الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


المحقق: مشتاق المظفّر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دليل ما
الطبعة: ١
ISBN: 964-397-280-1
الصفحات: ٥١٣

ثمّ صعد إلى السماء فمرّ على شيخ (١) فقال : من هذا يا جبرئيل؟ قال : أبوك إبراهيم ، ثمّ مضى فمرّ على شيخ (٢) فقال : من هذا يا جبرئيل (٣)؟ قال : أبوك آدم ، ثمّ مضى فمرّ بموسى بن عمران ـ ثمّ ذكر ما جرى بينهما من الكلام في فرض الصلاة وغيره ـ ثمّ مضى فمرّ على إبراهيم. وذكر ما جرى بينهما من الكلام » (٤) الحديث.

الخامس والأربعون : ما رواه الشيخ الجليل علي بن محمّد الخزّاز القمّي في كتاب « الكفاية » ـ في باب ما جاء عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام ـ قال : حدّثنا الحسين بن علي أبو عبدالله ، قال : حدّثنا هارون بن موسى ، عن محمّد بن الحسن ، عن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام7 ـ في حديث طويل ـ قال : « ألم تسمعوا إلى قوله تعالى ( لاَتُدْرِكُهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ ) (٥) وقوله تعالى ( لَنْ تَرَانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً ـ أي ميّتاً ـ فَلَمّا أَفَاقَ ـ وردّ الله عليه روحه ـ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ ) (٦) » (٧) الحديث.

السادس والأربعون : ما رواه الحافظ البرسي في آخر « كتابه » : أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال للحسن والحسين عليهما‌السلام : « إذا وضعتماني في لحدي فصلّيا

____________

١ ـ في « ك » : فمرّ بشيخ.

٢ ـ في « ح ، ط » : فمرّ بشيخ.

٣ ـ من قوله : ( قال : أبوك ابراهيم ) إلى هنا لم يرد في « ك ».

٤ ـ أمالي الصدوق : ٥٣٤ / ٧٢٠.

٥ ـ سورة الأنعام ٦ : ١٠٣.

٦ ـ سورة الأعراف ٧ : ١٤٣.

٧ ـ كفاية الأثر : ٢٦١ ـ ٢٦٢.

٢٠١

ركعتين ثمّ انظرا ما يكون » فلمّا وضعاه فعلا ما أمرهما ، ونظرا فإذا آدم ونوح ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتحدّثون مع أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ووجد (١) الزهراء وحوّاء ومريم وآسية ينحن على أمير المؤمنين ويندبنه (٢).

أقول : والأحاديث أيضاً (٣) في هذا المعنى كثيرة ، وفي هذا القدر بل في بعضه كفاية إن شاء الله تعالى ، وقد عرفت أنّ أحاديث هذا الباب والذي قبله دالّة على مضمون واحد ، وذكرت السبب الباعث على قسمتها إلى بابين ، فإذا ضممت هذه الأحاديث بعضها إلى بعض مع أحاديث الباب الرابع ، حصل اليقين عندك وعند كلّ منصف بصحّة الرجعة فكيف إذا انضمّ إلى ذلك ما يأتي إن شاء الله تعالى.

وليت شعري أيّ عاقل يشكّ في تواتر هذه الأحاديث ، ويجوّز الكذب على جميع رواتها ، وأيّ مطلب من مطالب الاُصول والفروع يوجد فيه أكثر من هذه النصوص الكثيرة الصريحة المتعاضدة المتظافرة ، وقد ظهر من هذه الأحاديث أنّ الرجعة قد وقعت في الاُمم السالفة في أوقات كثيرة جدّاً ، وفي الأنبياء والأوصياء والملوك السابقين ، بل يظهر منها أنّ جميع الأنبياء السابقين قد رجعوا إلى الدنيا بعد موتهم ، وجميع بني إسرائيل أيضاً رجعوا بعد قتل بخت نصّر إيّاهم.

وإنّ كثيراً من الأنبياء رجعوا إلى الدنيا وبقوا مدّة طويلة ، يدعون الناس إلى دين الله ، كعزير وارميا وموسى وغيرهم ، وأنّ ذا القرنين رجع إلى الدنيا مرّتين ، وملك مشارق الأرض ومغاربها ، وبقي مدّة طويلة وسنين كثيرة يدعو الناس إلى

__________________

١ ـ في « ح ، ك » : ووجدا ، وفي « ش » : ووجدوا ، وفي البحار : وكشف الحسين ممّا يلي رجليه فوجد ....

٢ ـ نقله المجلسي عن مشارق الأنوار في بحار الأنوار ٤٢ : ٣٠١ ، قال : وروي عن الحسن ابن علي عليه‌السلام. ولم أعثر عليه في مشارق أنوار اليقين والظاهر أنه كتاب الألفين في أسرار أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٣ ـ ( أيضاً ) لم ترد في « ط ».

٢٠٢

الله سبحانه.

وأنّه قد رجع مرّة واحدة سبعون ألف رجل بعد موتهم وعاشوا مدّة طويلة ، ورجع مرّة اُخرى خمسة وثلاثون ألفاً بعد موتهم ، ورجع مرّة اُخرى سبعون ألف بيت ، ويحتمل أن يكونوا سبعمائة ألف إنسان أو أكثر ، فأحياهم الله بعد موتهم وعاشوا مدّة طويلة ، وكلّ ذلك ثابت بروايات العامّة والخاصّة موافق للقرآن في آيات كثيرة جدّاً كما عرفت ، فلابدّ من وجود مثل ذلك في هذه الاُمّة بمقتضى الأحاديث السالفة (١) وغيرها والله الموفّق.

__________________

١ ـ في « ح ، ش ، ك » : السابقة.

٢٠٣

الباب السابع

في إثبات أنّ الرجعة قد وقعت في هذه الاُمّة في الجملة

ليزول بها استبعاد الرجعة الموعود بها في آخر الزمان

ويدلّ على ذلك أحاديث :

الأوّل : ما رواه رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « عيون الأخبار » ـ في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع أهل الأديان ـ بالسند السابق ، في الحديث الثاني من الباب الخامس : عن الرضا عليه‌السلام أنّه قال : « لقد اجتمعت قريش إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألوه أن يُحيي لهم موتاهم ، فوجّه معهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال له : يا علي ، إذهب إلى الجبّانة فناد هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك : يا فلان ويا فلان يقول لكم محمّد : قوموا بإذن الله. فقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم ، فأقبلت قريش تسألهم عن اُمورهم » (١) الحديث.

ورواه الطبرسي مرسلاً في « الاحتجاج » (٢).

الثاني : ما رواه ابن بابويه أيضاً في « عيون الأخبار » ـ في باب استسقاء المأمون بالرضا عليه‌السلام ـ : عن محمّد بن القاسم المفسّر ، عن يوسف بن محمّد بن زياد

__________________

١ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ١٦٠.

٢ ـ الاحتجاج ٢ : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.

٢٠٤

وعلي بن محمّد بن سيّار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي العسكري ، عن آبائه ، عن الرضا عليهم‌السلام أنّه استسقى للناس وظهر للناس من إعجازه وإجابة دعائه وإخباره بما يكون وغير ذلك ممّا حمل بعض أعدائه على أن أخذ رخصته من المأمون لمجادلته ، فكلّمه كلاماً طويلاً في مجلس عام من جملته أن قال : يابن موسى لقد عدوت طورك وتجاوزت قدرك أن بعث الله مطراً قدّره لوقته كأنّك قد جئت بمثل آية الخليل لمّا أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضاءها التي كان فرّقها على الجبال فأتينه سعياً ، وتركّبن على الرؤوس ، وخفقن وطرن بإذن الله ، فإن كنت صادقاً فيما توهم فأحيي هذين وسلّطهما عليّ ـ وأشار إلى أسدين مصوّرين على مسند المأمون ـ.

فغضب علي بن موسى الرضا عليه‌السلام وقال : « دونكما الفاجر فافترساه ولا تبقيا له عيناً ولا أثراً ، فوثبت الصورتان وصارتا أسدين فتناولا الرجل ورضّضاه وهشّماه وأكلاه ولحسا دمه ، والقوم ينظرون إليه متحيِّرين ، فلمّا فرغا منه أقبلا على الرضا عليه‌السلام وقالا : يا وليّ الله في أرضه فما تأمرنا أن نفعل (١) بهذا ، أنفعل به ما فعلنا بهذا؟ ـ يشيران إلى المأمون ـ فغشي على المأمون ممّا سمع منهما ـ إلى أن قال ـ : فقال : عودا إلى مقرّكما ، فعادا إلى المسند ، وصارتا صورتين كما كانتا » (٢) الحديث.

الثالث : ما رواه الكليني ـ في باب المسألة في القبر ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن علي بن أبي

____________

١ ـ في « ح ، ش ، ك » : نفعل.

٢ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٧١ / ضمن حديث ١.

٢٠٥

حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : « إنّ الميّت إذا خرج من بيته شيّعته الملائكة إلى القبر ، ويدخل عليه في قبره منكر ونكير ، فيلقيان فيه الروح إلى حقويه (١) فيقعدانه فيسألانه » (٢) ثمّ ذكر المسألة والسؤال والجواب. وذكر في الكافر نحو ذلك.

أقول : وفي معناه أحاديث كثيرة وهذه رجعة في الجملة وحياة بعد الموت قبل القيامة أو نظير للرجعة ، يزول بها الاستبعاد ، وفي باب أنّ الميّت يزور أهله ، أحاديث قريبة من هذا المعنى.

الرابع : ما رواه الكليني أيضاً ـ في باب مولد أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن عبدالله بن محمّد ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عيسى شلقان ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام كان له خؤولة (٣) في بني مخزوم وأنّ شابّاً منهم أتاه ، فقال : يا خالي إنّ أخي مات وقد حزنت عليه حزناً شديداً ، قال : فقال له : تشتهي أن تراه؟ قال : بلى ، قال : فأرني قبره ، قال : فخرج ومعه بردة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متّزراً بها ، فلمّا انتهى إلى القبر تلملمت شفتاه ثمّ ركضه برجله ، فخرج من قبره وهو يقول بلسان الفرس » (٤) الحديث.

الخامس : ما رواه الكليني أيضاً ـ في باب مولد أبي الحسن موسى عليه‌السلام ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالله بن

____________

١ ـ الحَقْوُ : الخصر ومشدّ الإزار. الصحاح ٦ : ٢٣١٧ ـ حقا.

٢ ـ الكافي ٣ : ٢٣٩ / ١٢.

٣ ـ الخؤولة : مفردها خال ، وهو الخال النسبي. القاموس المحيط ٣ : ٥٠٩.

٤ ـ الكافي ١ : ٤٥٦ / ٧.

٢٠٦

المغيرة ، قال : مرّ العبد الصالح عليه‌السلام بامرأة بمنى ـ وهي تبكي ـ وحولها صبيان لها يبكون ، وقد ماتت لها بقرة فدنا منها وقال : « ما يبكيك يا أمَة الله؟ » قالت : إنّ لنا صبياناً يتامى ، وقد كانت لنا بقرة ، معيشتي ومعيشة صبياني كانت منها وقد ماتت ، قال : « أتحبّين أن اُحييها لك؟ » فاُلهمت أن قالت : نعم ، فتنحّى وصلّى ركعتين ، ثمّ رفع (١) يده هنيئة وحرّك شفتيه ، ثمّ قام فصوّت (٢) بالبقرة فنخسها نخسة وضربها برجله ، فاستوت على الأرض ، فلمّا نظرت المرأة إلى البقرة صاحت وقالت : عيسى بن مريم وربّ الكعبة ، فخالط الناس وصار بينهم ومضى عليه‌السلام (٣).

ورواه الصفّار في « بصائر الدرجات » ـ في باب أنّ الأئمّة عليهم‌السلام أحيوا الموتى ـ : عن أحمد بن محمّد مثله (٤).

ورواه الراوندي في « الخرائج والجرائح » (٥).

ورواه علي بن عيسى في « كشف الغمّة » نقلاً عن الراوندي نحوه (٦).

السادس : ما رواه الكليني في « أوائل الروضة » : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن غالب ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيّب ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام

____________

١ ـ في « ط » : ورفع. بدل من : ثمّ رفع.

٢ ـ في « ك » : فضرب.

٣ ـ الكافي ١ : ٤٨٤ / ٦.

٤ ـ بصائر الدرجات : ٢٩٢ / ٢.

٥ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٣١٤ / ٧.

٦ ـ كشف الغمّة ٢ : ٢٤٧. وفيه : قال علي بن أبي حمزة : أخذ بيدي موسى بن جعفر عليه‌السلام يوماً فخرجنا من المدينة إلى الصحراء ، فإذا نحن برجل مغربي على الطريق يبكي وبين يديه حمار ميّت .... وهكذا في الخرائج.

٢٠٧

في حديث طويل قال : « يابن آدم إنّ أجلك أسرع شيء إليك ، وكان قد أوفيت أجلك وقبض الملك روحك وصرت إلى قبرك وحيداً ، فردّ إليك فيه روحك واقتحم عليك ملكان » (١) ثمّ ذكر ما يقع بينه وبينهما من السؤال والجواب.

ورواه ابن بابويه في « الأمالي » ـ في المجلس السادس والسبعين ـ : عن أبيه ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن غالب الأسدي ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيّب ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام (٢) مثله (٣).

السابع : ما رواه أبو علي الحسن ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي في « الأمالي » : بإسناده (٤) عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام قال : « مرّ أمير المؤمنين عليه‌السلام بالمقابر فسلّم عليهم ثمّ قال : السلام عليكم يا أهل التربة ، إنّ المنازل قد سكنت ، وإنّ الأموال قد قسّمت ـ إلى أن قال ـ : فأجابه هاتف يسمع صوته ولا يرى شخصه : عليك السلام يا أمير المؤمنين » (٥) وذكر الكلام الذي جرى بينهما وأنّ جميع الحاضرين سمعوه.

الثامن : ما رواه الشيخ أيضاً في « الأمالي » : بإسناده قال : كان رجل من أهل الشام يختلف إلى أبي جعفر عليه‌السلام وكان يبغضه ، فلم يلبث أن مرض ـ إلى أن قال ـ : فجاء وليّه (٦) إلى أبي جعفر عليه‌السلام فقال : إنّ فلاناً الشامي قد هلك وهو يسألك أن

____________

١ ـ الكافي ٨ : ٧٢ / ٢٩.

٢ ـ من قوله : عن عبد الله بن غالب. إلى هنا لم يرد في « ح ، ش ، ط ، ك ».

٣ ـ أمالي الصدوق : ٥٩٣ / ٨٢٢.

٤ ـ في حاشية « ط ، ك » : الإسناد ساقط من النسخة المنقول منها. « منه رحمه‌الله ».

٥ ـ أمالي الطوسي : ٥٥ / ٧٦.

٦ ـ في « ط » : فجاءوا به.

٢٠٨

تصلّي عليه ، فقال : « كلاّ لا تعجلنّ على صاحبكم حتّى آتيكم » ثمّ قام من مجلسه فصلّى ركعتين ثمّ مدّ يده ما شاء الله ، ثمّ سجد حتّى طلعت الشمس ، ثمّ نهض وأتى منزل الشامي ودعاه (١) فأجابه ، ثمّ أجلسه فسنّده (٢) ، ثمّ ما انصرف حتّى قوي الشامي فأتى أبا جعفر عليه‌السلام فقال : أشهد أنّك حجّة الله على خلقه ، قال : « وما بدا لك؟ » قال : أشهد أنـّي عمدت بروحي ، وعاينت بعيني فلم يفاجئني (٣) إلا ومناد أسمعه وما أنا بالنائم : ردّوا عليه روحه ، فقد سألنا ذلك محمّد بن علي. وصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر عليه‌السلام (٤).

التاسع : ما رواه الراوندي في كتاب « الخرائج والجرائح » وعلي بن عيسى في كتاب « كشف الغمّة » نقلاً عنه ـ في معجزات موسى بن جعفر عليه‌السلام ـ : عن أبي حمزة قال : أخذ بيدي موسى بن جعفر يوماً فخرجنا من المدينة إلى الصحراء ، فإذا نحن برجل يبكي على الطريق وبين يديه حمار ميّت ورحله مطروح ، فقال له موسى عليه‌السلام : « ما شأنك؟ » فقال : كنت مع رفقائي نريد الحجّ فمات حماري هاهنا ومضى أصحابي ، وقد بقيت متحيِّراً ، فقال : « لعلّه لم يمت » فقال : أما ترحمني حتّى تلهو بي؟ قال : « إنّ عندي رقية جيّدة » فقال الرجل : ما يكفيني ما أنا فيه حتّى تستهزئ بي؟ فدنا موسى عليه‌السلام من الحمار ودعا بشيء لم أسمعه ، وأخذ قضيباً كان مطروحاً فنخسه به وصاح عليه فوثب قائماً صحيحاً سالماً ، فقال : « يا مغربي ترى هاهنا شيئاً من الإستهزاء ، إلحق بأصحابك » ومضينا وتركناه (٥).

____________

١ ـ في المطبوع : ودعا ، وما في المتن أثبتناه من « ح ، ش ، ك » والمصدر ، وفي « ط » : ودعا به.

٢ ـ في « ط » : فشدّه.

٣ ـ في « ح » : يناجيني.

٤ ـ أمالي الطوسي : ٤١٠ / ٩٢٣.

٥ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٣١٤ / ٧ ، كشف الغمّة ٢ : ٢٤٧.

٢٠٩

العاشر : ما رواه الراوندي وعلي بن عيسى أيضاً ـ في معجزات عليّ الهادي عليه‌السلام ـ عن زرافة حاجب (١) المتوكّل قال : وقع مشعبذ هندي يلعب بالحقّة ، وكان المتوكّل لعّاباً فأراد أن يخجل علياً عليه‌السلام ، فقال للمشعبذ : إن أخجلته فلك ألف دينار ، قال : فأمر أن يخبز رقاق خفاف تجعل على المائدة وأنا إلى جنبه ففعل ، وحضر عليّ عليه‌السلام الطعام ، وجعل مسورة عليها صورة أسد وجلس اللاعب إلى جنب المسورة ، فمدّ عليّ عليه‌السلام يده إلى رقاقة فطيّرها اللاعب ثلاث مرّات ، فتضاحكوا فضرب عليّ عليه‌السلام يده إلى تلك الصورة وقال : « خذه » فوثبت من المسورة وابتلعت الرجل وعادت إلى المسورة ، فتحيّروا ونهض عليّ عليه‌السلام ، فقال له المتوكّل : سألتك (٢) إلا جلست ورددته؟ فقال : « لا والله لا يُرى بعد هذا أبداً ، أتسلّط أعداء الله على أوليائه؟ » وخرج من عنده ولم يُرَ الرجل بعدها (٣).

أقول : هذا وما قبله أعجب من الرجعة وأغرب (٤) فيزول به الاستبعاد لها.

الحادي عشر : ما رواه علي بن إبراهيم في آخر تفسير سورة الحجر قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة وعبدالله بن سنان وأبي حمزة الثمالي ، قالوا : سمعنا أبا عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام يقول : « لمّا حجّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجّة الوداع نزل بالأبطح (٥) ، ووضعت له وسادة فجلس عليها ، ثمّ

____________

١ ـ في « ح » : صاحب.

٢ ـ في المطبوع و « ط » : سألناك. وما في المتن من نسخة « ح ، ش ، ك ».

٣ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٤٠٠ / ٦ ، كشف الغمّة ٢ : ٣٩٣ ـ ٣٩٤.

٤ ـ ( وأغرب ) لم يرد في « ك ».

٥ ـ الأبطح : موضع في مكّة المكرّمة. وقريش فريقان : قريش البطاح وقريش الظواهر ، فقريش البطاح هم الذين ينزلون بطحاء مكّة ، وهم بنو عبد مناف وغيرهم.

ولذا كان يقال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الأبطحي لأنّه من ولد عبد مناف ، وكان يقال لعبد المطّلب : سيّد الأباطح.

اُنظر الروض المعطار في خبر الأقطار : ٧.

٢١٠

رفع يده إلى السماء وبكى بكاءً شديداً ، ثمّ قال : « يا ربّ إنّك وعدتني في أبي واُمّي وعمّي أن لا تعذّبهم.

قال : فأوحى الله إليه : إنّي آليت على نفسي أن لا يدخل جنّتي إلا من شهد أن لا إله إلا الله وأنّك عبدي ورسولي ، ولكن إئت الشعب فنادهم فإن أجابوك فقد وجبت لهم رحمتي ، فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الشِعب ، فقال : يا أبتاه ويا اُمّاه (١) ويا عمّاه (٢) ، فخرجوا ينفضون التراب عن رؤوسهم ، فقال لهم : ألا ترون إلى هذه الكرامة التي أكرمني الله بها؟ فقالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وأنّك رسول الله حقّاً حقّاً ، وأنّ جميع ما جئت به فهو الحقّ ، فقال : ارجعوا إلى مضاجعكم. ودخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكّة وقدم عليّ عليه‌السلام من اليمن ، فقال : ألا اُبشِّرك (٣) يا علي؟ ثمّ أخبره الخبر ، فقال علي عليه‌السلام (٤) : الحمد لله » (٥).

الثاني عشر : ما رواه الشهيد الثاني في كتاب « مسكّن الفؤاد » نقلاً من كتاب « دلائل النبوّة » : عن أنس بن مالك ، قال : دخلنا على رجل من الأنصار وهو مريض ولم يزل حتّى قضى ، فبسطنا عليه ثوباً ، وله اُمّ عجوز كبيرة عند رأسه ، فقلنا : يا هذه احتسبي مصيبتك عند الله عزّوجلّ ، قالت : ومات ابني؟ قلنا : نعم ، قال : فمدّت يدها ثمّ قالت : اللهمّ إنّك تعلم أنّي أسلمت لك وهاجرت إلى رسولك رجاء أن تعينني عند كلّ شدّة ورخاء (٦) ، فلا تحمل عليَّ هذه المصيبة اليوم ،

____________

١ ـ في « ح ، ش » : واماه ، وفي « ك » : وامتاه ، وفي « ط » : وا اُمّاه.

٢ ـ في « ح ، ط » : واعمّاه ، وفي « ش ، ك » : وعمّاه.

٣ ـ في « ك » : اُبشرّك. بدل من : ألا اُبشّرك.

٤ ـ الاسم المبارك ( علي عليه‌السلام ) لم يرد في « ط ، ك » ..

٥ ـ تفسير القمّي ١ : ٣٨٠ ـ ٣٨١.

٦ ـ في « ط » : عند كلّ رخاء وشدّة.

٢١١

فكشفت (١) الثوب عن وجهه ثمّ ما برح حتّى طعمنا معه (٢).

الثالث عشر : ما رواه الشيخ الجليل قطب الدين الراوندي في كتاب « الخرائج والجرائح » ـ في معجزات أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ قال : أخبرنا أبو منصور شهريار بن شيرويه (٣) الديلمي ، عن أبيه ، عن علي بن محمّد بن عمرو ، عن الحسن بن محمّد الرقا (٤) أنّه سمع راهباً يقول : كنت قاعداً في صومعة لي فأشرفت منها فإذا طائر كالنسر قد سقط على شاطئ البحر ، فتقيّأ ربع إنسان ، ثمّ طار ، فتفقدته فعاد فتقيّأ ربع إنسان ، ثمّ طار ، ثمّ جاء فتقيّأ ربع إنسان ، ثمّ طار ، ثمّ عاد فتقيّأ ربع إنسان ، ثمّ دنت الأرباع بعضها إلى بعض فقام رجلا ، فهو قائم وأنا أتعجّب منه.

ثمّ انحدر الطائر عليه فضربه فأخذ ربعه ثمّ طار ، ثمّ عاد فأخذ ربعه ثمّ طار ، ثمّ عاد فأخذ ربعه ثمّ طار ، فبقيت أتفكّر في ذلك حتّى رأيته قد عاد فتقيّأ ربع إنسان ثمّ ربعاً حتّى تقيّأ أربعة ثمّ طار ، فإذا الرجل قد قام ، فدنوت منه فسألته من أنت؟ فسكت ، فقلت له : بحقّ من خلقك من أنت؟ قال : أنا عبدالرحمن بن ملجم ، قلت له : وأيّ شيء عملت من الذنوب؟ قال : قتلت علي بن أبي طالب فوكّل بي هذا الطائر يقتلني كلّ يوم قتلة ، فبينا هو يحدّثني إذ انقضّ عليه الطائر فضربه فأخذ ربعه ثمّ طار ، ثمّ عاد إلى أن أخذه كلّه ، فسألت عن علي بن أبي طالب فقالوا : ابن عمّ رسول الله ووصيّه (٥).

____________

١ ـ في الدلائل زيادة : قال أنس : فوالله ما برحت حتّى كشف.

٢ ـ مسكّن الفؤاد : ٧٠ ، دلائل النبوّة للبيهقي ٦ : ٥٠ ، باختلاف يسير.

٣ ـ ( بن شيرويه ) لم يرد في « ط » وفي المصدر : ابو منصور شهردار بن شيرويه.

٤ ـ في « ط ، ك » : بن الرقا. وفي المصدر : المعروف : بابن الوفا. وفي البحار ٤٢ : ٣٠٧ / ٧ : المعروف بابن الرفا.

٥ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٢١٦ / ٦٠.

٢١٢

الرابع عشر : ما رواه الراوندي أيضاً ـ في معجزات الحسين عليه‌السلام ـ : عن أبي خالد الكابلي ، عن يحيى بن اُمّ الطويل قال : كنّا عند الحسين عليه‌السلام إذ دخل عليه شابّ يبكي ، فقال : إنّ والدتي توفّيت في هذه الساعة ولم توص ، ولها مال قد كانت أمرتني أن لا اُحدث في أمرها شيئاً حتّى اُعلمك ، فقال الحسين عليه‌السلام : « قوموا » فقمنا معه حتّى انتهينا إلى البيت الذي فيه المرأة مسجّاة ، فأشرف على البيت ودعا الله ليحييها حتّى توصي بما تحبّ من وصيّتها ، فأحياها الله فإذا المرأة قد جلست وهي تتشهّد ، فنظرت إلى الحسين عليه‌السلام ـ ثمّ ذكر ما جرى بينه وبينها من الكلام والخطاب ـ إلى أن قال : ثمّ صارت المرأة ميّتة كما كانت (١).

الخامس عشر : ما رواه الراوندي أيضاً ـ في معجزات الصادق عليه‌السلام ـ : عن يونس بن ظبيان ، قال : كنت مع الصادق عليه‌السلام في جماعة ، فقلت : قول الله لإبراهيم ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ) (٢) فقال : « أتحبّون أن اُريكم مثله؟ » قلنا : بلى ، قال : « يا طاووس » فإذا طاووس طار إلى حضرته ، فقال : « يا غراب » فإذا غراب بين يديه ، ثمّ قال : « يا بازي » فإذا بازي بين يديه ، ثمّ قال : « يا حمامة » فإذا حمامة بين يديه ، ثمّ أمر بذبحها كلّها وتقطيعها ونتف ريشها وأن يخلط ذلك كلّه بعضه ببعض ، ثمّ أخذ برأس الطاووس ، فقال : « يا طاووس » فرأيت لحمه وريشه يتميّز حتّى التصق ذلك كلّه برأسه ، وقام الطاووس بين يديه حيّاً ثمّ صاح بالغراب كذلك ، وبالبازي وبالحمامة كذلك ، فقامت كلّها أحياء بين يديه (٣).

السادس عشر : ما رواه أيضاً ـ في الباب المذكور ـ ، عن أبي الصلت الهروي ،

____________

١ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٢٤٥ / ١.

٢ ـ سورة البقرة ٢ : ٢٦٠.

٣ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٢٩٧ / ٤.

٢١٣

عن الرضا ، عن أبيه عليهما‌السلام : « إنّ ملك الهند أرسل إلى الصادق عليه‌السلام هدايا وجارية جميلة مع رجل فلم يقبلها ، وقال (١) له : إنّك خائن ، فحلف أنّه ما خان ، فقال له : إن شهد عليك بعض ثيابك بما خنت تشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله ، ثمّ دعا بدعاء وطلب من الله أن يأذن لفروة الهندي أن تتكلّم بلسان عربي مبين ، يسمعه من في المجلس ، ليكون آية من آيات أهل بيت النبوّة ، ثمّ قال : أيّتها الفروة تكلّمي بما فعله الهندي ، قال موسى : فانتفضت الفروة وصارت كالكبش وقالت : يابن رسول الله إئتمنه الملك على هذه الجارية ـ ثمّ ذكرت قصّة طويلة تتضمّن كيفية خيانته بالجارية ـ إلى أن قال : ثمّ عاد الكبش فروة كما كانت (٢).

السابع عشر : ما رواه أيضاً في كتاب « الخرائج والجرائح » ـ في أعلام النبي والأئمّة عليهم‌السلام ـ : عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قاعداً فذكر اللحم ، فقام رجل من الأنصار فذبح له عنزاً وشواها وحملها إليه ووضعها بين يديه ، وقال لجميع أهل بيته ومن أحبّ من أصحابه (٣) : كلوا ولا تكسروا لها عظماً ، وأكل معه الأنصار ، وإذا العناق قد عاشت وقامت تلعب على بابه » (٤).

الثامن عشر : ما رواه أيضاً ـ في الباب المذكور ـ : عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه دعا عنزاً فلم تجبه (٥) ، فأمر بذبحه ففعلوا ، وشووه وأكلوا لحمه ولم يكسروا له عظماً ، ثمّ أمر أن يوضع جلده ويطرح عظامه وسط الجلد فقام الجدي (٦) حيّاً

____________

١ ـ في « ط » : فلم يقبلهما ، فقال.

٢ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٢٩٩ ـ ٣٠٢ / ٦.

٣ ـ في « ح » : أنصاره.

٤ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٥٨٣ / ضمن حديث ١.

٥ ـ في المصدر : دعا غزالاً فأتاه.

٦ ـ في المصدر : فقام الغزال.

والجدي : هو الذكر من أولاد المعز. حياة الحيوان للدميري ١ : ٢٦٢.

٢١٤

يرعى (١).

التاسع عشر : ما رواه قطب الدين الراوندي في كتاب « الخرائج والجرائح » نقلاً من كتاب « بصائر الدرجات » لمحمّد بن الحسن الصفّار : عن الحسن بن علي ، عن العبّاس بن عامر ، عن أبان ، عن بشير النبّال (٢) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « كنت خلف أبي وهو على بغلة ، فنفرت فإذا رجل في عنقه سلسلة ورجل يتبعه ، فقال لأبي علي بن الحسين : اسقني ، فقال الرجل الذي خلفه وكأنّه موكّل به : لا تسقه لا سقاه الله ، فإذا هو معاوية » (٣).

العشرون : ما رواه أيضاً نقلاً عن « بصائر الدرجات » : عن الحجّال ، عن الحسن بن الحسين ، عن ابن سنان ، عن عبد الملك القمّي ، عن أخيه إدريس (٤) ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « بينا أنا وأبي متوجّهين إلى مكّة في موضع يقال له : ضجنان ، إذ جاءه رجل في عنقه سلسلة ، فقال : اسقني ، فسمعه أبي فصاح بي : لا تسقه لا سقاه الله ، فإذا رجل يتبعه حتّى جذب السلسلة وطرحه على وجهه ، فغاب في أسفل درك من النار ، قال أبي : هذا الشامي لعنه الله » (٥).

____________

١ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٥٨٤ / ذيل حديث ١.

٢ ـ في المطبوع و « ش ، ط ، ك » : عن أبان بن بشير النبال ، وما في المتن أثبتناه من « ح » وهو الموافق للمصدر.

انظر معجم رجال الحديث ١ : ١١٤ / ١٦ ، و ٤ : ٢٤٠ / ١٨٢٠ ، ترجمة بشير.

٣ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٨١٣ / ٢٢ ، بصائر الدرجات : ٣٠٤ / ١.

٤ ـ في حاشية « ح » في نسخة : عن ادريس.

٥ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٨١٤ / ٢٣ ، بصائر الدرجات : ٣٠٥ / ٢. ولم ترد في البصائر الجملة الأخيرة : « قال أبي : هذا الشامي لعنه الله ».

والمراد به هو رئيس القاسطين معاوية بن أبي سفيان.

٢١٥

الحادي والعشرون : ما رواه أيضاً عن كتاب « بصائر الدرجات » : عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي البلاد (١) ، عن علي بن المغيرة ، قال : نزل أبو جعفر عليه‌السلام ضجنان فسمعناه ثلاث مرّات يقول : « لا غفر الله لك » فقال له أبي : لمن تقول؟ قال : « مرّ بي الشامي لعنه الله ، يجرّ سلسلته التي في عنقه ، وقد دلع لسانه يسألني أن أستغفر له ، فقلت : لا غفر الله لك » (٢).

الثاني والعشرون : ما رواه الراوندي أيضاً في أواخر كتاب « الخرائج والجرائح » : قال : كان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجل هلكت له ابنة في الجاهلية ، وكان قد رماها في واد ، فلمّا أسلم ندم على ما فعل ، فقال : يا نبي الله إنّي فعلت كذا وكذا بابنة لي صغيرة ، فجاء عليه‌السلام إلى شفير الوادي ، فدعا بابنته ، فقالت : لبّيك يا رسول الله ، فقال : « إن أردت أن ترجعي إلى أبويك فهما الآن قد أسلما » ، فقالت : يا رسول الله أنا عند ربّي ولا أختار أبي واُمّي على ربّي (٣).

الثالث والعشرون : ما رواه رئيس المحدِّثين محمّد بن علي بن بابويه في « الأمالي » ـ في المجلس التاسع والعشرين ـ : عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار وسعد بن عبدالله جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه علي بن يقطين ، قال : استدعى الرشيد رجلاً يبطل به أمر أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، ويقطعه ويخجله في المجلس ، فانتدب إليه رجل معزم (٤) ، فلمّا حضرت المائدة عمل

____________

١ ـ في « ح ، ش ، ط ، ك » والمطبوع : ابراهيم بن ابي العلاء ، وما في المتن أثبتناه من المصدر وهو الموافق للكتب الرجالية.

انظر معجم رجال الحديث ١ : ١٧٢ / ٧٣ و ١٣ : ١٩٨ / ٨٥٣٨.

٢ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٨١٥ / ٢٤.

٣ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٩٤٩ ـ ٩٥٠.

٤ ـ في « ح » : مغرب ، وفي « ط » : مغرم ، والمعزم : الرجل المجد لما يريد فعله ، وما عقد عليه قلبه.

اُنظر لسان العرب ١٢ : ٣٩٩ ـ عزم.

٢١٦

ناموساً (١) على الخبز ، فكان كلّما رام خادم أبي الحسن عليه‌السلام أن يتناول رغيفاً من الخبز طار من بين يديه ، فاستفزّ هارون الفرح والضحك لذلك ، فلم يلبث أبو الحسن عليه‌السلام أن رفع رأسه إلى أسد مصوّر على بعض الستور ، فقال له : « يا أسد الله خذ عدوّ الله » قال : فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع فافترست ذلك المعزم (٢) ، فخرّ هارون وندماؤه على وجوههم مغشيّاً عليهم ، وطارت عقولهم خوفاً من هول ما رأوه.

فلمّا أفاقوا قال هارون : يا أبا الحسن أسألك بحقّي عليك لما سألت هذه الصورة أن تردّ الرجل ، قال : « إن كانت عصا موسى ردّت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيّهم فإنّ هذه الصورة تردّ ما ابتلعته من هذا الرجل » فكان ذلك أعمل الأشياء في افاتة نفسه (٣).

الرابع والعشرون : ما رواه ابن بابويه أيضاً في « الأمالي » ـ في المجلس التاسع والأربعين (٤) ـ : عن أحمد بن الحسن القطّان ، عن الحسن بن علي السكري (٥) ، عن محمّد بن زكريا الجوهري ، عن محمّد بن عمارة (٦) ، عن أبيه ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : « من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا : المعراج والمسألة في القبر والشفاعة » (٧).

__________________

١ ـ الناموس : ما يُتنمّس به من الاحتيال. القاموس المحيط ٢ : ٣٩٨ ـ نمس.

٢ ـ في « ح » : المغرم.

٣ ـ أمالي الصدوق : ٢١٢ / ٢٣٦.

٤ ـ في المطبوع ونسخة « ش ، ح ، ك ، ط » : التاسع والثلاثين ، وما أثبتناه من المصدر.

٥ ـ في « ح » : العسكري.

٦ ـ في « ط » : محمد بن عثمان. وفي المصدر : جعفر بن محمد بن عمارة.

٧ ـ أمالي الصدوق : ٣٧٠ / ٤٦٤ ، وأورده أيضاً في صفات الشيعة : ١٢٩ / ٦٩.

٢١٧

الخامس والعشرون : ما رواه علي بن إبراهيم في « تفسيره » عند قوله تعالى ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ ) (١) رفعه قال : « أولم ينظروا في الأخبار والقرآن رجعة الاُمم الهالكة ( فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) (٢) » (٣).

السادس والعشرون : ما رواه الصفّار في « بصائر الدرجات » ـ في باب أنّ الأئمّة عليهم‌السلام أحيوا الموتى ـ : أحمد بن محمّد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل بن درّاج ، قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فدخلت عليه امرأة فذكرت أنّها تركت ابنها ـ وقد قالت بالملحفة (٤) على وجهه ـ ميّتاً ، فقال لها : « فلعلّه لم يمت ، فقومي فاذهبي إلى بيتك واغتسلي وصلّي ركعتين وادعي (٥) وقولي : يا من وهبه لي ولم يكن شيئاً جدِّد هبته لي ، ثمّ حرّكيه ولا تخبري أحداً » قال : ففعلت وجاءت وحرّكته فإذا هو قد بكى (٦).

السابع والعشرون : ما رواه الصفّار ـ في الباب المذكور ـ : عن عبدالله (٧) بن محمّد ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن أبي محمّد بن بريد (٨) ، عن داود بن كثير الرقّي ، قال : حجّ رجل من أصحابنا فدخل على أبي عبدالله عليه‌السلام فقال : فداك أبي واُمّي إنّ أهلي توفّيت وبقيت وحيداً ، فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : « أكنت تحبّها؟ » قال : نعم ، قال : « إرجع إلى منزلك فإنّك تراها وهي تأكل » (٩).

____________

١ و ٢ ـ سورة فاطر ٣٥ : ٤٤.

٣ ـ تفسير القمّي ٢ : ٢١٠.

٤ ـ في « ح » : باللحفة.

٥ ـ في المطبوع و « ش ، ح ، ط ، ك » واجزعي ، وما أثبتناه من المصدر والكافي.

٦ ـ بصائر الدرجات : ٢٩٢ / ١ ، وأورده الكليني في الكافي ٣ : ٤٧٩ / ١١.

٧ ـ في « ك » : عبد الرحمن.

٨ ـ في نسخة « ش ، ح ، ك » : أبو محمّد بن يزيد ، وفي المصدر : أبو محمّد بريد.

٩ ـ بصائر الدرجات : ٢٩٤ / ٥ ، وفي ذيله زيادة : قال : فلمّا رجعت من حجّتي ودخلت منزلي رأيتها قاعدة وهي تأكل.

٢١٨

الثامن والعشرون : ما رواه الثقة الجليل عبدالله بن جعفر الحميري في كتاب « قرب الاسناد » ـ في الحديث الثالث والثمانين بعد المائة ـ : عن السندي بن محمّد ، عن صفوان بن مهران الجمّال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيل : يا جبرئيل أرني كيف يبعث الله العباد يوم القيامة؟ قال : نعم ، فخرج إلى مقبرة بني ساعدة فأتى قبراً ، فقال له : اُخرج بإذن الله ، فخرج رجل ينفض التراب عن رأسه وهو يقول : والهفاه ـ واللهف هو الثبور ـ ثمّ قال : ادخل فدخل ثمّ قصد به إلى قبر آخر ، فقال : اخرج بإذن الله ، فخرج شابّ ينفض رأسه من التراب وهو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله. ثمّ قال : هكذا تبعثون يوم القيامة » (١).

التاسع والعشرون : ما رواه الحافظ البرسي في كتابه قريباً من آخره : عن زاذان (٢) قال : لمّا جاء أمير المؤمنين عليه‌السلام ليغسّل سلمان وجده قد مات ، فرفع الشملة عن وجهه فتبسّم وتحرّك وهمّ أن يقعد ، فقال له عليّ عليه‌السلام : « عد إلى موتك » فعاد (٣).

أقول : ويأتي ما يدلّ على ذلك ، فإنّ أحاديث هذا الباب والذي بعده مضمون واحد ، وقد عرفت سابقاً سبب قسمتها بابين (٤) والله وليّ التوفيق.

____________

١ ـ قرب الإسناد : ٥٨ / ١٨٧.

٢ ـ في « ك » : زادان.

٣ ـ لم نعثر عليه في مشارق أنوار اليقين ، ولعلّه في كتابه الثاني المسمّى بـ « الألفين في أسرار أمير المؤمنين عليه‌السلام » ولكن نقله المجلسي عن المشارق في البحار ٢٢ : ٣٨٤ / ٢١ ، وأورده الحائري في شجرة طوبى ١ : ٧٤.

٤ ـ ( بابين ) أثبتناه من « ح ، ش ، ط ، ك ».

٢١٩

الباب الثامن

في إثبات أنّ الرجعة قد وقعت للأنبياء والأئمّة عليهم‌السلام في هذه

الاُمّة بالجملة

ليزول بها استبعاد رجعتهم الموعود بها في آخر الزمان. ومن أحاديث هذا الباب يزول أيضاً الإشكال الذي تخيّله منكر الرجعة ، من استلزامها تقديم المفضول على الفاضل ، أو عزل المفضول عن الإمامة ، وكذلك ما مرّ من الأحاديث الكثيرة الدالّة على رجعة الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام في الاُمم السابقة ، ولاشكّ أنّ كلّ واحد منهم له وصيّ أو أوصياء ، وهو أفضل منهم قطعاً (١) ، فبأيّ توجيه وجّه هذه الأحاديث الكثيرة يمكن أن توجّه أحاديث الرجعة ، ويأتي تمام الكلام إن شاء الله ، ونقتصر ممّا يدلّ على مضمون هذا الباب على أحاديث :

الأوّل : ما رواه الشيخ الجليل ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني ـ في باب ما نصّ الله ورسوله على الأئمّة عليهم‌السلام ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن فضيل بن سكرة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام.

ورواه ـ في باب حدّ الماء الذي يغسّل به الميّت ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن

____________

١ ـ من قوله : ( وكذلك ما مرّ ) إلى هنا أثبتناه من « ش ، ح ، ك ».

٢٢٠