القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

السيّد أحمد الهاشمي

القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

المؤلف:

السيّد أحمد الهاشمي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة المعارف للطباعة والنشر
الطبعة: ٣
ISBN: 9953-434-08-5
الصفحات: ٣٠٣

ويا جاري» في فاطمة ، وجارية.

ثانيا : في العلم المذكّر أو المؤنّث ، بشرط أن يكون غير مركّب زائدا على ثلاثة أحرف ، نحو : «يا جعف» ، ويا سعا في جعفر ، وسعاد (١).

المبحث الثاني والعشرون : في أسماء ملازمة للنّداء.

من الأسماء ما لا يستعمل إلّا في النّداء. وهو نوعان : قياسي وسماعي (٢) فالقياسيّ : وزن (فعال) شتما للأنثى ، نحو : يا خباث. والسماعيّ : ألفاظ محفوظة ، نحو : يا فل ويا فلة أي يا رجل ويا امرأة. وهما مقطوعان من (فلان وفلانة).

المبحث الثالث والعشرون : في الاستغاثة

الاستغاثة : هي نداء شخص لإعانة غيره ليخلّصه من شدّة ، أو ليساعده على دفع مشقّة ، نحو : يا لقومي للمظلوم. فالمطلوب منه الإعانة يسمّى : مستغاثا ، والمطلوب له الإعانة : يسمّى مستغاثا له.

ولا يستعمل للاستغاثة من أحرف النّداء إلّا «يا». ولا يجوز حذفها ، ولا حذف

__________________

(١) وشذ قولهم «يا صاح» أي يا صاحب ، بالترخيم مع كونه غير علم ، والترخيم إما أن يحذف فيه حرف واحد وهو الأكثر كما تقدم ، أو حرفان وهو قليل نحو : يا عثم في عثمان.

والمنادى المرخم إما أن يبقى آخره بعد الحذف على ما كان عليه قبل الحذف من الحركة كما رأيت وهو الأشهر ، وإما أن يحرك آخره بحركة الحرف المحذوف فتقول : يا جعف وهي لغة ضعيفة. ويمتنع ترخيم المستغاث به ، والمندوب والنكرة والمضاف والشبيه به والمبني قبل النداء والمركب الإسنادي ، وأن يكون علما زائدا على ثلاثة أحرف ما لم يكن مختوما بتا نحو يا جعف ، ويا يوس ، ويا هب ويا ورد في ترخيم ـ جعفر ـ ويوسف ـ وهبة ـ ووردة.

(٢) من الألفاظ السماعية المختصة بالنداء «يا لؤمان» أي يا كثير اللّؤم. و «نومان» أي «كثير النوم» ويا مخبثان ، ويا ملأمان. ويا مكذبان ، ويا مكرمان» وفي شتم المذكر يا خبث ويا فسق ويا غدر ويا لكع (وزن فعل) ويقال في نداء المجهول الاسم أو المجهولة : يا هن والجمع يا هنان ، ويا هنتان ، ويا هنون ، ويا هنات.

٢٠١

المستغاث ، أمّا المستغاث له فحذفه جائز (١).

وللمستغاث به ثلاثة أوجه :

الأوّل : أن يجرّ بلام مفتوحة (٢) غالبا. نحو : يا لقومي للمظلوم ويا للكرام للمحتاجين.

الثاني : أن يختم بألف زائدة. نحو : يا قوما للمظلوم.

الثالث : أن يبقى على حاله كالمنادى المستقلّ نحو : يا قوم للمظلوم أمّا المستغاث له فإن ذكر في الكلام وجب جره بلام مكسورة إذا كان اسما ظاهرا ، أو ياء المتكلّم ، وإلّا فتحت ، نحو : يا لمحمد لك ، أو له.

ويجوز جرّه أيضا «بمن» إذا كان مستغاثا منه ، لا له ، نحو : يا لقومي من الطّغاة الجائرين.

ومن المستغاث به ما ضمّن معنى التّعجّب من ذاته أو صفته ، فيجري مجرى المستغاث في كلّ أحكامه ، فتدخل عليه اللام كقولك : يا للماء إذا تعجبت من وجوده ، أو من كثرته ، ونحو : يا للدّواهي ؛ عند استعظامها. واعلم أنه إذا وصف المستغاث جرّت صفته. نحو : يا لسعد الزّعيم للوطن ، إلى آخر ما تقدم.

واعلم أيضا أن المختوم بالألف الزائدة إذا وقف عليه يجوز أن تلحقه هاء السّكت ساكنة ، نحو : يا عمراه ، ويا دواهياه.

__________________

(١) المستغاث يجر باللام لفظا ومحله النصب بفعل النداء المحذوف. والمستغاث له يجر باللام ، ويعلق الجار والمجرور بالفعل المحذوف.

(٢) هذه اللام تكسر إذا كان المستغاث به ياء المتكلم ، أو كان معطوفا ولم تتكرر معه (يا) نحو [البسيط] :

يبكيك ناء بعيد الدار مغترب

يا للكهول وللشبّان للعجب

ويجوز حذف لام المعطوف نحو يا للكرام والأغنياء للمحتاجين.

واعلم أن هذه اللام حرف جر تتعلق هي ومجرورها بفعل النداء النائبة عنه (يا) بعد تضمينه معنى ألتجىء في الاستغاثة ، وأتعجّب في التعجب ، وهلم جرا.

٢٠٢

تمرين : أعرب ما يأتي

[الوافر] :

ألا يا قوم للعجب العجيب

وللغفلات تعرض للأريب

[البسيط] :

يا للرجال ذوي الألباب من نفر

لا يبرح السفه المردي لهم دينا

[البسيط] :

يا لإناس أبوا إلا مثابرة

على التّوغّل في بغي وعدوان

المبحث الرابع والعشرون : في الندبة

النّدبة : هي نداء المتفجّع عليه ، أو المتوجّع منه ، أو المتوجّع له وأداتها «وا» (١) ، نحو : وا سيّداه ، وا كبداه ووا مصيبتاه ولا يكون المندوب إلّا اسما معربا ، معرفة بالعلميّة ، أو مضافا إضافة توضّح العلم (٢) فلا يندب غير المشهور ، ولا الاسم النّكرة ، ولا المعرفة المبهمة ، كالأسماء الموصولة ، وأسماء الإشارة ، فلا يقال : وا من ذهب ضحيّة الواجب إلّا إذا كان المبهم اسم موصول مشتهرا بالصّلة نحو : وا من اخترع فنّ الطّباعة ، ونحو : وا من فتح مصر.

ولا يجوز حذف المندوب ، ولا أداة النّدبة :

واعلم أنّ المندوب كالمنادى في الإعراب ، فيضمّ في نحو : وا محمّداه ، وينصب في نحو : وا أمير المؤمنين ، وهلمّ جرا.

وللمندوب ثلاث حالات :

الأولى : أن يختم بألف زائدة ، نحو : وا كبدا!

الثانية : أن يختم بالألف الزّائدة مع هاء السّكت السّاكنة عند الوقف ، نحو :

__________________

(١) قد يندب «بيا» أيضا إذا لم يحصل التباس كقول الشاعر [الوافر] :

ألا يا لهف قلبي إثر قوم

هم كانوا الشفاء فلم يصابوا

(٢) أي إذا كان متفجعا عليه. أما إذا كان متوجعا منه فيندب ولو نكرة نحو : وا مصيبتاه!

٢٠٣

وا يوسفاه (١)!

الثالثة : أن يبقى على حاله كالمنادى المستقلّ ، نحو : وا يوسف (٢).

تمرين : أعرب ما يأتي

[الكامل] :

وا رحمتا للعاشقين فإنّهم

كتموا المحبة والهوى فضّاح

[الطويل] :

فوا كبدا من حبّ من لا يحبّني

ومن عبرات ما لهنّ فناء

المبحث الخامس والعشرون : في التحذير

التّحذير : تنبيه المخاطب وتخويفه من أمر مكروه ، أو قبيح ليباعد عنه ويتجنّبه ، نحو : إيّاك والأفعى (٣).

ويكون التحذير تارة بلفظ إيّاك وفروعه للمخاطب ، ويجوز ترك الواو معها أيضا فيقال : إيّاك الأسد ، ويجوز الجرّ بمن نحو : إيّاك من الأسد ، ويكون تارة بدون إيّاك ، نحو : نفسك والشرّ والأسد الأسد والتّواني والعجلة (٤).

ويحذف الضّمير إيّاك إذا كرّر المحذّر منه ، نحو : ألحيّة الحيّة ، أو عطف آخر عليه ، نحو : مقلتيك والقذى. ويجب حذف الفعل النّاصب في حالة التّكرار ، وفي

__________________

(١) الهاء اللاحقة الأواخر (حقيقة أو حكما) حقها السكون ، ويجوز ضمها في الشعر.

(٢) إذا ختم المندوب بالألف ، أو بالألف والهاء ، يقال إنه مبني على ضمة مقدرة لاشتغال محلها بفتحة المناسبة ، وهو في محل نصب بفعل الندبة المحذوف.

(٣) الضمير المنفصل «إياك» في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره «احذر» والواو واو المعية والأفعى مفعول معه ؛ والتقدير أحذّرك من التقاء نفسك والأفعى ، ونحو : الغلظة الغلظة في القول ، وإياك والغشّ.

(٤) يكون التقدير في : إياك الأسد ، أو من الأسد أحذرك الأسد ، ومن الأسد وفي : نفسك والشر كما في : إياك والأفعى وفي : الأسد الأسد احذر الأسد أو أحذّرك الأسد ، واستعمل التّواني ، واستبعد العجلة.

٢٠٤

حالة العطف ، وفي حالة ما إذا كان التحذير (بإيّاك) وأخواتها من ضمائر المخاطب المنصوبة فقط ، وهي : (إيّاك وإيّاكما وإيّاكم وإيّاكنّ) سواء كانت مفردة ، أو مكررة مع ذكر المحذّر منه بالعطف ، أو بدونه. أمّا ضمائر المتكلم ، والغائب فلا تستعمل محذّرة وفي ما سوى ذلك كما إذا قيل : ألحيّة فقط يجوز أن تضمر الفعل كما رأيت ، أو أن تظهره فتقول : أحذّرك الحيّة ، أو احذر الحيّة.

المبحث السادس والعشرون : في الإغراء

الإغراء : هو ترغيب المخاطب في أمر محمود ليفعله ، نحو : الاجتهاد الاجتهاد (١).

والإغراء يكون كالتّحذير بدون إيّاك والاسم المغرى به يكون مفردا ، نحو : الصدق ومعطوفا آخر عليه نحو : العهد والذّمّة ومكرّرا ، نحو : الاقدام الاقدام ، الثّبات الثّبات.

ويجب حذف الفعل مع العطف ، أو التّكرار ، ويجوز إظهاره في ما سوى ذلك ، فيجوز أن تقول : الخير ، وأن تقول : افعل الخير ويقال : الصّلاة جامعة فالصّلاة منصوبة بتقدير احضروا الصّلاة وجامعة منصوب على الحال ، ولو صرّح بالعامل لجاز.

تمرين

ميّز بين التحذير والإغراء في ما يأتي :

الفضيلة الفضيلة فإنّها أسّ النجاح. رأسك والباب. السلاح السلاح أيها الشجعان. صديقك والإحسان إليه. الوفاء فإنه مزية الكرام. الجهل الجهل فإنه يهدم الديار ويجلب البوار. اللصوص اللصوص أيها المسافر في جنح الظلام. المروءة وحفظ الجار يا سلالة العرب الأوفياء.

__________________

(١) يقدر الفعل المحذوف الناصب له بما يناسب المقام نحو : الزم ، أو اطلب ، أو افعل وما شاكل ذلك.

٢٠٥

أعرب ما يأتي

[الطويل] :

أخاك أخاك إنّ من لا أخا له

كساع إلى الهيجا بغير سلاح

النزال يا حماة الأوطان. الصدق وكرم الخلق فإنهما شعار الفضلاء.

المبحث السابع والعشرون : في الاختصاص

الاختصاص : هو قصر حكم أسند إلى ضمير على اسم ظاهر معرفة يذكر بعده ليبيّن المقصود منه ، نحو : نحن ـ أهل مصر ـ نكرم الضّيف. وهو منصوب بفعل محذوف وجوبا تقديره : أخصّ أهل مصر (١).

والاسم المختصّ : إمّا أن يكون معرّفا «بأل» ، نحو : نحن ـ العرب ـ نكرم الضّيف ، أو مضافا إلى المعرّف بأل ، نحو : نحن ـ معاشر الطّلبة ـ سلاح الأمّة ، أو مضافا إلى غيره من المعارف ، نحو : نحن ـ بني ضبّة ـ أصحاب الجمل. وندر وقوعه علما ، نحو : بنا ـ تميما ـ يكشف الضّباب ، وقد يكون الاختصاص بلفظ : أيّها أو أيتها. نحو : اللهمّ اغفر لنا ـ أيّها ـ العصابة (٢).

__________________

(١) الاسم المختص يقع بعد ضمير لبيان المراد منه ، وقصر الحكم الذي للضمير عليه. وأكثر فيه أن يقع بعد ضمير التكلم كما رأيت ، وقد يقع بعد ضمير الخطاب قليلا نحو : سبحانك الله على ما أنعمت ولا يقع بعد ضمير الغيبة مطلقا ، ولا بعد اسم ظاهر. كما وأنه لا يكون نكرة ، ولا اسم إشارة ، ولا موصولا ، وليس معه حرف نداء. ولا يقع في أول الكلام.

ويكون المقدم عليه اسما بمعناه.

(٢) ما كان فيه الاسم المختص أيها ، وأيتها يراد به الاختصاص. وإن كان ظاهره النداء.

فقولك : اللهم اغفر لنا أيها العصابة ، ونحو : أنت أيتها الجارية مجتهدة معناه : مختصين من بين العصائب ، وأنت لا تريد بالعصابة إلا قومك ، وأيها وأيتها هنا يستعملان كما يستعملان في النداء فيبنيان على الضم لفظا ، ويكونان في محل نصب بفعل الاختصاص المحذوف ، ويكون ما بعدهما اسما تابعا محلى بأل ، أو معرفا بالإضافة أو العلمية ولازما الرفع على أنه صفة للفظهما ، أو بدل منه. ولا يجوز نصبه على أنه تابع لمحلهما من الإعراب. أما جملة أخصّ المقدرة ، بعد أيها وأيتها فهي لا محل لها من الإعراب لأنها اعتراضية فإن جاءت جملة الاختصاص آخر الكلام ، أعربت حالا.

٢٠٦

تمرين

بيّن من أي أنواع التراكيب ما بين قوسين واعربه [الخفيف] :

(يا لقوم) من للعلّى والمساعي

يا لقوم من للنّدى والسمّاح

[السريع] :

تبكيهم دهماء معولة

وتقول سلمى (وا رزيتيه) (١)

[البسيط] :

(يا للرجال ليوم الأربعاء) أما

ينفك يبعث لي بعد النهى طربا

[الطويل] :

(فوا عجبا) للنفس كيف اعترافها

وللنفس لما وطّنت كيف ذلت

[الطويل] :

أحبكم ما دمت حيا فإن أمت

(فوا كبدا) ممن يحبكم بعدي

[الكامل] :

يا للرجال لنازل الحدثان

وتلاعب الأقدار بالإنسان (٢)

[البسيط] :

(يا لأناس) أبوا إلّا مثابرة

على التوغل في بغي وعدوان (٣)

[البسيط] :

يبكيك ناء بعيد الدار مغترب

(يا للكهول وللشبان للعجب)

__________________

والباعث على الاختصاص إما فخر أو تواضع ، أو لبيان المقصود بالضمير الواقع قبله.

فنحو : نحن معشر العلماء كالنجوم في السماء. فالمراد بمعشر العلماء هنا نفس المتكلم ، لا شخص آخر يخاطبه ، وكذا حكم كل مخصوص.

(١) المعولة : الباكية. قيل في رثاء قوم من قريش قتلوا يوم الحرّة.

(٢) الحدثان : صروف الزمان ونوائبه.

(٣) يريد يا لقومي لأناس. والمثابرة : المواظبة. والتوغل : التعمق.

٢٠٧

[البسيط] :

حملت أمرا عظيما واصطبرت له

وقمت فيه بأمر الله (يا عمرا) (١)

[الطويل] :

(أفاطم) مهلا بعض هذا التدلل

وإن كنت قد أزمعت صرمي فاجملي (٢)

[الطويل] :

(هيا أمّ عمرو) هل لي اليوم عندكم

بغيبة أبصار الوشاة سبيل

[الخفيف] :

(يا ابن أمي) ويا شقيّق نفسي

أنت خليتني لدهر شديد

[الرّجز] :

(يا ابنة عما) لا تلومي واهجعي

لا يخرق اللوم حجاب مسمعي (٣)

[الخفيف] :

(يا يزيدا) لآمل نيل عزّ

وغنى بعد فاقة وهوان

[الكامل] :

(يأيها الرجل المعلّم) غيره

هلّا لنفسك كان ذا التعليم

تمرين

بيّن كلّا من التحذير والإغراء والاختصاص في التراكيب الآتية :

إيّاكم والاختلاف. الأدب والشجاعة. إني أيتها (٤) النفس لأمّارة بالسوء.

__________________

(١) قاله جرير يرثي عمر بن عبد العزيز.

(٢) من معلقة امرىء القيس ، والتدلل : التيه والدلال. وأزمعت : عزمت. والصرم : القطع والهجران. وأجملي : خفّفي ولا تشتطي.

(٣) الهجوع : النوم بالليل.

(٤) إنّ حرف توكيد ونصب. والياء اسمها وأية مبني على الضم في محل نصب على الاختصاص بفعل محذوف تقديره أخفص. وها حرف تنبيه. والنفس بدل من أي والجملة اعتراضية لا محل لها واللام لام الابتداء. وأمّارة خبر إن. وبالسوء جار ومجرور متعلق بإمارة.

٢٠٨

الاخلاص والوفاء. عقلك والخرافات. السوء وقلبك. الهمة. إني أيها الملك محبّ لرعيّتي [الطويل] :

لنا (معشر) الأنصار مجد مؤثل

بإرضائنا خير البريّة أحمدا

[الخفيف] :

خذ بعفو فإنّني (أيها) العب

د إلى العفو يا إلهي فقير

[البسيط] :

(إنا بني منقر) قوم ذوو حسب

فينا سراة بني سعد وناديها (١)

(العزيمة) والإخلاص ـ الثبات الثبات

[الطويل] :

أخاك أخاك إنّ من لا أخا له

كساع إلى الهيجا (٢) بغير سلاح

[مجزوء الرجز] :

نحن (بنات) طارق

نمشي على النمارق

(عينك) والنظر إلى ما لا يحلّ. (فمك) والحرام [الطويل] :

وإياك والعوراء لا تنطق بها

فلا خير في اللفظ الكريه استماعه

[الكامل] :

إياك أن تعظ الرجال وقد

أصبحت محتاجا إلى الوعظ

[الطويل] :

فإنّا ـ بني الدّيان ـ قطب لقومهم

تدور رحاهم حولنا وتجول

[الكامل] :

إياك إياك المراء فإنّه

إلى الشر دعّاء وللشر جالب

[الخفيف] :

لجديرون بالوفاء إذا قا

ل أخو النجدة (السلاح السلاحا).

__________________

(١) يريد بكشف الضباب زوال المكاره والملمات.

(٢) الحرب.

٢٠٩

نموذج إعراب الأمثلة الآتية

وا عمراه ـ وا من فتح مصراه ـ وا كبدا.

الكلمة

إعرابها

وا

حرف نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

عمراه

منادى مندوب مبني على ضم مقدر منع من ظهوره الفتحة المناسبة لألف الندبة في محل نصب. والألف للندبة حرف مبني. والهاء للسكت حرف مبني على السكون.

وا

حرف نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

من

منادى مندوب مبنى على ضم مقدر منع من ظهوره سكون البناء الأصلي في محل نصب.

فتح

فعل ماض مبني على الفتح وفاعله ضمير مستتر جوازا يعود إلى من. وجملة الفعل والفاعل صلة من.

مصراه

منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها فتحة المناسبة للألف التي هي للندبة والهاء للسكت عند الوقف.

وا

حرف ندبة مثل السابق إعرابه.

كبدا

منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة منع من ظهورها الفتحة التي جاءت لأجل ألف الندبة وأصله (كبدي) حذفت الياء الساكنة لتصادمها بألف الندبة الساكنة.

المبحث الثامن والعشرون

في خبر كان وأخواتها ، وخبر الحروف المشبّهة بليس ، وخبر أفعال المقاربة ، واسم إنّ وأخواتها ، واسم لا التي لنفي الجنس ، فقد تقدم الكلام عليها في المرفوعات. وأمّا التّوابع فسيأتي الكلام عليها بتوفيق الله تعالى وعنايته.

٢١٠

الباب السابع : في مجرورات الأسماء

تجرّ الأسماء المتقدّمة في موضعين.

الأول : إذا سبقت بإحدى حروف الجرّ الآتية.

الثاني : إذا كانت مضافا إليها ،

(في هذا الباب مباحث)

المبحث الأول : في حروف الجر

حروف الجرّ قسمان (١) :

قسم يدخل على الاسم الظّاهر والمضمر وهو : من ، وإلى ، وعن ، وعلى ، وفي ، واللام ، والباء ، وخلا ، وعدا ، وحاشا.

وقسم يختصّ بالدّخول على الاسم الظّاهر وهو : رب ، ومذ ، ومنذ ، وحتّى ، والكاف ، وواو القسم ، وتاؤه ، وكي.

 ـ تختصّ : ربّ بالنّكرة موصوفة ، نحو : ربّ رجل كريم زارنا ، والأغلب أن

__________________

(١) تنقسم حروف الجر من حيث الأصالة والزيادة إلى ثلاثة أقسام :

١ ـ حرف جر أصلي ، وهو ما يدل على معناه ويحتاج إلى متعلّق ، نحو : الأمر لله.

٢ ـ وحرف جر زائد ، وهو ما لا يدل على معناه ولا يحتاج إلى متعلق ، نحو : (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ).

٣ ـ وحرف جر شبيه بالزائد ، وهو ما يدل على معناه ولا يحتاج إلى متعلق ، نحو ربّ إشارة أبلغ من عبارة.

والمتعلّق هو ما يرتبط بها الجار والمجرور ، وكذا الظرف ارتباطا معنويا ، نحو : تمسّك بالأدب وكن وقورا أمام رؤسائك.

ويقسم الحرف باعتبار عمله إلى عمال وغير عامل. فالحروف العاملة هي : حروف الجر ، ونواصب المضارع ، والأحرف الجازمة ، والأحرف المشبهة بالفعل ، ولا النافية للجنس ، ولا ولات وإن المشبهات بليس. أمّا الحروف غير العاملة فهي البواقي.

وينقسم الحرف أيضا باعتبار متعلقة إلى ثلاثة أنواع : مختص بالاسم كحروف الجر ، ومختص بالفعل كحروف الجزم ، ومشترك بين الاسم والفعل كحروف العطف.

٢١١

يكون جوابها فعلا ماضيا ، نحو : ربّ فتى نفعه الاجتهاد. وقد تجرّ ضمير غيبة مميّزا بنكرة. ولا يكون هذا الضّمير إلا : مفردا ، مذكرا ، مفسّرا بتمييز بعده مطابق للمعنى. نحو : ربّه رجلا لقيته.

 ـ وتختصّ حتّى غالبا بما كان آخرا ، نحو : صمت حتّى المغرب ، أو متّصلا بالآخر ، نحو : سهرت حتّى الفجر ولا يقال سهرت البارحة حتى نصفها.

 ـ وتختصّ مذ ومنذ باسم الزّمان ، نحو : ما رأيته مذ يومين أو منذ اليوم (١).

 ـ وتختصّ «كي» بالدّخول على «أن» المصدريّة وصلتها ، نحو : جئت كي أزورك (٢).

 ـ وتختصّ «التّاء» باسم الجلالة ، نحو : تالله (٣).

ولا بدّ من أن يعلّق بالفعل أو شبهه حرف الجرّ الذي يربطه بالاسم المجرور به. وذلك المتعلّق قد يكون مذكورا ، نحو : جئت إلى المدرسة أو مقدّرا ، نحو : رأيت الذي على السطح (٤).

ويجوز حذف حرف الجرّ قبل (أنّ) ، نحو : بشّرته أنّه من الفائزين. أي بأنّه ،

__________________

(١) يشترط في مجرور «مذ ومنذ» إن يكون وقتا ، وأن يكون معرفة ، أو نكرة معدودة ، وأن يكون ماضيا ، أو حاضرا ، كما رأيت في المثالين. ويشترط في الفعل قبلهما أن يكون ماضيا منفيّا.

ويجوز أن تعتبر «مذ ومنذ» ظرفين مبنيين في محل نصب فيرفع ما بعدهما ويشترط فيهما عندئذ ما اشترط فيهما عند اعتبارهما حرفين.

(٢) تكون «كي» حينئذ حرف تعليل كاللام وتكون مع أن وصلتها في تأويل مصدر. والتأويل في المثال السابق : جئت لزيارتك.

(٣) يجوز دخول التاء أيضا على : الرحمن ، والربّ غير أن (الربّ) يستعمل مضافا إلى الكعبة ، أو لياء المتكلم فيقال : تالرحمن. وتربّ الكعبة ، أو تربّي. وذلك نادر في الاستعمال.

(٤) حرف الجر يعلق بالفعل أو شبهه كما رأيت. ويعلّق أيضا باسم الفعل ، نحو : أفّ للكسالى ، أو باسم مؤول بما يشبه الفعل ، نحو : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) أي وهو المعبود ونحو : زيد ليث في كل موقعة أي شجاع.

والمتعلّق قد يحذف ، وحذفه ، على نوعين : جائز ، وواجب.

فالجائز : في ما دل عليه دليل كقولك : إلى المدرسة جوابا لمن سألك : إلى أين ذهبت؟

والواجب : في ما دل على وجود مطلق ، نحو : زيد في بيته أي موجود وحكم الظرف في هذا الباب كحكم حرف الجر ولا متعلق لحرف الجر إذا كان زائدا نحو : ما جاءنا من أحد أو شبيها بالزائد وهو ربّ ، وخلا ، وعدا ، وحاشا نحو : ربّ رجل كريم لقيته.

٢١٢

وقبل (أن المصدريّة) ، نحو : عجز أن يفعل هذا الأمر أي عن أن يفعله (١).

وقد تزاد «ما» بعد «من ، وعن ، والباء» فيبقى ما بعدهنّ مجرورا. وتزاد بعد «ربّ ، والكاف» فتكفّهما عن العمل ، وتدخلان على الجمل الفعليّة ، والاسميّة ، نحو : ربّما زرتك ، وأنا مجتهد كما أخوك مجتهد وقد تحذف (ربّ) بعد الواو ، ويبقى عملها ، نحو : «وليل كموج البحر أرخى سدوله» (٢).

وتقع «الكاف» اسما بمعنى (مثل) ، نحو : وما قتل الأحرار كالعفو عنهم.

وكذلك «عن» بمعنى (جانب) إذا سبقت «بمن» ، نحو : مرّ من عن يميني ، و (على) بمعنى (فوق) إذا سبقت «بمن» نحو : سقط من على الجبل فتكون كلّ واحدة منهنّ مضافة إلى ما بعدها كسائر الأسماء.

المبحث الثاني : في معاني حروف الجر

 ـ «من» تكون لابتداء الغاية ، نحو : خرجت من البلد ، والتّبعيض ، نحو : أنفقت

__________________

(١) إنما يجوز حذف الجار قبل «أنّ ، وأن» إذا أمن اللبس كما رأيت. فإن لم يؤمن اللبس لم يجز حذفه فلا يقال : رجع اللص أن يسرق لأنه يحتمل أن يكون المحذوف «إلى» فيكون المعنى : رجع إلى السرقة أو «عن» فيكون المعنى رجع عن السرقة فلا يفهم السامع ما هو المراد ، ولذلك يتعيّن ذكر الحرف هنا.

ويجوز حذف حرف الجر قياسا في ما عطف على مجرور بمثل الحرف المحذوف نحو : لزيد دار وعمرو بستان أو وقع بعد همزة الاستفهام مسبوقا بمثله. كما إذا قيل :

مررت بزيد فتقول أزيد التاجر ، أي أبزيد ، أو بعد إن الشرطية نحو : اذهب بمن شئت إن زيد وإن عمرو أي إن بزيد.

وقد يحذف حرف الجر سماعا ، فينصب المجرور بعد حذفه تشبيها له بالمفعول به ويسمى المنصوب بنزع الخافض ، كقول الشاعر [الوافر] :

تمرّون الديار ولم تعوجوا

كلامكم عليّ إذا حرام

أي تمرّون بالديار.

وشذ بقاء الاسم مجرورا بعد حذف حرف الجر في غير مواضع حذفه قياسا. ومن ذلك قول بعض العرب وقد سئل : كيف أصبحت فقال : خير إن شاء الله أي : بخير.

(٢) وقد تحذف أيضا ويبقى عملها بعد الفاء وهو قليل ، وبعد بل وهو نادر.

٢١٣

من الدّراهم ، وبيان الجنس ، نحو : «لي ثوب من خزّ ، والتّعليل ، نحو : مات من الخوف ، والبدل ، نحو : (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) [التوبة : ٣٨] أي بدل الآخرة ، والتأكيد وهي الزّائدة لفظا بشرط أن يكون مجرورها نكرة ، وأن يسبقها نفي ، أو نهي ، أو استفهام بهل ، نحو : ما جاءنا من رجل ، والفصل ، نحو : عرفت الحقّ من الباطل.

وقد تضمّن «من» معنى «في» ، نحو : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) [الجمعة : ٩] أي في يومها ، ومعنى إلى ، نحو : اقتربت منه أي إليه. ومعنى الباء نحو : (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) [الشورى : ٤٥] أي به.

 ـ «عن» تكون للمجاوزة ، نحو : سافرت عن البلد ، والبدل ، نحو : قم عنّي بهذا الأمر أي بدلي ، والتّعليل ، نحو : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) [التوبة : ١١٤] أي من أجل موعدة ، وبمعنى (بعد) ، نحو : عن قريب أزورك.

وقد تضمّن «عن» معنى «على» نحو : (فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) [محمد : ٣٨] أي عليها ، ومعنى «من» ، نحو : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) [الشورى : ٢٥] أي منهم.

 ـ «على» تكون للاستعلاء حسّا نحو : (وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) [المؤمنون : ٢٢] أو معنى ، نحو : (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) [البقرة : ٢٥٣] ، والمصاحبة ، نحو : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) [الرعد : ٦] أي مع ظلمهم ، والتّعليل ، نحو : (لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) [الحج : ٣٧] أي لهدايته إيّاكم ، والظّرفيّة نحو : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ) [القصص : ١٥] والاستدراك ، نحو (١) : فلان منكوب على أنّه لا يبأس من رحمة الله.

وقد تضمّن «على معنى «عن» نحو : (رضيت عليه) أي عنه ، ومعنى الباء نحو : (رميت على القوس) أي رميت مستعينا بها.

 ـ (في) تكون للظّرفيّة (حقيقة) ، نحو : (الماء في الأبريق) أو (مجازا) ، نحو : (نظرت في الأمر) ، والتّعليل ، نحو : (قتل كليب في ناقة) أي بسبب ناقة ، والمصاحبة ، نحو : (خرج الأمير في موكبه) والمقايسة ، نحو : (ما ذنبنا في عفوك إلّا

__________________

(١) إذا كانت «على» للاستدراك كانت كحرف الجر الشبيه بالزائد لا متعلّق لها.

٢١٤

هفوة) أي بالقياس إليه.

وقد تضمّن «في» معنى «إلى» نحو : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) [إبراهيم : ٩] أي إليها ، ومعنى الباء ، نحو : هو بصير في المسألة أي بها ومعنى (على) نحو : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] أي عليها.

 ـ (الباء) تكون للإلصاق ، نحو : أمسكت بيده ، والاستعانة ، نحو : كتبت بالقلم والتّعدية ، نحو : ذهبت بعمرو ، والتّعليل ، نحو : قتل بذنبه ، والمصاحبة ، نحو : بعتك الدّار بأثاثها ، والظّرفيّة نحو : أقمت بالدّار ، والبدل ، نحو : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) [المائدة : ٤٥] ، والمقابلة ، نحو : بعتك الدّار بالفرس ، أي : في مقابلتها ، والقسم وهي أصل أحرفه ، ويجوز ذكر فعل القسم معها خلافا لإخوانها ، نحو : أقسم بالله ، والتّأكيد ، وهي الزّائدة لفظا ، نحو : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) [النساء : ٧٩].

وقد تضمّن الباء معنى من ، نحو : (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) [الإنسان : ٦] أي منها ، ومعنى (عن) ، نحو : (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) [الفرقان : ٥٩] أي عنه ، ومعنى (على) ، نحو : (إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) [آل عمران : ٧٥] أي على قنطار.

 ـ (إلى) تكون لانتهاء الغاية ، نحو : ذهبت إلى الجبل ، وصمت إلى اللّيل ، والمصاحبة ، نحو : جلست إلى الضّيف وتكون بمعنى (عند) وتسمّى المبيّنة لأنّها تبيّن أنّ مصحوبها فاعل لما قبلها ، وذلك بعد ما يفيد حبّا أو بغضا من أفعل تعجّب أو تفضيل ، نحو : ما أبغض الخائن إليّ! والدّرس أحب إليّ من اللهو.

وقد تضمّن (إلى) معنى (في) ، نحو : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) [النساء : ٨٧] أي فيه.

 ـ (حتّى) تكون لانتهاء الغاية. إلّا أنّ الغالب ألّا يدخل ما بعدها في حكم ما قبلها ، نحو : سرت حتّى الكعبة فالمعنى أنّ سيرك انتهى إليها ولم تدخلها. وقد يدخل إن كان هناك قرينة تدلّ على ذلك. نحو : بذلت مالي حتّى آخر درهم لي في سبيل وطني.

 ـ (الكاف) تكون للتّشبيه وهو الأصل في معانيها ، نحو : عليّ كالأسد ، وللتّعليل ، نحو : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) [البقرة : ١٩٨] أي لهدايته إيّاكم ، والتّوكيد وهي الزّائدة في الإعراب ، نحو : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) أي ليس مثله ، وقد تستعمل في التّمثيل بما لا مثيل له كما إذا قيل : إنّ من الحروف ما لا يقبل

٢١٥

الحركة كالألف ويقال لها كاف الاستقصاء.

وقد تضمّن الكاف معنى على ، نحو : كن كما أنت أي ثابتا على ما أنت عليه.

 ـ (اللام) تكون للملك ، نحو : (الدّار) لسعد ، وشبه الملك ، وتسمّى لام الاختصاص ، ولام الاستحقاق ، نحو : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ٢] والفوز للمجتهدين ، والتّعليل ، نحو : (هربت للخوف) ، والعاقبة ، نحو : (لدوا للموت وابنوا للخراب) ، والتّعدية. وهي الواقعة بعد أفعل تعجّب ، أو تفضيل لتبيّن أنّ ما بعدها مفعول لما قبلها ، نحو : (ما أجمع سعيدا للمال) والتّبليغ. نحو : (قلت للرّجل) ، والتّقوية ، نحو : هو فعّال لما يريد ، والتّعجّب ، نحو : (لله درّه رجلا) (ويا للفرح) وهي تستعمل مفتوحة بعد «يا» وانتهاء الغاية ، نحو : «كلّ يجري لأجل مسمّى) وهو قليل ، والاستغاثة. وتستعمل مفتوحة مع المستغاث ، نحو : (يا لقومي) ، والوقت. وتسمّى لام الوقت ، ولام التّاريخ ، نحو : (كتبته لغرّة شهر كذا) أي عند غرته.

وقد تضمّن اللّام معنى (على) ، نحو : (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ) [الإسراء : ١٠٩] أي على الأذقان.

 ـ (الواو ، والتّاء) تكونان للقسم ، نحو : (والله لأحفظنّ عهدك ، وتالله لأخاصمنّ عدوّك).

 ـ (مذ ، ومنذ) تكونان بمعنى (من) لابتداء الغاية ، إن كان الزّمان ماضيا ، نحو : ما رأيتك مذ أو منذ يومين وبمعنى (في) للظّرفيّة إن كان الزّمان حاضرا ، نحو : (ما رأيته مذ أو منذ شهرنا) وحينئذ تفيدان استغراق المدّة. وبمعنى : (من ، وإلى) معا إذا كان مجرورهما نكرة معدودا ، نحو : ما رأيتك مذ ثلاثة أيّام أي من بداءتها إلى نهايتها.

 ـ «ربّ» تكون للتّقليل والتّكثير : والقرينة هي الّتي تعيّن أحدهما.

 ـ «كي» حرف جرّ للتّعليل بمعنى اللام ، نحو : كيم فعلت هذا أي لم؟ (وجئت كي أزورك) أي لزيارتك (١).

__________________

(١) «كي» تختص بالدخول على ما الاستفهامية كما في المثال الأول ، وإن المصدرية وصلتها كما في المثال الثاني.

٢١٦

تمرين

عيّن متعلّق الجار في الجمل الآتية :

المرء لا ينفك من أمل ، فإن فاته عوّل على الأماني. المنى من بضائع الجهال. من جرى في عنان أمله كان عاثرا بأجله. لا تتكلم بما لا يعنيك ، ودع الكلام في كثير عمّا يعنيك حتى تجد له موضعا (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) [فاطر : ٣] خير الناس من أخرج الحرص من قلبه ، وعصى هواه في طاعة ربه. من قوي على نفسه تناهى في القوة ، ومن صبر على شهوته بالغ في المروءة. ذهب الحكماء إلى أن سوء الظن بالنفس أبلغ في صلاحها وأوفر في اجتهادها ، لأن للنفس جورا لا ينفك إلا بالسخط عليها وغرورا لا ينكشف إلا بالتهمة لها.

المبحث الثالث : في الإضافة وأنواعها (١)

الإضافة نسبة اسم إلى آخر على تقدير حرف جرّ. ويسمّى الأوّل مضافا ، والثّاني مضافا إليه.

حرف الجرّ المقدّر يكون كثيرا (من) إذا كان المضاف إليه جنسا للمضاف ، نحو : (سوار ذهب) ، ويكون قليلا ، (في) إذا كان ظرفا له نحو : صلاة العصر ، ويكون غالبا (اللّام) في ما سوى ذلك ، نحو : (كتاب سعد) (٢).

والإضافة قسمان : معنويّة ، ولفظيّة.

١ ـ فالمعنويّة : هي ما أفادت المضاف (تعريفا) إن كان المضاف إليه معرفة نحو : هذا كتاب سليم ، (وتخصيصا) إن كان المضاف إليه نكرة ، نحو : هذا كتاب نحو.

__________________

(١) الأسماء بالنسبة إلى إضافتها وعدمها ثلاثة أنواع : نوع تجوز إضافته وهو كثير ، ونوع تمتنع إضافته : كالضمائر والإشارات والموصولات (سوى أي) ، وأسماء الشرط والاستفهام ، (عدا أي أيضا) ، ونوع تجب إضافته إلى المفرد ، أو إلى الجمل.

(٢) (اللام) قد يمكن إظهارها كما في المثال : إذ يمكنك أن تقول : كتاب لزيد وقد تكون تقديرا كذي مال ، وعند زيد ، فإن اللام لا يمكن التصريح بها فيهما ولكن يقدر لها مرادف يصرح معه باللام كصاحب ، ومكان ، ونحو ذلك.

٢١٧

٢ ـ واللّفظيّة : هي ما لا تفيد المضاف تعريفا ولا تخصيصا ، ولا يعتبر فيها تقدير حرف الجرّ ، وإنّما يكون الغرض منها التّخفيف في اللّفظ بحذف التّنوين ، أو نوني التّثنية والجمع ، وذلك : إذا كان المضاف (صفة) مضافة إلى فاعلها ، أو مفعولها. نحو : هذا مستحقّ المدح وحسن الخلق ، ومعمور الدّار (١).

وحكم المضاف أن يجرّد من التّنوين ، ونوني التّثنية ، والجمع وما ألحق بهما ، نحو : هذا كتاب النّحو ، وقرأت كتابي الأستاذ ، وجاء طالبوا العلم ، ومرشدوك أولو الفضل عليك.

وأن يجرّد من «أل» إذا كانت الإضافة معنويّة. وأمّا إذا كانت الإضافة لفظية فيجوز دخول «أل» على المضاف ، بشرط أن يكون مثنّى ، أو جمع مذكر سالما ، أو مضافا إلى ما فيه «أل» ، أو مضافا إلى اسم مضاف إلى ما فيه (أل) نحو : جاء المكرما سعد ، والمكرمو سعيد ، والدارس النّحو ، والقارئ كتاب الصّرف.

وحكم المضاف في الإضافة اللّفظيّة أن يكون (وصفا) دالّا على زمان الحال ، أو الاستقبال ، وأن يضاف إلى معموله (أي إلى فاعله. أو مفعوله في المعنى).

والمراد بالوصف هنا : اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصّفة المشبّهة وصيغ المبالغة ، نحو : هذا ناصر الضّعيف ، وشريف الطّباع ، وهذان مطلوبا الجنود ، وهؤلاء قهّار والأعداء.

والمضاف في هذه الإضافة يستمرّ نكرة ، ولو أضيف إلى معرفة ولذلك جاز وصف النّكرة به ، نحو : هذا عارض ممطرنا (٢).

__________________

(١) تسمى الأولى معنوية لأن فائدتها راجعة إلى المعنى ، من حيث إنّها تفيد المضاف تعريفا أو تخصيصا. فإن لفظ كتاب نكرة ، فلما أضيف إلى سليم تعرّف. ولما أضيف إلى نحو تخصّص أي قلّ إبهامه وشيوعه. وتسمى الثانية لفظية لأن فائدتها راجعة إلى اللفظ فقط ، بما تحدثه فيه من التخفيف بحذف التنوين ونوني التثنية والجمع وما ألحق بهما ، فإن أصل التركيب في الأمثلة المتقدمة. هذا مستحقّ المدح ، وحسن خلقه ، ومعمورة داره.

واعلم أنه تمتنع إضافة الضمائر وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة والأعلام ، وما أشبه ذلك.

(٢) إذا كان الوصف بمعنى الماضي نحو : بارىء الوجود أو بمعنى الاستمرار نحو :

حامي العشيرة أو كان لا يراد به معنى الفعل نحو : كاتب القاضي ، ومملوك الأمير كانت الإضافة معنوية.

٢١٨

المبحث الرابع : في ما يلزم الإضافة.

من الأسماء ما يلزم الإضافة ، فلا ينفكّ عنها ، وهو على نوعين : ما يلزم الإضافة إلى المفرد ، وما يلزم الإضافة إلى الجملة (١).

فالأسماء الّتي تلزم الإضافة إلى المفرد نوعان :

أوّلهما : ما لا يجوز قطعه عن الإضافة مطلقا وهو : عند ، ولدى ، ولدن ، وبين ، ووسط ، (وهي ظروف) ، وشبه ، ومثل ، ونظير ، وقاب ، وكلا ، وكلتا ، وسوى ، وغير ، وذو ، وذات ، وذوو ، وذوات ، وأولو ، وأولات ، وقصارى ، وحمادى ، وسبحان ، ومعاذ ، ووحد ، وسائر ، وأولى ، ولبّيك ، وسعديك ، وحنانيك ، ودواليك ، ولعمر ، (وهي غير ظروف).

والثاني : ما يجوز قطعه عن الإضافة (لفظا) لا معنى وهو : أوّل ، ودون ، وفوق ، وتحت ، ويمين ، وشمال ، وأمام ، وقدّام ، وخلف ، ووراء ، وتلقاء ، وتجاه ، وإزاء ، وحذاء ، وقبل ، وبعد ، (ومع وهي ظروف) وكلّ ، وبعض ، وغير ، وجميع ، وحسب ، وأيّ ، (وهي غير ظروف).

أمّا : كلّ ، وبعض ، وجميع ، ومع ، وأيّ فيجوز أن تقطع عن الإضافة لفظا فيكون المضاف إليه منويّا ، وتعرب منوّنة نحو : كلّ يموت أي كلّ أحد و (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) [البقرة : ٢٥٣] أي على بعضهم ، وجاء القوم جميعا أي جميعهم ، وذهبوا معا أي مع بعضهم ، وأيّا تكرم أكرم. أي : أيّ رجل وقبل ، وبعد ، ودون ، وأوّل والجهات السّتّ ، وحسب ، وغير ، سبق الكلام عليها.

وما دلّ من هذه الأسماء على المغايرة (كغير وسوى) أو على المماثلة (كمثل ، وشبه ، ونظير) لا يتصرّف بإضافته إلى المعرفة لتوغّله في الإبهام. ولذلك صحّ أن تنعت به النّكرة نحو : رأيت رجلا غير سعيد ، ومررت بامرأة مثل سعاد (٢).

__________________

(١) المراد بالمفرد هنا ما ليس جملة فيدخل فيه المثنى والمجموع.

(٢) لقد استبان أنّ الإضافة على ثلاثة أنواع : نوع يفيد تعريف المضاف بالمضاف إليه إن كان معرفة ، وتخصيصه به إن كان نكرة. ونوع يفيد تخصيص المضاف دون تعرفه نحو : «ربّ رجل وأخيه. وقسم لا يقبل التعريف أصلا بحيث يكون المضاف متوغلا في الإبهام كغير ، ومثل.

٢١٩

المبحث الخامس : في الأسماء التي تلزم الإضافة إلى الجملة.

وهي : إذ ، وحيث ، وإذا ، ولمّا ، ومذ ، ومنذ.

فإذ وحيث تضافان إلى الجمل الفعليّة والاسميّة على تأويلها بالمصدر ، نحو : جئت إذ جاء سليم ، وذهبت إذ القوم لاهون ، وجلست حيث جلس أخوك ، وانزل حيث صديقك نازل.

وإذا ولمّا تضافان إلى الجمل الفعليّة ، ولا تستعمل الثّانية منهما إلّا مع الماضي ، نحو : إذا زرتني أكرمتك. ولمّا تكلّم الأستاذ أصغينا.

ومذ ومنذ إذا كانتا ظرفين تضافان إلى الجمل الفعلية والاسميّة ، نحو : ما رأيته مذ سافر القوم ، وما اجتمعنا منذ غاب رفقاؤنا.

وإذا وقع بعدهما اسم مفرد تقطعان عن الإضافة ويرفع المفرد بعدهما خبرا عنهما فتقول ما رأيته مذ يومان ، أو يجرّ بهما باعتبارهما حرفي جرّ والمبهم المتصرّف من ظروف الزّمان تجوز إضافته إلى الجملة ، نحو : زرتك يوم جاء أخوك ، وأقبلت حين القوم منصرفون (١).

المبحث السادس : في بعض أحكام للإضافة.

يكتسب المضاف من المضاف إليه التّذكير أو التأنيث فيعامل معاملته ، بشرط أن يكون المضاف صالحا للاستغناء عنه وإقامة المضاف إليه مقامه. نحو : قطعت بعض أصابعه والأولى مراعاة المضاف فتقول : قطع بعض أصابعه.

ولا يضاف اسم إلى مرادفه إلّا إذا كانا علمين ، نحو : محمد سعيد ولا يضاف

__________________

(١) لما كانت هذه الظروف تضاف إلى الجملة جوازا صح فيها الإعراب والبناء. فإذا بنيت كان بناؤها على الفتح للمناسبة بين حركة البناء وحركة الإعراب غير أنه يختار بناء الظرف المضاف إلى الجملة الفعلية المصدرة بفعل مبني كما في قوله : على حين عاتبت المشيب على الصبا. ويختار إعراب الظرف المضاف إلى الجملة المصدرة باسم ، أو فعل معرف نحو (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) وجاء الأمير على حين يكتب الوزير استقالته.

٢٢٠