هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ١

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج

هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وعليه فالشكوك الثلاثة المترتبة ـ وهي الشك في كيفية جعل الحق ، والشك في بقائه ، والشك في انتقاله ـ إنما يجري الأصل في ثالثها وهو عدم الانتقال كما أفاده السيد المحقق الخويي قدّس سرّه.

إلاّ أن يقال : إنّ‌ شبهة تقوّم الحق بالمستحق في كلام الشيخ الأعظم قدّس سرّه إن كان منشؤها كونها من الشك في المقتضي ، لفرض عدم إحراز استعداد الحق للبقاء بعد موت ذيه أمكن الجواب عنه بأنّ‌ المبنى المنصور في المسألة حجية الاستصحاب مطلقا سواء كان الشك في المقتضي أم في الرافع. وعليه لا مانع من استصحاب بقاء الحق ، والحكم بانتقاله ظاهرا بالموت.

د ـ حكم الشك في قابلية الحق للنقل الاختياري

وأما الرابع : ـ وهو الشك في قابلية نقل الحق إلى الغير اختيارا ـ فإن أمكن استظهار قبوله للنقل من حكمهم بانتقاله بالإرث كما في حقي الخيار والشفعة ، بدعوى استكشاف عدم تقوّم الحقّ‌ بمن له الحق ، وإلاّ لم ينتقل الى وارثه ، فهو ، للملازمة العرفية بين انتقاله قهرا ونقله اختيارا في عدم قيامه بذي الحق.

وإن لم يمكن ذلك الاستظهار ، لعدم ثبوت الملازمة بين جواز النقل والانتقال ، أو لكون الحق مما لا ينتقل بالإرث كحق القسم والاستمتاع ، كان المعوّل في جواز نقله الى الغير قابليته العرفية للنقل والمعاوضة عليه ، وكون الشك في الجواز متمحّضا في احتمال المنع تعبدا عن سقوطه أو نقله أو اعتبار شرط‍‌ فيه ، ومن المعلوم أنّ‌ المرجع فيه عمومات إمضاء العقود والمعاوضات وإطلاقاتها.

إلاّ أن يناقش في التمسك بها بأحد وجهين :

الأوّل : أنّ‌ الرّجوع إليها من التشبث بالعام في الشبهة الموضوعية ، وهو ممنوع على ما حقّق في محله ، بيانه : أنّ‌ طائفة من الحقوق غير القابلة للإسقاط‍‌ والنقل خرجت عن حيّز أدلة تنفيذ المعاملات كالأمر بالوفاء بالعقود ، وحلية البيع ، وجواز الصلح بين المسلمين ، ووجوب العمل بالشرط‍‌ ، ونحوها ، فحقّ‌ الولاية والأبوّة خرج عن تلك العمومات ، لما ثبت من عدم

١٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

قابليتهما للإسقاط‍‌ والنقل ، كما أنّ‌ طائفة منها باقية تحت العمومات كحق التحجير. ولا يعلم أنّ‌ المشكوك فيه مندرج في هذا القسم أو ذاك ، وفي مثله لا وجه للرجوع الى العام لإحراز حال الفرد ، لكونه نظير الشك في كون زيد عالما أو جاهلا ، حيث إنّ‌ عموم «أكرم العلماء» قاصر عن إحراز حاله وتعيين حكمه ، وهذا معنى عدم حجية أصالة العموم في الشبهة المصداقية.

ولكن يمكن دفعه بأن يقال : إنّ‌ الخارج عن عموم أدلّة المعاوضات إنّما خرج عنها فرديّا لا عنوانيا ، ومن المعلوم أنّ‌ القادح في التمسك بالعام هو القسم الثاني لا الأوّل ، مثلا إذا قال : «أكرم العلماء ، ولا تكرم البصريين منهم» وتردّد «زيد» بين البصري والكوفي ـ لتعارض البيّنتين فيه مثلا ـ لم يجز التمسك ب‍‌ «أكرم العلماء» لإثبات وجوب إكرام زيد ، بل المرجع فيه أصالة البراءة عن وجوب إكرامه.

وأمّا إذا قال : «أكرم العلماء إلاّ زيدا وعمروا» ثم شكّ‌ في استثناء بكر أيضا لم يكن مانع من التمسك بالعام لإثبات وجوب إكرامه ، لأنّه من الشك في التخصيص الزائد ، الذي هو كالشك في أصل التخصيص في جواز الرجوع الى العام.

وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنّ‌ الخارج عن حيّز العمومات حقوق معيّنة كحقّ‌ الأبوّة والسلام وولاية الحاكم الشرعي والحضانة ، لا العنوان الكلّي حتى يكون الشك في اندراج المشكوك فيه في عنوان الخاص أو العام من باب الرجوع الى العام في الشبهة الموضوعية. والعنوان الانتزاعي كعدم القابلية لا يجدي ، إذ ليس ذلك العنوان خارجا عن العمومات حتى يوجب تعنون العام. وعليه فالشك في كون الحق قابلا للمعاوضة يكون من الشك في التخصيص الزائد ، ومن المعلوم مرجعية أصالة العموم فيه.

الثاني : ما أفاده المحقق الأصفهاني ، ووافقه بعض الأجلة من تلامذته وبيانه : أنّ‌ الشك في صحة معاملة ينشأ تارة من الشك في قابلية مورد المعاملة للمعاوضة عليه ، كما إذا شك في قابلية جعل الغناء ـ المشكوك حرمته ـ ثمنا في بيع أو عوضا في صلح أو موردا لإجارة. واخرى من الشك في دخل سبب خاص في صحة المعاملة بعد إحراز قابلية العوضين لها ، كما إذا شك في صحة البيع المعاطاتي بين مالين قابلين للتمليك والتملك ، أو شكّ‌ في دخل العربية والماضوية في صيغ العقود.

١٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وأدلة الإمضاء كالأمر بالوفاء بالعقود ونفوذ الصلح بين المسلمين وحلّية البيع ومشروعية الإجارة ناظرة إلى نفوذ أسباب النقل والانتقال ، فيتمسك بإطلاق حلية البيع على مملّكية المعاطاة على حدّ البيع بالصيغة ، وأنّه لا يعتنى بالشك في دخل سبب خاص في صحة المبادلة بين المالين ، لمكان عموم دليل الإمضاء وإطلاقه.

وأمّا الشك من الناحية الاولى ـ وهي الشك في قابلية العوضين للمعاملة عليهما ـ فلا بد من رفعه بدليل آخر ، لعدم ارتباط‍‌ هذا الشك بسببية سبب خاص حتى يجدي الإطلاق لنفيه.

وعليه فالشك في جواز جعل أحد العوضين الغناء في كلام صحيح كالدعاء يكون المرجع فيه أدلة شرائط‍‌ العوضين ، ولو فرض عدم استفادة شيء منها فالمرجع أصالة الفساد المحكّمة في المعاملات ، ولا تتكفل أدلة الإمضاء هذه الجهة حتى يتجه تصحيح المعاملة المذكورة بها (١).

وببيان آخر : أنّ‌ أدلة المعاملات بما أنّها صادرة عن الحكيم الملتفت الى انقسام موضوع المعاملة إلى المورد القابل وغير القابل يستحيل إهمالها ، فإمّا أن يتعلّق الإمضاء بمسمّى المعاملة سواء أكان المورد قابلا لها أم لم يكن. وإمّا أن يتعلّق بحصّة خاصة منها وهي ما أحرز قابليته قبل الإمضاء. ولا مجال للإطلاق فيتعين التقييد ، ويكون الرجوع الى العام أو الإطلاق ـ لإحراز حال المشكوك فيه ـ من التمسك بالدليل في الشبهة الموضوعية.

وعلى هذا فلو شكّ‌ في جواز نقل حق الخيار إلى الغير بهبة أو بيع أو صلح لم يتجه تصحيحه بالرجوع إلى أدلة تنفيذ المعاملات ، بل المرجع فيه الأصل العملي وهو أصالة عدم قبوله للنقل ، هذا.

لكن يمكن أن يقال : إنّ‌ أدلة المعاملات إمضائية ، وليست تأسيسية ، وموضوعها هو العنوان العرفي لا الشرعي ، فما أحلّه الشارع وأمر بالوفاء به هو البيع العرفي لا البيع الصحيح شرعا ، وكذا بالنسبة إلى سائر العقود. ومن المعلوم أنّ‌ تمام المناط‍‌ قابلية العوضين للمبادلة في

__________________

(١) حاشية المكاسب للمحقق الأصفهاني ج ١ ، ص ١٢ و ١٣ ، رسالة الحق ، محاضرات في الفقه الجعفري ، ج ٢ ، ص ٢٤.

١٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

نظرهم ، فلو كان تبديل منّ‌ من التراب بمثله سفهيا عندهم ، أو لم يترتب على بيع الخنافس والديدان غرض عقلائي يعتنى به بحيث يصحّ‌ سلب عنوان المعاقدة والبيع عنه عرفا لم يكن موضوعا لدليل الإمضاء قطعا. وأمّا إذا أحرزت قابلية العوضين بنظرهم للمبادلة وتمحّض الشكّ‌ في مشروعيتها في المنع التعبدي كانت أدلة المعاملات هي المرجع لإثبات صحتها ، فلو كان بيع الجنسين بالتفاضل متداولا عند العقلاء ، كتداول بيع الخمر والخنزير عندهم كان موضوع أدلة الإمضاء محقّقا ، وبطلان البيع موقوفا على تقييدها أو تخصيصها شرعا.

ولا يبعد جريان ديدنهم على الرجوع الى العمومات والإطلاقات في رفع الشك في اعتبار شرط‍‌ تعبدا أو مانع كذلك بعد إحراز الموضوع العرفي. ولم يظهر وجه لتخصيص مرجعية الأدلة بالشك في تنفيذ الأسباب خاصة.

نعم في التمسك بقاعدة السلطنة في المقام إشكال ، ينشأ من احتمال كونها بصدد بيان عدم محجورية المالك عن التصرفات المشروعة ، لا كونها مشرّعة للتصرف المشكوك في حكمه ، على ما سيأتي في المعاطاة إن شاء اللّه تعالى.

وأمّا قياس الحق القابل عرفا للنقل إلى الغير بجعل الغناء مثلا أحد العوضين ـ حيث لا تتكفل أدلة الإمضاء حلّيته وصحة جعله عوضا ـ فالظاهر أنّه مع الفارق ، وذلك لأنّ‌ تلك الأدلة غير ناظرة إلى بيان حكم الأفعال تكليفا بعناوينها الأوّلية ، لكونها واردة لبيان حكم الفعل بعنوانه الثانوي أي صحة وقوعه في العقد المعاوضي أحد العوضين ، فلو كان الفعل مشكوك الحكم ـ بعنوان أنه غناء مثلا ـ لم يكن وقوعه عوضا في البيع أو معوّضا في الإجارة كاشفا عن مشروعيته بعنوانه الأوّلي.

وهذا بخلاف المقام ، إذ ليس المقصود من التمسك بدليل الإمضاء إحراز مشروعية أصل الحق حتى تكون الأدلة قاصرة عن إثباته ، بل المراد استكشاف صحة وقوعه عوضا بعد كون أصل الحق مشروعا وقابلا للنقل عرفا.

فالمتحصل ـ بعد اندفاع كلتا جهتي الإشكال ـ أنّ‌ كل حقّ‌ شكّ‌ في قبوله شرعا للنقل يرجع فيه الى عمومات المعاوضة ، فعدم قبوله للنقل لا بدّ أن يستفاد من دليله بأن يكون ظاهرا في تقومه بعنوان خاص أو شخص كذلك ، كحق الولاية ، ضرورة كون العنوان أو الشخص

١٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

موضوعا للحق يدور مداره ، لا موردا له حتى يجوز تفويضه الى غيره ، هذا.

وأمّا جواز المعاوضة على الحقوق فسيأتي في المقام الخامس.

المقام الرابع : في ذكر بعض ما يتردد بين الحق والحكم.

اعلم : أنّهم ذكروا أمورا جعلوها من المصاديق المشتبهة بين الحق والحكم :

منها : الأولوية بالسبق إلى المساجد والمدارس والقناطر والرباطات والطرق النافذة ، ونحو ذلك من الحقوق الراجعة إلى عموم الناس ، أو المتلبس بعنوان خاصّ‌ منهم كالمصلّين والزائرين والعابرين ونحوهم ، فإنّه لم يظهر المراد من الأولوية ، فهل يراد بها الحق بحيث يصير السابق إلى مكان من الأمكنة المذكورة ذا حقّ‌ فيها ، فتكون العبادة مع دفع السابق وإخراجه عنه باطلة ، لكون المكان متعلقا لحق الغير كحقي الرهانة والتحجير؟أم يراد بها حرمة المزاحمة مع السابق تكليفا ، فدفع السابق وإن كان حراما تكليفيا ، لكنه لا يوجب الغصبية حتى تبطل الصلاة ، فتقديم السابق حينئذ في تزاحم الحقوق يكون من باب الحكم. نظير تقديم الأهم في تزاحم الواجبات. فإطلاق الأحقّية في النصوص على السابق الدّالة على زيادة المبدأ ـ وهو الحق ـ في السابق إنّما هو باعتبار اختصاص الاستيفاء فعلا بالسابق ما دام شاغلا للمكان ، فالحق المشترك بينه وبين غيره من الموقوف عليهم الثابت بنفس الوقف يختص استيفاؤه بالسابق ، وليس لغيره استيفاء ذلك الحق المشترك حتى يعرض السابق عن المكان‌؟

ظاهر كلمات الأصحاب كون السبق سببا لحدوث حقّ‌ للسابق ، حيث إنّهم عبّروا بكونه أحق من غيره. قال في الشرائع : «وأمّا المسجد فمن سبق إلى مكان منه فهو أحق به ما دام جالسا» (١).

وقال في القواعد : «وأمّا المسجد فمن سبق الى مكان فهو أحق به ، فإذا قام بطل حقّه وإن قام لتجديد طهارة أو إزالة نجاسة أو نوى العود ، إلاّ أن يكون رحله باقيا فيه» (٢).

وفي اللمعة وشرحها : «فمنها المسجد ، وفي معناه المشهد ، فمن سبق إلى مكان منه

__________________

(١) شرائع الإسلام ، ج ٣ ، ص ٢٧٧.

(٢) قواعد الأحكام ، ص ٨٧.

١٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فهو أولى به ما دام باقيا فيه» (١).

وفي الجواهر : «وأما المسجد فلا إشكال ولا خلاف في أنّ‌ من سبق إلى مكان منه فهو أحق به ما دام جالسا فيه ، بل يمكن تحصيل الإجماع أو الضرورة عليه. بل في المسالك وغيرها : سواء أكان جلوسه لصلاة أم لمطلق العبادة أم لتدريس العلم والإفتاء ونحو ذلك .. الى أن قال : وعلى كل حال فلو قام مفارقا رافعا يده عنه بطل حقّه ، بلا خلاف ولا إشكال حتى لو عاد وقد شغله غيره. وإن قام ناويا للعود إليه ، فإن كان رحله باقيا فيه فهو أحق به ، وإلاّ كان مع غيره سواء كما صرّح به الفاضل والشهيدان والكركي وغيرهم. بل في جامع المقاصد : أنه المشهور. بل في محكي المبسوط‍‌ نفي الخلاف فيه ، قال : فمن سبق الى مكان في المسجد كان أحقّ‌ به ، فان قام وترك رحله فيه فحقّه باق ، وإن حوّل رحله منه انقطع حقّه منه ، ولا خلاف فيه ، وفيه نصّ‌ لنا عن الأئمة عليهم السّلام» (٢).

وظهور هذه العبارات وغيرها مما لم نذكرها في حدوث حقّ‌ للسابق مما لا يمكن إنكاره. ومستندهم في ذلك ـ بعد الإجماع الذي ادّعاه في مفتاح الكرامة بعد قول العلامة : فهو أحق به «ما دام فيه إجماعا محصّلا بل كاد يكون ضروريا» (٣) وكذا غيره من الأصحاب ـ روايات :

إحداها : خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه السّلام : سوق المسلمين كمسجدهم ، فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل ، وكان لا يأخذ على بيوت السوق كراء» (٤).

ثانيها : مرسلة محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ، قال : «قلت له : نكون بمكة أو بالمدينة أو بالحيرة أو المواضع التي يرجى فيها الفضل ، فربما خرج الرجل يتوضأ

__________________

(١) الروضة البهيّة ، ج ٧ ، ص ١٧٠.

(٢) جواهر الكلام ، ج ٣٨ ، ص ٨٨ و ٨٩.

(٣) مفتاح الكرامة ، ج ٧ ، ص ٣٦.

(٤) وسائل الشيعة ، ج ٣ ، ص ٥٤٢ ، الباب ٥٦ من أبواب أحكام المساجد ، الحديث : ٢.

١٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فيجيء آخر فيصير مكانه ، فقال عليه السّلام : من سبق الى مكان[موضع]فهو أحق به يومه وليلته» (١).

والتعبير بالإرسال من جهة سقوط‍‌ الواسطة بين محمد وبين الإمام عليه السّلام لعدم كون ابن بزيع من أصحاب الإمام الصادق عليه السّلام. ورواه في البحار عن أمالي الشيخ عن ابن بزيع عن بعض أصحابه يرفعه الى الإمام أبي عبد اللّه عليه السّلام. وعليه فلا تبقى شبهة في الإرسال وحذف الواسطة.

ثالثتها : مرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : «سوق المسلمين[القوم] كمسجدهم ، يعني ، إذا سبق الى السوق كان له مثل المسجد» (٢).

رابعتها : النبوي «من سبق الى ما لا يسبقه إليه مسلم فهو أحق به» (٣).

أمّا سندها فغير نقيّ‌ ، لأنّ‌ في سند الأولى «طلحة بن زيد» وهو عامي ، ولم أعثر إلى الآن على توثيقه. وما في الفهرست من «أن طلحة بن زيد عامي المذهب ، إلاّ أنّ‌ كتابه معتمد» (٤) ليس توثيقا لطلحة ، بل تصحيحا لكتابة ، وهو لا يدلّ‌ على توثيق طلحة ، لعدم الملازمة بينهما ، إذ من الممكن أنّ‌ الشيخ صحّح كتابه لكون ما فيه مرويّا في الكتب المعتبرة ، لا لأجل كون صاحب الكتاب موثّقا عنده حتى يكون قول الشيخ : «ان كتابه معتمد» شهادة بوثاقته ، بل يكون قوله هذا تصحيحا لكتابة ، فيندرج في البحث المعروف بينهم ، وهو : أن تصحيح الغير هل يجوز الاعتماد عليه‌؟ويغني الآخرين عن نقد السند أم لا؟ هذا مضافا إلى : أنّه ـ بعد تسليم صحة الاعتماد على تصحيح الغير ـ إنّما يجدي ذلك فيما إذا أحرز أنّ‌ الراوي نقل عن كتاب طلحة لا عن نفسه ، وهو ممّا لا سبيل إلى إحرازه ، فالرواية مشكوكة الاعتبار ، ومن المعلوم أنّ‌ الأصل يقتضي عدم حجيتها ، هذا.

ويظهر مما ذكرناه ضعف ما أفاده بعض المعاصرين من قوله : «ويكفيه في اعتبار خبره

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ٣ ، ص ٥٤٢ ، الباب ٥٦ من أبواب أحكام المسجد.

(٢) وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ٣٠٠ ، الباب ١٧ من أبواب آداب التجارة ، الحديث : ٢.

(٣) مستدرك الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١١٢ ، الباب ١ من أبواب إحياء الموات ، الحديث : ٤.

(٤) الفهرست ، ص ١١٢ ، رقم ٣٧٤.

١٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ مضافا الى تصريح شيخ الطائفة بكون كتابه معتمدا ـ رواية ابن الوليد الذي لم يرو بعض كتب الصفار وسعد ، لعدم معلومية صحة مضمون ذلك البعض ، واستثنى كثيرا من أخبار كتاب محمد بن أحمد بن يحيى لكتابة» (١).

وجه الضعف : أنّ‌ رواية ابن الوليد لكتاب طلحة لا تدلّ‌ على أزيد من اعتقاد ابن الوليد بصحة مضامين الكتاب ومطابقتها للواقع أو للروايات المعتبرة ، ولا تدلّ‌ على وثاقة مؤلفه ، وتكون الشهادة بصحة الكتاب من قبيل تصحيح شخص لرواية ، في كون حجية تصحيحه لغيره موردا للبحث والنظر والإشكال. وعليه فالشهادة بصحة الكتاب ليست إلاّ شهادة باعتبار الكتاب ، ولا تكون شهادة بوثاقة مؤلفه. وقد عرفت عدم طريق لإحراز كون الرواية المزبورة مرويّة عن كتابه حتى نلتزم باعتبارها ، بعد البناء على اعتبار الكتاب المزبور بشهادة الشيخ ورواية ابن الوليد له.

وأمّا كونه من رجال كامل الزيارة وتفسير علي بن إبراهيم فلا يكفي للتوثيق كما قرر في محله.

وبالجملة : فلم يثبت اعتبار الخبر المزبور بسبب ضعف طلحة ، فالإعتماد عليه في غاية الإشكال. هذا ما في سند خبر طلحة من الضعف.

وأمّا مرسلتا ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل بن بزيع فالإشكال في اعتبارهما ظاهر ، لأنّهما مرسلتان ، ولا عبرة بالمراسيل ما لم تنجبر بعمل المشهور بناء على ما هو الأقوى من جبر عمل المشهور لضعف الرواية ، كموهنيّة إعراضهم عنها لاعتبارها. وكذا الحال في النبوي.

ودعوى «انجبارها بعمل المشهور الّذين بنوا على ثبوت حق السبق للسابق في المسجد» خالية عن البينة ، إذ يعتبر في جبر الشهرة لضعف الرواية إحراز استناد المشهور في فتواهم إلى الرواية الضعيفة حتى يدلّ‌ استنادهم إليها على اعتبارها لديهم ، وإلاّ فمجرد موافقة فتواهم لرواية ضعيفة لا تكشف عن حجيتها عندهم كما هو واضح.

__________________

(١) قاموس الرجال ، ج ٥ ، ص ٥٦٨.

١٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالجملة : فلا سبيل إلى إثبات حجية الروايات المزبورة.

إلاّ أن يدّعى : أنّ‌ سياق عباراتهم يدل على استنادهم إلى هذه الروايات ، لتعبيرهم بما عبّر به فيها. وان كان هذا مخدوشا أيضا ، لإمكان كون مستندهم رواية معتبرة سندا مع كون متنها مثل متن المرسلتين ، فاقتبس الأصحاب من تلك الرواية لا من هاتين الروايتين ، فلا يحصل الوثوق باستنادهم إليهما.

كما لا وجه لحجية الإجماع المدعى في المقام بعد احتمال مدركيته ، إذ من المحتمل استناد المجمعين الى الروايات المزبورة ، فلا يصح الاستناد إلى شيء من الروايات والإجماع.

نعم يمكن الاستناد إلى السيرة العقلائية الحاكمة باختصاص من سبق الى ما يشترك فيه غيره ـ كالمباحات الأصلية ونحوها ـ بذلك المشترك ، بحيث يرى العقلاء نحو اختصاص للسابق بذلك الشيء ، بل هذا مركوز في الحيوانات أيضا ، والشارع لم يردع عن هذه السيرة ، فهي حجة.

كما يمكن أن يكون مستندهم مرسلة ابن أبي عمير ، ولا يقدح إرسالها ، لما يظهر من الأصحاب من تسالمهم على العمل بمراسيله ، لقول النجاشي : «أصحابنا يسكنون إلى مراسيله» (١). ولقول الشيخ في حقه وحق آخرين من أصحاب الإجماع في بحث تعارض الرواية المسندة مع المرسلة : «وإذا كان أحد الراويين مسندا والآخر مرسلا نظر في حال المرسل ، فان كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد ابن أبي نصر وغيرهم من الثقات الّذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثق به وبين ما أسنده غيرهم ، ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم» (٢).

وكذا عدّ الكشي جمعا من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن الرضا عليهما السّلام ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم والانقياد لهم والإقرار لهم بالفقه ، ومنهم ابن أبي

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٢٢٩.

(٢) عدة الأصول ، ج ١ ، ص ٣٨٦ و ٣٨٧.

١٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عمير (١).

وعليه تتصف مرسلة ابن أبي عمير بالاعتبار بعد شهادة أعلام الرجال بالتسوية بين المسندات والمرسلات.

لكن في أصل تحقق هذا الإجماع التعبدي تأملا بل منعا قد تعرّضنا له في شرح الكفاية فيما يتعلق بسند مقبولة عمر بن حنظلة ، فراجع (٢).

فتلخص : أن مراسيل أصحاب الإجماع كمراسيل غيرهم ما لم تنجبر بعمل المشهور لا تكون حجة بحيث تخصص عموم أدلة حرمة العمل بالظن ، فمرسلة ابن أبي عمير الدالة على حق السبق لا تصلح للاستناد إليها. هذا كله في السند.

وأمّا دلالتها فعن المشهور ـ بناء على استنادهم إليها كما لعلّ‌ كلماتهم مقتبسة منها ـ دلالتها على ثبوت حقّ‌ للسابق ، واللازم حينئذ ترتيب آثار الحق عليه من جواز إسقاطه ونقله مجّانا ومع العوض ، وانتقاله قهرا الى الوارث ، ومن بطلان العمل العبادي الصادر من المزاحم المخرج للسابق عن المكان ، لكونه غصبا كما في اعتكاف العروة ، حيث قال : «إذا غصب مكانا من المسجد سبق إليه غيره ، بأن أزاله وجلس فيه فالأقوى بطلان اعتكافه» (٣). إلاّ إذا نهض دليل على منع بعض هذه الآثار. ولم أعثر إلى الآن على قائل بهذا التعميم.

كما أنّ‌ لازم الحقّية هو صيرورة السابق ذا حقّين أحدهما بالوقف ، والآخر بالسبق ، وهذا بعيد.

فالمحتمل قويّا : أنّ‌ المراد بالأحقيّة هو حرمة المزاحمة مع السابق وإزعاجه ودفعه عن المكان ما دام باقيا فيه وشاغلا له ، فالسبق لا يوجب إلاّ حرمة المزاحمة كحرمة مزاحمة غير الولي للولي في تجهيز الميت ، بناء على كون المراد بالولاية هناك ـ على ما عن جماعة من القدماء ـ حرمة المزاحمة معه ، فإن تصدّى الولي للتجهيز مباشرة أو تسبيبا فليس لأحد مزاحمته ،

__________________

(١) رجال الكشي ، ص ٤٦٦ ، طبع النجف الأشرف.

(٢) منتهى الدراية ، ج ٨ ص ١٥٠ الى ١٦٤.

(٣) العروة الوثقى ، ج ٢ ص ٢٥٦ ، كتاب الاعتكاف ، المسألة : ٣٢.

١٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وإن لم يتصدّ لذلك جاز لغيره ـ بل وجب عليه كفاية ـ القيام به.

وبالجملة : فالسبق في الحقوق كالأهمية في تزاحم الواجبات ، فكما أنّ‌ تقديم الأهم هناك ليس من باب الحق في شيء ، فكذلك السبق في باب الحقوق ، فإنّه لا يوجب حقّا للسابق حتى يصير المكان متعلّقا لحقّه ، ويندرج دفع الغير له عن ذلك المكان ـ وإشغاله له ـ في الغصب ، وتكون صلاة المزاحم الدافع للسابق من صغريات مسألة الاجتماع ، لصيرورة المكان حينئذ مغصوبا ، إذ لا فرق في المغصوب بين كون الرقبة مال الغير وبين كونها متعلّقة لحق الغير كحقي الرهانة والتحجير ، فيكون هنا أمر متعلق بطبيعي الصلاة ، ونهي متعلق بطبيعي الغصب ، وتكون الصلاة مندرجة تحت هذين العنوانين ، فبناء على الاجتماع ـ بمعنى صغروية المورد لكبرى التزاحم لتعدد المتعلق وكون التركيب انضماميا ـ تصحّ‌ الصلاة في وجه. وبناء على الامتناع ـ لوحدة المتعلق ، لكون التركيب اتحاديا ـ لا تصح الصلاة ، لكون مسألة الاجتماع حينئذ من صغريات النهي في العبادة.

فالمتحصل : أن المراد بالأحقّية في الروايات ـ بعد البناء على اعتبارها ـ يحتمل أن يكون اختصاص السابق في استيفاء الحق المشترك بين السابق وبين سائر أفراد الموقوف عليهم الثابت لهم بالوقف ، فالسبق يوجب هذا الاختصاص.

كما يحتمل أن يراد به الحق المصطلح ، بأن يكون السبق موجبا لتعيّن مصداق كلّيّ‌ الموقوف عليه في السابق ما دام شاغلا للمكان أو غير معرض عنه ، كتعين مصداق كلّي المالك في الخمس والزكاة وغيرهما من الجهات العامة بالقبض ، فإنّ‌ الكلّي لا يتعيّن إلاّ به. وقد عرفت بعد هذا الاحتمال ، وعدم الالتزام بكثير من آثار الحق من الانتقال والنقل.

وإذا شكّ‌ في كون السبق موجبا للحق ودار أمر تقديم السابق على غيره بين الحكم والحق فالأثر المشترك ـ وهو سقوطه بالاعراض ـ يترتب عليه قطعا. وأمّا جواز النقل الاختياري مع العوض وبدونه فلا يترتب عليه ، للشك في القابلية العرفية ، إذ لو كان حكما لم يقبل النقل أصلا كما هو ظاهر ، فلا وجه للتمسك بأدلة العقود الجائزة لإثبات جوازه. وكذا الحال في الانتقال القهري ، فلا يترتب عليه ، لكونه من الآثار المختصة بالحق.

١٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا أخذ المال بإزاء الإعراض عن المكان فالظاهر أنّه لا بأس به ، لأنّ‌ رفع موضوع الحرمة ـ وهو المزاحمة ـ يكون تحت سلطنة السابق ، لكونه عملا من أعماله كسائر أعمال الحرّ.

وأمّا صلاة المزاحم الدافع للسابق فلا تبعد صحتها ، للبراءة عن الشك في مانعية المزاحمة ، إذ لو كان السبق موجبا للحق كانت الصلاة باطلة ، وإلاّ فهي صحيحة. ولمّا كان منشأ الشك في الصحة الشكّ‌ في مانعية التزاحم جرى الأصل في المانعية.

نعم بناء على اقتضاء الأمر بشيء للنهي عن ضده يحكم بفساد الصلاة ، للعلم ببطلانها ، إمّا لكون السبق موجبا للحق ، وإمّا لكون الأمر مقتضيا للنهي عن ضده ، فتدبّر.

ثم إنّه بناء على ما تقدم من الإشكال في سند الروايات كالإشكال في حجية الإجماع لاحتمال مدركيته لا يبقى مستند لحق السبق. إلاّ أن يتمسك بالسيرة العقلائية القاضية بتقديم السابق في المشتركات ، بل تقديم السابق من مرتكزات الحيوانات أيضا ، حيث إنّ‌ ما تقدم من السباع إلى افتراس حيوان ليأكله لا يزاحمه غيره من السباع في أكله ، فعدم مزاحمة السابق من الأمور الارتكازية الجارية عليها السيرة العقلائية التي لم يردع عنها الشريعة المقدسة الإسلامية ، بل الإجماع والروايات المتقدمة ـ على تقدير تماميتها ـ دليل على إمضاء تلك السيرة.

لكن المتيقن منها هو اختصاص السابق ، بمعنى عدم جواز مزاحمة أحد له فيما سبق إليه. وأمّا الاختصاص بمعنى الحق فليس مما تقتضيه السيرة ، بل لا بد حينئذ من معاملة الحكم مع ما جرت عليه السيرة دون معاملة الحق معه ، فلا يبطل العمل الصادر من المزاحم ، كما لا ينتقل قهرا بموت ونحوه إلى غير السابق. وكذا لا يقبل النقل.

نعم لا بأس بأخذ مال لتخلية المكان وتفريغه ، لأن التفريغ عمل يبذل بإزائه المال ، وبعد التخلية يشغله باذل الفلوس ، فيصير هو السابق ، واللّه العالم.

ومن المصاديق المشتبهة بين الحق والحكم ، جواز الرجوع في المطلقة الرجعية على ما قيل ، وإن كان الظاهر كونه من الأحكام ، والتفصيل في محله.

١٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ومن المصاديق المشتبهة ـ على ما قيل أيضا ـ جواز الرجوع في العقود الجائزة ، فإن كان حكما لم يسقط‍‌ بالإسقاط‍‌ ، وإلاّ يسقط‍‌ به. لكن الحق أن الجواز فيها حكم ، فلا تصير العقود الجائزة لازمة بإسقاطه ، فلاحظ‍‌.

ومنها : غير ذلك مما يقف عليه المتتبع.

المقام الخامس : في حكم المعاوضة على الحقوق القابلة للنقل والإسقاط‍‌.

أمّا ما لا يقبل الإسقاط‍‌ ـ بناء على كونه حقّا ـ فلا كلام في عدم جواز أخذ العوض بإزائه ، وأمّا القابل للنقل والإسقاط‍‌ فقد تقدم في أوّل بحث الحقوق خلاف الأعلام فيه ، فمنهم من منع من وقوع الحق عوضا في البيع مطلقا ، كالشيخ الفقيه كاشف الغطاء ، واختاره المحقق النائيني قدّس سرّهما أيضا. ومنهم من جوّز ذلك مطلقا كصاحب الجواهر قدّس سرّه. ومنهم من فصّل بين ما يقبل الانتقال وبين ما لا يقبله ويقبل الإسقاط‍‌ خاصة ، كالمصنف قدّس سرّه وإن مال في آخر كلامه الى المنع مطلقا.

والتحقيق : جواز جعل الحقوق عوضا عن المبيع مطلقا أي جعل إسقاط‍‌ ما يقبل الإسقاط‍‌ ثمنا ، وانتقاله الى باذل المبيع فيما يقبل الانتقال الى الغير ، وذلك بعد تمامية أمرين :

أحدهما : عدم اختصاص «المال» بالأعيان المتمولة ، وصدقه على منافع الأعيان الصامتة وعمل الحر ولو بعد المعاوضة عليه. وجواز أخذ العوض في الصلح على إسقاط‍‌ بعض الحقوق كاشف عن ماليّته عرفا ، وعدم اختصاص المال بالأعيان. ويتعيّن حمل كلام ابن الأثير في تفسير المال على الغالب ، وإلاّ أشكل الأمر في بذل المال بإزاء المنافع في الإجارة والصلح.

ولو فرض تعذر توجيه كلام اللغوي بالحمل على الغالب لم يقدح في اتصاف الحقوق بالمالية ، لأعمية المال عرفا من العين والمعنى والحق ، إذ المال عندهم كل ما يرغب فيه العقلاء ويتنافسون عليه ، ولا شك في أعمية المعنى العرفي حتى تجري فيه أصالة عدم النقل عن معناه اللغوي.

١٧٣

ثانيهما : كفاية صدق المعاوضة على البيع ولو لم يكن فيها نقل وتمليك من الطرفين ، ولا انتفاع أحد المتبايعين بمال صاحبه ، فالعبرة فيه بتحقق عنوان المعاوضة والمبادلة بحيث لا يخلو البيع عن الثمن والعوض ، ويكون بذل المال مورد غرض العقلاء. والقيود المأخوذة في تعريف البيع بالمبادلة بين المالين ـ المستفادة من كلام المصباح ـ غير دخيلة في حقيقته العرفية ، سوى كون المبيع عينا ، وأمّا عينية الثمن ، أو تحقق المبادلة في خصوص إضافة الملكية ، أو اختصاص المال بالأعيان فلا دليل على شيء منها لو لم ينهض على خلافها ، ففي بيع سهم سبيل اللّه من الزكاة لا ينتفع البائع بالعوض ، لفرض صرفه في جهات القرب وسبل الخير كالمساجد والمشاهد والقناطر. وإنكار صدق البيع على هذه المعاوضة لا يخلو من مكابرة ، وكذا بيع الوقف بمثله عند اقتضاء المصلحة ، وبيع الحاكم مقدارا من زكاة الحنطة بشيء من زكاة النقدين.

وبناء على تمامية هذين الأمرين وتسلّمهما يظهر أنّ‌ الأصل الأوّلي في الحقوق القابلة للإسقاط‍‌ والنقل جواز المعاوضة عليها ، فهي وإن لم يصحّ‌ جعلها مبيعا لعدم كونها من الأعيان ، لكنها كالمنافع وعمل الحرّ يصحّ‌ جعلها ثمنا في البيع ، كصحة أخذ العوض بإزاء نقلها وإسقاطها في باب الصلح ، وذلك لصدق المال عرفا عليها ، وكفاية ماليّة الإسقاط‍‌ والنقل في صحة المعاوضة ، وإمضائها بأدلة المعاملات.

إلاّ أن يستشكل في مالية الحقوق بما في تقرير شيخ مشايخنا المحقق النائيني قدّس سرّه حيث قال : «والأقوى عدم قابلية الحق لوقوعه ثمنا في البيع ، كعدم قابلية وقوعه مثمنا ، سواء جعل نفس الإسقاط‍‌ والسقوط‍‌ ثمنا أو جعل نفس الحق. أمّا الأوّل فلأنّ‌ الثمن لا بدّ من دخوله في ملك البائع ، والإسقاط‍‌ بما أنه فعل من الأفعال والسقوط‍‌ بما أنه اسم المصدر ليس كالخياطة وسائر أفعال الحرّ والعبد ممّا يملكه البائع ، ويكون طرفا لإضافة ملكية البائع ، ويقوم مقام المبيع في الملكية ، فإنّ‌ هذا المعنى معنى حرفي غير قابل لأن يتموّل إلاّ باعتبار نفس الحق. وسيجيء ما فيه.

وبالجملة : نفس الإسقاط‍‌ بما أنّه فعل ، وأثره بما أنّه اسم المصدر لا يقبل الدخول في ملك الغير بحيث يتحقق بالنسبة إليه الخروج عن ملك المشتري الى ملك البائع ، ويكون البائع

١٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

مالكا لهذا العمل.

ولا يقاس بشرط‍‌ الإسقاط‍‌ في ضمن عقد لازم ، لأنّ‌ في باب الشرط‍‌ يملك المشروط‍‌ له على المشروط‍‌ عليه إسقاط‍‌ الحق أو سقوطه. ولا ملازمة بين قابليته للدخول تحت الشرط‍‌ وبين قابلية وقوعه ثمنا ، لأنّ‌ إسقاط‍‌ الحق يصير بالشرط‍‌ مملوكا للغير على صاحب الحق ، ولكنّه لا يمكن أن يكون بنفسه مملوكا ، ويحلّ‌ محل المبيع في الملكية.

وأمّا الثاني ـ وهو جعل نفس الحق ثمنا بعد فرض كونه قابلا للنقل إلى الغير كحق التحجير ـ فلما عرفت من أنه في باب البيع يعتبر أن يكون كل من الثمن والمثمن داخلا في ملك مالك الآخر ، ولا شبهة في أن الحق لا يكون قابلا لذلك ، فإنّه مباين مع الملك سنخا وإن كان من أنحاء السلطنة بالمعنى الأعم. ومن المراتب الضعيفة للملك. ولكن كونه كذلك غير كاف لوقوعه عوضا ، لأنّه لا بدّ من حلول الثمن محلّ‌ المثمن في الملكية ، فلا بد أن يكون كل منهما من سنخ الآخر» (١).

لكنه لا يخلو من غموض ، لأن دخول كل واحد من العوضين في ملك الآخر غير معتبر في مفهوم البيع عرفا ، بل المعتبر فيه هو صدق المبادلة والمعاوضة ، ومن المسلّم صدقها على ما إذا جعل الثمن حقّا على وجه النقل أو الإسقاط‍‌ ، وعدم صدق «البيع بلا ثمن» على هذا البيع ليكون أكل المبيع أكلا للمال بالباطل ، هذا.

وغير خفيّ‌ على المتأمّل مواقع النظر في كلامه قدّس سرّه :

منها : قوله : «والإسقاط‍‌ بما أنه فعل من الأفعال والسقوط‍‌ بما أنّه اسم المصدر ليس كالخياطة ..» إذ فيه : أنه لا مانع من صيرورة الإسقاط‍‌ بما أنّه فعل مبذول بإزائه المال عند العقلاء كسائر أعمال الحر مملوكا ، فالبائع يصير مالكا للإسقاط‍‌ بسبب البيع كما يصير المشروط‍‌ له مالكا له بالشرط‍‌ ، لوجود مناط‍‌ مملوكية الفعل وهو كونه مرغوبا فيه عند العرف بحيث يبذلون المال بإزائه ، فللبائع إجبار المشتري على الإسقاط‍‌ كما له الإجبار على الخياطة والكتابة

__________________

(١) منية الطالب ، ج ١ ، ص ٤٣ و ٤٤.

١٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ونحوهما.

نعم جعل العوض في البيع السقوط‍‌ ـ لا الإسقاط‍‌ ـ لا يخلو من إشكال ، لعدم معلومية تعلق الملكية بالنتائج كما قرّر ذلك في شرط‍‌ النتيجة. وحديث عدم تمول المعنى الحرفي أجنبي عن الإسقاط‍‌ بما هو فعل ومعنى اسمي ، فتدبّر.

ومنها : قوله : «ولا يقاس بشرط‍‌ الإسقاط‍‌ في ضمن عقد لازم ..» إذ فيه : أنّ‌ الإسقاط‍‌ إن كان في نفسه قابلا لأن يكون طرفا لإضافة الملكية فصيرورته مملوكا بالبيع أولى من مملوكيته بالشرط‍‌ في ضمن عقد لازم ، لأنّ‌ تأثير نفس العقد في ملكيّة أحد ركنية ـ وهو الثمن ـ أولى من تأثير الشرط‍‌ الواقع في ضمنه ـ الذي هو كالجزء من العقد ـ في الملكية.

وإن لم يكن في نفسه قابلا للملكية ـ كما هو مقتضى قوله : فانّ‌ هذا المعنى معنى حرفي غير قابل لأن يتمول ـ لم يعقل أن يؤثّر الشرط‍‌ في ملكيته ، ولا يؤثّر نفس العقد اللازم في ملكيته كما هو واضح ، بل لا بد من عدم تأثير شيء من العقد والشرط‍‌ في ملكيته.

وعلى هذا فبين قوله : «ولا يقاس بشرط‍‌ الإسقاط‍‌ في ضمن عقد لازم» وقوله : «فان هذا المعنى معنى حرفي» تهافت واضح ، لأنّ‌ مقتضى هذه العبارة امتناع صيرورة الإسقاط‍‌ طرفا لإضافة الملكية ، ومقتضى قوله : «ولا يقاس» إمكانها ، فتدبّر.

ومنها : قوله : «ولا ملازمة بين قابلية الدخول تحت الشرط‍‌» الى قوله : «ولكن لا يمكن أن يكون بنفسه مملوكا ويحلّ‌ محل المبيع في الملكية» إذ فيه : أنّ‌ الملازمة ضرورية ، لأنّ‌ نفس العقد اللازم أقوى بمراتب في التأثير في الملكية من الشرط‍‌ الواقع في ضمنه كما عرفت آنفا ، فقوله : «ولكن لا يمكن أن يكون بنفسه مملوكا» في غاية الغرابة ، إذ لا يدّعيه أحد ، وإنّما المدّعى الملكية بسبب البيع.

ومنها : قوله : «ولا شبهة أن الحق لا يكون قابلا لذلك» إذ فيه : أنّ‌ الشبهة إن كانت من جهة صدق المال على الحقّ‌ فقد عرفت دفعها. وإن كانت من جهة اعتبار التمليك ، بتقريب : أن الحق لا يملك ، لمباينته للملك ، فقد عرفت عدم اعتبار المبادلة في إضافة الملكية خاصة في مفهوم

١٧٦

............................................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البيع عرفا.

ومنها : قوله : «فإنه مباين مع الملك سنخا» إذ فيه : منافاته لقوله : «ومن المراتب الضعيفة للملك ، وقد تقدمت الإشارة إلى تهافت كلماته قدّس سرّه في تفسير الحق وبيان ماهيته في المقام الأوّل ، عند التعرض للأقوال ، فراجع.

وقد تحصل : أنّ‌ الأقوى وفاقا لجماعة منهم صاحب الجواهر وسيّدنا الأستاد (١) و غيرهما من أعلام المحشّين قدّس سرّهم صحة جعل الحقوق القابلة للإسقاط‍‌ والنقل والانتقال عوض المبيع ، لأعميّة المال عرفا من العين والمنفعة والعمل والحق ، كما لا يعتبر في صدق المعاوضة المبادلة في خصوص الملكية ، واللّه العالم. هذا تمام الكلام في هذا المقام.

ولنختم الكلام في بحث الحقوق بالإشارة الى ما مرّ من الأبحاث في ضمن أمور :

الأوّل : أنّ‌ الحق اعتبار وضعي مجعول تأسيسا أو إمضاء كالحكم التكليفي ، ولكنه يفترق عنه بأنّ‌ زمام الحق بيد من ثبت له ، بخلاف الحكم الذي لا خيرة للمحكوم عليه في رفعه وإبقائه. والأحسن في تعريفه إمّا جعله نحو اختصاص أو أولوية ، فتكون السلطنة من أحكامه وآثاره ، ويختص بطائفة ممّا عدّ من الحقوق. وإمّا جعله مشتركا لفظيا بين أنحاء الاعتبارات. وحينئذ لا مانع من إطلاق الحق على ما لا سلطنة لذي الحق على إسقاطه.

الثاني : أنّ‌ الحق ينقسم الى ما يقبل كلاّ من الإسقاط‍‌ والنقل الاختياري والانتقال القهري ، مع العوض وبدونه كحق التحجير ، وإلى ما لا يقبل شيئا غير الإسقاط‍‌ كحق الغيبة ، وإلى ما يقبل الإسقاط‍‌ والنقل بلا عوض ـ عند بعض ـ كحقّ‌ القسم ، وإلى غير ذلك كما تقدم.

الثالث : أن المرجع في الشك في كلّ‌ من الأقسام إطلاق دليل نفس الحق إن كان ، وإلاّ فالعموم الفوق ، وإلاّ فاستصحاب بقاء المجعول بناء على حجيته في الشبهات الحكمية.

الرابع : أنّ‌ المرجع في الشك في قبول الحق للنقل شرعا ـ بعد إحراز قبوله له عرفا ـ هو

__________________

(١) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٢٠٩. نهج الفقاهة ، ص ١٠.

١٧٧

............................................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إطلاق أدلة إمضاء المعاملات ، لرجوع الشك الى التقييد بخصوصية مّا ، وليس من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية حتى يرجع فيها إلى أصالة الفساد المحكمة في العقود والإيقاعات.

الخامس : أن متعلق الحق كالحكم فعل المكلّف ، فيقال : «للمغبون حلّ‌ العقد» كما يقال «يباح شرب الماء» ولو تعلق بعين كما في حق التحجير والاختصاص والرهانة كان متعلقة لبّا فعلا ، فالمحجّر أولى من غيره في عمارة الأرض ، وصاحب الخمر أولى من غيره بتخليله ، والمرتهن له استيفاء دينه من الرهن ، وهكذا سائر الحقوق. وهذا مما يفترق به الحق عن الملك ، حيث إنّه أعم موردا ، فقد يتعلق بالعين الشخصية والذمية ، وبالفعل كالخياطة ، وبمنافع الأعيان كالسكنى ، أي كون الدار مسكونة ، وهكذا.

١٧٨

ثم الظاهر (١) أن لفظ البيع ليس له

______________________________________________________

تعريف البيع في كلمات الفقهاء

(١) قد تقدم تعريف البيع عن المصباح المنير ب «مبادلة مال بمال» وكان ظاهر المصنف ارتضاءه وعدم التصرف فيه سوى اعتبار كون المعوّض عينا ، وتردّد قدس‌سره في صدق «المال» ـ في طرف العوض ـ على عمل الحرّ والحقوق. وعلى هذا فالبيع العرفي هو «مبادلة عين بمال» وهذا المعنى هو موضوع أدلة الإمضاء ، كقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (١) ، فالبيع الممضى شرعا هو مبادلة عين بمال ، لا غير.

لكن قد ينافي هذا تعريف البيع في كلمات الفقهاء بما يغاير تعريف المصباح ، فعرّفوه تارة بالنقل ، وأخرى بالانتقال ، وثالثة بالإيجاب والقبول ، ورابعة بالتمليك الإنشائي ، مع اختلافهم في القيود المأخوذة فيه. ولمّا كان كلّ منهم بصدد تعريف حقيقة البيع كان اختلافهم فيه كاشفا عن اختلاف حقيقته ، ومن المعلوم أن ذلك يقتضي إجمال مفهوم «البيع» وهو مانع عن التمسك بالآية الشريفة ونحوها من الأدلة الإمضائية ، إذ لم يعلم أن موضوع الحلية هل هو النقل الذي يكون فعل البائع ، أم العقد الذي يكون فعل البائع والمشتري معا ، أم الانتقال الذي هو أثر البيع ، أم غير ذلك؟ ومع إجمال الموضوع لا وجه للتمسّك بالدليل كما هو واضح. وكيف يوجّه استقرار سيرتهم قديما وحديثا على التشبث بالآية الشريفة لإثبات مشروعية البيع وصحته ونفوذه؟

والظاهر أن مقصود المصنف قدس‌سره من قوله : «ثم الظاهر» دفع هذه الشبهة وتصحيح الرجوع الى الآية ونحوها من أدلّة الإمضاء ، ومحصله : أنّ اختلاف الفقهاء في تعريف البيع ليس لأجل تعدد معانيه العرفية حتى يشكل الأمر من جهة إجمال الموضوع وينسدّ باب التمسك بالأدلة ، بل لأجل أنّ كل واحد من التعاريف ناظر إلى جهة من جهات المعنى العرفي المركوز في الأذهان ، الذي هو موضوع أدلّة الإمضاء.

وعليه فجميع التعاريف تشير الى معنى واحد ، وهو المعنى العرفي الذي فسّره المصباح

__________________

(١) البقرة ، الآية : ٢٧٤.

١٧٩

حقيقة شرعية (١) ولا متشرّعيّة (٢) (*) ، بل هو باق على معناه العرفي

______________________________________________________

بالمبادلة بين مالين ، ولم ينقل لفظ «البيع» منه الى معنى آخر شرعا ، لا بالوضع التعييني ولا التعيّني.

والشاهد على أنّ الفقهاء بصدد الإشارة الى ما هو المتفاهم عرفا من لفظ «البيع» هو إنكارهم الحقيقة الشرعية ، واعترافهم ببقاء اللفظ على معناه العرفي ، الذي كشف كلّ تعريف له عن حيثية من حيثياته ، فمن عرّفه بالعقد لاحظ كونه سببا للمبادلة الاعتبارية بين المالين ، ومن عرّفه بالنقل لاحظ تعنون الإنشاء بالنقل عند استجماعه لشرائط التأثير. ومن عرّفه بالانتقال لاحظ الأثر الحاصل في المالين ، وتبدّل إضافة كل منهما الى صاحبه بإضافة أخرى ، وهكذا.

وعليه لا يلزم إجمال المفهوم حتى ينسدّ باب الرجوع الى الأدلة الإمضائية.

(١) يعني : أنّ الشارع ـ الذي جعل البيع موضوعا لأحكامه ـ لم يتصرّف في مفهوم لفظه عرفا ، كما لم يتصرف في سائر الألفاظ المأخوذة في الخطابات كالماء والصعيد والتراب ونحوها.

(٢) يعني : لم ينقل «البيع» عن مفهومه العرفي ـ في لسان الأئمّة المعصومين «عليهم الصلاة والسلام» والفقهاء العظام ـ إلى معنى آخر.

__________________

(*) لا تبعد دعوى الحقيقة المتشرعية ، إذ المنسوب الى المشهور ـ كما قيل ، والشائع المعروف بين الفقهاء كما في المقابس (١) ، بل عن العلامة دعوى الإجماع عليه ، وفي المختلف (٢) : أنه المتبادر ـ هو كون البيع العقد المركب من الإيجاب والقبول ، إذ التبادر علامة الحقيقة.

الا أن يقال : ان مقصود الفقهاء لمّا كان تعريف البيع المؤثر شرعا ، فلذا عرّفوه بالعقد ، مع إرادتهم البيع العرفي.

__________________

(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٢.

(٢) مختلف الشيعة ، ج ٥ ، ص ٥١.

١٨٠