ خالصا عن ذنوبه ، يتحملها القاتل إلى ذنوبه (١).

__________________

(١) الوسائل ١٩ : ٧ صحيحة عبد الرحمن بن أسلم قال قال أبو جعفر (ع) من قتل مؤمنا ـ

٢٩٦

فقد أراد ما أراده الله لا سواه ، إن حصل قتل لا على أية حال (وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) كضابطة تستثني عن أخرى هي (لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) فالنفس القاتلة ظلما تزر وزر المقتولة ظلما ، استثناء من الضابطة العامة ، وقد تزر الوازرة الأولى مثل ما تزره كل وازرة أخرى ف «لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل» (١).

أو يقال إن القاتل صدّ على المقتول باب المغفرة لسيئاته والمزيد لحسناته فليجبر بحمله من إثم المقتول جزاء وفاقا فليست قاعدة الوزارة هنا مستثناة.

أترى ذلك التقي النقي في حساب الله كان آثما حتى يبوء أخوه إثمه إلى إثمه؟ وهب ان الله هكذا يريد إن وقعت واقعة ، فما للأخ المؤمن أن يريد لأخيه هكذا حمل ، وإنما يحق له أن يترجى نجاته من كل إثم ، آسفا على أن يهوي إلى هوّاته!.

علّه اعتبر نفسه آثما تواضعا لربه ، فلا يحسب طاعاته لائقة بجنابه ، ولكنه إذا ليس إثما يزره قاتله إلى إثمه ، بل هو طاعة فان حسنات الأبرار سيئات المقربين! ، أم يعني من «إثمي» قتله كشخصه مهما أريد منه كل آثام القتيل ظلما كآخرين ، و «إثمك» هو الذي جعله لا يتقبل قربانه ، ف «إثمي» هنا من إضافة المصدر إلى مفعوله : الإثم الواقع عليّ من قتلك إياي ، كما هو في

__________________

ـ متعمدا اثبت الله على قاتله جميع الذنوب وبريء المقتول منها وذلك قول الله عز وجل (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ...) ورواه البرقي في المحاسن مثله.

(١) الدر المنثور ٢ : ٢٧٦ ـ أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجد وابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود قال قال رسول الله (ص) : وأخرج مثله في المعنى الطبراني عن ابن عمر عنه (ص).

وفي نور الثقلين ١ : ٦١١ في الخصال عن جعيد همدان قال قال أمير المؤمنين (ع) أن في التابوت الأسفل من النار اثني عشر ستة من الأولين وستة من الآخرين ثم سمى الستة من الأولين ابن آدم الذي قتل أخاه وفرعون وهامان ـ الحديث.

٢٩٧

الوجه العام من إضافة المصدر إلى فاعله ، فهو ـ إذا ـ مجمع الإضافتين حيث يجمع الإثمين.

ثم «إني أريد» ليس إلّا على فرض وقوع القتل من أخيه عمدا ، حين لا يؤثر فيه عظته ، «أريد» بعدم بسط يدي إليك لأقتلك ، إضافة إلى (إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) ـ «أن تبوء» كما قرر الله وقدر «بإثمي» : قتلي «وإثمك» الذي لم يتقبل به قربانك (فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) ومن شروط الإيمان عقيدة الجزاء العدل وإرادته للعالمين عدلا أو ظلما ، كما أراد الله.

وقد تعتبر هذه العظات دفاعية إيجابية حفاظا على نفسه وسلبية حفاظا على أخيه كيلا يقترف إثمه ، ثم دافع عن نفسه بيده بعد دفاعه ببرهانه!

وهكذا يواجه المهدّد بالقتل وسواه ، أن يوجّه إلى الحق تبعيدا عن باطله ، ثم إذا لزم الأمر دفاعا باليد وكما فعله هابيل.

(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٣٠).

ذلك القتل العضال ، على مرونة القتيل في ذلك المجال العجال ، كان صعبا على النفس الإنسانية بعد هذه العظة البالغة التي طامنت عن حدّته في هدّته ، فكان بحاجة إلى تطويع ، ويا لها من نفس نحسة تطوّع لصاحبها قتل أخيه التقي دونما ذنب إلّا تقاه ، وهو لا ينوي قتله رغم طغاة.

والتطويع تدريج لواقع ذلك الأمر المريج ، يتطلب ردحا من الزمن لكي يصمم التصميم الأخير ، حيث الموانع عن هذه الجريمة النكراء ـ في ظاهر الحال ـ كانت أكثر من الدوافع لها.

إذا فتحقيقها بحاجة إلى زمن تتدرج فيه النفس الأمارة بالسوء لإيقاع الواقعة النكراء ، فسولت له نفسه وقربت عليه البعيد وسهلت له الصعب

٢٩٨

حتى أتاه طوعا دون تصعّب ، بعد ما كان قتله صعبا عليه كأصله وبما سمع من أخيه.

وأخيرا «فقتله» وأغلب الظن أنه كان غيلة وحيلة ، دون تفريط في الدفاع خلافا لما تسربت في كتبنا من إسرائيليات ، مهما لم يحصل دفاع لمكان الغيلة أم حصل ، فإنما النص ينفي بسط يده إليه ليقتله ، لا ترك بسطها حتى للدفاع ، فإنه حق ثابت لا مرد له على أية حال.

(فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) خسر نفسه حيث أوردها ورد الهلاك فأرداها ، وخسر أخاه التقي الرقيق الرفيق فبقي بلا شقيق ، وخسر دنياه إذ لا تهنأ للقاتل حياة ، وخسر عقباه إذ باء بإثمه إلى إثمه ، كما وخسر جوه الذي يعيشه ، فسوأة الجريمة في صورتها الحسية ، حيث باتت الجثة لحما يسري فيه العفن ، ويظهر لأبيه فيعرف الجريمة من فورها ، تلك السوءة مما لا تطيقها النفوس ، فبرز حينذاك عجزه عن مواراة السوءة.

(فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) (٣١) كيف أنا القوي القادر على قتل أخي هكذا غوي إذ عجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي التي ارتكبتها ، فارتبكت فيها؟.

غراب يبعث ليبحث في الأرض ، نقبا فيها فثقبا لموارات شيء كأخيه الغراب؟ أم لمجرد أن يريه كيف يواري سوأة أخيه؟ ظاهر «كيف» تمام الكيفية ، فليوار الغراب غرابا أماذا ، حتى تتم رؤية الكيفية فيواري سوأة أخيه (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) ، أمن النادمين عما عجز عنه؟ والندامة تقتضي القدرة في مجالتها ، فلا معنى للندم على غير المستطاع!.

أم هو ندم التوبة عما اقترف من جريمة إذ تبين عجزه عما يقدر عليه

٢٩٩

لغراب وقد قتل أخاه غلبا عليه لكيلا يراه وهو الناجح ولكنه الساقط؟. وصيغتها الصالحة «من التائبين»! ثم ولا صلة بين عجزه عن مواراته وندامة التوبة عن قتل الموارى!

والندامة ـ أيضا ـ بمجردها ليست توبة ، والتوبة غير مقبولة إلّا بشروطها وهي هنا مفقودة لسابق النص (فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) و (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ ..) (٤ : ١٧) وقد عمل السوء بغير جهالة ، بل بكل عناد ومعرفة بكيان المقتول ، فقد قتله لإيمانه وتقواه (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٤ : ٩٣) فلم يك إذا ممن يتوب الله عليه إن كان ندمه توبة ، وقد خرج عن الإيمان بقتله المؤمن متعمدا (١).

علّه (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) عن فعلته زعم القدرة الغالبة وهو يراه أضعف من غراب وأجهل ، فلم يحصل ـ إذا ـ بقتل أخيه على مكانة وقوة غالبة خلاف زعمه ، وذلك الندم غير المصحوب بتوبة ، أم بتوبة غير مقبولة ، إنه عذاب فوق عذاب الأخرى ، وما أمر الظالمين إلّا في تباب ، وهنا يبرز له أن قتل أخيه كان عن جهل منه متعمّد فليندم على ما فعل ، وهكذا

__________________

(١) الوسائل ١٩ : ١٠ عن أبي جعفر (ع) في حديث طويل قال : لما أذن الله لنبيه في الخروج من مكة إلى المدينة انزل عليه الحدود وقسمة الفرائض وأخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها وبها النار لمن عمل بها وأنزل في بيان المقاتل (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ...) ولا يلعن الله مؤمنا قال الله عز وجل (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً. خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).

وفيه ١٩ : ١٩ عن أبي عبد الله (ع) قال : سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا هل له توبة؟ فقال : إن كان قتله لإيمان فلا توبة له وإن كان قتله لغضب أو لسبب من أمر الدنيا فإن توبته أن يقاد منه وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية وأعتق نسمة وصام شهرين متتابعين وأطعم ستين مسكينا توبة إلى الله عز وجل.

٣٠٠