أساس البلاغة

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٧

يتعهّده. وملأ رِفْده ومِرْفده وهو قدَح ضخم. وناقةٌ رَفودٌ : تملؤه في حلبة.

ومن المجاز : هذا النّهر له رافدان : نهران يمدّانه. وقيل لدجلة والفرات : الرّافدان لذلك. وفلان يمدّ البريّة رافداه : يداه. ورَفَدَ الجدارَ : دعمه ؛ قال :

تَفَرّعتْ من هاشِمٍ مَنزِلاً

جَسيمَ العِمادِ أمينَ الدِّعَمْ

رَوَافدُهُ أكرَمُ الرّافداتِ

بَخٍ لكَ بَخٍّ لبَحرٍ خِضَمّ

من تفرع القوم إذا تزوّج سيّدة منهم. وهو رِفادة صِدق لي ورَفيدة صِدق : عون. ومدّ فلان بأرفادي : نصرني وأعانني ؛ قال :

إذا خَطَرَتْ حَوْلي سَلامانُ بالقَنَا

ومَدّ بأرْفادي عَدِيُّ الأراقِمِ

وهُريقَ رَفد فلان ورِفده إذا قُتل ، كما يقال : صَفِرتْ وطابه ، وكُفِئَتْ جفنته. ورفّدوا فلاناً ورفّلوه : سوّدوه لأنّه إذا ساد رَفَدَ ورَفَلَ.

رفض ـ رفضني فلان فرفضته يرفُضني ويرفِضني. ورفَضَ العُمْرة. ورفَض إبلَه : تركها تَبدّد في المرعى ، ورفضت هي : تبدّدت ، وإبل رافضة ورَفَضٌ. ورأيتُ رَفَضاً من ناسٍ ونَعَمٍ ومتاعٍ ونباتٍ وأرفاضاً ؛ قال ذو الرّمّة :

بها رَفَضٌ من كلّ خَرْجاءَ صَعلَةٍ

وأخرجَ يمشي مثلَ مشي المخبَّلِ

الذي يبست يداه ورجلاه. وفي القِربة رَفْض من ماء : قليل ، بالسّكون ، وما في السّقاء إلّا رَفْض من لبن. وارفَضّ الشيءُ وترفّض : تفرّق ؛ قال :

والزّاعبيّة يُنهِلونَ صُدُورَها

حتى تَرَفّضَ في الأكفّ حُطامُها

ورجل رُفَضَةٌ : يأخذ الشيء ثمّ لا يلبث أن يدعه. وراعٍ قُبَضَةٌ رُفَضَةٌ : يجمع الإبل فإذا وجد كلأً رفضها. وجاء سيل تخرّ منه مرافض الأودية وهي مفاجرها.

ومن المجاز : دهمني من ذلك ما انفَضّ منه صدري وارفضّ منه صبري. وتقول : لشوقي إليك في قلبي رَكَضات ولحبّك في مَفاصلي رَفَضات ؛ من رفضتِ الإبلُ إذا تفرّقت في المرعى ؛ قال ذو الرّمّة :

أبَتْ ذِكَرٌ عَوّدْنَ أحشاء قَلبِهِ

خُفوقاً ورَفْضَاتُ الهوَى في المَفاصِلِ

رفع ـ رفعه فارتفع ورفّعَه ، ورفُع فهو رفيع ، وفيه رِفْعة. ورفعه على السّرير. ورفع القيد بالرِّفاعة وهي الخيط الذي يرفع به المقيد قيده إليه.

ومن المجاز : رفَع بعيرَه في السّير ورفّعه ؛ قال لبيد :

رَفّعتُها طَرْدَ النَّعامِ وفَوْقَهُ

حتى إذا سَخِنتْ وخَفّ عِظامُها

ورفع البعير بنفسه. وإنّه لحسن المرفوع والموضوع ؛ قال طرفة :

مَوْضُوعُها زَوْلٌ ومَرْفُوعُها

كمرّ غَيثٍ لجِبٍ وَسْطَ ريح

ويقولون : ارفع من دابّتك. ورفعه إلى السلطان رُفعاناً ، ورافعتُه ، وترافعا إليه. ورَفَع فلان على العامل : أذاع عليه خبره. ورفع في رَفيعته كذا أي في قصّته التي رفعها. ولي عليه رفيعة ورفائع. وارفع هذا الشيء : خذه واحمله. ورفَعوا الزرع : حملوه بعد الحصاد إلى البيدر. وهذه أيّام الرَّفاع. ورفعه على صاحبه في المجلس. ويقال للداخل : ارتفع ، وارتفع إليّ : تقدّم ؛ ومنه قول النابغة :

خَلّتْ سَبيلَ أتيٍّ كانَ يحبِسُهُ

ورَفّعَتْهُ إلى السِّجْفَينِ فالنَّضَدِ

أي قدّمتْه. ورفَعتُ الرّجُلَ : نميته ونسبته ، ومنه رُفع الحديث إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وبرقٌ رافعٌ : ساطعٌ ؛ قال الأحوص :

أصَاحِ ألم تُحْزِنْكَ رِيحٌ مَرِيضَةٌ

وبَرْقٌ تَلالا بالعَقيقَينِ رافِعُ

ورجل رفيع الحسب والقدر. ورفَع قدرَه وخفضه. والله يرفَع ويخفِض. وله رِفعة في المنزلة. ورفَعه في خزانته وفي صندوقه : خبّأه. وثوب رفيع ومرتفع. وارتفع السّعر

٢٤١

وانحَطّ. وترفّع الضُّحَى ؛ قال ابن مقبل :

سُرُحُ العَنيقِ إذا تَرَفّعَتِ الضُّحى

هَدْج الثَّفَالِ بِحملِه المُتثاقِلِ

شبّه اضطراب الآل بهدجان هذا البعير واضطرابه في مشيه. وترفّع عن كذا. ورفعتِ النّاقة لبنها ، وناقة رافع إذا لم تدرّ. ورَفَعوا في البلاد : أصعدوا ؛ قال الراعي يصف ظعائن :

دعاهنّ داعٍ للخَريفِ ولم تكُنْ

لهنّ بلاداً فانتَجَعنَ رَوَافِعَا

ورافَعني فلان وخافضَني فلم أفعل أي داوَرَني كلّ مداورة. وكلامٌ مرفوع : جهير. ويقال في وصف المرأة : حديثها موضوع وليس بمرفوع ؛ قال الفرزدق :

وكلامهنّ إذا التَقَينَ كأنّما

مرْفوعُهُ لحَديثهِنّ سِرَارُ

أي جهره كالسرّ. وهو رفيع الصّوت ، ورفع صوته وخفَضه. وفي صوته رَفاعة ورُفاعة ، بالفتح والضمّ ، كالطَّلاوة والطُّلاوة. ورفَعتُه لأمر كذا : قدّمته إليه. ورُفعت له غاية فسما إليها ؛ قال بشر :

إذا ما المكرُماتُ رُفعنَ يَوْماً

وقَصّرَ مُبتَغوها عن مَداها

وضَاقتْ أذرُعُ المُثرِينَ عَنها

سَما أوْسٌ إليها فاحتَوَاها

وفي الحديث : «رُفع له عَلَمٌ فشمّر إليه». ودخلتُ عليه فلم يرفع لي رأساً. ورفعوا إليّ عيونهم.

رفغ ـ امرأة رفغاء : واسعة الرُّفْغ. «ولا يزال رَفْغُ أحدكم بين ظفره وأنملته». والأَرْفاغ مجامع الأوساخ فتعهّدوها ، وهي المغابن. وفلان في العيش الرافغ والرّفيغ والأرفغ ؛ قال :

تحتَ دُجُنّاتِ النّعيمِ الأرْفَغِ

وإنّه لَفي رَفَاغة من عيشه ورَفاغِيَة وهي السّعة والخصب.

ومن المجاز : نزلوا في أرفاغ الوادي وفي رَفْغ الوادي وهو ألأم موضع منه وشرّه تراباً. وهو من أرفاغ قومه : سِفْلتهم وأراذلهم.

رفف ـ بات يَرُفّ ويَرِفّ شفتيها : يرشفهما. وفي حديث أبي هريرة : «إنّي لأرُفّ شفتيها وأنا صائم». ورفَ البقلَ ونحوه : أكله ؛ قال :

واللهِ لَوْلا خشيَتي أبَاكِ

ورهبَتي من جانِبٍ أخَاكِ

إذاً لرَفّتْ شَفَتايَ فَاكِ

رَفَ الغَزَالِ ثَمَرَ الأرَاكِ

ورُويَ وَرَقَ. وذهب من كان يحُفّه ويرُفّه أي يضمّه ويحبّه ويشفق عليه شفقة من يُرفّ ولده أو حبيبه. وما له حافٌّ ولا رافٌ. ورَفّ النّباتُ يرِفّ ، وله وريفٌ ورفيف وهو أن يهتزّ نضارة وتلألؤاً. وروضة رفّافة ، وشجر أحْوَى الظّلّ رَفّاف الورق. ورأيتُ الأقحوان يرِفّ رفيفاً ويرتَفّ ارتفافاً. وثوب رَفيف بيّن الرَّفَف : رقيق. ورفرفَ الطائر : حرّك جناحيه وهو لا يبرح مكانه. وضربتِ الرّيحُ رَفرَفَ الفسطاطِ وهو أسفله وذيله ورَفارِفَه. وهو يجرّ رَفرَفَ قميصه ، ورَفرَفَ درعِه ؛ قال أبو طالب :

تَتابَعَ فيهِ كلّ صَقْرٍ كأنّه

إذا ما مشَى في رَفرَفِ الدّرْعِ أحرَدُ

من حَرِدَ البَعيرُ وهو أن تنقطع عَصَبَةٌ في يده فينفضها إذا مشى. وثوبٌ رفرفٌ : رقيق. وفرشوا لنا رَفرفاً وهو ضربٌ من البُسُط الخضر. وأقعدني على رَفرفةٍ بين يديه.

ومن المجاز : رفرفَ على ولده إذا تحنّى عليه ؛ قال الطائي :

ورَحمة رَفرَفتْ منهُ على الرّحم

وما أملح رَفرَفَ الأيكة وهو ما تهدّل من الغصون وانعطف من النبات. وثغر رَفّاف : يرِفّ كالأقحوان. وإنّ ثغرَها ليَرِفّ رَفيفَ الأقاحي وهي في بياضها كبيض الأداحي ؛ قال :

وأنفٍ كحرفِ السّيفِ زَيّن وجهَها

وأشنَبَ رَفّافِ الثّنَايا لهُ ظَلْمُ

وقال المسيّب بن عَلَس :

ومَهاً يَرِفُ كأنّهُ بَرَدٌ

نزل السّحابةِ ماؤهُ يَدِقُ

٢٤٢

استعارَ له المها وهو البلّور ثمّ شبّهه بالبرد وفيه تحقيق أنّه مها على الحقيقة وجعل ما في السّحابة نزلاً لها. ولثغرها رفيف وترافيفُ ؛ قال :

لها ثَنَايا فهْيَ غَيرُ لُصِ

ذاتُ تَرَافيفَ وذاتُ وَبْصِ

ويقال : ثغرٌ رفرافٌ ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :

وعَنبر الهندِ والكافور يخلطُهُ

قَرنفُلٌ فوْقَ رَفْرَافٍ لهُ أُشُرُ

ونظرت إلى لونه يرِفُ رفيفاً. ودخلتُ عليه فرَفّ لي رفيفاً إذا هَشّ لك واهتَزّ. ورَفّ فؤادي لحديثه ؛ قال ابن مُطَير :

يُمَنّينَنا حتى تَرُفّ قُلُوبُنا

رَفيفَ الخُزَامَى باتَ طلٌّ يجودُها

ورَفّ حاجبُه : اختلج. وما زالت عيني تَرِفّ حتى أبصرتك ؛ قال :

لم أدرِ إلّا الظّنَّ ظَنَّ الغائِبِ

أبِكِ أم بالغيثِ رَفَ حاجِبي

وأرض ذات رَفيف : ذات خصب.

رفق ـ أُرْفُقْ به وترفَّقْ ، ورَفِقَ به ورَفُق ورَفَقَ ، وفيه رِفق وهو لين الجانب ولطافة الفعل. واسترفقته فأرفقني بكذا : نفعني ، وارتفقتُ به : انتفعت. وما لي فيه مَرْفَق ومَرْفِق ومِرْفَق. وما فيها مِرْفَق من مرافق الدار نحو المتوضّإ والمطبخ ونحوه. وسمعتهم يقولون : ما لي في هذا رَفَقٌ. وأخذ المَكّاسُ الرَّفَقَ. ورافقته في السّفر وارتفقنا وترافقنا ، وهو رفيقي وهم رفيقي ورفقائي (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً). وكنتُ في رَفاقة فلان ، وخرجتُ في رُفقة ورَفقة ورِفقة من الرّفاق ، وجمعتني وإيّاه رُفقة واحدة. وفلان زادُ الرّفاق. وتوكّأ على المِرْفَقَة ، وارتفق عليها. وبتُ مُرتَفِقاً : متّكِئاً على مَرْفَقي ومِرْفَقي (وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً). ويقال : نصبوا المرافق على المرافق ؛ وقال أبو النّجم :

يكسِرْنَ في الأظلالِ والمَشارِقِ

مَرافق السُّندُسِ للمرافِقِ

ومن المجاز : هذا الأمر رافقٌ بك وعليك ورفيق : نافع. وهذا أرفقُ بك. وأرفقني هذا الأمر ، ورفق بي : نفعني. وبِتُ مُرْتَفِقاً ، والرّمل مِرْفَقتي. وتقول : بكرمك أثق وعلى سؤددك أرتفق أي أتوكّأ.

رفل ـ رَفَلَ ورَفِلَ في ثيابه ورَفَّلَ وأرفل وترفَّل ، وله رَفَلٌ ورُفولٌ وهو جرّ الذّيل والرّكض بالرّجل. وأرفل ذيله ورفّله : أسبله ؛ قال ذو الرّمّة :

كسَتها عَجاجَ البُرْقتين وراوَحَتْ

بذيل من الدَّهنا على الدّارِ مُرْفِلِ

وثوبٌ رفّال. ورجلٌ رَفِلٌ. وامرأةٌ رَفِلَةٌ ومِرْفال ، وهي تَرفُل المرافلَ أي كلّ ضرب من الرُّفول كقولك تمشي المماشي. وخرج إلينا في مِرْفَلَة : في حُلّة طويلة يرفُل فيها ؛ قال المتلمّس :

إنّي كَسَاني أبو قابوس مِرْفَلَةً

كأنّها سِلْخُ أبكارِ المَخارِيطِ

الحَيّات التي خرَطتْ خَراشيَها أي سلَخَتها ، جمع مِخراط. وشمّر رِفْلَه أي ذيله. وقميص سابغ الرِّفل بوزن الطِّفل.

ومن المجاز : عيشة رِفَلَّة : واسعة سابغة. وفرس رِفَلٌ : ذيّال. ورَفّلَ الملك فلاناً : سوّده وأمّره ؛ قال ذو الرّمّة :

كما ذَبَّبتْ عذراءُ غيرُ مُشِيحَةٍ

بَعُوضَ القُرَى عن فارِسيٍ مرَفَّلِ

وحكّمتُه ورفّلتُه : زدته على ما احتكَم. ورفّلتُ الركيّة : أجممتُها ، وهذا رَفَل الركية : مُكْلَتُها ، بوزن تَفَل.

رفه ـ الإبل تَرد رَفْهاً ورِفْهاً متى شاءت ، وإبل روافهُ وقد رَفَهت رُفوهاً وقد أرفهتُها. وبينَنا ليلةٌ رافهة ، وليال روافه : لينة السّير. ورجل رافه ومترفِّه : مستريح متنعِّم. وهو في رَفاهة ورَفاهية ، وعيش رافه. ورفّه نفسه. ورفّه عنّي : نفّس ، ورفّه عن أنفاسي.

رفو ـ رَفوتُ الثوبَ ورفأتُه.

ومن المجاز : فزع فلان فرَفَوْته إذا أزلتَ فزعه وسكنته كما يزال الخرق بالرّفو ؛ قال أبو خراش الهذلي :

رَفَوْني وقالوا يا خُوَيلدُ لا تُرَعْ

فقلتُ وأنكرْتُ الوُجُوهَ هُمُ هُمُ

٢٤٣

ورافيته ورافأتُه : وافقته مرافأة ورِفاء ، ومنه : بالرِّفاء والبنين. ورفّيتُ فلاناً ورفّأتُه : قلت له ذلك. وفي الحديث : «كان إذا رَفّأ رجلاً قال له بارك الله عليك وبارك فيك وجمع بينكما في خير». وتُبدل من الهمزة الحاء فيقال : رفّحته. ورافأني في البيع : سامحني وحاباني. وترافَوْا على الأمر وتَرافَؤوا : توافقوا وتظاهروا. وخرق فلان ثوب المودّة بالإساءة ثمّ رَفَأه بالإحسان.

رقأ ـ رَقَأ دمعُه ودمُه ، ورَقَأت عينه رَقْأً ورُقُوءاً ، ولا رَقَأت دَمْعَة فلان ، ولا أرقأ الله دَمْعَتَك ، ولا أرقأ عينك ؛ قال جرير :

بكَى دَوْبَل لا يُرقئ الله دمعَهُ

ألا إنّما يَبكي منَ الذّلّ دوبلُ

وأرقَأتُ دم فلان : حقنتُه ، وسكّن دمه بالرَّقُوء وهو ما يُرقأُ به كالوَضوء ؛ وقال قيس بن عاصم لولده : لا تسُبّوا الإبلَ فإنّ فيها رَقُوءَ الدّم ومَهْرَ الكريمة. واليأس رَقُوء الدمع ؛ قال الكُميت :

فكنتَ هناكَ رَقُوء الدّما

ء للمُتبِعاتِ الأنِينَ الزّفِيرَا

وقال ذو الرّمّة :

لئِن قطَعَ اليأسُ الحَنِينَ فإنّهُ

رقوء لتَذرافِ الدّموعِ السوافك

وتقول : فلانة طويلة القُرُوء بطيئة الرُّقوء.

رقب ـ قعد يَرْقُب صاحبه رِقْبَة ويرتقبه ، وأنا أترقّب كذا : أنتظره وأتوقّعه ؛ وفلان يَرْقُب موت أبيه ليرثه. وأرقبتُه داري ، وهذه الدّار لك رُقْبَى من المراقبة لأن كلّ واحد يرقب موت صاحبه. وهو رقيب القوم وهم رقباؤهم. وأشرف على مَرْقَب عال ومَرقبة. وهو رقيب الجيش : لطليعتهم. وأنا أرقُب لكم هذه اللّيلة. وما لك لا ترقب ذمّة فلان. ورجل أرقبُ ورَقَبَانيّ : عظيم الرّقبة.

ومن المجاز : هذا الأمر في رِقابكم وفي رقبتك. والموت في الرِّقاب. ومن أنتم يا رِقابَ المزاوِد : يا عجمُ لحُمرتهم ؛ وأنشد الأصمعي :

يُسمّونَنا الأعرابَ والعرَبُ اسمُنا

وأسماؤهم فينا رِقابُ المَزاوِدِ

وأعتق الله رقبته. وأوصى بماله في الرِّقاب. ورَقَبَه وراقبَه : حاذره لأن الخائف يرقب العِقاب ويتوقّعه ، ومنه فلان لا يراقب الله في أموره : لا ينظر إلى عقابه فيرْكَب رأسه في المعصية. وبات يرقُب النّجوم ويراقبها كقولك : يرْعاها ويُراعيها. وامرأة رَقوب : لا يعيش لها ولد فهي ترقُب موتَ ولدها. وطلع رقيبُ الثّرَيّا وهو الدَّبَرَان لأنّه يتبعها لا يفارقها أبداً فلا يزال يرقُب طلوعها ، ويقال : لا آتيك أو يَلْقى الثّرَيّا رقيبُها ؛ قال جميل :

أحَقّاً عِبادَ اللهِ أنْ لَستُ لاقِياً

بُثَينَةَ أوْ يَلقَى الثّرَيّا رَقيبُها

وورِث المجدَ عن رِقْبة أي عن كَلالة لأنّه يخاف أن لا يسلمَ له لخفاء نسبه. وتقول : نعم الرقيب أنت لأبيك ولأسلافك أي نعمَ الخَلَف لأنّه كالدَّبَران للثّرَيّا. ومنه قول عديّ يصف فرساً اتّبع غبار الحمير :

كأنّ رَيِّقَهُ شُؤبُوبُ غادِيَةٍ

لمَّا تَقَفّى رَقيبَ النَّقعِ مُسْطارَا

أي تَبِعَ آخر النّقع.

رقح ـ رقّحَ المالَ والعيشَ : قام عليه وأصلحه ؛ قال الحارث ابن حِلِّزة اليشكريّ :

يَترُكُ ما رَقّحَ مِن عَيْشِهِ

يَعيثُ فيهِ هَمَجٌ هامِجُ

وهو يترقّح لعياله : يتكسّب ، وهو راقحة أهله : لكاسبهم كما يقال : جارحة أهله. وفي تلبية الجاهليّة : جئناك للنَّصاحه لم نأتِ للرَّقاحه ؛ ويقال للتاجر : رَقاحيّ نسبة إليها ، وهو رَقاحيُ مال : كاسبه ومصلحه.

رقد ـ هو رَقّاد ورَقودٌ ، ولا يرقد باللّيل ، وما بي رُقود ورُقاد ، وما أطيبَ رَقدةَ السَّحَر ورقداتِ الضُّحى. وأرقدتِ المرأة ولدها : أنامته ، وتراقد : تناوم ، وبعثه من مَرْقَده ، وأخذوا مراقدهم. وسقاه المُرْقِدَ. واسترقدتُ فما أدركت الجماعة إذا غلبك الرُّقاد. وبين الدّنيا والآخرة هَمدة ورَقدة.

٢٤٤

وارقدَّ في سيره : أسرع ؛ قال ذو الرّمّة :

يَرْقدُّ في ظلّ عَرّاصٍ ويطردُه

حفيفُ نافجَةٍ عُثنونها حَصِبُ

وهذه رحى رقديّة منسوبة إلى جبل كما تُنسب الأرحاء في خوارزم إلى بلد ؛ قال ذو الرّمّة :

تفضّ الحصَا عن مجمراتِ وقيعَةٍ

كأرْحاء رَقْدٍ زَلَّمتها المَنَاقِرُ

وعندي راقود خلّ وهو نحو الإردبة يُسيَّع داخله بقار.

ومن المجاز : امرأة نؤوم الضُّحى ، ورقود الضُّحى : للمتنعمة. ورقد عن ضيفه إذا لم يتعهّده ؛ قال :

شَتومٌ لشَيخيْهِ سَرُوقٌ لجارِهِ

وعن ضَيفِه سُخنُ الفرَاشِ رَقُودُ

وأرقدتُ بالبلد : أقمتُ فيه. وأصابتنا رَقدة من حرّ وهي أن تدوم نصف شهر أو أقلّ. وَرَقَدَ الثوبُ مثل نام الثوبُ إذا لم يكن فيه مُستَمتَعٌ.

رقش ـ رقَّشه وترقَّشه ونقَّشه ؛ قال المرقّش :

والدّارُ قَفْرٌ والرّسومُ كمَا

رَقَّشَ في ظَهرِ الأديمِ قَلَمْ

وحيّة رقشاء ، وحيّات رُقْش. وهو يترقّش للنّاس : يتزيّن لهم. والمرأة تترقّش وتتقيّن إذا تنمّصتْ وتزيّنَتْ. وهدرتْ رقشاء البعير : شقشقته. وانظر إليه كيف يَرتَقِش أي يظهر حسنه وزينته.

ومن المجاز : رقَّشَ فلان إذا نمَّ لأن النَّمّام يزين كلامه ويزخرفه ؛ قال رؤبة :

عاذلَ قد أُولعْتِ بالتّرْقيشِ

كما قيل له : واش ونمّام لأنّه يَشِيه وينمنمه.

رقص ـ رَقَصَ المخنَّثُ والصّوفيّ رقْصاً ، وهذه مَرقَصة الصّوفيّة. وأرقصتِ المرأة ولدها ورقَّصته ، وقالت في ترقيصه كذا.

ومن المجاز : رَقَصَ البعيرُ رَقَصاً ورَقَصاناً : خَبَّ ، وأرقصه صاحبُه ، وأرقصوا في سيرهم. وترقَّصوا : ارتفعوا وانخفضوا. وقرأ ابن الزّبير (وَلأَرْقَصُوا خِلالَكُمْ).

وأتيته حين رقَص السّرابُ : اضطرب ؛ قال لبيد :

حتى إذا رَقصَ اللّوامعُ بالضُّحَى

واجتابَ أرديَةَ السّرَابِ إكامُها

والنبيذ إذا جاش رَقَص ؛ قال حسّان :

بزُجاجَةٍ رَقَصَتْ بما في قَعرِها

رَقَصَ القلوص براكبٍ مُستعجلِ

والحمار يرقُص إذا لاعب أُتُنه. وفلاة مُرقصة : تحمل سالكيها على الإسراع. وفلان يرقُص في كلامه : يسرع. وله رَقَصٌ في القول : عجلة. ولقد سمعتُ رَقَصَ النّاسِ علينا أي سوء كلامهم ؛ قال أبو وجزة :

فَما أرَدْنا بها مِنْ خُلّةٍ بَدَلاً

وَلا بها رَقَصُ الوَاشِينَ يستمعُ

وهو يرقُص فؤادُه بين جناحيه من الفزع. ورقَصَ الطعام وارتقص : غلا سعره ، وقد غُلِّط راويه بالقاف. وقيل : قد صَحّ بالفاء من الرُّفْصَةِ وهي النّوبة.

رقط ـ هو أرقط بيّن الرُّقْطَةِ والرَّقَط وهو نُقَط صغار من سواد وبياض أو من حمرة وصفرة تكون في الشّاء والدّجاج والحيّات. وقد رقط رقطاً وارقطَّ.

ومن المجاز : رقَّطتَ على ثوبي ونقَّطتَه إذا رشّش عليك فصارت فيه نُقط من الماء. وكان عبيدُ الله بن زياد أرقطَ شديدَ الرُّقْطَة فاحشَها كانت في جسده لُمَعٌ كالخِيلان وأكبر منها. وبعير أرقط إذا أخذه عَرٌّ كالقُوَباء.

رقع ـ الصاحب كالرُّقعة في الثّوب فاطلبه مشاكلاً. وثوبٌ فيه رُقَعٌ ورِقاع ، وثوبٌ مرقوع ومُرَقَّع في مواضع ، وارقَعْ ثوبك ، واسترقَعَ : طلب أن يُرقَعَ.

ومن المجاز : رَقَعَه بسهم : أصابه به ؛ قال الشمّاخ :

تَزَاوَرُ عن ماء الأساوِدِ أنْ رَأتْ

بهِ رامياً يَعتامُ رَقْعَ الخَوَاصِرِ

وأصاب رُقعة الغرَض وهي قرطاسه. ورقَعتُه بقولي فهو مرقوع إذا رميتَه بلسانك وهجوته. ولأرقعنّه رَقْعاً رصيناً. ورأى فيه مُتَرَقَّعاً : موضعاً للشتم ؛ قال :

٢٤٥

وما ترَكَ الهاجونَ لي في أديمِكم

مَصَحّاً ولكِنّي أرَى مترَقَّعَا

ورَقَعتُ خَلّة الفارس إذا أدركته فطعنته وهي الفرجة بينك وبينه ؛ قال عديّ :

أحالَ عليهِ بالقَناةِ غلامُنا

فأذرعْ بهِ لخلّةِ الشّاةِ راقِعَا

ومرّ يرقَع الأرضَ بقدميه. ورَقَع الشيخُ : اعتمد على راحتَيه عند القيام. وجمل مرقوع وبه رِقاع من جرب ورُقعة من جرب وهي النُّقبة. ورقَّع النّاقةَ بالهِناء ترقيعاً : تتبع رِقاعها أي نُقَبها به. وبقرة رقعاء : مختلفة الألوان كأنّها رِقاعٌ. وهذه رُقعة من الكلإ ، وما وجدنا غير رِقاع من العُشب. وفي مثل : «فيه من كلّ زِقٍ رُقَعٌ» أي فيه من كلّ شيء شيء. ولهم رُقعة من الأرض : قطعة ، ورِقاع الأرض مختلفة. وتقول : الأرض مختلفة الرِّقاع متفاوتة البقاع ؛ ولذلك اختلف شجرها ونباتها وتفاوت بنوها وبناتها. وهذا الثوب له رُقْعة جيّدة ؛ قال :

كرَيْطِ اليَماني قَد تَقادَمَ عَهدُهُ

ورُقعتُهُ ما شئتَ في العينِ واليَدِ

ورقَّع حالَه ومعيشتَه : أصلحها ؛ قال :

نرقِّعُ دنيانا بتَمزيقِ دينِنا

فلا دينُنا يَبقى ولا ما نُرَقِّعُ

وهو رَقاعيّ مال كرقاحيّ لأنّه يرقع حاله. ورجلٌ مُرَقَّعٌ ومُوَقَّع : مجرَّبٌ. ورجل رقيع وهو الذي يتمزّق عليه رأيه وأمره ، وقد رَقُع رَقاعة. وأرقعتَ يا فلان : جئتَ برقاعة. وتقول : يا مَرْقَعَانُ ويا مرقعانة : للأحمقين ، وتزوّج مرقعان مرقعانة فولدا مَلْكَعاناً وملكعانة. وفي الحديث : «لقد حكمت بحكم الله فوق سبعةِ أرقعةٍ». لأنّ كلّ طَبَقٍ رقيعٌ للآخر. وعاقَرَ الخَمرَ وراقَعَها : لازمَها. وما ارتقعتُ بهذا الأمر : ما اكترثتُ له ولم أبالِ به ؛ قال :

ناشدتَنا بكِتابِ اللهِ حُرْمَتَنا

ولم تكنْ بكتابِ اللهِ تَرْتقِعُ

وما ترتقعُ مني برَقاع : ما تقبل نصيحتي. وما رَقَعَ فلان مَرْقعاً : ما صنع شيئاً.

رقق ـ رَقَ الشيءُ رِقّةً ، وشيءٌ رَقيق. وعن بعض العرب : لا يزدادُ إلّا رُقُوقاً حتى يُخلَّل. وأرقّه ورَقّقه. وطعنه في مراقّ بطنه وهي ما رَقّ منه في أسافله. وضرب مَرَقَ أنفه ، ومراقَ أنفه. وابتلّ رقيقاه : ناحيتا منخريه ؛ وقال مزاحم :

أصَابَ رَقيقَيْهِ بمَهْوٍ كأنّهُ

شعاعةُ قرْن الشّمس ملتهب النَّصْلِ

يريد خاصرتيه. وحوَّر القرص بالمِرقاق وهو السّهم الذي يرقَّق به. وخبزٌ رُقاقٌ. وجاء بشواء في رُقاقَةٍ. وأرضٌ رَقاقٌ : ليّنة التراب رقيقة. وعبد رقيق من عبيد أرقَّاء ، وأَمَة رقيقة من إماء رقائق ، وقد رَقَ رِقّاً ، وضُرِبَ الرِّقُ عليه ، وعبد الشّهوة أذلُّ من عبد الرّقّ ، والعبدُ المعتَق بعضه يسعى فيما رَقَ منه ، وأعتق أحد العبدين وأرقَ الآخر ، واستُرِقّ فلان ، وتقول : أقرّ له بالحقّ وكتبه في الرَّقّ والرِّقّ. وزرعوا في الرَّقَّة وهي الأرض إلى جنب الوادي ينبسط عليها الماء أيّام المدّ ثمّ يحسر عنها فتكون مَكرَمَة للنّبات وجمعها الرِّقاق وبها سمّيتِ الرَّقَّة. وتَرقرق الماءُ : جرى جرياً سهلاً ، ورقرقته أنا ، وماء رَقراق ، وترقرق الدّمع.

ومن المجاز : في حاله رِقَّة ، وعجبتُ من قِلّة ماله ورِقّة حاله. وهو رقيق الدِّين ورقيق الحال ، وأرقّ فلان : رقّتْ حاله. وفي ماله رَقَقٌ. وشاخ ورقّ عظمه ، ورقّتْ عظامه. ورققتُ له ، ورقّ له قلبي ، وأرقّ الوعظُ قلبَه ورقَّقه. وأرقّتْ بكم أخلاقكم إذا شحوا ومنعوا خيرهم. وكلامٌ رقيقُ الحواشي ، ورقَّق كلامه. ورقَّق عن كذا : كَنَى عنه كناية يتوضّح منها مغزاه للسّامع. وفي المثل : «أعن صَبوح تُرقِّق». واسترَقّ اللّيلُ : مضى أكثره ؛ وقال ذو الرّمّة :

كأنّني بَينَ شَرْخَيْ رَحل ساهمَةٍ

حرْفٍ إذا ما استرَقّ اللّيلُ مأمومُ

ورقَّق مشيَه إذا مشى مشياً سهلاً. ورقَّق ما بين القوم إذا أفسده ؛ قال الأعشى :

وما زالَ إهداء الهَوَاجرِ بَينَنا

وتَرْقيق أقوَامٍ لِحَينٍ ومأثمِ

٢٤٦

وإنّك لا تدري علامَ يتراقُ هَرَمُك أي على أيّ شيء يتناهى رأيك ويبلغ آخره. وما ذا تختار من استرقاق اللّيل. وترقرق السّراب ؛ قال ذو الرّمّة :

يدوِّمُ رَقراقُ السّرَابِ برَأسِهِ

كما دوّمتْ في الخيطِ فَلكةُ مِغزَلِ

وكأنّه رقراق السّراب. ورقرقَ الشّرابَ : مزجه. ورقرقَ الطِّيبَ في الثوب ؛ قال الأعشى :

وتبردُ بَرْدَ رِداء العَرُو

سِ باللّيل رَقرَقتَ فيهِ العَبِيرَا

ورقرقَ الثّريدَ بالدّسم. وماء السّيف يترقرق في صفحتيه ، وماؤه في متنه رقراق.

رقل ـ ناقة مِرقال ، ونوق مراقيل ، وأرقلتْ في سيرها : أسرعتْ.

ومن المجاز : أرقل القوم إلى الحرب ؛ قال النّابغة :

إذا استُنزِلوا للطّعنِ عَنهنّ أرْقَلُوا

إلى المَوْتِ إرْقالَ الجِمالِ المَصَاعب

وفلان يُرقل في الأمور ، وهو مِرقال في النّوازِل ، وقيل لهاشم بن عُتْبة : المرقال لإرقاله في الحروب. وأرقلتْ إليهم الرّماح ؛ قال الهذلي :

أما إنّهُ لوْ كانَ غيركَ أرْقَلَتْ

إلَيهِ القَنَا بالرّاعِفاتِ اللهاذِم

وقال الرّاعي :

بسُمرٍ إذا هُزّتْ إلى الطّعنِ أرْقَلَتْ

أنابيبها بينَ الكُعوبِ الحوادِرِ

وتقول : ما هم رِجال إنّما هم رِقال ؛ جمع رَقْلة وهي النّخلة الطويلة.

رقم ـ فلان يلبس الرَّقْم وهو الوشي. وفي الحديث : «وما أنا والدّنيا والرَّقم». ورقَم الثوبَ وغيره : وشاه. ورقَم الكتابَ : بيّنَ حروفَه ، ونقّطه ورقّمه ، و (كِتابٌ مَرْقُومٌ) ومُرقَّم. والتاجر يرقُم الثِّياب ويرقِّمها : يُعلمها ، وثياب مرقومة ومرقَّمة. وللحمار رَقْمتان في يديه : نقطتان سوداوان كالدّرهمين. وكأن عيونهم عيون الأراقم وهي الحيات الرُّقش ، وكأنّه أرقم يتلمّظ. وتقول : فلان يَهدي إلى اللَّقَم بالرّقيم والأرقم أي بالكتاب والقلم.

ومن المجاز : «هو يرقُم في الماء» ويرقُم حيث لا يثبت الرَّقْم ، مثل في الذي يعمل ما لا يعمله أحد لحِذقه ورفقه ؛ قال :

سأرقُم في الماء القَراح إليكُمُ

على نأيكم إن كان في الماء راقمُ

وأرض مرقومة : فيها نُبَذ من النّبات. وما وجدت فيها إلّا رَقْمةً من كلأ. ورقَم البعيرَ : كواه ؛ قال حسّان :

نَسَبي أصيلٌ في الكِرامِ ومِذوَدي

تكوي مراقمُهُ جُنوبَ المُصْطلي

أي مكاويه ، الواحد مِرقَم. ورقَم الخبز بالمِرقَم. وتقول : هو سيّد قرم على غرّته للسؤدد رقم.

رقن ـ رقَّنَ الكتابَ : كتبه كتابةً حسنة. والترقين : الترقيش ؛ قال رؤبة :

دارٌ كخَطّ الكاتِبِ المُرَقِّنِ

وفي نوابغ الكلم : العلم درس وتلقين لا طِرس وترقين. وثوب مُرقَّن : مصبَّغ. ورقّن رأسه بالحنّاء. وترقّنتْ وارتقنتْ واسترقنَتْ : تضمّختْ بالرَّقون والرِّقان وهو الزّعفران.

رقي ـ رَقَى في السُّلَّم وارتَقَى وترَقّى ، ورَقِيَ السّطحَ والجبلَ وارتقاه وترقّاه ، وهذا جبل لا مَرْقَى فيه ولا مُرْتَقَى ، وهو صعب الرُّقيّ والرَّقْي ؛ قال :

أنتَ الذي كَلّفتَني رَقْيَ الدَّرَجْ

على الكَلالِ والمَشيبِ والعَرَجْ

وهو راقٍ من الرُّقاة ، ورقّاء نافع الرُّقَى ، ورَقاني بِرُقية كذا ، ويقال : باسم الله أرقيك والله يشفيك ؛ وقد رُقي وسُقيَ حتى شُفي وعُوفي ، وسليم مَرْقيٌ ، ولدغته حيّة لا تقبل الرُّقَى ، واسترقاه لداء به.

ومن المجاز : ما زال فلان يترقّى به الأمر حتى بلغ غايته. والجود مَرقاة ومِرقاة إلى الشرف. والمجد صعب المراقي.

٢٤٧

ولقد ارتقيتَ يا فلان مُرتَقًى صعباً ، ورقّاك الله أعلى الرُّتب ؛ وقال :

وَارْقَ إلى الخَيراتِ زَنْأً في الجَبَلْ

ورقّى عليه كلاماً : رفع ، ورُقي إلى سمعه كذا. وترقّى في العلم والملك : رَقيَ درَجة درجة. وتراقَى أمرهم إلى الفساد وترامى. وارتقى بطنُ البعير : امتلأ شِبَعاً. وارتقى القرادُ في جنب البعير. ورَقَيتُ فلاناً إذا تمَلّقتَ له وسللتَ حقدَه بالرِّفق كما تُرقَى الحيّةُ حتى تُجيبَ ، وقال كثيّر لعبد الملك بن مروان :

وما زالتْ رُقاكَ تَسلّ ضِغْني

وتُخرجُ من مَكامِنها ضبابي

ويَرقيني لكَ الحاوُونَ حتى

أجابك حَيّةٌ تحتَ الحِجابِ

ركب ـ رَكِبَه وركبَ عليه رُكوباً ومَرْكباً ، وإنّه لحسن الرِّكبة ، ونعم المركب الدابة ، وأُرفئ مركب فلان فركب فيه ، وجاءت مراكب اليمن : سفائنه. وأوضعوا ركابهم وركائبهم ، وما له ركوبة ولا حلوبة ، وبعير ركوب ، وإبل رُكُبٌ ، وهم رُكبان الإبل ، ورُكّاب السّفن ، وأركبني خلفه ، وأركبني مركباً فارِهاً. وأركبَ المهرُ ، ولي قلوصٌ ما أركبتْ. وفارسٌ مركَّبٌ : أعطاه رجل فرساً يغزو عليه على أن له بعضَ غُنْمه ؛ قال :

لا يَركَبُ الخيلَ إلّا أنْ يُرَكَّبَها

ووضع رجله في الرِّكاب ، وقطعوا رُكُبَ سروجهم. وزيتٌ رِكابيّ : محمولٌ من الشّأمِ على الرِّكاب. ومرّ بي رَكْبٌ وأُرْكوبٌ. ومرّوا بنا رُكوباً. واستركبتُه فأركبني. وركّبَ الفصَّ في الخاتم والسنان في القناة فتركّب فيه. ورَكَبتُه : ضربتُ رُكْبَتَيْه ، وضربته بركبتي وهو أن تقبض على فوديه ثمّ تضرب جبهته بركبتك. ورجل أركبُ : عظيم الركبة. وبين عينيه مثل ركبة العنز من أثر السجود. ووسِّعْ رَكيبَ كَرْمك ومبطختِك وهو الظهر بين النّهرين.

ومن المجاز : رَكِبَ الشحمُ بعضُه بعضاً وتراكب. ورَكِبَهُ الدَّينُ. ورَكِبَ ذنْباً وارتكبه. ورَكِبَه بالمكروه وارتكبه. وإن جزورهم لذات رواكبَ وروادفَ ، فالرواكب طرائق الشحم في مقدّم السّنام والروادف في مؤخّره. والرّياح رِكابُ السّحاب ؛ قال أميّة :

ترَدَّدُ والرّياحُ لها رِكابُ

ورَكِبَ رأسَه : مضى على وجهه بغير رويّة لا يطيع مرشداً. وهو يمشي الرَّكْبَةَ ، وهم يمشون الرَّكَبَاتِ. وفي حديث حذيفة : «إنّما تهلكون إذا صرتم تمشون الرَّكَباتِ كأنّكم يعاقيبُ حَجَلٍ لا تعرفون معروفاً ولا تنكرون منكراً». وعلاه الرُّكَّابُ : الكابوس بوزن كُبّار. وطلعت رُكْبانُ السنبل : سوابقه وأوائلُه إذا خرجت به من القُنْبُع. وهو كريم المنبت والمركّب. وهذا أمر قد اصطكت فيه الرُّكَب وحكّت فيه الرُّكبةُ الرُّكبةَ.

ركد ـ ريح راكدة : ساكنة ، ورياح رواكد. وماء راكد : لا يجري. وركدت السفينة. وللشمس رُكود وهو أن تدوم حِيال رأسك كأنّها لا تريد أن تبرح. ورَكدَ الميزانُ : استوى. وركد القوم في مكانهم : هدؤوا ، وهذه مراكدهم ومراكزهم.

ومن المجاز : ركدت ريحهم إذا زالت دولتهم وأخذ أمرهم يتراجع ، وطفقت ريحهم تتراكد. وجَفنة ركود : ثقيلة. وتقول : لبني فلان لِقْحَةٌ رَفود وجَفنة ركود : تملأ الرِّفد وهو العُسّ. وناقة مَكُود ركود : دائمة اللبن.

ركز ـ أنزل الله بهم رِجْزاً حتى لا تسمع لهم رِكزاً ؛ أي همساً. وركز الرّمحَ والعودَ ركزاً ؛ قال ذو الرّمّة :

عن وَاضحٍ لوْنُه حُوّ مراكِزُهُ

كالأُقحُوانِ زَهتْ أحقافُه الزّهرَا

أي لثاتُه. وركز الله المعادن في الجبال ، وأصاب ركازاً : مَعْدِناً أو كنزاً. وقد أركز فلان.

ومن المجاز : هذا مركزُ الجُند ، وأخلّوا بمراكزهم. وعِزّ بني فلان راكز : ثابت لا يزول. وإنّه لمركوزٌ في العقول. ودخل علينا فلان فارتكز في مكانه : لا يبرح. وارتكز على قوسه : جنح على سِيتَها معتمداً. وكلَّمته فما رأيتُ له رِكزة : مُسكةً من عقل.

٢٤٨

ركس ـ أركسَه ورَكَسه : قلبه على رأسه. وهو منكوس مركوس. وأركسه في الشرّ : ردّه فيه (كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ) أُرْكِسُوا (فِيها). وأركس الله عدوّك : قلبه على رأسه أو قلبَ حالَه. وارتكس فلان في أمر كان نجا منه. وفي الحديث : «والفِتَنُ تَرتَكِسُ بين جراثيم العَرب». يرتكس أهلُها فيها أو ترتدّ هي بعد أن تذهب. وأركِسِ الثوبَ في الصّبْغ : أعِدْه فيه. وشَعر متراكس : متراكب. وشدّ دابته إلى الرِّكاسة وهي الآخِيّة. وهذا رِكْس رِجْس. وبناء رِكْسٌ : رُمّ بعد الانهدام.

ركض ـ رَكَلَ الدابة برجل ورَكَضها برجلين : ضربها ليستحثّها ، واضربْ مركَضَيها ومَركَلَيها ، واضربوا مراكضها ومراكلها. وراكَضَهُ الخيلَ ، وخرجوا يتراكضون الخيل ، وتراكَضُوا إليهم خَيلَهم حتى أدركوهم ، وارتكضوا في الحَلْبة.

ومن المجاز : الطائر يَرْكُضُ بجَنَاحَيْه : يحرّكهما ويردّهما على جسده ؛ قال العجّاج :

إذا النّهارُ كَفَ رَكْضَ الأخْيلِ

هو طائر أخضرُ لا يَنجَحِر وقت الهجير ، كما يفعل سائر الطيور ، فوصف النّهار بكَفّه إيّاه عن الطيران لشدّة حَرّه. والمرأة تركُض ذيولها وتركض خَلْخالها ؛ قال النابغة :

والرّاكضَاتِ ذُيُولَ الرَّيْطِ فَنّقَها

ظِلُّ الهَوَادجِ كالغِزْلانِ بالجَرِدِ

وقال ابن مقبل :

صَدَحتْ لنا جَيْداء تَرْكُضُ ساقُها

عندَ التِّجَارِ مَجامِعَ الخلْخالِ

وفي الحديث : «هي رَكْضَة من الشّيطان». وعن أبي الدُّقَيْش : تزَوّجتُ جارية فلم يكن عندي شيء فركضتْ برجليها في صدري ثمّ قالت : يا شيخ! ما أرجو بك؟ ورَكَضَه البعيرُ نحو رَمَحهُ الفرس. ورَكَض النّارَ بالمِرْكض : بالمِسْعَر ؛ قال البُرَيْق الهذليّ :

فأنتَ الذي يُتّقَى شَرُّهُ

كما تُتّقَى النّارُ بالمِرْكَضِ

وركضَتِ النّجومُ في السّماء : سارت. وبتُّ أرعى النّجوم وهي رواكض. وركضتِ القوسُ السّهم : حفَزَتْه ، وقوس رَكوض ؛ قال كعب بن زهير :

شَرِقاتٍ بالسّمّ مِن صُلَّبِيّ

ورَكوضاً منَ السَّرَاء طَحُورَا

وركضتُ القوس : رميتُ فيها ؛ قال البعِيث :

ورِشْق من النّشّابِ يَحْدُونَ وِرْدَه

إذا رَكَضُوا فيهِ الحَنيَّ المُؤطَّرَا

وقوس طوعُ المِرْكضين والمركضتَين وهما السِّيَتان ؛ قال الشمّاخ :

بحَافَتِهِ رامٍ أعَدَّ مُذَرَّباً

وبالكَفّ طوْعُ المرْكضَينِ كَتُوم

وركض الرجلُ : ضرب برجله الأرضَ (إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ) يعدُون لشدّة الوَطء. وركضت الخيل : ضربت الأرض بحوافرها ، وجاءت الخيل رَكْضاً. وركض الجُنْدَب الرَّمْضاء بِكُرَاعَيه ؛ قال ذو الرّمّة يصف جُنْدَباً :

مُعْرَوْرِياً رَمَضَ الرَّضْرَاضِ يركُضه

والشّمسُ حَيرَى لها في الجوّ تَدْوِيمُ

وتركتُه يركُض برجله للموت ، ويرتَكِض ليموتّ. وارتكض الولد في البطن : اضطرب. وأركضتِ النّاقة : ارتكض ولدها فهي مُركِض ومركِضة. وارتكض الماءُ في البئر : اضطرب. وهذا مرتَكَض الماء : لِمَجَمّه. وارتكض في أمره : تَقَلّبَ فيه وحاوله. وقعدْنا على مراكض الحوْض وهي جوانبه التي يضربها الماء.

ركع ـ شَيخ راكع : مُنْحَنٍ من الكِبَر ، وشيوخ رُكَّع ، ومنه ركوع الصلاة ، وصلّى ركعة : قومة سمّيت بالمَرّة من الرّكوع فيها ، وكانت العرب تُسمّي من آمن بالله تعالى ولم يَعْبُد الأوثان راكعاً ، ويقولون : ركع إلى الله أي اطمأنّ إليه خالصة ؛ قال النّابغة :

سيبلغُ عُذراً أوْ نجاحاً من امرئ

إلى رَبّهِ ربِّ البَرِيّةِ راكِعُ

ومن المجاز : لغِبَتِ الإبل حتى ركعت ، وهنّ رواكع

٢٤٩

إذا طأطأت رؤوسها وكبتْ على وجوهها ؛ قال :

وأفلَتَ حاجب فوت العَوَالي

على شَقّاء تركعُ في الظِّرَابِ

وقال ذو الرّمّة :

إذا ما نَضَوْنا جَوْزَ رَملٍ عَلَتْ بنا

طَريقَة قُفٍّ مُبْرِحٍ بالرّواكِعِ

وركع الرّجل : انحطّت حاله وافتقر ؛ قال :

لا تُهِينَ الفَقِيرَ عَلّكَ أنْ

تركعَ يوْماً والدّهرُ قد رَفَعَهْ

حذف النّون الخفيفة من تُهِينَنْ.

ركك ـ رجل ركيك : ضعيف النَّحيزة فَسْلٌ. وَرَكّ يَرِكّ رِكّة ورَكاكة. واقطع الحبلَ من حيث رَكّ أي ضعف. واستركّوه فاستجرأُوا عليه ؛ قال القطاميّ :

ترَاهم يغمِزُونَ مَنِ استرَكّوا

ويجتَنِبونَ من صَدقِ المصَاعَا

ورجل رَكيك ورُكَاكَة : تَستركّه النّساء فلا يَهَبْنَهُ ولا يَغَار عليهنّ ، «ولُعِن الرُّكاكَة». وما أصابنا إلّا رَكٌ من مطر وركيك ورَكيكَةٌ ، وما وقع إلّا ركائك المطر ، وأركّتِ السّماءُ وأرَذّتْ وأرَشّتْ. ورَكَكْتُ هذا الأمر في عُنقه أرُكُّه : ألزمتُه إيّاه. وركت الأغلال في أعناقهم.

ركل ـ فرس نَهْدُ المراكل ؛ قال النّابغة :

فيهِمْ بَناتُ العَسجَديّ ولاحِقٍ

وُرْقٌ مَراكِلُها منَ المِضْمارِ

وقال زهير :

إذا ما سَمعنا صارِخاً مَعَجَتْ بنا

إلى صَوْتِهِ وُرْقُ المَراكلِ ضُمَّرُ

وركله برِجْله : رَفَسَه. وفلان نَكّالٌ ركّال. وتقول : لأرْكُلَنّكَ رَكْلَهْ لا تأكل بعدها أكْلَهْ. والصّبيان يتراكلون ، وراكَلَ الصّبيُّ صاحبَه ؛ وقال زَيّان بن سيَّار يصف نساء وُقُحاً :

يُرَاكِلْنَ عُرّامَ الرّجَالِ بأسْؤقٍ

دِقاقٍ وأفْواهٍ عَلاقِمَةٍ بُخْرِ

وتركَّل الحافرَ على مِسحاتِه : ضربها برجله لتغيبَ في الأرض ؛ قال الأخطل :

رَبَتْ ورَبا في كَرْمِها ابنُ مَدينَةٍ

يَظَلّ على مِسحاتِه يَترَكَّلُ

ابن أَمَة أو قَرويّ. وركَّلَتِ الخيلُ الأرض : كدّتها بحوافرها وراكلت ؛ قال أبو النّجم :

وراكَلَتِ القُرْيانَ حتى تخَدّمَتْ

سَفاً من قرَارَاتِ التِّلاعِ الضّوَارِجِ

أي صار السَّفا لها كالخَدَم.

ركم ـ رَكَمَ المتاعَ فارتكم وتراكم. وسحابٌ ورملٌ مركوم ورُكام ومُرتكم ومتراكم.

ومن المجاز : تراكم لحمُ النّاقة إذا سمنت ، وناقة مركومة : سمينة. وتراكمت الأشغال وارتكمت. وهذا مُرتكَم الطريق : مستواه وجادّته ، وتقول : أخذ فلان لَقَم الطريق وثَكَمَه وسلك جادّته ومرتَكَمَه.

ركن ـ استلم أركان البيت. وكأنّه ركنُ يَذْبُلَ. وجبلٌ ركين : عزيز ذو أركان. وشيء مُرَكَّن : له أركان. ورَكَن ورَكِنَ إليه رُكوناً ، وهو راكن إلى فلان وساكن إليه.

ومن المجاز : فلان يأوي من عزّ قومه إلى ركن شديد. وتمسّحتُ بأَركانه : تبركتُ به. وناقة مُرَكَّنَة الضَّرع : منتفخته. ورجل ركين : رزين شُبّه بالجبل الرّكين ، وقد رَكُنَ ركانة ، وزرعوا الرّياحين في المراكن.

ركو ـ ملأ الرَّكْوَة من الرَّكِيّةِ ، والجمع الرِّكاء والرَّكايا.

ومن المجاز : قول بشر :

بكلّ قرارَةٍ من حيثُ جالَتْ

ركيّة سنبُكٍ فيها انْثِلامُ

أراد محفِر السنبك شبّهه بركيَّة ثُلِمَ في شقّ منها.

رمث ـ حبل أرماث وأرمام : خَلَقٌ. وركبوا الرَّمَثَ في البحر وهو الطَّوْف. وفي الحديث : «إنّا نركب أرماثاً لنا في البحر» ؛ وقال جميل :

تَمَنّيتُ من حُبّي بثيْنَةَ أنّنَا

على رَمَثٍ في البحرِ لَيسَ لنا وَفْرُ

٢٥٠

ورَعَتِ الإبلُ الرِّمْثَ والأرماث وهو من الحَمْض ؛ قال :

ألا حَنّتِ المِرْقال واشتاقَ رَبّها

تَذكَّرُ أرماثاً وأذكرُ مَعشرِي

ولوْ عُلّمتْ صَرْفَ البيوعِ لسَرّها

بمكّةَ أن تَبتاعَ حَمْضاً بإذْخِرِ

أي تبيع رمْثاً بإذخر.

رمح ـ رمحتُه : طعنتُه بالرّمح ، ورجل رامح نابل ، وهذا رَمّاح : حاذق في الرِّماحة ، ورامحه مرامحة ، وترامحوا وتسايفوا ، ولهم رماح وأرماح. ورمحَتْه الدابة ، ودابة رمّاحة : عضّاضة ، ورَموح : عضوض.

ومن المجاز : طلع السِّماك الرامح. وركض الجُنْدَبُ ورَمَح : ضرب الحصى برجله. وأخذتِ الإبلُ رِماحَها : منعتْ بحسنها أن تُنحر ؛ قال النّمر :

أيّامَ لم تأخذْ إليّ رِمَاحَها

إبلي بجِلّتِها ولا أبكارِها

وإبل ذوات رماح ، وناقة ذات رمح ؛ قال الفرزدق :

فمكّنْتُ سَيفي من ذواتِ رماحها

غَشاشاً ولم أحفِلْ بكاءَ رعائِيا

وأخذتِ البُهْمَى رماحَها : منعتْ بشوكها أن تُرعَى. وأصابته رماح الجنّ : الطاعون ؛ قال زيد بن جندبٍ الإيادي :

ولو لا رماح الجنّ ما كان هزَّهم

رِماحُ الأعادي من فَصِيحٍ وأعجَمِ

وأنشد الجاحظ :

لعمرُكَ ما خشيتُ على أُبَيٍ

رماحَ بني مقيِّدَةِ الحمارِ

ولَكِنّي خَشِيتُ على أُبَيٍ

رماحَ الجنّ أوْ إيّاكَ حارِ

الأنذال أصحاب الحمر دون الخيل. ورمَح البرقُ : لمع لمعاً خفيفاً متقارِباً. ورأيتُ مهاة ورامحاً أي ثوراً ، سُمّي لقرنيه ؛ قال ذو الرّمّة :

وكائنْ ذَعَرْنا مِن مَهاةٍ ورامِحٍ

بلادُ الوَرَى لَيستْ لَه بِبِلادِ

وكسروا بينهم رمحاً : وقع بينهم شرّ. ومُنينا بيوم كظلّ الرّمح : طويل وضيّق ؛ قال ابن الطَّثَرِيّة :

ويوْم كظلّ الرّمحِ قصر طُوله

دم الزّقّ عَنّا واصطفاق المزاهرِ

وهم على بني فلان رمح واحد ؛ قال طفيل :

وألفَيتَنا رُمحاً على النّاسِ واحداً

فنظلِمُ أوْ نأبَى على مَن تَظَلّمَا

رمد ـ رَمَّدَ الشِّوَاءَ. وقَدِمْنا هذا البلد فرَمَدْنا فيه أي هلكنا وصرنا كالرّماد ، ومنه أصابهم عام الرَّمادة وهي القحط. وأرمد القوم مثل أسنتوا. ونعامة رمداء وربداء ، ونعام رُمْد ورُبْد. ومنه قيل : ارمدّ : عَدَا عَدْو الرُّمْدِ. وعين رمداء ، وعيونٌ رُمْدٌ ، ورَمِدتْ عينه ، وبه رَمَدٌ ، وهو رَمِدٌ وأرمدُ ، وأرمَدَ عينَه البكاءُ. وارمَدّ وجهُه واربَدّ. وماءٌ رَمِدٌ : آجن. وثوبٌ رَمِدٌ وأرمَدُ : وسِخ. وتقول : إن طنين الرُّمد من الدواهي الرُّبد ؛ وهي البعوض لرُمْدة لونه ؛ قال أبو وجزة :

تَبيتُ جارَتَهُ الأفعَى وسامِرُهُ

رُمْدٌ به عاذِرٌ منهنّ كالجَرَبِ

ومن المجاز : سُفيَ الرَّمادُ في وجهه إذا تَغَيّر. وفي مثل : «شَوَى أخوك حتى إذا أنضجَ رَمَّد» أي أحسن ثمّ أفسد إحسانه. وبكت عليه المكارم حتى رَمِدَتْ عيونُها وقَرِحتْ جفونُها.

رمز ـ رَمَزَ إليه ، وكلّمه رمزاً : بشفتيه وحاجبيه. ويقال : جاريةٌ غمّازةٌ بيدها همّازةٌ بعينها لمَّازَةٌ بفمِها رمّازَةٌ بحاجبها. ودخلتُ عليهم فتغامزوا وترامزوا. وضربه حتى خرَّ يرتمز للموت : يتحرّك حركة ضعيفة وهي حركة الوقيذ. ونَبّهتُه فما ارتمز وما ترمَّز ؛ قال :

خررتُ منها لقَفايَ أرتَمِزْ

وقال مُزرّد :

٢٥١

إذا شَفَتَاهُ ذاقَتَا حَرَّ طَعمِه

ترَمّزَتا للجوعِ كالإسَكِ الشُّعْرِ

ما قصَّر في التشبيه ؛ وقال الطّرِمّاح :

إذا ما رآه الكاشِحونَ ترَمّزُوا

حِذاراً وأوْمُوا كلُّهم بالأنامِلِ

وضربته فما اشمأزّ ولا ارمأزّ. ونُهِيَ عن كسب الرَّمّازة وهي القَحبة. وكتيبة رمّازة : تموج من نواحيها ؛ قال ساعدة ابن جؤيّة :

تحميهِمُ شهباءُ ذاتُ قوانِس

رَمّازَةٌ تأبَى لهم أن يُحْرَبُوا

وتقول : شتّان بين منازلة الرُّمّازه ومغازلة الرَّمّازه.

رمس ـ غدا إلى الرّمس كأنْ لم يغنَ بالأمس ؛ وهو القبر وما يُحثى على الميت من التراب وأصله الدفن وحَثْيُ التراب عليه ، يقال : رَمَسَه بالتراب.

ومن المجاز : الرّيح تَرمُسُ الآثارَ بما تثيره ، وعفّتْها الرّامساتُ والرّوامس ، ورَمَستَ عليّ الأمرَ : كتمتَه ، ورُمِسَ الخبر ؛ قال لقيطُ بن زُرارة :

يا ليتَ شعري اليوْمَ دَخْتَنوسُ

إذا أتاها الخَبَرُ المَرْمُوسُ

أتَحلِقُ القُرُونَ أمْ تَمِيسُ

لا بَل تَمِيسُ إنّها عَرُوسُ

ورَمَسْتُ حبَّك في قلبي ؛ قال :

إذا ألحَمَ الوَاشُونَ للشّرّ بَيْنَنا

تَبَلَّغَ رَمسُ الحُبِّ غير المُكذَّبِ

اشتَدّ واستحكمَ من تَبَلَّغَ به المرضُ. ويقال : ألحَمَ الحرب والشرّ واللّام صلة.

رمص ـ من ساءه الرَّمَص سرّه الغَمَص ؛ لأن الغمص ما رَطُبَ وهو خير من اليابس.

رمض ـ مشَى على الرّمضاء وهي الحجارة التي اشتدّ عليها وقع الشّمسِ فحَمِيَتْ وقد رَمِضَتْ رَمَضاً. وأرضٌ رَمِضَةٌ. ورَمِضَ يومُنا رَمَضاً. ورُمِضَ الرّجُلُ : أحرقتْ قدميه الرَّمضاء. وأرمَضَ الحَرُّ القومَ. ويقال : غَوِّروا بنا فقد أرمضتُمونا. وخرج يترمَّض الظِّباء : يسوقها في الرَّمضاء حتى تتفسّخ أظلافها فيأخذها. ولحم مرموض : مرضوف. وموسَى رَميض ورميضة ، وقد رمضها وأرمضها : دقّها بين حجرين لترِقّ.

ومن المجاز : تداخلني من هذا الأمر رَمَض ، وقد رَمِضتُ له ورَمِضتُ منه وارتمضت. وأرمضني حتى أمرضني. وأتيت فلاناً فلم أجده فرمَّضتُه ترميضاً أي انتظرته ساعة ومعناه نسبته إلى الإرماض لأنّه أرمضك بإبطائه عليك.

رمع ـ انظر إلى رَمّاعته كيف تضطرب وهي ما يَرْمَع من يأفُوخ الصبيّ أي يتحرّك في أوان رَضاعه ؛ قال :

يَظَلّ به الحرْباء يرْمعُ رَأسُهُ

من الحرّ تزفانَ الوَليدِ المُتَمَّمِ

من التميمة ، ومنه : اليرمَعُ الحصى الأبيض الذي يلمع.

ومن المجاز : «كَفّا مُطلَّقَةٍ تفُتُ اليَرْمعَا» : يُضرب للمغتاظ.

رمق ـ ما زلت أرمقه وأرامقه حتى غاب عن عيني إذا أتبعتَه بصرَك وأطلتَ النّظر. وتقول : أنا أمِقُه فلا أني أَرمُقه. وما به إلّا رَمَق ، وما بقي إلّا أرماقهم. وهذه نخلة لا ترامق إلّا بعِرق واحد. ويقال : «موت لا يجرُّ إلى عار خير من عيش في رِماق». وما عيشه إلّا رُمْقة ورِماق ؛ قال رؤبة :

ما سَجْلُ معرُوفِكَ بالرِّماقِ

وَلا مُؤاخاتُكَ بالمِذاقِ

ورامق الأمرَ : لم ينضجه ولم يتمّه وأبقى من إصلاحه بقيّة ؛ قال العجّاج :

والأمْرُ ما رامَقْتَهُ مُلَهْوَجَا

يُضْوِيكَ ما لم تُحي منهُ مُنضَجَا

ورمَّق غنمَه : سقاها ماءً قليلاً ، وهم يرَمِّقُونه بشيء قليل ، وترمَّقَ الماءَ واللّبن : تحسّاه حَسوةً حَسوَةً. ورمَّقَ الكلامَ : لفّقه شيئاً فشيئاً. وارمَقَ عيشه ، وعيش مُرْمَقٌ ؛ قال الكميت :

يُعالجُ مُرْمَقّاً منَ العَيشِ فانِياً

له حارِكٌ لا يحملُ العبْء مُثْقلُ

٢٥٢

رمك ـ فلان يركب الرَّمَكَ والرِّماكَ. وتعطر بالرّامَك وبالرّامِك وهو ضرب من الطِّيب في لونه رُمْكَةٌ وهي وُرْقَةٌ في سواد من قولهم : جمل أرمكُ ؛ وقال رؤبة :

وصبية مثل الدّخانِ رُمْكَا

يُخْلَطُ بالمِسكِ فيُجعَلُ سُكّا

وتقول : لا تمنعني صحبتَك وإكرامك ، فقد يستصحبُ المسكُ الرّامَك.

رمل ـ نزلوا بين رمال وجبال. وحبّذا تلك الرّمال العُفْر والبلاد القَفْر. وهذه رملة حضنتني أحشاؤها. ورَمَّلَ الطّعامَ : جعل فيه الرّمل. وهذا حَبٌ مُرَمَّلٌ ، ورمَّله بالدّم ، وترمَّل به وارتمل ؛ قالت كبشة :

ولا تَرِدُوا إلّا فُضُولَ نِسائِكُم

إذا ارتملَتْ أعقابهنّ منَ الدَّمِ

والرَّمَلُ في الطّواف سنَّة ، وقد رَمَلَ رَمَلاً ورملاناً إذا هرولَ. ورَمَلَ الحَصيرَ والسّريرَ وأرملَ : سَفَّ ، وحصير مرمول ومُرْمَلٌ ، ونساءُ رواملُ : سَوافُّ.

ومن المجاز : قول أبي النّجم :

هِيفٌ تَضيقُ الأُزْرُ عن رِمالِها

وأرمل : افتقر وفني زاده وهو من الرّمل كأدقع من الدقعاء ، ومنه الأرملة والأرامل ، وفي كتاب العين : ولا يقال شيخ أرملُ إلّا أن يشاء شاعر في تلميح كلامه كقول جرير :

هَذي الأرَامِلُ قَد قَضّيتَ حاجتَها

فمَن لحاجَةِ هذا الأرْمَلِ الذَّكَرِ

وأرملتِ المرأةُ ورمَلَتْ من زوجها ولا يكون إلّا مع الحاجة. وعام أرمل ، وسنة رملاء : جدبة. وكلامٌ مُرَمَّلٌ : مزيَّف كالطّعام المرمَّل ؛ قال :

وقافيَةٍ قد بتُّ أعدلُ زيفَها

إذا أُنشِدَتْ في مجلِسٍ لم تُرَمَّلِ

رمم ـ الله يحيي الرَّميم والرِّمَمَ والرِّم والرُّمام بوزن الرُّفات ؛ قال :

ظَلّتْ على مُوَيْسِلٍ حِيَامَا

ظَلّتْ علَيهِ تَعلُكُ الرُّمَامَا

أي تتملّح به. ونهَى عن الاستنجاء بالرَّوث والرِّمّة. وفي رأس الوتِد رُمّة ورِمّة : قطعة حبيل بال. ورمَمْتُ من البنيان ما استُرِمّ منه. ورَمّ قوسَه : أصلحها. ورَمّ العظمُ والحبلُ ، وحبل أَرْمام. والشاة تَرُمّ الحشيش من وجه الأرض بمِرمّتها. وأَرمّ الرّجلُ : سكت ، وكلّمهم فأرمّوا كأن على رؤوسهم الطير ، وتكلّموا وهو مُرِمٌ لا ينبِس. وكان ساكتاً ثمّ ترمرم أي حرّك فاه ؛ قال :

إذا تَرَمرَمَ أغضَى كلُّ جَبّارِ

ومن المجاز : أحيا رميمَ المكارم. ودفعه إليه برُمّته أي كلّه ، وأصله أن رجلاً باع بعيراً بحبل في عنقه فقيل ذلك ؛ قال ذو الرُّمّة :

جئنا بأثآرهم أسْرَى مُقرَّنَةً

حتى دَفعنا إليهِم رُمّةَ القَوَدِ

أي تمامه ، ومنه ارتَمّ ما على الخِوان واقتمَّه : اكتنسه. وترمّمَ العظمَ : تعرّقه أو تركه كالرّمّة. وانتشر أمرُهم فرمّه فلان. ولمّ اللهُ شعثك ورمّ نشرك. ورمّ سهمَه بعينه : نظر فيه حتى سوّاه. وأمرُ فلانٍ مرموم ؛ وقال ذو الرُّمّة :

هل حبل خرْقاءَ بعدَ الهَجرِ مَرْمُومُ

وترمّمه : تتبّعه بالإصلاح ؛ قال عنترة بن شدّاد :

هل غادرَ الشّعراءُ من مُتَرَمَّمِ

وله الطِّمّ والرِّمّ : المال الجمّ.

رمن ـ من صدور المُرّان يُقتطف رُمّان الصّدور ؛ وقال النابغة :

يُخَطِّطْنَ بالعِيدانِ في كُلّ مجْلسٍ

وَيخبَأنَ رمّانَ الثُّدِيّ النّوَاهِدِ

يعدّدنَ مَفاخرَ الآباء. وملأتِ الدابةُ رُمّانتها وهي موضع العلف من جوفها. وأكل حتى نتأتْ رُمّانتُه وهي السُّرّة وما حولها.

رمي ـ رَمَاه عن القوس بالمِرْماة وبالمَرَامي رَمْيَةً صائبة ورَمَياتٍ صوائبَ ، وهو جيّد الرَّمْي والرِّماية. ورَمُوَتِ اليدُ يدَه. وهو من رُماة الحدَق. وهو رجلٌ رَمّاء. وترامَوه وارتَمَوه. وخرجوا يَرتَمون ويترامون في الغرض. وراماه مُراماة ورِماء ، وفي مثل : «قبل الرِّماء تُملأ الكنائن».

٢٥٣

وخرجتُ أرتمي : أرمي القنَص. وخرجتُ أترمّى : أرمي في الأغراض. ورأيتُ المتاعَ مُرَمًّى به في كلّ موضع. ونفذ سهمُه في الرَّمِيّة والرّمايا.

ومن المجاز : رُميَ في عينه بالقَذى ، ورماه بعينه. ورماه بالفاحشة. ورمَى بحبله على غاربه : تركه وخلّاه ؛ قال ذو الرُّمّة :

أطاعَ الهَوَى حتى رَمَتهُ بحَبْلِهِ

على ظهرِه بعدَ العِتابِ عَوَاذِلُهْ

وهو مُرامٍ عن قومه : مناضل. وطعنه فرمى به ، وأرماه عن ظهر فرسه. ورمَى بالعِدْل عن ظهر البعير وأرماه : ألقاه. وأكل التّمرَ ورمى بالنَّوَى. ورَمَتِ الأرميةُ بالأسْمِيَة أي السُّحب بالأمطار. والرَّميُ : السّحابُ الخريفيّ العظيم القَطر ؛ قال أبو جُندَبٍ الهُذَليّ :

هنالِكَ لوْ دَعَوْتَ أتاكَ منهُمْ

فَوارِسُ مثلُ أرْمِيَةِ الحَميمِ

وهو مطر الصّيف ؛ وقال آخر :

حَنينَ اليَماني هاجَهُ بَعد سَلوَةٍ

وَميضُ رَميٍ آخرَ اللّيلِ يبرُقُ

وترامى الجرحُ والأمرُ إلى الفساد. ورَمَى اللهُ لك : نَصرك. ورَميتُ على الخمسين وأرميتُ : زدتُ ، وهو يَرمي على صاحبه ويُرمي ؛ قال :

حَنِيكٌ مَليٌّ بالأُمورِ إذا عرَتْ

طوَى مائةً عاماً وقد كاد أوْ رَمَى

وفي هذا رَمِيّةٌ على ما قيل لي أي زيادة. وفيه رَميٌ على ما سمعتُ أي فضلٌ ، وهو صاحب رَمِيّة أي يزيد في الحديث. وارتمى المالُ ورَمَى وأرمَى : زاد وكثر. ورأيتُ ناساً يرمون الطائف : يقصِدونه. وهذا كلام بعيد المرامي. وله هِمّةٌ قصِيّةُ المَرمى ، وما أبعد مَرْمَى هِمّته. وتقول : هذه المَوامي بعيدة المَرامي. وكيف تصنع إن رَمَيْتُ بك على العراقين أي إن سلّطتك عليهما وولّيتك ؛ وقال ذو الرُّمّة :

دِرَفْسٌ رَمى رَوْضُ القِذافَينِ مَتنَهُ

بأعرَفَ يَنْبُو بالحَنِيَّينِ تامِكِ

رنب ـ يقال للذليل : إنّما هو أرنب لأنّه لا دفع عندها ، تقول العرب : إن القُبّرة تطمع في الأرنب ؛ قال الأعشى :

أراني لدنْ أن غابَ قوْمي كأنّما

يَرَانيَ فيهم طالبُ الحَقّ أرْنَبَا

وقال ابن أحمر :

لا تُفزعُ الأرنَبَ أهوالُهَا

وَلا تَرَى الضّبَّ بها يَنجَحْر

يريد ما بها أرنَب حتى تفزع ولا ضبّ حتى ينجحر. وتقول : وجدتهم مجدَّعي الأرانب أشدّ فزعاً من الأرانب. وجَدَعَ فلان أرنبةَ فلان إذا أهانه وهي طرف الأنف. وقومٌ شُمّ الأرانب. وكساء أرْنبانيّ ومَرنبانيّ : أدكن على لون الأرنب ، والأكسية المرنبانيّة تصنع بالشأم ويقال لها المرانب ، وأمّا الكساء المؤرنب فهو المخلوط بغزله وبر الأرانب. وأرضٌ مُرنِبَةٌ.

رنج ـ سمعتُ صبيان مكّة ينادون على المُقْلِ : ولد الرّانِج وهو الجوز الهنديّ.

رنح ـ رَنَّح فلانٌ وترنّح إذا دير به وتمايل كالأسِنِ والسكران ، ورنّحه الشرابُ ؛ قال :

وكأسٍ شرِبتُ على لذّةٍ

دِهاقٍ تُرَنِّحُ مَنْ ذاقَهَا

وقال :

ضرْبٌ إذا ما رَنّحَ الطّرْفُ اسمَدَرّ

ومن المجاز : رَنّحتِ الرّيحُ الغصنَ فترنّح. واستجمرَ بالمُرَنَّح وهو الألُوّةُ تُرنِّح برائحتها الذكيّة. ولقد ترنّح عليّ فلان إذا مال عليك بالتطاول والترفّع ؛ قال أبو الغريب البصريّ :

ترَنَّحُ بالكَلامِ عَليّ جَهْلاً

كأنّكَ ماجِدٌ من آلِ بَدْرِ

وهو يترَجّح بين أمرين ويترنّح.

رند ـ أطيب نشراً من الرَّند ومن عود الهند ؛ وهو شجر شاك بالبادية أو الحُنوةُ أو الآسُ ؛ وقال الجعديّ :

٢٥٤

أرِجاتٌ يَقضِمنَ من قُضُبِ الرَّنْ

دِ بثَغرٍ عَذْبٍ كشوْكِ السَّيَالِ

رنف ـ قال رجل لعبد الملك : خرجتْ بي قرحة ، قال : في أيّ موضع من جسدك؟ قال : بين الرّانِفَة والصَّفَنِ ، فأعجبه حُسنُ ما كَنى ، وهي ما سال من الألية على الفخذين ، وقيل فرعها الذي يلي الأرض عند القعود. يقال للعَجْزاء : إنّها لذات روانف ؛ قال عنترة :

متى ما تَلقَني فَرْدين ترْجُفْ

روانفُ ألْيتَيكَ وتُستَطارَا

وتقول : لهنّ روادفُ رواجف ترتجّ منهنّ الرَّوانف.

ومن المجاز : علَوْا روانفَ الإكام : رؤوسها ؛ قال :

وإنْ عَلا من أكْمِها رَوانِفا

أشفَى علَيها طامعاً وخائِفَا

رنق ـ له رَوْنَقٌ أي حُسن وبهاء ، وذهب رونقُه. ورنّقه : كدّره كأن معناه ذهب برونقه الذي هو صفاؤه. وماء رَنْقٌ ورَنِقٌ. ورنّقَ الطائرُ : وقف صافّاً جناحيه لا يمضي.

ومن المجاز : ذهب رونق شبابه أي طراءته. وأتيته في رونق الضُّحى ، كما تقول : في وجه الضُّحى ؛ وأنشد ابن الأعرابيّ :

وهل أرْفعنّ الطَّرْفَ في رَوْنق الضُّحى

بهَجْلٍ منَ الصَّلْعاء وهوَ خَصِيبُ

والسّيف يزينه رونقُه أي ماؤه وفرنده. وما في عيشه رَنَقٌ. ورنِّقْ ولا تعجل أي توقّف وانتظر. ويقال : «رَمّدتِ المِعْزَى فَرَنِّقْ رَنّقْ» و «رَمّدتِ الضّأنُ فرَبِّقْ رَبّقْ». ورنّقَتِ السفينةُ : دارت في مكان واحد لا تمضي. ورنّقتِ الرّايةُ : ترفرَفَتْ فوق الرّؤوس ؛ قال ذو الرّمّة :

إذا ضربتَه الرّيحُ رَنّقَ فوْقَنَا

على حدّ قوسينا كما خَفَق النَّسْرُ

ورنّقَتْ منه المنيّةُ : دنا وقوعها ؛ قال :

ورَنّقَتِ المَنيّةُ فهْيَ ظِلٌ

على الأبطالِ دانيَةُ الجَنَاحِ

وفيه بيان جليّ أن ترنيق المنيّة مستعار من ترنيق الطائر حيث جعل المنيّة كبعض الطير المرنِّقة بأن وصفها بصفته من التظليل ودنوّ الجناح. ورنّقتِ السِّنةُ في عينه : خالطتها ولم ينم. ورنّق الأسيرُ : مدّ عنقه عند القتل كما يمدّ الطائر المرنِّق جناحه.

رنم ـ ترنّم المغنّي ورنّم ورَنِمَ رَنَماً : رجَّع صوتَه ، وسمعتُ له رنيماً ورَنَمَةً حسنةً وترنُّماً وترنيماً. وترنّم الطّائرُ في هديره. وفي صوت المكّاء ترنيم.

ومن المجاز : ترنّمتِ القوسُ ؛ قال الشمّاخ :

إذا أنبَضَ الرّامونَ عَنها ترَنّمتْ

ترَنُّمَ ثَكْلَى أوْجَعَتْها الجنائِزُ

وعُودٌ رَنِمٌ ؛ قال علقمة :

قد أشْهَدُ الشَّرْبَ فيهم مِزْهَرٌ رَنِمٌ

والقَوْمُ تَصرَعُهُمْ صَهباءُ خُرْطُومُ

وتقول : نَقَرَتْه بعَنَمِه فأنطقتْه برَنَمِه.

رنن ـ سمعتُ له رنّة ورنيناً : صيحة حزينة ، وقد رنّ وأرنّ.

ومن المجاز : أرنّتِ القوسُ والسحابةُ ، وقوس وسحابة مِرنان. وعُودٌ ذو رنّة.

رنو ـ رنا إليه ورنا له رُنُوّاً : أدام إليه النظر وظلّ رانياً إليه. وكأسٌ رَنَوْناةٌ : دائمة ؛ قال ابن أحمر :

مَدّتْ علَيهِ الملكَ أطْنابَه

كأسٌ رَنَوْناةٌ وطرْفٌ طِمِرّ

ومن المجاز : حدّثني فرنوتُ إلى حديثه. ورنوتُ عنه : تغافلت. وأسأل الله أن يُرْنِيَكم إلى الطاعة أي يصيّركم تسكنون إليها لا إلى غيرها. وله شرف يُراني الكواكبَ ، سمعته من العرب.

روأ ـ روّأْتُ في الأمر فرأيتُ من الرأي كذا. والرَّوِيّة ثمّ العزيمة. وليس لفلان رويّة. ولا يقف على الرَّوايا إلّا أهل الرَّوايا. ولهم بديهة وروِيّه وقلوب من العلم رويّه ؛ قال :

ولا خَيرَ في رأيٍ بغَيرِ رَوِيّةٍ

وَلا خيرَ في جَهلٍ تُعابُ بهِ غَدا

٢٥٥

روب ـ سقاه الرّائبَ والرَّوْبَ والمروَّبَ وهو اللبن الذي تكبّد وكثفت دُوايته وأنَى مخضُه ، وعن الأصمعيّ إذا أدرك قيل له : رائب ثمّ يلزمه هذا الاسم وإن مُخِض ؛ وأنشد :

سَقَاكَ أبو ماعِزٍ رَائِباً

ومَن لكَ بالرّائِبِ الخاثِرِ

أي سَقاك مَخيضاً ونحوه العُشَراء في لزومه النّاقة بعد مضيّ الأشهر العشرة ، وقد راب اللّبنُ يروب رَوْباً ورؤوباً. وطرَح فيه الرُّوبة ليروبَ وهي خَميرتُه ، وقد روّبوه وأرابوه في المِرْوَبِ وهو وِعاؤه الذي يخمر فيه. وفي مثل : «أهون مظلوم سقاء مُروَّبٌ» ؛ وقال :

عُجَيِّزٌ من عامِرِ بنِ جُندَبِ

غليظة الوَجه عقور الأكْلُبِ

تُبغضُ أن يُظلَمَ ما في المِرْوَبِ

وقال آخر :

طَوَى الجرادُ مِروَبَ بنَ عَثْجَلِ

لا مَرْحَباً بذا الجرادِ المُقبِلِ

أي وقع على رعيه فأكله فجفّت ألبانُ إبله فطوى مِروبه ، وله موقع حسنٌ في الإسناد المجازي.

ومن المجاز : إنّه لرائب إذا كان خاثر النفس من مخالطة النُّعاس وتبلُّغِه فيه ترى ذاك في وجهه وثقله. وقوم رَوْبَى ، وقيل : هو جمع أروب كنوكى في أنوك ؛ قال بشر :

فأمّا تَمِيمٌ تَميمُ بنُ مُرٍّ

فألفاهُمُ القومُ رَوْبَى نِيَامَا

وأرابَ الرجلُ ورابت نفسُه وراب فلانٌ : اختلط عقلُه ورأيُه. وأنا إذ ذاك غلام ليست لي رُوبةٌ أي عقلٌ مجتمعٌ. وأعِرني رُوبةَ فرسك ، وهي ما اجتمع من مائه في جِمامه. وفرس باقي الرُّوبة وهي ما فيه من القوّة على الجري. وهَرِقْ عنّا من رُوبة اللّيل أي اكسر عنّا ساعة من اللّيل وفيه ملاحظة للمستعار منه. وفلان لا يقوم برُوبة أهله : بما أسندوا إليه من حوائجهم. ورجلٌ رائبٌ : مُعْيٍ. ودع الرّجل فقد رابَ دمه إذا تعرّض للقتل كما يقال : يغلي دمه شُبّه باللّبن الذي خثر وحان أن يُمخَض. وفي حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه : «وعليك بالرّائب من الأمور ودع الرّائب منها». يريد عليك بما فيه خير كاللّبن الذي فيه زُبدة ودع ما لا خير فيه كالمخيض ، وقيل : الأوّل من الرّؤوب والثاني من الرَّيب.

روث ـ راث الحافر يروث رَوْثاً. وتقول : إن لان عن نصرتك ذو لَوْثه فالصقْ بروثة أنفه روثه ؛ وهي طرف الأرنبة حيث يقطر الرّعاف. ورجل مُرَوَّثٌ : ضخم الأنف.

روج ـ روّجتُ الدراهم والسّلعة : جوّزتها ، وراجت تروج رواجاً. ولا خير في أدبٍ لا رواج له.

روح ـ الملائكة خَلْقٌ لله رُوحانيٌ. ووجدتُ رَوْح الشمال وهو برد نسيمها. ويومٌ راحٌ ، وليلةٌ راحةٌ. وتقول : هذه ليلة راحه للمكروب فيها راحه. ورِيحَ الغديرُ : ضربتْه الريحُ. وغصنٌ مَرُوحٌ ؛ وأنشد المبرّد :

لَعينُكَ يوْمَ البَينِ أسرَعُ واكِفاً

من الفَنَن المَمْطُورِ وهوَ مَرُوحُ

وطعامٌ مِرْياحٌ : نفّاخ يُكثر الرّياحَ في البطن. واستروح السّبعُ واستراح : وجد الرّيح. وأروحني الصّيدُ : وجد ريحي. وأروحتُ منه طيباً. وأروح اللّحمُ وغيره : تغيّر ريحه. وأراح القومُ : دخلوا في الرّيح. وأراح الإنسانُ : تنفّس ؛ قال امرؤ القيس يصف فرساً :

لها مِنخَرٌ كوِجارِ الضّبَاعِ

فمِنْهُ تُرِيحُ إذا تَنْبَهِرْ

وأحيا النّار بروحه : بنفَسه ؛ قال ذو الرّمّة :

فقُلتُ لهُ ارْفَعْها إليكَ وأحْيِها

برُوحكَ واقتته لها قِيتَةً قَدْرَا

وفي الحديث : «لم يُرِح رائحةَ الجنّة». ولم يَرَحْ بوزن لم يُرِدْ ولم يَخَفْ. وروّح عليه بالمِروحة. وتروّح بنفسه. وقعد بالمَرْوحة وهي مهبّ الرّيح. ودُهنٌ مُروَّحٌ : مُطيَّب ، وروِّحْ دُهنك. ومن يُروّح بالناس في مسجدكم : يصلّي بهم التراويح ، وقد روّحتُ بهم ترويحاً. وأرحته من التعب فاستراح. واستروحت إلى حديثه. وتقول : أراح فأراح أي مات فاستريح منه. وشربَ الرّاحَ. ودفعوه بالرّاح. وراوح بين عملين. والماشي يُراوح بين رجليه. وتراوحتْه الأحقاب ؛

٢٥٦

قال ابن الزِّبَعْرَى :

حَيِّ الدّيارَ مَحَا مَعارِفَها

طُولُ البِلى وترَاوُحُ الحِقَبِ

وإن يديه لتتراوحان بالمعروف. وراحوا إلى بيوتهم رَواحاً ، وتروّحوا إليها وتروّحوها. وأنا أغاديه وأُراوحه. وأراحوا نَعَمَهم وروّحوها. ولقيته رائحة : عشيّة ، عن الأصمعي ؛ قال ذو الرّمّة :

كأنّني نازِعٌ يَثْنِيهِ عَنْ وَطَنٍ

صَرْعانِ رائحَةً عَقلٌ وتَقْييدُ

أي ضربان من الثّواني ثمّ فسّرهما. ورجل أروحُ بيّن الرَّوَحِ وهو دون الفَحَج. وقصعةٌ روحاء : قريبة القعر. وتروّح الشّجرُ وراح يراح ، من رَوَحَ : تفطّر بالورق ؛ قال :

وأكْرِمْ كريماً إنْ أتَاكَ لحاجَةٍ

لعاقِبَةٍ إنّ العِضَاهَ تَرَوَّحُ

ومن المجاز : أتانا وما في وجهه رائحة دم إذا جاء فَرِقاً. وذهبت ريحهم : دولتهم. وإذا هَبّتْ رياحك فاغتَنمها. ورجل ساكن الريح : وقور. وخرجوا برياح من العشيّ وبأرواح من العشيّ إذا بقِيَتْ من العشيّ بقايا. وأتى فلان وعليه من النّهار رياح وأرواح ؛ قال الأسديّ :

ولقد رَأيتُكَ بالقَوَادِمِ نَظرَةً

وعليّ من سَدَفِ العشِيّ رِياحُ

وافعل ذلك في سَراح ورَواح : في سهولة واستراحة. وتحايَوْا بذكر الله ورُوحه وهو القرآن و (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً). وارتاح للمعروف ، وراح له ، وإن يديه لتراحان بالمعروف. وارتاح الله تعالى لعباده بالرحمة وهو أن يهتش للمعروف كما يَراحُ الشجر والنّبات إذا تفطّر بالورق واهتزّ أو يُسرعَ كما تسرع الرّيح في هبوبها كما تقول : فلان كالرّيح المرسلة. وإن يديه لتراحان بالرّمْيِ : تخفّان ؛ قال :

تَرَاحُ يَداهُ بمَحْشُورَةٍ

خواظي القِداحِ عجافِ النّصَال

وقال النّابغة :

وأسمَرَ مارِنٍ يَرْتاحُ فيهِ

سنانٌ مثلُ مِقباسِ الظّلامِ

أي يهتزّ. ورجل أرْيَحيّ ، وفيه أريحيّة. وأراح عليه حقَّه : أعطاه ؛ وقال النّابغة :

وصَدرٍ أراحَ اللّيلُ عازِبَ هَمّهِ

رود ـ رُوَيْدَ بعضَ وعيدِك ؛ قال :

رُوَيْدَ نُصاهلْ بالعراقِ جِيادَنا

كأنّكَ بالضّحّاكِ قد قامَ نادِبُهْ

وامشِ رُوَيداً. وأروِدْ في مشيتِك ، وامشِ على رُودٍ ؛ قال الهذليّ :

تكادُ لا تَثلمُ البَطحاءَ خَطوَتُها

كأنّها ثَمِلٌ يَمشِي على رُودِ

وقال :

رَدّوا الجِمالَ وقامتْ كلُّ بَهْكَنَةٍ

تَكادُ مِنْ رُوَداء المَشيِ تَنْبَهِرُ

وما في أمره هُوَيداء ولا رُوَيْداء ، وريحٌ رَادَةٌ : سهلة الهبوب. وأرَدْتُ منه كذا. وما أرَدْتَ إلى ما فعلتَ. وأراده على الأمر : حمله عليه. ورَاد رَوداناً : جاء وذهب. وما لي أراك ترودُ منذ اليوم. وراد النَّعَمُ في المرعى رِياداً : تردّد. وهي في مَرادِها. وبعثنا رائداً يرودُ لنا الكلأ ويرتاد. وتباشرتِ الرُّوّادُ. وامرأةٌ رادَةٌ ، وقد رادت ترودُ : اختلفت إلى بيوت جاراتها. وكحله بالمِرْوَدِ. وأدار الرَّحَى بالرّائد وهو يدها ؛ قال :

إذا قبَضَتْ تَيمِيّةٌ رَائدَ الرَّحَى

تنَفّسَ قُنْباها فطارَ طَحينُها

أي فستْ. ودار المهر والبازي في المِرْود وهو حديدة مشدودة بالرّسَن إذا دار معه ؛ قال عبّاس بن مرداس :

على شُخُصِ الأبصَارِ تَسمَعُ بينَها

إذا هيَ جالَتْ في مَراوِدِها عَزْفَا

أي صهيلاً. والطير تستريد : تطلب الرّزق تتردّد في طلبه ؛ قال أبو قيس بن صرمة :

٢٥٧

ولَهُ الطّيرُ تَسترِيدُ وتأوِي

في وُكُورٍ مِن آمناتِ الجِبال

وأردتُه بكلّ رِيدَة جميلة فلم أقدر عليه.

ومن المجاز : فلان رائد الوساد ، وقد راد وِسادُه إذا لم يستقرّ من مرض أو همّ ؛ قال :

تَقولُ لهُ لما رَأتْ خَمْعَ رجلِهِ

أهذا رَئيس القوْمِ رادَ وِسادُها

وأنا رائد حاجة ومرتادها ، وأنا من رُوّاد الحاجات. وهذا مَرَادُ الرّيح. وإنّ فلاناً لمسترادٌ لمثله ؛ قال النّابغة :

ولكِنّني كنتُ امرَأً ليَ جانِبٌ

من الأرْضِ فيه مُسترَادٌ ومذهبُ

وتقول : هو مُستَرَاد ما عليه مُستَزَاد. وأرادَتْنا حاجتنا إذا لبّثتْهم. وراوده عن نفسه : خادعه عنها وراوغه. والجدار يريد أن يَنْقَضّ ؛ وقال ابن مقبل يصف الفرس :

مِنَ المائِحاتِ بأعْرَاضِهَا

إذا الحالِبانِ أرَادَا اغتِسالا

يريد العَرَق.

روز ـ رُزتُ فلاناً ، ورزتُ ما عنده : جرّبته وقدّرتُه ، وكم رُزْتُه رَوْزا فلم أرَ عنده فوزا. وروّز رأيه وكلامه في نفسه إذا رَوّأ في تقديره وترتيبه. ورُزتُ ضيعتي : قمت عليها وأصلحتُها. وهو راز البنَّائين : رأسهم ، وكذلك رازُ أهل كلّ صناعة. وكان رازُ سفينة نوح جبريلَ صلوات الله تعالى وسلامه عليهما لأنّه يروز ما يصنعه ولأنّه رازَ الصّناعة حتى أتقنها. كما يقال للعالم : خبيرٌ من الخُبْرِ ، وأصله رائز كشاك في شائِك ولذلك جُمِع على رازَة كسائس في ساسة. ورَازَ الدينارَ : وَزَنه حتى يعلَم مِقدارَه ، وهذا دينار يُرضي أكفّ الرّازَة. وخرج وعليه رُوَيْزِيّ وهو ضرب من الطّيالسة تصغير رازيّ منسوب إلى الرّيّ ؛ قال ذو الرّمّة :

ولَيلٍ كأثناء الرُّوَيْزِيّ جُبْتُهُ

بأربَعةٍ والشّخصُ في العينِ واحِدُ

أحَمُّ عِلافيٌّ وأبيَضُ صَارِمٌ

وأعيَسُ مَهْرِيٌّ وأرْوَعُ ماجِدُ

روض ـ بأرضه روضة وروضات ورِياض ، و «أحسن من بيضة في روضة». وروّض الغيثُ الأرض. وأراضَ المكانُ واستراض : كثرت رياضه. وراضَ الدابة رِياضة ، وارتاضت دابته. ومُهر رَيِّض : لم يقبل الرّياضة ولم يَمْهَرِ المشي. وناقة رَيْض : عسير ؛ قال الرّاعي :

فكأنّ رَيِّضَها إذا ياسَرْتَها

كانتْ مُعاودَةَ الرّحيلِ ذَلُولا

ومن المجاز : أنا عندك في روضة وغدير ، ومجلسك روضة من رياض الجنّة. وأراضَ الوادي والحوضُ واستراضَ إذا اجتمع فيه من الماء ما وارى أرضه ، وفيه روضة من ماء ؛ قال :

ورَوْضَةٍ سَقَيتُ منها نِضْوَتي

شُبّهَت بالرّوضة في تحسينها الوادي وتزيينها. ورُضْ نفسك بالتقوى. وراضَ الشاعرُ القوافيَ الصّعبة فارتاضت له. ورُضتُ الدُّرَّ رِياضة إذا ثقَبتَه ، وإنّه لصعب الرياضة وسهل الرياضة أي الثّقب ؛ قال لبيد :

يرضْنَ صِعابَ الدُّرّ في كلّ حِجّة

وإن لم تكُنْ أعناقُهنّ عوَاطِلا

وقصيدة ريِّضة : لم تُحكم. وأمر ريّض : لم يُحكم تدبيره. وراوضه على الأمر : داراه حتى يُدخلَه فيه.

روع ـ رُعته وروّعته ، وارتعتُ منه. وأصابته روعةُ الفراق ورَوْعات البَين ؛ قال جرير :

ألا حَيِّ أهْلَ الجَوْفِ قبلَ العَوَائِق

ومن قَبلِ رَوْعاتِ الحَبيبِ المُفارِق

ووقع ذلك في رُوعي : في خَلَدي. وثاب إليه رُوعه إذا ذهب إلى شيء ثمّ عاد إليه. ورجل أرْوع وامرأة رَوعاء ، وناقة روعاء. وهو ذكاء الرُّوع ؛ قال يصف ناقته :

رَأتْني بحَبْلَيها فصَدّتْ مَخافَةً

وفي الحَبلِ رَوْعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ

وناقة رُوَاع الفؤاد ؛ قال ذو الرّمّة :

رَفَعتُ لهُ رَحْلي على ظهرِ عِرْمِسٍ

رُوَاعِ الفُؤادِ حُرّةِ الوَجهِ عَيْطَلِ

٢٥٨

وفرس ورجل رُوَاع.

ومن المجاز : شهِد الرَّوع أي الحرب. وفرس رائع : يروع الرّائي بجماله. وكلام رائع : رائق. وامرأة رائعة ، ونساء روائع ورُوَّع ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :

فإنْ يُقْوِ مَغناهُ فقَد كانَ حِقْبَةً

تَمَشّى بهِ حُورُ المَدامعِ رُوَّعُ

وما راعني إلّا مجيئك بمعنى ما شعرت إلّا به.

روغ ـ هو ثعلب رَوّاغ ، وهم ثعالب روّاغة ، وهو يروغ رَوَغان الثعلب.

ومن المجاز : فلان يروغ عن الحقّ. وطريق زائغ رائغ. وما لي أراك زائغاً عن المَنهَج رائغاً عن الحقّ الأبلج. ولا يقال : راغ عن كذا إلّا إذا كان عدوله عنه في خُفْيَة. وما زلت أُراوغه على هذا الأمر فما راغ إليه أي أُداوره. وأراغتِ العُقابُ الصّيد إذا ذهب الصّيد هكذا وهكذا وهي تتبعه ، وحقيقته حملته على الرّوغان ، ومنه : إراغة الأمر. يقال : ما زلت أُريغ حاجةً لي. وأرغتك في منزلك فلم أجدك وهو طلب شديد كطلب من يستفلت منه المطلوب وهو لا يُخَلّيه. وراوغه : صارعه ، وتراوغا ، وهذه رِواغتهم : مُصطرعُهم ، كما تقول : مَرَاغة الدوابّ : لمتمرَّغها. ويقال : تمرّغ في التراب ، وتروّغ في الطين. ورَوّغ اللّقمة في الدّسم : قلّبها فيه حتى شرّبها إيّاه.

روق ـ طعنه بِرَوْقه.

ومن المجاز : مضى رَوْقُ الشّباب ورَيّقه وهو أوّله. ولقِيتُه في رَوق الضُّحى ورَيّقه. وأصابه رَيّق المطر. وفلان رَوْق بني فلان : لسيّدهم. وجاءنا رَوق من النّاس كما تقول : رأس منهم ؛ وأنشد الأصمعيّ :

وأصعدَ رَوقٌ من تَميمٍ وساقَهُ

من الغيثِ صوْبٌ أُسْقِيَتْه مَصَايرُهْ

وقعدوا في رَوْق بيته ورِواق بيته وهو مُقَدَّمه. وضرب فلان رَوقه ورِواقه إذا نزل. وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها : «ضرب الشيطان رَوقه ومدّ أطنابه». ورُوّقَ البيتُ : جُعل له رِواق. وهو جاري مُرَاوِقي إذا تقابل الرِّواقان. وهي زجّاءُ رِواق العين وهو الحاجب ؛ قال :

تَصَيَّدُ وَحْشِيَّ القُلوبِ بِمُقْلَةٍ

كعَينَيْ مَهاةِ الرّملِ جَعْدٍ رِواقُها

وضرب اللّيل أرواقه وألقى أرْوِقته. وروّقَ اللّيلُ : أظلم ، وأتيته ورواقُ اللّيل مسدُول. وألقت السّحابة أرواقها بمكان كذا : دامت بالمطر ، وأرختِ السّماء أرواقها : مطرت. وأرختِ العين أرواقها : دمَعت. وألقى الرّجل على الشيء أرواقه : حرص عليه. وألقى الماشي أرواقه : اشتَدّ عَدْوُه. ورأيتُ رواقاً من السّحاب وهو نادر منه كرِواق البيت ؛ قال الرّاعي :

في ظِلّ مُرْتَجِزٍ تَجْلُو بَوَارِقُهُ

للنّاظِرِينَ رِوَاقاً تحتَهُ نَضَدُ

وداهية ذات رَوْقَين وفتنة ذات روقين. ويروى لعليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه :

فإنْ هَلكتُ فَرَهْنٌ ذِمّتي لكُمُ

بذاتِ رَوْقين لا يَعفُو لها أثَرُ.

وأكل فلان رَوقه إذا تحاتّتْ أسنانه من الكِبَر. وراق فلان على فلان : تقدّمه وعلاه فضلاً ؛ قال :

أبَى اللهُ إلّا أنّ سَرْحَةَ مالِكٍ

على كلّ أفنَانِ العِضَاهِ تَرُوقُ

وقال ابن الرُّقَيّات :

رَاقَتْ على البِيضِ الحِسَا

نِ بحُسْنِها وبَهائِها

وراقني الشيء : أعجبني وعلا في عيني. وهؤلاء شباب رُوقَة جمع رائق كفارِهٍ وفُرْهة. ورجل أروق بيّن الرَّوَق وهو إشراف ثناياه العُلَى على السُّفْلِ مع طُول. وسنة رَوْقاء ، وسَنَوات رُوق. وعاث فيهم عام أروق كأنّه ذئب أورق. ورَوّق الشرابَ : صيّره رائقاً بالتصفية ، وقد راق الشراب وتروَّق ، وشراب رائق ، ومسك رائق : خالص. وفلان مروِّقٌ كأسَ الحبّ : بالغ في ترويقها حتى لا قذاة في رحيقها ، ولقد أحسن أبو الحسن في قوله :

٢٥٩

ومَكّةُ راوُوقُ الرّحالِ فهاكَهُ

مُصَفًّى وخُذْ مَن شئتَ منهم مُكَدَّرَا

وروّق فلان لفلان في سلْعته إذا رفع في سَوْمها وهو لا يريدها.

رول ـ روّل رأسه من الدّهن : روّاه. وروّل الخبز بالسّمن وبالأدم. وروّل الفرس : أدلى ليبول. وتروّل في مِخلاته : سال فيها رُواله وهو لُعابه. وظُهّرتْ أسنانه بالرَّواويل ؛ قال أبو حاتم : كلّ سنّ رديفٍ لسنّ فهو راوول ؛ قال :

أسنانُها أضْعفَتْ في حَلقِها عَدَداً

مُظهَّرَاتٌ جَميعاً بالرّوَاويلِ

روم ـ هو ثبت المقام بعيد المرام. وقد رام الشيءَ رَوْماً ، وهم رُوَّمٌ له غير نُوَّم عنه. وما كان يروم أن يفعل فروّمتُه : جعلته يرومه.

روي ـ هو رَيّان وهي رَيّا وهم رِوَاء ، وقد رَوِيَ من الماء رَيّاً وارتوى وترَوّى ، وأروى إبلَه وروّاها. وماء رَواء ورِوًى : للوارد فيه رِيّ. وعنده راوية من ماء ، وله راوية يَستقي عليه وهو بعير السّقّاء والجمع الرَّوايا. وفي مثل : «أرْوَى من النّقّاقَة فما لي إلى الماء فاقة» وهي الضّفدع. وارتَوَيْتُ قَلوصاً من الإبل : جعلتها راوية. وروَيتُ على أهلي ورَوَيتُ لهم وروَيتُهم : استقيتُ لهم. واروِ لنا يا فلان. وشُدَّ الحِمل بالرِّواء وهو الحبل الذي تُشدّ به الأحمال. وروَيْتُ بعيري وأرويته : شددتُ عليه حمله. وروَيت على النّاعس لئلّا يسقط ؛ قال :

وشَدّ فوْقَ بَعضِهِمْ بالأَرْوِيَهْ

وقال :

أقبَلْتُها الخَلَّ من شَوْرَانَ مُصْعِدةً

إنّي لأرْوِي علَيها وهيَ تَنطلِقُ

وراويتُ صاحبي : شددتُ معه الرِّواء. والقصيدتان على رَوِيّ واحد.

ومن المجاز : وجه رَيّان : كثير اللحم ، وظمآن : معروق. وهو ريّانُ من العلم ، وهم رِواء منه. وشرب شرباً رَوِيّاً. وسحاب روِيّ : عظيم القطر. وكأس رويّة. وارتوى الحبلُ : كثرت قواه وغلظت مع شدّة الفتل. وارتوتْ مفاصلُه : غلظت واستوت. وما زال يعلفه حتى ارتوى واستوى. وله رَيّا طَيّبَةٌ وهي الرّيح البالغة التي رَوِيت من الطيّب ، صفة غالبة ؛ قال المتلمّس :

فلَوْ أنّ محمُوماً بخَيْبرَ مُدْنَفاً

تَنشّق رَيّاها لأقلعَ صالبُهْ

وشبعتُ من هذا الأمر ورَوِيتُ. ورَويتُ من النّوم إذا مللته وكرهته. وأرويتُ رأسي دهناً وروّيته. وإن فلاناً لراوية الدِّيَاتِ : حاملها ، وبنو فلان رَوَايا الحَمالات ؛ قال الكميت :

وكُنّا قَديماً رَوَايا المئين

بِنا يَثِقُ الجارِمُ المُبسلُ

وقال أبو شأس :

ولَنا رَوَايا يَحمِلونَ لَنَا

أثقالَنا إذْ يُكْرَهُ الحَمْلُ

ومنه قولهم : هو راويةٌ للحديث ، وروى الحديثَ : حمله ، من قولهم البعير يَروي الماءَ أي يحمله ، وحديث مَرْوِيّ ، وهم رُواة الأحاديث وراوُوها : حاملوها كما يقال : رُواة الماء. وروتِ القطاةُ فراخها : صارت راوية لها ؛ قال ابن أحمر :

تَرْوي لَقًى أُلْقيَ في صَفْصَفٍ

تصْهرُهُ الشّمسُ فما يَنْصَهِرْ

ورَوَى عليه الكذبَ : كذب عليه ، وفلان لا يُروَى عليه كذب. وروّيتُه الحديثَ : حملته على رِوايته. وتقول : المتعلّم عطشان ما يُرويه إلّا مَنْ يروّيه.

رهيأ ـ تَرَهْيأتِ السّحابة : تمخّضتْ بالمطر. ورَهْيأ الحِملَ : جعل أحد العِدْلَين أثقلَ من الآخر.

ومن المجاز : قوله :

فتلكَ عَنَانَةُ النَّقِماتِ أضْحتْ

تَرَهيأُ بالعِقابِ لمُجرميها

وتقول : إذا عزم على الغزو وتهيّأ نشأ غَمَام النّصر وترهيأ.

رهب ـ رَهِبتُه وفي قلبي منه رَهبة ورَهَب ورَهَبُوت. وهو رجل مرهوب عدُوُّه منه مرعوب ؛ قالت ليلى :

٢٦٠