تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٩

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٩

المؤلف:

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٤

وفي هذه السنة بايع أهل بغداد إبراهيم بن المهدي بالخلافة وخلعوا المأمون.

قلت : ولم يثبت عندي دخول علي بن موسى إلى بغداد لأن أحمد بن أبي طاهر قال في كتاب بغداد : إن المأمون كتب إلى علي بن موسى مع رجاء بن أبي الضحاك فقدم به على طريق البصرة ثم خرج من البصرة فأخذ على الأهواز ثم أخذ على جبال أصبهان ومضى إلى خراسان.

أنبأنا عبد الوهاب بن علي قال : كتب إلى أبو الغنائم حمزة (١) بن هبة الله بن محمد العلوي ، أنبأنا الحاكم بن عبد الرحمن الشاذياخي قراءة عليه ، أنبأنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال : علي بن موسى بن جعفر الرضا ورد نيسابور سنة مائتين ، بعث أمير المؤمنين المأمون رجاء بن [أبي] (٢) الضحاك لإشخاصه من المدينة إلى البصرة ، ثم أمر بحمله منها إلى الأهواز ثم إلى فارس ، ثم إلى نيسابور على طريق بست ، وأمره أن لا يسلك به طريق الجبال ، فلما وافى الرضا نيسابور وأقام بها مدة والمأمون بمرو إلى أن أمر بإخراجه إليه ، ثم كان بعد ذلك ما كان ، فعلى هذا أن يدخل بغداد (٣).

وإنما ذكرناه في هذا الكتاب لحكاية أخبرناها القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد الواسطي ، أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي ، حدّثنا محمد بن عبد الله بن محمد الشيباني ، حدّثنا عبد الله ابن محمد بن عجلان اليماني العابد بالدالية قال : سمعت ابن علي بن موسى (٤) الرضا بسر من رأى يقول : الغوغاء قتلة الأنبياء (٥) والعامة اسم مشتق (٦) من العمى ما رضي الله لهم أن شبههم بالأنعام حتى قال (بل هم أضل).

وفي هذه الحكاية نظر من وجوه أحدها أن اليماني مجهول لا يعرف ، والراوي عنه فهو أبو الفضل الشيباني وهو ذاهب الحديث مشهور بالكذب والوضع ، ويبعد أن يروي عن واحد عن علي بن موسى الرضا ـ فالله أعلم.

__________________

(١) سيأتي أنه : «هبة الله بن حمزة».

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٣) هناك سقط من العبارة.

(٤) في الأصل : «ابن عبد الله بن موسى».

(٥) في الأصل : «فبله الأنبياء».

(٦) في الأصل : «مشق»

١٤١

وقوله «بسامراء» وإنما بنيت بعد علي بن موسى بزمان لأن عليّا مات سنة ثلاث ومائتين وبنى المعتصم سامراء سنة إحدى وعشرين ومائتين ، فإن المعتصم كان قد جددها ، وقد كانت قبل ذلك مدينة قديمة ، ويكون الرضا قد اجتاز بها قبل طلب المأمون له ، وأظنه بعيدا والذي يغلب على ظني أن الذي سمع منه اليماني بسامراء هو محمد بن علي بن موسى الملقب بالجواد ، فإنه كان بسامراء ، ومات ببغداد ودفن بمقابر قريش ـ فالله أعلم.

والذي دعانا إلى ذكر علي بن موسى في هذا الكتاب مع ضعف هذه الحكاية الخوف من أن يراها بعض العلماء فيقول هذا الرضا قد دخل سامراء ولم يذكره الخطيب ولا من ذيل عليه ، ويظن أننا جهلنا هذه الحكاية ولم تمر بنا فأوردناها وبينا عليها وأزلنا ظن من توهم أنها لم تبلغنا.

قال ابن جرير في تاريخه : فلما دخلت سنة ثلاث ومائتين شخص المأمون إلى طوس، وأقام بها عند قبر أبيه أياما ، ثم إن علي بن موسى أكل عنبا فأكثر منه فمات فجأة في آخر صفر ، فدفن عند قبر الرشيد ، وصلى عليه المأمون ، ودخل عليه بموته غم كثير.

أنبأنا عبد الوهاب الأمين قال : كتب إلى هبة الله بن حمزة العلوي ، أنبأنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي قراءة عليه قال : سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول : استشهد علي بن موسى الرضا بسناباذ من طوس لتسع بقين من شهر رمضان ليلة الجمعة من سنة ثلاث ومائتين وهو ابن تسع وأربعين سنة وستة أشهر منها مع أبيه موسى تسعا وعشرين سنة وشهرين وبعد أبيه عشرين سنة وأربعة أشهر ، وذكر غير ابن جرير أن الرضا خلف من الولد محمدا والحسن وجعفرا وإبراهيم والحسين وعائشة.

٩٧٠ ـ علي بن موسى بن حمزة البزيغي (١) :

حدث ببغداد عن إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي ، روى عنه [أبو] (٢) حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي في «كتاب الضعفاء» من جمعه.

أخبرنا يوسف بن المبارك بن كامل الشافعي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن عبد الملك

__________________

(١) في الأصل : «الربعي».

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٤٢

ابن الحسن بن خيرون قراءة عليه ، عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري : أن أبا الحسن علي بن عمر الدار قطني أخبره قال : كتب إلى أبو حاتم محمد بن حبان البستي ، أنبأنا علي بن موسى بن حمزة البزيغي ببغداد ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي ، حدّثنا حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من شرب مسكرا نجس ونجست صلاته أربعين صباحا ، فإن مات فيهن مات كافرا ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد كان حقا على الله عزوجل أن يسقيه من طينة الخبال» ، قيل : يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال : «ماء يسيل من صديد أهل النار».

٩٧١ ـ علي بن موسى بن محمد السّكّري ، أبو سعد :

من أهل نيسابور ، كان من وجوه الفقهاء ، وحفاظ الحديث ، سمع الكثير من أصحاب الأصم ، وجمع وخرج وانتخب على المشايخ وكتب كثيرا ، سمع جده الإمام أبا القاسم هبة الله بن عمر بن محمد السّكّري المزكي ، وأبا بكر أحمد بن الحسن الحيري ، وأبا سعيد محمد بن موسى الصّيرفيّ ، وأبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد ابن يحيى المزكي ، وأبا علي الحسين بن محمد بن الحسين بن محمد السختياني ، وأبا إبراهيم إسماعيل النصرآباذي ، وأبا بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد الفارسي ، وأبا نصر محمد بن محمد بن عبد الله بن زكريا الجوزقي ، وأبا سعد عبد الرحمن بن حمدان النضروي ، وعبد الرحمن بن الحسن بن عليك ، وعبد الرحمن بن الحسن بن علي الحافظ ، وأبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد الأرموي ، وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج ، وأبا حسان محمد بن أحمد بن جعفر المزكي ، وأبا عبد الرحمن محمد بن عبد العزيز ، وأبا الحسن علي بن إسحاق بن محمد بن الحسين الحيري ، وأبا الحسن عبد الملك بن الحسين بن خزيمة ، وأبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الأصبهاني ، وأبا عبد الله أحمد بن علي بن سعدويه النسوي ، وأبا بكر أحمد بن علي ابن منجويه الحافظ ، وأبا محمد عبد الملك بن محمد بن علي الكرابيسي ، وأبا الفضل علي بن الحسين الفلكي الحافظ ، وأبا الخير عبد الغافر بن محمد الفارسي ، وأبا حفص عمر بن أحمد بن مسرور ، وأبا عثمان سعيد بن محمد بن أحمد البحيري ، وأبا سعد محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي ، وخلقا كثيرا غيرهم ، قدم بغداد طالبا للحج في سنة أربع وستين وأربعمائة ، وحدث بها. سمع منه أبو عبد الله محمد بن أبي نصر

١٤٣

الحميدي ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن الخاضبة ، وأبو غالب شجاع بن فارس الذهلي. وروى عنه : أبو البركات ابن السقطي ، وأحمد بن الحسن بن طاهر الفتح. وحج وعاد فأدركه أجله بنواحي البصرة.

أنبأنا يوسف بن المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف قال : حدّثنا والدي من لفظه أنبأنا أحمد بن الحسن بن طاهر الفتح ، أنبأنا علي بن محمد السّكّري قدم علينا حاجّا في شهر رمضان سنة أربع وستين وأربعمائة ، ومات في حجته ، حدّثنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث ، حدّثنا أبو محمد بن حيان ، حدّثنا أحمد بن محمد أبو العباس الجمال (١) ، حدّثنا إسماعيل بن يزيد ، حدّثنا إبراهيم بن الأشعث ، حدّثنا عبد الرحيم بن زيد العمي ، حدثني أبي عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول صبيحة الفطر : «أن مناديا ينادي : اغدوا إلى باب رب كريم جزيل العطاء ، والملائكة يقولون : إن الله تبارك وتعالى أمركم بصيام هذا الشهر فصمتم وأطعتموه (٢) فيما أمركم فهلموا إلى جوائزكم ، فإذا فرغوا من صلاتهم نادى مناد : أن ارجعوا إلى منازلكم فقد غفرت لكم» (٣).

أنبأنا محمد بن المبارك البيع ، عن وجيه بن هبة الله بن المبارك السقطي قال : حدّثنا أبي في كتاب «معجم شيوخه» قال : علي بن موسى بن محمد أبو سعد الحافظ النيسابوري ، قدم علينا حاجّا ، وكان حفظة لأخبار الرواة ومتون الأحاديث ، له تاريخ وتراجم ومسانيد ومعاجم وكلام على الحديث مفيد ، وقد خرج على الصحيحين كتابا وجموعه تدل على فضل وافر ، وكان مكثرا فاضلا نبيلا حجة معربا فصيحا ، أدرك الحفاظ بخراسان ، ذكر محمد بن باشاد البصري أنه سأل علي بن موسى السّكّري عن مولده فقال : في يوم الجمعة الحادي عشر من شوال سنة تسع وأربعمائة.

قرأت في كتاب ناصر بن محمد بن علي بخطه قال : أخبرت أن شيخنا علي بن موسى السّكّري النيسابوري مات بعد رجوعه من الحج بين (٤) المدينة والبصرة بالرمل في صفر سنة خمس وستين وأربعمائة.

٩٧٢ ـ علي بن موسى الحداد :

__________________

(١) في الأصل : «الحمال».

(٢) في الأصل : «أصعمتموه».

(٣) انظر الحديث في : كنز العمال ٤ / ٣٠١.

(٤) في الأصل : «من».

١٤٤

روى عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري.

أنبأنا عبد الوهاب بن علي عن محمد بن عبد الباقي الأنصاري : أن إبراهيم بن عمر البرمكي أخبره عن عبد العزيز بن جعفر بن أحمد الفقيه ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمد ابن هارون الخلال قال : أخبرني الحسن بن أحمد الوراق قال : حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقا ، وكان ابن حماد المقرئ يرشد إليه فأخبرني قال : كنت مع أحمد ابن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة ، فلما دفن الميت أجلس رجل ضرير يقرأ عند القبر ، فقال له أحمد : يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة ، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل : يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال : ثقة ، قال : كتبت عنه شيئا؟ قال : نعم ، قال : فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال : سمعت ابن عمر يوصي بذلك ، فقال له أحمد : فارجع فقل للرجل يقرأ.

٩٧٣ ـ علي بن موهوب بن جامع بن عبدون ، أبو الحسن البناء :

عم شيخنا محمد بن عبد الله بن البناء الصوفي الذي تقدم ذكره ، سمع أبا البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش الفارقي ، وحدث باليسير ، سمع منه شيخنا عبد الوهاب بن بزغش المقرئ ، وكتب عنه في سنة أربع وسبعين وخمسمائة.

٩٧٤ ـ علي بن مهدي ، أبو الحسن (١) الأصبهاني ، المعروف بالكسروي (٢) :

كان أديبا فاضلا شاعرا راوية للأخبار ، وكان عارفا بكتاب «العين» للخليل خاصة ، كان يؤدب هارون بن علي بن يحيى بن المنجم واتصل بعد ذلك ببدر المعتضدي ، وله مصنفات ، يروي عن أبيه عن الجاحظ و «ديك الجن» الشاعر واسمه عبد السلام بن رغبان الحمصي ، روى عنه علي بن يحيى بن المنجم ، وأبو علي الكوكبي.

قرأت على أبي القاسم سعيد بن محمد الموصلي ، عن أبي العز أحمد بن عبيد الله العكبري ، أنبأنا القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء قراءة عليه ، أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد الشاهد ، حدّثنا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدثني

__________________

(١) في الأصل : «أبو الحسين».

(٢) في الأصل : «بالكرولي».

١٤٥

علي بن مهدي الكسروي (١) ، حدثني أبي ، عن سلمة بن هرمزذان قال سمعت (٢) ابن المقفع كاتب الحكماء يقول : ليس للعاقل أن يجيب عما يسأل عنه غيره.

وبالإسناد قال : وأنبأنا علي بن مهدي الكسروي (٣) ، حدثني أبي قال : كانت الروم تقول : نحن لا نملك من يحتاج أن نشاوره ، قالت الفرس : نحن لا نملك من يستغنى عن المشورة.

قال قال علي بن مهدي : مر طبيب بأبي الواسع (٤) المازني ، فشكى إليه ريحا في بطنه فقال له خذ الصعتر (٥) ، فقال : يا غلام دواة وقرطاس ، قال : قلت ما ذا؟ أصلحك الله ؛ قال : كف صعتر ومكوك شعير ، قال : لم تذكر الشعير أولا؟ قال : ولا علمت أنك حمار أيضا إلى الساعة.

أنبأنا ذاكر بن كامل الحذاء ، عن ثعلب بن جعفر السراج : أن أبا محمد بالجوهري أخبره ، عن المعافى بن زكريا النهرواني ، حدّثنا أبو علي الكوكبي ، حدّثنا أبو الحسن علي بن مهدي الكسروي (٦) ، عن أبيه قال : قال حكيم الفرس لابنه : يا بني! إذا طلبك صاحب أشقر فعليك بالجرن ، فإن الأشقر دقيق الحافر ، وإن طلبك صاحب أدهم فعليك بالوحل فإن الأدهم رديء القوائم ، وإن طلبك صاحب كميت فعليك بالجدد ، وحقيق ألا ينجو.

قال : وحدثني علي بن مهدي ، عن أبيه قال : كانوا يقولون : اعتفر من الدابة كل شيء إلا البلادة والغلظ ، فإن راكبهما مركوب.

قال : حدثني علي بن مهدي ، عن أبيه قال : قال بعض الحكماء لرابض له : ما تقول في هذا البرذون؟ قال : من أفره الدواب إلا أنه يجذب لجامه ، فقال : لا خير فيه إنما أركب لأودع بدني وما أبالي أيدي أعيت أم رجلي.

قرأت على أبي الكرم العباسي ، عن أبي بكر الحنبلي ، أنبأنا أبو منصور النديم إذنا ، عن أبي عبيد الله المرزباني قال : حدثني يحيى بن الحسين ، عن علي بن مهدي

__________________

(١) في الأصل : «الكردي».

(٢) في الأصل : «قال : قال ابن المقفع».

(٣) في الأصل : «الكرولي».

(٤) في الأصل : «من طبيب يأتي».

(٥) في الأصل : «الصغير» في الموضعين.

(٦) في الأصل : «الكرولي».

١٤٦

الكسروي ، عن الجاحظ قال : قال لي ثمامة : كنت في مجلس المأمون إذ دخل أبو العتاهية فأنشد شعرا استحسنه المأمون ، ثم قال بعقب شعره : يعرض لي يا أمير المؤمنين ما في الأرض قوم أشقى من القدرية ولا أضعف حجة ، فقال له المأمون : أنت رجل شاعر وأنت بالشعر أبصر منك بالكلام ، فقال : لو جمع أمير المؤمنين بيني وبين واحد منهم لعرف موضعي ، فقال له المأمون : فهذا ثمامة فناظره! فنظر إليّ أبو العتاهية وتبسم كالمستهزئ فاغتظت عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين! أقطعه في أول كلمة ، قال : شأنك! فنظر يده فحركها ثم قال : من حرك يدي؟ قلت : من أمه فاعلة ، فقال : زنا بي (١) أمير المؤمنين ، قلت : ناقضت يا ماص بظر أمه ، فضحك المأمون ضحكا ما رأيته ضحك مثله قط ، فقلت له : ويلك إن كان المحرك ليدك غيرك فلم أزنك وإن كنت أنت المحرك لها فأنت على قولي ، فأفحم ، فلما كان بعد أيام لقيني فقال : يا أبا معن! ما كانت لك في الحجة مندوحة عن السفه ، فقلت له : إن خير الكلام ما جمع الحجة والانتقام.

قرأت على محمد بن عبد الواحد بن أحمد ، عن محمد بن عبيد الله بن نصر ، أنبأنا محمد بن محمد بن أحمد الشاهد إذنا ، عن محمد بن عمران بن موسى قال : حدثني عبد الله بن يحيى السّكّري ، أخبرني أحمد بن سعيد الدمشقي قال : كتب عبد الله بن المعتز إلى علي بن مهدي :

أبا حسن أنت ابن مهدي فارس

فرفقا بنا لست ابن مهدي هاشم

وأنت أخ في يوم لهو ولذة

ولست أخا عند الأمور العظائم

أجابه علي :

أيا سيدي [إن] (٢) ابن مهدي فارس

فداء ومن يهوى لمهدي بن هاشم

بلوت أخا في كل أمر تحبه

ولم تبله عند الأمور العظائم

وإنك لو نبهته لملمة

لأنساك صولات الأسود الضراغم

أنبأنا أبو القاسم المؤدب ، عن أبي غالب محمد بن الحسن الماوردي ، أنبأنا القاضي أبو العباس أحمد بن محمد الجرجاني ، أنشدنا الرئيس ما سرجس بن عيسى النصراني بالبصرة، أنشدني الكسروي الشاعر لنفسه :

__________________

(١) في الأصل : «ربالي».

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٤٧

قم سل قلبي بالمدام

ففيه هم قد أمضه

أوما ترى بدر السماء

كأنه تعويذ فضة

فإذا المحاق أذابه

فكأنه آثار عضه

قرأت في كتاب «الورقة» لأبي عبد الله محمد بن داود بن الجراح قال : علي بن مهدي الكسروي أبو الحسن الأديب مجيد راوية شاعر من قوله :

ولما أبى أن يستقيم وصلته

على حالتيه مكرهاً غير طائع

حذارا عليه أن يميل بوده

فأبلى بقلب ليس عنه بنازع

فأصبح كالظمآن بهريق ماءه

لضوء سراب في المهامة لامع

فلا الماء أبقى للحياة ولا أتى

على منهل يجدي عليه بنافع

ذكر عبد الله بن أحمد بن أبي طاهر : أن علي بن مهدي الكسروي توفي في خلافة المعتضد.

٩٧٥ ـ علي بن ميمون بن محمد الدباس ، أبو الحسن الوزان :

والد أبي بكر محمد الذي قدمنا ذكره ، سمع أبا عمرو عثمان بن محمد بن يوسف ابن دوست العلاف ، وحدث باليسير ، سمع منه ابنه محمد والحسين بن إبراهيم الدينوري وأبو البركات محمد بن سعد الغسال ، وروى عنه ثابت بن منصور الكيلي ، وأبو بكر الأشقر الأصبهاني.

كتب إليّ أبو زرعة عبيد الله بن أبي بكر محمد بن أبي نصر اللفتواني ، أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عمر الأشقر قراءة عليه وأنا حاضر في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ، أنبأنا [أبو] (١) الحسن علي بن ميمون بن محمد الدباس قراءة عليه ببغداد بدار الخلافة المحروسة في ذي القعدة سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة قال : قرئ على أبي محمد عبد الله بن إسحاق الخراساني وأنا أسمع ، حدّثنا أحمد بن الخليل (٢) بن ثابت البرجلاني (٣) ، حدّثنا محمد بن عمر الواقدي ، حدّثنا محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري ، عن أبيه ، عن حنظلة بن علي الأسلمي ، عن رافع بن خديج قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أحصوا عدة شعبان لرمضان ولا تقدموا الشهر بصوم ، فإذا رأيتموه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) في الأصل : «الجليل».

(٣) في الأصل : «المبرحلاني».

١٤٨

فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما ثم أفطروا ، فإن الشهر هكذا وهكذا» ـ وخنس (١) إبهامه (٢).

قرأت بخط أبي الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين قال : سألته ـ يعني أبا الحسن بن ميمون الدباس ـ عن مولده ، فقال : في سنة تسع وأربعمائة.

قرأت في كتاب أبي غالب شجاع بن فارس الذهلي قال : مات أبو الحسن علي بن ميمون الوزان في يوم الأحد ثامن عشر المحرم سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.

٩٧٦ ـ علي بن ثابت بن طالب ، أبو الحسن الواعظ ، المعروف بابن الطالباني:

من ساكني باب الأزج ، تفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، وسمع الحديث من أبي المعالي صالح بن المبارك بن الرخلة (٣) ، وأبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف ، وشهدة بنت أحمد الأبري ، وسافر إلى الموصل ، وسمع بها : أبا الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي ، وغيره ، ودخل الشام وحدث بها وبلاد الجزيرة ، وأقام بها متنقلا فيها إلى أن سكن برأس العين إلى حين وفاته ، لم يتفق لي لقاؤه وقد أجاز لي جميع مروياته على يد بعض رفقائنا.

أخبرنا علي بن ثابت في كتابه إليّ ، وصفية بنت إبراهيم بن محمود الحراني بقراءتي عليها قالا : أنبأنا صالح بن المبارك قراءة عليه ، أنبأنا الحسين بن أحمد النعالي ، أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن مهدي ، حدّثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، حدّثنا يوسف بن موسى ، حدّثنا وكيع ، حدّثنا إسرائيل ، عن سماك بن حرب ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه قال : أصبت سيفا يوم بدر فأعجبني فقلت : يا رسول الله هبه لي! فأنزل الله عزوجل (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) [الأنفال : ١] (٤).

بلغنا أن علي بن الطالباني مات برأس العين في شعبان سنة ثمان عشرة وستمائة.

٩٧٧ ـ علي بن ناصر بن علي ، أبو الحسن الدهستاني :

ذكره أبو طاهر السلفي في «معجم شيوخه» وقال : كان من الكتاب المتعلقين

__________________

(١) في الأصل : «وحبس».

(٢) انظر الحديث في : سنن أبي داود ١ / ٣٢٤ ، ٣٢٥.

(٣) في الأصل : «الرحلة».

(٤) انظر الخبر في : الدر المنثور للسيوطي ٣ / ١٥٨.

١٤٩

بالوزراء والعمداء القدماء ، وكانت له مروءة ظاهرة وأخلاق طاهرة ، وختم له بخير في آخر عمره ، وانقطع في الرباط ، وصحبة المتصوفة والمواظبة على الصلوات الخمس في أوقاتها ، وذكر لي أن مولده بجرجان سنة أربعين وأربعمائة وأنه نشأ بدهستان.

قرأت على أبي الحسن بن المقدسي بمصر ، عن أبي طاهر السلفي ونقلته من خطه قال : سمعت علي بن ناصر بن علي الدهستاني ببغداد يقول : كنت كثير الاختلاف إلى أبي بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن النحوي بجرجان ولم أر أورع ولا أقنع منه ، فدخل لص منزله وهو في الصّلاة فأخذ ما وجد وهو ينظر ولا يقطع صلاته ـ رحمه‌الله.

٩٧٨ ـ علي بن ناصر بن محمد بن الحسن بن أحمد بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب ، أبو الفضل العلوي المحمدي ، نقيب مشهد باب التبن :

هكذا رأيت نسبه بخط محمد بن علي بن فولاد الطبري ، وهكذا ذكره السلفي في «معجم شيوخه» ، كان يسكن بالكرخ ، وله معرفة بالأنساب ، سمع أبا محمد الحسن بن علي الجوهري ، وحدث باليسير ، روى عنه أبو المعمر الأنصاري ، وأبو طالب بن خضير ، وأبو طاهر السلفي.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الفيروزآبادي بمصر ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن السلفي ، أنبأنا أبو الفضل علي بن الناصر بن محمد بن الحسن المحمدي ببغداد ، أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ، حدّثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز (١) ، حدّثنا دعلج بن أحمد بن دعلج السجزي ، حدّثنا موسى بن هارون ، حدّثنا بندار ، حدّثنا سلم بن قتيبة ، حدّثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن الشعبي ، عن عروة بن المغيرة ابن (٢) شعبة عن أبيه قال : كنت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بعض أسفاره فدعا بوضوء فتوضأ ، فغسل وجهه فذهب يغسل يديه فضاق كم الجبة ، فأخرج يديه من تحت الجبة فغسل يديه وتوضأ ، فأهويت بيدي إلى الخفين فقال : يا مغيرة أثر الخفين مقرهما ، فقال المغيرة : اشهد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذلك ، وقال عروة : أشهد على المغيرة بذلك ، وقال الشعبي : اشهد على عروة بذلك ، وقال يونس : أشهد على الشعبي بذلك وقال سلم قلت ليونس : أشهد عليك بذلك؟ قال : نعم ، قال بندار : اشهدوا عليّ بذلك؟ قال :

__________________

(١) في الأصل : «الجزار».

(٢) في الأصل : «عن عروة بن المغيرة عن شعبة»

١٥٠

نعم ، قال موسى : أشهدوا عليّ بذلك ، وقال لنا دعلج : واشهدوا عليّ بذلك ، وقال لنا الشريف المحمدي أشهدوا علي بذلك ، وقال لنا الفيروزآبادي اشهدوا عليّ بذلك.

قرأت بخط محمد بن ناصر اليزدي قال : سألت المحمدي فقال : ولدت سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.

قرأت بخط أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال : توفى الشريف أبو الفضل المحمدي في يوم الخميس ثالث شوال سنة خمس عشرة وخمسمائة ودفن يوم الجمعة بمقابر قريش ـ بعد أن صلى عليه ـ باب دار الطاهر بنهر البزازين (١) وحضرت ذلك ومضيت معه إلى قبره.

٩٧٩ ـ علي بن ناصر بن مكي ، أبو الحسن المدائني :

من ساكني باب الأزج ، وهو أخو نصر بن ناصر ، وكان الأكبر ، كان أديبا فاضلا شاعرا ، سافر إلى الموصل ، ومضى (٢) إلى مكة ، ودخل ديار مصر ، وكان يمدح الناس ويجتدى (٣).

ذكر لي أبو الحسن بن القطيعي أنه لقيه بالموصل في سنة أربع وتسعين وخمسمائة.

أنشدني أبو الحسن [بن] (٤) القطيعي قال : أنشدني علي بن ناصر المدائني لنفسه بالموصل :

أعهد الهوى إني لذكراك واصل

وطيف الكرى إني لمسراك راقب

وعهد التداني هل إلى أربع الحمى

معاد وهل يقضي بهن المآرب

فمنذ سرى الركب العراقي لم يزل

تسامر قلبي بالبكاء النواعب

ومذ حبس الحادي المطي عن النقا

وحبت إلى الوفد القلاص النجائب

أراق دمي للبين دمع أرقته

غداة اعتنقنا للفراق الحبائب

وأصمي فؤادي سهم لحظ رمت به

وقد ودعتني بالسلام الحواجب

بنفسي فتاة أيقظ الصبح طرفها

وقد كحلته بالظلام الغياهب

__________________

(١) في الأصل : بدون نقط.

(٢) في الأصل : «ومكي».

(٣) في الأصل : «يحدى».

(٤) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٥١

وقامت لفرط الدك تسلى مريبه

وقد ذعرتها بالرغاء الركائب

رنت فرنا الريم الحجازي كل وهبت

له ماها الصبا والحبائب

وماست فماس البان زهوا فغردت

شجو فغناها الحمام المجاوب

وسايلت الأتراب ولهى ورددت

تنفسها حتى اهتززن الترائب

وقالت وقد هاج الهوى ما تخبه

وقد رمقتها بالملام العوائب

أذاك الفتى المري عفر شمله

واعفينه شط المزار النوائب

فقلن لها بل فوض البين ربعه

وسرت به تلو الركاب الحقائب

وأقفر منه الواديان وأوحشت

بمسراه من بطن العقيق الجوائب

فأقطر منها الطرف دمعا كأنه

لآلئ فضتها الأكف الخواضب

وكلل منها المقلتين فحدقت

كما حدقت بالفرقدين الكواكب

وترجسها فرط التألف والأسى

وورد خديها الحياء المغالب

٩٨٠ ـ علي بن ناعم بن سهل بن عبد الله المقرئ المستعمل ، أبو الحسن البزاز الحنبلي :

من أهل باب الطاق ، سمع أبا الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث التميمي، وأبا الفرج أحمد بن محمد بن المسلمة ، وأبا الفتح (١) محمد بن أحمد بن أبي الفوارس ، وأبا الحسين علي ، وأبا القاسم عبد الملك ابني (٢) محمد بن عبد الله بن بشران ، وأبا الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي ، وغيرهم ، روى عنه : محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وإسماعيل بن أحمد بن السّمرقندي ، وعلي بن هبة الله بن عبد السلام ، وكان شيخا صالحا ورعا متدينا.

أخبرنا أبو علي ضياء بن أحمد بن أبي علي السقلاطوني ، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، أنبأنا أبو الحسن علي بن ناعم بن علي بن سهل ، حدّثنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران إملاء ، أنبأنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله ابن زيا ، حدّثنا محمد بن بشر المرثدي ، حدّثنا خالد بن خداش ، حدّثنا زائدة ، عن أبي الزناد ، عن ثابت ، عن أنس رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعظم كبيرنا» (٣).

__________________

(١) في الأصل : «بن المسلمة بن أبا الفتح».

(٢) في الأصل : «بن محمد».

(٣) انظر الحديث في : الجامع الصغير للسيوطي ٢ / ١١٨.

١٥٢

قرأت بخط أبي علي محمد البرداني قال : مات أبو الحسن علي بن ناعم المقرئ في الرابع عشر من رجب سنة سبعين وأربعمائة ، ودفن يوم الخامس عشر بباب حرب ، سمعت منه شيئا يسيرا.

٩٨١ ـ علي بن نجاح بن مسعود بن عبد الله ، أبو الحسن اليوسفي :

أخو أبي شجاع محمد ، وأبي البركات يحيى ، سمع أبا العز أحمد بن عبيد الله بن كادش ، وحدث باليسير ، ذكر تميم بن أحمد بن البندنيجي ، ونقلته من خطه أنه مات ليلة الجمعة الثالث والعشرين من شهر جمادى الآخر من سنة سبع وسبعين وخمسمائة.

٩٨٢ ـ علي بن نجيح الباهلي :

حدث عن : يحيى بن الفضل الخرقي صاحب القراءة ، روى عنه : محمد بن محمد بن الأزهر الجوزجاني.

أخبرنا محمد بن علي أبو الفرج ، أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد الأصبهاني ، أنبأنا أبو عمرو بن مندة ، وأبو سهل بن ولكيز ، وأخبرنا محمد بن محمد بن الزازاني بأصبهان ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن أبي نصر التاجر ، ويوسف بن أحمد بن ماهان قالا : أنبأنا أبو منصور شجاع ، وأبو زيد أحمد ابنا علي بن شجاع المصقلي ، وأخبرنا أحمد بن سعيد الخرقي بأصبهان ، أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد ، الباغبان ، أنبأنا أبو عمرو بن مندة قالوا جميعا : أنبأنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة الحافظ ، أنبأنا محمد بن محمد بن الأزهر الجوزجاني ، حدّثنا علي بن نجيح الباهلي ببغداد ، حدّثنا يحيى بن الفضل الخرقي ، حدّثنا أبو عامر العقدي ، حدّثنا الأسود بن شيبان ، عن أبي نوفل بن أبي عقرب : أن هيفاء أرادت أن تدعى أبا بكرة فقال : أنا مروح مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٩٨٣ ـ علي بن نصر بن أحمد بن الحسين بن هارون بن مالك ، أبو الحسن ، الفقيه المالكي :

والد القاضي عبد الوهاب ، وأبي الحسن محمد ، من أهل الجانب الشرقي ، كان من أعيان الشهود المعدلين ببغداد.

أنبأنا عبد الوهاب بن علي الأمين ، عن محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال : كتب إليّ أبو غالب محمد بن أحمد بن بشران الواسطي قال : حدثني أبو الحسن علي بن محمد ابن نصر الكاتب قال : كنت عند قاضي القضاة أبي عبد الله الحسين بن ماكوله يوما

١٥٣

فحدثه أبو بكر محمد القاضي المعروف بابن الأخضر وهو جالس إلى جانبي قال :حدثني الشيخ أبو الحسن علي بن نصر الفقيه المالكي وكان ناهيك عدالة وثقة وضرب بيده على فخذي وقال : والده قال : زوجت أيام عضد الدولة ببعض غلمانه الأتراك من صبية في جوارنا ، وكان لها ولوالدتها أنس بدارنا وكانت من الموصوفات بالستر والعفاف ، ومضى على ذلك سنتان ، وحضر لي الغلام التركي وقال : يا سيدي هذه المرأة التي قد زوجتني بها قد ولدت لي ابنا ، وما أشكو شيئا من أمرها ولا أنكره غير أنها ما أرتني ولدي منذ ولدته ، وكلما طالبتها به دافعتني عنه ، وأريد أن تستدعيها (١) وتخاطبها على هذا ، قال : فاستدعيت والدتها فحضرت ، وخاطبتها من وراء الستر على ما قاله ، فأسرت إليّ وقالت : يا سيدي صدق فيما حكاه ، وإنما دفعناه عن هذا لأنا قد بلينا ببلية قبيحة ، وذاك أن زوجته ولدت منه ولدا أبلق من رأسه إلى سرته أبيض وبقيته إلى قدمه أسود في لون الحبش ؛ قال : وسمع التركي قولها أبلق فصاح «راست كفت (٢)» ثم قال بالعربية : ابني ابني ، وهكذا كان جدي بالترك وقد رضيت ، ففرحت المرأة بقوله وانصرفت وأظهرت له الولد.

ومثل هذه الحكاية حدّثنا شيخنا أبو بكر عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي وناهيك به ثقة ونبلا قال : كان عندنا بباب الأزج قوم قد زوجوا ابنة لهم بمملوك تركي من مماليك الخليفة ، وكان موصوفا بالغلظة والشدة ، فحملت منه ، فلما كان وقت الولادة أتت بغلام أسود وكان التركي أبيض ، وكذلك زوجته ، فخافوا منه فأهلكوا الغلام ودفنوه ، وأعلموا أباه أنها أتت بولد ميت ودفنوه ، ثم إنها حملت مرة ثانية وأتت بغلام أسود أيضا ففعلوا به كما فعلوا بأخيه ، ثم حملت مرة ثالثة وأتت به على الصفة ، ثم فعل به كما فعل بأخويه ، فلما حملت مرة رابعة ودنا (٣) وقت وضعها قعد التركي عندها وقال : لا بد من أن أنظر إلى ما تأتي به وإن كان ميتا ، فأتت بغلام على الصفة الأولى إخوته ، فلما رآه التركي بكا وقال : مرحبا بأبي إن أبي كان أسود مثل لونه وقبّله وفرح به ، وزال ما كان عند أمه وأهلها من الخوف وندموا على ما فعلوه في حق الثلاثة الماضين وكتموا ذلك عن أبيهم.

وقد وقع مثل هاتين الحكايتين في زمن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأخرجه البخاري في «الصحيح».

__________________

(١) في الأصل : «تستديعها».

(٢) كلمة فارسية معناها : «قالت صحيحا».

(٣) في الأصل : «ودنت».

١٥٤

وهو ما : أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي أبو الحسن بنيسابور ، أنبأنا أبو المعالي الفارسي ، أنبأنا سعيد بن أحمد بن عثمان ، أنبأنا أبو علي الشنوي ، وأنبأنا المؤيد ، أنبأنا عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي ، ووجيه بن طاهر أبو بكر الشحامي قالا : أنبأنا أبو سهل الحفصي ، أنبأنا أبو الهيثم محمد بن مكي الكشميهني ، وأخبرنا أبو روح عبد المعز ابن محمد الصوفي بهراة ، أخبرنا خلف بن عطاء الماوردي ، أخبرنا أبو عمر عبد الواحد ابن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو حامد النعيمي ، وأنبأنا أبو محمد بن الأخضر وغيره ببغداد ، والسيد أبو بكر محمد بن إسماعيل العلوي بهراة قالوا : أنبأنا عبد الأول ابن عيسى ، أنبأنا أبو الحسن الداودي ، أنبأنا أبو محمد السرخسي قالوا جميعا : حدّثنا محمد ابن يوسف الفربري ، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، حدّثنا يحيى بن قزعة ، حدّثنا مالك عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة : أن رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله! ولد لي غلام أسود ، فقال : «هل لك من إبل؟» قال : نعم ، قال : «ما ألوانها؟» قال : حمر ، قال : «هل فيها من أورق؟» قال : نعم ، قال : فأنى ذلك؟ قال : لعل نزعة (١) عرق ، قال : «فلعل ابنك هذا نزعة» (٢).

ذكر هلال بن المحسن الكاتب ونقلته من خطه : أن علي بن نصر الفقيه المالكي مات في يوم السبت الثاني من شهر رمضان سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.

٩٨٤ ـ علي بن أبي نصر بن الحبيق ، أبو الحسن :

من أهل الحربية ، سمع أبا العباس أحمد بن أبي غالب بن الطلاية الزاهد ، وحدث باليسير ، كتبنا عنه ، وكان شيخا صالحا حسن الأخلاق ساكنا.

أخبرنا علي بن أبي نصر بن أحمد قراءة عليه ، أنبأنا أحمد بن أبي غالب الزاهد ، أنبأنا عبد العزيز بن علي الأنماطي ، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن المخلص ، حدّثنا يحيى ابن محمد بن صاعد ، حدّثنا محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي بالبصرة ، حدّثنا أمية بن خالد ، حدّثنا شعبة ، عن بسطام بن مسلم ، عن عبد الله بن خليفة العنبري ، عن عائذ بن (٣) عمرو المزني : أن رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأعطاه ، فلما وضع رجله على أسكفة الباب قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئا» (٤).

__________________

(١) في الأصل : «قال لعلي نزعة».

(٢) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٢ / ٧٩٩.

(٣) في الأصل : «عائذ أبي عمرو».

(٤) انظر الحديث في : سنن النسائي ٤١٣.

١٥٥

توفي علي بن أبي نصر الحربي (١) في شوال سنة أربع وستمائة ، ودفن بباب حرب وقد جاوز السبعين.

٩٨٥ ـ علي بن أبي نصر بن الحسن ، أبو الحسن الفتوتي :

من أهل باب البصرة ، سمع أبا الحسن علي بن أحمد بن الدهان المرتب ، وحدث باليسير ، سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي ، وشيخنا عمر بن أحمد ابن بكرون الشاهد.

٩٨٦ ـ علي بن نصر بن حمزة بن علي بن النضر بن عبيد الله التيمي ، أبو الفرج بن أبي طالب بن أبي القنابل المارستاني :

والد عبيد الله الذي قدمنا ذكره ، هكذا رأيت نسبه بخط ولده ، وقد روى عنه حديثا زعم أنه سمعه من أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، ورأيت عامة مشايخنا يبطلون ذلك من سماعه ونسبه ويذكرون أنه ابنه اختلق له نسبا وسماعا ولم يكن له معرفة بشيء من ذلك ، وكان عاميا يخدم المرضي في المارستان. ذكر عبيد الله بن علي ونقلته من خطه أنه أباه مات في ليلة الاثنين مستهل شهر رمضان سنة ست وسبعين وخمسمائة ، ودفن من الغد بباب [....] (٢).

٩٨٧ ـ علي بن نصر بن سعد بن محمد ، أبو تراب الكاتب :

والد علي بن علي الذي تقدم ذكره ، ولد بعكبرا ونشأ بها ، ودخل بغداد في صباه وقرأ الأدب على أبي القاسم بن برهان النحوي ، ثم انحدر إلى البصرة وصار كاتبا لنقيب الطالبيين بها ، وأقام هناك مدة ، ثم عاد إلى بغداد في سنة تسعين وأربعمائة ونزل بالكرخ ، وولي الكتابة لنقيب الطالبيين إلى حين وفاته ، وكان كاتبا حاذقا أديبا شاعرا ، روى عنه ولده شيئا من شعره.

أخبرني شهاب الحاتمي بهراة ، أنشدنا أبو سعد ابن السمعاني قال : أنشدني علي بن سعد الكاتب قال : أنشد أبي لنفسه :

حالي بمحمد الله حال جيد

لكنه من كل حظ عاطل

ما قلت للأيام قول معاتب

والرزق يدفع راحتي ويماطل

__________________

(١) في الأصل : «الحرفي».

(٢) بياض من الأصل مكان النقط.

١٥٦

إلا وقالت لي مقالة واعظ

الرزق مقسوم وحرصك باطل

أخبرني الحاتمي قال : سمعت أبا سعد ابن السمعاني يقول : سمعت علي بن علي يقول: سألت علي بن نصر (١) بن سعد الكاتب عن مولده ، فقال : في محرم سنة ثمان وعشرين وأربعمائة وتوفى في العشرين من جمادى الآخرة سنة ثمان عشرة وخمسمائة ، ودفن بمشهد باب التبن.

٩٨٨ ـ علي بن نصر بن محمد ، أبو الحسن (٢) البغدادي :

روى عن طاهر بن الحسن حكاية ، وكان يقول الشعر ، روى عنه عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فضالة.

أنبأنا أبو القاسم المؤدب ، عن أبي القاسم بن الحصين قال : كتب إلى القاضي أبو عبد الله القضاعي ، حدّثنا أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الحافظ إملاء ، أنبأنا أبو علي عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فضالة النيسابوري بالري قال : سمعت أبا الحسين علي بن نصر بن محمد البغدادي بهمذان يقول : سمعت طاهر بن الحسن يقول : سمعت أبا الحبش الوراق يقول : قيل لرابعة العدوية : هل رقى (٣) لك إلى الله عزوجل عمل بلا رياء؟ قالت : لا ، ثم قالت : بلى علمي بتقصيري يرقى إلى الله عزوجل بلا رياء.

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمود الواعظ شفاها بهمدان : أن محمد بن ثابت أخبره ، عن أبي ثابت بحير (٤) بن منصور ، أنبأنا أبو محمد جعفر بن محمد بن الحسين الأبهري قال : أنشدني عبد الرحمن بن محمد النيسابوري بهمدان قال : أنشدني أبو الحسين علي ابن نصر البغدادي لنفسه :

لم أنله قبلته بالأماني

في منامي سرا من الهجران

واصل الحب بيننا بعد يأ

س فاجتمعنا ونحن مفترقان

٩٨٩ ـ علي بن نصر بن منصور بن الحسين بن العطار الحراني ، أبو الحسن التاجر :

__________________

(١) في الأصل : «على بن علي».

(٢) سيأتي أنه : «أبو الحسين» في السند التالي.

(٣) في الأصل : «هل وقي».

(٤) في الأصل بدون نقط.

١٥٧

من ساكني المقيدية ، وهو أخو عثمان المقدم ذكره ، ولد ببغداد ونشأ بها ، وكان يسافر في طلب الكسب إلى الشام وديار مصر ، وكان والده من أعيان التجار ووجوههم ، سمع الحديث في صباه من أبي القاسم نصر بن نصر بن علي العكبري ، وأبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي ، وأبي المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي ، وجماعة غيرهم ، كتبنا عنه ، وكان صحيح السماع.

أخبرنا علي بن نصر بن العطار ، أنبأنا أبو القاسم نصر بن نصر بن علي العكبري الواعظ قراءة عليه ، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري ، وأنبأنا أبو المظفر هبة الله بن أحمد بن محمد بن الشبلي قراءة عليه ، أنبأنا الشريف أبو نصر محمد ابن محمد بن علي الزينبي قالا : أنبأنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص ، حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، حدّثنا عبيد الله بن يوسف الجبيري بالبصرة قال : سمعت محمد بن كثير السلمي قال : سألت يونس بن عبيد عن رجل دخل عليه سارق مجرد ليس في يده سلاح فلقط من السطح أثوابا فثار به صاحب السطح فضربه بعصا فقتله ، فأراد القاتل الكفارة صوم شهرين ، أو عتق رقبة ، أو يتصدق بصدقة؟ فقال يونس : ما أرى له أن يتصدق بصدقة لقتله تلك النفس ولا يصوم يوما بقتله تلك النفس ، حدثني محمد بن سيرين ، عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الدار حرم فمن دخل عليك حرمك فاقتله» (١).

توفي علي بن العطار في ليلة الخميس ثالث عشر المحرم سنة أربع وستمائة ، ودفن من الغد بباب حرب ، وقد بلغ الستين أو جاوزها.

٩٩٠ ـ علي بن نصر بن هارون ، أبو الحسن الواعظ :

من أهل الحلة السيفية ، سكن بغداد ، وصحب الشيخ صدقة بن أحمد بن وزير الواعظ الواسطي ، وسمع معه الحديث من الشريف أبي المظفر محمد بن أحمد بن عبد العزيز الهاشمي ، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي ، وأبي القاسم محمود بن عبد الكريم بن علي بن فورجة الأصبهاني وغيرهم ، وقرأ القرآن بالروايات وجوده ، وقرأ الأدب على أبي محمد بن الخشاب وأبي البركات ، وأبي الحسن بن القصار حتى أتقنه ، وتكلم بالوعظ على المنابر ، وكان فاضلا ، حفظة ، حسن الأخلاق ، كتبنا عنه ، وكان يتشيع.

__________________

(١) انظر الحديث في : مسند الإمام أحمد ٥ / ٣٢٦.

١٥٨

أخبرنا علي بن نصر بن هارون الحلي ، أنبأنا أبو المظفر محمد بن أحمد الهاشمي ، أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي ، أنبأنا أبو بكر محمد بن عمر الوراق ، حدّثنا أبو بكر بن أبي داود ، حدّثنا محمد بن مصفا ، عن بقية بن الوليد ، حدّثنا الزبيدي ، عن الزهري ، عن عروة (١) عن عائشة رضي‌الله‌عنها : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا». فقالت عائشة : يا رسول الله وكيف بالعورات؟ قال : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (٢).

توفي علي بن نصر بن هارون في ليلة الاثنين الحادي عشر من شوال سنة خمس عشرة وستمائة ، وحمل من الغد إلى الكوفة فدفن بمشهد علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، وقد قارب الثمانين.

٩٩١ ـ علي بن نصر ، أبو الحسن الشوكي :

حدث عن : سليم بن منصور بن عمار الواعظ ، روى عنه : أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري.

أنبأنا عبد الوهاب الأمين ، عن محمد بن عبد الباقي الشاهد : أن الحسن بن علي الجوهري أخبره ، أنبأنا أبو عمر محمد بن العباس بن حبويه قراءة عليه ، حدّثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري ، حدّثنا أبو الحسن علي بن نصر الشوكي في مجلس الكريمي ، حدّثنا سليم بن منصور بن عمار ، حدّثنا أبي ، عن ابن لهيعة ، عن أبي قبيل (٣) قال : لما قتل الحسين بن علي عليهما‌السلام وحملوا رأسه جلسوا يشربون ويحيي بعضهم بعضا بالرأس ، فخرجت يد فكتبت بقلم حديد بدم على الحائط :

أترجو أمة قتلت حسيناً

شفاعة جده يوم الحساب؟

فتركوا الرأس وهربوا.

٩٩٢ ـ علي بن أبي نصر بن الهيتي ، أبو الحسن الزاهد :

كان يسكن بزريران (٤) قرية مغربية من بغداد عند المدائن ، وله بها رباط يقيم به ، وعنده جماعة من الفقراء والمنقطعين إلى الله عزوجل ، وكان يتكلم على الحاضر ،

__________________

(١) في الأصل : «عروبة».

(٢) انظر الحديث في : سنن الترمذي ٢ / ١٦٨.

(٣) في الأصل بدون نقط. وهو : حي بن هانئ البصري.

(٤) في الأصل : «بزربدان»

١٥٩

ويذكر له كرامات ، وكان له قبول عظيم من العوام ، ويقال إنه عاش حتى ناهز مائة سنة من عمره ، وذكر أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي في تاريخه : أن علي ابن الحسن الزاهد مات في يوم الجمعة الرابع عشر من جمادى الأولى سنة أربع وستين وخمسمائة ، ودفن يوم السبت بزريران على حادة الحاج (١) ، قال : كان شيخا صالحا.

٩٩٣ ـ علي بن النفيس بن نورندار بن الحسام ، أبو الحسن :

من أولاد الأتراك البغدادية ، كان من حجاب الديوان العزيز ، حفظ القرآن في صباه ، وتفقه على مذهب أحمد بن حنبل ، وصحب مكي بن أبي القاسم بن الغراد (٢) ، وسمع بافادته من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي ، وأبي محمد محمد بن عبد الكريم بن المادح ، وأبي القاسم محمود بن عبد الكريم بن علي بن فورجة الأصبهاني ومن جماعة غيرهم ، كتبنا عنه ، وكان متدينا صالحا منقطعا عن الناس ، كثير العبادة ، حسن الصمت.

أخبرنا علي بن النفيس بن نورندار قراءة عليه ، أنبأنا عبد الأول بن عيسى السجزي ، أنبأنا أبو عدنان القاسم بن علي بن محمد القرشي ، أنبأنا أبو بشر الحسن بن محمد بن أحمد بن محمد بن عمر القهندزي (٣) ، أخبرنا محمد بن جعفر ، حدّثنا محمد ابن أحمد بن أبي العوام ، حدّثنا أبي ، حدّثنا داود بن عطاء المديني ، حدّثني [عمر] (٤) بن صهبان ، حدّثني صفوان بن سليم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كل عين باكية [يوم القيامة] (٥) إلا عين غضب عن محارم الله وعين سهرت(٦) في سبيل الله ، وعين خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله» (٧).

سئل أبو الحسن بن نورندار عن مولده فقال : في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.

وتوفي ليلة الجمعة السابع والعشرين من ذي القعدة من سنة ثلاث وعشرين

__________________

(١) في الأصل : «حاده إلحاح».

(٢) في الأصل : «الغراه».

(٣) في الأصل بدون نقط.

(٤) ما بين المعقوفتين مطموس بالأصل.

(٥) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٦) في الأصل : «شهدت».

(٧) ـ انظر الحديث في : الجامع الصغير للسيوطي ٢ / ٨٠.

١٦٠