الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


المحقق: مشتاق المظفّر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دليل ما
الطبعة: ١
ISBN: 964-397-280-1
الصفحات: ٥١٣

هو أعلم منك فاتّبعه وتعلّم منه ، فقال لوصيّه يوشع : إنّ الله أمرني أن أتّبع عند ملتقى البحرين رجلاً وأتعلّم منه ، فتزوّد يوشع حوتاً مملوحاً ، وخرجا وبلغ ذلك المكان ، فأخرج وصيّ موسى الحوت وغسله بالماء ، ووضعه على الصخرة ، وكان ذلك الماء ماء الحَيَوان فحيي الحوت ودخل في الماء » (١) الحديث.

الرابع والثلاثون : ما رواه علي بن إبراهيم أيضاً في « تفسيره » قال : حدّثنا جعفر بن أحمد ، عن عبدالله بن موسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله تعالى ( وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ) (٢) فقال : « إنّ ذا القرنين بعثه الله إلى قومه فضُرب على قرنه الأيمن فأماته الله خمسمائة عام ، ثمّ بعثه الله فضُرب على قرنه الأيسر فأماته الله خمسمائة عام ، ثمّ بعثه الله إليهم بعد ذلك ، فملّكه مشارق الأرض ومغاربها من حيث تطلع الشمس إلى حيث تغرب » (٣).

أقول : ويأتي مثله في معناه وأنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « وفيكم مثله » يعني نفسه.

الخامس والثلاثون : ما رواه علي بن إبراهيم أيضاً في « تفسيره » قال : حدّثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن تفسير هذه الآية ( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِث ) (٤).

قال : « بعث الله رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية ، فجاؤوهم بما لا يعرفون ،

__________________

١ ـ تفسير القمّي ٢ : ٣٧.

٢ ـ سورة الكهف ١٨ : ٨٣.

٣ ـ تفسير القمّي ٢ : ٤٠.

٤ ـ سورة يس ٣٦ : ١٣ ـ ١٤.

١٦١

فغلظوا عليهما فأخذوهما وحبسوهما في بيت الأصنام ، فبعث الله الثالث ـ وذكر القصّة بطولها ـ وفيها : إنّ الثالث أظهر دين الملك أوّلاً ثمّ أمر بإحضارهما للمناظرة فطلب منهما أن يدعوا لأعمى ومقعد بالشفاء ، ففعلا مرّة بعد اُخرى فأجاب الله دعاءهما ، فقال : أيّها الملك قد أتيا بحجّتين ولكن بقي شيء واحد فإن فعلاه دخلت معهما في دينهما.

ثمّ قال : أيّها الملك بلغني أنّه كان للملك ولد واحد ومات فإن أحياه إلهـهما دخلت معهما في دينهما ، فقال الملك : وأنا أيضاً معك ، ثمّ قال لهما : قد بقيت هذه الخصلة الواحدة ، قد مات ابن للملك فادعوا إلهكما فيحييه ، قال : فخرّا ساجدَين فأطالا السجود ثمّ رفعا رأسهما وقالا : ابعث إلى قبر ابنك تجده قد قام من قبره إن شاء الله.

قال : فخرج الناس فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب ، فأتى به الملك فعرف أنّه إبنه ، فقال له : ما حالك (١) يا بني؟ قال : كنت ميّتاً فرأيت رجلين بين يدي ربّي الساعة (٢) ساجدَين يسألانه أن يحييني فأحياني ، فقال : يا بني تعرفهما إذا رأيتهما؟ قال : نعم ، فأخرج الناس جملة إلى الصحراء ، فكان ينظر إلى رجل رجل حتّى مرّ بالأوّل بعد (٣) جمع كثير ، فقال : هذا أحدهما ، ثمّ مرّ أيضاً بقوم كثيرين حتّى رأى الآخر ، فقال : وهذا الآخر ، فآمن الملك وأهل مملكته » (٤).

السادس والثلاثون : ما رواه علي بن إبراهيم أيضاً في « تفسيره » قال : حدّثني أبي ، عن ابن فضّال ، عن عبدالله بن بحر (٥) ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن

____________

١ ـ في « ح » : ما جاء لك. بدل من : ما حالك.

٢ ـ ( الساعة ) لم ترد في « ح ».

٣ ـ في « ح » : مع.

٤ ـ تفسير القمّي ٢ : ٢١٢ ـ ٢١٤.

٥ ـ في « ك ، ش ، ح ، ط » والمطبوع : عبد الرحمن بن أبي نجران ، وما أثبتناه من المصدر وعنه

١٦٢

أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن بلية أيّوب ـ وذكر الحديث ـ إلى أن قال أبو عبدالله عليه‌السلام في قوله تعالى ( وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لاَُولِي الألْبَابِ ) (١) قال : « فردّ الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلاء ، وردّ عليه أهله الذين ماتوا بعدما أصابهم البلاء كلّهم ، أحياهم الله تعالى فعاشوا معه » (٢).

السابع والثلاثون : ما رواه الشهيد الثاني الشيخ زين الدين قدس‌سره في كتاب « مسكّن الفؤاد عند فقد الأحبّة والأولاد » نقلاً من كتاب « العيون والمحاسن » (٣) للشيخ المفيد : عن معاوية بن مرّة ، قال : كان أبو طلحة يحبّ ابنه حبّاً شديداً ، فتوفّي الولد ثمّ ذكر أنّ امرأته صبرت صبراً عظيماً ، وأنّ أباه أيضاً صبر وأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا علم بذلك قال : « الحمد لله الذي جعل في اُمّتي مثل صابرة بني إسرائيل » فقيل : يا رسول الله ما كان من صبرها (٤)؟ فقال : « كان في بني إسرائيل امرأة لها زوج ولها منه غلامان ، فأمرها بطعام ليدعو الناس عليه (٥) ، ففعل واجتمع الناس في دارها ، فانطلق الغلامان يلعبان فوقعا في بئر كان في الدار فماتا ، فكرهت أن تنغّص على زوجها الضيافة ، فأدخلتهما البيت وسجّتهما بثوب.

فلمّا فرغوا دخل زوجها (٦) ، فقال : أين ابناي؟ فقالت : هما في البيت ، وأنّها كانت تمسّحت بشيء من الطيب ، وتعرّضت للرجل حتّى وقع عليها ، ثمّ قال : أين

____________

في البحار ١٢ : ٣٤١ / ٣ وتفسير البرهان ٤ : ٦٦٠ / ١ ، وكذلك ذكر السيد الخوئي الرواية بهذا السند في معجمه ١١ : ١٢٤.

١ ـ سورة ص ٣٨ : ٤٣.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ : ٣٣٩ ـ ٢٤٢.

٣ ـ في مسكّن الفؤاد : عيون المجالس.

٤ ـ في « ك » : خبرها.

٥ ـ في « ح » : إليه.

٦ ـ في « ط » : فلمّا فرغ زوجها.

١٦٣

ابناي؟ قالت : هما في البيت فناداهما فخرجا يسعيان ، فقالت المرأة : سبحان الله قد والله كانا ميّتين ولكنّ الله تعالى أحياهما ثواباً لصبري » (١).

الثامن والثلاثون : ما رواه رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في « اعتقاداته » ـ في باب الإعتقاد في الرجعة ـ مرسلاً في قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلوفٌ ) (٢) قال : « هؤلاء كانوا سبعين ألف بيت وكان فيهم الطاعون كلّ سنة ـ إلى أن قال ـ : فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم إذا كان وقت الطاعون ، فخرجوا بأجمعهم فنزلوا على شطّ بحر.

فلمّا وضعوا رحالهم ناداهم الله موتوا فماتوا جميعاً ، فكنستهم المارّة عن الطريق ، فبقوا بذلك ما شاء الله ، فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له : ارميا ، فقال : لو شئت يا ربّ لأحييتهم فيعمّروا بلادك ويلدوا عبادك ، ويعبدونك مع من يعبدك ، فأوحى الله إليه أتحبّ أن اُحييهم لك؟ قال : نعم ، فأحياهم الله وبعثهم معه فهؤلاء ماتوا ورجعوا (٣) إلى الدنيا ثمّ ماتوا (٤) بآجالهم » (٥).

التاسع والثلاثون : ما رواه ابن بابويه أيضاً في « اعتقاداته » مرسلاً في قوله تعالى ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِيْ هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَام ثُمَّ بَعَثَهُ ) (٦) قال : فهذا مات مائة عام ، ثمّ رجع إلى

__________________

١ ـ مسكّن الفؤاد : ٦٩.

٢ ـ سورة البقرة ٢ : ٢٤٣.

٣ ـ في « ح » : ثمّ بُعثوا.

٤ ـ في « ح » : فماتوا. بدل من : ثمّ ماتوا.

٥ ـ اعتقادات الصدوق : ٦٠ ( ضمن مصنّفات المفيد ج ٥ ).

٦ ـ سورة البقرة ٢ : ٢٥٩.

١٦٤

الدنيا ثمّ مات (١) بأجله ، وهو عزير عليه‌السلام (٢). وروي أنّه : ارميا عليه‌السلام (٣).

الأربعون : ما رواه ابن بابويه أيضاً في « اعتقاداته » مرسلاً في قصّة المختارين من قوم موسى لميقات ربّه وقوله تعالى ( ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ ) (٤) قال : إنّهم لمّا سمعوا كلام الله قالوا : لا نصدّق به حتّى نرى الله جهرةً فأخذتهم الصاعقة فماتوا ، فقال موسى : يا ربّ ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟ فأحياهم الله عزّوجلّ ثمّ رجعوا إلى الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء ، وولدت لهم الأولاد ، وبقوا فيها ثمّ ماتوا بآجالهم (٥).

الحادي والأربعون : ما رواه ابن بابويه أيضاً في « اعتقاداته » مرسلاً : أنّ عيسى عليه‌السلام كان يحيي (٦) الموتى بإذن الله ، وأنّ جميع الموتى الذين أحياهم عيسى عليه‌السلام بإذن الله رجعوا إلى الدنيا ، وبقوا فيها ثمّ ماتوا بآجالهم (٧).

الثاني والأربعون : ما رواه ابن بابويه أيضاً في « اعتقاداته » مرسلاً : أنّ أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً ، ثمّ بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليتساءلوا بينهم وقصّتهم معروفة.

قال ابن بابويه : فإن قال قائل : قد قال الله ( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ ) (٨)

__________________

١ ـ في « ح » : فمات. بدل من : ثمّ مات.

٢ ـ اعتقادات الصدوق : ٦١ ( ضمن مصنّفات المفيد ج ٥ ).

٣ ـ تفسير القمّي ١ : ٨٦.

٤ ـ سورة البقرة ٢ : ٥٦.

٥ ـ اعتقادات الصدوق : ٦١ ( ضمن مصنّفات المفيد ج ٥ ).

٦ ـ في « ح ، ط » : يُخرج.

٧ ـ اعتقادات الصدوق : ٦١ ـ ٦٢ ( ضمن مصنّفات المفيد ج ٥ ).

٨ ـ سورة الكهف ١٨ : ١٨.

١٦٥

قيل له : إنّهم كانوا موتى ، وقد قال الله عزّوجلّ ( مَنْ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ) (١) وإن قالوا ذلك فإنّهم كانوا موتى ومثل هذا كثير (٢) « انتهى ».

الثالث والأربعون : ما رواه الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي في « مصباحه » ـ في الفصل الثلاثين في أدعية الأنبياء عليهم‌السلام دعاء آصف عليه‌السلام ـ : روي أنـّه أتى بعرش بلقيس بهذا الدعاء وإنّ به كان عيسى عليه‌السلام يحيي الموتى ، وهو : « اللهمّ إنّي أسألك بأنّك لا إله إلا أنت » (٣) وذكر دعاءً قصيراً.

الرابع والأربعون : ما رواه الشيخ الجليل أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتاب « الاحتجاج على أهل اللجاج » ـ في احتجاج الصادق عليه‌السلام على الزنديق الذي سأله عن مسائل كثيرة ـ في حديث طويل يقول فيه الزنديق : فلو أنّ الله ردّ إلينا من الأموات في كلّ مائة عام لنسأله عمّن مضى منّا إلى ما صاروا وكيف حالهم؟

فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : « هذه مقالة من أنكر الرسل وكذّبهم ، إنّ الله أخبر في كتابه على لسان الأنبياء حال من مات منّا ، أفيكون أحد أصدق من الله ورسله؟ وقد رجع إلى الدنيا ممّن مات خلق كثير ، منهم أصحاب الكهف أماتهم الله ثلاثمائة عام وتسعة ، ثمّ بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجّتهم ، وأمات الله ارميا النبي عليه‌السلام الذي نظر إلى خراب بيت المقدس فقال : ( أَنَّى يُحْيِيْ هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَام ) (٤) ثمّ أحياه وبعثه » (٥) الحديث.

____________

١ ـ سورة يس ٣٦ : ٥٢.

٢ ـ اعتقادات الصدوق : ٦٢ ( ضمن مصنّفات المفيد ج ٥ ).

٣ ـ مصباح الكفعمي ١ : ٥٥٤.

٤ ـ سورة البقرة ٢ : ٢٥٩.

٥ ـ الاحتجاج ٢ : ٢٣٠.

١٦٦

الخامس والأربعون : ما رواه الطبرسي أيضاً في « الاحتجاج » ـ في احتجاج الصادق عليه‌السلام على بعض أعداء الدين ـ في حديث طويل (١) قال : « إنّ الله أمات قوماً خرجوا عن أوطانهم ، هاربين من الطاعون لا يحصى عددهم فأماتهم الله دهراً طويلاً حتّى بليت عظامهم ، وتقطّعت أوصالهم وصاروا تراباً ، فبعث الله ـ في وقت أحبّ أن يُري عباده قدرته ـ نبيّاً يقال له : حزقيل ، فدعاهم فاجتمعت أبدانهم ورجعت فيها أرواحهم وقاموا كهيئة يوم ماتوا لا يفتقدون من أعدادهم رجلاً ، فعاشوا بذلك دهراً طويلاً » (٢).

السادس والأربعون : ما رواه الطبرسي أيضاً في احتجاج الصادق عليه‌السلام في حديث طويل قال : « وإنّ الله تعالى أمات قوماً خرجوا مع موسى حين توجّه إلى الله فقالوا : ( أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً ) (٣) فأماتهم الله ثمّ أحياهم » (٤) الحديث.

السابع والأربعون : ما رواه الشيخ الجليل قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب « الخرائج والجرائح » ـ في أعلام فاطمة عليها‌السلام ـ : عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق عليه‌السلام (٥) قال : « لمّا تزوّج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة هجرتها نساء قريش وقلن : تزوّجت يتيم آل أبي طالب فقيراً لا مال له ، فلمّا حضرت ولادة فاطمة عليها‌السلام بعثت إليهنّ وطلبتهنّ فلم تأت منهنّ واحدة.

فاغتمّت خديجة ، فبينا هي كذلك إذ دخلت عليها أربع نسوة طوال كأنّهنّ من نساء بني هاشم ، ففزعت منهنّ ، فقالت إحداهنّ : لا تحزني يا خديجة فإنّا رسل

____________

١ ـ ( طويل ) أثبتناه من « ح ، ش ، ك ».

٢ ـ الاحتجاج ٢ : ٢٣١.

٣ ـ سورة النساء ٤ : ١٥٣.

٤ ـ الاحتجاج ٢ : ٢٣١.

٥ ـ في « ح » زيادة : في حديث طويل.

١٦٧

ربّك إليك (١) ونحن أخواتك ، أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنّة ، وهذه مريم بنت عمران ، وهذه اُمّ البشر اُمّنا حوّاء ، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء ، فجلست واحدة عن يمينها ، واُخرى عن شمالها ، والثالثة بين يديها ، والرابعة من خلفها ، فوضعت فاطمة عليها‌السلام » (٢) الحديث.

الثامن والأربعون : ما رواه رئيس المحدّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « الأمالي » ـ في المجلس السابع والثمانين ـ : عن أبي عبدالله أحمد بن محمّد الخليلي ، عن محمّد بن أبي بكر الفقيه ، عن أحمد بن محمّد النوفلي ، عن إسحاق بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن زرعة بن محمّد الحضرمي ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : كيف كانت ولادة فاطمة عليها‌السلام؟ فذكر الحديث بطوله ، وفيه دخول النساء الأربع من الاُمم السالفة على خديجة عليها‌السلام كما رواه الراوندي ، إلا أنّه لم يذكر حوّاء اُمّ البشر وإنّما ذكر مكانها كلثم اُخت موسى بن عمران عليه‌السلام (٣).

التاسع والأربعون : ما رواه الراوندي في كتاب « الموازاة بين المعجزات » ـ الذي ألحقه وأضافه إلى كتاب « الخرائج والجرائح » ـ قال : قال الصادق عليه‌السلام : « إنّ الله تعالى ردّ على أيّوب أهله وولده الذين هلكوا بأعيانهم ، وأعطاه مثلهم معه ، وكذلك ردّ الله عليه ماله ومواشيه بأعيانها وأعطاه مثلها » (٤).

الخمسون : ما رواه الراوندي في كتاب « الموازاة » أيضاً عن الصادق عليه‌السلام قال : « إنّ عزيراً أماته الله مائة عام ، ثمّ بعثه وأحياه وكان معه اللبن لم يتغيّر ، قال : ولمّا

__________________

١ ـ ( إليكِ ) لم ترد في « ط ».

٢ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٥٢٤ / ١.

٣ ـ أمالي الصدوق : ٦٩٠ / ٩٤٧.

٤ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٩٣٣.

١٦٨

مرّ عزير على قرية وهي خاوية على عروشها خراب أهلها كلّهم موتى ، فعلم أنّهم ماتوا بسخط الله ، فدعا ربّه فقال تعالى : رشّ عليهم الماء ففعل فأحياهم الله وهم اُلوف ، وبعثه إليهم رسولاً وعاش سنين » (١).

الحادي والخمسون : ما رواه الراوندي أيضاً في كتاب « الموازاة » رفعه قال : « إنّ عيسى عليه‌السلام بعث رجلاً إلى الروم لا يداوي رجلاً إلا أبرأه ، ثمّ بعث آخر وعلّمه الذي يُحيي به الموتى ، فدعا الروم فاُدخل على الملك ، فقال : أنا اُحيي الموتى ، وكان للملك ولد قد مات ، فركب الملك والناس معه إلى قبر ابنه ، فدعا رسول عيسى عليه‌السلام وأمّن طبيب الملك الذي هو رسول المسيح أوّلاً.

فانشقّ القبر وخرج ابن الملك ثمّ جاء يمشي حتّى جلس في حجر أبيه ، فقال : يا بنيّ مَنْ أحياك؟ فنظر إلى الرسولين (٢) فقال : هذا وهذا ، فقاما وقالا : أيّها الملك إنّا رسولا المسيح ، فآمن الملك وأهل بيته في الحال » (٣).

الثاني والخمسون : ما رواه رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في أوائل كتاب « الغيبة » مرسلاً قال : « وإنّ أصحاب الكهف قد أخبر الله عنهم أنّهم بقوا في كهفهم ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعاً ، ثمّ أحياهم الله تعالى فعادوا إلى الدنيا ورجعوا إلى قومهم.

وقد كان من أمر صاحب الحمار (٤) الذي نزل بقصّته القرآن ، وأهل الكتاب

____________

١ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٩٣٣.

٢ ـ في الخرائج : رسولي المسيح.

٣ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٩٤٨ باختلاف يسير.

٤ ـ وهو الذي أخبر عنه الله عزّوجلّ في سورة البقرة آية ٢٥٩ ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِيْ هذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِهَا ) إلى آخر الآية.

١٦٩

يرون (١) أنّه كان نبيّاً فأماته الله مائة عام ثمّ بعثه » (٢).

الثالث والخمسون : ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمّي في « رسالته » نقلاً من كتاب « مختصر البصائر » لسعد بن عبدالله : عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسين بن علوان ، عن محمّد بن داود العبدي ، عن الأصبغ بن نباتة ، أنّ عبدالله بن الكوّا قام إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام : فقال : إنّ أبا المعمّر يزعم أنّك حدّثته أنّك سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنّا قد رأينا وسمعنا برجل أكبر سنّاً من أبيه.

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إنّ عزيراً خرج من أهله وامرأته في شهرها وله يومئذ خمسون سنة ، فابتلاه الله وأماته مائة عام ، ثمّ بعثه ورجع إلى أهله واستقبله ابنه وهو ابن خمسين ومائة (٣) سنة ، وردّ الله عزيراً إلى الذي كان به ، وإنّ الله ابتلى قوماً بذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم ، ثمّ ردّهم إلى الدنيا ليستوفوا أرزاقهم ، ثمّ أماتهم بعد ذلك.

إنّ الله قال في كتابه : ( وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا ) (٤) فانطلق بهم فقالوا : ( لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهُ جَهْرَةً ) (٥) قال الله عزّوجلّ : ( فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ـ يعني الموت ـ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى ) (٦) فهذا بعد الموت إذ بعثهم ، وأيضاً مثلهم الملأ الذين خرجوا من ديارهم وهم اُلوف حذر

____________

١ ـ في « ح ، ط ، ش ، ك » : يروون. وفي المصدر : يزعمون.

٢ ـ الغيبة للطوسي : ١١١.

٣ ـ في المطبوع و « ط » : مائة ، وما في المتن أثبتناه من « ح ، ش » وهو الموافق للمصدر. وفي « ك » : أربعين ومائة.

٤ ـ سورة الأعراف ٧ : ١٥٥.

٥ و ٦ ـ سورة البقرة ٢ : ٥٥ ـ ٥٧.

١٧٠

الموت ، فقال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم ، ومثلهم عزيراً أماته الله مائة عام ثمّ بعثه ، يا ابن الكوّا فلا تشكّنّ في قدرة الله عزّوجلّ » (١).

الرابع والخمسون : ما رواه أيضاً نقلاً من « مختصر البصائر » لسعد بن عبدالله : عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي خالد القمّاط ، عن حمران بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : هل كان في بني إسرائيل شيء لا يكون هاهنا مثله؟ فقال : « لا » فقلت : قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوْا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) (٢) هل أحياهم الله تعالى حتّى نظر الناس إليهم ثمّ أماتهم من يومهم أو ردّهم إلى الدنيا؟ قال : « بل ردّهم إلى الدنيا حتّى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام ونكحوا النساء ، ولبثوا بذلك ما شاء الله ثمّ ماتوا بالآجال » (٣).

الخامس والخمسون : ما رواه ابن بابويه في كتاب « الأمالي » ـ في المجلس السابع والثلاثين ـ : عن علي بن الحسين بن شاذويه ، عن محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، قال : لمّا مضى لعيسى عليه‌السلام ثلاثون سنة ، بعثه الله عزّوجلّ إلى بني إسرائيل ، فلقيه إبليس على عقبة بيت المقدس ـ وهي عقبة أفيق (٤) ثمّ ذكر ما جرى بينهما من المكالمات إلى أن

____________

١ ـ مختصر البصائر : ١٠٢ / ٧٤ ، باب الكرّات وحالاتها وما جاء فيها.

٢ ـ سورة البقرة ٢ : ٢٤٣.

٣ ـ مختصر البصائر : ١٠٥ / ٧٦ ، باب الكرّات وحالاتها ، وأورده العيّاشي في تفسيره ١ : ١٣٠ / ٤٣٣.

٤ ـ عقبة أفيق : العقبة : بالتحريك هو جبل طويل يعرض للطريق فيأخذ فيه ، وهو صعب إلى

١٧١

قال ـ : فقال إبليس : أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تخلق من الطين كهيئة الطير ، فتنفخ فيه فيصير طيراً؟

فقال عيسى عليه‌السلام : « بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخّر لي » قال إبليس : فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيّتك أنّك تحيي الموتى؟ قال عيسى : « بل العظمة للذي (١) بإذنه اُحييهم ولابدّ من أن يميت ما أحييت ويميتني » (٢) الحديث.

السادس والخمسون : ما رواه علي بن إبراهيم بن هاشم في « تفسيره » عند قوله تعالى ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة ) (٣) الآية قال : حدّثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « لمّا عملت بنو إسرائيل بالمعاصي ـ وذكر الحديث بطوله ـ وأنّ الله سلّط عليهم بخت نصّر فقتلهم ـ إلى أن قال ـ : فخرج ارميا فنظر إلى سباع البرّ وسباع الطير تأكل من تلك الجيف ، ففكّر في نفسه وقال : أنّى يُحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثمّ بعثه أي أحياه ، لمّا رحم الله بني إسرائيل وأهلك بخت نصّر ، ردّ بني إسرائيل إلى الدنيا » (٤) الحديث (٥).

أقول : هذا الحديث مع قوّة سنده جدّاً يدلّ على أنّ الله أحيا بني إسرائيل بعد القتل وأحيا نبيّهم بعد الموت وردّه إليهم ، فرجع ورجعوا إلى الدنيا وبقوا مدّة

____________

صعود الجبل.

وأفيق : قرية من حوران في طريق الغور في أوّل العقبة.

معجم البلدان ٤ : ١٥١ ، عقبة و ١ : ٢٧٦ ـ أفيق.

١ ـ من قوله : ( خلقني وخلق ) إلى هنا لم يرد في « ح ».

٢ ـ أمالي الصدوق : ٢٧٢ / ١ ، المجلس السابع والثلاثون.

٣ ـ سورة البقرة ٢ : ٢٥٩.

٤ ـ تفسير القمّي ١ : ٨٦ ـ ٩٠.

٥ ـ ( الحديث ) أثبتناه من « ح ، ش ، ك ».

١٧٢

طويلة.

السابع والخمسون : ما رواه الراوندي في الباب السابع من كتاب « الخرائج والجرائح » : عن يونس بن ظبيان ، قال : قلت للصادق عليه‌السلام : قوله عزّوجلّ لابراهيم ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ ) (١) الآية ، قال : « نعم قد كان ذلك ، فتحبّون أن اُريكم مثله » (٢) الحديث.

الثامن والخمسون : ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمّي في « رسالته » نقلاً من كتاب « مختصر البصائر » لسعد بن عبدالله : عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن وهيب بن حفص (٣) ، عن أبي بصير ، قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام فقلت : إنّا نتحدّث أنّ عمر بن ذر (٤) [ لا يموت حتّى يقاتل قائم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال عليه‌السلام : « إنّ مثل عمر بن ذر مثل ] (٥) رجل كان (٦) في بني إسرائيل يقال له : عبد ربّه ، وكان يدعو أصحابه إلى ضلالة فمات ، فكانوا يلوذون بقبره ويتحدّثون عنده ، إذ خرج عليهم من قبره ينفض التراب عن رأسه ويقول لهم : كيت وكيت » (٧).

التاسع والخمسون (٨) : ما رواه الثقة الجليل سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب « قصص الأنبياء » : بإسناده عن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن

____________

١ ـ سورة البقرة ٢ : ٢٦٠.

٢ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٢٩٧ / ٤.

٣ ـ في المطبوع و « ط ، ك » : وهب بن حفص.

٤ ـ في « ح ، ش ، ط ، ك » : عمر بن زميل.

٥ ـ ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر لضرورته في سياق الحديث.

٦ ـ في « ح » : كان رجل.

٧ ـ مختصر البصائر : ٩٨ / ٦٨ ، باب الكرّات وحالاتها.

٨ ـ هذا الحديث والذي بعده سقط من نسخة « ك ».

١٧٣

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد البرقي ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن أبي بكر ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : « إنّ داود كان يدعو الله أن يعلّمه القضاء بما هو الحقّ عنده ، فأوحى الله إليه : إنّ الناس لا يحتملون ذلك وإنّي سأفعل ».

وأتاه رجلان استعدى أحدهما على الآخر فأمر المستعدى عليه أن يقوم إلى المستعدي فيضرب عنقه ـ إلى أن قال ـ : فأوحى الله إليه : إنّ هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدى عليه ، فأمرت فضربت عنقه قوداً بأبيه ، وهو مدفون في حائط كذا وكذا تحت صخرة كذا (١) ، فأته فناده باسمه فإنّه سيجيبك فسأله (٢) ، فخرج إليه داود فناداه يا فلان فقام ، فقال : لبّيك يا نبيّ الله ، فقال : مَنْ قتلك؟ فقال : فلان ، فقالت بنو إسرائيل : سمعناه يقول » (٣) الحديث.

الستّون : ما رواه أيضاً فيه : عن ابن بابويه ، عن محمّد بن إبراهيم الطالقاني ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن محمّد الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : « إنّ عيسى بن مريم عليه‌السلام بعث رسولا إلى (٤) الروم وعلّمه ما به يُحيي الموتى فأخبروا الملك ، وكان ابنه مات ، فركب الملك والناس إلى قبر ابن الملك ، فدعا رسول المسيح وأمّن طبيب الملك ـ الذي هو رسوله أيضاً ـ فانشقّ القبر فخرج ابن الملك ، ثمّ جاء يمشي حتّى جلس في حجر أبيه ، فقال : يا بُني من أحياك؟ فنظر فقال : هذا وهذا » (٥) الحديث.

____________

١ ـ في « ح » : كذا وكذا.

٢ ـ في « ح » : فسله. وفي المصدر : فسله ، قال :

٣ ـ قصص الأنبياء : ٢٠٠ / ٢٥٦.

٤ ـ في المطبوع : إلى رسول. وما في المتن أثبتناه من « ح ، ش ، ط ، ك ».

٥ ـ قصص الأنبياء : ٢٦٧ / ٣٠٩ ، وإلى هنا ينتهي ما سقط من « ك ».

١٧٤

أقول : وقد تقدّم ما يدلّ على مضمون هذا الباب ، ويأتي ما يدلّ عليه في الباب الذي بعده وغيره.

ولا يخفى أنّ مضمون البابين واحد لكنّي جعلت الأحاديث قسمين ; لأنّ منكر الرجعة قد رجع إلى الإقرار برجعة الشيعة وغيرهم من الرعية ، وتوقّف في الإقرار برجعة الأنبياء والأئمّة عليهم‌السلام ، فأردت (١) أن يكون القسم الثاني مجموعاً في باب مفرد ، وإلا فالقسمان دالاّن على مضمون واحد ، وقد تجاوزا حدّ التواتر المعنوي ، مع أنّي لم أنقل جميع ما ورد في ذلك ، ومع ضميمة أحاديث الباب الرابع يتمّ الاستدلال على الرجعة ، مع قطع النظر عن أحاديث الإخبار بالرجعة الصريحة بالكلّية ، فكيف إذا انضمّ الجميع بعضه إلى بعض والله الموفّق.

__________________

١ ـ في « ط » : فأوقف.

١٧٥

الباب السادس

في إثبات أنّ الرجعة قد وقعت في الأنبياء والأوصياء

السابقين عليهم‌السلام

والأحاديث في ذلك أيضاً كثيرة وأنا أقتصر منها على أخبار :

الأوّل : ما رواه ثقة الإسلام أبو جعفر الكليني ـ في باب النوادر من كتاب الجنائز ـ : عن علي بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن علي بن الحكم ، عن ربيع بن محمّد ، عن عبدالله بن سليم العامري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : « إنّ عيسى عليه‌السلام جاء إلى قبر يحيى بن زكريا عليهما‌السلام ـ وكان سأل ربّه أن يحييه له ـ فدعاه فأجابه وخرج إليه من القبر ، فقال له : ما تريد منّي؟ قال : أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا ، فقال له : يا عيسى ما سكنت عنّي حرارة الموت وأنت تريد أن تعيدني إلى الدنيا وتعود عليَّ حرارة الموت ، فتركه فعاد إلى قبره » (١).

الثاني : ما رواه الكليني في « أوائل الروضة » : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي وأبي منصور ، عن الربيع ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّ نافعاً (٢) قال له : إنّي قرأت التوراة

____________

١ ـ الكافي ٣ : ٢٦٠ / ٣٧.

٢ ـ هو مولى عمر بن الخطّاب.

١٧٦

والإنجيل والزبور والقرآن وقد جئت أسألك عن مسألة لا يجيب فيها إلا نبيّ أو وصيّ نبيّ ، قال : سلْ عمّا بدا لك ، قال : أخبرني كم بين عيسى ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال : « اُخبرك بقولي أو بقولك؟ » قال : أخبرني بالقولين جميعاً.

قال : « أمّا في قولي : فخمسمائة سنة ، وأمّا في قولك : فستّمائة سنة » قال : فأخبرني عن قول الله عزّوجلّ : ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُسُلِنَا ) (١) من الذي سأل (٢) محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال : « فتلا أبو جعفر عليه‌السلام (٣) هذه الآية ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ) (٤) فكان من الآيات التي رآها حين اُسري به إلى بيت المقدس أن حشر الله عزّ ذكره الأوّلين والآخرين من النبيّين والمرسلين.

ثمّ نزل جبرئيل فأذّن شفعاً وأقام شفعاً ، وقال في أذانه : حيّ على خير العمل ، ثمّ تقدّم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّى بالقوم ، ثمّ قال (٥) عزّوجلّ : يا محمّد واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا » ثمّ ذكر ما وقع بينه وبينهم من السؤال والجواب ، فقال نافع : صدقت يا أبا جعفر (٦).

الثالث : ما رواه الكليني أيضاً في « الروضة » ـ في حديث عنوانه حديث نصراني الشام مع الباقر عليه‌السلام ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إسماعيل بن أبان ، عن عمرو بن عبدالله الثقفي ـ وذكر حديث إخراج

____________

١ ـ سورة الزخرف ٤٣ : ٤٥.

٢ ـ في « ط » : سأله.

٣ ـ في « ط ، ك » : ابو عبد الله عليه‌السلام.

٤ ـ سورة الاسراء ١٧ : ١.

٥ ـ في « ك » : ثمّ ذكر.

٦ ـ الكافي ٨ : ١٢٠ / ٩٣.

١٧٧

هشام بن عبد الملك أبا جعفر الباقر عليه‌السلام من المدينة إلى الشام ، وما وقع بينه وبين عالم النصارى من السؤال والامتحان ـ إلى أن قال النصراني : يا معشر النصارى والله لأسألنّه عن مسألة يرتطم فيها كما يرتطم الحمار في الوحل ، فقال له : « سَلْ ».

فقال : أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت باثنين ، حملت بهما جميعاً في ساعة واحدة ، وولدتهما في ساعة واحدة ، وماتا في ساعة واحدة ، ودفنا في ساعة واحدة ، وعاش أحدهما خمسين ومائة سنة ، وعاش الآخر خمسين سنة.

فقال أبو جعفر عليه‌السلام : « هما عزير وعزرة ، حملت اُمّهما بهما على ما وصفت ، ووضعتهما على ما وصفت ، وعاش عزير وعزرة كذا وكذا سنة ، ثمّ أمات الله عزيراً مائة سنة ، ثمّ بعثه فعاش مع أخيه عزرة هذه الخمسين سنة وماتا كلاهما في ساعة واحدة » فقال النصراني : ما رأيت بعيني قطّ أعلم من هذا الرجل. الحديث (١).

ورواه الراوندي في كتاب « الخرائج والجرائح » بلفظ آخر ، وصرّح هناك بأنّ الله أكرم عزيراً بالنبوّة عشرين سنة ، ثمّ أماته مائة سنة ثمّ أحياه فعاش ثلاثين سنة (٢).

الرابع : ما رواه الكليني أيضاً في « الروضة » : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه وأحمد بن محمّد الكوفي ، عن علي بن عمرو (٣) بن أيمن جميعاً ، عن محسن بن أحمد بن معاذ ، عن أبان بن عثمان ، عن بشير النبّال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : « بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالساً إذ جاءته امرأة فرحّب بها وأخذ بيدها وأقعدها ،

____________

١ ـ الكافي ٨ : ١٢٢ / ٩٤.

٢ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٢٩١ / ٢٥.

٣ ـ في « ح » : عمر.

١٧٨

وقال : ابنة نبيّ ضيّعه قومه ـ خالد بن سنان (١) ـ دعاهم فأبوا أن يؤمنوا ـ إلى أن قال ـ : ثمّ قال لهم : تؤمنون بي؟ قالوا : لا.

قال : فإنّي ميّت يوم كذا وكذا ، فإذا أنا متّ فادفنوني فإنّه ستجيء عانة (٢) من حُمُر يقدمها عير أبتر ، حتّى يقف على قبري ، فانبشوني وسلوني عمّا شئتم ، فلمّا مات دفنوه وكان ذلك اليوم ، إذ جاءت العانة فاجتمعوا وجاءُوا يريدون نبشه ، فقالوا : ما آمنتم به في حياته فكيف تؤمنون به بعد موته؟ فاتركوه فتركوه » (٣).

ورواه الراوندي في كتاب « الخرائج والجرائح » وفي « قصص الأنبياء » (٤) نحوه (٥).

__________________

١ ـ خالد بن سنان : قال الكلبي في الأنساب ص ٤٤٩ : هو ابن غيث بن مريطة بن مخزوم الذي أطفأ نار الحدثان ، الذي يقال : « إنّه كان نبي ضيّعه قومه ».

وقال الجاحظ : وأمّا نار الحرّتين هي نار خالد بن سنان الذي أطفأ الله به نار الحرتين ، وكانت ببلاد بني عبس ، فإذا كان الليل فهي نار تسطع في السماء. حياة الحيوان ٤ : ٤٧٦.

وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ٧ : ١١٥ :

وأمّا خالد بن سنان فلم يقرأ كتاباً ، ولا يدّعي شريعة ، وإنّما كانت نبوّته مشابهة لنبوّة جماعة من أنبياء بني إسرائيل الذين لم يكن لهم كتب ولا شرائع ، وإنّما ينهون عن الشرك ، ويأمرون بالتوحيد.

وانظر المصادر التي ذكرت قصّته :

تاريخ المدينة لابن شبّة ٢ : ٤٢٠ ـ ٤٣٣ ، مستدرك الحاكم ٢ : ٥٩٨ ـ ٦٠٠ ، الإصابة ٤ : ٤٠٧ ، ترجمة محياة بنت خالد بن سنان العبسي ، بحار الأنوار ١٤ : ٤٤٨ ، باب ٣٠ ، وقال في آخره : بيان : الأخبار الدالّة على نبوّته أقوى وأكثر ، الكامل في التاريخ لابن الأثير ١ : ٣٧٦ ، الاشتقاق لابن دريد : ٢٧٨.

٢ ـ العانة : القطيع من حُمُر الوحش. الصحاح ٦ : ٢١٦٩ ـ عون.

٣ ـ الكافي ٨ : ٣٤٢ / ٥٤٠.

٤ ـ ( وفي قصص الأنبياء ) لم يرد في « ك ».

٥ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٩٥٠ ـ ٩٥٢ ، قصص الأنبياء : ٢٧٦ / ٣٣٤.

١٧٩

أقول : لا ريب أنّهم لو نبشوه لعاش ورجع حيّاً كما أخبرهم عليه‌السلام ، بل لعلّه عاش في ذلك الوقت ولو نبشوه لوجدوه حيّاً.

الخامس : ما رواه الكليني في ـ كتاب العشرة ، في باب حدّ الجوار ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن اسباط ، عن عمّه يعقوب بن سالم ، عن إسحاق بن عمّار ، عن الكاهلي ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « إنّ يعقوب لمّا ذهب منه يوسف وبنيامين نادى : يا ربّ أما ترحمني أذهبت ابني؟ فقال الله عزّوجلّ : لو أمتّهما لأحييتهما لك » (١) الحديث.

السادس : ما رواه رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « من لا يحضره الفقيه » ـ في باب فرض الصلاة ـ قال : قال الصادق عليه‌السلام : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا اُسري به إلى السماء أمره ربّه بخمسين صلاة ، فمرّ على النبيّين نبيّ نبيّ لا يسألونه عن شيء حتّى مرّ على موسى بن عمران عليه‌السلام ، فقال : بأيّ شيء أمرك ربّك؟ قال : بخمسين صلاة ، قال : سَلْ ربّك التخفيف ، فإنّ اُمّتك لا تطيق ذلك » (٢) الحديث ، وفيه كلام طويل بين موسى ومحمّد عليهما‌السلام.

أقول : قد ظهر من هذا ومن الحديث الثاني أنّ جميع الأنبياء السابقين رجعوا وأحياهم الله تعالى ليلة الإسراء. ويأتي مثل ذلك إن شاء الله تعالى.

السابع : ما رواه ابن بابويه أيضاً في الكتاب (٣) المذكور : بإسناده عن زيدبن علي بن الحسين عليهم‌السلام قال : سألت أبي سيِّد العابدين عليه‌السلام عن جدّنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لمّا عرج به إلى السماء وأمره ربّه بخمسين صلاة ـ كيف لم يسأله

____________

١ ـ الكافي ٢ : ٦٦٦ / ٤ ، ولم يرد فيه : يوسف عليه‌السلام.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ١ : ١٢٥ / ٦٠٢.

٣ ـ في « ح » : الباب.

١٨٠