النكت في تفسير كتاب سيبويه

أبي الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى أعلم الشنتمري

النكت في تفسير كتاب سيبويه

المؤلف:

أبي الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى أعلم الشنتمري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧١٢

فنصب «عائذا» على الحال المؤكدة بها كأنه قال : أعوذ بك عائذا.

ومثله :

* أراك جمعت مسألة وحرصا

وعند الحق زحارا أنانا (١)

كأنه قال : زحيرا وأنينا ، هذا قول سيبويه.

فأجرى زحارا مجرى زاحر في أنه حال ، والعامل فيها الفعل المضمر على ما تقدم.

ويجوز أن تجعل أنينا مصدرا للفعل الذي يعمل في «زحار» أو «لزحار» نفسه ، فيكون التقدير : تزحر أنينا ؛ لأن معنى تزحر وتئن متقاربان فهو كقولك : تبسمت وميض البرق.

هذا باب ما جرى من الأسماء التي لم تؤخذ من الفعل

مجرى الأسماء التي أخذت من الفعل

وذلك قولك : أتميميّا مرة وأسديا أخرى.

هذا الباب مثل الذي قبله إلا أن الاسم هنا ليس بمأخوذ من فعل ، فأحوج إلى تقدير فعل يعمل فيه من غير لفظه مما شاهده في حاله.

قال سيبويه : «وحدثنا بعض العرب أن رجلا من بني أسد قال يوم جبلة ـ واستقبله بعير أعور فتطير منه فقال : يا بني أسد أعور وذا ناب».

فنصب كأنه قال : تستقبلون أعور ، وحذف الفعل للحالة الدالة عليه.

ويوم جبلة : يوم لبني عامر على بني أسد وذبيان وتطير هذا الأسدي على قومه من استقبالهم هذا البعير الأعور فحقق حذره وهزموا.

قال : «ومثل ذلك قول الشاعر» :

* أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة

وفي الحرب أشباه النساء العوارك (٢)

هجاهم بما شاهدهم عليه من التنقل والتلون بكونهم في حال السلم مثل الحمير من قوتهم وغلظتهم على الأهل ، وفي الحرب : مثل النساء الحيض من اللين والانقباض توبيخا لهم ، لأنهم في الحالتين على طريق الذم.

وقال آخر :

* أفي الولائم أولادا لواحدة

وفي العيادة أولادا لعلات (٣)

هذا أيضا ذم ؛ لأنه وصفهم بالنهم والتواصل من أجل الطعام ، فإذا كانوا في الولائم كانوا متآلفين كأنهم إخوة بنو أم واحدة ، وفي قضاء حقوق بعضهم لبعض متقاطعين

__________________

(١) شرح الأعلم ١ / ١٧١ ، شرح النحاس ١٥٠ ، شرح السيرافي ٣ / ١٢٢.

(٢) شرح الأعلم ١ / ١٧٢ ، الكامل ٣ / ١٧٤ ، المقتضب ٣ / ٢٦٥.

(٣) شرح الأعلم ١ / ١٧٢ ، الكامل ٣ / ١٧٤ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٣٨٢.

١٨١

متهاجرين كأنهم أولاد علات ، وهي الأمهات الشتى.

وأنشد للفرزدق :

* ألم ترني عاهدت ربّي وإنني

لبين رتاح قائما ومقام (١)

على حلف لا أشتم الدهر مسلما

ولا خارجا من فيّ زور كلام

قال : «أراد ولا يخرج في ما استقبل»

قال : «ولو حمله على أنه نفى شيئا هو فيه ولم يحمله على عاهدت لجاز».

وإلى هذا الوجه كان يذهب عيسى بن عمر في ما نرى ؛ لأنه لم يكن يحمله على عاهدت.

وفسره أبو العباس وأبو إسحاق الزجاج ؛ بأنه جعل «لا أشتم» جواب يمين ، إما يكون جواب حلفه ، كأنه قال : عاهدت ربي على أن حلفت لا أشتم الدهر مسلما. أو يكون «عاهدت» بمعنى أقسمت فيكون أيضا جوابا له ، ويكون التقدير ولا يخرج خروجا ، عطفا على لا أشتم ، وجعل خارجا في معنى خروجا.

قال المبرد : «ومثله قم قائما ، أي : قم قياما ، وفسر قول عيسى أن خارجا حال معطوف على موضع لا أشتم ، كأنه قال : لا شاتما مسلما ولا خارجا من في ...».

وجعلا العامل في الحال ـ على مذهب عيسى ـ عاهدت كأنه قال : عاهدت ربي لا شاتما الدهر مسلما والمعنى على نفس ذلك ومقدارا أن لا أفعله.

وكلام سيبويه يخالف هذا ؛ لأنه قال ـ يعني عيسى ـ «لم يكن يحمله على عاهدت».

ومعنى قول سيبويه : «ولو حمله على أنه نفى شيئا هو فيه».

أي : نفى الحال ، وهو قوله : لا أشتم الدهر ولا خارجا ، وإذا لم يكن العامل في الحال «عاهدت» على ما حكاه سيبويه عن عيسى ، فنصبه على أحد وجهين :

ـ إما أن يكون مفعولا ثانيا لقوله : ترني.

ـ وإما أن يكون محمولا على حلفه ، كأنه قال : على أن حلفت لا شاتما ولا خارجا ، والمصدر يعمل عمل الفعل في الحال وغيره.

هذا باب ما يجري من المصادر مثنّى منتصبا

على إضمار الفعل المتروك إظهاره

وذلك قولك : حنانيك. كأنه قال : تحنّنا بعد تحنن

وقال الشاعر :

__________________

(١) ديوان الفرزدق ٢ / ٧٦٩ ، الكامل ١ / ١٢٠ ، شرح الأعلم ١ / ١٧٣.

١٨٢

* أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا

حنانيك بعض الشر أهون من بعض (١)

اعلم أن التثنية في هذا الباب الغرض منها التكثير ، وأنه شيء يعود مرة بعد أخرى ، ولا يراد بالتثنية اثنان فقط.

والدليل على التكثير بلفظ التثنية أنك تقول : ادخلوا الأول فالأول ، وجاءني القوم رجلا ، ولا تحتاج إلى تكريره أكثر من مرة واحدة.

وهذا المثنى كله غير متصرف ، لا يكون إلا مصدرا منصوبا أو اسما في موضع الحال ، وإنما لم يتمكن ؛ لأنه دخله بالتثنية معنى التكثير لا معنى التثنية ، وخص بهذا دون غيره ، فلم يتصرفوا فيه ، وبعضه يوجد فيتصرف ؛ لأنه لم يدخله معنى غير الذي يوجبه اللفظ ، وهو أصل الاسم الموضوع.

قال الشاعر :

* فقالت حنان : ما أتى بك ههنا؟

أذو نسب أم أنت بالحي عارف

فرفع لما أفرد.

وأما لبيك وسعديك فتثنية ، ولا يفرد واحد منهما لما ذكرته لك من معنى التكثير.

ولبيك مأخوذ من قولهم : ألبّ الرجل بالمكان إذا أقام به.

وسعديك مأخوذ من السعادة والمتابعة ، وقد فسر سيبويه معنيهما بما أغنى عن التفسير ههنا.

قال : «ومن ذلك قولهم : دواليك ، قال عبد بني الحسحاس» :

* إذا شق برد بالبرد مثله

دواليك حتى ليس للبرد لابس (٢)

وهذا من فعل العرب في الجاهلية ، إذا أراد الرجل أن يقعد مع امرأة شق كل واحد منهما ثوب الآخر ليؤكد المودة.

ودواليك مأخوذ من المداولة وهو في موضع الحال ، كأنه قال : فعلنا ذلك متداولين متعاقبين للفعل الذي فعلاه.

ومن التثنية : هذا ذيك : مأخوذ من هذّ يهذّ ومعناه السرعة في القراءة وفي الضرب وغيره.

قال الراجز :

* ضربا هذا ذيك وطعنا وخضا (٣)

__________________

(١) ديوانه ٤٨ ، شرح الأعلم ١ / ١٧٤ ، الكامل ٢ / ١٩٩ ، المقتضب ٣ / ٢٢٤.

(٢) ديوان سحيم ١٦ ، شرح الأعلم ١ / ١٧٥ ، مجالس ثعلب ١ / ١٣٠.

(٣) ديوان العجاج ٣٥ ، شرح الأعلم ١ / ١٧٥ ، مجالس ثعلب ١ / ١٣٠ ، شرح النحاس ١٥٢.

١٨٣

الوخض : التحريك ، والهذ : القطع بسرعة ، وثناه لما أراد من معنى التكثير.

ومثل ذلك قولهم : «حواليك» بمعنى حوالك ، وثنوه لأنهم يريدون الإحاطة من كل وجه ، ثم يقسمون الجهات التي تحيط به إلى جهتين ، ولا يريدون أن جهة من جهاته قد خلت ، وقد يفرد فيقال حوالك.

قال الراجز :

* أهدموا بيتك؟ لا أبالكا (١)

وزعموا أنك لا أخا لكا

وأنا أمشي الدّألي حوالكا

فوحد حوالك.

وزعم الجرمي عن أبي عبيدة أن العرب تقول : هذا بقوله أضب للحسل وهو ولده حيث كانت الأشياء تتكلم ؛ وإنما هذا على طريق المثل لا على الحقيقة.

ويقال مر يدأل : إذا مر بحمل ثقيل.

وزعم يونس أن «لبيك» اسم واحد غير مثنى وأن الياء التي فيه كالياء التي في : عليك ولديك.

وخالفه سيبويه وأنشد :

* دعوت لما نابني مسورا

فلبي فلبي يدي مسور (٢)

فجعل الياء في لبي للتثنية كالياء في يدي ولو كانت كالياء في «عليك» لقال فلبّي يدي ، كما تقول : على زيد مال.

هذا باب ما ينتصب فيه المصدر المشبه به على إضمار الفعل المتروك إظهاره

وذلك قولك : مررت به فإذا له صوت صوت حمار

قال الشاعر :

* لها بعد إسناد الكليم وهدئه

ورنة من يبكي إذا كان باكيا (٣)

هدير هدير الثور ينفض رأسه

يذب بروقيه الكلاب الضواريا

يصف طعنة لها خرير مما يجري من دمها ، والكلم : المطعون وإسناده : أن يسند ، والرنة : صوت الباكي ، وهدير الثور : خواره إذا قاتل الكلاب ، شبه خرير الطعنة به.

واعلم أن النصب في هذا الباب على وجوه :

__________________

(١) شرح الأعلم ١ / ١٧٦ ، الكامل ٢ / ١٩٨ ، شرح النحاس ١٥٣ ، شرح السيرافي ٣ / ١٣٥.

(٢) شرح الأعلم ١ / ١٧٦ ، شرح النحاس ١٥٣ ، شرح السيرافي ٣ / ١٣٧.

(٣) ديوان النابغة ١٨٠ ، شرح الأعلم ١ / ١٧٨ ، شرح النحاس ١٥٤.

١٨٤

ـ منها أن يكون انتصاب الاسم بفعل يدل عليه «له صوت» لأن «له صوت» يدل على أنه يصوت كأنه قال : مررت به فإذا هو يصوت صوت حمار فيكون على هذا التقدير مصدرا.

وإن شئت كان حالا ، وهو في كلا الأمرين على معنى التشبيه

ـ فأما المصدر : فتقديره يصوت صوتا مثل صوت حمار.

ـ وأما الحال : فتقديره : فإذا هو يصوت مشبها صوت حمار ، أو مخرجا مثل صوت حمار ، أو ممثلا صوت حمار.

ويجوز أن يكون نصبه بإضمار فعل ، ويكون ذلك الفعل من لفظ الصوت ، ويجوز أن يكون من غير لفظه.

ـ فإن كان من لفظه ، فتقديره : له صوت يصوت صوت حمار ، ويكون على هذا التقدير مصدرا وحالا على ما تقدم.

وإن كان الفعل المقدر من غير لفظه نصب على الحال لا على المصدر ، فيكون تقديره ، له صوت : يخرجه مشبها صوت حمار ، ويمثله مشبها أو ما جرى مجراه.

واحتج سيبويه لإضمار الفعل بعد قوله بقول الشاعر :

* إذا رأتني سقطت أبصارها

دأب بكار شايحت بكارها (١)

فنصب دأب بإضمار فعل دل عليه ما قبله ، كأنه قال : دأبت دأب بكار.

ومذهب سيبويه أنه إذا جاء المصدر من فعل ليس من حروفه ، كان بإضمار فعل من لفظ ذلك المصدر ، فمن أجل هذا استدل على إضمار فعل ـ بعد قوله «له صوت» بهذا الشعر ؛ لأن قوله : «دأب بكار» منصوب وليس قبله فعل من لفظه. فأضمر : دأبت أو تدأب.

وقوله «سقطت» دليل عليه ؛ لأن المعنى أدامت النظر إلي.

والدأب هنا : دوام النظر ، فكان في سقطت أبصارها «بالنظر إليه ما دل على أنها دأبت ودامت» ، وينتصب على الحال وعلى المصدر.

وقيل المعنى إذا نظرت إليّ تسقط أبصارها هيبة لي ، أي تغطي أبصارها دأب بكار ، أي كعادة بكار ، جمع بكر ، شايحت ، أي حاذرت فأغضت أبصارها ، كأنه يعني جماعة تهابه.

وكان أبو العباس يرد هذا من قول سيبويه ويقول : إنه يجوز أن يجيء المصدر من فعل ليس من حروفه إذا كان في معناه.

وذكر المازني في قولهم : «تبسمت وميض البرق وجهين» :

__________________

(١) شرح الأعلم ١ / ١٧٩ ، المقتضب ٥ / ٢٠٤ ، شرح النحاس ١٥٥.

١٨٥

ـ أحدهما : مثل قول سيبويه : أنهم يضمرون فعلا كأنهم قالوا : أومضت

وميض البرق.

ـ والثاني : أن يكون منصوبا «تبسمت».

قال سيبويه : ومما لا يكون حالا ويكون على الفعل المضمر قول رؤبة :

* لوحها من بعد بدن وسنق

تضميرك السابق يطوي للسبق (١)

أراد أنك نصبت «تضميرك السابق» ، ودل على ذلك لوحها ؛ لأن معنى لوحها : غيرها ، وضمرها في معناه ، ونصبه على المصدر ، ولا يكون حالا ؛ لأنه مضاف إلى الكاف متعرف به.

والبدن : السمن ، والسنق : أن تكره الطعام والكلأ ، ومعنى يطوي : يضمر للسباق.

وأنشد للعجاج :

* ناج طواه الأين مما وجفا (٢)

طي الليالي زلفا فزلفا

سماوة الهلال حتّى احقوقفا

«فسماوة» عند سيبويه مصدر ولا فعل له من لفظه ، فصار بمنزلة «لوحها تضميرك» و «سقطت دأب بكار».

وكان المازني يرد هذا ، ويجعل «سماوة» مفعول طي ، كأنه قال : كما تطوي الليالي سماوة الهلال ، وسماوة الشيء : شخصه ، ويقال أعلاه ، والليالي تطوي القمر وتضمره حتى يصير هلالا. واحقوقف على التفسير للهلال ، ومعناه تقوس ، وعلى مذهب سيبويه : كأنه قال : سما سماوة الهلال إذا أضمر من لفظه ، وإذا أضمر من غير لفظه ، فكأنه قال : ضمر سماوة الهلال.

وكان الزجاج يرد على المازني ويقول : لو كان سماوة يعمل فيه طي الليالي لكان حق الكلام أن يقول : سماوة القمر ؛ لأن الليالي تنقص القمر حتى يصير هلالا ، ولا يقال : إن الليالي تنقص الهلال.

وللمحتج عن المازني أن يقول : قد ينسب الفعل إلى الاسم في منتهاه ، وإن كان الفعل قد وقع قبل ذلك ، كقول القائل : نسجت الثوب ، والثوب لا ينسج ، إنما ينسج الغزل فإذا انتهى صار ثوبا.

ويجوز أن يكون احقوقف للحمل على الناجي الذي طواه الأين ، ويجوز أن يكون الهلال.

وأنشد أيضا لأبي كبير :

__________________

(١) ديوانه رؤبة ١٠٤ ، شرح الأعلم ١ / ١٧٩ ، شرح النحاس ١٥٥.

(٢) ديوانه ٨٤ ، شرح الأعلم ١ / ١٨٠ ، الكامل ١ / ١٥٠ ، شرح النحاس ١٥٦.

١٨٦

* ما إن يمس الأرض إلا منكب

منه وحرف الساق طي المحمل (١)

فنصب «طي المحمل» ، وليس قبله فعل من لفظه ، ولكن قوله : «ما إن يمس الأرض» دليل على معنى «طوى» فأضمر لدلالته عليه.

وجعل سيبويه هذا دليلا على ما ذكره من إضمار فعل غير المذكور ، وقوى ذلك أيضا بقوله : «وإنما أنت شرب الإبل».

فهذا لا بد فيه من إضمار الفعل ، فإذا أضمر ههنا أضمر فيما قبله ، والمحمل هاهنا : حمالة السيف ، وشبه طي الرحل وضمره بطي المحمل.

قال : «وزعم الخليل ـ رحمه الله ـ أنه يجوز أن تقول : هذا رجل أخو زيد على الصفة إذا أردت أنه مثل أخي زيد».

واستضعفه سيبويه ، وقال : «لو جاز هذا لقلت : هذا قصير الطويل ، تريد مثل الطويل» ولجاز أن تقول : جاءني زيد أخاك على الحال وهذا يقبح جدا.

قال : «وهو في الصفة أقبح لأنك تنقض ما تكلمت به».

يريد أن الصفة والموصوف كشيء واحد ، فلا يجوز أن يكون أحدهما معرفة والآخر نكرة ، والحال مع صاحبها ليسا كشيء واحد فصار في الصفة أقبح.

هذا باب ما يختار فيه الرفع

وذلك قولك : له علم علم الفقهاء ، وله رأي رأي الأصلاء

اعلم أن جميع هذا لا يكون فيه إلا الرفع ؛ لأنه يقال : إلا لمن استقر فيه وثبت فبعد النصب فيه ، إذ لم يكن في الكلام حالة تدل على الفعل.

فأما قولك : «له صوت صوت حمار» فإنما هو معالجة للصوت وإخراجه ، ولو أراد بقوله : له علم تعلم وفهم لجاز النصب ، ولكن المفهوم من كلام الناس وما جرت به عادتهم أن ذلك مدح للمذكور بخصال قد استقرت فيه من العلم والفهم وغير ذلك.

هذا باب ما يختار فيه الرفع إذا ذكرت المصدر

الذي يكون علاجا

وذلك قولك : له صوت صوت حسن.

والرفع في هذا أحسن ؛ لأنك ذكرت اسما هو الأول ، فحسن أن يكون محمولا عليه وصفا أو بدلا وقد يجوز نصبه على معنى يصوت صوتا حسنا على الحال وعلى المصدر.

وأنشد لرؤبة :

__________________

(١) ديوان الهذليين ٢ / ٩٣ ، شرح الأعلم ١ / ١٨٠ ، المقتضب ٣ / ٢٠٤ ، شرح النحاس ١٥٦.

١٨٧

* فيها ازدهاف أيما ازدهاف (١)

وقبل هذا :

قولك أقوالا مع التحلاف.

والازدهاف : الشدة والأذى. وحقيقته : استطارة القلب والعقل من شدة الجزع والحزن ، ونصب أيما على تقدير : تزدهف أيما ازدهافا ، ودل على الفعل قوله : فيها ازدهاف ، فصار بدلا منه.

هذا باب ما الرفع فيه الوجه

وذلك قولك : هذا صوت صوت حمار

الفرق بين هذا وبين «له صوت» أن الذي له صوت هو فاعل الصوت ، ففيه دليل على أنه يصوت صوت حمار. وقولك «هذا صوت» الثاني هو الأول ، وليس في الكلام ذكر فاعل يفعل الصوت فبعد من النصب.

قال : «ولو نصب لكان وجها ؛ لأنه إذا قال : هذا صوت ، فقد أحاط العلم أنه مع الصوت فاعلا يفعله فتحمله على المعنى» كما قال :

* قد سالم الحيات منه القدما

الأفعوان والشجاع الشجعما

فنصب الأفعوان بفعل دل عليه المعنى ، وقد تقدم شرحه

هذا باب ما لا يكون فيه إلا الرفع

وذلك قولك : له يد يد الثور ،

وله رأس رأس الحمار

هذا لا يكون فيه إلا الرفع ؛ لأنه جوهر وليس بمصدر يتوهم فيه فاعل يفعله كالصوت ونحوه.

هذا باب آخر لا يكون فيه إلا الرفع

وذلك قولك : صوته صوت حمار ... ووجدي به وجد ثكلى

فالرفع واجب في هذا ؛ لأن قولك : صوته مبتدأ وصوت حمار خبره على معنى : مثل صوت حمار.

* وجدي بها وجد المطل بعيره

بنخلة لم تعطف عليه العواطف (٢)

فإن قلت مررت به فإذا صوته صوت حمار جاز النصب والرفع :

ـ فأما الرفع فعلى قولك : خرجت فإذا زيد قائم.

__________________

(١) ديوانه ١٠٠ ، شرح الأعلم ١ / ١٨٢ ، شرح النحاس ١٥٦ ، شرح السيرافي ٣ / ١٥٣.

(٢) شرح الأعلم ١ / ١٨٤ ، نوادر أبي زيد ١١٠ ، المقتضب ٣ / ٣٤٨.

١٨٨

ـ وأما النصب فعلى أن تكون «إذا» خبرا يتم بها الكلام فتضمر قبل «صوت حمار» فعلا يعمل فيه. وإن شئت نصبته على الحال.

هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه عذر لوقوع الأمر

وذلك قولك : فعلت ذاك حذار الشر ، وفعلته مخافة فلان ، وادخار فلان

قال حاتم :

* وأغفر عوراء الكريم ادخاره

وأعرض عن شتم اللئيم تكرما (١)

وقال الحارث بن هشام :

* فصفحت عنهم والأحبة فيهم

طمعا لهم بعقاب يوم مفسد (٢)

ويروى «ففررت عنهم» والمعنى أنه فر عن أعدائه المحاربين له منهزما وأحبته فيهم طمعا أن يعيش فيعود عليهم بيوم يعاقبهم فيه. وهذا البيت من أحسن الاعتذار فيما يأتيه المرء من قبيح الفعل.

وقال العجاج :

* يركب كل عاقر جمهور (٣)

مخافة وزعل المحبور

والهول من تهول المهبور

العاقر : ما لا ينبت من الرمل. والجمهور : الكثير ، والزعل : النشاط. والمحبور : المسرور ، أي : يركب هذا الثور الموصوف ، فأعظم من الرمل مرة لخوفه من الصائد ، ومرة لنشاطه وسروره.

ويروى : «والهول من تهول المهبور» برفع الهول على الابتداء ، والهبور : الخوف والجبن.

واعلم أن المصدر المفعول له إنما هو السبب الذي له يقع ما قبله وهو جواب لقائل قال : لم فعلت كذا وكذا؟ فقال : بكذا وكذا ، كرجل قال لرجل : لم خرجت من منزلك؟ فيقول : لابتغاء رزق الله.

وبعضهم يقدره «بلولا» ومعناه : لو لا ابتغاء رزق الله ما خرجت ، وهو على ضربين :

ـ أحدهما : أن تفعل فعلا تجتذب به فعلا آخر كقولك : احتملتك لاجتلاب مودتك فهذا معنى يجتذبه باحتماله.

ـ والوجه الآخر : أن توقع بالفعل الأول معنى حاصلا وتجتذب به معنى آخر كقولك : فعلت هذا حذار شر ، كأن الحذار معنى حاصل يزيله بفعل ذلك الشيء ، ويجتذب ضده من الأمر.

ويجوز أن يكون هذا المصدر معرفة ونكرة ؛ لأنه ليس بحال فيحتاج إلى لزوم النكرة

__________________

(١) ديوان حاتم ١٠٨ ، الكامل ١ / ٢٩١ ، المقتضب ٢ / ٣٤٧ ، شرح النحاس ١٥٨.

(٢) شرح الأعلم ١ / ١٣٥ ، شرح النحاس ١٥٨ ، شرح السيرافي ٣ / ١٥٩.

(٣) ديوان العجاج ٢٨ ، شرح الأعلم ١ / ١٨٥ ، شرح النحاس ١٥٩.

١٨٩

هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال وقع فيه الأمر ..

وذلك قولك : قتلته صبرا ، ولقيته كفاحا ، ورأيته ركضا وعدوا ومشيا.

اعلم أن مذهب سيبويه في قولك : أتيت زيدا مشيا وقتلته صبرا ، وما كان مثله أن المصدر في موضع الحال ، كأنه قال : أتيته ماشيا ، وقتلته مصبورا ، إذا كان حالا من الهاء.

وإن كان من التاء فتقديره صابرا ، والصبر هنا : الحبس على القتل وليس بقياس مطرد لأنه شيء وضع في غير موضعه.

وكان أبو العباس يجيز هذا من كل شيء يدل عليه الفعل ، فأجاز :

أتانا سرعة ، وأتانا رجلة ، ولم يجز أتانا ضربا ، ولا أتانا ضحكا ؛ لأن هذا ليس من ضروب الإتيان ، والسرعة والرجلة من ضروب الإتيان.

وكان يقول : إن نصب «مشيا» إنما هو بالفعل المقدر كأنه قال : «أتانا يمشي مشيا».

وكان الزجاج يذهب إلى تصحيح قول سيبويه أنه على الحال وهو الصواب ؛ لأن قول القائل : أتانا زيد مشيا ، يصح أن يكون جوابا لقائل قال : كيف أتاكم زيد؟

ولو كان على ما قاله المبرد ـ إن الناصب للمصدر : الفعل المضمر ، وإن ذلك الفعل في موضع الحال ـ لجاز أن يقول : أتانا زيد المشي وهو لا يجيز هذا. وعلى قياسه يلزمه ، وذلك أن الفعل يعمل في مصدره معرفة ونكرة.

وأنشد لزهير :

* فلأيا بلأي ما حملنا وليدنا

على ظهر محبوك ظماء مفاصلة (١)

فالتقدير فيه : فلأيا بلأي حملنا «وما» زائدة ولأيا : بطئا وجهدا ، وهي في موضع الحال ، كأنه قال : حملنا وليدنا مبطئين وجاهدين ، ويقال : التأت عليه الحاجة : إذا بطأت.

والمحبوك : الشديد الخلق. والظماء : القليلة اللحم الضئيلة ، يعني قوائمه ومفاصله.

وأنشد أيضا :

* ومنهل وردته التقاطا (٢)

أي فجأة ، وتقديره : ملتقطة.

وهذا باب منه في الألف واللام

وذلك قولك : أرسلها العراك

وقال لبيد :

* فأرسلها العراك ولم يذوها

ولم يشفق على نغص الدخال (٣)

__________________

(١) ديوان زهير ٥٢ ، شرح الأعلم ١ / ١٨٦ ، شرح النحاس ١٥٩ ، شرح السيرافي ٥١٦ / ٣.

(٢) شرح الأعلم ١ / ١٨٦ ، شرح النحاس ١٥٩ ، شرح السيرافي ٣ / ١٦٥.

(٣) ديوان لبيد ٨٦ ، شرح السيرافي ٣ / ١٦٥ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٢٠.

١٩٠

فنصب العراك وهو مصدر عارك يعارك : إذا زاحم. وجعل العراك في موضع الحال وهو معرفة ، وجاز هذا لأنه مصدر ، ولو كان اسم فاعل لم يجز. يصف أنه وجه الإبل ولم يرتبها فأرسلها مزدحمة على الماء ، ولم يشفق على بعض الدخال.

والدخال : أن يقع الضعيف بين قويين فيتنغص عليه شربه ، أي : أرسلها مزدحمة ولم يشفق على الماشية منها.

ومثل هذا قول أوس بن حجر :

* فأوردها التقريب والشد منهلا

قطاة معيد كرة الورد عاطب (١)

أي : فأوردها تقريبا وشدا في معنى : مقربا وشادا.

هذا باب ما جعل من الأسماء مصدرا كالمضاف في الباب الذي يليه

وذلك قولك : مررت به وحده ومررت بهم ثلاثتهم.

ومثل ذلك قول الشماخ :

* أتتني تميم قضها بقضيضها

تمسح حولي بالبقيع سبالها (٢)

هذا البيت منسوب في النسخ إلى الشماخ : هو لأخيه مزرد.

والنحويون يروونه في الاستشهاد منصوب اللام من سبالها ، وهي مرفوعة لأن سائر الأبيات كذلك ، ويتصل بهذا :

* يقولون لي احلف ، قلت لست بحالف

أخادعهم عنها لعلي أنالها (٣)

ومن روى الأول بالنصب ينشد «لكيما أنالها» ، والمعنى أتتني تميم منقضين عليّ : أي مجتمعين ، وهو مأخوذ من القض ، وهو الكسر ، وقد يستعمل الكسر في موضع الوقوع على الشيء بسرعة ، كما يقال : عقاب كاسر ، أي : منقضة.

والمعنى : أنه كان عليه دين ، فوصف أنهم جاءوا عليه وهم يهيئون لحاهم. والبقيع : موضع.

هذا باب ما يجعل من الأسماء مصدرا كالمصدر الذي فيه الألف واللام

نحو : العراك

وهو قولك : مررت بهم الجماء الغفير.

اعلم أن الجماء هي اسم والغفير نعت لها. وهو بمنزلة قولك : الجم الغفير. أي : الكثير ؛ لأنه إنما يراد به الكثرة. والغفيرة يراد به أنهم قد غطوا الأرض من كثرتهم ، من قولهم : غفرت

__________________

(١) ديوان أوس ٦٩ ، شرح السيرافي ٣ / ١٦٦ ، المخصص ١٤ / ٢٢٧.

(٢) ديوان الشماخ ٢٠ ، شرح الأعلم ١ / ١٨٨ ، طبقات ابن سلام ١١٢.

(٣) شرح السيرافي ٣ / ١٧٠ ، المخصص ٣ / ١٢٤.

١٩١

الشيء ، أي : غطيته ، ونصب على الحال وهو اسم مشبه بالعراك ، كأنك قلت : مررت بهم الجموم الغفر ، على معنى مررت بهم ، وذكر بعضهم أنه يستعمل على غير حال.

وأنشد للأعشى.

* صغيرهم وشيخهم سواء

هم الجماء في اليوم الغفير (١)

وأما قاطبة وطرّا وما أشبهها ، فمحمولة على المصدر ؛ لأن المصادر قد تخرج على التمكن فتلزم طريقة واحدة. فلا يتجاوز بقولك : طرّا وقاطبة الحال ، كما لم يتجاوز بما تقدم من المصادر موضعه.

وبين سيبويه ويونس خلاف فيما ذكره سيأتي في الباب الذي يليه إن شاء الله.

هذا باب ما ينتصب لأنه حال وقع فيه الأمر

وذلك قولك : مررت بهم جميعا وعامة وجماعة.

اعلم أنك إذا قلت : مررت بهم جميعا ، فله وجهان :

ـ أحدهما : أن تريد : مررت بهم وهم مجتمعون ، كما قال الله عز وجل : (نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) [القمر : ٤٤].

والآخر : أن تريد : مررت بهم فجمعتهم بمروري وإن كانوا متفرقين في مواضع.

فإذا أردت الوجه الأول فهو حال لا وجه له غيره.

وإن أردت الوجه الثاني ، جاز أن يكون في موضع المصدر ، كأنه قال : جمعتهم جمعا في مروري.

وإن صيرته حالا ، فعلى نحو قوله عز وجل :

(وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) [النساء : ٧٦] ، وقولك : قم قائما.

وعامة وجماعة بمنزلة جميع.

وجعل سيبويه «الماء الغفير» بمنزلة : العراك ، وجعل «طرّا» و «قاطبة» إذ لم يكونا صفتين معروفتين بمنزلة «الجميع» ؛ لأن القطب في الأصل ضم الشيء وجمعه. والطر مأخوذ من أطرار الطريق وهي جوانبه ، فصار طرّا وقاطبة في معنى جميعا ، وصار نصبهما كنصب مررت بهم جميعا.

وحكي عن المازني أنه قال : يقال : طررت القوم ، إذا مررت بهم جميعا ، وإذا صح هذا لم يوجب تمكن «طر» لأنه يكون مأخوذا من لفظ طر كما أخذ سبح من لفظ : سبحان الله ، وهلل من لفظ : لا إله إلا الله.

__________________

(١) شرح المفصل ٢ / ٦٣ ، الكتاب ١ / ١٨٩.

١٩٢

ومذهب يونس أن الجماء الغفير اسم لأنه في موضع المصدر ، وأن الألف واللام في نية الطرح.

ورد هذا سيبويه وألزمه أن يجيز مررت به القائم ، وجعل يونس «قضهم» «وحده» بمنزلة كلمته فاه إلى في. فرد عليه سيبويه بأن قال «فاه إلى في غير الأول».

و «وحده» عند يونس هو الأول.

ومعنى ذلك أن يونس يجعل وحدة بمنزلة متواحدا أو منفردا. ويجعله للمرور به.

وقوله : «كلمته فاه إلى في» معناه المشافهة.

وفي قول يونس وجه آخر ، قال : إذا قلت : مررت به وحده ، فمعناه على حياله ، وعلى حياله في موضع الظرف ، وإذا كان الظرف صفة أو حالا قدر فيه مستقر ناصب للظرف ، ومستقر هو الأول.

وأما مذهب سيبويه في «وحده» فالذي قال أبو العباس أنه يحتمل أن يكون للفاعل والمفعول به.

ـ أما كونه للمفعول فهو أن تقول : مررت وحده ، أي : منفردا في مكانه ، لم يكن معه غيره.

ـ والآخر أن تجعل قصدك إليه دون غيره ، فتقول مررت به وحده ، أي : لم أعتمد غيره.

وكان الزجاج يذهب إلى أن «وحده» مصدر وهو من الفاعل دون المفعول. فإذا قلت : مررت به وحده فكأنك قلت : أفردته إفرادا ، ثم إن سيبويه جعل يونس ـ في جعله طرا وقاطبة اسمين لا مصدرين ـ أعذر منه في الجماء الغفير ؛ لأنهما نكرتان ، وهما اسمان ، غير أنه لا يقول بقوله من أجل أنه لو كانا اسمين يوصف بهما لجاز أن يستعملا متمكنين ؛ لأن هذا سبيل الصفات التي تستعمل أحوالا.

قال : «وتقول هو نسيج وحده».

فهذا مدح ، وأصله أن الثوب إذا كان رفيعا لا ينسج على منواله غيره ، فكأنه قال : نسيج إفراده ، ويقال للرجل إذا انفرد بالفضل.

وأما : «عيير وحده ، وجحيش وحده».

فهو تصغير عير وهو الحمار. وجحيش وهو ولد الحمار ، ويذم بهما الرجل ، وهو الذي ينفرد برأيه ولا يخالط أحدا في مشورة ولا معونة ، ومعناه أنه ينفرد بخدمة نفسه ، ويقال : عيير نفسه وجحيش نفسه على ذلك المعنى.

١٩٣

هذا باب ما ينتصب من المصادر توكيدا لما قبله

وهو قولك : هو عبد الله حقّا ، وهذا عبد الله لا الباطل ، وهذا زيد غير ما تقول.

اعلم أن «حقّا» وما بعده مصادر والناصب لها فعل قبلها يؤكد الجملة وذلك الفعل أحق أو ما جرى مجراه ، وذلك أنك إذا قلت : هذا عبد الله جاز أن يكون كلامك قد جرى على يقين منك وتحقيق وجاز أن يكون على شك.

فإذا قلت «حقّا» أكدت وبينت.

وإذا قال : «الحق لا الباطل» فالباطل عطف على الحق «بلا» وإذا قال هذا زيد أقول : غير ما تقول ، فكأنه قال : هذا زيد قولا غير ما تقول ، فجعل قول المخاطب باطلا وحقق قوله.

فكأنه قال : أقول الحق.

ومثله في الاستفهام : أجدك لا تفعل كذا وكذا. وأصله من الجد. كأنه قال : أجد ، غير أنه لا يستعمل إلا مضافا حتى يعلم من صاحب الجد ، فيجري في لزوم الإضافة مجرى لبيك ومعاذ الله.

وهذا باب يكون فيه المصدر توكيدا لنفسه.

وذلك قولك : له عليّ ألف درهم عرفا ، ومثل ذلك قول الأحوص :

* أصبحت أمنحك الصدود وإنني

قسما إليك مع الصدود لأميل (١)

يخاطب بهذا البيت منزل محبوبته ، وكان يعرض عنه ويتجنبه لئلا يفطن له.

واعلم أن الفرق بين هذا الباب والذي قبله ، أن الباب الأول توكيد لما قبله ، وهذا توكيد لنفسه. فإذا قلت : هذا عبد الله حقّا. فقولك : هذا عبد الله ـ من قبل أن تذكر حقا ـ يجوز أن يظن ما قلته حقا وأن يظن باطلا ، فتأتي ب «حقّا» لتجعل الجملة مقصورة على أحد الوجهين المختلفين عند السامع.

وقولك : له عليّ ألف درهم ، وهو اعتراف منك حقّا كان أو باطلا ، فصار هذا توكيدا لنفسه إذ كان الذي ظهر فيه هو الاعتراف. وسمى سيبويه ـ أيضا ـ الباب الأول توكيدا عاما ؛ لأنه سمي هذا توكيدا لنفسه من حيث كان توكيد الاعتراف الذي هو معنى الكلام الظاهر ، وهو لفظ اختصاص ، فجعل الآخر عاما.

وأنشد لرؤبة :

* إن نزارا أصبحت نزارا

دعوة أبرار دعوا أبرارا (٢)

ومعناه أن نزارا وهو أبو ربيعة ومضر ، لما وقع بين ربيعة ومضر تباين وحرب بالبصرة

__________________

(١) ديوان الأحوص ١٥٣ ، شرح الأعلم ١ / ١٩٠ ، شرح النحاس ١٦١ ، شرح السيرافي ٣ / ١٧٧.

(٢) شرح الأعلم ١ / ١٩١ ، شرح السيرافي ٣ / ١٨٠ ، شرح المفصل ١ / ١١٧.

١٩٤

وصارت ربيعة مع الأزد في قتال مضر ، وكان رئيسهم مسعود بن عمرو الأزدي ، فقتل مسعود ، ثم إن ربيعة صالحت مضر ، فلما اجتمعت ربيعة ومضر بعد أن افترقت قال الشاعر :

أصبحت نزارا

ونزار يجمع ربيعة ومضر لأنه أبوهما.

والمعنى : أصبحت مجتمعة الأولاد إذا دعا بعضهم بعضا إلى النصرة قال : يالنزار.

وفي حال التباين والعداوة والحرب كان يقول المضري منهم : يا لمضر ويقول الربيعي يا لربيعة ؛ لأن أحد الفريقين لم يكن ينصر الآخر.

فقوله : «أصبحت نزارا» بمنزلة دعاء بعضهم بعضا بهذا اللفظ ، ثم جاء بالمصدر وهو : «دعوة أبرار» توكيدا لذلك ، وأضافه إلى الفاعل تبيينا وتخصيصا.

وأنشد للراعي :

* دأبت إلى أن ينبت الظل بعد ما

تقاصر حتى كاد في الآل يمصح (١)

وجيف المطايا ثم قلت لصحبتي

ولم ينزلوا : أبردتم فتروحوا

فنصب «وجيف المطايا» على نحو ما مضى في الباب ؛ لأن دأبت قد دل على أنه بمعنى سرت سيرا شديدا دائما ، فصار بمنزلة قولك : أوجفت ، فجعل أوجيف المطايا توكيدا لأوجفت الذي هو في ضميره.

ومعنى قوله : «إلى أن ينبت الظل» أي : إلى وقت الزوال إذا زال الظل.

ومعنى يمصح : يذهب والوجيف : سير سريع والإبراد : إقبال برد العشي.

والدخول فيه.

هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال

صار فيه المذكور

ذلك قولك : أما سمنا فسمين ، وأما علما فعالم ... وأمّا نبلا فنبيل.

قال أبو إسحاق الزجاج : هذا الباب لم يفهمه أحد إلا الخليل وسيبويه ، ومعناه أن رجلا يدعى أو تدعى له أشياء فيعرف ببعضها فتدخل «أما» على ذلك ، كأن قائلا قال : أنا عالم وأنا دين وأنا شريف ، فأنكر السامع بعض ما قال وعرف بعضا ، فقال : مهما تذكر من شيء فأنت الرجل لعلم ، وحذفت اللام ونصب.

وكذلك إذا قال : هذا الفرس سمين وجواد ، قيل له : مهما تذكر ، فهو سمين من أجل سمن أو بسمن.

__________________

(١) شرح الأعلم ١ / ١٩١ ـ ١٩٢ ، الكامل ١ / ٢٧٦ ، معاني القرآن ٣ / ٨٨٣.

١٩٥

واعلم أن «أما» عند سيبويه قد نابت عن شرط الجزاء ؛ والفاء وما بعدها جواب ، والشرط الذي نابت عنه «أما» يجوز فيه وجهان :

ـ أحدهما : أن يحذف جميعه ويقدم اسم ما بعد الفاء من اسم أو ظرف أو شرط فيكون تقديم ذلك على الفاء عوضا من المحذوف.

ـ والآخر : أن يكون ما قبل الفاء جزاء من الشرط المحذوف.

فأما الاسم فقولك : أما زيدا فضربت ، والتقدير مهما يكن من شيء فقد ضربت زيدا.

وأما الظرف فقولك : أما يوم الجمعة فلا تخرج ، والتقدير : مهما يكن من شيء فلا تخرج يوم الجمعة.

ـ وأما الشرط ، فقولك : أما إن جاء زيد فأكرمه ؛ لأن التقدير : مهما يكن من شيء فإن جاءك زيد فأكرمه.

فهذا تمثيل ما تقدم بعد الفاء.

وأما ما يكون قبل الفاء جزاء من الشرط المحذوف بعضه المبقّى بعضه ، فقولك : «أما علما فلا علم عند زيد».

فالعلم المنصوب ، بما دل عليه «أما» ، وتقديره : مهما يذكر زيد علما ، أي : من أجل علم أو لعلم فلا علم عنده.

فلا يجوز أن يكون العامل في «علما» ما بعد الفاء ؛ لأنه لا يعمل فيما قبله ، ألا ترى أنك لو قلت : «لا علم عند زيد» لم يحسن أن تقول : عند زيد لا علم.

واعلم أن الظاهر من كلام سيبويه أنه ينصب هذه المصادر على الحال ، وقد دل على ذلك بترجمة الباب.

وكذلك قولك : «أنت الرجل علما ودينا وفهما وأدبا».

ثم عقب في الباب بأن جعل هذا التقدير في مذهب بني تميم دون أهل الحجاز ؛ لأن بني تميم إذا أدخلوا اللام على المصدر لم يجروه مجرى الأول ورفعوه ، وأهل الحجاز يجرونه مجرى الأول فينصبونه ، فدل ذلك عنده على أن أهل الحجاز يذهبون في نصب ذلك إلى أنه مفعول له ، والمفعول له يكون معرفة ونكرة ، وأن بني تميم يذهبون به مذهب الحال ، والحال لا تكون إلا نكرة.

فإذا قالوا : أما العلم فأنا عالم ، رفعوا العلم بالابتداء ، وتقديره : مهما يكن من شيء ، فالعلم أنا عالم به ، فإذا قالوا : أما العلم فأنا عالم بالعلم فهو على ضربين :

ـ إن جعلت العلم الأول هو الثاني ، رفعته كأنك قلت : فأنا عالم به.

ـ وإن جعلت الأول غير الثاني ، نصبت الأول ويكون تقديره : أما العلم فأنا عالم

١٩٦

بزيد ، فنصبه المصدر ، كأنك قلت : مهما يكن من شيء فأنا عالم بزيد العلم ، ثم قدمته على هذا الوجه.

ومعنى قوله : «إن العلم الأول غير العلم الثاني» مفهوم لأن الإنسان قد يقول : فلان عالم بالفقه أو بالنحو أو غير ذلك ، فتكون منزلة الفقه ، وإن كان علما من العلوم بمنزلة «زيد» في قولنا : هو عالم بزيد. فإذا جاز أن تقول هو عالم بزيد علما ـ والعلم غير زيد ـ جاز أن تقول : هو عالم بالفقه علما ، والعلم غير الفقه.

وأما قول سيبويه «فعمل فيه ما قبله وما بعده» بعد ذكره : «وأما سمنا فسمين».

فمعنى «ما قبله» ما تتضمنه الجملة التي تدل عليها «أما» كأنه قال : مهما يذكر زيد سمنا فهو سمين ، لأن هذا الكلام إنما جرى على إنسان مذكور ، وحذف ذكره استغناء ، وأما «ما بعده» فيعني به : سمين ؛ أنه قد عمل في سمن فنصبه.

وأنشد سيبويه :

* ألا ليت شعري هل إلى أمّ عامر

سبيل؟ فأمّا الصبر عنها فلا صبرا (١)

فالناصب للصبر ما قبل الصبر من التقدير ؛ لأنه ليس فيما بعده ما يعمل فيه ، فكأنك قلت : مهما ترض الصبر وتذكر الصبر فلا صبرا. وبنو تميم يقولون : أما الصبر عنها بالرفع كما قالوا : أما العلم فعالم على إضمار الهاء وعلى مذهب أهل الحجاز يكون الصبر مفعولا له كأنه قال : مهما تذكر الشيء للصبر فلا صبر.

وأنشد تقوية لبني تميم :

* ألا يا ليل ويحك نبّئينا

فأمّا الجود منك فليس جود (٢)

أي : «ليس لنا منك جود».

وتصحيح الكلام أن الجود مبتدأ ، ولا بد من عائد إليه ، فالتقدير : أما الجود منك ، فليس لنا جود له ، أو من أجله أو نحو ذلك.

قال : «ومثل ذلك من الصفات : أما صديقا مصافيا فليس بصديق مصاف ... وأما عالما فعالم».

ثم قال : «والرفع لا يجوز هنا لأنك قد أضمرت صاحب الصفة».

يريد أن قوله : أما صديقا مصافيا فهو حال ، وقد أضمر الذي منه الحال كأنه في التقدير : أما صديقا مصافيا فليس زيد بصديق مصاف.

__________________

(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ١٩٣ ، شرح النحاس ١٦١ ، شرح السيرافي ٣ / ١٩٠ ، أوضح المسالك ٧ / ١٤١ ، مغني اللبيب (٢ / ٦٥٠) ، شرح شواهد المغني ٢ / ٨٧٦.

(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ١٦٣ ، شرح النحاس ١٦١ ، شرح السيرافي ٣ / ١٩٠ ، همع الهوامع ١ / ١١٦.

١٩٧

ومعنى قوله : «أضمرت صاحب الصفة».

أي : أضمرت زيدا الذي هو صديق مصاف ، وهو يسمّي الحال صفة.

وقال المبرد : العامل في «صديقا مصافيا» هو ما يقدر قبل الفاء مما يدل عليه أما ، كأنه قال :

مهما تذكر زيدا صديقا مصافيا فليس بصديق مصاف ، ولا يعمل فيه «بصديق» لأن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها.

وخالفه غيره من النحويين ، قالوا : يجوز عمل ما بعد الفاء فيما قبلها ؛ لأنها ههنا زائدة ، دخولها كخروجها.

وظاهر كلام سيبويه أن رفع الصفة المذكورة لا يجوز البتة ، وهو جائز على ضعف ، وقد حكى مثله في الباب الذي بعده وهو قوله :

«أمّا ابن مزنية فأنا ابن مزنية».

فهذا وصف نكرة كما ترى ، وجعل بمنزلة المعرفة في الابتداء ، فلا يبعد فيما كان من الصفات نكرة أن يجري مجراه ، وإن كان هذا أقوى من غيره لاختصاصه بنوع معروف.

واعلم أن الدليل القاطع على أن المصدر النكرة في هذا الباب يكون حالا وعلة : أن العرب تضع موضع ما لا يكون إلا حالا البتة أو علة البتة. كقولك : أما عالما فعالم ، فقولك «عالما» لا يكون مفعولا له ؛ لأن اسم الفاعل لا يقع علة لغيره ، كما يقع المصدر ، فلما وقع قولك : أما علما فعالم موقع ، أما عالما فعالم ، علمنا أن المصدر حال لوقوعه موقع ما لا يكون إلا حالا.

وأما الدليل على أن المصدر في هذا الباب يكون علة لا حالا. فوقوع «أن» مع الفعل موقعه في قولك : أما أن يعلم فعالم. فإنّ «يعلم» علة ـ لوقوع الفعل ـ لا حال ، ألا ترى أنك لو قلت : جئتك أن أركب ، على معنى جئتك راكبا لم يجز ، كما تقول : جئتك مشيا وعدوا ، أي : ماشيا وعاديا.

فإن قلت : جئتك أن تعطيني وتحملني جاز على معنى : جئتك لهذا ، ومن أجل هذا.

فلما وقع «أن يعلم» موقع «علم» في قولك : «أما أن يعلم فعالم» ، علمنا أن «علما» الواقع موقعه : علة مثله ، ولذلك جاز نصبه مع الألف واللام ؛ لأن العلة تكون معرفة ونكرة ، فقف على هذا فإنه ملاك الباب.

١٩٨

باب ما يكون فيه الرفع الاختيار ووجه الكلام في جميع اللغات

وذلك قولك : أما العبيد فذو عبيد وأما العبد فذو عبد وأما عبدان فذو عبدين.

وإنما يكون الرفع في هذا الوجه ، لأنه ليس بمصدر يقدر فعل من لفظه ينصبه على ما مضى في المصادر ، وهو رفع بالابتداء ، وما بعده خبره. والعائد إليه محذوف كأنه قال : أما العبيد فأنت منهم ذو عبيد أو ما جرى هذا المجرى وذكر سيبويه عن يونس أن ناسا من العرب ينصبون هذا ، ثم أبعد ذلك وقبحه.

وكان المبرد لا يجيزه أصلا ، وإنما أجازه سيبويه على ضعفه إذا لم يرد : عبيد بأعيانهم ، فإذا كانوا مختصين معروفين لم يجز عنده النصب.

وكان الزجاج يتأول في نصب العبيد تقدير الملك والملك مصدر فكأنه قال : أما ملك العبيد كما تقول : أما ضرب زيد فأنا ضاربه.

فإذا قلت : " أما البصرة فلا بصرة" ، و" أما أبوك فلا أباك" فهذا لا يكون فيه إلا الرفع ، ولا يجوز فيه النصب على مذهب من أجازه في : " أما العبد" أن هذا وما أشبهه أشياء معروفة معلومة ، فلا يجوز حملها على المصادر المبهمة.

ويستعمل مثل هذا في أحد معنيين :

ـ إما أن يكون جعل أباه غير فاعل به ما يفعله الآباء من النصرة له والبر به.

ـ وإما أن تكون الحال التي أصابت أباه أعجزته عن ذلك.

وكذلك : أما البصرة فلا بصرة لك أما أن يكون منع من البصرة ومن منافعها.

ـ أو تغيرت البصرة في نفسها فبطلت منافعها.

قال : " وسمعنا من العرب من يقول : أما ابن مزنيّة فأنا ابن مزنية كأنه قال : أما ابن مزنية فأنا ذلك".

أو فأنا هو جعله مبتدأ وخبرا ، وإن شئت نصبته على الحال ، كما تقول : أما صديقا فأنت صديق ، وأما صاحبا فأنت صاحب".

واعلم أنك إذا قلت : أما أبوك فلك أب ، وأما أبوك فلا أب لك ، فما بعد الفاء خبر عن الألف والعائد عليه مضمر والتقدير : أما أبوك فلك فيه أب ، أي : لك في ابتنائك إليه وتحققك به أب من الآباء ونصيب صالح هذا معناه ، وجرى اللفظ على الاتساع ، وجعل الأب كالظرف لنفسه ، وإن لم يصح ذلك فيه ، وإنما هو اتساع لفظ ، والمعنى ما ذكرت لك.

ومثله قولهم : " لك في هذه الدار دار صالحة" و" لك في هذا الرجل رجل صدق".

وأهل الكوفة لا يجيزون هذا حتى يخالف لفظ الآخر لفظ الأول ، فيقال : لك في هذا الدار منزل صالح ، ولك في هذا الرجل صاحب صدق ، ويحتجون بقول الله عز وجل :

١٩٩

(ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ) [فصلت : ٢٨]. فدار الخلد ليست من لفظ النار ، وإن كانت إياها في المعنى ، والأمران عند أهل البصرة سواء وليس في الآية ما يوجب امتناع غيرها مما اتفق فيه اللفظان ، لان المعنى واحد ، والاتساع في الاتفاق والاختلاف سواء فاعلمه.

باب ما ينتصب من الأسماء التي ليست بصفة ولا مصادر

لأنه حال يقع فيه الأمر ...

وذلك قولك : كلمته فاه إلى فيّ ، وبايعته يدا بيد.

اختلف النحويون في باب" فاه إلى فيّ" ، فالبصريون يذكرون أن الناصب كلمته ، وإنه ليس فيه إضمار ، وجعلوه نائبا عن مشافهة ومعناه : مشافها ، وجعلوه من الشاذ المحمول على غيره لأنه معرفة ، ولأنه اسم غير صفة وصار بمنزلة قولك : " الجمّاء الغفير" و" رجع عوده على بدئه".

والكوفيون ينصبون" فاه" بإضمار" جاعلا" كأنه قال : كلمته جاعلا فاه إلى فيّ.

ويدل على قول البصريين أنه لو كان على إضمار" جاعلا" ما كان فيه شذوذ ، ولجاز أن تقول : كلمته وجهه إلى وجهي ، وعينه إلى عيني ، ولم يقل هذا أحد لأن الشاذ لا يقاس عليه ، وإقامة الشيء مقام غيره ليس بمستمر.

قال سيبويه : " ومما ينتصب لأنه حال وقع فيه الفعل : بعت الشاء شاة ودرهما" إلى قوله : " تصدقت بما لي درهما درهما".

اعلم أن هذه الأسماء المنصوبة هي حالات جعلت في موضع" مسعرا" فإذا قلت : " بعت الشاء شاة ودرهما" فمعناه : بعت الشاء مسعرا على شاة بدرهم ، وجعلت الواو في معنى الباء فبطل خفض الدرهم ، وجعل معطوفا على شاة فاقترن الدرهم والشاة ، لأن الشاة مثمن ، والدرهم ثمنه ، ولاقترانهما عطف أحدهما على الآخر.

وإذا قلت : " قامرته درهما في درهم" فمعناه : قامرته هذا الضرب من القمار ، كأنه قال : باذلا درهما في درهم ، وهو في موضع الحال.

وإذا قلت : " أخذت منه زكاة ماله درهما لكل أربعين درهما" فمعناه : فارضا هذا الفرض ومقدّرا هذا التقدير.

و" بينت له حسابه بابا" ، أي مصنفا مبوبا.

و" تصدقت بمالي درهما درهما" ، أي : مفرقا هذا التفريق.

ويكون الذي منه الحال في" بعت الشاء شاة ودرهما" وفي" قامرته" من التاء من الهاء ومنهما جميعا إن شئت.

٢٠٠