النكت في تفسير كتاب سيبويه

أبي الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى أعلم الشنتمري

النكت في تفسير كتاب سيبويه

المؤلف:

أبي الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى أعلم الشنتمري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧١٢

أصلية لئلا يجتمع زائدان في أول الاسم.

وقال بعضهم : إن النون الأولى والميم زائدتان ، وذكر أن من العرب من يقول : جنقناهم : إذا رميناهم بالمنجنيق ، ووزنهما على هذا القول : من فعيل وعلى قول سيبويه فنعليل.

ومعنى قوله بعد أن ذكر بنات الأربعة الملحقة ببنات الخمسة لأنك لو أكرهتها حتى تكون فعلا لاتّفق.

يعني : لو بنيت منها فعلا لكان سبيل الفعل كسبيل الذي يمكن بناؤه من سفرجل على الإكراه الذي ذكره ، وإن كان لا يبنى منه فعل سفرجل يسفرجل يشبهه بدحرج يتدحرج لأن عدته بدحرج وسفرجل واحدة كما أنّهم لو قالوا : في جمع سفرجل وتصغيره على تمام حروفه في الجمع والتصغير لقالوا : سفارجل وسفيرجل تشبهيا بصناديق وصنيدق فاعلمه.

ومن غريب أبنية هذا الباب :

الحبوكر : وهو من أسماء الداهية ، والفدوكس : اسم رجل ، والسّرومط : وعاء يكون زق الخمر ، والعرومط : الكساء وهو الطويل أيضا.

والعبوثران : من ريحان البر وهو طيب الريح ، وحبوكرى : اسم للداهية ، والكنهور : قطع من السحاب كالجبال ، وبلهور : اسم ملك.

وجعله سيبويه صفة.

والقندويل : العظيم الهامة ، والهندويل : الضخم الرأس ، وقد رويا بإسكان النون وفتح الدال.

والشّنحوط : الطويل ، والقرضوب : اللص القاطع ، والسّرحوب : الطويل ، وقلمون : موضع ، والقرقوس والقرقر والقرق : المكان المستوي.

والفردوس : الجنة مشتقة من الفردسة وهي السعة وقيل الفردوس الكرم وخضرته ، والعلطوس : الناقة الجبارة الفارة.

والقمحدوة : أعلى مؤخر الرأس.

والخيتعور : ما تراه في الهواء كالصغب ، وقيل : هو الباطل وهو الذي لا يوثق به أيضا.

ويقال للذئب والغول : خيتعور ، والخيسفوج : الخشب البالي ، ويقال هو الشراع. والعيضموز : العجوز ، والعيطموس : من النوق والنساء التامة الخلق الحسنة ، والعيسجور : الشديد من الإبل ، وقيل : هو الطويل.

والتّخربوت : الناقة الفارة. والمنجنون : الفلك والسانية وكل ما استدار. والحندقوق : بقلة.

٦٤١

وزاد سيبويه :

فعلول قالوا : زرنوق لعمود البئر الذي عليه البكرة والمعروف ضم أوله وصعفوق : قرية باليمامة يقال لأهلها الصعافقة ، وكانوا عبيدا فاستعربوا ، ويقال الصعفوق : اللئيم وفوعلل ، قالوا : دودمس لحيّة إذا نفخت أحرقت.

ومما زيدت فيه الياء على بنات الأربعة مما ذكر سيبويه السّميدع.

السيد الموطأ الأكتاف والعميثل الطويل وهو المبطى أيضا

والحفيثل : القصير ووقع في الكتاب الحفيتل والصواب بالثاء.

والعريقصان : نبت بالبادية.

والبرطيل : حجر مستدير ، والكندير : القصير الغليظ ، والشنظير : الفاحش ، وهو أيضا جرف الجبل ، والحربيش : حية كثيرة السم ، والزحليل : الأملس ، والحنذيذ : الفحل وهو الطويل أيضا والخنذيذ : الخصي وهو من الأضداد.

والغرنيق : الشاب من الرجال ، وهو أيضا طائر معروف. والسّحفنية : المحلوق الرأس سحف رأسه : إذا حلقه ، والعنتريس : الشديد من النوق ، وكنابيل : اسم موضع.

والعرطليل : الطويل. والعفشليل : الجافي ووقع في الكتاب قفشليل وهو اسم للمعرفة.

والجلفزيز : الصلبة الغليظة ، وقيل هي المرأة لها بقية من السمن. والغلفقيق : الداهية والقمطرير : الشديد.

وزاد غير سيبويه :

فيعللّ قالوا : امرأة هيدكرّ للكثيرة اللحم.

وفعنليل ، قالوا شمنصير : اسم موضع.

وفعلّيل ، قالوا : قشعريرة وهي معروفة.

ومما زيدت فيه الألف على بنات الأربعة مما ذكره سيبويه ، برائل : وهو عرف الخرب ، وهو ذكر الحباري ، والعلابط : اللبن الرائب وهو الغلام العريض المنكبين والجخادب : دابة نحو العظا. وأبو جخادباء : للجراد الأخضر الطويل الرجلين. وعتائد : موضع والفرافض : الشديد البطش ، والعذافر : الجمل العظيم ، والقراشب : جمع قرشب وهو الطويل الغليظ.

والحملاق : ما ولي الجمجمة من الحدقة ، ويقال حملق إذا فتح عينيه وشدد النظر والسرداح : المكان اللين. وقيل : هو الطويل والشّنعاف : الطويل وهو أيضا رأس يخرج من الجبل ، والهلباج : الأحمق الضعيف ، وقيل : هو الطويل.

والجثجات : نبت ، والجرجار : بقلة لها زهرة صفراء. والرمرام : عشبة شاكة العيدان صفراء الزهر ، وقيل : هو نبت أغبر يشفى به من العقرب.

٦٤٢

والدهداه : حاشية الإبل وصغارها ، والحثحاث والقسقاس : الطلب الشديد والجد في السير إلى الماء. والصلصال : المصوت.

وذكر غير سيبويه :

فعلالا في غير المضاعف ، قالوا : ناقة بها خزعال وهو الظلع ، وقالوا : دأداء لآخر الشهر وقد جاء مكسور الأول ولا نظير له في غير المصادر.

ومما ذكر سيبويه :

البرناساء والبرنساء : للخلق ، وعقرباء وحرملاء : موضعان ، والقرطاس : لغة في القرطاس.

والقرناس : أنف الجبل.

والحبركي : الطويل الظهر القصير الساقين ـ والجلعبي : الشديد من كل شيء.

والجحنبار والجعنبار : القصير المحمر من الرجال.

والجنبار : فرخ الحبارى والشّنفّار : الخفيف. والجلّباب : لغة في الجلباب والقرفصاء : الاجتماع في القعدة.

والطّرمساء : الظلمة ليلة طرمساء. وطلمساء : مظلمة. والجلحظاء : أرض لا شجر فيها وقد روي بالطاء.

والهندباء : بقلة.

والقردمان : ضرب من الدروع وهو معروف. والعرقصان : نبت. والدّحسمان : العظيم الأسود من الرجال.

والرّقرقان : المترقرق المضطرب من الأول. والعردمان : الغليظ الشديد.

والحندمان : اسم قبيلة ، والحدرجان : صفة رجل من العرب. والشّعشعان : الطويل.

وجحجبى : حي من الأنصار. وقرقرى : موضع. والقهقرى : النكوص والتأخر بعد الإقبال. ويقال لكل أمة فرتنتى ، وفرتنى : اسم جارية وهو أيضا اسم قصر ، ويقال : لكل أمة فرتنى.

والهندبي : لغة في الهندباء.

وذكر غيره :

فعللى ، قالوا : هربذى ، وهي مشية للهرابذة وهم أساورة الفرس.

ومما ذكر هو :

السّبطرى مشية فيها التبختر. والضّبغطى : كلمة يفزع بها الصبيان.

ومما جاء في هذا الباب لم يذكر سيبويه :

فعنللى ، قالوا : شفنترى وهو اسم رجل مشتق من المشفترّ : وهو المفترق وفعلّاة قالوا :

٦٤٣

سلحفاة لواحدة السلاحف.

وفعللّي ، قالوا : شفصلّي وهو حمل بعض الشجر يتفلق على مثل القطن ، ومما زيدت فيه النون مما ذكره سيبويه :

خنثعبة : وهي غزر اللبن والخنثعبة الناقة الغزيرة اللبن.

والكنتال : القصير. والقنفخر والقنفخري : التارّ الممتلئ وهو أصل البردي

والكنهبل : شجر.

والحزنبل : القصير الموثّق ، والعبنقس : ولد الأمة.

والفلنقس : هو الذي أحاطت به الإماء ، وقيل : هو ولد الزنا في الجاهلية والجحنفل : العظيم الشفة.

والعرنتن : شجر يدبغ بعروقه ، وتسمى عروقه العرنة وفيه لغات ، يقال : عرنتن وعرنتن.

وزاد غيره : فنعلل : قالوا عجوز حنضرف للتي استرخى جلدها ، وقيل : هي الكبيرة الثديين.

وفنعلل ، قالوا : عجوز شنهبرة للكبيرة.

هذا باب لحاق التضعيف فيه لازم

هذا الباب يشتمل على ذوات الأربعة والتي لحق عينها تضعيف ، ولحق لامها. وقد بيّن سيبويه جميع ذلك.

ومن غريب الباب :

العلّكد : وهو الغليظ الشديد العنق. والهلّقس : الشديد الغليظ والشّنّغم : إتباع للرغم لتفعلنّ ذلك رغما شنّغما ، والمعنى ترغم على ذلك وتكره ، ويروى بالعين أيضا والهمقع : جنى التنضب. والزملق : الذي يقضى شهوته قبل وصوله إلى المرأة ، والدّمّلص : البراق.

والشّمّخر والضّمّخر : الكمر وهو الطّامح البصر أيضا

ويقال : هو الفحل الجسيم والدّبّخس : الضخم.

والهمّرش : العجوز الكبير.

والصّنّبر : الثلج.

والشّفلّح : ثمر الكبر وهو أيضا الواسع المنخرين العظيم الشفتين من الرجال. والهمرّجة : الشدة والعدبّس : الجمل القوي الضخم ، والعملس : الرجل القوي على الأسفار. والعجنس : الضخم الشديد من الإبل.

والصّفرّق : نبت. والزّمرد : معروف.

والسبهلل : الفارغ الذي لا شيء معه. والقفعدد : القصير.

٦٤٤

والعربد : حية تنفخ ولا تؤذي. والهرشف : العجوز ، وهي أيضا قطعة كساء أو غيره ينشف بها الماء من الأرض ثم يعصر في الإناء. والقهقبّ والقهقمّ الذي يبلغ كل شيء ، والقسقب : الضخم. والقسحب : الذكر القاسح ، والطرطب : الثدي العظيم. والطرطبة : العجوز ، وهي أيضا الطويلة الثديين.

هذا باب تمثيل الفعل من بنات الأربعة مزيدا وغير مزيد

كلام سيبويه في هذا الباب مفهوم إن شاء الله.

هذا باب تمثيل ما بنت العرب من الأسماء والصّفات

من بنات الخمسة

هذا الباب يشتمل على الأبنية الخماسية ، وهي أربعة أبنية قد بيّنها سيبويه :

ومعنى قوله : " ولا يكون من هذا فعل استثقالا أن تلزمهم الزيادة".

يعني : أنك لو صرفت من ذلك فعلا ، ألزمك أن تجعل فيه علامة الاستقبال في أوله وضمائر الفاعلين في آخره ، وتجعل في اسم الفاعل الميم ، فتكثر حروفه ويستثقل فاعلم ذلك.

ومن غريب الباب :

الفرزدق : قطع العجين ، والواحدة فرزدقة. والهمرجل : السريع. والجنعدل من الإبل : الضخم القوي. والشمردل : الحسن الخلق من الإبل ، ويقال الشمردل : الدليل.

والقهبلس : المرأة العظيمة وهي أيضا حشفة الذكر. والجمحرش : الأفعى الغليظة.

والصهصلق : المصوت.

والقذعملة من النساء : القصيرة ، ويقال : ما في بطنه قذعملة ، أي : ما في بطنه شيء.

والقذعمل : الضخم ، والخبعثن : الشديد الخلق العظيم وبه سمي الأسد والقرطعب ، يقال : ما عليه قرطعبة أي : ليس عليه شيء والجردحل : الناقة الغليظة ، وقال المازني : هو الوادي.

الحنزقر : القصير. والحنبتر : الشديد ، عن الزجاج.

وزاد غير سيبويه :

فعللل ، قالوا : هندلع لبقلة.

هذا باب ما لحقته الزيادة من بنات الخمسة

كلام سيبويه في هذا الباب مفهوم.

ومن غريبه :

السّلسبيل : الماء السلس في الحلق. والخندريس : الخمر العتيقة القديمة.

والعندليب : طائر صغير. والدردبيس : الداهية. والعلطميس : الضخم الغليظ من الإبل ، ويقال : عمطميس أيضا. والحنبريت : الخالص ، يقال كذب كذبا حنبريتا ، أي : خالصا ، وقيل :

٦٤٥

هو الضعيف.

والخزعبيل : الباطل. والقذعميل : الضخم الرأس. والدّرخميل والدّرخمين : الداهية.

والخبعبيل : الشديد. البلعبيس : الأعاجيب.

والعضر فوط : ذكر العظاة.

والقرطبوس : الناقة العظيمة. واليستعور : شجرة ، ويقال : هي الداهية.

والقبعثرى : العظيم الخلق الكثير الشعر من الناس والإبل. والضبغطرى : الضبع ، وهو أيضا الرجل الأحمق.

والقرطبوس : لغة في القرطبوس ، وقد تقدم تفسيرها.

وذكر غير سيبويه :

فعلّول ، قالوا : سمرطول للطويل.

وفعلالل ، قالوا : درداقس لعظم في القفا ، وخزرانق : لضرب من النبات وهو أيضا الوتر القديم.

وفعللانة ، قالوا : قرعبلانة لدويبة بعينها.

كملت الأبنية بحمد الله.

هذا باب ما أعرب من الأعجمية

هذا الباب يشتمل على ثلاثة أوجه مما عرب من الأعجمية : فوجه منها غيرت حروفه أو حركاته وألحق بأبنية العرب نحو : درهم وبهرج ألحقا بهجرع وجعفر. ووجه غير حروفه ولم يلحق بأبنية كلامهم نحو : إبريسم وإسماعيل وسراويل والأصل فيهن الشين.

ـ ووجه لم تغير حروفه ، ولم يزل بناؤه ، وكان لفظه في العربية كلفظه في العجمية نحو : خراسان ، وخرم ، وهو موضع. وكركم : وهو الزعفران.

قال في آخر الباب" : وربما غيروا الحرف الذي ليس من حروفهم ، ولم يغيروه عن بنائه في الفارسية نحو : فرند وبقّم وآجر وجربز ، يعني : غيروا لفظ الحروف فجعلوه ياء محضة ، أو ياء وأصلها ليس كذلك ، ثم لم يجعلوه على شيء من أمثلتهم فاعرفه.

هذا باب اطراد الإبدال في الفارسية

اعلم أن العرب تبدل من كلام العجم ، وذلك في عشرة أحرف ، وهي الجيم والكاف والباء والفاء والقاف والسين والشين والعين واللام والزاي.

وهذه الحروف تنقسم قسمين : أحدهما يطرد إبداله والآخر لا يطرد.

فأما ما يطرد فخمسة أحرف : الجيم والكاف والباء والفاء والقاف. وأما ما لا يطرد فالخمسة الباقية.

٦٤٦

فأما" الجيم" و" الكاف" فيبدلان من الحروف التي بين الجيم والكاف ، فربما

كان البدل من ذلك الجيم ، وربما كان الكاف ، فأما الجيم فقولك : جورب ، وجربز والآجر ، وأما الكاف ، فقولك : كربق ، وكوسج ، وربما أبدلوا من ذلك قافا كقولهم : قربق.

ويبدلون الجيم من الهاء في آخر الكلمة كقولهم في الخف : موزج ، وكوسج ومالوذج ، وقد بيّن سيبويه العلة في ذلك.

وأما الباء والفاء فيبدلان الحرف الذي بين الفاء والباء ، فربما جعلوه باء ، وربما جعلوه فاء.

فأما ما كان فاء فقولهم : فندق وفرند.

وأما الباء ، فقولهم : برند.

وأما السين فيبدلونها من الشين كقولهم : إبريسم وأصله بالشين في كلام العجم ، وكذلك إسماعيل ، وأصله إشماول ، وإنما أبدلت السين من الشين لاجتماعهما في الهمس والانسلال ومثله : سراويل.

والعين في إسماعيل بدل من الواو في إسماول وإنما أبدلوا العين من هذه الواو ؛ لأن هذه الواو في لغتهم بين الهمزة والواو ، فكأنها بدل من الهمزة لقربها منها ، وأما بدل اللام فقولهم : قفشليل ومعناه : المعرفة وأصله في لغتهم : كفجليز فجعلوا الزاي لاما فأتبعوها اللام الأولى ، وجعلوا الكاف قافا وجعلوا الجيم شينا.

وأما الزاي ، فقولهم في النسب إلى الري : رازي وإلى مرو : مروزي ، وذلك لأن النسب إلى هاتين المدينتين في لغتهم بالجيم التي تشبه الزاي كقولهم : مروجي وراجي فاعلمه.

هذا باب علل ما تجعله زائدا من حرف الزيادة

قوله في هذا الباب بعد أن ذكر أفعل ، وبيّن حكمه في زيادة الهمزة ، فإن لم تقل ذلك دخل عليك أن تزعم أن ألحقت بمنزلة دحرجت إلى قوله : فقد صير إلى ما لم يقله أحد.

يعني : فإن لم تقل أن الهمزة في" أفكل" زائدة وأمها تخالف الحروف الأصلية التي تكون في أوائل الأسماء والأفعال ، لزمك أن تجعلها في ألحقت بمنزلة الدال من دحرجت وإذا جعلتها كذلك لزمك أن تقول ألحق ألحقه وأكرم أكرمه كما قلت : حوقل حوقلة حين ألحق بدحرج ، فأما لم تقل : ألحق ألحقه ، علمنا أنّه ليس" أفكل" يعني : " إن فرق مفرق بين الهمزة في" أفكل" ، والهمزة في" ألحق" فقال : " ألحق" تسقط في المستقبل وليست في أفكل كذلك لأنها لا تسقط فأبطل سيبويه هذا بأن قال : " ذهبت الهمزة كما ذهبت واو وعد في يفعل".

يعني : أن سقوط الهمزة في المستقبل ، ليس بدلالة على أن الهمزة في" ألحق" لم تجر مجرى الدال من" دحرج" ؛ لأنا قد رأينا الواو من" وعد" بمنزلة الضاد من ضرب ومع ذلك فإن الواو

٦٤٧

سقط في يعد على أن الهمزة في" يلحق" أولى بالسقوط وأجدر أن تذهب لأنها زائدة.

وقوله : " فأرادوا أن يعرضوا حرفا يكون في نفسه بمنزلة الذي ذهب".

يعني أنّه إن احتج محتج ـ بأن بمنزلة دحرج ـ بأن مصدره إلحاق وهو بمنزلة الدحراج فليس في هذا حجة ؛ لأنه يجوز أن يكون إلحاق جعل بمنزلة الدحراج والمرهاف لتكون هذه الألف التي قبل آخر الكلمة عوضا من الهمزة تذهب في" تلحق" وسائر مستقبل بابه.

وقوله بعد أن ذكر أن ميم" منجنيق" أصلية والنون التي تليها زائدة" ولو لم يكن في هذا ، إلا أن الهمزة التي نظيرتها ولم تقع بعدها الزيادة لكانت حجة".

يعني : أنّه لو لم يكن في هذا من الحجة إلا أن الهمزة التي هي نظير الميم في زيادتها ، لم توجد زائدة وبعدها حرف زائد ، لكان حجة على أن النون لما كانت زائدة لم يجز أن تكون الميم زائدة.

وجعل سيبويه الميم في مرعزّى زائدة ؛ لأنها دخلت على الثلاثي ؛ لأن الراء والعين والزاي ثلاثة أحرف أصول ، والألف الأخيرة زائدة ؛ لأنها للتأنيث ، فكأن دخول الميم في مرعزى كدخولها على مكورى وهو : العظيم روثة الأنف.

وقد علم أن الميم في مكورى زائدة ؛ لأنه مشتق من الكور ، والكور : الجماعة فلما كانت ميم مرعزى زائدة ، كانت في مرعزى بالكسر زائدة أيضا ، وكسرت الميم فيه للإتباع كما كسرت في" منخر" و" منتن".

ومعنى قوله" ليست كطرمساء"

هو أن طرمساء من ذوات الأربعة لحقه ألف التأنيث وليس مرعزى ، قال : " لأن مرعزى لم يوجد له من ذوات الأربعة ما قد لحقه ألف التأنيث عن هذا المثال".

يعني : لم يوجد من ذوات الأربعة ما شدد لامه الثانية ولحقه ألف التأنيث ، وقد وجد ذلك في بنات الثلاثة نحو مكورى ويهيّرى ، وهو من ذوات الثلاثة ؛ لأنهم يقولون : يهير ، فيعلم أن الياء الأولى زائدة بمنزلة الياء في يرمع ويعمل. ولا يجعل الياء الثانية زائدة ؛ لأنا لو جعلناها زائدة لجعلنا الأولى أصلية ، وصارت الكلمة على فعيل ، وليس في الكلام فعيل إلا حرف زعموا أنّه مصنوع وهو صهيد.

وقوله : " إن لم تشتق من الحرف شيئا تذهب فيه الألف" إلى قوله : " لأنها عندهم بمنزلة الهمزة".

يعني إن لم تقل : إن الألف زائدة في أفعى وموسى ، لزمك ألا تقول إن الألف في الزامج والعالم زائدة ؛ لأنه لا اشتقاق له دون ما يحمل على النظير الذي تكثر زيادته ويلزمه أيضا أن يقول : إن الألف في سرادح بمنزلة الميم في" هدملة" وهذا لا يقوله أحد لكثرة تبين مثلها زائد

٦٤٨

في ما دل الاشتقاق عليه.

ثم قال سيبويه : عقيب شيء قدمه" كما جعلت المراجل ميمها من نفس الحرف

حيث قال العجاج :

* بشية كشية الممرجل (١)

يعني : أن الميم في" المراجل" أصلية ، وكان الحكم عليها في الظاهر أن تكون زائدة لأنها إذا وقعت أولى وبعدها ثلاثة أحرف ، قضي عليها بالزيادة إلا أن يقوم دليل يبين أنّها أصلية.

والدليل الذي حمل على أنّها في" المراجل" أصلية قولهم :

ممرجلة للثياب التي تعمل على نحو : " المراجل" أو على نقشها أو صورها ، فلو جعلنا الميم زائدة في المراجل كان ممرجل : ممفعل ، وليس ذلك في الكلام ، فإذا جعلناها أصلية كان" ممرجل" مفعلل نحو : مدحرج ومسرهب.

وقوله : لا يدخل الزامج ونحو اللهابة إلى قوله كألف حاحيت وألف حاحى ونحوه.

يعني : أنّه إن قال قائل : إن ألف الزامج واللهابة زائدة ، لأنا لو بنينا منها فعلا سقطت الألف منه ، لأنا نقول : زمج أو زمّج ، ولهب أو لهّب ، فعلم أن الألف زائدة بهذا.

وما كان غير هذا نحو ألف : هلكى وعلقى ، قضي عليه بأنه أصل لأنك لو صرفت منه فعلا ، ثبتت فيه الألف فقلت : علقى يعلقى.

فقال له سيبويه : فإذا كنت لا تجعل الألف زائدة إلا باشتقاق ، فيلزمك أن تجعل كل ألف لا يسقطها الاشتقاق أصلية ، سواء ثبتت في ما تصرف من الفعل أولم تثبت إذا لم يأت اشتقاق يذهبها. فلزمك من هذا أن ألف زامج" ولهابة" أصلية بمنزلة ألف حاحيت وعاعيت"

و" حاحيت" و" عاعيت" عند البصريين فعللت ، دون فاعلت وهو عندهم بمنزلة صلصلت وليس بمنزلة : قاتلت.

واستدلوا على ذلك بمصدره لأنهم يقولون : حاحاة وعاعاة كما يقولون صلصلة ورقرقة في مصدر صلصل ورقرق.

والأصل في حاحيت وعاعيت وما أشبههما عندهم منقلبة من ياء ، كما قالوا في ييجل ياجل.

قالوا : وليست بمنقلبة من واو ؛ لأنها لو كانت كذلك لجاءت على الأصل كنظائرها من قوقيت وضوضيت ، ولا يعرف شيء من الياء في الباب على أصله فحمل على الياء لأجل ذلك.

__________________

(١) ديوان العجاج ٤٥ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٣٤٥ ، شرح السيرافي ٢٣٩ ورقة ٣ ، الممتع في التصريف ١ / ٢٤٨ ، اللسان" رجل" ١١ / ٢٧٤" مرجل" ١١ / ٦٢٢.

٦٤٩

وقال بعض النحويين : ليست ألف منقلبة من ياء ولا واو ، بل الياء في حاحيت منقلبة من ألف ، والأصل : حاح وحا الثانية تكرار للأولى وهما حكاية الصوت ، فلما ركبا فصيرا كلمة واحدة وقع التغيير بالأخيرة منها ؛ لأنه لا يجوز أن تقع تاء المتكلم على ألف في الفعل حتى تغير فتقلب ياء أو واوا كقولك : غزوت ورميت وما أشبه ذلك.

وقوله : " فمن قال سرداح ؛ لأنها لا تدخل لأنها أكثر من جردحل" إلى قوله : " فالألف أكثر مما ألحق به من بنات الأربعة".

يعني أن قائلا ـ من لا يحكم للألف بالزيادة على مذهب سيبويه ـ لو قال : إن الألف في" سرداح" زائدة لأنها تدخل في باب" جردحل" الأقل ، ولا تلحق به إذا كان أكثر من جردحل ؛ لأن ما جاء على وزن جردحل أقل مما جاء على وزن سرداح.

قيل له : ليس هذا بحجة لأنا قد رأينا ما يلحق ببنات الأربعة من ذوات الياء والواو ، والألف أكثر من ذوات الأربعة ، ولم يمنع ذلك أن يلحق بها ، فكذلك سرداح يلحق بجردحل وإن كان مثاله أكثر من مثال جردحل.

قال : " ومن أدخل عليه سرداح مثل جردحل لزمه أن : يجعل عذافر مثل قذعمل لتساوي نظير تحريكاتهما وسواكنهما".

وحكم الألف إذا كانت حشوا في الاسم ، أن لا تكون لاحقة بشيء من ذوات الأربعة ولا غيرها.

وجعل سيبويه التاء في تنبالة وتنبال أصلية ، ووزن تنبال عنده : فعلال ومن أهل اللغة من يجعل التاء في تنبال زائدة كالتاء في تخفاف وتبيان ، ويزعم أن التنبال : هو القصير ، والنبل هو القصير ، فتنبال تفعال بما ذكره من الاشتقاق.

وذكر أن النون والواو في" كنثأو" و" قندأو" وما أشبههما زائدتان ، واستدل على ذلك بشيء لطيف ، وذلك أنّه قدر زيادة الواو لكثرة كونها زائدة ، وبقيت النون والهمزة وإحداهما لازمة للأخرى في هذا البناء.

فيجوز أن تكون الهمزة هي الأصل والنون زائدة ويجوز أن تكون النون الأصل والهمزة زائدة فجعل الهمزة أولى بالأصل والنون أولى بالزيادة لأن زيادة النون حشو أكثر من زيادة الهمزة فاعلمه.

ومن غريب الباب :

كنابيل : أرض معروفة. واللهابة : كساء يجعل فيه حجارة أو غيرها يعدل به الجمل إذا ركب في شق. والزامج : جملة الشيء ، يقال : أخذته بزامجه ، أي : بجملته ، والرامك : ضرب من الطيب ، واستسعلت المرأة إذا خبث حلقها وطال لسانها والمرأة سعلاة : إذا كانت كذلك.

٦٥٠

وقطوطى وقطوان : هو الذي يتبختر في مشيه. والأرونان : الشديد. والشجوجي : الطويل. وآذلولي : الرجل إذا انطلق في استخفاء. وحاحيت بالغنم : صوت بها.

والهينغ : المرأة الضاحكة المغازلة لزوجها ، والميلع : الناقة السريعة ، وملعت : أسرعت والحذيم الحاذق بالشيء ، وحذمت الشيء قطعته. العيضموز : الناقة المسنة والعيطموس : الحسنة التامة. والزبنية : واحدة الزبانية.

والعفرية : الداهية. والحماطط : ضرب من الشجر يتخذ منه القسي.

يأجج : موضع حكاه سيبويه بفتح الجيم الأولى ، وهو عنده على فعلل والياء أصلية ، وكذلك قال الجرمي : إلا أنّه حكى كسر الجيم الأولى ، وهو عنده على فعلل وجاز ذلك لأن إحدى الجيمين زائدة. وفي كسر الجيم وجه آخر غير هذا ، وهو أن يكون يفعل والياء زائدة وأظهرت الجيم ولم تدغم كما قالوا : مششت الدابة ، ولججت عينه.

ضوضيت من الضوضاء وهي الجلبة. دهديت الشيء ودهدهته إذا دحرجته عاعيت وحاحيت وهاهيت متقاربة في المعنى وهي أصوات البهائم.

قوقيت ، أي : صوت ، وأكثر ما تستعمل للدجاج عند المبيض ، الصيصية : شوكة الديك ، وقرن الثور وكل ما احتمي به. والشوحط : شجر يتخذ منه القسي.

الصوقعة : خرقة تجعلها المرأة عند رأسها دون خمارها. اعتنفته : إذا ـ استأنفته وابتدأته.

والدواسر : الشديد وورنتل : الشر ، يقال وقع في ورنتل : أي في شر. قرنوة : نبت يدبغ به.

الخروع : نبت لين. التنضب : شجر. التّحليء والتحلئة : ما يقع من الأديم إذا قشر ، وفي مثل العرب" حلأت حالئة عن كوعها" والتّربوت : ناقة ذلول ، والتاء بدل من الدال وأصله الدربة والدولج والتولج : المدخل ، وأصله وولج والتخربوت : الناقة الفارهة ، والنهشل والنهسر : الذئب ، والنهضل : الشيخ الكبير.

والجعثن : الغصن : والعنتر : ضرب من الذباب ، والزرنب نبت طيب الريح.

الحبتر : القصير. والعفرني : الشديد.

عصنصر : جبل. السرحان في لغة بعض العرب الذئب وفي لغة بعضهم الأسد ، والقيقبان والقيقب : خشب السرج ، شرنبث : شديد قبيح المنظر.

الجرنفس : الغليظ. وبعضهم يقوله بالشين المعجمة ، الجعظري والجعنظار : الشره النهم.

الخدرنق : الذكر من العناكب. الجرائض : العظيم الثقيل. والحطائط : القصير.

هذا باب من الزيادة : الزيادة فيه من غير حروف الزيادة ولزمه التضعيف

كلام سيبويه في هذا الباب مفهوم.

ومن غريبه :

٦٥١

الجبّاء والجبّاء : الضعيف الجبان. الطّملال : الذئب الأطلس. والدّخليل : السريع.

هذا باب ما ضوعفت فيه العين واللام

هذا الباب وما بعده إلى باب ما الياء فيه والواو ثانية وهما في موضع العين بينة من كلام سيبويه إن شاء الله.

هذا باب ما الواو والياء فيه ثانية وهما في موضع العين فيه

ذكر في هذا الباب طاح يطيح وتاه يتيه ، وبين أنّها من ذوات الواو وكان قياسها طاح يطوح ؛ لأن ما كانت عينه واوا وكان ماضيه فعل فمستقبله يفعل ، ولكنه بنوه على فعل والدليل على ذلك قولهم : طحت وتهت ، كما تقول : خفت ، ولو كان فعل لقيل : طحت وتهت ، كما يقال : جرت وقلت ، فلما كان كذلك صح أنّها فعل. وكان قياس المستقبل أن يكون على يفعل ولكنهم بنوه على يفعل مثل : حسب يحسب ، وكان أصله : يطوح ويتوه ، فألقيت كسرة الواو على ما قبلها فسكنت الواو وانكسر ما قبلها فانقلبت ياء.

وقال بعضهم : قد يكون طاح وتاه من الياء. وإذا صح هذا فهي فعل يفعل بمنزلة باع يبيع ، وزاد يزيد فاعلمه.

هذا باب ما لحقته الزوائد من هذه الأفعال المعتلة من بنات الثلاثة

قوله في هذا الباب : " ولم يجعلوه يعتل من محول إليه كراهة أن يحول إلى ما ليس من كلامهم".

يعني : أنّهم إذا قالوا : أقام وأجاد فهو أفعل وإذا قالوا : استعاذ واستراب فهو استفعل ، ولم يكن على بناء غير هذا ، فحول إليه كما حول كنت وبعت إلى فعلت ، ثم حول إلى فعلت وفعلت وليس في الكلام ما على هذا النحو يحول إلى أفعل.

وقوله : " لو كان يخرج إلى ما هو من كلامهم لاستغني بذا ؛ لأن ما قيل المعتل قد تغير عن حاله في الأصل".

يعني : لو كان في الكلام بناء يخرج إليه هذا البناء كما خرج قلت إلى فعلت الذي مثله في كلامهم لاستغنى بهذا عن البناء الآخر ؛ لأنه قد عمل به ما يعمل به لو حمل من بناء إلى بناء آخر ، ألا ترى أن أجاد وأخاف قد غير فاء الفعل منه فصار بمنزلة : قلت وبعت الذي قد غير فاء الفعل منه ، فقد قام أجاد بتغيير فاء الفعل منه مقام ما غير بناؤه ، وحول منه بتغيير فاء الفعل منه فاعلمه.

هذا باب ما اعتل من أسماء الأفعال المعتلة على اعتلالها

قوله في الباب بعد أن ذكر اسم الفاعل من الفعل المعتل : " وذلك أنّهم يكرهون أن يجيء على الأصل مجيء ما لا يعتل فعل منه".

٦٥٢

يعني : أنّهم لو قالوا : قاول وبايع بغير همز لصار بمنزلة مقاول ومبايع ، الذي قد صح فعله في قاول وبايع ، فكرهوا أن يساوي ما اعتل فعله من أسماء الفاعلين ما صح فعله. وقوله : ولو يصلوا إلى الإسكان مع الألف.

يعني : أنّهم لو أسكنوا الواو في قاول. والياء في بايع لاجتمع ساكنان ، ولا يمكن الجمع بينهما ، ولو حذف أحدهما لالتبس اسم الفاعل بفعله.

واعلم أن المحذوف من اسم المفعول المعتل العين من ذوات الواو ، واو" مفعول" عند الخليل وسيبويه لأنها زائدة ، والتي قبلها أصلية ؛ لأنها عين الفعل فإذا اجتمع حرفان أحدهما زائد والآخر أصلي ، واحتجنا إلى حذف أحدهما ، حذفنا الزائد ، وكان أولى بالحذف ؛ لأنه مجتلب لم يكن موجودا من قبل.

وقال الأخفش : الواو الأولى هي المحذوفة وإن كان عين الفعل ؛ لأن الساكنين إذا اجتمعا فالأول أولى بالتغيير والحذف.

ألا ترى أنا نكسر الحرف الأول لالتقاء الساكنين كقولك :

قامت المرأة : ولم يقم الرجل.

وأما مفعول من ذوات الياء نحو : مبيع ومكيل فسقط أيضا الواو على قول الخليل وسيبويه ؛ لأنها زائدة فإذا سقطت الواو من مبيوع وقد ألقينا ضمة الياء على الباء. صار" مبيع" بسكون الياء وضمة الباء فكسرت الباء لتسلم الياء لأنها لو تركت على ضمتها لوجب قلب الياء واوا ، فكان يصير" مبوع"" ومخوط" على لفظ" مقول" فتلتبس ذوات الياء بذوات الواو ، فكسروا ما قبل الياء لتسلم كما قالوا في جمع أبيض : بيض.

وزعم الأخفش أن الياء هي المحذوفة ، وأنهم ألقوا ضمة الياء على ما قبلها فسكنت فاجتمع ساكنان : الياء والواو ، الأولى منهما أولى بالحذف على ما مضى من قوله في ذوات الواو.

فقيل له : فإذا كان المحذوف هو الياء والمبقى هو واو مفعول وقبلها الضمة التي كانت في الباء فألقيناها على ياء مبيوع وخاء مخيوط فما هذه الياء التي في مخيط ومبيع؟

فأجاب في ذلك أنّه لما ألقينا ضمة الياء على ما قبلها كسر ما قبل الياء قبل حذفها لتسلم الياء ، ثم حذفت الياء لاجتماع الساكنين فقلبت واو مفعول ياء للكسرة التي قبلها.

وبيّن سيبويه أن الياء أخف من الواو ، واستدل على ذلك بأنها أقرب إلى الألف من الواو إذ كانت متوسطة بين الواو والألف.

واستدل على ذلك أيضا بقولهم في ذوات الواو : مشيب ومنيل فيقلبونها إلى الياء لأنها أخف منها ، والأصل مشوب ، ومنول من قولك : شبت الشيء ، إذا خلطته ونلت الرجل : أعطيته.

فمن حيث قيل : مشيب في مشوب ومنول. ولم تكن فيه ياء ولا كسرة لزم أن يقال :

٦٥٣

مبيع ومخيط إذا كانت الياء موجودة فيه.

وبعض النحويين يقول : إنما قلبت الواو ياء في مشيب ومنيل لانقلابها في الفعل.

وذلك أنك تقول : شيب الشراب ونيل زيد معروفا ، فلما انقلبت في الفعل انقلبت في المفعول لأنه جار عليه.

واعلم أنك إذا قلت : مفعلة مما عينه ياء أو فعل وكان في غير جمع ، فإن الخليل وسيبويه ومن تابعهما كانوا يثبتون الياء ويجعلون مكان الضمة قبلها كسرة لتسلم الياء ويقولون : لو بنينا من البيع والعيش مفعلة لقلنا : مبيعة ومعيشة والأصل معيشة ومبيعة ، فألقيت حركة الواو على ما قبلها فسكنت وقبلها الضمة فجعلوا مكانها كسرة لتسلم الياء كما قالوا : بيض وعين.

قال الأخفش : " مفعلة" و" فعل" إذا لم يكن جمعا مثل : بيض ، تقلب الواو فيه ياء لانضمام ما قبلها ، فتقول : معوشة ومبوعة. ومما يشهد لقوله ، أنّهم يقولون : مضوفة لما يخاف منه وهي من : ضاف يضيف إذا أشفق وحذر. وقال الأخفش : بيض وعين ليست بحجة لأنه جمع ، والجمع يلزمه من الاعتلال ما لا يلزم الواحد.

ومعنى قول سيبويه" وإنما جعلناها في فعلت يفعل تابعة لما قبلها في القياس" إلى قوله : " إذا سكنت لم تتبعها الكسرة".

يعني : أنك لو بنيت من ذوات الواو فعل يفعل والواو لام الفعل ، صارت ذوات الواو ياء لانكسار ما قبلها كقولهم : شقي ورضي من الشقوة والرضوان.

وتقول في يفعل : يطيح ويتيه على لغة من يقول : ما أطوحه وأتوهه ، وإنما كان هذا على هذه اللغة : يطوح ويتوه ، فلما ألقيت كسرة الواو على ما قبلها سكنت وقبلها كسرة فانقلبت ياء فتبعت الواو الكسرة التي في" شقي" وفي" يطيح" وكذلك تبعت الياء الضمة في : رمو وقصو.

وقوله بعد أن ذكر فعل التعجب واعتل لصحته فقال : " لأن معناها نحو من معنى أفعل منك ، وأفعل الناس لأنك تفضله على من لم يجاوز أن لزمه قائل وبائع ، كما فضلت الأول على غيره وعلى الناس".

يعني أنك إذا قلت : ما أقوله وأبيعه ، فأنت تفضله على غيره ، وإذا قلت : هو أقول الناس وأبيع منك : فأنت تفضله أيضا ، فهما في معنى واحد.

وقوله : " لأنك لم تفضله على من لم يجاوز أن لزمه قائل وبائع".

يعني أن التفضيل بقولك : ما أقوله ، وبقولك : هو أقول منك وأبيع الناس لا يقع لكل من قال شيئا أو باعه ؛ لأنك إذا قلت : ما أقوله فإنما تفضله على قائل آخر ، فإذا قلت : هو أبيع منك فإنما تفضله على المخاطب. وإذا قلت : هو أقول الناس فأنت تفضله على الناس فيقع على كل من قال قولا أو باع بيعا ، اسم قائل وبائع فقط ، فإذا تكرر قوله وبيعه صار إلى أحد

٦٥٤

يفضل جاز أن يقال : ما أقوله وأبيعه فتفضله على ما يستحق أن يقال له قائل وبائع فقط.

ومعنى قوله : " وكما فضلت الأول على غيره وعلى الناس".

يعني : يفضل بقولك : ما أقوله وأبيعه على من يستحق اسم قائل فقط كما أنك إذا قلت : هو أقول منك ، فقد فضلته على غيره وإذا قلت هو أقول الناس فقد فضلته على الناس.

وقوله بعد أن ذكر أبنية مختلفة وبيّن وجوهها ثم قال : " وإنما منعنا أن نذكر الأمثلة مما أوله ياء. أنّها ليست في الأسماء والصفات إلا في يفعل".

يعني : أنّه لم يذكر أبنية مختلفة في أولها ياء زائدة لأنه لم يجئ في الأسماء شيء أوله ياء زائدة على مثال الفعل إلا في يفعل خاصة نحو يرمع ويعمل.

فإن قال قائل : فقد جاء يعفر.

قيل له : يجوز أن يكون يعفر إتباعا ، إما أن يكون يعفر فأتبعوا الياء الفاء أو يكون يعفر فأتبعوا الفاء الياء.

وقوله عقب شيء قدمه : " وإنما تشبه الأسماء بأفعل وإفعل" إلى آخر الباب.

يعني : أن تفعل من القول إذا بنيناه معتلّا فقلنا : تقول ، فهو مشبه بأفعل في الفعل.

ومعنى قوله : " ويفرق بينه وبينهما إذا كانتا مسكنتين على الأصل قبل أن يدركهما الحذف لا على ما استعمل في الكلام".

يعني : أنا إذا قلنا : قل وبع ، فأصله أقول وأبيع ، ثم تعلها فتلقي حركة الواو والياء على ما قبلها فيصير أقول وأبيع ثم تحذف منه ألف الوصل لتحرك القاف والباء فإذا بنينا تفعل وهو تقول ، أو تفعل وهو تبيع فهو مشبه بأقول وأبيع. بعد إلقاء حركة الواو والياء على ما قبلها وقبل حذف ألف الوصل.

فمعنى قوله" مسكنتين" :

أي : بعد أن سكنت الواو والياء بإلقاء حركتيهما على ما قبلهما

ومعنى قوله : " قبل أن يدركهما الحذف"

يعني : قبل حذف ألف الوصل يقع التشبيه.

وقوله : " لا على ما استعمل في الكلام ولا على الأصل" يعني أن المستعمل في الكلام قل وبع بغير ألف وصل ، والأصل ضم الواو وكسر الياء ، أقول وأبيع ولم يقع التشبيه بهذا المستعمل في الكلام إذا لا ألف وصل فيه ولا بالأصل لأن الواو والياء في الأصل متحركتان ، وإنما يوقع التشبيه بالحال التي كانت بين الحالتين وهي إلقاء حركة الواو والياء على ما قبلهما قبل حذف ألف الوصل.

وقوله : " ولكنهما إذا كانتا بمنزلة أقام وأقال. ليس فيهما إلا إسكان متحرك أو تحريك ساكن".

٦٥٥

يعني : إنما وقع التشبيه إذا كانت بمنزلة أقام ؛ لأن أقام أصله أقوم ، فألقيت حركة الواو على القاف وسكّنت الواو ، فإذا ألقيت من أقول حركة الواو على القاف قبل أن تلقى ألف الوصل ، فقد صار بمنزلة أقام لأنك لم تعمل بواحد منها أكثر مما ألقيت حركة الواو على الساكن الذي قبلهما ، فتسكن الواو وتحرك الساكن الذي قبلها ، فهذا معنى قوله" إسكان متحرك أو تحريك ساكن".

وأنشد في ما جاء تفعلة مما عينه واو :

* بتنا بتدورة يضيء وجوهنا

دسم السليط على فتيل ذبال (١)

فتدورة : تفعلة من دار يدور ، وهو موضع مستدير بين جبال.

هذا باب أتم فيه الاسم على مثال ، فمثل به لسكون ما قبله وما بعده ،

كما المضعف إذا سكن ما بعده

قوله بعد أن ذكر الإقامة والاستقامة واعتلالهما : لو كانتا تفارقان كما

تفارق بنات الثلاثة التي لا زيادة فيها مصادرها ، لتمت كما تتم فعول منهما.

يعني : أن الإقامة والاستقامة مصدران لأفعل واستفعل وهما معتلان وليسا كمصادر الأفعال الثلاثية التي لا تلزم طريقا واحدا كفعول مصدر : غار يغور غؤورا وقعد يقعد قعودا ، وليس كل ثلاثي مصدره فعول ؛ لأنك تقول : قدر قدرة وعلم علما وقد صح فعول ؛ لأنه ليس بمصدر لازم لفعل معتل.

وقوله : " فإذا قلت : فواعل من عورت وصيدت" : همزت إلى آخر الباب.

اعلم أن ألف الجمع متى وقعت بين واوين وكانت الواو الثانية منهما قبل الطرف وليس بينهما وبين الطرف حاجز وجب قلب الواو الثانية همزة والأصل في ذلك أنّهم رأوا العرب قد همزت" أوائل" وقد علم أن الأصل فيه أوايل ، لأن الواحد أول وهو أفعل ، فالواو والعين واوان ، فلما فعلت العرب ذلك ـ لأن اجتماع واوين ثقيل واعتلال الأطراف كثير ـ غيروا إحدى الواوين وشبهوهما باجتماع واوين في أول الكلمة ، وذلك يوجب الهمز كتصغير" واصل" وجمعه" أويصل" و" أواصل" وغير ذلك قاس سيبويه فزعم أن اجتماع الياء والواو إذا وقعت ألف الجمع بينهما كاجتماع الواوين ، كقولك في جمع : بعير صائد غدا : أبعرة صوائد ، بهمز الياء لوقوع ألف الجمع بينهما وبين الواو ، وجعل الأصل في ذلك ما سمع من العرب في جمع عيل : عيائل مهموزة.

__________________

(١) ديوانه ٢٧٥ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٣٦٥ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٤١٨ ، المنصف (١ / ٣٢٤ ، ٣ / ٥٤) ، الممتع في التصريف ٤٨٦ ، اللسان دور ٤ / ٢٩٦ ، ذبل ١١ / ٢٥٦.

٦٥٦

وقال الأخفش : القياس أن لا تهمز الياءان ولا الواوان ، كما أن اجتماع الواوين في أول الكلام يوجب قلبهما همزة واجتماع الياءين ، والياء والواو لا توجب قلب واحد منهما.

فإذا كان بين الواو الثانية وبين الطرف حرف لم يقلبهما همزة في مذهب سيبويه وغيره كقولك : طواويس ونواويس ، وكذلك الياءان كقولك : عاييل وما أشبهه وعيائل جمع عيال ، وهو فعال من عال يعيل إذا تبختر وعياييل جمع عيل من عال يعيل ، إذا افتقر.

فإذا اضطر الشاعر إلى أن يمد ، جمع عيل ثم يهمز لبعد الياء من الطرف كما لم يهمز طواويس ، فتقول : عياييل في جمع عيل.

واعلم أن لام الفعل متى اعتلت وعرضت قبلها همزة في الجمع ، ولم يكن أصلها الهمز ، فإن لام الفعل تقلب ألفا ، ثم تقلب الهمزة ياء ، تقول في جمع شاوية : شوايا ، والأصل شواو ، فوقعت ألف الجمع بين واوين وهي قريبة من الطرف فوجب همز الواو فصار شواء ، فعرضت هذه الهمزة في الجمع ولام الفعل معتلة فقلبت الياء ألفا وصار شواء ، فوقعت الهمزتان ألفين والهمزة تشبه الألف فصارت كأنها ثلاثة ألفات ، فقلبت الهمزة ياء فصار شوايا ، وعلى هذا قياس ما جاء من هذا الجمع.

ومعنى قول سيبويه في آخر الباب : " أن" نظيرها من" حييت" يجري مجرى" شويت" فيوافقها كما اتفقا في الاعتلال في قلت وبعت"

يعني أن : ذوات الياء وهي : " حييت" وذوات الواو وهي : " شويت" تجري في الجمع مجرى واحدا في باب الاعتلال ، فيقال : شوايا وحيايا كما اتفق قلت وبعت في الاعتلال.

هذا باب ما جاء من أسماء هذا المعتل على ثلاثة أحرف لا زيادة فيه

ذكر في هذا الباب أن ما كان من الأسماء عينه واو وياء ولا نظير له في الأفعال ، لا يعتل نحو : فعل وفعل كقولك : رجل نوم أي : كثير النوم. ورجل سولة : على لغة من قال رجل أسول ، أي : مسترخي ، ورجل لومة : كثير اللوم ، وعيبة : كثير العيب. وفعل فهذه المنزلة كقولك حول ، وهو التحول عن المكان وبيع وديم.

وأما فعل من ذوات الواو فمعتل لثقل الضمة في الواو كقولهم : عوان وعون ، وسوار وسور ، فإن اضطر الشاعر أتى" به على الأصل كما قال" :

* وفي الأكف اللامعات سور (١)

فأما فعل من الياء فإنه لا تستثقل فيه الضمة ؛ لأن الياء أخف من الواو ، تقول : رجل

__________________

(١) ديوان عدي ١٢٧ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٣٦٩ ، المقتضب ١ / ١١٣ ، شرح السيرافي ٣ / ٢٨٧ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٤٢٤ ، المنصف ١ / ٣٣٨ ، رسالة الغفران ١٧٩ ، شرح المفصل (٥ / ٤٤ ، ١٠ / ٨٤). الممتع ٢ / ٤٦٧ ، الهمع ٢ / ١٧٦ ، اللسان لمع ٣٢٤.

٦٥٧

غيور ، وقوم غير ، ودجاج بيض ، وكذلك ما أشبهه.

هذا باب تقلب فيه الواو ياء ، لا لياء قبلها ساكنة ولا لسكونها وبعدها ياء

قوله في هذا الباب : " ولا يستثقلونها في فعلات. إلى قوله : " ألزموا البدل ما قلب في الواحد".

يعني أنّهم يقولون : حورات ودولات ، فيسكنونها وهم يحركون غيرها من الحروف الصحيحة كقولهم : تمرة وتمرات ، وضربة وضربات ، وإنما لم يحركوها لأنها من حروف العلة ، وقد تسكن في مثل هذا الجمع الحروف الصحيحة كقول الشاعر :

* فتستريح النفس من زفراتها

فإذا كان ما ليس فيه علة قد يسكن ، كان حرف العلة أولى بذلك.

قوله : " فصارت الكسرة بمنزلة ما قبلها.

يعني : الكسرة في : قيام ورياض بمنزلة الياء في" ميوت" ، وهو أصل ميت ، قلبت الواو ياء من أجل الياء فصارت الكسرة في قيام كالياء في ميوت.

وقوله : " وعملت فيها الألف لشبهها بالياء ، كما عملت ياء يوجل في ييجل".

يعني : اجتماع الواو والألف في قيام وحياض ، والأصل : قوام وحواض ، كاجتماع الياء والواو في يوجل ؛ لأنه قد جعل الألف كالياء لشبهها بها. وتقدم الواو وتأخرها في القلب واحد. ألا ترى أنك تقول : لويته ليّا وأصله لويا ، وتقول في تصغير" صفو" : " صفي" وأصله" صفيو" فلما كان ذلك كذلك ، كان تقدم الواو على الألف في قوام وحواض كتأخرها في يوجل.

وقوله : " وأما ما كان قد قلب في الواحد فإنه لا يثبت في الجمع إذا كان قبله الكسر".

يعني أن ما قلب من الواحد ، أولى بالإعلال مما سكنت الواو فيه ولم تقلب ، فصار ما قلب واوه في الواحد يقلب في الجمع ، وإن لم يكن بعدها ألف كقولك : ديمة وديم ، وأصلها من دام يدوم ، وكذلك قامة وقيام وهي من قام يقوم.

وقوله : " وأما فعلان فيجري على الأصل نحو : " جولان وحيدان" إلى قوله نحو : الحول واللّومة".

جعل فعلانا إذا كانت عين الفعل واوا أو ياء بمنزلة ما لا يعتل وهو كلام العرب الشائع الكثير ، وذلك أنّهم جعلوه بهذه الزيادة خارجا عن وزن الفعل ، لاحقا بها لا يعتل ولا يشبه الفعل كحول وغيره.

ثم قوّى سيبويه ذلك بأن قال : لما رأينا فعلان إذا كانت لام الفعل منه واوا أو ياء لا يعتل كقولك النّزوان والنفيان ولام الفعل أولى بالإعلال من عينه ، وجب أن لا يعتل العين في

٦٥٨

هذا البناء إذا لم تعل اللام في ذلك وهي أولى بالإعلال منها.

ثم ذكر أن بعض العرب يعل فعلان الذي عينه واو أو ياء فيقول : حادان وهامان ، والأصل : حيدان من حاد يحيد ، وهيمان من هام يهيم ، ودولان من دال يدول من الدّولة وهذا شاذ قليل.

وقال المبرد : القياس إعلال جولان وحيدان ؛ لأن الألف والنون عنده بمنزلة هاء التأنيث. و" جولان وحيدان" عنده شاذ خارج عن القياس.

هذا باب ما تقلب فيه الياء واوا

ذكر في هذا الباب أن العرب فرقت بين الاسم والصفة في أبنية ، فأجروا الاسم لخفته مجرى يحببوه في الصفة ، من ذلك" فعلى" إذا كان اسما وكان عين الفعل منه ياء ، قلبوها واوا لانضمام ما قبلها وإذا كان صفة كسروا ما قبل الياء حتى تسلم الياء فقالوا في الاسم : طوبى والأصل : " طيبى" لأنه من الطيب ، وقالوا في الصفة امرأة حيكى و (قِسْمَةٌ ضِيزى) [النجم : ٢٢].

لأنه من حاكت في مشيها حيكا ، وضيزى : من ضاز يضيز ، وليست في الصفات فعلى فيصير حيكى وضيزى مثل بيض ، وأصله بيض.

فإذا كان" فعلى" في المؤنث نظيرا لأفعل في المذكر كان بمنزلة الاسم وإن كان نعتا ؛ لأنه لا يستعمل إلا بالألف واللام كقولك في تأنيث الأكيس : الكوسى كما قلت في تأنيث الأفضل : الفضلى ، شبهوا الاسم في قلب الياء واوا لانضمام ما قبلها بموسر وموقن وشبهوا الصفة ـ بكسر ما قبل الياء ـ ببيض وعين وكانت سلامة الياء في الصفة أولى ؛ لأن الصفة أثقل من الاسم والياء أخف من الواو فجعل لفظ الخفيف للثقيل.

فإذا كان الاسم أو النعت على" فعلى" من ذوات الواو والياء ، ولم يتغيرا لأنهما ساكنان وقبلهما فتحة كقولك : فوضى وامرأة عيثى ، تأنيث عيثان من عاث يعيث وهو المفسد.

وسائر الباب مفهوم من كلام سيبويه.

هذا باب ما تقلب فيه الواو ياء

إذا كانت متحركة والياء قبلها ساكنة

قوله في هذا الباب بعد أن ذكر" فيعلا" من القول يقال : به قيل : " فلو كان يغير شيء من الحركة باطراد لغيّروا الحركة هاهنا".

يعني أنا لو بنينا" فيعل" من القول لوجب أن تقول قيّل ؛ لأنا نزيد ياء فيعل فيصير قيول فتنقلب الواو لسكون الياء قبلها وتدغم فيها.

ولو كان" فيعل" من ذوات الياء والواو يوجب الكسر ـ كما زعم من حكى عنه سيبويه في سيد وميت أنّه : فيعل غيرت حركته ـ لوجب أن يقال قيّل ولاطّرد ذلك وسائر كلامه

٦٥٩

مفهوم إن شاء الله.

هذا باب ما يكسر عليه الواحد

مما ذكرناه في الباب الذي قبله

قوله في هذا الباب بعد أن ذكر ما أعلّ من الجمع لاعتلال واحده ، ولو لم يعتل لم يهمز كما قالوا : ضيون وضياون يعني أن ضيونا لم تحمله العرب على ما يوجبه القياس ، لأن القياس فيه أن يقال" ضين" لاجتماع الواو والياء.

فلما حمل على الأصل في الواحد ولم يعلّ ، حمل عليه في الجمع. وقد ألزم المبرد سيبويه المناقضة في ذلك من قبل أنّه يقول في قول العرب :

* قد علمت ذلك بنات ألببه

لو جمع لقيل : بنات ألّابه ولم يقل بنات ألاببه ؛ لأن القياس في الواحد كما قالته العرب على الأصل ، فإذا جمعت إلى القياس فتقول : ضياين كما قلت : بنات ألابه.

والحجة لسيبويه في الفرق بينهما أن العرب تكلمت بواحده وجمعت فقالت" ضيون" وضيّاون" حكى ذلك أبو زيد وغيره من أهل اللغة ، فكان الجمع والواحد شاذا عن القياس.

هذا باب ما يجري فيه بعض ما ذكرنا إذا كسر للجمع على الأصل

جميع ما في هذا الباب مفهوم من كلامه وقد تقدم تبيين أكثره فاعلمه.

هذا باب فعل من فوعلت من قلت وفيعلت من بعت

قوله في هذا الباب : وإنما صح اسيوير في ما لم يسمّ فاعله" لأن هذه الواو تقع وليست بعدها ياء".

يعني : أن الباء التي وقعت قبلها الواو الزائدة قد يقع موقعها حرف آخر فيمد نحو" اغدودن" فإذا وقعت الياء لم تذهب المدّة وإنما أدغم في ما سمي فاعله لزوال المدّ ، وإذا بنيت من قال : " افعوعل قلت على قول سيبويه اقووّل".

وكان الأخفش يقول : اقويل كراهية لاجتماع الواوات فيقلب الطرف فيصير : " اقوويل" ثم تقلب وتدغم ولم يكن سيبويه يفعل باجتماع الواوات.

لأنه يجتمع في حشو الاسم من الواوات ما لا يجوز مثله في الطرفين ، ألا ترى أنّهم قالوا غرت غؤورا ، فجمعوا بين ضمتين وواوين والضمات كالواو فكأنها ثلاث واوات.

قال : " وسألت الخليل عن اليوم فقال : كأنه من يمت وإن لم يستعملوا هذا في كلامهم".

إن قال قائل : ما معنى قوله : " كأنه من يمت؟ " وما الذي أحوجه إلى الفعل والأسماء أصول ، والأفعال فروع ، وهذا الذي يتردد في غير موضع من الكتاب؟

قيل له : لو يرد أن يوما مأخوذ من" يمت" وإن كان لا يتكلم به ، وإنما أراد أنّه لو بني

٦٦٠