تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٢١

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٢١

المؤلف:

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٧

مشهورا ، فأسمعه بدمشق من أبي القاسم علي بن محمد المصيصي ونصر المقدسي ، وسمع من والده وأجازه الخطيب ، وسافر إلى حلب وأقام بها ، فعقد مجلس الوعظ مدة ، ثم أرسله صاحبها إلى بغداد رسولا ، فأقام بها إلى حين وفاته.

ومن شعره قوله :

يا صاحب المرآة يا من قاده

إلى لقائي قدر نافذ

أريتني وجهي عز وما

يسوى الذي أنظر ما تأخذ

قال الفضل بن سهل : حضرت في مجلس فيه الأستاذ أبو الحسين بن مقلد لمعرفة خبر صاحب المخزن ، فأحضر الطعام فأكلنا ، وحضر مجلس الشرب ، فنهضت أمضي ؛ فقال لي صاحب المخزن والجماعة : اجلس واسمع الأستاذ أبا الحسن! فجلست فأخذوا في المفاكهة والمذاكرة ، ثم عرض عليّ الشرب فامتنعت ، فأعفيت من ذلك ، ثم إنني سكرت من ريح المجلس وطيبه ، فقلت :

سكرت من ريح ما شربتم

والراح محمودة الفعال

فيا لها سكرة حلالا

كأنها زورة الخيال

قال ابن السمعاني : الفضل بن سهل سافر بنفسه إلى العراق وخراسان ، وكان يتجر ويقول الشعر ؛ كتبت عنه ببغداد ، وسمعت جماعة يتهمونه بالكذب في الأحاديث التي يذكرها والمحاورات.

قال عمر بن علي القرشي : رأيت قطعة كبيرة من سماعاته ـ يعني الفضل بن سهل ـ كالشمس في الوضوح بخط المعروفين الثقات غير أن خصائص على جمع النسائي ، وكان ملكا للابن ، وفيه طبقة فيها اسمه واسم ابنه أبي المجد عبد العامر وهي مفسودة تشهد على نفسها بالتزوير ؛ وقد حدث به للابن عن أبيه ، وقد قرأه عليه ابن شافع ، فسألته عن الطبقة ، فقال : سماع مزور ، فقلت له : وكيف قرأته عليه؟ فقال : لعله من طبقة أخرى في الجزء ؛ وأخذه وفتشه فلم ير فيه شيئا. وقد حدث به ابنه أبو المجد عن جده بذلك التسميع المفسود ، ثم رأيت له بعد ذلك أجزاء وسماعه فيها مفسودة ، وقد حدّث بها وفي بعضها. قد سمع لنفسه من أبيه ، وسمع لجماعة منهم الفقيه نصر المقدسي ، وذكر تاريخا. قد مات قبله نصر بمدة.

١٦١

مولده في شعبان في ليلة سادس عشرة سنة إحدى وستين وأربعمائة.

وتوفي في ثاني رجب سنة ثمان وأربعين وخمسمائة فجأة ببغداد ، ودفن بباب أبرز ، وكان عسرا في التحديث ـ قاله ابن شافع.

* * *

آخر الجزء السادس من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لأبي عبد الله ابن النجار البغدادي الحافظ ـ رحمه‌الله تعالى.

* * *

١٦٢

الجزء السابع

من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد

للحافظ محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود بن الحسن ابن النجار

انتقاء كاتبه الواثق بالله أحمد بن أيبك بن عبد الله

١٦٣
١٦٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

حسبي الله وكفى

١٦٧ ـ القاسم بن الحسين بن الطوابيقي ، أبو شجاع البغدادي (١) :

شاعر ، حسن القول ، لطيف الطبع. روي عنه عثمان بن عيسى البلطي النحوي.

قال أبو عبد الله الكاتب في «الخريدة» : أبو شجاع بن الطوابيقي ، له نظم رائق وشعر فائق ، وهو مقيم بالموصل.

ومن شعره قوله :

قامت تهز قوامها يوم النقا

فتساقطت خجلا غصون البان

وبكت فجاذبها البكا من مقلتي

فتمثل الإنسان في إنساني

ومنها :

فأحبكم وأحب حبى فيكم

وأجل قدركم على إنساني

وإذا نظرتكم بعين خيانة

قام الغرام بشافع عريان

إن لم يخلصني الغرام بجاهته

سافرت تحت عقوبة الهجران

ومنها :

أصبحت تخرجني بغير جناية

من دار إعزاز لدار هوان

كدم الفصاد يراق أرذل موضع

أبدا ويخرج من أعز مكان

توفي في سنة تسع وستين وخمسمائة ـ رحمه‌الله تعالى.

١٦٨ ـ القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري ، أبو محمد (٢) :

من أهل البصرة. قرأ الأدب على أبي الفضل بن محمد القصباني بالبصرة ، ثم قدم بغداد ، وقرأ على أبي الحسن علي بن فضال المجاشعي ، وتفقه على أبي نصر بن الصباغ وأبي إسحاق الشيرازي ، وقرأ الفرائض والحساب على أبي حكيم الخبري ، وسمع

__________________

(١) انظر : فوات الوفيات ٢ / ٢٥٨. والأعلام ٦ / ٨.

(٢) انظر : طبقات الشافعية لابن قاضى شهبة ١ / ٣٢١. ووفيات الأعيان ٣ / ٢٢٧ ـ ٢٣١. والعبر ٤ / ٣٨. ومعجم الأدباء ١٦ / ٢٦١ ـ ٢٩٢. والأنساب للسمعاني ٤ / ١٠٦ ، ١٣٨. والأعلام ٦ / ١٢.

١٦٥

الحديث بالبصرة من أبي تمام محمد بن الحسن المقرئ وأبي القاسم الفضل بن محمد بن علي النحوي وأبي القاسم الحسين بن أحمد بن الحسين الباقلاني وغيرهم.

وقدم بغداد بعد الخمسمائة وحدث بها ، يحرف حديثه عن شيوخه ، وبالمقامات. روى عنه الشريف أبو علي الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل على الله وأبو الفضل بن ناصر الحافظ. وكان من الفصاحة والبلاغة وحسن العبارة ورشاقة الألفاظ وملاحة النثر وحلاوة النظم على طريقة لم يسبقه من كان قبله ، ولم يدركه من جاء بعده. وجمع المقامات الخمسين التي سارت في الدنيا سير الشمس ، وتلقاها الناس بالقبول ، وعقد على بلاغتها الخناصر.

قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور البزاز : سمعت أبا محمد الحريري صاحب «المقامات» يقول : أبو زيد السروجي كان سجّاعا بليغا ، ورد علينا البصرة ، فوقف يوما في مسجد يتكلم ، ويسأل الناس شيئا ، وكان بعض الولاة حاضرا والمسجد غاص بالفضلاء ، فأعجبهم بفصاحته ؛ وذكر أسر الروم ابنته كما ذكرنا في المقامة الحرامية ، وهي الثامنة والأربعون ، قال : فاجتمع عندي عشية ذلك اليوم جماعة من الفضلاء ، فحكيت لهم ما شاهدت من ذلك السائل من لطافة عبارته في تحصيل مراده ، فحكى كل واحد من جلسائي أنه شاهد من هذا السائل مثل ما شاهدت ، وأنه سمع منه في معنى آخر فصلا أحسن مما سمعت ، وكان يغير في مسجد زيه وشكله ، ويظهر في فنون احتياله فضله ؛ فتعجبوا من جرأته في ميدانه وإمعانه في إحسانه.

قال الحريري : فابتدأت في إنشاء المقامة الحرامية تلك الليلة حاذيا حذوه ؛ فلما فرغت منها أقرأنيها جماعة من الأعيان ، فاستحسنوها في غاية الاستحسان ، وأنهوا ذلك إلى وزير السلطان ، واقترحوا عليّ أخواتها ، والله المستعان ؛ حكى لما قدم ابن الحريري بغداد وكان الناس يهتفون بفضائله ويسارعون (١) إلى إلقائه وسماع كلامه ، فحضر إليه فيمن حضر ابن حكينا (٢) الحريمي المنبوز بالبرغوث ، فلم يجده على ما كان يظنه من الفصاحة واللسن ، فنظم أبياتا ، منها :

شيخ لنا من ربيعة الفرس

ينتف عثنونه من الهوس

أنطقه الله بالمشان وقد

ألجمه في العراق بالخرس

__________________

(١) في الأصل : «ويسارلون».

(٢) في الأصل : «ابن حكينا».

١٦٦

قال ابن السمعاني : مولد ابن الحريري في سنة ست وأربعين وأربعمائة.

وتوفي في ثامن رجب سنة ست عشرة وخمسمائة بالبصرة وعمره سبعون سنة.

* * *

١٦٧

حرف الميم

١٦٩ ـ مالك بن أحمد بن علي بن إبراهيم البانياسي ، أبو عبد الله بن أبي بكر المالكي الفراء (١) :

سمع أبا الحسن أحمد بن محمد بن الصلت وأبوي الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطّان وعلي بن محمد بن محمد بن عبد الله بن بشران وأبا الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ ، وهو آخر من حدث عن ابن الصلت.

قال السلفي : سألت المؤتمن الساجي عن مالك البانياسي ، فقال : كنت أراه قبل دخولي خراسان جالسا في السوق ، فلم تطب نفسي بالسماع منه ، كان ثقة فيما حدث به ، تلّاء للقرآن. وقال السلفي أيضا : سألت شجاع الذهلي عن البانياسي ، فقال : هو أبو عبد الله المالكي ، سمعت منه شيئا عن ابن الصلت ، وكان صدوقا.

قال شجاع الذهلي : وقع حريق في تاسع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وثمانين وأربعمائة بنهر المعلّى فاحترق فيه أبو عبد الله مالك المالكي ، ودفن من الغد بالجانب الغربي.

وقد رثاه أبو القاسم عبد الغني بن محمد بن حنيفة الباجرائي :

لن يجمع الله بين مالك

بعد احتراق وبين مالك

وهلكه هاهنا شهيدا

أشر من هلكه هنالك

١٧٠ ـ المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور الشهرزوري ، أبو الكرم المقرئ (٢) :

من ساكني دار الخلافة. أحد الشيوخ القراء المجوّدين بحفظ القراءات وطرقها ومعرفة وجوهها. وصنف في ذلك كتابا سماه «المصباح في القراءات الصحاح». وكان عالما فاضلا أديبا ، حسن الطريقة ، قرأ القرآن بالقراءات على الشريف أبي الفضل عبد القاهر بن عبد السلام العباسي وأبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي وأبي المعالي ثابت بن بندار البقال في آخرين. وسمع الحديث الكثير بنفسه ، وكتب بخطه ، وحصّل الأصول ، سمع رزق الله التميمي وطراد الزينبي وإسماعيل بن مسعدة

__________________

(١) انظر : الأنساب للسمعاني ٢ / ٦٧. وشذرات الذهب ٣ / ٣٧٦. والعبر ٣ / ٣٠٨.

(٢) انظر : تذكرة الحافظ ١٢٩٢. والعبر ٤ / ١٤١. ومعجم الأدباء ١٧ / ٥٢. وكشف الظنون ، ص ١٧٠٦. والأعلام ٦ / ١٤٩.

١٦٨

الإسماعيلي ونصر بن البطر القارئ. وأجازه أبو الحسين بن النقور في آخرين.

قال ابن السمعاني : ابن الشهرزوري شيخ صالح ، حسن السيرة ، قيم بكتاب الله ، عارف باختلاف القراءات ، جيد الأخذ على الطلاب ، كتبت عنه ؛ وذكر أن مولده سابع عشر ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وأربعمائة.

وتوفي في ليلة ثاني عشر ذي الحجة سنة خمسين وخمسمائة.

١٧١ ـ المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم بن أحمد بن عبد الله بن الصّيرفيّ ، أبو الحسين بن أبي القاسم ، المعروف بابن الطيوري (١) :

من أهل الكرخ. محدّث بغداد ومسندها ، سمع العالي والنازل. وكان أكثر مشايخ وقته سماعا ، وأعلاهم إسنادا ، وكتب بخطه ما لا يدخل تحت حصر. سمع أبا علي بن شاذان وأبا القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي وأبا عبد الله الحسين بن علي الصّيرفيّ وأبا الفرج الحسين بن علي الطناجيري وأبا طالب بن غيلان وأبا طاهر محمد ابن علي بن العلاف وأبا إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي والحسن بن علي الجوهري في آخرين. وسافر إلى البصرة فسمع بها أبا علي الحسن بن علي الشاموخي ، وبواسط القاضي أبا جعفر محمد بن إسماعيل العلوي في آخرين.

وحدث بجميع مروياته. وروى عنه الأئمة والحفّاظ شرقا وغربا. روى عنه الحافظان أبو عامر العبدري وأبو عبد الله الحميدي وأبو منصور الجواليقي وعبد الوهاب الأنماطي والحافظ أبو طاهر السلفي في آخرين من الحفاظ والأئمة.

قال أبو نصر اليونارتي في معجم شيوخه وقد ذكر ابن الطيوري فقال : ثقة ، ثبت ، كثير الأصول ، يحب العلم وأهله.

وقال أبو بكر بن الخاضبة : ابن الطيوري ممن يستسقى بحديثه.

أخبرنا شهاب الحاتمي قال : سمعت ابن السمعاني يقول : كان المؤتمن الساجي سيئ الرأي في ابن الطيوري ، وكان يرميه بالكذب ويصرح بذلك مع أنه سمع منه الحديث

__________________

(١) انظر : لسان الميزان ٥ / ٩. والعبر ٣ / ٣٥٦. والأعلام ٦ / ١٥١. وشذرات الذهب ٣ / ٤١٢.

ومعجم المؤلفين ٨ / ١٧٢. والمنتظم.

على هامش الأصل : «ذكره الأمير أبو نصر بن ماكولا في باب «الحمامي» بالتخفيف ، فقال بعد كلام له : وصديقنا أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد ابن القاسم الصيرفي يعرف بالحمامي ، سمع أبا علي بن شاذان وخلقا كثيرا بعده ، وهو من أهل الخير والعفاف والصلاح ، وأظن والده حدّث عن ابن شاذان».

١٦٩

وكتب عنه ، وما رأيت أحدا من مشايخنا الثقات يوافق المؤتمن على ذلك ، فإني سألت جماعة من مشايخنا عنه مثل عبد الوهاب بن الأنماطي وابن ناصر فأثنوا عليه ثناء حسنا ، وشهدوا له بطلب الحديث والصدق والأمانة وكثرة السماع.

وقال محمد بن علي بن فولاذ الطبري : سألت أبا غالب الذهلي عن ابن الطيوري ، فقال : لا أقول إلا خيرا ، اعفني عن هذا! فألححت عليه وقلت له : رأينا سماعه ـ أنا والسمعاني (١) ـ بكتاب «الناسخ والمنسوخ» لابن عبيد ملحقا على رقعة ملصقا بالكتاب وكتاب «الفصل» لداود بن المجير كان سماعه إلى البلاغ بخط ابن خيرون ، فأتم هو السماع للجميع بخطه؟ فقال : نعم! وغير ذا؟. وذكر المجلس عن الحرفي ، فقال : قط لم يسمع منه ، وأخرجه في جزازة له بخطه ، قالوا له : فأين كان إلى الساعة؟ قال : كان قد ضاع ، وجدته الآن. وقال الأسدي أيضا قريب منه.

وذكره السلفي وأثنى عليه ، ثم قال بعد كلام له : كتبت عنه فأكثرت ، وأخرج لي في جملة ما أخرج في سنة أربع وتسعين جزءا من حديث ما روى الخطابي كان يرويه عن أبي بكر بن النمط المقرر عنه فكتبته ، وكان سماعا ملحقا بخطه ، فحضرنا المجلس للقراءة على العادة ، فأعطيته المؤتمن الساجي ، فنظر فيه فرأى الإلحاق ، فقال لي : رأيت هذا التسميع؟ قلت : نعم ، والشيخ ثقة ، جليل القدر ، ربما نقله من نسخة أخرى وما ذكره ولا أحال عليه ؛ فقال : نعم ، يحتمل منه لأنه ثقة كبير. ثم رأيت بعد ذلك من هذا الخط غير جزء ابن النمط ، أراني المؤتمن ومحمد بن منصور السمعاني ، وكان أبو نصر محمود الأصبهاني حاضرا ، فذكر أنه وقف على مثل هذا ، قال : والعلة فيه أنه صاحب كتب كثيرة تنقل من نسخة إلى نسخة أخرى ولا يذكر الطبقة ، وكذا التسميع اتكالا على ثقته. وحلف أبو نصر بالله أنه رأى مثل ذلك في أجزائه ؛ ثم وجد في كتبه الأصول التي نقل منها. وأنا بعد وقفت على مثل ما ذكره أبو نصر ، فالله أعلم.

مولده في ربيع الأول ـ وقيل : في ربيع الآخر ـ سنة إحدى عشرة وأربعمائة.

وتوفي في ليلة منتصف ذي القعدة سنة خمسمائة ، ودفن بباب حرب. وكان صالحا.

١٧٢ ـ محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكلوذاني ، أبو الخطاب ، الفقيه الحنبلي (٢) :

__________________

(١) في الأصل : «وأبا والسمعاني».

(٢) انظر : النجوم الزاهرة ٥ / ٢١٢. وشذرات الذهب ٤ / ٢٧. والبداية والنهاية ١٢ / ١٧٤. والمنتظم ١٧ / ١٥٢ ـ ١٥٥ وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٦١. والأعلام ٦ / ١٧٨. وطبقات الحنابلة ، ص ١٤٣.

والذيل لابن رجب ١ / ١٧٧.

١٧٠

درس الفقه على أبي يعلى بن الفراء ، وصار إمام وقته وشيخ عصره ، يدرّس ويفتي ، وصنّف في المذهب والأصول ؛ وكانت له يد حسنة في الأدب ، ويقول الشعر اللطيف. سمع الحديث من أبي محمد الحسن بن علي الجوهري وأبي طالب محمد بن علي العشاري والحسن بن غالب بن المبارك وأبي جعفر محمد بن المسلمة في آخرين ، وكتب بخطه كثيرا من مسموعاته. روى عنه ابن ناصر والمبارك بن مسعود الغسال.

ومن شعره :

إن كنت يا صاح بوجدي عالما

فلا تكن لي في هواهم لائما

وإن جهلت ما ألاقي بهم

فانظر ترى دموعي السواجما

هم قتلوني بالصدود والقلى

وما رعوا في قتلي المحارما

يا من يخاف الإثم في قتلي ما

تخاف في سفك دمي المآثما؟

هبني رضيت أن تكون قاتلي

فهل رضيت أن تكون ظالما؟

سلوا النجوم بعدكم عن مضجعي

قل قرّ جنبي أو رأتني نائما؟

واستقبلوا الشمال كيما تنظروا

من حرّ أنفاسي بها شمائما

وهذه الأيك سلوا الأيك ألم

أعلّم النوح بها الحمائما

لقد أقمت بعد أن فارقتكم

على فؤادي بينهن قائما

وله :

وقرّبتني حتى تملكت مهجتي

وصرت حجابا بين قلبي والعذل

وأضرمت نيران الجوى في جوانحي

وأجريت دمعي [بين] (١) سكب ومنهل

تجافيت إما قاتلي أو معذبي

فهل لك نفع في عذابي وفي قتلي؟

خف الله في سفك الدماء فربما

ندمت على التفريط في موقف العدل

وقالوا ألا ينهاك عقلك عنهم

فقلت وهل أحببتهم ومعي عقلي

لقد بعتهم حلمي بحلو وصالهم

فخانوا فلا بالحلم فزت ولا الوصل

مولّد محفوظ الكلوذاني في ثاني شوال سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.

وتوفي ببغداد في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة عشر وخمسمائة ، وقيل : في رابع

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليست في الأصل.

١٧١

عشر منه ، ودفن إلى جانب الإمام أحمد.

١٧٣ ـ محمود بن عمر بن محمد بن عمر الزمخشري ، أبو القاسم النحوي (١) :

من أهل خوارزم ، وزمخشر إحدى قراها. كان إماما في النحو واللغة ، تشدّ إليه الرحال ، وله في ذلك مصنفات. وكان فصيحا بليغا علّامة ، قدم بغداد قبل الخمسمائة ، وسمع بها من أبي الخطاب بن البطر ، وتوجه إلى الحجاز فحجّ وأقام هناك مدة مجاورا ، وعاد إلى خوارزم وأقام بها ؛ ثم قدم بغداد بعد الثلاثين وخمسمائة.

لما قدم الزمخشري بغداد للحج جاءه الشريف أبو السعادات بن الشجري مهنّئا له بقدومه ، فلما جالسه أنشده الشريف :

كانت مساءلة الركبان تخبرني

عن أحمد بن علي أطيب الخبر

حتى التقينا فلا والله ما سمعت

أذني بأحسن مما قد رأى بصري

وأنشده :

وأستكبر الأخبار قبل لقائه

فلما التقينا صغر الخبر الخبر

وأثنى عليه ، ولم ينطق الزمخشري حتى فرغ الشريف من كلامه ، فلما فرغ شكر الشريف وعظمه وتصاغر له وقال : إن زيد الخيل دخل على رسول الله عليه‌السلام ، فحين بصر بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رفع صوته بالشهادتين ، فقال له الرسول : يا زيد الخيل! كل رجل وصف لي وجدته دون الصفة إلا أنت ، فإنك فوق ما وصفت ، ودعا له وأثنى عليه. قال : فتعجب الحاضرون من كلامهما لأن الخبر كان أليق بالشريف والشعر كان أليق بالزمخشري.

ومن شعره يرثي شيخه أبا مضر ، يعني الزمخشري :

وقائلة ما هذه الدرر التي

تساقطها عيناك (٢) سمطين سمطين

فقلت هو الدر الذي قد حشا به

أبو مضر أذني تساقط من عيني

مولده في سابع عشرين رجب سنة سبع وستين وأربعمائة.

وتوفي في ليلة عرفة من سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بكركانج ، وهي قصبة خوارزم

__________________

(١) انظر : شذرات الذهب ٤ / ١١٨. وفيات الأعيان ٤ / ٢٥٤ ـ ٢٦٠. والأعلام ٨ / ٥٥. والعبر ٤ / ١٠٦. ومعجم الأدباء ١٩ / ١٢٦ ـ ١٣٥. وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٨٣. ولسان الميزان ٦ / ٤.

وبغية الوعاة ص ٣٨٨. والنجوم الزاهرة ٥ / ٢٧٤. والمنتظم ١٨ / ٣٧ ـ ٣٨.

(٢) في الهامش : «تساقط من عيناك».

١٧٢

ـ قاله ابن السمعاني.

١٧٤ ـ مسعود بن المحسن بن الحسن بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، أبو جعفر الهاشمي ، المعروف بابن البياضي (١) :

شاعر مجود ، رقيق الشعر ، عذب الألفاظ ، مليح المعاني. روى عنه أبو غالب الذهلي وأبو القاسم بن السّمرقندي.

ومن شعره قوله :

يقولون لي إن كان سمعك عاشقا

فما بال دمع العين في الخد جاريا

فقلت لهم قد لمت طرفي ، فقال لي :

أتمنعني من أن أساعد جاريا

وقال :

يا من لبست بهجره ثوب الضنا

حتى خفيت به عن العواد

وأنست بالسهر الطويل فأنسيت

أجفان عيني كيف كان رقادي

إن كان يوسف بالجمال مقطّع ال

أيدي فأنت مقطّع الأكباد

توفي ابن البياضي في سادس عشر ذي القعدة سنة ثمان وستين وأربعمائة ببغداد.

ولابن البياضي أيضا :

ليس لي صاحب معين سوى اللي

ل إذ طال بالصدود عليّا

أنا أشكو بعد الحبيب إليه

وهو يشكو بعد الصباح إليّا

وله :

ألفت الضنا من بعدكم فلو انه

يزول إذا عدتم حننت إليه

وصار البكا لي مؤنسا فلو أنه

تغيّب عن عيني بكيت عليه

١٧٥ ـ المظفر بن الفضل بن يحيى ، العلوي الحسيني ، أبو علي بن أبي القاسم(٢) :

قرأ الأدب وحفظ أشعار العرب ، وقال الشعر في صباه فأجاد ، ولم يزل في ارتفاع

__________________

(١) انظر : شذرات الذهب ٣ / ٣٣١ ـ ٣٣٢. ومرآة الجنان ٣ / ٩٧. ووفيات الأعيان ٤ / ٢٨٥.

والأعلام ٨ / ١١٣. والمنتظم ١٦ / ١٧٥ ـ ١٧٦.

(٢) انظر : كشف الظنون ، ص ١٩٥٩. والأعلام ٨ / ١٦٥

١٧٣

من فضله وتحصيله وجودة نظمه ونثره وحسن عبارته وعذوبة ألفاظه ورشاقة معانيه وملاحة خطه ، وسمع الحديث.

أنشدني أبو علي المظفر الحسيني لنفسه :

كيف يشتاقك قلب

أنت في السوداء منه

إنما يشتاقتك التطر

ف الذي قد غبت عنه

وأنشدنا لنفسه :

ومفعمة الحجلين تشكو وشاحها

إلى القلب ما أشكوه من قلق الوجد

أتتني وقد نام السمير ولم أكن

على طمع في الوصل منها ولا الوعد

فبتنا جميعا والعفاف رقيبنا

وكفّ على كف وخد على خد

مولده بالموصل في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وخمسمائة.

١٧٦ ـ معمر بن عبد الواحد بن رجاء بن عبد الواحد بن محمد بن الفاخر بن أحمد بن القاسم بن الفاخر بن محمد بن النعمان بن المنذر بن إسماعيل بن لقيط بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن كثير بن ربيعة بن عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف ، أبو أحمد القرشي (١) :

من أهل أصبهان. كان من وجوه عدولها. طلب الحديث من صباه ، وسمع ببلده من أبي الفتح أحمد بن محمد الحداد وأبي القاسم غانم بن محمد البرجي وأبي علي الحسن ابن أحمد الحداد في آخرين من أصحاب أبي نعيم الحافظ. وقدم بغداد بعد العشرين وخمسمائة وسمع بها أبا القاسم بن الحصين وأبا نصر بن رضوان وأبا غالب بن البناء ، وعاد إلى أصبهان مشغولا بالسماع والقراءة على المشايخ ؛ وقدم بغداد بعد ذلك تسع مرات ليسمع ويسمع أولاده ويحدّث. كتب الكثير ، وكان موصوفا بالحفظ والمعرفة والثقة والصلاح والورع. وأملى عدة سنين ، وصنّف وخرّج.

قال ابن السمعاني : معمر بن الفاخر أبو أحمد شاب كيّس ، حسن الصحبة ، جميل المعاشرة ، سخي النفس ، متوددا ، يراعي حقوق الأصدقاء ويقضي حوائجهم ، اصطحبنا بأصبهان مدة مقامي بها ، وأكثر ما سمعت بإفادته ، وكان يدور معي من

__________________

(١) انظر : تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣١٩. ومرآة الجنان ٣ / ٣٧٧. وشذرات الذهب ٤ / ٢١٤. والعبر ٤ / ١٨٩. والأعلام ٨ / ١٩٠.

١٧٤

الصباح إلى الليل على الشيوخ ، كتب لي جزءا عن شيوخه ، وحدثني به.

مولده لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وأربعمائة.

وتوفي في ثالث عشر ذي قعدة سنة أربع وستين وخمسمائة بطريق الحجاز بين مغيثة والواقصة عند المسجد المعروف بمسجد سعد ، ودفن هناك. سمع منه الأئمة والحفاظ ـ رحمه‌الله.

١٧٧ ـ مكرم بن محمد بن حمزة بن محمد بن أحمد بن سلامة بن أبي الصقر ، أبو المفضل القرشي (١) :

من أهل دمشق. سمع أبا يعلى حمزة بن علي بن الحبوبي الثعلبي وحمزة بن أسد بن القلانسي وأبا محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني في آخرين ، وكان صحيح السماع. قدم بغداد وحدّث بها ؛ وكان عسرا في الرواية.

مولده في رجب سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.

وتوفي بدمشق في ثاني رجب سنة خمس وثلاثين وستمائة.

١٧٨ ـ منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل بن أحمد ، أبو القاسم بن أبي المعالي ، الصاعدي الفراوي (٢) :

من أهل نيسابور ، من أولاد المحدثين. سمع أباه وجده وجد أبيه وأبا القاسم زاهر ابن طاهر الشحامي وأبا محمد عبد الجبار بن محمد الخواري في آخرين. وقدم بغداد وحدّث بها. وكان شيخا نبيلا ثقة صدوقا ، حسن الأخلاق متوددا.

مولده في رمضان سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.

وتوفي في ليلة السبت لسبع خلون من شعبان سنة ثمان وستمائة. وحدّث بالكثير.

١٧٩ ـ منوجهر بن محمد بن تركانشاه بن محمد بن الفرج ، أبو الفضل بن أبي الوفاء الكاتب (٣) :

كان أديبا فاضلا صادقا ، حسن الطريقة صدوقا. سمع أباه وأبا عبد الله هبة الله بن أحمد الموصلي وأبا القاسم علي بن أحمد بن بيان في آخرين ، وسمع المقامات للحريري

__________________

(١) انظر : شذرات الذهب ٥ / ١٧٤.

(٢) انظر : مرآة الزمان ٨ / ٧٥٨. وشذرات الذهب ٥ / ٣٤.

(٣) انظر : العبر ٤ / ٢٢٦. وبغية الوعاة ٣٩٩. ومعجم الأدباء ١٩ / ١٩٦.

١٧٥

منه ورواها عنه مرارا ، وهو آخر من روي عنه المقامات. روى عنه ابن السمعاني ـ ومات قبله ، وروى عنه أيضا ابن الأخضر وابن الحصري وأحمد بن البندينجي.

مولده في ثاني عشر شوال سنة تسع وثمانين وأربعمائة.

وتوفي ببغداد في منتصف جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، ودفن بباب حرب بوصيّة منه.

١٨٠ ـ المؤتمن بن أحمد بن علي بن الحسين بن عبيد الله ، الربعي الساجي الديرعاقولي ، أبو نصر بن أبي منصور بن أبي الحسن ، الحافظ ، يعرف بالمقدسي (١) :

حافظ ، كامل ، ثقة ، نبيل ، مجيد ، واسع الرحلة ، كثير الكتابة ، صحيح النقل ، جيد الضبط ، حجّة. سمع أبا الحسين بن النقور وأبا القاسم عبد العزيز الأنماطي وعلي بن أحمد بن البسري. ورحل إلى الشام فسمع ببيت المقدس أبا عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء الأصبهاني ، وبصور الحافظ أبا بكر الخطيب ، وبحلب أبا محمد الحسن بن مكي الشيزري ، وعاد إلى العراق وسمع بأصبهان أبا عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة ، وسمع بنيسابور أبا بكر أحمد بن خلف الشيرازي ، وبهراة عبد الله بن محمد الأنصاري في آخرين ؛ وعاد إلى بغداد ، وانقطع إلى حين وفاته. حدّث باليسير. روى عنه سعد الخير الأنصاري وأبو الفضل بن ناصر الحافظ في آخرين.

قال أبو الوقت عبد الأول بن عيسى : كان الإمام عبد الله الأنصاري إذا رأى مؤتمنا [قال] : لا يمكن أحدا أن يكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما دام هذا حيا.

قال أبو سعد بن السمعاني : سمعت عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامي يقول : أقام المؤتمن عندنا بهراة قريبا من عشر سنين وقرأ ونسخ بخطه الكثير ، كتب جامع الترمذي ست مرات ، وكان فيه قناعة وعفة واشتغال بما يعنيه.

قال الحافظ أبو طاهر السلفي : لم يكن ببغداد أحسن قراءة للحديث من المؤتمن الساجي ، كان لا يملي قراءته وإن طالت.

أنبأنا ذاكر بن كامل عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي. قال : ورأيت أنا من تساهله ـ يعني أبا نصر الساجي ـ أنّا كنا بنيسابور سنة ثمان وسبعين وكنا نحضر مجلس أبي بكر أحمد بن علي بن خلف الأديب ، وكان لكل واحد منا نوبة يقرأ فيها ، فظهر

__________________

(١) انظر : شذرات الذهب ٤ / ٢٠. وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٤٦. ومرآة الجنان ٣ / ١٩٧. والعبر ٤ / ١٥.

١٧٦

سماع الشيخ في الجزء الثاني من تفسير سفيان بن عيينة فقرأنا عليه ، فلما كان يوم نوبتي ، أخذ في قراءة الأول (١) من التفسير ، فقلت له : وجدت السماع في الأول؟ قال : لا ، قلت : فلم تقرأه؟ قال : تراه سمع الثاني ولم يسمع الأول؟ فذكرت ذلك للشيخ فمنعه من القراءة.

مولد الساجي في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة.

وتوفي في سابع عشر صفر سنة سبع وخمسمائة ببغداد ، ودفن بمقبرة الإمام أحمد بن حنبل.

١٨١ ـ المؤتمن بن نصر بن أبي القاسم بن أبي الحسن ، أبو القاسم بن أبي السعود التاجر (٢) ، عرف بابن قميرة (٣) :

من أهل باب الأزج. سمع شهدة بنت الأبري ، كتبت عنه ، وهو شيخ حسن لا بأس به. سألته عن مولده فقال : سنة خمس وستين وخمسمائة ـ هذا آخر كلام ابن النجار المؤلف.

قلت : وتوفي ببغداد في ليلة السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة خمسين وستمائة ببغداد ، وكان يسمى يحيى. وسمع أيضا من الحسن بن محمد بن شيرويه وأبي الرضا محمد بن بدر الشيحي وتجني بنت عبد الله الوهبانية ، وحدث ببغداد ومصر. سمع منه شيخنا محمد بن محمد بن عيسى الصوفي كتاب «الفرج بعد الشدة». سمعت عليه أحاديث منتقاة منه.

١٨٢ ـ موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الحسن بن محمد بن الجواليقي ، أبو منصور بن أبي طاهر اللغوي (٤) :

إمام أهل عصره في معرفة اللغة وكلام العرب ، والمرجوع إليه في ذلك. قرأ الأدب على التبريزي ولازمه حتى نقل عنه كثيرا ؛ وسمع الحديث من أبي القاسم علي بن أحمد ابن البسري وأبي طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصفر وطراد الزينبي ونصر بن أحمد بن البطر القارئ في آخرين. وكتب بخطه الكثير من كتب الأدب والحديث ، وكان خطه مليحا ، وضبطه صحيحا ، وعلى خطه الاعتماد. روى عنه الأئمة ابن الجوزي وأبو

__________________

(١) في الأصل : «للأحوال».

(٢) انظر : شذرات الذهب ٥ / ٢٥٣.

(٣) في الأصل : «مميرة».

(٤) انظر : شذرات الذهب ٤ / ١٢٧. ووفيات الأعيان ٤ / ٤٢٤. وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٨٦.

والأعلام ٨ / ٢٩٢. ومعجم الأدباء ١٩ / ٢٠٥ ـ ٢٠٧.

١٧٧

اليمن الكندي. وكان ثقة صدوقا حجّة نبيلا.

قال أبو سعد بن السمعاني : موهوب بن الجواليقي إمام في اللغة والأدب ؛ وهو من مفاخر بغداد ؛ وهو متدين ورع ، غزير الفضل ، وافر العقل ، مليح الخط ، كثير الضبط ، صنّف التصانيف وانتشرت عنه ، وشاع ذكره ؛ ونقل بخطه الكثير ، كتبت عنه.

وسألته عن مولده فقال : في سنة ست وستين وأربعمائة ـ وقيل : مولده في سنة خمس وستين في ذي القعدة ، وتوفي في منتصف محرم سنة أربعين وخمسمائة ببغداد ، وصلى عليه بجامع القصر ، ودفن بباب حرب.

* * *

١٧٨

حرف النون

١٨٣ ـ ناصر بن عبد السيد بن علي المطرزي ، أبو الفتح بن أبي المكارم ، الأديب (١) :

من أهل خوارزم. كان في أعيان مشايخها ، قرأ الأدب على [أبي] (٢) المؤيد الموفق ابن أحمد بن علي المكي خطيب خوارزم وعلى والده أبي المكارم حتى برع في معرفة النحو واللغة ، وصنّف كتبا حسانا ، وشرح المقامات لابن الحريري وكان قد قرأ طرفا من الفقه على مذهب أهل العراق ، وشيئا من الكلام على مذهب المعتزلة. وكان شديد التعصب ، داعية إلى الاعتزال. قدم علينا في آخر سنة إحدى وستمائة ، فحج وعاد. سمع الحديث من أبي عبد الله محمد بن علي بن أبي سعيد التاجر.

أنشدنا ناصر المطرزي لنفسه :

وزند ندى فواضله ورى

ورند ربى فصائله نضير

ودر جلاله أبدا ثمين

ودر نواله أبدا غزير

مولده في رجب سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.

وتوفي بخوارزم في الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة عشر وستمائة. وكان مولده بخوارزم.

١٨٤ ـ نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني ، أبو الفتح الكاتب ، المعروف بابن الأثير (٣) :

من أهل جزيرة ابن عمر ، ولد بها في آخر شعبان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ، وقرأ الأدب وعانى البلاغة والإنشاء حتى حاز قصب السبق في ذلك. وصنّف مصنفات في الأدب ، وولى الوزارة للملك الأفضل على بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. ثم سكن الموصل ، وكان ذا لسان وعارضة وفصاحة وبيان. قدم بغداد مرارا رسولا من الموصل. وحدّث ببغداد و «بكتابه المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر».

__________________

(١) انظر : الأعلام ٨ / ٣١١. ووفيات الأعيان ٥ / ٦. ومرآة الجنان ٤ / ٢٠ ـ ٢١. ومعجم الأدباء ١٩ / ٢١٢. وبغية الوعاة ، ص ٤٠٢ ، وكشف الظنون ، ص ١٣٩.

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.

(٣) انظر : شذرات الذهب ٥ / ١٨٧ ، ١٨٩. ووفيات الأعيان ٥ / ٢٥ ـ ٣٢. وبغية الوعاة ، ص ٤٠٤. ومرآة الجنان ٤ / ٩٧ ـ ١٠٠.

١٧٩

ومن شعره قوله :

رضيت بما يرضى به لي بحبه

وقدت إليك النفس قود المسلم

ومثلك من كان الفؤاد شفيعه

يكلمه عني ولم أتكلم

قدم رسولا في منتصف ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وستمائة. فبقى أياما ومرض ، وتوفي في تاسع عشري الشهر المذكور ، ودفن بمقابر قريش ـ رحمه‌الله.

[قال الشيخ ذكي الدين في وفياته : توفي ابن الأثير في أحد الجمادين من السنة.

وقال : مولده في العشرين من شعبان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة بجزيرة ابن عمر. وكان يلقب ضياء الدين ـ رحمه‌الله] (١).

١٨٥ ـ نصر الله بن هبة الله بن عبد الباقي بن هبة الله بن الحسين بن يحيى بن بزاقة الغفاري الكناني ، أبو الفتح الكاتب (٢) :

من أهل مصر. سكن دمشق ، وكان خصيصا بالملك المعظم عيسى بن أبي بكر بن أيوب ، ثم بابنه داود من بعده ، وقدم معه بغداد في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة ، وأقام بها مدة ، وكتبنا عنه. وهو أديب فاضل ، مليح النظم والنثر ، ظريف ، حسن المجالسة ، طيب المحاضرة.

أنشدني أبو الفتح نصر الله بن هبة الله المصري لنفسه :

ولما أبيتم سادتي عن زيارتي

وعوضتموني بالعباد عن القرب

ولم تسمحوا بالوصل في حال يقظتي

ولم يصطبر عنكم لرقته قلبي

نصبت لصيد الطيف نومي حباله

فأدركت خفض العيش في النوم بالنصب

وأنشدني أبو الفتح نصر الله بن هبة الله لنفسه :

ما لك في الخلق عاشق مثلي

فكيف تختار في الهوى قتلي

إن أنكرت مقلتاك سفك دمي

خلى بخديك شاهدا عدل

لكنني غير طالب قودا منك

ولا راغبا إلى عقل

ولا ليوم المعاد أدخره

بل أنت منه في أوسع الحل

يا فارغ القلب جد على دنف

فؤاده من هواك في شغل

وعدتني إن تزورني فعسى

تقصر عما أطلت من مطل

__________________

(١) ما بين المعقوفتين كتب على الهامش الأصل.

(٢) انظر : شذرات الذهب ٥ / ٢٥٢. والأعلام ٨ / ٣٥٤. والجواهر المضيئة ٢ / ١٩٩.

١٨٠