أبوذر الغفاري رمز اليقظة في الضمير الإنساني

الشيخ محمّد جواد آل الفقيه

أبوذر الغفاري رمز اليقظة في الضمير الإنساني

المؤلف:

الشيخ محمّد جواد آل الفقيه


الموضوع : التراجم
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٢٠٧
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

أبو ذر الغفاري رمز اليقظة في الضمير الإنساني ـ الشيخ محمّد جواد آل فقيه

١
 &

أبو ذر الغفاري رمز اليقظة في الضمير الإنساني ـ الشيخ محمّد جواد آل فقيه

٢
 &

أبو ذر الغفاري رمز اليقظة في الضمير الإنساني ـ الشيخ محمّد جواد آل فقيه

٣
 &

أبو ذر الغفاري رمز اليقظة في الضمير الإنساني ـ الشيخ محمّد جواد آل فقيه

٤
 &

أبو ذر الغفاري رمز اليقظة في الضمير الإنساني ـ الشيخ محمّد جواد آل فقيه

٥
 &

بِسْمِ الله الرّحمٰن الرّحيم

( ثُمَّ أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ١ . . )

سورة البقرة ـ آية ٨٥

ما أَظَلَّتِ الخَضْرآءِ ، وَلا أقَـلَّتِ الغَبْرآء مِنْ ذِي لَهْجَةٍ ، أَصْدَقُ مِنْ أبي ذَرّ . وَمَنْ سَرَّهُ أنْ يَنْظُرَ إلى تَوَاضُعِ عِيْسَى بِن مَرْيَم ، فَلِيَنْظُرْ إلى أبي ذَرْ .

الرسول الاعظم ( ص )

وَالله إنّي لَأرَى حَقّاً يُطْفَى ، وَبَاطِلاً يُحْيٰى وَصَادِقاً مُكذَّباً ، وإثرةً بِغَيْرِ تُقىٰ ، وَصَالِحاً مُسْتأْثِراً عَلَيْه .

أبو ذر الغفاري

__________________

(١) قرأها ابن مسعود في خطبة له بمحفل من أهل الكوفة حين بلغه نفي أبي ذر عليه الرحمة .

(٢) الاستيعاب ، الاصابة ج ١ / ص ٢١٦ .

(٣) شرح النهج ج ٨ ص ٢٥٦ ـ ٢٥٧ .

٦
 &



كلِمَة النّاشِر

بسمِ اللهِ الرَّحمٰن الرَّحيم

الحمد لله رب العالمين ، وبعد :

فان من حسن توفيق ( مؤسّسة الأعلمي ) ان قامت باخراج هذا السفر القيم الذي يتناول سيرة الصحابي الجليل ( أبي ذر الغفاري رضي الله عنه )

كما حرصت كل الحرص على إخراجه بالشكل اللائق المناسب إيماناً منها بضرورة الإخلاص في العمل ، والتسهيل على القراء الكرام .

ولا تفوتنا هنا الإشارة الى أن هذا الكتاب هو الحلقة الأولى في سلسلة ذات أربع حلقات ، تتناول سيرة الأركان الأربعة ( أبي ذر وعمار ، وسلمان والمقداد ) والتي نأمل أن تنال إعجاب القراء .

هذا ، واننا نعلن بأننا قد عقدنا العزم على السير قدماً في مسيرتنا الثقافية هذه آملين من الله سبحانه مزيداً من التوفيق والتبريكات ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .

الناشر

٧
 &

أبو ذر الغفاري رمز اليقظة في الضمير الإنساني ـ الشيخ محمّد جواد آل فقيه

٨
 &

تقديم : سَماحة المرجع الدّيني الشيخ محمّد تقي الفقيه

بسْمِ اللهِ الرَحمٰنِ الرَحِيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين ، الذين أدّوا الأمانة ، واجتنبوا الخيانة ، ونصحوا لله ورسوله وللمؤمنين ، فكانوا من خيرة أوصياء الأنبياء ، من أشدهم يقينا ، وأعظمهم صبرا ، وأكثرهم اجتهادا ، في حفظ ما ورثوه عن رسول الله ( ص ) وصيانته من التحريف والتأويل والتبديل ، واتباع المتشابه من الكتاب العزيز ، ثم تحملوا من المصاعب والمتاعب ، ومقاساة الشدائد ما تحملوا ، في سبيل إيصاله الى العلماء الصالحين ، المحافظين ، الذين اختارهم الله سبحانه من خلقه ، لمشاركتهم في ذلك كله بعد غيبتهم ، فقاموا بالمهمة جهدهم ، فكان ذلك مصداقاً لقول رسول الله ( ص ) : علماء أمتي كأنبياء بني اسرائيل ، أو أفضل من أنبياء بني اسرائيل . ولقوله ( ص ) : مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء . وقد صدق رسول الله ( ص ) وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى . فاننا كنا وما زلنا نلمس ونلمح في العلماء ، وفي آثارهم ، وفيما يحكى عنهم ، من الصبر والورع والتسديد ، ما يشهد بأنهم في صفوف هؤلاء الأنبياء .

وبعد : فقد كنت وما زلت ، أسأل الله سبحانه أن أكون وذريتي ، من

٩
 &

الذين يقتفون آثارهم ، ويترسمون خطاهم ، ويستعينون بالله ، وبه يستنصرون ، لنفوز بالانضمام الى هذا الموكب المشرق الرفيع ، قولا وعملا ، وسمتاً ، وهدياً ، ولنتشرف بمحاولة حمل رسالتهم ، وفي فهمها ، وحفظها ، والعمل بها ، ونشرها .

وانني ـ بحمد لله سبحانه ـ ألمح آثار الاستجابة ، في نفسي ، وولدي ، وفي طليعتهم اليوم ثانيهم « ولدي الجواد » ويتجلى ذلك في كتبه الثلاثة : ١ ـ ( الانسان بين الحياة والموت ) ٢ ـ ( نظريات تتعلق بالكون والمبدأ ) ٣ ـ ( أبو ذر ) وهو الكتاب الذي بين يديك .

فقد أعطاه الله قلماً محبباً مفهماً ، قليل الفضول ، وهداه الى الأخذ بأوائل معالم الطريق ، فهو ممن يهتم في فهم الاسلام ، وفي تفهيمه لأهل هذا العصر بلغتهم ، ثم في عرض الشخصيات الاسلامية النبيلة ، التي ساهمت مع النبي ( ص ) مساهمة فعالة ، في نشر دعوته ، بالسير في سيرته ، في سلوكها ، وأقوالها ، وأفعالها ، فقد كانوا يجسدون الاسلام قولا وعملا ، فكانت أقوالهم حجة على الخاصة ، وأعمالهم دليلا وقدوة للعامة .

وكتاب ( أبي ذر ) الذي هو بين يديك ، يهدف فيه مؤلفه الى تجسيد العقيدة الاسلامية ، بعرض صور للذين اعتنقوا الاسلام وهو في مهده ، صور هي أقرب شيء لواقعهم باحاطة وأمانة ، وتفهم ، وإتقان ، على عكس ما فعله المؤلفون من قبله ، فانهم اذا تحدثوا عن واحد من أولئك ، تحدثوا عنه من جانب واحد ، يتصل بنفسياتهم ، أو بما يهدفون اليه . فمن كان يرغب في الزهد ـ سواء فهم معناه أو لم يفهمه ـ تحدث عن أبي ذر من هذه الناحية فقط ، ومن كانت ميوله ، انحرف بسيرة أبي ذر الى ما يتلائم مع ميوله .

١٠
 &

وعلى مرور الوقت ، أصبح أبو ذر يظهر للقراء على شاشة العرض شخصية محدودة بحدود ضيقة جداً ، تجعله متعبدا غيورا على الاسلام ، جريئاً على الحكام ، جرأة تنسيه قوله تعالى : ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ .

هذا ، مع ان أبا ذر ، أحد أركان الاسلام في مهده ، وهو أول من شهر السيف في وجه المشركين ، حين كان يقطع الطريق على قوافل قريش ، فينفِّر بهم ، فكانت الإبل تلقي أحمالها ، فلا يدعهم يأخذون منها شيئا حتى يسلموا . وهو أيضا ـ أحد معتمدي النبي ( ص ) ، وأحد عظماء الصحابة ، وهو من حواريي رسول الله ( ص ) وحواريي أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ، وليس من المنطق أن يمر في مخيلة أي انسان عاقل ، أن محمداً ( ص ) وعلياً ( ع ) ، وهما من عظماء البشر ، رفعا أبا ذر الذي تُصوِّره كتب الذين كتبوا عنه .

وستراه في الكتاب الذي بين يديك انسانا آخر يرتفع عن عظماء الصحابة بالشجاعة ، والعلم والعمل ، وقوة الارادة والزهد ، والاخلاص ، والصبر ، والتحمل . ولو فسح لي الوقت مجالا لأوجزت ما أعرفه عنه ، وهو بعض ما استطعنا أن نصل اليه أثناء مطالعاتنا ، ولو تم لي ذلك ، لأريتك أبا ذر انساناً يسير في ركب الأنبياء ، يتمتع بكياسة وقوة ، وعزة ، وجرأة ، ونزاهة .

وفق الله المؤمنين للاقتباس من أنواره وآرائه ، وحشرنا واياهم ، يوم القيامة تحت لوائه ، والسلام عليه ، وعليهم ، ورحمة الله وبركاته .

١١
 &

أبو ذر الغفاري رمز اليقظة في الضمير الإنساني ـ الشيخ محمّد جواد آل فقيه

١٢
 &

مقدمَة المؤلف

بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحمٰنِ ٱلرَّحيمِ

حينما نعمد الى دراسة شخصية تأريخية ـ أياً كانت ـ تطالعنا صُور ومشاهد ، تضفي علينا مزيداً من الوضوح في البحث عن الجوانب الهامة المحيطة بها .

وأول شيء يواجهنا في هذا المضمار ، هو « السيرة » ولكن لا فائدة ولا جدوى منها بدون دراسة وتحليل . إذ أنها وحدها هيكل شاخص لا روحَ فيه ، فهي لا تتجاوز أن تكون كلمات مرسومة على الورق ، بمستطاع كل قاریء أن يقرأها ، ويتندَّر بها أمام أقرانه وزملائه ، كأي قصة تأريخية مثيرة ، من دون أن تترك في نفس القاریء أو السامع أي أثر نافع مفيد . سوى انفعالات نفسية آنيَّة .

ولكن ، حينما يصل الحديث الى عظماء الصحابة ، واستجلاء سيرتهم ، نجد أنفسنا أمام مدرسة مثالية ، غنية بالعطائين ، الفكري والروحي ، ومليئة بالعظات والعبر . ونلمس في سلوكهم وأفعالهم ، مع أنفسهم ومحيطهم ، تجسيداً كاملا للمبدأ الذي دعوا اليه وكافحوا من أجله . كما نجد ان كلمتهم ، كانت الكلمة المسؤولة ، وحياتهم كانت كلها مواقف خالدة خلود الروح ، وباقية بقاء الإنسان .

إن هذا النمط من العظماء ، يخضع لمراحل صعبة على محكِّ الإختبار

١٣
 &

تجعلهم بمستوى المسؤوليات التي أنيطت بهم ، تلك المسؤوليات الهامة والصعبة التي تتعدى مرحلة الذات الى مستوى أمانة وممثلية لمواجهة الناس على اختلاف أهوائهم ، وألوانهم ، ومراتبهم .

وتتعدى مرحلة الوقت والجيل ، الى عصور وأجيال .

ونحن بدورنا نراهم يجتازون مراحل الإختبار هذه ، بصبر عجيب ، وصمود محيِّر ، حتى ولو أدى الأمر بهم الى النفي أو الى الموت .

ومن هذا النمط النادر ـ في الإسلام ـ الأركان الأربعة ، وهم : « أبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، والمقداد بن الأسود ، وعمار بن ياسر » .

لقد عُرف هؤلاء الأربعة ، بأنهم أول من نادى بالتشيع لعلي عليه السلام والولاية له بعد رسول الله ( ص ) ، لقد نادوا بذلك على أنه من صميم الاسلام . ، فكانوا المثل الأعلى للثبات على هذه العقيدة ، والدفاع عنها . وبذلك استحقوا هذا الوسام « الأركان الأربعة » .

وأبو ذر الغفاري ( رض ) ـ موضوع كتابنا هذا ـ واحد من هؤلاء ، دفعني الى إختياره فعلا ، أمران مهمان :

الأول : ما لهذه الشخصية من الأثر الديني الكبير في حياتنا الدينية والذي يتصل بحياته ، ومقدمه الى الشام ، وسكناه في منطقة ( جبل عامل ) مدة طويلة من الزمن ، أتاحت له الفرصة في نشر التشيع ( لمذهب أهل البيت ) . فالمشهور بين سكان هذه المنطقة أن أبا ذر هو صاحب الفضل في ذلك .

١٤
 &

الثاني : ان الذين تناولوا شخصية أبي ذر لم يعطوه القدر الكافي من الإحاطة ، فقد لاحظت من خلال قراءاتي لبعض ما كتب حول هذا الموضوع ، ان بعضهم يحاول التركيز على الناحية القصصية ، والبعض الآخر على الناحية « الثورية » في مسلك هذا الرجل ، والبعض الآخر يجهد في إخراجه بصورة « المتصوف الراهب » ، وآخر يعطيه صفة « الحاقد على الأغنياء » الى غير ذلك من الأوصاف التي تتناسب مع رغبة الكاتب وتفكيره ، ولا تتلائم مع شخصية أبي ذر المسلم الصحابي الجليل .

فأبو ذر لا يعدو كونه من أجِّلاء الصحابة وخيرتهم ، وجدير بمثله أن يكون عنواناً واضحاً للاسلام .

لذا فانني بذلت كامل جهدي في إلقاء الضوء على هذه الشخصية التأريخية المميزة ، محاولا بذلك الكشف عن جميع جوانبها ، دون أن أترك شيئاً مما يتعلق بها ، عدا بعض النصوص الزائدة التي لا جدوى من إثباتها ، وعدا ما يفوتني سهواً ، والعصمة لأهلها .

وسيكون هذا الكتاب هو الحلقة الأولى في سلسلة تتناول حياة « الأركان الأربعة » وسيرتهم ، آملين من وراء ذلك ، رضا الله وحده ، سبحانه وتعالى . والوقوف على شيء ، من حياة هؤلاء الصفوة ـ من الخالدين ـ في تأريخنا الإسلامي المجيد ، علنا نستمد من سيرتهم مزيداً من الصبر ، والثبات ، في دربنا الطويل . والله الموفق .

محمد جواد الفقيه

١٤ ربيع الثاني / ١٤٠٠ هـ

٢ / ٣ / ١٩٨٠ م

١٥
 &

بسم الله الرّحمن الرّحيم

لكي نفهم جوهر حركة أبي ذر الغفاري يجب ان نفهم جوهر الاسلام ، وبقدر ما نفهم الاسلام واهدافه وما قصد اليه من أسعاد البشرية والنهوض بها الى أعلى مستويات الكرامة والعزة ـ بقدر ما نفهم الاسلام يمكن ان نفهم ابا ذر واهدافه .

فالاسلام الذي أنشأ في الجزيرة العربية حكماً هو أولاً حكم الشعب ، ثم هو حكم الكفاءة والعدالة والمساواة والاخوة ، ثم هو حكم ازالة الفروق الاقتصادية الظالمة واتاحة العيش الكريم لكل مواطن ، ومنع تجمع الثروات وتكدسها في ايد محدودة

والاسلام الذي قلب اوضاع المجتمع رأساً على عقب واصبحت الكفاءة وحدها هي المؤهلة ، والفرصة متاحة لكل مواطن ان يتقدم ويبرز .

هذا الاسلام وجد نفسه فجأة محكوما لاسرة كانت هي اقسى من حاربه واشد من قاومه ، اسرة لم تسلم حتى اعياها القتال ، وعجزت عنه ، واكتسحتها الدعوة فاستسلمت لها وبقيت تتربص وتتحين الفرص لتثب من جديد . ولما جاءت الفرصة سيطرت على الاسلام وحكمه بكل احقادها على الاسلام وبكل نقمتها على المسلمين . فاذا بنا امام انقلاب صريح على كل النظم الاسلامية حققت فيه هذه الاسرة اهدافها في تحويل مسيرة الاسلام . فاذا بنا نبصر خمس غنائم افريقيا يوهب لرجل واحد ، بينما فقراء المسلمين وضعفاؤهم يعانون الحرمان . واذا ما لدى افراد معينين من المسلمين ضخور من الذهب تحتاج الى الفؤوس لتقطيعها .

هذا الانقلاب اذهل المخلصين من المسلمين وكان في طليعتهم ابو ذر الغفاري الذي صمم على الدعوة الى الرجوع بالاسلام الى اصوله الاولى التي تحمي الفقير وتقي المحروم ، وتسود بها العدالة الاجتماعية بين الناس جميعهم .

وكان يعلم وعورة الطريق امامه ، ويدرك ما ينتظره من شدائد فلم يبال بذلك وصمم على الجهر بالدعوة جهرا لا هو اداة فيه ، محاولا ايقاظ الشعب وزجر الحكام حتى آل الى المصير الذي يطالعه القاریء في صفحات هذا الكتاب .

ولقد أحسنت دار الفنون حين جعلت باكورة كتبها كتابا عن ابي ذر ، فهي بذلك تحيي ذكرى هذا الصحابي الجليل ، والمجاهد النبيل ، وتسهل للقاریء الاطلاع على سيرة رجل يصلح لان يكون قدوة الرجال في نهضات الشعوب ووثبات الامم .

حسن الأمين

١٦
 &

الفَصْل الأوَّل

* صُورَة مُجْمَلة

* الفَارِسُ الشّجَاع

* تعَبُّدهُ قبْلَ الإسْلَام

* إسْلَامه

* معَ الرّسُول ( ص )

* التشيُّع . . . مَا هُوَ ؟

* أبو ذَرّ وَالتّشيُّع

* إقامتهُ في بِلَاد الشَّام

* أبو ذرّ وَالتّشيُّع في جَبل عَامِل

١٧
 &

أبو ذر الغفاري رمز اليقظة في الضمير الإنساني ـ الشيخ محمّد جواد آل فقيه

١٨
 &



صُورَة مُجْمَلة

أبو ذر الغفاري : جُندب بن جَنادة . *

رمز اليقظة في الضمير الانساني المتعب ، كما هو في الضمير الاسلامي .

أتمثله شيخاً حاني الظهر ، ترتسم على وجهه سيماء الأولياء والصالحين ، وفي عينيه ألق ظل مشعاً بالأمل والحياة على هاتيك الفئات المظلومة من الناس .

أتمثله ، وهو ينهب الأرض بقدميه ، في رحلته التأريخية الثأرية ، حاملا على ظهره هموم المظلومين والمعذبين ، وعلى لسانه تتجسد صرختهم .

فهو هكذا أراد ، أراد أن يخرج عن حدود الزمان والمكان ، ويرقى قمة الحرية . . حرية الكلمة ، وحرية التعبير ، فكان منبر الاسلام في فترة من فترات الحكم .

__________________

* على الاصح الاشهر . وقيل اسمه : برير بن جنادة ، وقيل جندب بن سكن وقيل السكن بن جنادة ولكن المشهور المتسالم عليه هو جندب ابن جنادة ، ولا يعرف في كتب التراجم بغير هذا الاسم .

١٩
 &

لقد بايع أبو ذر رسول الله ( ص ) ، على ان لا تأخذه في الله لومة لائم ، وعلى أن يقول الحق ، ولو كان مُرَّا ١ .

فالتزم ببيعته . فكان جريئاً في جنب الله آخر عمره ، كما كان في أول أمره .

ولعل أجرأ نداء صريح في مسمع حاكم ظالم ، كان نداء أبي ذر ( رض ) على أبواب الخضراء . . « أتتكم القطار بحمل النار ! اللهم إلعن الآمرين بالمعروف التاركين له . اللهم العن الناهين عن المنكر ، المرتكبين له . » ٢

هذا هو أبو ذر ، صاحب الكلمة الجريئة ، التي لا تعرف المداهنة ، ولا الرياء ولا الوجل .

خاطب معاوية ذات مرة ، مجيباً إياه : « ما أنا بعدو لله ولا لرسوله ، بل أنت وأبوك عدوّان لله ولرسوله ، أظهرتما الاسلام ، وابطنتما الكفر ، ولقد لعنك رسول الله ( ص ) ودعا عليك مرات أن لا تشبع .

فقال معاوية : ما أنا ذاك الرجل .

فقال أبو ذر : بل أنت ذلك الرجل ! أخبرني بذلك رسول الله ( ص ) وسمعته يقول ، وقد مررتَ به : اللهم إلعنه ، ولا تشبعه إلا بالتراب . . » ٣

وخُيِّل لجلاديه الحاكمين ، أن غضبه إنما كان لنفسه . وأنه ربما كان عن فاقة ألمَّت به ، أو مطمع يدفعه الى ذلك . فساوموه رجاء أن يسكت أو يكف ، لكنهم وجدوا خلاف ما كانوا يتوقعون .

__________________

(١) اعيان الشيعة / ١٦ / ٣١٩ نقلا عن أسد الغابة .

(٢) شرح النهج ج ٨ / ٢٥٧ .

(٣) شرح النهج ٨ / ٢٥٧ .

٢٠