النكت في تفسير كتاب سيبويه

أبي الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى أعلم الشنتمري

النكت في تفسير كتاب سيبويه

المؤلف:

أبي الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى أعلم الشنتمري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧١٢

بناءهما : مشابهتهما لفعال التي تقع في الأمر. ومشابهتهما إياها وقوعهما موقع غيرهما وأن لفظهما واحد ، وأنهما معرفتان ومؤنثتان.

وزعم المبرد أن الذي أوجب بناءها : أنها لو كانت مؤنثة معرفة غير معدولة ، لكان من حكمها ألا تصرف فلما عدلت ، زادها العدل ثقلا ، فلم يبق بعد منع الصرف إلا البناء.

وهذا قول مدخول من قبل أن الشيء إذا اجتمع فيه علتان ـ تمنعان من الصرف ـ أو ثلاث أو أربع ، كانت القصة واحدة في منع الصرف ، ولا يتجاوز العلل إلى البناء ؛ لأن البناء يقع بمشاكلة الحروف والوقوع موقعها.

ومنع الصرف إنما يكون لاجتماع علتين فصاعدا من العلل التي تمنع الصرف ، فهذا يبين لك ما ذكرناه من صحة قول سيبويه وفساد قول غيره.

قوله : «والضم نحو حيث وقبل وبعد»

وأما" حيث" فقد مر تفسيرها.

أما «قبل» و «بعد» : فإن أصلهما في الكلام أن تكونا مضافتين فحذف ما أضيفتا إليه ، واكتفى بمعرفة المخاطب ، فصار بمنزلة بعض الاسم ، ثم حذف المضاف إليه فوجب أن تبنيا ؛ لأن بعض الاسم مبني.

فإذا نكرا لحقهما الإعراب ؛ لأنهما لم يتضمنا معناهما مضافتين ، ولا عرف المخاطب معناهما مضافتين ، فلم يصيرا كبعض الاسم وبنيتا على الضم من بين الحركات ؛ لأن كل واحدة منهما لما كانت منصوبة ومخفوضة في حال الإضافة والتمكن ، أعطيت في حال البناء حركة لم تكن لها في حال التمكن وهي : الضمة.

وعلة ثانية : أن «قبل» و «بعد» قد حذف منهما المضاف إليه وضمنتا معناه ، فحركا أقوى الحركات وهي الضمة ليكون عوضا من الذاهب.

قوله : «والوقف : من ، وكم وقط وإذ»

أما «من» فهي اسم يستفهم بها عن ذوات من يعقل ، وهي متضمنة حرف الاستفهام ، فبنيت من أجل ذلك.

ـ وتقع في المجازاة موقع حرف الجزاء ، وهو «إن» فتبنى لوقوعها موقعه.

ـ وتقع بمعنى «الذي» لذوات من يعقل ، فتحتاج في هذا الموضع من الصلة إلى مثل ما احتاجت إليه «الذي» فهي بعض الاسم ، وبعض الاسم لا يكون إلا مبنيّا.

وأما «كم» فهي مبنية على السكون لتضمنها معنى الألف إذا كانت استفهاما. ومعنى «رب» إذا كانت خبرا ، وهي تقعد أبدا في صدر الكلام كما تقع الألف و «رب».

٢١

فإن قلت : لم وقعت «رب» صدرا وهي من حروف الجر وحروف الجر لا يقعن صدرا؟.

فالجواب : أن «رب» ضارعت حرف النفي ، وهو «لا» التي تنفي الجنس ومضارعتها لها إنما تقلل ، والتقليل شبيه النفي فجعلت صدرا كما جعلت «لا».

وأما «قط» : فهي مبنية على السكون ؛ لأنها اسم وقع موقع فعل الأمر في أول أحواله ، وذلك قولك : «قطك درهمان» تريد : ليكفك درهمان. أو اكتف بدرهمين ونحو ذلك من التقدير في معناها. قد تقول : قدك درهمان ، وهما بمعنى «حسب».

فإن قلت : فهلا بنيت «حسبك» إذ كانت في معناهما؟

فالجواب في ذلك أن «حسب» اسم صحيح أريد به معنى الفعل بعد أن وقع متصرفا ، ولم يقع في أول أحواله موقع الفعل كما فعل «بقط».

والدليل على ذلك : أنك تقول : أحسبني الشيء إحسابا ، أي : كفاني.

وهذا عطاؤكم حساب ، أي كاف. فمعنى «حسبك» : أي كافيك في أصل موضوعه من جهة اللغة لما بيناه من تصرفه ، فلذلك لم يبن فاعرفه.

وأما «إذ» فإنها مبنية على السكون لوقوعها على الأزمنة الماضية كلها.

واحتياجها إلى إيضاح يصحح معناها ، ويفهم به موضعها كاحتياج «الذي» إلى الصلة ، فهي بعض الاسم لاحتياجها إلى ما يوضحها ، وبعض الاسم مبني.

وقوله في الأفعال الماضية : «فلم يسكنوها كما لم يسكنوا من الأسماء» إلى قوله : «بمنزلة غير المتمكن».

أي : لم يسكنوا الأفعال الماضية كما لم يسكنوا من الأسماء التي حكمها البناء ، ما كان مضارعا للمتمكن نحو : من عل ، ولا ما كان متمكنا في حال ، ثم بني لعلة دخلته نحو قولهم : أول ، ويا حكم.

اعلم أن «عل» معناه : فوق ، وفيه لغات :

يقال : جئتك من عل ، ومن عل ، ومن (علو) ، ومن علو ومن معال ، ومن عل ، وهي كلها بمعنى : فوق.

وفوق لا بد من أن يكون مضافا إلى شيء ظاهر أو مضمر أو مقدر ، فكذلك هذه الألفاظ التي في معناها. فإذا حذفت المضاف إليه لم يخل من أن يكون معرفة أو نكرة.

ـ فإن كان المحذوف نكرة : نكر «عل» ، وما كان في معناه ونوّن.

ـ وإن كان معرفة : بني لأنه بمنزلة اسم قد اكتفى ببعضه إذ حذف المضاف إليه وأدى عن معناه ، كما كان ذلك في «قبل» و «بعد».

٢٢

فإن قلت : ما معنى قول سيبويه : «ولا ما ضارع المتمكن» ، وهو يعني : مضارعة «عل» «لعل» المنكور والمنون ، ولا يقال : ضارع الشيء نفسه؟

فالجواب أن مضارعة «عل» «لعل» هو أنهما يقعان بمعنى واحد على تقديرين مختلفين ، فكل واحد منهما مضارع للآخر لاشتراكهما في المعنى واختلافهما في التقدير والحركة ، كما يكون المبتدأ مضارعا للفاعل في أن معناهما سواء ، وإن كان عاملاهما مختلفين.

ويحتمل أن يريد أن «عل» ضارعت كل متمكن معرب ؛ لأنها قد تصير إلى التمكن والإعراب في حال التنكير فتساوى في ذلك الحال ، ما لم يرد متمكنا معربا ، ففصلت في حال البناء بحركة عن ما لا يتمكن البتة نحو : من وكم.

فإن قيل : كيف استوى معناهما على اختلاف تقديرهما وأحدهما معرفة والآخر نكرة؟

قيل : هذا جائز وله نظائر في العربية منها : أن «غدا» منكور. ويعرف به اليوم الذي يلي يومك ، فيستوي في فهم المخاطب : آتيك غدا ، وآتيك الغد ، وكذلك : «عشيّا» و «عتمة» فكذلك القول في : عل ، وعل فاعرف ذلك.

فإن قال قائل : لم مثل سيبويه «بأول» و «يا حكم» دون غيرهما من الأسماء؟

فالجواب : أن هذا التمثيل تضمن فائدة لطيفة ، وهي أنه لو جعل مكان «أول» : «قبل» ومكان «يا حكم» يا زيد ، لجاز أن يتوهم أن حركة : «قبل» و «بعد» وزيد لالتقاء الساكنين دون أن يكونا مستحقين للحركة في أصل البناء ، كما تضم «حيث» لالتقاء الساكنين فمثل مثالا يزيل الشك وينفي التوهم.

قوله : «والوقف قولهم في الأمر : اضرب» إلى قوله : «وما كان معناه افعل».

زعم في هذا الفصل أن فعل الأمر بعد من الأفعال المضارعة المعربة بعدكم وإذا من الأسماء المتمكنة ، «وبعد» «كم» و «إذ» من الأسماء المتمكنة : أنهما مبنيان على السكون ، والمتمكنة متحركة منصرفة.

ـ وأبعد الأسماء من المتحرك المتصرف : ما بني على السكون.

ـ وأقرب من المبني الساكن إليه : ما كان مبنيّا على حركة.

قوله في الحروف المبنية : «والكسر فيها قولهم : لزيد وبزيد».

اعلم أن الحروف التي جاءت لمعنى ـ وهي على حرف واحد ـ حكمها الفتح كواو العطف وفائه ، وألف الاستفهام.

وإنما كان الأصل فيها أن تجيء مفتوحة ؛ لأنها حروف يضطر المتكلم بها إلى تحريكها لابتدائه بها ، وكان حكمها السكون لو أمكن ذلك فيها ، لأنها حروف معان ، فلما أوجبت الضرورة تحريكها ، حركوها بأخف الحركات ، وهي الفتحة ، ولم يحتاجوا إلى تكلف ما هو

٢٣

أثقل منها.

وإنما كسروا الباء من قبل أن الحروف التي ذكرناها غير عاملة عملا تختص به ، ولا تكون في غيره ، والباء مختصة بالجر ، فلا تكون إلا فيه ، فألزموها الكسر لمشاكله موضعها من الجر.

فإن قلت : لم كسروا لام الإضافة ، وهي قد تكون في غير الجر؟

فإنما فعل ذلك للفرق بينها وبين لام التأكيد في الموضع الذي يلتبسان فيه ، وهو مع الاسم الظاهر ، فإذا وقعت على المضمر رجعت إلى أصلها.

قوله : «والضم فيها قولهم : منذ».

اعلم أن «منذ» و «مذ» في معنى واحد ، وهما يكونان اسمين وحرفين إلا أن الغالب على «منذ» أن تكون حرفا وعلى «مذ» أن تكون اسما.

فإذا كانتا اسمين ارتفع ما بعدهما ، وإذا كانتا حرفين انخفض. فإذا قلت : ما رأيته مذ يوم الجمعة ، فمعناه : انقطاع رؤيتي له : ابتداؤه يوم الجمعة ، وانتهاؤه الساعة ، فتضمنتا معنى الابتداء والانتهاء.

وإذا قلت : ما رأيته مذ اليوم ، أو منذ اليوم ، فليس فيه معنى ابتداء الغاية ولا انقطاعها ، وهما في معنى «في» فانخفض ما بعدهما.

فإن قلت : لم ضمت منذ؟

فالجواب : أنه كان حقها السكون ، فالتقى فيها ساكنان فضمت الذال اتباعا للميم ؛ لأن ما بينهما حرف ساكن خفي ، فلو بنوها على الكسر لخرجوا من ضمة إلى كسرة وذلك قليل في كلامهم.

فصل

قال سيبويه : «اعلم أنك إذا ثنيت الواحد لحقته زيادتان» إلى قوله : «فكان هذا أغلب وأقوى».

اعلم أن العرب إذا ثنت اسما باسم ، زادوا على أحد الاسمين زيادة تدل على التثنية ، وكان ذلك أخصر من أن يعطفوا أحدهما على الآخر ، كقولك : زيد وزيد وجعلوا العلامة الدالة على ذلك حروفا ، إذ كانت الحركات قد استوعبها الواحد ، وجعلوا تلك الحروف هي المأخوذة منها الحركات ، وهي حروف المد واللين ، فكان حكم الواو أن تكون في تثنية المرفوع ، وحكم الياء أن تكون في تثنية المخفوض ، وحكم الألف أن تكون في تثنية المنصوب.

وكذلك الجمع الذي على حد التثنية ، غير أنه لا بد من فصل بين التثنية والجمع ، فلم

٢٤

يكن الفصل بينهما بنفس الحروف ؛ لأنها سواكن ، فجعل الفصل بينهما بالحركة التي قبل الحروف. فكان ينبغي على الترتيب أن تكن تثنية المرفوع بواو مفتوح ما قبلها ، كقولك : مسلمون وتثنية المجرور : مسلمين ، وتثنية المنصوب : مسلمان.

وجمع المرفوع بواو مضموم ما قبلها كقولك : مسلمون وجمع المجرور مسلمين ، وجمع المنصوب بالألف ، والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا.

ووجب أن يكون ما قبل هذه الحروف في التثنية مفتوحا من قبل أن حرف التثنية لما أضيف إلى الواحد أشبه علامة التأنيث ـ وهي يفتح ما قبلها ـ ففتح ما قبل حرف التثنية لهذه المشابهة.

ووجه آخر : وهو أن بعض علامات التثنية ألف لازمة لها ، والألف لا يكون ما قبلها الا مفتوحا ، ففتحوا ما قبل غيرها لئلا تختلف من غير علة تضطر إلى المخالفة ، ثم غيروا في الجمع الحركات التي قبل هذه الحروف لئلا يقع لبس غير أنهم لما فعلوا ذلك ، وقع الفرق بين التثنية والجمع في المرفوع والمجرور ؛ لأن ما قبل الياء والواو في التثنية مفتوح ، وفي الجمع على غير ذلك. وما قبل الألف في التثنية والجمع مفتوح ، فالتبس تثنية المنصوب بجمعه فأسقطوا علامة النصب فرارا من اللبس ، فبقي النصب بلا علامة ، فألحق بالجر لما بينهما من المناسبة مع لزوم الجر للأسماء.

فصارت علامة التثنية : مسلمون المرفوع بفتحة الميم.

ومسلمون في الجمع للمرفوع بضمة الميم.

ومسلمين في تثنية المجرور.

ومسلمين في جمع.

فأزالوا الواو من التثنية وجعلوا مكانها ألفا.

وإنما فعلوا ذلك لأنهم كرهوا أن يستعملوا حرفين من حروف المد واللين ، ويطرح الثالث.

وقد كانت الحركات المأخوذة منهن مستعملات في الواحد ، فاستعملوا الألف في التثنية دون الجمع ؛ لأن ما قبل حرف التثنية مفتوح مشاكل للألف.

واستعملوه في المرفوع دون المجرور ؛ لأن المجرور قد ألحقوا به المنصوب ، فلو استعملوها فيه للحق به المنصوب ، فكان يعود المنصوب بالألف ، وقد أزيلت علامته بالألف لما ذكرت لك.

وعلة أخرى : أن المجرور ألزم في الاسم من المرفوع وأخص به ، فكان تغيير ما ليس بلازم أولى من تغيير اللازم.

٢٥

ومما أوجب أن تستعمل الألف : أن تثنية المرفوع لو استعملت بالواو فقيل : «مسلمون» ، لأشبهت ما جمع من المقصور جمع السلامة نحو «مصطفون» ، و «معلّون».

واعلم أن الألف والياء في التثنية ، والياء والواو في الجمع عند أكثر شارحي كتاب سيبويه : من حروف الإعراب بمنزلة الدال من زيد ، والألف من قفا.

واحتجوا على ذلك بحجج منها : أنهم قالوا : حكم الإعراب أن يدخل الكلمة بعد دلالتها على معانيها لاختلاف أحوالها في فعلها ، ووقوع الفعل بها ، وغير ذلك من المعاني ، ومعنى ذاتها واحد. فلما كان الواحد دالّا على مفرد ـ وبزيادة حرف التثنية يدل على اثنين ـ كان حرف التثنية من تمام صيغة الكلمة ، فصار بمنزلة الهاء في : قائمة والألف في حبلى ؛ لأنهما زيدتا لمعنى التأنيث كما زيد حرف التثنية لمعنى التثنية.

فإن قال قائل : إذا كانت هذه الحروف هي حروف الإعراب كالألف في «حبلى» والتاء في «قائمة» فينبغي أن لا يتغيرن في حال الرفع والجر ؛ لأن حروف الإعراب لا تتغير ذواتها في هذه الأحوال.

فالجواب : أن للتثنية والجمع خاصة ينفردان بها ، فاستحقا من أجلها التغيير ، وكل اسم معتل لا تدخله الحركات فله نظير من الصحيح نحو : قفا وحبلى ، فنظير قفا : جبل ، ونظير الألف في حبلى : الألف في حمراء ؛ لأن هذه الهمزة هي ألف التأنيث.

والتثنية وجمع السلامة لا نظير لواحد منهما إلا تثنية أو جمع ، فامتنعت التثنية والجمع من نظير يدل إعرابه على إعرابهما كدلالة جبل وحمراء على إعراب مثلهما من المعتل ، فعوض التثنية والجمع من فقد النظير الدال على مثل إعرابهما تغيير الحروف فيهما.

فإن قال قائل : هل في هذه الحروف حركة في النية؟.

فالجواب أن فيها حركة مقدرة ، وإن لم ينطق بها استثقالا لها ، كما يكون في : عصا وقفا حركة منوية من قبل أن هذه الحروف لما دخلت على تمام الكلمة في ذاتها ، وأشبهن ألف حبلى وقفا ، جرين مجراها في نية الحركة إذ لا موجب للبناء.

قوله في هذه الفصل : «ولم يجعلوا النصب ألفا ليكون مثله في الجمع».

يعني : لو جعلوا النصب بالألف في التثنية ؛ لأن الألف مأخوذ منها الفتحة ؛ للزمهم أن يجعلوا النصب بالألف في الجمع فكان يلتبس التثنية بالجمع.

ومعنى قوله : «ليكون مثله في الجمع» :

ـ لئلا يكون ، وكي لا يكون ، كأن تركهم جعل النصب بالألف في التثنية ؛ لكراهة أن يلزمهم جعله بالألف في الجمع.

ـ وتقدير آخر : أن يكون المعنى : لم يجعلوا النصب ألفا وجعلوها ياء ليكون النصب

٢٦

في الجمع مثله في التثنية ، ثم حذف قوله : «وجعلوه ياء» ؛ لأن قوله : «لم يجعلوا النصب ألفا» دليل على هذا المحذوف ، وفي «يكون» ضمير النصب. والهاء في «مثله» ضمير النصب ، كأنه قال : ليكون النصب في تثنيته مثل النصب في الجمع.

وقوله : «وكان مع ذا أن يكون تابعا لما الجرة منه أولى».

يعني : وكان النصب مع هذا الذي ذكرنا ، مما يمنع أن يكون النصب بالألف أن يكون النصب تابعا حين منع الألف أولى ، وأما الجرة منه فالياء ؛ لأن الكسرة من الياء.

وقوله : «ومن ثم جعلوا تاء الجمع في النصب (والجر) مكسورة» إلى قوله : «لأنها في التأنيث نظير الواو والياء في التذكير».

يريد أنهم جعلوا تاء الجمع في النصب والجر مكسورة ، لأنهم قد جعلوا هذه التاء والحرف الذي قبلها علامة لهذا الجمع ، كما جعلوا الواو والياء علامة لجمع المذكر باجتماعهما في هذه المعنى ، وأشركوا بين النصب والجر في هذا الجمع كما أشركوا بينهما في ذلك الجمع.

قال الأخفش في هذا الجمع من المؤنث : «ليس فيها في موضع النصب إعراب ، ولا حرف إعراب ـ يعني في التاء ـ وهذه الكسرة عنده كسرة بناء».

والاحتجاج له : أن هذه الكسرة أتبعت كسرة الخفض ، وكسرة الخفض إعراب ، وكسرة النصب بناء ، كما قالوا : «يا زيد بن عبد الله» في من فتح الدال من «زيد» ، فأتبعوا حركة الدال إعراب «الابن» وإحدى الحركتين إعراب والأخرى بناء ، وكذلك امرؤ وابنم.

والاحتجاج على الأخفش أن يلزم جعل فتحة ما لا ينصرف في حال الجر بناء ؛ لأن هذه الفتحة هي النصب ، والجر داخل عليه فيها كما دخلت الكسرة في التاء للجر ودخل النصب عليها.

والذي فيه من الاحتجاج لسيبويه ـ في أن الكسرة في التاء في النصب إعراب ـ أن الإعراب إنما هو تعاقب الحركات على أواخر الكلم باختلاف العوامل ، وهذه الكسرة تدخل معاقبة للضمة لعوامل توجب ذلك لها ، فقد وجب فيها شرط الإعراب.

فصل

قال سيبويه : «واعلم أن التثنية إذا لحقت الأفعال المضارعة علامة للفاعلين» إلى قوله : «إذ كانت متحركة لا تثبت في الجزم».

اعلم أن الفعل لا يثنى ولا يجمع ؛ لأن المثنى والمجموع ، هو الذي يدخل في نوع يشاركه فيه غيره ، فيشتمل النوع على آحاد منكورين فتضم بالتثنية واحدا من النوع إلى آخر مثله ، وتضم بالجمع واحدا إلى أكثر منه ، وليس الفعل كذلك ؛ لأن اللفظ الواحد من الفعل

٢٧

يعبر به عما قل منه أو كثر ، وما كان لواحد أو لجماعة.

فإذا صح أن الفعل لا يثنى ، صح أن الألف التي تلحقه في التثنية ، والواو التي تلحقه في الجمع لغير تثنية الفعل وجمعه.

فزعم سيبويه أن الألف والواو تكونان مرة اسم المضمرين والمضمرين ، ومرة حرفين دالين على التثنية والجمع.

وقال أبو عثمان وغيره من النحويين : الألف في قاما ، والواو في قاموا : حرفان لا يدلان على الفاعلين والفاعلين المضمرين ، والفاعل في النية كما أنك إذا قلت «زيد قام» ، ففي «قام» ضمير في النية لا علامة له ظاهرة ، فإذا ثني وجمع فالضمير في النية ، غير أن له علامة.

والاحتجاج لسيبويه أنه لا خلاف بينهم أن التاء في قمت هي اسم المتكلم وضميره وقد يكون فعل المتكلم لا علامة فيه للضمير كقولك : أنا أقوم وأذهب.

فإذا جاز أن يكون له فعلان :

أحدهما : يكون ضميره في النية وهو : أقوم وأذهب.

والآخر يتصل به ضمير المتكلم وهو : قمت ، وذهبت ـ جاز أن يكون ذلك في الغائب.

قوله : «فإن أردت جمع المؤنث في الفعل المضارع» إلى قوله : «حين قلت : فعلت وفعلن».

ذكر أن الفعل المضارع قد شارك الماضي في الفعلية ، وشاركه في أن آخر كل واحد منهما متحرك ، فلما لزم سكون اللام في الماضي ، لزم سكونها في المستقبل للشركة التي بينهما من الفعلية والحركة.

ثم قال : «وليس هذا بأبعد فيها ـ إذ كانت هي وفعل شيئا واحدا ـ من يفعل ، إذ جاز فيها الإعراب حين ضارعت الأسماء وليست باسم».

يعني : ليس هذا التسكين في الفعل المضارع ، وهذا الحمل على الماضي بأبعد فيهما ـ وهما مشتركان في الفعلية ـ من حمل الأفعال المضارعة على الأسماء في الإعراب ؛ لأنها إنما أعربت لما فيها من مشاكلة الأسماء المستحقة للإعراب.

فإذا جاز لهم حمل المضارع على الاسم في الإعراب ، كان حمله على الفعل الماضي عند لحاق النون به أولى وأوجب.

ثم قرن هذه العلة بعلة أخرى فقال : «لأنها قد تبنى مع ذلك على الفتحة في قولك : هل تفعلن».

يريد أن النون التي للتوكيد متى دخلت على الفعل المضارع سكن لها لام الفعل ، ثم

٢٨

فتح لالتقاء الساكنين. فإذا كانت نون التوكيد التي يستغنى عنها تؤثر في الفعل هذا التأثير ، كانت النون التي لا يستغنى عنها ـ وهي ضمير جماعة المؤنث ـ أولى بهذا التأثير.

فإن قيل : لم خص تحريك الفعل بالفتح مع نون التوكيد؟.

فالجواب : أنه أشبه ما زيد عليه علامة التأنيث وعلامة التثنية ، أو ركب مع نون التوكيد تركيب خمسة عشر ، فأوثرت الفتحة لخفتها مع ثقله وثقل التوكيد.

وقوله : «وبنوها على هذه العلامة».

يريد : لام فعل ، بنوها على السكون ، والسكون هو العلامة ، فإنما أراد أن يسهل الأمر في تسكين هذه اللام إذ كانت حركتها حركة بناء. ثم بين أن الفعل المضارع إذا اتصل بنون النساء بني على السكون تابع للماضي لما بينهما من الشركة.

فصل

قال سيبويه : «اعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض» إلى قوله : «والاسم قد يستغني عن الفعل».

اعلم أن سيبويه قدم هذه المقدمة ليرى خفة الأسماء المنصرفة ، وأن الصرف فيها هو الأول ، وأن المانع من الصرف علل ـ دخلت عليها ـ فرعية ، فبدأ فدل على أن الفعل أثقل من الاسم في الأصل ؛ لأن الاسم يستغنى به عن الفعل ، ولا يستغنى بالفعل عن الاسم.

فلما دل على أن الاسم أخف والفعل أثقل ، ذكر أن نقصان الفعل عن الاسم لثقل الفعل وخفة الاسم ؛ لأن الاسم لخفته تدخله الحركات والتنوين ، والفعل لا يدخله إلا حركتان ، ويمنع من التنوين.

والعلة الفاصلة بينهما : الخفة والثقل. فجعل هذه العلة علة لكل ما ثقل من الأسماء بدخول العلل المثقلة لها عليها في منع التنوين وتمام الحركات التي تكون في الأسماء الخفيفة ، تشبيها لما ثقل من الاسم بالفعل ، وأشرك بينهما لاشتراكهما في الثقل ونقصانهما عن تمكن الاسم الأخف.

فهذه جملة مقدمة لهذا المعنى ، وستقف على تفصيل مسائلها في باب (ما ينصرف وما لا ينصرف) إن شاء الله.

وجملة ما يمنع الصرف ، وينزل الاسم منزلة الفعل المضارع هي تسع علل : التأنيث والصفة ، والجمع ، ووزن الفعل ، والعدل ، والعجمة ، وتركيب الاسم من اسمين والتعريف ، وشبه التأنيث باللفظ والزيادة.

فهذه التسع علل متى اجتمع منها اثنان فصاعدا أو واحدة في معنى اثنين امتنع الاسم من الجر والتنوين. وإنما كانت هذه عللا حادثة من قبل : أن الواحد قبل الجمع. وأن الصفة

٢٩

في معنى الفعل ، والفعل فرع على الاسم. ووزن الفعل معنى حادث ؛ لأن الفعل حادث ، فوزنه حادث.

والتعريف حادث ؛ لأنه داخل على التنكير.

والعدل فرع ؛ لأنه تغيير في الاسم عن اللفظ الأول.

والعجمة فرع ؛ لأنها داخلة على كلام العرب ؛ لأن أول ما يعتادون التكلم به ، كلامهم العربي ثم الكلام العجمي بعد ذلك ، وتركيب الاسم من اسمين فرع ؛ لأن المفرد أول.

وشبه التأنيث باللفظ والزيادة من أبين الأشياء أنه فرع ؛ لأن المشبه به فرع.

والتأنيث بعد التذكير من قبل أن كل معلوم يصلح الإخبار عنه ، فإنه يصلح أن يعبر عنه بشيء ، والشيء مذكر. وفي الأشياء ما لا تصلح العبارة عنه بلفظ المؤنث ، ألا ترى أنك تقول : الله كريم ، كما تقول : هو شيء كريم والله أعز الأشياء ، وقال تعالى : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ) [الأنعام : ١٩]. فيقع عليه «شيء» ولا يقع عليه لفظ كلفظ المؤنث.

وقوله : «وإنما يخرج التأنيث من التذكير».

معنى «يخرج» : يتفرع كقولك : الإنسان يخرج من النطفة ، والكبير يخرج من الصغير.

وقوله : «وجميع ما لا ينصرف» إلى قوله : «ولا يكون ذلك في الأفعال».

يعني : أن الألف واللام والإضافة من خواص الأسماء ، فأخرجتها عن شبه الأفعال.

وتقدير لفظ اعتلاله : أن يقال : لأنها أسماء دخل عليها من الإضافة والألف واللام ما لا يكون في الأفعال.

وقوله : «وأمنوا التنوين».

يعني : بدخول الألف واللام والإضافة ، أمنوا أن يكون في الاسم تنوين مقدر يكون حذفه علامة لمنع الصرف ؛ لأن ما لا ينصرف فيه تنوين مقدر محذوف ، وليس ذلك في ما ذكر.

فصل

قوله : «واعلم أن الآخر إذا كان يسكن في الرفع» إلى قوله : «يغزو ويرمي ويخشى».

إن سأل سائل فقال : إذا قلت : «لم يرم» فما علامة الجزم فيه؟

قيل له : حذف الياء ، فإن قال : كيف جاز أن يكون حذف حرف من الكلمة في علامة إعراب؟ قيل له : إنما جاز ذلك ؛ لأن هذا الحرف مشبه للحركة وذلك أن الحركة منه مأخوذة.

وعلى قول بعضهم : هو حركة مشبعة ، ومع ذلك فقد كان في حال الرفع لا تدخله حركة ، كما لا تدخل الحركة حركة ، فلما أشبه الحركة والجزم بحذف ما يصادف من الحركات ، حذف هذه الياء إذ كانت بمنزلة الحركة فكان حذفها جزما كما يكون حذف

٣٠

الحركة.

هذا باب المسند والمسند إليه

قوله : «المسند والمسند إليه» فيه أوجه نذكر أجودها وأرضاها : وهو أن يكون المسند : «الحديث» والمسند إليه هو «المحدث عنه» وذلك على وجهين : فعل وفاعل ، واسم وخبر.

وإنما كان المسند الحديث ، والمسند إليه : المحدث عنه ، كقولك : هذا حديث مسند إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فالحديث هو المسند. ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو المسند إليه.

ووجه ثان : أن يكون التقدير فيه : هذا باب المسند إلى الشيء ، والمسند ذلك الشيء إليه ، وحذف من الأول اكتفاء بالثاني ، فكل واحد منهما مسند إلى صاحبه لاحتياجه إليه ، إذ لا يتم إلا به.

قوله : «واعلم أن الاسم أوله الابتداء».

يعني : أوله المبتدأ ؛ لأن المبتدأ هو الاسم المرفوع ، والابتداء هو العامل فيه غير أنه اكتفى بالمصدر عن الاسم ، كقولك : أنت رجائي ، أي مرجوي.

ويحتمل أن يكون المعنى أول أحواله الابتداء ، فحذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه.

وقوله : «فإنما يدخل الناصب».

يعني : إن وأخواتها وظننت وأخواتها.

«والرفع سوى الابتداء».

يعني : كان وأخواتها وظن وأخواتها.

«والجار» هو الباء في : «بحسب زيد» و «ما في الدار من أحد».

فهذه العوامل تدخل على المبتدأ فيصير الاسم معربا بها دون الابتداء.

ووقع في الكتاب : «وإنما تدخل الرافع والناصب سوى الابتداء» والمعنى على التقديم والتأخير ، وتفسيره كما تقدم.

ويحتمل أن يريد أن الابتداء ليكون لكل موضعه دون تقديم ولا تأخير.

فإن قيل : أن يكون ناصبا؟

فالجواب : أنه ينصب الخبر إذا كان غير الأول كالظرف والحال النائبة مناب الخبر كقولك : زيد خلفك ، وأكلك متكئا ، ونحوه.

هذا باب اللفظ للمعاني

قوله : «واعلم أن من كلامهم : اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين».

يحتمل وجهين.

ـ أن يكون أراد باللفظين الكلمتين.

٣١

ـ ويحتمل أن يكون أراد الحركتين.

فإن كان أراد الكلمتين ، فهو نحو : دار وثوب ، وما أشبه ذلك مما يخالف بعضه بعضا في اللفظ والمعنى.

وإن كان أراد الحركتين : فهو كقولك : ما أحسن زيدا! في التعجب.

وما أحسن زيد في النفي ، وما أحسن زيد في الاستفهام.

وكذلك : ضرب زيد عمرا. اختلف حركتاهما لاختلاف معناهما ، وتجري باقي الباب على القياس.

فإن قال قائل : لم أتى سيبويه بهذا الباب؟ وما الفائدة فيه من طريق الإعراب؟

فالجواب عن أبي العباس أنه أجاب عن هذا بأن قال : أراد سيبويه باختلاف اللفظين: اختلاف الكلمتين ، وجعل هذا دليلا على اختلاف الإعرابين لاختلاف المعنيين.

وقال غيره : الذي قصد إليه سيبويه أنه أراد الإبانة عن هذا المعنى بعينه لا أن جعله دليلا على سوى هذا ، وذلك أن في الناس من يزعم أنه لا يجيء لفظان مختلفان إلا ومعناهما مختلف. فأراد سيبويه إبانة مذهب العرب ، وجعلهم اللفظين المختلفين لمعنى واحد ، واللفظين المتفقين للمعنيين المختلفين.

باب ما يكون في اللفظ من الأعراض

قوله : «من الأعراض»

يعني : ما يعرف في اللفظ فيجيء على غير ما ينبغي أن يكون عليه من قياس.

وقوله : «اعلم أنهم مما يحذفون من الكلام».

معناه : ربما يحذفون ، وهو يستعمل هذه الكلمة كثيرا في كتابه ، وهي مشهورة في كلام العرب.

وقوله فيما عوضوا فيه : «اسطاع يسطيع».

اعلم أن فيه أربع لغات :

ـ أسطاع يسطيع إسطاعة بقطع الألف.

ـ واستطاع يستطيع استطاعة بوصل الألف.

ـ واسطاع يسطيع اسطاعة.

ـ واستاع يستيع استاعة بوصل الألف فيهما.

ومعنى الجميع : القدرة على الشيء.

واشتقاقه من الطاعة ؛ لأنك إذا استطعت الشيء وقدرت عليه ، فالشيء منقاد لك.

فكأنه مطيع.

٣٢

فأما اسطاع يسطيع ، فأصله : أطوع يطوع ، فألقوا حركة الواو على الطاء فانقلبت الواو ألفا ، ثم زادوا السين في أطاع عوضا من إلقاء حركة الواو على الطاء.

وقد طعن قوم على سيبويه في قوله : «زادوا السين عوضا من ذهاب حركة العين».

والعين هي الواو في : أطوع ، فقالوا : الحركة ما ذهبت وإنما ألقيت على ما قبلها.

والجواب عن سيبويه أنه أراد : جعلوا السين عوضا من ذهاب حركة العين من العين ونقلها إلى الفاء.

وأما استطاع ، فهو استفعل من الطاعة.

وأما اسطاع ، فهو استفعل أيضا ، إلا أن التاء حذفت لمجاورتها الطاء وهما من مخرج واحد ، فثقل موالاتها بلا فاصل مع كثرة الاستعمال.

وأما استاع : فإن الأصل فيه : استطاع أيضا. وحذفت الطاء لأنها أثقل من التاء لما فيها من الإطباق.

فإن قيل : لم كان العوض في اسطاع سينا؟

فالجواب في ذلك ، أن يقال : السين والتاء هما من الحروف الزوائد ، وحروف البدل ، فإذا عوضوا حرفا ، فقد وصلوا إلى ما أرادوه من التعويض ـ أي حرف كان ـ لأن الغرض التعويض لا الحرف بعينه.

ومع ذلك فيحتمل أن تكون زيادة السين للعوض في : اسطاع لتشاكل سائر اللغات التي فيها السين مزيدة في بنائها.

ونظيرها في الزيادة للعوض من ذهاب حركة العين : أهراق ، زيدت الهاء فيه دون غيرها لمشاكلتها الهمزة ؛ لأنها تبدل منها كثيرا.

وأما قولهم : «اللهم» فإن الميم زيدت عوضا من «يا» وشددوها لتكون عوضا من «يا» وخصوا الميم ؛ لأنها تقع زائدة في أواخر الأسماء نحو : زرقم وستهم للأزرق والأسته.

باب الاستقامة من الكلام والإحالة

قوله في هذا الباب : «وأما المستقيم الكذب ، فقولك ، حملت الجبل وشربت ماء البحر».

فإنما خص «حملت الجبل» و «شربت ماء البحر» ؛ لأن هذا يدل على كذب قائلها قبل التصفح والبحث ، وإلا فكل كلام تكلم به مخبره على خلاف ما يوجبه الظاهر ، كذب علم أو لم يعلم.

وقوله : «وأما المستقيم القبيح».

إن قال قائل : كيف جاز أن يسميه مستقيما قبيحا؟ وهل هذا إلا بمنزلة قولك : حسن قبيح ؛ لأن المستقيم هو الحسن؟

٣٣

فالجواب أن الكلام على ضربين : كلام ملحون ، وكلام غير ملحون. والملحون هو الذي لحن فيه عن القصد ، أي : عدل عن وجهه إلى غيره. وما لم يكن ملحونا : فهو على القصد وعلى النحو ، ومن ذلك سمي النحوي نحويّا.

فالمستقيم من طريق النحو ، هو ما كان على القصد سالما من اللحن ، فإذا قلت : قد زيدا رأيت ، فهو سالم من اللحن ، فكان مستقيما من هذه الجهة وهو مع ذلك موضوع في غير موضعه ، فهو قبيح من هذه الجهة.

قال الأخفش : ومنه الخطأ ، وهو ما لا يتعمده نحو قولك : ضربت زيدا. هذا من جهة اللفظ مستقيم ، فيقال فيه على قياس ما مضى من الباب : مستقيم كذب ومستقيم قبيح ، إلا أن سيبويه لم يذكر هذا القسم لأن لفظه لا يدل على أنه خطأ ، وإنما ظاهره أنه صواب ، وإنما حكى سيبويه أقساما ظاهرها دال على ما قصد بها فاعلم.

باب ما يحتمل الشعر

اعلم أن سيبويه ذكر في الباب جملة من ضرورة الشعر ليرى الفرق بين الكلام والشعر ، ولم يتقصه ؛ لأنه لم يكن غرضه القصد إلى ذلك نفسه ، وإنما أراد أن يصل الباب بالأبواب التي تقدمت فيما يعرض في كلام العرب ومذهبهم في الكلام المنظوم والمنثور ، ونبين ضرورة الشعر مقسمة بأقسامها حتى يكون الشاذ منها مستدلّا عليه بما نذكره إن شاء الله.

اعلم أن ضرورة الشعر تسعة أوجه وهي :

الزيادة ، والنقصان ، والحذف ، والتقديم ، والتأخير ، والإبدال ، وتغيير وجه من الإعراب إلى وجه آخر على طريق التشبيه ، وتأنيث المذكر ، وتذكير المؤنث.

فمن الزيادة : ما يزداد في القوافي للإطلاق ، وهي الواو بعد الضمة ، والياء بعد الكسرة ، والألف بعد الفتحة.

ويجوز أن يجعل مكان الواو والياء والألف والنون.

والنون لا يوقف عليها إلا في قوافي الشعر. وأما حروف المد فقد يوقف عليهن في الكلام عوضا من التنوين ، كقولك : هذا زيدو ، ومررت بزيدي ، ورأيت زيدا.

وإنما زيدت هذه الزيادة في الشعر في القوافي ؛ لأنهم يترنمون به ويحدون ، ويقع فيه تطريب لا يتم إلا بمد الحرف.

وقد شبهوا مقاطع الكلام المشجع بالشعر في زيادة هذه الحروف حتى جاء ذلك في أواخر الآي من القرآن الكريم ، كقوله عز وجل : (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) [الأحزاب ٦٧].

ومن ذلك صرف ما لا ينصرف ؛ لأن الأسماء أصلها الصرف ودخول التنوين فإذا اضطر شاعر ردها إلى أصلها. والدليل على ذلك أن ما لا أصل له في التنوين ، لا يجوز

٣٤

للشاعر تنوينه ، ألا ترى أن الفعل لا ينون عند الضرورة إذ كان أصله غير التنوين. وقد ينون أيضا ما بني من الأسماء التي قد استعملت منونة في حال إذا اضطر الشاعر إليه كقولك : «يا زيد» في الضرورة.

وأجاز الكوفيون والأخفش ترك صرف ما لا ينصرف ، وأباه سيبويه وأكثر البصريين ؛ لأنه ليس لمنع صرف ما ينصرف أصل يرد إليه الاسم. وأنشدوا في ذلك أبياتا كلها يخرج على غير ما تأولوه ، وينشد على غير ما أنشدوه.

وكان بعض النحويين يقول : لو صحت الرواية في ترك صرف ما ينصرف ما كان بأبعد من حذف الواو في قولهم :

* فبيناه يشري رحله (١)

وإنما هو : «فبينا هو» فحذف الواو من «هو» وهي متحركة من نفس الكلمة ، فإذا جاز حذفها ، جاز حذف التنوين الذي هو زائدة للضرورة.

ومن الزيادة : قولهم في الشعر : رأيت جعفرّا ، ومررت بجعفرّ ، وهذا جعفرّ. وإنما شددوا ؛ لأنهم يقولون في الوقف : جعفرّ ليدلوا على أن آخره متحرك في الوصل ؛ لأنهم إذا شددوا اجتمع ساكنان في الوقف ، وقد علم أن الساكنين لا يجتمعان في الوصل ، فشددوا ليدلوا بالتشديد على التحريك في الوصل. فإذا وصلوا ردوا الكلام إلى أصله فقالوا : مررت بجعفر ، وهذا جعفر ، فاعلم.

فإذا اضطر الشاعر إلى تشديده في الوصل شدده وأجراه مجراه في الوقف ، فقال. رأيت جعفرا (ومررت بجعفر ، وهذا جعفر ، ومن الزيادة) : أنهم يزيدون في آخر الاسم نونا مشددة كقولهم في القطن : قطنن. وهذا من أقبح الضرورة.

قال الراجز :

* كأنّ مجرى دمعها المستنّ

قطنة من أجود القطننّ (٢)

ويروى : «القطن».

ومن الزيادة : زيادة الحركة اتباعا لما قبلها ، كقول زهير بن أبي سلمى :

* ماء بشرقي سلمى فيد أو ركك (٣)

وإنما هو : «رك» ، فحرك الكاف بحركة الراء.

__________________

(١) شرح شواهد الكتاب للأعلم ١ / ١٣. وهو للعجير السلولي.

(٢) نوادر أبي زيد ١٦٨ ، وشرح السيرافي ٢٤٢.

(٣) الكتاب بشرح الأعلم ٨٠ ، الشعر والشعراء ١ / ١٥٢ ، الكامل للمبرد ١ / ١٦١ ، المقتضب ١ / ٢٠٠.

٣٥

ومثله له :

* فلم ينظر به الحشك (١)

وإنما هو : «الحشك» بسكون الشين.

ومن الزيادة : زيادة الحركة على ما ينبغي أن يكون استعمال اللفظ عليه ، وهو إظهار المدغم كقولك : في راد : رادد ؛ لأنه فاعل.

وكما قال :

* أنّي أجود لأقوام وإن ضننوا

والمستعمل «ضنوا».

ونحو هذا تحريك المعتل ورده إلى أصله ، كقوله :

* لا بارك الله في الغواني هل (٢)

ومن الزيادة : قطع ألف الوصل. وأكثر ما يكون في النصف الثاني من البيت. قال حسان بن ثابت :

* لتسمعن وشيكا في دياركم

ألله أكبر يا ثارات عثمانا (٣)

قطع ألف «الله».

وقال آخر :

* لا نسب اليوم ولا خلة

إتسع الخرق على الراقع (٤)

فقطع ألف «اتسع».

ومن الزيادة : الياء في : مساجيد ، وصياريف. ولا تثبت هذه الياء من الجمع إلا في ما كان واحده على خمسة أحرف ثالثها حرف مد. أو في ما كان على خمسة أو أكثر من ذلك فحذف ما زاد على الأربعة ، ثم عوض من المحذوف ياء.

وإنما جاز إثبات الياء فيما لم يكن على هذه الشريطة تشبيها بهذا عند الضرورة.

ومن الزيادة : أنهم يزيدون النون الخفيفة والثقيلة في الشعر في الفعل الواجب ، وإنما حقها أن تدخل في غير الواجب.

ومن الزيادة : زيادتهم الألف في «أنا» إذا وقفوا عليه ، فإذا وصلوا حذفوا الألف. فإذا اضطر الشاعر أثبتها في الوصل.

__________________

(١) ديوان زهير بشرح الأعلم ٨٠ ، والشعر والشعراء ١ / ١٥٢.

(٢) ديوان عبيد الله بن قيس ، الكتاب والشرح الأعلم ٢ / ٥٩ وسيكرره الأعلم في النكت ١١٠٨.

(٣) ديوان حسان ، شرح النحاس ٣٣٣ ، وشرح السيرافي ٢ / ٤٢ ، والمنصف ١ / ٦٨.

(٤) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٣٥٩ ، والكامل ٣ / ٧٥ ، شرح السيرافي ٢ / ٤٣.

٣٦

قال الشاعر :

* أنا سيف العشيرة فاعرفوني

حميد قد تذريت السناما (١)

فإن قال قائل : كيف تكون هذه ضرورة ، وفي القراء من يقرأ (وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ) [الممتحنة : ١].

قيل له : يجوز أن يكون هذا القارئ وصل في نية الوقف كما قرأ بعضهم : (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ) [الأنعام : ٩٠] فأثبت الهاء في الوصال على نية الوقف.

باب الحذف

اعلم أن الشاعر يحذف ما لا يجوز في الكلام لتقويم الشعر كما يزيد لتقويمه.

فمن ذلك ما يحذف من القوافي الموقوفة من تخفيف المشدد كقول امرئ القيس :

* أصحوت اليوم أم شاقتك هر (٢)

ومن الحذف تخفيف المشدد وتسكينه مع حذف حرف بعده كقولك في معلي : معل ، وفي معنّي : معن.

قال الأعشى :

* لعمرك ما طول هذا الزمن

على المرء إلا عناء معن (٣)

ومن الحذف : الترخيم ، والترخيم على ثلاثة أوجه :

أولها : ترخيم النداء

والثاني : ما يجوز حذفه لضرورة الشعر في غير النداء.

وبين النحويين في هذا اختلاف :

فمنهم من أجازه على اللغتين جميعا ، وهو مذهب سيبويه وأكثر النحويين ، ومنهم من لم يجز إلا إحدى اللغتين وهو أن يحذف آخر الاسم ويجعل ما بقي من الاسم كاسم غير مرخم فيجريه بوجوه الإعراب ، وهو مذهب أبي العباس.

فمما استشهد به سيبويه على جواز الوجه الذي لم يجزه أبو العباس ، قول ابن أحمر :

* أبو حنش يؤرقنا وطلق

وعباد وآونة أثالا (٤)

فذكر سيبويه أن «أثال» معطوف على قوله : «أبو حنش وطلق» فحذف الهاء وبقي اللام على فتحها ، والأصل : أثالة.

__________________

(١) شرح السيرافي ٢ / ٤٦ ، المنصف ١ / ١٠ ، شرح المفصل ٣ / ٩٣.

(٢) في ديوان طرفة ٩٦ ، والكامل ٣ / ٢٥٣ ، وشرح السيرافي ١ / ٥١.

(٣) ديوان الأعشى ص ٩١ ، شرح السيرافي ٢ / ٥٢ ، الخصائص ٢ / ٢٢٨ ، اللسان ٥ / ٢٦١

(٤) شعر ابن أحمر ١٢٩ ، شرح الأعلم ١ / ٣٤٣ ، ابن السيرافي ٢ / ٥٨

٣٧

وعلل أبو العباس البيت ، وذكر أن «أثال» معطوف على النون والألف في «يؤرقنا» فموضعه نصب.

وقال غيرهما : القول فيه غير هذا وهو أن «أثال» لم تحذف منه هاء ؛ لأنه ليس في الأسماء «أثالة» وإنما هو «أثال» ولم يعطفه على النون والألف في «يؤرقنا» على أنه يتذكر ؛ لأنهم لا يؤرقونه إلا وهو يذكرهم فنصب «أثالا» «بأذكرهم» الذي قد دل عليه «يؤرقنا».

والقول ما قاله سيبويه وسائر المتقدمين في جواز الترخيم على الوجهين في غير النداء ضرورة لعلتين :

ـ إحداهما : الرواية في قوله :

* وأضحت منك شاسعة أماما. (١)

ـ والثانية : القياس ، وذلك أن هذا الترخيم أصل جوازه في النداء ، فإذا اضطر الشاعر إلى ذكره في غير النداء أجراه على حكمه في الموضع الذي كان فيه ؛ لأن ضرورته أن ينقله من موضع إلى موضع.

ومما يدخل في حكم هذا الوجه الثاني من الترخيم ـ في أنه لا يجوز إلا في الشعر ـ أن يرخم الاسم فيبقى من حروفه ما يدل على جملته ، كقول علقمة :

* مفدّم بسبا الكتان ملثوم (٢)

أراد بسبائب الكتان.

وقال العجاج :

* قواطنا مكة من ورق الحمى (٣)

يريد : الحمام ، فرخمها. فيجوز أن يكون حذف الألف والميم من الحمام للترخيم الذي ذكرناه ، فبقي «الحم» فخفضه وأطلقه للقافية.

ويجوز أن يكون حذف الألف فبقى" الحمم" فأبدل من الميم الثانية ياء استثقالا للتضعيف كما قالوا : تظنيت.

ويحتمل أن يكون حذف الميم وأبدل من الألف ياء كما يبدل من الياء ألف في قولهم :مدارى وعذارى ، وإنما أصله مدار وعذار.

ـ والوجه الثالث من الترخيم : ترخيم التصغير وهو جائز في الكلام والشعر.

__________________

(١) هو لجرير بن عطية ، ديوانه ٢ / ٢٥٠ الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٤٤ ، نوادر أبي زيد ٣١.

(٢) المفضليات ٤٠٢ ، شرح السيرافي ٢ / ٦٢ ، الخصائص ١ / ٨٠.

(٣) ديوان العجاج ٥٩ ، شرح النحاس ٣ ، أمالي القالي ٢ / ١٩٩ ، شرح السيرافي ٢ / ٦٤.

٣٨

ومن الحذف : قصر الممدود ، وكلهم مجمعون على جوازه غير أن الفراء يشترط فيه شروطا يهملها غيره.

زعم أنه لا يجوز أن يقصر من الممدود ما لا يجيء في بابه مقصورا نحو : حمراء ، وصفراء ، وكذلك : فقهاء وكرماء.

فلا يجوز عنده في الشعر أن يجيء مقصورا ، وإنما يجيز قصر الممدود الذي يجيء في بابه مقصورا نحو : الحداء والدعاء ؛ لأنه قد جاء البكى مقصورا. والبصريون مجمعون على منع مد المقصور.

فإن قال قائل : ما الفرق بين جواز قصر الممدود ومد المقصور؟

قيل له : قصر الممدود : تخفيف ورد إلى الأصل ومد المقصور تثقيل وليس براد له إلى أصل.

ومن الحذف : حذف النون الساكنة من نحو : «من» و «عن» ، و «لكن» لالتقاء الساكنين كما قال :

* ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل (١)

وإنما ذلك لأن النون تشبه حروف المد واللين مع أنهم قد يحذفون التنوين الذي هو علامة للصرف كما قرأ بعضهم : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١].

ومن الحذف : حذف الياء من المعتل في حال الإضافة ، ومع الألف واللام ، تشبيها بحذفهم إياها مع التنوين كما قال :

* كنواح ريش حمامة نجدية (٢)

ومن الحذف : حذف الياء والواو من هاء الإضمار في الوصل تشبيها بالحذف في الوقف كما قال :

ـ ما حج ربه في الدنيا ولا اعتمرا.

وربما اضطر الشاعر فحذف الحركة أيضا كقوله :

* ومطواي مشتاقان له أرقان (٣)

ومن ذلك حذفهم الواو الساكنة والياء إذا كان قبلهما ضمة أو كسرة تدلان عليهما كقوله :

__________________

(١) شرح النحاس ٥ ، الإنصاف ٢ / ٦٨٤ ، شرح السيرافي ٢ / ٧٠ ، شرح ابن السيرافي ١ / ١٩٥.

(٢) شرح الأعلم ١ / ٩ ـ ٢ / ٢٩١ ، شرح النحاس ٤ ، شرح السيرافي ٢٠٦.

(٣) الشاهد في المقتضب ١ / ٣٩ ـ ٧ / ٢٦٧ ، المسائل العسكرية ١٩٨ ، المنصف ٣ / ٨٤.

٣٩

* فلو أن الأطبا كان حولي (١)

ومن الحذف : حذف الفاء في جواب الشرط ، كما قال :

* من يفعل الحسنات الله يشكرها (٢)

ومن ذلك حذفهم الفتحة من عين «فعل» كقولهم في هرب : هرب ، وإنما يطرد حذفها في عين «فعل» و «فعل» ولكنهم قد يضطرون فيفتحون الساكن ، فيقولون في خفق : «خفق» ، وفي حشك ، «حشك».

فلما زادوا هذه الفتحة على الساكن ـ والسكون أخف من الفتح ـ كان حذف الفتحة أجدر.

ومن الحذف : حذف الضمة والكسرة في الإعراب ، كما قال :

* فاليوم أشرب غير مستحقب (٣)

وكقوله :

* إذا اعوججن قلت : صاحب قوم (٤)

قال سيبويه : «شبهوا هذا الضمات والكسرات المحذوفة بالضمة من عضد والكسرة من :فخد» حين قالوا : عضد وفخد. غير أن حذفها من عضد وفخذ مطرد في الشعر والكلام ؛ لأنه لا يزيل معنى ، ولا يغير إعرابا.

ومن الحذف أنهم يدخلون جزما على جزم إذا لم يكن فيه ساكنان كقولك : «لم يشتر زيد شيئا» ، فإنما ذلك لأنه في حال الجزم متحرك ، والجازم يسكن آخر الفعل ، فشبه هذا بما يسكن آخره للجزم.

ومن الحذف أنهم يجرون هاء التأنيث في الوصل مجراها في الوقف كما قال :

* لما رأى ألا دعه ولا شبع (٥)

ومن الحذف إقامتهم الصفة مقام الموصوف في الموضع الذي يقبح في الكلام مثله ، كقوله :

* فيا الغلامان اللذان فرا (٦)

أراد : «فيا أيها الغلامان».

__________________

(١) شرح السيرافي ٢ / ٨٧ ، الإنصاف ١ / ٣٧٤ ، الخزانة ٥ / ٢٢٩.

(٢) المقتضب ٢ / ٧٢ ، مجالس العلماء ٢٦١ ، شرح النحاس ٢٨٦ ، شرح السيرافي ٢ / ٩٢.

(٣) كتاب شرح الأعلم ٢ / ٢٩٧ ، الشعر والشعراء ١ / ٩٨ ـ ٢ / ٩١٨ ، الأصمعيات ٤٠.

(٤) شرح الأعلم ٢ / ٢٩٧ ، الشعر والشعراء ٢ / ٨١٩ ، الخصائص ١ / ٧٥ ـ ٢ / ٣١٧.

(٥) إعراب القرآن للزجاج ٢ / ٢٠٤ ، شرح السيرافي ٢ / ١٠٦ ، الخصائص ١ / ٦٣ ـ ٢ / ٣٥٠.

(٦) شواهد المقتضب ٤ / ٢٤٣ ، شرح السيرافي ٢ / ١٠٧ ، شرح المفصل ٩٢.

٤٠