مسائل علي بن جعفر ومستدركاتها

مسائل علي بن جعفر ومستدركاتها

المؤلف:


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: المؤتمر العالمي للامام الرضا عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٧

قال : والله!

قال : فأمر له بمائة ألف درهم ، فلما قبضها ، وحمل الى منزله أخذته الذبحة في جوف ليلته ، فمات وحول ـ من الغد ـ المال الذي حمل إليه (١).

وهذا الحديث يدل على مدى قرب علي من أخيه الامام الكاظم عليه‌السلام وكونه الطريق إليه ، والواقف على اموره المالية ، بل والاجتماعية والسياسية.

ب ـ مع الإمام علي بن موسى ، الرضا عليه‌السلام :

وله موقف مشرف مع ابن أخيه ، الامام الرضا عليه‌السلام يدل على اعتقاده بإمامته ، بل يعتبر دفاعاً عن الإمامة ، في مواجهة تيار « الواقفة» الانحرافي ، وقد نقل ذلك في روايات عديدة ، منها :

١ ـ ما رواه الكشي ، عن محمد بن الحسن البراثي ، قال : حدثني أبو علي ، قال : حدثني محمد بن إسماعيل ، عن موسى بن القاسم البجلي ، عن علي بن جعفر عليه‌السلام ، قال :

جاء رجل إلى أخي عليه‌السلام ، فقال له : جعلت فداك من صاحب هذا الأمر؟

فقال : أما إنهم يفتنون بعد موتي ، فيقولون : « هو القائم » وما القائم إلا بعدي بسنين(٢).

٢ ـ وعن ابن فضال قال : سمعت علي بن جعفر ، يقول : كنت عند أخي ، موسى بن جعفر عليه‌السلام ، فكان ـ والله ـ حجة في الأرض بعد أبي ، إذ طلع ابنه علي عليه‌السلام ، فقال لي : ياعلي ، هذا صاحبك ، وهو مني بمنزلتي من أبي ، فثبتك

__________________

(١) رجال الكشي : ٢٦٣ـ ٢٦٥ رقم ٤٧٨ ، وقد روى هذه الرواية ـ أيضاً ـ الكليني في الكافي ١ / ٤٠٤ رقم ٨ ، والصدوق ـ مختصرا ـ في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ / ٧٢.

(٢) رجال الكشي : ٤٥٩ رقم ٨٧٠.

٢١

الله على دينه.

فبكيت ، وقلت في نفسي : نعى ـ والله ـ إلي نفسه.

فقال : ياعلي ، لابد من أن تمضي مقادير الله في ، ولي برسول الله اسوة ، وبأمير المؤمنين ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين عليهم‌السلام.

وكان هذا قبل أن يحمله هارون الرشيد ، في المرة الثانية بثلاثة أيام (١).

٣ ـ عن زكريا بن يحيى البصري ، قال : سمعت علي بن جعفر بن محمد عليه‌السلام ، يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ، فقال في حديثه :

لقد نصرالله أبا الحسن ، الرضا عليه‌السلام لما بغى عليه إخوته وعمومته(٢).

ج ـ مع الإمام الجواد محمد بن علي بن موسى عليه‌السلام :

وأشرف المواقف الدالة على اعتقاده الحق ، مواقفه مع ابن ابن أخيه ، الامام محمد الجواد عليه‌السلام.

فهي ـ مضافا إلى ذلك ـ تكشف عن صمود على الحق وتخطي كل الاعتبارات وتجاوز كل العقبات النفسية الصادة عنه.

كل ذلك يبدو جليا إذا عرفنا أنه أعلن عن إمامة الجواد عليه‌السلام ـ والامام لم يتجاوز عمر الفتيان ـ وهو شاب حدث ، أما علي فكان في عشر السبعين على أقل التقادير!

بل ورد في الحديث أنه أبدى إقراره بإمامة الجواد عليه‌السلام في عهد الرضا عليه‌السلام.

فعن زكريا بن يحيى البصري ، قال : سمعت علي بن جعفر بن محمد

__________________

(١) سفينة البحار ٢ / ٢٤٤.

(٢) سفينة البحار ٢ / ٢٤٤.

٢٢

عليه‌السلام يحدث ـ وذكر حديثاً ـ حتى انتهى إلى قوله : فقمت وقبضت على يد أبي جعفر ، محمد بن علي الرضا عليه‌السلام ، وقلت : أشهد أنك إمامي عند الله.

فبكى الرضا عليه‌السلام ، ثم قال : ياعم ، ألم تسمع أبي ، وهو يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « بأبي ابن خيرة الإماء ، النوبية ، الطيبة ، يكون من ولده الطريد الشريد الموتور بأبيه وجده ، وصاحب الغيبة ، فيقال : مات ، أو هلك ، أو أي وادٍ سلك »؟!

فقلت : صدقت ، جعلت فداك (١).

بل ، وتصدى عمليا لما يثير الانتباه ، ويلفت النظر إلى إمامة الجواد عليه‌السلام :

روى الكليني ، بسنده ، عن محمد بن الحسن بن عمار ، قال : كنت عند علي بن جعفر بن محمد ، جالساً ، بالمدينة ـ وكنت أقمت عنده سنتين ، اكتب عنه ماسمع من أخيه ، يعني أبا الحسن عليه‌السلام ـ إذ دخل عليه أبو جعفر ، محمد بن علي الرضا عليه‌السلام ، المسجد ـ مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فوثب علي ابن جعفر بلا حذاء ولارداء ، فقبل يده وعظمه.

فقال له أبوجعفر عليه‌السلام : ياعم ، اجلس ، رحمك الله.

فقال : ياسيدي ، كيف أجلس ، وأنت قائم؟!

فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبخونه ويقولون : أنت عم أبيه ، وأنت تفعل به هذا الفعل؟!

فقال : اسكتوا ، إذا كان الله عزوجل ـ وقبض على لحيته ـ لم يؤهل هذه الشيبة ، وأهل هذا الفتى ، ووضعه حيث وضعه ، انكر فضله؟!

نعوذ بالله مما تقولون!

بل أنا له عبد(٢).

__________________

(١) سفينة البحار ٢ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥.

(٢) الكافي ـ الأصول ـ ١ / ٢٥٨ باب ٧٢ رقم ١٢.

٢٣

وروى الكشي ، بسنده ، عن علي بن اسباط ، وغيره ، عن علي بن جعفر ابن محمد ، قال : قال لي رجل أحسبه من « الواقفة» : مافعل أخوك أبو الحسن؟

قلت : قد مات.

قال : وما يدريك بذاك؟

قلت : اقتسمت أمواله ، وانكحت نساؤه ، ونطق الناطق من بعده.

قال : ومن الناطق من بعده؟

قلت : ابنه علي.

قال : فما فعل؟

قلت له : مات.

قال : وما يدريك أنه مات؟

قلت : قسمت أمواله ، ونكحت نساؤه ، ونطق الناطق من بعده.

قال : ومن الناطق من بعده؟

قلت : أبو جعفر ، ابنه.

قال : فقال له : أنت في سنك وقدرك ، وابن جعفر بن محمد ، تقول هذا القول ، في هذا الغلام؟!

قال : قلت : ما أراك إلا شيطانا.

قال : ثم أخذ بلحيته ، فرفعها إلى السماء ، ثم قال : فما حيلتي ، إن كان الله رآه أهلا لهذا ، ولم ير هذه الشيبة لهذا أهلا!! (١).

وقال ابن عنبة : يروى أن أبا جعفر الأخير ـ وهو محمد بن علي بن موسى الكاظم عليه‌السلام ـ دخل على العريضي ، فقام له قائما وأجلسه في موضعه ، ولم يتكلم حتى قام ، فقال له أصحاب مجلسه : أتفعل هذا مع أبي جعفر ، وأنت عم أبيه؟!

__________________

(١) رجال الكشي : ٤٢٩ رقم ٨٠٣.

٢٤

فضرب بيده على لحيته ، وقال : إذا لم ير الله هذه الشيبة أهلا للامامة ، أراها أنا أهلا للنار(١)؟!

وروى الكشي ، بسنده ، عن أبي عبدالله ، الحسن بن موسى بن جعفر ، قال : كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام بالمدينة ، وعنده علي بن جعفر ، وأعرابي من أهل المدينة جالس.

فقال لي الأعرابي : من هذا الفتى؟ ـ وأشار بيده إلى أبي جعفر عليه‌السلام ـ.

قلت : هذا وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فقال : ياسبحان الله ، رسول الله قد مات منذ مائتي سنة ، وكذا وكذا سنة وهذا حدث ، كيف يكون؟!

قلت : هذا وصي علي بن موسى ، وعلي وصي موسى بن جعفر ، وموسى وصي جعفر بن محمد ، وجعفر وصي محمد بن علي ، ومحمد وصي علي بن الحسين ، وعلي وصي الحسين ، والحسين وصي الحسن ، والحسن وصي علي بن أبي طالب ، وعلي وصي رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.

قال : ودنا الطبيب ، ليقطع له العرق ، فقام علي بن جعفر ، فقال : يا سيدي ، يبدؤني لتكون حدة الحديد بي قبلك.

قال : قلت : يهنئك ، هذا عم أبيه.

قال : فقطع له العرق ، ثم أراد أبو جعفر عليه‌السلام النهوض ، فقام علي بن جعفر عليهما‌السلام ، فسوى له نعليه حتى لبسهما (٢).

__________________

(١) عمدة الطالب : ٢٤١.

(٢) رجال الكشي : ٤٢٩ ـ ٤٣٠ رقم ٨٠٤.

٢٥

٣ ـ خروجه وهجراته

قال ابن عنبة : خرج مع أخيه ، محمد بن جعفر ، بمكة ، ثم رجع عن ذلك(١).

وكان خروج محمد بن جعفر في سنة ٢٠٣ للهجرة لثلاث خلون من ربيع الاخر ، وقتل لخمس خلون من جمادى الاولى(٢).

وقال أبو الفرج الأصفهاني : إن جماعة من الطالبيين اجتمعوا مع محمد بن جعفر ، فقاتلوا هارون بن المسيب ، بمكة ، قتالا شديداً.

وذكر جمعا من الطالبيين ، منهم علي بن جعفر بن محمد(٣).

وقد عرفنا أنه سكن « العريض » فنسب هو وولده إليها(٤).

وذكره ابن طباطبا في المنتقلة بالعريض (٥).

وهذا يقتضي أنه سكن أولا بغيرها ، ولابد أنه كان يسكن المدينة المنورة أولا ، حيث كانت مسكن أبيه الإمام الصادق عليه‌السلام ، وأخيه الإمام الكاظم عليه‌السلام ، وعرفنا أنه نسب إليها ـ أيضاً ـ.

وقال المجلسي الأول : سمعت أن أهل الكوفة التمسوا منه مجيئه من المدينة إليهم ، وكان في الكوفة مدة ، وأخذ أهل الكوفة الأخبار منه ، وأخذ منهم أيضاً.

__________________

(١) عمدة الطالب : ٢٤١.

(٢) راجع تاريخ الطبري ١٠ / ٢٣٤ ، وتاريخ بغداد ٢ / ١١٣ ـ ١١٤.

(٣) مقاتل الطالبيّين : ٥٤٠.

(٤) رجال النجاشي : ٢٥١ رقم ٦٦١ ، وتأريخ قم : ٢٢٤.

(٥) منتقلة الطالبية : ٢٢٤.

٢٦

ثم استدعى القميون نزوله إليهم ، فنزلها ، وكان بها حتى مات بها ، رضي الله عنه ، وأرضاه (١).

ولكن ابنه المجلسي الثاني أنكر عليه ، وقال : إن صاحب تاريخ قم ذكر الأشراف الذين نزلوا بلدة قم ، ولم يذكره ، بل ذكرنزول أولاده فيها.

وأيضا : لو كان مثله ورد هذه البلدة ، التي هي مغرس الشيعة ، لاشتهر اشتهار الشمس في رائعة النهار ، ولروى عنه الفضلاء الأخيار(٢).

ووافق المامقاني المجلسي الثاني ، فقال :

ويشهد له أنه ـ في زمان الإمام الجواد عليه‌السلام ـ كان معه في المدينة وهو يومئذ في حدود الثمانين ، ويبعد أن يكون بعد ذلك انتقل إلى الكوفة ، وبقي فيها مدة ، ثم انتقل إلى قم وبقي فيها مدة(٣).

نقول : إن المجلسي الأول ليس ممن يلقي الكلام على عواهنه ، فيرسل الحكاية هكذا إرسال المسلمات ، من دون مناقشة إن لم يكن مصدر نقله مقبولاً له.

وأما ما ذكره المجلسي الثاني ، ففيه :

أن احتمال عدم ذكره وارد ، ولا محذور فيه ، باعتبار أن علي بن جعفر لم يهاجر إلى قم للسكنى ، أو لم تطل مدة سكناه بها ، وانه وردها للزيارة ـ مثلاً ـ.

وبذلك نعرف وجه عدم النقل عنه في قم.

وأما ما ذكره المامقاني ، فيرده :

أنه لا بعد في أن يسافر شخص كبير السن من بلدة إلى اخرى ، أو يهاجر الى موطن اخر ، ويتفق موته فيه.

__________________

(١) روضة المتقين شرح الفقيه ١٤ / ١٩١ ، ونقله ابنه ، كما في سفينة البحار ٢ / ٢٤٤ ، ونقله حفيده الوحيد في تعليقته على منهج ألمقال : ٢٢٧.

(٢) تنقيح المقال ٢ / ٢٧٢ بتصرف.

(٣) تنقيح المقال ٢ / ٢٧٢.

٢٧

ثم إن ما ذكره لا يتم على فرض بقائه بعد الثمانين طويلا ، خاصة على ما اختاره المامقاني من طول عمره إلى مازاد عن المائة ، بل المائة والعشرين فأي بعد في انتقاله إلى الكوفة ثم إلى قم ، وبقاءه في كل من المدينتين مدة؟!

٢٨

٤ ـ عمره ووفاته

قال ابن عنبة : مات أبوه وهو طفل ... وعاش إلى أن أدرك الهادي علي أبن محمد بن علي بن الكاظم عليه‌السلام ، ومات في زمانه (١).

أقول : إن وفاة الصادق عليه‌السلام كانت في سنة ١٤٨ وكانت إمامة الهادي عليه‌السلام من سنة ٢٢٠ إلى سنة ٢٥٢.

أما ولادة علي بن جعفر :

فقد عرفت أنه كان في سنة ١٤٨ طفلا ، والطفل ـ كما يفسره أهل اللغة ـ هو المولود إلى أن يميز ، أو إلى أن يحتلم.

فهوإذن في سنة ١٤٨ لم يبلغ الحلم ، أي لم يتم الخامسة عشرة من عمره.

وإذا علمنا ـ كما سيجيء إثباته ـ أنه روى عن أبيه الإمام الصادق عليه‌السلام ، والتزمنا بشرط التمييز في الراوي ، فلابد أن يكون عند وفاة أبيه بين العاشرة إلى الخامسة عشر.

وبذلك نقترب من الواقع لو حددنا ولادته بسنة١٣٥ ليكون عند وفاة والده في ١٤٨ ابن ثلاث عشرة سنة.

وأما وفاته :

فقد عرفنا أنه أدرك سنة ٢٢٠ زمن الامام الهادي عليه‌السلام ، فلو فرضنا بقاءه مدة قليلة لكانت وفاته حدود سنة ٢٢٠ فيكون عمره نحو ٨٥ سنة.

__________________

(١) عمدة الطالب : ٢٤١.

٢٩

وإنما فرضنا بقاءه قليلا في زمان الامام الهادي عليه‌السلام ، لأنه لم تعهد له رواية عنه عليه‌السلام ، ولانقل عنه حديث معه ، مثل الذي وقع له مع الجواد والرضا عليهما‌السلام ، ولا ريب أنه لوكان باقيا مدة طويلة في عهد إمامة الهادي عليه‌السلام لكان له معه موقف مثيل ، ولو كان لنقل ـ أيضاً ـ كما نقلت المواقف السابقة.

ويؤيد ذلك أنه لو عاش طويلاً ، وعمر إلى المائة أو ما يقاربها ، لنقل ، لاهتمامهم بذكر أمثال ذلك ، كماهو الملاحظ في التراجم.

مع أن هو الحد الوسط بين ما قبل من أن وفاته كانت سنة ٢١٠ وبين ما ذكره البعض من تأخر وفاته إلى حدود ٢٥٢.

أما الأول :

فقد ذكره الذهبي ، حيث ذكر علي بن جعفر في المتوفين سنة ٢١٠ (١).

ونقل ذلك ابن حجر عن ابن أخيه إسماعيل (٢) وأرسله أيضا (٣).

ونقله اليافعي (٤) وابن العماد (٥) ومن تأخر عنهم.

فهذا ينافي تصربح ابن عنبة بأنه عاش إلى أن أدرك زمان الهادي عليه‌السلام سنة ٢٢٠ ومات حينئذ ، كما مر.

كما ينافي الأحاديث التي وردت في مواقفه مع الإمام الجواد عليه‌السلام ، والتي مرّ نقلها ـ أيضاً ـ حيث جاء فيها أن الجواد عليه‌السلام كان يومئذ من الفتيان.

وأما الأخير :

فقد ذكره المامقاني ، فقال : مقتضى روايته عن أبيه أن يكون عمره حينئذٍ

__________________

(١) العبر ١ / ٢٨٢.

(٢) تهذيب التهذيب ٧ / ٢٩٣.

(٣) تقريب التهذيب ٢ / ٣٣ رقم ٣٠٤.

(٤) مرآة الجنان ٢ / ٨٤.

(٥) شذرات الذهب ٢ / ٢٤.

٣٠

في حدود العشرين ، ومبدأ إمامة الجواد عليه‌السلام سنة ٢٠٢ فإذا أضفت إلى ذلك مقدار زمان الجواد عليه‌السلام أنتج ماذكرناه [ أي بلوغ عمره حدود الثمانين ] بل التحقيق أنه عمر فوق المائة سنة ، لأنه أدرك الهادي عليه‌السلام ، كما يكشف عن ذلك مارواه في باب النص على العسكري عليه‌السلام من « الكافي » ... عن علي بن جعفر ، قال : كنت حاضرا أبا الحسن لما توفي ابنه محمد.

ومقتضى رواية علي ـ هذا ـ عن الهادي ، أن يكون عند فوت أبيه ابن عشرين سنة ، أو ست عشرة سنة ، أقلاً فيكون عمره مائة وعشرين سنة ، فما زاد(١).

أقول : وهكذا ترقى المامقاني في عمر الرجل من الثمانين ، إلى المائة ، إلى ١٢٠ ، بل فما زاد‍!!!

مع أن مبناه لذلك مخدوش :

١ ـ فمن أين يجب أن يكون عمر الراوي عشرين سنة؟! وقد جعله أساساً لبلوغ عمره ثمانين سنة!

بينما جوز جمهور المحدثين سماع الأطفال ، قبل بلوغهم السن الشرعية ، وخاصة إذا كانوا مميزين.

وأما مبناه في رفع مقدار عمره إلى المائة ، من وجود روايته عن الهادي عليه‌السلام :

فغير صحيح ، حيث أن علي بن جعفر الراوي ذلك ليس هو العريضي المترجم ، لا تفاقهم على عدم روايته عن الإمام الهادي عليه‌السلام (٢) حتى مع فرض إدراكه زمانه!

ومجرد إدراكه زمانه لا يقتضي ذلك ، كما هو واضح.

مع أن في الرواة من أصحاب الهادي والعسكري عليهما‌السلام من يسمى بعلي بن جعفر. فإطلاق الاسم منصرف إليه. لا إلى العريضي.

__________________

(١) تنقيح المقال ٢ / ٢٧٣.

(٢) لاحظ قاموس الرجال ٦ / ٤٣٧.

٣١

والنتيجة :

أن ولادته لا تسبق سنة ١٣٥ ووفاته لا تتجاوزسنة ٢٢٠ فعمره يكون في حدود ٨٥ سنة.

ومن هنا ، فمن الممكن وقوع تصحيف فيما نقله الذهبي وابن حجر ، ومن تبعهما من كون وفاته في سنة « عشر ومائتين» وأن الصواب في سنة « عشرين ومائتين » ووقوع التصحيف في مثله غير عزيز.

وعلى كل حال فإن ما ذكره صاحب تاريخ قم (١) والنوري (٢) من أنه عند وفاة أبيه الصادق عليه‌السلام كان ابن « سنتين » فقط.

لا نصيب له من الصحة أصلا ، لمنافاته لكل ما دل على روايته عن أبيه عليه‌السلام ، كما سيأتي إثباته في الفصل الثاني من هذه الدراسة.

__________________

(١) تاريخ قم : ٢٢٤.

(٢) مستدرك الوسائل ٣ / ٦٢٦.

٣٢

٥ ـ مدفنه ومرقده

توجد في مواضع ثلاثة مراقد تنسب إليه :

١ ـ في قم :

قال المجلسي الأول : كان بقم ، حتى مات بها ، وقبره بقم مشهور(١).

وقال المجلسي الثاني : أما كونه مدفونا بقم ، فغير مذكور في الكتب المعتبرة ، لكن أثر قبره الشربف موجود ، قديم ، وعليه اسمه مكتوب (٢).

نقول : إن المقام المنسوب إلى علي بن جعفر في مدينة قم ظاهر ، مشهور ، ومزار يقصده المؤمنون للتبرك به.

وقد ذكر في ما كتب لهذه المدينة المقدسة من تواريخ قديمة وحديثة :

ففي بعض التواربخ القديمة ما ترجمته :

من البقاع المقدسة في قم الضريح المقدس لعلي بن جعفر ومحمد بن موسى ، والواقع خارج المدينة.

بنيت البقعة والضريح من القاشاني الذهبي ، الذي هو أغلى بكثير من الآجر المذهب.

والذي يبدو من تاريخ الاجر ، أنه بني في سنة ٦٦٦ للهجرة(٣).

وقال المدرسي الطباطبائي! ـ في مزارات قم ـ ما ترجمته : مزار علي بن جعفر

__________________

(١) روضة المتقين ١٤ / ١٩١.

(٢) أعيان الشيعة ٨ / ١٧٧ ، والكنى والألقاب ٣ / ١٢٠.

(٣) تأريخ دارالايمان قم :

٣٣

المشهور بـ« باب الجنة» والذي تتحدّث المصادر عنه ، وعن القاشاني النفيس في مرقده ومحرابه ، وهزارات جدرانه ، وبوابته ، يقع في شرق المدينة ، وراء الممر المعروف بـ « دروازهء كاشان ».

يعتبرونه قبر علي بن جعفر العُريضيّ ، ابن الامام الصادق عليه‌السلام ، ولا يمكن أن يكون كذلك.

وأصل ذلك أنّه مرقد حفيده علي بن حسن بن عيسى العلوي العُريضيّ ، الذي نزل مدينة قم مع والده [ ترجمة تاريخ قم : ٢٢٤] وتنسب إليه واحدة من أبواب المدينة [ ترجمة تاريخ قم : ٢٢٨](١).

وقال حول تاريخ بناء البقعة الشريفة :

إن بناء بقعة باب الجنة ، ونقوشها تعود الى النصف الأول من القرن الثامن ، وقد بنيت البقعة بأمر عطا ملك مير محمد الحسني ، وتم العمل فيه سنة ٧٤٠ هـ.

وقال : إن المظهر الخارجي للبناء مثمن الشكل ، تعلوه قبة هرمية ، ذات أضلاغ اثني عشر ، وارتفاع المظهر الداخلي يبلغ حوالي عشرة أمتار(٢).

وأطال في وصف البناء وما يتعلق به وصفا رائعاً في منتهى الدقة. وقد كتب على المرقد مانصه :

هذا المرقد ، والمزار المتبرك ، للإمام المعصوم المظلوم ، الراوي ، علي العُريضيّ ، ابن المولانا (كذا) والسيدنا (كذا) الإمام المعصوم جعفر الصادق ، ابن الإمام المعصوم محمد الباقر ابن الإمام المعصوم ، السجاد ، علي ، زين

__________________

(١) تربت پاكان ٢ / ٤٢.

(٢) تربت پاكان ٢ / ٤٣ ـ ٥١.

٣٤

العابدين ابن الامام المعصوم الشهيد المظلوم ، أبي عبدالله ، الحسين ابن الامام الشهيد الأمير (كذا) المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم (١).

أقول : قد ذكر في عداد من بقم من منتقلة الطالبية : أحمد بن القاسم بن أحمد الشعراني بن علي العريضي ، وقال : مات هناك ، بمقبرة « مالون » وقبره يزار ويستشفي به (٢).

ولم أجد لمقبرة « مالون » ذكرا في ما بيدي من الكتب المؤلفة حول مدينة قم.

٢ ـ في سمنان :

قال السيد بحر العلوم : في خارج قلعة سمنان [من بلاد الجبل شمالي ايران] ، في وسط بستان نضرة ، مع قبة وبقعة ، وعمارة نزهة(٣).

وقال السيد الأمين : وفي خارج سمنان قبة عالية ، وصحن في غاية السعة ، معروف بقبر علي بن جعفر(٤).

٣ ـ في العريض ، بالمدينة المنورة :

قال النوري : الحق أن قبره بالعريض ، كما هو معروف عند أهل المدينة وقد نزلنا عنده في بعض أسفارنا ، وعليه قبة عالية ، ويساعده الاعتبار.

__________________

(١) تربت پاكان ٢ / ٤٨.

(٢) منتقلة الطالبية : ٥ ـ ٢٥٦.

(٣) تحفة العالم ٢ / ١٩.

(٤) أعيان الشيعة ٨ / ١٧٧.

٣٥

وأما الموجود في قم فيمكن أن يكون لواحد من أحفاده (١).

وقال السيد الأمين : الحق أن قبره بالعريض في ناحية المدينة ، كما هو معروف عند أهل المدينة ، وعليه قبة عالية ، وقبره مزور.

والظاهر أن القبر الذي في « قم » والذي في « سمنان » لشخصين آخرين مشاركين له في الاسم واسم الأب ، فتبادر الذهن إلى الفرد الأكمل كما يقع كثيراً ، ويحصل به الاشتباه (٢).

__________________

(١) مستدرك الوسائل ٣ / ٦٢٦.

(٢) أعيان الشيعة ٨ / ١٧٧.

٣٦

٦ ـ عقبه وذريته

قال ابن عنبة : يقال لولده : العريضيون ، وهم كثير ، فأعقب من أربعة رجال : محمد ،

وأحمد الشعراني ،

والحسن ،

وجعفر الأحمر(١).

وقال ابن طباطبا : عقبه من أربعة رجال :

محمد الأكبر ـ أعقب ـ ، والحسن ـ أعقب ـ ، امهما ام ولد.

وجعفر ـ أعقب ـ بهلثوم ، وقيل : وكلثوم ، امهم : فاطمة بنت الأرقط ابن عبدالله الباهر.

وأحمد ـ أعقب ـ لقبه الشعراني ، لام ولد.

ومليكة ، وخديجة ، وحمدونة ، وزينب ، لامهات شتى.

وفاطمة ، وعلي ، ومحمد الأصغر ، وقيل : عبدالله (٢).

وقال ـ أيضا ـ : من ورد قم من أولاد علي العريضي :

من نازلة المدينة ، من أولاد الحسن بن عيسى الأكبر ابن محمد بن علي العريضي :

عقبه علي ، امه زينب بنت الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن الأفطس.

__________________

(١) عمدة الطالب : ٢٤١.

(٢) منتقلة الطالبية : ٢٢٤.

٣٧

بقم : علي بن علي بن الحسن بن علي بن عيسى النقيب بن محمد الاكبر ابن علي العريضي.

عن أبي علي ، الحسن بن محمد بن الحسن بن السائب بن مالك ، الأشعري صاحب كتاب قم (١).

بقم : أبو الحسين ، أحمد بن القاسم بن أحمد ، الشعراني ابن علي العريضي ، ومات هناك بمقبرة « مالون » وقبره يزار ، ويستشفى به.

بقم : أبو عبدالله ، الحسين بن أحمد بن الحسين بن أحمد الشعراني ابن علي العريضيّ.

بقم : أحمد بن حمزة بن محمد بن أحمد بن الحسين بن أحمد الشعراني (٢).

وذكر أيضا جمعاً من أولاده وذريته ، وخاصة من نزل منهم بالمدينة أو انتقل إليها(٣) كما ذكرهم سائرالنسابين في كتبهم.

وقال المجلسي الأول : وانتشر أولاده في العالم : ففي أصفهان قبر بعض أولاده ، منهم :

السيد كمال الدين في قرب « سين برخوار» وقبره مزار.

والسيد أبو المعالي.

وأولادهما في أصفهان من الأعاظم في الدين والدنيا(٤).

وذكر القمي منهم : مجد الدين الحلبي ، العريضي ، السيد الأجل ، علي بن الحسن بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن ابن عيسى بن محمد بن عيسى بن علي العريضي ـ صاحب المسائل ـ.

__________________

(١) علق محقق المصدر ، بأنه لم يجد هذا المورد في ترجمة كتاب قم ، المطبوع بإيران ، واحتمل كونه من جملة ما سقط من الكتاب.

(٢) منتقلة الطالبية : ٢٥٥ـ ٢٥٦.

(٣) منتقلة الطالبية : ٣١١ـ ٣١٢.

(٤) روضة المتقين ١٤ / ١٩١.

٣٨

وقال : فاضل ، جليل ، من مشايخ المحقق الحلي (١).

__________________

(١) الكنى والألقاب ٣ / ١٢٠.

٣٩
٤٠