تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٢١

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٢١

المؤلف:

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٧

أنشدني أبو نصر عبد الرحيم بن النفيس بن هبة الله الحديثي لنفسه ببغداد :

سلوا فؤادي هل صفا شربه

مذ نأيتم عنه أورقا

وهل يسليه إذا غبتم

أن أودع التسليم أوراقا

مولده ببغداد في عاشر ربيع الأول سنة سبعين وخمسمائة (١).

١١٦ ـ عبد السلام بن الحسين بن علي بن عون ، أبو الخطّاب ، الحريري :

شاعر ظريف ، مليح المعاني. روى عنه الشريف أبو عبد الله الحسين بن محمد بن طباطبا العلوي ومهيار بن مرزويه الشاعر وغيرهما.

ومن شعره :

يا غائبا من سواد عيني

حللت من قلبي السوادا

ما غبت عن ناظري ولكن

غيبت عن ناظري الرقادا

قد قلت لما سعى وشاة

يبدون ما بيننا فسادا

حاشى لقلب وأنت فيه

يبلغ منه العدى مرادا

وله :

ليل المحبين مطوي جوانبه

مشمر الذيل منسوب إلى القصر

إذا الحبيبان باتا تحت جانبه

غابت أوائله في آخر السحر

ما ذاك إلا لأن الصبح نمّ بنا

فاطلع الشمس في غيض (٢) على القمر

توفي في يوم الخميس ، لشعر بقين من رجب سنة تسع وأربعمائة. وله أشعار ملاح.

١١٧ ـ عبد السلام بن الحسين ، أبو طالب المأموني (٣) :

شاعر ، طاف العراق وخراسان وما وراء النهر ، ومدح الملوك والوزراء.

ذكره أبو منصور الثعالبي في كتاب «يتيمة الدهر» ، فقال : أبو طالب المأموني عبد السلام بن الحسين من أولاد المأمون. كان أحد بل أوحد أفراد الزمان ، شريف نفس

__________________

(١) وكانت وفاته في ٨١٦ ه‍ (شذرات الذهب).

(٢) هكذا في الأصل.

(٣) انظر : فوات الوفيات ١ / ٢٧٣. ويتيمة الدهر ٤ / ٨٤ ـ ١١٢. والأعلام ٤ / ٥.

١٢١

ونسب ، وبراعة وفضل وأدب ، فيّاض الخاطر بشعر بديع الصنعة ، مليح الصيغة ، مفرغ في قالب الحسن والجودة.

ومن شعره :

يا ربع لو كنت دمعا فيك منسكبا

قضيت نحبي ولم أقض الذي وجبا

لا ينكرن (١) ربعك البالي بلى جسدي

فقد شربت بكأس الحب ما شربا

ولو أفضت دموعي حسب واجبها

أفضت من كل عضو مدمعا سربا

عهدي بربعك للذات مرتبعا

فقد غدا لغوادي السحب منتحبا

فيا سقاك أخو جفن السحاب حبا

يحبو ربى الأرض من نور الرياض حبا

وقال في الحمام :

وحمام له حر الجحيم

ولكن شابه برد النسيم

فذقت به ثوابا في عقاب

وزرت به نعيما في جحيم

١١٨ ـ عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن جعفر بن الصباغ ، أبو نصر ، الفقيه الشافعي (٢) :

كان إماما فاضلا نبيلا ، انتهت إليه رئاسة أصحاب الشافعي ببغداد. وقال إنه أعرف بالمذهب من أبي إسحاق الشيرازي. وله مصنفات منها «الشامل» و «الكامل» و «تذكرة العالم والطريق السالم» و «كفاية السائل». وهو أول من درس بالنظامية في سنة تسع وخمسين وأربعمائة. سمع مشيخة الحسن بن عرفة من أبي الحسين بن الفضل ، وحدّث بها ببغداد وبأصبهان لما قدمها رسولا من دار الخلافة. روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب في التاريخ وهو أسن منه.

مولده في سنة أربعمائة ، وتوفي في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وأربعمائة ، ودفن بداره ، ثم نقل إلى باب حرب.

١١٩ ـ عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن علي بن سلمان بن إبراهيم بن عبد العزيز ، التميمي الكتّاني ، أبو محمد بن أبي طاهر الصوفي (٣) :

__________________

(١) في الأصل : «لا تنكرن».

(٢) انظر العبر ٣ / ٢٤٤. وشذرات الذهب ٣ / ٣٥٥. وطبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٢٣٠. ومرآة الجنان ٣ / ١٢١. والنجوم الزاهرة ٥ / ١١٩. الأعلام ٤ / ١٣٢.

(٣) انظر : تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٧٠ والعبر ٣ / ١٦١. وشذرات الذهب ٣ / ٣٢٥. ومعجم المؤلفين ٥ / ٢٤٢. والأعلام ٤ / ١٣٧

١٢٢

سمع الكثير من أبوي القاسم صدقة بن محمد القرشي وتمام بن محمد الرازي وأبي محمد عبد الرحمن بن عثمان التميمي ، ثم دخل بغداد فسمع بها أبا الحسن بن مخلد وأبا علي بن شاذان وأبا الحسن الحمامي وأحمد بن علي بن البادا. وكتب بخطه الكثير ، وحدث ببغداد بيسير. روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب وأبو عبد الله الحميدي وأبو القاسم بن السّمرقندي ـ وهو آخر من روى عنه.

مولده في رجب سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.

وتوفي بدمشق في سنة ست وستين وأربعمائة في ليلة العشرين من جمادى الآخرة.

١٢٠ ـ عبد العزيز بن الحسين بن عبد العزيز بن هلالة ، أبو محمد بن أبي علي اللخمي الأندلسي (١) :

قدم بغداد في سنة خمس وستمائة فسمع بها من أصحاب ابن الحصين وابن البنا ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري. وانحدر إلى واسط فسمع بها من شيخنا القاضي أبي الفتح بن الماندائي ، وتوجه إلى أصبهان فسمع بها معجم الطبراني من عفيفة الفارقانية ، ومسند أبي يعلى الموصلي من أبي المجد زاهر بن أبي طاهر الثقفي. وسافر إلى خوارزم ومرو وبخارى وسمرقند وسمع بها. ثم إنه سافر إلى إربل والموصل وحلب ودمشق وسمع هناك كثيرا. وعاد إلى بغداد وأنا بأصبهان في رحلتي الثانية إليها ، وتوجه إلى البصرة فأدركه أجله بها. وكان قد حدث ببغداد ، سمع منه عبد الغني بن مشرف ، وكان قد سمع كثيرا ، وقرأ بنفسه وكتب بخطه ، وحصل الأصول والكتب الكثيرة (٢). وكان فاضلا صدوقا لطيفا.

سألته عن مولده ، فقال : ولدت بطبيرة من غربي الأندلس في شوال سنة سبع وسبعين وخمسمائة.

وتوفي بالبصرة في رمضان سنة سبع عشرة وستمائة ، ودفن من الغد بمقابر الشهداء،رحمه‌الله.

١٢١ ـ عبد العزيز بن عبد الملك بن تميم بن مالك الشيباني ، أبو محمد المقرئ(٣) :

__________________

(١) انظر : شذرات الذهب ٥ / ٧٨.

(٢) في الأصل : «الكثير».

(٣) انظر : شذرات الذهب ٥ / ٨١.

١٢٣

من أهل دمشق. قرأ القرآن بالروايات على أبي اليمن الكندي ، وسمع الحديث من أبي طاهر الخشوعي والقاضي أبي القاسم بن عبد الصمد في آخرين ، وكتب بخطه الكثير وحصّل ، وتصدر بجامع دمشق للإقراء ، ثم إنه قدم بغداد في سنة إحدى وستمائة ، فسمع من أصحاب ابن الحصين ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وقرأ القرآن على أبي أحمد بن سكينة ، ثم عاد إلى دمشق ، ثم قدمها مرة ثانية في سنة خمس وستمائة فأقام بها مدة ، ثم انحدر إلى واسط فسمع ابن الماندائي ، وسافر إلى العراق ، فسمع بهمذان والري وأصبهان.

وكان حافظا لطرق القراءات بوجوهها ، له يد في معرفة النحو وتحفظ الحديث وله به وبعلومه معرفة ، إلا أنه كان متسمحا في الحديث.

لم يكن من أهل الإتقان ولا التحري ؛ ونقل سماعات على مسند السراج بجماعة من شيوخنا ، وسمعها الحافظ بنقله ، ثم طولب بالأصل ، فأحال على مواضع طلبت فلم توجد ، واختلف كلامه واختلط ، فتركنا رواية هذا المسند عمن نقل سماعهم ، ولم نعتمد على ذلك.

وكان مطعونا عليه في دينه وأمانته ، شوهد مرات يصلي بالناس إماما وهو على غير وضوء ، وسرق كتب ابن السمعاني من مرو وأنفذها إلى هراة ، وفعل أشياء لا تليق بأهل الدين.

مولده في رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بدمشق.

وبلغنا أن الترك التتار أسروه لما استولوا على نيسابور ، وكان في صفر سنة ثمان عشرة وستمائة ، وأظنهم أهلكوه بعد ذلك ـ والله أعلم.

١٢٢ ـ عبد الغافر السروستاني (١) ، الفقيه الشافعي (٢) :

من أهل فارس ، ويعرف بالركن. قدم بغداد طالبا للعالم ، ونزل النظامية.

قال أبو عبد الله الكاتب في «الخريدة» : عبد الغافر السروستاني كان معنا في النظامية ببغداد ، وهو عارف باللغة ، كثير الفضل ، وغلب عليه العشق حتى حمل إلى البيمارستان وقيّد ، وكان عفيفا مستورا فاضلا ، وبلي بهذا البلاء ، فلما برأ من المرض لم يقم ببغداد خجلا.

__________________

(١) في الأصل : «الشروستانى».

(٢) انظر : طبقات الشافعية ، للسبكي ٤ / ٢٥٥.

١٢٤

ورأيته بعد ذلك بأصبهان في سنة ست أو سبع وأربعين وخمسمائة ، وقال : أنشدنا عبد الغافر لنفسه وهو مقيد في البيمارستان في حال استهتاره واستهاره (١) قصيدة أولها :

بأبى الوادي وصنوبره

وغزال الشعب وجوذره

ومكان فيه يطلع لي

ظبى (٢) بحلى مستهتره

قبح الدنيا بمحاسنه

فتعالى الله مصوره

وهي قصيدة طويلة.

قال : وأنشدنا عبد الغافر لنفسه من قطعة :

ناحت ورقاء على فنن

نوح المشتاق على الدمن

ناحت وتغنت هاتفة

بالشجو تبوح وبالشجن

إن كان رضاكم في سهري

فسلام الله على الوسن

١٢٣ ـ عبد الغفار بن محمد بن الحسين بن علي بن شيرويه بن علي ، أبو الحسين بن أبي بكر بن أبي الحسن ، الشيروي الجنابذي ، التاجر (٣) :

من أهل نيسابور. وكان عفيفا متدينا صدوقا ، وإليه انتهت الرحلة من البلدان ، وختم به إسناد الأصم. سمع أباه وأبا بكر أحمد بن الحسن الحيري وأبا سعيد محمد بن موسى الصّيرفيّ وأبا سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني ، وسمع بأصبهان أبا بكر محمد بن عبد الله بن ريذة وأبا طاهر أحمد بن محمود الثقفي ، وحدث بالكثير ؛ سمع منه الأئمة ، وآخر من روى عنه على وجه الأرض أبو المعالي عبد المنعم بن عبد الله الفراوي.

وروى عنه الحسن بن محمد اليونارتي في معجم شيوخه ، وقال فيه : ما رأيت أظرف منه ولا أحسن خلقا من الأكارم الأفاضل ، وقد روى عنه أيضا أبو نصر المؤتمن بن أحمد الساجي.

مولده في شعبان سنة أربع عشرة وأربعمائة.

__________________

(١) هكذا في الأصل.

(٢) في الأصل : «خبى».

(٣) انظر : هدية العارفين ١ / ٥٨٧. وشذرات الذهب ٤ / ٢٧. ومعجم المؤلفين ٥ / ٢٦٨.

١٢٥

وتوفي يوم الأحد ثامن عشر ذي حجة سنة عشر وخمسمائة قاله أبو نصر اليونارتي.

١٢٤ ـ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي ، أبو محمد الحافظ (١) :

من أهل دمشق. سمع الكثير ببلده من أبي المكارم عبد الواحد بن محمد بن المسلم ابن هلال وأبي المعالي عبد الله بن صابر ، ورحل إلى الإسكندرية وسمع من الحافظ السلفي ، وصحبه وكتب عنه الكثير.

ثم قدم بغداد في سنة ستين وخمسمائة ، وسمع بها أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبا طالب المبارك بن علي بن خضير الصّيرفيّ في آخرين ، وسمع بهمذان الحافظ أبا العلاء الحسن بن أحمد العطار ، وبأصبهان أصحاب أبي قطيع ، وأقام بها مدة ، وحصّل الأصول ، وكتب الكثير بخطه ، ثم عاد إلى بغداد ، وحدّث بها في سنة ثمان وستين [وخمسمائة] (٢) ، سمع منه أبو المكارم يعيش بن ريحان الفقيه ، وكان حافظا من أهل الإتقان (٣) والتجويد ، قيما بجميع فنون الحديث ، عارفا بقوانينه وأصوله وعلله ، وصحيحه وسقيمه ، وناسخه ومنسوخه ، وغريبه ومشكله ؛ وكان كثير العبادة ، متمسكا بالسنة ، ولم يزل بدمشق إلى أن تكلم في الصفات والقرآن بشيء أنكره عليه أهل التأويل ، وشنعوا به عليه ، وأباحوا إراقة دمه ، فشفع فيه جماعة إلى السلطان على أن يخرج من دمشق إلى ديار مصر ، فأخرج إلى مصر ، وأقام بها خاملا (٤) إلى حين وفاته.

سئل عن مولده فقال : أظن في سنة أربع وأربعين وخمسمائة بجماعيل من قرى بيت المقدس.

وتوفي بمصر في رابع عشرين ربيع الأول سنة ستمائة.

قال يوسف بن خليل بعد كلامه : وكان ثقة ثبتا دينا مأمونا ، حسن التصنيف ،

__________________

(١) انظر : تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٧٢. والأعلام ٤ / ١٦٠. وشذرات الذهب ٤ / ٣٤٥. والعبر ٤ / ٣١٣.

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.

(٣) في الأصل : «أهل الأمان».

(٤) في الأصل : «حاملا».

١٢٦

دائم الصيام ، كان يصلي كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة. دعي إلى أن يقول «لفظي بالقرآن مخلوق» فأبى ، فمنع من التحدث بدمشق ، فسافر إلى مصر فأقام بها إلى أن مات.

قال تاج الدين الكندي : رأيت ابن ناصر والحافظ أبا العلاء الهمذاني وغيرهما من الحفاظ ، فما رأيت أحفظ من عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي. وله مصنفات مشهورة.

١٢٥ ـ عبد القادر بن أبي صالح بن جنكي دوست (١) :

من أهل جيلان. أحد الأئمة الأعلام ، صاحب الكرامات الظاهرة. قدم بغداد في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ، وله ثماني عشرة سنة ، فقرأ الفقه على أبي الوفاء بن عقيل وأبي الخطاب الكلوذاني ، وسمع الحديث من أبي غالب محمد بن الحسن الباقلاني وأبي سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش وأبي عثمان إسماعيل بن محمد بن مسلمة (٢) الأصبهاني في آخرين ، وقرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي ، ثم لازم الانقطاع والخلوة والرياضة والمجاهدة ، وصحب الشيخ حماد الدباس وأخذ عنه علم الطريقة ؛ ثم إن الله تعالى أظهره للخلق وأظهر الله الحكمة في قلبه على لسانه ، وظهرت علامات من الله تعالى وأمارات ولايته. وحدث وصنف ، وله الكلام المليح في الحقيقة ، فمنه قوله : «الخلق حجابك عن نفسك ، ونفسك حجابك عن ربك ، ما دمت ترى الخلق لا ترى نفسك ، وما دمت ترى نفسك لا ترى ربك». وقال : «الأولياء عرائس الله تعالى ، لا يطلع عليهم إلا ذا محرم».

سمعت عبد العزيز بن عبد الملك الشيباني يقول : سمعت عبد الغني بن عبد الواحد يقول : سمعت أبا محمد بن الخشاب النحوي يقول : كنت ـ وأنا شاب أقرأ النحو ـ أسمع الناس يصفون الشيخ عبد القادر ويذكرون حسن كلامه في مجالس وعظه ، فكنت أريد أن أسمعه ولا يتسع وقتي لذلك ؛ واتفق يوما أن حضرت مجلسه مع الناس ، فلما تكلم لم أستحسن كلامه ولم أفهمه ، وقلت في نفسي : ضاع النحو مني! قال : فالتفت الشيخ إلى الجهة التي كنت فيها وقال : ويلك! تفضل الاشتغال بالنحو على مجالس الذكر وتختار ذلك؟ أصحبتنا تصيرك سيبويه؟.

__________________

(١) انظر فوات الوفيات ٢ / ٤ ـ ٦. وشذرات الذهب ٤ / ١٩٨. والعبر ٤ / ١٧٥. ومرآة الجنان ٣ / ٣٤٧. والمنتظم ١٨ / ١٧٣.

(٢) في الأصل : «بن ملة».

١٢٧

مولده في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ، وتوفي ببغداد في ليلة السبت عاشر ربيع الآخر سنة إحدى وستين وخمسمائة ، ودفن بمدرسته.

سمعت عبد الرزاق بن عبد القادر يقول : ولد والدي تسعا وأربعين ولدا ، سبع وعشرين ذكورا والباقي إناثا! رحمه‌الله.

١٢٦ ـ عبد القادر بن عبد الله ، أبو محمد ، الفهمي الرهاوي (١) :

كان من سبى الرهاء ، فاشتروه بنو فهم الحرانيون وأعتقوه. وطلب الحديث في صباه في سنة تسع وخمسين وخمسمائة. ورحل من الجزيرة إلى الشام وديار مصر ، فسمع بها وبالإسكندرية من الحافظ السلفي ؛ ودخل العراق فسمع ببغداد من أبي محمد عبد الله بن منصور بن هبة الله الموصلي وأبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق ابن يوسف وأبي محمد بن الخشاب وشهدة الكاتبة ؛ وسمع بهمذان الحافظ أبا العلاء العطار ، وبأصبهان من أبي عبد الله الحسن بن العباس الرستمي ، وسمع بنيسابور أبا بكر محمد بن علي الطوسي في آخرين ، وكتب الكثير بخطه. ثم أقام بالموصل شيخا بدار الحديث المظفرية مدة طويلة ، وحدث بالكثير ، ثم انتقل عنها إلى حران ، وكان حافظا متقنا عالما ورعا متدينا زاهدا عابدا ثقة نبيلا.

مولده في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وخمسمائة.

وتوفي بحران في يوم السبت ثاني جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وستمائة.

١٢٧ ـ عبد الكريم بن محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار ، أبو سعد بن أبي بكر السمعاني (٢) :

من أهل مرو. وهو الإمام ابن الأئمة ، غذي بالعلم ، ونشأ في حجر الفضل ، وحمل على أكتاف الأئمة. أسمعه والده في صغره من أبي منصور محمد بن علي الكراعي ، ورحل به وله ثلاث سنين إلى نيسابور ، فأحضره على أبي بكر عبد الغفار ابن محمد الشيروي ؛ ثم إنه اشتغل بالأدب حتى حصل منه طرفا ، صالحا. وقرأ المذهب والخلاف ، وتكلم في المناظرة ، ثم اشتغل بالحديث ، فسمع الكثير ببلده

__________________

(١) انظر : تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٨٧. وشذرات الذهب ٥ / ٥٠. ومرآة الجنان ٤ / ٢٣. والأعلام ٤ / ١٦٥.

(٢) انظر : طبقات الشافعية ، للسبكي ٤ / ٢٥٩. والنجوم الزاهرة ٥ / ١٦٠. ووفيات الأعيان ٢ / ٢٧٨. والأعلام ٤ / ١٧٩. والعبر ٤ / ١٣١٦.

١٢٨

وجال في خراسان ، فسمع بنيسابور وطوس وميهنة من أبي عبد الله الفراوي وأبي القاسم الشحامي. ودخل بغداد سنة اثنتين وثلاثين فسمع بها الكثير من محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبي القاسم بن السّمرقندي. وحج وانحدر إلى واسط والبصرة ، وعاد إلى بغداد ، وتوجه إلى الشام فسمع بدمشق وحلب وحماة وحمص ، وزار بيت المقدس ، وجمع ذيلا على تاريخ الخطيب أبي بكر ثم عاد إلى نيسابور وقد ولد له شيخنا أبو المظفر عبد الرحيم. فلما بلغ حد السماع طاف به خراسان ، وأسمعه بها الكثير ، ثم عاد إلى مرو فألقى بها عصاه ، وأقام بها مشتغلا بالتصنيف. وكان وافر الهمة في طلب الحديث ، شديد الحرص على لقاء الشيوخ ، مليح الخط ، وجمع معجما لشيوخه في عشر مجلدات كبار ، سمعت من يذكر أن عددهم سبعة آلاف شيخ.

وذكره الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق من جمعه ، وأثنى عليه ثناء كبيرا.

وله من المصنفات : «المذيل» أربعمائة طاقة ، «تاريخ المراوزة» ، «طراز الذهب في أدب الطلب» ، «الإسفار عن الأسفار» ، «الإملاء والاستملاء» ، «سلوة الأحباب ورحمة الأصحاب» ، «الأمالي» ، «الصدق في الصداقة والرفق في الرفاقة» وغير ذلك.

مولده في خامس عشر شعبان سنة ست وخمسمائة بمرو.

وتوفي في ليلة غرة ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمسمائة بمرو.

١٢٨ ـ عبد اللطيف بن يوسف بن محمد بن علي ، الموصلي الأصل ، البغدادي المولد والدار ، أبو محمد بن أبي العز (١) :

أسمعه والده من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي ويحيى بن ثابت بن بندار وأبي بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور في آخرين. وتفقه في صباه على مذهب الإمام الشافعي ، وقرأ العربية على عبد الرحمن الأنباري ، وصحب شيخنا الوجيه أبا بكر الضرير النحوي مدة حتى برع في النحو ، وتميز على أقرانه ، وقرأ علم الطب حتى أحكمه ، وصنّف مصنفات في الأدب وغيره.

__________________

(١) انظر : بغية الوعاة ، ص ٣١١ وإنباه الرواة ٢ / ١٩٣. وفوات الوفيات ٢ / ١٦. والأعلام ٤ / ١٨٣. ومرآة الجنان ٤ / ٦٨. والأعلام ٤ / ١٨٣. وشذرات الذهب ٥ / ١٣٢.

١٢٩

وكان يكتب خطا مليحا. وسافر إلى الشام ، ودخل ديار مصر ، ورأى هناك قبولا كبيرا. وكان غزير الفضل ، كامل العقل ؛ ثم إنه دخل إلى بلاد الروم وأقام بها مدة ، وكان يطبب(١) ملكها ، وصادف قبولا عظيما ، فلما توفي الملك عاد إلى حلب وحدث بها.

ثم توجه إلى بغداد فأقام بها إلى أن توفي في ثاني عشر محرم سنة تسع وعشرين وستمائة، ودفن في مقبرة الوردية.

وكان مولده في أحد الربيعين من سنة سبع وخمسين (٢).

١٢٩ ـ عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه الجويني ، أبو المعالي بن أبي محمد ، الفقيه الشافعي ، الإمام ، الملقب بإمام الحرمين (٣) :

من أهل نيسابور. إمام الفقهاء شرقا وغربا ، ومقدمهم عجما وعربا ، من لم تر العيون مثله فضلا ، ولم تسمع الآذان كسيرته نقلا ؛ تفقه على والده ، وتوفي والده وله دون العشرين سنة ، فدرس مكانه. وقرأ الأصول على أبي القاسم الإسكاف الإسفرائيني. وكان يقعد كل يوم بين يديه ثلاثمائة فقيه. وسمع الحديث من والده وأبي حسان محمد بن أحمد بن جعفر المزكي وأبي سعيد عبد الرحمن بن حمدان النضروي وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن يحيى المزكي ومنصور بن رامش. وسمع ببغداد أبا محمد الحسن بن علي الجوهري وحدث ، روى عنه أبو عبد الله الفراوي وزاهر الشحامي في آخرين.

ومن شعره :

أصخ لن تنال العلم إلا بستة

سأنبئك عن مجموعها ببيان

ذكاء وحرص وافتقار وغربة

وتلقين أستاذ وطول زمان

مولده في ثامن عشر محرم سنة تسع عشرة وأربعمائة.

وتوفي ليلة الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ، وله مصنفات مشهورة منها «النهاية».

__________________

(١) في الأصل : «وكان يطب».

(٢) في الأصل : «سبع وسبعين» ، وكذلك بقية المراجع.

(٣) انظر : الأعلام ٤ / ٣٠٦. وهدية العارفين ١ / ٦٢٦. والعبر ٣ / ٢٩١. وطبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٢٤٩. ووفيات الأعيان ٢ / ٣٤١.

١٣٠

١٣٠ ـ عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي الفراوي ، أبو المعالي بن أبي البركات بن أبي عبد الله (١) :

من أهل نيسابور ، من بيت مشهور بالعدالة والرواية. سمع جده وأبا بكر عبد الغفار بن محمد الشيروي ـ وهو آخر من حدث عنه ، وأبا نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري في آخرين. وقدم بغداد في سنة ثمانين وخمسمائة وحدث بها ، سمع منه الحافظ أبو بكر الحازمي.

مولده في ربيع الأول سنة سبع وتسعين وأربعمائة.

وتوفي في شعبان سنة سبع وثمانين وخمسمائة.

١٣١ ـ عبد المنعم بن عبد العزيز بن أبي بكر بن عبد المؤمن ، أبو الفضل القرشي العبدري ، المعروف بابن النطروني (٢) :

من أهل الإسكندرية. قدم بغداد واستوطنها ، ومدح بها الإمام الناصر لدين الله. وكان شاعرا مجيدا ، مليح الشعر ، فاضلا ، أديبا ، فقيها مالكيا ، مليح الشيبة ، حسن السمت ؛ رتب شيخا برباط العميد بالجانب الغربي ، وناظرا في أوقافه.

أنشدني عبد العزيز بن عبد المنعم العبدري بالإسكندرية ، قال : أنشدني والدي لنفسه ببغداد مادحا أمير المؤمنين الناصر لدين الله ، ويهنئه :

يا ساحر الطرف ليلي ما له سحر

وقد أضر بجفني بعدك السهر

يكفيك مني إشارات بعين ضنى

لم يبق مني لا عين ولا أثر

أعاذك الله من شر الهوى فلقد

أذكى على كبدي نارا لها شرر

غررت فيه بروحي بعد ما علمت

إن السلامة من أسبابه غرر

وكان عذبا عذابي في بدايته

فصار في الصبر طعما (٣) دونه الصبر

ولست أدري وقد مثلت شخصك في

قلبي المشوق أشمس أنت أم قمر؟

ما صور الله هذا الحسن في بشر

وكان يمكن أن لا تعبد الصور

من لي برد غديات بذي سلم

حيث النسيم عليل والثرى عطر

__________________

(١) انظر : معجم المؤلفين ٦ / ١٩٤. وشذرات الذهب ٤ / ٢٨٩. والعبر ٤ / ٢٦٢.

(٢) انظر : فوات الوفيات ٢ / ٣٣. والأعلام ٤ / ٣١٦.

(٣) في الأصل : «طعم».

١٣١

ومنها :

وللغصون مناجاة إذا سمعت

من النسيم أحاديثا (١) لها خطر

وهي قصيدة طويلة.

توفي ببغداد في جمادى الآخرة لأربع خلون منه من سنة ثلاث وستمائة ، ودفن بالشونيزية ، وقد قارب السبعين ـ رحمه‌الله.

١٣٢ ـ عبيد الله بن محمد بن أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ، أبو الحسن ابن أبي عبد الله بن أبي بكر البيهقي (٢) :

كان جده أحد الحفاظ المشهورين ، وأبو الحسن هذا كان خاليا من العلم. سمع من جده كثيرا من مصنفاته ، وسمع أيضا من أبي سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ وأبي يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الصابوني في آخرين. وقدم بغداد وحدث بها ، روي عنه ابن ناصر.

أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال : سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول : ورد سبط البيهقي بغداد وحدث بها ، سمع منه جماعة ، وكره آخرون السماع منه لقلة معرفته بالحديث. روي لنا عنه أبو القاسم الدمشقي وسألته عنه ، فقال : ما كان يعرف شيئا ، وكان يتغالى بكتب الإجازة ؛ وكان يقول : ما أجيز إلا بطسوج. قال : وسمع لنفسه في جزء عن جده تسميعا طريا ، وكان سماعه في غير ذلك صحيحا.

سأله ابن الخشاب عن مولده [فقال] (٣) : في سنة تسع وأربعين وأربعمائة.

وتوفي ببغداد في ليلة الثالث من جمادى الأولى في سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة ، ودفن بالوردية.

١٣٣ ـ عتيق بن علي بن الحسن الصنهاجي ، أبو بكر الحميدي (٤) :

من أهل الأندلس. قدم بغداد بعد الثمانين وخمسمائة ، وأقام بها مدة للتفقه على أبي القاسم بن فضلان ، وسمع الحديث من أبي السعادات بن رزيق في آخرين ، وجمع مقامة وصف بغداد ، وحدث بها ، وعاد إلى بلاده.

__________________

(١) في الأصل : «أحاديا».

(٢) انظر : لسان الميزان ٤ / ١١٦. والعبر ٤ / ٥٤. وشذرات الذهب ٤ / ٦٧.

(٣) ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.

(٤) انظر : الأعلام ٤ / ٣٦٢.

١٣٢

ذكر لي بركات بن ظافر الصبان بمصر أن عتيق بن علي الحميدي ـ بفتح الحاء ـ نسبة إلى بعض أجداده وأنه أندلسي ، قدم عليهم مصر مرتين ، وكان أديبا فاضلا ، له ديوان شعر ، وصنف كتابا في الحلي والشيات وما يليق بالملوك من الآلات ؛ وتولى القضاء بالمغرب ، وتوفي هناك.

١٣٤ ـ علي بن أحمد بن سعيد بن الدباس ، أبو الحسن المقرئ (١) :

من أهل واسط. قرأ القرآن بالروايات على أبي محمد عبد الرحمن بن الحسن بن الزجاجي ، وسافر إلى همذان ، فقرأ على الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد العطار ، ودخل بغداد وذكر أنه قرأ بها على أبي الكرم المبارك بن الشهرزوري ؛ وسمع الحديث بواسط من أبي المفضل محمد بن محمد بن ربيعة وأبي محمد الزجاجي في آخرين ؛ ثم قدم بغداد وأقام بها إلى حين وفاته. وكان عالما بالقراءات [و] (٢) وجوهها وعللها ، عارفا بالنحو ، حسن الأخلاق ، متواضعا.

ذكر لي أبو عبد الله بن سعيد الحافظ أن أبا الحسن بن الدباس حدث بكتاب الحجة لأبي علي الفارسي عن القاضي أبي طالب بن الكتاني سماعا عن أبي الفضل بن خيرون إجازة ، وما علمنا لابن الكتّاني إجازة من ابن خيرون ، ولا روى عنه شيئا ، ولم يشاهد ابن الدباس عند ابن الكتاني قط.

وذكر لنا من شاهد معه خطا يشبه خط ابن الشهرزوري بالقراءة عليه وليس بخطه ، وأنه لم يصح أنه قرأ عليه.

مولده سنة سبع وعشرين وخمسمائة بواسط.

وتوفي ببغداد في ليلة السابع والعشرين من رجب سنة سبع وستمائة. وله شعر ، وشهد عند القضاة فقبلوه.

١٣٥ ـ علي بن أحمد بن عبد العزيز بن علي (٣) ، أبو الحسن الأنصاري ، يعرف بابن ظنّير ـ بضم الظاء المعجمة وبعدها نون مشددة مفتوحة وياء معجمة باثنتين من تحتها ساكنة وراء ـ هكذا رأيته بخط ناصر بن محمد.

من أهل ميروقة ، من بلاد الأندلس. سمع أبا عمر يوسف بن عبد الله النمري وأبا

__________________

(١) انظر : لسان الميزان ٤ / ١٩٧ وطبقات القراءة ١ / ٥١٩.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٣) انظر : المشتبه ، ص ٤١٨. والإكمال ٥ / ٢٥٨

١٣٣

محمد غانم بن وليد المخزومي ، وقدم دمشق وسمع بها من أبي محمد عبد العزيز الكتاني وأبي نصر الحسين بن طلاب ، وبصور أبا بكر الخطيب ، وقدم بغداد سنة أربع وستين وأربعمائة ، فأقام بها يسمع ، وحدث ، سمع منه أبو عبد الله الحميدي الحافظ ؛ وكان عالما بالحديث والأدب.

قال الحافظ أبو طاهر السلفي : سألت أبا الكرم خميس الحافظ عن أبي الحسن علي النحوي الأندلسي ، فقال : قدم علينا ، وكان فاضلا في النحو ، متقدما في العربية.

ومن شعره :

وسائلة لتعلم كيف حالي

فقلت لها بحال لا يسر

دفعت إلى زمان ليس فيه

إذا فتشت عن أهليه حر

توفي منصرفه من الحج بطريق البصرة على مسيرة ثلاثة أيام عنها بكاضمية (١) أو غيرها ، في صفر سنة خمس وسبعين وأربعمائة.

وذكر أبو القاسم بن عساكر في «تاريخ دمشق» ، فقال : حدثني أبو غالب الماوردي قال : قدم علينا أبو الحسن علي بن أحمد الأنصاري البصرة ، فسمع من أبي علي التستري (٢) كتاب «السنن» ، فأقام عنده نحوا من سنتين.

١٣٦ ـ علي بن أحمد بن علي بن يحيى ، أبو الحسن بن أبي بكر البيع ، المعروف بابن حني ـ بكسر الحاء والنون ـ هكذا قيده الحميدي (٣) :

سمع أبا الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه وحدّث. مولده في ذي الحجة سنة ست وثمانين وثلاثمائة.

وتوفي ببغداد في رمضان سنة ثمان وستين وأربعمائة ، ودفن بباب حرب.

١٣٧ ـ علي بن أحمد بن محمد بن بيان ، أبو القاسم بن أبي طالب العمري الكاتب ، المعروف بابن الرزاز :

ذكر أبو القاسم بن السّمرقندي أنه من أولاد عمر بن الخطاب ، أسمعه والده من

__________________

(١) هكذا في الأصل ، وفي معجم البلدان ٧ / ٨٠٢. «كالظلمة».

(٢) في الأصل : «النسترى».

(٣) انظر : شذرات الذهب ٤ / ٢٧. وتذكرة الحفاظ ٤ / ٢٦١. والمنتظم ١٧ / ١٤٧ ، ١٤٨ والعبر ٤ / ٢١. والأنساب ٦ / ١٠٧.

١٣٤

أبي الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد وأبي علي الحسن بن أحمد بن شاذان وأبي القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران وعبد الرحمن بن عبيد الله بن الحرفي والحسين بن علي الطناجيري ومحمد بن محمد بن غيلان ، وتفرد بجماعة من شيوخه ، وصارت الرحلة إليه ، وكتب عنه الحفاظ. سمع منه أبو غالب الذهلي والمؤتمن الساجي وأبو القاسم بن السّمرقندي وأبو الفرج بن كليب ، وهو آخر من روي عنه.

سمعت الحاتمي يقول : سمعت ابن السمعاني يقول : سمعت محمد بن عبد الباقي البزاز يقول : إن بعض الطلبة حمل إلى [ابن] (١) بيان دينارا ليسمع منه نسخة الحسن بن عرفة ، فمضى ومعه بعض الفقراء فقال له : الدخول على الشيخ وحضور القراءة ما إليه سبيل ، ولكن تقعد على الباب بحيث لا يعرف الشيخ ، وأنا أرفع صوتي وقت القراءة ويحصل مقصودك ، ففعل ، فلما قعد بين يدي الشيخ وشرع في القراءة وأحس الشيخ بما فعل ، قال لجارية له : قومي واقعدي خلف الباب ودقي الشيح (٢) الفلاني في الهاون ؛ ومقصوده أن لا يسمع الذي على الباب ، ثم قال : أنا بغدادي ما يخفى عليّ مثل هذا.

قال الحافظ المؤلف ابن النجار : كان من عادة أبي القاسم [أنه] (٣) لا يسمع جزء ابن عرفة إلا بدينار لكل واحد من السامعين ، وكان شيخنا ابن كليب لا يسمعه أيضا إلا بدينار ولكن لجماعة أو لواحد.

قال السلفي الحافظ : سألت شجاع الذهبي عن ابن بيان ، فقال : حدث عن جماعة وهو صحيح السماع.

مولده في سادس صفر سنة اثنتي عشرة وأربعمائة ، وقيل : سنة ثلاث عشرة ـ قال الأول : أبو القاسم بن السّمرقندي ، وقال الثاني : الحافظ السلفي.

وتوفي في سادس شعبان سنة عشر وخمسمائة ، ودفن بباب حرب. وكان قد بلغ من العمر تسعا وتسعين سنة.

١٣٨ ـ علي بن أحمد بن يوسف بن جعفر بن عرفة بن المأمون بن المؤمل بن الوليد بن القاسم بن الوليد بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليست في الأصل.

(٢) في الأصل : «الشيخ» ، تصحيف. والشيخ : النبات المعروف.

(٣) ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.

١٣٥

شمس بن عبد مناف ، أبو الحسن بن أبي نصر القرشي الهكاري ـ هكذا رأيت نسبه بخط أبي علي بن البرداني (١) :

كان يعرف بشيخ الإسلام. سمع الكثير ، وسافر في طلبه ، وجمع كتبا في السنة. ذكر أنه سمع بالموصل أبا جعفر محمد بن المحتاج المروزي الفقيه ، وبحلب أبا القاسم علي بن أحمد بن المظفر المقرئ ، وبمصر أبا عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف ، وبمكة أبا الحسن محمد بن علي بن صخر ، وحدث بالكثير ؛ وانتقى (٢) عليه محمد ابن طاهر المقدسي ، وكان الغالب على حديثه الغرائب والمنكرات ، ولم يكن حديثه يشبه حديث أهل الصدق ، وفي حديثه متون موضوعة ، مركبة على أسانيد صحيحة ، وقيل : إنه كان يضع الحديث بأصبهان ، قدم بغداد ، وحدث بها. روي عنه أبو القاسم بن السّمرقندي.

كتب إليّ محمد بن معمر القرشي أن أبا نصر اليونارتي أخبره قال : علي بن أحمد الهكاري قدم علينا أصبهان ، روى عن ابن نظيف ، ولم يرضه أبو بكر بن الخاضبة فيما بلغني.

قال أبو القاسم بن عساكر : علي بن أحمد الهكاري لم يكن موثقا ، بلغني أن ابن الخاضبة قصده لما قدم بغداد ، فذكر له أنه سمع من شيخ استنكر سماعه منه ، فسأله عن تاريخ سماعه منه ، فذكر تاريخا متأخرا عن وفاة ذلك الشيخ ، فقال ابن الخاضبة : هذا الشيخ يزعم أنه سمع منه بعد موته بمدة ، وتركه وقام.

مولده في شوال سنة تسع وأربعمائة ، وتوفي في أول محرم سنة ست وثمانين وأربعمائة ـ كذا بخط شجاع بن فارس الذهلي أبي غالب ـ رحمه‌الله.

١٣٩ ـ علي بن أفلح بن محمد ، أبو القاسم العبسي (٣) :

كاتب أديب فاضل ، شاعر مترسل بليغ. له ديوان شعر ورسائل ، ويكتب خطّا حسنا.

__________________

(١) انظر : الكامل لابن الأثير ١ / ٩٣. ولسان الميزان ٤ / ١٩٥. ووفيات الأعيان ٣ / ٣١. وتذكرة ٣ / ١١٩٩. والعبر ٣ / ٣١٢. والمرآة الجنان ٣ / ١٤٢.

(٢) في الأصل : «وانتفا».

(٣) انظر : وفيات الأعلام ٣ / ٦٨. ومرآة الزمان ٨ / ١٦٩. والأعلام ٥ / ٧١. والمنتظم ١٧ / ٣٣٨ ـ ٣٤١.

١٣٦

ومن شعره :

أيها المالك رقي قد تجافيت طويلا

بالذي يبقيك إلا ما تعطفت قليلا

إن أكن أذنبت ذنبا فاصفح الصفح الجميلا

أنا عبد ذل فارحم سيدي عبدا ذليلا!

مولده سنة ثلاث وستين وأربعمائة ، وتوفي في ثاني شعبان سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.

آخر الجزء الخامس من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد.

* * *

١٣٧
١٣٨

الجزء السادس

من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد

للحافظ محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود بن الحسن ابن النجار

انتقاء كاتبه الواثق بالله أحمد بن أيبك بن عبد الله

١٣٩
١٤٠