الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


المحقق: مشتاق المظفّر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دليل ما
الطبعة: ١
ISBN: 964-397-280-1
الصفحات: ٥١٣

إليك تبقى أو تعود؟ قال : بل أعود يا روح الله ، إنّي لأجد لذعة الموت في جوفي إلى يومي هذا » (١).

أقول : والأحاديث في هذا المعنى وغيره من المعاني السابقة كثيرة ، وقد ظهر من هذا الباب والذي قبله أنّ الرجعة قد وقعت في هذه الاُمّة للرعية وأهل العصمة في الجملة (٢) ، فيزول (٣) استبعاد الرجعة الموعود بها.

فإن قيل : لعلّ هذه هي الرجعة الموعود بها ، والتي يحصل بها مساواة أحوال هذه الاُمّة لأحوال الاُمم السابقة ، كما تضمّنه الباب الرابع.

قلت : هذا خيال باطل من وجوه :

أحدها : إنّ هذه رجعة ضعيفة لا يكاد يعتدّ بها ، بل بعضها ليس برجعة حقيقيّة ، ولهذا قلنا في سائر المواضع : إنّها رجعة في الجملة ، فهي غير الرجعة الموعود بها فيما مضى ويأتي.

وثانيها : إنّك لا تجد في شيء من أحاديث البابين أنّ أحداً منهم رجع إلى الدنيا وعاش فيها زماناً طويلاً إلا نادراً ، والنادر لا حكم له ، فكيف تصدق المشابهة وحذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة؟.

وثالثها : إنّ هذه الوقائع أفراد معدودة في مدد (٤) متطاولة ، فكيف تساوى أو تقارب تلك الرجعات العظيمة الهائلة (٥) ، التي رجع في بعضها خمسة وثلاثون ألفاً ، وفي بعضها سبعون ألفاً ، وفي بعضها جميع بني إسرائيل ، وفي بعضها سبعون ألف بيت. إلى غير ذلك ممّا مضى ، فلابدّ من الحكم بالمغايرة.

____________

١ ـ قصص الأنبياء : ٢٦٩ / ٣١٠. وإلى هنا ينتهي ما سقط من « ك ».

٢ ـ ( في الجملة ) أثبتناها من « ح ، ش ، ك ».

٣ ـ في المطبوع و « ط » : ليزول ، وما في المتن أثبتناه من « ح ، ش ، ك ».

٤ ـ في « ح ، ك » : مدّة.

٥ ـ ( الهائلة ) لم ترد في « ط ».

٢٤١

ورابعها : الإجماع فإنّ كلّ من قال : بأنّ الرجعة حقّ قال بالمغايرة ، وقد ثبت أنّ الرجعة حقّ فتثبت (١) المغايرة ، وكلّ من قال ببطلان الرجعة من العامّة ، قال بصحّة هذه الصور ووجودها (٢) ونقلها ، فلهذا أوردناها حجّة عليهم في الاستبعاد فضلاً عن الإنكار.

وخامسها : إنّ الأحاديث الواردة في الأخبار بالرجعة ، والوعد بوقوعها قد وردت قبل وقوع هذه الوقائع وبعدها ، حتّى في زمان المهدي عليه‌السلام كما يأتي إن شاء الله تعالى.

وسادسها : إنّ أحاديث الباب الرابع تدلّ على أنّ كلّ ما وقع في الاُمم السابقة (٣) يقع في هذه الاُمّة مثله ، أو ما هو أعظم منه وأفضل وأزيد (٤) ، ووجهه واضح ، فإنّ نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل الأنبياء ، واُمّته أشرف الاُمم ، ألا ترى إلى الغيبة وأمثالها ممّا وقع منه في هذه الاُمّة أضعاف ما وقع في الاُمم السابقة؟!.

وسابعها : إنّ التصريحات بما يدفع هذا الخيال ويبطله ويردّه أكثر من أن يحصى ، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى والله الهادي.

____________

١ ـ في « ط » : فثبتت.

٢ ـ في نسخة « ش ، ح ، ك » : وجوّزها.

٣ ـ في « ح » : السالفة.

٤ ـ في المطبوع : أو أزيد. وما في المتن أثبتناه من « ح ، ش ، ط ، ك ».

٢٤٢

٢٤٣

الباب التاسع

في جملة من الأحاديث المعتمدة الواردة في الإخبار بوقوع

الرجعة لجماعة من الشيعة وغيرهم من الرعية ، وما يدلّ على

إمكانها وعدم جواز إنكارها

والأحاديث في ذلك كثيرة جدّاً ، وقد وقفت في هذه الأيّام على شيء كثير ولم اُورد الجميع لما مرّ ، بل اقتصرت من ذلك على أحاديث :

الأوّل : ما رواه الشيخ الجليل (١) رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « من لا يحضره الفقيه » وفي « عيون الأخبار » والشيخ الجليل رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في كتاب « التهذيب » بأسانيدهما الصحيحة : عن محمّد بن إسماعيل البرمكي ، عن موسى بن عبدالله النخعي (٢) ، قال : قلت لعلي بن محمّد بن علي بن موسى عليهم‌السلام : علّمني قولاً أقوله بليغاً كاملاً (٣) إذا زرت واحداً منكم.

فقال : « إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين ـ وذكر الزيارة الجامعة ـ إلى أن قال : « فثبّتني الله أبداً ما بقيت على موالاتكم ، وجعلني ممّن يقتصّ (٤)

__________________

١ ـ ( الجليل ) لم يرد في « ح ».

٢ ـ في العيون : موسى بن عمران النخعي.

٣ ـ في « ط » : بليغاً كاملا أقوله.

٤ ـ في « ك » : يقبض.

٢٤٤

آثاركم ، ويسلك سبيلكم ، ويهتدي بهداكم ، ويحشر في زمرتكم ، ويكرّ في رجعتكم ، ويملّك في دولتكم ، ويشرّف في عافيتكم ، ويمكّن في أيّامكم ، وتقرّ عينه غداً برؤيتكم » (١).

الثاني : ما رواه ابن بابويه والشيخ بالإسناد السابق : عن الإمام علي بن محمّد عليهما‌السلام في زيارة الوداع : « إذا أردت الإنصراف فقل : السلام عليكم سلام مودِّع ـ إلى أن قال ـ السلام عليكم حشرني الله في زمرتكم ، وأوردني حوضكم ، وجعلني من حزبكم ، ومكّنني في دولتكم ، وأحياني في رجعتكم ، وملّكني في أيّامكم » (٢).

أقول : في هذين الحديثين وأمثالهما ممّا يأتي وهو كثير ، دلالة على أنّ رجعة الشيعة ليست بعامّة ، بل إنّما يرجع بعضهم ، وإلا لكان الدعاء بغير فائدة ، كما لايجوز أن يقال : اللهمّ ابعثني يوم القيامة ، واحشرني في الآخرة.

ويأتي ما هو صريح فيما قلناه إن شاء الله.

الثالث : ما رواه ابن بابويه أيضاً في كتاب « معاني الأخبار » ـ قبل آخر الكتاب باثنتي عشرة ورقة في النسخة المنقول منها في باب معنى أيّام الله عزّوجلّ ـ قال : حدّثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، قال : حدّثنا إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن مثنّى الحنّاط ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : « أيّام الله ثلاثة : يوم يقوم القائم ، ويوم الكرّة ، ويوم القيامة » (٣).

ورواه في كتاب « الخصال » ـ في باب الثلاثة ـ : عن أحمد بن محمّد بن يحيى

____________

١ ـ من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٧٠ / ١٦٢٥ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٢٧٢ / ١ ، التهذيب ٦ : ٩٥ / ١٧٧.

٢ ـ نفس المصادر المتقدّمة.

٣ ـ معاني الأخبار : ٣٦٥ / ١.

٢٤٥

العطّار ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن الحسن الميثمي (١) ، عن مثنّى الحنّاط (٢) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله (٣).

ورواه الشيخ علي بن يونس في كتاب « الصراط المستقيم » نقلاً من كتاب الحضرمي (٤).

أقول : في هذا تصريح ببطلان تأويل الرجعة بخروج المهدي عليه‌السلام ورجوع الدولة ، ويأتي ما هو أقوى تصريحاً إن شاء الله تعالى ، مع ما تقدّم من تصريح علماء اللغة بمعناها.

وليس في سند الرواية من يحصل فيه شكّ أو يوجد فيه طعن ، فإنّ إبراهيم بن هاشم والمثنّى ممدوحان مدحاً جليلاً مع صحّة مذهبهما ، بل لا يبعد الجزم بتوثيقهما عند التحقيق ، والباقي في غاية الجلالة والثقة ، وصحّة المذهب والحديث.

الرابع : ما رواه الشيخ الطوسي في « المصباح الكبير » ـ في فضل الزيارات (٥) في عمل رجب ـ حيث قال : زيارة رواها ابن عيّاش قال : حدّثني حسين بن عبدالله ، عن مولاه ـ يعني أبا القاسم الحسين بن روح أحد السفراء ـ قال : زر أيّ المشاهد كنت بحضرتها في رجب ، تقول : « الحمد لله الذي أشهدنا مشهد أوليائه في رجب ـ إلى أن قال ـ : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حتّى العود إلى حضرتكم ، والفوز في كرّتكم ، والحشر في زمرتكم (٦).

____________

١ ـ في « ح » : المثنّى.

٢ ـ في « ح ، ش ، ك » : الخيّاط.

٣ ـ الخصال : ١٠٨ / ٧٥.

٤ ـ الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم ٢ : ٢٦٤.

٥ ـ في « ك » : فصل الزيادات.

٦ ـ مصباح المتهجد : ٧٥٥ ـ ٧٥٦.

٢٤٦

الخامس : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » ـ في أعمال شهر ذي الحجّة زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ : قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : « مضى أبي علي بن الحسين عليه‌السلام إلى قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ثمّ بكى وقال : « السلام عليك يا أمين الله في أرضه » وذكر الزيارة ثمّ قال : قال الباقر عليه‌السلام : « ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام أو أحد (١) من الأئمّة عليهم‌السلام إلا وضع (٢) في درج من نور (٣) حتّى يسلّم إلى القائم عليه‌السلام ، فيلقى صاحبه بالبشرى والتحية والكرامة إن شاء الله تعالى » (٤).

ورواه الكفعمي في « مصباحه » (٥) وكذا ما قبله.

أقول : الظاهر أنّه يسلّم إلى القائم عليه‌السلام بعد ظهوره بقرينة الطبع وغيره ، وإنّ ضمير « يلقى » عائد إليه عليه‌السلام ، بل لا يحتمل غير ذلك ، فهو وعد بالرجعة وإخبار بها لمن زار بالزيارة المذكورة على تقدير موته قبل خروجه عليه‌السلام ، مضافاً إلى التصريحات الكثيرة.

السادس : ما رواه الشيخ في « المصباح » والكفعمي أيضاً في « مصباحه » ـ في أدعية يوم الجمعة ـ في دعاء السمات المروي عن العمري رضي‌الله‌عنه : « اللهمّ إنّي أسألك باسمك العظيم الأعظم الأعزّ (٦) الأجلّ الأكرم الذي إذا دُعيت به على مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت ، وإذا دعيت به على مضايق أبواب الأرض للفرج

____________

١ ـ في « ح ، ش ، ك » : واحد. وفي المصدر : أو عند قبر أحد.

٢ ـ في المصدر : إلا وُقِّعَ ، وفي مصباح الكفعمي : إلا رُفِعَ.

٣ ـ في المصدر زيادة : وطبع بطابع محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي مصباح الكفعمي : بخاتم ، بدل : بطابع.

٤ ـ مصباح المتهجّد : ٦٨١ ـ ٦٨٣.

٥ ـ مصباح الكفعمي ٢ : ١٥١ ـ ١٥٢.

٦ ـ ( الأعز ) لم يرد في « ك ».

٢٤٧

انفرجت ، وإذا دعيت به على العسر (١) لليسر تيسّرت ، وإذا دعيت به على الأموات للنشور انتشرت » (٢) الدعاء.

أقول : لا شكّ أنّهم عليهم‌السلام يعلمون ذلك الإسم ، فإذا دعا المهدي عليه‌السلام به نشر الله له الأموات ، فهو دالّ على إمكان الرجعة قطعاً ، وعلى وقوعها أيضاً ، باعتبار أنّ « إذا » موضوعة لما هو محقّق الوقوع كما تقرّر ، فهو مؤيّد للتصريحات الكثيرة.

السابع : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » والكفعمي أيضاً ـ في أعمال ذي القعدة في يوم الخامس والعشرين منه ـ أنّه يستحبّ أن يُدعى فيه بهذا الدعاء : « اللهمّ داحي الكعبة ـ إلى أن قال ـ وأشهدني أولياءك عند خروج نفسي ، وحلول رمسي ، وانقطاع عملي (٣) ، وانقضاء أجلي ـ إلى أن قال ـ اللهمّ عجِّل فرج أوليائك واردد عليهم مظالمهم ، وأظهر بالحقّ قائمهم.

ثمّ قال : اللهمّ صلِّ عليه وعلى جميع آبائه ، واجعلنا من صحبه ، وابعثنا في كرّته ، حتّى نكون في زمانه من أعوانه » (٤).

الثامن : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » ـ في زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ إلى أن قال : فقلبي لك (٥) مسلّم ونصرتي لك (٦) معدّة.

ثمّ قال : « اللهمّ كما مننت عليَّ بزيارة أمير المؤمنين وولايته ، فاجعلني ممّن ينصره وينتصر به ، وتمنّ عليه بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة » (٧).

____________

١ ـ في المطبوع : اليسر ، وما في المتن أثبتناه من « ح ، ش ، ك » ، وفي « ط » : على اليسر للعسر.

٢ ـ مصباح الكفعمي ٢ : ٤٦ ، مصباح المتهجّد : ٣٧٤.

٣ ـ في « ط » : أملي.

٤ ـ مصباح المتهجّد : ٦١١ ـ ٦١٢ ، مصباح الكفعمي ٢ : ٤٥٨.

٥ ـ في « ط » : لكم.

٦ ـ في « ح » : لكم.

٧ ـ مصباح المتهجد : ٦٨٧ ـ ٦٨٨.

٢٤٨

ورواه الشيخ أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في « المزار » بالإسناد الآتي عن أبي الحسن عليه‌السلام (١).

ورواه الكفعمي في « مصباحه » في الفصل الحادي والأربعين (٢).

التاسع : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » ـ في زيارة الأربعين للحسين عليه‌السلام بالإسناد الآتي في محلّه ـ : عن الصادق عليه‌السلام في جملة زيارة « أشهد أنّي بكم مؤمن وبإيابكم (٣) موقن ـ إلى أن قال ـ ونصرتي لكم معدّة حتّى يأذن الله لكم ، فمعكم معكم لا مع عدوّكم » (٤).

العاشر : ما رواه الكليني ـ في باب زيارة الحسين عليه‌السلام ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن نعيم بن الوليد ، عن يوسف الكناسي (٥) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « إذا أتيت قبر الحسين عليه‌السلام فقل ـ وذكر الزيارة إلى أن قال ـ : اللهمّ العن قتلة الحسين ، اللهمّ اجعلنا ممّن ينصره وينتصر به ، وتمنّ عليه بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة » (٦).

____________

١ ـ كامل الزيارات : ٤١ ـ ٤٢.

٢ ـ مصباح الكفعمي ٢ : ١٤٨ ـ ١٤٩.

٣ ـ في « ك » : وبآياتكم. ووردت في « ش » غير منقطعة.

٤ ـ مصباح المتهجد : ٧٣٢.

٥ ـ في الكافي : يونس الكناسي ، وكذلك في مرآة العقول ١٨ : ٢٩١ / ١ ، ولكن ما في الوافي ١٤ : ١٤٩٠ / ٣ ، والوسائل ١٤ : ٤٨٣ / ١ ، مطابق لما في المتن وهو الصحيح كما صرّح به السيِّد الخوئي في معجمه ٢١ : ١٨٩ ـ ١٩٠ ، وكذلك أورد صدر الرواية ابن قولويه في كامل الزيارات : ٢٠٤ / ٨ ، والصدوق في من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٦٠ / ١٦١٥ عن يوسف الكناسي قائلاً : وقد أخرجت في كتاب الزيارات ، وفي كتاب مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنواعاً من الزيارات ، واخترت هذه لهذا الكتاب لأنّها أصحّ الروايات عندي من طريق الرواية وفيها بلاغ وكفاية.

٦ ـ الكافي ٤ : ٥٧٢ / ١.

٢٤٩

الحادي عشر : ما رواه الكليني ـ في باب أنّ الأئمّة عليهم‌السلام ورثوا علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وجميع الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره ، عن محمّد بن حمّاد ، عن أخيه أحمد بن حمّاد ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام قال : قلت له : أخبرني عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ورث النبيّين كلّهم؟ قال : « نعم » قلت : إنّ عيسى بن مريم كان يُحيي الموتى؟ قال : « صدقت ، وداود (١) كان يعلم منطق الطير ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقدر على هذه المنازل ـ إلى أن قال ـ : وإنّ الله يقول في كتابه : ( وَلَوْ أَنَّ قُرآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ) (٢) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي تسيّر به الجبال ، وتقطّع به الأرض ، وتُحيى به الموتى » (٣) الحديث.

أقول : في هذا دلالة واضحة على إمكان الرجعة وعدم جواز إنكارها.

الثاني عشر : ما رواه الكليني أيضاً ـ في باب ما أعطى الله الأئمّة عليهم‌السلام من الإسم الأعظم ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد ، عن زكريا بن عمران القمّي ، عن هارون بن الجهم ، عن رجل ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « إنّ عيسى بن مريم عليه‌السلام اُعطي حرفين كان يعمل بهما ـ ثمّ ذكر ما اُعطي (٤) الأنبياء (٥) ـ وإنّ الله جمع ذلك كلّه لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٦) الحديث.

____________

١ ـ في « ح » : وسليمان بن داود. بدل من : وداود.

٢ ـ سورة الرعد ١٣ : ٣١.

٣ ـ الكافي ١ : ٢٢٦ / ٧.

٤ ـ في « ح ، ش ، ك » : ما أعطى الله.

٥ ـ في « ح ، ش ، ك » زيادة : وقال.

٦ ـ الكافي ١ : ٢٣٠ / ٢.

٢٥٠

أقول : وهذا يدلّ على إمكان الرجعة أيضاً ، بل وقوعها عند التحقيق.

الثالث عشر : ما رواه الكليني ـ في باب مولد أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليه‌السلام ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن مثنّى الحنّاط ، عن أبي بصير ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام ، فقلت له : أنتم ورثة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال : « نعم » قلت : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورث الأنبياء كلّهم ، عَلِمَ كلّ ما علموا؟ قال : « نعم » قلت : فأنتم تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرئوا الأكمه والأبرص؟ قال : « نعم بإذن الله ».

ثمّ قال لي : « إدن منّي يا أبا محمّد » فدنوت منه ، فمسح على وجهي وعلى عيني فأبصرت الشمس والسماء ، والبيوت وكلّ شيء في البلد ، ثمّ قال لي : « أتحبّ أن تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة ، أو تعود كما كنت ولك الجنّة خالصاً؟ » فقلت : أعود كما كنت ، فمسح على عيني ، فعدت كما كنت (١).

ورواه الراوندي في « الخرائج والجرائح » (٢).

ورواه علي بن عيسى في « كشف الغمّة » نقلاً من كتاب « الدلائل » لعبد الله بن جعفر الحميري (٣).

ورواه الكشّي في « كتاب الرجال » : عن محمّد بن مسعود العيّاشي ، عن علي بن محمّد القمّي (٤) ، عن محمّد بن أحمد ، عن علي بن الحسن (٥) ، عن علي بن الحكم

____________

١ ـ الكافي ١ : ٤٧٠ / ٣.

٢ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٢٧٤ / ٥.

٣ ـ كشف الغمّة ٢ : ١٤٢ ـ ١٤٣.

٤ ـ ( عن علي بن محمد القميّ ) لم يرد في « ط ».

٥ ـ في « ط ، ك » : علي بن الحسين. وفي المصدر : أحمد بن الحسن.

٢٥١

مثله (١).

وهذا أيضاً دالّ على إمكان الرجعة وعدم جواز إنكارها.

الرابع عشر : ما رواه الكليني أيضاً ـ في باب الدعاء في حفظ القرآن ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عمّن ذكره ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ـ وذكر الدعاء يقول فيه ـ : « وأسألك باسمك الذي تحيي به الموتى » (٢).

أقول : ومثل هذا كثير جدّاً.

الخامس عشر : ما رواه رئيس المحدّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « علل الشرائع والأحكام » ـ في باب العلّة التي من أجلها سمّي عليّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والعلّة التي من أجلها سمّي القائم قائماً ـ قال : حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد الدقّاق ومحمّد بن محمّد بن عصام ، قالا : حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني ، قال : حدّثنا القاسم بن العلاء ، قال : حدّثنا إسماعيل الفزاري ، قال : حدّثنا محمّد بن جمهور العمّي (٣) ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عمّن ذكره ، عن أبي حمزة

____________

١ ـ رجال الكشّي : ١٧٤ / ٢٩٨.

٢ ـ الكافي ٢ : ٥٧٦ / ١.

٣ ـ في المطبوع ونسخة « ش ، ح ، ك ، ط » : القمّي ، وما أثبتناه من المصدر هو الصحيح إن شاء الله تعالى ، والعَمّي نسبة إلى بني العم من تميم ، كما قاله النجاشي في ترجمة ابنه الحسن بن محمّد بن جمهور.

وقال السيّد الخوئي : قد تكرّر في الكشي ذكر محمّد بن جمهور ، مع توصيفه بالقمّي في بعض الموارد ، وهذا من غلط النسخة جزماً.

روى عن الإمام الرضا عليه السلام ، وعدّه البرقي من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام. اُنظر ـ رجال البرقي : ٥١ ، رجال النجاشي : ٦٢ / ١٤٤ و ٣٣٧ / ٩٠١ ، معجم رجال الحديث ١٦ : ١٨٩ / ١٠٤٣٩.

٢٥٢

الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام وذكر حديثاً يقول فيه : « لمّا قتل جدّي الحسين عليه‌السلام ضجّت الملائكة إلى الله بالبكاء ، فأوحى الله إليهم : قرّوا ملائكتي ، وعزّتي وجلالي لأنتقمنّ منهم ولو بعد حين ، ثمّ كشف الله عزّوجلّ عن الأئمّة من ولد الحسين عليهم‌السلام فإذا أحدهم قائم يصلّي ، فقال الله عزّوجلّ : بذلك القائم أنتقم منهم » (١).

أقول : الحصر الذي يفهم من التقديم هنا يتعيّن كونه إضافياً بالنسبة إلى الوقت الذي ضجّت فيه الملائكة ، وأرادوا تعجيل الإنتقام منهم فيه لما يأتي إثباته إن شاء الله ، على أنّ الحصر الذي يفهم من التقديم ضعيف الدلالة ، بل لا يتعيّن هنا كون التقديم هنا للحصر والتخصيص ، بل لا يبعد كونه لمجرّد الاهتمام ، خصوصاً مع كثرة المعارضات ، وهذا يدلّ على رجوع قتلة الحسين عليه‌السلام في زمان القائم عليه‌السلام ، كما يأتي التصريح به إن شاء الله.

السادس عشر : ما رواه ابن بابويه أيضاً في « العلل » ـ في باب نوادر العلل ـ قال : حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه ، عن محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن محمّد بن سليمان (٢) ، عن داود بن النعمان ، عن عبد الرحمن القصير (٣) ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « أما لو قد قام قائمنا لقد ردّت إليه الحميراء حتّى يجلدها ، وحتّى ينتقم لاُمّه فاطمة منها » قلت : جعلت فداك ولِمَ يجلدها الحدّ؟ قال : « لفريتها على اُمّ إبراهيم » قلت : فكيف أخّر الله ذلك إلى القائم؟ قال : « إنّ الله بعث محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله رحمةً ويبعث القائم عليه‌السلام نقمة » (٤).

السابع عشر : ما رواه الشيخ أبو علي الحسن ابن الشيخ أبي جعفر محمّد بن

____________

١ ـ علل الشرائع : ١٦٠ / ١ ـ باب ١٢٩.

٢ ـ في « ح » : محمد بن سلمان.

٣ ـ ( القصير ) لم يرد في « ح ».

٤ ـ علل الشرائع : ٥٧٩ / ١٠.

٢٥٣

الحسن الطوسي في « الأمالي » : بإسناده عن أبي ذرّ الغفاري أنّه أخذ بحلقة باب الكعبة واستند إليها ثمّ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « من قاتلني في الاُولى وقاتل أهل بيتي في الثانية ، حشره الله في الثالثة مع الدجّال ، وإنّما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة (١) نوح من ركبها نجا ومن تخلّف (٢) عنها غرق » (٣).

أقول : (٤) إمّا أن يراد بالثانية والثالثة الرجعة كما روي في قتلة الحسين عليه‌السلام أنّهم يرجعون مراراً ، أو يراد بالثالثة وحدها الرجعة ، وعلى كلّ حال فالمقصود ثابت.

الثامن عشر : ما رواه أيضاً في « الأمالي » : بإسناده عن سفيان بن إبراهيم الغامدي (٥) ، عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام قال : « بنا يبدأ البلاء ثمّ بكم ، وبنا يبدأ الرخاء ثمّ بكم ، والذي يُحلف به لينتصرنّ الله بكم كما انتصر بالحجارة » (٦).

أقول : ضمير جمع المخاطبين وغيره من الألفاظ يجب حمله على الحقيقة حتّى يتحقّق قرينة مانعة قطعاً ، وذلك يستلزم رجوع المخاطبين في آخر الزمان

____________

١ ـ في « ط » : كمثل سفينة.

٢ ـ في نسخة « ش » : تخلّى.

٣ ـ أمالي الطوسي : ٦٠ / ٨٨.

٤ ـ في المطبوع زيادة : الظاهر من الاُولى : زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والثانية : زمان أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والثالثة : الرجعة ، و.

٥ ـ في المطبوع : صفوان بن إبراهيم الفايدي ، وفي نسخة « ش ، ح ، ط » : سفيان بن إبراهيم الفايدي ، وفي « ك » اللقب غير منقّط ، وما أثبتناه من المصدر هو الصحيح إن شاء الله تعالى.

اُنظر مستدركات النمازي ٤ : ٨٨ / ٦٣٤٣ و ٥٠ / ٦١٨١ ، ترجمة سعدان بن إسحاق بن سعيد. وسفيان هذا لم يذكره أصحاب التراجم كما قال النمازي.

٦ ـ أمالي الطوسي : ٧٤ / ١٠٩ ، وأورده المفيد في أماليه : ٣٠١ / ٢ ، وسنده مطابق لما في المتن ، وكذلك الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى : ٩٤ ، إلا أنّ فيه : العابدي ، بدل : الغامدي.

٢٥٤

أو جماعة منهم وهو المطلوب.

التاسع عشر : ما رواه أيضاً في « الأمالي » : بإسناده عن محمّد بن حمران ، قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : « لمّا كان من أمر الحسين عليه‌السلام ما كان ضجّت الملائكة إلى الله تعالى [ وقالت : يا ربّ يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك؟! ] (١) قال : فأقام الله لهم ظلّ القائم عليه‌السلام وقال : بهذا أنتقم له من ظالميه » (٢).

العشرون : ما رواه أيضاً فيه : بإسناده عن أبي ذرّ أنـّه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « من قاتلني في الاُولى ، وقاتل أهل بيتي في الثانية ، فهو فيها من شيعة الدجّال » (٣).

الحادي والعشرون : ما رواه الشيخ الجليل الثقة أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كتاب « المزار » ـ في الباب التاسع عشر في علم الأنبياء بقتل الحسين عليه‌السلام ـ قال : حدّثني محمّد بن جعفر الرزّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب وأحمد بن الحسن بن علي بن فضّال ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن مروان بن مسلم ، عن بريد (٤) بن معاوية العجلي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ : « إنّ الله وعد الحسين عليه‌السلام أن يكرّه إلى الدنيا حتّى ينتقم بنفسه ممّن فعل

____________

١ ـ ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

٢ ـ أمالي الطوسي : ٤١٨ / ٩٤١.

٣ ـ أمالي الطوسي : ٤٥٩ / ١٠٢٦.

٤ ـ في نسخة « ش ، ح ، ك » : يزيد ، وما في المتن والمصدر هو الصحيح.

وبريد هو أبو القاسم ، عربي ، روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام ، وجه من وجوه أصحابنا وفقيه أيضاً ، له محلّ عند الأئمّة الأطهار عليهم السلام ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمامين الباقرين عليهما السلام ، مات رحمه الله في حياة أبي عبدالله عليه السلام سنة مائة وخمسين.

اُنظر رجال النجاشي : ١١٢ / ٢٨٧ ، رجال البرقي : ١٤ و ١٧ ، رجال الطوسي : ١٠٩ / ٢٢ و ١٥٨ / ٥٩.

٢٥٥

ذلك به ». الحديث (١).

ويأتي إن شاء الله تعالى.

الثاني والعشرون : ما رواه الشيخ الثقة الجليل علي بن إبراهيم بن هاشم في « تفسيره » ـ في أوائله بعد تسع ورقات من أوّله في النسخة المنقول منها في بحث الردّ على من أنكر الرجعة ـ قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ـ يعني ابن عثمان ـ عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « ما يقول الناس في هذه الآية : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً ) (٢) » قلت : يقولون : إنّها في القيامة ، قال : « ليس كما يقولون ، إنّها في الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كلّ اُمّة فوجاً ويدع الباقين؟ إنّما آية القيامة : ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) (٣) » (٤).

الثالث والعشرون : ما رواه علي بن إبراهيم أيضاً ـ بعد الحديث السابق بغير فصل ، والظاهر أنّه بذلك الإسناد (٥) أيضاً ـ في قوله تعالى : ( وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَة أَهْلَكْنَاها أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ) (٦) قال : قال الصادق عليه‌السلام : « كلّ قرية أهلكها الله بالعذاب لا يرجعون في الرجعة ، وأمّا في القيامة فيرجعون ، وأمّا من محض الإيمان محضاً وغيرهم ممّن لم يهلكوا بالعذاب ، أو محض الكفر محضاً (٧) فإنّهم يرجعون » (٨).

____________

١ ـ كامل الزيارات : ٦٣ / ٣.

٢ ـ سورة النمل ٢٧ : ٨٣.

٣ ـ سورة الكهف ١٨ : ٤٧.

٤ ـ تفسير القمّي ١ : ٢٤.

٥ ـ في « ط » : بغير فصل أنّه بذلك الاجناس.

٦ ـ سورة الأنبياء ٢١ : ٩٥.

٧ ـ في « ح ، ش ، ك » : أو محضوا. وفي « ط » : أو محض الكفر كفراً محضاً.

٨ ـ تفسير القمّي ١ : ٢٤ ـ ٢٥.

٢٥٦

ورواه في موضع آخر من « تفسيره » مرسلاً مثله (١).

الرابع والعشرون : ما رواه ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني في أوائل « الروضة من الكافي » : عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن سليمان المصري ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : قوله تعالى ( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) (٢) قال : « يا أبا بصير ما يقولون في هذه الآية؟ » قلت : إنّ المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الله لا يبعث الموتى ، قال : فقال : « تبّاً لمن قال هذا ، سَلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللاّت والعزّى؟ ».

قال : قلت : فأوجدنيه ، فقال : « يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله قوماً من شيعتنا قباع (٣) ، سيوفهم على عواتقهم ، فيبلغ ذلك قوماً من شيعتنا لم يموتوا فيقولون : بُعث فلان وفلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم؟! فيبلغ ذلك قوماً من عدوّنا فيقولون : يا معشر الشيعة ما أكذبكم ، هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب ، لا والله ما عاش هؤلاء ولا يبعثون (٤) إلى يوم القيامة قال : فحكى الله قولهم فقال : ( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَن يَمُوتُ ) (٥) » (٦).

____________

١ ـ تفسير القمّي ٢ : ٧٥ ـ ٧٦.

٢ و ٥ ـ سورة النحل ١٦ : ٣٨.

٣ ـ في نسخة « ش » : قيام.

والقباع : قبع الرجل فهو قابع ، إذا أعيا وانبهر. تهذيب اللغة ١ : ٢٨٤.

٤ ـ في « ح ، ش ، ك » : ولا يعيشون.

٦ ـ الكافي ٨ : ٥٠ / ١٤.

٢٥٧

ورواه العيّاشي في « تفسيره » على ما نقل عنه (١).

الخامس والعشرون : ما رواه الشيخ الجليل المفيد أبو عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان في كتاب « الإرشاد في حجج الله على العباد » ـ في باب ذكر علامات القائم عليه‌السلام (٢) ـ حيث قال : وردت الآثار بذكر علامات قيام (٣) القائم (٤) المهدي عليه‌السلام (٥) ، وحوادث تكون أمام قيامه ، وآيات ودلالات ، فمنها : خروج السفياني ـ إلى أن قال ـ : وأموات ينشرون من القبور حتّى يرجعوا إلى الدنيا ، فيتعارفون فيها ويتزاورون ـ إلى أن قال ـ : فيعرفون عند ذلك خروج المهدي عليه‌السلام بمكّة ، فيتوجّهون لنصرته (٦) (٧).

السادس والعشرون : ما رواه الشيخ المفيد أيضاً في فصل آخر حيث قال : وقد وردت الأخبار بمدّة ملك القائم روى عبد الكريم الخثعمي ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : كم يملك القائم عليه‌السلام؟ قال : « سبع سنين ، تطول له الأيّام والليالي حتّى تكون السنة من سنينه مقدار عشر سنين من سنينكم هذه ، وإذا آن قيامه مُطر الناس جمادى الآخرة وعشرة أيّام من رجب مطراً لم يرَ الخلائق مثله ، فيُنبت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم من قبورهم ، فكأنّي أنظر إليهم مقبلين من قبل جُهينة (٨)

____________

١ ـ تفسير العيّاشي ٢ : ٢٥٩ / ٢٦. وقوله : ( ورواه العياشي في تفسيره على ما نقل عنه ) لم يرد في « ك ».

٢ ـ في « ك ، ط » : القائم المهدي عليه‌السلام.

٣ ـ ( قيام ) لم يرد في « ح ».

٤ ـ ( القائم ) لم يرد في « ش ».

٥ ـ من قوله : ( حيث قال : وردت ) إلى هنا لم يرد في « ك ».

٦ ـ في « ح ، ش ، ك » : لنصره ، وفي « ط » : إلى البصرة.

٧ ـ إرشاد المفيد ٢ : ٣٦٨ ـ ٣٧٠ ، كشف الغمّة ٢ : ٤٥٧.

٨ ـ جُهينة : وهو علم مرتجل في اسم أبي قبيلة من قضاعة ، وسمّي به قرية كبيرة من نواحي

٢٥٨

ينفضون شعورهم من التراب » (١).

ورواه الطبرسي في كتاب « إعلام الورى » (٢).

ورواه علي بن عيسى في « كشف الغمّة » نقلاً عنهما (٣) ، وكذا الذي قبله.

السابع والعشرون : ما رواه الشيخ المفيد أيضاً في آخر « الإرشاد » قال : روى المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه قال : « يخرِجُ القائم عليه‌السلام من ظهر الكوفة سبعة (٤) وعشرين رجلاً ، خمسة عشر من قوم موسى ، الذين كانوا يهدون بالحقّ وبه يعدلون ، وسبعة من أهل الكهف ، ويوشع بن نون ، وسلمان ، وأبا دجانة الأنصاري ، والمقداد ، ومالك الأشتر ، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكّاماً » (٥).

ورواه العيّاشي في « تفسيره » على ما نقل عنه (٦).

ورواه علي بن عيسى في « كشف الغمّة » نقلاً من إرشاد المفيد (٧).

ورواه الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي في كتاب « الصراط المستقيم » مثله (٨).

____________

الموصل على دجلة ، وهي أوّل منزل لمن يريد بغداد من الموصل ، وعندها مرج يقال له مرج جُهينة. معجم البلدان ٢ : ٢٢٥.

١ ـ إرشاد المفيد ٢ : ٣٨١.

٢ ـ إعلام الورى ٢ : ٢٩٠.

٣ ـ كشف الغمّة ٢ : ٤٦٣.

٤ ـ في « ح » : وسبعة. وفي « ط » : مع سبعة.

٥ ـ إرشاد المفيد ٢ : ٣٨٦.

٦ ـ تفسير العيّاشي ٢ : ٣٢ / ٩٠. وقوله : ( ورواه العياشي في تفسيره على ما نقل عنه ) لم يرد في « ك ».

٧ ـ كشف الغمّة ٢ : ٤٦٦.

٨ ـ الصراط المستقيم ٢ : ٢٥٤.

٢٥٩

الثامن والعشرون : ما رواه الشيخ الجليل أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب « مجمع البيان لعلوم القرآن » : عند قوله تعالى ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً ) (١) حيث قال : قد تظاهرت (٢) الأخبار عن أئمّة الهدى من آل محمّد عليهم‌السلام في « أنّ الله تعالى سيعيد عند قيام المهدي عليه‌السلام قوماً ممّن تقدّم موتهم من أوليائه وشيعته ، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ، ويبتهجوا بظهور دولته ، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم ، وينالوا بعض ما يستحقّونه من العذاب والقتل على أيدي شيعته ، والذلّ والخزي بما يشاهدون من علوّ كلمته » (٣).

التاسع والعشرون : ما رواه الشيخ الجليل أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « ثواب الأعمال وعقاب الأعمال » ـ في عقاب قاتل الحسين عليه‌السلام ـ : عن محمّد بن علي ماجيلويه ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نصب (٤) الله لفاطمة عليها‌السلام قبّة من نور ، فيقبل الحسين عليه‌السلام ورأسه على يده ، فتصرخ صرخة (٥) ـ إلى أن قال ـ : فيمثله الله لها في أحسن صورة وهو يخاصم قتلته ، فيجمع الله قتلته والمجهزين عليه ومن شرك في دمه ، فيقتلهم حتّى أتى على آخرهم.

ثمّ يحشرون فيقتلهم الحسن عليه‌السلام ، ثمّ ينشرون فيقتلهم الحسين عليه‌السلام ، ثمّ ينشرون فلا يبقى أحد من ذرّيتنا إلا قتلهم قتلة ، فعند ذلك يكشف الله الغيظ ،

____________

١ ـ سورة النمل ٢٧ : ٨٣.

٢ ـ في « ط » : تظافرت. وفي المطبوع زيادة : ( تلك ) بعد تظاهرت.

٣ ـ مجمع البيان ٧ : ٤٣٠.

٤ ـ في « ح » : ينصب.

٥ ـ في المصدر : فإذا رأته شهقت شهقة.

٢٦٠