نهر الذّهب في تاريخ حلب - ج ٢

كامل البالي الحلبي [ الغزي ]

نهر الذّهب في تاريخ حلب - ج ٢

المؤلف:

كامل البالي الحلبي [ الغزي ]


المحقق: الدكتور شوقي شعث ومحمود فاخوري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
المطبعة: مطبعة الصباح
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥١٨

مقام عليه هيبة وجلالة

تدل على التحقيق ما شاع واشتهر

بأن الذي هذا الضريح يضمه

نبي له في الذكر شأن وفي الأثر

وكان لموسى صهره ورسوله

ولم يخش جبارين إذ خشي النفر

وقاتلهم مع يوشع ثم بعده

أتته من الله الرسالة والظفر

وفي اسمه الأقوال زاد اختلافها

كذا بأبيه لوقيا اختلف الخبر

ورجح أصحاب التفاسير كالبا

وأبلوقيا من ابن لوقي مختصر

ولم يدر أرباب التواريخ رمسه

وثامن قرن فيه ذا الرمس قد ظهر

وشاهد من ذاك الظهور ليوقيا

بنو حلب ما يملأ السمع والبصر

فزر لنبي الله يا طالب الهدى

وصلي عليه مثلما جاء في الأثر

وسل عنده الحاجات تظفر بنيلها

فما خاب عبد بالنبيين انتصر

وصل صلاة مع سلام لكلهم

خصوصا على المبعوث للخلق من مضر

عليه صلاة الله ثم سلامه

تواليهما يربو على القطر والمطر

وخص الذي أحيا المقام بدعوة

يطيب بها عيشا إذ أنزل الخطر

تداعي البنا ثم استقام مؤرخا

يجدده الطيبيّ للأجر ادّخر

والطيبي هذا هو (محمد بن معتوق الطيبي) (١) ، قال أبو ذر في تاريخه في فضل الزيارات :منها مزار بلوقيا عليه السلام مذكور في قصص الأنبياء مدفون في محلة التركمان وتعرف الآن بساحة بزه ، وقال فيه في محل آخر في عرصة الفراتي نبيّ الله بلوقيا عليه السلام وعبارة الثعلبي هكذا : ولما حضرت الوفاة يوشع عليه السلام بن نون استخلف على بني إسرائيل كالب بن لوقيا من سبط يهوذا وهو أحد الرجلين اللذين أنعم الله عليهما إلخ فأحسن الخلافة حتى قبضه الله إليه وقال ابن عساكر في مبهمات القرآن قوله تعالى قال رجلان هما يوشع بن نون وكوكب بن قنا فأما يوشع فهو ابن أخت موسى وأما كوكب فهو صهر موسى عليه السلام على أخته مريم ابنة عمران واختلف في اسمه فقيل ما تقدم وقيل كالب وكلاب وكالوب وكذا اسم أبيه قيل فيه بوقنا كما تقدم وقيل يوقنا ذكرها ابن عطية قال السيوطي في نوع المبهمات من إتقانه هما يوشع وكالب وكذا قال الدر المنثور في التفسير المأثور ومثله في التعريف والأعلام للسهيلي وأتفق المفسرون وأصحاب السير على نبوة كالب وخلافته

__________________

(١) يعتبره بعضهم وليا من أولياء حلب.

١٠١

وإنه أحد الرجلين المرادين من الآية وظاهر كلام أبي ذر أن المدفون بحلب كالب وأن اشتهاره بلوقيا من تصرفات العامة أو من الاختلاف الواقع في اسمه واسم أبيه هو الصواب إنه كالب بن يوقنا كما ذكرناه ولم يذكر أحد من مؤرخي حلب متى ظهر قبره هذا فلا أدر من أين للشيخ على قوله في القصيدة المذكورة وثامن قرن فيه ذا الرمس قد ظهر.

وعلى كل حال فلا بأس من زيارته على توهم من وجوده فقد قال في طبقات الصوفية للعلامة المناوي : إن الأرض لأجسام الأنبياء والأولياء كالماء للسمك فيظهرون بأماكن متعددة ويزار كل مكان قيل عنه أنه فيه نبي كريم أو ولي عظيم ومعلوم أنه لم يثبت قبر من قبور الأنبياء بالتواتر إلّا قبر نبينا عليه الصلاة والسلام وقبر الخليل على ما ذكره صاحب الأنس الجليل. مكتوب على صمدية فوق المحراب في قبلية هذا المسجد : أنشأ هذا الأثر الحميد ووضع هذا المشبك الحديد الوزير بن الوزير ذو الرأي والفكر السديد المحفوف بعون الملك الحميد والمشمول بالنصر والتأييد حضرة الوزير المحترم والدستور المعظم عبدي باشا بن المرحوم الحاج علي باشا ابن المرحوم عبدي باشا والي حلب حالا زاده الله شرفا وجلالا سنة ١١٩٥. وعلى باب المسجد مما يلي الزقاق قصيدة تركية طويلة يفهم منها أن الذي جدد الباب المذكور مصطفى مظهر باشا والي حلب سنة ١٢٦٤ ، ورأيت في كتاب وقف عبدي باشا المذكور أنه اشترط فيه أن يدفع من غلة وقفه في كل سنة ثمن ثماني عشرة شمعة عسلية (١) وزن كل شمعة ألف وعشرون درهما ست منها توقد تجاه مرقد نبي الله كالب بن لوقيا عليهما السلام والبقية تجاه مرقد نبي الله زكريا عليه الصلاة والسلام.

تنبيه : البقعة التي فيها مقام كالب بن يوقنا كانت تعرف بعرصة الفراتي وكان فيها خانقاه تعرف بخانقاه المجدية نسبة إلى مجد الدين أبي بكر المعروف بابن الداية وهو أخو نور الدين الشهيد من الرضاع وكان بطلا شجاعا يحبه نور الدين توفي سنة ٥٦٥.

مسجد زقاق النبي

على صف مسجد النبي تقام فيه الجهرية.

__________________

(١) يصنع الشمع العسلي من نفايات الشمع ويكون لونه لون العسل.

١٠٢

مسجد الخريزاتي

محله في رأس الصف الغربي من شمالي الجادة المارة تجاه بوابة النبي المتقدم ذكرها وهو مسجد يسكنه بعض الفقراء له صحن في جنوبه قبلية في شرقيها قبر مكتوب على علم مركوز بجانبه هذا (ضريح أبي الحسن الخريزاتي) قلت صوابه أبي بكر فقد ذكره بهذا الاسم الخواجكي في رحلته وأثنى عليه ولم يذكر تاريخ وفاته. والظاهر أنه كان من أعيان القرن الثاني عشر وهذا المسجد قديم مكتوب على بابه : بسم الله أحيا هذا المكان المبارك الأشرفي العالي المولوي قانصو اليحياوي كافل المملكة الحلبية المحروسة أعز الله أنصاره سنة ٨٧٦.

جامع الموازيني

محله في غربي الخريزاتي المتقدم ذكره على بعد غلوة منه وهو جامع عظيم في وسط صحنه حوض فوق عشر بعشر وله قبلية متشعثة ومنارة عالية ونسبته إلى الموازيني عارضة وإلّا فبانيه (تغرى بردى الظاهري) وقد ذكرنا في ترجمته ما فيه الكفاية فراجعها وهو الآن متشعث البناء محتاج إلى الترميم وأوقافه قليلة جدا ومعظمها معدوم ما بين خراب وضائع تقام فيه الجهرية والجمعة مكتوب على بابه أنشأ هذا الجامع المبارك في أيام مولانا الغازي المالكي الملك الظاهر أبي سعيد برقوق خلد الله ملكه المقر الأشرفي العالي المولوي الكافلي المالكي الظاهري كافل المملكة الحلبية الشريفة بحلب المحروسة أعز الله أنصاره وألبسه من التوفيق حلة وذلك في سنة ٧٩٧ ، وكان يوجد قرب هذا الجامع حمام يعرف بحمام الهذباني وهو خان الشيباني تجاه حمام عتاب وقاسرية ملاصقة للخان المذكور تجاه الحمام الزجاجية مما وقفه العلائي علي بن أحمد بن الناصر محمد بن أقبغا الشيباني وشرط أن يصرف من غلته كل سنة مبلغ من دراهم الفضة على التربة التي أنشأها جده أقبغا خارج باب قنسرين على خندق الروم و ٣٠ درهما على قسطل ملاصق قاعة الواقف في محلة الجلوم تاريخ الوقفية سنة ٨٦٧ وحمام الهذباني داثر لا أثر له.

زاوية الأخضر

محلها تجاه جامع الموازيني المتقدم ذكره وهي دار يسكنها الشيخ الأخضر فجعلها زاوية ووقفها ودفن فيها بوصية منه رحمه الله وكان وقفه إياها في حدود سنة ١٢٨٧.

١٠٣

جامع الخيمي

محله في شرقي سراي إسماعيل باشا وهو الآن داثر لا أثر له وأهل المحلة تعرف موضعه وبعض شيوخهم كان يصلي فيه.

جامع إسماعيل باشا

محله غربي السراي المذكورة وكان داثرا فسعى بعمارته الشيخ حسام الدين الصيني البخاري وجمع له مبلغا من أهل الخير الذين يترددون عليه وقد كملت عمارته سنة ١٣١١ وقد وضع فوق باب حجرته مكتوب دائرها بالقلم الكوفي ووسطها بقلم التعليق تشعر عبارتها بما كان عليه هذا المحل وبما آل إليه وبمن سعى بتعميره وبتاريخ عمارته.

زاوية الشيخ تراب

محلها جنوبي الخسروية وغربيها وهي دار تشتمل على عدة بيوت وإيوان تجاهه حوض صغير وفي جهتها المتجهة جنوبا مزار الشيخ تراب العينتابي الخلوتي النقشبندي القادم حلب سنة ١١٩٣ والمتوفي سنة ١٢٠٦ والذي وقف عليه الدار المذكورة زاوية هو عبدي باشا والي حلب المتقدم ذكره في الكلام على مسجد النبي ووقف عليها عدة عقارات في محلة ساحة بزه ولما كان الشيخ تراب حيا بايعه الشيخ (محمد وفا بن محمد بن عمر) ولازمه فأحبه الشيخ وخلفه فلما توفي خلفه من بعده في هذه الرواية وأضاف وقفها عدة عقارات وشرط مشيختها وتوليتها من بعده لعقبه ولهذه الزاوية بابان أحدهما موجه جنوبا على الجادة الكبرى وهو حادث الآخر موجه غربا على جادة الخسروية ويوجد تجاه هذا الباب بميلة عمارة متهدمة أظنها خانقاه سنقر شاه.

المكتب الرشدي العسكري

محله في جنوبي جامع الحيات المعروف قديما بالناصرية يفصل بينهما عرض الطريق وكان في محل هذا المكتب دار جميلة شهيرة يملكها بنو العكام ثم اشترتها الحكومة واستعملتها إصلاح خانه ثم ألغيت الإصلاح خانه وهدمت الدار عن آخرها وعمرت مكتبا وذلك في حدود سنة ١٣٠٠ وفي هذه السنة نسف التل العظيم الذي كان يضاهي جبلا صغيرا الكائن في

١٠٤

جنوبي الدرب الذي يدخل منه إلى سوق الضرب فردم به جانب من الخندق تجاهه وبوشر في محله بعمارة مستشفى للغرباء وجمع للإنفاق عليه إعانة من ولاية حلب ما ينوف على ألف وخمسمائة ذهب ونزلت حجارته من خراب القلعة وبلغ العمل نحو نصفه ثم تعطل وبقى ملجأ للصوص ثم أكملت عمارته أيام الوزير رائف باشا والي حلب وفتح لمرضى الغرباء والفقراء وخصص لنفقاته مقدار كاف من رسوم زوارق بيرجك (١).

سبلانها

سبيل سماقية في وسط ساحة بزه بحضرة الحمام وهو بئر عليه شبه قبة مكتوب على قنطرته أن الذي أنشأه السيد محمد بشير سنة ١١٧٣ وله دار موقوفة عليه في الساحة المذكورة.

(قسطل) في جنوبي هذا السبيل في الساحة المذكورة له دكان ملاصقة له (قسطل الكبيسي) : الفاصل بين المحتلين ينزل إليه بدركات ولم أقف له على خبر وليس له شيء من الأوقاف : (قسطل) ملاصق جامع الرومي من شرقيه (قسطل تجاه جامع السفاحية) لصيق حمام ميخان في جهتها الجنوبية (سبيل) في زقاق النبي في الصف الموجه شمالا (قسطل) في زقاق الخريزاتي تجاه مزاره بميلة إلى الشمال (سبيل) ملاصق زاوية الشيخ الأخضر تجاه جامع الموازيني وسبيل في سوق النحاسين تجاه أقميم الحمام وسبيل في السوق المذكور بين خان العبسي وخان البرغل وسبيل تجاه خان العلبية وسبيل في أوائل سوق الضرب شرقي الشادبختية له شيء من وقف الحاج عبد الرحمن بن صالح المعروف بابن الحداد الأبرادي الذي وقفه سنة ١١٨٧.

خاناتها وقيسرياتها

خان العلبية وهو يضاهي خان الكمرك القديم وخان الفرايين وقاسارية الفرايين وخان النحاسين وكلها مملوك علوها بطريق المرصد وقاسارية العلبية وقد فتح لها باب جديد في جانب باب العدلية العالي من شماليه وكلها جارية في أوقاف محمد باشا دوقه كين المعروف

__________________

(١) بيرجك هي مدينة البيرة.

١٠٥

بالعادلي وخان العبسي وهو من أوقاف الأحمدية وخان البرغل وهو من أوقاف الكواكبي وجميع هذه الخانات تجارية وثلاثة خانات متلاصقات في جنوبي سراي منقار عمرها ابن الوكيل أحد التجار المسيحيين وقد احتكر أرضها من متولي أوقاف الحرمين وذلك في سنة ١٢٩٠ تقريبا وهي معدة لوضع الغلات والصوف ونحوهما من البضائع العظيمة الجرم ثم آلت بطريق الشراء إلى أحد ذوي الأملاك من المسلمين.

حماماتها

حمام الساحة بزّة في جنوبيها ويقال إن الذي بناه هو سيف الدولة علي بن حمدان.

وحمام ميخان تجاه جامع السفاحية. وحمام النحاسين المعروف قديما بحمام الست جار في أوقاف الخسروية كما سلف ذكره.

مدرها

مدار في شرقي ساحة بزة ، ومدار في جادة زقاق ساحة بزة لصيق الزقاق التابع محلة داخل باب النيرب ، ومدار في زقاق الفستقة.

أفرانها

فرن في زقاق ساحة بزة ، وفرن السراي لصيق موضع جامع الخيمي ، وفرن جامع العجي لصيق زقاق الفستقة ، وفرن في زقاق السفاحية.

بيوت القهاوي

قهوة الحرمي في الساحة المذكورة وقهوة أخرى باتصالها من أوقاف جامع العجي وقهوة المحمص لصيق جامع العدلية من غربيه أحدثت جديدا وألحقت بأوقاف الجامع المذكور وهي من القهاوي المشهورة.

تنبيه : كان يوجد تحت القلعة من هذه المحلة دار النيابة ومكتب السلطان حسن وخانقاه القصر ودار لبني الشحنة ومدرستهم ودار الحديث وزاوية الطواشي ودرب الملك الحافظ

١٠٦

والزقاق المبلط وبه الغوثية وخط سوق الخيل ويعرف قديما بباب القوس وفيه الحمام الناصري وحارة البهائي وكان إلى جانب الخندق لصيق دار العدل (موضع مستشفى الغرباء) الخانقاه القديم أنشأه نور الدين سنة ٥٤٣ وكان خانقاه حافلا وجاور به عدة من السادة الصوفية منهم العلامة شهاب الدين أبو عبد الله عمر بن محمد السهروردي المنتهى نسبة إلى أبي بكر الصديق صاحب عوارف المعارف وقد ترجمه الذهبي ترجمة طويلة وأطنب في عمله وزهده وقال إنه توفي في مستهل محرم سنة ٦٢٢ وكان قرب المدرسة السلطانية خانقاه القصر أنشأه نور الدين سنة ٥٥٣ وكان مكانها خانقاه قصر شجاع الدين فاتك وكان في جنوبي دار العدل (مستشفى الغرباء الآن) خانقاه أنشأه الأمير علاء الدين طاي المتوفي سنة ٥٥٠ وإلى جانبها قاعة مكتوب على بابها (هذا ما وقفه علاء الدين طيبغا على الخانقاه) وكان قرب هذه الخانقاه خانقاه أنشأها سنقرجا النوري مكتوب عليها (عمر هذا الرباط في دولة أبي القاسم محمود بن زنكي مولاه سنقرجا من ماله ووقفه على فقراء العرب وزهادهم سنة ٥٥٤ صنعه عيسى بن علي) وإلى جانب هذا الرباط قاسارية مكتوب عليها أسست هذه البنية في أيام العادل محمود برسم منافع الخانقاه المجاهدية الملاصقة المتولي شادبخت وقفا مؤدبا سنة ٥٦٤.

الأسر الشهيرة في هذه المحلة

من الأسر الإسلامية القديمة في هذه المحلة أسرة بني العادلي المعروفة قديما بأسرة دوقه كين وهي لم تزل أسرة شابة في ثروتها ووجاهتها ومن نبهاء رجالها ووجهائهم المعاصرين فؤاد بك أكبر أنجال المرحوم أحمد بك ابن محمد بك ومن الأسر القديمة التي بلغت طور الهرم والشيخوخة في هذه المحلة أسرة كوجك علي آغا والد مصطفى نعيما صاحب كتاب الروضتين التركي العبارة الذي تكلمنا عليه في ترجمته. ومن وجهاء هذه المحلة السيد راجي جاسر أحد أعضاء مجلس بلدية حلب وهو من الرجال النبهاء وله مشاركة في كتب الأدب ومحاضرات جميلة من النظم والنثر. والدور العظام في هذه المحلة دور بني العادلي ودار المعصراني ودار بني الجالق والأسرتان الأخيرتان كانتا من الأسر التجارية الشهيرة في حلب.

١٠٧

محلة الفرافرة (د)

عدد بيوتها ١٤٤

الذكور

الإناث

المجموع

الأقوام

٥١٠

٥٩٥

١١٠٥

مسلمون

وتسميتها بهذا الاسم حادث وكانت تعرف قبل القرن الحادي عشر بالمعقلية يبتدئ خطها من جنوبيها بالمدرسة الإسماعيلية الكائنة شمالي القلعة قرب تكية القرقلار وينعطف غربا ويمشي حتى يصير جنوبي الناصرية المعروفة في زماننا بجامع الحيات فينعطف شمالا ويمشي في هذه الجادة حتى يصل إلى شرقي قسطل السياف المعروف بقسطل أبي شرابة في حضرة المحكمة الشرعية وجامع المهمندار المعروف بجامع القاضي فينعطف شرقا ثم شمالا ثم شرقا حتى يصل إلى آخر زقاق المشنطط فيثب جنوبا إلى الشرق حتى يخرج من تجاه المدرسة القرناصية فيستقيم جنوبا حتى يصل إلى المدرسة الإسماعيلية.

آثارها

المدرسة الإسماعيلية

تقدم ذكر محلها وكان في موضعها قبلا مسجد يعرف بمسجد الصبارة وهي مدرسة جميلة مشهورة عامرة لها باب من شماليها يصعد إليها بدرجات ولها باب من غربي ميضأتها مغلق في أكثر الأوقات : باني هذه المدرسة هو (إسماعيل بك بن محمد أنطرمه لي) وقد وقف لها مزرعة ابن أبي مشكور قرب قلعة خانتومان (١) وعدة بساتين قربها من جنوبيها وأرض المغاير قرب خانتومان من غربيها وعدة أراض قرب المزرعة المذكورة وزيتونا في

__________________

(١) لعل الغزي يقصد الخان الموجود بقربه خانطومان.

١٠٨

أرمناز وبستان القبار ودارا داخله وكان جاريا في أوقاف نصوح باشا عظم زآده وهو في شمالي حلب وطاحونا في قرية الشيخ أحمد (١) وطاحون هواء بظهر جبل الخناقية في ظاهر حلب وخمسين نسخة كتاب وغير ذلك وشرط عدة خيرات لمدرسته ذكرنا بعضها في ترجمته.

زاوية النسيمي

محلها قرب الإسماعيلية في غربيها وكانت مسجدا قديما فلما قتل (عماد الدين النسيمي) سنة ٨٢٠ دفن فيه. ثم في تاريخ ٩١٠ جدده المرحوم السلطان قانصوه الغوري وهو الآن عمارة مستطيلة شرقا إلى الغرب يبلغ سماويها ستين ذراعا في بضعة عشر تقريبا في شرقيه حجرة وفي جنوبيها قبلية وفي غربيها قبلية أخرى في شمالي غربيها قبر عماد الدين المذكور. ووراء هذه القبلية من غربيها سبيل حافل له شباكان على الجادة وفي غربي السماوي قبور جماعة من الخلفاء الخواجكية ومنهم الشيخ (مصطفى بن عبد اللطيف الخواجكي) وغلة أوقاف هذه الزاوية تبلغ الآن بضع آلاف قرش : مكتوب على حجر في ظاهر الجدار مما يلي تحت القلعة وراء القبلية جدد هذا المسجد المبارك وراء خندق القلعة المنصورة مولانا السلطان الملك الأشرف أبي النصر قانصوه الغوري عز نصره سنة ٩١٠.

مسجد الشيخ فرج

على الجادة غربي القلعة قرب حمام السلطان في جنوبيه وهو سماوي فيه حجرتان متهدمتان وفي شماليه قبة فيها قبر يقولون إن الدفين فيه هو الشيخ فرج وهو الآن معطل يسكنه بعض الفقراء ولا نعرف له وقفا.

المدرسة الحسامية

في غربي القلعة تحتها على الجادة وراء جامع الناصرية أنشأها الأمير حسام الدين (محمود بن الختلو) جد بني الشحنة وأنشأ إلى جانبها من جهة الشمال مسجدا وهي الآن سماوي يبلغ عشرين ذراعا في ثمانية تقريبا وعلى يمنة الداخل إليها حجرة صغيرة وفي الجهة الغربية

__________________

(١) قرية تابعة إلى مخفر زمار من منطقة جبل سمعان التابعة إلى محافظة حلب.

١٠٩

حجرتان صغيرتان أيضا وفي الجهة الجنوبية قبلية على طول السماوي في عرض ستة أذرع تقريبا ولا يعرف لها الآن وقف ولا يقرأ فيها درس ولها باب ذو ثلاثة أحجار سود وفي سنة ١٢٨١ جدد لها باب خارجي مكتوب عليه : جددت مدرسة بني الشحنة في أيام صاحب الدولة حضرة ثريا باشا والي حلب أدام الله تعالى إجلاله عن يد الحاج يوسف والحاج عبد القادر حسبي الحسيني سنة ١٢٨١ : والمسجد المذكور الذي كان إلى جانبها الشمالي لا أثر له وصار في محله دور مملوكة للناس.

جامع الناصرية

هو في رأس الجادة الكبرى الآخذة شمالا إلى جهة خان قورد بك وقد تقدم لنا في الكلام على اليهود أنه كان كنيسة لهم وكان يسمى بكنيسة مثقال إلى آخر ما قلناه ولما حكم بهدمها (محمد بن علي بن عبد الواحد الزملكاني) هدمت وجعلت مدرسة ونسبت إلى سلطان الوقت الملك الناصر واشتهرت بالناصرية ثم أقيمت بها الجمعة واستمرت إلى أن أحرق في فتنة تيمور سقفها وتشعث حالها وانقطعت منها الخطبة فأصلحها قاضي القضاة علاء الدين خطيبها وابن خطيبها وأكمل عمارتها وأقام بها الجمعة وفي سنة ٨٣٣ وقف عليها وقفا عظيما أكثره مسقفات أبو عبد الله خطيبها محمد بن الخطيب الناصري الشافعي الطائي ثم أجرى إليها الماء من قناة حلب (عبد الله بن مشكور) وعمر في وسطها حوضا ينزل إليه الماء بدركات.

وأما تسميته بجامع الحيات فلصور حيات في قنطرة بابه. وهو الآن عمارة لها صحن يبلغ بضعة عشر ذراعا في مثلها وفي وسطه الحوض المذكور وفي غربي شماليه صهريج وفي جنوبيه قبلية بنسبته وفي شرقيه رواق في صدره الحجر المحرر بالقلم الآشوري واللفظ العربي الذي قدمنا ذكره في الكلام على اليهود وفي شماليه رواق من شرقيه باب يدخل إلى مطهرة وفي غربيه ثلاث حجرات وفوق بابه منارة صغيرة وجميع مبانيه متوهنة محتاجة إلى الترميم وله أوقاف جزئية تبلغ بضعة آلاف قرش تحت تولية امرأة تزعم إنها من ذرية الواقف خطيب الناصرية وتصلى فيه الخمس والجمعة ويوجد في شمالي باب هذا الجامع بينه وبين العصرونية مكان أشبه ما يكون بالمدرسة مشتمل على بعض الحجرات يسكنها بعض المهاجرين وهو مربع الصحن يبلغ عشرة أذرع في مثلها وأظنه كان مدرسة للناصرية وله باب إليها وفي

١١٠

تاريخ بن الملا أنه يوجد تجاه الناصرية مدرسة تعرف بالشهابية من مدارس الحنفية وأنه بالقرب منها المدرسة القلقاسية ووقف كل منهما أربعة أفدان بقرية الملوحة وبالقرب منهما المدرسة الكاملية : قلت لا أثر الآن لهذه المدارس بل تجاه الناصرية سبيل يتصل به من شماليه خان الوزير ومن جنوبيه دور يتصرف بها أهلها.

العصرونية

محلها على الجادة في شمالي الناصرية وشرقي خان الوزير قال ابن شداد في الكلام عليها :كانت دارا لأبي الحسن علي بن أبي الثريا وزير بني مرداس فصيرها الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بعد انتقالها إليه بالوجه الشرعي مدرسة وجعل فيها مساكن للمرتبين فيها من الفقهاء وذلك في سنة ٥٥٠ واستدعى لها من جبل بناحية سنجار الشيخ الإمام شرف الدين أبا سعد عبد الله بن أبي السري محمد بن هبة الله بن المطهر بن علي بن أبي السري التميمي الحديثي ثم الشافعي وكان من أعيان فقهاء عصره ولما وصل إلى حلب ولي تدريس المدرسة المذكورة والنظر فيها وهو أول من درس بها فعرفت به وصنف كتبا كثيرة في المذهب والخلاف والفرائض مشهورة في أيدي الناس وبنى له نور الدين محمود مدرسة بمنبج ومدرسة بحمص ومدرسة ببعلبك ومدرسة بدمشق وفوض إليه أن يولي تدريسها من شاء ولم يزل متوليا أمر هذه المدرسة تدريسا ونظرا إلى أن خرج إلى دمشق سنة ٥٧٠ وتوفى بها. اه.

قلت وقد تقلبت عليها الأعصار والأدهار حتى ضاع معظم أوقافها وأشرفت المدرسة على الخراب وأغلق بابها مدة قرنين. ثم في حدود سنة ١٢٨٠ عمر المتولي عليها قبليتها وبقيت مغلقة إلى سنة ١٢٩٩ فعمر فيها من غلة وقفها مكان واسع على يمنة الداخل إليها اتخذته الحكومة مكتبا ابتدائيا : مساحة سماوي هذه المدرسة الآن عشرون ذراعا في مثلها. وفي الجهة الشرقية منها مصيف على طول السماوي في عرض بضعة أذرع وفي الجهة الغربية أربع حجرات جديدة البناء وفي الجنوبية قبلية في شرقيها حجرة في شرقيها باب يدخل منه إلى ميضأة واسعة وفي غربي القبلية مغارة لها باب إلى السماوي وإذا دخلت من باب المدرسة رأيت فسحة في جنوبيها فيها المكان الذي تعلم فيه الأطفال وفي شماليها الغربي حوض عال تجاهه بئر وقد عمرت على مصيفها دار فتح لها باب على الجادة : وأوقافها الآن أراض جزئية تجبى من قبل محاسبة الأوقاف وذكر بن الشحنة أن من أوقافها نصف سوق التجار بالعصبية الكبرى شركة المؤيدية بالقاهرة وحوانيت سوق الذراع وأحكار دكاكين بسوق السقطية

١١١

وحكر حمام علي بسويقة علي العريقي وأحكار في ظاهر باب النصر عند أراضي بش قبه تعرف بدرب عزاز وأحكار في ظاهر باب انطاكية بالكلاسه وعشرون قيراطا من قرية مرعناز وغير ذلك.

المنصورية

محلها في هذه الجادة في شمالي العصرونية تبعد عنها بضعة عشر ذراعا وبابها متوجه إلى الغرب وسماويها يبلغ ثلاثين ذراعا في مثلها تقريبا في وسطه حوض مربع فوق عشر بعشر في جانبه الشرقي والغربي حديقتان وفي شماليه صفة فيها قبران فيهما خليفتان للشيخ منصور وفي الجهة الجنوبية من السماوي إيوان عظيم في صدره وجانبه ثلاث قباب وفي الجهة الغربية قبلية في شماليها قبر الشيخ منصور وفي الجهة الشمالية دار يدخل إليها من السماوي جارية في أوقاف هذه العمارة وفي الجهة الشرقية حجرة واسعة متهدمة تحتها قبو في جانبها الجنوبي باب يدخل منه إلى دار جارية في الأوقاف المذكورة وفي دهليز هذه العمارة على يمنة الداخل حجرة صغيرة وفوق القبلية وقبة الإيوان غرفة واسعة عظيمة أدركناها مكتبا رشديا إلى أن الغيت المكاتب الرشدية في مراكز الولايات سنة ١٣٠٩ فاستعملت مكتبا ابتدائيا أهليا يأخذ أجرة على التعليم.

خلاصة كتاب وقفها

الواقف الشيخ منصور بن مصطفى وقف قاسارية المدار في الزقاق الشمالي خارج باب النصر ونصف قاسارية في الزقاق المبلط داخل باب النصر غربي فرن السيد يحيى وشرقا قاسارية الحموي وقاسارية في زقاق عبد الحي خارج باب النصر ودارا بمحلة العقبة وخمس حجرات عليا في قاسارية الحكاكين بسوق الطيبية على مصالح مدرسته والمسجد الواقع بها التي كانت دارا فوقفها مدرسة ومسجدا.

شروطه

شرط أن يصرف بعد التعمير والترميم في كل شهر ٣٠ قرشا لثلاثين قارئا يختمون في كل صباح ختما في مدرسته وخمسة قروش لرئيس القراء ليقرأ في كل يوم في مدرسته

١١٢

درسا في فن تجويد القرآن الكريم وخمسة عشر قرشا ليدرس في مدرسته سائر الفنون وخمسة قروش لأمين كتب وعشرة قروش لمن يكون شيخا وخليفة في مدرسته على الطريقة القادرية وخمسة قروش لناشد في الخلوة الأربعينية وغيرها من الأذكار التي تكون في مدرسته ويؤذن أوقات الصلوات في أيام الخلوة وغيرها وخمسة قروش لخادم مسجده ومدرسته وفي السنة ستون قرشا يشتري بها الجامع والمدرسة حصر وبسط ومناديل وزيت وشمع وغير ذلك وفي الشهر عشرة قروش لزوجته ما دامت عزبة في قيد الحياة وعشرة للمتولي وهو الذي ينصب الموظف ويعزله بجنحة ولا تفرغ وظيفة ولا تؤول إلى ولد الموظف إذا لم يكن أهلا لها إلى آخر ما سطر فيه حرر في اليوم السابع من شهر ذي القعدة سنة ١٢٠٦. أقول كانت وفاة الواقف الشيخ منصور في ١٤ صفر سنة ١٢٠٨ ، وأما عمارته فهي الآن معطلة عن إقامة الدروس وغيرها كما شرط وقد ضاع بعض أوقافها واتخذت مكتبا ابتدائيا كما قدمناه.

جامع الدليواتي

محله تجاه المنصورية بميلة إلى الشمال وهو مسجد قديم يبلغ صحنه خمسة عشر ذراعا في مثلها وفي وسطه حوض صغير وفي شماليه حجرات متهدمة وفي غربيه حجرة صغيرة عامرة يصعد إليها بدرج وفي جنوبيه قبلية في شرقيها قبر الرجل الصالح (أبي بكر المصري الحلبي الصوفي الدليواتي) وإليه ينسب هذا الجامع وقد مرت عليه الأيام والليالي وأشرف على الخراب وأغلق بابه مدة طويلة إلى أن كانت سنة ١٣٢٠ انتدب لعمارته محمد أسعد باشا ابن (علي أفندي الجابري) فصرف عليه من ماله مبلغا ورمه مرمة تستحق الذكر وزاد فيه عدة خلوات لطلاب العلم أجرى لهم معلوما من ماله.

مسجد أزدمر

محله قبلي خان قورد بك إلى الشرق وهو مسجد قديم وكان له مدرسة لم يبق لها عين ولا أثر وكأنها دخلت في الدور التي تجاوره وأظنه منسوبا إلى (أزدمر بن مزيد) هو الآن سماوي يبلغ سبعة أذرع في مثلها تقريبا وفي جنوبيه قبلية وعلى بابه سبيل تقام فيه الصلاة وكان محمد أسعد أفندي ابن عبد القادر الجابري شرط له عدة خيرات في وقفه ثم رجع عنها لأن والي حلب ودفتر دارها إذ ذاك عينا له في الشهر ٧٥ قرشا فشرط محمد أسعد

١١٣

المومى إليه أن يدفع له هذا المبلغ من وقفه إذ انقطع ما عيناه له وشرط له قراء وقت الصبح. مكتوب على نجفة باب قبليته الذي يلي السماوي. هذا مسجد الشيخ أزدمر عليه الرحمة والرضوان سعى بتجديده بعد اندثاره الفقير المحتاج لعفو ربه الحاج أحمد الخفاف في غرة رجب سنة ١١١٢.

مسجد الشاذلي

في زقاق بيت الحاج شفيق وربما عرف بمسجد الشيخ المصري له سماوي يبلغ بضعة عشر ذراعا في مثلها في وسطه حوض صغير وفي جنوبيه قبلية وفي شرقيها مصيف وهو معطل تعلم فيه الأطفال ولا يعرف له وقف.

المدرسة الهاشمية

محلها في غربي الزينبية تجاه خانقاه الملك الناصر عمرها هاشم أفندي بن مصطفى بن طه آغا الدلالباشي من ذوي الأملاك في حلب على أثر مسجد قديم فبنى فيها اثنتي عشرة حجرة ما بين سفلى وعليا وقبلية وحوضا في وسطها وعزم على أن يقف عليها فطلب منه أحد الطلبة أن يعينه في وظيفة التدريس وأحضر له عدة رقاع من كبار موظفي الحكومة يلتمسون منه تعيينه فأشمئز من ذلك وفترت همته وصرف نظره عن أن يقف على المدرسة شيئا وكانت مباشرته بتعميرها سنة ١٣٠٨.

الزينبية

محلها تجاه الخانقاه الناصرية في شرقي المدرسة الهاشمية واتصالها هي عمارة متسعة تبلغ خمسين ذراعا في مثلها تقريبا في وسطها حوض مربع فوق عشر بعشر وفي قبليها مدفن فيه عدد وافر من القبور وله نوافذ على الجادة وفي شمالي هذا المدفن إلى الشرق قبلية وفي شمالي السماوي حجرة ومطهرة فوقهما غرفة تعلم فيها الأطفال وفي غربي القبلية مما يلي السماوي منارة قصيرة. هذه العمارة الآن متوهنة ومعظم شعائرها معطلة وتقام فيها الصلاة والجمعة.

١١٤

خلاصة كتاب وقفها

الواقفة زينب خانم زوجة الجانبلاد الخواجه منصور الشهير بابن حطب ، وقفت عدة أفدان من قرية أرحايوس في قضاء حارم ونصف مزرعة ثلاش في القضاء المذكور وطاحونا عند جسر الأنصاري ظاهر حلب مشتملا على حجرين ونصف طاحون زنبور على نهر قويق قرب خان طومان ، وأرضا في قربه وثلاثة قراريط من طاحون بحورتا في قضاء كلّس ، ونصفا من اثنى عشر من مزرعة الورد المعروفة بكفره من أعمال عزاز في قضاء كليس وخمسة قراريط وسدسا وثلاثة أرباع القيراط من مزرعة بارونس في القصير من أعمال انطاكية وربع قيراط وثمنه من كشف برنه في قضاء الزاوية وغير ذلك من الأراضي في قرى متعددة وثمانية عشر قيراطا من حمام الكلاسة بحلب وجميع الحوانيت المتلاصقات في سويقة على قرب المدرسة التفاوية وجميع الفرن الموجه إلى سيدي منصور بن حطب برأس الزقاق الداخل إلى محلة اليهود ودكانين متلاصقين في الصف الشرقي من سوق الصابون وعدة قطع زيتون وتين في عدة قرى.

شروطه

شرطت أن تصرف غلة هذا الوقف على تعمير جامعها ومصالح المكتب داخله وأجرة الخطيب والإمام والمؤذن والخادم والفراش وثمانية حفاظ يقرأ كل واحد منهم جزءا في جامعها كل يوم وأن يفرق كل يوم على ثمانية أيتام في مكتبها المذكور رطل خبز وثمن زيت الجامع وبقية نفقاته وما فضل بعد ذلك فلأولادها وأولاد أولادها إلخ ، وبانقراضهم فإلى الحرمين ثم إلى الفقراء والتولية من بعد انقراض الذرية مفوضة لرأي الحاكم تحريرا في ذي الحجة سنة ١٠٠٣.

الخانقاه الناصرية

محلها تجاه الزينبية وهي خانقاه عظيمة واسعة مشتملة على بضع عشرة حجرة وقبلية وحوض ولكنها الآن مشرفة على الخراب يسكنها العتقاء السود ونسبتها إلى الملك الناصر لأنها بقيت في أيامه لا لأنه هو الذي عمرها وإلّا فبانيها غير معروف مكتوب على بابها بعد البسملة (وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. إلى قوله تعالى :

١١٥

لغوب. أنشئ هذا الرباط المبارك في أيام مولانا السلطان الملك الناصر صلاح الدنيا والدين يوسف بن أيوب ناصر أمير المؤمنين في شهور سنة خمس وثلاثين وستمائة).

المدرسة الشعبانية

محلها في الجادة المنسوبة إليها ، وهي مدرسة عظيمة عامرة تشتمل على صحن واسع يبلغ خمسين ذراعا في مثلها تقريبا في وسطه حوض مربع يبلغ بضعة عشر ذراعا في مثلها قد حف من شماليه وشرقيه وغربيه بحديقة جميلة وفي جنوبي الحوض إلى شرقيه صهريج واسع حفره وأنشأه المرحوم (تقي الدين باشا) سنة ١٢٦٩ من وصية والده المرحوم (عبد الرحمن أفندي المدرس) ووقف على مصالحه دكانا في سوق العبي وفي غربي الصحن وشرقيه رواقان ممتدان من الشمال ألى الجنوب داخلهما سبع وعشرون حجرة للمجاورين وفي جهته الشمالية دار للتدريس وهي قبة عظيمة واسعة وفي شرقيها حجرة واسعة وفي غربيها مطبخ في جانبه الغربي حجرتان في غربيهما مطهرة المدرسة وفي جنوبي الصحن قبلية في شرقيها رواق واسع وفي غربيها مدفن ومسجدها تقام فيه الصلوات والجمعة (١).

خلاصة كتاب وقفها

الواقف (شعبان آغا محصل أموال حلب بن أحمد آغا) وكان محل المدرسة وجامعها عرصة خالية اشتراها واقفها من محمد بك الجانبلاد فعمرها وعمر في جنوبيها إلى الشرق مكتبا لتعليم الأطفال ووقف لذلك طاحونا على نهر قويق قرب مزرعة لبيبه وآخر في قرية زيتان يعرف بطاحون زنبور وآخر في قرية كفر زيته على عين مبارك كلها في ناحية جبل سمعان وآخر على نهر المضيق قرب قلعة المضيق وآخر قرب قرية دويبق في ناحية عزاز ومن أوقاف هذه المدرسة الفرن المجاور لها في جنوبيها إلى الشرق وخان خارج باب انطاكية يعرف بخان الفاخورة.

__________________

(١) اجتزأ قسم من الشعبانية أثناء فتح الشارع المعروف بشارع السجن ، أقيمت حديثا على الواجهة المحاذية للشارع المذكور مجموعة من الدكاكين.

١١٦

شروطه

شرط التولية من بعده لأرشد أولاده وذريته ، وبانقراضهم فللأرشد الأقرب من عصباته وبانقراضهم فللأرشد الأقرب من ذوي أرحامه وبانقراضهم فإلى مفتي حلب وأن يبدأ من غلة الوقف بتعمير وترميم مدرسته ثم يعطي في كل سنة ٢٠٠ قرش أسدى للمتولي وإذا آلت التولية إلى المفتي يعطى في السنة ١٠٠ قرش أسدى ويعطى في كل شهر ثلاثة قروش أسدية للأمام وثمانية للمدرس بشرط أن يكون عالما بالمعقول والمنقول وأن لا يكون مسقط رأسه وتربيته في حلب ولا في إيالتها ويقرأ في المدرسة صباح كل يوم وأسدى ونصف لكل واحد من الطلبة بشرط أن يكونوا ثلاثين شخصا مسقط رأسهم وتربيتهم في غير حلب وإيالتها فيسكنون في الحجرات المذكورة كل واحد بحجرة ويجتمعون بعد صلاة الصبح ويختمون ختما شريفا يهدون ثوابه على الصيغة المعلومة والداعي هو الإمام وشهريته على ذلك أسديان وثلاثة أسديات لمعلم الأطفال في مكتبه المذكور وشرط أن يعين من المجاورين المذكورين حافظ ربعة ونقطه جي ويعطى شهريا أسديا ومؤذنان في مسجده لكل أسدي في الشهر وبواب للباب البراني شهريته أسدي وقيم لقبلية المسجد شهريته أسدي وآخر لصحن المدرسة والجامع المطهرة شهريته أسدي وأن يعطى للقنوي الذي يسوق الماء كل يوم أسدي في الشهر ولبستاني الحديثة الكائنة في صحن المدرسة أسدي ولمعمار الوقف أسديان إن اشتغل في الشهر يومين أو ثلاثا فإن اشتغل أكثر من ذلك فيدفع له أجرة المثل ولوكيل المتولي أسديان ولكاتب له أسدي وللجابي أسدي وأن يشتري بثمانية قروش سنويا زيت للجامع داخلا وخارجا وبستة قروش شمع عسلي يوقد في الجامع في رمضان وبثلاثة قروش مكانس وسطول للمطهرة وأباريق لها وبقرشين قناديل داخلا وخارجا وبأربعة قروش حصر للمدرسة والمسجد وأن يوقد في المطهرة قنديل طول الليل وأنه ما فاض من غلة الوقف يوضع عند أمين ومن تزوج من المجاورين في حلب أو سافر عنها تنحل وظيفته وتوجه على أقدم مجاور بمعرفة وكيل المتولي إلى آخر ما شرط تحريرا في منتصف رمضان سنة ١٠٨٨ : هذه المدرسة الآن من أعمر مدارس حلب بعد المدرسة الرضائية.

المدرسة السيافية

محلها في رأس الجادة النازلة إلى المدرسة الشعبانية في حضرة مكتب شعبان آغا المتقدم

١١٧

ذكره وهي من المدارس العامرة وكان في محلها مسجد يقال له مسجد طولون فعمره مدرسة إبراهيم آغا رئيس البوابين بالباب العالي السلطاني بن السيد عبد الله آغا السياف وهي صحن طوله نحو عشرين ذراعا في عرض عشرة في جهته الشمالية والشرقية ست حجرات وفي جهته الجنوبية قبلية تقام فيها الصلوات ولها ميضأت ينزل إليها بدركات ضمنها قسطل.

خلاصة كتاب وقفها

رأيت صورة الكتاب المذكور في السجل المحفوظ متوّجا بهذه الأبيات وهي :

ما فيه من وقف ومن شروط

جرى على وجه الرضى المبسوط

فالله يجزي الواقف الأجورا

إذ سعيه كان به مشكورا

أخبرني به وعنه نائبي

ومن غدا منتصبا من جانبي

وأنه بالوقف تأييدا حكم

بصحة ومع لزوم ما برم

إذ كان فيه عالم الخلاف

ما بين أهل العلم بالأوقاف

وإنني من بعد ما ارتضيته

نفذت هذا الحكم بل قضيته

أنا الفقير رازقي علي

ابن الشريف مصطفى نوري

ابن محمد أمين القاضي

بحلب صينت عن الأعراض

أعطاهما مولاهما خير الطلب

عفى الإله عنهما في المنقلب

والوقفية مفتتحة بعد البسملة بقوله : الحمد لله الذي وفق من شاء لسلوك منهج الخيرات إلخ ثم وقف فيها دار سكناه بمحلة الفرافرة وتعرف بدار الشيخ هاشم الكلاسي قبلة وشرقا الطريق وغربا طريق زقاق القنايات ودارا بزقاق عبد الرحيم بمحلة الجمال (ساحة التنانير) قبلة وشمالا البوابة وشرقا الطريق ودارا بمحلة الأكراد خارج باب النصر شمالا الطريق ودارا بالمحلة المذكورة غربا الطريق ودارا بمحلة الطبلة قبلة بجامع الزكي وشرقا بأوج خان وشمالا بالبوابة وغربا بالقاسارية ونصف دار بمحلة الفرافرة قبلة وشمالا وغربا الطريق وشرقا دار لذويها وتمامه مسجد الشيخ فرج الكائن تحت القلعة ونصف جنينة بالدار المذكورة ونصف مصبنة في البندرة قبلة بجنينة عبد السلام وشمالا الطريق وأحد عشر قيراطا من مصبنة أوج خان في محلة المرعشي شمالا الخان المذكور وشرقا قاسارية وقف جامع الزكي وتسعة قراريط ونصف من الخان المذكور وثمانية قراريط وثلث القيراط من البستان الوسطاني في قرية كفر

١١٨

لاتا (١) في قضاء ريحا وقيراطين من البستان الفوقاني في القرية المذكورة وقيراطين من بستان السطر فيها أيضا وبستان الجوبي في خط الحريري بأرض مزرعة باصفرة بالقرب من عين التل في ظاهر حلب المقدرة بثلاث كدنات (٢) وجميع الجفتلك (٣) بأرض قرية كفر لاتا وأرض البياض التابعة للجفتلك المذكور وعدة أراض عامرة في هذه القرية ودكانا بسوق العطارين بحلب في الصف الشمالي ودكانا بسوق داخل باب النصر بحلب في الصف الغربي ودكانا بسوق محلة الفرافرة قرب المحكمة الشرعية بالصف القبلي شرقا القسطل المعروف بالواقف وشمالا الطلايق وغربا دكان وقف جامع المهمندار ودكانا بسوق داخل باب النصر بالصف الغربي ودكانا بالزابوق العتيق بسوق البالستان شرقا وشمالا الطريق ودكانا في سوق الصابون بالصف الغربي شمالا باب سوق القاوقجية ودكانا بزابوق سوق القاوقجية المعروف بسوق الطارابيشية بالصف الشرقي شرقا دكان وقف الزينبية.

شروطه

شرط التولية على نفسه ثم على عمه الحاج أحمد آغا ثم من بعده فعلى أولاد الواقف وأعقابه وبانقراضهم فعلى أتقى رجل من الفقهاء الحنفية وأن يبتدئ من الغلة بتعمير مسجد طيلون وشراء ما يلزمه وتعمير قسطله أي قسطل الواقف بالقرب من المحكمة الشرعية وما فضل يدفع منه في كل شهر ٢٥ قرشا إلى خمسة يقرءون خمسة أجزاء كل يوم في المسجد المذكور و ٣٠ إلى المدرس و ١٥ إلى المؤذن و ١٠ إلى مؤدب الأطفال و ٥ لقنوي قسطله المذكور و ٥ لقنوي سبيل الجالق بالفرافرة و ٥ على مصالح جامع القدوري في البندره و ١٠ لناظر الوقف و ١٥ لجابيه و ٥٠ على طعام للفقراء وأن يشتري المتولي في كل سنة مائة ذراع من الخام الإنكليزي ويفرقها على الفقراء ويدفع في كل شهر خمسين قرشا لخمسة طلبة في المسجد المذكور و ١٥ لخادمه و ٥ لنقطجي و ٣ لقنويه و ٦٠ لأربعة حفاظ

__________________

(١) كفر لاتا وتسمى أيضا كتلاتا أو دلاتا وهي في جبل الزاوية الذي يسمى أيضا جبل بني عليم ، وهي تتبع اليوم منطقة أريحا بمحافظة إدلب.

(٢) مفردها كدنه وهي اصطلاح زراعي تبلغ مساحته خمسة آلاف متر مربع.

(٣) الجفتلك : اصطلاح عثماني اطلق على الأراضي الزراعية التي تخص السلطان وتعني أصلا الزوج من الدواب يستأجر من وكيل السلطان لحراثة الأرض.

١١٩

للمقابلة في رمضان في المسجد وما فضل بعد ذلك يقتسمه أولاده بينهم على الفريضة الشرعية تحريرا في سنة ١٢٥٠ مكتوب على بابه :

مجدد هذا المسجد النيّر الذي

بطيلون يدعى بالمهابة والبها

بتوفيق إبراهيم أرخت معهدا

بتجديده نال السعادة والبها

في ر ١٦١ سنة ١٢٤٩

مسجد الحريري

محله في زقاق بني الكتخدا وهو قديم من أيام الملك الظاهر غازي كما يفهم من كتابة على حجرة فوق بابه مما يلي سماويه ثم جدده الملك المنصور قراسنقر الجوكندا ووقف عليه بعض حوانيت كما يفهم من كتابة فوق محراب مصيفه وهو سماوي في غربيه حجرة وفي جنوبيه قبلية في شرقيها مصيف وأوقافه الآن قليلة تصلى فيه الجهرية.

مسجد زقاق القنايات

يعرف بمسجد الحجار لأن الذي جدده (الشيخ أحمد بن قاسم شنون الحجار) وهو سماوي يدخل إليه من باب متجه إلى الشمال وعلى يمنة الداخل ويسرته حجرتان وفي جنوبيه قبلية فيها محراب من النحيت سقفها مقبو بالأحجار ولها نوافذ وشباكان مطلان على سماوي هذا المسجد قد فرشت أرض صحنه فرشا محكما بالرخام الأصفر تبلغ مساحتها خمسة عشر ذراعا في مثلها وهو مسجد نير عامر تقام فيه الصلوات وأوقافه قليلة جدا لا تقوم بكفايته وله في كل شهر ثلاثون قرشا من أوقاف خيرات المرحوم أسعد أفندي الجابري وفي شرقي السماوي قبر أحد الصالحين.

بقية آثارها

مزار الشيخ عبد الله

يوجد في جنوبي بوابة الأرمنازي المتصلة بالمنصورية من جنوبيها حجرة فيها قبر ولها شباك على الجادة مكتوب في نجفته (هذه حضرة ولي الله الشيخ عبد الله الغازي قدس سره في أوائل شهر الحرام سنة ١٠١٧).

١٢٠