تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٩

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٩

المؤلف:

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٤

نظرت ولي عينان عين ترقرقت

ففاضت وأخرى حار فيها جمامها

فلم أر عينا غير سقم جفونها

وصحة أجفان الحسان سقامها

خليلي هل يأتي مع الطرف نحوها

سلامي كما يأتي إلى سلامها

ألمت بنا في ليلة مكفهرة

فما سفرت حتى تجلي ظلامها

أتت موهنا والليل أسود فاحم وهل

طويل حكاه فرقها وقوامها

نافعي أن يجمع الدار بيننا

بكل مقام وهي صعب مرامها

أسيدتي رفقا بمهجة وامق

يعذبها بالبعد منك غرامها

لك الخير جودي بالجمال فإنه

سحابة صيف ليس يرجى دوامها

وما الحسن إلا دولة فاصنعي بها

بدا قبل أن يمضي ويعبر دامها

أرى النفس تستحلى الهوى وهو حتفها

بعيشك هل يحلو لنفس حمامها

أخبرنا أبو الفتوح نصر بن محمد الحافظ بقراءتي عليه في يوم التروية بعرفة ، أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان ، أنشدنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب الأنباري ، أنشدنا أبو الحسن علي بن محمد التهامي وقد ورد علينا الأنبار وجاءه قوال يعرف بابن المعلم فقال : إن رأى سيدنا أن يلقى علي من النظم الشريف ما ألحنه ، فأنشد في التنقل :

حازك البين حين أصبحت

بدرا إن للبدر عذرا

ارحلي إن أردت أو فأقيمي

أعظم الله للهوى في أجرا

لا تقولي لقاؤنا بعد عشر

لست ممن يعيش بعدك عشرا

سقام الجفون أمرض قلبي

ليت أن الجفون تبرى فأبرا

كتب إلى أبو اليمن الكندي : أن محمد بن عبد الباقي الفرضي أخبره عن أبي غالب محمد بن أحمد بن بشران الواسطي قال : أنشدني أبو الحسن علي بن محمد التهامي لنفسه :

لها ريقة أستغفر الله إنها

ألذ وأشهى في المذاق من الخمر

وصارم طرف ما يفارق غمده

ولم أر سيفا قط في غمده يفري

كتب أبو جعفر الواسطي : أن أبا الكرم خميس بن علي الجوزي أخبره قال : سمعت أبا الحسين بن النجم بن بيان الموصلي الشاعر يقول : بت مع أبي الحسن التهامي في

٤١

خان بميافارقين فلسعته عقرب في بعض الليل فسكت إلى الغداة ، فلما انتشر الناس صاح وتألم ، فقلت : ما لك؟ فقال : لسعتني عقرب ، قلت : متى! قال : في الليل ، قلت : فكيف سكت إلى الآن؟ [فقال] (١) : احتملت لئلا ينزع الناس بي ويتنغصوا بنومهم.

ذكر أبو الخطاب الجبلي : أن التهامي أظهر الانتساب في ولد الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام وحصل في أحياء طي ودعا إلى نفسه ، فأنفذ الطاهر بن الحاكم صاحب [مصر] (٢) إلى ابن عليان أمير طي ، فقبض عليه وأنفذه إلى مصر فحبس بها وقيل إنه قتل.

٨٤٢ ـ علي بن محمد بن فهد العلاف ، أبو الحسن (٣) :

أخو أبي علي الحسن الذي تقدم ذكره ، وكان أكبر من أبي علي بثلاث سنين ، وهو حمو أبي علي البناء ، سمع : أبا الفتح يوسف بن عمر القواس ، وأبا حفص عمر ابن أحمد بن شاهين ، وأبا الحسن أحمد بن محمد بن الصلت ، وأبا عمر عبد الواحد ابن محمد بن مهدي ، روى عنه : أبو علي بن البناء في مشيخته ، وذكر أنه كان كثير السماع ، من أهل السنة والصلاح.

أنبأنا أبو الفرج الحراني ، عن يحيى بن عثمان الفقيه ، أنبأنا أبو [علي] (٤) الحسن بن أحمد بن البناء قراءة عليه ، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن فهد العلاف ، أنبأنا يوسف بن عمر بن مسرور القواس الزاهد ، حدّثنا البغوي ، حدّثنا عقبة بن مكرم أبو عبد الملك البصري ، حدّثنا عبد الله بن عيسى ، عن يونس ، عن الحسن ، عن أنس ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء» (٥).

٨٤٣ ـ علي بن محمد بن القاسم ، أبو البناء (٦) الكلوذاني :

روى عنه : أبو بكر بن كامل في معجم شيوخه ، وذكر أنه سمع الحديث الكثير بنفسه وأنه كان يقول الشعر ، وذكر أنه سمع منه في شوال سنة تسع عشرة وخمسمائة.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من المستفاد

(٣) انظر ترجمته في : تكملة الإكمال ص ٢٠٨. والعبر للذهبي ٤ / ٩.

(٤) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٥) انظر الحديث في : سنن الترمذي ١ / ٨٤.

(٦) سيأتي في السند التالي أنه : «أبو الثناء».

٤٢

قرأت على أبي محمد الأمين قال : عن أبي بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف قال : أنشدني أبو الثناء بن محمد الكلوذاني لنفسه :

قد خلت الدنيا من الناس

أين أولوا المعروف والناس

لا أحد يرجى ولا يتقي

الحمد لله على الناس

٨٤٤ ـ علي بن محمد بن مكرم بن أبي عبد الله بن محمد ، أبو الحسن القواس ، المعروف بالشكري :

ذكر لي أن جده كان (١) من أهل سجستان ويقال : إنه السجزي ، فأبدله العوام فقالوا : الشكري فعرف به ، كان يتولى فيء البندق ، وقرأ الأدب على شيوخنا وقال الشعر ، وسمع كثيرا من الحديث ، وكتب الأدب من شيوخنا كأبي الفرج بن كليب وأبوي القاسم ذاكر بن كامل وابن بوش وأمثالهما ، وكتب بخطه كتبا ، ثم إنه سافر إلى الشام وديار مصر وكان صديقنا ، وكان حسن الأخلاق متوددا ، وأقام هناك مدة طويلة وجالس الأدباء والفضلاء ، وكان يتجر ، ويروى هناك شيئا من مسموعاته ، ورأيته بدمشق ومصر ، وكان صديقنا وكان حسن الأخلاق متوددا محبا لأهل العلم وأهله ، قدم بغداد في سنة خمس وعشرين وستمائة ، وأقام بها إلى حين وفاته وحدث ، وكتب الناس عنه ، وعلقت عنه شيئا يسيرا ولم يكن به بأس.

أخبرني علي بن محمد القواس ، أنبأنا علي بن يحيى بن علي الكاتب قال : كتب إلى أبو سعد محمد بن محمد المطرز ، وأبو علي الحسن بن أحمد الحداد قالا : أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قراءة عليه ، حدّثنا محمد بن حميد ، حدّثنا حامد بن شعيب ، حدّثنا بشر بن الوليد ، حدّثنا عثمان بن مطر ، عن معمر بن راشد ، عن خلاد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ألا أخبركم بأبغضكم إلى الله» ، قالوا : بلى يا رسول الله! قال : «أبغضكم إلى الله أبغضكم إلى الناس».

سألت أبا الحسن القواس عن مولده فذكر أنه يكون تقديرا في سنة خمس وستين وخمسمائة ببغداد.

وتوفي في شهر رمضان من سنة اثنتين وثلاثين وستمائة.

٨٤٥ ـ علي بن محمد بن الكيس ، أبو القاسم :

__________________

(١) في الأصل : «أن جده كان جده من ...».

٤٣

روى عن : أبي بكر القطيعي حكاية رواها عنه رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قرأت على أبي بكر الهاشمي عن محمد بن عبد الباقي : أن أبا محمد التميمي أخبره قال : سمعت الأستاذ أبا القاسم علي بن محمد بن الكيس يقول : [سمعت] (١) أبا بكر أحمد ابن جعفر بن مالك القطيعي في مسجده بعد عشاء المغرب بحضرة جدك أبي القاسم هبة الله بن سلامة المفسر يقول : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : كنت أصبو فأخذ أبي بيدي وعبر بي الجسر فمضى إلى جامع الرصافة ، فلما انتهينا إلى جامع الرصافة رأينا حبابا فيها السويق والسكر والماء المبرد بالثلج ، وخدما في أيديهم الطاسات يقولون للناس : اشربوا على حب معاوية بن أبي سفيان! قال : يا أبة من معاوية؟ فقال : هؤلاء قوم بغضوا رجلا لم يكن لهم إلى الطعن عليه سبيل فأحبوا أعداءه.

قال الشيخ : أحفظ هذه الحكاية عن ابن مالك فهذه حكاية عجيبة ظريفة من قول أحمد رضي‌الله‌عنه.

٨٤٦ ـ علي بن محمد بن المبارك ، أبو الحسن البدري الحافظ :

أنبأنا عبد الوهاب بن علي ، عن محمد بن عبد الباقي : أن القاضي أبا المظفر هناد ابن إبراهيم النسفي أخبره ، أنبأنا عبد الملك بن عيسى بن محمد الوراق بعكبرا ، حدّثنا أبو الحسن علي بن محمد بن المبارك البدري الحافظ بعكبرا ، أنبأنا الحافظ أبو القاسم الحسن بن محمد بن سلمة القادسي ، أنبأنا أبو سعيد المفصل بن محمد الجندي ، حدّثنا عبد الله بن أبي غسان ، ومسلمة بن شبيب قالا : حدّثنا أبو الحسن الكوفي ، حدثني محمد بن الجهم بن زياد ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «كان البيت قبل هبوط آدم ياقوتة من يواقيت الجنة وكان لها بابان شرقي وغربي ـ وذكر حديثا طويلا» (٢).

٨٤٧ ـ علي بن محمد بن المبارك ، أبو الحسن النهري :

الفقيه الحنبلي ، قرأ الفقه على القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء حتى برع في المذهب والخلاف ، وكان قيما بالفرائض ، ودرس في حياة شيخه وبعد وفاته ، وكان حسن الكلام في المناظرة ظريفا من ملاح البغداديين ، سمع الحديث من شيخه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) انظر : تاريخ مكة للأزرقي ١ / ٨.

٤٤

أبي الفراء ومن أبي الفرج أحمد بن عثمان بن الفضل المخبري ، وما أظنه روى شيئا من الحديث ، كان مولده بالكرخ بدرب النهر فلهذا قيل له النهري.

أخبرني محمد بن يوسف ، أنبأنا أبو العز الحنبلي ، أنبأنا القاضي أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء قال : سمعت أبا الحسن النهري يقول : كنت في بعض الأيام أمشي مع القاضي الإمام والدك فالتفت فقال لي : لا تلتفت إذا مشيت فإنه ينسب فاعل ذلك إلى الحمق. قال : وقال لي والدك يوما آخر وأنا معه : إذا مشيت مع من تعظمه أين تمشي منه؟ فقلت : لا أدري ، فقال : عن يمينه تقيمه مقام الإمام في الصّلاة وتخلى له الجانب الأيسر إذا أراد أن يستنثر أو يزيل أذى جعله في الجانب الأيسر.

قرأت بخط أبي القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال : توفي أبو الحسن النهري عشية يوم الجمعة ودفن يوم السبت لأربع خلون من ذي القعدة من سنة تسع وثمانين وأربعمائة. ورأيت وفاته بخط أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري كذلك ، وذكر أنه دفن في مقبرة الجامع بباب البصرة.

٨٤٨ ـ علي بن محمد بن المبارك ، أبو الحسن النجار :

من أهل شارع دار الرقيق ، سمع أبا الحسن علي بن طاهر بن الملقب الموصلي ، وحدث باليسير ، روى عنه أبو سعد بن السمعاني.

قرأت في كتاب عمر بن المبارك بن أحمد بن سهلان بخطه قال : مات أبو الحسن علي بن محمد بن المبارك النجار في شهر رمضان من سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ودفن بباب حرب.

٨٤٩ ـ علي بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس ، أبو الحسن بن أبي بكر ابن أبي العز الحمامي (١) :

من ساكني درب القيار ، وهو أخو أحمد الذي تقدم ذكره ، وعلى الأصغر ، قرأ الفقه على أبي بكر الدينوري ، والفرائض والحساب على الحسين الشقاق ، وسمع الحديث بنفسه من الشريف أبي الغنائم محمد بن محمد بن أحمد بن المهتدي بالله وأبوي القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين ، وهبة الله بن أحمد بن عمر الحريري ، وأبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء ، وأخيه يحيى ، وأبوي بكر محمد

__________________

(١) انظر ترجمته في : تكملة الإكمال ص ٢٠٩.

٤٥

ابن الحسين بن المزرفي (١) ، ومحمد بن عبد الباقي البزاز وغيرهم.

ولم يزل يقرأ على المشايخ ويفيد جيرانه إلى آخر عمره. حدث باليسير وكان صدوقا صالحا متدينا حسن الطريقة ، حافظا لكتاب الله يفهم طرفا صالحا من الفقه.

أخبرنا عبيد الله بن أحمد الخياط جارنا ، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن المبارك ابن بكروس قراءة عليه ، أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي قراءة عليه ، وأنبأنا علي ابن محمد الخياط ، أنبأنا محمد بن علي أبو غالب قالا : أنبأنا محمد بن أحمد بن المسلمة ، حدّثنا أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف إملاء ، حدّثنا جعفر بن محمد بن المغلس ، حدّثنا محمد بن زياد الزيادي ، حدّثنا عبد الوارث ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا دخل الخلاء قال : «أعوذ بالله من الخبث والخبائث» (٢).

قرأت بخط القاضي أبي المحاسن الفرضي قال : سألته ـ يعني أبا الحسن بن بكروس ـ عن مولده ، فقال : في رجب سنة أربع وخمسمائة.

أنبأنا أبو بكر بن مشّق ـ ونقلته من خطه ـ قال : توفي أبو الحسن بن بكروس في ليلة الاثنين ثالث ذي الحجة سنة ست وسبعين (٣) وخمسمائة ودفن من الغد بباب حرب ، ومولدي في ثامن ذي الحجة سنة أربع وخمسمائة.

٨٥٠ ـ علي بن محمد بن المحسن بن يحيى بن جعفر بن علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو غالب العلوي الحسيني ، نقيب مشهد باب التبن :

سمع القاضي أبا الحسين محمد بن علي بن المهتدي وغيره ، وحدث باليسير ، روى عنه : أبو القاسم المبارك بن محمد بن الحسين بن البزوري ، وأبو طاهر السلفي ، وكتب عنه : أبو عبد الله الحسين بن محمد البلخي ، ونقلت نسبه بخطه.

أخبرنا عتيق بن الحسن الأنصاري بالقاهرة ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي ، أنبأنا أبو طالب علي بن محمد بن المحسن نقيب المشهد ببغداد ، أنبأنا أبو الحسين محمد

__________________

(١) في الأصل : «المزوقي».

(٢) انظر الحديث في : صحيح البخاري ١ / ٢٦.

(٣) في الأصل : «سنة أربع وخمسمائة».

٤٦

ابن علي بن المهتدي ، أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الدار قطني ، حدّثنا محمد بن هارون الحضرمي ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدّثنا إسماعيل (١) ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي الخليل (٢) ، عن عبد الله بن الحارث ، عن حكيم بن حزام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبينا رزقا بركة بيعهما وإن كذبا وكتما محق بركة بيعهما» (٣).

وأنبأنا عتيق بن الحسن أن السلفي أخبره أنه سأل أبا طالب النقيب عن مولده فذكر أنه سنة ثلاث وأربعمائة ، وأنه سمع ابن قشيش وآخرين.

قرأت في كتاب أبي غالب شجاع بن فارس الذهلي بخطه قال : مات الشريف أبو طالب علي بن المحسن العلوي نقيب المشهد بمقابر قريش يوم الأربعاء تاسع عشر المحرم سنة خمسمائة وكان قد جاوز المائة سنة من عمره.

٨٥١ ـ علي بن محمد بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن البيضاوي ، أبو القاسم بن أبي الحسن بن أبي عبد الله الفقيه الشافعي :

سبط القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري ، كان شابا فاضلا صالحا من الأدب (٤) الأئمة والقضاة ، سمع كثيرا من الحديث ، ومات قبل والده ، ذكر أبو الفضل ابن خيرون أنه مات في يوم الثلاثاء سادس عشري شهر رمضان سنة خمسين وخمسمائة ، وكان شابا صالحا.

٨٥٢ ـ علي بن محمد بن محمد بن النعمان ، المعروف بابن المعلم ، أبو القاسم ابن أبي عبد الله المفيد :

كان والده من شيوخ الشيعة ورؤسائهم ، وله مصنفات على مذهب الإمامية ، حدث على هذا بشيء يسير فكان بلغنا بحمام (٥).

أنبأنا أبو القاسم الأزجي ، عن أبي بكر محمد بن علي بن ميمون الدباس ، حدّثنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قال : توفي أبو القاسم علي بن محمد بن محمد بن

__________________

(١) في الأصل : «بن إسماعيل بن أبي عروبة عن أبي قتادة».

(٢) في الأصل : «الحليل».

(٣) انظر الحديث في : مسند أحمد ٣ / ٤٠٢.

(٤) هكذا في الأصل.

(٥) هكذا في الأصل.

٤٧

النعمان بن المعلم صاحب الحمام في يوم الأحد الثالث من جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وأربعمائة ، وقد سمع منه أحاديث يسيرة قوم.

قرأت في كتاب أبي غالب شجاع بن فارس الذهلي بخطه قال : مات أبو القاسم علي بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المعروف بابن المعلم الحمامي في يوم الأحد ثالث جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وأربعمائة ، كان يذكر أنه سمع من أبي الفضل الشيباني ولم يصح عنه شيء.

٨٥٣ ـ علي بن محمد بن محمد بن الحسن الديناري ، أبو الحسن بن أبي الفتح النحوي (١) :

تقدم ذكر والده ، كان على هذا ممن يشار إليه في النحو وعلم الأدب ، درس النحو ببغداد بعد وفاة أبي القاسم الرقي في السابع من شهر ربيع الآخر سنة خمسين وأربعمائة ، وروى عن والده ، روى عنه أبو نصر بن المجلي.

أنبأنا ترك بن محمد الكاتب قال : قرئ على عبد الرحمن بن زيد بن الفضل عن أبي نصر هبة الله بن علي بن المجلي وأنا أسمع قال : أنشدني أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن الحسن بن الديناري النحوي ، أنشدنا أبي ، أنشدنا أبو الحسين اللغوي لنفسه :

من كان في الدنيا له شارة

فنحن من نظارة الدنيا

رمقها من كثب (٢) حسرة

كأننا لفظ بلا معنى

أنبأنا ذاكر بن كامل ، عن أبي البركات بن السقطي قال : مات أبو الحسن بن الديناري (٣) ببلد النيل في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة.

ذكر غير ابن السقطي أن وفاته كانت في رجب من السنة.

وذكر محمد بن طاهر المقدسي : أنه مات في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة.

٨٥٤ ـ علي بن محمد بن محمد بن الحسين البسطامي ، أبو الحسن (٤) :

قرأ الفقه على القاضي أبي عبد الله الصيمري ، وحصل منه طرفا صالحا ، وشهد

__________________

(١) انظر ترجمته في : الأنساب للسمعاني ٥ / ٤٥٣.

(٢) في الأصل : «زمقها كسب».

(٣) في الأصل : «الأنباري».

(٤) انظر ترجمته في : الجواهر المضية ١ / ٣٧٤.

٤٨

عند قاضي القضاة ابن الدامغاني في يوم الثلاثاء لأربع بقين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين وأربعمائة فقبل شهادته ، وتولى القضاء بباب الطاق ، والنظر بالمارستان العضدي ، وروى عن خاله شيئا من شعره ، وروى عنه أبو نصر هبة الله بن علي بن المجلي.

قرأت في كتاب أبي نصر بن المجلي بخطه وأنبأنيه عنه علي بن يوسف ، عن عبد الرحمن بن زيد عنه ، أنشدنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن الحسين البسطامي ، أنشدنا خالي أبو يعلى الحسين بن عبد العزيز بن محمد الشالوسي يرد على من عاب عليه قوله في قصيدة ذكر فيها الضريحة ولم يقل الضريح بغيرها من قصيدة :

هذا الفرزدق بحر الشعر ينعته

والبحر توجد أحيانا به الدرر

رثى ابن ليلى بن مروان قال به

عبد العزيز الذي من نجله (١) عمر

لله أرض أجنته ضريحتها

وكيف يدفن في الملحودة القمر

قرأت في كتاب أبي علي بن البرداني بخطه قال : حدثني سلطان بن عيسى : أن مولد القاضي أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن الحسين البسطامي في سنة أربعمائة.

قرأت في كتاب أبي غالب شجاع بن فارس الذهلي بخطه قال : مات القاضي أبو الحسن علي بن محمد البسطامي أحد الشهود المعدلين في يوم الخميس تاسع ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة ، ودفن في مقبرة معروف الكرخي.

٨٥٥ ـ علي بن محمد بن محمد بن الطيب بن أبي يعلى بن الجلابي (٢) ، أبو الحسن ، المعروف بابن المغازلي :

من أهل واسط ، والد محمد الذي قدمنا ذكره ، سمع كثيرا وكتب بخطه وحصل ، وخرج التاريخ وجمع مجموعات ، منها الذيل الذي ذيله على «تاريخ واسط» بحشل (٣) ومشيخة (٤) لنفسه ، وكان كثير الغلط ، قليل الحفظ والمعرفة ، سمع أحمد بن المظفر بن أحمد العطار ، وأبا الحسن علي بن عبد الصمد بن عبيد الله الهاشمي ، وأبا بكر أحمد بن

__________________

(١) في الأصل بدون نقط.

(٢) في الأصل : «الحلاني».

(٣) في الأصل : «لحشل».

(٤) في الأصل بدون نقط.

٤٩

محمد بن أحمد الهاشمي الخطيبين ، وأبا طالب محمد بن أحمد بن عثمان الصّيرفيّ البغدادي ، وعبد الكريم بن محمد بن عبد الرحمن الواسطي العدل بقراءة الحميدي عليه وأنا أسمع ببغداد.

وأنبأنا القاضي الفقيه أبو علي يحيى بن الربيع الواسطي ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن محمد بن الجلابي (١) قراءة عليه قال : أخبرني والدي ، أنبأنا أحمد بن المظفر ، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد الحافظ ، حدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ، حدّثنا مسدد ، عن يحيى ، عن حميد ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «دخلت الجنة فرأيت قصرا من ذهب فقلت : لمن هذا؟ قيل : لشاب من قريش ، فظننت أني أنا هو ، قلت : من هذا؟ قيل : عمر بن الخطاب» (٢).

أخبرني عبد الرحيم بن يوسف الدمشقي بالقاهرة ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال : سألت أبا الكرم خميس (٣) بن علي الجوزي (٤) عن أبي الحسن علي بن محمد بن الطيب المغازلي ، فقال : كان مالكي المذهب ، شهد عند أبي الفضل محمد بن إسماعيل ، وكان عارفا بالفقه والشروط والسجلات ، سمع الحديث الكثير عن عالم من الناس من أهل واسط وغيرهم ، وجمع التاريخ المجدد التالي لتاريخ بحشل ، وأصحاب شعبة ، وأصحاب يزيد بن هارون ، وأصحاب مالك ، وكان مكثرا خطيبا على المنبر يخلف (٥) صاحب الصّلاة بواسط ، وكان مطلعا على كل علم من علوم الشريعة ، عرف ببغداد بعد الثمانين وأحدر إلى واسط فدفن بها ، وكان يوما مشهودا.

ذكر أبو نصر محمود بن الفضل الأصبهاني ، ونقلته من خطه : أن أبا الحسن بن المغازلي قدم بغداد فأقام بها أياما يسيرة ، ثم نزل إلى دجلة بباب العزبة ليتوضأ فوقع في الماء ، وأخرج من وقته ميتا ، وحمل إلى واسط فدفن بها ، وذلك يوم الأحد عاشر صفر سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.

٨٥٦ ـ علي بن محمد بن محمد بن محمد بن يحيى بن شعيب بن الحسن الشيباني، أبو الحسن بن أبي نصر بن أبي الطيب بن أبي بكر بن أبي القاسم

__________________

(١) في الأصل : «الحلابي».

(٢) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٢ / ١٠٤٠. ومسند أحمد ٣ / ١٠٧.

(٣) في الأصل : «أبا الكريم حميس».

(٤) في الأصل : «الجورى».

(٥) في الأصل : «محلف».

٥٠

الخطيب ، المعروف بابن الأخضر (١) :

من أهل الأنبار ، كان يتولى الخطابة بها ، قدم بغداد في صباه وأقام بها مدة يتفقه على مذهب أبي حنيفة ، وسمع بها الحديث من أبي أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرضي ، وأبي عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي ، وأبي الحسن محمد ابن أحمد بن رزق الله البزاز ، وأبي الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، وأبي عبد الله الحسين بن عمر بن برهان الغزال ، وأبي محمد الحسن بن الحسين بن محمد بن رامين الأسترآباذي ، وأبي عبد الله أحمد بن محمد بن دوست العلاف ، وأبي بكر عبد القاهر بن محمد بن محمد بن عنترة الموصلي ، ومحمد بن أحمد بن يوسف الصياد ، وأحمد بن محمد بن غالب البرقاني ، وأبي الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي ، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي ، وغيرهم ، وحصل النسخ والأصول ، وعمّر [عمرا] (٢) طويلا حتى حدّث بجميع مروياته بالأنبار وبغداد مرارا ، وسمع منه الحفاظ والكبار ، وقصده الطلبة من البلدان ومضى على الاستقامة ، روى عنه : من أهل الأنبار ولده أبو بم (٣) يحيى ، وأبو الفتح محمد بن أحمد بن عمير الخلال ، وخليفة بن محفوظ المؤدب ، والقاضي محمد بن محمد بن الصفار ، ومن أهل بغداد : أبو غالب بن البناء ، وأبو القاسم بن السّمرقندي ، وعبد الوهاب الأنماطي ، وأبو منصور بن الجواليقي ، وأبو الفضل بن ناصر ، وأبو بكر بن الزاغوني ، ومحمد بن مسعود بن السدنك ، وأبو الفتح ابن البطي ، وجماعة غيرهم.

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أبي المجد الحربي ، أنبأنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد بن البناء ، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن الخطيب الأنباري المعروف بابن الأخضر ، قدم علينا بغداد قراءة عليه ، أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد الديباجي ، أنبأنا إسماعيل الصفار ، حدّثنا أحمد يعني ابن منصور ، حدّثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يتمنى (٤) أحدكم الموت لضر أصابه» (٥).

__________________

(١) انظر ترجمته في : الجواهر المضية ١ / ٣٧٤.

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من الجواهر المضية.

(٣) هكذا في الأصل.

(٤) في الأصل : «لا ينمي».

(٥) انظر الحديث في : الجامع الكبير للسيوطي ١ / ٩٢٠

٥١

أخبرنا محمد بن نصر أبو الفتوح الحافظ معرفة ، أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ، أنشدنا الخطيب أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الأنباري ، لنفسه في المقتدى بأمر الله أمير المؤمنين :

يا أيها المولى الإما

م ومن يناط به الأمور

يا واحدا في الكرما

ت فما يعاد له نظير

مثلي يعان على الزما

ن فما بقي مني يسير

أخبرنا جعفر بن علي المقرئ بالإسكندرية ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال : سألت أبا غالب شجاع بن فارس الذهلي ، عن أبي الحسن علي بن الخطيب الأنباري فقال : حدّث عنه جماعة وكان صدوقا لا بأس به.

قرأت على أبي الحسن بن المقدسي بمصر ، عن أبي طاهر السلفي قال : سألت أبا نصر المؤتمن بن أحمد الساجي الحافظ ، عن علي بن محمد الخطيب الأنباري فقال : كان يذهب مذهب الرأي ثقة فيما كان عنده ، محبا للحديث والإسماع.

أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال : سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول : سألت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ ، عن علي بن محمد الخطيب الأنباري فقال : شيخ ثقة.

كتب إلى علي بن المفضل الحافظ : أن علي بن عتيق بن مؤمن أخبره ، عن القاضي عياض بن موسى التجيبي قال : سألت القاضي أبا علي الحسين بن محمد الصدفي المعروف بابن سكرة ، عن علي بن محمد بن محمد بن الخطيب الأنباري فقال : كان أقطع اليد حنفي المذهب ، قديم السماع ، ذكر لي أنه سأل وهو صبي في مجلس الشيخ أبي حامد الأسفراييني ، عن مسألة الوضوء من مس الذكر وقال لي : رأيت جد جدي وأنا اليوم جد جد.

قرأت في كتاب أبي علي البرداني بخطه قال : أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري ، وكان أقطع من يده اليمنى ، سمعت صالح بن علي بن النفيس ابن علي بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري العدل قدم علينا يقول : لما دخل البساسيري (١) الأنبار أمر جدنا عليّا ، وكان الخطيب بها يومئذ أن يقطع الخطبة للإمام

__________________

(١) في الأصل : «القساسيري».

٥٢

القائم بأمر الله ، ويخطب للمستنصر صاحب مصر ، فلما صعد المنبر خطب للإمام القائم ، ولم يمتثل أمر البساسيري ، فقبض عليه البساسيري ، وأمر بقطع يده على المنبر فقطعت فنحن نعرف بيني الأقطع.

قرأت بخط أبي نعيم عبد الله بن الحسن بن أحمد الحداد الأصبهاني ، وأنبأنيه عنه أبو عبد الله الفارقاني قال : سمعته يعني أبا الحسن علي بن محمد الخطيب الأنباري يقول : ولدت في صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة لاثنتي عشرة خلون منه في يوم الجمعة.

قرأت في كتاب أبي غالب شجاع بن فارس الذهلي بخطه قال : مات أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن الخطيب الأنباري الأقطع ويعرف بابن الأخضر في العشر الأول من شوال سنة ست وثمانين وأربعمائة بالأنبار ودفن بها ، وهو آخر من حدث في الدنيا عن أبي أحمد الفرضي وبلغ من العمر خمسا وتسعين سنة.

٨٥٧ ـ علي بن محمد بن محمد بن محمد بن قنين العبدي ، أبو الحسن الخزاز :

من أهل الكوفة ، قدم بغداد في سنة ثمان وتسعين وأربعمائة ، وحدث بها عن أبي طاهر محمد بن محمد بن الحسين بن الصباغ القرشي. سمع منه أبو بكر محمد بن منصور السمعاني ، وأبو طاهر محمد بن محمد السنجي (١) المروزيان ، وقد حدث السنجي عنه.

قرأت بخط أبي طاهر السلفي ، وأخبرنيه عنه أبو الحسن بن المقدسي بمصر ، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن قنين العبدي بالكوفة كان شيخا كبير السن كثير البر وصولا للرحم ، وكان زيدي المذهب عبدي النسب مثنيا (٢) على الصحابة مع ميله إلى القرابة.

أخبرني الحاتمي بهراة قال : سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول : قرأت بخط والدي : قدم ابن قنين علينا بغداد وحدثنا وسألته عن مولده ، فقال : سنة خمس وعشرين وأربعمائة.

قرأت في كتاب أبي عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي بخطه قال : مات

__________________

(١) في الأصل : «السيخي».

(٢) في الأصل : «مثبنا».

٥٣

ابن قنين الكوفي بالكوفة في ذي القعدة سنة إحدى وخمسمائة.

٨٥٨ ـ علي بن محمد بن محمد بن جهير ، أبو القاسم بن أبي نصر الوزير (١) :

كان يلقب بزعيم الرؤساء ، وهو أخو الوزير عميد الدولة أبي منصور محمد ، ولي النظر بديوان الزمام بعد وفاة أبي نصر محمد بن أحمد بن جميلة صاحب الديوان في جمادى الأولى سنة ستين وأربعمائة ، فنظر فيه أربعة عشر سنة حتى عزله المقتدي بأمر الله بأبي الحسن علي بن الحسين بن المعوج ، وخرج مع والده أبي نصر ، ذكر شرف الدولة مسلم بن قريش فرد إليه حصار ميافارقين ومحاربة أهلها ، فأخذ البلد ونظر بعد وفاة والده في الموصل وديار ربيعة ، ثم ورد بغداد في وزارة أخيه أبي منصور محمد ، فلما قبض على أخيه وعلى أخيه محمد الكافي أبي البركات جهيز تقدم المستظهر بالله بصيانته وأمره بملازمة منزله وهو يخاف ويحذر إلى أن هرب إلى عند سيف الدولة ، وأقام عنده أحد عشر شهرا حتى استدعى المستظهر لوزارته في آخر شعبان سنة ست وتسعين وأربعمائة ، وخلع عليه في يوم الخميس لثلاث خلون من شهر رمضان ، فلم يزل وزيرا حتى عزل في يوم الأحد الرابع عشر من صفر سنة خمسمائة ، فكانت مدة وزارته ثلاث سنين وخمسة أشهر وأيام ونقضت (٢) داره ولم تحمد سيرته في ولايته ، ونفذ سيف الدولة من أخذه ، وعاده إلى الحلة فأقام عنده إلى أن قتل سيف الدولة ، فنفذ السلطان محمد ، فاستدعاه فوصل إلى بغداد في شهر رمضان سنة إحدى وخمسمائة ، وقيل له : هذا ابن الحصين يكبك ويكب أهلك في النفس والمال والجاه والحال ، وقد أمكنك أن تقاتله على هذه الحال ، فقال : معاذ الله أن أبسط في ذكره لساني أو أخط بما يسوؤه بناني ولأبذلن له جهدي في إصلاح قلب السلطان ، ولأحفظنه كما أحفظ أداني الأولاد والإخوان ، وخرج من المعسكر ، وعاد بعد سنة من خروجه وزيرا في يوم الفطر سنة اثنتين وخمسمائة ، وخلع عليه يوم الاثنين لسبع خلون من شوال ، ولم يزل على ولايته إلى حين وفاته ، وكان قد تدرج في الولايات والمراتب خمسين سنة ، وكان معروفا بالرزانة والحلم ، موصوفا بجودة الرأي والتدبير ، وحسن التأني (٣) في الأمور والصبر والسكينة.

وقد رأيت له سماعا من القاضي أبي المظفر منصور بن أحمد البسطامي ببلخ بقراءة

__________________

(١) انظر ترجمته في : النجوم الزاهرة ٥ / ١٨٦. ومرآة الزمان ٨ / ٥٥.

(٢) في الأصل بدون نقط.

(٣) في الأصل : «أنتاني».

٥٤

أبي محمد بن السّمرقندي في جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانين وأربعمائة ، فلعله كان هناك في رسالة من الديوان والله أعلم ، وما علمت أنه حدّث بشيء.

قرأت بخط أبي الحسن محمد بن عبد الملك الهمداني قال : الوزير مجد الدين أبو القاسم علي بن فخر الدولة أبي نصر محمد بن محمد بن جهير مولده بالموصل سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.

قرأت بخط عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال : توفي الوزير أبو القاسم علي بن محمد بن محمد بن جهير في يوم الاثنين سادس عشري ربيع الأول من سنة ثمان وخمسمائة ، ودفن في يومه في داره بباب العامة.

وذكر ابن الهمداني أنه نقل إلى تربة أخيه عميد الدولة ، قال : ولم يخلف بعده من يجرى مجراه في علو سنه واشتهار اسمه.

٨٥٩ ـ علي بن محمد بن محمد بن جهور ، أبو الكرم :

من أهل واسط ، قدم بغداد في سنة سبع وتسعين وأربعمائة في رجب وفي سنة اثنتي عشرة وخمسمائة ، وحدث بها في المرتين عن القاضي أبي تمام علي بن محمد بن الحسن العبدي ، وأبي غالب محمد بن أحمد بن بشران ، سمع منه أبو عبد الله الحسين ابن محمد ابن خسرو البلخي ، والحسين بن محمد العربي وروى عنه.

قرأت على ابن الجوزي ، عن العربي ، أنبأنا أبو الكرم علي بن محمد بن محمد بن جهور الواسطي ، قدم علينا بقراءة (١) البلخي عليه وأنا أسمع أنبأنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي ، أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن دينار ، أنبأنا أبو بكر محمد ابن الحسن بن مقسم المقرئ ، حدّثنا يحيى بن عبد الباقي الثغري ، حدّثنا إدريس ابن سليمان الكاتب الرملي ، حدّثنا حمزة بن ربيعة ، عن يحيى بن راشد ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك رضي‌الله‌عنه قال : سافرنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم (٢).

٨٦٠ ـ علي بن محمد بن محمد بن الحارث القرشي :

شاعر ، مدح الإمام المستظهر بالله ، وبيض.

__________________

(١) في الأصل : «بقراءتي».

(٢) انظر الحديث في : صحيح البخاري ١ / ٢٦١.

٥٥

٨٦١ ـ علي بن محمد بن محمد بن قنين ، أبو الحسن :

شاب ، قرأ القرآن بالروايات ، وسمع الحديث الكثير من أبي الحسين بن الطيوري وأمثاله ، ومات قبل أوان الرواية ، ذكر لي شيخنا أبو محمد بن الأخضر أنه سمع محمد ابن ناصر الحافظ يذكر أن ابن قنين كان يسرق أصول ابن الطيوري منه ، فلم ينفعه الله بالعلم.

قرأت بخط عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال : توفي أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن قنين ليلة الجمعة السادس عشر من شهر رمضان من سنة أربع عشرة وخمسمائة ، وصلى عليه يوم الجمعة بجامع المنصور وحضرت ذلك ، ودفن بمقبرة جامع المنصور ، وكان مولده سنة تسع وسبعين وأربعمائة ، وكان قد قرأ القرآن وسمع الحديث ، وكان مجتهدا في ذلك مستهبا (١) له.

قرأت في كتاب التاريخ لأبي الحسن علي بن عبيد الله بن الزاغوني قال : مات أبو الحسن علي بن قنين يوم الخميس خامس عشر رمضان سنة أربع عشرة وخمسمائة ، ودفن بمقبرة جامع المنصور ، وكان قد سمع الحديث الكثير ، وقرأ القرآن وشيئا من العربية والفقه وهو شاب لم يحدث بكثير.

٨٦٢ ـ علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد بن عامر الوكيل ، أبو الحسن:

والد محمد وأحمد المقدم ذكرهما ، كان حاجب الحجاب في أيام المسترشد بالله (٢). سمع شيئا من الحديث من أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي ، وحدث باليسير ، سمع منه أبو بكر بن كامل بن أبي غالب ، وأخرج عنه حديثا في معجم شيوخه ، وبلغني أنه توفي يوم السبت لسبع خلون من شعبان سنة ثمان عشرة وخمسمائة.

٨٦٣ ـ علي بن محمد بن محمد بن النقيب الشهرستاني ، أبو الحسن :

أخو محمد بن محمد الذي قدمنا ذكره ، رتب نائبا في الحسبة ببغداد عن القاضي أبي العباس الكرخي في سنة سبع وثلاثين وخمسمائة ، وكان مشددا على الناس في الحسبة ، وكان أديبا يقول الشعر ، كتب عنه أبو بكر بن كامل شيئا من شعره وأورده في معجم شيوخه.

__________________

(١) هكذا في الأصل.

(٢) في الأصل : «الأيام المسترشد به».

٥٦

قرأت على أبي محمد إسماعيل بن سعد الله الأمين عن أبي بكر (١) المبارك [بن] (٢) كامل بن غالب الخفاف قال : أنشدني القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن النقيب الشهرستاني لنفسه وكتب لي بخطه :

خففي يا نفس عني

ويك كم هذا التجني

واتركي الجهل فقدته

وين منه كل فن

ودعي الحرص مع الآ

مال فيه والتمني

وايقظي من رقدة الغف

لة للشوب وحني

عجبي والموت يأتي

بغتة إذ تطمأني

كم تغريني فإني

خائف أن يدهمني

راقبي الله وتحت ال

خوف منه فاستكني

واذكري البعث إلي

هو اذكري ذاك فإني

ليس لي إلا جواب

واحد إذ يسألني

نفثي بالجود منه

فرجائي حسن ظني

ويك يا نفسي أراني

قبل أن يكبر سني

كنت ذا قلب خشوع

فيه لين وتثني

وأرى الآن معاصي

كأزلت ذاك عني

يا أخي قل مثل قولي

بحنين وفقني

ارحموا ذلي فإني

ضاع ذاك القلب مني

٨٦٤ ـ علي بن محمد بن محمد بن ودعان ، أبو الحسن الموصلي ، سبط أبي منصور بن جهير :

سمع شيئا من الحديث من أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي وغيره ، ذكر أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع فيما نقلته من خطه : أنه توفي ليلة السبت الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة أربع وأربعين وخمسمائة ، وصلى عليه بجامع القصر يوم السبت ، ثم دفن في تربة جده لأمه عميد الدولة أبي منصور بن جهير بقراح ابن رزين قال : وما أظنه حدّث.

__________________

(١) في الأصل : «غير أنى ذكر».

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

٥٧

٨٦٥ ـ علي بن محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء ، أبو الفرج بن أبي حازم بن القاضي أبي يعلى الفقيه الحنبلي :

من أهل باب الأزج ، تقدم ذكر والده ، سمع أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة ، والحسين بن علي بن البسري ، وأبا الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصّيرفيّ وغيرهم ، وسمع كثيرا من المتأخرين ، وأسمع أولاده ، وحصل الأجزاء والأصول ، وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وخمسمائة فقبل شهادته ، وحدث باليسير ، سمع منه جماعة.

أنبأنا أبو الحسين محمد بن بقا بن الحسن البرسفي (١) الضرير ، أنبأنا أبو الفرج علي ابن محمد بن الفراء قراءة عليه في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ، وأنبأنا أبو الكرم عبد السلام بن أحمد المقرئ ، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الدينوري ، وأبو السعادات المبارك بن محمد بن أحمد بن كبة قالوا جميعا : أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد النعالي ، أنبأنا عبد الواحد بن محمد أبو عمر ، حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي ، حدّثنا إبراهيم بن هانئ ، حدّثنا عبد الله بن صالح ، حدثني معاوية ، عن عبد الوهاب بن بخت (٢) ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بمثل ذلك يعني : «من لقي أخاه فليسلم عليه إن حال بينهم شجرة أو حائط أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه» (٣).

قرأت بخط أبي بكر محمد بن علي بن اللتي المقرئ قال : مولد القاضي أبي الفرج علي بن محمد بن الفراء (٤) في شعبان سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.

أنبأنا أبو علي الأصبهاني ، عن أبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع قال : توفي القاضي أبو الفرج بن الفراء في ليلة الأحد ثاني عشر رمضان سنة ست وأربعين وخمسمائة ، ودفن بباب حرب ، وكان متحريا ضابطا.

٨٦٦ ـ علي بن محمد بن محمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن المطلب ، أبو

__________________

(١) في الأصل بدون نقط.

(٢) في الأصل : «محت».

(٣) انظر الحديث في : سنن أبي داود ٢ / ٣٦٠.

(٤) في الأصل : «الفداء».

٥٨

المكارم بن أبي جعفر بن أبي عبد الله بن الوزير أبي المعالي (١) :

تقدم ذكر والده وجده وجد جده في المحمدين ، قرأ الأدب حتى برع ، وسمع الحديث من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي وأبي الفرج عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف ، وأبي المعالي أحمد بن علي بن علي بن السمين ، وأبي المعمر الأنصاري وغيرهم. واقتنى كتبا ملاحا بخطوط العلماء ، وصنف كتبا حسنة ، منها كتاب «الإفصاح في اختصار كتاب الإصلاح» لابن السكيت ، رتبه على حروف المعجم ، واختصر كتاب «الغريبين» للهروي ، وسافر إلى الشام في سنة إحدى وستين وخمسمائة. واتصل بخدمة الملوك ، ونقلت به المناصب ، وسافر إلى مصر وتولى النقابة لتقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن أخي الملك صلاح الدين ، وهو صاحب حماة ، وسمع بالإسكندرية من أبي طاهر السلفي وحدث بمصر بشيء يسير ، سمع منه عبد الخالق بن زيدان ، وأبو عبد الله محمد بن هبة الله بن علي الحموي خطيب القاهرة ، وكان قيما بالنحو واللغة ، بليغا كاتبا سديدا مليح الخط رئيسا نبيلا ، عاد مع تقي الدين عمر إلى حماة فأقام بها إلى حين وفاته.

أنشدني عيسى بن عبد العزيز الأندلسي بالإسكندرية :

تخل لحاجتي واشدد عراها

فقد أضحت بمنزلة الضياع

إذا أرضعتها بلبان أخرى

أضرتها مشاركة الرضاع

قرأت في كتاب أبي عبد الله محمد بن محمد بن الكاتب الأصبهاني بخطه هذه الأبيات ، وذكر أنها لابن المطلب في أول كتاب :

يا عاريا من عار وكاسيا بالفخار

علام كتبك عنا مقطوعة الأخبار

ألست من حر وجدي إليكم في أوار

ومن سحاب دموعي آثاركم في بحار

ودي كما قد علمتم على بعاد للدار

محض صريح صحيح صاف من الأكدار

٨٦٧ ـ علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن الأنباري ، أبو منصور بن أبي الفرج بن أبي عبد الله الكاتب :

تقدم ذكر والده وجده في أول الكتاب ، تولى على هذه الكتابة بديوان الإنشاء في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، ولم يزل على ولايته إلى أن توفى في يوم

__________________

(١) انظر ترجمته في : بغية الوعاة ، ص ٣٥٣.

٥٩

السبت الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وكان شابا.

٨٦٨ ـ علي بن محمد بن محمد بن أفلح ، أبو الحسن بن أبي البشائر بن أبي البركات :

سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وحدث بيسير ، سمع منه القاضي أبو المحاسن القرشي ، وأخرج عنه حديثا في معجم شيوخه.

قرئ على أبي البركات بن أبي المحاسن القرشي ، عن أبيه وأنا أسمع ، أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي البشائر ، وأنبأنا أبو طاهر لاحق بن أبي الفضل بن علي قراءة عليه قالا : أنبأنا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا أبو علي بن المذهب ، أنبأنا أبو بكر القطيعي ، حدّثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدّثنا أبو معاوية ، حدّثنا ابن أبي ليلى ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي رضي‌الله‌عنه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ بنا القرآن ما لم يكن جنبا (١).

وأنبأنا أبو البركات ، عن أبيه قال : سألت أبا الحسن بن أبي البشائر عن مولده فقال: في حادي (٢) عشري رمضان من سنة ثمان عشرة وخمسمائة.

٨٦٩ ـ علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن محمد بن زاهر بن علي بن محمد بن السكون ، أبو الحسن بن أبي طالب الكاتب (٣) :

من أهل الحلة السيفية ـ هكذا رأيت نسبه بخط يده ، قدم بغداد وأقام بها طالبا للعلم ، فقرأ النحو على أبي محمد بن الخشاب ، واللغة على أبي الحسن بن العصار ، وكان يحفظ اللغة حفظا جيدا ، وقرأ الفقه على مذهب الشيعة حتى برع فيه وصار يدرسه ، وكان كاتبا بليغا شاعرا مجيدا.

وذكر لي الحسن بن معالي الحلي النحوي أنه كان متدينا ، كثير الصّلاة بالليل ، وفيه سخاء ومروءة ، سافر إلى مدينة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأقام بها ، وصار كاتبا لأميرها ، ثم قدم الشام ومدح ملكها صلاح الدين يوسف بن أيوب ، ذكره أبو عبد الله الكاتب في كتاب «الخريدة» ، وأورد له هذه الأبيات من قصيدة

__________________

(١) انظر الحديث في : مسند الإمام أحمد ١ / ٨٣.

(٢) في الأصل : «في جمادى».

(٣) انظر ترجمته في : معجم الأدباء ١٥ / ٧٥. وبغية الوعاة ص ٣٥٢

٦٠