تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٢١

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٢١

المؤلف:

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٧

وسألته عن مولده ، فقال : أظن في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.

توفي في عشية الجمعة ثالث رمضان سنة سبع وستين وخمسمائة ، ودفن بمقبرة أحمد.

٩٣ ـ عبد الله بن أحمد بن صاعد بن صائم الإسكاف ، أبو محمد بن أبي العباس بن أبي المجد (١) :

من أهل الحربية ، سمع أبا القاسم بن الحصين وأبا غالب أحمد بن الحسن بن البناء وإسماعيل بن أحمد بن عمر السّمرقندي في آخرين. وكان شيخا صالحا حسن الأخلاق ، حدّث عنه الإمام أحمد غير مرة ، ودفع إليه قوم من أهل الشام شيئا من المال وذهبوا به متوجهين إلى دمشق ليسمعوا منه هناك ، فلما وصلوا إلى الموصل تسامع به أصحاب الحديث ، فأمسكوه عندهم مدة وسمعوا منه المسند ، وبعد فراغهم من السماع بقي الشيخ أياما ثم مرض ومات ، ولم يقدّر له أن يدخل الشام.

توفي بالموصل في الثاني عشر من محرم سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ، وقد نيف على الثمانين ـ رحمه‌الله.

٩٤ ـ عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث السّمرقندي ، أبو محمد بن أبي بكر الحافظ (٢) :

تقدم ذكر أبيه وأخيه إسماعيل. ولد بدمشق وسمع بها الكثير من أبي الحسن أحمد ابن عبد الواحد بن محمد بن أبي الحديد السلمي وأبي نصر الحسين بن محمد بن طلاب وأبي محمد عبد العزيز الكتاني ، وببيت المقدس من أبي عثمان محمد بن أحمد ابن ورقاء الأصبهاني ، وأكثر عن الحافظ أبي بكر الخطيب بدمشق من مصنفاته.

وقدم بغداد واستوطنها ، وسمع بها الكثير من أبي محمد عبد الله بن محمد الصريفيني وأبي الحسين أحمد بن النقور وأبي منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار وأبوي القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي وعلي بن أحمد البسري. ورحل إلى خراسان فسمع بنيسابور أبا القاسم الفضل بن عبد الله بن المحب ، وبهراة أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري ، وببلخ أبا القاسم أحمد بن محمد بن محمد بن عبيد الله

__________________

(١) انظر : شذرات الذهب ٤ / ٣٣٥. والنجوم الزاهرة ٦ / ١٨١. والعبر ٤ / ٣٠٢.

(٢) انظر : معجم المؤلفين ٦ / ٢٩. والعبر ٤ / ٣٧. وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٦٣. وشذرات الذهب ٤ / ٤٩. والمنتظم ١٧ / ٢١١.

١٠١

الخليلي في جماعة آخرين يطول ذكرهم.

وكتب بخطه الكثير ، وحصّل الأصول وجمع وخرّج. وكان يكتب خطا مليحا ، ويضبط صحيحا ، وكان موصوفا بالحفظ والإتقان. روي عنه أخوه إسماعيل وابنته كمال ومحمد بن ناصر في آخرين.

قال السلفي : عبد الله بن أحمد السّمرقندي كان من حفاظ الحديث ، ثقة ، صاحب رحلة إلى خراسان وغيرها ، وكان قد رزق حظّا من الأدب ، وإذا قرأ الحديث أعرب وأغرب.

مولده بدمشق في سادس صفر سنة أربع وأربعين وأربعمائة. وأول سماعه في سنة خمسين.

وتوفي ببغداد في ثاني عشر ربيع الآخر سنة ست عشرة وخمسمائة ، ودفن بباب أبرز.

٩٥ ـ عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر بن هشام الطوسي ، أبو الفضل ابن أبي نصر الخطيب (١) :

ولد ببغداد في دار الخلافة ونشأ بها ، وسمع بها الحديث من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة وأبي الفضل محمد ابن عبد السلام الأنصاري وأبي الخطاب علي بن عبد الرحمن بن الجراح وأبي منصور محمد بن أحمد الخياط المقرئ وأبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصّيرفيّ وأبي محمد جعفر بن أحمد السراج في آخرين.

وقرأ الفقه والخلاف على الكيا أبي الحسن علي بن محمد الهراسي وأبي بكر الشاشي ، والفرائض والحساب على الحسين بن أحمد الشقاق ، والأدب على أبي زكريا التبريزي وأبي محمد الحريري. ثم إنه سافر إلى العراق وخراسان ، وسافر إلى بلاد ما وراء النهر في سنة إحدى عشرة وخمسمائة ، وعاد إلى بغداد في سنة أربع عشرة. فسمع بأصبهان أبا علي الحسن بن أحمد الحداد ، وبنيسابور أبا نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري. ثم إنه سكن الموصل وسمع بها أباه وعمه أبا البركات محمد بن محمد وأبا البركات محمد بن محمد بن خميس. وتولى الخطابة بالجامع العتيق ، وتفرد بأكثر مسموعاته.

__________________

(١) انظر : شذرات الذهب ٤ / ٢٦٢. والعبر ٤ / ٢٣٤. والمعجم المؤلفين ٦ / ٣٠.

١٠٢

وكان فاضلا أديبا ، له شعر حسن. وكان محمد بن عبد الخالق بن أحمد بن يوسف البغدادي قد قدم عليه الموصل ونقل له سماعاته من ابن البطر وطراد وابن طلحة وغيرهم على فروع كتبها له بخطه ، فقبلها الشيخ وحدّث بها ، وكانت باطلة لا أصل لها ، مما اختلقت يداه ، وعلم بذلك فأبطلها أصحاب الحديث ، فلا يقبل من رواية هذا الخطيب إلا ما شوهد أصله ، وكان بخط من يوثق به من الطلبة ، وما سوى ذلك فلا يجوز روايته.

مولده في منتصف سنة سبع وثمانين وأربعمائة ، وتوفي بالموصل في ليلة الثلاثاء لأربع عشرة خلت من شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.

ومن شعره :

سقى الله أياما لنا ولياليا

نعمنا بها والعيش إذ ذاك ناضر

ليالي لا أصغى إلى لوم عاذل

وطرفي إلى أنوار وجهك ناظر

٩٦ ـ عبد الله بن الحسين بن رواحة بن إبراهيم بن عبد الله بن رواحة بن عبيد بن محمد بن عبد الله بن رواحة ، أبو محمد الأنصاري الخزرجي (١) :

من أهل حماة ، وكان يتولى الخطابة بها. كان من ذوي الفضل والنبل والديانة والصيانة. قدم بغداد حاجّا ، ومدح الإمام المقتفي لأمر الله فأكرمه.

ومن شعره في المقتفي :

أتعرف رسما دارس الآي بالحمى

عفا وتهاداه السحاب فأطسما

سلوت الهوى أيام شرخ شبيبتي

فهل رغبة فيه إذا الشيب عمما؟

وقالوا مشيبا كالنجوم طوالعا

وما حسن ليل لا ترى منه أنجما

ومنه :

وما الشمس في وسط السماء ودونها

حجاب عن الغيم الرقيق مفرق

بأحسن منها حين تستر وجهها

حياء وتبديه لعلى أرصق

ومنه :

أعلاق وجد القلب من أعلاقه

وتصاعد الزفرات من إحراقه

__________________

(١) انظر : تاريخ ابن عساكر ٧ / ٣٦٧.

١٠٣

مولده سنة ست وثمانين وأربعمائة ، وتوفي في يوم عاشوراء سنة إحدى وستين وخمسمائة بحماة.

قال ابن عساكر : وكان شاعرا ، له يد بيضاء في القراءات ، وتهجد في الخلوات. مدح المقتفي مرارا ، وخلع عليه ثياب الخطابة ، وقلده أمرها بحماة.

٩٧ ـ عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين العكبري ، أبو البقاء بن أبي عبد الله الضرير النحوي (١) :

قرأ القرآن بالروايات على أبي الحسن البطائحي ، وتفقه على القاضي أبي يعلى محمد بن أبي خازم بن الفراء ، وقرأ العربية على أبي البركات يحيى بن نجاح وابن الخشاب. سمع الحديث عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبي زرعة طاهر ابن محمد بن طاهر وأبي بكر عبد الله بن محمد بن أحمد النقور في آخرين وحدث. وكان ثقة صدوقا ، غزير الفضل ، كامل الأوصاف ، كثير المحفوظ ، متدينا ، حسن الأخلاق. ذكر لي أنه أضر في صباه.

وله مصنفات كثيرة ، منها : تفسير القرآن وإعرابه ، وإعراب الشواذ (٢) من القراءات ، إعراب الحديث ، المرام في نهاية الأحكام في مذهب الإمام أحمد ، تعليق في الخلاف ، شرح الهداية لأبي الخطاب ، شرح الحماسة ، شرح المقامات ، شرح الخطب النباتية ، والمصباح في شرح الإيضاح والتكملة ، إعراب الحماسة ، التوصيف في التصريف ـ في غير ذلك.

أنشدني علي بن عدلان بن حماد الموصلي النحوي قال : أنشدني شيخنا أبو البقاء عبد الله لنفسه مادحا لابن مهدي الوزير :

بك أضحى جيد الزمان محلى

بعد أن كان من حلاه مخلى

لا يجاريك في تجاريك خلق

أنت أعلى قدرا وأعلى محلا

دمت تحيى ما قد أميت من الفضل

وتنفى فقرا وتطرد محلا

سمعت من ذكر أنه سمع أبا البقاء يقول : ما عملت من الشعر سوى هذه الأبيات. مولده ببغداد في أوائل سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ، وتوفي في ليلة يسفر صباحها عن تاسع شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة وستمائة ، ودفن بباب حرب ـ رحمه‌الله.

__________________

(١) انظر : وفيات الأعيان ٢ / ٢٨٦. وبغية الوعاة ، ص ٢٨١. والأعلام ٤ / ٢٠٨.

(٢) في الأصل : «إعراب السراد».

١٠٤

٩٨ ـ عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بن عبد الله بن علوان بن رافع ، الأسدي ، أبو محمد (١) :

من أهل حلب. أسمعه والده في صباه من أبي الفرج يحيى الثقفي ومن جماعة أخرى ، ثم إنه هو سمع بنفسه كثيرا ، وكتب بخطه ، وحصل بهمة وافرة ، وتفقه على مذهب الإمام الشافعي على أبي المحاسن يوسف بن رافع قاضي حلب ، وصحبه ، وعنى به عناية شديدة بما رأى من نجابته وفهمه وذكائه ، واتخذه ولدا وصاهره ، وصار معيدا لمدرسته وله نيف وعشرون سنة. ثم ولى التدريس بعدة مدارس ، ونبل مقداره ؛ وتقدم عند الملوك والسلاطين ، وعلا به جاهه وارتفع شأنه ، وروسل به إلى ملوك الشام ومصر ، ثم إنه ناب في القضاء بحلب مدة حياة القاضي ، فلما توفي ولي القضاء ، وأرسل رسولا إلى دار الخلافة ، فقدم علينا في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وستمائة ، وأكرم مورده وجمع له فقهاء مدينة السلام بدار (٢) الوزارة ، وأحضر وتكلم مع الفقهاء. وكانت له معرفة حسنة بالحديث ويد باسطة في الأدب. وكان محبا لأهل الدين والصلاح ، وكان حسن الخلق والخلق ، لطيفا مزّاحا ، طيب المعاشرة ، حلو المحاضرة ، مقبول الصورة. اجتمعت به عند شيخنا أبي اليمن الكندي ثم بحلب مرات كثيرة. وله على أياد يعجز عن حصرها قلمي ، ويقصر عن شرحها كلمي.

سمعت منه بحلب وسمع مني ، وحدث ببغداد ، وكان ثقة نبيلا ، ما رأت عيناي أكمل منه.

أنشدني القاضي أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الأسدي لنفسه ببغداد ، وذكر أنه اجتمع ببعض أصدقائه وأخصائه من أهل حلب بحمص متوجها إلى دمشق ، فكتب إليه من حلب :

إلى الله أشكو ما وجدت من الأسى

بحمص وقد أمسى الحبيب مودعا

وأودع في العين السهاد وفي الحشا ال

لهيب وفي القلب الجوى والتصدعا

ولله أيام تقضت بقرية

فيا طيبها لو دمت فيها ممتعا

ولكنها عما قليل تصرمت

فأصبحت منبت السرور مفجعا

وقد كان ظني أن عند قفولنا

إلى حلب ألقى من الهم مفزعا

__________________

(١) انظر : النجوم الزاهرة ٦ / ٣٠١. وشذرات الذهب ٥ / ١٧٠.

(٢) في الأصل : «بداره الوزارة».

١٠٥

فأنشدت بيتي شاعر ذاق طعم ما

شربت بكأسات الفراق تجرعا

فلا مرحبا بالربع لستم حلوله

ولو كان مخضرّ الجوانب ممرعا

ولا خير في الدنيا ولا في نعيمها

إذا لم يكن شملي وشملكم معا

سألت القاضي عن مولده ، فقال : في جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.

وبلغني أنه توفي في شعبان من سنة خمس وثلاثين وستمائة في ليلة السادس عشر منه.

٩٩ ـ عبد الله بن عمر بن علي بن زيد اللتي ، أبو المحاسن (١) :

من أهل شارع دار الرقيق. سمع بإفادة عمه أبي بكر محمد بن علي من أبي القاسم سعيد بن أحمد بن الحسن بن البناء وأبي الوقت عبد الأول السجزي وأبي الفتح بن البطي وأبي علي الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل على الله وأبي المعالي محمد بن محمد بن محمد بن اللحاس في آخرين وحدث. وتفرد بجماعة من شيوخه ومسموعاته ، وقد حقق به حديث التقوى ، فهو آخر من رواه عاليا ، كتبنا عنه ، وكان سماعه صحيحا. وسافر إلى الشام ، وحدّث هناك وعاد.

مولده في العشرين من ذي القعدة سنة خمس وأربعين وخمسمائة.

وتوفي في رابع عشر جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وستمائة ، ودفن بباب حرب ، عن تسعين سنة إلا أشهرا (٢).

١٠٠ ـ عبد الله بن القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري ، أبو القاسم ابن أبي محمد (٣) :

صاحب المقامات ، من أهل البصرة. نزل بغداد وسكنها ، وروى بها عن والده المقامات» و «درة الغواص» و «ملحة الإعراب».

روى عنه شيخانا عبد الوهاب بن الأمين وأبو اليمن الكندي ، وسألته عنه ، فقال : كان ابن الحريري فقط ـ يشير إلى قلة علمه.

أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة قال : حدثنا أبو سعد بن السمعاني قال : عبد الله بن

__________________

(١) انظر : شذرات الذهب ٥ / ١٧١.

(٢) في الأصل : «أشهر» ، وفوقها : «كذا».

(٣) انظر الأعلام ٤ / ١١٤.

١٠٦

القاسم بن علي الحريري أبو القاسم من أهل البصرة سكن بغداد ، وهو ابن أبي محمد صاحب المقامات ، شاب فاضل متميز ، له حظ من الأدب واللغة ، مليح الخط.

مولده سنة تسعين وأربعمائة. ولم يذكر وفاته.

١٠١ ـ عبد الله بن محمد بن الحسين بن ناقيا بن داود بن محمد بن يعقوب ، أبو القاسم بن أبي الفتح ، الحنفي الشاعر ، المعروف بأبي البندار (١) :

كان شاعرا مجوّدا ، عذب الألفاظ ، مليح المعاني ، ظريفا ، من محاسن الناس ، إلا أنه كان مطعونا عليه في دينه وعقيدته. سمع الحديث من أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي وأبي طالب محمد بن علي العشاري والأمير أبي محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر في آخرين. روي عنه شجاع الذهلي وهبة الله بن علي بن المحلى ومحمد بن ناصر السلامي في آخرين ـ رحمه‌الله.

ومن شعره في الشمعة :

أبيت وشوقي مؤنسي وجليسة

يذوب أسى قلبي وجثمانها معا

مساعدة لي ما تملّ وقد حكت

بأحوالها في الليل حالي أجمعا

سهادا ووجدا واصطبارا وحرقة

ولونا وسقما وانتصابا وأدمعا

أكاد أناجيها بشكواي حيرة

ويا راحتي لو كنت صادفت مسمعا

أخبرنا عبد الوهاب بن ظافر بن رواح بقراءتي عليه بالإسكندرية قال : حدثنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي ، أنشدنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن الدهان المرتب في المارستان قال : أنشدنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن ناقيا بنفسه :

معتدل القد ليس بالعدل

ألحاظه في القلوب كالنبل

قنعت بالذل في محبته

لأن عزى في ذلك الذل

يوعدني منه بالوصال ولا

يصح من وعده سوى المطل

من لي بنوم أراك فيه وقد

أقررت عيني بزورة من لي

قد طال شوقي إليك يا سكني

فارت دموعي إن كنت ذا خل

أخبرنا شهاب الحاتمي قال : سمعت ابن السمعاني يقول : سألت عبد الوهاب

__________________

(١) انظر : بغية الوعاة ، ص ٢٩٢. ووفيات الأعيان ٢ / ٢٨٤ ، ٢٨٥. ومعجم المؤلفين ٦ / ١١٦.

وإنباه الرواة ٢١ / ١٣٣

١٠٧

الأنماطي عن ابن ناقيا فأساء إلينا عليه وقال : ما كان يصلي ، وكان يقول : في السماء نهر من خمر ونهر من لبن ونهر من عسل لا ينقط منه شيء ، ينقط هذا الذي يخرب البيوت ويهدم السقوف.

مولده في نصف ذي القعدة سنة عشر وأربعمائة ، وتوفي في رابع محرم سنة خمس وثمانين وأربعمائة ، ودفن في مقابر باب الشام ـ رحمه‌الله تعالى.

١٠٢ ـ عبد الله بن محمد بن طاهر بن الحسين ، أبو بكر العمروي (١) :

من أهل طريثيث. قدم بغداد وسمع بها أبا طالب بن غيلان وأبا محمد الحسن بن عيسى ابن المقتدر وأبا القاسم عبد الله بن شاهين في آخرين. وكان أديبا فاضلا بليغا ، له مصنفات. قدم بغداد في آخر عمره واستوطنها ، وحدث بها. سمع منه السلفي وجماعة.

أخبرني عبد الرحمن بن مكي بن عبد الرحمن بن الحاسب بالإسكندرية قال : أخبرنا جدي لأبي أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال : أنشدني القاضي أبو بكر عبد الله ابن محمد بن طاهر النيسابوري ببغداد قال : أنشدني أبو طاهر علي بن عبيد الله الشيرازي قال : أنشدني الكافي أبو علي أبزون بن مهبرد العماني لنفسه بعمان :

وقالوا أفق عن سكرة اللهو والصبى

وقد لاح شيب في رجال عجيب

فقلت أخلاي دعوني ولذّتي

فإن الكرى عند الصباح يطيب

مولد الطريثيثي سنة إحدى عشرة وأربعمائة ، وتوفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وخمسمائة.

١٠٣ ـ عبد الله بن علي بن عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن موسى بن الآبنوسي ، أبو محمد الوكيل (٢) :

سمع أبا القاسم علي بن المحسن التنوخي وأبا محمد الحسن بن علي الجوهري وأبا طالب محمد بن علي العشاري وأبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري في آخرين ؛ وسمع تاريخ بغداد من مصنفه أبي بكر الخطيب ورواه. روى عنه ابن ناصر ومحمد بن عبد الباقي بن البطي في آخرين. جمع له أبو علي بن البرداني فوائد عن شيوخه.

ومن شعره ـ وليس له غيرهما :

__________________

(١) انظر : بغية الوعاة ، ص ٢٨٨.

(٢) انظر : العبر ٤ / ٩. وشذرات الذهب ٤ / ١٠.

١٠٨

أصبح الناس حثالة

كلهم يطلب ماله

لو بقي في الناس (١) حر

ما تعاطيت الوكالة

قال السلفي : أبو محمد الآبنوسي كان من أهل المعرفة بالحديث وقوانينه التي لا يعرفها إلا من طال اشتغاله بها (٢) ، وفي شيوخه وسماعاته كثرة ، وكان ثقة ، كتبنا عنه بانتقاء أبي علي البرداني الحافظ ، وكان شافعي المذهب. سئل عن مولده فقال : في شوال سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ، وقيل : سنة سبع وعشرين.

قال شجاع الذهلي : توفي أبو محمد بن الآبنوسي الوكيل في الليلة التي صبيحتها يوم الثلاثاء السادس عشر من جمادى الأولى سنة خمس وخمسمائة ، ودفن من الغد في مقبرة الشونيزي ـ رحمه‌الله تعالى.

* * *

آخر الجزء الرابع من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن النجار ، انتقاه أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي ، عرف بابن الدمياطي ، سامحه الله لنفسه ثم لمن سأله الله من بعده ، الحمد لله على كل حال.

* * *

__________________

(١) في الهامش : «في الأصل : النار ، وصوابه : الناس».

(٢) في الأصل : «اشتغاله به».

١٠٩
١١٠

الجزء الخامس

من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد

للحافظ أبي عبد الله محمد بن النجار البغدادي

انتخاب كاتبه الواثق بالله أحمد بن أيبك بن عبد الله.

١١١
١١٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

استعنت بالله وحده

١٠٤ ـ عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن المطهر بن أبي عصرون ، أبو سعد بن أبي السري ، الفقيه الشافعي (١) :

من أهل الموصل ، أحد الأئمة الأعيان. قدم بغداد في صباه ، وأقام بها مدة ، وقرأ القرآن بالروايات على البارع أبي عبد الله الحسين بن محمد الدباس ، وقرأ المذهب والخلاف على أسعد بن أبي نصر الميهني ، والأصول على أبي الفتح بن برهان ، وسمع الحديث من أبي القاسم هبة الله بن الحصين وأبي عبد الله البارع (٢) وأبي علي الحسين بن الخليل النسفي ، وسمع بالموصل من جده لأمه أبي الحسن علي بن أحمد بن عبد الباقي الثعلبي. ثم انتقل إلى دمشق ودرّس بها في الزاوية الغربية ، ثم قلد قضاء الشام بعد كمال الدين محمد بن عبد الله بن الشهرزوري في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة ، وصنف مصنفات مفيدة في المذهب والأصول والخلاف.

مولده في ثاني عشر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.

وتوفي في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وخمسمائة بمدينة دمشق وقد بلغ من العمر ثلاثا وتسعين سنة.

١٠٥ ـ عبد الأول بن عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق السجزي ، أبو الوقت بن أبي عبد الله الصوفي (٣) :

ولد بهراة ونشأ بها ، وحمله والده إلى بوشنج ، فأسمعه من أبي الحسن عبد الرحمن ابن محمد بن المظفر الداودي جميع صحيح البخاري ومسند الدارمي ومنتخب المسند لعبد بن حميد ، وسمع أيضا من أبي القاسم أحمد بن محمد بن محمد العاصمي ؛ وسمع

__________________

(١) انظر : طبقات القراء ١ / ٤٥٥. وطبقات الشافعية للسبكي ٤ / ٢٣٧. والنجوم الزاهرة ٦ / ١٠٩ ووفيات الأعيان ٢ / ٢٥٦. والعبر ٤ / ٢٥٦.

(٢) في الأصل : «البا».

(٣) انظر : وفيات الأعيان ٢ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣. والعبر ٤ / ١٥١. وشذرات الذهب ٤ / ١٦٦.

١١٣

بهراة من أبي عبد الله محمد بن عبد العزيز الفارسي وأبي صاعد يعلى بن هبة الله الفضيلي وأبي عاصم الفضيل بن يحيى (١) الفضيلي في آخرين. وحدث بالكثير ، وسافر إلى العراق ، فحدث بأصبهان وهمذان ونهاوند ، وقدم بغداد في شوال سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ومعه أصوله ، فحدث بها بجميع مروياته.

وكان الوزير أبو المظفر بن هبيرة قد استدعاه ، وسمع عليه صحيح البخاري قرأه عليه أبو محمد بن الخشاب ، وآخر من قرأه عليه ببغداد أبو محمد بن الأخضر. وكان شيخا صدوقا أمينا ، من مشايخ المتصوفين ومحاسنهم ، ذا ورع وعبادة مع علو سنه. وله أصول حسنة وسماعات صحيحة.

أخبرني شهاب بن محمود الحاتمي بهراة قال : حدثنا أبو سعد بن السمعاني من لفظه قال : عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي أبو الوقت سجزي الأصل ، هروي المولد والمنشأ ، شيخ صالح ، حسن الأخلاق والأخلاق (٢) ، استسعد بصحبة الإمام عبد الله الأنصاري ، وكان صبورا على القراءة عليه ، محبا للرواية. سمعت أن والده عيسى حمله على رقبته من هراة إلى بوشنج ، وسمّعه صحيح البخاري ومسند الدارمي والمنتخب من حديث عبد بن حميد ، فلحقته بركة والده.

وسمعت أن والده سماه «محمدا» فسماه الإمام عبد الله الأنصاري «عبد الأول» وكناه «بأبي الوقت».

وقال ابن الصوفي بن وقتة : سألته عن مولده ، فقال : في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وأربعمائة بهراة.

قال أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع : توفي أبو الوقت في ليلة الأحد سادس ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ، ودفن بالشونيزية. وتقدم بالصلاة عليه الشيخ عبد القادر الجيلي. وكان سماعه للحديث بعد الستين وأربعمائة ـ رحمه‌الله.

١٠٦ ـ عبد الحليم بن محمد بن الخضر بن محمد بن تيمية ، أبو محمد ، الفقيه الحنبلي (٣) :

من أهل حران. قدم بغداد وتفقه بها حتى برع في الفقه وغيره ، وسمع من أبي

__________________

(١) في الأصل : «بن محمد».

(٢) هكذا في الأصل.

(٣) انظر : شذرات الذهب ٥ / ١٠.

١١٤

الفرج بن كليب وأبي طاهر بن المعطوش وابن الجوزي وابن سكينة في آخرين وحدّث.

قرأ عليه «جزء أبي عوانة» الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي ، وسأله عن مولده فقال : في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.

وتوفي بحران في السادس والعشرين من شوال سنة ثلاث وستمائة.

١٠٧ ـ عبد الحميد بن يحيى بن سعد ، أبو يحيى الكاتب ، مولى العلاء بن وهب العامري (١) :

من أهل الأنبار. كان معلما للصبيان ، وينقل في البلدان ، وكان الرقة ؛ وكان من الكتاب البلغاء ، وبه يضرب المثل في الكتابة ؛ وعنه أخذ المترسلون.

قرأت في كتاب الوزراء لأبي عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري قال : أهدى عامل لمروان إلى مروان غلاما أسود ، فقال لعبد الحميد : اكتب إليه واذمم فعله في هديته. فكتب إليه : «لو وجدت لونا شرا من أسود وعددا أقل من واحد لأهديته»! وهذا مأخوذ من قول أعرابي قيل له : ما لك من الولد؟ فقال : قليل خبيث ، فقيل له : ما معناك في هذا؟ فقال : لا أقل من واحد ، ولا أخبث من بنت. قال : وساير عبد الحميد يوما مروان على دابة ، فقال له : كيف سيرها؟ فقال : همها أمامها وسوطها عنانها وما ضربت قط إلا ظلما.

قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر : بلغني أن عبد الحميد استخفى بعد قتل مروان ، فوجد بالشام أو بالجزيرة ، فدفعه السفاح إلى عبد الجبار بن عبد الرحمن ، وكان على شرطته ، فكان يحمي طشتا بالنار ويضعها على رأسه حتى مات.

١٠٨ ـ عبد الخالق بن فيروز بن عبد الله بن عبد الملك بن داود الجوهري ، أبو المظفر بن أبي جعفر الواعظ (٢) :

أصله من همذان ، ونشأ ببغداد وسكنها ، وسمع به الحديث وبخراسان وأصبهان ، ودخل الشام ، وسكن مصر وحدّث هناك ووعظ.

ذكر أنه سمع من أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وإسماعيل بن أبي القاسم

__________________

(١) انظر : وفيات الأعيان ٢ / ٣٩٤ ـ ٣٩٧.

(٢) انظر : شذرات الذهب ٤ / ٣٠١. والعبر ٤ / ٢٧٢.

١١٥

القارئ وزاهر بن طاهر الشحامي وأخيه أبي بكر وجيه في آخرين. وحدث بجزء خرّجه (١) بنفسه عن هؤلاء الشيوخ وغيرهم ، سمعه منه الحافظ أبو الحسن علي المقدسي. سمعت أنه لم يكن سماعه من الفراوي صحيحا ، وأنه لم يكن موثوقا به ، وقد رأيت سماع أخويه بنيسابور أبي جعفر عبد الواحد وأبي عبد الله عبد الكريم ابني فيروز من الفراوي بخط محمد بن علي الطوسي ، فلعله وثب على سماع أخويه فادّعاه.

مولده في سابع عشري رجب سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. وتوفي رحمه‌الله.

قال ابن الدبيثي : وبلغنا أنه اختلط ـ يعني عبد الخالق بن فيروز ـ في شيء من مسموعاته ، وادعى سماع ما لم يسمعه ، وتكلم الناس فيه ولم يحدّث ببغداد بشيء.

١٠٩ ـ عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي ، أبو القاسم النحوي (٢) :

تلميذ أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج ، قرأ عليه ونسب إليه ، وقرأ أيضا على أبي جعفر بن رستم الطبري كلام أبي عثمان المازني وأبي الحسن علي بن سليمان الأخفش. وسافر إلى الشام ، وأملى بدمشق أمالي ، روى عنه أحمد بن علي الحبال الحلي وعبد الرحمن بن عمر بن نصر. ويقال : إنه كان متشيعا ، فكان إذا قام من مجلسه بجامع دمشق غسلوا موضعه لأجل تشيعه. وله مصنفات ، منها الجمل والإيضاح وشرح خطبة أدب الكاتب. ويقال : إنه لما صنف كتاب الجمل لم يضع من مسألة إلا وهو على طهارة.

توفي بطبرية في رمضان من سنة أربعين وثلاثمائة ـ قاله عبد العزيز بن أحمد الكتاني.

١١٠ ـ عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي ، أبو الفرج الواعظ(٣):

كان والده يعمل الصفر بنهر القلاءين ، توفي وهو صغير. فلما ترعرع ، حمله عمه

__________________

(١) في الأصل : «يحرحرحه».

(٢) انظر : وفيات الأعيان ٢ / ٣١٧ ـ ٣١٨. وشذرات الذهب ٢ / ٣٥٧. والعبر ٢ / ٢٥٤. ونزهة الألباب ص ٣٧٩.

(٣) انظر : وفيات الأعيان ١ / ٢٧٩ والبداية والنهاية ١٣ / ٢٨. ومفتاح ١ / ٢٠٧. وآداب اللغة ٣ / ٩١. ومرآة الزمان ٨ / ٤٨١. والأعلام ٣ / ٣١٦ ـ ٣١٧. ومقدمة كتاب المنتظم ، لابن الجوزي ، الجزء الأول ط. دار الكتب العلمية.

١١٦

أبو البركات إلى الحافظ أبي الفضل بن ناصر وسأله فسمّعه الحديث. فأسمعه من أبي الحسن علي بن عبد الواحد الدينوري وهبة الله بن الحصين وأحمد بن الحسن بن البنا وأبي السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي وجماعة آخرين ، تجمعهم مشيخته (١) التي خرّجها لنفسه ولازم ابن ناصر وانقطع إليه ، وتخرج به ، وقرأ الفقه والخلاف والجدل على ابن الزاغوني ثم على أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري وعلى القاضي أبي يعلى ، وقرأ الأدب على ابن الجواليقي واشتغل بعلم الوعظ حتى صار أوحد أهل زمانه في ترصيع الكلام. وصنف مصنفات كثيرة لا تحصى في سائر الفنون ، وهو آخر من حدث عن الدينوري والمتوكلي. وله الشعر الفائق ، والنثر الرائق.

أنشدني أبو الحسن بن القطيعي قال : أنشدنا أبو الفرج بن الجوزي لنفسه :

ولما رأيت ديار الصفا

أقوت من إخوان أهل الصفا

سعيت إلى سد باب الوداد

وأحزن قلبي دناة الوفا

فلما اصطحبنا وعاشرتكم

علمتم بكم أن رأى ورأى

نقلته من خط ابن الجوزي ، قال : لا أحقق مولدي ، غير أنه مات [والدي] (٢) في سنة أربع عشرة وقالت الوالدة : كان لك من العمر نحو ثلاث سنين.

توفي في ليلة الجمعة المسفر صباحها عن الثاني عشر من رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، ودفن بباب حرب.

١١١ ـ عبد الرحمن بن محمد بن مرشد بن منقذ :

من أهل شيزر (٣). من بيت الإمارة والأدب ، قدم بغداد رسولا من الملك الناصر صلاح بن يوسف ، روى بها شيئا من شعره.

أنشدني ابن القطيعي قال : أنشدني أبو الحارث عبد الرحمن بن محمد بن مرشد بن منقذ لنفسه ببغداد :

لام العذول على هواه

فقلت عذل لا يفيد

زادت ملامته فقلّوا

من ملامي أو فزيدوا

__________________

(١) في الأصل : «مسحه».

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.

(٣) في الأصل : «سيرر».

١١٧

قد جدد الوجد القديم

لدىّ عارضه الجديد

وأنشدني ابن القطيعي قال : أنشدني أبو الحارث بن منقذ لنفسه :

وأغيد مسب للعقول بوجهه

وثغر تبدى دره من عقيقة

إذا لدغت خدي عقارب صدغه

فليس شفائي غير درياق ريقه

مولده سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. قلت : وتوفي (١).

١١٢ ـ عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني ، أبو المظفر ابن أبي سعد (٢) :

من أهل مرو. بكر به والده فأسمعه من أبي الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني وأبي طاهر محمد بن محمد بن عبد الله الخطيب وأبي علي الحسن بن علي بن الحسين الشحامي وأبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيري وأبي سعد محمد بن إسماعيل المقرئ وأبي البركات عبد الله بن محمد الفراوي وأبي منصور عبد الخالق بن زاهر الشحامي وأبي سعد عبد الوهاب بن الحسن بن عبد الله الكرماني وأبي بكر محمد بن أحمد بن الجنيد الخطيب ، وأبي عبد الرحمن محمد بن عبد الخالق الميهني في جماعة آخرين.

وقدم بغداد طالبا للحج في آخر سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، فحدّث بها. سمع منه الحافظ أبو بكر الحازمي وأبو الحسن بن القطيعي في آخرين. وقد لقيته بمرو في رحلتي الأولى إلى خراسان ، وسمعت منه كثيرا.

وكان فاضلا جليلا نبيلا متدينا محبا لرواية العلم ، ذا أخلاق حسنة وسيرة جميلة ، وكانت سماعاته التي بخط والده وخطوط المعروفين من المحدثين صحيحة ، فأما ما كان بخطه فلا يعتمد عليه ، فإنه كان يلحق اسمه في طباق لم يكن اسمه فيها إلحاقا ظاهرا ، ويدعى سماع أشياء لم يوجد سماعه منها. وكان متسامحا.

سألته عن مولده ، فقال : في ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وخمسمائة بنيسابور.

وتوفي بمرو ما بين سنة أربع عشرة أو ست عشرة وستمائة.

__________________

(١) بياض بعد ذلك بمقدار ثلاثة أسطر.

(٢) انظر : شذرات الذهب ٥ / ٧٥. ولسان الميزان ٤ / ٦. ومعجم المؤلفين ٥ / ٢٠٦.

١١٨

١١٣ ـ عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري ، أبو نصر بن الأستاذ أبي القاسم (١) :

من أهل نيسابور. كان من أئمة المسلمين وأعلام الدين. ولازم أبا المعالي الجويني ودرس عليه المذهب والخلاف حتى برع من ذلك ، وقرأ الأدب حتى صار ينظم وينثر من عقود المعاني سمط حسن المباني. وسمع الحديث من أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وأبي الحسين عبد الغافر الفارسي وأبي حفص عمر بن مسرور وأبي عثمان سعيد بن أحمد النجيرمي (٢) والحافظ أبي بكر البيهقي في آخرين.

وقدم بغداد وسمع بها أبا الحسين أحمد بن محمد بن النقور وعبد العزيز الأنماطي ويوسف بن محمد بن أحمد المهرواني وعقد مجلس الوعظ ببغداد ، وظهر له القبول العظيم. وأظهر مذهب الأشعري ، وقامت سوق الفتنة بينه وبين الحنابلة.

ومن شعره :

ليالي وصال قد مضين كأنها

لآلي عقود في نحور الكواعب (٣)

وأيام هجر أعقبتها [كأنها] (٤)

بياض مشيب في سواد الذوائب

وله :

تقبيل خدك أشتهي

أمل إليه أنتهي

لو نلت ذلك لم أبل

بالروح مني أن تهي

دنياي لذة ساعة

وعلى الحقيقة أنت هي

قال ابن السمعاني : توفي في ثمان عشرين جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة بنيسابور.

١١٤ ـ عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن حمدان بن موسى ، أبو الخير بن أبي الفضل ، الحافظ (٥) :

__________________

(١) انظر : العبر ٤ / ٣٣. والأعلام ٤ / ١٢٠. وشذرات الذهب ٤ / ٤٥. ومعجم المؤلفين ٥ / ٢٠٧.

ومرآة الجنان ٣ / ٢١٠. وطبقات السبكى ٤ / ٢٤٩.

(٢) في الأصل : «البيجرى».

(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من طبقات السبكى.

(٤) في الأصل : «الكواكب».

(٥) انظر : تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢١. وشذرات الذهب ٤ / ٢٢٨.

١١٩

من أهل أصبهان. كان من حفاظ الحديث ، سمع الكثير ، وقرأ بنفسه ، وكتب بخطه. قدم بغداد في شبابه ، وسمع بها أبا القاسم بن الحصين وأبا العز بن كادش وأبا بكر الأنصاري. ثم قدمها ثانيا وحدث بها عن أبي علي (١) الحسن الحداد وأبي الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي ، وأملى بجامع القصر بعد صلاة الجمعة ، واستملى عليه ابن الأخضر.

سمعت جماعة من أهل أصبهان يقولون : إنه كان يحفظ الصحيحين ، وكانوا يفضلونه على الحافظ أبي موسى بالحفظ.

أخرج إليّ شيخنا أبو عبد الله الحنبلي بأصبهان محضرا قد كتب في حق أبي الخير ابن موسى وطلب من مشايخ الوقت أن يكتبوا فيه ما يعرفونه من حاله من مدح أو قدح ، فشاهدت فيه خط إسماعيل بن محمد بن الفضل وعبد الجليل بن محمد المعروف بكوتاه وجماعة من الأئمة ، وكلهم شهدوا أن أبا الخير بن موسى لا يحتج بنقله ، ولا يقبل قوله ، ولا يعتمد عليه ، ولا يوثق به في ديانته وسوء سيرته.

مولد أبي الخير في ثامن صفر سنة خمسمائة.

وتوفي في عشية سابع عشرين شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة.

١١٥ ـ عبد الرحيم بن النفيس بن هبة الله بن وهبان بن رومي السلمي الحديثي ، أبو نصر بن أبي جعفر (٢) :

من ساكني الشمعية. قرأ القرآن وتفقه على مذهب الإمام أحمد ، وتكلم في مسائل الخلاف ، وحصّل من الأدب طرفا صالحا ، وسمع الكثير في صباه من أبي الفتح بن شاتيل وأبي السعادات بن زريق وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل ، وبالغ في الطلب بهمة عالية وجد واجتهاد.

وسافر في طلب الحديث إلى الشام والجزيرة وديار مصر والعراق وما وراء النهر ، وكتب بخطه الكثير. وكان مليح الخط ، صحيح النقل والضبط ، متقنا فاضلا. وبعد خروجي من مرو توجه إلى بخارى وسمرقند ، ثم إلى خوارزم وسكنها إلى أن استولى عليها التتر الترك وأهلكوا أهلها. فلا أدري أهلك مع من هلك أو خرج منها هاربا مع من هرب! والله أعلم.

__________________

(١) في الأصل : «يعلى».

(٢) انظر : شذرات الذهب ٥ / ٨٠. ومعجم المؤلفين ٥ / ٢١٤.

١٢٠