نهر الذّهب في تاريخ حلب - ج ٢

كامل البالي الحلبي [ الغزي ]

نهر الذّهب في تاريخ حلب - ج ٢

المؤلف:

كامل البالي الحلبي [ الغزي ]


المحقق: الدكتور شوقي شعث ومحمود فاخوري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
المطبعة: مطبعة الصباح
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥١٨

والسلام قد أخبر بهذا العلامة المحدث الرباني الشيخ مرتضى اليماني شارح الإحياء والقاموس. قال شيخنا العلامة الشيخ أحمد بن التكمجي نزيل مصر إن الشيخ مرتضى إمام في علم التاريخ). أقول : الشيخ مرتضى هذا هو الإمام العلامة محمد الشهير بمرتضى الزبيدي بحر العلوم ومعدن المنطوق والمفهوم المتوفى في القاهرة سنة ١٢٠٥ ه‍ وقد ترجمه الجبرتي في تاريخ مصر بما لا مزيد عليه. وترجمه أيضا علي مبارك باشا في كتابه الخطط المصرية في الصحيفة ٩٤ من الجزء الثالث من المجلد الأول من النسخة التي طبعت سنة ١٣٠٦ في مطبعة بولاق الكبيرة الأميرية.

لا أدري أين قال مرتضى الدين إن بنقوسا المذكور نبي ولا نعلم نبيا اسمه بنقوسا. وقد راجعت في القاموس ما كتبه في كلمة بناقيس فرأيت الشارح قد استدركت على الفيروزابادي بانقوسا وقال : هو جبل في ظاهر حلب وأنشد أبيات البحتري (أقام كل ملثّ القطر رجاس إلخ) وقد ذكرناها فيما مدحت به حلب. فلو كان الشيخ مرتضى هو القائل بأن بانقوسا اسم نبي لكان ذكره لها هنا أولى من ذكرها بغير موضع لأنه كان يجعلها استدراكا على صاحب القاموس كما جرت عادته. ويزعم كثير من الناس أن لفظة بانقوسا أصلها بان قوسها أي ظهر قوسها ويحكون في ذلك حكاية لم نرها في كتاب ولا ديوان. والذي يظهر لي أن هذه اللفظة إن كانت عربية فهي مأخوذة من بناقيس وهي ما طلع من مستدير البطيخ واحدة بنقوس بالضم وبناقيس الطرثوث شيء صغير ينبت معه أول ما يرى كما قاله الشيخ مرتضى وذلك لأن بنقوسا جبل مستدير يتراءى للمقبل على حلب قبل سائر جبالها لما كانت أشجاره قائمة حينما كانت مخشبة لحلب كما ذكره صاحب كنوز الذهب وغيره وكما تدل عليه أشعار البحتري والصنوبري وعبارات المؤرخين الذين تكلموا على الحروب التي وقعت بين سيف الدولة وكافور الإخشيدي وكيف كان كافور يقطع شجر بنقوسا. وإن كانت هذه اللفظة غير عربية وهو الصحيح فالأولى أن تكون سريانية وأصلها بيت نقوشا أي بيت الناقوس فحذفت الياء والتاء من بيت كما هي قاعدة التعريب من السريانية كبحسيتا وباصفره وقلبت الشين سينا كما هي القاعدة أيضا كقنسرين فصارت بنقوسا فالظاهر أنها كانت موضع الناقوس أيام سكنى الكلدان في هذه البلدة هذا إذا كان أصل هذه الكلمة سريانية فإن كانت غير سريانية فالأولى أن يكون أصلها تركي محرفة عن كلمتين هما (بيك قوزه) تقرأ الكاف نونا. ومعنى الأولى ألف والثانية جوزة أي شجرة جوز وذلك لأن هذا

٢٦١

السمت كان قبل تعميره بستانا يشتمل على ألف شجرة جوز أو يكون المراد من الألف مجرد الكثرة كما جرى الأتراك على المراد من هذه اللفظة في كثير من تعبيراتهم كقولهم (بيك ياشا) أي ليحيى كثيرا وقولهم (بيك دره دن صو كترمك) يريدون كثرة الأعذار الواهية والظاهر إن هذا السمت عرف بهذا الاسم في أيام دولة بني طولون إذ أنهم أول قوم من الأتراك الذين حكموا حلب بعد فتحها.

يؤيد ذلك أن لفظة بنقوسا لم نرها في شيء من النظم والنثر أقدم من كلام البحتري الشاعر الذي استغرقت حياته جميع أيام الدولة المذكورة. ومما يؤيد أن أصل هذه اللفظة تركي وجود أكثر أسماء محلات تلك الجهة تركية مثل قارلق والقزليه وتاتارلر وجقورجق وصاجليخان والشميصاتية وزعم بعضهم أن لفظة بنقوسا تركية محرفة عن (بيك كوز) أي ألف عين أو ألف غرفة أو عن (بيك قوس) أي ألف قنطرة وكل ذلك بعيد عن الصواب لأنه لا يوجد في هذه المحلة عين واحدة فضلا عن ألف ولأن ألف الغرفة أو ألف القوس يقتضيان أن تكون هذه المحلة عرفت بهذا الاسم بعد تعميرها وذلك في أوائل القرن السابع وقد علمت أنها معروفة بالاسم المذكور في أيام بني طولون والوليد الشاعر البحتري وذلك في القرن الثالث. هذا ما يظهر لي في تحقيق هذه اللفظة والله أعلم. رأيت لوقف هذا الجامع كتابا آثرت نشر خلاصته وهي بعد البسملة (الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين إلخ وقف محمد خاص بك جامعه المشهور بظاهر حلب في محلة بانقوسا المشتمل على رواق في جهته الشرقية فيه مدرسة فيها حجرتان وجب ماء ومدفن وفي جانبها الشرقي سبع دكاكين وفي جهتها الغربية رواق وميضأة يهبط إليها بدركات فيها حوض وللجامع بابان أحدهما في جهته الغربية والثاني في جهته الشمالية يدخل إليه بدهليز على جانبه دكاكين ومخزن وقف على الجامع وفي جهته الجنوبية قبلية وراءها دار محمص البن وفي جهته الشمالية أيضا سبع حجرات ومنارة الجامع وثمان حجرات معدات للفقراء والمساكين ووراء هذه الحجرات إحدى عشرة دكانا ومخزنان للجامع وفي وسط الجامع حوض يهبط إليه بدركات ووقف له أيضا دارا في محلة الأكراد وثلاث دكاكين شرقي خندق الروم وغربيها الطريق ونصف قرية عجار في بلد عزاز وجميع قرية الصفيف في العمق التابعة أنطاكية وثمانية قراريط من أربعة وعشرين قيراطا من قرية حارم من أعمال قلعة حارم وثمانية قراريط من قرية عين زيادة في ناحية جبل سمعان وستة قراريط من قرية الفاتكية في قضاء أنطاكية.

٢٦٢

وشرط أن تصرف غلة هذا الوقف على تعمير الجامع وترميمه وشعائره كوظيفة الإمام والخطيب والخادم والمؤذن ومدرس بعد صلاة الجمعة وآخر يدرس في مدرسة جامعه المذكور كل يوم وستة يقرءون ستة أجزاء ليلة الجمعة في حضور المتولي وإن أجور هؤلاء الموظفين يدفعها لهم المتولي على حسب الزمان وأسوة الأمثال إلا القراء الستة فقد شرط لهم في كل شهر عشرين درهما من الفضة تقسم بينهم على السوية وشرط أن يفرّق في كل يوم جمعة على الفقراء والمساكين أربع أقق خبز وأن يكون المتولي من أولاد الواقف الصلبيين والعزل والنصب بيده وعين له عشر غلة الوقف وأن ما فضل من الغلة بعد التعمير والترميم والوظائف ونفقات الجامع يكون لأولاد الواقف من صلبه فإذا انقرضوا فلأولاد البطون وتكون التولية حينئذ على أرشدهم تحريرا في محرم سنة ٧٦٨ ، أقول : الذي يظهر من ذكر محمص البن أن كتاب الوقف هذا قد كتب مرة أخرى في غير أيام الواقف ووضع في ذيله تاريخ الوقفية الأولى وذلك لأن استعمال قهوة البن في حلب كان بعد استعمالها في اليمن ضرورة وهي لم تظهر في اليمن إلّا في أوائل القرن التاسع كما ستعرفه وعلى ذلك نورد نبذة في الكلام على القهوة على طريق الفكاهة قال بعض العلماء : القهوة مشتقة من الإقهاء وهو الاجتواء أي الكراهة أو من الإقهاء بمعنى الإقعاد وبعضهم يكسر قافها فرقا بينها وبين قهوة الخمر.

واختلف العلماء في حلها وحرمتها والأطباء في نفعها وضرها. والصحيح أنها حلال ما لم تجرّ إلى محرّم كشربها بالدور أو بيوت القهاوي المشتملة على الأمور المحرمة شرعا وإنها معينة على السهر مساعدة على الهضم منعشة للقوى مذهبة للصداع إذا شربت قليلا مضرة إذا شربت كثيرا وأول ظهورها في بلاد الحبشة وما والاها غير معلوم وأما في اليمن فكان ظهورها في أوائل القرن التاسع عن يد الشيخ جمال الدين بن عبد الله العالم الولي ولكن التواتر على أنها ظهرت هناك على يد الشيخ علي بن عمر الشاذلي وأنها كانت قبلا من الكفتة وهي الورق المسمى بالقات لا من البن ولا من قشره ثم أن شجرة البن تنبت باليمن في كورتين منها فوق الجبال التي تعلو زبيدا في مقابلة بيت الفقيه وشجرها مغروس على خطوط مستقيمة وتستمر آخذة بالكبر إلى ثلاثين سنة وغاية ما تبلغ في الارتفاع إلى ثمانية أذرع وزهرها أبيض ويخرج ورق الزهر مثنى وثلاث وهو أكبر ورقا من زهر الكريز وثمرها شبيه بثمره وفي وقت خضرته يكون عفصا بمرارة فإذا احمر يكون في طعم اللبن الحامض وعند

٢٦٣

إدراكه يكون أحمر يضرب للسواد كالوشنة لا فرق بينهما سوى الطعم والرائحة وشكل الجوزة المنقسمة إلى فلقتين ويجمع قبل استوائه وينشر فوق أسطحة مستوية فينشق ويسود لونه ثم يدش على الأرحية ثم يخلص من قشره بالتذرية وهذا هو البن الذي يباع في جهات الدنيا وأما ما يبقى على أصوله حتى يتم استواؤه فلا يحتاج إلى الدش بل يفصل من قشره باليد وينشف كالزبيب وأهل اليمن يغلونه ويستعملون منقوعه مبردا في الصيف وهو نافع للصحة وهذا النوع يبقى في اليمن ولا يخرج منها إلى غيرها ويكون غالي القيمة وأحسن البن ما كان فيه غلظة مع الخضرة والقشر الذي تكلمنا عليه حار رطب في الأولى والشراب المصنوع منه أن يشرب صيفا يرهل البطن وشربه ينعش القلب ويزيل الثقل والفتور الحاصل في الصباح والأحسن في قلي الحب عدم الجور عليه لئلا تضيع خاصيته وشرب القهوة بعد الأكل بساعة نافع للهضم والزكام وألم الرأس وفي كل سنة يخرج من بلاد العرب ثمانون ألف طرد من البن منها إلى جدة أربعون ألف طرد والباقي إلى البصرة وغيرها والطرد ثلاثة قناطير كل قنطار مائة رطل كل رطل ألف درهم وكان دخولها في بلاد الروم ولا سيما قسطنطينية سنة ٩٦٢ وأول استكشافها سنة ٦٥٦ وأما أول استعمالها في اليمن فقد كان ابتداء القرن التاسع كما سبق ذكره. اه.

بقية آثارها

مسجد الأرمنازي وزاوية بيت خير الله ومسجد الغزولي ومسجد الدرج وسبيل تجاهه بميلة إلى الشمال وسبيل في زقاق بيت حيدر وفيها مصبنتان وخانان وأربعة مدر وفرنان وحمام سوق الغزل وكانت من أوقاف إخلاص. ومن الأسر الشهيرة في هذه المحلة أسرة آل الملاح ووجيهها بل هو أحد وجهاء حلب وعين أعيانها المحترمين محمد مرعي باشا بن صالح بن مرعي. والدور العظام في هذه المحلة هي دور هذه الأسرة. اه ..

٢٦٤

محلة جقور جق (خ)

عدد بيوتها ٤٨

يحدها قبلة وشرقا حارة الأبراج وخان السبيل وشمالا سوق بانقوسا ولفظة جقور جق تركية معناها الجورة الصغيرة والعامة يسمونها سقرجق. عدد سكانها :

الذكور

الإناث

المجموع

الأقوام

١٧٢

١٨١

٣٤٣

المسلمون

١٢

١٣

٢٥

الروم الكاثوليك

١٨٤

١٩٤

٣٧٨

المجموع

ليس فيها من الآثار سوى مسجد الشيخ عثمان وفيه مزاره وقسطل عميق في سوق بانقوسا قرب خان الدبس والخان المذكور وهو خان قديم قيل كان بناؤه لأبناء السبيل قبل أن تعمر هذه المحلات. والروم الكاثوليك في هذه المحلة كانوا يسمون باسم البسارنة.

وفي حدود سنة ١٣٢٥ أخذوا ينتقلون منها إلى محلات النصارى حتى لم يبق منهم أحد في المحلة المذكورة.

محلة صاجليخان الفوقاني (خ)

عدد بيوتها ١٤٨

يحدها قبلة صاجليخان التحتاني وغربا حارة الأبراج وشمالا قاضي عسكر وشرقا المقبرة وعدد سكانها ٥٦٧ ذكرا ٦٥٥ أنثى فجملتهم ١٢٣١ نسمة كلهم مسلمون وصاجليخان كلمة تركية معناها خان أبي الشعر وهذه المحلة تعرف أيضا باسم هارون دده. ليس فيها آثار سوى مسجد فيه مزار هارون دده ومسجد جب الخواجا وقسطل بجانب مسجد هارون دده وسبيل في زقاق الطبالين.

٢٦٥

محلة البلاط الفوقاني (خ)

عدد بيوتها ٩ ٢

حدّها قبلة بالبلاط التحتاني وشرقا البرية المعروفة بتربة لالا وشمالا صاجليخان التحتاني وغربا محلة الضوضو. عدد سكانها ٣٤٧ ذكرا و ٣٧٦ أنثى فالجملة ٧٢٣ نسمة كلهم مسلمون.

آثارها

جامع البلاط الفوقاني فسيح طول صحنه خمسون ع في مثلها تقريبا. مفروش بالرخام يمشي فيه الناس حفاة وله بابان شمالي وهو الكبير وغربي وهو الصغير وفي شمالي الصحن رواق وفي جنوبيه قبلية واسعة جميلة وفي شرقيه حوض منخفض عن أرضه قليلا وعلى الباب الشمالي منارة صغيرة وفي شرقي قبليته مدفن فيه بعض قبور وفي شمالي جداره الشرقي طاقة يقولون إن تحتها قبورا عظيمة منها قبر رجل اسمه الشيخ ندى يعتقده أهل المحلة ويزعم بعضهم أنه من الصحابة وهذا الجامع بناه الحاج سالم ابن البلاط ووقف له سنة ١٠٦١ وقفا يشتمل على دور وأراض وبساتين ومن جملته أرض الحمام المعروف باسم الواقف في حضرة جامعه بالمحلة وشرط أن يكون الموظفون فيه من ذريته وقد تغيرت معالم الحمام وصار حوانيت ينفشون فيها الصوف ويعملونه لبابيد وفي جانب هذه الحوانيت من شرقيها صهريج سبيل تجاهها من جنوبيها الغربي على الطريق صهريج آخر ليس له خرزة ولا عليه بناء وفي هذه المحلة فرن واحد.

٢٦٦

محلة جب قرمان (خ)

عدد بيوتها ١٣٣

قبلة الضوضو. وشرقا صاجليخان التحتاني. وشمالا الأبراج وغربا ابن نصير. وعدد نفوسها ٥٤٥ ذكرا و ٥٥٩ أنثى فالمجموع ١١٠٤ كلهم مسلمون.

آثارها

جامع البكره جي فسيح مفروشة أرضه بالرخام له باب موجه إلى الشرق وآخر موجه إلى الغرب. وفي شمالي الصحن رواق مملوك ظهره لدار جارية في وقف الجامع وفي غربيه رواق فيه قسطل في أسفله مبازل وفيه حجرة تعلم فيها الأطفال وفي شرقيه مصلى للصيف وفي جنوبيه قبلية واسعة. وعلى بابه منارة جميلة. وأوقافه تبلغ سنويا نحو عشرين ألف قرش نصفها للجامع السليماني الآتي ذكره في محلة الضوضو.

بقية آثارها

مسجد اسمه المسجد الصغير محله في زقاق بيت جونا ، وفيها بحضرة جامع البكره جي في رأس الزقاق الكائن تجاه باب الجامع الغربي على يسرة الداخل إلى الزقاق سبيل صهريج عليه عمارة يسمونه سبيل بيت الخواتمي ، وفيها أيضا خان قرمان ، وقرب جامع البكره جي مزار يسمونه مزار الشيخ القرماني وفيها مداران وفرن.

٢٦٧

محلة صاجليخان التحتاني (خ)

عدد بيوتها ١٢٥

وتعرف أيضا بآغاجق يحدها قبلة محلة الضوضو وشرقا البرية المعروفة بتربة لالا وشمالا صاجليخان الفوقاني وغربا جب قرمان عدد سكانها ٤٩١ ذكرا و ٥٢٥ أنثى فالمجموع ١١٠٦ كلهم مسلمون.

آثارها

جامع آغاجق

عمر سنة ٩٩٣ اسم بانيه مكتوب على باب قبلية الجامع لم أتمكن من قراءة جميع ما كتب عليها وهو جامع جميل لطيف فسيح في جنوبيه رواق عال له قباب على أعمدة من الرخام الأصفر داخله قبلية وفي شرقي الصحن حوض ينزل إليه بدرجات يجري إليه الماء من قناة حلب وفوق باب هذا الحوض قبر يقال إنه قبر عبد الواقف ويحيط بالقبلية شرقا وجنوبا ساحة كانت جنينة للجامع على نسق الجوامع الرومية فيها بعض قبور وفوق باب الجامع منارة لطيفة وآغاجق كلمة تركية معناها الآغا الصغير وأهل المحلة يزعمون أن أصلها آغا جوق أي كثير ويحكون في ذلك حكاية خلاصتها أن باني الجامع عمره من ثمن حنطة كانت في مخزن موكل به عبد الواقف فكان كلما سأل عبده عن مقدار ما بقى منها يقول له آغاجوق إلى أن كاد يكمل عمل جامعه من ثمنها وفي بعض الأيام جاء إليها فرأها قليلة جدا فعلم أن الله قد بارك له فيها غير أنها بعد نظره بقليل نفذت فعلم أن البركة قد ذهبت عنها ، هذا الجامع له وقف قائم بكفايته.

بقية آثارها

فيها سبيل عليه بناء قريب من الجامع السليماني على الجادة وفيها خان يعرف بالباكية.

٢٦٨

محلة تلعران (خ)

عدد بيوتها ١١٢

وعدد سكانها ٤٢٦ ذكرا و ٥٢٢ أنثى فالمجموع ٩٤٨ نسمة كلهم مسلمون. محل هذه الحارة شرقي برية المسلخ يحدها قبلة محلة محمد بك المعروفة أيضا بالتكاشرة وشرقا البلاط التحتاني وتمامه زاوية الشيخ بلال وشمالا الشيخ محمد الضوضو.

آثارها

جامع برسين

محله في الزقاق المنسوب إليه غربي الحارة وهو أكبر مساجدها صحنه في طول ١٧ ع في مثلها عرضا في شماليه دكة فيها عدة قبور وفي شرقيه الشمالي باب ميضأته يهبط إليها بدركات وفيها حوض يبلغ بضعة ع طولا في مثلها عرضا يجري إليه الماء من قناة حلب وفي شرقيه الجنوبي إيوان فيه قبر من المرمر مكتوب على نصبتيه إنه قبر منشئ هذا الجامع وفي الجهة الجنوبية قبلية الجامع في طول ١٧ وعرض ١١ ذراعا تقريبا في جنوبيها حجرتان إحداهما على يمين المنبر والأخرى على يساره سقفهما قبو وقبة محمولان على عضادات وعمودين من الحجر الأسود وللجامع بابان أحدهما موجه شرقا فوقه منارة وهو المستعمل والثاني موجه غربا يفتح في بعض الأحيان. منشئ هذا الجامع الحاج حسين بن برسين سنة ١٠٩٥ ووقف عليه وقفا عظيما شرط فضلته لذريته تبلغ غلته الآن بضعة وعشرين ألف قرش سنويا والمتولي على هذا الجامع وأوقافه الآن الحاج محمد علي بن محمد برسين والناظر عليه ولده الشاب النجيب الشيخ محمد ناجي وهو صارف قصارى جهده إلى إعمار الجامع وأوقافه وإصلاح أحوالهما. وفقه الله.

٢٦٩

جامع ساحة حمد : محله في زقاق الشيخ جنيد له قبلية تبلغ خمسة عشر ذراعا طولا تقريبا وصحنه بنسبة قبليته سعة في شرقيه حجرة ومدفن فيه قبر رجل يقال له الشيخ حمد ووقفه دار ودكانان في المحلة يبلغ ريعها سنويا ألفي قرش تقريبا وتقام فيه الخمس.

مسجد الحاج حمدو بن أبي دان : مسجد صغير سمح الرجل المذكور بأرضه وبعض نفقاته منذ بضعة عشر عاما وله أنوال في دكان بجانبه وقف عليه.

بقية آثارها

سبيل صهريج يعرف بسبيل الساحة له في المحلة دكان وقف عليه. والأسر الشهيرة المحترمة في هذه المحلة أسرة آل ناصر آغا لها منزل يستقبل الضيوف والمسافرين ومن وجائها الشيخ أحمد ابن الشيخ (علي بن محمد بن محمد) وهو الآن من أعضاء بلدية حلب وأحد أعضاء لجنة الأوقاف. اه.

٢٧٠

محلة الضوضو (خ)

يحدها قبلة تلعران والصفصافة. وشرقا البلاط التحتاني والفوقاني وشمالا صاجليخان التحتاني وتمامه جب قرمان وابن نصير المشهورة بجب القبة غربا خندق بالوج وفي غربي هذه المحلة الساحة المعروفة ببرية المسلخ القديم وهي الآن سوق الجمال والغنم عدد دور هذه المحلة ١٢٥ وعدد سكانها ٥٦٦ ذكرا و ٦١٥ أنثى فالمجموع ١١٨١ نسمة كلهم مسلمون.

آثارها

الجامع السليماني

في شمالي المحلة منسوب إلى الحاج سليمان الأيوبي بانيه سنة ٧٨٣ وهو جامع عامر نير فسيح مفروش صحنه بالرخام طوله ٥٠ ع في مثلها عرضا تقريبا في غربيه تجاه بابه الغربي حوض يجري إليه الماء من قناة حلب ينزل إليه ببضع عشرة دركة كأنه في مغارة وفي شمالي الصحن مدفون في غربيه الجنوبي قبر أبي الواقف وفيه عدة قبور وفي جانب المدفن من شرقيه حجرة تعلم فيها الأطفال وفي جنوبي الصحن قبلية جميلة عامرة على طول الجامع في عرض عشرين ذراعا تقريبا وفي شرقيه دكة للصلاة صيفا وله بابان غربي فوقه منارة جميلة وفي جنوبيه رواق صغير وشمالي ينفذ إلى محلة صاجليخان وأوقافه مشتركة مع أوقاف جامع البكره جي الذي تقدم ذكرها في الكلام عليه ، مسجد مقر الأنبياء في سوق المحلة عمره رجل يقال له شمس الدين سنة ٦٨٥ وهو مسجد صغير وسعت قبليته في حدود سنة ١٢٩٠ على يد متوليه وزاد في أوقافه حتى بلغت غلتها الآن نحو عشرة آلاف قرش في السنة.

مسجد الظالع : محله شرقي برية المسلخ إلى الشمال بناه المحسن الشهير (محمد بن احمود الظالع النجدي) في رجب سنة ١٣٠٠ وعملت له بيتين يكتبان على بابه جاءت

٢٧١

فيهما شطرة التاريخ (أنشأ المسجد في شهر رجب) وهو مسجد متسع مشتمل على قبلية وحجرة تقام فيه الصلوات الخمس وبقية الكلام عليه في ترجمة صاحبه.

بقية آثار هذه المحلة

يوجد قبلي هذه المحلة قبة على قارعة الطريق فيها دفين يسمونه الشيخ محمد الضوضو يعتقد به أهل المحلة ويروون فيه كرامات وينذرون له الزيت ، وفي شمالي برية المسلخ قبر يسمونه قبر الترمذي يزعم بعضهم أنه الترمذي المحدث الشهير وبعضهم يقول إنه الترمذي الحكيم. والصحيح أنه لا هذا ولا هذا لأن تاريخ وفاته المفهوم من قبره متأخر عن وفاة الاثنين. وأهل المحبة يعتقدون به وينذرون له الزيت. والمشهور عندهم أن الخيول وغيرها من الدواب إذا اعتراها مرض المغص المعروف بالمغلة وطيف بها حول هذا القبر سبعة أشواط برأت من مرضها. وفي سنة ١٢٩٩ عمر حوله دائر له باب على القبلة وفي هذه المحلة مدار واحد ، وفرن واحد ، وثلاث خانات أحدها لبيع الفواكه والسمن والصوف ومال القبان والآخران لنزل القوافل والمسافرين ، وفيها ستة بيوت قهاوي واحد في سوق المحلة والخمسة في برية المسلخ ومما يلحق بهذه المحلة مشهد في شرقي صحرائها في بساتين الفستق بين حلب والنيرب يقال له قرنيبا قال بعضهم كان يعرف قديما بمقر الأنبياء فحرفته العامة وسبب بناء هذا المشهد أن شيخا من أهل منبج رأى في حلمه عدة مرار كان علي ابن أبي طالب مرّ يصلي فيه وأنه قال له قل لقسيم الدولة يبني على هذه الربوة مشهدا فقال الشيخ لعلي ما علامة ذلك قال أن تكشف الأرض فتظهر أنها مفروشة بالرخام المفصص وفيها محراب وقبر على جانبه فيه بعض ولدى فقص الشيخ ذلك على قسيم الدولة فكشف الأرض ورأى الأمارات فبنى على تلك الربوة مشهدا ووقف عليه وقفا وحكى غير أن النبي صلى الله عليه وسلم رؤي يصلي فيه مع جماعة من الأنبياء. أقول لا أدري ما وجه تسمية هذه الربوة بمقر الأنبياء إذ لم نعلم أن نبيين أو أكثر استقروا به إلا أن يكون ذلك أخذا من الرؤيا في الرواية الأخيرة. ولعل كلمة قرنيبا محرفة عن قرنبى بوزن فعنلى وهي دويبة قدر الجعل إذا لمست انكمشت على نفسها وصارت شبه حمصة وعلى كل حال فإن موضع هذا المشهد مفرح نزه له مناظر جميلة يقصده الناس في فصل الربيع لحسن مناظره وكثرة أزهاره وتغريد أطياره.

٢٧٢

محلة السخانة ومحلة البقارة (خ)

حدّها قبلة البرية وشرقا محلة كتان وغربا برية الشيخ جاكير وشمالا سور باب النيرب عدد دور الأولى ١٢٢ ونفوسها ٥٨٦ وذكرا و ٥٧٨ أنثى فالمجموع ١٠٦٤ ، وعدد دور الثانية ٥٢ ونفوسها ذكورا ١٠٠ وإناثا ١٥٢ فالمجموع ٢٥٢ كلهم مسلمون : حارة البقارة لا آثار فيها وأما السخانة فآثارها : جامع السخانة في الزقاق الضيق على الجادة يقول أهل المحلة إنه عمري وهو صغير الصحن وفيه حوض يبلغ بضعة أذرع في مثلها وفي غربيه قبلية وله منارة تقام فيه الصلوات والجمعة وله وقف قائم بكفايته وفي جنوبي الصحن صهريج وعلى الباب صهريج وقسطل يجري إليه الماء من داخله ، مسجد يوسف الآغا هو مسجد قديم جدد قبليته بعد الثلاثمائة والألف يوسف آغا المذكور فنسب إليه ومحله في جنوبي المحلة مجاور بساتين الفستق وهو ساحة واسعة في طرفها قبلية صغيرة وحجرة بقدرها تعلم فيها الأطفال.

٢٧٣

محلة محمد بك (خ)

وتعرف أيضا بالتكاشرة محلها خارج باب النيرب وعدد دورها ٢٤٣ وعدد ذكورها ١٠١٦ وإناثها ١٠٩٤ فالمجموع ٢١١٠ نسمات كلهم مسلمون حدها قبلة الجادة الكبرى التي لا نظير لها عندنا في العرض والاستقامة التي أولها سوق باب النيرب آخذة شرقا حتى تنتهي إلى بوابة الملك وشرقا البرية وغربا القصيلة وشمالا الشيخ بلال الحبشي وتمامه محلة تلعران والصفصافة.

آثارها

جامع الطرنطائية ومدرسته

محلها في زقاق المدرسة المنسوب إليها غربي قسطل علي بك الكائن شمالي الجادة الكبرى على يمين الداخل من بوابة الملك وهي مدرسة حافلة عامرة متقنة البناء كأنها حصن تشتمل في شرقيها وغربيها على أربعين حجرة عليا وسفلى وفي جنوبيها قبلة تقام فيها الصلوات والجمعة وفي شماليها محل واسع تقام فيه الأذكار كأنه كان محلا للتدريس وفي وسط صحنها حوض تحت الأرض يجري إليه الماء من القناة دائما ولها فوق زاويتها الشرقية الشمالية منارة صغيرة ويوجد على يمنة الداخل من بابها الموجه غربا حجرة فيها قبر له ضريح على رأسه خوذة حديد عليها دوران من الشاش الأخضر يقولون إن المدفون فيه رجل كان يحب الجهاد فكان في أكثر أوقاته لابسا أهبة الحرب يقال له الشيخ أويس أبو طاسة. المدرسة منسوبة إلى (طرنطاي الأمير سيف الدين) وهو الذي جدد بها ووقف عليها وقفا وأما الذي أنشأها وأنشأ الجامع فهو السيد عفيف الدين بن محمد شمس الدين وذلك في سنة ٧٨٥. أوقافها عشرية مضبوطة يؤخذ منها مقطوعا ما لا يكاد يقوم بكفايتها وهي الآن معطلة ليس فيها مجاور ولا مدرس .. غير أنه تقام في مسجدها الصلاة والأذكار قد اتخذها زاوية العالم العامل الشيخ محي الدين البادنجكي وخلفاؤه من بعده وهو ينتسب إلى ولي الله الشيخ نبهان الجبريني

٢٧٤

فحجرات المدرسة المذكورة لا تسكن إلا في أيام الخلوة الأربعينية يختلي بها مريدو الخلفاء المذكورين.

قسطل علي بك

تقدم لنا ذكر محله وهو من أشهر قساطل حلب يجري إليه الماء دائما من قناة خاصة به ويجري فائضه إلى آبار وحياض في المحلة يستقي منها أهلها وقد عهدنا أن أكثر الجمال التي تدخل إلى حلب ترد عليه للشرب يزعم بعض النسوة أن الاغتسال فيه ثلاثة سبوت في تموز قبل الفجر يخلص الجسم من الأمراض في بقية السنة وهو قسطل قديم مكتوب عليه (أنشأ هذا السبيل المبارك في أيام مولانا السلطان الملك الأشرف أبي النصر قانصوه الغوري عز نصره ابتغاء لوجه الله تعالى علي بك السيفي المولوي في شوال سنة خمس عشرة وتسعمائة) وعلى كل من جانبيه دائرة مكتوب فيها (عز لمولانا السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري عز نصره).

جامع قرمط

ويعرف أيضا بجامع عفان على الجادة في الصف الموجه إلى الشمال صحنه يبلغ خمسين ع في أربعين تقريبا في غربيه ميضأة بجانبها حجرة وفي شماليه قبلية بنسبة الصحن تقام فيها الصلوات والجمعة وفي جنوبيه مصيف في صدره محراب يقال إنه هو قبليته القديمة وله منارة صغيرة وهو جامع قديم جدد سنة ١٢٣٧ وله وقف قائم بكفايته ولا أعرف المنسوب إليه ورأيت في السجل أنه في سنة ١٢٦٣ وقف الحاج عبد الله بن علي المشنوق وقفا حافلا شرط فيه قراء في هذا الجامع وإن وقفه بعد انقراض ذريته يؤول للجامع المذكور. ثم في سنة ١٢٨٠ وقف وقفا آخر شرط فيه الشرط الأخير.

جامع شبارق

في جانب قسطله على الجادة في الصف الموجه جنوبا صحنه أربعون ع في مثلها تقريبا وفي شرقيه الشمالي صحن آخر فيه حوض مربع يبلغ بضعة أذرع في مثلها وفي جنوبي الصحن الأول قبلية وفي شماليه حجرة تعلم فيها الأطفال كان تجديد هذا الجامع سنة ١٢٥٧ ، يوجد على جانبي بابه مما يلي الجادة سبيلان ، وفي غربيه الشمالي قسطل يعرف بقسطل

٢٧٥

شبارق ومنشئه هو منشئ هذا القسطل مكتوب في أعلى صدر القسطل (أمر بإنشاء هذا السبيل المبارك المقر الأشرفي العالي المولوي المالك المخدومي الكافل السيفي يلبغا الصالحي كافل المملكة الحلبية المحروسة أعز الله أنصاره من ماله ابتغاء لوجه الله تعالى ليقيه العطش الأكبر يوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم. في ربيع الأول سنة ٧٤٦ بنظر الفقير إلى الله تعالى إبراهيم بن محمد الحراث عفى الله عنه) قلت : يلبغا هذا هو (يلبغا اليحياوي الأمير سيف الدين).

مسجد البدوي

ويعرف أيضا بمسجد الشيخ ضاهر على الجادة في الصف الموجه إلى الشمال يبلغ صحنه خمسين ع في مثلها تقريبا في غربيه قبلية تجاهها مما يلي الصحن بعض قبور وفي جنوبيه مصيف وفي شرقيه الشمالي ميضأته.

زاوية الشيخ حيدر

في الزقاق المنسوب إليها الكائن في الصف الجنوبي من الجادة يبلغ صحنها ٥٠ ذراعا في ٤٠ تقريبا في شرقيه دكة فيها قبور وفي جنوبيه قبلية واسعة لها باب جميل وفي حضرة باب هذه الزاوية في الزقاق قسطل الشيخ حيدر وهو أحد مشايخ الطرائق العلية اتخذ الزاوية محلا لأذكاره فنسبت إليه وإلا فباني هذه الزاوية والقسطل هو (قطليجا الحموي) شرع ببنائهما ومات قبل إكمالهما فأكملهما الأمير (ظاز بن عبد الله الناصري) مكتوب على الزاوية (أنشأ هذه الزاوية المباركة المقر الكريم العالي السيفي قطليجا والمقر الأشرف الكريم طاز كافل المملكة الحلبية سنة ٧٥٧ وفي أعلى صدر القسطل الآخر (لقطليجا) وهو كلتاجو والظاهر أن أحد الاسمين محرف عن الآخر.

جامع التوبة

بضم التاء وهي شجر ذكر التين. وكان فيه شجرة توب عظيمة أضيف الجامع إليها والناس يلفظون هذه الكلمة بفتح التاء ويحكون في ذلك كلاما غير مستند إلى أصل ، هذا المسجد قديم محلة في الصف الجنوبي من سوق باب النيرب والخندق محيط به من غربيه

٢٧٦

وجنوبيه وهو صحن واسع يبلغ ثلاثين ذراعا في مثلها تقريبا وفيه حوض مربع فوق عشر بعشر جدده متولي الجامع (علي بن محمد النيرباني) وقد نقله من شماليه معيدا إياه إلى محله الحالي وكان صغيرا نقل إلى محله الحالي من دهليز الجامع وقد نقل إليه الميضأة وفي شمالي الجامع شمالية للصلاة كانت هي قبلية الجامع وكان لها باب على الميضأة ثم في سنة ١١٨٠ بنيت في جهته الجنوبية قبليته الحالية وهي صفان طول الأول ١٥ ذراعا والثاني ١٨ ذراعا في عرض أحد عشر ذراعا تقريبا وفيها المحراب والسدة وفي شرقيها بعض حجرات وفي غربيها الشمالي قبلية أخرى في جنوبيها باب مغلق ينفذ إلى مدفن سماوي له باب على الخندق : مكتوب على الباب المغلق (أنشأ هذا الجامع المبارك الفقير إلى الله تعالى الشيخ محمد المعصراني في أيام مولانا السلطان الملك الظاهر جقمق عز نصره سنة ٨٤٦) فالظاهر أن منشئ هذا الجامع هو هذا الرجل وأن ما بناه هو الشمالية والمدفن والميضأة ثم في سنة ١١٨٠ أنشئت قبليته الحاضرة وفي سنة ١٣١١ سدت أبواب الشمالية مما يلي الصحن وفتح لها باب على الدهليز وكتب عليه :

الزم التقوى تنل كل الأمل

وبها تنجو إذا حان الأجل

مذ بنى مسجدنا أرخ وصف

فاز من أخلص لله العمل

وعلى حجرة مرصوفة في جدار القبلية مما يلي الصحن :

لم تزل رحمة الإله على من

بالتقى يعمر المساجد فضلا

إذ به جامع الفضائل لما

شاده مخلصا تسامى محلا

قلت لما جنى المبرة أرخ

عمل صالح له الخير دلّا

سنة ١١٨٠

هذا الجامع من أعمر جوامع حلب لا تكاد تنقطع منه العبادة لا ليلا ولا نهارا ويقال إن منارته كانت على بابه الذي يلي السوق الموجه شمالا ثم هدمت وعمرت له منارة جديدة يصعد إليها من دهليزه ، دخل وقفه الآن قائم بكفايته ، وفي سنة ١٣٠٠ فرش صحنه بالرخام والناس تمشي فيه حفاة والمشهور أن محرابه أصاب به بانيه عين القبلة. قسطل قرمط في حضرة جامعه والظاهر أن منشئه هو منشئ جامع قرمط المتقدم ذكره في السنة التي جدد بها الجامع أيضا. سبيل صهريج يقال له سبيل أبي دلوين على الجادة في الصف الموجه جنوبا

٢٧٧

غربي الزقاق المنسوب إليه ، سبيل العطار صهريج عليه بناء في رأس بوابة القرباط تجاه حمام برسين أنشأه أحمد بن حسن العطار وشرط له الكفاية وجزءا من القرآن في كل يوم في وقف محمد بن محمد ابن الحاج مصطفى والحاج يوسف آغا ابن الحاج مصطفى آغا ابن يوسف أفندي عربي كاتبي وهو خمس دكاكين متلاصقات في الصف الشرقي في سوق سويقة علي وقفاه بتاريخ ١٢ محرم سنة ١٢٠٤ وشرطا فيه قراء ولإمام العثمانية قروش معلومة في وقف المرأة الحاجة فاطمة بنت شريف آغا القرنة الموقوف سنة ١٣٠٦ وفي هذه المحلة مداران وثلاثة أفران وأربعة خانات اثنان معاطن للإبل واثنان للغلات والخان الكائن في زقاق القرباط أنشأه المرحوم محمد أسعد باشا ابن (علي بن سعيد الجابري) وأوصى أن يكون بعضه وقفا على مدرسته التي أنشأها في مسجد الدليواتي في محلة الفرافرة المتقدم ذكرها وحمام برسين وقهوة شعبان في سوق باب النيرب.

تنبيه : الأسر الشهيرة في هذه المحلة هي بيت أبي الكنج ووجيهها حماده بن كنجو وهو صاحب منزل وكان جده الصعب مقوم الحاج ومن هذه الأسر بيت الصعب ووجيهها خيرو بن محمد الصعب وفيها بيت الحواضرة وأصلهم من قرية الحاضر ووجيهها الآن فارس ابن الحاج ناجي معروف بالسخاء وقرى الضيوف وفيها بيت التلاليني ووجيهها الحاج يوسف ابن الحاج حمدو سخي شهير في محله. ومن وجهاء المحلة عبد الفتاح البيطار وبيت برّي ووجيهه فارس بن حمود بري.

يلحق بهذه المحلة مقبرة الشيخ جاكير وهي أعظم مقبرة في حلب تتصل بمقبرة السفيري لا تقل مساحتها عن ثلاثة كيلومتر مربع.

حارة كتان (خ)

قبلة بساتين الفستق وغربا حارة السخانة وشمالا بادنجك ومحمد بك وشرقا البرية عدد دورها ٤٦ ونفوسها ذكورا ١٧٣ وإناثا ١٩٥ فالمجموع ٣٦٨ نسمة كلهم مسلمون. فيها مسجد واحد يبلغ صحنه خمسة عشر ع في مثلها تقريبا في وسطه حوض يجري إليه ماء القناة من فائض حوض جامع بادنجك وفي جنوبيه قبلية بنسبة صحنه.

٢٧٨

محلة بادنجك (خ)

محلها في جنوبي الجادة الكبرى التابعة جادة محمد بك يحدها قبلة جنينة معروفة وحارة كتان وغربا السخانة وشمالا الجادة وشرقا البرية واسمها هذا محرف عن ميدان جك لفظة تركية معناها الميدان الصغير كأنها سميت بهذا الاسم لميدان صغير في حضرة جامعها عدد دورها ٩٢ ونفوسها ذكورا ٤٣٧ وإناثا ٤٢٨ فالمجموع ٨٦٥ نسمة كلهم مسلمون.

وفيها من الآثار جامع بادنجك في الزقاق المنسوب إليه يبلغ صحنه ١٥ عشر ع في مثلها تقريبا في وسطه حوض مساحته بضعة أذرع يجري إليه الماء من فائض قسطل علي بك وفي شمالي الصحن رواق وفي جنوبيه قبلية فيها منبر وفي غربيها كوة نافذة إلى حجرة مهدوم سقفها مدفون فيها واقف الجامع واسمه يعقوب بن يغمور وهو المكتوب على نجفة باب القبلية وكانت عمارته في أواسط القرن الحادي عشر ولهذا الجامع منارة ومنبر وله من الأوقاف دار في المحلة. وفيها أيضا جامع يقال له مسجد الكسيح في غربي المحلة صغير تقام فيه السرية لا يعرف له وقف. قسطل الجوره في شمالي الميدان ينزل إليه بدركات يجري إليه ماء القناة من فائض قسطل علي بك.

٢٧٩

محلة الصفصافة (خ)

خارج باب النيرب عدد دورها ١٣٨ ونفوسها ٤٧١ ذكرا و ٥١٨ أنثى فالمجموع ٩٨٩ نسمة كلهم مسلمون يحدها قبلة سوق باب النيرب التابع محلة محمد بك وشرقا إلى الجنوب محمد بك وإلى الشمال تلعران وشمالا برية المسلخ التابعة محلة الضوضو وغربا الخندق.

آثارها

مسجد خال من البناء فيه بعض قبور يقال له مسجد زكريا محله الصف الموجه شرقا في أواسط الجادة الممتدة من سوق باب النيرب إلى برية المسلخ ومسجد الكوجك واسع الصحن فيه بعض قبور أيضا في جنوبيه قبلية تبلغ بضعة عشر ذراعا طولا وبضعة أذرع تقريبا وفي شماليه حجرة تعلم فيها الأطفال وهو متوهن جدا تقام فيه بعض الصلوات محله في رأس هذا الصف مما يلي برية المسلخ على الجادة المذكورة. وفيها سبيل صهريج له خزانة في الجدار تجاه مسجد زكريا على الجادة المذكورة يعرف بسبيل الحاج عبدو الخوجه لأنه هو الذي أنشأه في حدود سنة ١٣٠٠ وفيها خانان أحدهما للقوافل والمسافرين والثاني تباع فيه المأكولات محله جنوبي برية المسلخ وكلاهما أنشئا سنة ١٣٠٩ وقهوتان في عطفة سوق باب النيرب حادثتان أيضا إحداهما في الصف المتجه إلى الشرق من إنشاء المرحوم الشيخ (مصطفى بن محمد بن مصطفى طلس) والأخرى متجهة إلى الغرب مما أنشأه المرحوم السيد أحمد ابن السيد (محمد راجي ابن السيد علي بيازيد).

٢٨٠