الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


المحقق: مشتاق المظفّر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دليل ما
الطبعة: ١
ISBN: 964-397-280-1
الصفحات: ٥١٣

الحسن بن بندار القمّي من كتابه بخطّه ، عن الحسن بن أحمد المالكي ، عن جعفربن فضيل ، عن محمّد بن فرات ، عن الأصبغ أنّه سمع أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول على المنبر : « أنا سيِّد الشيب وفيّ سنّة من أيّوب ، والله ليجمعنّ الله لي شملي كما جمعه لأيّوب » (١).

أقول : قد تقدّم أنّ الله أحيا لأيّوب مَن مات مِن أهله.

ورواه العيّاشي في « تفسيره » على ما نقل عنه : عن مسعدة بن صدقة ، عن الصادق عليه‌السلام (٢).

الحادي والعشرون بعد المائة : ما رواه الكليني في « الروضة » : عن الحسين بن محمّد ومحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن سالم بن أبي سلمة ، عن الحسن بن شاذان الواسطي ، قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أشكو إليه جفاء أهل واسط وحملهم عليّ ، وكانت عصابة من العثمانية تؤذيني فوقّع بخطّه :

« إنّ الله جلّ ذكره أخذ ميثاق أوليائنا على الصبر في دولة الباطل ، فاصبر لحكم ربّك ، فلو قد قام سيِّد الخلق لقالوا : ( يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ) (٣) » (٤).

الثاني والعشرون بعد المائة : ما رواه أصحابنا في « المزار » (٥) كالشهيد والمفيد وابن طاووس وغيرهم في زيارة القائم عليه‌السلام في السرداب : « ووفّقني يا ربّ للقيام

____________

١ ـ رجال الكشي : ٢٢١ / ٣٩٦.

٢ ـ لم أعثر عليه في تفسير العيّاشي لأنّه ناقص ، بل وجدته في أمالي المفيد : ١٤٥ / ٤ ، وإرشاد المفيد ١ : ٢٩٠ ، باختلاف يسير.

٣ ـ سورة يس ٣٦ : ٥٢.

٤ ـ الكافي ٨ : ٢٤٧ / ٣٤٦.

٥ ـ في « ح » : المزارات.

٣٠١

بطاعته ، والمثوى في خدمته ، فإن توفّيتني قبل ذلك فاجعلني ممّن يكرّ في رجعته ، ويملّك في دولته ، ويمكّن في أيّامه » (١).

الثالث والعشرون بعد المائة : ما رووه (٢) أيضاً في زيارة اُخرى له عليه‌السلام : « وإن أدركني الموت قبل ظهورك ، فأتوسّل بك إلى الله أن يصلّي على محمّد وآله (٣) ، وأن يجعل لي كرّة في ظهورك ، ورجعة في أيّامك ، لأبلغ من طاعتك مرادي ، وأشفي من أعدائك فؤادي » (٤).

الرابع والعشرون بعد المائة : ما رووه أيضاً في زيارة اُخرى له عليه‌السلام : « اللهمّ أرنا وجه وليّك الميمون في حياتنا وبعد المنون ، اللهمّ إنّي أدين لك بالرجعة بين يدي صاحب هذه البقعة » (٥).

الخامس والعشرون بعد المائة : ما رووه أيضاً في الزيارات عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « من دعا الله أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا ، فإن مات قبله أخرجه الله من قبره وأعطاه بكلّ كلمة ألف حسنة » (٦) ثمّ ذكر الدعاء.

السادس والعشرون بعد المائة : ما رواه الشيخ أبو الفتح الكراجكي في « كنز الفوائد » : عن محمّد بن العبّاس بن مروان ـ وهو ثقة (٧) ـ عن علي بن عبدالله بن أسد ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن أحمد بن معمّر ، عن محمّد بن الفضيل ، عن

____________

١ ـ مصباح الزائر : ٤٢٤ ، ولم أعثر عليها في المزارين الآخرين ، وعن المصباح في البحار ٥٣ : ٩٥ / ١٠٨.

٢ ـ في « ح ، ش » : ما رواه.

٣ ـ في « ط » والمصدر : على محمّد وآل محمّد.

٤ ـ المزار للشهيد الأوّل : ٢٢٨ ، مصباح الزائر : ٤٣٨ ، وعن المصباح في البحار ٥٣ : ٩٥ / ١٠٩.

٥ و ٦ ـ مصباح الزائر : ٤٤٥.

٧ ـ في « ط » : ثقة ثقة.

٣٠٢

الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى ( إِن نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) (١) قال : « هذه نزلت فينا وفي بني اُميّة ، يكون لنا عليهم دولة ، فتذلّ أعناقهم لنا بعد صعوبة وهواناً بعد عزّ » (٢).

السابع والعشرون بعد المائة : ما رواه الحسن بن سليمان نقلاً من كتاب « المشيخة » للحسن بن محبوب : عن محمّد بن سلام ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : في قوله تعالى ( رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) (٣) قال : « هو خاصّ لأقوام في الرجعة بعد الموت ، ويجري في القيامة » (٤).

الثامن والعشرون بعد المائة : ما رواه سعد بن عبدالله في رسالته في « أنواع آيات القرآن » برواية ابن قولويه على ما نقل عنه قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « نزل جبرئيل عليه‌السلام بهذه الآية هكذا : ( فإنّ للظالمين آل محمّد حقّهم عذاباً دون ذلك ) (٥) يعني عذاباً (٦) في الرجعة » (٧).

التاسع والعشرون بعد المائة : ما رواه العيّاشي في « تفسيره » على ما نقل عنه : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى ( فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالأخِرَةِ قُلُوبُهُم مُنكِرَةٌ ) (٨) يعني : « لا يؤمنون بالرجعة أنّها حقّ » (٩).

__________________

١ ـ سورة الشعراء ٢٦ : ٤.

٢ ـ تأويل الآيات ١ : ٣٨٦ / ١.

٣ ـ سورة غافر ٤٠ : ١١.

٤ ـ مختصر البصائر : ٤٦٢ / ٥١٩.

٥ ـ سورة الطور ٥٢ : ٤٧. والآية هكذا ( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذلِكَ ).

٦ ـ ( عذاباً ) لم يرد في « ح ».

٧ ـ وعن رسالة سعد بن عبدالله في البحار ٥٣ : ١١٧ / ١٤٤.

٨ ـ سورة النحل ١٦ : ٢٢.

٩ ـ تفسير العيّاشي ٢ : ٢٥٧ / ضمن حديث ١٤.

٣٠٣

وعن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله (١).

الثلاثون بعد المائة : ما رواه الكراجكي في « كنز الفوائد » : عن محمّد بن العبّاس ، عن علي بن محمّد ، عن أبي جميلة ، عن الحلبي.

وعن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضل بن عبّاس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله تعالى ( فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا ) قال : « في الرجعة » ( وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا ) (٢) قال : « لا يخاف من مثلها إذا رجع » (٣).

أقول : الظاهر أنّ المراد بـ ( ربّهم ) : صاحبهم (٤) وهو أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ليعود إليه ضمير يخاف ، ويناسب التفسير لما في تفسير قوله تعالى ( وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً ) (٥) أنّ المراد بالربّ : الصاحب وأنّه عليّ عليه‌السلام (٦).

الحادي والثلاثون بعد المائة : ما رواه الصدوق في « معاني الأخبار » : عن أبيه ، عن سعد ، عن البرقي ، عن محمّد بن علي ، عن سفيان ، عن فراس ، عن الشعبي ، قال : قال ابن الكوّا لعلي عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين أرأيت قولك : العجب كلّ العجب بين جمادى ورجب؟ قال عليه‌السلام : « ويحك يا أعور هو جمع أشتات ، ونشر أموات ، وحصد نبات ، وهنات بعد هنات ، مهلكات مبيرات ، لست أنا ولا أنت هناك » (٧).

أقول : حمل الصدوق آخر الحديث على التقية. فقال : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام

____________

١ ـ تفسير العيّاشي ٢ : ٢٥٧ / ذيل حديث ١٤. وكان في الإيقاظ المطبوع : عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٢ ـ سورة الشمس ٩١ : ١٥.

٣ ـ تأويل الآيات ٢ : ٨٠٤ / ضمن حديث ١.

٤ ـ ( صاحبهم ) لم يرد في « ط ».

٥ ـ سورة الفرقان ٢٥ : ٥٥.

٦ ـ من قوله : ( لما في تفسير ) إلى هنا لم يرد في « ط ».

٧ ـ معاني الأخبار : ٤٠٦ / ٨١.

٣٠٤

اتّقى ابن الكوّا في هذا الحديث ؛ لأنّه كان غير محتمل (١) لأسرار آل محمّد عليهم‌السلام (٢). « انتهى ».

ويمكن أن يكون إشارة إلى رجعة بعض الشيعة وأعدائهم في زمن المهدي عليه‌السلام ، وإنّ ذلك يكون بين جمادى ورجب ، وأمّا رجعة أمير المؤمنين عليه‌السلام فهي متأخِّرة عن هذه الرجعة كما يأتي ، ولعلّها لا تكون بين جمادى ورجب ، فلا حاجة إلى التأويل بالحمل على التقية (٣).

وقد تقدّم ما يدلّ على مضمون الباب (٤). ويأتي ما يدلّ عليه ، فإنّ أحاديث هذه الأبواب كلّها متعاضدة في الدلالة على صحة الرجعة (٥) ، وقد عرفت (٦) وجه إفراد هذا الباب عمّا بعده والله الموفّق.

__________________

١ ـ في « ط » : متحمّل.

٢ ـ معاني الأخبار : ٤٠٧ ـ قال مصنّف هذا الكتاب.

٣ ـ إلى هنا ينتهي ما سقط من « ك ».

٤ ـ في « ك » : ذلك. بدل من : مضمون الباب.

٥ ـ ( على صحة الرجعة ) أثبتناه من « ك ».

٦ ـ في « ك » زيادة : سابقاً.

٣٠٥

الباب العاشر

في ذكر جملة من الأخبار المعتمدة الواردة في الإخبار بالرجعة

لجماعة من الأنبياء والأئمّة عليهم‌السلام

الحديث الأوّل : ممّا يدلّ على ذلك ما رواه الشيخ الجليل رئيس المحدِّثين أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه في كتاب « من لا يحضره الفقيه » ـ في باب المتعة ـ بطريق القطع والجزم من غير حوالة على سند حيث قال : قال الصادق عليه‌السلام : « ليس منّا من لم يؤمن بكرّتنا ، ويستحلّ متعتنا » (١).

أقول : هذا الضمير الموضوع للمتكلِّم ومعه غيره دالّ بطريق الحقيقة على دخول الصادق عليه‌السلام في الرجعة ، ومعه جماعة من أهل العصمة عليهم‌السلام أو الجميع ، ولا خلاف في وجوب الحمل على الحقيقة مع عدم القرينة.

الثاني : ما رواه الشيخ الجليل رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في « المصباح الكبير » ـ في أعمال يوم الجمعة (٢) ـ : عن الصادق جعفر بن محمّد عليه‌السلام أنّه قال : « من أراد أن يزور قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وقبور الحجج عليهم‌السلام وهو في بلده فليغتسل يوم الجمعة ـ إلى أن قال ـ : وليقل :

____________

١ ـ من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٩١ / ١٣٨٤.

٢ ـ في « ك » زيادة : حيث قال : زيارة الأئمة عليهم‌السلام في يوم الجمعة ، روي.

وكذلك المصدر. من دون ذكر : حيث قال.

٣٠٦

السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته (١) ، السلام عليك أيّها النبي المرسل ، والوصي المرتضى ، والسيّدة الكبرى ، والسيّدة الزهراء ، والسبطان المنتجبان ، والأولاد والأعلام ، والاُمناء المستخزنون ، جئت انقطاعاً (٢) إليكم وإلى آبائكم وولدكم الخلف على بركة الحقّ ، فقلبي لكم سلم ، ونصرتي لكم معدّة حتّى يحكم الله بدينه ، فمعكم معكم لا مع عدوّكم ، إنّي من القائلين بفضلكم ، مقرّ برجعتكم ، لا اُنكر لله قدرة ، ولا أزعم إلا ما شاء الله » (٣) الحديث.

الثالث : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » ـ في أعمال رجب ـ قال (٤) : زيارة رواها ابن عيّاش قال : حدّثني خير (٥) بن عبدالله ، عن مولاه ـ يعني أبو القاسم الحسين بن روح ـ قال : زرْ أيّ المشاهد كنت بحضرتها في رجب تقول :

« الحمد لله الذي أشهدنا مشهد (٦) أوليائه في رجب ، وأوجب علينا من حقّهم ما قد وجب ، وصلّى الله على محمّد المنتجب ، وعلى أوصيائه الحجب ـ إلى أن قال ـ : والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، حتّى العود إلى حضرتكم ، والفوز في كرّتكم ، والحشر في زمرتكم » (٧).

الرابع : ما رواه رئيس المحدّثين أبو جعفر ابن بابويه في « الفقيه وعيون الأخبار » ورئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في « التهذيب » بأسانيدهما الصحيحة :

__________________

١ ـ قوله : ( السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته ) لم يرد في « ح ».

٢ ـ في « ط » : حيث انقطع.

٣ ـ مصباح المتهجد : ٢٥٣.

٤ ـ في « ح ، ش ، ك » : حيث قال.

٥ ـ في « ك » : جُبير.

٦ ـ في « ط » : مشاهد.

٧ ـ مصباح المتهجد : ٧٥٥ ـ ٧٥٦.

٣٠٧

عن محمّد بن إسماعيل البرمكي ، عن موسى بن عبدالله النخعي (١) ، عن الإمام علي بن محمّد عليهما‌السلام في الزيارة الجامعة يقول فيها : « اُشهد الله واُشهدكم أنّي مؤمن بكم وبما آمنتم به ، كافر بعدوّكم وبما كفرتم به ـ إلى أن قال ـ : معترف بكم ، مؤمن بإيابكم ، مصدِّقٌ برجعتكم ، منتظرٌ لأمركم ، مرتقبٌ لدولتكم ».

ثمّ قال : « ونصرتي لكم معدّة ، حتّى يُحيي الله دينه بكم ، ويردّكم في أيّامه ، ويظهركم لعدله ، ويمكِّنكم في أرضه ».

ثمّ قال : « فثبّتني الله أبداً ما بقيت على موالاتكم ، وجعلني ممّن يقتصّ آثاركم ، ويسلك سبيلكم ، ويهتدي بهديكم ، ويحشر في زمرتكم ، ويكرّ في رجعتكم ، ويملّك في دولتكم ، ويشرّف في عافيتكم ، ويمكَّن في أيّامكم ، وتقرّ عينه غداً برؤيتكم » (٢).

أقول : قد عرفت أنّ الحمل على الحقيقة واجب متعيّن في أمثال هذه الألفاظ إجماعاً مع عدم القرينة كما هنا.

الخامس : ما رواه الشيخ وابن بابويه أيضاً بالسند السابق بعد الزيارة الجامعة في زيارة الوداع قال : « إذا أردت الإنصراف فقل : السلام عليكم (٣) سلام مودِّع ـ إلى أن قال ـ : السلام عليكم حشرني الله في زمرتكم ، وأوردني حوضكم ، وجعلني من حزبكم ، وأرضاكم عنّي ، ومكّنني في دولتكم ، وأحياني في رجعتكم ، وملّكني في أيّامكم » (٤).

____________

١ ـ في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : موسى بن عمران النخعي.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٧٠ / ١٦٢٥ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٢٧٥ ـ ٢٧٦ / ١ ، التهذيب ٦ : ٩٨ ـ ٩٩ / ١٧٧.

٣ ـ في « ح » : عليك.

٤ ـ من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٧٥ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٢٧٨ ، التهذيب ٦ : ١٠١.

٣٠٨

السادس : ما رواه ابن بابويه أيضاً في كتاب « عيون الأخبار » ـ في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في وجه دلائل الأئمّة عليهم‌السلام والردّ على الغلاة والمفوّضة ـ قال : حدّثنا تميم بن عبدالله بن تميم القرشي ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني أحمد بن علي الأنصاري ، عن الحسن بن الجهم ـ في حديث طويل ـ أنّ المأمون قال لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : ما تقول في الرجعة؟ فقال الرضا عليه‌السلام : « إنّها لحقّ ، قد كانت في الاُمم السالفة وقد نطق بها القرآن ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يكون في هذه الاُمّة كلّ ما كان في الاُمم السالفة حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة. وقد قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم عليه‌السلام فصلّى خلفه.

وقال عليه‌السلام : إنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ، قيل : يا رسول الله ثمّ يكون ماذا؟ قال : ثمّ يرجع الحقّ إلى أهله » فقال المأمون : فما تقول في القائلين بالتناسخ؟ فقال : « من قال بالتناسخ فهو كافر مكذِّب بالجنّة » (١) الحديث.

أقول : رجعة عيسى عليه‌السلام قد صرّح بها في هذا الحديث وغيره ، بل تواترت ، وفي القرآن ما يدلّ على وفاته كقوله : ( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) (٢) وقوله تعالى ( إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ) (٣) وغير ذلك والأحاديث فيه كثيرة ، وإن كان بعض العامّة ينكر وفاته فليس بمعتبر ، وما ذاك إلا لإفراطهم في إنكار الرجعة.

وقوله : « ثمّ يرجع الحقّ إلى أهله » يدلّ على رجعة الأئمّة عليهم‌السلام ، مضافاً إلى

____________

١ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٢٠١ ـ ٢٠٢.

٢ ـ سورة المائدة ٥ : ١١٧.

٣ ـ سورة آل عمران ٣ : ٥٥.

٣٠٩

التصريحات الكثيرة ، ولو كان المراد خروج المهدي عليه‌السلام وحده لما كان من قسم الرجعة لما عرفت من معناها ، وصرّح به صاحب « الصحاح والقاموس » وغيرهما (١).

وقد عرفت أيضاً أنّ الطبرسي ذكر أنّ ذلك تأويل صدر من بعضهم ثمّ حكم بأنّه مخالف لإجماع الإمامية (٢) ، والتصريحات (٣) المنافية لهذا التأويل البعيد أكثر من أن تحصى ، ثمّ إنّ الحكم بعدها ببطلان التناسخ يدلّ على عود الروح في الرجعة إلى بدنها الحقيقي لا إلى بدن آخر ، وإلا لكان تناسخاً قطعاً.

السابع : ما رواه ابن بابويه في « عيون الأخبار » ـ في باب ما حدّث به هرثمة بن أعين من وفاة الرضا عليه‌السلام ـ : عن تميم بن عبدالله القرشي ، عن أبيه ، عن محمّد بن مثنّى (٤) ، عن محمّد بن خلف الطاطري (٥) ، عن هرثمة بن أعين ، عن الرضا عليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ قال : « إنّ المأمون سيقول لك وأنت تغسلني : أليس زعمتم أنّ الإمام لا يغسّله إلا إمام؟ فأجبه وقل له : إنّ الإمام لا يجب أن يغسّله إلا إمام ، فإن تعدّى متعدّ فغسّل الإمام لم تبطل إمامته ، ولا إمامة الذي بعده ، ولو ترك الرضا بالمدينة لم يغسّله إلا ابنه ظاهراً مكشوفاً ، ولا يغسّله الآن إلا هو من حيث يخفى (٦) » (٧).

____________

١ ـ الصحاح ٣ : ١٢١٦ ، القاموس المحيط ٣ : ٣٦ ـ رجع.

٢ ـ مجمع البيان ٧ : ٤٣٠ ـ ٤٣١.

٣ ـ في « ش » زيادة : البعيدة.

٤ ـ في المصدر : محمّد بن يحيى.

٥ ـ في « ك » : الطاهري.

٦ ـ في « ط » : إلا من حيث هو يخفى.

٧ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٢٠٠ ـ ٢٠١ / ١.

٣١٠

أقول : هذا المعنى قد ورد في الأحاديث كثيراً ، وهو يؤيّد الأحاديث الكثيرة الواردة في الأخبار برجعة الحسين ليغسّل المهدي عليهما‌السلام.

الثامن : ما رواه الكليني ـ في باب زيارة الحسين عليه‌السلام ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن نعيم بن الوليد ، عن يوسف الكناسي (١) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « إذا أتيت قبر الحسين عليه‌السلام ـ ثمّ ذكر الزيارة بطولها ـ تقول فيها : اُشهدكم أنّي بكم مؤمن ، وبإيابكم موقن ـ إلى أن قال ـ : والعن قتلة الحسين عليه‌السلام ، اللهمّ اجعلنا ممّن ينصره وتنتصر (٢) به ، وتمنَّ عليه بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة » (٣).

ورواه أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في « المزار » بالسند الذي يأتي ذكره ، عقيب هذا الحديث إن شاء الله (٤).

التاسع : ما رواه الكليني أيضاً في الباب المذكور بالسند السابق يقول فيه أبو عبدالله عليه‌السلام : « إذا أردت أن تودّعه فقل : السلام عليك ورحمة الله وبركاته أستودعك الله (٥) ـ إلى أن قال ـ : اللهمّ لا تجعله آخر العهد منّا ومنه ، اللهمّ ابعثه مقاماً محموداً تنصر به دينك ، وتقتل به عدوّك ، وتبير (٦) به من نصب حرباً لآل

____________

١ ـ في الكافي : يونس الكناسي ، وكذا مرآة العقول ١٨ : ٢٩١ / ١ ، وما في المتن هو الصحيح ، كما صرّح به السيِّد الخوئي ، وهو الموافق للوافي ١٤ : ١٤٩ / ٣ والوسائل ١٤ : ٤٨٣ / ١ ، ومن لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٦٠ / ١٦١٥ ، قائلاً : وقد أخرجت في كتاب الزيارات أنواعاً من الزيارات واخترت هذه لهذا الكتاب لأنّها أصحّ الروايات عندي من طريق الرواية.

٢ ـ في المطبوع و « ط ، ك » : وينتصر به ، وما في المتن من « ش ، ح » والمصدر.

٣ ـ الكافي ٤ : ٥٧٢ / ١.

٤ ـ كامل الزيارات : ٢٢٢ / ٣.

٥ ـ ( وأستودعك الله ) لم يرد في « ط ».

٦ ـ البور : الهلاك. الصحاح ٢ : ٥٩٧ ـ بور ـ وتبير أي تهلك.

٣١١

محمّد ، فإنّك وعدت ذلك وأنت لا تخلف الميعاد ، والسلام عليك (١) ورحمة الله وبركاته ، أشهد أنّكم نجباء شهداء ، جاهدتم في الله وقُتلتم على منهاج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٢).

ورواه الشيخ الثقة الجليل أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كتاب المزار المسمّى بـ « كامل الزيارة » : عن أبيه ومحمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد مثله (٣).

وأورد هذا الحديث في الباب الثامن والثمانين في وداع قبر الحسين عليه‌السلام ، وأورد الحديث الذي قبله في الباب الذي قبله بهذا السند.

العاشر : ما رواه الكليني أيضاً ـ في باب أنّ الأئمّة عليهم‌السلام لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلون إلاّ بأمر من الله ـ : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصمّ ، عن أبي عبدالله البزّاز (٤) ، عن حريز ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في حديث قال : « إنّ لكلّ واحد منّا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدّته ، فإذا انقضى ما فيها ممّا أمر به عرف أنّ أجله قد حضر ، فأتاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ينعى إليه نفسه ، وأخبره بما له عند الله.

وإنّ الحسين عليه‌السلام قرأ صحيفته التي اُعطيها وفسّر له ما يأتي ، وبقى أشياء لم تقض فخرج للقتال ، وكانت تلك الأشياء التي بقيت ، أنّ الملائكة سألت الله في نصرته فأذن لها ، فمكثت تستعدّ للقتال وتتأهّب لذلك حتّى قتل ، فنزلت وقد انقطعت مدّته وقُتل عليه‌السلام ، فقالت الملائكة : يا ربّنا أذنت لنا في الإنحدار ، وأذنت لنا

____________

١ ـ في « ط » : عليكم.

٢ ـ الكافي ٤ : ٥٧٥.

٣ ـ كامل الزيارات : ٢٦٦ / ١ ـ باب ٨٤.

٤ ـ في « ك » : البزّار.

٣١٢

في نصره وقد قبضته؟

فأوحى الله إليهم : أن الزموا قبره حتّى تروه ، وقد خرج فانصروه ، وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته ، فإنّكم قد خصّصتم بنصرته وبالبكاء عليه ، فبكت الملائكة حزناً على ما فاتهم من نصرته ، فإذا خرج يكونون أنصاره » (١).

ورواه الثقة الجليل أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه ـ في الباب السابع والعشرين من كتاب « المزار » ـ قال : حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن علي بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصري ، عن عبدالله بن عبد الرحمن ، قال : حدّثنا أبو عبيدة البزّاز (٢) ، عن حريز ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام وذكر مثله (٣).

الحادي عشر : ما رواه الكليني أيضاً في أواسط « الروضة » : عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون ، عن عبدالله بن عبد الرحمن ، عن عبدالله بن القاسم البطل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله تعالى : ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ ) (٤) قال : « قتل علي بن أبي طالب عليه‌السلام وطعن الحسن عليه‌السلام » ( وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً ) قال : « قتل الحسين عليه‌السلام » ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا ) فإذا جاء نصر الحسين عليه‌السلام ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْس شَدِيد فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ ) يبعثهم الله قبل خروج القائم عليه‌السلام فلا يَدَعون وتراً لآل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا قتلوه ( وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً ) (٥) خروج

____________

١ ـ الكافي ١ : ٢٨٣.

٢ ـ في « ك » : البزّار.

٣ ـ كامل الزيارات : ٩٢ / ١٧.

٤ و ٥ ـ سورة الإسراء ١٧ : ٤ ـ ٥.

٣١٣

القائم عليه‌السلام ( ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) (١) خروج الحسين عليه‌السلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض الذهب ، لكلّ بيضة وجهان.

المؤدّون إلى الناس : إنّ هذا الحسين عليه‌السلام قد خرج حتّى لا يشكّ فيه المؤمنون ، وإنّه ليس بدجّال ولا شيطان ، والحجّة القائم بين أظهرهم ، فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسين عليه‌السلام جاء الحجّة الموت ، فيكون الذي يغسّله ويكفّنه ويحنّطه ويلحده في حفرته الحسين بن علي عليه‌السلام ، ولا يلي الوصي إلاّ وصي » (٢).

ورواه ابن قولويه في « المزار » ـ في الباب الثامن عشر فيما نزل (٣) من القرآن في قتل الحسين عليه‌السلام ، وانتقام الله له ولو بعد حين ـ قال : حدّثني محمّد بن جعفر الرزّاز (٤) ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سعدان الحنّاط ، عن عبدالله بن القاسم الحضرمي ، عن صالح بن سعد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله إلى قوله : ( وكان وَعْدَاً الله مفعولاً ) (٥).

أقول : وإنّما ترك آخر الحديث ؛ لأنّه لا يدلّ على مضمون الباب ، وهذه عادته كما قرّر في أوّل كتابه وفيما أورده كفاية هنا.

واعلم أنّ بعض الأصحاب المعاصرين استشكل هذا الحديث جدّاً والذي ظهر لي في حلّ إشكاله وجوه :

أحدها : إنّه قد تقرّر أنّ للقرآن ظاهراً وباطناً ، وأنّه لا يعلم جميع معانيه

____________

١ ـ سورة الإسراء ١٧ : ٦.

٢ ـ الكافي ٨ : ٢٠٦ / ٢٥٠.

٣ ـ في « ط » والمطبوع : نزلت. وما في المتن أثبتناه من « ش ، ح ، ك ».

٤ ـ في « ك » : الرزّاد ، وفي « ط » : الرازي.

٥ ـ كامل الزيارات : ٦٠ / ١.

٣١٤

إلاّ الأئمّة عليهم‌السلام ، فلعلّ ما ذكر معناه الباطني ، وظاهره غير مراد.

وثانيها : إنّه قد تقرّر أيضاً بالأحاديث الكثيرة ، أنّ بعض الآيات أو أكثرها قد اُريد به معنيان فصاعداً ، بل سبعون معنىً ، فلعلّ هذه الآية المراد منها ظاهرها ، والمعنى المروي أيضاً وغيرهما.

وثالثها : أن يكون لفظ بني إسرائيل في الآية كناية عن هذه الاُمّة ، لمشابهتهم لهم في أكثر الأحوال أو كلّها كما مرّ ، ويكون استعارة ، فلا يكون المراد بها ظاهرها أصلاً.

ورابعها : أن يكون المراد بها ظاهرها ، وتكون في حكم بني إسرائيل ، ويكون الحديث الوارد في تفسيرها المذكور هنا إشارة إلى الأحاديث السابقة : « إنّ كلّ ما كان في بني إسرائيل يكون في هذه الاُمّة مثله ، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة » فكأنّه قال : ظاهر الآية واضح ، ومعناها الذي يفهم منها مراد ، ونظير هذا الأمر في هذه الاُمّة (١) ما ذكرنا ، ثمّ أورد الوقائع المشابهة للوقائع السابقة في بني إسرائيل والله أعلم (٢).

وخامسها (٣) : وهو أقرب ممّا سبق ، أن تكون الآية خطاباً لهذه الاُمّة في قوله ( لتفسدنّ ) و ( لتعلنّ ) و ( بعثنا عليكم ) و ( رددنا لكم ) وغيرها. ويكون المراد إنّا قضينا إلى (٤) بني إسرائيل في كتابهم أنّكم لابدّ أن تفعلوا هذه الأفعال يعني أخبرناكم (٥) بأحوالكم وما تفعلون ، وما يكون عاقبة اُموركم والله أعلم.

__________________

١ ـ قوله : ( في هذه الاُمّة ) لم يرد في « ط ».

٢ ـ ( والله أعلم ) أثبتناه من « ط ».

٣ ـ هذه الفقرة الخامسة أثبتناها من « ش ، ح ».

٤ ـ في « ح » : في.

٥ ـ في « ح » : أخبرناهم.

٣١٥

الثاني عشر : ما رواه رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « الخصال » ـ في باب العشرة ـ : عن محمّد بن أحمد بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله الورّاق ، عن محمّد بن عبدالله بن الفرج (١) ، عن علي بن بنان المقري ، عن محمّد بن سابق ، عن زائدة ، عن الأعمش ، عن فرات القزّاز ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « إنّكم لا ترون الساعة حتّى تروا قبلها عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدجّال ، ودابّة الأرض ، وخروج عيسى بن مريم ، وخروج يأجوج ومأجوج » (٢) الحديث.

أقول : يأتي إن شاء الله ما يدلّ صريحاً على أنّ دابة الأرض أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وتقدّم ما يدلّ على ذلك أيضاً.

الثالث عشر : ما رواه رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في « المصباح الكبير » ـ في ذكر قنوت الوتر ـ قال : ويستحبّ أن يزاد هذا الدعاء « الحمد لله شكراً لنعمائه » ـ وذكر شكاية طويلة من أحوال الغيبة والدعاء لصاحب الزمان بتعجيل الفرج والخروج ـ إلى أن قال : « اللهمّ وشرّف (٣) بما استقلّ به من القيام (٤) بأمرك لدى مواقف المسار مقامه ، وسرّ نبيك محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله برؤيته ومن تبعه على دعوته » ثمّ قال : « وردّ عنه من سهام المكاره ما يوجّهه أهل الشنآن إليه وإلى شركائه في أمره ، ومعاونيه على طاعة ربّه » (٥) الدعاء.

____________

١ ـ في المصدر والبحار : أبو عبدالله الورّاق محمّد بن عبدالله بن الفرج ، وفي « ح » : محمد بن الفرج.

٢ ـ الخصال : ٤٤٩ / ٥٢ ، وعنه في البحار ٦ : ٣٠٤ / ٣.

٣ ـ في « ك » : ويشرّف ، وفي « ش » : وتشرّف.

٤ ـ في « ك » : القائم.

٥ ـ مصباح المتهجّد : ١٣٧ و ١٤١.

٣١٦

الرابع عشر : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » ـ في أدعية الصباح والمساء ـ في الدعاء الكامل المعروف بدعاء الحريق يقول في آخره : « اللهمّ صلِّ على محمّد وأهل بيته الطاهرين وعجِّل اللهمّ فرجهم وفرجي ، وفرج كلّ (١) مهموم (٢) من المؤمنين ، اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وارزقني نصرهم وأشهدني أيّامهم واجمع بيني وبينهم في الدنيا والآخرة ، واجعل عليهم منك واقية حتى لا يخلص إليهم إلا بسبيل خير وعلى من معهم وعلى شيعتهم ومحبّيهم وأوليائهم » (٣) الدعاء.

ورواه الكفعمي في « مصباحه » في الفصل الرابع عشر (٤).

الخامس عشر : ما رواه أيضاً في « المصباح » ـ في الصلوات (٥) المرغّب في فعلها يوم الجمعة في صلاة اُخرى لفاطمة عليها‌السلام ـ قال : روى إبراهيم بن عمر الصنعاني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ـ ثمّ ذكر كيفيّة الصلاة والدعاء بعدها ـ إلى أن قال : « وأسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تفرِّج عن محمّد وآل محمّد وتجعل فَرَجي مقروناً بفرَجِهم » (٦) الدعاء.

أقول : ومثل هذا كثير جدّاً في الأدعية ، والحمل على الحقيقة الذي هو واجب قطعاً مع عدم قرينة المجاز ، يدلّ على الرجعة ، ويؤيّد التصريحات الكثيرة جدّاً.

السادس عشر : ما رواه أيضاً في « المصباح » ـ في دعاء كلّ يوم من شهر

____________

١ ـ في المطبوع زيادة : مؤمن.

٢ ـ في المصدر : وفرّج عن كلّ مهموم.

٣ ـ مصباح المتهجد : ٢٠١.

٤ ـ مصباح الكفعمي ١ : ١٧٩ ـ ١٨٠.

٥ ـ في « ط » : الصلاة.

٦ ـ مصباح المتهجد : ٢٦٦ ـ ٢٦٧.

٣١٧

رمضان بعد ما ذكر الصلاة على النبي (١) والأئمّة عليهم‌السلام واحداً واحداً (٢) ـ قال : « اللهمّ صلِّ على ذريّة نبيّك ، اللهمّ اخلف محمّداً في أهل بيته ، اللهمّ مكِّن لهم في الأرض ، اللهمّ اجعلنا من عددهم ومددهم ، وأنصارهم على الحقّ في السرّ والعلانية ، اللهمّ اطلب بذحلهم (٣) ووترهم ودمائهم ، وكفّ عنّا وعنهم وعن كلّ مؤمن ومؤمنة بأس كلّ طاغ وباغ » (٤) الدعاء.

أقول : معلوم أنّ ضمير « مكِّن لهم » عائد إلى الجميع فهو كآية الوعد باستخلافهم وتمكينهم ، والحمل على الحقيقة كما عرفت دالّ على الرجعة مع عدّة من القرائن ، كسؤال كفّ البأس عنهم وغير ذلك ، مع التصريحات الكثيرة التي لاتحصى.

السابع عشر : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » ـ في أعمال ذي القعدة في دعاء يوم الخامس والعشرين منه ـ : « اللهمّ داحي الكعبة وفالق الحبّة ـ إلى أن قال ـ : وأشهدني أولياءَك عند خروج نفسي وحلول رمسي ، اللهمّ عجِّل فرج أوليائك واردد عليهم مظالمهم وأظهر بالحقّ قائمهم ».

ثمّ قال : « اللهمّ صلِّ عليه وعلى آبائه واجعلنا من صحبه وابعثنا في كرّته حتّى نكون في زمانه من أعوانه » (٥).

ورواه الكفعمي في « مصباحه » (٦) وكذا أكثر الأدعية المذكورة هنا (٧). ودلالتها

__________________

١ ـ ( النبي ) لم يرد في « ك ».

٢ ـ في « ح » : واحداً بعد واحد.

٣ ـ الذحل : الثأر. الصحاح ٤ : ١٧٠١ ـ ذحل.

٤ ـ مصباح المتهجد : ٥٦٥.

٥ ـ مصباح المتهجد : ٦١١ ـ ٦١٢.

٦ ـ مصباح الكفعمي ٢ : ٤٥٨ ـ ٤٦٠.

٧ ـ في « ك » : نصّاً. بدل من : هنا.

٣١٨

على المراد بملاحظة ضمائر الجمع والحمل على الحقيقة والقرائن والتلويحات فهي مؤيِّدة للتصريحات.

الثامن عشر : ما رواه أيضاً في « المصباح » ـ في زيارة الحسين عليه‌السلام يوم عرفة ـ : « أشهد أنّك الإمام البرّ التقي وأنّ الأئمّة من ولدك كلمة التقوى وأعلام الهدى اُشهد الله وملائكته وأنبياءَه ورسله أنّي بكم مؤمن وبإيابكم موقن » (١) الزيارة.

أقول : هذا أوضح دلالة في رجعتهم عليهم‌السلام فإنّ الإياب : الرجوع ، وليس المراد القيامة قطعاً ؛ لعدم إفادته ، وعدم اختصاص الإقرار بالزائر أصلاً (٢).

التاسع عشر : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » ـ في زيارة العبّاس بن علي عليه‌السلام ـ يقول فيها : « أشهد أنّك قُتلت مظلوماً ، وأنّ الله منجز لكم ما وعدكم ، جئتك يابن أمير المؤمنين وقلبي لكم مسلّم ، ورأيي لكم تبع ، ونصرتي لكم معدّة ، حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين ، فمعكم معكم لا مع عدوّكم ، إنّي بكم وبإيابكم من المؤمنين ، وبمن خالفكم وقتلكم من الكافرين ـ إلى أن قال ـ : جمع الله بيننا وبينك وبين رسوله وأوليائه » (٣).

ورواه الشيخ أيضاً في « التهذيب » (٤).

ورواه الثقة الجليل أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في « المزار » ـ في باب زيارة العبّاس عليه‌السلام ـ قال : حدّثني أبو عبدالرحمن محمّد بن أحمد بن الحسين

__________________

١ ـ مصباح المتهجد : ٦٦٤.

٢ ـ هذا القول لم يرد في نسخة « ش ، ح ، ط ».

٣ ـ مصباح المتهجد : ٦٦٨ ـ ٦٦٩.

٤ ـ التهذيب ٦ : ٦٦ ـ ٦٧.

٣١٩

العسكري (١) ، عن الحسن بن علي بن مهزيار ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن مروان ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : قال الصادق عليه‌السلام ، ثمّ أورد الزيارة (٢).

أقول : الإياب : الرجعة ، وهو إشارة إلى رجوع الحسين عليه‌السلام والسبعين الذين قتلوا معه ومن جملتهم العبّاس عليه‌السلام.

العشرون : ما رواه أيضاً في « المصباح » ـ في زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ يقول فيها : « أتيتك انقطاعاً إليك وإلى وليّك الخلف من بعدك على الحقّ فقلبي لك (٣) مسلّم وأمري لك (٤) متّبع ونصرتي لك (٥) معدّة ـ إلى أن قال ـ : اللهمّ لا تخيّب توجّهي إليك برسولك وآل رسولك ، أنت مننت عليَّ بزيارة أمير المؤمنين وولايته ومعرفته فاجعلني ممّن ينصره وينتصر به ومُنَّ عليَّ بنصره لدينك في الدنيا والآخرة » (٦).

ورواه الشيخ الجليل أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كتاب « المزار » ـ في باب زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ قال : حدّثني محمّد بن الحسن بن الوليد فيما ذكره في كتابه الذي سمّاه : « الجامع » قال : روي عن أبي الحسن عليه‌السلام أنّه كان يقول

__________________

١ ـ في المطبوع : ابو عبد الله أحمد بن الحسين العسكري. وفي « ح ، ش ، ط ، ك » : أبو عبد الرحمن ... ، وما في المتن أثبتناه من المصدر. وهو الموافق للكتب الرجالية. وهو المعروف بالزعفراني والمصري.

انظر رجال الطوسي : ٥٠٢ / ٦٥ ، معجم رجال الحديث ٥ : ٣٤١ / ١٠١١٥.

٢ ـ كامل الزيارات : ٢٧٠ / ١.

٣ ـ في « ط » : لكم.

٤ و ٥ ـ في « ط » : لكم.

٦ ـ مصباح المتهجد : ٦٨٧ ـ ٦٨٨.

٣٢٠