القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

السيّد أحمد الهاشمي

القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

المؤلف:

السيّد أحمد الهاشمي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة المعارف للطباعة والنشر
الطبعة: ٣
ISBN: 9953-434-08-5
الصفحات: ٣٠٣

موصوف إلى صفته (١). وأمّا نحو : دار الآخرة فهو على تقدير محذوف قد وصف بهذه الصّفة ، أي دار الحياة الآخرة وقد يحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه ويعطى إعرابه عند أمن اللّبس. نحو : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها) [يوسف : ٨٢] أي واسأل أهل القرية.

واعلم أنّه قد يكون في الكلام اسمان مضافان : اثنان متماثلان في اللّفظ والمعنى ، وأحدهما معطوف على الآخر ، فيحذف الثّاني منهما استغناء عنه بالأول ، نحو : ما كلّ سوداء تمرة ، ولا بيضاء شحمة أي ولا كلّ بيضاء شحمة.

واعلم أيضا أنّه قد يكون في الكلام اسمان مضاف إليهما متماثلان في (اللّفظ والمعنى) وأحدهما معطوف على الآخر. فيحذف الأول منهما استغناء عنه بالثّاني ، نحو : جاء شقيق وشقيقة حسن والأصل شقيق حسن وشقيقته وهو أولى.

نموذج إعراب على الإضافة وأنواعها

[الوافر] :

وكلّ شديدة نزلت بقوم

سيأتي بعد شدّتها رخاء

الكلمة

إعرابها

وكل شديدة

الواو حرف بحسب ما قبله. كل مبتدأ مرفوع بالضمة. شديدة مضاف إليه مجرور بالكسرة.

نزلت

نزل فعل ماض مبني على الفتح. والتاء للتأنيث حرف. والفاعل مستتر جوازا تقديره هي. والجملة من الفعل والفاعل في محل جر صفة لشديدة.

بقوم

جار ومجرور متعلقان بالفعل (نزل).

سيأتي

السين للتنفيس حرف. يأتي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل.

__________________

(١) وأما إضافة الصفة إلى الموصوف فجائزة بشرط أن يصح تقدير «من» بين المضاف والمضاف إليه نحو : كرام الناس ، وعظائم الأمور ، وكبير الأمر والتقدير : الكرام من الناس ، والعظائم من الأمور ، والكبير من الأمر.

٢٢١

الكلمة

إعرابها

بعد

ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل (يأتي).

شدتها

شدة مضاف إليه مجرور بالكسرة وها مضاف إليه مبني على السكون في محل جر.

رخاء

فاعل مرفوع بالضمة والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ.

٢٢٢

الباب الثامن : في التوابع

التّابع هو : ما يتبع ما قبله في إعرابه ،

فيرفع ، أو ينصب ، أو يجرّ بسبب رفع ما قبله ، أو نصبه ، أو جرّه.

والتّوابع أربعة : النّعت ، والتّوكيد ، والبدل ، والعطف.

(في هذا الباب مباحث)

المبحث الأول : في النعت

النّعت : تابع يبيّن بعض أحوال متبوعه ويكمّله بدلالته على معنى فيه ، نحو : جاء الرّجل الأديب. ويقال له : (النّعت الحقيقيّ) أو يبيّن بعض أحوال ما يتعلّق بمتبوعه ، نحو : جاء الرّجل الحسن حظّه ويقال له : النّعت السّببيّ (١).

ولا يكون المنعوت إلّا اسما ظاهرا.

فإن كان معرفة كان النّعت فيه للإيضاح : (وهو التّفرقة بين المشتركين في الاسم) ، نحو : جاء يوسف التاجر.

وإن كان نكرة كان النّعت فيه للتّخصيص ، (وهو تقليل الاشتراك) ، نحو : زارني رجل عالم (٢).

والأصل في النّعت أن يكون مشتقّا لكي يتحمّل ضميرا يعود إلى المنعوت. والمراد بالمشتقّ ما دلّ على حدث وصاحبه ، وذلك : كاسم الفاعل ، واسم المفعول ،

__________________

(١) النعت الحقيقي : هو ما يدل على صفة في المتبوع نفسه ، ويتبع منعوته في أربعة من عشرة في واحد من الرفع ، والنصب ، والجر. وفي واحد من الإفراد والتثنية والجمع. وفي واحد من التعريف والتنكير. وفي واحد من التذكير والتأنيث. وأما النعت السببي : فهو ما يدلّ على صفة فيما له ارتباط بالمتبوع ويتبع منعوته في اثنين من خمسة في واحد من الرفع والنصب والجر. وفي واحد من التعريف والتنكير ويكون مفردا دائما ويراعى في تذكيره وتأنيثه ما بعده كما سبق توضيحه.

(٢) قد يخرج النعت عن معناه الأصلي إلى مجرد المدح نحو : بسم الله العظيم أو الذم نحو : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أو التوكيد نحو : أمس الدّابر لا يعود.

٢٢٣

والصّفة المشبّهة ، وأفعل التّفضيل.

وقد يأتي النّعت اسما جامدا مشبها للمشتقّ في المعنى ، نحو : عندي رجل أسد أي شجاع ، وقد يكون جملة فعليّة أو اسميّة (١).

وحكم النّعت مطلقا أن يتبع منعوته في الرّفع أو النّصب أو الجرّ ، وفي التّعريف أو التّنكير. فإن كان (حقيقيّا : تبعه أيضا في التّذكير أو التّأنيث ، وفي الإفراد أو التّثنية أو الجمع ، فتقول : جاء الرّجل الفاضل ، ورأيت الرّجلين الفاضلين ، ومررت بامرأة فاضلة وهلمّ جرّا. وإن كان (سببيّا) غير متحمّل لضمير المنعوت لزم الإفراد مطلقا ، ولو كان مرفوعه مثنّى أو جمعا وروعي في تذكيره وتأنيثه ما بعده ، فهو (كالفعل مع الاسم الظاهر) فتقول : جاء سعد الصّائبة آراؤه ، ورأيت هندا الثّاقب فكرها ، وأنشئت على ضفاف النّيل حدائق جميل منظرها.

ونحو : جاء الرجل الكريم أبوه ، والرّجلان الكريم أبوهما ، والرّجال الكريمة أمّهم ، والرّجلان الكريمة أمّهما ، والنّساء الكريم أبوهنّ.

أمّا النّعت السّببيّ الّذي يتحمّل ضمير المنعوت فيطابق منعوته في كلّ ما يطابقه فيه النّعت الحقيقيّ ، فتقول : جاء الرّجلان الكريما الأب ، والنّساء الكريمات الأب ، والرّجال الكرام الأب وهلمّ جرّا (٢) ويأتي النّعت أيضا جملة اسميّة ، أو فعليّة ، بشرط

__________________

(١) يأتي النعت اسما جامدا مشبها للمشتق في المعنى في تسعة مواضع.

١ ـ المصدر : نحو شاهد عدل أي عادل ، وعالم ثقة ، أي : موثوق به.

٢ ـ اسم الإشارة لغير المكان : نحو أكرمت الفتى هذا ، أي المشار إليه أو الحاضر.

٣ ـ «ذو» التي بمعنى صاحب وفروعها ، نحو : هذا رجل ذو علم ، وهذه امرأة ذات فضل ، وهؤلاء رجال ذوو أدب ، أي صاحب علم ، وصاحبة فضل ، وأصحاب أدب.

٤ ـ ما دلّ على عدد المنعوت نحو : جاء رجال ثلاثة ، أي معدودون بهذا العدد.

٥ ـ الاسم الموصول المصدّر بأل نحو : جاء الرجل الذي اعتدى ، أي المعتدي.

٦ ـ الاسم المنسوب إليه نحو : أنا رجل مصريّ ، أي منسوب إلى مصر.

٧ ـ ما دل على تشبيه نحو : رأيت رجلا أسدا أي شجاعا.

٨ ـ «ما» النكرة التي يراد بها الإبهام نحو : سأزورك يوما ما ، أي : يوما من الأيام.

٩ ـ «كل وأي» الدّالتان على استكمال الموصوف للصفة نحو : هذا رجل كلّ الرجل ، أو أيّ رجل ، أي : كامل في الرجولة.

(٢) ما ذكرناه من مطابقة النعت للمنعوت يستثنى منه أربعة أشياء :

٢٢٤

أن تكون خبريّة مشتملة على ضمير يعود إلى المنعوت ، غير مقترنة بالواو ، نحو : ما طاب فرع أصله خبيث.

ولا تقع الجملة نعتا للمعرفة ، وإنّما تقع نعتا للنّكرة على تأويل الجملة بالنّكرة ، نحو : جاءني رجل يحمل كتابا ، أي حامل كتابا (١) وقد يقع شبه الجملة أي الظّرف والجارّ والمجرور نعتا.

ولكن النّعت في الحقيقة إنّما هو متعلّق الظّرف ، أو حرف الجرّ المحذوف ، نحو : رأيت رجلا على جواده ، أي كائنا على جواده.

ويجوز قطع النّعت عن التّبعيّة لما قبله ، فيرفع على أنّه خبر لمبتدإ محذوف ، نحو : هو أو ينصب مفعولا به لفعل محذوف تقديره أعني. والغالب أن يفعل ذلك بالنّعت الّذي يؤتى به لمجرّد المدح أو الذّمّ ، أو التّرحّم ، نحو : الحمد لله العظيم أو العظيم وأحسن إلى فلان المسكين أو المسكين. وذلك بشرط ألّا يكون ذكر النّعت لازما للمنعوت ، كما ذكر سابقا (٢).

__________________

١ ـ الصفات التي يستوي فيها المذكّر والمؤنث كصبور وجريح وعلّامة ومكسال ومعطير ومغشم وضحكة. فكل هذه لا تطابق منعوتها في التأنيث والتثنية والجمع ، بل تلزم الإفراد والتذكير.

٢ ـ المصدر الثلاثي غير الميمي الموصوف به يبقى بصورة واحدة للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث فتقول : شاهد عدل ، وشاهدان عدل ، وشهود عدل ، الخ.

٣ ـ ما كان نعتا لجمع ما لا يعقل يجوز فيه وجهان : أن يعامل معاملة الجمع ، وأن يعامل معاملة المؤنثة المفردة ، فتقول : عندي خيول صافنات ، أو خيول صافنة وأيام معدودة ، أو أيام معدودات.

٤ ـ ما كان نعتا لاسم الجمع يجوز فيه الإفراد باعتبار لفظ المنعوت ، والجمع باعتبار معناه ، فتقول : عاشرت قوما صالحا ، أو قوما صالحين.

(١) لا تقع جملة النعت إنشائية فلا يقال : عندي رجل هل تعرفه. والضمير الذي يجب أن تشتمل عليه جملة النعت قد يكون مذكورا نحو : جاءني رجل سيفه في يده ، أو مستترا نحو : لقيت رجلا يركض ، أو مقدرا نحو : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) أي لا تجزى فيه.

وإذا وقعت الجملة بعد المعرفة كانت حالا نحو : جاء زيد يحمل كتابا.

وذلك لقاعدة إنّ الجمل بعد النكرات تعرب صفات ، وبعد المعارف تعرب أحوالا.

(٢) أما إذا كان ذكر النعت لازما للمنعوت بحيث لا يتضح معناه إلا به فلا يجوز فيه القطع نحو : مررت بسليم التاجر إذا كان سليم لا يعرف إلا بذكر صفته وهذا يشمل ما كان نعتا

٢٢٥

وإذا اختلف العاملان ، أو عملهما ، يجب قطع نعت معموليهما الشّامل لهما ، نحو : كافأت خالدا ، وأثنيت على بكر المجتهدان أو المجتهدين بالقطع إلى الرّفع أو إلى النصب. وإذا اختلف العمل ، والعامل واحد وجب القطع أيضا ، نحو : خاصم خليل عمرا التّاجران ، أو التّاجرين.

ويجوز الفصل بين النّعت والمنعوت نحو : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (٧٦) [الواقعة : ٧٦] ما لم يكن النعت لمبهم ، نحو : مررت بهذا الكريم فيمتنع الفصل.

ويفصل بين النعت والمنعوت «بلا ، وإمّا» فيلتزم تكرارهما بين النّعوت التّالية معطوفتين بالواو ، نحو : هذا يوم لا حارّ ولا بارد ولكلّ نفس أجل إمّا قريب وإمّا بعيد.

وإذا تعدّدت النّعوت وكانت واحدة في اللّفظ والمعنى يستغنى بالتثنية أو الجمع عن التّفريق بالعطف ، نحو : جاء شوقي وحافظ الشّاعران ، أو جاء الرّجال الفضلاء. وإذا اختلفت (معنى ولفظا) وجب التّفريق فيها بالعطف بالواو ، نحو : جاءني رجلان كاتب وشاعر ، وجاءني ثلاثة رجال كاتب ، وشاعر ، وفقيه (١).

ويكثر حذف المنعوت إذا ظهر أمره ظهورا يستغنى معه عن ذكره ، نحو : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ) (٤٨) [الصافات : ٤٨] أي نساء قاصرات الطّرف.

ويقل حذف النّعت ، نحو : منّا ظعن ومنّا أقام ، أي منّا فريق ظعن ، ومنّا فريق أقام.

ويحذف كلّ من المنعوت والنّعت معا ، نحو : (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) [طه : ٧٤] أي حياة نافعة إذ لا واسطة بين الموت ، ومطلق الحياة.

__________________

واحدا كما رأيت ، وما كان متعددا فإن ما ليس بلازم منه يجوز فيه القطع فيقال : جاء الحارث المخزومي الكريم بقطع الأخير ، فإن كان كله غير لازم جاز القطع فيه كله نحو : الحمد لله العليّ العظيم.

واذا أتبع بعض النعوت وقطع بعضها وجب تأخير المقطوع عن المتبع لئلا يتشوش سياق الكلام بانتقال من إعراب إلى آخر.

ولا يجوز القطع إذا كان المنعوت نكرة نحو : مررت برجل فاضل فلا يقال فيه فاضل أو فاصلا.

(١) يجوز العطف أيضا مع المفرد إذا اختلفت معاني النعوت كقول الشاعر [المتقارب] :

إلى الملك القرم وابن الهام

وليث الكتيبة في المزدحم

٢٢٦

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو النعت الحقيقي والسببي وما الفرق بينهما؟ هل كل لفظ يقع نعتا؟ ما هو حكم كل من المنعوت والنعت؟ متى يطابق النعت منعوته؟ مثّل للنعت المفرد والجملة وشبه الجملة. متى يجب قطع النعت؟ هل يجوز الفصل بين النعت والمنعوت. ما هو حكم النعوت إذا تعددت؟ متى يجوز حذف المنعوت أو حذف النعت ، أو حذفهما معا؟

نموذج إعراب قول الشاعر

[الكامل] :

إنّي نظرت إلى الشّعوب فلم أجد

كالجهل داء للشّعوب مبيدا

الكلمة

إعرابها

إني

إن حرف توكيد ونصب. والياء اسمها مبني على السكون في محل نصب.

نظرت

نظر فعل ماض مبني على السكون. والتاء فاعل مبني على الضم في محل رفع والجملة من الفّعل والفاعل في محل رفع خبر إن.

إلى الشعوب

جار ومجرور متعلقان بنظر.

فلم

الفاء حرف عطف مبني على الفتح لم حرف نفي وجزم وقلب مبني على السكون.

أجد

فعل مضارع من أفعال اليقين مجزوم بالسكون والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنا.

كالجهل

جار ومجرور متعلقان بمحذوف مفعول به ثان مقدم لأجد.

داء

مفعول به أول منصوب بالفتحة.

للشعوب

جار ومجرور متعلقان بمبيد.

مبيدا

صفة لداء منصوبة بالفتحة الظاهرة.

٢٢٧

المبحث الثاني : في التوكيد

التّوكيد تابع يقرّر متبوعه ، ويرفع توهّم غير الظّاهر من الكلام باحتمال التّجوّز ، أو السّهو ، وهو نوعان : لفظيّ ومعنويّ.

فالتّوكيد اللّفظيّ يكون بإعادة اللّفظ الأوّل بعينه ، أو بمرادفه وهو يشمل الاسم (ظاهرا) نحو : جاء الأمير الأمير ، والصّابرون الصّابرون هم الفائزون أو (ضميرا) نحو : جئت أنا والفعل نحو : سقطت سقطت بابل والحرف نحو : لا لا أبوح بالسّرّ والجملة. نحو (١) : ظهر الحقّ ظهر الحقّ والمرادف نحو : فاز انتصر الجيش ونحو : أنت بالخير حقيق قمن.

والتّوكيد المعنويّ يكون لتوكيد النّسبة (بالنّفس والعين) مضافتين إلى ضمير المؤكّد ، نحو : جاء القاضي نفسه ، وابنة الأمير عينها ويكون لتوكيد الشّمول (بكل وكلا وكلتا وجميع وعامّة) مضافات إلى ضمير المؤكّد أيضا ، (وبأجمع) مفردة ، فيقال : جاء القوم كلّهم ، والرّجلان كلاهما ، والمرأتان كلتاهما ، والتّلاميذ جميعهم ، وأحسنت إلى فقراء البلدة عامّتهم ، ولقيت الجيش أجمع.

«فالنّفس والعين» يؤتى بهما لتثبيت مضمون الكلام ، ويؤكد بهما المفرد وغيره مذكّرا ومؤنّثا على الإطلاق. غير أنّهما تفردان مع المفرد ، وتجمعان مع المثنّى والمجموع في الأفصح ، فيقال : جاء الرّجل نفسه ، أو عينه ، وجاء التلميذان أنفسهما ، أو أعينهما ، وجاء الأساتذة أنفسهم ، أو أعينهم.

وكلا وكلتا تؤكّدان المثنى. فالأولى للمذكر منه. والثانية للمؤنث منه نحو :

__________________

(١) الجملة المؤكدة كثيرا ما تقترن بعاطف نحو : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٤) (ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٥) ما لم يقع التباس نحو : ضربت زيدا ثم ضربت زيدا فيمتنع ذلك لأنه يوهم أن الضرب قد تكرر مرتين ، وهو خلاف المقصود. والضمير المرفوع المنفصل يحتمل أن يؤكد به كل ضمير متصل مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا ، فيقال : جئت أنا وضربتك أنت ، ومررت به هو.

واعلم أن التوكيد اللفظي لا يعاد ولا يتكرر في كلام العرب أكثر من ثلاث.

وتنفرد النفس والعين ، بجواز جرّهما بباء زائدة نحو جاء صديقي بعينه ، وجاء الأستاذ بنفسه فتكون النفس مجرورة لفظا ، مرفوعة محلا على أنها توكيد الأستاذ.

٢٢٨

جاء الرّجلان كلاهما ، والمرأتان كلتاهما (١) وكلّ وجميع وعامّة وأجمع ، يؤتى بها لتدلّ على الشّمول وعدم خروج بعض الأفراد ، وهي تؤكّد المجموع ، والمفرد المتجزىء باعتبار ذاته ، أو باعتبار عامله ، أو باعتبارهما معا ، نحو : برّ والديك كلاهما ، وصن يديك كلتيهما عن الأذى. يضيّع الجاهل زمنه كلّه في اللّعب. وسافر الجيش جميعه.

وإذا أريد تقوية التوكيد يوتى بعد كلمة «كلّ» بكلمة «أجمع» متصرّفة بحسب متبوعها ، فيقال : جاء الجيش كلّه أجمع ، والكتيبة كلّها جمعاء. والمؤمنون كلّهم أجمعون. والمؤمنات كلهنّ جمع.

وقد يؤكد بأجمع وفروعها. وإن لم يتقدم لفظ كلّ ، نحو : (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) [الحجر : ٣٩].

ولا يجوز توكيد النّكرة إلّا إذا كان المؤكّد الشّمول والمؤكّد محدودا بحيث يكون التوكيد مفيدا ، نحو : صمت أسبوعا كلّه (٢).

وإذا أريد توكيد الضّمير المرفوع المتّصل (٣) أو المستتر بالنّفس أو العين وجب توكيده أوّلا بالضّمير المنفصل ، فتقول : جاء هو نفسه وذهبت أنا نفسي.

وأمّا الظاهر فيمتنع فيه الضّمير ، نحو : سافر المحمّدون أنفسهم.

__________________

(١) فائدة : التوكيد بكلا وكلتا لإثبات الحكم للاثنين المؤكدين معا. فإذا قلت : جاء الرجلان وأنكر السامع أن المجيء ثابت للاثنين ، فتقول : جاء الرجلان كلاهما دفعا لإنكاره.

و «كلا وكلتا» تعربان إعراب المثنى عند إضافتهما إلى الضمير. أما إذا أضيفتا إلى اسم ظاهر فإنهما تعربان بحركات مقدرة على الألف فتقول : رأيت كلا الرجلين ومررت بكلتا المرأتين.

(٢) أكثر ما يكون ذلك في أسماء الزمان كاليوم والشهر ، ممّا يدل على مدة معلومة المقدار.

ولذلك لا يقال : صمت دهرا كله ، ولا سرت شهرا نفسه لأن الأول مبهم. والثاني مؤكد بما لا يفيد الشمول.

(٣) إذا كان الضمير منصوبا أو مجرورا فلا يجب فيه ذلك فتقول : أكرمتهم أنفسهم ومررت بهم أنفسهم وكذلك إذا كان التوكيد بغير النفس والعين فيقال : قاموا كلهم ، وسافرنا كلنا.

وقد عدّ من التوكيد ما سمع عن العرب من الإتباع كقولهم : فلان هاع لاع أي شديد الجبانة ، وهو كثير في كلامهم كقولهم : حسن بسن ، وشيطان ليطان ، وغير ذلك.

٢٢٩

نموذج إعراب قول الشاعر

[الوافر] :

ترفّق أيّها المولى عليهم

فإنّ الرّفق بالجاني عتاب

الكلمة

إعرابها

ترفق

فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الإعراب. والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت.

أيها المولى

أي منادى مبني على الضم في محل نصب. وها للتنبيه حرف والمولى صفة لأي مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر تبعا للفظ أيّ.

عليهم

جار ومجرور متعلقان بترفق.

فإن الرفق

الفاء للتعليل حرف. إن حرف توكيد ونصب. الرفق اسم إن منصوب بالفتحة.

بالجاني

الباء حرف جر. الجاني مجرور بالكسرة المقدرة على الياء للثقل. والجار والمجرور متعلقان بالرفق.

عتاب

خبر إن مرفوع بالضمة.

المبحث الثالث : في البدل

البدل : هو التّابع المقصود وحده بالحكم ، بغير واسطة عاطف ممهّد له بذكر اسم قبله غير مقصود. وإنّما يذكر المتبوع توطئة للتّابع الّذي يكون كالتّفسير بعد الإبهام ، نحو : جاء الأمير عمر (١).

والبدل أربعة أقسام : بدل الكلّ من الكلّ ، وبدل البعض من الكلّ ، وبدل

__________________

(١) فعمر تابع للأمير في إعرابه ، ولكنه هو المقصود بنسبة المجيء إليه ، والأمير ، إنما ذكر توطئة وتمهيدا له ، فالبدل كالتفسير بعد الإبهام.

٢٣٠

الاشتمال ، وبدل الغلط ، أو النسيان.

فبدل الكلّ من الكلّ (ويسمّى البدل المطابق) : هو ما كان فيه التّابع عين المتبوع ، نحو : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (٦) (صِراطَ الَّذِينَ) [الفاتحة : ٦ ـ ٧] فصراط الثّاني بدل من الأوّل بدل مطابق ، أي : (بدل الشّيء ممّا يطابق معناه).

وبدل البعض من الكلّ : هو ما كان فيه التّابع جزءا من المتبوع كله ، نحو : طاب أخوك قلبه ؛ فإنّ القلب هو جزء من الأخ ولا بدّ من اتّصاله بضمير (مذكور أو مقدّر) يرجع إلى المبدل منه.

وبدل الاشتمال : هو ما كان فيه التّابع من مشتملات المتبوع وليس جزءا منه ، نحو : نفعني المعلّم علمه فإنّ المعلّم مشتمل على العلم وغيره ، ونحو : أطربني البلبل صوته ، ويسعك الأمير عفوه ، ولا بدّ أيضا من اشتماله على ضمير كسابقه.

وبدل الغلط أو النّسيان : هو ما ذكر ليكون بدلا من اللّفظ الذي سبق ذكره خطأ باللّسان ، أو بالفكر. نحو : اشتريت سيفا رمحا. وأعط السائل ثلاثة أربعة ، ونحو : أعطني القلم الورقة.

وهو لا يقع في كلام البلغاء (١).

واعلم أنّ بدل البعض ، وبدل الاشتمال يحتاجان إلى ضمير يربطهما بالمبدل منه ، إمّا لفظا ، نحو : بعت الدار نصفها وأعجبني أخوك ثوبه وإمّا تقديرا ، نحو : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران : ٩٧] أي من استطاع منهم (٢).

__________________

(١) إذا كنت قد أردت القلم ثم تبيّن لك فساد هذه الإرادة فصحّحت كلامك فهو بدل النسيان.

وإذا كنت قد أردت الورقة فسبق لسانك إلى القلم فهو بدل الغلط. وإذا كنت قد أردت القلم ثم عدلت عنه إلى الورقة فهو بدل الإضراب.

(٢) من البدل ما يفصّل المجمل الذي قبله. وهو قد يكون متعددا في اللفظ نحو : قرأت قصائد الشعراء أبي تمام والمتنبي والبحتري ، أو في المعنى كقول الشاعر [الطويل] :

ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل

عفاف وإقدام وحزم ونائل

ففريق من النحاة يعدّ البدل مجموع المتعاطفات ، فيكون من قبيل بدل الكل. ومنهم من يعدّ البدل الأول فقط ، وما يليه معطوف عليه ، فيكون من قبيل بدل البعض ، وعلى الوجهين يجوز فيه الإتباع على الأصل. والقطع إلى الرفع ، أو النصب.

٢٣١

وإذا ضمّن المبدل منه حرف شرط ، أو حرف استفهام يظهر ذلك الحرف مع البدل أيضا ، نحو : «ما تصنع ، إن خيرا وإن شرّا ، تجز به ، وما تطلب أقلما أم ورقة؟

ولا تشترط مطابقة البدل للمبدل منه في التّعريف والتّنكير ، وتجب في غيرهما فتبدل المعرفة من المعرفة ، نحو : أقبل الزّعيم سعد ، وتبدل المعرفة من النّكرة ، نحو : الاسم قسمان ، الجامد والمشتقّ ، والنّكرة من المعرفة ، نحو : زارني إبراهيم رجل كريم والظّاهر من المضمر الغائب ، نحو : أحببته حديثه. ومن الضّمير المخاطب ، أو المتكلّم على شرط أن يكون بدل بعض ، أو بدل اشتمال ، نحو : أعجبتني علمك. ولا يبدل المضمر من المضمر ، ولا المضمر من الظاهر في الصحيح ، ويجوز (العكس) وهو إبدال الظاهر من الضّمير لغائب ، أو متكلم ، أو مخاطب بشرط أن يكون بدل بعض كما سبق.

ويبدل الفعل من الفعل (بدل كلّ من كلّ) ، نحو : «حدّثنا فلان قال». وتبدل الجملة من الجملة إن كانت الثانية أبين من الأولى نحو : (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) (١٣٣) [الشعراء : ١٣٢ ـ ١٣٣] وقد تبدل الجملة من المفرد. نحو : عرفت صديقك ابن من هو والمفرد من الجملة نحو : قلت : «لا إله إلّا الله كلمة الإخلاص».

ويبدلون ممّا سقط من الكلام أيضا ، نحو : «لم يقم إلّا سليم» أي : لم يقم أحد إلّا سليم.

تنبيهات

الأول : عطف البيان لا يكون مضمرا ، ولا تابعا لمضمر.

الثاني : عطف البيان يوافق متبوعه تعريفا وتنكيرا.

الثالث : لا يكون عطف البيان فعلا تابعا لفعل.

الرابع : ليس عطف البيان في التّقدير من جملة أخرى.

الخامس : لا ينوى إحلاله محل الأول ، بخلاف البدل في جميع ذلك.

السادس : إذا اجتمعت التّوابع قدّم منها النّعت ، ثمّ البيان ، ثمّ التّوكيد ثمّ البدل ، ثم النّسق.

٢٣٢

نموذج إعراب

[البسيط] :

ولا يغرّنك صفو أنت شاربه

فربّما كان بالتّكدير ممتزجا

الكلمة

إعرابها

ولا

الواو حرف بحسب ما قبله. لا حرف نهي وجزم.

يغرنّك

يغر فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة في محل جزم ونون التوكيد حرف. والكاف مفعول به مبني على الفتح.

صفو

فاعل مرفوع بالضمة.

أنت شاربه

أنت مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع. شارب خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر والجملة في محل رفع صفة لصفو.

فربما

الفاء للتعليل حرف. رب حرف تقليل وجر. وما كافة عن العمل حرف.

كان

فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسم كان مستتر جوازا تقديره هو يعود على صفو.

بالتكدير

جار ومجرور متعلقان بممتزج.

ممتزجا

خبر كان منصوب بالفتحة.

المبحث الرابع : في عطف البيان

عطف البيان تابع جامد يشبه النّعت في إيضاح متبوعه إن كان معرفة ، وفي تخصيصه إن كان نكرة بنفسه ، لا بمعنى في متبوعه (١) ولا في سببه ، نحو : جاء

__________________

(١) بهذه القيود الثلاثة خرج النعت المقيّد بها.

٢٣٣

صاحبك عثمان (١).

ويجب في عطف البيان أن يوافق متبوعه في أنواع الإعراب والتّذكير أو التّأنيث ، والتّعريف أو التّنكير ، والإفراد أو التثنية أو الجمع (٢).

وكلّ ما كان من عطف البيان يصحّ أن يحلّ محلّ المعطوف عليه ، وهو يقبل الطّرح للاستغناء عنه ، جاز أن يكون (بدل كلّ) منه ، نحو : يا أخي عبد الله.

نموذج إعراب قول الشاعر

[الكامل] :

وإذا طلبت إلى كريم حاجة

فلقاؤه يكفيك والتّسليم

__________________

(١) عطف البيان يوضّح متبوعه كما يوضّحه النعت ، ولكنّ النعت يكون مشتقا أو جامدا مؤولا بالمشتق كما سبق. أما عطف البيان فلا يكون إلا جامدا.

أو مشتقا بمنزلة الجامد : وهو ما كان صفة فصار اسما : كالعباس والنابغة ، ونحو ذلك.

والغالب فيه أن يكون أشهر من متبوعه لكي يزيده بيانا. وقد لا يكون أوضح من متبوعه بل يجوز أن يكون مساويا أو أقل ، والتوضيح حينئذ يحصل باجتماعهما معا. واختلف في وقوع عطف البيان بين النكرات ، والصحيح جواز ذلك كقولك : لبست ثوبا جبّة ، وهو يفيد المتبوع في مثل هذه الحالة تخصيصا لأن بعض النكرات أخصّ من بعض.

(٢) ومواضعه ١ ـ الاسم بعد الكنية ، نحو : حبّذا الخليفة أبو بكر عبد الله. ٢ ـ الاسم بعد اللقب ، نحو : نعم الخليفة الرشيد هارون. ٣ ـ الاسم الظاهر بعد الإشارة نحو : أعجبني هذا الخطيب. ٤ ـ التفسير بعد المفسّر ، نحو : العسجد الذهب. ٥ ـ الموصوف بعد الصفة ، نحو : المسيح عيسى رسول الله.

ويرى قوم من لعلماء أن جميع ذلك من قسم البدل المطابق فلا تفرقه بينه وبين عطف البيان.

يجوز في عبد الله ، أن يكون عطف بيان على المنادى ، أو بدل كل منه ، لأنه يجوز أن يحل محله باقيا على حكمه فيقال : يا عبد الله بالنصب ، ويجوز طرحه فيقال : يا أخي فقط. أما إذا لم يمكن الاسغناء عن التابع أو عن متبوعه فيتعيّن عطف البيان ، ويمتنع البدل. وذلك يكون إمّا من جهة اللفظ ، كما إذا قيل : يا أخي عمرا فإنه لا يجوز أن يحلّ محلّ الأول لأنّ ذلك يقتضي نصب العلم المفرد لفظا في النداء خلافا للقاعدة ، وإمّا من جهة المعنى ، نحو : هند جاء خليل غلامها فإنّك لو حذفت غلامها من الكلام لفسد التركيب.

٢٣٤

الكلمة

إعرابها

وإذا

الواو حرف بحسب ما قبله. إذا ظرف للزمان المستقبل مبني على السكون في محل نصب.

طلبت

طلب فعل ماض مبني على السكون. والتاء ضمير مبني على الفتح في محل رفع فاعل. وجملة طلبت في محل جر بإضافة إذا إليها.

إلى كريم

جار ومجرور متعلقان بطلب.

حاجة

مفعول به منصوب بالفتحة.

فلقاؤه

الفاء واقعة في جواب إذا. لقاء مبتدأ مرفوع بالضمة. والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر بالإضافة.

يكفيك

يكفي فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل. والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على لقاء. والكاف ضمير مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر لقاء.

والتسليم

الواو حرف عطف. التسليم معطوف على لقاء (مبتدأ) مرفوع بالضمة. والخبر محذوف دل عليه ما قبله. والتقدير والتسليم يكفيك.

المبحث الخامس : في عطف النسق

عطف النسق تابع يتوسّط بينه وبين متبوعه أحد الأحرف العاطفة ، نحو : جاء المعلّم والرّئيس ، وقرأت الدّرس وكتبته.

وأحرف العطف تسعة وهي : الواو ، والفاء ، وثمّ ، وحتّى ، وأو ، وأم ، وبل ، ولا ، ولكن (١).

__________________

(١) ومن عطف البيان ما يقع بعد : أي وأن التفسيريتين نحو : سمعت عندليبا أي بلبلا وأشرت

٢٣٥

وأحرف العطف تنوب عن تكرار عامل المعطوف عليه مع المعطوف. على أنّ منها ما يفيد اشتراك المتعاطفين في اللّفظ والمعنى وهو : الواو ، والفاء ، وثمّ ، وحتّى. نحو : جاء سعد وسعيد. ومنها ما يفيد اشتراكهما في اللّفظ فقط وهو : بل ولا ولكن ، نحو : جاء سليم لا خليل ، وأمّا أم وأو فتفيدان تارة اشتراكهما في اللّفظ والمعنى ، وتارة اشتراكهما في اللّفظ فقط (١).

والعطف لا يستلزم الوفاق بين المتعاطفين إلّا في الإعراب فقط. وأمّا في غيره فيجوز اختلافهما ؛ فتعطف النّكرة على المعرفة. نحو : جاء سعد ورجل ، والمضمر على الظّاهر ، نحو : جاء سليم وأنا ، والظّاهر على المضمر المنفصل ، نحو : ما جاء

__________________

إليه أن اذهب. وإذا تضمنت إذا معنى أي التفسيرية كانت مثلها نحو ، يقال : زكا الزرع إذا نما.

واعلم أن العلّامة الرضي يقول : «أنا إلى الآن لم يظهر لي فرق جليّ بين بدل الكل من الكل وعطف البيان بل ما أرى عطف البيان إلا البدل ويؤيد ذلك كلام سيبويه.

١ ـ الواو : لمطلق الجمع نحو : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا).

٢ ـ الفاء : للترتيب والتعقيب نحو : أكبر بلاد القطر مصر فالاسكندرية.

٣ ـ ثم : للترتيب مع التراخي نحو : سافر القواد ثمّ الجند.

٤ ـ أو : للتخيير نحو : خذ درهما أو دينارا.

٥ ـ أم : لأحد الشيئين نحو : أقريبا أم بعيدا تحضر. وسواء عندي أسافرت أم أقمت.

٦ ـ لكن : للاستدراك والنفي نحو : لا تمدح الأشرار لكن الأخيار.

٧ ـ بل : للإضراب نحو : ما نجح سعيد بل سعد.

٨ ـ لا للنفي نحو : جالس المؤدبين لا السفهاء.

٩ ـ حتى للغاية نحو : سافر الملك حتى حاشيته.

(١) في قولك جاء زيد وعمرو ترى أن المعطوف قد شارك المعطوف عليه في الإعراب وهي المشاركة اللفظية ، وفي المجيء وهي المشاركة المعنوية. وفي قولك : جاء زيد لا عمرو ترى أن المعطوف قد شارك المعطوف عليه في الإعراب فقط وأما المجيء الثابت للمعطوف عليه فهو منفيّ عنه. وأما «أو وأم» فإذا كانتا للإضراب أي للعدول عن المعطوف عليه إلى المعطوف فهما للتشريك في الإعراب فقط نحو : لا يذهب زيد أو لا يذهب عمرو ونحو : أذهب زيد أم أذهب عمرو وإلا فهما للتشريك في اللفظ والمعنى معا نحو : خذ القلم أو الورقة ونحو : أزيد جاء أم عمرو.

ثم إنه إذا تكررت المعطوفات فإن كان العاطف يقتضي الترتيب نحو : جاء زيد ثم عمرو ثم بكر فكل واحد معطوف على ما قبله. وإلا فكلها معطوفة على الأول في الصحيح.

٢٣٦

إلّا أنت وسعيد. غير أنّ الضمير المتصل المرفوع ، والضّمير المستتر لا يعطف عليهما إلّا بعد توكيدهما بالضّمير المنفصل ، نحو : جئت أنا وزيد. وقم أنت وعمرو أو بعد أن يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه فاصل ، نحو : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [الأنعام : ١٤٨] وإذا عطف على الضّمير المجرور وجب إعادة الجارّ حرفا كان أو اسما ، نحو : فقال لها وللأرض ، ونحو : مررت بك وبسعيد (١).

ويعطف الفعل على الفعل بشرط أن يتّحدا زمانا ، سواء اتّفقا في الصيغة ، نحو : قام وقعد وينظم وينثر أم اختلفا ، نحو : إن اجتهد أخوك نجح ويتقدّم. ويعطف الاسم على الفعل باسم وبالعكس بشرط أن يكون الاسم مشتقّا ليصحّ تأويله بالفعل ، أو تأويل الفعل باسم مشتقّ ، نحو : هذا كاتب ويقرأ ، أو يقرأ وكاتب ، وتعطف الجملة على المفرد وبالعكس بشرط صحّة تأويل الجملة بمفرد ، نحو : أخوك عالم وقدره رفيع ، أو : قدره رفيع وعالم.

ويقع العطف بين الجملتين بشرط اتّفاقهما في الخبريّة والانشائيّة على أنّه يستحسن اتّفاق الجمل المتعاطفة في الاسميّة والفعليّة ، نحو : زيد قائم وعمرو وقاعد وقام زيد وقعد عمرو.

تنبيه

يجوز حذف العاطف وحده ، كقول الشاعر [الخفيف] :

كيف أصبحت كيف أمسيت ممّا

يغرس الودّ في فؤاد الكريم

أي : وكيف أمسيت (وهو قليل).

نموذج إعراب قول الشاعر

[البسيط] :

قد يدرك المرء بعد اليأس حاجته

وقد يبدّل بعد القلّة العددا

__________________

(١) الضمير المتصل المنصوب والضمير المنفصل مطلقا يجوز العطف عليهما بدون هذا الشرط فيقال : رأيتك وزيدا ، وما فاز إلا أنت ويوسف.

٢٣٧

الكلمة

إعرابها

قد يدرك المرء

قد حرف تقليل. يدرك فعل مضارع مرفوع بالضمة. المرء فاعل مرفوع بالضمة.

بعد اليأس

بعد ظرف زمان متعلق بيدرك منصوب بالفتحة. اليأس مضاف إليه مجرور بالكسرة.

حاجته

حاجة مفعول به منصوب بالفتحة. والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر.

وقد يبدل

الواو حرف عطف. قد حرف تقليل. يبدل فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. ونائب الفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على المرء.

بعد القلة

بعد ظرف زمان متعلق بيبدل منصوب بالفتحة. القلة مضاف إليه مجرور بالكسرة.

العددا

مفعول به ثان منصوب بالفتحة. والألف للإطلاق حرف.

٢٣٨

الباب التاسع : في عمل شبه الفعل ،

والفعل الجامد ، واسم الفعل

(في هذا الباب مباحث)

اعلم أوّلا أنّ الفعل قسمان : متصرّف ، وجامد. فالمتصرّف ما اختلفت بنيته لاختلاف زمانه كجلس ، والجامد ما لزم بناء واحدا كنعم وبئس (١).

ولا بدّ لكلّ فعل سواء كان متصرّفا أو جامدا من عمل في معمول ملفوظ به ، نحو : قام سليم أو مقدّر ، نحو : جاء الذي ضربت ، أي ضربته ، أو مستتر ، نحو : قم أي أنت.

والفعل المتصرّف أقوى على العمل ، فهو يعمل محذوفا ، نحو : حمدا لله أي : أحمد حمدا ، ومؤخّرا ، نحو : سليما ضربت. وأمّا الجامد فلا بدّ من ذكره وتقديمه على المعمول ، نحو : ما أجمل الرّبيع! ولا يجوز حذفه ولا تأخيره ولا فصله عن معموله.

وما تضمّن معنى الفعل من الأسماء وهو : المصدر ، واسم الفاعل واسم المفعول ، والصّفة المشبّهة ، وصيغ المبالغة ، وأفعل التّفضيل : يعمل عمل فعله إذا وقع موقعه ويقال له (شبه الفعل).

واسم الفعل يعمل عمل الفعل الّذي سمّي به مستويا معه إلّا في رفع الضّمير البارز (٢).

__________________

(١) الفعل يجمد إذا دلّ على معنى من المعاني التي توضع لها الحروف كالنفي في ليس ، والترجّي في عسى ، فسبب جموده هو شبهه الحرف.

وجمود الفعل على نوعين : لازم كأفعال المدح والذم ، وعارض كفعل التعجب الذي يجمد عند استعماله فيهذه الصورة بمعنى الحرف فمتى فارقها عاد إلى التصرف.

(٢) شبه الفعل إذا وقع موقع فعله الذي شاركه في الاشتقاق يعمل عمل ذلك الفعل رفعا ونصبا

٢٣٩

المبحث الأول : في المصدر

المصدر هو ما دلّ على الحدث مجرّدا من الزّمن. وهو أصل جميع المشتقّات.

ويكون لجميع الأفعال التّامّة التّصرّف ، مجرّدة كانت أو مزيدة أمّا مصدر الثّلاثي : فله أوزان كثيرة تعرف بالسّماع (١) والرّجوع إلى كتب اللّغة ، نحو : فهم ، وقيام ، وعلم.

فإن لم يسمع للفعل مصدر ، فيمكن مراعاة الضّوابط الغالبيّة الآتية :

أوّلا : ما دلّ على حرفة أن يكون على وزن فعالة» كتجارة وكتابة.

ثانيا : ما دلّ على امتناع أن يكون على وزن فعال» كشراد وإباء.

ثالثا : ما دلّ على اضطراب أن يكون على وزن «فعلان» كغليان ، وجولان ، وطيران ، وخفقان.

رابعا : ما دلّ على داء أن يكون على وزن. «فعال» كصداع. وزكام.

خامسا : ما دلّ على سير أن يكون على وزن «فعيل» كرحيل ، وذميل.

سادسا : ما دلّ على صوت أن يكون على وزن فعال أو فعيل كصراخ ، وزئير.

سابعا : ما دلّ على لون أن يكون على وزن «فعلة» كحمرة وخضرة. فإن لم يدل المصدر على شيء من ذلك يأت غالبا.

١ ـ مصدر (فعل) المضموم العين على وزن «فعولة» بضم الفاء والعين أو «فعالة» بفتح الفاء أو «فعل» ، كسهولة ، ونباهة ، وفصاحة ، وكرم.

٢ ـ ومصدر (فعل) اللازم المفتوح الفاء المكسور العين على وزن «فعل» بفتح الفاء والعين كفرح ، وعطش ، وعرج.

٣ ـ ومصدر (فعل) اللّازم أيضا المفتوح العين على وزن «فعول» بضم الفاء والعين ، كجلوس ، وقعود ، وخروج.

__________________

بحسب مقتضاه من اللزوم والتعدي.

واسم الفعل لا يرفع الضمير البارز كما يرفعه الفعل ، ولكنه يرفع الاسم الظاهر والضمير المستتر ، وينصب الظاهر والضمير البارز.

(١) القياسي ما كان له ضابط كلّي تنطوي تحته جميع أفراده أو أكثرها ، ويقابله السماعي وهو ما لم تذكر فيه قاعدة كليّة مشتملة على جزئيّاته ، بل يتعلّق بالسّمع من أهل اللسان.

٢٤٠