القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

السيّد أحمد الهاشمي

القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

المؤلف:

السيّد أحمد الهاشمي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة المعارف للطباعة والنشر
الطبعة: ٣
ISBN: 9953-434-08-5
الصفحات: ٣٠٣

ما لم يكن معتلّ العين فإنّ مصدره يكون إمّا على «فعل» كنوم وصوم ، أو فعال كقيام وصيام.

٤ ـ ومصدر المتعدّي منهما على وزن «فعل» بفتح الفاء وتسكين العين كضرب ، ونصر ، وفهم ، وفتح.

وأما مصادر الرّباعي فقياسيّة ، ولها أربعة أوزان تختلف باختلاف صيغ الأفعال :

 ـ الأول : (إفعال) لما كان على وزن (أفعل) ، نحو : أحسن إحسانا وتحذف منه ألف إفعال في الأجوف ويعوّض عنها بتاء في الآخر نحو : أقام ، إقامة.

 ـ والثّاني : (تفعيل) لما كان على وزن (فعّل) ، نحو : علّم تعليما ولكن تحذف منه ياء التّفعيل ، ويعوّض عنها بتاء في آخر المعتلّ اللام وجوبا. نحو : زكّى تزكية ، وغالبا في مهموزها (هنّأ تهنئة) ونادرا في غيرهما ، نحو : جرّب تجربة.

 ـ والثّالث : (مفاعلة ، وفعال) لما كان على وزن «فاعل» ، نحو : جادل مجادلة ، وجدالا. وسابق سباقا ، ومسابقة.

وإذا كان الفعل مثالا يائيا تعيّن وزن مفاعلة ، نحو : ياسر مياسرة.

والرابع : (فعللة) لما كان على وزن (فعلل). نحو : سربل سربلة (١).

وأمّا مصادر الفعل الخماسي والسّداسي فقياسيّة أيضا ، وتكون على وزن ماضيه بضمّ ما قبل آخره ، إن كان مبدوءا بتاء زائدة. نحو : تقدّم تقدّما. ولكن تقلب الألف ياء ويكسر ما قبلها من المعتلّ الآخر نحو : ترجّى ترجّيا. وتقلب هذه الألف همزة في غير ذلك إن سبقتها ألف ، نحو : إلجاء ، انزواء ، اعتراء ، استيلاء.

ويكسر ثالثة (٢) مع زيادة ألف قبل آخره إن كان مبدوءا بهمزة نحو : انطلق انطلاقا ، واستفهم استفهاما (٣).

__________________

(١) ويجيء له فعلال بكسر الفاء وتسكين العين قياسا إذا كان مضعفا نحو : وسوس وسوسة ووسواسا (وسماعا) إذا لم يكن مضعّفا ، نحو : دحرج دحرجة ودحراجا.

(٢ و ٣) إذا كان ما بعد الثالث واوا تقلب ياء لمناسبة الكسرة نحو : اعشوشب اعشيشابا ، واستوفى استيفاء. وتحذف ألف من الاستفعال ، ويعوّض عنها تاء في آخر الأجوف نحو : استقام استقامة ، واستفاد استفادة.

٢٤١

المبحث الثاني : في المصدر الميمي ، وعمل المصدر.

المصدر الميميّ : مصدر مبدوء بميم زائدة في غير المفاعلة.

ويكون من الثّلاثي على وزن مفعل بفتح العين ، نحو : مرقب وملعب ، ومذهب ، ومرمى. ما لم يكن مثالا واويّا صحيح اللام محذوف الفاء في المضارع فتكسر العين (١). نحو : موعد ، وموضع.

ومن غير الثّلاثي على وزن اسم مفعوله ، نحو : منطلق ، ومستفهم وقد تزاد على صيغة المصدر الميمي تاء في آخره.

ويعمل المصدر عمل فعله تعدّيا ولزوما ، سواء كان محلّى بأل أو مضافا ، أو مجرّدا منهما. نحو : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) [البقرة : ٢٥١] وهو حسن التّربية أبناءه ، وتركا الإهمال.

وإضافته إلى فاعله أكثر من إضافته إلى مفعوله ، نحو : شكرك المنعم واجب ، وخدمتك وطنك فخر لك.

وشرط عمله : إمّا نيابته عن فعله. نحو : سعيا في الخير ، فسعيا ناب عن فعل الأمر ، وهو : اسع. وإمّا صحّة تقديره بأن والفعل الماضي أو المستقبل أو بما والفعل الحالي ، بحيث يصحّ أن يحلّ محلّه الفعل المقترن بأن ، أو ما : المصدريّتين ، نحو : تعجبني مصاحبتك الأدباء (٢).

__________________

(١) وشذّ المسير والمجيء والمرجع والمنطق والمشيب والمصير والمقيل والمجلس بكسر ما قبل الآخر.

(٢) لأنه يصح أن يقال يعجبني أن صاحبت الأدباء ، إذا أريد المضي ، وأن تصاحبهم إذا أريد الاستقبال ، وما تصاحبهم إذا أريد الحال ، بخلاف نحو : فهمت فهما الحقيقة ، وللنعام مشي جمل : لعدم نيابته عن الفعل وعدم صحة حلوله مع أن أو ما محله وإنما الحقيقة مفعول لفهمت ـ ومشي الثاني مفعول لفعل محذوف أي يمشي مشي الخ ولا عمل للمصدر المؤكد والمبين العدد وما لم يرد به الحدوث ، فالمفعول بعد هذه المذكورات منصوب بالفعل كعلمته تعليما الحساب ، وأفهمته إفهاما الواجب ، وله صوت صوت عندليب.

٢٤٢

المبحث الثالث : في اسم المصدر وعمله

اسم المصدر : هو ما دلّ على معنى المصدر ، ونقص عن حروف فعله بدون تقدير للمحذوف ، ولا تعويض منه ، نحو : عطاء ، ونبات ، وعون (١) ، وصلاة ، وسلام.

ويعمل اسم المصدر عمل المصدر في جميع أحواله بشروطه السّابقة ، نحو : أنت كثير العطاء النّاس ، وبعشرتك الأدباء تعدّ منهم [الوافر] :

أكفرا بعد ردّ الموت عنّي

وبعد عطائك المئة الرتاعا

المبحث الرابع : في مصدري المرّة ، والهيئة ، والمصدر الصّناعي.

اسم المرّة (٢) : مصدر يدلّ على وقوع الحدث مرّة واحدة. نحو : أخذه أخذة ، ونظره نظرة.

ويكون على وزن (فعلة) إذا كان الفعل ثلاثيّا ، فإن كان غير ثلاثيّ كان على وزن المصدر بزيادة تاء في آخره ، نحو : انطلق انطلاقة واستفهم استفهامة ؛ فإذا كان المصدر مختوما بالتّاء في الأصل كانت الدّلالة على المرّة بالوصف لا بالصيّغة ، نحو : دعا دعوة واحدة. واستعمال استمالة لا غير.

واسم الهيئة مصدر يدلّ على هيئة الفعل حين وقوعه ، نحو : لا تمش مشية المختال ، وخبرته خبرة الحكيم.

ويكون على وزن (فعلة) إذا كان الفعل ثلاثيّا ، ولا صيغة للهيئة من غير الثّلاثيّ.

وقد تكون الدلالة على الهيئة بالوصف ، أو بالإضافة ، نحو : نشد نشدة لطيفة.

__________________

(١) وذلك بالنظر إلى أعطى وأنبت وأعان ، وأما بالنظر إلى عطا ونبت وعان فهي مصادر لا أسماء لها ، بخلاف نحو : قتال وتسليم وعدة : لتقدير المحذوف وهو ألف قاتل وقلبها يا لكسر ما قبلها في الأول ، والتعويض منه بالياء في الثاني. وبالتاء في الثالث والمحذوف من تسليم هو اللام الثانية ، ومن عدة هو الواو.

(٢) المرة إنما تكون لما يدلّ على فعل الجوارح الحسيّة لا ما يدلّ على الفعل الباطني : كالعلم ، والجهل ، والجبن. أو الصفة الثابتة كالحسن ، والكرم ، والبخل.

٢٤٣

وأجاب إجابة شريفة. والتفت التفاتة الظّبي.

والمصدر الصّناعي : هو اسم تلحقه ياء النّسبة مردفة بتاء التّأنيث للدّلالة على صفة فيه (١).

ويصاغ إمّا من اسم الفاعل : مثل عالميّة ، أو من اسم المفعول : مثل معذوريّة ، أو من أفعل التّفضيل : مثل أرجحيّة وأسبقيّة ، أو من الاسم الجامد : مثل إنسانيّة وحيوانيّة ، وكيفيّة ، أو من اسم العلم : مثل عثمانيّة ، أو من المصدر : مثل إسناديّة. أو من المصدر الميمي : مثل المصدريّة. وما أشبه ذلك (٢).

نموذج إعراب

[البسيط] :

للدّهر لو كنت تدري هول منطقه

وعظ تردّده الآصال والبكر

الكلمة

إعرابها

للدهرّ

جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

لو كنت

لو حرف شرط غير جازم للامتناع. كان فعل ماض ناقص مبني على السكون لا محل له من الإعراب وجملة كان فعل الشرط.

والتاء اسم كان مبني على الفتح في محل رفع.

تدري

فعل مضارع بمعنى تعرف مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل.

والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت. والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر كان. وجواب الشرط محذوف دل عليه المقام.

هول منطقه

هول مفعول به منصوب بالفتحة. منطق مضاف إليه مجرور بالكسرة منطق مضاف والهاء مضاف إليه مبني على الكسر في محل جر.

__________________

(١) واعلم أنه ليس كل ما لحقته ياء النّسبة مردفة بتاء التأنيث يكون مصدرا صناعيا. إلّا إذا لم يذكر الموصوف لفظا أو تقديرا. فإن ذكر الموصوف ، أو قدّر أو نوي ، فهو اسم منسوب لا غير.

(٢) واعلم أن المصدر ومرّته ونوعه واسمي الزمان والمكان واسم الآلة أسماء موصوفة ، وسائر المشتقات صفات.

٢٤٤

 

الكلمة

إعرابها

وعظ

مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.

تردّده

فعل مضارع مرفوع لتجرده منا لناصب والجازم والهاء مفعول به.

الآصال

فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.

والبكر

معطوف على الآصال مرفوع بالضمة الظاهرة.

تطبيقات على أنواع المصادر

الأدب زينة في الغنى ، كنز عند الحاجة ، عون على المروءة ، صاحب في المجلس ، مؤنس في الوحدة [الطويل] :

فما حسن أن يعذر المرء نفسه

وليس له من سائر الناس عاذر

سئل بعض الحكماء : أيّ الأمور أشدّ تأييدا للعقل ، وأيّها أشدّ إضرارا به. فقال :

أشدها تأييدا له ثلاثة أشياء : مشاورة العلماء ، وتجريب الأمور ، وحسن التثبت ؛ وأشدّها إضرارا به ثلاثة أشياء : التعجّل ، والتّهاون ، والاستبداد [البسيط] :

إنّا لفي زمن ترك القبيح به

من أكثر الناس إحسان وإجمال

(رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) [الإسراء : ٨] [الخفيف] :

ما أرى الفضل والتكرّم إلّا

كفّك النفس عن طلاب الفضول

قال حكيم : المؤمن صبور شكور ، لا نمّام ولا مغتاب ولا حسود ولا حقود ولا مختال ، من يطلب من الخيرات أعلاها ، ومن الأخلاق أسناها. هو لا يرد سائلا ، ولا يبخل بمال ، متواصل الهمم ، مترادف الإحسان ، وزّان لكلامه ، خزّان للسانه. محسن عمله ، مكثر في الحق أمله. ليس بهيّاب عند الفزع ، ولا وثّاب عند الطمع. مواس للفقراء. رحيم بالضعفاء [الطويل] :

إذا كان إكرامي صديقي واجبا

فإكرام نفسي لا محالة أوجب

٢٤٥

[الوافر] :

بضرب بالسيوف رؤوس قوم

أزلنا هامهنّ عن المقيل

[المتقارب] :

ضعيف النكاية أعداءه

يخال الغرار يراخي الأجل

[الطويل] :

إذا صحّ عون الخالق المرء لم يجد

عسيرا من الآمال إلا ميسّرا

[الخفيف] :

ذكرك الله عند ذكر سواه

صارف عن فؤادك الغفلات

المبحث الخامس : في اسم الفاعل وعمله

اسم الفاعل : اسم مشتقّ من مصدر الفعل المبني للمعلوم للدّلالة على من وقع منه الفعل ، أو قام به على قصد التّجدّد والحدوث.

ويكون من الثّلاثي على وزن (فاعل) ، نحو : كاتب ، وكامل.

ولكن تقلب عينه همزة إن كانت في الماضي ألفا نحو : مائل وخائب. وتحذف لامه في حالتي الرّفع والجرّ إن كان فعله ناقصا كداع ورام.

ومن غير الثّلاثي على وزن مضارعه بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل آخره ، نحو : محسن ، ومتعلّم.

وتنقل كسرته إلى ما قبلها إن كان الفعل أجوف معلّا نحو : مقيم.

وهو يعمل عمل فعله المتعدّي ، واللازم ، سواء كان محلّى بأل ، أو مضافا ، أو مجرّدا من أل والإضافة. فإن كان فيه (أل) عمل بلا شرط. وإن لم يكن كذلك لزم أن يدلّ على الحال أو الاستقبال ، وأن يعتمد على نفي أو استفهام ، أو موصوف ، أو مبتدإ ، نحو : أنت العارف قدر الإنصاف ، وما مريد صديقك ضررك ، وهل طالب أخوك شيئا ، والحقّ قاطع سيفه الباطل. وما مطيع الجاهل نصح الطّبيب. والكاتم سرّ إخوانه محبوب. وتمتنع إضافة اسم الفاعل إلى فاعله.

٢٤٦

وإذا أريد باسم الفاعل من الثّلاثي المتعدّي إفادة المبالغة والتّكثير حوّل قياسا إلى إحدى صيغ المبالغة وهي كثيرة. والمشهور منها : فعّال ، ومفعال ، وفعول وفعيل ، وفعل ، نحو : شرّاب ، ومهزار ، وصبور ، وعليم ، وحذر ، ويقظ.

وهي تعمل عمل اسم الفاعل المحوّلة عنه بشروطه ، نحو : لا تكن جزوعا عند الشّدائد ، وإنّ الله سميع دعاء من دعاه. والعاقل ترّاك صحبة الأشرار.

نموذج إعراب على عمل اسم الفاعل

الفارس ناهب جواده الأرض

الكلمة

إعرابها

الفارس

مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره.

ناهب

خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.

جواده

فاعل لاسم الفاعل قبله وهو مضاف والهاء مضاف إليه

الأرض

مفعول به لاسم الفاعل منصوب بالفتحة الظاهرة.

١ ـ تمرين

بيّن اسم الفاعل العامل ، وغير العامل.

أنا الشاكر نعمتكم ، ولست بالجاحد فضلكم [البسيط] :

وعاجز الرأي مضياع لفرصته

حتى إذا فات أمر عاتب القدرا

[الطويل] :

وما أنا خاش أن تحين منيّتي

ولا راهب ما قد يجيء به الدهر

[الطويل] :

ولست بمستبق أخا لا تلمّه

على شعث أيّ الرجال المهذّب؟

٢ ـ تمرين

بيّن أسماء الفاعلين وصيغ المبالغة [البسيط] :

ما عاش من عاش مذموما خصائله

ولم يمت من يكن بالخير مذكورا

٢٤٧

وقال علي : ما المبتلى الذي اشتد به البلاء بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء. كل مبذول مملول. وكل ممنوع مرغوب فيه. المرء مخبوء تحت لسانه. حبك الأوطان من الإيمان [الطويل] :

ولست بمفراح إذا الدهر سرّني

ولا جازع من صرفه المتقلّب

لا يجد العجول فرحا ، ولا الغضوب سرورا. ولا الملول صديقا. ولا يخلو المرء من ودود يمدح ، وعدوّ يقدح. ولا يكن الحازم جزعا عند الشدائد.

المبحث السادس : في اسم المفعول

اسم المفعول : اسم مصوغ من مصدر الفعل المبنيّ للمجهول للدّلالة على ما وقع عليه الفعل.

ويكون من الثّلاثيّ على وزن (مفعول) نحو : منصور ، ومعلوم وتحذف منه واو (مفعول) إن كان فعله أجوف معلّا ، نحو : مقول (١) ومبيع (٢) وتقلب هذه الواو ياء وتدغم في لامه إن كان ناقصا ، نحو : مرميّ ، ومرضيّ (٣).

ومن غير الثّلاثي على وزن اسم فاعله بفتح ما قبل آخره ، نحو : محسن ، ومتعلّم.

ولا يؤخذ اسم المفعول من اللازم إلّا إذا كان نائب فاعله ظرفا أو مصدرا متصرّفين مختصّين أو جارا ومجرورا ، نحو : ما مجتمع اليوم ، وهل محتفل احتفال عظيم ، وأنت مفروح بحضورك.

وهو يعمل عمل فعله المبنيّ للمجهول بالشّروط الّتي تقدّمت في عمل اسم الفاعل ، نحو : أنت المحمود فعله ، وما مذموم صديقك.

وتقلب عينه ألفا بعد نقل فتحتها إلى ما قبلها إن كان أجوف معلّا ، نحو : مقام ،

__________________

(١) أصله مقوول ، نقلت ضمة الواو إلى القاف ثم حذفت الواو الثانية لالتقاء الساكنين.

(٢) أصله مبيوع نقلت الضمة إلى الباء ثم قلبت كسرة ثم حذفت الواو الثانية.

(٣) أصله مرضوي اجتمعت الواو والياء في كلمة وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء ثم قلبت الضمة كسرة.

٢٤٨

ومستفاد (١).

المبحث السابع : في الصفة المشبهة

الصّفة المشبّهة : هي اسم مصوغ من مصدر الثّلاثي اللازم للدّلالة على الثّبوت ، والدّوام (٢).

١ ـ وتكون من باب (فرح) على ثلاثة أوزان :

فعل ـ لما دلّ على حزن ، أو فرح نحو : ضجر ، وبطر (ومؤنّثه فعلة).

وأفعل ـ لما دلّ على عيب ، أو حلية ، أو لون ، نحو : أحدب وأحور ، وأبيض ، (ومؤنّثه فعلاء).

وفعلان ـ لما دلّ على خلوّ أو امتلاء. نحو : عطشان ، وشبعان (ومؤنّثه فعلى).

__________________

(١) تنبيه : يشترك بين اسم الفاعل واسم المفعول صيغتان وهما : فعول ، وفعيل فتارة تكونان بمعنى الفاعل كصبور ومريض. وتارة بمعنى المفعول كرسول وجريح. وكلتاهما سماعيتان ، فإذا كانت فعول بمعنى الفاعل وفعيل بمعنى المفعول يستوي فيهما المذكر والمئنث مع ذكر الموصوف فيقال رجل صبور ، وامرأة صبور ورجل جريح وامرأة جريح ، فإذا لم يذكر الموصوف لحقتها التاء عند إرادة المؤنث فتقول رأيت جريحا للمذكر ، وجريحة للمؤنث ، وكذلك إذا كانت (فعيل) بمعنى الفاعل و (فعول) بمعنى المفعول نحو ناقة حلوبة ، وفتاة مريضة.

(٢) فإن أريد بها الحدوث حولت إلى وزن اسم الفاعل ، نحو ضائق وسائد في ضيّق وسيّد ، إما إن أريد باسم الفاعل أو المفعول الثبوت فلا يغير لفظهما لكن يعطيان حكم الصفة المشبهة في العمل نحو : هذا طاهر القلب ومحمود المقاصد.

واعلم أن الصفة شبيهة باسم الفاعل في العلم وبينهما فرق من جهة اللفظ فإنّ اسم الفاعل من الثلاثي بزنة فاعل دائما ، والصفة على أوزان أخر. ولا تكون إلّا من الثلاثي اللّازم وهو يكون من الثلاثي وغيره ، ومن المتعدي واللازم ، ومن جهة المعنى فإن اسم الفاعل يكون لأحد الأزمنة الثلاثة. والصفة لمجرد ثبوت الحدث ، ولا نظر فيها للحدوث ، فإذا أريد منه الثبوت جرى مجرى الصفة في العمل بدون تحويل. وإذا أريد من الصفة الحدوث غيّرت إلى اسم الفاعل ، ومن جهة العمل فيجوز تقدم معموله عليه. ومعمول الصفة لا يتقدم عليها أبدا كما أنه لا يكون إلا سببيا. أي متصلا بضمير موصوفها.

٢٤٩

٢ ـ وتكون من باب (كرم) على أوزان شتّى أشهرها : فعيل وفعال ، وفعال ، وفعل ، وفعل ، وفعل ، نحو : عظيم ، وشجاع ، وجبان ، وبطل ، وشهم ، وصلب.

وكلّ ما جاء من الثّلاثي بمعنى فاعل ولم يكن على وزنه فهو صفة مشبّهة ، نحو : شيخ ، وأشيب ، وكيّس ، وعفيف.

وتكون من غير الثّلاثي على وزن اسم فاعله. نحو : هو مطمئنّ البال ، ومستقيم الأخلاق ، ومعتدل القامة (١).

وهي ترفع معمولها على الفاعلية ، عاملة عمل اسم الفاعل المتعدّي لواحد.

وتنصبه على شبه المفعولية إن كان معرفة ، وعلى التّمييز إن كان نكرة.

وتجرّه على الإضافة معرفة كان أو نكرة ، نحو : أنت حسن سلوكك ، ورفيع قدر أبيك ، وحسن خلقا ، ونقيّ السّيرة.

غير أنّه يمتنع الجرّ إذا كانت الصّفة بأل وليست مثنّاة ولا مجموعة جمع مذكّر سالما ، ومعمولها خاليا من أل ، ومن الإضافة إلى المحلّى بها ، فلا يصحّ أن يقال : أنت الرّفيع قدر ، ولا القويّ قلب (بالجرّ).

واعلم أنّ اسم الفاعل واسم المفعول إذا لم يقصد منهما الحدوث وقصد بهما الثبوت يعطيان حكم الصّفة المشبّهة في العمل من غير تغيير في الصّيغة ، نحو : هذا طاهر القلب ، محمود المقاصد ، مشرق الجبين ، مفتول الذّراعين ، حادّ البصر.

واعلم أيضا أنّ الصّفة المشبّهة لا تعمل إلّا في (سببيّ) أي مشتمل على ضمير موصوفها (لفظا أو معنى : نحو : حسن وجهه. وحسن الوجه. أي ، منه.

__________________

(١) تنبيه : الاسم باعتبار معناه إما (اسم عين) وهو ما يدرك بإحدى الحواس كرجل وصوت ، وإما (اسم معنى) وهو ما لا يدرك بإحدى الحواس كالعلم والجهل وكلاهما إما موصوف وإما صفة ، فالموصوف هو ما دل عمى ذات أو شيء كرجل وصوت وعلم وجهل. والصفة هي ما دلت على معنى منسوب الى ذات أو شيء نحو سليم راكب (في الأعيان) وحديث مفهوم (في المعاني).

٢٥٠

١ ـ تمرين

على الصفة المشبهة وعملها

كان هارون الرشيد فصيحا ، كريما هماما ، ورعا ، أديبا ، فطنا ، حافظا للقرآن. كثير العلم بمعانيه ، سليم الذوق ، صحيح التمييز ، جريئا في الحق ، مهيبا عند الخاصة والعامة ، طلق المحيا سديد الرأي ، حسن التدبير ، وكان كلامه بيّن المنهج سهل المخرج ، مطرد السياق.

٢ ـ تمرين

على الصفة المشبهة

مصر لطيف جوّها ، كريم أهلها. أحب كريم الطباع ، أما السيئ أخلاقا فإني أكرهه. الكثير هما هو العظيم همّه [الرمل] :

ربّ مهزول سمين عرضه

وسمين الجسم مهزول الحسب

[الرجز] :

بنيّ إنّ البر شيء هيّن

وجه طليق وكلام ليّن

[الطويل] :

وإني لسهل ما تغيّر شيمتي

صروف ليالي الدهر بالفتل والنقض

[المتقارب] :

طويل النجاد رفيع لعماد

كثير الرّماد إذا ما شتا

٣ ـ اشرح ثم أعرب ما يأتي : [البسيط] :

إنّا لقوم أبت اخلاقنا شرفا

أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا

بيض صنائعنا سود وقائعنا

خضر مرابعنا حمر مواضينا

٢٥١

المبحث الثامن : في اسم التفضيل

اسم التّفضيل : اسم مصوغ من المصدر على وزن (أفعل) للدّلالة على أنّ شيئين اشتركا في صفة وزاد أحدهما على الآخر فيها (١) ، نحو : الشّمس أكبر من الأرض حجما.

ولا يؤخذ إلّا من فعل ثلاثيّ مجرّد ، تامّ التّصرّف ، مثبت ، قابل التّفاوت ، مبنيّ للمعلوم ، ولم يجىء الوصف منه على أفعل.

ويتوصّل إلى التّفضيل ممّا لم يستوف هذه الشّروط بذكر مصدره منصوبا على التّمييز بعد كلمة أشدّ ، أو (٢) أكثر ، ونحوهما ، مما يدلّ على الكثرة ، نحو : إبراهيم أكثر الناس استخراجا للمعادن وأوسعهم اختبارا بخواصّها ، وعليّ أقوى مدافعة من أخيه ، وسليم أكثر ابتهاجا بنتيجة عمله.

ويجوز ذلك فيما استوفى الشّروط أيضا ، نحو : أنا أكثر منك معرفة بنفسي. وله أربع حالات :

 ـ الحالة الأولى : أن يكون مجرّدا من أل والإضافة ، فيجب في هذه الحالة إفراده وتذكيره وتنكيره ، والإتيان بعده بالمفضّل عليه مجرورا بمن ، نحو : العالم أعلى مقاما من الغنيّ ، والصّناعات في المغرب أكثر منها في المشرق.

الحالة الثّانية : أن يكون محلّى بأل ، فتجب والحالة هذ مطابقته للمفضّل وعدم الإتيان بعده بالمفضّل عليه مجرورا بمن (٣). نحو : هذا الأصغر ، وهذان الأصغران ،

__________________

(١) وقد يصاغ للدلالة على أن شيئا في صفته زاد على آخر في صفته ، نحو : الصيف أحرّ من الشتاء ، والعسل أحلى من الخل. وقد يراد به معنى اسم الفاعل نحو : ربّكم أعلم بكم :

ونحو : بعث الخلق أهون على الله ، أي : هيّن عليه تعالى.

ولا يكون إلا على وزن (أفعل) ، وشذ : خير وشر دائما ، وحبّ قليلا.

(٢) أي متصلين باسم التفضيل ، ويغتفر فصلهما منه. بمعمول أفعل ، نحو : العلماء أحق بالإكرام من غيرهم ، ولا يجوز تقديمهما عليه إلا إذا كان المجرور اسم استفهام ، نحو : أخوك ممن أعقل؟ ولا يجوز حذفهما إلا إذا دل عليهما دليل ، نحو : أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ، أي : منك.

(٣) أي الجارة للمفضل عليه ، أما الجارّة لغيره فتأتي بعده كقوله [الخفيف] :

فهم الأقربون من كلّ خير

وهم الأبعدون من كل شرّ

٢٥٢

وهؤلاء الأصغرون ، وهذه الصّغرى ، وهكذا.

 ـ الحالة الثّالثة : أن يكون مضافا إلى نكرة. وفي هذه الحالة يجب إفراده وتذكيره ، ومطابقة النّكرة للموصوف إفرادا وتذكيرا وغيرهما ، نحو : سعد أعظم رجل ، والمحمّدان أعظم رجلين ، والمحمّدون أعظم رجال ، ومريم أعظم امرأة ، والمريمان أعظم امرأتين. والمريمات أعظم نساء.

 ـ الحالة الرّابعة : أن يكون مضافا إلى معرفة ، فإن قصد به زيادة المفضّل على المفضّل عليه ، جازت المطابقة وعدمها ، نحو : المتأدّبون أفضل الرّجال ، أو أفاضلهم ومريم أفضل النّساء أو فضلاهنّ وهلمّ جرّا وإن لم تقصد زيادة المفضّل على المفضّل عليه تعيّنت المطابقة ، نحو : شوقي وحافظ أكبر الشّعراء. ويوسف أجمل إخوته.

ولا بدّ في ذلك كلّه من ملاحظة السّماع الذي يحفظ ولا يقاس عليه وهو يرفع الضّمير المستتر (كثيرا) نحو : أبو بكر أصدق النّاس ، ويرفع الاسم الظّاهر (قليلا) ، نحو : هذا أشرف منه أخوه. إلّا إذا صحّ أن يحلّ محلّه فعل بمعناه ، ووقع بعد نكرة تقدّم عليها نفي أو نهي أو استفهام ، وكان مرفوعه أجنبيّا (١) مفضّلا على نفسه باعتبارين مختلفين فيطّرد رفعه الظّاهر ، نحو : ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد ، ولا يكن غيرك أحبّ إليه الخير منه إليك ، وهل أحد أسرع في يده القلم منه في يد خالد.

ولا ينصب أفعل التفضيل المفعول به لفظا ، ولكنّه يتعدّى إليه بالحرف فينصبه محلّا ، نحو : هو أقرى للضّيف.

تمرين

على اسم التفضيل وعمله

قال هشام بن عبد الملك لخالد بن صفوان : صف لي جريرا ،. والفرزدق ، والأخطل ، فقال :

يا أمير المؤمنين : أما أعظمهم فخرا ، وأبعدهم ذكرا ، وأحسنهم عذرا ، وأسيرهم مثلا ، وأقلّهم غزلا ، البحر الطّامي إذا زخر ، والسامي إذا خطر ، الفصيح

__________________

(١) المراد بالمرفوع الأجنبي هنا هو الذي لم يتّصل بضمير الموصوف.

٢٥٣

اللسان الطويل العنان ، فالفرزدق.

وأما أحسنهم نعتا ، وأمدحهم بيتا ، وأقلهم فوتا ، الذي إذا هجا وضع ، وإذا مدح رفع ، فالأخطل.

وأما أغزرهم بحرا ، وأفهمهم شعرا ، وأكثرهم ذكرا ، الأغرّ الأبلق ، الذي إن طلب لم يسبق ، وإن طلب لم يلحق (فجرير) وكلهم ذكي الفؤاد ، رفيع العماد ، واري الزناد [الطويل] :

وللكفّ عن شتم اللئيم تكرما

أضرّ له من شتمه حين يشتم

ما من حديقة أجمل فيها الزهر منه في حديقتكم ، لم أر رجلا أشد في قلبه العطف منه في قلب أخيك.

نموذج إعراب

[الخفيف] :

ما علمت امرأ أحبّ إلي

ه البذل منه إليك يا بن سنان

الكلمة

إعرابها

ما

حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

علمت

علم فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل مبنية على الضم في محل رفع فاعل.

امرأ

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره.

أحب

صفة (امرأ) منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره.

إليه

جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من (البذل) بعده.

البذل

فاعل (أحب) مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره.

منه

جار ومجرور متعلقان بأحب.

إليك

جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الهاء في منه.

يابن سنان

يا حرف نداء. وابن منادى منصوب. وهو مضاف وسنان مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

٢٥٤

المبحث التاسع : في أسماء الزمان ، والمكان ، والآلة.

اسما الزّمان والمكان : اسمان موضوعان للدّلالة على زمان الفعل ، أو مكانه.

ويصاغان من مصدر الثّلاثي على وزن (مفعل) إذا كان المضارع مضموم العين ، أو مفتوحها ، أو من النّاقص مطلقا ، نحو : مرمى ، وموقى ومشوى ، وميقظ ، ومنصر ، ومحفظ.

وعلى وزن (مفعل) إذا كان المضارع صحيح الآخر ، مكسور العين أو كان مثالا صحيح الآخر ، نحو : مجلس ، وموعد ، وموجل (١) ويصاغان من غير الثّلاثي اعلى وزن اسم المفعول ، نحو : متقن ومدحرج ، ومعتمد ، ومستخرج.

ولا عمل لاسمي الزّمان والمكان.

واعلم أنّ صيغة الزّمان ، والمكان ، والمصدر ، والمفعول واحدة من غير الثّلاثيّ ، ولا تعرف إلّا من القرائن.

وقد تلحق التّاء اسم المكان سماعا ، نحو : مقبرة ، وميسرة.

وكثيرا ما يؤخذ من الاسم الجامد اسم مكان على وزن (مفعلة) للدّلالة على كثرة الشّيء بالمكان ، نحو : مأسدة ، ومقثأة ، ومتفحة ، من الأسد ، والقثّاء ، والتّفّاح.

واسم الآلة : اسم مصوغ من مصدر الثلاثي المتعدّي للدّلالة على ما وقع الفعل بواسطته ، وهو نوعان : مشتق ، وجامد.

واسم الآلة المشتقّ : له ثلاثة أوزان.

 ـ الأوّل مفعل ، نحو : مبرد ، ومقود.

 ـ والثاني مفعال ، مفتاح ، وميزان.

 ـ والثالث مفعلة ، نحو : معلقة ، ومكنسة.

واسم الآلة الجامد : لا ضابط له وليس له وزن معيّن غير السماع ، نحو : سيف ، وقلم ، وسكين ، وقدوم.

__________________

(١) شذ المشرق والمغرب والمنبت والمسقط والمرفق والمنخر والمجزر. والمظنة لأن مضارعها مضموم العين.

٢٥٥

ولا عمل لاسم الآلة مطلقا.

أسئلة

ما اسما الزمان والمكان؟ كيف يصاغان من الثلاثي المفتوح والمضموم العين؟ ومن المثال الصحيح اللام؟ ما ذا يجب في الناقص : كيف يصاغ من غير الثلاثي : هل تلحق التاء اسم المكان؟ ما اسم الآلة؟ كم صيغة له؟

نموذج إعراب قول الشاعر

[الوافر] :

عدوّك من صديقك مستفاد

فلا تستكثرنّ من الصّحاب

الكلمة

إعرابها

عدوك

عدو مبتدأ مرفوع بالضمة. والكاف مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر.

من صديقك

من صديق جار ومجرور متعلقان بمستفاد. والكاف مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر.

مستفاد

خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.

فلا تستكثرن

الفاء واقعة في جواب شرط مقدر. لا حرف نهي جازم. تستكثر فعل مضارع مبني على الفتح في محل جزم. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. ونون التوكيد حرف.

من الصحاب

جار ومجرور متعلقان بالفعل تستكثر.

المبحث العاشر : في أفعال المدح والذم

هي نعم وحبّذا لإنشاء المدح ، وبئس وساء ولا حبّذا لإنشاء الذمّ ، وهي أفعال جامدة بلفظ الماضي تستعمل لمدح الجنس وذمّه على سبيل المبالغة والمقصود من

٢٥٦

ذلك الجنس فرد يسمّى المخصوص بالمدح أو الذّمّ ، يذكر مؤخّرا عنها (١) ويعرب (مبتدأ) وهي وفاعلها (خبر) عنه ، نحو : نعم القائد ابن الوليد. وبئس الخائن نجيب. وحبّذا الائتلاف. ولا حبّذا الاختلاف.

ويكون فاعل : نعم ، وبئس ، وساء ، واحدا من أربعة :

 ـ أوّلا : يكون اسما ظاهرا معرّفا (بأل) الجنسيّة ، نحو : نعم السّلاح الحقّ.

 ـ وثانيا : يكون فاعلها مضافا إلى اسم مقترن بها ، نحو : بئس رجل السّوء نجيب أو مضافا إلى مضاف إلى المقترن بها ، نحو : نعم حكيم شعراء الجاهليّة زهير.

وذلك : بشرط مطابقة هذا الاسم (للمخصوص) بالمدح أو الذّمّ في التّذكير والتّأنيث والإفراد والتّثنية والجمع ، فيقال : نعم الرّجل سعد ، ونعم الرّجلان أخواك ، ونعم الرّجال المؤمنون ، ونعم المرأة هند ، الخ.

وقد يكون الاسم الموصول فاعلا لهذه الأفعال. وذلك إذا قصد به الجنس لا العهد. نحو : نعم الّذي يخدم وطنه سعد وبئس من يفعل الشّرّ نجيب (٢).

 ـ وثالثا : يكون فاعل : نعم ، وبئس ، وساء ضميرا مستترا (٣) مفسّرا بنكرة منصوبة على التّمييز ، نحو : نعم زعيما سعد. ونعم قوما أسرتك.

 ـ ورابعا : يكون فاعلها كلمة «ما» النّكرة الّتي هي بمعنى شيء نحو : نعم ما قاله صديقك (٤).

__________________

(١) أي يذكر المخصوص بعد فاعلها وهو الأكثر كما في الأمثلة المذكورة. وقد يذكر المخصوص قبل الجملة نحو : سليم بئس الرجل. وفي الحالة الأولى يعرب المخصوص خبرا لمبتدأ محذوف ، وفي الثانية مبتدأ خبره الجملة بعده.

(٢) «أل» الدّاخلة على فاعل : نعم ، وبئس ، وساء هي التي تفيد الاستغراق أي شمول الجنس حقيقة ، فيقع المدح أو الذم على الجنس برمته. فيكون المخصوص قد مدح أو ذمّ مرتين : مرّة على سبيل الإجمال لأنه واحد من أفراد ذلك الجنس ، ومرّة على سبيل التفصيل لأنّه قد خصّ بالذكر ، ولذلك يسمى المخصوص.

(٣) إذا كان فاعلها ضميرا وجب أن يكون مفردا مستترا ، وأن تكون النكرة المميزة له مؤخرة عنه ومطابقة للمخصوص بالمدح أو الذم في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث.

(٤) «ما» الواقعة بعد نعم يجوز أن تدغم في ميمها ميم نعم فتكسر عينها لالتقاء الساكنين نحو نعمّا التقوى.

٢٥٧

وتجري : نعم ، وبئس ، وساء مع فاعلها مجرى الفعل مع فاعله الظّاهر ، وإذا كان الفاعل مؤنّثا جاز إلحاق تاء التّأنيث بها وعدمه فيقال : نعم الرّجل خليل ، ونعم أو نعمت المرأة هند. ويجوز تأخيرها مع فاعلها عن المخصوص فيقال : سليم نعم الرّجل ، وأخواك نعم الرّجلان ، وحبّذا أو لا حبّذا يجب تقديمها على المخصوص دائما وهي مركبة من «حب» فعل ماض ، واسم الإشارة «ذا» فاعل لها ، وهي تلزم الإفراد مع الجميع. والمخصوص بعدها خبر لمبتدإ محذوف فيقال : «حبّذا جوّ مصر ، وحبّذا هند ، وحبّذا أخواك ، وحبّذا شقيقتاك ، وحبّذا الصّادقون ، وحبّذا الفاضلات.

ويجوز أن يقع بعدها تمييز رافع ما في اسم الإشارة من الإبهام (١). نحو : حبّذا تلميذا نجيب وحبّذا نجيب تلميذا.

ولا يلزم في فاعل (حبّ) أن يكون أحد الأشياء الأربعة السّابقة ويجب أن يكون المخصوص بالمدح والذّمّ معرفة كما في الأمثلة السّابقة. وقد يكون نكرة مفيدة ، نحو : نعم الرّجل رجل يجاهد في خدمة وطنه.

ويجوز أن تدخل النّواسخ على المخصوص (إلّا مع حبّذا : سواء تقدّم النّاسخ ، نحو : كان نجيب نعم الرّجل أو تأخّر. نحو : نعم الرّجل ظننت نجيبا.

وقد يحذف المخصوص إذا تقدّم في الكلام ما يدلّ عليه نحو : زارنا أمير عظيم ونعم الزّائر ، أي : ونعم الزّائر الأمير (٢).

__________________

(١) التمييز يجوز أن يكون قبل المخصوص أو بعده كما مثلنا. وقد يجعل الممدوح فاعلا «لحب» بدلا من اسم الإشارة نحو «حبّ زيد رجلا» وقد يجر بباء زائدة نحو «حبّ به رجلا» وحينئذ يجوز فيه فتح الحاء وضمها لأن «حب» أصلها «حبب» بضم الباء فتنقل حركة الباء إلى الحاء. وقد روي بالوجهين قول الشاعر [الطويل] :

فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها

وحبّ بها مقتولة حين تقتل

وقد تدخل لا على حبذا فتكون كبئس في إفادة الذم كقوله [المتقارب].

ألا حبّذا عاذري في الهوى

ولا حبّذا الجاهل العاذل

(٢) إن وجوب كون المخصوص معرفة ، أو نكرة مفيدة ، وجواز دخول النواسخ عليه مما يثبت أنه مبتدأ والجملة قبله خبره. وهذا رأي سيبويه ، وعليه أكثر المحققين. على أن من النحاة من يعتبره خبرا لمبتدأ محذوف وجوبا فيكون التقدير في قولك : نعم الرجل زيد : نعم الرجل هو زيد.

٢٥٨

نموذج إعراب

حبّذا حسن الخلق ، بئس ما قلته ، ساء (١) خصمك ، نعم العادل عمر.

الكلمة

إعرابها

حبذا

حبّ فعل ماض للمدح مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ـ وذا اسم إشارة (مفرد دائما) فاعل مبني على السكون في محل رفع.

حسن الخلق

خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو ـ وحسن مضاف والخلق مضاف إليه.

بئس ما

فعل ماض للذم ـ وما اسم موصول في محل رفع فاعل.

قلته

فعل وفاعل ومفعول ـ والجملة صلة ما ـ والمخصوص محذوف تقديره بئس الذي قلته هذا القول.

ساء

فعل ماض للذم مبني على الفتح لا محل له.

خصمك

فاعل مرفوع ـ وخصم مضاف والكاف في محل جر مضاف إليه.

نعم

فعل فعل ماض للمدح مبني على الفتح لا محل له.

العادل عمر

فاعل نعم مرفوع بالضمة. وعمر خبر لمبتدأ محذوف (أي هو).

أجب عن الأسئلة الآتية

ما شرط فاعلي نعم وبئس وساء؟ ومثّل لكلّ بمثال؟ ماذا يشترط في النكرة المميزة للضمير؟ مع التمثيل ما شرط مخصوص نعم وبئس؟ وما كيفية إعرابه؟ ما الفرق بين مخصوص نعم وبئس وحبّذا ولا حبّذا؟ مع الأمثلة ، ما شروط الفعل الذي يحوّل إلى

__________________

وقد ألحق بهذا الباب في إنشاء المدح والذم كلّ فعل ثلاثي مجرّد صالح للتعجب منه على وزن «فعل» المضموم العين ، لأن هذا الفعل بأصله يدل على الخصال أو الغرائز التي تستحق المدح أو الذّم نحو : كرم الفتى نجيب ، وخبث غلام القوم خليل. فإن لم يكن الفعل في الأصل على وزن «فعل» حوّل إليه. فيقال من عرف ، وفهم عرف الرجل خالد ، وفهم الفتى سليم غير أنه يضمّن معنى التعجب ولذلك جاز تجريد فاعله من «أل» نحو (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً).

(١) أصل ساء سوأ بالفتح فحوّل إلى فعل بالضم ليصير كبئس ثم تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا.

٢٥٩

فعل لإفادة المدح أو الذم؟ ما الفرق بين الفعل المحوّل إلى فعل ، ونعم ، وبئس؟

تطبيق على نعم وبئس وما جرى مجراهما

[الطويل] :

فنعم صديق المرء من كان عونه

وبئس امرأ من لا يعين على الدّهر

[الكامل] :

إنّ الكذوب لبئس خلّا يصحب

ونعم من هو في سرّ وإعلان

[البسيط] :

لا تصحبنّ رفيقا لست تأمنه

بئس الرفيق رفيق غير مأمون

[الطويل] :

غدرت بأمر كنت أنت دعوتنا

إليه وبئس الشيمة الغدر بالعهد

المبحث الحادي عشر : في التعجب

التّعجّب حالة قلبيّة منشؤها استعظام فعل ظاهر المزيّة بزيادة فيه خفي سببها. وله سماعا صيغ كثيرة كما سيأتي.

وأمّا صناعة ، فله صيغتان : ما أفعله ، وأفعل به ، نحو : ما أجمل الرّبيع! وأكرم بالصّادق! وأعذب بماء النّيل (١)!

وفعلا التّعجّب كاسم التّفضيل لا يصاغان إلّا من فعل ثلاثي مثبت ، متصرّف (٢) ،

__________________

(١) إن الصيغة الأولى «أفعل» هي فعل ماض و «ما» التي قبله نكرة تامة بمعنى شيء. وهي مبتدأ ، والفعل مع فاعله المستتر فيه وجوبا على خلاف الأصل خبرها والتقدير في قولك : ما «أجمل الربيع! شيء جعل الربيع جميلا.

أما الصيغة الثانية : أفعل به فهي على صيغة الأمر وليست بفعل أمر ، ويليها المتعجّب منه مجرورا بالباء الزائدة لفظا مرفوعا بالفاعلية محلا. ومدلول كلتا الصيغتين واحد في إنشاء التعجب.

(٢) المتصرف ما جاء منه الماضي والمضارع والأمر وغيره. الجامد كعسى وليس وهب وتعلم.

٢٦٠