الحدائق الناضرة - ج ٢٤

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ٢٤

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٤

جملة من الأخبار.

منها ما رواه المشايخ الثلاثة (١) في الموثق عن عبد الله بن بكير عن أبيه عن أحدهما عليهما‌السلام «في خصي دلس نفسه لامرأة مسلمة فتزوجها ، قال : فقال : يفرق بينهما إن شاءت المرأة ، ويوجع رأسه ، وإن رضيت به وأقامت معه لم يكن لها بعد رضاها به إن تأباه».

وما رواه في الكافي والتهذيب (٢) عن سماعة في الموثق عن أبي عبد الله عليه‌السلام «أن خصيا دلس نفسه لامرأة ، قال : يفرق بينهما وتأخذ المرأة منه صداقها ، ويوجع ظهره كما دلس نفسه».

وما رواه في التهذيب (٣) عن عبد الله بن مسكان في الصحيح قال : «بعثت بمسألة مع ابن أعين قلت : سله عن خصي دلس نفسه لامرأة ودخل بها فوجدته خصيا ، قال : يفرق بينهما ويوجع ظهره ويكون لها المهر بدخوله عليها».

وما رواه الحميري في كتاب قرب الاسناد (٤) عن علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : «سألته عن خصي دلس نفسه لامرأة ، ما عليه؟ قال : يوجع ظهره ويفرق بينهما وعليه المهر كاملا إن دخل بها وإن لم يدخل بها فعليه نصف المهر».

وقال الرضا عليه‌السلام في كتاب الفقه الرضوي (٥) «وإن تزوجها خصي فدلس نفسه لها وهي لا تعلم فرق بينهما ، ويوجع ظهره كما دلس نفسه ، وعليه نصف الصداق ولا عدة عليها منه ، فإن رضيت بذلك لم يفرق بينهما ، وليس لها الخيار بعد ذلك».

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٤١٠ ح ٣ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٣٢ ح ٣١ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٩٨ ح ٥٩ وفيه اختلاف يسير ، الوسائل ج ١٤ ص ٦٠٨ ح ١.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٤١١ ح ٦ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٣٢ ح ٣٢ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦٠٨ ح ٢.

(٣) التهذيب ج ٧ ص ٤٣٢ ح ٣٣ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦٠٨ ح ٣.

(٤) قرب الاسناد ص ١٠٨ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦٠٩ ح ٥.

(٥) فقه الرضا ص ٢٣٧ ، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٦ ه‍ ، وفيه «لم يفرق ما بينهما».

٣٤١

وبهذه العبارة بعينها أفتى الشيخ علي بن بابويه في الرسالة على ما نقله عنه في المختلف (١).

وما رواه الكشي في كتاب الرجال عن ابن مسكان (٢) «أنه كتب إلى الصادق عليه‌السلام مع إبراهيم بن ميمون يسأله عن خصي دلس نفسه على امرأة ، قال : يفرق بينهما ويوجع ظهره».

ونقل عن الشيخ في الخلاف والمبسوط أن الخصاء ليس بعيب ، محتجا بأن الخصي يولج ويبالغ أكثر من الفحل ، وإنما لا ينزل وعدم الانزال ليس بعيب.

والعجب منه مع ورود هذه الأخبار ونقله لجملة منها في كتب الأخبار كيف يطرحها في معارضة هذا التعليل ويرجحه عليها. وبالجملة فإن الحكم بعد ورود هذه الأخبار مما لا ريب فيه.

بقي الكلام في الوجاء فإن ثبت أنه داخل تحت الخصاء ، وإلا فالتمسك بأصالة صحة العقد أقوى مستند في المقام ، وبما ذكرناه أيضا صرح السيد السند في شرح النافع.

(ومنها العنن) وقد عرفه المحقق في الشرائع بأنه مرض تضعف معه القوة عن نشر العضو بحيث يعجز عن الإيلاج.

قال في المسالك : والاسم العنة بالضم ، ويقال للرجل إذا كان كذلك : عنين كسكين.

__________________

(١) قال في المختلف : وقال على بن بابويه «وان تزوجها خصى قد دلس نفسه لها وهي لا تعلم فرق بينهما ويوجع ظهره كما دلس نفسه ، وعليه نصف الصداق ولا عدة عليها منه» وكذا قال الصدوق في المقنع.

أقول : وهذه العبارة عين عبارة كتاب الفقه المذكورة في الأصل ، وبه يعلم صحة ما كررناه في غير مقام من اعتماد الصدوقين على هذا الكتاب والإفتاء بعبارته.

(منه ـ قدس‌سره ـ).

(٢) رجال الكشي ص ٢٤٣ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦٠٩ ح ٧.

٣٤٢

أقول : قال في القاموس : العنين كسكين من لا يأتي النساء عجزا ، ولا يريدهن.

وقال في كتاب مصباح المنير : رجل عنين لا يقدر على إتيان النساء ، ولا يشتهي النساء ، وظاهره أنه لا بد في تحقق العنن من أمرين : أحدهما العجز عن إتيانهن لضعف العضو وعدم قدرته عن الانتشار ، وثانيهما عدم إرادة القلبية بالكلية ، وظاهر كلام الفقهاء إنما هو الأول خاصة كما عرفت من كلام المحقق.

وكيف كان فإنه قد أجمع الأصحاب على أنه من العيوب الموجبة لتسلط المرأة على الفسخ ، وعليه تدل جملة من الأخبار.

منها ما رواه الشيخ (١) في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «العنين يتربص به سنة ، ثم إن شاءت امرأته تزوجت وإن شاءت أقامت».

وما رواه المشايخ الثلاثة (٢) عن عباد الضبي وفي الفقيه والتهذيبين غياث مكان عباد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام «قال في العنين : إذا علم أنه عنين لا يأتي النساء فرق بينهما ، فإذا وقع عليها وقعة واحدة لم يفرق بينهما والرجل لا يرد من عيب».

وما رواه في الكافي (٣) عن أبي بصير في الصحيح ، وهو المرادي بقرينة ابن مسكان عنه قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة ابتلى زوجها فلا يقدر على الجماع ، أتفارقه؟ قال : نعم إن شاءت ، قال ابن مسكان : وفي حديث آخر تنتظر سنة ، فإن أتاها وإلا فارقته ، فإن أحبت أن تقيم معه فلتقم».

وما رواه في الكافي والفقيه (٤) عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال

__________________

(١) التهذيب ج ٧ ص ٤٣١ ح ٢٧ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦١١ ح ٥.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٤١٠ ح ٤ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٣٠ ح ٢٥ ، الفقيه ج ٣ ص ٣٥٧ ح ٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦١٠ ح ٢.

(٣) الكافي ج ٥ ص ٤١١ ح ٥ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦١٠ ح ١.

(٤) الكافي ج ٥ ص ٤١٢ ح ١٠ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٣٠ ح ٢٣ ، الفقيه ج ٣ ص ٣٥٨ ح ٦ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦١١ ح ٤.

٣٤٣

أمير المؤمنين عليه‌السلام من أتى امرأته مرة واحدة ثم أخذ عنها فلا خيار لها». قال في الفقيه : وفي خبر آخر «أنه متى أقامت المرأة مع زوجها بعد ما علمت أنه عنين ورضيت به لم يكن لها خيار بعد الرضا».

وما رواه في التهذيب (١) عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام «أن عليا عليه‌السلام كان يقول : إذا تزوج الرجل امرأة فوقع عليها مرة ثم أعرض عنها فليس لها الخيار لتصبر فقد ابتليت».

وعن أبي الصباح الكناني (٢) قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة ابتلى زوجها فلا يقدر على الجماع أبدا ، أتفارقه؟ قال : نعم إن شاءت».

وعن الكناني (٣) بهذا الاسناد قال : «إذا تزوج الرجل المرأة وهو لا يقدر على النساء أجل سنة حتى يعالج نفسه».

وعن أبي البختري (٤) عن أبي جعفر عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام «أن عليا عليه‌السلام كان يقول : يؤخر العنين سنة من يوم ترافعه امرأته ، فإن خلص إليها ، وإلا فرق بينهما ، فإن رضيت أن تقيم معه ثم طلبت الخيار بعد ذلك فقد سقط الخيار ولا خيار لها».

وما رواه في كتاب قرب الاسناد (٥) عن الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام عن علي عليه‌السلام «أنه كان يقضي في العنين أنه يؤجل سنة من يوم مرافعة المرأة».

وعن عبد الله بن الحسن (٦) عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : «سألته عن عنين دلس نفسه لامرأة ، ما حاله؟ قال : عليه المهر ، ويفرق

__________________

(١) التهذيب ج ٧ ص ٤٣٠ ح ٢٦ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦١٢ ح ٨.

(٢) التهذيب ج ٧ ص ٤٣١ ح ٢٨ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦١١ ح ٦.

(٣ و ٤) التهذيب ج ٧ ص ٤٣١ ح ٢٩ و ٣٠، الوسائل ج ١٤ ص ٦١١ ح ٧ و ٩.

(٥) قرب الاسناد ص ٥٠ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦١٢ ح ٩.

(٦) قرب الاسناد ص ١٠٨ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦١٢ ح ١٢.

٣٤٤

بينهما إذا علم أنه لا يأتي النساء».

وفي كتاب الفقه الرضوي (١) قال عليه‌السلام «فإن تزوجها عنين وهي لا تعلم ، فإن علم أن فيه علة تصبر عليه حتى يعالج نفسه سنة ، فإن صلح فهي امرأته على النكاح الأول ، وإن لم يصلح فرق بينهما ، ولها نصف الصداق ، ولا عدة عليها منه ، فإن رضيت بذلك لا يفرق بينهما ، وليس لها خيار بعد ذلك».

أقول : ويفهم من هذه الأخبار بعد ضم بعضها إلى بعض بحمل مطلقها على مقيدها ومجملها على مفصلها أمور :

الأول : إنه يجب تأجيله سنة بعد ظهور العنن ، وأن مبدأ ذلك من وقت المرافعة إلى الحاكم الذي وقعت النزاع والدعوى بينهما ، وقد نقل الشهيد الثاني وقبله المحقق الشيخ علي الاتفاق على وجوب التأجيل سنة ، مع أن العلامة في المختلف نقل عن ابن الجنيد أنه إن كانت العنة متقدمة على العقد جاز للمرأة الفسخ في الحال ، وإن كانت حادثة بعد العقد أجل سنة من حين الترافع.

واحتج له في المختلف برواية الضبي ورواية أبي الصباح الكناني ، والجواب عنهما بما ذكرناه من تقييد إطلاقهما بالأخبار الدالة على التأجيل ، وحمل المطلق على المقيد.

وأجاب العلامة عنهم في المختلف بأن العلم إنما يحصل بعد السنة ، قال : ولو قدر حصوله قبلها فالأقوى ما قاله ابن الجنيد.

أقول : الظاهر من الأخبار أن التأجيل سنة ليس لأن العلم به لا يحصل إلا بعد السنة كما ذكره ، بل إنما هو لاحتمال زواله بالمعالجة ونحوها وإلا فهو قد ثبت بأحد الأمور الآتية في ثبوته من العجز عن وطئ النساء ، أو القيام في الماء البارد ونحوهما مما سيأتي ، ولكن الشارع لأجل التوسعة عليه ضرب له هذه المدة للمعالجة كما تضمنه خبر الكناني الثاني ، وسيأتي إن شاء الله ما يدل

__________________

(١) فقه الرضا ص ٢٣٧ ، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٦ ه‍ ، وفيه اختلاف يسير.

٣٤٥

على ما ذكرناه.

الثاني : إنه له تجدد بعد وطئها ولو مرة واحدة فإنه لا فسخ لها ، فلتصبر فإنها قد ابتليت ، وهو أشهر القولين بين الأصحاب ، وذهب الشيخ المفيد وجماعة إلى أن لها الفسخ أيضا للاشتراك في الضرر الحاصل باليأس من الوطي ، وفيه طرح للأخبار المصرحة بالصبر لها وأنها قد ابتليت كرواية إسحاق بن عمار ، ورواية الضبي ورواية السكوني.

وظاهره في المسالك الميل إلى القول الثاني لضعف الأخبار المذكورة ، لأن الجمع بين الأخبار بحمل المطلق على المقيد فرع تحقق المعارضة ، وهذه الأخبار تقصر عن معارضة الأخبار المطلقة التي فيها الصحيح كصحيحة محمد بن مسلم ، قال : وتوقف في المختلف وله وجه ، انتهى.

أقول : وسيأتي تتمة الكلام في هذا المقام في المطلب الآتي في أحكام العيوب إن شاء الله تعالى.

الثالث : لو رضيت من المرأة بالزوج بعد العلم بالعنن فإنه لا خيار لها ، والظاهر أنه لا خلاف فيه.

الرابع : الظاهر من الأخبار المتقدمة أن العنن الموجب للفسخ هو عدم إمكان إتيانه النساء ، سواء كانت هي أو غيرها ، فلو عجز عنها مع إمكان إتيانه غيرها لم يسم عنينا ، فإن قوله في رواية الضبي «إذا علم أنه لا يأتي النساء ، فرق بينهما». وقوله في رواية أبي بصير «ابتلى زوجها فلم يقدر على الجماع». ظاهر فيما قلناه ، ونحوهما غيرهما.

ويظهر من عبارة الشيخ المفيد المتقدمة أن المعتبر في صدق العنن وعدمه إنما هو بالنسبة إلى الزوجة ، ولا عبرة بغيرها ، حيث قال : فإن وصل إليها ولو مرة واحدة فهو أملك بها ، وإن لم يصل إليها في السنة كان لها الخيار ، ومفهومه

٣٤٦

أنه لو لم يصل إليها وإن وصل إلى غيرها فإن لها الخيار ، وهو مشكل (١).

ويمكن حمل كلامه على التمثيل ، بمعنى أنه إن أمكنه الوصول إلى من يريد نكاحها من تلك المرأة أو غيرها ، والتعبير بها إنما وقع من حيث كونها هي الزوجة المراد الدخول بها.

والظاهر أنه لا وجه لهذا التقدير الذي بنى عليه الكلام من إمكان زوال العنن بالنسبة إلى امرأته دون أخرى ، فإن العنن الذي هو عبارة عن المرض المذكور إن وجد فإنه مانع مطلقا ، وإن زال فهو يقدر على الجماع مطلقا ، والتعبير في الروايات إنما وقع بناء على ذلك ، فربما عبر بالنساء مطلقا ، وربما عبر بالمرأة ، وهكذا من العبارات الخارجة مخرج التمثيل دون الخصوصية بفرد دون آخر.

الخامس : ما تضمنته رواية عبد الله بن الحسن المروية في كتاب قرب الاسناد من وجوب المهر كملا ، وكلامه في كتاب الفقه الرضوي من التخصيص بالنصف لا يخول من إشكال ، ومقتضى قواعد الأصحاب أنه إذا كان الفسخ من قبل المرأة وكان قبل الدخول فإنه يسقط المهر ، إلا أنهم استثنوا العنن في هذا المقام ، فقالوا : بأنه ينتصف المهر بالفسخ كما دل عليه كلامه عليه‌السلام في كتاب الفقه الرضوي ، وعليه تدل أيضا صحيحة أبي حمزة (٢) قال : «سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إذا تزوج الرجل المرأة الثيب التي قد تزوجت زوجا غيره ، فزعمت أنه لم يقربها منذ دخل بها ـ إلى أن قال : ـ فعلى الامام أن يؤجله سنة ، فإن وصل إليها وإلا فرق بينهما وأعطيت نصف الصداق ، ولا عدة عليها». وهذه الرواية هي مستند الأصحاب

__________________

(١) أقول : قد ذكرنا هذه المسألة أيضا في المطلب الثاني في أحكام العيوب فليراجع. (منه ـ قدس‌سره ـ).

(٢) الكافي ج ٥ ص ٤١١ ح ٧ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٢٩ ح ٢٠ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦١٣ ح ١.

٣٤٧

في تنصيف المهر في هذه الصورة ونحوها كلامه عليه‌السلام في كتاب الفقه.

وأما رواية قرب الاسناد الدالة على إعطاء المهر كملا فلا أعلم بها قائلا ، إلا أن المنقول عن ابن الجنيد أنه قال : إن المرأة إن اختارت الفسخ بعد تمكينها إياه من نفسها وجب المهر وإن لم يولج ، ويمكن جعل هذه الرواية مستندا له ، والعلامة في المختلف قد جعل كلام ابن الجنيد بناء على أصله من قوله بوجوب المهر بالخلوة (١) ، مع أن هذه الرواية كما ترى ظاهرة فيه.

(ومنها الجب) والمشهور بين الأصحاب على وجه لم ينقل فيه أحد خلافا هو عد الجب من العيوب الموجبة للفسخ ، وإن تردد فيه المحقق في الشرائع ، والظاهر أن وجهه عدم ورد نص فيه بخصوصه ، كغيره من العيوب المتقدمة ، وأن مقتضى العقد لزوم النكاح ، وفسخه يتوقف على دليل شرعي ، وليس فليس ، ويمكن الاستدلال عليه بفحوى ما دل على ثبوت الخيار بالخصاء والعنن بخلاف المجبوب الذي لم يبق له ما يمكنه به الوطي بالكلية ، ويعضده إطلاق رواية أبي الصباح الكناني المتقدمة.

قال في المسالك : ويمكن إثباته من النصوص الدالة على حكم الخصاء فإنه أقوى عيبا منه لقدرة الخصي على الجماع في الجملة ، بل قيل : إنه يصير أقوى من

__________________

(١) قال العلامة في المختلف : المشهور أن العنين يجب عليه نصف المهر مع فسخ المرأة النكاح ، وقد نص عليه الصدوق في المقنع وأبوه والشيخ في النهاية وغيرهم ، وليس هنا فسخ من قبل الزوجة يستعقب شيئا من المهر سوى هذا ، والأصل فيه اترافه على مخادمها وخلوته بها سنة ، وقال ابن الجنيد ـ رحمة الله عليه ـ : إذا اختارت الفرقة بعد تمكينها إياه من نفسها وجب المهر وان لم يولج ، وهو بناء على أصله من أن المهر يجب بالخلوة كما يجب بالدخول ، انتهى.

أقول : قد عرفت أن مستند القول بالتنصيف انما هو صحيحة أبي حمزة ، وأما مذهب ابن الجنيد فيمكن أن يكون مستند رواية قرب الاسناد. (منه ـ قدس‌سره ـ).

٣٤٨

الفحل بواسطة عدم خروج المني منه ، ومن ثم ذهب بعضهم إلى عدم كونه عيبا لذلك ، بخلاف المجبوب ، فإنه قد انتفى عنه القدرة على الجماع رأسا لعدم الآلة ، وكذلك استفادته من العنن لمشاركته له في المعنى وزيادة ، لأن العنن يمكن برؤه ، والمجبوب يستحيل ، ويمكن استفادته من عموم الأخبار كقوله في رواية أبي الصباح (١) في امرأة ابتلى زوجها فلا يقدر على الجماع إلى آخره ، فإنه يشمل بإطلاقه المجبوب لأنه لا يقدر على الجماع مضافا الى لزوم الضرر بالمرأة على تقدير عدم إثبات الخيار لها ، وهو منفي ، وحينئذ فالمذهب كونه عيبا. انتهى وهو جيد.

ويؤكده أن الظاهر من جعل الشارع لها الخيار في المواضع المتقدمة إنما هو لرفع الضرر عنها ، ولهذا لو رضيت سقط خيارها ، ولا ريب في حصول الضرر في هذا الموضع ، بل هو أشد ضررا من غيره كما ذكره شيخنا المذكور ، فيكون أولى بجعل الخيار لها فيه ، واشترط في الشرائع أن لا يبقى له ما يمكن معه الوطي ولو قدر الحشفة ، وهو كذلك لأن الوطي يصدق بذلك المقدار ويترتب عليه أحكامه من الغسل والمهر والحد ونحوها.

وبالجملة فالظاهر أنه عيب يثبت به الفسخ اتفاقا ، هذا إذا كان ثابتا قبل العقد.

أما لو تجدد بعد العقد سواء كان قبل الوطي أو بعده ، فهل يكون الحكم فيه كذلك أم لا ، قولان ، وقد اضطرب هنا كلام الشيخ والعلامة في كتبهما ، فذهب الشيخ في المبسوط وابن البراج وجماعة إلى ثبوت الخيار متى وجد.

واستدل عليه في المبسوط بالإجماع ، وعموم الأخبار ، مع أنه في موضع آخر من الكتاب المذكور ، قال : وعندنا لا يرد الرجل من عيب يحدث به إلا الجنون الذي لا يعقل معه أوقات الصلاة ، وقال المخالف : إذا حدث واحد من الأربعة : الجنون والجذام والبرص والجب فلها الخيار ، وعندنا أنه لا خيار ، انتهى.

وهو مشعر بدعوى الإجماع عليه مع ادعائه الإجماع في مقابله ، وهذا من

__________________

(١) التهذيب ج ٧ ص ٤٣١ ح ٢٨ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦١١ ح ٦.

٣٤٩

جملة ما اتفق له في غير موضع من دعوى الإجماع على حكم ، ودعواه في موضع آخر على خلافه ، وكذلك ذهب في الخلاف إلى عدم الخيار بالحادث ، وإليه ذهب ابن إدريس.

وأما العلامة فإنه في المختلف قوى جواز الفسخ بالجب والخصاء والعنن ، وإن تجددت بعد الدخول ، وفي الإرشاد قطع بعدم ثبوته بالمتجدد منها مطلقا ، وكذا في التحرير ، ثم في موضع آخر منه قرب جواز الفسخ بالمتجدد من الجب بعد الوطي وإبقاء الخصاء على الحكم الأول من عدم الفسخ بالمتجدد منه بعد العقد مطلقا ، وفي العنة جوز بالمتجدد بعد العقد وقبل الدخول خاصة.

وفي القواعد جزم بالجباء المتجدد منه بعد العقد وقبل الوطي وتردد في المتجدد بعد الوطي وشرط في الخصاء سبقه على العقد ، ونسب الحكم في المتجدد إلى قول ، مشعرا بتردده ، وفي العنة شرط عدم الوطي.

والتحقيق في هذا المقام أن يقال : إنك قد عرفت أنه ليس في الأخبار ما يدل على حكم الجب بالكلية ، وإنما المرجع في حكمه إلى الأخبار المتقدمة في تلك الأفراد بالتقريب المتقدم ، وقد عرفت أن الظاهر من تلك الأخبار باعتبار ضم بعضها إلى بعض ، وحمل مطلقها على مقيدها ، ومجملها على مفصلها من غير التفات إلى صحيح منها أو ضعيف هو أنه مع الدخول بها ولو مرة فلا فسخ ، والفسخ إنما هو فيما عدا ذلك ، وحينئذ فيكون الحكم في الجب أيضا كذلك ، ويأتي على القول الآخر المتقدم ذكره ثمة جواز الفسخ مطلقا ، ولعله من هنا نشأ هذا الخلاف في هذه الصورة أيضا.

(ومنها) الجذام والبرص والعمى ، وذهب إليه ابن البراج في المهذب ، وجعله مشتركا بين المرأة والرجل ، وقبله ابن الجنيد أيضا وزاد العرج والزنا.

قال في المسالك : ودليلهما في غير الجذام والبرص غير واضح ، أما فيهما ففي

٣٥٠

غاية الجودة ، لصحيحة الحلبي (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام «يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل». قال : وهو متناول بإطلاقه للرجل والمرأة ، ولأن ثبوتهما عيبا في المرأة مع أن للرجل وسيلة إلى التخلص منها بالطلاق يوجب كونها عيبا في الرجل بالنسبة إليها بطريق أولى ، لعدم قدرتها على التخلص لو لا الخيار ، وحصول الضرر منه بالعدوى باتفاق الأطباء ـ إلى أن قال : ـ ويبقى الكلام في اعتبار سبقه على العقد والاكتفاء بالمتجدد منه مطلقا أو قبل الدخول كما سبق في نظائره ، بل العموم هنا أولى لإطلاق النص الصحيح المتناول لجميع الأقسام ، انتهى.

وفيه أن ما استند إليه هنا من النص المذكور قد تقدم الجواب عنه وأن هذا النص ليس من محل البحث في شي‌ء ، فإن مورد الخبر إنما هو عيوب النساء كما تقدم ذلك مشروحا مبينا في مسألة الفسخ بالجنون ، ويؤيده ذكر العفل في جملة تلك العيوب ، فإنه مخصوص بالمرأة ، ومن نظر إلى روايتي الكليني والصدوق المشتملتين على السؤال عن عيوب المرأة ، وهو عليه‌السلام قد أجابه بما هو مذكور هنا علم أن الشيخ قد أسقط السؤال واقتصر على إيراد الجواب ، وهو معيب عند المحدثين كما ذكره جملة من المحققين ، لعروض مثل هذا الاشتباه هنا ، فإن هذا الجواب مبني على السؤال المذكور في صدر الخبر ، وإقطاعه عنه يوجب ما وقع فيه هذا المستدل هنا ، وكيف كان فإنه لا أقل أن يكون ما ذكرناه مساويا لما قالوه للاحتمال ، وبه يبطل الاستدلال.

وأما الوجه العقلي الذي ذكره فقد عرفت في غير موضع مما تقدم أن هذه التعليلات العقلية لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية ، لاستفاضة الآيات والروايات بالرجوع في الأحكام إلى الكتاب العزيز أو ما ورد عنهم عليهم‌السلام.

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٤٠٦ ح ٦ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٢٤ ح ٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٧ ح ٥.

٣٥١

(ومنها) الزنا ، المشهور أنه ليس بعيب يرد به النكاح ، وقال ابن الجنيد : الزنا قبل العقد وبعده يرد به النكاح ، فلو زنت المرأة قبل دخول الرجل بها فرق بينهما ، وكذلك إن كان الزاني رجلا فلم ترض المرأة فرق بينهما ، ووافقه الصدوق في المقنع في الزوجة ، فقال في الكتاب المذكور : إذا زنت المرأة قبل دخول الرجل بها فرق بينهما ولا صداق لها ، لأن الحدث كان من قبلها ، لقول على عليه‌السلام (١) «إذا زنت قبل أن يدخل بها زوجها؟ قال : يفرق بينهما ولا صداق لها ، لأن الحدث كان من قبلها».

أقول : لا ريب أن ما ذكره الصدوق وابن الجنيد هنا قد دل عليه جملة من الأخبار المتقدمة في الإلحاق الذي بعد المقام الثاني في الزنا من المطلب الثالث فيما يحرم بالمصاهرة ، إلا أنه قد دلت صحيحة رفاعة المذكورة ثمة على خلاف ما دلت عليه تلك الروايات ، وبهذه الصحيحة أفتى الصدوق في علل الشرائع (٢) مع أنه قد أفتى في المقنع كما عرفت بالأخبار الدالة على الفسخ ، وهو غريب منه.

وبالجملة فإن ظاهر الأصحاب الاعراض عن تلك الروايات وعدم العمل بها ، وقد تقدم تحقيق الكلام في هذا المقام في مواضع ، منها في المسألة الخامسة من من مسائل لواحق المذكورة في آخر الفصل الثاني فليراجع ذلك من أحب.

(ومنها) ما لو ظهر كون الزوج خنثى (٣) قيل : لها الفسخ ، وهو قول الشيخ في المبسوط في موضعين منه ، قال في أحدهما : ولو أصابته خنثى وقد ثبت أنه رجل فهل لها الخيار؟ على قولين : أحدهما أن لها الخيار وهو الأقوى ،

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٥٦٦ ح ٤٥ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٩٠ ح ١٧٦ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٦٣ ح ٣٨ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦٠١ ح ٣.

(٢) الكافي ج ٧ ص ١٧٩ ح ٧ ، علل الشرائع ص ٥٠٢ ط النجف الأشرف ، الوسائل ج ١٨ ص ٣٥٩ ح ٨.

(٣) أي المرأة وجدت الزوج خنثى. (منه ـ قدس‌سره ـ).

٣٥٢

وفي موضع ثالث أنه ليس بعيب وإنما هو بمنزلة الإصبع الزائدة ، وهذا هو الأقوى ، وكذا لو ظهرت المرأة خنثى ، لأن الزائد فيها كالإصبع الزائدة.

أقول : والأظهر أن يقال ، بالنسبة إلى الرجل كالثقبة الزائدة ، لا كالإصبع كما ذكره ، وإنما التشبيه بالإصبع لمن حكم بكونها امرأة.

قال في المسالك : وموضع الخلاف ما إذا كان محكوما له بالذكورية ، أو الأنوثية ، أما لو كان مشكلا تبين فساد النكاح ، وبذلك صرح الشيخ في المبسوط بأنه صرح بكون الخلاف في الخنثى الواضح ، لأنه قال في الموضعين المشار إليهما آنفا : لو بان خنثى وحكم بأنه ذكر هل لها الخيار أم لا؟ واختار العلامة في المختلف عدم الخيار لما ذكره الشيخ من التعليل بأن هذه الزيادة كالإصبع الزائدة ، قال : ولا وجه للخيار مع إمكان الوطي وثبوت الرجولية ، وقال في المسالك :ووجه الخيار مع وضوحه (١) وجود النفرة منه ، وكون العلامات ظنية لا تدفع الشبهة ، والانحراف الطبيعي.

أقول : وبمقتضى هذا التقرير أنه لو ظهر كون الزوج امرأة والزوجة رجلا بالعلامات التي يستعلم بها الواضح بطل العقد ، وكذا لو ظهر كونه خنثى مشكلا بطل أيضا ، ولم أقف في هذه المسألة على نص يدل على ما ذكروه من ثبوت الخيار للمرأة لو ظهر كون زوجها خنثى وقد حكم بكونه رجلا شرعا ، وللرجل لو ظهر كون زوجته خنثى قد حكم شرعا بكونها امرأة ، إلا أن حديث دينار الخصي (٢) المشتمل على عد الأضلاع ، وأن أمير المؤمنين عليه‌السلام ألحق تلك الخنثى بالرجل لما كانت أضلاعها مثل أضلاع الرجال ، يدل على بطلان النكاح لو ظهر كون الخنثى

__________________

(١) قوله «مع وضوحه» يعنى فرض كونه خنثى واضحا لا خنثى مشكلا فإنه مع كونه مشكلا يبطل النكاح. (منه ـ قدس‌سره ـ).

(٢) التهذيب ج ٩ ص ٣٥٤ ح ٥ ، الفقيه ج ٤ ص ٢٣٩ ح ٤ ، الوسائل ج ١٧ ص ٥٧٥ ح ٣.

٣٥٣

التي كانت زوجة ـ رجلا ، ويأتي مثله في الزوج إذا كان خنثى ، وظهر كونه امرأة بالعلامات المنصوبة من الشارع ، وهو مما لا إشكال فيه كما صرح به الأصحاب ، وأما موضع البحث فلم أقف فيه على نص.

(ومنها) ما لو انتمى الرجل إلى قبيلة فزوجوه بناء على ذلك ، فظهر خلاف ما ادعاه ، فهل للمرأة الخيار أم لا؟ قولان : وقد تقدم الكلام في هذه المسألة في المسألة السادسة من مسائل لواحق العقد المذكورة في آخر الفصل الثاني ، فلا حاجة الى إعادته.

المقام الثاني : في عيوب المرأة ، وهي على المشهور في كلامهم سبعة : الجنون والجذام والبرص والقرن والإفضاء والعمى والإقعاد ، وفي العرج أقوال ، يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى ، وعد الصدوق في المقنع من عيوب المرأة الموجبة للفسخ ما إذا زنت المرأة قبل دخول الزوج بها ، وعد ابن الجنيد مطلق الزنا من الرجل والمرأة قبل العقد وبعده ، وعد ابن الجنيد مطلق الزنا من الرجل والمرأة قبل العقد وبعده ، وعد المفيد وجماعة المحدودة في الزنا ، بل الظاهر أنه المشهور بين المتقدمين على ما نقله في المسالك ، والمشهور بين المتأخرين عدم عد ذلك ، والواجب أولا نقل ما وصل إلينا من الأخبار المتعلقة بالمقام ، ثم الكلام فيها بتوفيق الملك العلام وبركة أهل الذكر عليهم‌السلام.

الأول : ما رواه في الكافي (١) في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «سألته عن رجل تزوج إلى قوم فإذا امرأته عوراء ، ولم يبين وله ، قال : يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعقل».

الثاني : ما رواه الشيخ والصدوق (٢) في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٤٠٦ ح ٦ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٣ ح ٦.

(٢) التهذيب ج ٧ ص ٤٢٦ ح ١٢ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٧٣ ح ٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٣ ح ٦ وص ٥٩٧ ح ٥.

٣٥٤

أبي عبد الله عليه‌السلام «أنه قال في رجل تزوج إلى قوم فإذا امرأته عوراء ، ولم يبينوا له ، قال : لا تردد ، إنما يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل ، قلت : أرأيت إن كان قد دخل بها كيف يصنع بمهرها؟ قال : لها المهر بما استحل من فرجها ، ويغرم وليها الذي أنكحها مثل ما ساق إليها».

الثالث : ما رواه الشيخ في التهذيب (١) عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنما يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل».

الرابع : ما رواه عن زيد الشحام (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ترد البرصاء والمجنونة والمجذومة ، قلت : العوراء؟ قال : لا».

الخامس : ما رواه في الكافي والتهذيب (٣) عن رفاعة قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المحدود والمحدودة هل ترد من النكاح؟ قال : لا ، قال رفاعة : وسألته عن البرصاء؟ قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في امرأة زوجها وليها وهي برصاء أن لها المهر بما استحل من فرجها ، وأن المهر على الذي زوجها ، وإنما صار المهر عليه لأنه دلسها ، ولو أن رجلا تزوج امرأة وزوجها رجل لا يعرف دخيلة أمرها لم يكن عليه شي‌ء وكان المهر يأخذه منها» (٤).

السادس : عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال في الرجل إذا.

__________________

(١) التهذيب ج ٧ ص ٤٢٤ ح ٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٤ ح ١٠.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٤٠٦ ح ٨ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٢٤ ح ٦ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٤ ح ١١.

(٣) الكافي ج ٥ ص ٤٠٧ ح ٩ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٢٤ ح ٨ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦٠٠ ح ٢.

(٤) أقول وروى ابن إدريس في مستطرفات السرائر الرواية من كتاب البزنطي عن الحلبي «قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه‌السلام ـ عن البرصاء ، قال : قضى أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ في امرأة زوجها وليها». الحديث كما في الأصل. (منه ـ قدس‌سره ـ).

(٥) الكافي ج ٥ ص ٤٠٧ ح ١٢ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٢٧ ح ١٣ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٨ ح ٢.

٣٥٥

تزوج المرأة فوجد بها قرنا وهو العفل أو بياضا أو جذاما أنه يردها ما لم يدخل بها».

السابع : عن الحذاء (١) في الصحيح عن أبي جعفر عليه‌السلام «في رجل تزوج امرأة من وليها فوجد بها عيبا بعد ما دخل بها ، قال : فقال : إذا دلست العفلاء نفسها والبرصاء والمجنونة والمفضاة وما كان بها من زمانة ظاهرة ، فإنها ترد على أهلها من غير طلاق ، ويأخذ الزوج المهر من وليها الذي كان دلسها ، فإن لم يكن وليها علم بشي‌ء من ذلك فلا شي‌ء عليه ، وترد إلى أهلها ، قال : وإن أصاب الزوج شيئا مما أخذت منه فهو له ، وإن لم يصب شيئا فلا شي‌ء له ، قال : وتعتد منه عدة المطلقة إن كان قد دخل بها ، وإن لم يكن دخل بها فلا عدة ولا مهر».

الثامن : ما رواه في الكافي (٢) عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «المرأة ترد من أربعة أشياء من البرص والجذام والجنون والقرن وهو العفل ما لم يقع عليها فإذا وقع عليها فلا».

التاسع : ما رواه في الكافي والفقيه (٣) عن الحسن بن صالح قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرنا ، قال : هذه لا تحبل وينقبض زوجها عن مجامعتها ترد على أهلها ، قلت : فإن كان دخل بها؟ قال : إن كان علم بها قبل أن يجامعها ثم جامعها فقد رضي بها ، وإن لم يعلم بها إلا بعد ما جامعها ، فإن شاء بعد أمسكها ، وإن شاء سرحها إلى أهلها ، ولها ما أخذت منه بما استحل من فرجها».

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٤٠٨ ح ١٤ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٢٥ ح ١٠ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٦ ح ١.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٤٠٩ ح ١٦ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٢٧ ح ١٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٢ ح ١.

(٣) الكافي ج ٥ ص ٤٠٩ ح ١٧ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٧٤ ح ٥ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٩ ح ٣.

٣٥٦

العاشر : ما رواه في الكافي (١) عن أبي الصباح الكناني في الصحيح قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرنا قال : هذه لا تحبل ولا يقدر زوجها على مجامعتها ، يردها على أهلها صاغرة ولا مهر لها ، قلت : فإن كان دخل بها؟ قال إن كان علم بذلك قبل أن ينكحها يعني المجامعة ثم جامعها فقد رضي بها ، وإن لم يعلم إلا بعد ما جامعها ، فإن شاء بعد أمسك وإن شاء طلق».

الحادي عشر : ما رواه الشيخ (٢) في الصحيح عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه‌السلام «في الرجل يتزوج المرأة فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء ، قال : ترد على وليها ، ويكون لها المهر على وليها. فإن كان بها زمانة لا يراها الرجال أجيز شهادة النساء عليها».

الثاني عشر : ما رواه في التهذيب (٣) عن محمد بن مسلم في الموثق عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «ترد البرصاء والعمياء والعرجاء». وزاد في الفقيه : الجذماء.

الثالث عشر : ما رواه في التهذيب (٤) عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام «في رجل تزوج امرأة فوجدها برصاء أو جذماء ، قال : إن كان لم يدخل بها ولم يبين له فإن شاء طلق ، وإن شاء أمسك ، ولا صداق لها وإذا دخل بها فهي امرأته».

الرابع عشر : ما رواه في التهذيب (٥) عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : «سألت

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٤٠٩ ح ١٨ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٢٧ ح ١٥ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٨ ح ١.

(٢) التهذيب ج ٧ ص ٤٢٤ ح ٥ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٤ ح ٩.

(٣) التهذيب ج ٧ ص ٤٢٤ ح ٧ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٧٣ ح ٣ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٤ ح ٧ و ١٢.

(٤) التهذيب ج ٧ ص ٤٢٦ ح ١١ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٥ ح ١٤.

(٥) الكافي ج ٥ ص ٣٥٥ ح ٤ ، التهذيب ج ٧ ص ٤٢٥ ح ٩ وص ٤٤٨ ح ٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦٠١ ح ٤ ، وما في المصادر اختلاف يسير مع ما نقله ـ قدس‌سره.

٣٥٧

أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة فعلم بعد ما تزوجها أنها قد كانت زنت ، قال : إن شاء زوجها أخذ الصداق ممن زوجها ، ولها الصداق بما استحل من فرجها ، وإن شاء تركها ، قال : وترد المرأة من العفل والبرص والجذام والجنون فأما ما سوى ذلك فلا».

الخامس عشر : ما رواه في التهذيب (١) عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه‌السلام «أنه قال : في كتاب علي عليه‌السلام : من تزوج امرأة فيها عيب دلسته ولم تبين ذلك لزوجها فإنه يكون لها الصداق بما استحل من فرجها ، ويكون الذي ساق الرجل إليها على الذي زوجها ولم يبين».

السادس عشر : ما ذكره الرضا عليه‌السلام في كتاب الفقه الرضوي (٢) قال : «وإن تزوج رجل بامرأة فوجدها قرناء أو عفلاء أو برصاء أو مجنونة ، إذا كان بها ظاهرا كان له أن يردها على أهلها بغير طلاق ، ويرجع الزوج على وليها بما أصدقها إن كان أعطاها شيئا ، فإن لم يكن أعطاها شيئا فلا شي‌ء عليه».

إذا عرفت ذلك فاعلم أن الكلام هنا يقع في مواضع.

الأول : لا خلاف نصا وفتوى في أن الجنون الذي هو عبارة عن فساد العقل من العيوب الموجبة للفسخ وإطلاق النصوص يقتضي الفسخ به متى تحقق ، بأي سبب كان ، وعلى أي وجه كان دائما أو أدوارا ، عقل معه أوقات الصلوات أو لم يعقل ، وكذا إطلاق فتاوى الأصحاب على ما صرح به غير واحد منهم ـ رضي‌الله‌عنهم ـ ، نعم يشترط استقراره ، فلا عبرة بعروض زوال العقل وقتا ثم يعود ، لعدم صدق الجنون عرفا على من كان كذلك.

وكذا الجذام متفق عليه نصا وفتوى ، إلا أنه لا يحكم به إلا بعد تحققه بتناثر اللحم وسقوط بعض الأطراف كالأنف ، وذلك لأن الجذام بالفتح بمعنى القطع ،

__________________

(١) التهذيب ج ٧ ص ٤٣٢ ح ٣٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٩٧ ح ٧.

(٢) فقه الرضا ص ٢٣٧ ، مستدرك الوسائل ج ٢ ص ٦٠٢ ب ١ ح ٨.

٣٥٨

وإنما سمي مجذوما لذلك.

قال في كتاب المصباح المنير (١) ـ بعد أن ذكر أن الجذام مصدر من باب ضرب بمعنى القطع ـ ما لفظه : ومنه يقال : جذم الإنسان بالبناء للمفعول إذا أصابه الجذام ، لأنه يقطع اللحم ويسقطه وهو مجذوم ، انتهى.

وأما مع ظهور علاماته قبل أن يتحقق من ضيق النفس وبحة الصوت وكمود العينين إلى حمرة ، ونحو ذلك ، فإنه يرجع فيه إلى أهل الخبرة من الأطباء ، قالوا : ويشترط فيهم العدالة والتعدد والذكورة كغيرها من الشهادات أو الشياع المتاخم للعلم ، وبدون ذلك يتمسك بأصالة لزوم العقد.

وكذا لا خلاف في البرص نصا وفتوى ، والذي ذكره جملة من الأصحاب ، وبه صرح في القاموس (٢) أنه بياض يظهر في ظاهر البدن لفساد مزاج. وقال المحقق في الشرائع هو البياض الذي يظهر على صفحة البدن لغلبة البلغم.

وقالوا في المسالك : والبرص مرض معروف يحدث في البدن يغير لونه إلى السواد أو إلى البياض ، لأن سببه قد يكون غلبة السوداء فيحدث الأسود ، وقد يكون غلبة البلغم فيحدث الأبيض.

وقال في كتاب مجمع البحرين (٣) : البرص لون مختلط حمرة وبياضا أو غيرهما. ولا يحصل إلا من فساد المزاج وخلل في الطبيعة.

أقول : والمفهوم من دعاء أمير المؤمنين عليه‌السلام على أنس لما لم يشهد بخبر الغدير فدعا عليه ببياض لا تواريه العمامة ، أن البرص هو البياض.

وكيف كان فإنه لا يحكم به إلا بعد تحققه كالجذام.

قال في المسالك : فإنه يشتبه بالبهق في القسمين والسببين ، قال : والفرق

__________________

(١) المصباح المنير ص ١٣٠.

(٢) القاموس المحيط ج ٢ ص ٢٩٥.

(٣) مجمع البحرين ج ٤ ص ١٦٣.

٣٥٩

بينهما أن البرص يكون غائصا في الجلد واللحم ، والبهق يكون في سطح الجلد خاصة ليس له غرز وقد يتميزان بأن يغرز فيه الإبرة ، فإن خرج منه دم فهو بهق ، وإن خرج منه رطوبة بيضاء فهو برص ، انتهى.

وبالجملة فإنه مع اشتباه الحال يرجع فيه إلى أرباب الخبرة بذلك حسبما تقدم في الجذام.

الثاني : قد دل الحديث الأول على أن من جملة تلك العيوب العفل ، وكذا في الخبر الثاني والثالث والسابع والرابع عشر ، وفي بعضها ذكر عوضه «القرن» كالخبر التاسع والعاشر والخامس عشر ، وفي بعضها فسر أحدهما كما في الخبر السادس والثامن ، وبه يزول الاشكال من البين ، وكلام أهل اللغة قد اختلف في الاتحاد والتغاير ، وباختلافه اختلف كلام الفقهاء أيضا.

قال في كتاب المصباح المنير (١) : عفلت المرأة عفلا من باب تعب إذا خرج من فرجها شي‌ء يشبه أدرة الرجل فهي عفلاء وزان حمراء ، والاسم العفلة مثل قصبة.

وقال ابن الأعرجي (٢) : العفل لحم ينبت في قبل المرأة وهو القرن ، قالوا : ولا يكون العفل في البكر ، وإنما يصيب المرأة بعد الولادة ، وقيل : هي المتلاحمة أيضا ، وقيل هو ورم يكون بين مسلكي المرأة فيقبض فرجها حتى يمنع الإيلاج ، انتهى. وقال في مادة قرن : والقرن مثل فلس أيضا العفلة ، وهو لحم ينبت في الفرج في مدخل الذكر كالغدة الغليظة ، وقد يكون عظما ، ثم نقل عن الأصمعي أنه سمي قرنا لأنه اقترن مع الذكر خارج الفرج ، انتهى.

وقال في القاموس (٣) : العفل والعفلة متحركتين شي‌ء يخرج من قبل النساء وحياء الناقة كالأدرة للرجال ولم يذكر القرن.

__________________

(١) لم نعثر عليه في المصباح المنير.

(٢) تاج العروس ج ٨ ص ٢٤.

(٣) القاموس المحيط ج ٤ ص ١٨.

٣٦٠