تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٩

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٩

المؤلف:

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٤

الحلبة ، أنبأنا أبو أحمد عبد الحميد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد المحمودي ، أنبأنا أبو الحسن محمد بن عبد الرحمن بن محمد الدباس ، أنبأنا علي بن محمد بن عيسى ، أنبأنا أبو اليمان ، أخبرني شعيب ، عن الزهري قال : أخبرني عروة ، عن عائشة رضي‌الله‌عنها قالت : أعتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالعشاء حتى ناداه عمر «نام النساء والصبيان» فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم ولا يصلي يومئذ إلا بالمدينة».

قرأت في كتاب أبي الفضل بن ناصر بخطه ، وأنبأنيه عنه ابن الأخضر قال : حدثني الإمام أبو المعالي محمد بن عبد الواسع بن عبد الرحمن الديلكي ـ بلد من أعمال هراة ـ أن السيد أبا القاسم بن يعلى بن عوض الواعظ العلوي الذي قدم علينا بغداد توفى بمرو الروذ في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ، أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال : سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول : توفي السيد أبو القاسم علي بن يعلى العلوي بمرو الروذ في سنة سبع وعشرين وخمسمائة.

١٠٥٣ ـ علي بن يعيش بن سعد بن الحسن بن القواريري ، أبو الحسن بن أبي محمد :

من أهل باب البصرة ، سمع في صباه بإفادة والده من أبي القاسم بن الحصين وأبي السعود بن المجلي ، وأبي الفضل محمد بن الحسين الإسكاف وغيرهم ، ثم طلب هو بنفسه وقرأ على المشايخ ، وسمع الكثير من أبوي الفضل الأرموي ، وابن ناصر ، وأبي الفتح الكروخي وسعد الخير بن محمد الأنصاري ومن خلق كثير ، وكتب بخطه كثيرا وصحب الشيخ عبد القادر الجيلي ـ رضي‌الله‌عنه ، وكان شابا صالحا متدينا أديبا فاضلا حسن الخط ، حدث بيسير ، ورحل في طلب الحديث إلى خراسان فأدركه أجله.

أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن وهب البزاز ، أنبأنا أبو الحسن علي بن يعيش بن القواريري ، أنبأنا أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد الإسكاف ، أنبأنا أبو بكر محمد ابن علي بن محمد بن موسى الخياط ، حدّثنا أبو الحسن بن رزقويه ، حدّثنا أبو عمرو ابن السماك ، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الجبلي ، حدّثنا الحسن بن أخي عيسى بن أخي معروف قال : سمعت عمي معروفا يقول : إذا آوى الرجل إلى فراشه فقال : «اللهم لا تنسنا ذكرك ولا تؤمنّا مكرك ولا تهتك عنا سترك ولا تجعلنا مع الغافلين ، ونبهني

٢٠١

لأحب الساعات إليك أسألك فتعطيني واستغفرك فتغفر لي وأدعوك فتستجيب لي» أتاه ملك فأيقظه ، فإن قام فسبيل ذلك وإلا عرج الملك يصلي ، ويكتب ذلك لقائل الكلام.

ذكر أبو محمد ابن سويدة التكريتي : أن علي بن يعيش رحل إلى هراة يسمع من أبي الوقت فأدركه أجله بهمدان في سنة خمسين وخمسمائة.

أنبأنا أبو الفرج بن الجوزي ونقلته من خطه قال : توفى صديقنا أبو الحسن بن القواريري فبلغنا خبر موته في شوال سنة سبع وأربعين.

١٠٥٤ ـ علي بن يقطين بن موسى ، أبو الحسن مولى بني أسد :

ولد بالكوفة في سنة أربع وعشرين ومائة ، وكان أبوه من وجوه دعاة الإمامية ، فطلبه مروان بن محمد فهرب واستتر وهربت به أمه وبأخيه عبيد بن يقطين ـ وكان ولد بعد علي بسنتين ـ إلى المدينة ، وكانت له وصلة بعيال جعفر بن محمد الصادق فأتت منزله بابنيها فاستدنى جعفر عليا وأقعده على حجره ومسح على رأسه فلما ظهر بنو العباس ظهر يقطين ، وعادت أم علي بعلي وعبيد ، فلم يزل يقطين في خدمة أبي العباس وأبي جعفر ، ومع ذلك يرى رأى ابن أبي طالب ويقول بإمامتهم وكذلك ولده وكان يحمل الأموال إلى جعفر الصادق والألطاف ، ثم [وصل] (١) خبره إلى المنصور والمهدي فلم يكيداه ، ولما نقل المهدي إلى الرصافة صبر في حجر يقطين فنشأ المهدي وعلي بن يقطين كأنهما أخوان ، فلما أفضت الخلافة إلى المهدي استوزر علي ابن يقطين وقدمه وجعله على ديوان الزمام وديوان البسر والخاتم ، فلم يزل في يده حتى توفى المهدي وأفضى الأمر إلى الهادي فأقره على وزارته ولم يشرك معه أحدا من أمره إلى أن توفى الهادي ، وصار الأمر إلى الرشيد فأقره شهرا ثم صرفه بيحيى بن خالد البرمكي.

أنبأنا ذاكر بن كامل ، ويحيى بن أسعد قالا : أنبأنا أحمد بن عبد الجبار الصّيرفيّ إذنا ، عن أبي عبد الله محمد بن علي الصوري ، أنبأنا أحمد بن محمد بن أحمد ، أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن عدي ، حدّثنا علي بن سعيد بن بشير ، حدّثنا إبراهيم بن الجنيد ، حدثني علي بن الحسن بن موسى ، عن أبي عدنان بن صالح الناجي ، عن علي بن يقطين قال :

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

٢٠٢

أخبرنا لمع المهدي يوما إذ قال : أصبحت جائعا فأتى بخبز ولحم مبرد فأكل ، ثم قال : إني داخل هذا البهو وأنام فلا تنبهوني حتى أكون أنا الذي أنتبه قال : فدخل فنام ونمنا ، قال علي بن يقطين : فو الله ما انتبهنا إلا بندائه ، قال : رأيتم ما رأيت؟ قلنا : ما رأينا شيئا ، قال : رأيت شيخا قائما على باب البهو لو كان في كذا وكذا لعرفته وهو يقول :

كأني بهذا القصر [قد] (١) باد أهله

وأوحش منه ركنه ومنازله

وصار عميد القصر من بعد بهجة

ومال إلى قبر عليه جنادله

ولم يبق إلا ذكره وحديثه

تنادي بليل معولات حلائله

قال : فما أتت عليه إلا عشرة أيام حتى مات.

حدث محمد بن عبد الغفار أبو عبيد الله عمن أسنده إليه من وجوه الكتاب قال : قال موسى أمير المؤمنين لعلي بن يقطين وهارون يراه : إن أبي كان يسر إليك أشياء يسترها عمن دونك فحدثني بها! فماطله على بذلك حتى أحفظه موسى ، فقال له : لتخبرني بما أسألك عنه وإلا فما لك ذمة ، فقال له علي : أفعل ذاك يا أمير المؤمنين ، إنا عبيد نحمل على السر يا أمير المؤمنين ولكن تؤخرني يومي ، قال : فإني قد أخرتك ، فلما كان من غد غدا علي في ثياب جدد وجد منها رائحة أنكرها موسى فقال : ما هذا؟ قال : يا أمير المؤمنين إنا عبيد نحمل على السر ، فإذا أفشيناه عمن يمضي لم يسكن إلينا من بقي ، وقد حملتني على أن أحدثك بما رأيت بذل دمي دونه ، فإن أعفيتني من ذلك وإلا فأنا بين يديك ، قال له موسى : فإنك لباذل دمك دون أن تخبرني بما سألتك عنه ، قال : أجل يا أمير المؤمنين ، قال : فإني قد أعفيتك من ذلك.

حدث محمد بن عمر الجرجاني ، عن الفضل بن دكين قال : قال علي بن يقطين : ما سقط غبار موكبي على لحية رجل إلا أوجبت حقه. روى أبو محلم قال : كان الرقاشي ، وأبو العتاهية متصلين بعلي بن يقطين فتوفى بعض أهل علي فوافاه المعزون وتأخر الرقاشي أياما ، ثم أتاه معزيا فقال علي : التعزية بعد ثلاثة تجدد للمصيبة ، والتهنئة بعد ثلاث استخفاف بالمودة ، فقال أبو العتاهية :

يا رقاشي تعلم واعترف بالحق تسلم

إن ذكراك التعازي بعد طول العهد مغرم

قرأت في كتاب «التاريخ» لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن مهدي الشاهد بخطه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

٢٠٣

قال : سنة اثنتين وثمانين ومائة فيها مات علي بن يقطين بن موسى الكوفي مولى بني أسد ويكنى أبا الحسن ببغداد ، وهو ابن سبع وخمسين سنة ، وأبوه يومئذ حي.

قرأت في كتاب محمد بن إسحاق النديم بخطه قال : توفي علي بن يقطين بمدينة السلام سنة اثنتين وثمانين ومائة وسنه سبع وخمسون سنة ، وصلى عليه ولي العهد محمد بن الرشيد ، وتوفي أبوه بعده في سنة خمس وثمانين ومائة ، ولعلي بن يقطين كتاب ما سأل عنه الصادق من أمور الملاحم ، وكتاب مناظرته للشاك بحضرة جعفر.

١٠٥٥ ـ علي بن يلدرك بن أرسلان التركي ، أبو الثناء بن أبي منصور الكاتب(١) :

من ساكني دار الخلافة المعظمة ، كان شاعرا لطيف الشعر ومترسلا مليح النثر ، روى عنه [أبو] (٢) الوفاء بن عقيل الفقيه في كتاب «الفنون» من جمعه وأبو الفضل بن ناصر.

وأنبأنا أبو القاسم الأزجي عن أبي الوفاء علي بن عقيل الفقيه قال : حدثني الرئيس أبو الثناء بن يلدرك وهو ممن خبر به بالصدق أنه كان في سوق [نهر] (٣) المعلى وبين يديه رجل على رأسه قفص زجاج وذلك الرجل مضطرب المشي فظهر منه عدم المعرفة بالحمل ، فما زلت أترقب منه سقطة لما رأيت من اضطراب مشيه ، فما لبث أن زلق زلقة طاح منها القفص فتكسر جميع ما كان فيه ، فبهت الرجل ثم أخذ عند (٤) الإفاقة من البكاء يقول : هذا والله! جميع بضاعتي ، والله! لقد أصابني بمكة مصيبة عظيمة توفى على هذه ما دخل قلبي مثل هذه ، واجتمع حوله جماعة يرثون له ويبكون عليه ، فقالوا : ما الذي أصابك بمكة؟ فقال : دخلت قبة زمزم وتجردت لاغتسال وكان في يدي دملج فيه ثمانون مثقالا فخلفته واغتسلت وأنسيته وخرجت ، فقال رجل من الجماعة : هذا دملجك ، له معي سنين ، فدهش الناس من إسراع جبر مصيبته.

أنشدنا الزنبيل الأديب علي بن أبي منصور ويلدرك الكاتب رفيقنا في سماع الفقه عند أبي الوفاء بن عقيل في مجلسه من لفظه وحفظه قال : أنشدني بعض من أثق إليه للأحنف العكبري :

__________________

(١) انظر ترجمته في : مرآة الزمان ٨ / ٩٩. والمستفاد للدمياطي ص ٢٠٤. والمنتظم.

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من المصادر.

(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من المصادر.

(٤) في الأصل : «عنه».

٢٠٤

من أراد الملك والراحة من هم طويل

فليكن فردا من الناس ويرضى بالقليل

ويرى أن قليلا نافعا غير قليل

ويرى بالحزم أن الحزم في ترك الفضول

ويداوى [...] (١) بالوحدة بالصبر الجميل

لا يماري أحدا ما عاش في قال وقيل

يلزم الصمت فإن الصمت تهذيب العقول

يذر الكبر لأهليه ويرضى بالخمول

أيّ عيش لأمرى يصبح في حال ذليل

بين قصد من عدو ومداراة جهول

واعتلال من صديق ونحن من ملول

واحتراس من عدو السوء أو عذل عذول

ومماشاة بغيض ومقاساة ثقيل

إن من معرفة الناس على كل سبيل

وتمام الأمر لا يعرف سمحا من بخيل

فإذا أكمل هذا كان في ملك جليل

قرأت على أبي الفتوح داود بن معمر القرشي بأصبهان ، عن أبي الفضل بن ناصر ، وأخبرنا شهاب الحاتمي بهراة ، أنشدنا أبو سعد بن السمعاني ، أنشدنا أبو الفضل بن ناصر ، أنشدنا أبو الثناء بن يلدرك صديقنا لنفسه :

ومدلّه علق الغرام يقلبه

فمواقد النيران من نيرانه

إن جن ليل جن لاعج حبه

أو مد سبل كان من أجفانه

عذب العذاب من الهوى بمذاقه

وحلا مرير الجور من سلطانه

يرتاح ما حدر الرياح لثامه

أو ناح قمري على أغصانه

ما لج عاذله عليه بعذله

إلا ولج عليه في عصيانه

بغداد موطنه ولكن الهوى

نجد وأين هواه من أوطانه

لو كان قيس العامري بعصره

دعى الخلى من الهوى لعنانه

أنبأنا أبو بكر الجيلي ، عن محمد بن ناصر قال : أنشدني الرئيس أبو الثناء علي بن يلدرك بن أرسلان الكاتب صديقنا لنفسه من قصيدة :

رقت حواشي الحب بعدك رقة

غارت لها ببلادنا الصهباء

وحفت علينا بعد ذاك خشونة

فكأنها التفريق والقرباء

وأنشدنا أبو الثناء بن يلدرك لنفسه :

وبتنا نسقاها بكف مهفهف

كخديه بل خدي كالورد والورس

فأفواهنا عرت لها وأكفنا

مشارقها والفجر من بيعة القس

أذاعتها الندمان خلف بروقنا

بخديه ما يحكى به شقق الشمس

__________________

(١) مكان النقط بياض في الأصل

٢٠٥

قرأت في كتاب أبي الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين بخطه قال : أنشدنا أبو الثناء علي بن يلدرك بن أرسلان لنفسه :

يا ناظرا من سحر بابل

ومذيب جسمي بالبلابل

صلني فقد هجر الرقاد

وملني عذل العواذل

لا تأس صل إن الوصال

كمثل هذا الهجر قاتل

بمضيق معترك الأساور

والدمالج والخلاخل

وتخال بلبلة الضفائر

بين ألوان العلائل

ويلطف تنفيذ الرسائل

أثر ألطاف الوسائل

أنبأنا أبو الفرج بن الجوزي قال : توفي علي بن يلدرك الكاتب في صفر سنة خمس عشرة وخمسمائة ودفن بباب حرب.

١٠٥٦ ـ علي بن يوسف بن الحسن بن علي المحولي ، أبو الحسن :

أخو أبي علي الحسن الذي تقدم ذكره ، وعلي هو الأكبر ، قرأ الأدب وسمع الكثير من أبي محمد المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط ، والقاضي أبي الفضل الأرموي ، وأبي سعد بن البغدادي ، وجماعة من هذه الطبقة ، وقرأ بنفسه وكتب بخطه وكان فاضلا ، وما أظنه روى شيئا ، وكان يتولى سوق الحطب.

توفي سنة ثمانين وخمسمائة ، ولعله جاوز الستين.

١٠٥٧ ـ علي بن يوسف بن سعد بن علي الخطيري الكتبي :

تقدم ذكر جده ، اشتغل بتجويد الخط منذ صباه ، وكتب على خطوط الكتاب حتى بلغ الغاية في حسن الخط وتجويد الكتابة ، وخط كثيرا من جوامع القرآن ودواوين الشعر ، وكتب عليه خلق كثير ، وصار أكتب أهل زمانه ، ورتب خازنا بدار الكتب بالمدرسة الشريفة المستنصرية ، وهو حسن الأخلاق ، لطيف الطبع ، متودد حسن العشرة متواضع ، علقت عنه شيئا من شعر جده.

أنشدني علي بن يوسف الكاتب لجده أبي المعالي الكتبي :

لا غرو أن أثرى الجهول على

نقص وأعدم كل ذي فهم

إن اليد اليسرى وتفضلها

اليمنى تفوز بمعلم الكم

وأنشدني أيضا لجده :

٢٠٦

وقالوا لم بكيت دماً ودمعاً

وقد أولاك بعد العسر يسرا

فقلت بفرحتي برضاه عني

نثرت عليه ياقوتاً ودرا

١٠٥٨ ـ علي بن يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقي ، أبو الحسن بن أبي المحاسن :

كان والده مدرسا بالمدرسة ببغداد ، وسيأتي ذكره إن شاء الله ، ولد على هذا ببغداد ونشأ بها وتفقه على والده ، وسمع مسند أبي عبد الله الشافعي من أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي ، ثم أنه سافر إلى الشام وهو شاب وتوجه إلى ديار مصر واستوطنها إلى حين وفاته ، وولى بها قضاء القضاة مرتين ثم عزل ، وكان شيخا حسن الأخلاق محبا للعلم وأهله ، متواضعا لطلابه ، كريم الأخلاق متوددا كيّسا ، وكانت بضاعته في العلم مزجاة ، لقيته بمصر ، وقرأت عليه مسند الشافعي عند قبره بالقرافة ، وكان صدوقا جليلا.

أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن يوسف الدمشقي بقراءتي عليه عند قبر الشافعي بمصر قلت له : أخبرك أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي قراءة عليه وأنت تسمع ببغداد؟ فأقر به أنبأنا أبو الحسن مكي بن منصور بن علان الكرخي ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي ، أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم ، أنبأنا الربيع بن سليمان ، أنبأنا الشافعي ، أنبأنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة» (١).

سألت القاضي علي بن يوسف عن مولده فقال : ولدت ببغداد في درب السلسلة في رجب سنة خمسين وخمسمائة ، وخرجت من بغداد في سنة سبع وسبعين.

وتوفي يوم الأحد الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وستمائة في داره بالقاهرة ، ودفن من الغد بالقرافة ، وكنت هناك فلم يتفق لي الصّلاة عليه.

١٠٥٩ ـ علي بن يوسف بن علي الصّيرفيّ ، أبو الحسن الحنبلي :

ذكر أبو الحسن محمد بن العباس بن الفرات أنه توفى في يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة ، قال : ومولده سنة ثمانين ومائتين.

سمعت منه مصنفات أبي بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال وغير ذلك ، ولم يسمع منه إلا نفر يسير.

__________________

(١) انظر الحديث في : مسند الإمام أحمد ٢ / ٩٨

٢٠٧

١٠٦٠ ـ علي بن يوسف بن أبي الكرم بن أبي الحسن الحمامي ، أبو القاسم :

جارنا بالظفرية ، سمع بإفادة خاله أبي الكرم بن صبوحا من أبي الوقت عبد الأول ابن عيسى السجزي ، والوزير أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة ، وأبي بكر أحمد بن المقرب الكرخي ، وغيرهم ، كتبت عنه وكان حسن الطريقة ، طيب الأخلاق ، له معرفة ونباهة.

أخبرنا علي بن يوسف أبو القاسم ، أنبأنا عبد الأول بن عيسى أبو الوقت ، أنبأنا محمد بن عبد العزيز الفارسي أبو عبد الله ، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن أبي شريح الأنصاري ، حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، حدّثنا إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطي ، حدّثنا عبد الحكيم بن منصور الخزاعي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صلاة الرجل في الجميع تفضل على صلاته وحده بخمس وعشرين صلاة» (١).

سألت أبا القاسم بن الحمامي عن مولده فقال : في يوم الاثنين ثالث شوال سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.

وتوفي في يوم الأربعاء السادس والعشرين من رجب سنة إحدى وعشرين وستمائة ، ودفن بالحديدة بباب أبرز.

١٠٦١ ـ علي بن يوسف بن محمد بن حبيش الرباحي ، أبو القاسم المقرئ :

نزل البصرة ، وحدث بها عن : أبي محمد يحيى بن محمد بن صاعد ، والقاضي أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الأزدي ، روى عنه : أبو ذر عبد (٢) بن أحمد الهروي في معجم شيوخه.

أنبأنا عبد الوهاب بن علي ، عن أبي القاسم بن السّمرقندي قال : كتب إلى هياج ابن عبيد الحطيني الزاهد [أنبأنا] (٣) أبو ذر عبد بن أحمد الهروي في معجم شيوخه قراءة عليه ، أنبأنا علي بن يوسف بن محمد بن حبيش الرباحي أبو القاسم المقرئ البغدادي نزيل البصرة بها أرجو أن ليس به بأس ، قرأت عليه ، حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، حدّثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي ، حدّثنا عبد الله بن داود ، حدّثنا محمد بن

__________________

(١) انظر الحديث في : صحيح البخاري ١ / ٨٩. ومسند الإمام أحمد ١ / ٣٧٦.

(٢) في الأصل : «عبد الواحد».

(٣) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

٢٠٨

علي السلمي ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لعلي : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» (١).

١٠٦٢ ـ علي بن يوسف بن نصر بن أحمد ، أبو الحسن :

سكن تنيس ، من ديار مصر ، وحدث بها هو وأخوه عبد الله بن يوسف ، وقد ذكره الخطيب في «التاريخ» ، كتب إليّ أبو عبد الله محمد بن محمد الأرباحي : أن أبا الحسن علي بن الحسين بن عمر الفراء أخبره ، أنبأنا أبو القاسم خلف بن أحمد بن الفضل الحوفي قراءة عليه ، حدّثنا الشيخان أبو محمد عبد الله ، وأبو الحسن علي ابنا يوسف بن نصر بن أحمد البغدادي بتنيس قراءة عليهما قالا : حدّثنا أبو بكر محمد بن علي بن الحسن النقاش ، حدّثنا أبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الكوفي ، حدّثنا علي ابن الجعد ، حدّثنا سعيد ، عن قتادة قال : سمعت أنس بن مالك رضي‌الله‌عنه قال : لما أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يكتب إلى الروم قال : «إنهم لا يقرءون كتابا إلا أن يكون مختوما» ، قال : فاتخذ خاتما من فضة فكأني أنظر إلى بياضه في يده ، ونقش فيه «محمد رسول الله» (٢).

١٠٦٣ ـ علي بن يوسف بن يعقوب ، أبو القاسم الكناني الواسطي :

شهد ببغداد عند أبي محمد بن الأكفاني القاضي في يوم السبت لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول في سنة أربعمائة فقيل شهادته ، ذكره هلال بن الصابي ، ونقلته من خطه.

١٠٦٤ ـ علي بن يوسف ، أبو الحسن ، المعروف بابن البقال (٣) :

ذكره الوزير أبو سعد محمد بن الحسين بن عبد الرحيم في كتاب «أخبار الشعراء» من جماعة ، وقال : شاعر مجود ، قال لي أبو عبد الله الخالع : هذا الرجل من أهل بغداد ، وكان ممن نادم المهلبي ونفق عليه ، وكانت محاضرة حسنة ، وبضاعة في الأدب صالحة ، وطبقة في الشعر جيدة ، يذهب مذهب الباقي في التطبيق والتجنيس وطلب الصنعة ، وكان منظره مستكرها ، ومخبره بكثرة نوادره مستطابا مستقبلا ، وكان حسن اليسار ، جميل الزي ، يلبس الدراعة ، وخلف لما توفى ما يزيد عن مائة ألف درهم ، وكانت

__________________

(١) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٣ / ١٨٠.

(٢) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٢ / ٨٧٣. ومسند الإمام أحمد ٢ / ١٨.

(٣) انظر ترجمته في : معجم الأدباء ١٥ / ٢٢٩.

٢٠٩

وفاته في أيام شرف الدولة ، ومنزله في سكة العجم من الزبيدية من الجانب الغربي من مدينة السلام ، وكان بخيلا جشعا.

أنشدني الخالع له يعاتب بعض أصدقائه :

وإني في استعطاف رأي محمد

عليّ ومدى نحو معروفه يدي

لكالمبتغى ـ من بعد تسعين حجة

تقمصها ـ رجع الشباب المجدد

سأشكو اعتداء منك لولاه مادرت

صروف الليالي في الهوى كيف تعتدى

فلله قلبي حين أدعو إلى الهوى

وأعلم حقا أنه غير مهتدى

قال : وأنشدني له أيضا :

ولما وقفنا للوداع ودوننا

عيون ترامي بالظنون ضميرها

أماطت عن الشمس المنيرة برقعا

فغيبنا عن أعين الناس نورها

قال : وأنشدني له :

يا خائبا متخيبا

ألزمتني ذنبا بذنبك

شتان بين صنيع قلبي

في الهوى وصنيع قلبك

قال : وأنشدني له أبو الحسن البتي :

يا طرفها هب لطرفي لذة الوسن

واستبق ما لا يفل الثوب عن بدني

حاشاك فيّ من الشكوى وإن ذهبت

عيني من الدمع أو قلبي من الحزن

ولا أقول وإن أتلفتني أسفا

يا ليت ما كان من حبيك لم يكن

وحدثني أبو طالب الحاتمي قال : كان ابن البقال يترفع من الاختلاط بالشعراء ويتكبر ، وكان الرؤساء يكرمونه ويقومون له إذا دخل عليهم ، وكان ابن العميد يقدمه على الناس كلهم ويعظمه ، وأحضره المهلبي فأنشده ، فحضر المتنبي قصيدة ، قال : فحدثني ابن الإمام الهاشمي قال قال لي المتنبي : لما رأيت ببغداد من يجوز أن يقع هذا الاسم إلا ابن البقال. وحدثني الأستاذ أبو الحسن بن محفوظ وقد جرى ذكر ابن البقال فقال : كان أقل ما في أبي الحسن الشعر فغلب عليه وعرف به ، فإنه كان يضطلع بعلوم كثيرة من جملتها الكلام وكان قويّا فيه مقدما في المعرفة به وكان يقول :بتكافؤ الأدلة وهو بئس المذهب.

١٠٦٥ ـ علي بن يوسف ، أبو الحسن ابن الذهبية الزاهد :

٢١٠

هكذا سماه ، ونسبه أبو الحسين محمد بن أبي يعلى بن الفراء في كتاب «الطبقات» ونقلته من خطه.

أنبأنا أبو القاسم المؤدب ، عن أبي غالب أحمد بن أبي علي بن البناء ، أنبأنا والدي قراءة عليه في كتاب «طبقات الفقهاء» من جمعه قال : أبو الحسن ابن الذهبية الزاهد الحنبلي فشاهدته ، وكان ورعا يخضب بالحناء.

توفي يوم الجمعة لست بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.

١٠٦٦ ـ علي بن يونس بن أحمد بن عبيد الله بن هبة الله بن أبي القاسم :

من أهل باب الأزج ، وهو أخو الوزير عبد الله بن يونس الذي تقدم ذكره ، وكان الأصغر ، سمع مع أخيه من أبي محمد صالح بن المبارك بن الرخلة الكرخي وغيره ، كتبت عنه شيئا يسيرا ، وكان متدينا كثير العبادة صالحا جميل الطريقة.

أخبرني علي بن يونس بقراءتي عليه في مسجد بانس ، أنبأنا صالح بن المبارك الكرخي ، أنبأنا الحسين بن أحمد النعالي ، أنبأنا عبد الواحد بن محمد الفارسي ، حدّثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، حدّثنا إبراهيم بن هانئ ، حدّثنا عبد الله بن صالح ، حدّثني الليث (١) ، حدّثني إبراهيم بن نشيط ، حدّثني كعب بن علقمة قال : سمعت أبا الهيثم يذكر عن مولى لعقبة بن عامر قال : قلت لعقبة : إن لنا جيرانا يشربون الخمر ، قال : دعهم ثم جاءه الثانية فقال : ألا ندعو عليهم الشرط ، فقال له عقبة : ويحك عدهم ، فإني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من رأى عورة فسترها كان كمن استحيا موءودة من قبرها» (٢).

توفي علي بن يونس يوم الاثنين الرابع والعشرين من ذي الحجة من سنة أربع وعشرين وستمائة ، ودفن بباب حرب وقد نيف على الستين.

١٠٦٧ ـ علي بن يونس بن السكن الصفار :

حدث عن : سليمان بن بويه النهرواني عن سلام بن سليمان المدائني ، روى عنه أبو سعد أحمد بن محمد بن أبي عثمان النيسابوري.

أنبأنا أبو بكر الجيلي ، عن أبي الفضل الفارسي قال : كتب إلى أبو عبيد علي بن

__________________

(١) في الأصل : «الكب».

(٢) انظر الحديث في : مسند أحمد ٤ / ١٤٧ ، ١٥٨ ..

٢١١

مالك البخاري ، حدّثنا أبو شعيب صالح بن محمد الحجازي ، حدّثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن أبي عثمان النيسابوري بأنطاكية ، حدّثنا علي بن يونس بن السكن الصفار ببغداد، حدّثنا سليمان بن بويه ، حدّثنا سلام ، حدّثنا عمر بن عبد الرحمن بن يزيد ، عن محمد بن واسع ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم عزوجل» (١).

١٠٦٨ ـ علي بن الجرجرائي الزاهد :

أستاذ بشر الحافي ، سكن جبل لبنان بالشام ، ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في «تاريخ الصوفية».

أنبأنا أبو المظفر بن السمعاني ، أنبأنا أبو نصر محمد بن منصور الحرضي قراءة عليه ، أنبأنا أبو بكر محمد بن يحيى المزكي ، أنبأنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال : سمعت عبد الواحد بن علي يقول : سمعت القاسم بن القاسم يقول : بلغني أن بشر الحافي لقي عليّا الجرجرائي بجبل لبنان على عين ماه قال : فلما أبصرني قال : نذهب متى لقيت اليوم إنسيّا ، فعدوت خلفه وقلت : أوصني! فالتفت إليّ فقال : أمستوص أنت ، عانق الفقر ، وعاشر الصبر ، وعاد الهوى ، وخالف الشهوات ، واجعل بيتك أحلى من لحدك يوم تنتقل إليه على هذا طاف المسير إلى الله.

كتب إلى أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد الشاهد الأصبهاني ، أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحداد قراءة عليه ، أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبيد الله الحافظ ، حدّثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري ببغداد قال : سمعت أبا حامد أحمد بن محمد بن حمدان النيسابوري يقول : سمعت إسماعيل الشامي يقول : سمعت سريّا السقطي يقول : خرجت من بغداد أريد الرباط إلى عبادان لأصوم بها رجبا وشعبان ورمضان ، فاتفق لي في طريقي على الجرجرائي وكان من الزهاد الكبار فدنا وقت إفطاري وكان معي ملح مدقوق وأقراص ، فقلت : هلم رحمك [الله] (٢)! فقال : ملحك مدقوق ومعك ألوان الطعام لن تفلح ولن تدخل بستان المحبين ، فنظرت إلى مزود كان معه فيه سويق الشعير يسف منه ، فقلت : ما دعاك إلى هذا؟ فقال : إني حسبت ما بين المضغ إلى الاستفاف سبعين تسبيحة ، فما مضغت الخبز منذ أربعين سنة ، فلما دخلنا عبادان

__________________

(١) انظر الحديث في : الجامع الصغير ١ / ٨.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل وزيد من الحلية ١٠ / ١١٠.

٢١٢

قلت : موعظة أحفظها عنك! قال : نعم إن شاء الله ، احفظ عني خمس خصال إنك إن حفظتها لا تبالي ما أضعت بعدها ، قلت : [نعم ، قال] (١) عانق الفقر وتوسد الصبر وعاد الشهوات وخالف الهوى وأفزع إلى الله في جميع أمورك ، قلت : فإذا كنت كذلك؟ قال : يهب الله لك خمسا : الزهد ومع الزهد القنوع ومع القنوع الرضا ومع الرضا المعرفة ومع المعرفة الشوق ، ثم يهب لك خمسا : السباق والبدار والتخفف وحسن البشارة وحسن المنقلب إلى الله ، أولئك أحباء الله ، قلت : فأين ترى لي أن أسكن؟ قال : ارحل نحو لكام ، قلت : فهل شيء أعيش به؟ قال : فمقت في وجهي فقال : تفر إلى الله بذنبك وتستبطئه في رزقك ، فلا والله ما أدري دخل البحر أم لا.

١٠٦٩ ـ علي المسوحي الصوفي :

ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب «تاريخ الصوفية» من جمعه ، وذكر أنه بغدادي من أستاذي الجنيد ، كان الجنيد يثنى عليه.

١٠٧٠ ـ علي ، أبو الحسن النصيبي :

أحد شيوخ الصوفية ، صاحب أسفار كثيرة على التجريد وقطع البادية ، ذكره أبو العباس النسوي في «تاريخ الصوفية» من جمعه.

كتب إليّ أبو الفتوح العجلي : أن أبا طاهر الحسن آبادي أخبره ، أنبأنا أبو بكر أحمد ابن الفضل الباطرقاني قراءة عليه ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي بمكة قال : سمعت أبا عثمان مسعود بن صدقة النصيبي يقول : سمعت أبا بكر المصري يقول : قلت لأبي الحسن النصيبي : دخلت بغداد؟ نعم ، قلت : كيف رأيت البغداديين؟ فقال : رأيت النساء تنطق بغرائب العلوم ، قال : فلما وقعت بيني وبينهم المؤانسة ، فقال لي أبو القاسم جنيد : لو جلست الساعة عن السفر فإنك قد ضعفت عنه ، فقلت : يا أبا القاسم ما اختلف الفقهاء في الماء الجاري دائما وإنما اختلفوا في الماء الواقف ، فقال : يا أبا الحسن إذا كنت واقفا فكن بحرا لا يغيرك شيء.

١٠٧١ ـ علي الهاشمي الواسطي الأعرج :

كان من أعيان الصوفية ، مات ببغداد في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة ، حدث عنه أبو عبد الله بن باكويه.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيد من الحلية ١٠ / ١١١.

٢١٣

قرأت على أبي عبد الله الحنبلي بأصبهان عن أبي جعفر محمد بن الحسن الصيدلاني قال : كتب إلى عبد الله بن محمد الأنصاري قال : سمعت أبا عبد الله بن باكويه الصوفي يقول : كنا في دعوة ببغداد فيها علي الأعرج الهاشمي فأخذ القوال يقول :

يا مظهر الشوق باللسان

ليس لدعواك من بيان

لو كان ما تدعيه حقا

لم تذق الغمض أو تراني

فقام علي فرقص على رجلين صحيحين ثم جلس أعرج.

أنبأنا عبد الوهاب بن علي قال : كتب إلى أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي ، أنبأنا أبو عمرو عثمان بن محمد المحمي ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن باكويه الشيرازي قال : رأيت عليا الأعرج الهاشمي الواسطي ببغداد سنة خمس وسبعين وثلاثمائة في دار مكي القزويني ، وكان في المجلس حدود من ستين رجلا والقوال يقول :

يا مدعى الشوق باللسان

ما لدعواك من بيان

إن كان ما تدعيه حقاً

لم تطعم الغمض أو تراني

فقام ومشى عرجته وشهق شهقة خر مغشيا عليه ، ودفنوه بعد ثلاثة أيام.

١٠٧٢ ـ علي بن الطستاني الأنباري :

شاعر حسن الشعر ، سافر إلى الموصل واستوطنها ، ودخل ديار بكر ، وروى عنه أبو الفضل محمد بن محمد بن عيشون المنجم شيئا من شعره.

أنبأنا عبد الوهاب بن علي الأمين ، عن محمد بن ظفر المغازلي ، أنشدنا أبو الفضل ابن عيشون قال : أنشدني علي بن الطستاني لنفسه ونحن نتراءى الهلال ليلة عيد الفطر :

لو تراني في ليلة العيد والنا

س لأبصرت أعجب الأشياء

كل عين ترنو إلى مغرب الشم

س وعيني ترنو إلى البطحاء

مقلتي تطلب الهلال على الأر

ض وهم يطلبونه في السماء

قرأت بخط أبي الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين ، أنشدنا أبو الفضل محمد بن محمد ابن عيشون قال : أنشدني علي بن الطستاني الأنباري لنفسه :

٢١٤

وفاتر الطرف في ألحاظه مرض

بها من السقم ما عندي من السقم

تدمى بإيماء ألحاظي وما ألمت

وبين جنبي منها غاية الألم

أسكنته (١) حيث لا يدري الوشاة به

فما أمنت عليه القذف بالتهم

بححنا (٢) في السويداء غير أن له

محجة بين صدري واختلاف فمي

وأنشدني علي بن الطستاني لنفسه :

لا رأت عيني إن كانت رأت

صورة أحسن من صورته

وهو يصطاد الكرى عن جفنه

قاعدا أذهب من رقدته

شيم الليل فأبدى وجهه

فأضاء الأفق من بهجته

وانجلى عنه الدجى محتشما

فارتقى يعرج في وفرته

قرأت بخط أبي الوفاء بن الحصين قال : قال أبو الفضل محمد بن محمد بن عيشون : توفي علي بن الطستاني الشاعر الأنباري سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.

١٠٧٣ ـ علي المدير الزاهد (٣) :

كان يسكن بدار بطيخ بالجانب الغربي ، له مسجد هناك معروف به اليوم ، وكان بيته إلى جانبه ، كان من عباد الله الصالحين المنقطعين إلى العبادة والاشتغال بالله عزوجل مشهورا بذلك.

ذكر شيخنا أبو الفرج بن الجوزي أنه مات في شهر ربيع الآخر من سنة خمس عشرة وخمسمائة ، ودفن في بيته إلى جانب ، وكان يوما مشهودا.

١٠٧٤ ـ علي البديهي الضرير ، المعروف ببختر :

من ساكني أوانا ، ذكره أبو عبد الله الكاتب الأصبهاني.

أنبأني الكاتب أبو عبد الله ونقلته من خطه ، قال : أنشدني أبو هاشم عمرو لعلي ابن المأمون قال : كتب إلى علي البديهي :

يا موحشي وخياله عندي

لا ذقت ما ألقى من البعد

فارقت شخصك والفراق له

وقع كوقع الصارم الهندي

__________________

(١) في الأصل : «أسكه».

(٢) هكذا في الأصل.

(٣) انظر ترجمته في : المنتظم ٩ / ٢٣٠.

٢١٥

١٠٧٥ ـ علي ، أبو الحسن الموصلي ، الملقب بالنجم :

ذكره العماد أبو عبد الله الكاتب الأصبهاني في «كتاب الخريدة» وقال : كان فقيها معنا بالنظامية ببغداد ، مات بها ، وله نظم حسن وشعر رائق.

كتب إليّ أبو عبد الله الأصبهاني ونقلته من خطه قال : أنشدني أبو المعالي الكتبي قال : أنشدني النجم الموصلي لنفسه مما يكتب على كمران أمرد :

لما استدرت بحضرة

حزت الكمال بأسره

أضحى أسيري شادن

كل الورى في أسره

وأنشدني لنفسه :

سموه باسم جند

وفعله فعل جندي

وقال أبو المعالي الكتبي في كتاب «ملح الملح» من جمعه النجم أبو الحسن الفقيه على الموصلي وأنشدنيه :

سموه باسم جنيد

وفعله فعل جندي

١٠٧٦ ـ عمار بن أحمد بن عمار العلوي الحسيني :

من أهل الكوفة ، تقدم ذكر والده ونسبه ، قدم بغداد في سنة تسع وخمسين وخمسمائة ، وروى بها شيئا من شعر أبيه ، سمعه منه وكتبه عنه أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني.

كتب إليّ أبو عبد الله الأصبهاني ونقلته من خطه ، أنشدنا عمار بن أحمد بن عمار قال : أنشدني أبي لنفسه في التجنيس :

قالوا ترى قوية مصفرة

وما دروا ما بك على قوته

قد كنت لنا بالأمس درة

فصرت فينا اليوم ياقوتة

أنت حياة القلب بل قوته

فكيف يسلو عنك ياقوتة

وأنشدني أبي لنفسه :

لئن بسط الزمان يدي كريم

فصبرا للذي فعل الزمان

فكم في الأرض من عبد هجين

يقبل كفه حر هجان

وقد يعلو على الرأس الزباني

كما يعلو على النار الدخان

٢١٦

وأنشدني أبي لنفسه :

لئن غدوت مقيما في ربوعكم

وقد دعتني ربوع المجد والشرف

فالماء في حجر والتبر في ثوب

والبدر في سدف والدر في صدف

وأنشدني أبي لنفسه :

ولقد نظرت إلى الزمان بمقلة

نظري إلى أهل الزمان فذاتها

وعجبت من أكل الحوادث للورى

وهم بنو الدنيا وهن بناتها

نيشوا جسومهم بلحم أخيهم

منذ الرمال غداتها أخواتها

١٠٧٧ ـ عمار بن أحمد بن محمد ، أبو مسعر الوراق :

حدث عن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل ، روى عنه أبو محمد عبد الله بن جعفر الخياري المقرئ النيسابوري.

أنبأنا عبد الوهاب بن علي الأمين ، عن أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي ، أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن عبد الله الساوي في كتابه ، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن جعفر الخياري قال : سمعت أبا مسعر البغدادي يقول : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : سمعت أبي يقول : الأبدال خير الناس وهم الذين يطلبون الحديث ويتبعون السنّة.

١٠٧٨ ـ عمار بن محمد بن الحسن بن قطاع الكناني ، أبو البقاء التاجر :

من أهل حران ، سكن بغداد ، وكان من أعيان التجار ، صاحب ثروة واسعة موصوفا بالأمانة والعدالة ، سمع شيئا من الحديث من أبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام ، وحدث باليسير ، سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي وابنه عبد الله ، وشيخنا أبو الفتوح نصر بن محمد الحصري الحافظ ، وأبو الحسن علي بن المبارك بن الوارث ، وروى لنا عنه.

أخبرني أبو الحسن بن الوراث ، أنبأنا عمار بن محمد التاجر قراءة عليه ، وأنبأنا عبد الوهاب بن علي الأمين بقراءتي عليه قالا : أنبأنا أبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام قراءة عليه ، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور ، حدّثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن شمعون ، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود ، حدّثنا يحيى ابن حكيم ، والحسن بن محمد الزعفراني قالا : حدّثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد ،

٢١٧

حدّثنا عبد الوهاب بن مجاهد قال : سمعت مجاهدا يحدث عن معاوية بن أبي سفيان قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تستعجلن إلى شيء ترى أنك إذا استعجلت إليه أنك مدركه ، وإن كان الله عزوجل لم يقدر ذلك ، ولا تستأخرن عن أمر ترى أنك إن استأخرت عنه أنه مدفوع عنك ، وإن كان الله عزوجل قد قدره عليك» (١).

ذكر القاضي أبو المحاسن القرشي أنه سأل عمارا عن مولده فقال : سنة تسع وخمسمائة.

قرأت في كتاب أبي الحسن علي بن يحيى بن الطراح بخطه قال : مات عمار الحراني ليلة الأحد ثالث عشر محرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة.

١٠٧٩ ـ عمارة بن محمد بن عمارة ، أبو الدلف الباجسرائي :

أخو أبي البدر سعد المقدم ذكره ، سمع أبا سعد أحمد بن محمد بن شاكر ، وحدث باليسير ، سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي ، وأبو بكر محمد بن أبي غالب الباقداري ، والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي وشيخنا أبو الفتوح نصر ابن محمد بن علي الحصري الحافظ.

أنبأنا أبو الفتوح ابن الحصري ، أنبأنا أبو الدلف عمارة بن محمد بن عمارة الباجسرائي قراءة عليه ، أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد بن شاكر قراءة عليه ، أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر بن القزويني الزاهد ، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار ، حدّثنا أبو محمد عبد الله بن سليمان بن عيسى الفامي ، حدّثنا إبراهيم بن هانئ ، حدّثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا الأوزاعي ، عن قرة ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله أقطع» (٢).

قرأت بخط القاضي أبي المحاسن القرشي قال : توفي عمارة بن محمد الباجسرائي في يوم الأحد خامس عشري رجب سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.

١٠٨٠ ـ عمارة بن هارون بن محمد بن الحسن بن إسحاق بن عمارة بن حمزة ، مولى بني هاشم :

__________________

(١) انظر الحديث في : الجامع الكبير ١ / ٨٩٨.

(٢) انظر الحديث في : سنن ابن ماجة ص ١٣٧. والجامع الصغير ١ / ٧٨.

٢١٨

أحد قراء القرآن ، قرأ على محمد بن أحمد بن محمد بن واصل ، وقرأ ابن واصل على محمد بن سعدان النحوي ، قرأ عليه ولده حمزة بن عمارة ، وروى القراءات ، وقد ذكر الخطيب ولده حمزة في «تاريخ بغداد».

١٠٨١ ـ عمران بن أحمد بن عمران ، أبو همام الطبري :

قدم بغداد وحدث بها عن أبيه ، روى عنه : حمزة بن يوسف السهمي الجرجاني في معجم شيوخه.

قرأت على أبي عبد الله أحمد بن محمد بن الحيري بأصبهان إملاء ، حدّثنا أبو همام عمران بن أحمد بن عمران الطبري قدم بغداد ، حدّثنا أبي أحمد بن عمران ، حدّثنا إبراهيم بن زهير الحلواني ، حدّثنا مكي بن إبراهيم ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «بنى الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصّلاة ، وإيتاء الزّكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا» (١).

١٠٨٢ ـ عمران بن عامر ، أبو عيسى الضبي الطبري :

ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب «تاريخ الصوفية» من جمعه ونقلته من خطه ، وذكر أنه بغدادي ، كان يجتمع مع أبي أحمد القلانسي ، ورويم في مسجد أبي الفتح الجمال ببغداد.

١٠٨٣ ـ عمران بن محمد ، أبو عاصم الأنصاري ، يعرف بالمسجدي والعسكري :

سكن سامراء ، سمع أبا عثمان محمد بن بكر البرساني ، وأبا العباس وهب بن جرير ابن حازم الأزدي ، روى عنه : أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، وأبو عبد الله بن المسيب الأرغياني ، ذكره الحاكم أبو أحمد النيسابوري في كتاب «الكنى».

قرأت على الحو بنت عبد الرحمن بنيسابور ، عن أبي المظفر عبد المنعم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري ، أنبأنا أبي ، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف ، حدّثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، حدّثنا أبو عاصم عمران بن محمد العسكري ، حدّثنا أبو بكر الحنفي ، حدّثنا كثير بن زيد ، عن مسلم بن أبي مريم ،

__________________

(١) انظر الحديث في : صحيح البخاري ١ / ٦. ومسند أحمد ٢ / ٢٦.

٢١٩

عن نافع قال : كان ابن عمر إذا صلى وضع يديه على ركبتيه وقال : بإصبعه السبابة يمدها يشير بها ولا يحركها وقال : [قال] رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هي مذعرة الشيطان» (١).

١٠٨٤ ـ عمران بن منصور بن عمران بن ربيعة الباقلاني ، أبو نعيم المقرئ :

من أهل واسط ، وهو أخو أبي بكر عبد الله الذي قدمنا ذكره ، سمع بإفادة أخيه من أبي الكرم نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي ، وأبي عبد الله محمد بن علي بن الجلابي ، وأبي الجوائز سعد بن عبد الكريم بن الحسن الغندجاني ، وأبي منصور عبد الملك بن محمد بن خالويه الطيبي ، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب وغيرهم ، وأخذ له أخوه إجازة من أبي القاسم بن الحصين وأبي غالب ابن البناء ، وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وقدم بغداد مرات وروى بها شيئا يسيرا ، ولم يتفق لي لقاؤه ولي منه إجازة كتبها إليّ من واسط.

أنشدني عبد الله بن محمد بن سعيد الحافظ قال : أنشدني أبو نعيم عمران بن منصور الباقلاني ببغداد على شاطئ دجلة قال : أنشدني أبو الفرج العلاء بن علي بن السوادي الواسطي لنفسه :

أدور مع الزمان كما يدور

وأصبر والشجاع هو الصبور

وألقاه بصدر ذي اتساع

إذا جرحت بلقياه الصدور

وأبصر ما يحدده بعيني

وما عندي سوى صدق الأمير

سمعت أبا عبد الله الحافظ يقول : سألت أبا نعيم بن الباقلاني ، عن مولده ، فقال : في شعبان سنة عشرين وخمسمائة ، ثم سأله غيري فقال : في سنة إحدى وعشرين.

وتوفي بواسط في سنة إحدى وستمائة فيما بلغنا.

١٠٨٥ ـ عمران بن موسى بن إبراهيم البغدادي :

ذكره أبو إسحاق المستملي البلخي في كتاب «طبقات البلخيين» من جمعه ، وروى عنه أن إبراهيم بن الهيثم الكندي نزيل بغداد.

قرأت على ست الشرف بنت شعبان بن إبراهيم بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة بأصبهان ، عن أبي نصر محمد بن أبي الرجاء الصائغ ، أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن مندة قراءة عليه ، أنبأنا أبو الفضل عبد الصمد بن

__________________

(١) انظر الحديث في : كنز العمال ٧ / ٣٣٩.

٢٢٠