القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

السيّد أحمد الهاشمي

القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

المؤلف:

السيّد أحمد الهاشمي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة المعارف للطباعة والنشر
الطبعة: ٣
ISBN: 9953-434-08-5
الصفحات: ٣٠٣

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو العلم؟ وما هي أقسامه؟ ما الفرق بين العلم المنقول والمرتجل؟ ومما يكون النقل؟ ما هي أنواع المركب ، وما هو حكم كل منها؟ ما الفرق بين الكنية واللّقب والاسم؟ ما رتبة اللقب إذا اجتمع مع الاسم؟ وما هي رتبة الكنية مع الاسم؟ وما هي رتبتها مع الاسم واللّقب؟

ما حكم الاسم مع اللّقب إذا كانا مفردين أو مركبين أو مختلفين؟

ما الفرق بين العلم الشخصي والجنسي؟

المبحث السادس : في اسم الاشارة

اسم الإشارة : ما يدلّ على شيء معيّن مع إشارة إليه حسّيّة أو معنويّة ، نحو : هذا تلميذ ، وتلك تلميذة ، وهذا رأي صواب. وألفاظه هي :

 ـ ذا : للمفرد المذكر ، مثل : طالع ذا الكتاب.

 ـ ذان رفعا : وذين : نصبا وجرّا «مخفّفة نونهما ، أو مشدّدة» للمثنّى المذكر.

 ـ تا ، تي ، ته ، ذي ، ذه. «للمفردة المؤنثة».

 ـ تان رفعا «وتين» نصبا وجرا «مخفّفة نونهما ، أو مشدّدة» للمثنى المؤنّث.

ويتّصل بألفاظ الإشارة السّابقة ثلاثة أحرف.

ها التّنبيه ، وكاف الخطاب ، واللام (١).

فألفاظ الإشارة المجرّدة من «الكاف واللام» تكون للمشار إليه (القريب) نحو :

ذا ، أو هذا ، وذي ، أو هذي ، وهذان ، وهاتان.

__________________

(١) لا تجتمع الثلاثة دفعة واحدة لكراهة كثرة الزوائد ، ولا تجتمع ها التنبيه مع اللام لعدم المناسبة بينهما ؛ لأنّ اللام تشعر بالبعد ، وها التنبيه تشعر بالقرب ؛ فيكون فيه جمع بين الأضداد التي تتعارض فتتساقط.

واعلم أنّ لفظتي «ته وذه» يشار بهما إلى القريب بدون أن يلحقهما شيء من ها التنبيه ، وكاف الخطاب ، واللام.

٨١

وألفاظ الإشارة المتصلة «بالكاف» تكون للمشار إليه (المتوسّط) نحو : ذاك ، أو هذاك ، وتيك ، أو هاتيك ... الخ.

وألفاظ الإشارة المقرونة «باللام مع الكاف» فقط ، أو المشدّدة النون في المثنّى تكون (للبعيد) نحو : ذلك ، وتالك. وتلك ، وأولالك. وذانّك ، وتأنّك (بتشديد نونهما في المثنّى).

فتكون مراتب اسم الإشارة ثلاثة : قريب ، ومتوسّط ، وبعيد.

واسم الإشارة يطابق المشار إليه في تذكيره وتأنيثه ؛ وإفراده وتثنيته ، وجمعه.

كما تطابق الكاف المخاطب في جميع ما ذكر (١).

ويشار للمكان القريب ب «هنا» أو ههنا.

ويشار للمكان المتوسط ب هناك «مخفّف النّون».

ويشار للمكان البعيد ب «هنالك ، أو ثمّ ، أو هنّا «بتشديد النّون».

وأسماء المكان تلزم الظّرفية ، أو الجرّ بالحرف محلّا ، فيقال : جئنا من هنا ، وذهبنا من هناك إلى هنالك.

ويفصل جوازا بين ها التنبيه واسم الإشارة المجرّدة من الكاف بضمير المشار إليه ، نحو : ها أنا ذا ، أو ذي وها نحن ذان ، أو تان ، أو أولاء.

١ ـ تمرين

بيّن أسماء الإشارة ونوع المشار إليه :

(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام : ١٠٢](وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) [المطففين : ٢٦](إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً) [آل عمران : ١٣]

__________________

(١) الكاف اللاحقة لأسماء الإشارة هي حرف خطاب تتصرّف تصرّف الكاف الاسمية غالبا بحسب المخاطب فتقول : ذلك ، وذلك ، وذلكما ، وذلكم ، وذلكنّ.

والضابط في ذلك أن الكاف لمن تخاطبه في التذكير والتأنيث ، والتثنية والجمع وما قبل الكاف لمن تشير إليه كذلك في التذكير والتأنيث ، والتثنية والجمع.

لفظ «ثمّ» يشار به إلى المكان البعيد بدون أن يلحقها شيء من ها التنبيه ، أو كاف الخطاب ، أو اللام. وإذا تقدمت (من) على لفظة «ثمّ» أفادت التعليل.

٨٢

تلك آثارنا تدل علينا [الكامل] :

هذي المدائن قد خلت من أهلها

بعد النظام وهذه الأهرام

(أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٥] [الطويل] :

وغاية هذي الدّار لذّة ساعة

ويعقبها الأحزان والهمّ والنّدم

وهاتيك دار الأمن والعزّ والتقى

ورحمة رب الناس والجود والكرم

ذلك هو الزعيم الفذ الذي يسعى في خير أمته [الطويل] :

أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يا جرير المجامع

٢ ـ تمرين

دلّ على اسم الإشارة وبيّن أنواع المشار إليه :

(ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٢) [البقرة : ٢](أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥) [البقرة : ٥].

إن أردت أن تكون مرضيّا عنك فلا تصاحب ذلك الجاهل ، ولا تسع إلى تلك الأماكن (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) [المطففين : ٢٦].

ذلك هو الرجل الفطن الذي يسعى في خير أمّته فاعمل مثله لتكون من العظماء [البسيط] :

تلكم قريش تمنّاني لتقتلني

فلا وربّك ما برّوا ولا ظفروا

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هي ألفاظ الإشارة؟ واذكر الألفاظ الخاصة بإشارة المفرد المذكر ومثنّاه وجمعه ، والخاصّة بالمفردة المؤنّثة ومثنّاها وجمعها. واذكر المراتب الثلاث الموضوعة لاسم الإشارة.

اذكر الألفاظ التي تلحقها كاف الخطاب فقط والتي تلحقها مع اللام.

تنبيهات

الأول : سبق أنّ المشار إليه : إمّا قريب وإمّا متوسط ، وإمّا بعيد : فأسماء الإشارة الّتي هي.

٨٣

للقريب :

للمذكّر : «ذا» للمفرد و «ذان ، وذين» لمثنّاه ، و «أولاء» لجمعه (١).

وللمؤنّث «تا ، تي ، ته ، ذي ، ذه» للمفردة ؛ و «تان ، وتين» لمثنّاها ، و «أولاء» لجمعها.

وللمتوسّط :

للمذكّر : ذلك ، ذانّك ، ذنّيك ، أولالك.

وللمؤنّث : تلك ، تانّك ، تينّك ، أولالك.

وللبعيد

للمذكّر : ذلك ، ذانّك ، ذيّنك ، أولالك.

وللمؤنّث : تلك ، تانّك ، تينّك ، أولالك.

الثاني : هاك نموذجا يبيّن استعمال أسماء الإشارة في جميع أوجه الخطاب.

المشار إليه

مخاطب مذكر

مخاطب مؤنث

مفرد ـ مثنى ـ جمع

مفردة ـ مثنى ـ جمع

مفرد مذكر

ذاك ـ ذاكما ـ ذاكم

ذاك ـ ذاكما ـ ذاكن

مثنى مذكر

ذانك ـ ذانكما ـ ذانكم

ذانك ـ ذانكما ـ ذانكن

جمع مذكر

أولئك ـ أولئكما ـ أولئكم

أولئك ـ أولئكما ـ أولئكن

مفردة مؤنثة

تلك ـ تلكما ـ تلكم

تلك ـ تلكما ـ تلكن

__________________

(١) أولاء ممدودة (أي ـ بهمزة مكسورة في آخره) أو مقصورة (أي ـ بغير همزة) هي : للجمع مذكرا كان أو مؤنثا ، عاقلا كان أو غير عاقل (لكن يقلّ في غير العقلاء) كقوله :

والعيش بعد أولئك الأيام

ويشار إلى جمع غير العقلاء بما يشار به إلى المفردة المؤنّثة ، فيقال : هذه الكتب ، وتلك الجبال ... الخ.

وسبق أنّ أسماء الإشارة المختصّة بالمكان أربعة وهي : «هنا» للمكان القريب ، و «هناك» للمتوسّط ، و «هنالك ، وثمّ ، وثمّة ، وهنّا أو هنّت» للبعيد.

٨٤

المشار إليه

مخاطب مذكر

مخاطب مؤنث

مثنى مؤنث

تانك ـ تانكما ـ تانكم

تانك ـ تانكما ـ تانكن

جمع مؤنث

أولئك ـ أولئكما ـ أولئكم

أولئك ـ أولئكما ـ أولئكن

الثالث : سبق أنه يجوز دخول ها التنبيه على أسماء الإشارة إلا في حالة البعد. نحو : هذا ، وهذه ، وهذان ، وهذين ، وهاتان ، وهاتين ، وهؤلاء.

وإذا كان المشار إليه بعيدا ألحقت اسم الإشارة (كافا) حرفية تتصرّف.

تصرّف الكاف الاسمية بحسب المخاطب نحو : ذاك ، وذاك ، وذاكما ، وذاكم ، وذاكن ، ويجوز أن تزيد قبلها (لاما) للبعد ، نحو : ذلك ، ذلك ، ذلكما ، ذلكم ، ذلكن. ولا تدخل (اللام) في المثنى مطلقا ، فلا يقال ذانلكما ، ولا تانلكما.

كما لا تدخل في الجمع الممدود ، فلا يقال : أولاء لك ، وإنما تدخل فيهما (الكاف) في حالة البعد ، نحو : ذانكما ، وتانكما ، وأولئك.

واعلم أنه كما لا تدخل (اللام) على المثنى والمجموع لا تدخل على المفرد إذا تقدّمته ها التنبيه فيقال فيه (حالة البعد) هذاك ، ولا يقال فيه هذا لك كما سبق.

المبحث السابع : في الاسم الموصول

الاسم الموصول (١) : هو ما وضع لمسمّى معيّن بواسطة جملة تذكر بعده على

__________________

(١) أما الموصول الحرفي فهو : كل حرف أوّل مع صلته بمصدر يعرب بحسب ما يقتضيه العامل المتسلّط ، ولا يحتاج إلى عائد لأنه حرف ؛ والحرف لا يضمر له. والموصولات الحرفية ستة ألفاظ :

 ـ الأول : (أن) : وتوصل بالفعل المتصرّف ماضيا ، غير عاملة فيه النصب ، نحو : عجبت من أن قام سليم ، ومضارعا نحو : عجبت من أن يقوم خليل ، وأمرا ، نحو : أشرت إليه بأن قم ؛ فإن دخلت على فعل جامد كانت مخفّفة من الثقيلة ، نحو : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (٣٩) فأن مخفّفة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن محذوف. وخبرها الجملة.

 ـ الثاني : (أنّ) وتوصل باسمها وخبرها ، وتؤول مع خبرها بمصدر مضاف إلى اسمها إن كان مشتقا ، نحو : بلغني أنّك مسافر ، أو ستسافر (أي بلغني سفرك).

٨٥

ضميره (١) تسمّى صلة له.

الأسماء الموصولة قسمان : خاصّة ، ومشتركة

فالأسماء الموصولة الخاصّة : هي الّتي تختلف صورتها بالإفراد ، والتّثنية ، والجمع ، والتّذكير ، والتّأنيث حسب مقتضى الكلام ، وهي سبعة ألفاظ :

١ ـ الذي : للمفرد المذكر ، عاقلا أو غيره.

٢ ـ اللّذان ، واللّذين : للمثنى المذكر (رفعا ونصبا وجرا).

٣ ـ الّذين : لجمع المذكر العاقل (ويكون ملازما الياء رفعا ونصبا وجرّا).

٤ ـ الّتي : للمفردة المؤنّثة (عاقلة أو غيرها).

٥ ـ اللتان ، واللّتين : للاثنتين (وتشدّد النون فيهما جوازا).

__________________

وإن كان خبرها جامدا ، أو ظرفا ؛ فتؤوّل بالكون ، نحو : بلغني أن هذا سعد (أي بلغني كونه سعدا) نحو : سرّني أنّك في المدرسة (أي سرني كونك في المدرسة).

 ـ الثالث : (ما) وهي نوعان :

أ ـ مصدريّة ظرفيّة للزمان ، وأكثر ما توصل بالماضي والمضارع المنفي بلم ، نحو : لا أصحبك ما دمت بخيلا (أي مدّة دوامك بخيلا).

ب ـ مصدرية غير ظرفية للزمان ، وتوصل بالماضي والمضارع المتصرّفين ، وبالجملة الاسمية ، نحو : عجبت ممّا استقمت ، أو ممّا تستقيم ، أو ممّا سليم شجاع.

ويقلّ وصلها بالجامد ، كخلا ، وعدا ويمتنع بالأمر.

 ـ الرابع : (كي) المجرورة لفظا أو تقديرا باللام ، وتوصل بالمضارع فقط ، نحو : اجتهدت لكي أنال نجاحا.

 ـ الخامس : (لو) وتوصل بالماضي والمضارع المتصرّفين ، نحو : وددت لو نجح ، ونحو : يحب المريض لو يبرأ ، ولا تقع غالبا إلا بعد ما يفهم التّمني مثل : ودّ ، وحبّ. وقد تقع بدونهما ، نحو : ما كان ضرّك لو أحسنت السلوك.

و (لو) ترادف (أن) معنى وسبكا ، وتخلص المضارع للاستقبال ، وتكون ما ما بعدها :

١ ـ إمّا فاعلا ، نحو : ما كان ضرك لو مننت أي منّك.

٢ ـ وإما مفعولا كقوله تعالى : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ).

٣ ـ وإما خبرا ، نحو : كان النجاح لو تأنيت.

 ـ السادس : (الذي) نحو : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا).

(١) أو اسم ظاهر ، نحو : وأنت الذي في رحمة الله أطمع أي في رحمته.

٨٦

٦ ـ اللاتي ، واللّواتي ، واللائي : للجمع المؤنّث مطلقا.

٧ ـ الألى : لجمع الذّكور والإناث ، نحو : جاءت التّلاميذ الألى ذهبوا ، والتلميذات الألى ذهبن.

والأسماء الموصولة المشتركة : هي الّتي تكون بلفظ واحد للجميع فيشترك فيها المفرد والمثنّى والجمع ، والمذكر والمؤنّث ، وهي ستّة ألفاظ : من ، وما ، وأي ، وذا ، وذو ، وأل.

١ ـ من : اسم موصول للعاقل ، نحو : اقبل عذر من اعتذر إليك.

٢ ـ وما : اسم موصول لغير العاقل ، نحو : اغفر لنا ما فرط منّا.

٣ ـ وأي : عامّة للعقلاء وغيرهم ، ومؤنّثها «أيّة».

وتبنى على الضمّ بشرط إضافتها إلى معرفة ، وحذف الضّمير الواقع صدر صلتها ، نحو : يسرّني أيّكم مؤدّب.

(هذا إذا لم توصل بفعل أو ظرف) ، نحو : أيّهم قام ، أو عندك ، وإلّا أعربت كما تعرب في المواضع الثّلاثة الآتية ، وهي :

أولا : إذا أضيفت وذكر صدر صلتها ، نحو : يسرّني أيّهم هو مؤدّب.

ثانيا : إذا لم تضف وذكر صدر صلتها ، نحو : يسرّني أيّ هو مؤدّب.

ثالثا : إذا لم تضف ولم يذكر صدر صلتها نحو : يسرّني أيّ مؤدّب. فلفظة «أيّ» ترفع وتنصب وتجرّ في تلك الأحوال الثلاثة حسب العوامل.

حكم (أي) الموصولية

أ ـ وجوب إضافتها إلى معرفة ، لشدّة توغّلها في الإبهام ؛ فاحتاجت إلى ما يفيدها تعريفا.

ب ـ وجوب أن يكون عاملها مستقبلا مقدّما عليها ، وأن تكون صلتها غير ماضية ؛ لأنها موضوعة للعموم والإبهام ؛ فكان المستقبل مناسبا لها ، والماضي منافيا. وإنّما أوجبوا تقديم العامل عليها للفرق بينها وبين «أي» الشّرطية ، والاستفهاميّة ، فإنّ عاملهما لا يكون إلّا مؤخّرا عنهما لوجوب تصدّرهما في أول الكلام.

٨٧

٤ ـ وذا : للعاقل وغيره ، وتكون اسما موصولا إذا وقعت بعد (من وما) الاستفهاميتين ، غير مشار بها (١) ، ولا مركّبة مع إحداهما. نحو من لقيت ، وما ذا فعلت ، أي من الّذي لقيته ، وما الّذي فعلته.

٥ ـ ذو : تستعمل اسم موصول بمعنى الذي في لغة (بني طيّ) ولذلك يقال لها (ذو الطّائيّة) وهي للعاقل وغيره ، وتلزم البناء على الواو في جميع حالاتها ، وتبقى بلفظ واحد للجميع ، كقول سنان الطائي [الوافر] :

فإنّ الماء ماء أبي وجدّي

وبئري ذو حفرت وذو طويت

٦ ـ وأل : للعاقل وغيره ، وتكون اسما موصولا ، بشرط أن تكون ما دخلت عليه صفة صريحة (اسم فاعل ، أو اسم مفعول صريحين ، أو صيغة مبالغة) نحو : أقبل الشّاكر والمشكور والشّكور (فأل) في هذه الأمثلة الثلاثة بمعنى الّذي (٢).

افتقار الموصولات إلى «صلة» متأخّرة عنها

الصّلة : هي الجملة الّتي تذكر بعد الموصول لمعرفته وبيان معناه ؛ ويشترط فيها أن تكون خبريّة (٣) ، معروفة للسّامع (٤) ، مشتملة على ضمير يعود إلى الموصول يسمّى

__________________

(١) والضابط في جعل (ذا) إشارية أو موصولة ، هو أن ما بعدها إن كان اسما ، نحو : من ذا الرجل ، وما ذا العمل ، فهي إشارية ، لأن الاسم لا يصلح للصلة التي يشترط فيها أن تكون جملة أو شبهها. وإن كان الواقع بعدها فعلا فهي موصولة لأن الفعل صالح للصلة ، وغير صالح للإشارة.

(٢) فالمشتقات الواقعة بعد أل بمثابة جمل ، فأصل (الشاكر) أل شكر ، وأصل (المشكور) أل شكر ، وأصل (الشكور) أل يشكر كثيرا ، ثم عدل عن الفعل إلى الاسم لمشابهة (أل) هذه (لأل) التعريف.

واعلم أن حق (أل) أن يعلق الإعراب عليها كسائر الموصولات ، ولكنها لما امتزجت بالصفة صارت كجزء منها فسقط عنها حق الإعراب ؛ لأنه لا يكون في وسط الكلمة ، واستأثرت به الصفة فكان الإعراب لها.

(٣) وجوب كونها خبرية لأنها حكم على الموصول ، ولهذا اقتضى أن تكون خبرية لا إنشائية فلا تكون أمرا ولا نهيا. ولا تعجبية ، فلا يصح جاء الذي ما أحسنه ، ولا تكون مفتقرة إلى كلام قبلها ، فلا يصح جاء الذي لكنّه مسافر.

(٤) تكون معروفة للسامع إلّا في مقام التهويل والتفخيم فيحسن إبهامها كقوله تعالى : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) (١٠).

٨٨

(بالعائد) ولا يكون لها محلّ من الإعراب. وتقع الصلة جملة (فعليّة (١) ، أو اسميّة) نحو : لا تقل ما يذري بك ، والصّبر حيلة من لا حيلة له.

وتقع أيضا الصّلة شبه جملة (وهو الظّرف المكاني ، والجار والمجرور) التامّان (٢) ، نحو : عرفت الّذي عندك ، وقرأت ما في الكتاب.

والصّلة مع الموصول كالكلمة الواحدة. فلا يتبع الموصول ولا يخبر عنه. ولا يستثنى منه قبل استيفائه الصّلة الّتي لا تتقدّم هي ولا شيء منها عليه ، كما لا يتقدّم الجزء الثاني من الكلمة على الأوّل ولا يفصل بينهما إلّا بالقسم ، أو النّداء ، أو الجملة الاعتراضيّة ، نحو : هذا الّذي ، والله ، أو يا أخي ، أو هداك الله ، يقوم بالأمر.

ولا يجوز حذف شيء من صلة ، أو موصول ، إلّا ما علم منهما ، نحو : أمن يجتهد ويكسل سواء؟ أي ومن يكسل.

عائد الموصول

العائد : هو الضّمير الّذي يربط الصّلة بالموصول ، ويعود منها إليه لتحصل الفائدة ، بشرط أن يكون ضمير غيبة (٣) مطابقا لفظا ومعنى للموصول (في الإفراد والتّثنية والجمع ؛ والتّذكير والتّأنيث).

فتقول : جاء الّذي أكرمته ، والّتي أكرمتها ، واللّذان أكرمتهما والذين أكرمتهم ، واللّواتي أكرمتهنّ.

هذا في الموصول المختص ممّا يطابق لفظه معناه.

وأمّا الضمير العائد إلى (الموصول المشترك) (كمن وما) إذا قصد بهما غير

__________________

(١) وذلك في غير (أل) الموصول التي يجب أن تكون صلتها صفة صريحة (خالصة للوصفية) ، وقد توصل (أل) بالفعل المضارع نادرا كقوله [البسيط] :

ما أنت بالحكم الترضى حكومته

(٢) فإن لم يكونا تامين لم يصلح وقوعهما صلة. فلا يقال : جاء الذي اليوم ، ورأيت ما عنك ؛ لأن المراد بالصلة تكميل الموصول ، والناقص في نفسه لا يكمّل غيره.

(٣) إنما كان ضمير غيبة ليطابق الموصول لأنّه اسم ظاهر. والظواهر كلها من قبيل الغيبة ، غير أنه قد يعدل عنه إلى الحاضر إذا كان الموصول خبرا عن ضمير قبله لمتكلم أو مخاطب ، حملا على المعنى ، نحو : أنا الذي علمتك ، وأنت الذي حفظت.

٨٩

المفرد المذكّر ، فيجوز فيهما حينئذ وجهان :

أ ـ مراعاة اللّفظ ، فيكون مفردا مذكرا مع الجميع ، وهو الأكثر ، نحو (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) [الأنعام : ٢٥].

ب ـ ومراعاة المعنى ، نحو : ومنهم من يستمعون إليك (١).

فإذا وقع التباس بمراعاة اللفظ وجبت مراعاة المعنى ، نحو : تصدّق على من سألتك ، ولا تقل من سألك ، ونحو : أكرم من زارك ، لا من زارتك.

الضّمير الّذي يعود إلى الموصول واجب ذكره ، وجائز حذفه :

أ ـ فيجب ذكره إذا لم يصلح الباقي بعد حذفه لأن يكون صلة سواء أكان ضمير رفع ، أم نصب ، أم جرّ.

ب ـ ويجوز حذفه إذا وقع في أوّل صلة طويلة (٢) (مرفوعا) على أنه مبتدأ مخبر عنه بمفرد (٣). وذلك بشرط طول الصّلة فتخفف بحذفه ، نحو : ما أنا بالّذي قائل لك

__________________

(١) وكذا يجري الوجهان في كل ما خالف لفظه معناه ، كأسماء الشرط والاستفهام ؛ إلّا (أل) الموصولة فيراعى معناها فقط لخفاء موصوليتها.

تنبيهات الأول ـ سبق أن «من» للعاقل ، ويجوز استعمالها لغير العاقل ، وذلك في ثلاث مسائل :

 ـ الأولى : أن ينزل منزلة العاقل نحو : (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ) والمدعو الأصنام.

 ـ الثانية : أن يختلط مع العاقل فيغلّب عليه نحو : (يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

 ـ الثالثة : أن يجتمع معه في عموم سابق فصّل بمن نحو : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ).

الثاني ـ سبق أنّ «ما» لغير العاقل ، ويجوز استعمالها للعاقل ، وذلك متى اختلط بغير العاقل نحو : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).

الثالث : الموصول الخاص يستعمل للعاقل وغير العاقل ما عدا (جمعه) فإنه يستعمل للعاقل فقط. وأما غير العاقل فتستعمل له «التي» فتقول : الأشجار التي أثمرت زينت الحدائق.

(٢) وإذا لم تكن الصلة طويلة ووقع بعد الضمير المرفوع مفرد فيمتنع الحذف نحو : جاء الذي هو فاضل ؛ لعدم الحاجة إلى التخفيف بحذف الضمير.

واعلم أنه سبق أيضا جواز حذف الضمير المرفوع الواقع في صدر صلة (أي) الموصولة.

(٣) فلا يحذف في نحو : جاء اللذان سافرا أمس ، لأنّه غير مبتدأ. ولا يحذف في نحو : الذي هو يعطي الألوف ، ولا يحذف في نحو : يسرّني الذي هو في مدرسته ؛ لأن الخبر غير مفرد

٩٠

سوءا ، (أي بالّذي هو قائل).

ج ـ ويجوز حذفه أيضا إذا كان (منصوبا متّصلا (١) بفعل تامّ (٢) أو بوصف تامّ ، غير صلة (أل) (٣) نحو : نشهد بما نعلم ، ونحو : الّذي أنا معطيك درهم ـ والأصل ـ نشهد بما نعلمه ـ والّذي أنا معطيكه درهم وذلك أيضا بشرط أن يصلح الباقي بعد الحذف لأن يكون صلة.

د ـ ويجوز حذفه أيضا إذا كان (مجرورا) بالمضاف الّذي يكون اسم فاعل (٤) (بمعنى الحال أو الاستقبال) ، نحو : جاء الذي أنا زائر «أي زائره» (٥).

وكذا يحذف الضّمير المجرور بالحرف المماثل (٦) للحرف الدّاخل على

__________________

فيهما.

فإذا حذف الضمير المفيد للتخصيص فات المقصود ، ولم يدل دليل على حذفه لأن الباقي بعد الحذف صالح لأن يكون صلة لأنه جملة أو شبهها. واعلم أنه كما يجوز حذف العائد يجوز أيضا حذف الصلة إذا دل عليها دليل ، كقول الشاعر [مجزوء الكامل] :

نحن الألى فاجمع جمو

عك ثم وجههم إلينا

أي نحن الألى عرفوا بالشجاعة ، بدليل ما بعده.

وكذا تحذف الصلة إذا قصد الإبهام ، ولم تكن صلة (أل) كقولهم : بعد اللّتيّا والّتي ، أي بعد الخطة التي من فظاعة شأنها كيت وكيت.

وهذا الحذف لإيهام أنها بلغت من الشدة مبلغا لا يمكن التعبير عنه.

وقد يحذف الموصول دون صلته ، كقول سيدنا حسان [الوافر] :

فمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سواء

أي ومن يمدحه ، ومن ينصره.

(١) فلا حذف في نحو : جاء الذي إياه ضربت ؛ لكونه ضميرا منفصلا ، فيفوت بالحذف التخصيص المقصود من تقديم الضمير العائد.

(٢) وفلا حذف في نحو : جاء الذي كنته ، لكونه منصوبا بفعل ناقص.

وكذا نحو : جاء الذي إنه فاضل ؛ فإنه منصوب بغير فعل ، وأيضا لكونه : اسم (إنّ) وهي لا تستقل بدون اسمها.

(٣) ولا حذف في نحو : جاء الضاربه زيدا ؛ لأنه منصوب بوصف مقرون بأل ولو حذف لفات الدليل على اسمية (أل).

(٤) فلا حذف في نحو : جاء الذي علمه غزير ، لأنه مجرور بمضاف غير وصف.

(٥) فلا حذف في نحو : أقبل الذي أنا مكرمه أمس ، لأنه للماضي.

(٦) فلا حذف في نحو : جاء الذي مررت به ؛ لعدم جرّ الموصول بالباء.

٩١

الموصول ، واتّفق متعلّقا الحرفين لفظا (١) ومعنى (٢) ، نحو : مررت بالّذي مررت به.

وذلك أيضا بشرط أن يصلح الباقي بعد الحذف لأن يكون صلة.

أسئلة يطلب أجوبتها

كم قسما الأسماء الموصولة؟ ما هي الأسماء الموصولة الخاصة؟ ما هي الأسماء الموصولة المشتركة؟ ما هو حكم من وما؟ ما هو حكم أي؟ ما هو حكم ذا؟ ما هو حكم ذو؟ ما هو حكم أل؟ إلى أي شيء يحتاج الاسم الموصول؟ على أي شيء يجب أن تشتمل الصلة؟ ماذا يشترط في العائد؟ متى يذكر ويحذف العائد؟ ما الفرق بين الموصول الخاص والموصول المشترك؟ ما الفرق بين الموصول الاسمي والموصول الحرفي؟ كم عدد الموصول الحرفي؟ واذكر حكم كل منها.

تطبيق إعراب [الخفيف] :

ما مضى فات والمؤمّل غيب

ولك الساعة التي أنت فيها

الكلمة

إعرابها

ما

اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

مضى

فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر ، والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على ما. والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

فات

فعل ماض مبني على الفتح. والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على ما. والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر ما.

والمؤمّل

الواو حرف عطف. والمؤمّل مبتدأ مرفوع بالضمة

غيب

خبر المبتدأ مرفوع بالضمة

ولك

الواو حرف عطف. لك جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم

__________________

(١) فلا حذف في نحو : طمعت في الذي رغبت فيه ؛ لاختلاف اللفظ.

(٢) فلا حذف في نحو : رغبت في الذي رغبت عنه ؛ لاختلاف المعنى.

٩٢

الكلمة

إعرابها

الساعة

مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة

التي

اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة للساعة

أنت فيها

أنت مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع. فيها جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر ، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب

١ ـ تمرين

بيّن الموصول الخاص من الموصول المشترك.

أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك. إنّ صلاح الأمة بالأمهات اللّواتي يحسنّ تربية أولادهن ، وبالآباء الأولى يسهرون على تقويم أخلاقهم. لا تهمل الوصية التي أوصيتك باتباعها. ستعلم أيّ هذين الرجلين هو الصادق. إن القمار والمسكر هما الرذيلتان اللتان تقودان إلى أفظع الشررو.

[الخفيف]

إن من يدّعي ما ليس فيه

كذّبته شواهد الامتحان

(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (٣) [المؤمنون : ١ ـ ٣].

المبحث الثامن : في المعرّف بأل (١)

المعرّف «بأل» هو : اسم دخلت عليه «أل» فأفادته التّعريف نحو : القلم والكتاب.

وتنقسم «أل» إلى ثلاثة أنواع : أصليّة ، وزائدة ، وموصولة.

فالأصليّة هي : الّتي تفيد التّعريف ، نحو : الرّجل ، والمرأة.

والزّائدة هي : الّتي لا تفيده ، وهي نوعان : لازمة ، وغير لازمة.

__________________

(١) أل : إما أن تكون لتعريف الجنس وتسمى الجنسية ، وإما لتعريف قدر معهود منه ويقال لها : أل العهدية.

٩٣

١ ـ فاللازمة تكون في ألفاظ مسموعة كالواقعة في الأسماء الموصولة ، نحو : الّذي ، والّتي ، وفي أيّام الأسبوع كالسّبت ، والإثنين ، وفي الآن ظرف زمان ، وفي بعض الأعلام المرتجلة الموضوعة من أوّل أمرها مقترنة بالألف واللام ، كاللات والعزّى (اسمي صنمين).

والسّموءل والحطيئة (اسمي رجلين).

٢ ـ وغير اللّازمة : هي الدّاخلة على بعض الأعلام المنقولة من أصل للمح (١) معنى ذلك الأصل فيها (أي للدلالة على أن المعنى الأصلي ملحوظ للمتكلم). وأكثر ما يكون ذلك في العلم المنقول عن المصدر كالفضل والحرث ، أو عن الصّفة كالقاسم والمنصور والعبّاس.

وقد تزاد أل في الحال والتّمييز ، نحو : ادخلوا الأوّل فالأوّل. ونحو. وطيت النّفس.

(فأل) في جميع ما ذكر زائدة ، لأنّ الموصولات وغيرها معارف بدونها ، وكذا الحال والتمييز يبقيان معها على تنكيرهما في المعنى.

والموصولة : هي الدّاخلة على اسم الفاعل ، والمفعول ، وأمثلة المبالغة ، نحو : جاء المنتصر ، وأكرمت المنصور ، أي الّذي انتصر ، والّذي نصر كما سبق ذكره في الموصولات.

__________________

(١) فيلاحظ في الحرث مثلا أنه سمي به تفاؤلا بأنه يعيش ويحرث. فتأتي بأل لملاحظة ذلك المعنى ، وإن لم تلاحظ ذلك لم تدخل عليه أل.

واعلم أن «أل» تكون لتعريف الجنس وتسمى أل الجنسية.

وتكون لتعريف قسم معهود منه ويقال لها : أل العهدية.

وتكون أل الجنسية : لاستغراق أفراد الجنس ، وهي ما تشمل جميع أفراده نحو : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) وعلامتها صحة حلول لفظ (كل) محلها.

أو لبيان الحقيقة ، نحو : الذهب أثمن من الفضة.

وتكون أل العهدية إما للعهد الحضوري ، وهي : ما كان مصحوبها حاضرا ، نحو : جئت اليوم ، أي اليوم الحاضر الذي نحن فيه ، وإما للعهد الذهني ، وهي : ما كان مصحوبها معهودا في الذهن ، نحو : حضر الأمير ، وإمّا للعهد الذكري ، وهي : الداخلة على لفظ سبق ذكره نكرة في خلال الكلام السابق ، نحو : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) وقد استوفينا الكلام على (أل) في كتابنا «جواهر البلاغة» فارجع إليه إن شئت.

٩٤

تعريف العدد

١ ـ إن كان العدد مركبا ، عرّف صدره ، مثل : أخذت السّبعة عشر كتابا ، وأكرمت الثّلاثة عشر رجلا.

٢ ـ وإن كان مضافا ، عرّف عجزه ، مثل : اختبار ثلاثة الأشهر الأولى.

٣ ـ وإن كان معطوفا ، عرّف الجزءان معا ، نحو : رأيت الألف والستة عشر جنديا.

المبحث التاسع : في ما بقي من المعارف

أ ـ المعرّف بالإضافة (١) هو : ما أضيف إلى إحدى المعارف السابقة إضافة معنويّة (٢) ، فاكتسب التّعريف منها ، نحو : قلمي ، قلم سليم ، كتاب هذا ، خطاب الّذي كان معنا بالأمس ، قلم الكاتب ، كتاب ربّ العالمين.

ب ـ المعرّف بالنّداء هو : نكرة قصدت بالنّداء ، نحو : يا مسافر أسرع ويا أستاذ احترس (٣)

المرفوعات من الأسماء

المرفوعات عشرة ، وهي : الفاعل ، ونائب الفاعل ، والمبتدأ وخبره ، واسم كان وأخواتها ، واسم أفعال المقاربة ، واسم الحروف المشبّهة بليس ، وخبر إنّ وأخواتها ، وخبر لا الّتي لنفي الجنس ، والتّابع للمرفوع «من نعت ، وعطف ، وتوكيد وبدل».

__________________

(١ و ٢) ما لم يكن وصفا ، والمضاف إليه معموله ، نحو ضارب زيد ، ومحمود السيرة ؛ فلا يتعرّف بالإضافة اللفظية إلى المعرفة.

وأيضا ما لم يكن متوغلا في الإبهام نحو : شبه ، ومثل ، وغير ، وسوى. فلا يتعرف أيضا بالإضافة إلى المعرفة.

وأما المضاف إلى نكرة فلا يتعرف بالإضافة أصلا كصاحب فضل.

(٣) وغير ذلك من كل نكرة قصد بها معين ، بخلاف ما لم يقصد بها معين فإنها تبقى على تنكيرها ، نحو : يا رجلا ، ويا غلاما (لأيّ رجل وغلام) وبخلاف نحو يا سعد ، ويا هذا ، ويا من إليه المشتكى ؛ فليست معرفة بالنداء ، بل الأول معرفة بالعملية ، والثاني بالإشارة ، والثالث بالصلة.

٩٥

الباب الثالث : في الفاعل

الفاعل هو : الاسم المرفوع (١) المسند إليه فعل معلوم (٢) تام (٣) أو شبهه (٤) ، مذكور قبله (٥) ، ودلّ على من فعل الفعل ، أو قام به (٦) ، نحو : طلعت الشمس ساطعا نورها ، ونحو : مختلف ألوانه ، ونحو : أفلح الصّائب رأيه ، ونحو : أحسن الكريم عنصره

في هذا الباب مباحث

المبحث الأول

يكون الفاعل ظاهرا ، أو ضميرا ؛ ومفردا ، أو مثنى ، أو جمعا ؛ ومذكّرا ، أو مؤنثا ، نحو : لقد علم التّلميذ ، والتلميذان ، والتّلاميذ ، والمعلّمون ، والمعلّمات ، أنّ حياة العلم مذاكرته.

فإذا كان الفاعل الظّاهر (مثنّى أو مجموعا جمعا سالما) ، لا تلحق فعله علامة التّثنية ولا علامة الجمع (٧) ويجري الفعل مع الفاعل (المثنى أو المجموع) كما يجري

__________________

(١) وقد يجرّ لفظا بإضافة المصدر ، نحو : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) أو يجرّ بلفظ من ، أو الباء ، أو اللام الزوائد نحو : (ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ) (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) (٣٦).

(٢) لأن مرفوع المجهول يسمّى نائب فاعل.

(٣) لأن مرفوع الأفعال الناقصة يسمى اسما لها لا فاعلا.

(٤) المراد بشبه الفعل : المصدر ، واسم الفاعل ، واسم التفضيل ، والصفة المشبهة ، وأمثلة المبالغة ، وما تضمّن معنى الفعل هو اسم الفعل نحو : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) المدرسة ناجح تلاميذها. المدينة نظيفة شوارعها. لم أر تلميذا أجدر به الثناء من صاحب الاجتهاد ، والفاعل كما يكون صريحا نحو : (تَبارَكَ اللهُ) يكون مؤوّلا ، نحو : يسرّني أن تنجح ، أي نجاحك.

(٥) فإذا تقدم الفاعل على فعله خرج عن كونه فاعلا إلى وجوب كونه مبتدأ ولزم تقدير الفاعل ضميرا مستترا ، نحو : الأمير حضر ، وتكون حينئذ الجملة اسمية.

واعلم أن الأصل في الفاعل ذكره لتوقّف معنى العامل عليه ، وقد يحذف إذا كان عامله مصدرا ، نحو : تعليم هذا التلميذ مفيد أي تعليم الأستاذ إيّاه.

(٦) مثال من فعل الفعل : ضرب سليم خليلا ، ومثال من وقع عليه الفعل : مات سعد.

(٧) إنما التزموا إفراد العامل مع الفاعل المثنى والجمع لئلا يكون قد أسند إلى الضمير ، ثم إلى الظاهر ، فيكون له فاعلان. وهو ممتنع ، وأما ما ورد على خلاف ذلك نحو : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى

٩٦

مع (المفرد) ؛ «لأنّ الفعل لا يسند إلّا إلى فاعل واحد» ، فيقال : اصطلح الخصمان ، لا اصطلحا ، ويقال (أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) [المؤمنون : ١] لا أفلحوا ، وإذا كان الفاعل مؤنّثا لحقت عامله تاء التّأنيث :

 ـ «ساكنة» في آخر الماضي ، نحو : حضرت سعاد.

 ـ و «متحركة» في أوّل المضارع ، وفي آخر الصّفة ، نحو : تقوم ليلى ، ونحو :

سليم مؤدّبة ابنته.

ولحوق تاء التّأنيث بالعامل منه : واجب ، ومنه جائز.

وجوب تأنيث العامل في أربعة مواضع

 ـ أوّلا : إذا كان الفاعل ضميرا متّصلا يعود على مؤنّث حقيقي التّأنيث ، أو مجازيّة ، نحو : سعاد حضرت ، والنّار اشتعلت (١).

 ـ ثانيا : إذا كان الفاعل اسما ظاهرا مؤنثا حقيقّا متّصلا بفعله المتصرّف ، نحو :

تعلّمت الفتاة ، وتنوح الحمامة.

 ـ ثالثا : إذا كان الفاعل ضميرا مستترا (٢) يعود إلى جمع تكسير لمؤنّث ، أو إلى جمع المؤنّث السّالم نحو : الفواطم أو الفاطمات فرحت أو فرحن.

 ـ رابعا : إذا كان الفاعل ضميرا عائدا إلى جمع تكسير لمذكر غير عاقل ، نحو : الأيّام بك ابتهجت.

جواز تأنيث العامل في خمسة مواضع

١ ـ إذا فصل الفاعل الظّاهر الحقيقيّ التّأنيث عن عامله بغير «إلّا وغير ،

__________________

الَّذِينَ ظَلَمُوا) فعلى تأويل إبدال الظاهر من الضمير ، أو على أن الظاهر مبتدأ مؤخر ، أو على أن ما يتصل بالحرف حروف تدلّ على التثنية والجمع لا ضمائر. وهي لغة ضعيفة لبعض العرب يعبّرون عنها بلغة : أكلوني البراغيث.

(١) كما أنه يجب الإلحاق بالتاء للمؤنث الذي لم يتميز مذكره من مؤنثه ، نحو : نملة «وإن أريد به مذكر» والعكس في المجرد من علامة التأنيث كبرغوث فيذكر ويجرّد عامله من تاء التأنيث «وإن أريد به مؤنّث».

(٢) أما إذا كان الضمير بارزا فلا يؤتى بتاء التأنيث ، نحو : هند ما قام إلّا هي وإنما قام هي.

٩٧

وسوى» ، نحو : حضر ، أو حضرت اليوم فتاة (١).

٢ ـ إذا كان الفاعل ظاهرا مجازيّ التّأنيث ، نحو : طلع أو طلعت الشّمس (٢).

٣ ـ إذا كان الفاعل ضمير جمع مكسّر عاقل ، نحو : التلاميذ اجتهدت ، أو اجتهدوا.

٤ ـ إذا كان الفاعل جمع تكسير لمذكّر أو لمؤنّث أو اسم جمع ، أو شبه جمع ، نحو : جاء ، أو جاءت العلماء ، وقامت ، أو قام الجواري وحضر ، أو حضرت النّساء ؛ وأورق أو أورقت الشّجر (٣).

٥ ـ إذا وقع الفاعل المؤنث بعد فعل جامد (٤) ، نحو : نعم ، أو نعمت الفتاة سعاد وبئس أو بئست المرأة هند ، وساء أو ساءت التلميذة سلوكها.

وإثبات التّاء في كلّ ذلك أولى ، لأنّه الأصل ولا مقتضى للعدول عنه.

امتناع تأنيث العامل في ثلاثة مواضع

يمتنع التّأنيث إذا كان الفاعل مفصولا بإلّا ، نحو : ما حضر إلّا سعاد أو كان مؤنثا لفظا مذكرا معنى كطلحة ، أو كان جمع مذكر سالما.

المبحث الثاني في رتبة الفاعل مع الفعل والمفعول

الأصل في الفاعل أن يلي الفعل متصلا به فيقدّم وجوبا على المفعول به.

__________________

(١) فالتأنيث على مقتضى الظاهر. والتذكير لبعد الفاعل عن فعله (بالفاصل) بحيث ضعف استدعاؤه للعلامة. واعلم أنه إذا كان الفاصل إلّا ، أو غير ، أو سوى فالجمهور على عدم ـ إثبات التاء ، نحو : ما قام إلّا هند ؛ وذلك باعتبار المعنى ، لأن الفاعل في الحقيقية مذكّر محذوف ، والاسم المذكور بدل منه ، والتقدير ما قام أحد إلّا هند.

(٢) فالتأنيث على اعتبار اللفظ ، والتذكير باعتبار أن الفاعل غير مؤنّث حقيقة.

(٣) التأنيث في هذه الأنواع على التأويل بالجماعة ، والتذكير على التأويل بالجمع.

(٤) التأنيث على إجراء الفعل الجامد مجرى المشتق ، والتذكير على اعتبار الجمود فيه ولكنّ التأنيث في باب نعم وبئس وما جرى مجراهما أجود من التذكير.

واعلم أنه يجوز حذف عامل الفاعل لدليل ، نحو : عليّ في جواب ، من حضر؟ ويجب حذف العامل أيضا إذا وقع بعد أداة شرط ، نحو : إذا السماء انشقت.

وقد يحذف الفاعل وعامله معا نحو : نعم ، في جواب من قال : هل نجح خليل؟ أي نعم نجح خليل. واعلم أيضا أن الفاعل لا يكون جملة.

٩٨

يتقدم الفاعل على المفعول في ثلاثة مواضع

 ـ أوّلا : إذا خفي إعرابهما لعدم وجود قرينة تعيّن أحدهما من الآخر ، نحو : أهان أبي عمّي.

 ـ ثانيا : إذا كان الفاعل ضميرا متّصلا ، نحو : أحببت الوطن.

 ـ ثالثا : إذا كان المفعول محصورا ، نحو : ما فهم أحد إلّا سليما.

وقد يعدل عن التّحفّظ بهذا الأصل : فيذكر أوّلا الفعل.

ثم يقدّم المفعول ، ويؤخّر الفاعل ، إمّا وجوبا وإمّا جوازا.

يقدم المفعول على الفاعل وجوبا في ثلاثة مواضع :

 ـ أوّلا : إذا كان الفاعل محصورا بإنّما ، نحو : إنّما هذّب الناس الدّين القويم ، أو محصورا بإلّا ، نحو : ما هذّب الناس إلّا الدّين القويم.

 ـ ثانيا : إذا كان المفعول ضميرا متّصلا ، والفاعل اسما ضاهرا ، نحو : كافأني الأمير.

 ـ ثالثا : إذا اتّصل بالفاعل ضمير يعود إلى المفعول ، نحو : كافأ التلميذ معلّمه ، ونحو : كلّم عليّا صاحبه.

واعلم أنّه يقدّم المفعول على الفاعل جوازا عند وجود قرينة (معنوية) ، نحو : فهم المعنى موسى ، وأضنت سعدى الحمّى. أو قرينة لفظية ، نحو : ضرب أخاك الأمير ، غير أنّ حفظ التّرتيب أولى.

يقدم المفعول على الفعل والفاعل وجوبا في ثلاثة مواضع.

 ـ الأوّل : إذا كان للمفعول صدر الكلام ، نحو (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) [غافر : ٨١] ونحو : من رأيت؟ وكم كتابا قرأت؟

 ـ الثاني : إذا كان المفعول به ضميرا منفصلا مرادا به التّخصيص ، نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٥) [الفاتحة : ٥].

 ـ الثالث : إذا وقع فعل المفعول به بعد فاء الجزاء ، وليس للفعل مفعول آخر مقدّم ، نحو (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) (٣) [المدثر : ٣] ونحو (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (٩) [الضحى : ٩].

٩٩

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو الفاعل؟ هل يكون فعل بدون فاعل؟ ما هو حكم الفعل إذا كان الفاعل مثنى أو مجموعا؟ ما هو حكم الفعل إذا كان الفاعل مؤنثا؟ ما هي مرتبة الفاعل مع الفعل والمفعول؟ ما هي مواضع وجوب تأنيث الفعل للفاعل؟ وما هي مواضع جواز التأنيث؟ اذكر مواضع تقديم المفعول على الفاعل وجوبا وجوازا.

اذكر مواضع تقديم المفعول على الفعل والفاعل معا.

تطبيق

بيّن الفاعل المذكر والمؤنّث وأسباب تقديم الفاعل على المفعول وبالعكس.

الحيّة لا تلد إلّا حيّة. ابتلى أيّوب ربّه (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر : ٢٨] كفى بحديثك العذب مداويا لعللي [البسيط] :

ليس الحياة بأنفاس نردّدها

إنّ الحياة حياة الفكر والعمل

تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها. يتفاضل الناس بالعلوم والعقول لا بالأموال والأصول. لا يزيد عرا المودّة إلّا الجميل [الكامل] :

يا من تنام قريرة أجفانه

رفقا بصبّ فيك ساه ساهر

ساء ما تصنعون. وبئس ما تفعلون. كفى بالعلم حلية [البسيط] :

تعلّم العلم واعمل يا أخيّ به

فالعلم زين لمن بالعلم قد عملا

[الكامل] :

وإذا رأيت من الهلال نموّه

أيقنت أن سيكون بدرا كاملا

المبحث الثاني : في نائب الفاعل

نائب الفاعل : اسم مرفوع تقدّمه فعل تامّ متصرّف مبنيّ للمجهول (١) أو شبهه ،

__________________

(١) لا بد عند بناء الفعل للمجهول من تغيير صورته ، فإن كان ماضيا كسر ما قبل آخره ، وضمّ كلّ متحرك قبله نحو : حفظ الدرس ، وتعلّم الحساب ، واستخرج المعدن. وإن كان

١٠٠