التفسير المنير - ج ٢٩

الدكتور وهبة الزحيلي

لهذا الدليل الواضح يستحق غاية التوبيخ.

ثم عدّ عليهم نعم الآفاق الثلاث بعد ذكر الأنفس فقال :

١ ـ (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً ، أَحْياءً وَأَمْواتاً) أي ألم نجعل الأرض ضامّة للأحياء على ظهرها في منازلهم ، والأموات في بطنها ، تضمهم وتجمعهم؟ قال الشعبي : بطنها لأمواتكم ، وظهرها لأحيائكم. والكفات : اسم ما يكفت أي يضم ويجمع ، ويجوز أن يكون اسما لما يكفت به ، مبنيا للمفعول ، كالشداد لصمام يشد به رأس القارورة.

٢ ، ٣ ـ (وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ ، وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) أي وأوجدنا في الأرض جبالا ثوابت عاليات ، لئلا تميد وتضطرب بكم ، وأسقيناكم من ينابيعها أو من السحاب ماء عذبا زلالا ، وهذا كله أعجب من البعث.

(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي عذاب شديد في الآخرة لمن كذب أو كفر بهذه النعم ، وويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ، ثم استمر على تكذيبه وكفره.

فقه الحياة أو الأحكام :

ذكر الله تعالى عشرة أنواع من تخويف الكفار وتحذيرهم عن الكفر ، أذكر منها هنا أربعة وهي :

النوع الأول من التخويف ـ أنه أقسم في الآيات السابقة على أن اليوم الذي يوعدون به ، وهو يوم الفصل ، واقع.

النوع الثاني ـ أنه أهلك الكفرة المتقدمين بسبب كفرهم ، وأخبر أنه يفعل مثل ذلك في الأقوام المتأخرين ، فلا بد وأن يهلكهم أيضا ، لتماثلهم مع المتقدمين في علة الإهلاك ، وهي التكذيب بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر. وذكر تعالى

٣٢١

أن هذا الإهلاك إنما نفعله بهم لكونهم مجرمين ، فعمم الحكم جميع المجرمين.

ثم أكد تعالى التخويف بقوله : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) والمراد أن مآلهم في الدنيا الهلاك ، وفي الآخرة العذاب الشديد ، كما قال تعالى : (خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ، ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) [الحج ٢٢ / ١١]. وهؤلاء وإن أهلكوا وعذبوا في الدنيا ، فالمصيبة العظمى والطامة الكبرى معدّة لهم يوم القيامة.

والنوع الثالث من تخويف الكفار ـ التذكير بعظيم إنعامه عليهم ، والتحذير من مغبة كفران النعمة وإنكار إحسانه إليهم ، وهو خلقه الإنسان من النطفة الضعيفة الحقيرة ، ثم إيداعها في مكان حريز وهو الرّحم إلى أن يتم تصويره ويحين وقت ولادته ، وذلك لا يمكن من غير قادر عليّ ، فنعم القادر والمقدّر وهو الله تعالى.

ووجه التخويف من جانبين كما تقدم :

الأول ـ أنه كلما كانت نعمة الله عليهم أكثر ، كانت جنايتهم في حقه أقبح وأفحش ، وكان العقاب أعظم ، لذا قال عقيب هذا الإنعام : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ).

الثاني ـ أنه تعالى ذكّرهم كونه قادرا على الابتداء ، ومن المقرر الظاهر عقلا عند البشر أن القادر على الابتداء ، قادر على الإعادة ، فلما أنكروا هذه الدلالة الظاهرة ، قال في حقهم : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١).

والنوع الرابع من تخويف الكفار ـ أنه تعالى بعد أن ذكّرهم بالنعم التي له عليهم في الأنفس ، ذكّرهم بالنعم التي له عليهم في الآفاق ، وذكر ثلاثة أشياء : هي الأرض التي هي كفات الأحياء والأموات ، والجبال الرواسي الشامخات ، أي

__________________

(١) التفسير الكبير للرازي : ٣٠ / ٢٧٢

٣٢٢

الثواب على ظهر الأرض فلا تزول ، العاليات ، والماء الفرات الذي هو الغاية في العذوبة.

وأعقب التذكير بهذه النعم في الآفاق في آخر الآية : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) لأن النعم كما تقدم كلما كانت أكثر ، كانت الجناية أقبح ، فكان استحقاق الذم عاجلا ، والعقاب آجلا أشدّ ، كما قال الرازي.

هذا وقد استنبط العلماء من آية (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) حكمين (١) :

الأول ـ إذا كانت الأرض ضامّة تضم الأحياء على ظهورها ، والأموات في بطنها فهذا يدل على وجوب مواراة الميت ودفنه ، ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه.

والثاني ـ روي عن ربيعة في النبّاش (سارق أكفان الموتى) قال : تقطع يده ، فقيل له : لم قلت ذلك؟ قال : إن الله عزوجل يقول : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً ، أَحْياءً وَأَمْواتاً) فالأرض حرز. وكانوا يسمّون بقيع الغرقد في المدينة كفتة ؛ لأنه مقبرة تضم الموتى ، فالأرض تضم الأحياء إلى منازلهم ، والأموات في قبورهم. وأيضا استقرار الناس على وجه الأرض ، ثم اضطجاعهم عليها ، انضمام منهم إليها.

وكذلك استدل الشافعية بالآية على قطع النباش : بأن الله تعالى جعل الأرض كفاتا للأموات ، فكان بطنها حرزا لهم ، فالنباش سارق من الحرز. هذا .. وأما بقية أنواع تخويف الكفار وتهديدهم ، فمحلها الآيات الآتية.

__________________

(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ١٦١

٣٢٣

أنواع ثلاثة أخرى من وجوه تخويف الكفار

كيفية عذابهم في الآخرة

(انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠))

الإعراب :

(كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) وقرئ : «جمالات» : جمع جمالة ، وجمالة جمع جمل ، كحجر وحجارة ، وذكر وذكارة ، فعلى هذا (جمالات) جمع الجمع.

(لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ فَيَعْتَذِرُونَ) عطف على (يَنْطِقُونَ) كأنه قال : لا ينطقون ولا يعتذرون ، كقراءة من قرأ : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) [فاطر ٣٥ / ٣٦] بالياء والنون ، كأنه قال : لا يقضى عليهم ولا يموتون. فلو حملت الآية على ظاهرها لتناقض المعنى ؛ لأنه يصير التقدير : هذا يوم لا ينطقون فيعتذرون ، فيكون ذلك متناقضا ؛ لأن الاعتذار نطق. أو معطوف على يؤذن ، ليدل على نفي الإذن ، أي لا إذن فلا اعتذار.

البلاغة :

(تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) تشبيه مرسل مجمل لحذف وجه الشبه ، و (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) تشبيه مرسل مفصل ، وفي التشبيه بالقصر وهو الحصن ، تشبيه من جهتين : من جهة العظم ، ومن جهة الارتفاع. وفي التشبيه بالجمالات وهي القلوس تشبيه من ثلاث جهات : من جهة العظم ، والارتفاع ، والصفرة.

(انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ ، لا ظَلِيلٍ ..) أسلوب التهكم ، سمى العذاب ظلّا تهكما وسخرية بهم.

٣٢٤

(هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) سجع مرصع ، وهو توافق الفواصل في الحرف الأخير.

المفردات اللغوية :

(انْطَلِقُوا) وفي قراءة «انطلقوا» إخبارا عن امتثالهم للأمر اضطرارا. (إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) ظل دخان جهنم ، إذا ارتفع افترق ثلاث فرق ، لعظمه ، والشعب : الفروع. (لا ظَلِيلٍ) لا وقاية فيه من حرّ ذلك اليوم ، وهو تهكم بهم ، وردّ لما أوهم لفظ الظلل. (وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) لا يفيدهم من حرّ اللهب شيئا ، واللهب : شعلة النار. (إِنَّها) أي النار. (بِشَرَرٍ) ما تطاير من النار ، جمع شرارة. (كَالْقَصْرِ) كالبناء الكبير المشيد في عظمه وارتفاعه.

(جِمالَتٌ) جمع جمل ، وقرئ : جمالات : جمع الجمع. (صُفْرٌ) في الهيئة واللون ، وقيل : سود ، فإن سود الإبل يضرب إلى الصفر ، والأول تشبيه في العظم والارتفاع ، الثاني في العظم والارتفاع واللون ، والكثرة والتتابع والاختلاط وسرعة الحركة. (هذا) أي يوم القيامة ، وقرئ : يوما ، أي هذا المذكور واقع يومئذ. (لا يَنْطِقُونَ) فيه بشيء يستحق الذكر ، فإن النطق بما لا ينفع كلا نطق. (الْفَصْلِ) بين المحق والمبطل. (جَمَعْناكُمْ) أيها المكذبون من هذه الأمة. (وَالْأَوَّلِينَ) من المكذبين قبلكم ، فتحاسبون وتعذبون جميعا. (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) أي إن كان لكم حيلة في دفع العذاب عنكم ، فافعلوها واحتالوا علي. وهذا تقريع لهم على كيدهم للمؤمنين في الدنيا ، وإظهار لعجزهم. (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) عذاب يوم القيامة لمن كذب بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر ، إذ لا حيلة لهم في التخلص من العذاب.

المناسبة :

بعد أن هدد الله تعالى الكفار بعذاب يوم الفصل والقيامة ، أبان كيفية عذابهم في الآخرة ، بزجهم في النيران ، وافتضاحهم على رؤوس الأشهاد ، حيث لا عذر لهم ولا حجة في قبائحهم ، وتعذيبهم بالتقريع والتخجيل ، وتلك أنواع ثلاثة أخرى من أنواع تخويف الكفار وتهديدهم.

التفسير والبيان :

أخبر الله تعالى عما يقال يوم القيامة للكفار المكذبين بالمعاد والجزاء والجنة

٣٢٥

والنار ، فقال مبينا النوع الخامس من أنواع التهديد :

(انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) أي يقال للكفار من قبل خزنة جهنم : اركضوا أو سيروا واذهبوا إلى ما كنتم تكذبون به من العذاب الأخروي في الدنيا.

ثم وصف الله تعالى هذا العذاب بأربع صفات ، بقوله :

١ ـ (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) هذا تهكم بهم ، معناه : سيروا إلى ظل من دخان جهنم متشعب إلى شعب ثلاث أو فرق ، فإن لهب النار إذا ارتفع وصعد معه دخان ، صار له ثلاث شعب من شدته وقوته. والمراد أنهم يتنقلون من عذاب إلى آخر ، وأن العذاب محيط بهم من كل جانب ، كما قال تعالى : (أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) [الكهف ١٨ / ٢٩] وسرادق النار : هو الدخان فتكون تسمية النار بالظل مجازا من حيث إنها محيطة بهم من كل جانب ، كقوله سبحانه : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ ، وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) [الزمر ٣٩ / ١٦] وقوله : (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) [العنكبوت ٢٩ / ٥٥].

٢ ، ٣ ـ (لا ظَلِيلٍ ، وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) وهذا أيضا تهكم بهم وتعريض بأن ظلهم غير ظل المؤمنين ، فذلك الظل لا يمنع حرّ الشمس ، وليس فيه برد ظلال الدنيا ، ولا يفيد في رد حرّ جهنم عنكم شيئا ؛ لأن هذا الظل في جهنم ، فلا يظلهم من حرها ، ولا يسترهم من لهيبها ، كما جاء في آية أخرى : (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ، لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) [الواقعة ٥٦ / ٤٢ ـ ٤٤].

واللهب : ما يعلو على النار إذا اضطرمت ، من أحمر وأصفر وأخضر.

٤ ـ (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ. كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) أي إن هذه النار يتطاير منها شرر متفرق ، كل شرارة من شررها التي ترمي بها كالقصر (البناء العظيم) في العظم والارتفاع ، وكالإبل الصفر في اللون والكثرة والتتابع وسرعة

٣٢٦

الحركة. وقال الفرّاء : الصفر سود الإبل ؛ لأنها مشربة بصفرة ، لذلك سمت العرب سود الإبل صفرا. والأكثرون على أن المراد بهذه الصفرة سواد يعلوه صفرة. والشرر جمع شرارة : وهو ما تطاير من النار في كل جهة.

والمقصود بالتشبيه الأول بيان أن تلك النار عظيمة جدا ، والمقصود بالتشبيه الثاني شدة اشتعالها ، والتهكم بهم ، كأنه قيل : كنتم تتوقعون من وثنيتكم كرامة ونعمة وجمالا ، إلا أن تلك الجمال هو هذه الشرارات التي هي كالجمال ، لذا أعقبه بقوله :

(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي عذاب وخزي في يوم القيامة الهائل للمكذبين لرسل الله وآياته ، الذين لا مفر لهم من ذلك العذاب.

ثم وصف تعالى ماذا يكون للكفار في ذلك اليوم من ألوان العذاب الأدبية ، وهو النوع السادس من أنواع التخويف ، فقال :

(هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) أي هذا اليوم لا يتكلمون فيه ، لهول ما يرون ، وللحيرة والدهشة التي تعتريهم ، ولا يأذن الله لهم ، فيكون لهم اعتذار ، بل قد قامت عليهم الحجة ، لذا قال تعالى : (لا تَعْتَذِرُوا ، قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) [التوبة ٩ / ٦٦] وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ ، إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [التحريم ٦٦ / ٧].

والمراد بهذا النوع بيان أنه ليس لهم عذر ولا حجة فيما ارتكبوا من المفاسد والقبائح والمنكرات ، وأنه لا قدرة لهم على دفع العذاب عن أنفسهم. وبيان هذا النوع للدلالة على شدة أهوال القيامة.

وإنما لم يؤذن لهم في الاعتذار ؛ لأنه تعالى قدّم الإنذار في الدنيا ، بدليل قوله في مطلع السورة : (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً ، عُذْراً أَوْ نُذْراً). ولهذا قال في آخر هذا الإخبار :

٣٢٧

(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي عذاب يوم القيامة للمكذبين بما أنذرتهم به الرسل من العذاب في الدنيا ، إن استمروا على الكفر ، وخالفوا أوامر الرسل.

ثم أخبر الله تعالى عن النوع السابع من أنواع تهديد الكفار ، فقال :

(هذا يَوْمُ الْفَصْلِ ، جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) أي ويقول الخالق لهم : هذا يوم الفصل الذي يفصل فيه بين الخلائق ، ويتميز فيه الحق من الباطل ، جمعناكم بقدرتنا يا معشر كفار قريش وأمثالكم المتأخرين على مرّ الدهور فيه مع الكفار الأولين ، وهم كفار الأمم الماضية في صعيد واحد ، ولجزاء واحد.

(فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) أي إن قدرتم أيها الكفار بحيلة ما على أن تتخلصوا من العذاب ، فافعلوا ، فإنكم لا تقدرون على ذلك. وهذا نهاية في التقريع والتحقير والتخجيل والتعجيز والتوبيخ وهو من جنس العذاب الروحاني ، لذا قال عقيبه :

(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي عذاب يوم القيامة لكل من كذب بالبعث ، لأنه ظهر لهم عجزهم وفقد كل أمل لهم بالنجاة من العقاب.

فقه الحياة أو الأحكام :

هذه ثلاثة أنواع أخرى من تخويف الكفار إضافة للأنواع الأربعة المتقدمة :

النوع الخامس ـ بيان كيفية عذابهم في الآخرة : يقال للكفار تبكيتا وتهكما وتقريعا من خزنة جهنم : سيروا إلى ما كذبتم به من العذاب وهو النار ، فقد شاهدتموها عيانا.

وعذاب النار له أوصاف أربعة : يتشعب ظله أو دخانه إلى ثلاث شعب ، كما هو شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعب ، وليس كالظل الذي يقي حرّ الشمس ، ولا يدفع من لهب جهنم شيئا ، وترمي النار بشرارات ، كل شرارة كالقصر :

٣٢٨

البناء العالي ، في العظم والارتفاع ، مما يدل على أن تلك النار عظيمة جدا ، وهي أيضا كالجمالات الصّفر : وهي الإبل السود ، والعرب تسمي السّود من الإبل صفرا مما يدل على أن تلك النار شديدة الاشتعال كثيفة ، متتابعة ، سريعة الالتهاب.

وذكر القرطبي أن في هذه الآية دليلا على جواز ادّخار الحطب والفحم ، وإن لم يكن من القوت ، فإنه من مصالح المرء ، مما يقتضي أن يكتسبه في غير وقت حاجته ؛ ليكون أرخص ، وحالة وجوده أمكن ، كما كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدّخر القوت في وقت عموم وجوده من كسبه وماله ، وكل شيء محمول عليه (١).

النوع السادس ـ بطلان الحجة ، وفقد العذر ، والعجز : أبان تعالى أنه ليس للكفار يوم القيامة عذر ولا حجة فيما ارتكبوا من القبائح ، ولا قدرة لهم على دفع العذاب عن أنفسهم ، فاجتمع عليهم عذاب التخجيل والعذاب الجسماني وهو مشاهدة النار وأهوالها.

النوع السابع ـ التعذيب بالتقريع والتخجيل : يقال للكفار يوم القيامة : هذا اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق ، فيتبين المحقّ من المبطل ، والذي جمع فيه في صعيد واحد أوائل الكفار وأواخرهم ، سواء الذين كذبوا الرسل المتقدمين قبل نبينا ، أو كذبوا محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقد تحداهم الله تعالى بأن يجدوا لأنفسهم ملجأ أو وقاية من العذاب على المعاصي التي اقترفوها في الدنيا ، ولكنهم يعجزون عن ذلك وعن الدفع عن أنفسهم.

ويكون الفصل فيما بين العباد بعضهم مع بعض من حقوق وظلامات ، فهذا يدعي على آخر أنه ظلمه ، أو قتله ، وآخر يدعي أنه اغتصب منه شيئا أو سرق ماله ، وهكذا.

__________________

(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ١٦٥

٣٢٩

أما ما يتعلق بحقوق الله تعالى فلا حاجة فيه للفصل ، وإنما يلقى العبد الثواب الذي يستحقه على عمله الصالح ، والعقاب الذي يجازى به على عمله السيء ، إلا أنه فيما يتعلق بجانب العبد ، فإنه تقرر عليه أعماله التي عملها ، حتى يعترف (١).

الأنواع الباقية من تهديد الكفار وتعذيبهم

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠))

الإعراب :

(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) في موضع الحال من ضمير (الْمُتَّقِينَ) ، المقدر في الظرف الآتي بعده ، أي هم مستقرون في ظلال ، مقولا لهم ذلك. و (هَنِيئاً) حال أي متهنئين.

(كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً) حال من المكذبين ، أي الويل ثابت لهم ، في حال ما يقال لهم : كلوا وتمتعوا.

البلاغة :

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ ، وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) مقابلة ، قابل الجملة الأخيرة بقوله بعدئذ : (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً ، إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ).

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ : ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) مجاز مرسل ، أطلق الركوع ، وأراد به الصلاة ، فهو من قبيل إطلاق البعض وإرادة الكل.

__________________

(١) تفسير الرازي : ٣٠ / ٢٨١

٣٣٠

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ ، وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) سجع مرصع ، وهو توافق الفواصل في الحرف الأخير.

المفردات اللغوية :

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ) أي إن المؤمنين المتقين من الشرك ، الذين هم في مقابلة المكذبين ، هم في ظلال وارفة تحت أشجار متكاثفة في الجنة ؛ إذ لا شمس يظل من حرها ، وعيون ـ أي أنهار ـ نابعة بالماء ، ويتمتعون بفواكه مما يشتهون ، فهم مستقرون في أنواع الترفّه. وفيه دلالة على أن نعم الجنة بحسب الرغبة والميل ، بخلاف الدنيا تكون بحسب ما يجد الناس في الأغلب. والفرق بين الظل والفيء : أن الظل أعم من الفيء ، فيقال : ظل الليل وظل الجنة وظل الجدار ، أما الفيء : فهو ما زالت عنه الشمس.

(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) أي متهنئين ، أي يقال لهم ذلك. (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من الطاعة. (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي كما جزينا المتقين نجزي المحسنين. (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً ، إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) أي يقال للكفار في الدنيا تهديدا لهم : كلوا ما شئتم في الدنيا ، وتمتعوا بنعيمها مدة قليلة من الزمان يعقبها الموت ، ثم تنالون عقابكم وننتقم منكم على كفركم وتكذيبكم لرسلنا ، فإنكم مشركون بالله ، لا تستحقون الإنعام والتكريم. (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) حيث عرّضوا أنفسهم للعذاب الدائم بالتمتع القليل.

(ارْكَعُوا) صلوا. (لا يَرْكَعُونَ) لا يصلون ، واستدل به على أن الأمر للإيجاب ، وأن الكفار مخاطبون بالفروع. (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) أي بأي كلام يصدقون إذا لم يصدقوا بهذا القرآن؟ فهو معجز في ذاته ، مشتمل على الحجج الواضحة والمعاني الكريمة ، ولا يمكن إيمانهم بعدئذ بغيره من كتب الله ، بعد تكذيبهم به.

سبب النزول :

نزول الآية (٤٨):

(ارْكَعُوا ..) : أخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ : ارْكَعُوا ، لا يَرْكَعُونَ) قال : نزلت في ثقيف ، امتنعوا من الصلاة ، فنزل ذلك فيهم. وقال مقاتل : قال لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أسلموا» وأمرهم بالصلاة ، فقالوا : لا ننحني فإنها مسبّة علينا ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود».

٣٣١

المناسبة :

بعد أن بيّن الله تعالى أنواع العذاب والخزي والنكال على الكفار ، قابل ذلك للعظة والعبرة بأحوال المؤمنين في الآخرة ، وبيّن ما لهم من أنواع السعادة والكرامة ، فتتضاعف حسرة الكافر ، وتتزايد غمومه وهمومه ، وهذا من جنس العذاب الروحاني.

ثم وبّخ الله تعالى الكفار وهددهم بزوال نعم الدنيا في وقت قصير ، وتعرضهم للآفات العظيمة في الآخرة ، ثم ذكرهم بتقصيرهم في طاعة الله ، وإهمالهم فريضة الصلاة ، وتركهم الإيمان بالقرآن الذي لا جدوى من الإيمان بغيره من الكتب السماوية الأخرى التي بادت وتبدلت ونسخت.

والخلاصة : تضمنت هذه الآيات ثلاثة أنواع أخرى من تخويف الكفار وتعذيبهم.

التفسير والبيان :

يخبر الله تعالى عن عباده المتقين الذين عبدوه بأداء الواجبات ، وترك المحرمات ، وعن أحوالهم يوم القيامة ، فيقول :

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ ، وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي يكون المتقون في الآخرة في جنات وظلال وارفة تحت الأشجار والقصور ، وتحيط بهم العيون الجارية والأنهار المتدفقة ، بخلاف ما يكون فيه الكفار الأشقياء من ظل اليحموم وهو الدخان الأسود المنتن ، والنار المستعرة بهم.

ونظير الآية : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ ، عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) [يس ٣٦ / ٥٦].

(وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي ولديهم أنواع من الفواكه والثمار ، مما تطلبه

٣٣٢

أنفسهم ، وتستدعيه شهواتهم ، فمهما طلبوا وجدوا.

(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي ويقال لهم في الآخرة بدليل قوله : (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) على سبيل الإحسان إليهم والتكريم : كلوا أيها المتقون من طيبات الجنة وفواكهها ، واشربوا متهنئين بسبب ما كنتم تعملونه في الدنيا من الأعمال الصالحة. وهذا أمر إكرام ، لا أمر تكليف ، وهذا أيضا من جنس العذاب الروحاني بالنسبة إلى الكافرين حين يرون الذين اتقوا الشرك في النعيم المقيم.

(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي هذا جزاؤنا لمن أحسن العمل ، ومثل ذلك الجزاء العظيم لهؤلاء المتقين نجزي المحسنين في أعمالهم ، فلا نضيع لهم أجرا ، كما قال تعالى : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) [الكهف ١٨ / ٣٠].

(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي عذاب وخزي يوم القيامة للمكذبين بالله ورسله وبما أخبر الله من تكريم هؤلاء المتقين في الآخرة ، حيث صاروا في شقاء عظيم ، وصار المؤمنون في نعيم مقيم. وهذا هو النوع الثامن من أنواع تهديد الكفار.

ثم خاطب الله تعالى المكذبين بيوم الدين ، وأمرهم على سبيل التهديد والوعيد ، فقال:

(كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً ، إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) أي يقال لهم في الدنيا (١) : كلوا من مآكل الحياة ولذائذها ، وتمتعوا بخيراتها زمانا قليلا ، ومدة قصيرة تزول بانتهاء العمر ، ثم تساقون إلى نار جهنم ، فإنكم مشركون بالله. وهذا إن خوطبوا به في الآخرة توبيخ وتذكير بحالهم السمجة ، وبما جنوا على أنفسهم من إيثار المتاع القليل على النعيم المقيم ، وعلل ذلك بكونهم مجرمين إيعادا لكل مجرم.

__________________

(١) البحر المحيط ٨ / ٤٠٨

٣٣٣

(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي عذاب لأولئك المشركين المكذبين بأوامر الله تعالى ونواهيه ، وبما أخبرهم به أنه فاعل بهم ، كما قال تعالى : (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ، ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) [لقمان ٣١ / ٢٤].

وهذا هو النوع التاسع من أنواع تخويف الكفار ، ثم ذكر بعده النوع العاشر ، فقال : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ : ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) أي وإذا أمروا بالصلاة لا يصلون ، فهم مستكبرون عن طاعة الله تعالى. وهذا ذم على ترك الخشوع والتواضع لله بقبول وحيه وأمره وتكليفه.

(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بأوامر الله سبحانه ونواهيه.

ثم ختم السورة بالتعجب من الكفار ، فقال :

(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) أي إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن وما فيه من الدلائل على وجود الله تعالى وتوحيده وصدق نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فبأي كلام بعده يصدقون؟ فالقرآن فيه كل ما يرشد إلى الخير وسعادة الدارين.

روى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة كان إذا قرأ : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) فقرأ : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)؟ قال : فليقل : آمنت بالله وبما أنزل.

فقه الحياة أو الأحكام :

تضمنت هذه الآيات الأنواع الثلاثة الأخيرة من أنواع تخويف الكفار العشرة وتعذيبهم:

النوع الثامن ـ مضاعفة حسرة الكفار ، وتزايد غمومهم وهمومهم ، وهو من جنس العذاب الروحاني ، فإنهم إذا وجدوا ما أعد الله للمتقين المؤمنين من أنواع السعادة والكرامة ، تحسروا واغتموا ، وكانت حالهم في غاية الذل والهوان والخزي.

٣٣٤

لقد أخبر الله تعالى عما يصير إليه المتقون غدا من الاستمتاع والاستقرار بظلال الأشجار وظلال القصور ، في مواجهة الشعب الثلاث لظل النار ، والتمتع بالفواكه التي يطلبونها ويتمنونها ، ويقال لهم غدا : كلوا واشربوا متهنئين ، بدل ما يقال للمشركين : (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ). وهذا هو الثواب الذي يثيب الله به الذين أحسنوا في تصديقهم بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأعمالهم في الدنيا

والنوع التاسع ـ وعيد الكفار وتهديدهم إذ يقال لهم في الدنيا : كلوا وتمتعوا زمنا قليلا ، فإنكم مجرمون مشركون بالله ، ومجازون بسوء أعمالكم ، فقد عرضتم أنفسكم للعذاب لأجل حب الدنيا ، والرغبة في طيباتها وشهواتها القليلة الفانية بالنسبة لتلك الآفات العظيمة التي تلقونها يوم القيامة.

والنوع العاشر ـ توبيخهم وتقريعهم على جهلهم وكفرهم وتعريضهم أنفسهم للعقاب الشديد ، وعدم انقيادهم لطاعة الله ، وعدم أداء فريضة الصلاة ، فإذا أمروا بها لم يؤدوها.

وقد كرر تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بعد كل نوع لتأكيد التخويف والوعيد.

ثم ختم الله السورة بعظة بليغة موجزة وهي أنه إن لم يصدقوا بالقرآن الذي هو المعجز والدال قطعا على صدق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فبأي شيء يصدقون؟!!

انتهى هذا الجزء ولله الحمد

٣٣٥

فهرس

الجزء التاسع والعشرين

 الموضوع

 الصفحة

تفسير سورة الملك................................................................ ٥

تسميتها ومناسبتها لما قبلها........................................................ ٥

ما اشتملت عليه السورة........................................................... ٦

فضل السورة..................................................................... ٧

بعض أدلة القدرة الإلهية........................................................... ٨

تعذيب الكفار العصاة.......................................................... ١٤

وعد المؤمنين بالمغفرة وتهديد الكافرين مرة أخرى..................................... ١٩

أنواع من الوعيد والتهديد والعبرة بالأمم السابقة..................................... ٢٤

توبيخ المشركين على عبادة الأصنام وإثبات قدرة الله واختصاصه بعلم البعث............ ٢٩

دعاء كفار مكة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمؤمنين بالهلاك.................................... ٣٦

تفسير سورة القلم............................................................... ٤١

تسميتها ومناسبتها لما قبلها....................................................... ٤١

ما اشتملت عليه السورة......................................................... ٤٢

كمال الدين والخلق عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم......................................... ٤٢

الأخلاق الذميمة عند الكفار.................................................... ٤٩

قصة أصحاب الجنة............................................................. ٥٦

جزاء المتقين وإنكار التسوية بين المطيع والعاصي..................................... ٦٥

٣٣٦

تخويف الكفار من قدرة الله تعالى وأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالصبر والتذكير..................... ٧١

العالمي بالقرآن............................................................... ٧١

تفسير سورة الحاقة.............................................................. ٧٩

تسميتها ومناسبتها لما قبلها....................................................... ٧٩

ما اشتملت عليه السورة......................................................... ٨٠

تعظيم يوم القيامة وإهلاك المكذبين به............................................. ٨١

بعض أهوال القيامة............................................................. ٨٧

حال الأبرار الناجين بعد الحساب................................................. ٩٢

حال الأشقياء يوم القيامة........................................................ ٩٦

تعظيم القرآن وإثبات نزوله بالوحي.............................................. ١٠١

تفسير سورة المعارج............................................................ ١٠٩

تسميتها ومناسبتها لما قبلها وما اشتملت عليه السورة............................... ١٠٩

تهديد المشركين بعذاب القيامة وتأكيد وقوعه...................................... ١١٠

الخصال العشر التي تعالج طبع الإنسان........................................... ١١٩

أحوال الكفار المكذبين بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الدنيا والآخرة............................. ١٢٦

تفسير سورة نوح عليه‌السلام......................................................... ١٣٣

تسميتها ومناسبتها لما قبلها وما اشتملت عليه السورة............................... ١٣٣

إرسال نوح عليه‌السلام إلى قومه...................................................... ١٣٥

مناجاة نوح ربه وشكواه إليه.................................................... ١٣٨

أنواع من قبائح قوم نوح وأقوالهم وأفعالهم......................................... ١٤٧

تفسير سورة الجن.............................................................. ١٥٥

تسميتها ومناسبتها لما قبلها..................................................... ١٥٥

ما اشتملت عليه السورة........................................................ ١٥٦

٣٣٧

إيمان الجن بالقرآن وبالله تعالى................................................... ١٥٧

حكاية أشياء أخرى عن الجن................................................... ١٦٦

أنواع أخرى من الموحى به إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبيان أصول رسالته........................ ١٧٣

تفسير سورة المزمل............................................................. ١٨٧

تسميتها ومناسبتها لما قبلها وما اشتملت عليه السورة............................... ١٨٧

إرشاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بدء الدعوة................................................. ١٨٩

تهديد الكفار وتوعدهم........................................................ ٢٠١

تذكير وإرشاد بأنواع الهداية..................................................... ٢٠٦

تفسير سورة المدثر............................................................. ٢١٥

تسميتها ومناسبتها لما قبلها وما اشتملت عليه السورة............................... ٢١٥

فضلها....................................................................... ٢١٦

سبب نزولها.................................................................. ٢١٧

إرشادات للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بدء الدعوة.............................................. ٢١٨

تهديد زعماء الشرك........................................................... ٢٢٣

الحكمة في اختيار عدد خزنة جهنم التسعة عشر.................................. ٢٣١

الحوار بين أصحاب اليمين وبين المجرمين.......................................... ٢٤٠

تفسير سورة القيامة............................................................ ٢٤٩

تسميتها ومناسبتها لما قبلها وما اشتملت عليه السورة............................... ٢٤٩

إثبات البعث والمعاد وعلائمه................................................... ٢٥١

حرص النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على حفظ القرآن وحال الناس في الآخرة.......................... ٢٦١

تفريط الكافر في الدنيا وإثبات البعث............................................ ٢٦٩

تفسير سورة الإنسان.......................................................... ٢٧٩

تسميتها ومناسبتها لما قبلها..................................................... ٢٧٩

٣٣٨

ما اشتملت عليه السورة........................................................ ٢٨٠

خلق الله الإنسان وهدايته السبيل................................................ ٢٨١

جزاء الكفار والأبرار يوم القيامة................................................. ٢٨٥

مساكن أهل الجنة وأشربتهم وخدمهم وألبستهم................................... ٢٩٣

أحوال الطائعين والمتمردين المشركين في الدنيا...................................... ٣٠٢

تفسير سورة المرسلات......................................................... ٣١٠

تسميات ومناسبتها لما قبلها.................................................... ٣١٠

ما اشتملت عليه السورة........................................................ ٣١١

فضلها....................................................................... ٣١٢

وقوع يوم القيامة حتما ووقته وعلاماته........................................... ٣١٢

تخويف الكفار وتحذيرهم من الكفر.............................................. ٣١٨

أنواع ثلاثة أخرى من وجوه تخويف الكفار كيفية عذابهم في الآخرة.................. ٣٢٤

الأنواع الباقية من تهديد الكفار وتعذيبهم......................................... ٣٣٠

٣٣٩