التفسير المنير - ج ١٤

الدكتور وهبة الزحيلي

إلى الله. (وَآتَيْناهُ) فيه التفات عن الغيبة. (حَسَنَةً) هي الثناء الحسن ومحبة أهل الأديان جميعا له. (لَمِنَ الصَّالِحِينَ) الذين لهم الدرجات العلى ، من أهل الجنة ، كما سأله بقوله : (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).

(ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمد ، و (ثُمَ) : إما لتعظيمه والتنبيه على أن أجل ما أوتي إبراهيم اتباع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ملته ، أو لتراخي أيامه. (أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) أن اتبع دين إبراهيم في التوحيد والدعوة إليه بالرفق ، وإيراد الدلائل مرة بعد أخرى ، والمجادلة مع كل أحد على حسب فهمه. (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) بل كان قدوة الموحدين. وكرر ردا على زعم اليهود والنصارى أنهم كانوا على دينه.

(إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ) فرض تعظيمه ، والتخلي فيه للعبادة ، وترك الصيد فيه. (عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) أي على نبيهم ، وهم اليهود ، أمرهم موسى عليه‌السلام أن يتفرغوا للعبادة يوم الجمعة ، فقالوا : لا نريده ، وإنما نريد يوم السبت ؛ لأنه تعالى فرغ فيه من خلق السموات والأرض ، فشدّد الله عليهم ، وألزمهم السبت. وقيل : معناه إنما جعل وبال السبت وهو المسخ على الذين اختلفوا فيه ، فأحلوا الصيد فيه تارة ، وحرموه أخرى ، واحتالوا له الحيل. وذكر ذلك هنا لتهديد المشركين كذكر القرية التي كفرت بأنعم الله. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) بالمجازاة على الاختلاف ، أو بمجازاة كل فريق من الآبين السبت والمعظمين له بما يستحقه ، من إثابة الطائع ، وتعذيب العاصي بانتهاك حرمته.

المناسبة :

بعد أن أبطل الله تعالى مذاهب المشركين من إثبات الشركاء لله ، والطعن في نبوة الأنبياء والرسل عليهم‌السلام ، وتحليل أشياء حرمها الله وتحريم أشياء أباحها الله ، وكانوا مفتخرين بجدهم إبراهيمعليه‌السلام ، مقرين بحسن طريقته ووجوب الاقتداء به ، بعد إبطال ذلك كله ، ختم تعالى هذه السورة بذكر إبراهيم رئيس الموحدين ، وقدرة الأصوليين ، ليتأسوا به إن كانوا صادقين في اتباع ملته ، ولحمل المشركين على الإقرار بالتوحيد ، والرجوع عن الشرك ، والاقتداء به لاتصافه بصفات تسع.

وبعد وصف إبراهيم بهذه الصفات العالية ، أمر الله نبيه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم باتباع ملة إبراهيم ـ ملة التوحيد.

٢٦١

وبما أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم اختار يوم الجمعة ، فذلك يدل على أن إبراهيم عليه‌السلام كان قد اختار في شرعه يوم الجمعة ، وهذا يستدعي السؤال : لم اختار اليهود يوم السبت؟ فأجاب الله تعالى بأن تعظيم السبت واتخاذه للعبادة لم يكن من شرع إبراهيم ولا دينه ، وإنما كان مفروضا على اليهود الذين اختلفوا على نبيهم موسى عليه‌السلام في شأن تعظيمه ، حيث أمرهم بالجمعة ، فاختاروا السبت ، فاختلافهم في السبت كان اختلافا على نبيهم في ذلك اليوم ، وليس اختلافهم في أن منهم من قال بالسبت ، ومنهم من لم يقل به ؛ لأن اليهود اتفقوا على ذلك ، وهذا هو ما صححه الرازي (١).

التفسير والبيان :

يمدح الله تعالى إبراهيم إمام الحنفاء ، ووالد الأنبياء ، ويبرئه من المشركين ، ومن اليهودية والنصرانية ، فيقول : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ ..).

أي إنه تعالى وصف إبراهيم عليه‌السلام بتسع صفات هي :

١ ـ إنه كان أمة ، أي كان وحده أمة من الأمم ، لكماله في صفات الخير. والمعنى : أنه الإمام الذي يقتدى به.

٢ ـ كونه قانتا لله ، أي خاشعا مطيعا لله قائما بأمره.

٣ ـ كونه حنيفا ، أي مائلا عن الشرك والباطل قصدا إلى التوحيد.

٤ ـ إنه ما كان من المشركين ، بل كان من الموحدين في الصغر والكبر ، فهو الذي قال لملك زمانه : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) [البقرة ٢ / ٢٥٨] وهو الذي أبطل عبادة الأصنام والكواكب بقوله : (لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) [الأنعام ٦ / ٧٦] ثم كسر الأصنام حتى ألقوه في النار.

__________________

(١) تفسير الرازي : ٢٠ / ١٣٧

٢٦٢

ونظير الآية قوله : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا ، وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً ، وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [آل عمران ٣ / ٦٧].

٥ ـ شاكرا لأنعم الله عليه ، والأنعام وإن كان جمع قلة إلا أن المراد به أنه كان شاكرا لجميع نعم الله إن كانت قليلة ، فبالأولى الكثيرة ، وهذا كما قال تعالى : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [النجم ٥٣ / ٣٧] أي قام بجميع ما أمره الله تعالى به. وهذا تعريض بكل من جحد بأنعم الله مثل قريش وغيرهم.

٦ ـ إنه اجتباه ربه ، أي اختاره واصطفاه للنبوة ، كما قال : (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ ، وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ) [الأنبياء ٢١ / ٥١].

٧ ـ إنه هداه إلى صراط مستقيم ، أي في الدعوة إلى الله والترغيب في الدين الحق ، والتنفير عن الدين الباطل ، كما قال تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً) [الأنعام ٦ / ١٥٣].

٨ ـ وآتاه الله في الدنيا حسنة ، أي إن الله حببه إلى جميع الخلق ، فكل أهل الأديان يقرّون به ، سواء المسلمون واليهود والنصارى ، أما كفار قريش وسائر العرب ، فلا فخر لهم إلا به ، وهذا إجابة لدعائه إذ قال : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) [الشعراء ٢٦ / ٨٤].

٩ ـ وإنه في الآخرة لمن الصالحين أي في زمرتهم ، تحقيقا لدعائه (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [الشعراء ٢٦ / ٨٣] وكونه مع الصالحين لا ينفي أن يكون من أعلى مقامات الصالحين ؛ لقوله سبحانه : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ ، نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) [الأنعام ٦ / ٨٣].

وبعد تعداد هذه الصفات العالية لإبراهيم عليه‌السلام ، أمر الله نبيه باتباعه ، فقال : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ..) وبناء على كماله وصحة توحيده

٢٦٣

وطريقته ، أوحينا إليك أيها الرسول أن اتبع ملة إبراهيم الحنيف المائل عن كل الأديان والشرك والباطل إلى دين التوحيد ، وما كان مشركا ، وذكر ذلك لزيادة التأكيد ، وهو يدل على أن اتباع ملة إبراهيم إنما هو في الأصول أي الدعوة إلى التوحيد وفضائل الأخلاق والأعمال. أما الفروع فقد تختلف ؛ لقوله تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) [المائدة ٥ / ٤٨] وذلك حسب تطور الأزمنة واكتمال العقل والنضج الإنساني ، ومراعاة أحوال الأمم والشعوب. وذكر (ثُمَ) في قوله : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يدل على تعظيم منزلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والدلالة على أن أشرف كرامة وأجل نعمة لإبراهيم الخليل اتباع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ملته.

ومتابعة إبراهيم تقتضي كونه اختار يوم الجمعة للعبادة ، كما اختاره النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ لأنه اليوم السادس الذي أكمل الله فيه الخليقة وتمت النعمة فيه على عباده ، أما تعظيم السبت عند اليهود فأجاب تعالى عنه بقوله : (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) وقد اختاروه لأنه اليوم الذي لم يخلق فيه الرب شيئا من المخلوقات التي كمل خلقها يوم الجمعة ، فألزمهم تعالى به في شريعة التوراة.

أي إنما جعل تعظيم السبت مفروضا على اليهود الذين اختلفوا على نبيهم موسى في شأن تعظيمه ، حيث أمرهم بالجمعة فاختاروا السبت ، فكان اختلافهم في السبت اختلافا على نبيهم في ذلك اليوم ، أي لأجله ، وليس اختلافهم فيه في أن منهم من قال بالسبت ، ومنهم من لم يقل به ؛ لأن اليهود اتفقوا على ذلك ، كما صحح الرازي (١).

وقال الزمخشري : المعنى إنما جعل وبال السبت وهو المسخ على اليهود المختلفين فيه ، وهو أنهم أحلوا الصيد فيه تارة ، وحرّموه تارة ، وكان الواجب عليهم أن يتفقوا في تحريمه على كلمة واحدة ، بعد أن حتم الله عليهم الصبر عن

__________________

(١) تفسير الرازي : ٢٠ / ١٣٧

٢٦٤

الصيد فيه وتعظيمه. والمقصود هو الإنذار من سخط الله على العصاة والمخالفين لأوامره ، والخالعين ربقة طاعته ، فالله يجازيهم جزاء اختلاف فعلهم في كونهم محلّين تارة ، ومحرّمين أخرى(١).

(وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ..) أي وإن الله ليفصل بين الفريقين فيما اختلفوا فيه ، ويجازي كل فريق بما يستحق من ثواب وعقاب.

والظاهر لدي هو التأويل الأول ، قال مجاهد في قوله : (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ ..) : اتبعوه وتركوا الجمعة. والمراد بقوله : (اخْتَلَفُوا فِيهِ) يوم الجمعة ، اختلفوا على نبيهم موسى وعيسى.

وظل اليهود متمسكين بتعظيم السبت حتى بعث الله عيسى ابن مريم فيقال : إنه حوّلهم إلى يوم الأحد. ويقال : إنه ظل معظما السبت ، ولكن النصارى بعده في زمن قسطنطين هم الذين تحولوا إلى يوم الأحد ، مخالفة لليهود ، كما تحولوا إلى الصلاة شرقا عن الصخرة.

فقه الحياة أو الأحكام :

١ ـ إن وصف إبراهيم عليه‌السلام بتسع صفات عالية وشريفة ، يقتضي الاقتداء به ، والقصد من ذلك دعوة مشركي العرب إلى ملة إبراهيم الذي دعا الناس إلى التوحيد وإبطال الشرك وإلى الشرائع الإلهية ؛ إذ كان إبراهيم أباهم الذي يفتخرون به ، ويعترفون بحسن طريقته ، ويقرون بوجوب الاقتداء به ، وهو باني البيت الذي به عزهم.

٢ ـ أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم باتباع ملة إبراهيم في عقائد الشرع وأصوله من الدعوة إلى

__________________

(١) تفسير الكشاف : ٢ / ٢٢١

٢٦٥

توحيد الله والتحلي بفضائل الأخلاق ، لا اتباعه في الفروع ؛ لقوله تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) [المائدة ٥ / ٤٨].

٣ ـ الآية دليل على جواز اتباع الأفضل للمفضول ؛ لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أفضل الأنبياء عليهم‌السلام ، وقد أمر بالاقتداء بهم ، فقال : (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام ٦ / ٩٠] وقال هنا : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ).

٤ ـ لم يكن في شرع إبراهيم ولا من دينه تعظيم السبت ، وإنما كان السبت تغليظا على اليهود في رفض الأعمال ، وترك التبسط في المعاش ، بسبب اختلافهم فيه.

٥ ـ إن الله تعالى لم يعين يوما للتفرغ فيه للعبادة ، وإنما أمر بتعظيم يوم في الأسبوع ، فعينت اليهود السبت ؛ لأن الله تعالى فرغ فيه من الخلق ، وعينت النصارى يوم الأحد ؛ لأن الله تعالى بدأ فيه الخلق ، فألزم كل منهم ما أداه إليه اجتهاده. وعيّن الله لهذه الأمة يوم الجمعة ، من غير تفويض إلى اجتهادهم ، فضلا منه ونعمة ، فكانت خير الأمم أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ثبت في الصحيحين ، واللفظ للبخاري ، عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «نحن الآخرون ، السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم ، فاختلفوا فيه ، فهدانا الله له ، فالناس لنا فيه تبع ، اليهود غدا ، والنصارى بعد غد».

ولفظ مسلم عن أبي هريرة وحذيفة رضي‌الله‌عنهما : «أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا ، فكان لليهود يوم السبت ، وكان للنصارى يوم الأحد ، فجاء الله بنا ، فهدانا الله ليوم الجمعة ، فجعل الجمعة والسبت والأحد ، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة ، نحن الآخرون من أهل الدنيا ، والأولون يوم القيامة ، والمقضي بينهم يوم القيامة».

٢٦٦

٦ ـ إن المقصود من آية السبت أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر باتباع الحق ، وحذر الله الأمة من الاختلاف فيه ، فيشدّد عليهم كما شدّد على اليهود.

أسس الدعوة إلى الدين وجعل العقاب بالمثل والصبر على المصاب

(ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥) وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨))

الإعراب :

(فِي ضَيْقٍ) قرئ بفتح الضاد وكسرها ، والضّيق بالفتح : المصدر ، والضّيق بالكسر : الاسم.

المفردات اللغوية :

(ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ) ادع يا محمد الناس إلى دين الله (بِالْحِكْمَةِ) بالمقالة المحكمة وهو الدليل الموضح للحق المزيح للشبهة (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) المواعظ والعبر النافعة والقول الرقيق. قال البيضاوي : والأولى ـ أي الحكمة ـ لدعوة خواص الأمة الطالبين للحقائق ، والثانية ـ أي الموعظة ـ لدعوة عوامهم (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) جادل معانديهم بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين وإيثار أيسر الوجوه وأقوم الأدلة وأشهر المقدمات ، فإن ذلك أنفع في تسكين ثورتهم وتبيين شغبهم (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ ..) أي إنما عليك البلاغ والدعوة ، وأما حصول الهداية والضلال والمجازاة عليهما ، فليس إليك ، بل الله عالم بالضالين والمهتدين ، وهو المجازي لهم.

(وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) فيه دليل على أن للمقتص أن يماثل الجاني ، وليس له أن يجاوزه ، وفيه أيضا الحث على العفو تعريضا بقوله : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ) وتصريحا على الوجه الآكد بقوله : (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) لهو ، أي الصبر خير كله من الانتقام.

(وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) أي واصبر يا محمد وما صبرك إلا بتوفيق الله ، وتثبيته ، وهذا

٢٦٧

تصريح بالأمر به لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ لأنه أولى الناس به ، لزيادة علمه بالله ، ووثوقه عليه (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) على الكافرين إن لم يؤمنوا ، لحرصك على إيمانهم ، أو على المؤمنين وما فعل بهم يوم أحد (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) لا تك في ضيق صدر من مكرهم ، أي لا تهتم بمكرهم ، فأنا ناصرك عليهم (مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) الكفر والمعاصي (وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) في أعمالهم من طاعة وصبر ، بالعون والنصر ، والولاية والفضل.

سبب النزول :

نزول الآية (١٢٦):

(وَإِنْ عاقَبْتُمْ) : أخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل والبزار عن أبي هريرة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وقف على حمزة ، حين استشهد ، وقد مثّل به فقال : لأمثّلنّ بسبعين منهم مكانك ، فنزل جبريل ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واقف ، بخواتيم سورة النحل : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) إلى آخر السورة ، فكفّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأمسك عما أراد.

وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم عن أبي بن كعب قال : لما كان أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون ، ومن المهاجرين ستة ، ومنهم حمزة ، فمثلوا بهم ، فقالت الأنصار : لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربينّ عليهم ، فما كان فتح مكة ، أنزل الله : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) الآية. قال السيوطي : وظاهر هذا تأخير نزولها ـ أي السورة ـ إلى الفتح ، وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحد ، وجمع ابن الحصار بأنها نزلت أولا بمكة ، ثم ثانيا بأحد ، وثالثا يوم الفتح ، تذكيرا من الله لعباده.

والخلاصة : إن هذه الآية مدنية في رأي جمهور المفسرين ، نزلت في شأن التمثيل بحمزة في يوم أحد ، ووقع ذلك في صحيح البخاري وفي كتاب السّير.

٢٦٨

فضيلة هذه الآيات :

قيل لهرم بن حبّان حين احتضر : أوص ، فقال : إنما الوصية من المال ، ولا مال لي ، وأوصيكم بخواتيم سورة النحل : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ ..).

المناسبة :

بعد أن أمر الله تعالى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم باتباع إبراهيم عليه‌السلام ، بيّن الشيء الذي أمره بمتابعته ، وهو دعوة الناس إلى الدين بأحد طرق ثلاث : وهي الحكمة ، والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالطريق الأحسن. والدعوة إلى دين الله وشرعه تكون بتلطف ، وهو أن يسمع المدعو الحكمة : وهو الكلام الصواب القريب ، الواقع من النفس أجمل موقع.

فالآية متصلة بما قبلها اتصالا حسنا ، لتدرج الآيات من الذي يدعى ويوعظ ، إلى الذي يجادل ، إلى الذي يجازى على فعله.

ثم أمر الله تعالى برعاية العدل والإنصاف ، وجعل القصاص بالمثل ، ثم صرح تعالى بالأمر بالصبر على المشاق والمصائب ، والصبر بتوفيق الله ومعونته ، هو مفتاح الفرج.

التفسير والبيان :

الدعوة إلى دين الله وتوحيده أو الاعلام بها أمر ضروري للعلم بها ، لذا كانت هي المهمة الأساسية للرسل عليهم‌السلام ، فأمر الله رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يدعو الناس إلى الله بالحكمة قائلا : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ ..) أي ادع أيها الرسول الناس إلى شريعة ربك ، وهي الإسلام بالحكمة ، أي بالقول المحكم ، والموعظة الحسنة ، أي بالعبر والزواجر التي تؤثر بها في قلوبهم ، ذكّرهم بها ليحذروا بأس الله تعالى.

(وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي وخاصمهم بالخصومة التي هي أحسن من

٢٦٩

غيرها ، ومن احتاج منهم إلى مناظرة وجدال ، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب ، واصفح عمن أساء في القول ، وترفّق بهم في الخطاب ، وقابل السوء بالحسنى ، واقصد من الجدال الوصول إلى الحق ، دون رفع الصوت ، وسب الخصم أو الأذى ، كما قال تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) الآية [العنكبوت ٢٩ / ٤٦].

فهذا أمر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بلين الجانب ولطف الخطاب ، كما أمر به موسى وهارون عليهما‌السلام حين بعثهما إلى فرعون في قوله : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً ، لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) [طه ٢٠ / ٤٤] فعلى كل داعية امتثال هذا الأمر الإلهي في دعوته.

(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) أي قد علم الله الشقيّ منهم والسعيد ، ومن حاد عن منهج الحق ، ومن اهتدى إليه ، وهو مجازيهم على ضلالهم واهتدائهم حين لقاء ربهم ، فله الجزاء ، لا إليك يا محمد ولا إلى غيرك ، وليس عليك هداهم ، إنما عليك البلاغ ، وعلينا الحساب ، كما قال تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص ٢٨ / ٥٦] وقال : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [البقرة ٢ / ٢٧٢]. والآية مشتملة على وعد ووعيد.

ومن رفق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الدعوة ما رواه أبو أمامة : أن غلاما شابا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا نبي الله ، أتأذن لي في الزنى؟ فصاح الناس به ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قربوه إذن ، فدنا حتى جلس بين يديه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أتحبه لأمك؟ قال : لا ، جعلني الله فداك. قال : وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم ، أتحبّه لابنتك؟ قال : لا ، جعلني الله فداك ، قال : وكذلك الناس لا يحبونه لبناتهم ، أتحبّه لأختك؟ قال : لا ، جعلني الله فداك ، قال : كذلك الناس لا يحبّونه لأخواتهم.

٢٧٠

فوضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يده على صدره وقال : اللهم طهر قلبه ، واغفر ذنبه ، وحصّن فرجه ، فلم يكن شيء أبغض إليه منه.

وبعد أن أمر سبحانه وتعالى بالرفق في الدعوة والخطاب ، أمر بالعدل والإنصاف في العقاب ، والمماثلة في استيفاء الحق ؛ إذ قد تكون الدعوة سببا في إغاظة الآخرين ، وإقدامهم على القتل أو الضرب أو الشتم ، فقال سبحانه : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا ..).

أي وإن عاقبتم المسيء أيها المؤمنون ، فعاقبوه بمثل جرمه ، بلا زيادة ولا تجاوز للحدود. وإن أخذ رجل منكم شيئا ، فخذوا مثله ، فإن الزيادة ظلم ، والظلم لا يحبه الله ولا يرضى به.

وقوله : (عُوقِبْتُمْ بِهِ) إنما سماه الله عقابا على سبيل المشاكلة ؛ لأن أصل العقاب المجازاة على الفعل ، فالفعل في ابتداء الأمر ليس عقابا.

ثم دعا تعالى إلى الترفع عن العقاب والتسامي عن المقابلة والجزاء بالمثل ، فقال : (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ).

أي ولئن صبرتم عن المقابلة بالمثل ، وتجاوزتم عن الإساءة ، وصفحتم ، واحتسبتم الثواب والأجر على ما نالكم من ظلم ، فالله يتولى عقابه ، والصبر خير للصابرين من الانتقام ؛ لأن انتقام الله أشد. فقوله (لَهُوَ) يعود الضمير إلى المصدر في قوله : (صَبَرْتُمْ). والمراد بالمصدر : إما الجنس أي جنس الصبر خير ، وإما صبركم ، أي لصبركم خير لكم ، فوضع (لِلصَّابِرِينَ) موضع لكم ثناء عليهم.

ثم أمر الله نبيه صراحة بالصبر بصفة عامة بعد أن ذكر حسن عاقبته ، فقال : (وَاصْبِرْ ، وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) أي واصبر على ما أصابك من أذى في

٢٧١

سبيل الدعوة ، وما صبرك إلا بعون الله وحسن توفيقه ومشيئته ، أي لما كان الصبر شاقا ، ذكر ما يعين عليه ، فالجأ إلى الله في طلب الصبر ، والتثبيت في الأمر.

وقوله : (وَاصْبِرْ ..) تأكيد للأمر بالصبر ، وإخبار بأن ذلك لا ينال إلا بمشيئة الله وإعانته. وهو تسلية للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عما ناله من أذى قومه ، وتثبيت له.

(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) أي ولا تجزع على إعراض المشركين وكل من خالفك ، فإن الله قدّر ذلك ، أو لا تحزن على قتلى أحد ، فترك الحزن مما يستعان به على الصبر.

(وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) أي لا تكن في غم وضيق صدر من مكرهم وتدبيرهم الكيد لك ، وإجهاد أنفسهم في عداوتك ، وإيصال الشر إليك ، فإن الله كافيك وناصرك ومؤيدك ، كما قال تعالى : (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ ، لِتُنْذِرَ بِهِ) [الأعراف ٧ / ٢] وقال : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ ، وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ ، أَنْ يَقُولُوا : لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ ، أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ، إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ ، وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [هود ١١ / ١٢].

(إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا ..) أي إن الله مع المتقين الذين تركوا محارمه ، المجتنبين معاصيه بالنصر والمعونة والتأييد ، ومع المحسنين أعمالهم برعاية الفرائض ، والتزام الطاعة ، وأداء الحقوق. والصبر : من التقوى والإحسان. فقوله : (الَّذِينَ اتَّقَوْا) أي تركوا محارمه ، وقوله : (وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) أي فعلوا الطاعات.

وهذه معيّة خاصة ، يراد بها الإعانة والتأييد والهداية ، كقوله تعالى : (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ ، فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) [الأنفال ٨ / ١٢] وقوله لموسى وهرون : (لا تَخافا ، إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) [طه ٢٠ / ٤٦] وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم للصديق ، وهما في الغار : (لا تَحْزَنْ ، إِنَّ اللهَ مَعَنا) [التوبة ٩ / ٤٠].

٢٧٢

وهناك معيّة عامة بالسمع والبصر والعلم ، كقوله تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ، وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد ٥٧ / ٤] وقوله : (وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) [المجادلة ٥٨ / ٧].

فقه الحياة أو الأحكام :

يستنبط من الآيات الأحكام التالية :

١ ـ على من يدعو الناس إلى دين الله اتباع أحد هذه الطرق الثلاث : وهي الحكمة ، والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالطريق الأحسن.

وعلى الداعية أيضا أن يكون شجاعا في الحق ، فلا يهن ، صارما في الصدق ، فلا يضعف ، مخلصا متفانيا في مبدئه ، فلا يبيعه بزخارف الدنيا وزينتها ، ولا يتطلع إلى ما في أيدي الناس. وأن يصبر في دعوته ؛ جاءت قريش إلى أبي طالب عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعرضوا عليه أن يأخذ محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ما شاء من مال ، ويترك ما يدعو إليه ، فذكر أبو طالب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذلك ، فبكى وقال:

«يا عمّ ، والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري ، على أن أترك هذا الأمر ، ما تركته ، حتى يظهره الله ، أو أهلك دونه».

٢ ـ لا يتعلق حصول الهداية بالداعية ، فهو تعالى أعلم بالضالين ، وأعلم بالمهتدين.

٣ ـ العقاب يكون بالمثل دون زيادة ، فالمظلوم منهي عن استيفاء الزيادة من الظالم.

واختلف العلماء فيمن ظلمه رجل في أخذ مال ، ثم ائتمن الظالم المظلوم على مال ، هل يجوز له خيانته في القدر الذي ظلمه ، فقالت فرقة : له ذلك ، محتجين بهذه الآية وعموم لفظها : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ).

٢٧٣

وقال مالك وجماعة معه : لا يجوز له ذلك ؛ لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فيما رواه الدار قطني ـ «أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك». ووقع في مسند ابن إسحاق أن هذا الحديث إنما ورد في رجل زنى بامرأة آخر ، ثم تمكّن الآخر من زوجة الثاني ، بأن تركها عنده وسافر ؛ فاستشار ذلك الرجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الأمر ، فقال له : «أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك».

٤ ـ دلت آية : (بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) على جواز التماثل في القصاص ، فمن قتل بحديدة قتل بها ، ومن قتل بحجر قتل به ، ولا يتعدى قدر الواجب.

٥ ـ سمّى الله تعالى الأذى في هذه الآية عقوبة ، والعقوبة حقيقة إنما هي الثانية ، وإنما فعل ذلك من طريق المشاكلة ، ليستوي اللفظان ، وتتجانس ديباجة القول ، فالأول مجاز والثاني حقيقة.

هذا بعكس قوله : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) [آل عمران ٣ / ٥٤] وقوله : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة ٢ / ١٥] فإن الفعل الثاني أي من الله هو المجاز هنا ، والأول هو الحقيقة ، كما قال ابن عطية.

٦ ـ التحلي بالصبر فضيلة أمر الله بها. قال ابن زيد عن آية : (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) : هي منسوخة بآية القتال. ولكن جمهور الناس على أنها محكمة ، أي اصبر بالعفو عن المعاقبة بمثل ما عوقبوا به من المثلة.

٧ ـ إن الله نصير المتقين الذين تركوا الفواحش والمعاصي ومؤيدهم ومعينهم ، وهو أيضا نصير المحسنين الذين فعلوا الطاعات.

تم هذا الجزء ولله الحمد

٢٧٤

فهرس

الجزء الرابع عشر

 الموضوع

 الصفحة

سورة الحجر..................................................................... ٥

تسميتها ومناسبتها لما قبلها........................................................ ٥

ما اشتملت عليه السورة........................................................... ٦

وصف القرآن وتهديد الكافرين والعصاة.............................................. ٨

بعض مقالات المشركين في النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والرد القاطع عليها.............................. ١٣

بعض مظاهر قدرة الله تعالى ـ خلق السموات والأرض وإرسال الرياح................... ١٩

لواقح والإحياء والأمانة والعلم الشامل والحشر

بدء خلق الإنسان وأمر الملائكة بالسجود له وإباء إبليس وعداوة البشر................ ٢٨

جزاء المتقين يوم القيامة.......................................................... ٣٧

المغفرة والعذاب................................................................. ٤١

قصة ضيف إبراهيم وإخبارهم بإهلام قوم لوط...................................... ٤٥

قصة أصحاب الإيكة (قوم شعيب) وأصحاب الحجر (ثمود)......................... ٥٨

أفضال الله تعالى على نبيه المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.......................................... ٦٦

سورة النحل.................................................................... ٧٩

تسميتها وارتباطها بالسورة التي قبلها............................................... ٧٩

ما اشتملت عليه السورة......................................................... ٨٠

إثبات البعث والوحي............................................................ ٨٢

٢٧٥

أدلة وجود الله ووحدانيته......................................................... ٨٧

أدلة أخرى لإثبات الألوهية والوحدانية............................................. ٩٦

خواص الألوهية ـ الخلق وعلم السر والعلم والحياة الأبدية............................ ١٠٤

صفات المستكبرين ـ إنكار المشركين الوحي المنزّل والنَبوة وجزاؤهم..................... ١١٠

صفات المتقن ـ ؛مان المتقن بالوح المنزل وجزاؤهم................................ ١١٨

تهديد المشركين على تماديهم في الباطل........................................... ١٢٤

احتجاج الكفار بالقدر وإنكارهم البعث وتشابه مهمة الرسل....................... ١٢٧

جزاء المهاجرين ، وبشرية الرسل ومهمة النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بيان القرآن..................... ١٢٧

وتهديد الكافرين

مناقشة عقائد المشركين وأعمالهم القبيحة......................................... ١٤٩

عادة الأمم في تكذيب الرسل ومهمة النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ف تبان القرن وجعله................ ١٦٣

هدى ورحمة

من دلائل القدرة الإلهية والتوحيد ومظاهر النعم على الناس.......................... ١٦٦

بعض عجائب أحوال الناس الدالة على قدرة الله وتوحيده........................... ١٧٦

مثلان للأصنام والأوثان........................................................ ١٨٤

علم الله الغيب وخلقه الإنسان والطير............................................ ١٩٠

بعض دلائل التوحيد وأنواع النعم والفضل الألهي................................... ١٩٦

وعيد المشركين وأحوالهم يوم القيامة.............................................. ٢٠٢

بعث الشاهد عليهم وعلى المؤمنين وعدم تخفيف العذاب ومضاعفته عليهم........... ٢٠٢

وتكذيب المعبودات لهم

أجمع آية في القرآن للخر والشر والوفاء بالعهد والهداية والإضلال.................... ٢١٠

أجمع آية للرجال والنساء في الترغيب بالعمل الصالح............................... ٢٢٧

ما يتعلق بالقرآن ـ الاستعاذة والنسخ وعربية القرآن................................. ٢٢١

٢٧٦

المرتدون عن الإسلام والمهاجرين بعدما فتنوا....................................... ٢٣٨

أحكام المستكرة ومراتب الإكراه................................................. ٢٤٥

عاقبة كفران النّعم في الدنيار.................................................... ٢٥٠

الحلال الطيب والحرام الخبيث من المأكولات...................................... ٢٥٠

إبراهيم عليه السلام واتباع ملته ونعظيم اليهود السبت............................. ٢٦٠

أسس الدعوة إلى الدين وجعل العقاب بالمثل والصبر على المصاب.................... ٢٦٧

٢٧٧