الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ٣

الشيخ محمد الصادقي

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمد الصادقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: انتشارات فرهنگ اسلامى
المطبعة: اسماعيليان
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٢

ولو ان منافع للناس في الخمر والميسر تجبر إثمهما ، فلما ذا بعد (فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) وكل إثم يعارض بمثله يسقط عن إثمه ، سواء أكان مثله محرما مثله ، ام واجبا كبيرا مثل كبره ، كأن يجبر الإنسان على أحد أمرين : فعل إثم او ترك واجب هما سيان ، حيث يسقطان عن الحرمة والوجوب ، إباحة مخيرة بينهما قضية حالة الاضطرار في الدوران بين محظورين متساويين متكافئين.

ثم وليست الخمر فقط هي المتخذة من العنب والتمر امّا شابه ، بل هي المتخذة من كل ما تتخذ منه أيّا كان وأيان ، دون اختصاص بالمتخذة منه زمن الوحي ، وقد حرّم في القرآن كل خمر وكل مسكر نصا (١) وكل اثم ولا سيما الكبير منه وأكبره الخمر ، فكل خمر مسكر وكل مسكر حرام وكما في متظافر الروايات على ضوء الآيات.

والخمر هي ما يخمر العقل روحيا انسانيا ، ويخمر الأعصاب جسديا حيوانيا ، فهي ـ إذا ـ تخمر الإنسان ككل وتنزله الى أسفل دركات البهيمية ،

__________________

ـ قال : فو الله ما صبر المهدي ان قال لي : صدقت يا رافضي.

وفي الوسائل ١٧ : ٢٣٧ ـ ٢ عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قال : يأتي شارب الخمر يوم القيامة مسودا وجهه مدلعا لسانه يسيل لعابه على صدره وحق على الله ان يسقيه من طينة بئر خبال قال قلت : وما بئر خبال؟ قال : بئر يسيل فيها صديد الزناة.

وفيه ٢٤٤ ح ٢٥ في العلل بسند متصل عن المفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد الله (عليه السّلام) لم حرّم الله الخمر؟ قال : حرم الله الخمر لفعلها وفسادها لأن مدمن الخمر تورثه الارتعاش وتذهب بنوره وتهدم مروته وتحمله ان يجسر على ارتكاب المحارم وسفك الدماء وركوب الزنا ولا يؤمن إذا سكر ان يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك ولا يزيد شاربها إلّا كل شر.

(١) فآية البقرة والمائدة نصان على تحريم الخمر ، وآية النحل تحرم كل سكر وآية النساء تحرم كل سكر.

٣٠١

حيث «نزع روح الإيمان من جسده وركبت فيه روح سخيفة خبيثة ملعونة» (١).

وهكذا السكر والسّكر ، فإنه ما يخمر أيا كان وقد «نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن كل مسكر ومفتر» (٢) فمفتر العقل والأعصاب ومسكرها خمر ، حين يكون فتورها عن فتور العقل ، ومحور التحريم هو المسكر للعقل ، مهما كان بشرب السكر ، ام كثير الأكل من الحلال لحدّ يسكر ، بفارق ان قليل الخمر ككثيرها حرام دون سائر المأكولات والمشروبات التي ليست هي في حد ذواتها سكرا.

وهنالك في سائر كتابات الوحي نجد التشديد المديد والتهديد الحديد على شرب الخمر ما تلمح له آية المائدة ، وإليكم تصريحات من سائر الوحي (٣) إضافة إلى القرآن العظيم وأحاديثنا (٤).

__________________

(١) الوسائل ١٧ : ٢٣٨ ـ ٤ عن يونس بن ظبيان قال قال ابو عبد الله (عليه السّلام) يا يونس ابلغ عطية عني انه من شرب جرعة من خمر لعنه الله وملائكته ورسله والمؤمنون وإن شربها حتى يسكر منها نزع ...

(٢) تفسير الفخر الرازي ٦ : ٤٢ روى ابو داود عن شهر بن حوشب عن امه سلمة قالت نهى ... (٣) هي خمسة عشر آية اثنتان في الإنجيل (لوقا ١ : ١٥ وبولس الى أقيس ١٨) والباقية في التوراة : (اللاويين ١٠ : ٨ ـ ٩) و (التثنية ٢١ : ٢١ ـ ٢٢) و (اشعياء ٥ : ١١ ـ ١٢ و ٢٢ و ٢٨ : ١ ، ٣ ، ٧) و (ناحوم ١ : ١٠ ـ ١٢) و (هوشع ٤ : ١١ و ١٨) و (أمثال سليمان ٢٠ : ١ و ٢ ، و ٢٣ : ١٩ ـ ٢٠ و ٢٩ ـ ٣٥ و ٣١ : ٤ ـ ٥) و (حبقوق ٣ : ٥).

(٤) مثل ما في وسائل الشيعة ١٧ : ٢٣٧ ـ ١ عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : ما بعث الله نبيا قط إلّا وقد علم الله أنه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر ولم تزل الخمر حراما إن الدين انما يحول من خصلة ثم اخرى فلو كان جملة قطّع بهم (بالناس) دون الدين وفيه (٣٤٠) ١٢ عن الريان بن الصلت قال سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) يقول : ما بعث الله نبيا قط الا بتحريم الخمر ...

٣٠٢

ويا للخمر من إثمها الكبير ألّا يسمح بشربها دواء كما في أحاديثنا ويصدقها الطب (١) وهي على أية حال من أضر الأضرار وأشر الأشرار في كافة الحقول الحيوية ، مما تجعل الإنسان بهيمة وحشية تضر نفسها وسواها (٢) ولقد صدق الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيما يقول عن الخمر «إنه ليس بدواء ولكنه داء» (٣).

ثم الميسر ، الذي نراه عدل الخمر ، وفي المائدة اضافة عدلين آخرين هما الأنصاب والأزلام ، إنه القمار ، إما ليسر الحصول على الأموال به ، أم وتيسير العقول والأعصاب وإراحتها عن ملتويات الحياة ، وإزاحتها عن صعوباتها ،

__________________

(١) يقول الطبيب الأمريكي (كيلوج) في كتاب له يمنع التداوي بالخمر لأن ضررها في الجسم عند التداوي اكثر من نفعها بالشفاء المؤقت لما تفعل في الأمعاء وباقي الأحشاء من الضراء ، وقد ذكر في كتاب (اليد في الطب) زهاء ثلاثين ضررا للخمر ، وذلك يطابق الحديث النبوي الشريف من ان التداوي بالخمر ضار. ويقول الدكتور هيجنبوتوم أمام الجمعية الطبية البريطانية : انا لا اعلم مرضا شفى الخمر ، وقال الدكتور ملر الإسكوتلاندي : الخمر لا يشفي شيئا وقال الدكتور جونسون الانجليزي ان الخمر ليس ضروريا البتة ليستعمل دواء وان هي إلّا اسم آخر من اسماء السموم.

(٢) يقول هنري الفرنسي في كتابه خواطر وسوانح في الإسلام : ان أحدّ سلاح يستأصل به الشرقيون وأمضى سيف يقتل به المسلمون هو الخمر وإدخالها ولقد جرّدنا هذا السلاح على اهل الجزائر فأبت شريعتهم الاسلامية ان يتجرعوه فتضاعف نسلهم ولوائهم استقبلونا كما استقبلنا قوم من منافقيهم بالتهليل والترحيب وشربوها لأصبحوا أذلاء لنا كتلك القبيلة التي تشرب خمرنا وتحملت إذلالنا.

ويقول بتنام المشرع الانجليزي : من محاسن الشريعة الإسلامية تحريم الخمر فان من شربها من ابنا افريقيا آل نسله للجنون ومن استدامها من اهل اوروبا زاغ عقله فليحرم شربها على الافريقيين وليعاقب عقابا صارما الاوروبيون ليكون العقاب مقدرا بمقدار الضرر.

(٣) صحيح مسلم مع شرح الامام النووي ص ٣٦٤ ان طارق بن سويد سأل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن الخمر فنهاه او كره ان يصنعها فقال : انني اصنعها للدواء فقال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ...

٣٠٣

والثاني أيسر من الأوّل ، بل هو أهم الغايات من كل ميسر.

وهل الميسر المحرم هو الذي فيه شرط المال فقط؟ ولا تخصه خلفية العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، فكل ما يلهي عن الله وعما يتوجب على عباد الله ، محرم في شرعة الله ومنه القمار بلا شرط ان يكون فيه شرط ، فإن شرط فهو أنحس وأنكى لأنه أحرص على تداومه فأشرس في دوامته.

فان كان الميسر بآلاته الخاصة فهو المقطوع بحرمته ، ويليه ما ليس بآلاته برهن ، وأما القمار دون رهن بآلاته وسواه ، فالظاهر انه من الميسر لآية المائدة وعلى ضوءها بعض الروايات ولا سيما المستندة الى الآية (١) وانه من اللهو (٢)

__________________

(١) كما في تفسير القمي عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليهما السّلام) في آية المائدة قال : اما الخمر فكل مسكر من الشراب ـ الى ان قال ـ واما الميسر الزرد والشطرنج وكل قمار ميسر ...

(٢) كما روي عن امير المؤمنين (عليه السّلام) في تفسير الميسر ان «كلما ألهى عن ذكر الله فهو الميسر» ورواية الفضيل سألت أبا جعفر (عليهما السّلام) عن هذه الأشياء التي يلعب بها الناس : «الزرد والشطرنج حتى انتهيت الى السدر قال : إذا ميز الله الحق من الباطل مع أيهما يكون؟ قلت : مع الباطل ، قال فما بالك وللباطل» (الكافي ٦ : ٤٣٦ ح ٩) وموثقة زرارة عن أبي عبد الله (عليه السّلام) انه سئل عن الشطرنج وعن لعبة شبيب التي يقال لها لعبة الأمير وعن لعبة الثلاث فقال : ا رأيتك إذا ميز الحق من الباطل مع أيهما يكون؟ قلت : مع الباطل ، قال : فلا خير فيه ، وروى عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «إياكم وهاتين الكعبتين فإنهما من ميسر العجم» (تفسير الرازي ٦ : ٤٦).

أقول : والأصل في حرمة الميسر والقمار هو آيات حرمة اللهو وآية المائدة المرتّبة عليه العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة.

وفي الوسائل باب ١٠٢ من أبواب ما يكتسب به عن تفسير العياشي عن حمدويه عن محمد بن عيسى قال : سمعته يقول كتب اليه ابراهيم بن عنبسة يعني الى علي بن محمد (عليهما السّلام) إن رأى سيدي ومولاي ان يخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : يسألونك عن الخمر والميسر الآية فما الميسر جعلت فداك؟ فكتب : كل ما قومر به فهو الميسر وكل مسكر حرام.

٣٠٤

وتفصيل البحث يأتي في آية المائدة إنشاء الله تعالى.

(... وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).

لقد سألوا مرة (ما ذا يُنْفِقُونَ) فجاء الجواب صراحة في مورده وإشارة إلى مادته : (قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ ...) وهنا يأتي الجواب عن نفس الصيغة في السؤال (١) (قُلِ الْعَفْوَ) فما هو العفو وله معان عدة؟.

أهو الزيادة كما تعنيها آية (حَتَّى عَفَوْا) أن زادوا : (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٧ : ٩٥).

ومن العفو هنا لازم العافي زيادة في نفسه ومنه الزيادة في متعلقاته ، إذا فواجب الإنفاق هو الزائد عن الحاجة المتعودة الخارجة عن الإسراف والتبذير ، ما دامت حاجات المحاويج قائمة ، فردية وجماعية ، فهو «ما فضل عن قوت السنة» (٢) وهو «الكفاف» (٣) يعني كفاف المحاويج.

__________________

ـ وفي نور الثقلين ١ : ٢١٠ عن الكافي عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال : الزرد والشطرنج والاربعة عشر بمنزلة واحدة وكل ما قومر عليه فهو ميسر.

(١) الدر المنثور ١ : ٢٥٣ ـ أخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس ان نفرا من الصحابة حين أمروا بالنفقة في سبيل الله أتوا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا : إنا لا ندري ما هذه النفقة التي أمرنا بها في أموالنا فما ننفق منها فانزل الله (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ ...)

(٢) المجمع عن الباقر (عليه السّلام) ان العفو ما فضل عن قوت السنة ، وفي الدر المنثور ١ : ٢٥٣ عن ابن عباس في الآية قال في الآية : ما يفضل عن أهلك وفي الدر المنثور ١ : ٢٥٣ اخرج البخاري والنسائي عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول تقول المرأة إما ان تطعمني واما ان تطلقني ـ

٣٠٥

أم هو القصد الوسط كما في آياته : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) (١٧ : ٢٩) ـ (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (٢٥ : ٦٧) وأعلى الوسط هو إنفاق الزائد عن الحاجة فإنه أقوم القوام بين الإسراف والإقتار (١).

أم هو الغفر كما في آياته : (وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (٣ : ١٥٥) ـ (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) (٤٢ : ٤٠) فالعفو عند الإصلاح هو من أفضل الإنفاق وهو قضية التقوى : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) (٢ : ٢٣٧).

أم هو إمحاء الأثر السيئ ، حين ترى على أخيك سيئ العلم او العقيدة او الخلق او العمل ، بآثارها ، أن تحاول بكل جهدك أن تمحيها ولا تبديها ،

__________________

ـ ويقول العبد اطعمني واستعملني ويقول الابن اطعمني الى من تدعني.

وفيه اخرج ابو داود والنسائي وابن جرير وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالصدقة فقال رجل يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عندي دينار ، قال : تصدق به على نفسك قال عندي آخر قال تصدق به على ولدك قال عندي آخر قال تصدق به على زوجتك قال عندي آخر قال تصدق به على خادمك قال عندي آخر قال أنت أبصر.

وفيه اخرج البيهقي في شعب الايمان عن كدير الضبي قال : أتى أعرابي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : نبئني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار ، قال : تقول العدل وتعطي الفضل ، قال : هذا شديد لا أستطيع ان أقول العدل كل ساعة ولا ان اعطي فضل مالي ، قال : فأطعم وأفش السّلام ، قال : هذا شديد والله ، قال : هل لك من ابل؟ قال نعم قال : أنظر بعيرا من إبلك وسقاء فاسق اهل بيت لا يشربون إلّا غبا فلعلك لا يهلك بعيرك ولا ينخرق سقاءك حتى تجب لك الجنة ، قال فانطلق يكبر ثم انه استشهد بعد.

(٣) في تفسير العياشي عن الصادقين (عليهما السّلام) العفو هو الكفاف.

(١) نور الثقلين ١ : ٢١٠ علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في الآية قال : العفو الوسط ، ورواه العياشي عن أبي بصير عنه (عليه السّلام).

٣٠٦

دعوة إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة؟ وهذه معان خمسة للعفو تعنيها اللغة في مختلف مجالاتها ويصدقها القرآن ، فلا تصح عناية واحدة منها بخصوصها إذ هي بحاجة الى قرينة وهي هنا منفية ، ثم الصحيح الفصيح إذا ان تؤتى بصيغتها الخاصة زيادة او قصدا او كفافا او غفرا او إمحاء للأثر.

فذكر العفو هنا مجردة عن اي تعلق بشيء او اختصاص بمعنى خاص ، هو دليل العناية العامة لكل معاني العفو ، روحيّا وماديا.

فليس على المؤمن ـ فقط ـ العفو إنفاقا للزيادة او الوسط او الكفاف ، بل وانفاق الغفر عن الخطايا فيما يصلح ، وانفاق ازالة النقائص عن إخوانه المؤمنين تعريفا بالخير ودعوة إليه وأمرا به ، وإزالة للشر ، فالمؤمن كله إنفاق وإرفاق لإخوانه المؤمنين بلا إرهاق تكافلا في الحياة الإيمانية دون تعاضل أو تكاسل.

فكما الله أجاب عن مورد الإنفاق في سؤال سابق عما ذا ينفقون ، تحليقا على كافة موارده وموادّه وكيفياته ، كذلك الله يجيب هنا عما ذا ينفقون توسعة في مادة الإنفاق ، مالا وحالا أمّاذا مما يصح إنفاقه أو يجب.

فواجب المؤمن أن يكون منفقا في سبيل الله ما هو في وجد منه ، جبرا لنقصان الآخرين. قدر الحاجة الكفاف والاستطاعة ، راجحة وواجبة.

فما كان العفو مصلحا أو صادا عن الفساد في ايّ من حقوله ف «قل العفو» إنفاقا في سبيل الله روحيا وماديا ، وإذا كان مفسدا فلا عفو ، وفي عوان بينهما فالعفو عوان بين واجبه ومحرّمه.

ففي الهجمات الدعائية المضللة الهمجة على كتلة الايمان ، يكون واجب الإنفاق هو إزالة هذه الدعايات بآثارها بكل الطاقات والإمكانيات الإيمانية.

ثم في الحاجيات المادية للكتلة المؤمنة ، أفرادا وجماعات ، شعوبا وحكومات ، يكون واجب له دوره الدائر حسب الاستطاعة والحاجة ، دون

٣٠٧

اختصاص بنصابات خاصة للزكاة ولا سيما في التسعة المختلفة خلاف الكتاب والسنة! ومن أعلى العفو في إنفاق المال عفو الزيادة عن الحاجة.

فكل ما زاد عن النفقة الشخصية الواجبة ام والراجحة ، في غير ترف ولا سرف ولا تبذّر ومخيلة ، فهو مورد الإنفاق حسب المقرر في فقه الإقتصاد الإسلامي ، فإن الزكاة الخاصة وحدها لا تجزي مؤنة المحاويج والحاجيات في كل الحقول للجماعة المسلمة ، بل ومربع الآيات في الإنفاق والإيتاء والتصدق والزكاة ، تعني واجب الإنفاق وكله زكاة ، تزكي الفرد والمجتمع ، والمنفق والمنفق عليه ، وقد يأتي القول الفصل فيها في آية التقسيم للصدقات إنشاء الله تعالى.

«كذلك» البعيد الأعماق ، العالية الآفاق (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) دونما جمود على حرفية الأسئولة في الإجابات ، فإنها تحلّق على كل سؤل للجماعة المؤمنة ، سألوها أم تركوها ، فإنما السؤال هو من مفاتيح الجواب دونما وقوف في حدّ السؤال.

«كذلك يبين .. لعلكم تتفكرون» تتفكرون في عمق الإجابات وسواها في آيات الله البينات ، «تتفكرون» :

(فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢٢٠).

«في الدنيا» ظرف ل (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) أن تتفكروا فيها (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) تفكرا في كلّ على حدة وكلّ بالنسبة للأخرى لكي تعطوا كلا حقها ، دون إخلاد إلى الحياة الدنيا غضا عن الأخرى ، ولا إخلاد إلى الأخرى تركا للأولى ، فإنها مزرعة الأخرى ، وحسنتها هي حسنة الأخرى كما سيئتها

٣٠٨

هي سيئة الأخرى : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ).

ومن حصائل التفكر في الدنيا أن تبصروا بها فتبصّركم ، كما أن تركه يجعلكم تبصرون إليها فتعميكم وعلى حدّ قول الامام علي امير المؤمنين (عليه السّلام) في وصفها : «من أبصر بها بصرته ومن أبصر إليها أعمته».

فلان في آيات الله البينات عرضا وافيا عن الدنيا والآخرة ، نبراسا للتفكر فيهما ، ومتراسا عن التبعثر بشأنهما ، فعلى التالين للذكر الحكيم ان يتفكروا فيهما على ضوءه ، فانه مصدر التفكير ومحوره ، فالتفكر في شؤون الحياتين منعزلا عن آيات الكتاب ، انه غير ناجح كما يرام ، كما ان الجمود على قراءة الكتاب دونما تفكر فيه نفسه ، ونبراسا للتفكر في الحياتين ، هو كذلك لا ينجح كما يرام ، فلا بد من دمج العقلية الانسانية بعقلية الوحي ، تأصيلا للوحي فاستئصالا لكل انحراف عن العقليتين.

وهكذا يستجيش القرآن عقل الإنسان الى الحركة الفكرية الدائبة حول شؤون الحياتين ، تأكيدا من أن التفكر في الحياة الدنيا وحدها ، ومنعزلا عن آيات الله البينات ، مما يجرف بالإنسان إلى شفا جرف هار فانهار به إلى نار جهنم.

فمن يفكر في الصالح الشخصي للحياة الدنيا ليس لينفق العفو ولا يسأل عن اليتامى ولا عن سائر المحاويج ، ولكن الذي يفكر في الاخرى كما الاولى يرى الإنفاق هنا ربوة هنا وهناك والآخرة خير وأبقى ، وقليل هؤلاء الذين يعرفون مصلحية الحياة الدنيا الحقيقية غضا عن الأخرى ، فينفقون حفاظا على صالح الأولى طمأنة لها عن فوضى المحاويج وثورتهم ضد الأثرياء ، فالواجب ككّل التفكر في الحياة الدنيا والآخرة على ضوء آيات الله البينات.

٣٠٩

(.. وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى ...) وقد تلمح الآية بسماحتها في (إِنْ تُخالِطُوهُمْ ..) أنهم كانوا يتحذرون عن مخالطتهم خوفة من خلط أموالهم وإصابة منها على جهالة ، وكما سبقت آيات تشدد بالنسبة لأموال اليتامى (١) ،

__________________

(١) الدر المنثور ١ : ٢٥٥ ـ أخرج ابو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : لما انزل الله : ولا تقربوا مال اليتيم ... وان الذين يأكلون اموال اليتامى .. انطلق ...

وفي نور الثقلين ١ : ٢١١ عن تفسير القمي حدثني أبي عن صفوان عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السّلام) أنه لما نزلت (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) أخرج كل من كان عنده يتيم وسألوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في إخراجهم فأنزل الله تبارك وتعالى «ويسألونك ...» وقال الصادق (عليه السّلام) لا بأس ان تخالط طعامك بطعام اليتيم فان الصغير يوشك ان يأكل كما يأكل الكبير واما الكسوة وغيرها فيحسب على كل رأس صغير وكبير كما يحتاج اليه.

وفيه عن الكافي عثمان عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن الآية (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) قال : يعني اليتامى إذا كان الرجل يلي الأيتام في حجره فليخرج من ماله على قدر ما يخرج لكل إنسان منهم فيخالطهم ويأكلون جميعا ولا يرزأن من أموالهم شيئا إنما هي النار. وفيه عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال قلت أرأيت قول الله عزّ وجلّ (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) قال : تخرج من أموالهم بقدر ما يكفيهم وتخرج من مالك قدر ما يكفيك ثم تنفقه ، قلت : أرأيت إن كانوا يتامى صغارا وكبارا وبعضهم أعلى كسوة من بعض وبعضهم آكل من بعض وما لهم جميعا؟ فقال : اما الكسوة فعلى كل انسان منهم ثمن كسوته واما الطعام فاجعلوه جميعا فان الصغير يوشك ان يأكل مثل الكبير ...

ومن عظيم امر الرعاية بالنسبة لليتامى ان اشركهم الله في كل اطعام (٧٦ : ٨ و ٩٠ : ١٠) والإنفاق (٢ : ٢١٥) وفي الخمس (٨ : ٤١) وفي قسمته الميراث دون نصاب لهم حيث ليسوا من الوارثين (٤ : ٨) ومنع عن اقتراب أموالهم الا بالتي هي احسن (١٧ : ٣٤ و ٦ : ١٥٢) وفرض الإصلاح لهم كما هنا (٤ : ٢) والقسط وبوفرة العدل بالنسبة إليهم (٤ : ٢) وعدم حل أخذ الاجرة للولي على ما يصلح ان كان غنيا (٤:٨).

٣١٠

نهيا عن قربها إلّا بالتي هي أحسن وأن أكلها هو أكل النار ، حيث «انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيجلس له حتى يأكله او يفسد فيرمى فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنزل الله الآية فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم».

فطبيعة الحال الإيمانية بعد الآيات الأولى ولا سيما (.. وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) (٤ : ٢٠) وما أشبه ، أنها كانت تحملهم على الابتعاد عنهم مفاصلتهم بعد مواصلات.

لذلك تحرّجوا في شأن اليتامى سلبا وإيجابا : إذا تركوهم لحالهم فقد تركوا الإحسان إليهم ، وإن خالطوهم فلا بد من مؤاكلة وقضية حالها العادية أكل شيء من أموالهم وإن كان هناك إيكال ، فهنا (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) عن الحلّ الوسط بشأنهم ، والجواب (قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) فليس الواجب هو الإصلاح الدقيق المحرج فإنه غير مستطاع وقد يبوء إلى إفساد كما باء ، وانما (إِصْلاحٌ لَهُمْ) قدر المستطاع «خير» من تركهم فإن فيه إفسادا لهم ولأموالهم ، وفي دوران الأمر بين المحظورين (قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) وهو عوان بين الإصلاح الدقيق غير المستطاع وبين الترك الذي يبوء إلى إفساد مّا ، وهو تحريج على كلا الأولياء واليتامى ، لا سيما وأن اليتيم بحاجة إلى عطف أبوي يلمسه من مخالطة وليه ، فأكله وحده ووليه عنده لا يأكل حتى يفسد فضوله فيرميه ، ذلك إجحاف نفسي بحق اليتيم ، يفقد فيه الحنان الأبوي ... ف «خير» هنا أعم من التفضيل ومقابل الشر (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) إذ ليست كل المخالطات مع اليتامى من المحظورات ، فالمخالطة الأخوية هي العدل العوان بين اللّامخالطة والتي فيها أكل أموالهم الى أموالكم ، مخالطة أخويه تأكل من اكله كما يأكل من أكلك ، وتتودد إليه كأخ كبير كما يودك كاخ صغير ، وذلك ككل المخالطات

٣١١

الاخوية بين الجماعة المؤمنة ، فحين تكون النية صادقة ، والمخالطة إصلاحية قدر المستطاع ، ليس الله ليضيق على اولياء اليتامى ما يتفلت من أموالهم إليكم دونما تقصّد ، وهل تعني (فَإِخْوانُكُمْ) هنا في الدين؟ والنص خال عن الدين! ثم اليتامى ليسوا مؤمنين ولا كافرين مهما لحقوا بالمؤمنين في الأحكام الايمانية الوضعية ، فكيف يحكم لهم بالاخوة في الدين فيفتى بذلك بحرمة اغتيابهم ظنا ان الآية تحمل (فِي الدِّينِ) ثم يفتي بحل اغتياب إخواننا السنة لعدم صدق الاخوة في الدين (١) رغم ان الدين مذكور في القرآن في الإخوة المسلمين ككل :

__________________

(١) يقوله الشيخ مرتضى الانصاري في المكاسب باب الغيبة وإليكم نص فتواه : ثم ان الظاهر اختصاص حرمة الغيبة بالمؤمن فيجوز اغتياب المخالف كما يجوز لعنه ، وتوهم عموم الآية كبعض الروايات لمطلق المسلم مدفوع بما علم بضرورة المذهب من عدم احترامهم وعدم جريان احكام الإسلام عليهم الا قليلا مما يتوقف استقامته نظم معاش المؤمنين عليه مثل عدم انفعال ما يلاقيهم وحل ذبائحهم ومناكحهم وحرمة دمائهم لحكمة دفع الفتنة ، ونساءهم لان لك قوم نكاحا ونحو ذلك ، مع ان التمثيل المذكور في الآية مختص بمن ثبتت اخوته فلا يعم من وجب التبري عنه ، وكيف كان فلا اشكال في المسألة بعد ملاحظة الروايات الواردة في الغيبة وفي حكمة حرمتها وفي حال غير المؤمن في نظر الشارع.

ثم الظاهر دخول الصبي المميز المتأثر بالغيبة لو سمعها لعموم بعض الروايات المتقدمة وغيرها الدالة على حرمة اغتياب الناس وأكل لحومهم ، مع صدق الأخ عليه كما يشهد به قوله تعالى (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) في الدين مضافا الى إمكان الاستدلال بالآية وان كان الخطاب للمكلفين بناء على عد أطفالهم منهم تغليبا ، وإمكان دعوى صدق المؤمن عليه مطلقا او في الجملة.

ولعله لما ذكرنا صرح في كشف الريبة بعدم الفرق بين الصغير والكبير ، وظاهره الشمول لغير المميز ايضا ومنه يظهر حكم المجنون الا انه صرح بعض الأساطين باستثناء من لا عقل له ولا تمييز معللا بالشك في دخوله تحت ادلة الحرمة ولعله من جهة ان الإطلاقات منصرفة الى من يتأثر لو سمع وسيتضح ذلك زيادة على ذلك.

أقول : هذا هو الفقيه الأشهر بين أصحابنا الشيعة الامامية كيف يستدل بآية قرآنية دون مراجعة الى القرآن ، يستند الى آية المخالطة فيضيف إليها في الدين ، ويعتمد عليها هكذا في فتواه الجازمة ، ـ

٣١٢

(فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٩ : ١١) وهو غير مذكور في أخوة اليتامى (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) مهما ذكر في اخوة الأدعياء كأدعياء ويستثنى اليتامى ، أم بين الاطلاقين عموم من وجه يتصادقان في اليتيم الدعي فيتساقطان في الأخوة الإسلامية!

إذا ف (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) حكمة لحرمة الغيبة ـ الطليقة ـ المستفادة من (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) إنها تحكم بحرمة الاغتياب بين الإخوة في الدين ، وقد ثبتت الأخوّة في الدين بين كل هؤلاء الذين (تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) دون اي شرط آخر في تلك الاخوة الطليقة ، فصغار المسلمين شيعة وسنة خارجون عن ذلك الحكم.

هذا! وان كان قد تستفاد حرمة اغتياب الصغار ايضا ، اعتبارا بان «بعضا» في آيته يشملهم ، او ليس ولدك الصغير بعضا منك ، ام ليس الولد الصغار للمؤمنين أبعاضا منهم ، فحتى إن لم تثبت الاخوة في الدين بينك وبينهم ككل ، فالثابت لأقل تقدير هو انهم بعضك ، وقد يتأثر الصغير في اغتيابه اكثر بكثير من الكبير.

ثم ولا اقل من ان إيذاء اي انسان حرام إلّا إذا استحق الإيذاء ، فقد لا

__________________

ـ وليس في الدين الا في آية التوبة ، ثم وآية الأحزاب (.. فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ) (٥) ومهما عمت آية الأحزاب الأدعياء الصغار الى جانب الكبار فآية التوبة نص في الكبار ، بل وآية الأحزاب مخصصة بالكبار حيث لم يذكر فيها الصغار ، ولا تختص الأدعياء بهم ، وإذا شملت الصغار الى جانب الكبار فهي شاملة لكل الأدعياء سنة الى شيعة دونما اختصاص. ثم وكيف لا يشمل إخواننا (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (٤٩ : ١٠) وتشمل صغارنا.

ثم آيات الميراث وسواها ، التي تحكم لاخوتنا بأحكام ، هل هي ايضا مختصة بالشيعة ، ام وهي تخاطب فيما تخاطب ـ فقط الشيعة ، دون كل المسلمين!

٣١٣

يجوز اغتياب الكافر دونما سبب ، حين لا يجوز ايذاءه ، فضلا عن غير الشيعة من المسلمين!.

وإذا اختصت خطابات الايمان والاخوة بالشيعة فقد جاز اغتياب الشيعي للسني وأن يقوم بخلاف الاخوة الاسلامية!.

وانها لقولة هاتكة هائلة ضد الاكثرية الساحقة من المسلمين ألا تشملهم واجبات الأخوة الإسلامية لهم وعليهم ، ولا خطابات الايمان ، فلا هم مكلفون بخطابات الايمان ، ولا تكليف لهم وعليهم في خطابات الأخوة الاسلامية ولزاماتها.

ولغة الايمان في القرآن تعني الإيمان بالله والرسول واليوم الآخر ، مهما اختلفت درجات الايمان عدة وعدة.

كما ولغة الأخوة الايمانية تشمل كل المؤمنين على درجاتهم ومذاهبهم العقيدية والفقهية ومراحلهم العملية.

فلئن اختصت الأخوة بالشيعة ، فمثل (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) (٢ : ١٧٨) يختص بالعفو من قبل شيعي لشيعي ، فان عفى سني عن شيعي او شيعي عن سني فلا يعتبر ـ إذا ـ شيئا!.

وما هو الفارق بين أمثال هذه الآية وآية الحجرات (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ).

او (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) (٤٩ : ١٠) إذا اختصت بالشيعة ، فلا إصلاح إذا بين السنة ، ولا بينهم وبين الشيعة! وآية الاغتياب ليس الا بعدها بفاصل آية واحدة! ولمّا الايمان يختص بالشيعة دون سواهم من المسلمين ، ف (٢٥٨) آية خطابا او غيابا للذين آمنوا لا تضم سائر المسلمين فلا تكلفهم ما تكلفهم ، ولا تخطط لهم او عليهم مخططا ايمانيا ما تخططه لهم!.

٣١٤

(وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) فانما المفسد في نيته وعمله هو المؤاخذ ، دون المصلح الذي قد يخطأ دون تقصّد ، فليس الله ليعنتكم وأنتم مصلحون بحق اليتامى.

(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) ولكنه لن يعنتكم لأنه «حكيم» فحصيلة الحكمة مع العزة انه لا يعنتكم بحق اليتامى ، كما ان «لو» الامتناعية تشير الى استحالة الإعنات قضية الحكمة الربانية.

ان المخالطة المنزلية وفي الحاجيات اليومية إذا كانت أخوية فهي لصالح اليتامى والأولياء ، فان في إفراد المسكن والطعام غلاء على كل منهما ، إضافة الى ان في إخراج اليتامى عن تلك المخالطة الأخوية إحراجا عليهم نفسيا إلى إحراج عليهم ماليا ، إذا ف (إِصْلاحٌ لَهُمْ) بتلك المخالطة العادلة «خير» مما سواها من مفاصلة أو مخالطة فوضى.

ثم و (إِصْلاحٌ لَهُمْ) دون «إصلاح لمالهم» يلمح ان المحور هو إصلاحهم نفسيا مهما كان بهامشه إصلاح لهم ماليا ، إذا ف (إِصْلاحٌ لَهُمْ) خير من إصلاح لأموالهم بكل دقة حين يدور الأمر بينهما ، مع ما في مخالطتهم المالية الأخوية ايضا من إصلاح لهم ماليا بجنبه حاليا.

كما وأن «خير» في (إِصْلاحٌ لَهُمْ) يعم الأولياء الى اليتامى ، إذا فهو خير مطلق مطبق من كافة الجنيات لقبيلي الأولياء واليتامى ، ثم التركيز على إصلاح المال دون إصلاح الحال ، هو إفساد للحال والمال على اية حال ، و (إِصْلاحٌ لَهُمْ) أنفسهم تضم الى إصلاحهم إصلاح مالهم الذي فيه إصلاح حالهم اقتصاديا وكما يصلحون تربويا وعاطفيا.

وهذه ضابطة كالضابطة المستفادة من آية الخمر والميسر ، ان في دوران

٣١٥

الأمر بين الأهم والمهم تجب رعاية الأهم دون هدر لهما او تخيّر بينهما او اختيار المهم وترك الأهم فانه ثالوث منحوس.

فان كانت مخالطة اليتامى مسكنا ومأكلا أصلح لهم فهو خير من مفاصلتهم ، وان كانت مفاصلتهم أصلح فهي خير من مخالطتهم ، فالمخالطة ـ إذا ـ مشروطة بالأصلحية لحال اليتامى ، وإلّا فمفاصلة ، إلّا ان تكون عنتا على الأولياء ، فالمصلحتان مرعيتان مع رعاية اكثر لليتامى ، ما لم تعنت الأولياء.

ثم ولا تقف تلك المخالطة المسموحة عند حدود المساكن والأموال ، بل وتشمل المخالطة الجنسية بالنكاح إخراجا لليتامى عن اليتم ، كان تتزوج البنت اليتيمة ، او المرأة اليتيمة ، حيث الأنثى بلا زوج ولا أب يتيمة في عرف القرآن : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ ..) (٤ : ١٢٧) كما وأمر الله بالتزوج منهن إن خافوا ألا يقسطوا : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً ، وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ..) (٤ : ٢ ـ ٣).

وقد تلمح (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ ..) التالية لها ، لعناية النكاح من المخالطة فيما تعنيه.

فنكاح المتوفى عنها زوجها يسهل امر المخالطة المعيشية معها ومع أولادها ، ونكاح البنت اليتيمة يسهل امر مخالطتها اكثر منها إذ تخرج هي عن اليتم ولا يخرج أولاد المرأة التي تتزوجها عن اليتيم ، وإنكاح بنت لك يتيما يسهل أمر مخالطته المعيشية عوانا بينهما.

٣١٦

إذا ف «هم» في (إِنْ تُخالِطُوهُمْ) تعمهم اجمع ذكرا وإناثا ، بمخالطة زوجية ام سواها من مخالطات معيشية.

وعلى اية حال فواجب المخالطة مع اليتامى ـ إذا لزم الأمر ـ ان تكون اخوية إيمانية في زواج وغير زواج ، ف (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) على اية حال ، وقد يمتاز اليتيم في حقل الأخوة برعاية اكثر من سائر الإخوة ، إذ (لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٦ : ١٥٢) فلا يجوز الاقتراض من ماله وبالإمكان ان يتجر فيه ويرجع اليه بنفع ، فمهما كان القرض منه حسنا فالتجارة الرابحة له احسن.

كما لا يجوز أخذ الاجرة منه في إصلاح حاله وماله (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) (٤ : ٦).

فالإسلام يرد المسلمين الى الاعتدال في امر اليتامى ما هو إصلاح لهم دون إعنات الأولياء ، فلا جناح في مخالطتهم إذا حققت لهم الخير ، والله يعلم المفسد من المصلح ، مهما تظاهر المفسد بمظهر المصلح وان كان معتزلا عن اليتامى ، او اتهم المصلح انه مفسد حين يخالطهم ، فانما الأمر كله لله والى الله عاقبة الأمور.

(وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ٢٢١.

هل الأصل في النكاح هو الحظر إلّا ما خرج بالدليل حتى نحتاج في حلّه ـ على اية حال ـ إلى دليل؟ أم هو الحلّ ، فلا نترك إلّا ما تركه الدليل؟.

(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) هو المقسم لكل أقسام الحلّ في

٣١٧

التصرفات المالية والجنسية أمّاهيه إلّا ما خرج بالدليل ، إذا فلا يحرم النكاح إلّا ما حرّمه الدليل ، وهنا الحظر عن نكاح المشركات للمسلمين وإنكاح المسلمات للمشركين ، فلننظر نطاق الحرمة في المشركين والمشركات.

في سائر القرآن آيات ثلاث بشأن التحريم ، آية الممتحنة وهي تعممه على الكوافر ككل ، وآية المشركات هذه مخصصة بالتحريم في المشركين والمشركات ، وآية المائدة محلّلة للكتابيات المحصنات.

أترى المشركين والمشركات هم ـ فقط ـ عبّاد الأصنام لقرنهم في آية البينة بأهل الكتاب على ما هم عليه من شطرات شركية : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ)؟ وذلك على صحته في نفسه تبيّنا بالبيّنة ، وأنهم القدر المتيقن من المشركين ، قد يشمل سائر الكفار تبيّنا من الغاية : «حتى يؤمن .. حتى يؤمنوا» أم ويشمل الموحدين غير المسلمين ايضا إلى جانب سائر الكفار لان (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ)!

ولكن (حَتَّى يُؤْمِنَّ) ليست غاية إلّا لزوال الإشراك بالله ، إيمانا بتوحيد الله كتابيا وغير كتابي إذ لا ريب في صدق الإيمان كأصله على التحول عن الشرك ايّا كان ، فأدناه أصل التوحيد وهو أصله ، وأعلاه الإسلام وأوسطه التوحيد الكتابي ، وكل هذه من زوايا الايمان بعد الشرك مهما كانت درجات ، وكما لكل ـ ايضا ـ درجات ، إذا فلا تشمل المشركين غير المشركين ، وإلّا لكان الصحيح الفصيح «ولا تنكحوا الكافرات» حتى تعم غير المسلمات ككلّ ، كما في آية الممتحنة (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) حيث الموضوع ـ الكوافر ـ هو أعم من المشركات ، فيعم غير المسلمات مشركات وموحدات كتابيات وغير كتابيات ، و (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) كحكمة في التحريم تشمل المسلم الداعي الى النار ، ولا تشمل الكتابي والموحد غير الكتابي الذي لا يدعو الى النار ، ام

٣١٨

ان الدعوة الى النار تخص المشرك الذي لا مخلص له عن النار ، واما الموحد كتابيا وسواه فقد ينجو او ينجي عن النار!.

ثم وليس يعني (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) إلّا المشركين دون المشركات ، إذ لا دعوة للنساء ام لا دور لدعوتهن أزواجهن يشكّل خطرا عليهم ، بل هم يدعونهن إلى الجنة مهما دعوناهم الى النار واين دعوة من دعوة ، حيث الرجال قوامون على النساء.

فحتى ان كان الزوج مسلما منافقا أمن شابه وهو يدعو الى النار لا يجوز إنكاحه مؤمنة فضلا عن كتابي امن شابهه وإن لم يدع الى النار إذ (لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً).

ومهما نهت آية الممتحنة عن الإمساك بعصم الكوافر ، الشاملة لغير المسلمات ككلّ ، فهذه قد تخصّصها بالمشركات الوثنيات دون سائر الكافرات نسخا لعمومها ، ومما يسهّل ذلك التخصيص أن الكوافر يومذاك كن المشركات المتزوجات بالمسلمين قبل الهجرة حال كفرهم ، فنهوا عن الإمساك بعصمهن استدامة لنكاحهن ، وبأحرى النكاح البدائي منهن ، وليس شأن النزول الخاص بالذي يخصص عموم النازل بشأن الخاص ، حيث العبرة إنما هي بعموم اللفظ دون خصوص المورد ، كما هي بخصوص اللفظ دون عموم المورد ، فمهما حرمت آية الممتحنة الإمساك بعصم المشركات كشأن نزولها ، فهي تحرم نكاح الكوافر ككل ، مشركات وغير مشركات ما لم يكنّ مسلمات.

فقد شملت «الكوافر» بعموم اللفظ غير المسلمات ككلّ ، ثم البقرة سبقت الممتحنة ام لحقتها ، فما لا ريب فيه أن «المشركات» في البقرة تخصص الكوافر في الممتحنة نسخا مخصصا.

هذا ولكن اختصاص النهي هنا بالمشركات دون قرينة للانحصار ، لا يأهله لنسخ أو تخصيص آية الكوافر بغير المشركات ، فقد يجوز أن يعني النهي

٣١٩

عن حقل الإشراك أصدق مصاديق التحريم ، وليس خصوص الإشراك هنا دون عموم الكوافر بالذي يأتي حجة على الانحصار ، ما دامت آية الكوافر دليلا ثابتا على العموم.

هذا وقد يبقى «المشركين» هنا بخصوص اللفظ نصا وبعموم المعنى لغير المسلمين ككل تعليلا لحرمة إنكاحهم ب (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) والدعوة المحظورة المخطورة هي المؤثرة في حقل النكاح وليست إلّا من الأزواج في الأغلبية المطلقة او الساحقة ، فان اتفقت مؤثرة من الزوجات غير المشركات ، كتابيات كن أم مسلمات ، نشبت إليهن حرمة النكاح ، حيث (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) كعلة بارزة لحرمة إنكاح المشركين تسري الى سائر مواردها ، اضافة الى السبل المحظورة للكافرين على المؤمنين (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (٤ : ١٤) والولاية للزوج الكافر على المؤمنة سبيل ، وهذه سبيل اخرى لحرمة إنكاح الكفار إضافة ل (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) فحتى لو لا الدعوة الى النار لكان إنكاح الكفار محظورا لمحظور السبيل ، فانما ذكر محظور الدعوة الى النار كأهم محظور ، وقضية الولاية هي تؤكّد المحظور.

وقد استثنت آية المائدة ـ فقط ـ (الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) كأبرز الحلّ في نكاح غير المشركات ، دون المحصنين من اهل الكتاب ، ومهما لم يدل عدم حل إنكاح المحصنين من الذين أوتوا الكتاب على حرمة إنكاحهم ، فقد تكفي آية نفي السبيل ، ثم اطلاق «المشركين» الشامل لمشركي اهل الكتاب ، دليلا على حرمة إنكاحهم المسلمات ، اضافة الى صريح السنة المتظافرة التي تختص حل المسلمات بالمسلمين ، وابرز من الكل آية الممتحنة (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ...) (١٠) فان «لهم» الراجع الى الكفار تعم الى المشركين الكتابيين.

٣٢٠