الحدائق الناضرة - ج ٢٣

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ٢٣

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٦

والرواية المذكورة وغيرها قد اشتملت على عد من يبيع لها ويشتري في جملة من بيده عقدة النكاح ، ومقتضى كلامه أنه يستحب لها أيضا توكيله ، وهو لا يقول به ولا غيره.

والحق أن الأخ ونحوه مما ذكرناه لا بد من حمله في عده في هذا المقام على الوصي أو الوكيل ، والحمل على الاستحباب يحتاج إلى ثبوت ذلك بدليل من خارج ، وليس فليس.

قالوا : ويستحب أن تقول على الأكبر من الاخوة لو تعددوا وإن اختلف والأصغر في الاختيار تخيرت خيرة الأكبر ، وعلل باختصاص الأكبر من الاخوة بمزيد الفضيلة وقوة النظر والاجتهاد في الأصلح ، وبما سيأتي من الخبر الدال على ترجيح عقد الأكبر.

وفيه ما لا يحفي ، ولا سيما إذا كان مختار الأصغر في مقام الاختلاف أكمل وأرجح على أن أكملية رأي الأكبر مطلقا ممنوعة ، والخبر المشار إليه يأتي الكلام فيه.

المسألة السادسة عشر : قد عرفت مما تقدم أن حكم الأخ بالنسبة إلى تزويج أخته حكم الأجنبي وإن استحب لها توكيله عندهم ، وعلى هذا فلو زوجها الأخوان برجلين ، فإما أن يكونا وكيلين أم لا ، وعلى الأول فالعقد للسابق منهما ، ولو دخل بها الثاني والحال هذه فحملت منه الحق به الولد ولزمه مهرها إن كانا جاهلين بالحال أو التحريم وردت إلى السابق بعد العدة.

ولو اقترن العقدان واتفقا في حالة واحدة قيل بتقديم عقد الأكبر منها والمشهور بين المتأخرين البطلان.

وأما لو لم يكونا وكيلين كانا فضوليين ، وتتخير في إجازة عقد أيهما شاءت ، وبأيهما دخلت قبل الإجازة كان العقد له ، وتفصيل هذه الجملة يقع في مواضع :

٣٠١

الأول : ما لو كانا وكيلين مع سبق أحدهما ، ولا ريب في صحة عقد السابق منهما وبطلان المتأخر ، لأنه إنما وقع بعد أن دخلت في عصمة الزوج الأول ، وحينئذ فالحكم فيها أنه إن لم يدخل بها الثاني سلمت للأول.

وإن دخل بها فإن كانا عالمين بالحال فهما زانيان فلا مهر للمرأة لأنها بغي ولا ولد للزوج لو كان ثمة ولد ، لأنه من زنا.

وإن علمت المرأة خاصة فلا مهر لها والحق الولد بأبيه ، وإن علم هو خاصة لم يلحق به الولد وكان لها المهر.

وإن كانا جاهلين فالحكم كما تقدم من أن لها على الواطئ مهر المثل والحق الولد بها وعليها العدة كغيره من وطئ الشبهة الموجب لذلك ثم ترد إلى الأول ولها عليه المسمى فلها الصداقان معا ، وإن اختص الجهل بأحدهما لتحقق وطئ الشبهة الموجب للعدة ، فتعتد عدة الطلاق عند الأصحاب ثم ترد إلى الأول وظاهر الأصحاب أنه مع علمها وكون النكاح زنا فلا عدة.

ومن أصحابنا وإن كان خلاف المشهور من أوجب العدة من الزنا باستبراء الرحم بحيضة أو خمسة وأربعين يوما ، وهو يأتي هنا على هذا القول ، ولا بأس به لظاهر بعض الأخبار مع أوفقيته بالاحتياط.

والذي وقفت عليه من الأخبار الداخلة في حيز هذا المقام والمنتظمة في في سلك هذا النظام ما رواه

في الكافي في الصحيح أو الحسن عن محمد بن قيس (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في امرأة أنكحها أخوها رجلا ثم أنكحتها أمها بعد ذلك رجلا وخالها أو أخ لها صغير ، فدخل بها فحبلت فاحتكما فيها فأقام الأول الشهود فألحقها بالأول ، وجعل لها الصداقين جميعا ومنع زوجها التي حقت له أن يدخل بها حتى تضع حملها ، ثم الحق الولد بأبيه».

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٣٩٦ ح ١ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢١١ ح ٢.

٣٠٢

والخبر محمول على ما ذكره الشيخ من جعلها أمرها إلى أخيه ، قال : إذ لا ولاية لغير الأب والجد.

قيل (١) ولو جهل السابق أو نسي احتمل القرعة لأنه أمر مشكل للعلم بثبوت نكاح أحدهما ، ولا طريق إلى استعلامه ، والتربص إلى التذكر مع عدم العلم بحصوله فيه إضرار بالمرأة ، فإذا أقرع بينهما فمن أخرجته القرعة أمر بتجديد النكاح ، ويؤمر الآخر بالطلاق.

ويحتمل إجبار كل منهما على الطلاق لدفع الضرر عن المرأة ، ويحتمل فسخ الحاكم بالنسبة إلى كل منهما لأن فيه دفع الضرر مع السلامة من ارتكاب الإجبار على الطلاق ، ومن القرعة التي لا مجال لها في الأمور التي هي مناط الاحتياط التام ، وهي الأنكحة التي تتعلق بها الأنساب والإرث والمحرمية ، وقوى العلامة في القواعد هذا الاحتمال ، ونفى عنه الشارح البأس.

الثاني : المشهور بين الأصحاب بطلان العقدين فيما لو كانا وكيلين واقترن عقداهما في القبول لامتناع الحكم بصحتها معا من حيث تباينهما وامتناع الحكم بصحة أحدهما لأنه ترجيح من غير مرجح.

وذهب الشيخ في النهاية إلى الحكم بعقد الأكبر من الأخوين ، وتبعه ابن البراج وابن حمزة استنادا إلى ما رواه في الكافي والتهذيب في الصحيح عن وليد بياع الاسقاط (٢) ، وهو مجهول قال : «سئل أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر عنده عن جارية كان لها أخوان زوجها الأكبر بالكوفة وزوجها الأصغر بأرض أخرى ، قال : الأول أحق بها إلا أن يكون الأخير قد دخل بها ، فإن دخل بها فهي امرأته ونكاحه جائز».

__________________

(١) والقائل المذكور هو السيد السند في شرح النافع وجده في المسالك والمحقق الثاني في شرح القواعد. (منه ـ قدس‌سره ـ).

(٢) التهذيب ج ٧ ص ٣٨٧ ح ٢٩ الكافي ج ٥ ص ٣٩٦ ح ٢ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢١١ ح ٤.

٣٠٣

والشيخ في التهذيبين حمل هذه الرواية على ما إذا جعلت المرأة أمرها إلى أخويها ، واتفق العقدان في حالة واحدة فيكون عقد الأكبر أولى ما لم يدخل الذي عقد عليه الأصغر.

وفيه (أولا) إن ما ادعاه من المقارنة ينافيه ظاهر قوله في الخبر «الأول أحق بها إلا أن يكون الأخير قد دخل بها» فإنه مع المقارنة لا يتحقق هنا أول ولا أخير ، وهو ظاهر.

و (ثانيا) إن الحكم بأحقية الأول كما دل عليه الخبر الذي هو كناية عن تقديم عقد الأكبر كما ادعاه الشيخ يوجب إلغاء العقد الآخر ، فكيف يصححه الدخول بالمرأة بعد إلغائه؟ وهو نوع اضطراب ترد به الرواية.

و (ثالثا) إنه كيف يمكن فرض الاتفاق في العقدين بأن يكون قولهما في ساعة واحدة ، والمفروض في الرواية أن الأكبر زوجها بالكوفة والأصغر زوجها ببلدة اخرى وأرض أخرى ، فالحمل على ما ذكر والحال هذه سفسطة ظاهرة.

و (رابعا) إن التقييد بالاقتران خلاف ظاهر كلامه في النهاية ، حيث إن ظاهر كلامه ثمة إنما هو الحكم للأكبر أعم من أن يقترن العقدان أم لا كما سيأتي بذلك نقل عبارته.

وبالجملة فإن الرواية مطلقة بالنسبة إلى عقد كل من الأخوين في كونه ناشئا عن الإجازة أو فضوليا ، ومطلقة أيضا بالنسبة إلى الاقتران وعدمه في العقدين مع ما عرفت من الإشكالات في حملها على الاقتران.

وحينئذ فالأقرب في معناها كما صرح به جملة من أفاضل متأخري المتأخرين هو الحمل على ما إذا كان الأخوان فضوليين ، ويكون معنى أحقية الأول بها كون تلك الأحقية أحقية فضل واستحباب ، بمعنى أن الأفضل لها

٣٠٤

ترجيح مختار الأكبر إلا أن يكون الآخر ، وهو الذي اختاره الأصغر قد دخل بها ، فإن الدخول يكون كاشفا عن الرضا بالعقد.

الثالث : ما لو لم يكونا وكيلين أو كانا أجنبيين فإنه لا ريب أنهما فضوليان فتختار من تشاء منهما وإن كان الأفضل لها عند الأصحاب كما تقدم اختيار عقد الأكبر من الأخوين متقدما كان أو مقارنا أو متأخرا.

هذا مع عدم الدخول بأحدهما بعد العلم بالعقد وإلا كان الدخول إجازة ، إلا أنه ينبغي تقييد استحباب اختيارها عقد الأكبر بما إذا تساوى مختارهما في الكمال أو ترجح مختار الأكبر ، أما لو ترجح مختار الأصغر فإن الأولى لها اختياره.

الرابع : المشهور بين الأصحاب في تقرير محل الخلاف في هذه المسألة أن محلها ما لو اتفق العقدان في وقت واحد فالمشهور بينهم البطلان كما تقدم ، ونقلوا عن الشيخ في النهاية القول بصحة عقد الأكبر ، ونقلوا عنه الاحتجاج على ذلك بالخبر المتقدم.

واعترضهم في المسالك بأن كلام الشيخ في النهاية وعبارته لا تساعد على ما ادعوه ، قال : بل ظاهرها تقديم عقد الأكبر مطلقا ، وكذلك روايته التي هي مستند الحكم بل الرواية ظاهرة في عدم الاقتران ، لأن عقد كل منهما واقع في بلد فيبعد العلم باقترانهما ، وكيف كان فالعبارة أعم منه.

ثم نقل عبارة الشيخ في النهاية ، قال : وهذا لفظ الشيخ في النهاية : وإن كان لها أخوان وجعلت الأمر إليهما ثم عقد كل واحد منهما عليها لرجل كان الذي عقد عليها له أخوها الكبير أولى بها من الآخر ، فإن دخل بها الذي عقد عليها أخوها الصغير كان العقد ماضيا ، ولم يكن للأخ الكبير أمر مع الدخول بها فإن كان الأخ الكبير سبق بالعقد ، ودخل الذي عقد له الأخ الصغير بها فإنها ترد

٣٠٥

إلى الأول ، وكان لها الصداق بما استحل من فرجها وعليها العدة فإن جاءت بولد كان لا حقا بأبيه.

ثم قال : وإطلاقها الشامل لحالة الاقتران والاختلاف واضح ، والرواية المتقدمة بمعنى ما ذكره ، وحاصل فتواه في النهاية تقديم الأكبر مطلقا إلا مع دخول من زوجه الأصغر في حالة لم يكن الأكبر متقدما بالعقد ، وهذا القيد الأخير زائد على الرواية.

وفي كتابي الأخبار حمل الرواية على ما إذا جعلت المرأة أمرها إلى أخويها واتفق العقدان في حالة واحدة ، فيكون عقد الأكبر أولى ما لم يدخل الذي عقد عليه الأصغر ، وهذا قول آخر للشيخ غير ما قاله في النهاية لأنه جعل تقديم الأكبر مع الاقتران خاصة بشرط أن لا يدخل بها من زوجه الأصغر.

والقولان للشيخ مغايران لما نقله المصنف ، لأنه جعل تقديم الأكبر مع الاتفاق مطلقا إلى آخر كلامه زيد إكرامه.

أقول : أما الرواية فقد عرفت الكلام فيها وأن تقييدها بالاقتران باطل من وجوه عديدة كما عرفت.

بقي الكلام في عبارة النهاية ، ولا ريب في أنها وإن كانت ظاهرة فيما ذكره إلا أن من حملها على الاقتران في العقد لعله اعتمد على تطبيقها على الأصول والقواعد الشرعية التي من جملتها أنه لو سبق الأصغر بالعقد مع كونهما وكيلين كما هو المفروض فلا ريب في صحة عقده وبطلان عقد الأكبر ، فلا معنى لأولوية عقد الأكبر هنا ، فيجب إخراجه عن الإطلاق ، وكذا لو سبق الأكبر كما هو مصرح به في الخبر ، فيبقى اختصاص الخبر بالاتفاق في العقدين والمقارنة بينهما.

وحيث إنه لا يفهم من القواعد الشرعية ترجيح في البين حصل الحكم فيه

٣٠٦

أن عقد الكبير أولى إلا أن يسبق من عقد عليه الصغير بالدخول قبل العلم بعقد الكبير.

وبالجملة فإن لما عدا صورة الاقتران من سبق الكبير أو الصغير يجب الوقوف فيه على القواعد الشرعية الموجبة لصحة عقد المتقدم وبطلان المتأخر.

وأما صورة الاقتران ـ وإن بعد فرضها ـ فالقائلون بالمشهور من البطلان اعتمدوا على الدليل العقلي الذي قدمنا ذكره ، والشيخ ومن تبعه اعتمدوا على الرواية بناء على الاقتران.

وقد عرفت عدم قبول الرواية لهذا الحمل ، وأن الأولى والأظهر حملها على ما قدمنا نقله عن جملة منهم من كون الأخويين فضوليين ، والله العالم.

الفصل الثاني

في أسباب التحريم

والمشهور في كلامهم حصرها في ستة وهي : النسب ، والرضاع ، والمصاهرة واستيفاء العدد ، واللعان ، والكفر.

ولا يخفى أن الأسباب الموجبة للتحريم أكثر من ذلك كما سيمر بك إن شاء الله في تضاعيف مباحث الكتاب ومنها المعقود عليها في العدة مع العلم أو الدخول ، والمزني بها وهي ذات بعل أو في العدة الرجعية ، والمعقود عليها كذلك مع الدخول والعلم ، والفجور بأبيها وأخيها ، والمفضاة بالدخول لأقل من تسع ، والمقذوفة وهي صماء أو خرساء ، والمزني بأمها وبنتها ، والمعقود عليها في الإحرام مع العلم بالتحريم.

وكيف كان فالبحث هنا يقع في مطالب ستة جريا على عادتهم (رضوان الله عليهم) في جعل محل الكلام في هذه الستة المذكورة. فنقول وبالله التوفيق

٣٠٧

لبلوغ المأمول ونيل المسئول :

المطلب الأول : فيما يحرم بالنسب ، وهي سبعة أصناف من النساء حسبما تضمنته الآية أعني قوله عزوجل (١) «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ» وربما أنهاها بعضهم إلى تسعة ، وهي الأم وإن علت ، والبنت وبنتها وإن نزلت ، وبنت الابن فنازلا ، والأخت وبنتها فنازلا ، وبنات الأخ كذلك ، والعمة والخالة فصاعدا فيهما.

والمراد بالأم هنا وإن علت هي كل امرأة ولدتك أو انتهى نسبك إليها من العلو بالولادة لأب كان أو لام ، وبعبارة أخرى هي كل أنثى ولدتك أو ولدت من ولدك ذكرا كان أو أنثى ، وبعبارة ثالثة هي كل أنثى ينتهي إليها نسبك بالولادة بواسطة أو بغير واسطة.

والمراد بالبنت وبنتها وإن نزلت ، وبنت الابن فنازلا كل من ينتهي إليك نسبه بالتولد ولو بوسائط ، وبعبارة اخرى أن ضابطها كل أنثى ولدتها أو ولدت من ولدها ذكرا كان أو أنثى بواسطة أو غير واسطة.

والمراد بالأخت وابنتها هي كل امرأة ولدها أبواك أو أحدهما وبعبارة أخرى هي كل امرأة ولدتها أبواك أو أحدهما ، أو انتهى نسبهما إليهما أو أحدهما بالتولد ونحوها ابنة الأخ وإن نزلت ، فإنها داخلة تحت الضابط المذكور.

والمراد بالعمة فصاعدا هي كل أنثى هي أخت ذكر ولدتك بواسطة أو غير واسطة من جهة الأب أو الأم أو منهما.

والخالة فصاعدا وضابطها كل أنثى هي أخت أنثى ولدتك بواسطة أو غير واسطة.

والمراد بقولنا «فصاعدا» في العمة والخالة ليدخل عمة الأب والام

__________________

(١) سورة النساء ـ آية ٢٤.

٣٠٨

وخالتهما وعمة الجد والجدة وخالتهما وهكذا ، لا عمة العمة وخالة الخالة فإنهما قد لا تكونان محرمتين ، وقد تكونان محرمتين ، فلا يكون التحريم ضابطة كلية.

فأما بالنسبة إلى العمة فإن عمة العمة قد تكون محرمة كما إذا كانت العمة القريبة عمته لأبيه وامه أو لأبيه ، فعمة هذه العمة تكون أخت جده لأبيه فتكون عمته تحرم عليه ، مثل عمته القريبة ، وقد لا تكون محرمة كما لو كانت عمته القريبة عمته لام ، بمعنى أنها أخت أبيه من الام ، فعمتها حينئذ تكون أخت زوج جدته أم أبيه ، وأخت زوج الام لا تحرم ، فأخت زوج الجدة أولى.

وأما بالنسبة إلى خالة الخالة ، فإن الخالة القريبة قد تكون خالة لأب وأم أو لام ، بمعنى أنها أخت امه من الأبوين أو من الام ، فخالتها على هذا تحرم عليه لأنها أخت جدته لأمه.

أما لو كانت خالته لأب خاصة ، بمعنى أنها أخت امه من الأب خاصة ، فإنها لا تحرم عليها لأن أم خالته القريبة تكون امرأة جده لا أم امه ، فاختها تكون أخت امرأة الجد ، وأخت امرأة الجد لا تحرم عليه.

وبالجملة فإن المحرم من هذه المذكورات في الآية الشريفة أعم من أن تكون صدق هذه العنوانات عليه بطريق الحقيقة أو المجاز إلا الأخت فإنه لا مجاز فيها ، وكذا أولاد البنات فنازلا في دخولهم في لفظ البنات بناء على المختار ، وإن كان المشهور إنما هو المجاز.

وحينئذ فإما أن يكون المراد بالمذكور في الآية ما هو أعم من الحقيقة والمجاز أو أن المراد به الحقيقة خاصة ، والمجاز إنما استفيد بدليل من خارج.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن للأصحاب في ضبط المحرمات عبارات تفصيلية وإجمالية ، فالأولى منهما ما ذكرناه ، ومن الثاني قولهم : أنه يحرم على الإنسان

٣٠٩

أصوله وفصوله ، وفصول أول أصوله (١) ، وأول فصل من كل أصل بعده ، أي بعد أول الأصول.

قالوا : فالأصول الأمهات بالنسبة إلى الذكر والآباء بالنسبة إلى الأنثى ، والفصول البنات والبنون بالنسبة إلى الأمرين ، وفصول أول الأصول الاخوة بالنسبة إلى الرجل والأخوات للأنثى وأولاد الأخ وأولاد الأخت وإن نزلوا ، وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول الأعمام والعمات والأخوال والخالات.

ومن الثاني أيضا قولهم : أنه يحرم على الإنسان كل قريب عدا أولاد العمومة والخؤولة وهي أخصر وأظهر ، وحينئذ فيحرم على الرجل نساء القرابة مطلقا إلا من دخل في اسم ولد العمومة والخؤولة ، وعلى الأنثى ذكور القرابة إلا من دخل في أحد الاسمين المذكورين.

تنبيهات

الأول : لا يخفى أن ما تضمنته الآية من التحريم على الرجال مستلزم للتحريم على النساء ، بمعنى أنه كما يحرم على الرجل امه ، يحرم على الام ابنها فإن الحكم بتحريم النكاح من أحد الطرفين يقتضي التحريم من الطرف الآخر لا محالة ، وهذا هو النكتة في تخصيص الله عزوجل في الآية المحرمات على الرجال ولم يذكر العكس ، وهكذا الكلام في البنت وباقي المحرمات التي في الآية.

الثاني : لا خلاف بين العلماء في أن النسب يثبت بالنكاح الصحيح ، والمراد به الوطي المستحق شرعا بعقد صحيح أو تحليل أو ملك وإن حرم لعارض كالوطئ في الحيض ، ولا يعتبر علمه بكون الوطي جائزا له ، فلو وطئ حليلته

__________________

(١) أقول : وبعبارة أخرى يحرم على الرجل أصوله وفروعه ، وفروع أول أصوله وأول كل فرع من كل أصل وان علا. (منه ـ قدس‌سره ـ).

٣١٠

بظن أنها أجنبية قادما على الزنا لم يقدح ذلك في كون الوطي شرعا وإن أثم بإقدامه على الحرام كما ذكره الأصحاب.

ويحتمل عندي عدم الإثم أيضا من حيث المصادفة واقعا لحل النكاح ، ويلحق به وطئ الشبهة ، والمراد به الوطي الذي ليس بمستحق شرعا مع ظنه أنه مستحق.

ويمكن إدراجه في تعريف النكاح الصحيح المتقدم ذكره بمحل المستحق شرعا على ما هو أعم من كونه كذلك واقعا أو باعتبار ظنه.

والحق (١) بوطى‌ء الشبهة وطئ المجنون والنائم ومن في معناه والصبي الغير المميز.

وبعضهم فسروا وطئ الشبهة بالوطء الذي ليس بمستحق مع عدم العلم بتحريمه قال : فيدخل فيه وطئ الصبي والمجنون والنائم وشبهه ، فيثبت به النسب كالصحيح ولو اختصت الشبهة بأحد الطرفين اختص به الولد.

وأما الوطي بالزنا وهو وطئ المكلف من تحرم عليه بالأصالة مع علمه بالتحريم ، فلا يثبت به النسب إجماعا ، لكن هل يثبت به التحريم الذي هو أحد أحكام النسب ، فيحرم على الزاني نكاح المخلوقة من مائه ، وعلى الزانية نكاح المتولد منها بالزنا؟

المشهور في كلام الأصحاب ذلك ، قالوا : لأنه من مائه فهو يسمى ولدا لغة ، لأن الولد لغة حيوان يتولد من نطفة آخر من نوعه ، والأصل عدم النقل خصوصا على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية ، واستشكله جملة من المتأخرين

__________________

(١) أقول : ما أشرنا إليه من إلحاق وطئ المجنون ومن بعده بوطى‌ء الشبهة مبنى على تعريف وطئ الشبهة ، فمن أخذ في تعريفه ظن أنه مستحق جعله ملحقا لان الظن المذكور لا يتيسر حصوله من هؤلاء ، ومن أخذ عدم العلم بتحريمه أدخله فيه لصدق عدم العلم من هؤلاء كما لا يخفى. (منه ـ قدس‌سره ـ).

٣١١

منهم المحقق الثاني في شرح القواعد.

وشيخنا الشهيد الثاني في المسالك بأن المعتبر إن كان هو صدق الولد لغة لزم ثبوت باقي الأحكام المترتبة على الولد كإباحة النظر وعتقه على القريب وتحريم حليلته وعدم القود من الولد بقتله ونحو ذلك.

وإن كان المعتبر لحوقه شرعا فاللازم انتفاء الجميع ، فالتفصيل غير واضح إلا أن الظاهر من كلام العلامة في التذكرة كما نقل عنه وكذا ولده فخر المحققين في شرح القواعد دعوى الإجماع على الحكم المذكور.

وحينئذ فالمعتمد في تخصيص التحريم دون غيره من متفرعات النسب إنما هو الإجماع المذكور ، ويظهر من المحقق الثاني في شرح القواعد أن عمدة ما تمسك به في ذلك هو الاحتياط.

أقول : وهو أقوى مستمسك في هذا المقام ، إذ لا يخفى أن المسألة المذكورة من الشبهات بل من أعظمها «حلال بين ، وحرام بين ، وشبهات بين ذلك ، فمن تجنب الشبهات نجى من الهلكات» (١).

والاحتياط هنا واجب كما حققناه في غير موضع من زبرنا ، ولا شك في أنه في جانب القول المشهور وظاهر العلامة في القواعد التوقف في بعض شقوق المسألة المذكورة والاستشكال فيها ، وهي ما قدمنا ذكره من جواز النظر وعتقه على القريب ونحوه مما تقدم ذكره وما لم يذكر مما يتفرع على النسب.

ووجه الاشكال مما عرفت من أن مقتضى كونه ولدا لغة الموجب لتحريم النكاح هو ترتب هذه الأحكام أيضا ، ومن أن الأصل تحريم النظر إلى سائر النساء إلا إلى من ثبت له النسب الشرعي الموجب للتحليل ، وهو هنا مشكوك فيه ، ونحوه الانعتاق كما لو ملك امه للشك في النسب أيضا ، وهكذا في باقي الأفراد المذكورة.

__________________

(١) الفقيه ج ٣ ص ٦ ح ١٨ ، الوسائل ج ١٨ ص ١١٤ ح ٩.

٣١٢

وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك أيضا التوقف (١) وإن كان قد صرح أولا بأن الأقوى عدم ثبوت شي‌ء من أحكام النسب غير التحريم ، إلا أنه قال أخيرا بعد كلام في البين : والإنصاف أن القولين موجهان ، والإجماع حكم آخر.

وغاية ما تمسك به المحقق الثاني في شرح القواعد ـ في نصرة القول المشهور من الفرق بين التحريم وسائر الأحكام المتفرعة على النسب ـ هو الاحتياط ، حيث قال ـ بعد ذكر ما عدا التحريم من تلك الأشياء المعدودة وبيان الإشكال في التحاقها بالتحريم وعدمه ما لفظه ـ : والأصح عدم الإلحاق في شي‌ء من هذه الأحكام أخذا بمجامع الاحتياط وتمسكا بالأصل حتى يثبت الناقل.

ولا ينافي ذلك تحريم النكاح لأن حل الفروج أمر توقيفي. فيتوقف على النص وبدونه ينتفي لأصالة عدم الحل ، ولا تكفي في الخروج عدم القطع بالمحرم ، لأنه مبني على كمال الاحتياط. انتهى ، وهو مؤيد لما قلناه من أن المسألة من المتشابهات ، فالواجب فيها الأخذ بما فيه الاحتياط.

وأما قوله عليه‌السلام في جملة من الأخبار (٢) «وللعاهر الحجر» بمعنى أن المتولد من الزنا لا يلحق بمن تولد منه ، فالظاهر أنه مخصوص بمن تولد من الزنا على فراش غيره كما ينادي به أول الخبر «الولد للفراش وللعاهر الحجر» ، وحينئذ

__________________

(١) أقول : صورة عبارته (قدس‌سره) هكذا : والأقوى عدم ثبوت شي‌ء من أحكام النسب غير التحريم ، وفيه ما عرفت ، فأما الفرق بين التحريم والنظر بأن الأصل تحريم النظر إلى سائر النساء لا الى من ثبت له السبب الشرعي الموجب للتحليل بينهما ولم يثبت وان حل النظر حكم شرعي فلا يثبت مع الشك في سببه فمثله وارد في التحريم لأنه ان دخل الولد في قوله تعالى «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ» دخل في قوله تعالى «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ» والإنصاف أن القولين موجهان ، والإجماع حكم آخر. انتهى. (منه ـ قدس‌سره ـ).

(٢) التهذيب ج ٨ ص ١٨٣ ح ٦٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٦٥ ح ١.

٣١٣

فلا يكون في الخبر دلالة على ما نحن فيه بنفي ولا إثبات.

ونقل عن ابن إدريس أنه علل التحريم في هذه المسألة بأن المتولد من الزنا كافر فلا يحل للمسلم ، ورده في المسالك بأنه مبني على أصل مردود ، ومنقوض بما لو تولد من كافر فإنه يلزمه بحله المتولد منه. انتهى.

أقول : والكلام في إسلام ابن الزنا وكفره قد تقدم في الجلد الثاني من كتاب الطهارة من مجلدات هذا الكتاب ، وما ذكر من النقص وارد.

الثالث : قد عرفت أن النسب كما يثبت بالنكاح الصحيح يثبت أيضا بوطى‌ء الشبهة ، فيمكن اجتماع الأمرين كما إذا وطئ الرجل زوجته ثم وطئها آخر بالشبهة فأتت بولد فإنه يمكن أن تأتي فيه الصور الآتية الممكن فرضها في هذه الحال.

والمثال المشهور في كلام الأصحاب هنا هو ما إذا طلق الرجل زوجته فوطأت بالشبهة ثم أتت بولد ، وسيأتي إن شاء الله بيان الوجه في تخصيص التمثيل بذلك.

وموضع هذه المسألة إنما هو في بحث أحكام الأولاد الآتي في آخر الكتاب إلا أن الظاهر أن ذكرهم لها هنا عدم الإلحاق من حيث التعلق بأحكام النسب ، وكيف كان فمرجع الاحتمالات في المسألة بالنسبة إلى إلحاق الولد بهما أو بأحدهما أو عدم الإلحاق إلى صور أربع :

أحدها : أن تلد لأقل من ستة أشهر من وطئ الثاني ، ولأقصر مدة الحمل فما دون من وطئ الأول ، ولا إشكال في كونه للأول لأن الفراش في هذه المدة كلها منحصر فيهما ، وإلحاقه بالثاني وهو الواطئ بالشبهة ممتنع لعدم مضي مدة يمكن ولادته منه ، فيتعين الأول سواء طلقها أو لم يطلقها (١).

__________________

(١) قوله ـ سواء طلقها. الى آخره ـ إشارة الى أن الحكم كذلك على أى المقالين المتقدمين. (منه ـ قدس‌سره ـ).

٣١٤

ثانيها : أن تلده لستة أشهر فصاعدا إلى أقصى الحمل من وطئ الثاني ، ولزيادة عن أقصى الحمل من وطئ الأول ، ولا ريب أنه للثاني وهو الواطئ بشبهة لامتناع إلحاقه بالأول.

ثالثها : أنه تلده لأقل من ستة أشهر من وطئ الثاني ولأكثر من أقصى الحمل من وطئ الأول ولا إشكال في أنه منتف عنهما معا لفقد شرط اللحوق بواحد منهما.

رابعها : أن تلده لستة أشهر فصاعدا إلى ما دون الأقصى من وطئ الثاني ولأقصى مدة الحمل فما دون من وطي الأول.

ولا ريب أن تولده من كل منهما محتمل لحصول الشرط الموجب للإلحاق في كل منهما ، والأصحاب هنا بناء على فرضهم المسألة فيمن طلق امرأته ثم نكحها آخر بالشبهة كما أشرنا إليه آنفا اختلفوا في حكم هذه الصورة ، فذهب الشيخ فيها إلى اختيار القرعة لأنها لكل أمر مشكل من حيث إنها فراش لكل منهما وتولده منهما ممكن ، فمن أخرجته القرعة حكم له به.

والمشهور بين الأصحاب الحكم به للثاني ، لأن فراش الأول قد زال بالطلاق وفراش الثاني ثابت.

وأنت خبير بأن هذا الخلاف لا يجري في المثال الذي قدمنا ذكره ، وهو من وطأ زوجته ، ثم وطأها آخر بشبهة أنها زوجته أيضا لثبوت الفراش الملحق للنسب فيهما ، ولا يجري فيه ما ذكره أصحاب القول المشهور ثمة من أن فراش الأول قد زال بالطلاق فتعين الا لحاق بفراش الثاني حينئذ ، والظاهر انحصار الحكم هنا في القرعة.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن كل من حكم بإلحاق الولد به تبعه اللبن وترتب عليه أحكام الرضاع وغيره ، والله العالم.

٣١٥

الرابع : لو أنكر الولد ولاعن فلا إشكال في انتفائه عنه ، فلو كانت ابنة حرمت على الملاعن مع الدخول بأمها لأنها ربيبة امرأة مدخول بها ، ولو لم يدخل بأمها قال : في تحريمها عليه احتمالان :

ووجه احتمال عدم التحريم انتفاؤها عنه شرعا كبنت المزني بها ، ويؤكده هنا أنها لا ينسب إليه لغة كما في الزنا.

ووجه احتمال التحريم أنها غير منفية عنه قطعا ، ولهذا لو اعترف بها بعد اللعان ورثته.

ورد بأن ذلك غير كاف في التحريم ، فإن البنت المجهولة النسب التي يمكن تولدها منه لو ادعى كونها بنته قبل ، مع أنها لا تحرم عليه قبل ذلك.

أقول : والمسألة لخلوها من النص لا يخلو من إشكال ، وإن كان الاحتمال الأول أقرب إلى قواعدهم.

قالوا : ومما يتفرع على ذلك القصاص بقتلها ، والحد بقذفها ، والقطع بسرقة مالها ، وقبول شهادتها عليه إن منعنا من قبول شهادة الولد ، هذا على تقدير الاحتمال الأول لأنها أجنبية لانتفائها عنه باللعان.

وأما على تقدير الاحتمال الثاني ، وهو تحريمها عليه لعدم انتفائها عنه قطعا بالتقريب المتقدم ، وللحوق حكم البنتية لها كما لو اعترف بها بعد اللعان.

ونقل عن العلامة في التذكرة أنه استقرب ثبوت هذه الأحكام ، قال : لأنه نفى سببيتها باللعان فانتفت توابعه.

واعترافه بعد ذلك لا يسقط ما ثبت عليه ، ولهذا كان الولد يرثه وهو لا يرث الولد ، وذلك دليل على عدم عود النسب مطلقا ، وإنما العائد إرثه باعترافه ، لأنه إقرار في حقه ولم ينفذ في حق الولد. انتهى.

والظاهر أنه لا إشكال في أن اللبن تابع للولد فحيث ينتفي باللعان فإنه

٣١٦

ينتفي اللبن عن الملاعن.

إنما الإشكال في أنه هل يعود إليه لو اعترف بالولد كما يعود إليه الولد من وجه ، قال في المسالك : لم يتعرض المصنف ولا غيره لذلك ، ثم قال : فيمكن أن يقال بعدم عود اللبن ، لأن النسب لم يعد كما قررناه ، وإنما عاد إرثه من الملاعن خاصة ، وذلك أمر آخر.

ويحتمل أن يعود على حد عود الولد بمعنى أنه يؤثر في الحكم بالنسبة إلى الملاعن لا غيره فلو ارتضع من هذا اللبن مرتضع رقيق الرضاع المحرم ثم ملكه الملاعن مع اعترافه بالولد المنفي عتق عليه المرتضع أخذا له بإقراره.

ويحتمل عود اللبن مطلقا لأن إرث الولد منه فرع النسب ، وجاز أن يكون عدم إرث الملاعن منه مؤاخذة له على فعله ، فيعد ذلك من جملة موانع الإرث للنسب فلا يتعدى حكمه إلى غيره. انتهى.

المطلب الثاني : فيما يحرم بالرضاع ، قال : قد استفاضت النصوص وعضدها اتفاق الأصحاب بأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، بمعنى أن كل امرأة حرمت بالنسب حرمت نظيرتها الواقعة موقعها في الرضاع.

ومن الأخبار المشار إليها ما رواه في الكافي والتهذيب عن عبد الله بن سنان (١) في الصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «سمعته يقول : يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة».

وما رواه في الكافي في الصحيح عن إبراهيم بن نعيم الكناني (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام «أنه سئل عن الرضاع ، فقال : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب».

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٤٣٧ ح ١ ، التهذيب ج ٧ ص ٢٩١ ح ٥٨ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٨١ ح ٢.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٤٣٧ ح ٢ ، التهذيب ج ٧ ص ٢٩١ ح ٥٩ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٨١ ح ٣.

٣١٧

وما رواه في الكافي عن عبد الله بن سنان (١) في الصحيح أو الحسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «لا يصلح للمرأة أن ينكحها عمها ولا خالها من الرضاعة».

وما رواه في الكافي والفقيه عن أبي عبيدة الحذاء (٢) في الصحيح قال : «سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على أختها من الرضاعة ، وقال : إن عليا عليه‌السلام ذكر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابنة حمزة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أما علمت أنها ابنة أخي من الرضاعة ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعمه حمزة عليه‌السلام قد رضعا من امرأة».

ونحوها رواية أبان (٣) عمن حدثه ، وحسنة الحلبي (٤) المرويتان في الكافي.

وما رواه في الكافي عن عبد الله بن سنان (٥) في الصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «سئل وأنا حاضر عن امرأة أرضعت غلاما مملوكا لها من لبنها حتى فطمته ، هل لها أن تبيعه؟ قال : فقال : لا ، هو ابنها من الرضاعة ، حرم عليها بيعه وأكل ثمنه ، قال : ثم قال : أليس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»؟.

وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي وابن سنان (٦) عن أبي عبد الله عليه‌السلام «في امرأة أرضعت ابن جاريتها قال : تعتقه».

وما رواه عن أبي بصير وأبي العباس وعبيد (٧) كلهم جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١ و ٢) الكافي ج ٥ ص ٤٤٥ ح ١٠ و ١١، الفقيه ج ٣ ص ٢٦٠ ح ٢١ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٠٠ ح ٥ وص ٣٠٤ ح ١.

(٣ و ٤) الكافي ج ٥ ص ٤٣٧ ح ٤ و ٥، الوسائل ج ١٤ ص ٢٩٩ ح ٢ و ١.

(٥) الكافي ج ٥ ص ٤٤٦ ح ١٦ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٢٦ ح ٥٠ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٠٧ ح ١.

(٦ و ٧) التهذيب ج ٨ ص ٢٤٣ ح ١١١ و ١١٠، الوسائل ج ١٦ ص ١٣ ح ١ وص ٢٩ ح ١.

٣١٨

قال : «لا يملك ابنه من الرضاعة ولا أخته ولا عمته ولا خالته فإنهن إذا ملكهن عتقن وقال : كلما يحرم من النسب فإنه يحرم من الرضاع».

وما رواه في الكافي في الصحيح عن صفوان بن يحيى (١) عن العبد الصالح عليه‌السلام قال : «قلت له : أرضعت أمي جارية بلبني ، قال : هي أختك من الرضاع ، قال : فقلت : فتحل لأخي من أمي لم ترضعها بلبنه يعني ليس بهذا البطن ولكن ببطن آخر ، قال : والفحل واحد؟ قلت : نعم ، هي أختي لأبي وأمي ، قال : اللبن للفحل صار أبوك أباها ، وأمك أمها».

وعن سماعة (٢) في الموثق قال : «سألته عن رجل كان له امرأتان فولدت كل واحدة منهما غلاما فانطلقت إحدى امرأتيه فأرضعت جارية من عرض الناس ، أينبغي لابنه أن يتزوج بهذه الجارية؟ قال : لا ، لأنها أرضعت بلبن الشيخ».

وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر (٣) قال : «سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن امرأة أرضعت جارية ولزوجها ابن من غيرها ، أيحل للغلام ابن زوجها أن يتزوج الجارية التي أرضعت؟ فقال : اللبن للفحل».

وعن أبي بصير (٤) في الصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام «في رجل تزوج امرأة فولدت منه جارية ثم ماتت المرأة فتزوج اخرى فولدت منه ولدا ثم إنها أرضعت من لبنها غلاما ، أيحل لذلك الغلام الذي أرضعته أن يتزوج ابنة المرأة

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٤٤٤ ح ٣ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٢٢ ح ٣٦ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٩٩ ح ٣.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٤٤٠ ح ٢ ، التهذيب ج ٧ ص ٣١٩ ح ٢٥ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٩٥ ح ٦.

(٣) الكافي ج ٥ ص ٤٤٠ ح ٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٩٥ ح ٧.

(٤) الكافي ج ٥ ص ٤٤٠ ح ٥ ، التهذيب ج ٧ ص ٣١٩ ح ٢٦ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٩٤ ح ٥.

٣١٩

التي كانت تحت الرجل قبل المرأة الأخيرة؟ قال : ما أحب أن يتزوج ابنة فحل قد رضع من لبنه».

وعن الحلبي (١) في الحسن قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أم ولد رجل أرضعت صبيا وله ابنة من غيرها ، أتحل لذلك الصبي هذه الابنة؟ فقال : ما أحب أن يتزوج ابنة رجل قد أرضعت من لبن ولده».

وأنت خبير بأن لفظ «ما أحب» في هذين الخبرين ليس على ظاهره العرفي من الكراهة ، وإنما هو بمعنى التحريم ، ومثله في الأخبار غير عزيز.

وما رواه في التهذيب عن جميل بن دراج (٢) في الموثق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا رضع الرجل من لبن امرأة حرم عليه كل شي‌ء من ولدها ، وإن كان الولد من غير الرجل الذي كان أرضعته بلبنه ، وإذا رضع من لبن رجل حرم عليه كل شي‌ء من ولده ، وإن كان من غير المرأة التي أرضعت».

وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «لو أن رجلا تزوج جارية رضيعا فأرضعتها امرأته فسد نكاحه ،.

قال : وسألته عن امرأة رجل أرضعت جارية ، أتصلح لولده من غيرها؟ قال : لا ، قلت : فنزلت بمنزلة الأخت من الرضاعة؟ قال : نعم من قبل الأب».

وبهذا الاسناد عن الحلبي وعبد الله بن سنان (٤) عن أبي عبد الله عليه‌السلام «في رجل تزوج جارية صغيرة فأرضعتها امرأته أو أم ولده ، قال : تحرم عليه».

وفي رواية عثمان (٥) عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : «قلت له : إن أخي تزوج

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٤٤١ ح ٦ ، التهذيب ج ٧ ص ٣١٩ ح ٢٧ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٩٥ ح ٨.

(٢) التهذيب ج ٨ ص ٣٢١ ح ٣٣ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٠٦ ح ٣.

(٣) الكافي ج ٥ ص ٤٤٤ ح ٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٠٥ ح ١.

(٤) الكافي ج ٥ ص ٤٤٥ ح ٦ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٠٣ ح ٢.

(٥) التهذيب ج ٧ ص ٣٢٣ ح ٤٠ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٠٠ ح ٧.

٣٢٠