القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

السيّد أحمد الهاشمي

القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

المؤلف:

السيّد أحمد الهاشمي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة المعارف للطباعة والنشر
الطبعة: ٣
ISBN: 9953-434-08-5
الصفحات: ٣٠٣

والحال : لا تجيء عن فاعل (١) أو مفعول ، لفظا ، أو معنى ، نحو : جاء أخوك راكبا ، وشربت الماء صافيا ، وعجبت من ذهاب الأمير ماشيا (٢).

والأصل في الحال أن تكون صفة منتقلة ، نكرة مشتقّة نحو : جاء الصّديق باسما ، وعاد القائد من الحرب ظافرا.

وقد تأتي الحال (صفة ثابتة) لا منتقلة ، نحو : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨] ودعوت الله سميعا (٣).

وقد تأتي الحال (معرفة) لا نكرة ، وذلك إذا صحّ تأويلها بنكرة ، نحو : جاء أخوك وحده ، أي منفردا.

__________________

(١) إن الحال تجيء عن الفاعل ، أو المفعول ، لفظا كما في المثالين الأولين ؛ أو معنى كما في المثال الثالث ، فإن الأمير فاعل في المعنى وإن كان مضافا إليه في اللفظ. والمفعول الذي تجيء عنه الحال يشمل المفعول به كما في الثمال وغيره من المفاعيل في الأصح ، فيقال : سرت سيري حثيثا ، وصمت الشهر كاملا ، وهربت للخوف مجردا ، وسرت والنيل فائضا ولا فرق بين أن يكون المفعول صريحا كما مرّ ، أو غير صريح ، نحو : انهض بالكريم عاثرا.

(٢) لا تأتي الحال من المضاف إليه إلا إذا كان المضاف عاملا فيه فاعلا أو مفعولا في المعنى ، ويكون ذلك في حالتين : أولاهما أن يكون المضاف مصدرا. نحو : سرّني قدومك سالما ، وأعجبني ضرب اللص مقيدا أو صفة. نحو : زيد منطلق الغلام مسرعا ، وراكب الفرس مسرجا. والثانية : أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه نحو : أمسكت بيدك عاثرا أو كجزء منه نحو : أعجبني كلام الإمام واعظا لأن الحال تكون حينئذ كأنها عن المضاف لشدة الملابسة بينه وبين المضاف إليه فتكون قد جاءت عن الفاعل أو المفعول تقديرا. فإذا لم يكن الأمر كذلك امتنعت المسألة فلا يقال : مررت بغلام هند جالسة لأن المضاف ليس جزءا من المضاف إليه ، ولا كالجزء منه.

(٣) يكون ذلك في ثلاث صور : أولاهما : في الحال التي يدل عاملها على تجدد صاحبها كما في المثال المتقدم. والثانية : في الجامدة التي لا تؤول بمشتق ، نحو : هذا ثوبك ديباجا.

والثالثة : في الحال المؤكدة ، نحو : ولى الجندي مدبرا.

تنبيه : اختلف في بعض المصادر التي وردت منصوبة مما يدلّ على نوع عامله نحو : طلع زيد بغتة ، وجاء ركضا ، فاعتبر بعضهم ما كان مثل ذلك من المصادر مفعولا مطلقا لفعل محذوف ، والتقدير طلع يبغت بغتة ، وجاء يركض ركضا واعتبر بعضهم المصدر حالا مؤولا بالصفة ، والتقدير : طلع باغتا ، وجاء راكضا وكلا الوجهين مقبول.

١٨١

المبحث العاشر : في الحال الجامدة

تأتي الحال (جامدة) لا مشتقّة ، وذلك على تأويلها غالبا بالمشتقّ ويقع ذلك في خمس حالات :

أوّلا : في ما دلّ على تشبيه ، نحو : عدا سليم غزالا ، أي مسرعا كالغزال ، ونحو : رأيتهم في الوغى أسدا ، أي شجعانا.

ثانيا : في ما دلّ على مفاعلة ، نحو : بايعته يدا بيد ، أي متقابضين.

ثالثا : في ما دلّ على ترتيب ، نحو : أدخلوا رجلا رجلا ، أي مرتّبين.

رابعا : في ما دلّ على تفصيل ، نحو : قرأت الكتاب بابا بابا ، أي مفصّلا.

خامسا : في ما دلّ على تسعير ، نحو : أشتريت الثّوب ذراعا بدرهم ، أي مسعّرا.

وقد يغني عن تأويلها بالمشتقّ أحد ستّة أشياء :

أوّلا : أن تكون موصوفة ، نحو : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [يوسف : ٢] ونحو خذه مقالا صريحا.

ثانيا : دلالتها على عدد ، نحو : (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف : ١٤٢].

ثالثا : أن تدلّ على حال واقع فيه تفضيل شيء على (نفسه) أو على (غيره) باعتبارين ، نحو : سليم غلاما أحسن منه رجلا ، وخليل شاعرا أحسن منه ناثرا.

رابعا : أن تكون نوعا لصاحبها ، نحو : لبس خاتمه ذهبا.

خامسا : أن تكون فرعا لصاحبها ، نحو : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) [الأعراف : ٧٤] وهذ ثوبك حريرا.

سادسا : أن تكون أصلا لصاحبها ، نحو : (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) [الإسراء : ٦١].

١٨٢

المبحث الحادي عشر : في احتياج الحال إلى عامل وصاحب

عامل الحال : هو العامل في صاحبها الّذي جاءت عنه (من فعل ، أو شبهه (١) أو ما في معناه) ، نحو : طلعت الشّمس هو الفعل (طلع) وهو عامل الحال أيضا.

وصاحب الحال هو ما كانت الحال وصفا له في المعنى : فإذا قلت : طلعت الشّمس مشرقة ، فصاحب الحال هو الشّمس. والأصل فيه كما في المبتدإ أن يكون معرفة لأنّه محكوم عليه. والمحكوم عليه يكون معلوما ولكنّه كالمبتدإ أيضا يأتي (نكرة) بمسوّغات ترجع إلى ثلاثة أمور :

١ ـ أن تكون النّكرة عامّة بتقدّم نفي ، أو ، استفهام ، أو نحوهما عليها ، نحو : ما في المدرسة من تلميذ متكاسلا ، وهل جاءك أحد راكبا؟

٢ ـ أن تخصّص النكرة بوصف ، أو إضافة ، أو نحوهما ، نحو : جاءني رجل فنّ مباحثا ، وزارني صديق مسلّما.

٣ ـ أن تتقدّم الحال على صاحبها وهو نكرة محضة ، نحو : جاءني مسرعا رسول.

المبحث الثاني عشر : في مرتبة الحال مع صاحبها ، وعاملها

الأصل في الحال أن تتأخّر عن صاحبها على أنها قد تتقدّم عليه (جوازا) نحو : حارّا لا تأكل الطّعام. وقد تتقدّم عليه (وجوبا) وقد تتأخرّ عنه وجوبا.

فتتقدّم الحال على صاحبها وجوبا في ثلاثة مواضع :

٢ ـ إذا كان صاحبها محصورا ، نحو : ما جاء ماشيا إلّا سليم.

٣ ـ إذا كان صاحبها مضافا إلى ضمير ما يلابسها ، نحو : وقف يخطب في التّلاميذ معلّمهم.

__________________

(١) المراد بشبه الفعل مشتقاته. والمراد بمعنى الفعل اسم الفعل نحو : نزال مسرعا ، واسم الإشارة نحو : هذا أخوك مقبلا. وأدوات التشبيه والتمني والترجي الموجودة في إن وأخواتها ، نحو : كتبت بالقلم مبريا ، وأنا كاتب الدرس واقفا ، وكأنّ عليا بدر قادما. وهذا صاحبي مؤدبا. ولعلّ سعدا في الدار جالس.

١٨٣

وتتأخّر الحال عن صاحبها وجوبا في ثلاثة مواضع :

١ ـ إذا كانت الحال محصورة ، نحو : (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) [الأنعام : ٤٨].

٢ ـ إذا كان صاحبها مجرورا بالإضافة ، نحو : سرّني عملك مخلصا أو كان صاحبها مجرورا بالحرف (١) ، نحو : مررت بهند جالسة ، ونظرت إلى السّماء صافية الأديم.

٣ ـ إذا كانت الحال جملة مقترنة بالواو ، نحو : سافر الرّسول وقد طلعت الشّمس.

والأصل في الحال : أن تؤخّر عن عاملها. ويجوز تقدّمها عليه بشرط أن يكون (فعلا متصرّفا) ، نحو : راكبا جاء سليم. أو صفة تشبه الفعل المتصرّف ، نحو : مسرعا سليم (٢) منطلق.

وتتقدّم الحال على عاملها وجوبا في ثلاثة مواضع :

١ ـ إذا كان لها صدر الكلام ، نحو : كيف أضعت الفرصة؟

٢ ـ إذا كان العامل فيها (اسم تفضيل) عاملا في حالين ، فضّل صاحب إحداهما على صاحب الأخرى ، نحو : سليم راجلا أسرع من خليل راكبا ، أو كان صاحبهما واحدا مفضّلا على نفسه في حالة دون أخرى ، نحو : العصفور مغرّدا أفضل منه ساكتا ، فيجب تقديم الحال الّتي للمفضّل على اسم التّفضيل بحيث يتوسّطّ اسم التفضيل بينهما كما في الأمثلة.

٣ ـ إذا كان العامل فيها معنى التّشبيه (دون أحرفه) عاملا في حالين يراد بهما تشبيه صاحب الأولى بصاحب الأخرى ، نحو : أنا فقيرا كسليم غنيّا.

__________________

(١) إلا إذا كان مجرورا بحرف جر زائد فيجوز تقديم الحال عليه نحو : ما جاءني راكبا من أحد.

(٢) يراد بالصفات التي تشبه الفعل المتصرف ما كان اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، مما يتصرّف في جميع أحواله. أما اسم التفضيل فليس كذلك لأنّه لا يتصرف إلا في بعض الأحوال ، وذلك إذا اقترن بأل ، فلا يجوز تقديم الحال التي هو عامل فيها عليه.

١٨٤

ويجوز حذف عامل الحال إذا دلّ عليه دليل ، كقولك : ماشيا ، لمن سألك : كيف جئت؟

ويجب حذف عامل الحال في أربعة مواضع :

١ ـ في ما يتبيّن فيه زيادة أو نقص في المقدار بالتدريج ، نحو : تصدّق بدرهم فصاعدا ؛ واشتر الثّوب بدينار فنازلا والتّقدير : واذهب بالعدد صاعدا ، أو نازلا.

٢ ـ أن تكون مسوقة للتّوبيخ ، نحو : أقاعدا وقد قام الناس؟ أي أتوجد قاعدا؟

٣ ـ في الحال المؤكّدة لمضمون الجملة ، نحو : أنت أخي مؤاسيا ، أي أعرفك مؤاسيا.

٤ ـ في الحال السّادة مسدّ الخبر ، نحو : تأديبي الغلام مسيئا ، أي : إذ يوجد مسيئا وقد تقدم ذلك.

ويحذف عامل الحال (سماعا) في غير ذلك ، نحو : هنيئا لك أي : ثبت لك الخير هنيئا.

المبحث الثالث عشر : في تقسيم الحال إلى : مؤسّسة ، ومؤكدة ، وحقيقيّة ، وسببيّة

تنقسم الحال باعتبار فائدتها إلى مؤسّسة ومؤكّدة.

فالمؤسّسة ، (ويقال لها المبيّنة أيضا) : هي الّتي لا يستفاد معناها بدونها ، نحو : جاء سليم راكبا. والمؤكّدة (١) هي الّتي يستفاد معناها بدونها وإنما يؤتى بها للتّوكيد ، نحو : تبسّم ضاحكا.

__________________

(١) المؤكدة إما أن يؤتى بها لتوكيد عاملها الموافق لها معنى فقط نحو : تبسّم ضاحكا أو لفظا ومعنى ، نحو : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) وإما أن يؤتى بها لتوكيد صاحبها ، نحو : جاء التلاميذ كلهم جميعا ، وإمّا أن يؤتى بها لتوكيد مضمون جملة مركبة من اسمين معرفتين جامدين ، نحو : نحن الإخوة متعاونين.

وتقسم الحال أيضا إلى : مقصودة لذاتها نحو : جئت راكبا ، وإلى موطّئة وهي الجامدة الموصوفة التي تذكر توطئة لما بعدها ، نحو. (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا).

١٨٥

وتقسّم الحال باعتبار صاحبها إلى (حقيقيّة) : وهي التي تبيّن هيئة صاحبها نحو : جئت ماشيا ، وإلى (سببيّة) : وهي ما تبيّن ما يحمل ضميرا يعود إلى صاحبها نحو : كلمت هندا حاضرا أبوها ، ومررت بمصر مستبشرا سكّانها.

وتقسّم أيضا الحال باعتبار لفظها إلى : مفردة ، نحو : جلست مفكّرا وإلى جملة ، نحو : وقف الشاعر ينشد وإلى شبه جملة وهو الظرف ، والجار والمجرور ، نحو : تكلّم الخطيب فوق المنبر ، وخرج الأمير في موكبه.

ويشترط في الجملة الحاليّة أن تكون خبريّة (١) ، وأن تكون غير مصدّرة بعلامة الاستقبال كالسّين ، أو سوف ، وأن تشتمل على رابط يربطها بصاحب الحال.

المبحث الرابع عشر : في روابط الحال

الأصل في الرّبط أن يكون (بالضّمير) ، نحو : وقف الخطيب يتكلّم ، وقد يكون الضّمير مقدّرا ، نحو : اشتريت اللّؤلؤ مثقالا بدينار ، أي مثقالا منه. فإذا لم يكن ضمير وجبت (الواو) (٢) ، نحو : جاء سليم والشّمس طالعة. ويجوز اجتماع الواو مع الضّمير ، نحو : جاء التلميذ وكتابه في يده.

وتجب واو الحال في ثلاثة مواضع :

أوّلا : إذا كانت جملة الحال اسميّة مجرّدة من ضمير يربطها بصاحبها نحو : هرب المسجون والحرس نائمون.

__________________

(١) الجملة الخبرية يصح أن تقع حالا سواء كانت فعلية نحو : جاء سليم يضحك ، أو اسمية ، نحو : ذهب سعيد دمعه متحدّر ، وعلى الصورتين تكون مؤوّلة بمفرد ، والتأويل في الأولى جاء ضاحكا ، وفي الثانية ذهب متحدرا دمعه.

أمّا الجملة الإنشائية فلا يصح وقوعها حالا.

وإذا اشتملت الجملة على ما يقتضي الاستقبال ، لم يصح وقوعها حالا : فلا يقال ذهب زيد سيمشي للمنافاة بين الحال ، والاستقبال.

(٢) هذه الواو تدعى واو الحال أو واو الابتداء. وإذا اجتمعت مع الضمير فيكون ذلك لزيادة التمكين. واضابط فيها أن يصح وقوع «إذ» الظرفية موقعها. فإذا قلت : جئت والشمس طالعة صح أن تقول : جئت إذ الشمس طالعة.

١٨٦

ثانيا : إذا كانت مصدّرة بضمير صاحبها ، نحو : قصدتك وأنا واثق بمروءتك.

ثالثا : إذا كانت ماضويّة غير مشتملة على ضمير صاحبها ، مثبتة كانت أو منفيّة ، غير أنّه تجب «قد» مع الواو في المثبتة ، نحو : بلغت المدينة وقد بزغ الفجر ، ورحلت عنها وما طلعت الشّمس.

وتمنع واو الحال ، ويتعيّن الضّمير في خمسة مواضع :

أوّلا : إذا كانت جملة الحال مؤكّدة لمضمون الجملة قبلها ، نحو : هو الحقّ لا شكّ فيه و (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة : ٢].

ثانيا : إذا كانت ماضويّة واقعة بعد إلّا فيجب تجريها عندئذ من الواو ، وقد ، نحو : ما تكلّم إلّا ضحك (١).

ثالثا : إذا كانت ماضويّة متلوّة «بأو» ، نحو : لأضربنّه عاش أو مات ، ولا أصاحبنّه غاب أو حضر.

رابعا : إذا كانت مضارعيّة مثبتة غير مقترنة بقد ، نحو : جاء التّلميذ يحمل كتابه فإذا اقترنت (بقد) وجبت الواو معها ، نحو : (لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) [الصف : ٥].

خامسا : إذا كانت مضارعيّة منفيّة «بما» أو «لا» ، نحو : هجم الجيش ما يخاف الأعداء و (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ) [المائدة : ٨٤].

أمّا إذا كانت منفيّة : للم ، أو لمّا ، فالمختار ربطها بالواو والضّمير معا ، نحو : ضربت المجرم ولم أشفق عليه ، وقطفت الثّمرة ولمّا تنضج.

وإذا خلت جملة الحال من ضمير صاحبها وجب ربطها بالواو ، نحو : جئت ولم تطلع الشّمس.

ويجوز اقتران جملة الحال بالواو ، وعدمه ، إذا لم يكن فيها شيء ممّا يوجب

__________________

(١) قد سمع اقترانها بعد «إلا» بالواو ، كقول الشاعر [البسيط] :

نعم امرؤ هرم لم تعر نائبة

إلّا وكان لمرتاع بها وزرا

وبقد ، كقول الآخر [الطويل] :

متى يأت هذا الموت لم يلف حاجة

لنفسي إلا قد قضيت قضاءها

على أن ما ورد من ذلك شاذ لا يقال عليه.

١٨٧

اقترانها بها ، أو يمنعه ممّا تقدّم بيانه. وأكثر ما يكون ذلك في الجملة الاسميّة المقترنة بضمير صاحبها ، نحو : جاء التلميذ كتابه في يده أو وكتابه في يده.

وإذا كانت جملة الحال (١) ماضويّة مشتملة على ضمير صاحبها فالأكثر فيها أن تربط به ، وبالواو ، وقد معا ، نحو : جاء الرّسول وقد أسرع.

وقد تربط بالضّمير ، وقد فقط (دون الواو) كقول الشاعر [الطويل] :

وقفت بربع الدّار قد غيّر البلى

معارفها والسّاريات الهواطل

وأقلّ من هذا أن تربط بالضّمير وحده ، نحو : هذه بضاعتنا ردّت إلينا.

وإن كانت منفيّة فالأكثر فيها أن تربط بالواو والضّمير معا ، نحو : جاء أخوك وما فعل شيئا.

وقد تربط بالضّمير وحده ، نحو : جاء ما فعل شيئا.

تمرين

بين الحال ، وصاحبها ، وعاملها ، وما جاء على الأصل منها ، والعكس.

ذهبت مساعي الزعماء أدراج الرياح. تفرّق العدوّ ايادي سبا. تشتتوا طرائق وتمزقوا حزائق. البخل في الرجال مذموم وفي النساء ممدوح. رأيت الهلال بين السحاب. وأبصرت شعاعه في الماء [الوافر] :

وجئت إليهم طلق المحيّا

كأنّي لا سمعت ولا رأيت

خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها. هو الحق بيّنا [الطويل] :

إذا المرء أعيته المروءة يافعا

فمطلبها كهلا عليه ثقيل

__________________

(١) هذه الأحكام عن الجملة الماضوية تراعى بشرط أن لا تقع بعد «إلا» أو قبل «أو» فإن كانت كذلك امتنعت من الواو ، وقد كما تقدم.

فائدة : وردت في اللغة ألفاظ مركبة تركيب خمسة عشر ببناء الجزأين على الفتح وهي واقعة موقع الحال وذلك نحو : تفرّقوا شذر مذر أي متشتتين ونحو : هو جاري بيت بيت أي متلاصقين ، ووردت ألفاظ مركبة أصلها الإضافة نحو : فعلته بادئ بدء ، وبادئ بدأة ، وبادئ بداء ، وبدأة أي فعلته مبدوءا به ، ونحو : تفرّقوا أيدي سبا ، وأيادي سبا أي متشتّتين.

١٨٨

[البسيط] :

كن للخيل نصيرا جار أو عدلا

ولا تشحّ عليه جاد أو بخلا

[الخفيف] :

إنما الميت من يعيش كئيبا

كاسفا باله قليل الرجاء

لا حوا مثل كواكب الجوزاء ، وبدوا كالجملة المتناسبة الأجزاء [البسيط] :

نجيت يا رب نوحا واستجبت له

في فلك ماخر في اليمّ مشحونا

وعاش يدعو بآيات مبيّنة

في قومه ألف عام غير خمسينا

الشّرير يعيش بائسا ويموت يائسا. رجع عوده على بدئه مشروح الصدر قرير العين.

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هي الحال؟ لأي شيء تجيء الحال؟ إلى كم تنقسم الحال؟ هل تأتي الحال معرفة؟ ما هو عامل الحال؟ ما هو صاحب الحال؟ ما هي مرتبة الحال مع صاحبها؟ متى تتقدم الحال صاحبها وجوبا؟ متى تتأخر الحال عن صاحبها وجوبا؟ ما هي مرتبة الحال مع عاملها؟ عل تتعدد الحال؟ هل يحذف عامل الحال جوازا ووجوبا؟ كم قسما الحال باعتبار فائدتها؟ كم قسما الحال باعتبار صاحبها؟ ماذا يشترط في جملة الحال؟ اذكر روابط الحال إذا وقعت جملة.

نموذج إعراب

[الخفيف] :

إنّما الميت من يعيش كئيبا

كاسفا باله قليل الرّجاء

١٨٩

الكلمة

إعرابها

إنما

أداة حصر ملغاة لا عمل لها.

الميت

مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره.

من

اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ.

يعيش

فعل مضارع مرفوع لتجره من الناصب والجازم وفاعله ضمير مستتر جوازا يعود على (من) ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

كئيبا

حال أول للفاعل الضمير المستتر في يعيش.

كاسفا

حال ثان للفاعل الضمير المستتر في يعيش.

باله

فاعل لكاسفا لأنه اسم فاعل ، أو لكئيبا فهو متنازع عليه.

قليل

حال ثالث للفاعل الضمير المستتر في (يعيش).

الرجاء

مضاف إليه مجرور بالكسرة الظارهة في آخره.

المبحث الخامس عشر : في التمييز

التّمييز : هو اسم نكرة منصوب بمعنى (من) يذكر لتفسير المقصود من اسم سابق يصلح لأن يراد به أشياء كثيرة ، نحو : (رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) [يوسف : ٤]. والشّمس أكبر الكواكب نورا.

والتّمييز قسمان : تمييز مفرد ، وتمييز جملة.

فتمييز المفرد المبهم (ويسمّى مبيّنا لإبهام الذّات) أربعة أنواع :

١ ـ العدد ، نحو : عندي عشرون درهما (١).

__________________

(١) ـ أولا : يجب جر تمييز العدد بالمضاف (جمعا) مع الثلاثة والعشرة وما بينهما ، نحو : عندي ثلاثة كتب ، وثمانية أقلام ، وعشر ورقات.

 ـ ثانيا : يجب جر تمييز العدد بالمضاف مفردا مع المائة والألف ، نحو : مائة قلم ، وألف كتاب.

١٩٠

٢ ـ ما دلّ على مقدار ، وهو : ما يعرف به كميّة الأشياء وذلك إمّا مساحة نحو : لي فرسخ أرضا أو وزن ، نحو : عندي رطلان زيتا.

أو كيل ، نحو : اشتريت أردبا قمحا.

أو مقياس ، نحو : أعطني ذراعا خزّا.

٣ ـ ما دلّ على ما يشبه المقدار (١) ، وهو إمّا أن يشبه المساحة ، نحو : ما في السّماء قدر راحة سحابا أو الوزن ، نحو : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٧) [الزلزلة : ٧] أو الكيل. نحو : عندي حفنة حنطة.

أو المقياس ، نحو : عندي مدّ يدك خزّا.

٤ ـ ما دلّ على مماثلة ، نحو : من لنا بمثلك رجلا ، ولي مثلك صاحبا أو على مغايرة ، نحو : إنّ لنا غيرها إبلا ، وليس لي غير الله معينا.

٥ ـ ما كان متفرّعا من مميّزه ، نحو (٢) : لي خاتم فضّة فالخاتم فرع الفضّة.

وحكم تمييز (الذّات) أن ينصب بعد تمام الاسم المفسّر (٣).

والنّاصب للتمييز في هذا القسم هو ذلك الاسم المبهم وإن كان جامدا لأنه شبيه باسم الفاعل لطلبه له في المعنى.

__________________

ثالثا : يجب نصبه مفردا مع الأحد عشر والتسعة والتسعين وما بينهما نحو : أحد عشر كوكبا ، وسبعة عشر كتابا ، وثمانية وتسعون تلميذا. ولا تمييز للواحد والاثنين ، إذ لا يقال واحد رجل ، ولا اثنتان امرأتان. ولفظ التمييز يغني عنهما.

(١) ما يشبه المقدار هو : ما يدل على قدر غير معين ، لأنه غير مقدّر بآلة خاصة بل بلفظ : مثقال ، ومثل ، وملء.

(٢) ما كان فرعا للتمييز ضابطه كل فرع حصل له بالتفريع اسم خاص يليه أصله ، بحيث يصح إطلاق الأصل عليه نحو : باب حديد فإن الباب فرع الحديد ويعرب الاسم الواقع فرعا للتمييز حالا ، غير أنه أولى بالتمييز لجريه على حكمه الموضوع له بخلاف الحال.

(٣) بالتنوين أو بنون التثنية أو نون الجمع نحو : عندي مدّ قمحا ومدّان شعيرا ، وعشرون فرسا.

على أنه يجوز جره «بمن» نحو : عندي رطل من الزيت وبالإضافة نحو : عندي رطل زيت إلا إذا اقتضت إضافته إضافتين كما في : عندي ثلاثة أثواب خزا فتمتنع الإضافة ، ويتعيّن نصبه كما مثّل.

وجرّه بمن فتقول : عندي ثلاثة أثواب من خزّ ويستثنى من ذلك تمييز العدد فإنّ له أحكاما كثيرة استقصينا معظمها في المباحث السابقة.

١٩١

وتمييز هذه الأنواع غير محوّل عن شيء أصلا (ويسمّى تمييزا لمميّز ملفوظ).

وتمييز الجملة (النّسبة) هو ما يفسّر جملة باعتبار جهة تعلّق النّسبة المبهمة الواقعة فيها (ويسمّى تمييزا لمميّز ملحوظ). وهو نوعان : منقول ، وغير منقول.

أ ـ فالمنقول : ما كان أصله (فاعلا) نحو : طاب سعد نفسا و (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) [مريم : ٤] أي : طابت نفس سعد.

أو مفعولا نحو : غرست الأرض شجرا. ورفعت الرّئيس قدرا أي : رفعت قدر الرّئيس.

أو مبتدأ نحو (١) : أنا أكثر منك مالا أي مالي أكثر من مالك وحكمه : أنّه يجب نصبه دائما بما في الجملة من (فعل) كالأمثلة السابقة ، أو (شبهه) ، نحو : سعد كريم عنصرا ، وهو طيّب قلبا.

ب ـ وغير المنقول عن شيء ، نحو : لله درّه فارسا. وحكمه أنّه يجوز نصبه ، ويجوز جرّه «بمن» فتقول : لله درّه من فارس.

ولا يجوز دخول «من» إلّا في هذا النوع فقط بخلاف النوع السّابق وهو المنقول عن الفاعل ، أو المفعول ، أو المبتدأ ، فلا يقال : طاب سعد من نفس ، ولا رفعت الرّئيس من قدر. ولا أنا أكثر منك من مال.

ولا يجوز تقديم التّمييز على عامله. ولكنّه يجوز توسّطه بين العامل ومرفوعه ، نحو : طاب نفسا سليم.

والأصل في التّمييز أن يكون اسما جامدا ، ولكنّه قد يأتي مشتقّا إن كان وصفا ناب عن موصوفه ، نحو : لله درّه عالما فإنّ الأصل : لله درّه رجلا عالما.

والأصل في التّمييز أن يكون نكرة. وقد يأتي معرفة لفظا. وهو في معنى

__________________

(١) ما بعد أفعل التفضيل ينصب وجوبا على التمييز إذا كان فاعلا في المعنى ، نحو : زيد أكثر مالا من عمرو. وضابطه أن يصح جعل أفعل التفضيل فعلا فيقال : زيد كثر ماله فإن لم يكن فاعلا في المعنى جر التمييز بالإضافة نحو : أنت أفضل رجل ، وضابطه أن يصح تعريف المضاف إليه مجموعا فيقال : أنت أفضل الرجال.

فإن أضيف أفعل إلى غيره وجب النصب ، نحو : أنت أفضل الناس رجلا ، وذلك لتعذّر الإضافة مرتين.

١٩٢

النّكرة ، نحو : طبت النّفس أي : نفسا.

تنبيه

التمييز يوافق الحال في كونه اسما نكرة منصوبة رافعة للإبهام ، ويخالفها في كونه جامدا مفسّرا للذّات أو النّسبة لا يتعدّد ولا يتقدّم على عامله ولا يكون جملة أو شبهها.

المبحث السادس عشر : كنايات العدد : كم ، وكأيّ ، كذا

حكم مميّز «كم» (١) الاستفهاميّة أن يكون مفردا منصوبا وجوبا نحو : كم رجلا حادثت ؛ إلّا إذا دخل عليها حرف جرّ فيجوز جرّه (بمن) مقدّرة ، نحو : بكم درهم أو درهما اشتريت هذا الكتاب ويطلب بكم الاستفهامية تعيين كميّة مبهمة.

ويجوز الفصل بينها وبين تمييزها بالظّرف ، أو بالجار والمجرور ، نحو : كم عندك كتابا. ويقلّ الفصل بينهما بخبرها ، أو بالعامل فيها.

ويجوز حذف تمييزها ، نحو : كم مالك؟ أي كم درهما مالك (٢)؟

وحكم مميّز «كم» الخبريّة أن يكون مفردا ، أو جمعا نكرة مجرورا بإضافتها إليه ، أو بمن ، نحو : كم بلد أو بلاد ، أو من بلد ، أو من بلاد فتحها خالد بن الوليد. وكم بطل ، أو أبطال ، أو من بطل قهرت!

ويطلب بكم الخبريّة الإخبار بها عن عدد كثير ، أو الافتخار.

__________________

(١) الكناية : هي التعبير عن شيء معين بلفظ غير صريح للدلالة عليه. وهناك ألفاظ يكنى بها عن الحديث وهي كيت ، وذيت مبنيان على الفتح أو الكسر أو الضم. ويكرّران إشعارا لطول الكلام ، نحو : كان من الأمر كيت ، وكيت وذيت أو ذيت ، أي كلاما طويلا.

(٢) حكم «كم» الاستفهامية في الإعراب أن تكون في محل جر إن سبقها حرف جر ، أو مضاف ، نحو : بكم درهما اشتريت هذا الكتاب وبيت كم رجلا زرت. وإن تكون في محل نصب إن كانت استفهاما عن المصدر لأنها تكون مفعولا مطلقا ، نحو : كم التفاتة التفت أو عن الظرف لأنها تكون مفعولا فيه نحو : كم كان رفقاؤك؟ فإن لم يكن في موضع مما ذكر كانت في محل رفع على أنها مبتدأ ، أو خبر نحو : كم كتابا عندك؟ وكم كتبك.

١٩٣

ويجوز الفصل بينها وبين مميّزها ، فإن فصل بينهما وجب نصبه نحو : كم لي فضلا أو جرّه «بمن» ، نحو : كم لي من فضل إلّا إذا كان الفاصل فعلا متعدّيا ، فيتعيّن الجرّ بمن ظاهرة لمنع الالتباس بالمفعول نحو : كم قرأت من كتاب (١) وإن فصل بغيره تعيّن نصب التّمييز.

وحكم مميّز «كأيّ» أن يكون مفردا مجرورا «بمن». نحو : كأيّ من عالم بذل حياته في سبيل العلم وكأيّ من فقير يسّر الله رزقه.

وحكم مميّز «كذا» أن يكون مفردا منصوبا دائما ، ولا يستعمل غالبا إلا معطوفا عليها مثلها ، نحو : جاءني كذا وكذا زائرا وتبرّعت لليتامى بكذا وكذا دينارا ، ووقفت عليهم كذا صدقة.

واعلم أنّه يكنى بكذا ، وكم الاستفهامية (عن الكثير ، والقليل) ، ولا يكنى بكأيّ ، وكم الخبريّة إلا عن الكثير.

المبحث السابع عشر : في ألفاظ العدد (٢)

واحد واثنان : يوافقان المعدود تذكيرا وتأنيثا ، سواء أكانا مفردين ، أو مركّبين ، أم معطوفا عليهما ، نحو : رجل واحد ، وامرأة واحدة ، وأحد عشر غلاما ، وإحدى عشرة تلميذة. وأحد وعشرون تلميذا. وإحدى وعشرون فتاة. ورجلان اثنان. وامرأتان اثنتان.

وأمّا ثلاثة وتسعة وما بينهما فتخالف المعدود في جميع أحوالها فتكون على عكس المعدود في التّذكير والتّأنيث سواء أكانا مفردين أم مركّبين أم معطوفا عليهما ،

__________________

(١) وحكمها في الإعراب كحكم «كم» الاستفهامية.

(٢) اعتاد المتقدمون أن يؤرخوا بالليالي لأن شهورهم قمرية ، فيقولون : لأول ليلة من شهر كذا ، أو لغرّته ، أو مهلّه ، أو مستهلّه ، وللعشر وما دونها : خلون ، وبقين ، فيقال : لتسع ليال خلون ، وثمان ليال بقين ، ولما فوق العشرة ـ خلت وبقيت ، ويقال : لآخر ليلة بقيت من كذا ، أو سراره ، أو سلخه ، أو انسلاخه.

واعلم أيضا أن العدد يقرأ من الآحاد الصغرى إلى الكبرى ، فيقال في : ٣٢٥ كتابا : خمسة وعشرون وثلثمائة كتاب. ويجوز العكس. فيقال : ثلثمائة وعشرون وخمسة كتب.

١٩٤

نحو : سبع ليال. وثمانية أيّام. وثلاثة أقلام ، وتسع ورقات.

ولفظة عشرة تخالف المعدود (مفردة) وتوافقه (مركبة). نحو : عشرة رجال ، وعشر نساء. وخمسة عشر تلميذا. وخمس عشرة تلميذة.

وبقيّة ألفاظ العقود كعشرين وثلاثين وأربعين إلى تسعين وكذا لفظتا مائة وألف لا يتغيّر لفظها في التّذكير والتّأنيث ، فيقال : عشرون رجلا ، وثلاثون امرأة ، ومائة غلام. وألف جارية.

واعلم أنّ الوصف المصوغ من اسم العدد على وزن (فاعل) (١) يطابق الموصوف ، فيقال : الباب الثالث. والمقالة الرابعة. والقرن التاسع عشر ، وهلمّ جرّا.

أسئلة يطلب أجوبتها

ما هو التمميز؟ كم قسما التمييز؟ كم نوعا التمييز المفرد؟ ما هو حكم تمييز الذات؟ ما الفرق بين المقدار وشبه المقدار؟ كم نوعا تمييز الجملة المسمى تمييز النسبة؟ ما حكم أسماء العدد ومميزها؟ ما هي كنايات العدد وما حكم كل منها؟ ما الفرق بين كم الاستفهامية ، وكم الخبرية؟ ماذا يطلب بكم وكأي وكذا؟ ما هو الناصب لتمييز الذات؟ والناصب لتمييز النسبة؟ ما هي الأعداد التي توافق المعدود؟ ما هي الأعداد التي تخالفه؟ وكيف تكون حالة العقود والمئات والألوف مع المعدود؟ كيف كان المؤرخون سالفا يكتبون تاريخ أوائل الشهور؟ والعشر الأول وما دونها؟ وما فوقها؟ وما يقال لآخر ليلة؟

__________________

(١) ويسمى بالعدد الترتيبي وهو : ما دلّ على رتب الأشياء. وهو اثنا عشر لفظا : أول. ثان.

ثالث. رابع. خامس. سادس. سابع. ثامن. تاسع. عاشر. مائة ، ألف. وهو أربعة أنواع : مفرد : وهو من أول إلى عاشر. ومركب وهو من حادي عشر إلى تاسع عشر ، ومعطوف وهو من واحد وعشرين إلى تاسع وتسعين. وعقود وهو من عشرين إلى تسعين. وتتبعها المائة والألف.

ويقال أيضا واحد. وواحدة. وحادي. وحادية. إلا أن الأخيرتين لا تكونان للترتيب إلّا في المركب ، والمعطوف.

١٩٥

تمرين

بيّن تمييز المفرد من تمييز الجملة.

من أصدق من الله حديثا؟ انفردت اللّغة العربية عن سائر اللغات فصاحة وبيانا ، كما انفرد أربابها في مذاهب البلاغة تبسطا وافتنانا. ما رأيت أسخى منه يدا ولا أندى بنانا. يا لها غفلة من الدهر صدرت ، وهفوة على غرة من الأمل ظهرت [البسيط] :

حسب الفتى عقله خلّا يعاشره

إذا تحاماه إخوان وخلّان

[البسيط] :

وأسوأ الناس تدبيرا لعاقبة

من أنفق العمر في ما ليس ينفعه

ترتيب أوقات العمل يجعل المرء مرتاحا بالا وجسدا. أكرم به صديقا. أكبر الأعداء أخفاهم مكيدة. أقبل يختال تيها ، ويخطر عجبا ، ويتبختر زهوا. السنة اثنا عشر شهرا. مثقال ذهبا خير من رطل حديدا.

إعراب الأمثلة الآتية

كفى بالله شهيدا ـ لله درّه عالما ـ ناهيك بالأدب من ناصر.

الكلمة

إعرابها

كفى

فعل ماض مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر.

بالله

الباء حرف جر زائد ، ولفظ الجلالة فاعل مرفوع بضمة مقدرة منه من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.

شهيدا

تمييز (نسبة) منصوب بالفتحة الظاهرة.

لله

جار مجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

دره

مبتدأ مؤخر مرفوع. وهو مضاف والهاء مضاف إليه.

عالما

تمييز (نسبة) منصوب بالفتحة الظاهرة.

ناهيك

مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة ، وناهي مضاف والكاف مضاف إليه.

بالأدب

الباء حرف جر زائد ، والأدب خبر المبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.

١٩٦

الكلمة

إعرابها

من

حرف جر زائد أيضا مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

ناصر

تمييز منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.

المبحث الثامن عشر : في المنادى

المنادى : هو الاسم الظّاهر المطلوب إقباله بأحد أحرف النّداء نحو : يا سعد (١).

وأحرف النداء سبعة ، وهي : يا. وأيا. وهيا. وأي. والهمزة. وآ. ووا.

فأي ، والهمزة للمنادى (القريب) «وأيا. وهيا. وآ» للمنادى (البعيد) و «يا» لكلّ منادة و «وا» للندبة.

ولا ينادى لفظ الجلالة ، والمستغاث به ، وأي وأيّة إلّا (بيا) كما لا يقدّر عند الحذف غيرها.

والمنادى ثلاثة أنواع : مفرد ، ومضاف ، ومشبّه بالمضاف (٢).

فإذا كان المنادى مفردا علما ، أو نكرة مقصودا بها معيّن ، بني على ما كان يرفع به قبل النّداء ، نحو : يا سليم ، ويا رجل بالضمّ ، ويا رجلان ، ويا مؤمنون ، بالألف ، والواو (٣).

__________________

(١) حرف النداء هو عوض عن (فعله) المحذوف وجوبا ، فإن الأصل في قولك : يا سعد : أنادي سعدا ، ولذلك يعتبر المنادى مفعولا به ، وينصب إما لفظا ، أو محلا

(٢) المراد بالمفرد ما ليس بمضاف ، ولا بمشبّه بالمضاف فيدخل فيه المثنى والمجموع ، والمشبّه بالمضاف : هو كلّ اسم تعلق به شيء من تمام معناه على غير جهة الصلة أو الإضافة مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا أو معطوفا عليه قبل العلمية ، نحو : يا حميدا سلوكه ، ويا سامعا دعاء المظلوم. ويا رحيما بالعباد. ويا ثلاثة وثلاثين (فيمن سمي بذلك لأن ثلاثين جزء العلم فهو من تمام معنى ما قبله).

(٣) إذا كان الاسم المستحقّ البناء مبنيّا قبل النداء يبقى على حركة بنائه ويقدر الضمّ على الحرف الأخير منه لاشتغاله بحركة البناء الأصلي ، نحو : يا سيبويه ، ويا هذا ، ويا هؤلاء

١٩٧

وإذا كان المنادى نكرة المقصودة ، أو مضافا ، أو مشبّها بالمضاف ، نصب لفظا ، نحو : يا رجلا خذ بيدي ، ويا عبد الله ، ويا حسنا خلقه.

وإذا وصفت النّكرة مقصودة نصبت لفظا نحو : يا رجلا فاضلا وإذا أريد نداء الاسم المقرون «بأل» يؤتى قبله «بأيّ» ملحقة «بها» التّنبيه ، أو باسم الإشارة للقريب ، نحو : يا أيّها الرّجل ؛ ويا هذه المرأة ، وحكم «أيّ» أن تبقى بلفظ واحد للجميع ، إلّا مع المؤنّث فإنّه يجوز تأنيثها له فيقال : يا أيّتها المرأة (١).

المبحث التاسع عشر : في تابع المنادى

إذا أتبع المنادى ، فإن كان معربا فتابعه منصوب أبدا ، نحو : يا أبا بكر صاحبنا ، ويا أبا بكر وأبا الحسن ، ويا عبد الله نفسه. إلّا إذا كان بدلا أو معطوفا منسوقا مجرّدا من «أل» غير مضافين. فهما مبنيّان ، نحو : يا أبا سليم يوسف ، ويا أبا سليم ويوسف وإذا كان المنادى مبنيّا فتابعه له أربع حالات :

١ ـ إذا كان التّابع بدلا ، أو معطوفا منسوقا مجرّدا من «أل» غير مضافين وجب بناؤهما على الضّمّ ، نحو : يا أستاذ سعد ، ويا سعيد وسعد ، وذلك لأنّ البدل ملاحظ فيه تكرار العامل والعاطف كالنّائب عن العامل.

٢ ـ وإذا كان التّابع مضافا مجرّدا من «أل» نعتا كان أو بيانا أو توكيدا معنويا ،

__________________

فيبنى المفرد وجمع التكسير وجمع المؤنث السالم على الضمّ. ويبنى المثنى على الألف.

ويبنى جمع المذكر السالم على الواو ، وهذا البناء واجب بشرط كونه غير مجرور باللام نحو : يا لسعد للوطن ، وإلّا كان معربا كما سيأتي في الاستغاثة.

(١) تعتبر «أي» هنا نكرة مقصودة مبنية على الضم ، وتكون في محل نصب بفعل النداء المحذوف. ويشترط في المقرون «بأل» أن تكون فيه «جنسية» كالرجل ، فلا يقال : يا أيّها العباس مثلا. واسم الإشارة حكمه أن يكون للقريب فلا يستعمل لهذا الغرض ما كان للمتوسط أو للبعيد ، فلا يقال : يا ذاك الرجل ويستثنى من الأسماء المقرونة «بأل» اسم الجلالة فإنه يجوز أن ينادى «بيا» دون غيرها ، فيقال : يا الله. على أن الأكثر فيه حذف حرف النداء والتعويض عنه بميم مشددة للدلالة على التعظيم نحو : اللهمّ ارحمنا ، ولا يجوز الجمع بين يا والميم فلا يقال : يا اللهم. وإذا ناديت علما مقترنا بأل حذفتها وجوبا نحو : يا سموأل.

١٩٨

وجب نصبه إتباعا لمحلّ المنادى ، نحو : يا سليم أخانا ، ويا تلاميذ كلّهم أو كلّكم (١).

٣ ـ وإذا كان التّابع نعتا مضافا مقترنا بأل ، نحو : يا سعد الأصيل أو الأصيل الرّأي ، أو كان غير مضاف ولا مشبّه بالمضاف ، وهو : نعت ، أو توكيد ، أو عطف بيان ، أو معطوف نسق مقترن بأل جاز فيه وجهان : الرّفع إتباعا للفظ المنادى ، والنّصب إتباعا للمحل فتقول : يا عليّ الكريم الأخلاق أو الكريم الأخلاق ، ويا سليم الكريم أو الكريم ، ويا رجل سليم أو سليما ، ويا خليل والضّيف أو والضّيف ، ويا مصريّون أجمعون ، أو أجمعين.

٤ ـ وأمّا تابع أي ، واسم الإشارة الّذي جعل وصلة إلى ندائه فيتعيّن رفعه اتّباعا للفظ المنادى فتقول : يا أيّها الرجل ، ويا أيّتها المرأة ، ويا هذا الرّجل ، ويا هذه المرأة.

وذلك لأنّ تابع (أيّ) هو المقصود بالنّداء (٢).

ويجوز حذف حرف النّداء ، إذا كان «يا» دون غيرها. وهو كثير قبل العلم ، والمضاف ، وأيّ ، نحو : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) [يوسف : ٢٩] ورجال الفضل

__________________

(١) إذا كان التابع متصلا بضمير المنادى كما في المثال الأخير جاز أن يكون للغيبة باعتبار الأصل ، وهو كون المنادى اسما ظاهرا ، وللحضور باعتبار الحال ، وهو كونهم مخاطبين بالنداء ، فيقال : يا زيد نفسه ، أو نفسك ، وقس عليه.

(٢) اسم الإشارة لا يوصف إلا بما فيه «أل» ولا توصف «أي» في باب النداء إلا بما فيه أل أو باسم الإشارة فيجوز أن يقال : يا أيها ذا الرجل.

تنبيه : إذا كان المنادى مفردا علما موصوفا بابن ولا فاصل بينهما والابن مضاف إلى علم جاز في المنادى وجهان : الضم على الأصل ، والفتح على اعتبار كلمة ابن زائدة ، والعلم الأول مضافا إلى الثاني ، نحو : يا يوسف أو يوسف بن داود والفتح أولى. أما إذا لم تكن لفظة ابن مضافة إلى علم ، أي لم تقع بين علمين ، فيجب ضم المنادى فقط نحو : يا يوسف ابن أخينا.

واعلم أن الضمة التي على آخر التابع ليست في الصحيح علامة لرفعه فإنّ متبوعه ليس معربا بل مبنيا ، وإنما أوتي بها لقصد المشاكلة بين التابع ومتبوعه.

واعلم أيضا أنه إذا كان المنادى مضافا أو شبيها تكون توابعه كلها منصوبة سواء كانت التوابع مفردة ، أو غير مفردة.

١٩٩

أصغوا إليّ ، وأيها التّلاميذ اجتهدوا وقليل في ما سوى ذلك.

وقد يحذف المنادى بعد «يا» ، نحو : يا ليتني كنت عالما ، ونحو : يا نصر الله من ينصر المظلوم ، أي : يا قوم.

المبحث العشرون : في المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم.

إذا كان المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم اسما صحيح الآخر فالأكثر فيه حذف ياء المتكلّم ، والاكتفاء بالكسرة الّتي قبلها ، نحو : يا ربّ ، ويجوز ثبوتها ساكنة أو مفتوحة فتقول : يا ربّي ويا ربّي ، ويجوز قلب الكسرة فتحة والياء ألفا ، فتقول : «يا ربّا» ويجوز حذف الألف مع بقاء الفتحة ، نحو : يا ربّ.

وإذا كان المضاف إلى الياء معتلّ الآخر وجب إثبات الياء مفتوحة لا غير ، نحو : «يا فتاي ويا مولاي».

وإذا كان المضاف إليها صفة صحيحة الآخر (١) ، وجب إثبات الياء ساكنة ، أو مفتوحة ، نحو : «يا مكرمي. ويا مكرمي».

المبحث الحادي والعشرون : في ترخيم المنادى

التّرخيم : هو حذف آخر المنادى تخفيفا ، فيقال له المنادى المرخّم وذلك في موضعين :

أوّلا : في ما كان مختوما بتاء التّأنيث علما ، كان أم غير علم. نحو : «يا فاطم ،

__________________

(١) المراد بالصفة هنا اسم الفاعل ، واسم المفعول ، وصيغ المبالغة.

ولفظ أب وأم يجوز فيهما ما يجوز في المنادى الصحيح الآخر ويجوز فيهما زيادة على ذلك حذف ياء المتكلم والتعويض عنهما بتاء مكسورة أو مفتوحة ، نحو : يا أبت ، يا أبت ، يا أمت ، يا أمت ولا يجوز يا أبتي ولا يا أمتي ، لعدم جواز الجمع بين العوض والمعوض.

وكما يقال يا ابني بإثبات الياء وقلبها وحذفها ، يقال في : يا ابن أمي. ويا ابن عمي : يا ابن أمّ ويا ابن عمّ ، ويا ابن أم ويا ابن عم بحذف الياء والاجتزاء عنهما بفتحة أو كسرة. أما الفتحة فللتركيب المزجي ، وأما الكسرة فللاكتفاء بها عن الياء.

٢٠٠