القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

السيّد أحمد الهاشمي

القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

المؤلف:

السيّد أحمد الهاشمي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة المعارف للطباعة والنشر
الطبعة: ٣
ISBN: 9953-434-08-5
الصفحات: ٣٠٣

٢ ـ اسم المصدر ، نحو : تكلّم كلاما أو كلاما جميلا.

٣ ـ المصدر المشارك له في اللّفظ دون الصّيغة ، نحو : اصطبرت صبرا.

٤ ـ صفته ، نحو : سرت أحسن السّير. ومثله هيئته ووقته.

٥ ـ ضميره العائد إليه ، نحو : اجتهدت اجتهادا لم يجتهده غيري وجاملتك مجاملة لا أجاملها أحدا ، وأحبّ المجتهد محبّة لا أحبّها لغيره.

٦ ـ ما يدلّ على عدده ، نحو : ضربته ثلاث ضربات.

٧ ـ ما يدلّ على نوعه ، نحو : قعد القرفصاء ولا تخبط خبط عشواء.

٨ ـ ما يدلّ على آلته ، نحو : ضربته عصا.

٩ ـ أيّ ، وما الاستفهاميّتان ، نحو : أيّ عيش تعيش؟ وما أكرمت ضيفك؟ أي ، أيّ إكرام أكرمت ضيفك.

١٠ ـ أي ، وما ، ومهما الشّرطيّات ، نحو : أيّ سير تسر أسر ، وما تجلس أجلس ، ومهما تقف أقف.

١١ ـ اسم الإشارة مشارا به إلى المصدر ، نحو : ضربته ذلك الضّرب.

١٢ ـ لفظ : كلّ ، وبعض ، وأيّ الكماليّة مضافات إلى المصادر نحو : (تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) [النساء : ١٢٩] وسعيت بض السّعي ، وقاتل أيّ قتال (١) وينصب كلّ واحد ممّا ذكر على أنّه نائب عن المفعول المطلق.

ويعمل في المفعول المطلق أحد ثلاثة عوامل (٢).

الفعل التّام المتصرّف ، نحو : اجتهدت اجتهادا.

والصّفة المشتقّة منه الدّالة على الحدوث ، نحو : أخوك مجتهد اجتهادا عظيما.

__________________

(١) تسمى «أي» هذه بالكمالية لأنها تدل على معنى الكمال ، فمعنى قولنا زيد رجل أي رجل : أنه كامل في صفات الرجال. وهي لا تستعمل إلا مضافة وتطابق موصوفها في التذكير والتأنيث فقط ، ولا تطابقه في غيرهما. واعلم أن لفظة كل وبعض ينوبان عن المصدر (المبيّن) فقط ، ومنه نحو : ضربته يسير الضرب.

(٢) لا يجوز أن يكون عامل المفعول المطلق فعلا جامدا أو ناقصا فلا يقال : ما أحسن زيدا حسنا ، ولا كنت في المنزل كونا ولا يجوز أن يكون دالا على الثبوت كالصفة المشبهة فلا يقال. زيد كريم كرما.

١٦١

ومصدره بشرط أن يكون مماثلا للمفعول المطلق لفظا ومعنى. يحذف عامل المفعول المطلق وجوبا في خمسة مواضع :

١ ـ في المصدر الواقع بدلا من فعله. وهو كثير الاستعمال ، ويقع في الطّلب (قياسا) سواء كان أمرا ، نحو : صبرا على حوادث الزّمان ، أو نهيا ، نحو : صبرا لا جزعا ، أو دعاء ، نحو : سقيا لك ورعيا ، أو استفهاما للتّوبيخ ، أو التّوجّع ، نحو : أجرأة على المعاصي؟ وأتصابيا وقد علاك المشيب؟ وأسجنا وقتلا واشتياقا وغربة؟

أمّا في الكلام الخبري فذلك محصور في مصادر مسموعة دالّ على عاملها قرينة مع كثرة استعمالها حتّى جرت مجرى الأمثال ، نحو : سمعا وطاعة ، وعجبا ، وسبحان الله ، ومعاذ الله ، وسحقا له وبعدا. وبعض هذه المصادر سمعت مثنّاة (١) ، نحو : لبّيك ، وسعديك ، وحنانيك ، ودواليك ، وحذاريك.

٢ ـ في المصدر الواقع فعله خبرا عن اسم عين بشرط أن يكون مكرّرا ، نحو : أنت فهما فهما ، أو محصورا فيه ، نحو : ما أنت إلّا أدبا ، وإنما أنت تربية الأمراء ، أو معطوفا عليه ، نحو : الأسعار صعودا وهبوطا فإن لم يكن المخبر عنه اسم عين بل اسم معنى وجب رفعه على الخبريّة ، نحو : أمرك عجب عجب.

٣ ـ في المصدر الواقع بعد جملة لغرض التشبيه ، وتكون تلك الجملة مشتملة على فاعله وعلى معناه ، وليس فيها ما يصلح للعمل ، نحو : لك قفز قفز الغزلان ، ولي سعي سعي المخلصين.

٤ ـ في المصدر المؤكد لمضمون الجملة قبله ، سواء جيء به لمجرّد التّأكيد ، نحو : نادى سليم جهرا.

أو لمنع احتمال المجاز ، نحو : هذا أخي حقا ولا أفعل كذا ألبتّة.

٥ ـ في المصدر الواقع تفصيلا لمجمل قبله طلبا كان أو خبرا ، نحو : لأجاهدنّ فإمّا فوزا وإما هلاكا (٢).

__________________

(١) إن هذه المصادر المثناة إنما يراد بتثنيتها التكثير لا حقيقة التثنية. فمعنى لبيك وسعديك إجابة بعد إجابة ، وإسعادا بعد إسعاد ، أي : كلما دعوتني أجبتك وأسعدتك ، ومعنى «حنانيك» تحنّنا بعد تحنّن ، ومعنى دواليك مداولة بعد مداولة.

(٢) ما يراد به مجرد التأكيد يسمّى المؤكد لنفسه ، وهو الواقع بعد جملة هي نصّ في معناه ،

١٦٢

تمرين

ميّز بين المفعول المطلق ، ونائبه فيما يأتي :

إن الخطيب قد وعظ القوم أفضل وعظ ، ووبّخهم على سوء سلوكهم تأنيبا.

إن هذا الرجل قد عمل أعمالا لم يعملها أحد من قبله. لا تقبض يدك كل القبض ولا تبسطها كل البسط. ودّع التلاميذ رفقاءهم المسافرين وداعا مؤثرا. لقد أبلى القائد بلاء حسنا في الحرب وانتصر على الأعداء انتصارا باهرا [الطويل] :

ولا تبن في الدّنيا بناء مؤمّل

خلودا فما حيّ عليها بخالد

رفقا بالضعفاء وعطفا على ذوي البأساء. عشت في تلك المدينة عيشة هنيئة. طعن الفارس خصمه رمحا فصرعه. قدوما مباركا. جاهد في إحراز المجد جهاد الأبطال. حزنت لفراق هذا الصديق حزنا لا يوصف. قد آلمني البعد عنه ألما شديدا. سبحان الله. المريض لا أكلا ولا شربا. لا تقدم على الشر بتاتا (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧] النّاس في الدنيا بناء وهدما [الوافر] :

أضعت العمر عصيانا وجهلا

فمهلا أيها المغرور مهلا

[الطويل] :

أسجنا وقتلا واشتياقا وغربة

ونأي حبيب إنّ ذا لعظيم

١ ـ نموذج إعراب قول الشاعر

[الكامل] :

أبقى الممالك ما المعارف أسّه

والعلم فيه حائط ودعام

__________________

كما في : نادى زيد جهرا ؛ لأنّ النداء نصّ في الجهر ، لا يحتمل غيره فيكون المصدر كأنّه نفس الجملة ، وما يراد به منع احتمال المجاز يسمّى المؤكد لغيره ، وهو الواقع بعد جملة تحتمل غيره فتصير به نصا ، فإن قولك : هذا أخي يحتمل أنك أردت الأخوة المجازية أي الصداقة ، فقولك حقا رفع هذا الاحتمال.

١٦٣

الكلمة

إعرابها

أبقى

خبر مقدم مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.

الممالك

مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة

ما

ما اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر.

المعارف

المعارف مبتدأ ثان بالضمة.

أسّه

أس خبر المبتدأ الثاني مرفوع بالضمة. والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر. والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول

والعلم

الواو حرف عطف. العلم مبتدأ مرفوع بالضمة.

فيه

في حرف جر ، والهاء ضمير مبني على الكسر في محل جر ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من العلم أو من حائط ودعام

حائط

خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.

ودعام

الواو حرف عطف. دعام معطوف على حائط مرفوع بالضمة الظاهرة.

٢ ـ نموذج إعراب الأمثلة الآتية

حمدا لله على نعمائه وشكرا له على آلائه. يحبّ العاقل وطنه كل الحبّ.

الكلمة

إعرابها

حمدا

مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف تقديره أحمد حمدا الله.

لله

جار ومجرور متعلقان بالمصدر قبله.

على نعمائه

جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من لفظ الجلالة.

وشكرا

مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره أشكر شكرا ، معطوف على حمدا.

١٦٤

الكلمة

إعرابها

له

جار ومجرور متعلقان بالمصدر قبله.

على آلائه

جار ومجرور متعلقان بالمصدر أيضا قبله.

يحب

فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم.

العاقل

فاعل ليحب مرفوع بالضمة الظاهرة.

وطنه

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. ووطن مضاف والهاء مضاف إليه.

كل

نائب عن المفعول المطلق منصوب ، وهو مضاف.

الحب

مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو المفعول المطلق؟ ما الذي ينوب عن المفعول المطلق؟ كم قسما المفعول المطلق؟ ما هو العامل الذي يعمل فيه؟ وما ذا يشترط فيه؟ ومتى يحذف؟

اذكر عامل المفعول المطلق في الأمثلة الآتية :

سبحان الذي هدانا صراطا سويا ـ هينئا مريئا ـ يمشي مشية المختال [البسيط] :

لأجهدن فإمّا دفع واقعة

تخشى وإمّا بلوغ السؤل والأمل

[الكامل] :

سقيا لأيام مضت مع جيرة

كانت ليالينا بهم أفراحا

فلان معروف معرفة تامّة. هذا يحدث كثيرا ولا يضرّ مطلقا [البسيط] :

مهلا بني عمّنا عن نحت أثلتنا

سيروا رويدا كما كنتم تسيرونا

المبحث الثالث : في المفعول فيه

المفعول فيه (ويسمّى الظّرف) اسم يذكر لبيان زمان الفعل أو مكانه على تقدير

١٦٥

معنى «في» (١) ، نحو : سافر ليلا ، ومشى ميلا.

والظّرف قسمان : ظرف زمان ، وظرف مكان (٢) وكلّ منهما إمّا مبهم ، أو محدود (٣) ، ويقال له (مختصّ) أيضا.

وإمّا متصرّف ، أو غير متصرّف.

فالمبهم من ظروف الزّمان : ما دلّ على قدر من الزّمان غير معيّن ، نحو : حين ، ووقت ، ولحظة.

والمحدود (أو المختصّ) من ظروف الزّما ما دلّ على وقت مقدّر معيّن ، نحو يوم ، وساعة ، وشهر ، وسنة.

وكلاهما يصلحان للنّصب على الظرفيّة ، فتقول : صمت حينا وسافرت يوم الإثنين.

__________________

(١) إذا لم يتضمن اسم الزمان أو المكان معنى في لا يكون ظرفا بل يكون كسائر الأسماء حسب ما يطلبه العامل. فقد يأتي مبتدأ وخبرا ، نحو : يوم قدومك يوم مبارك ، وفاعلا ، نحو : جاء يوم الأحد ، وغير ذلك.

وإذا كان الظرف لا يقبل تقدير في كاذ وحيث أوّل بما يقابله كحين ومكان. وإذا أضمر للظرف وجب ذكر الحرف مع ضميره نحو : يوم الجمعة صمت فيه.

(٢) من ظروف الزمان : ساعة ، ويوما ، وليلة ، وغدوة ، وبكرة ، وعتمة ، وظهيرة ، وصباحا ، ومساء ، وأبدا ، وأمدا ، وحينا ، وعاما ، ووقتا ، وشهرا ، ودهرا ، وسحرا ، وغدا ، وأسبوعا ، ومتى وأيّان (وإذ) وهي للزمن الماضي (وإذا) وهي للزمان المستقبل.

ومن ظروف المكان المبهمة أسماء المقادير ، نحو : ميل ، وفرسخ ، وبريد ، واسم المكان المشتق ، نحو : جلست مجلس الخطيب. وأسماء الجهات الست وهي : فوق ، وتحت.

وأمام ، وخلف ، ويمين ، وشمال.

ويستثنى من قاعدة : كل الظروف صالحة للنصب على الظرفية إلا المختص من أسماء المكان فإنّه يجرّ بفي ألفاظ منها : جانب ، وجهة ، وكنف ، وخارج ، وداخل وجوف. قال سيبويه : لا يقال : زيد جانب بكر ، وكنفه ، بل في جانبه أو إلى جانبه وفي كنفه ، كما لا يقال : سليم خارج الدار ، بل من خارجها ، ولا داخل البيت ، وجوفه بل في داخله ، وفي جوفه. واعلم أن من ظروف المكان. عند ، ومع ، وإزاء ، وحذاء ، وتلقاء ، وثمّ ، وهنا ، وما أشبه ذلك.

(٣) المختص : ما يقع جوابا (لمتى). والمعدود : ما يقع جوابا (لكم) الاستفهامية. والمبهم) ما لا يقع جوابا لشيء منهما.

١٦٦

والمبهم من ظروف المكان ما دلّ على مكان غير معيّن البقعة ، أو هو ما ليس له صورة ولا حدود محصورة ، كالجهات السّت : أمام (ومثلها قدّام) ، ووراء (ومثلها خلف) ، ويمين ويسار (ومثلهما شمال) وفوق وتحت.

وكأسماء المقادير المكانيّة ، نحو : ميل ، وفرسخ ، وبريد.

والمحدود من ظروف المكان (أو المختصّ) ما دلّ على مكان معيّن البقعة ، أو هو ما له صورة وحدود محصورة كدار ومدرسة ومعبد.

ولا ينصب من ظروف المكان إلّا ما كان منها مبهما متضمّنا معنى في ، نحو : سرت فرسخا ، وما كان منها مشتقا ، سواء أكان مبهما ، أو محدودا ، بشرط أن يكون عامله من لفظه ، نحو : حللت محلّ الرّئيس (١).

المبحث الرابع : في الظّرف المتصرف وغيره

الظّرف المتصرّف : ما يستعمل ظرفا ، وغير ظرف ، نحو : يوم وشهر ، وأسبوع فهي تستعمل ظرفا كقولك : صمت يوما ، وغبت شهرا وتستعمل غير ظرف كقولك : سرّني يوم قدومك ، والشّهر ثلاثون يوما.

والظّرف غير المتصرّف : هو ما لا يخرج عن الظّرفيّة أصلا مثل «قطّ» أو ما لا يخرج عنها إلى حالة تشبهها وهي الجرّ بالحرف ، مثل : «عند» (٢) وينوب عن الظّرف

__________________

(١) إذا لم يكن عامله من لفظه تعيّن جره بالحرف ، نحو : وقفت في مجلس الأمير ، ولا يقال : وقفت مجلسه.

على أنه قد شذّ قولهم : هو منّي معقد الإزار ، ومنزلة الشّغاف ، ومقعد القابلة ، وكذا : هو عنّي مناط الثّريا ، ومزجر الكلب ، أي هو بعيد عن كذلك.

وظروف المكان المحدودة أو المختصة إذا كانت غير مشتقة يجب جرها «بفي» نحو : جلست في الدار ، وأقمت في المدرسة إلا إذا وقعت بعد دخل ونزل وسكن فانها كما يجوز جرّها يجوز نصبها ولا تذكر معها (في) لكثرة استعمالها توسعا. والمحققون يعتبرون ذلك من قبيل النصب بنزع الخافض.

(٢) «عند» يدخل عليها من حروف الجر «من» ومثلها : لدى ولدن وقبل وبعد ، وتجر فوق وتحت بمن وإلى ، وتجرّ متى بإلى وحتى ، وتجرّ أين وهنا وثم وحيث بمن وإلى ، وتجر

١٦٧

فينصب على أنّه مفعول فيه خمسة أشياء :

١ ـ المصدر الدّالّ على تعيين وقت ، أو مقدار ، نحو : سافرت طلوع الشّمس ، وجلست قرب الخطيب.

٢ ـ المضاف إلى الظّرف ممّا دلّ على كليّة ، أو جزئيّة ، نحو : مشيت كلّ الفرسخ ، وأراه بعض الأحيان.

٣ ـ الصّفة ، نحو : صمت قليلا.

٤ ـ اسم الإشارة ، نحو : سرت ذلك اليوم سيرا سريعا.

٥ ـ العدد المميّز للظّرف ، أو المضاف إليه ، نحو : مشيت ثلاثة أيام ، وسرت أربعين فرسخا.

والظّروف كلّها معربة إلّا ألفاظا محصورة منها جاءت مبنية بعضها من الظّروف المختصّة بالزّمان وهو : إذا ، ومتى ، وأيّان ، وإذ ، وأمس ، والآن ، ومذ ، ومنذ ، وقط (١) ، وعوض ، وبينا ، وبينما ، وريث ، وريثما ، وكيف (٢) ، وكيفما ، ولمّا.

__________________

الآن بمن وإلى ومذ ومنذ.

(١) قطّ : مبنية على الضم وهي لاستغراق ما مضى من الزمان ، وتستعمل بعد النفي. وعوض : هي للمستقبل ولا تستعمل إلا بعد النفي أو النهي.

وبينا ، وبينما : تقول بينا أنا جالس ، أو بينما أنا جالس حضر سليم. الأصل حضر سليم بين أثناء زمن جلوسي ، فالألف زائدة ، وكذا.

قبل وبعد : تبنى إذا لم تضف وتعرب معها.

لدن بمعنى عند إلا أن لدن تستعمل ظرفا للأعيان الحاضرة فقط ، فتقول هذا الكلام عندي حق. ولا تقول لدني ، كما لا تقول : لدني مال ، إلا إذا كان حاضرا واعلم أن عامل المفعول فيه (الفعل) كالأمثلة المذكورة ، أو ما يشبه الفعل ، نحو أنا صائم غدا ، كما سبق ذكره.

والأصل في المفعول فيه أن يتأخر عن عامله ، وقد يتقدم جوازا ، نحو : يوم الخميس صمت ، كما أنه يتقدّم وجوبا إذا كان له التّصدّر ، نحو : أين توجهت ومتى سافرت ، وكم يوما سرت.

والأصل في عامله أن يكون مذكورا ، وقد يحذف إذا دلت عليه قرينة ، نحو : يوم السبت جوابا لمن قال : أي يوم سافرت.

(٢) اختلف في كيف بين إثبات الظرفية لها ونفيها عنها والأرجح أنها ليست بظرف.

١٦٨

وبعضها من الظّروف المختصّة بالمكان ، وهي : حيث ، وهنا ، وثمّ ، وأين.

وبعضها ممّا قطع عن الإضافة لفظا من أسماء الجهات السّت وقبل ، وبعد.

وبعضها ممّا يشترك بين الزمان والمكان وهو : أنّى ، ولدى ، ولدن ويلحق بالظروف المبنيّة ما ركّب من ظروف الزّمان ، نحو : أفعل هذا صباح مساء وليل ليل ، ويوم يوم ، ونهار نهار.

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو المفعول فيه؟ كم قسما الظرف؟ ما هو المبهم؟ وما هو المحدود من ظروف الزمان وأيهما يصلح للظرفية؟ ما هو المبهم وما هو المحدود من ظروف المكان ، وأيهما يصلح للظرفية؟ ما هو الظرف المتصرف وما هو غير المتصرف؟ ما الذي ينوب عن الظرف؟ ما هي الظروف المبنية؟

نموذج إعراب قول الشاعر

[الكامل] :

وإذا أراد الله أمرا لم تجد

لقضائه ردّا ولا تبديلا

الكلمة

إعرابها

وإذا

الواو حرف بحسب ما قبله. إذا ظرف للزمان المستقبل مبني على السكون في محل نصب.

أراد الله

أراد فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. الله فاعل مرفوع بالضمة. والجملة من الفعل والفاعل في محل جر بإضافة إذا إليها.

أمرا

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.

لم تجد

لم حرف نفي وجزم وقلب. تجد فعل مضارع مجزوم بالسكون والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت.

لقضائه

لقضاء جار ومجرور متعلقان بمحذوف مفعول به ثان مقدم لتجد والهاء في محل جر بالإضافة.

١٦٩

الكلمة

إعرابها

ردا

مفعول به أول منصوب بالفتحة الظاهرة.

ولا تبديلا

الواو حرف عطف ، لا نافية حرف. تبديلا معطوف على المفعول الأول قبله منصوب بالفتحة الظاهرة.

المبحث الخامس : في المفعول له أو لأجله

المفعول له : اسم يذكر لبيان سبب وقوع الفعل.

وعلامته وقوعه جوابا لمستفهم بلفظة (لم)؟

ويشترط لجواز نصب المفعول لأجله أن يكون مصدرا (١) قلبيّا متّحدا مع فعله في الزّمان ، والفاعل ، ومخالفا له في اللّفظ ، نحو : اجتهدت رغبة في التّقدّم ، وأنا قادم طلبا للعلم.

والمصدر المستوفي شروط نصب المفعول لأجله ، له ثلاث أحوال : لأنه : إمّا مجرّد من أل والإضافة ، أو مقرون بأل ، أو مضاف.

فإن كان الأوّل : فيكثر نصبه ، ويقلّ جرّه بحرف تعليل ، نحو : نصحتك رغبة في

__________________

(١) المراد بالمصدر القلبي ما كان مصدرا لفعل من أفعال القلب وهي التي منشأها الحواس الباطنة كالحب ، والبغض ، والخوف ، والحياء ، وما أشبه ، ولا يشترط في المصدر أن يكون قلبيا إلا إذا كان حاصلا كما رأيت في المثال. أما إذا كان غير حاصل فيكون الباعث على وقوعه تحصيله كما في نحو : ضربته تأديبا له ، وفي مثل هذه الحالة لا يلزم أن يكون قلبيا. وإذا فات المفعول له حكم من أحكامه المذكورة فإنه يمتنع نصبه ، ويلزم جرّه كما إذا لم يكن مصدرا نحو : جئت للماء ، أو كان مصدرا غير قلبي نحو : قصدت المدرسة للدرس أو غير مشارك للفعل في الفاعل ، نحو : زرتك لحبّك إيّاي ، أو غير مشارك له في الزمان نحو : زرته اليوم لإكرامه لي أمس أو غير مخالف له في اللفظ نحو أهنت العبد لإهانة مولاه.

أما حرف التعليل الذي يجر به فهو يشمل (اللام) كما في الأمثلة (والباء) ، نحو : قتل اللص بذنبه و (من) ، نحو : ذبت من الشوق و (في) ، نحو : قتل كليب في ناقة أي بسببها.

١٧٠

مصلحتك ، أو لرغبة فيها ، وكقول الشاعر [الرجز] :

من أمّكم لرغبة فيكم جبر

ومن تكونوا ناصريه ينتصر

وإن كان الثاني :

فالأكثر جرّه بحرف تعليل نحو : نصحتك للرّغبة في مصلحتك ويجوز نصبه على قلّة كقول الشاعر [الرجز] :

لا أقعد الجبن عن الهيجاء

ولو توالت زمر الأعداء

وإن كان الثالث : جاز فيه النّصب والجرّ على السّواء ، نحو : هربت خوف القتل أو لخوفه ، وتصدّقت ابتغاء مرضاة الله ، أو لابتغاء.

نموذج إعراب

[الكامل] :

وأحبّ آفاق البلاد إلى الفتى

أرض ينال بها كريم المطلب

الكلمة

إعرابها

وأحب آفاق البلاد

وأحبّ الواو حرف بحسب ما قبله. أحب مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف آفاق مضاف إليه مجرور بالكسرة. آفاق مضاف والبلاد مضاف إليه مجرور بالكسرة.

إلى الفتى

إلى حرف جر. الفتى مجرور بكسرة مقدرة على الألف للتعذر والجار والمجرور متعلقان بأحب.

أرض

خبر مبتدأ مرفوع بالضمة.

ينال بها

فعل مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل مستتر جوازا تقديره هو بها : جار ومجرور متعلقان بينال. والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع صفة لأرض.

كريم المطلب :

كريم مفعول به منصوب بالفتحة. المطلب مضاف إليه مجرور بالكسرة.

١٧١

المبحث السادس : في المفعول معه

المفعول معه : اسم يقع بعد واو بمعنى «مع» ليدلّ على ما وقع الفعل بمصاحبته ، نحو : سرت والنّهر أي مع النّهر ، ونحو : أنا سائر والنّيل أي مع النيل.

ويشترط في نصب ما بعد الواو على أنّه مفعول معه ثلاثة شروط :

١ ـ أن يكون الاسم الواقع بعد الواو فضلة (١) ليصحّ انعقاد الجملة بدونه.

٢ ـ أن يكون ما قبله جملة فيها فعل ، أو اسم فيه معنى الفعل وحروفه.

٣ ـ أن تكون (الواو) الّتي تسبقه نصّا في المعيّة.

والاسم الواقع بعد الواو يتعيّن نصبه على المعيّة في موضعين :

أ ـ إذا وجد ما يمنع العطف من جهة (المعنى) ، نحو : مشى التّلميذ والطّريق (٢).

ب ـ إذا وجد ما يمنع العطف من جهة (اللّفظ) ، نحو : سلّمت عليك وأباك ، وجئت وسليما (٣).

ويرجّح النّصب إذا كان العطف ضعيفا من جهة المعنى ، نحو : «لا تفرح بالبيع والخسارة» (٤).

__________________

(١) فإن لم يكن فضلة وجب أن يكون معطوفا على ما قبله ، نحو : تضارب زيد وعمرو ، فإن الجملة لا يصح انعقادها بدون ذكر عمرو ، لأن الفعل «تضارب» يدل على المشاركة ولا يصدر عن واحد. وإن لم يكن ما قبله جملة نحو : كل امرئ وعمله وجب أن يكون معطوفا على ما قبله ، فتكون «كل» مبتدأ والخبر محذوف تقديره مقترنان. وإن لم تكن الواو نصا في المعية بل كانت واوا للعطف ، نحو : جاء زيد وعمرو قبله أو كانت واو الحال نحو : جاء التلميذ وهو ضاحك لم يكن ما بعدها من هذا الباب.

(٢) يكون ذلك إذا كان ما قبل الواو فعلا أو شبه فعل لا يصلح أن يشترك فيه ما بعدها ، وذلك لأن العطف على نيّة تكرار العامل فإذا اعتبرنا الواو عاطفة كان المعنى : مشى التلميذ ومشى الطريق وهذا فاسد.

(٣) يكون ذلك إذا وقعت الواو إثر ضمير جر كما في المثال الأول فإن العطف عليه لا يصح بدون إعادة الجار ، فإذا أردته قلت : سلمت عليك وعلى أبيك ، ويكون أيضا إذا وقعت الواو إثر ضمير متصل كما في المثال الثاني فإنه لا يصح العطف عليه إلا بعد تأكيده بالضمير المنفصل ، فإذا أردته قلت : جئت أنا وسليم.

(٤) فإن المراد ليس النهي عن الأمرين ، بل عن الأول مجتمعا مع الثاني.

١٧٢

ويرجّح العطف متى أمكن بغير ضعف ، نحو : «سار الأمير والجيش».

ويتعيّن عطف الاسم الواقع بعد الواو إذا كان الفعل لا يقع إلّا من متعدّد ، نحو : اشترك سليم وخليل ، واختصم سعد وسعيد.

واعلم أنّ ناصب المفعول معه هو : ما تقدّمه من فعل ، أو شبهه. وقد يكون منصوبا بفعل مضمر وجوبا من مادّة (الكون) ، إذا وقع بعد ما ، وكيف الاستفهاميّتين ، نحو : ما أنت وصديقك وكيف أنت والامتحان ، والتّقدير : ما تكون وصديقك وكيف تكون والامتحان (١).

ولا يجوز أن يتقدّم المفعول معه على عامله ، فلا يقال : «والطّريق مشى سليم» ولا على مصاحبه ، فلا يقال : «مشى والطّريق سليم».

بين أنواع المفاعيل فيما يأتي

يدور القمر ثمانيا وعشرين مرّة كل شهر. ينخسف القمر إذا كانت الأرض بينه وبين الشمس. [الكامل] :

ومشيت مشية خاشع متواضع

لله لا تزهو ولا تتكبّر

اشترك موسى بن نصير وطارق بن زياد في فتح الأندلس [الطويل] :

إذا أنت لم تترك أخاك وزلّة

إذا زلّها أوشكتما أن تفرّقا

[الكامل] :

ولقد تمرّ على الغدير تخاله

والنّبت مرآة زهت بإطار

فوضت له الأمر ثقة بأمانته ، واعتمادا على عفّته ، وطمعا في مودّته [البسيط] :

خذ الأمور برفق واتّئد أبدا

إيّاك من عجل يدعو إلى وصب

[الوافر] :

وحلو العيش لا تقربه واصبر

وإن كان حميّا الصبر مرّه

رأى الإسكندر رجلا حسن الاسم قبيح السيرة ، فقال له : إمّا أن تغيّر اسمك أو

__________________

(١) ما وكيف : خبران لتكون المحذوفة. والضمير المنفصل بعد الحذف اسمها ، وكثير من النحويين يرفع ما بعد الواو عطفا على الضمير.

١٧٣

سيرتك [البسيط] :

إن كنت تطلب عزّا فادّرع تعبا

أو فارض بالذّل واختر راحة البدن

ما لك وطلب ما لا يعني. ولي عمرو بن العاص مصر مرتين. أوصيك إيصاء ناصح لك ألّا تظلم الناس شيئا ، وأن تباين أهل الشّر مباينة. مصر واقعة شمالي إفريقية ـ وبلاد الهند جنوبي آسيا. الأرض أثناء دورانها حول الشمس تارة تكون أسفل منها ، وطورا أعلى منها ، ومرة تكون بمساواتها [الطويل] :

هل الدهر إلّا ليلة ونهارها

وإلّا طلوع الشمس ثم غروبها

[الخفيف]

ليس يعطيك للرجاء ولا لل

خوف لكن يلذّ طعم العطاء

نموذج إعراب

[الوافر] :

فكونوا أنتم وبني أبيكم

مكان الكليتين من الطّحال

الكلمة

إعرابها

فكونوا

الفاء بحسب ما قبلها. وكونوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو اسمها مبني على السكون في محل رفع.

أنتم

توكيد للضمير (واو الجماعة) في كونوا.

وبني

الواو للمعية (بمعنى مع) وبني مفعول معه منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، وهو مضاف.

أبيكم

مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الخمسة.

مكان

ظرف متعلق بمحذوف خبر (كونوا) وهو مضاف.

الكليتين

مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى.

من الطحال

جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الكليتين.

١٧٤

المبحث السابع : في المستثنى

المستثنى : هو اسم يذكر بعد (إلّا) أو إحدى أخواتها ، مخالفا في الحكم لما قبلها : نفيا وإثباتا ، نحو : جاء الوفد إلّا سعدا والكلام على الاستثناء ينحصر فيما يأتي :

١ ـ المستثنى منه.

٢ ـ والمستثنى.

٣ ـ وأدوات الاستثناء.

فالمستثنى منه هو : الاسم الداخل في الحكم ، وتارة يكون مذكورا وطورا يكون ملحوظا ، ومرّة يتقدّم عليه نفي أو شبهه. ومرّة لا يتقدّم وأمّا المستثنى ، فهو المخرج من جنس المخرج منه. «بمنزلة المطروح والمطروح منه».

وأدوات الاستثناء هي : إلّا ، وغير ، وسوى ، وعدا ، وخلا وحاشا. وقد ألحقوا بها : لا سيّما ، وليس ، ولا يكون ، وبيد. والمستثنى قسمان : متّصل ، ومنقطع.

فالمتّصل : ما كان من جنس المستثنى منه ، نحو : تصدأ كلّ المعادن إلّا الذّهب والفضّة ، والمنقطع : ما ليس من جنس المستثنى منه ، نحو : جاء المسافرون إلّا كتابهم (١).

والمستثنى «بإلّا» له ثلاث حالات : وجوب النّصب ، وجواز النّصب والبدليّة ، ووجوب أن يكون على حسب ما يقتضيه العامل الذي قبل «إلّا».

الحالة الأولى وجوب النصب

يجب نصب المستثنى (بإلّا) في ثلاثة مواضع :

أوّلا : إذا كان المستثنى مؤخّرا في كلام تامّ موجب (٢) ، نحو : «قام القوم إلّا سليما».

__________________

(١) لا بدّ في المستثنى المنقطع من ارتباطه (معنى) بالمستثنى منه لملابسة بينهما فلا يقال : جاء القوم إلا الذئاب. ويجب أن يكون الفعل صالحا له فلا يقال : تكلم القوم إلا بعيرا.

والمستثنى المتّصل هو الأصل وهو الشائع في الاستعمال وأما المنقطع فهو نادر.

(٢) المراد بالكلام التام : ما كان المستثنى منه مذكورا فيه ، وبالموجب ما كان مثبتا غير منفي.

١٧٥

ثانيا : إذا تقدّم المستثنى على المستثنى منه في كلام تامّ موجب أو منفيّ ، نحو : «حضر إلّا خدمهم السّادة» ، وما جاء إلّا سليما أحد.

ثالثا : إذا كان الاستثناء منقطعا نحو : «جاء التّلاميذ إلّا كتبهم» ويستعمل في الاستثناء المنقطع (إلّا ، وغير) فقط.

الحالة الثانية : جواز النّصب والإتباع

يجوز في المستثنى «بإلّا» نصبه ، وجعله بدلا من المستثنى منه ، إذا وقع بعد المستثنى منه في كلام تامّ غير موجب ، نحو : ما جاء القوم إلّا سليما ، أو إلّا سليم (١).

الحالة الثالثة : إعرابه على حسب العوامل

يجب أن يكون المستثنى «بإلّا» على حسب ما يقتضيه العامل الّذي قبلها متى حذف المستثنى منه. فإنّ العامل الّذي قبلها يتفرّغ حينئذ للعمل في ما بعدها ، فتكون «إلّا» كأنّها لم تكن.

ولا يكون ذلك إلّا في كلام غير موجب ، ويقال له : (الاستثناء المفرّغ) نحو : ما جاء إلّا نجيب ، وما رأيت إلّأ نجيبا ، وما مررت إلّا بنجيب ، ولا يقع في السّوء إلّا فاعله ، ولا أتّبع إلّا الحقّ ؛ ولا يستعمل في المستثنى المفرّغ (أفعال الاستثناء). وناصب المستثنى «بإلّا» هو العامل الّذي قبلها (٢).

وحكم المستثنى بغير وسوى أن يجرّ المستثنى بإضافتهما إليه.

وأمّا حكم : غير وسوى فكحكم الإسم الواقع بعد إلّا في جميع أحواله الثّلاثة السّابقة ، فتقول : جاء القوم غير سليم بنصب غير ، وما جاء القوم غير أو غير سليم بالنّصب والإتباع على البدل ، وما جاء غير سليم بالرّفع ، وما رأيت غير سليم

__________________

(١) فنصب سليم على كونه مستثنى ، ورفعه على كونه بدلا من القوم وهو بدل بعض من كل.

والمراد بالكلام غير الموجب ما كان فيه نفي كما رأيت ، أو نهي نحو : لا يقم أحد إلا عمرو ، أو استفهام ، نحو : هل قام أحد إلا خالد؟

(٢) قد اختلف النحاة في هذه المسألة؟ والأرجح ما ذكرناه ، وأن «إلّا» ليست بعامل ، بل هي واسطة لتعدي العامل إلى ما بعدها كالواو في المفعول معه.

١٧٦

بالنّصب ، وما مررت بغير سليم وبالجرّ ، وذلك حسب العوامل في الاستثناء المفرغ.

والمستثنى ب : عدا ، وخلا ، وحاشا يجوز فيه النّصب والجرّ : فالنّصب على أنّها أفعال ماضية ، وما بعدها مفعول به ، والجرّ على أنّها أحرف جرّ شبيهة بالزّائدة لا متعلّق لها ، فتقول : جاء القوم خلا أو عدا أو حاشا سليما ، وخلا أو عدا أو حاشا سليم وإذا اقترنت بخلا ، وعدا «ما» المصدريّة ، تعيّن كونهما فعلين ، ووجب نصب ما بعدهما.

وأمّا (حاشا) فلا تسبقها «ما» (١) إلا نادرا كقول الشاعر [الوافر] :

رأيت الناس ما حاشا قريشا

فإنّا نحن أكرمهم فعال

وأمّا ليس ، ولا يكون فما بعدهما منصوب على أنه خبر لهما واسمهما ضمير مستتر وجوبا ، نحو : الدّروس تفيد التّلاميذ ليس أو لا يكون المهمل.

تنبيهان

الأول : لفظة «بيد» لا تستعمل إلّا في الاستثناء المنقطع وهي ملازمة النّصب على الاستثناء. ولا تضاف إلّا إلى المصدر المسبوك من أن وصلتها ، نحو : سليم غنيّ بيد أنّه بخيل.

الثّاني : قد تستعمل ليس ، ولا يكون بمعنى «إلّا» فيستثنى بهما. ويجب نصب المستثنى بهما لأنه خبر لهما ، نحو : جاء القوم ليس سليما أو لا يكون سليما كما سبق ذكره.

__________________

(١) إذا اعتبرت عدا وخلا وحاشا أفعالا كان فاعلها ضميرا مستترا فيها وجوبا على خلاف الأصل يعود على المستثنى منه ، والجملة إما حال من المستثنى منه وإما استئنافية.

وإذا سبقتها «ما» المصدرية فهي مؤولة بمصدر منصوب على الحال بعد تقديره باسم الفاعل. فإذا قلت : جاء القوم ما خلا سليما كان التقدير : جاء القوم خالين من سليم.

و «حاشا» تستعمل للاستثناء في ما ينزّه فيه المستثنى عن مشاركة المستثنى منه فتقول : تكاسل القوم حاشا سليم ولا تقول : صلّى القوم حاشا سليم لأن سليما يجوز تنزيهه عن مشاركة القوم في التكاسل ولا يجوز تنزيهه عن مشاركتهم في الصلاة. وقد تكون «حاشا» اسما بمعنى التنزيه فتنصب على أنها مفعول مطلق ويجوز حذف ألفها ، نحو : حاشا الله ، حاش الله والمعنى : أنزّه الله تنزيها.

وقد تكون فعلا متعديا متصرفا فتقول : حاشيت فلانا أحاشيه ولا تكون حينئذ من هذا الباب.

١٧٧

المبحث الثامن : لا سيما

الاسم الواقع بعد لا سيّما (١) إن كان نكرة جاز فيه :

أ ـ الرّفع على أنّه خبر لمبتدإ محذوف ، تقديره هو ، والجملة صلة ما إن جعلت اسما موصولا ، وصفتها إن جعلت نكرة موصوفة (٢).

ب ـ والنّصب على أنّه تمييز (لما) وتكون (ما) حينئذ نكرة تامّة مضافة إلى (سيّ) ، أو هي زائدة (٣).

ج ـ والجرّ بإضافة سيّ إليه ، وما زائدة ، نحو : أعجبني القوم ولا سيّما أمير ، أو أميرا ، أو أمير في مقدّمتهم.

وإن كان الواقع بعد (لا سيّما) (٤) معرفة جاز فيه الرّفع والجرّ فقط على الاعتبارين السّابقين ، نحو : أعجبني الشّعراء ولا سيّما أميرهم أو أميرهم شوقي.

هذا إذا لم يكن ما بعدها حالا ، أو شرطا ، أو ظرفا ، وإلّا تعيّنت زيادة «ما» على الأوّل ، وموصوليّتها على الثّاني ، والثالث. وتكون جملة الشّرط ومتعلّق الظّرف صلتها ، نحو : لا تحتقر أحدا ولا سيّما محتاجا ، أو : وهو محتاج ، وأحبّ تلاميذي ولا سيّما إن اجتهدوا وساعدوا الضّعفاء ولا سيّما عند الضّرورة.

__________________

(١) لا سيما : هي مركبة من لا النافية للجنس ، وسيّ بمنزلة (مثل) اسمها ، وهي لا تتعرّف بالإضافة ، و (ما) الموصولة ، أو النكرة الموصوفة ، أو التامة ، أو الزائدة الكافة ، أو غير الكافة ، وعلى كل حال فخبر لا محذوف تقديره موجود ، أو نحوه.

وهي لا تستعمل بدون الواو الاعتراضية إلا شذوذا. كقوله [الطويل] :

يسرّ الكريم الحمد لا سيّما لدى

شهادة من في خيره يتقلّب

(٢) أي مضافة إلى (سيّ) في الحالتين.

(٣) أي كافة (لسي) عن الإضافة في هذه الحالة ، وفيما إذا كان ما بعدها حالا وفتحتها في الحالتين فتحة بناء بخلافها في بقية الأحوال فهي معربة لإضافتها.

(٤) لا يجوز حذف لا ، وقولهم (سيما كذا) خطأ وجملتها لا محل لها من الإعراب لأنها اعتراضية ، إلا إذا كان ما بعدها حالا أو شرطا أو ظرفا فتكون في محل نصب على المفعولية المطلقة (لأخصّ) محذوفا وهو الدليل على جواب الشرط. وتستعمل (لا سيّما) لترجيح ما بعدها على ما قبلها. وقد أدخل بعض النحاة (لا سيّما) في هذا الباب مع أنها ليست منه لأنها تستعمل للدلالة على أن ما بعدها أدخل مما قبلها في الحكم المنسوب إليه على خلاف حكم الاستثناء.

١٧٨

تمرين

استخرج مما يأتي أنواع المستثنى وبيّن وجه إعرابه.

ما المرء إلا قلبه ولسانه. ليس للإنسان إلا ما مسعى. ليس بأوروبا ممالك لا تشرف على بحر غير سويسرة والصّرب. وكل ممالك أمريكا الجنوبية تشرف على البحار عدا اثنتين. كل شيء ما خلا الله باطل. لو كان لهذا العالم آلهة غير الله لا ختلّ نظامه وفسد. ما بين الهجرة وميلاد سيدنا عيسى إلا اثنتين وعشرين وستماية سنة. تفوّق جرير على شعراء زمانه خلا الأخطل والفرزدق [الكامل] :

وإذا تباع كريمة أو تشترى

فسواك بائعها وأنت المشتري

[البسيط] :

لكلّ داء دواء يستطبّ به

إلّا الحماقة أعيت من يداويها

[الكامل] :

وما لي إلا آل أحمد شيعة

وما لي إلّا مذهب الحق مذهب

أنا أفصح من نطق بالضاد (بيد) أني من قريش. كلّ زائل غير الذكر الحسن. لا يفوز باللّذات غير الجسور.

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو المستثنى؟ ما هي أدوات الاستثناء؟ كم قسما المستثنى؟ على كم حالة يكون المستثنى (بإلا)؟ متى يجب نصب المستثنى بإلا؟ متى يجوز في المستثنى (بإلا) النصب والإتباع؟ متى يكون المستثنى (بإلا) على حسب ما يقتضيه العامل الذي قبلها؟ ما الذي نصب الاسم الواقع بعد (إلّا)؟ ما هو حكم المستثنى بغير وسوى؟ ما هو حكم المستثنى بخلا وعدا وحاشا؟ ما حكم الاسم الواقع بعد ليس ولا يكون؟ ما هو حكم الاسم الواقع بعد (لا سيّما) وما حكم لفظة (بيد)؟

نموذج إعراب

[البسيط]

فانهض إلى صهوات المجد معتليا

فالباز لم يأو إلا عالي القلل

١٧٩

الكلمة

إعرابها

فانهض

الفاء حرف بحسب ما قبله. انهض فعل أمر مبني على السكون والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت.

إلى صهوات المجد

جار ومجرور متعلقان بانهض. صهوات مضاف والمجد مضاف إليه مجرور بالكسرة.

معتليا

حال من فاعل انهض منصوب بالفتحة.

فالباز

الفاء للتعليل حرف. الباز مبتدأ مرفوع بالضمة.

لم يأو

لم حرف نفي وجزم وقلب. يأو : فعل مضارع معتل مجزوم بحذف آخره والفاعل مستتر جوازا تقديره هو.

إلا

أداة استثناء ملغاة لا عمل لها حرف مبني على السكون لا محل له.

عالي

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.

القلل

مضاف إليه مجرور بالكسرة والجملة في محل رفع خبر (الباز).

المبحث التاسع : في الحال (١)

الحال وصف (٢) فضلة يبيّن هيئة صاحبه عند صدور الفعل نحو : أقبل سليم مستبشرا ، وانقل الخبر صحيحا.

__________________

(١) تطابق الحال صاحبها في التذكير ، والتأنيث ؛ وفي الإفراد ، والتثنية ، والجمع. وقد تتعدّد الحال ، نحو : (رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً).

(٢) المراد بالوصف : الاسم المشتق الدال على ذات متصفة بمصدره كما رأيت في المثال ، ويدخل فيه الجامد المؤول بالمشتق ، نحو : هجم عليّ أسدا ، أي شجاعا والمراد بالفضلة ما كان واقعا بعد تمام الكلام ، أي أنه يصح الاستغناء عنه من جهة تركيب الكلام ، لا من جهة المعنى ، إذ قد تجيء الحال غير مستغنى عنها من جهة المعنى ، نحو : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) (١٦) (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً).

١٨٠