القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

السيّد أحمد الهاشمي

القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

المؤلف:

السيّد أحمد الهاشمي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة المعارف للطباعة والنشر
الطبعة: ٣
ISBN: 9953-434-08-5
الصفحات: ٣٠٣

١ ـ إعمال المكرّرتين ، وبناء اسميهما على الفتح (وهو الأصل) فتقول : لا حول ولا قوّة إلّا بالله.

٢ ـ إلغاء المكرّرتين ورفع ما بعدهما ، إما بالابتداء ، وإمّا عاملتان عمل ليس ، فتقول : لا حول ولا قوة إلّا بالله.

٣ ـ إعمال الأولى وبناء ما يليها (١) ، وإلغاء الثّانية ورفع ما بعدها فتقول : لا حول ولا قوة إلّا بالله.

٤ ـ إلغاء الأولى ، ورفع ما يليها (٢) ، وإعمال الثّانية ، وبناء ما بعدها ، فتقول : (لا حول ولا قوّة إلّا بالله).

٥ ـ إعمال الأولى ، وبناء ما يليها ، وإلغاء الثّانية ونصب ما بعدها عطفا على محلّ الأولى (٣) ، فتقول : لا حول ولا قوّة إلّا بالله.

المبحث الثامن : في حكم نعت (٤) اسم (لا) المفرد ، والمضاف ، والمشبّه بالمضاف.

إذا نعت اسم (لا) المفرد بمفرد متّصل به جاز في النّعت بناؤه على (٥) الفتح

__________________

(١) فتكون (لا) الأولى عاملة ، والثانية ملغية. والمرفوع بعدها معطوف على محل الأولى قبل دخول (لا) باعتبار كونه مبتدأ قبل دخولها ، أو أعمال الثانية عمل (ليس).

(٢) فتكون (لا) الأولى ملغية ، أو عاملة عمل (ليس) وتكون (لا) الثانية عاملة عمل (إنّ).

(٣) فتكون (لا) الأولى عاملة عمل (إنّ) وتكون (لا) الثانية زائدة لتأكيد الأولى ، ويكون الاسم الثاني منونا منتصبا بالعطف على محل اسم (لا) الأولى. وهذا الوجه الخامس أضعف الوجوه.

واعلم أنه إذا كان المعطوف على اسم (لا) معرفة ، وجب رفع المعرفة سواء تكررت (لا) أو لم تتكرر ، نحو : لا رجل ولا زيد في الدار ، ولا رجل وزيد في الدار. وإن لم تتكرر لا ، وعطفت وجب فتح الأول وجاز في الثاني النصب عطفا على المحل والرفع عطفا على محل فالرواية بنصب ابن ويجوز رفعه.

(٤) اعلم أنه إذا نعت اسم (لا) وكان النعت والمنعوت مفردين ، ولم يفصل بينهما فاصل ، جاز في النعت ثلاثة أوجه : الفتح على اعتبار تركيبه مع المنعوت كتركيب خمسة عشر والنصب مراعاة لمحل اسم لا والرفع مراعاة لمحلها مع اسمها فإنّ محلهما رفع بالابتداء ؛ فإن انتفى شرط امتنع البناء على الفتح لعدم إمكانه ، وصحّ الوجهان الآخران.

(٥) أما الفتح فباعتبار أنه ركب مع الموصوف قبل دخول لا ، فصار معه كالاسم الواحد.

١٤١

كمنعوته ، وجاز فيه أيضا النّصب ، والرّفع فتقول : لا رجل ظريف ، أو ظريفا ، أو ظريف عندنا.

وإذا (فصل) النّعت امتنع بناؤه على الفتح كمنعوته ، وجاز فيه النّصب ، والرفع ، فتقول : لا رجل عندنا ظريفا ، أو ظريف.

وإذا نعت اسم (لا) المضاف ، أو المشبّه به ، جاز في النّعت النّصب ، والرّفع فقط سواء فصل النعت أو لم يفصل ، نحو : لا طالب علم متكاسلا ، أو متكاسل في المدرسة ، ولا صاحب علم في المدينة بارعا أو بارع ، ولا رجل قبيحا ، أو قبيح وجهه عندنا.

وإذا (فصل) النّعت امتنع بناؤه على الفتح كمنعوته ، وجاز فقط فيه النّصب ، والرفع ، فتقول : لا رجل عندنا ظريفا ، أو ظريف.

وإذا نعت اسم (لا) المضاف ، أو المشبّه به ، جاز في النّعت النّصب ، والرّفع فقط سواء فصل النعت أو لم يفصل ، نحو : لا طالب علم متكاسلا ، أو متكاسل في المدرسة ، ولا صاحب علم في المدينة بارعا أو بارع ، ولا رجل قبيحا ، أو قبيح وجهه عندنا.

المبحث التاسع : خبر لا النافية للجنس

يكثر حذف خبر (لا) إذا كان معلوما بأن دلّت عليه قرينة ، نحو : لا ضير ولا بأس ، أي عليك. وأكثر ما يحذفونه مع «إلّا» نحو : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) (أي لا إله موجود إلّا الله).

ويقلّ حذف الاسم مع بقاء الخبر كقولهم : لا عليك ، أي لا بأس أو لا جناح ، وإذا جهل خبر (لا) وجب ذكره كالأمثلة السّابقة.

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هي (لا) النافية للجنس؟ ماذا تعمل لا النافية للجنس؟ ماذا يشترط في عملها؟ كمن نوعا يكون اسم لا؟ ما هو حكم اسم لا؟ ما هو حكم (لا) إذا فصل بينها

١٤٢

وبين اسمها؟ إذا نعت اسم لا فما هو حكم النعت؟ هل يحذف اسم لا وخبرها؟ كم وجها يصح في اسم لا إذا تكررت بدون فاصل؟ ما حكم المعطوف على اسم لا؟

تمرين

بيّن اسم (لا) المفرد ، والمضاف ، والمشبه بالمضاف.

لا فقر أضر من الجهل. لا عاقبة محمودة للضالين. لا شفيقا بعباد الله مذموم. لا مال ولا بنين تشفع للمذنب. لا سيف ولا رمح في جانب العقل والرأي [البسيط] :

لا خيل عندك تهديها ولا مال

فليسعد النطق إن لم تسعد الحال

لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له. لا متشاركين في نافع محتقران [البسيط] :

فيم الإقامة بالزوراء لا سكني

بها ولا ناقتي فيها ولا جملي

لا ساعيا في الصلح مكروه. لا لغو ولا تأثيم فيها. لا متهاونين في أداء واجباتهم ممدوحون. لا هو حي يرجى ، ولا ميت فينعى. لا دفتري معي ولا قلمي [البسيط] :

لا خير في العيش ما دامت منّغصة

لذاته بادّكار الموت والهرم

[البسيط] :

إن الشباب الذي مجد عواقبه

فيه نلذّ ولا لذات للشيب

[الكامل] :

لا خير في حسن الجسوم ونبلها

إذا لم تزن حسن الجسوم عقول

[الطويل] :

ولا خير في حلم إذا لم تكن له

بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا

نموذج إعراب

لا سرور دائم. لا شاهد زور محبوب. لا فرقدين مفترقان. لا مؤمنين متخاصمون.

١٤٣

الكلمة

إعرابها

لا سرور

لا نافية للجنس. وسرور اسمها مبني على الفتح في محل نصب.

دائم

خبر لا مرفوع بالضمة الظاهرة

لا شاهد

لا نافية للجنس. وشاهد اسمها معرب منصوب لأنه مضاف.

زور محبوب

مضاف إليه مجرور ، ومحبوب خبر لا مرفوع بالضمة الظاهرة.

لا فرقدين

لا نافية للجنس ، وفرقدين اسمها مبني على الياء في محل نصب.

مفترقان

خبر لا ، مرفوع بالألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

لا مؤمنين

لا نافية للجنس ، ومؤمنين اسمها مبني على الياء في محل نصب.

متخاصمون

خبر لا مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

المبحث العاشر : ظنّ وأخواتها

ظنّ وأخواتها أفعال تدخل على الجملة الاسميّة ، فتنصب الجزأين : (المبتدأ والخبر) ، على أنّهما مفعولان لها.

وهي نوعان : أفعال قلوب (١) ، وأفعال تصيير (٢).

فأفعال القلوب ، منها : ما لا يتعدّى بنفسه ، نحو : فكّر ، وتفكّر ومنها : ما يتعدّى لواحد (٣) ، نحو : عرف ، وفهم ومنها : ما يتعدّى لاثنين ، وهو المراد هنا.

__________________

(١) إنما سميت : أفعال قلوب لأن معانيها من العلم والظّنّ والشّك قائمة بالقلب ومتعلّقة به ، من حيث إنها صادرة عنه ، لا عن الجوارح والأعضاء الظاهرة.

(٢) إنما سمّيت أفعال تصيير لدلالتها على تحويل الشيء من حالة إلى حالة أخرى.

(٣) المتعدّي إلى واحد كثير في اللغة العربية ، وعلامته أن تتصل به (هاء) ضمير المفعول به ، نحو : فهم ، وحفظ. تقول المسألة فهمتها ، وحفظتها.

وأمّا (اللازم) فهو ما لا ينصب المفعول به ، ومنه أفعال السجايا أي الطبائع كجبن وشجع.

ومنه أفعال الهيئات كطال وقصر. ومنه أفعال الألوان كاخضرّ واحمرّ. ومنه أفعال الفرح

١٤٤

وتنقسم أفعال القلوب المتعدّية إلى مفعولين باعتبار معناها إلى أربعة أقسام :

الأوّل : ما يفيد اليقين وتحقّق وقوع الخبر ، وهو أربعة أفعال :

١ ـ وجد ، نحو : وجدت الصّلاح سرّ النّجاح.

٢ ـ وألفى ، نحو : ألفيت الاجتهاد وسيلة للفلاح.

٣ ـ ودرى ، نحو : ما درى الناس استخدام قوّة الطّبيعة ممكنا إلّا أخيرا.

٤ ـ وتعلّم ، بمعنى اعلم ، نحو : تعلّم شفاء النّفس قهر عدوّها.

الثاني : ما يفيد ترجيح وقوع الخبر ، وهو خمسة أفعال :

١ ـ جعل ، نحو : جعلت الصّعب سهلا.

٢ ـ وحجا ، نحو : حجوت سليما صديقا.

٣ ـ وعدّ ، نحو : عددت الصّديق شريكا لي في الضيق.

٤ ـ وزعم ، نحو : زعمت عليّا شجاعا.

٥ ـ وهب ، نحو : هب الأيّام مسالمة.

الثالث : ما يدلّ على اليقين والرّجحان. ولكن الغالب فيه كونه لليقين ، وهو فعلان :

١ ـ رأى (١) ، نحو : رأيت تقدّم المرء موقوفا على حسن أخلاقه.

__________________

والحزن ، نحو : فرح وغضب. ومنه أفعال النظافة والوساخة ، نحو : نظف وقذر ـ وكذا إذا كان مطاوعا وأثرا للمتعدّي لواحد نحو : دحرجت الكرة فتدحرجت ، وكذا ما كان على وزن (إفعللّ) كاقشعرّ (وافعنلل) كاحرنجم ، أو كان محوّلا إلى (فعل) لإفادة المدح أو الذم ، كفهم التلميذ.

واعلم أن الفعل المتعدي هو : ما تجاوز حدوثه من الفاعل إلى المفعول به ، نحو : بريت القلم. واللازم هو : ما استقر حدوثه في نفس الفاعل واكتفى بفاعله ، ولا يتعدّاه ، نحو : أزهر النبات. والفعل المتعدي ، إما أن يصل إلى مفعوله مباشرة ، نحو : حفظت الدرس ، وإمّا بواسطة حرف الجر ، نحو : عدلت بك إلى الخير ، أي أملتك.

(١) إنّ أرى ، وأعلم الداخلة عليهما همزة التعدية تنصبان المبتدأ والخبر مفعولا ثانيا ومفعولا ثالثا لهما بعد استيفائهما فاعلهما ، ونصبهما مفعولا أول. فيجتمع لهما نصب ثلاثة مفاعيل ، نحو : أريت التلميذ العلم نافعا. وأعلمته الدرس مفيدا. ويكون للمفعولين الثاني والثالث من مفاعيل أرى وأعلم كل ما لمفعولي علم ورأى من الأحكام. فيعلق الفعل عنهما إذا

١٤٥

٢ ـ وعلم ، نحو : علمت الصّدق منجيا.

الرابع : ما يستعمل لليقين والرّجحان ، ولكن الغالب فيه كونه للرّجحان ، وهو ثلاثة أفعال :

١ ـ ظنّ ، نحو : ظننت الفرج قريبا.

٢ ـ وحسب ، نحو : حسبت المال نافعا.

٣ ـ وخال ، نحو : خلت الكتاب رفيقا.

وكلّها باعتبار لفظها تتصرّف تصرّفا ما عدا : (هب ، وتعلّم) فيلزمان الأمر ، نحو : هبني مسيئا فاعف عنّي.

وكلّ ما يشتقّ (١) من أفعال القلوب يعمل عمل ماضيها. وتختصّ أفعال القلوب ما عدا (تعلّم) بأنّه يجوز أن يكون فاعلها ومفعولها ضميرين متّصلين صاحبهما واحد ، نحو : وجدتني وحيدا أي وجدت نفسي ، وهذا لا يجوز في غيرها في الأفعال الّتي ليست من أفعال القلوب ، فلا يقال : ضربتني ، بل ، ضربت نفسي (٢).

المبحث الحادي عشر : في أفعال التّصيير والتّحويل ، وهي :

١ ـ جعل ، نحو : (فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) [الفرقان : ٢٣].

٢ ـ وردّ ، نحو : فردّ شعورهنّ السّود بيضا.

__________________

سبقهما ما له صدر الكلام ، نحو : أعلمت سليما لسعد حاضر ويجوز الإعمال والإلغاء في مثل : سليم أعلمت خليلا قائم.

وهناك خمسة أفعال ضمنت معنى (أعلم) وأجريت مجراها في العمل وهي : خبّر وأخبر ، ونبأ ، وأنبأ ، وحدّث ؛ ولم يسمع إعمالها عن العرب إلّا وهي بصيغة المجهول ، نحو : أنبئت سعدا زعيما.

(١) نحو أظنّ سعيدا صادقا. وأخطأت في ظنك سعدا كاذبا. وأنا ظانّ سليما صادقا ، وهلم جرّا.

(٢) على أنهم أجازوا هذا الاستعمال في : عدم ، وفقد لأنهما ضدّ (وجد) فحملوهما عليها حمل النقيض على النقيض.

١٤٦

٣ ـ وترك ، نحو : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) [الكهف : ٩٩].

٤ ـ واتّخذ ، نحو : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) [النساء : ١٢٥].

٥ ـ وتخذ ، نحو : تخذت سعدا صديقا.

٦ ـ وصيّر ، نحو : قوّة الحرارة تصيّر الماء بخارا.

٧ ـ ووهب ، نحو : وهبني الله فداءك ، أي : صيّرني.

وكلّ أفعال التّصيير والتّحويل تتصرّف ، (أي يأتي منها المضارع والأمر وغيرهما) ، ما عدا (وهب) التي هي من أفعال التّصيير ، فإنها ملازمة لصيغة الماضي.

وكلّ ما اشتقّ من أفعال التّصيير يعمل عمل ماضيها أيضا.

المبحث الثاني عشر : في الإعمال ، والإلغاء ، والتّعليق

فأمّا الإعمال ، فهو الأصل وذلك يكون في الجميع.

وأمّا الإلغاء ، فهو إبطال العمل لفظا ومحلّا في الجزأين ؛ وذلك لضعف العامل بتوسّطه بين الجزأين (١) ، نحو : الأمير ظننت مسافر ، أو لضعف العامل بتأخّره عنهما ، نحو : المدينة جميلة حسبت.

وإلغاء العامل المتأخّر أقوى من إعماله ، كما وأنّ إعمال العامل المتوسّط أقوى الكلام بعد هذه الأفعال. والموانع هي ما يأتي :

١ ـ (لا وإن) النّافيتان الواقعتان في جواب قسم ملفوظ به. أو مقدّر ، نحو : علمت والله لا سليم في المدرسة ولا خليل. وعلمت إن عليّ حاضر.

٢ ـ ما النّافية ، نحو : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) [الأنبياء : ٦٥].

٣ ـ لام الابتداء ، نحو : علمت لأخوك مجتهد.

٤ ـ لام القسم ، نحو : علمت لينصرنّ الله المؤمنين.

٥ ـ كم الخبريّة ، نحو : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) [يس : ٣١].

__________________

(١) بشرط عدم انتفاء الفعل وإلّا تعين الإعمال نحو : سليما حاضرا لم أظن.

وكذا يشترط كون العامل غير مصدر ، وعدم وجود لام الابتداء ، وإلّا وجب الإلغاء.

١٤٧

٦ ـ الاستفهام بالحرف ، نحو : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) [الأنبياء : ١٠٥] والاستفهام بالاسم ، نحو : (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً) [طه : ٧١].

٧ ـ لو ، نحو : علمت لو أنّني زرتك لأكرمتني.

٨ ـ لعلّ ، نحو : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ) [الأنبياء : ١١١].

تنبيهات

الأوّل : يجوز حذف المفعولين ، أو أحدهما اختصارا لدليل ، نحو : أين شركائى الذين كنتم تزعمون [الأنعام : ٢٢] ، أي تزعمونهم شركائي ونحو : قول الشاعر [الطويل] :

بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة

ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب

أي وتحسبه عارا عليّ :

وكقوله الشاعر [الكامل] :

ولقد نزلت فلا تظنّي غيره

منّي بمنزلة المحبّ المكرم

أي فلا تظنّي غيره واقعا.

ويجوز حذفهما اقتصارا لغير دليل ، نحو : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [البقرة : ٢١٦] أي يعلم الأشياء كائنة. ويمتنع حذف أحدهما اقتصارا وتحكى الجملة الفعليّة والاسميّة بعد القول.

وقد يسدّ مسدّ مفعول (أفعال الرّجحان واليقين) : أن ، أو ، أنّ ، وصلتهما : نحو : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (٣٦) [القيامة : ٣٦] ، ونحو : (يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [الكهف : ١٠٤].

الثاني : يجب الإعمال إن تقدّم العامل ولم يسبقه لفظ ، نحو : ظننت سليما مسافرا. فإن تقدّم العامل وسبقه لفظ ترجّح الإعمال نحو : متى ظننت عليّا مجتهدا.

الثالث : إنّ العامل الملغيّ لا عمل له قطعا ، والعامل المعلّق له عمل في المحلّ.

الرابع : لا يكون الإلغاء والتّعليق إلّا في أفعال الرّجحان واليقين ما عدا : هب وتعلّم من أفعال القلوب الجامدة.

١٤٨

الخامس : لا يدخل الإلغاء ولا التعليق في شيء من أفعال التّصيير والتّحويل.

السادس : جميع أفعال القلوب وما ألحق بها قد تكتفي بنصب المفعول الأوّل إذا كانت مستغنية عن المفعول الثّاني ، وحينئذ تعتبر كسائر الأفعال المتعدّية إلى واحد ، فتقول : علمت المسألة ، أي عرفتها. ونحو : وجدت الضّالّة ، أي لقيتها ـ الخ ... السابع : قد تخرج هذه الأفعال عن معانيها إلى معان أخر غير قلبية فلا تنصب المفعولين (١) ، نحو : ظننت خليلا ، أي اتّهمته. ورأيت الهلال أي نظرته ، وتركت الدّار ، أي هاجرتها ، وهكذا ...

الثامن : أشهر أسباب تعدي اللازم ولزوم المتعدي.

أسباب التعدي

الأمثلة

أسباب اللزوم

الأمثلة

١ ـ زيادة الهمزة

أخرجت الكتب

١ ـ مطاوعة المتعدي لواحد (والمطاوعة قبول أثر الفعل) (٢)

نحو دحرجت الكرة فتدحرجت

٢ ـ دلالته على المفاعلة

جالس المؤدّبين

٢ ـ إذا كان من باب كرم

كشرف محمد

وحسن

٣ ـ تضعيف ثانيه

عظّم الكبير

٣ ـ إذا كان من باب فرح ودل على لون وعيب أو حلية أو فرح أو حزن أو خلو أو امتلاء

كخضر وعمش وغيد وطرب ـ حزن ـ وصدي ـ وشبع

٤ ـ زيادة الهمزة والسين والتاء

استخرج العامل اللؤلؤ

٤ ـ إذا كان على زنة افعلل وافعنلل

كاطمأنّ ـ وافرنقع

__________________

(١) تكون (علم) بمعنى عرف و (ظنّ) بمعنى اتّهم و (رأى) بمعنى ذهب و (حجا) بمعنى قصد و (وجد) بمعنى حزن أو حقد.

١٤٩

أسباب التعدي

الأمثلة

أسباب اللزوم

الأمثلة

٥ ـ سقوط حرف الجر ولا يطرد مع أنّ ـ وأن (١)

شهدت أنك محق ، وعجبت أن جاء محمد إلى بيتك

٥ ـ إذا كان محولا إلى فعل للمدح أو الذم

كفهم محمّد أي ما أكثر فهمه

(١) إنّ طرف التّعدية لا تجتمع في كل فعل ، فلا يقال : (جلست بزيد) : أي أجلسته. ويندر اجتماعها في بعض الأفعال ، فيقال : (أرجعته ، ورجّعته ، ورجعت به».

(٢) إنه لا يمكن بناء أوزان مطاوعة من جميع الأفعال ، فلا يقال : ضربته فانضرب ، وقتلته فاقتتل.

وأوزان المطاوعة تدلّ : على ما يدلّ عليه المجهول ، فإنّ : (اجتمع ، وانزعج وتقطّع) مثلا هي بمعنى جمع ، وأزعج ، وقطّع.

١ ـ نموذج إعراب

[البسيط] :

إنّ العلاء حدّثتني وهي صادقة

فيما تحدّث أنّ العزّ في النّقل

الكلمة

إعرابها

إن العلا

إن حرف توكيد ونصب. العلا اسم إن منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

حدّثتني

حدث فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. والتاء للتأنيث حرف ، والفاعل مستتر جوازا تقديره هي. والنون للوقاية حرف ، والياء مفعول به مبني على السكون في محل نصب.

وجملة حدثتني في محل رفع خبر إن.

وهي صادقة

الواو للحال حرف. هي مبتدأ مبني على الفتح في محر رفع.

وصادقة خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. والجملة في محل نصب حال من فاعل حدثتني.

١٥٠

الكلمة

إعرابها

فيما

في حرف جر. ما اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل جر والجار والمجرور متعلقان بصادقة.

تحدث

فعل مضارع مرفوع بالضمة. والفاعل مستتر جوازا تقديره هي.

والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

أن العز

أن حرف توكيد ونصب. العز اسم أن منصوب بالفتحة.

في النقل

جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر أن ـ وأن واسمها وخبرها سدّت مسدّ مفعولي (حدث الثاني والثالث) (وأما الأول) فقد حذف لدلالة المقام عليه.

أسئلة يطلب أجوبتها

ما هي أفعال القلوب وما هو عملها؟ لم سميت أفعال قلوب؟ هل أفعال القلوب متصرفة؟ متى تعلق أفعال القلوب المتصرفة عن العمل؟ متى يجوز في أفعال القلوب المتصرفة الإعمال والإلغاء؟ هل تكتفي أفعال القلوب أحيانا بمفعول واحد؟ بأي شيء تختصّ أفعال القلوب؟ ما هو حكم أرى وأعلم؟ ما هي أحكام المفعولين الثاني والثالث من مفاعيل (أرى وأعلم)؟

٢ ـ نموذج إعراب

[البسيط] :

ما المجد زخرف أقوال لطالبه

لا يدرك المجد إلّا كلّ فعّال

الكلمة

إعرابها

ما المجد

ما نافية تعمل عمل ليس حرف. المجد اسمن ما مرفوع بالضمة.

زخرف أقوال

زخرف خبر ما منصوب بالفتحة. أقوال مضاف إليه مجرور بالكسرة.

١٥١

الكلمة

إعرابها

لطالبه

لطالب جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لأقوال. والهاء مضاف إليه مبني على الكسر في محل جر.

لا يدرك

لا حرف نفي. يدرك فعل مضارع مرفوع بالضمة.

المجد

مفعول به مقدم منصوب بالفتحة.

إلا كل

إلا أداة استثناء ملغاة. كل فاعل مرفوع بالضمة.

فعال

مضاف إليه مجرور بالكسرة.

المبحث الثالث عشر : في التنازع

التّنازع : أن يتقدّم عاملان على اسم يطلبه كلّ واحد منهما أن يكون معمولا له ، نحو : «قام وقعد سليم».

فيعمل الواحد منهما في الاسم الظّاهر ، والثّاني في ضميره (١) ثمّ إنّ العمل قد يكون رفعا ، نحو : «قام وذهب خليل» ، وقد يكون نصبا ، نحو : «زرت وحادثت عمرا ، وقد يكون جرا ، نحو : «آمنت واستعنت بالله» ، وقد يكون مختلفا ، نحو : «حادثني وحادثت سليما».

ويلزم أن يكون العاملان متصرّفين مختلفين لفظا ؛ فلا يكون التّنازع بين فعلين جامدين ، ولا حرفين ، ولا في معمول متقدّم ، ولا في متوسّط وكما يكون العاملان فعلين يكون شبه فعل ، نحو : أمتقن وحاذق أخوك مهنته. وقد يقع التنازع بين أكثر من عاملين ، وأكثر من معمول واحد. ولا يجوز تسلّط عاملين على معمول واحد ؛ بل يجب أن يختار أحدهما للعمل في الظاهر وحده ، ويهمل الآخر عن العمل فيه.

__________________

(١) لك أن تعلم في الاسم المذكور أيّ العاملين شئت ، فإن شئت أعملت الأول لسبقه ، وهو مذهب الكوفيين ، وإن شئت أعملت الثاني لقربه ، وهو مذهب البصريين ، واسم المطلوب لهما إمّا على طريق الفاعليّة لهما ، أو المفعولية لهما أو الأول على طريق الفاعلية ، والثاني على طريق المفعولية ، أو بالعكس.

١٥٢

فإذا أعملت العامل الأوّل في الاسم الظّاهر ، أعلمت الثّاني في ضميره ، مرفوعا كان أو غير مرفوع ، نحو : قام وقعدا أخواك وزرت فسرّا أخويك ، وحادثت فأفادني عمرا.

وإذا أعملت الثاني في الظّاهر ، أعملت الأوّل في ضميره ، إن كان مرفوعا ، نحو : درسا واستفاد التّلميذان ، واجتهدا فأكرمت التّلميذين ، وتكلّما فأثنيت على التّلميذين.

وإن كان ضيمره غير مرفوع ، حذفته ، نحو : سمعت فأفادني المعلّم. ولا يقال : «سمعته فأفادني المعلّم» (١).

تمرين

حيثما تجد العمل للعامل الأول في الأمثلة الآتية ، فاجعله للثاني ، وحيثما تجده للثاني ، فاجعله للأول :

أكرمت وأكرمني الصديق. زرت وأكرماني أخويك. قاطعوني ولم أقاطع الأصدقاء. وما زلت أذكر وأعظّم لهم الحسنة ، وأتناسى وأصغّر لهم السيئة. عند ما يؤم غريب مصر يجيء ويسلمون عليه سكانها. قام وخطب الإمام في القوم. الجاهل يحتقر ويمتهن الفضيلة. تعسا وبعدا للملحدين. اتّضح وكشف السرّ. أتعبني بل أعياني طول المسير. [الطويل] :

جفوني ولم أجف الأخلاء إنني

لغير جميل من خليلي مهمل

[الكامل] :

حلموا فما ساءت لهم شيم

سمحوا فما شحّت لهم منن

سلموا فلا زلّت لهم قدم

رشدوا فلا ضلّت لهم سنن

[البسيط] :

أرجو وأخشى وأدعو الله مبتغيا

عفوا وعافية في الروح والجسد

__________________

(١) إن ما ورد على خلاف ذلك بإظهار الضمير المنصوب فضرورة كقول الشاعر [الطويل] :

إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب

جهارا فكن في الغيب أحفظ للودّ

واعلم أنّه يتعيّن إعمال الأوّل إذا كان العاطف (لا) ، نحو : أهنت لا أكرمت الرجل ، ويتعيّن إعمال الثاني إذا كان العاطف (بل). نحو : ما أهنت بل أكرمت الرّجل.

١٥٣

المبحث الرابع عشر : في الاشتغال

الاشتغال هو : أن يتقدّم اسم على عامل من حقّه أن يعمل فيه لو لا اشتغاله عنه بالعمل في ضميره ، أو في اسم مضاف إلى ضمير ذلك الاسم ، نحو : كتابك قرأته ، والعاجز أخذت بيده ، والعمل أتقنته ، والصّديق امتثلت أمره ، والتّفاح أنا آكله.

ويسمّى الاسم المتقدّم مشغولا عنه (١).

ويسمّى الضّمير ـ أو المضاف إلى الضّمير مشغولا به.

وللاسم المتقدّم المشغول عنه خمس حالات.

وجوب النّصب ، ووجوب الرّفع ، وجواز الامرين ، وترجيح أحدهما فيجب نصب الاسم المشغول عنه إذا وقع بعد ما يختصّ بالأفعال كأدوات العرض ، والتّحضيض ، والشّرط ، والاستفهام (غير الهمزة) نحو : ألا عمرا تكرمه ، وهلّا العمل أتقنته ، وإن سليما لقيته فأكرمه ، وهل الكتاب قرأته؟

ويرجح نصب الاسم في المواضع الآتية :

أوّلا : إذا وقع الاسم المشتغل عنه قبل الفعل الطّلبي (٢) ، كالأمر نحو : أباك أكرمه ، والدّعاء ، نحو : عبدك اللهمّ ارحمه.

__________________

(١) فيجوز في الاسم السابق رفعه على أنه مبتدأ والجملة بعده خبر. ويجوز نصبه بتقدير عامل يوافق العامل المذكور في اللفظ والمعنى ، أو في المعنى فقط ، فيكون التقدير في المثال الأول : قرأت كتابك قرأته ، وفي المثال الثاني : ساعدت العاجز أخذت بيده ، وفي المثال الثالث : اتقنت العمل أتقنته.

ويجوز أن يشتغل العامل عن الاسم المتقدم بأجنبي متبوع بتابع مشتمل على ضمير المشغول عنه ، نحو : سليم أكرمت رجلا يحبه.

وعلم أن العامل المقدر لا يجوز التصريح به في اللفظ مطلقا ، وجملة الفعل المفسر لا محل لها من الإعراب.

ويجب أن يكون الاسم المتقدم على عامله مما يجوز الابتداء به ، فلا يقال : رجلا ضربته.

فائدة : إن الاشتغال بعد أدوات الاستفهام والشرط لا يقع إلا في الشعر ما عدا «إن» و «لو» و «لو لا» و «إذا» فيقع الاشتغال معها في النثر والنظم.

(٢) لا فرق في الطلب بين أن يكون بلفظ الإنشاء كما رأيت في المثالين ، أو بلفظ الخبر نحو : أخاك هداه الله.

١٥٤

والنّهي : نحو «الدّرس لا تهمله».

ثانيا : إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد أداة يغلب دخولها على الفعل كهمزة الاستفهام (١) وما ، ولا ، وإن النّافيات.

نحو : «أزيدا لقيته ، وما الكتاب قرأته».

ثالثا : إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد عاطف ملتصق به معطوفا على جملة فعلية مذكورة قبله ، نحو : «قام سليم وخليلا أكرمته» (٢).

ويجب رفع الاسم المشغول عنه في موضعين :

أولا : إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد ما يختصّ بالأسماء ، كإذا الفجائية ، نحو : خرجت فإذا الجوّ ملاه الغبار.

ثانيا : إذا وقع الإسم المشتغل عنه قبل ألفاظ لها صدر الكلام (كالاستفهام) ، نحو : قريبك هل تحبّه؟ (وما النّافية) ، نحو : الكسول ما أصاحبه.

وأدوات الشّرط ، نحو : أخوك إن رأيته فأقرئه السّلام : (والتّحضيض) ، نحو : اللّعب هلّا تركته. (والعرض) ، نحو : والداك ألا تكرمهما (ولام الابتداء) ، نحو : الأستاذ لهو معلّمه. (وكم الخبريّة) ، نحو : الفقير كم أعطيته. (والتّعجب) ، نحو : الصدق ما أحسنه!

وذلك لأنّ ما له صدر الكلام لا يعمل ما بعده فيما قبله ، وما لا يعمل لا يفسّر عاملا.

ويجوز رفع الاسم المشغول عنه ونصبه على السّواء ، إذا كان الاسم السّابق معطوفا على جملة ذات وجهين ، أي الّتي صدرها اسم وعجزها فعل ، نحو : سليم سافر ، وخليل ، أو خليلا أكرمته في داره فالنّصب نظرا لعجزها ، والرفع نظرا لصدرها.

__________________

(١) على أنه إذا فصل بين همزة الاستفهام والاسم المشتغل عنه بغير الظرف والمجرور ، فالمختار رفعه ، نحو : أأنت سعد تحبّه.

(٢) إنما يرجح النصب هنا لأنه أنسب لكونه من عطف جملة فعلية على مثلها. واشترط أن يكون العاطف ملتصقا بالاسم لأنه إذا لم يكن كذلك وكان مفصولا (بأمّا) ، نحو : قام عمرو وأمّا زيد فأجلسته ، ترجّح الرفع لأنّ الكلام بعد (أمّا) مستأنف مقطوع عما قبله.

١٥٥

واعلم أنه إذا لم يكن يوجب النصب (١) ولا ما يرجّحه ، ولا ما يوجب الرفع ، ولا ما يجيز الأمرين على السّواء ، يرجّح الرفع ، نحو : «الكتاب قرأته».

تمرين

بيّن الاسم المشتغل عنه في الجمل الآتية ، واذكر أمرفوع أم منصوب؟ أم يرجّح فيه أحد الأمرين؟ أم يجوزان فيه على السواء؟ [الرجز]

الحقّ قد تعلمه ثقيل

يأباه إلّا نفر قليل

إن العلم حصلته رفع شأنك. المحسن أكافئه على إحسانه والمسيء أعاقبه على إساءته. سبيل الشرف والمروءة لا تحيد عنه. كان العباس بن علي المنصور يأخذ الكأس بيده ويقول : أما المال فتبلعين ، وأما المروءة فتخلعين ، وأما الدين فتفسدين. النميمة ما ألفتها ، والكذب ما تعودته. رفيقك متى تأكدت سوء أخلاقه فتجنبه. أينما الفقير وجدته فأحسن إليه. رجعت إلى الوطن بعد غياب طويل فإذا أصدقائي فرقتهم الحوادث. الخبر نقلته كما سمعته. نصائح أساتذتك إن اتبعتها أورثتك الراحة والهناء في مستقبلك. المال هلا حافظت عليه وأنفقته في مواضعه. أفي المدرسة الوقت تضيعه؟ اللهمّ أمري يسره ، وعملي لا تعسره ، والسر فاكتمه ولا تنطق به.

إن الوطن خدمته خدمك. العلم ما انتشر في بلاد إلّا عمّرها.

__________________

(١) إن الاشتغال قد يقع في الرفع كما يقع في النصب. وذلك بأن يكون الرفع على الابتداء أو على الفاعلية بإضمار الفعل. فيجب الابتداء بعد إذا الفجائية مثلا نحو : خرجت فإذا سعيد يركض لأن «إذا» من الأدوات المختصة بالأسماء. وتجب الفاعلية في نحو : هلّا زيد قام لأن «هلّا» من الأدوات المختصة بالأفعال.

واعلم أن العامل المشغول عن الاسم السابق كما يكون فعلا ، يكون اسما بشرط أن يكون وصفا عاملا صالحا للعمل فيما قبله ، نحو : الطّعام أنا آكله الآن أو غدا.

١٥٦

الباب السادس : في المنصوبات

المنصوبات من الأسماء خمسة عشر ، وهي : المفعول به ، والمفعول المطلق ، والمفعول فيه ، والمفعول من أجله ، والمفعول معه ، والحال ، والتّمييز ، والمستثنى ، والمنادى ، وخبر كان وأخواتها ، وخبر الحروف المشبّهة بليس ، وخبر أفعال المقاربة ، واسم إنّ وأخواتها ، واسم لا الّتي لنفي الجنس ، والتّابع للمنصوب : من نعت وعطف وتوكيد وبدل.

في هذا الباب مباحث

المبحث الأول : في المفعول به

المفعول به : اسم دلّ على ما وقع عليه فعل الفاعل ولم تغيّر لأجله صورة الفعل ، نحو : يحبّ الله المتقن عمله.

أ ـ ويكون المفعول به اسما ظاهرا ، نحو : كافأت المخلص في عمله.

ب ـ ويكون المفعول به ضميرا متّصلا ، نحو : هداك الله (١).

ج ـ ويكون المفعول به ضميرا منفصلا ، نحو : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٥) [الفاتحة : ٥] والنّاصب للمفعول به ، فعل أو شبهه.

والأصل في ذلك الناصب أن يكون مذكورا. وقد يحذف وجوبا فيما يأتي.

١ ـ في الأمثال ، ونحوها ، نحو : الكلاب على البقر (أي أرسل) ونحو قولك للقادم عليك أهلا وسهلا ، أي : جئت أهلا ونزلت مكانا سهلا ، ونحو : قدوما

__________________

(١) إذا نصب الفعل ضميرين وجب فصل ثانيهما في موضعين :

أولا : إذا اتحدت رتبتهما في التكلم والخطاب والغيبة ، نحو : قول الأسير لمن أطلقه : ملكتني إياي ، وقول السيد لعبده : ملكتك إياك ، وقولك : علمته إياه.

ثانيا : إذا كان الضمير الثاني أعرف ، نحو : الثوب ألبسته إياك.

ويجوز الفصل في موضعين أيضا :

أ ـ إذا كان أول الضميرين أعرف من الثاني ، أو كانا لغائب واختلف لفظهما نحو الكتاب أعطينه أو أعطني إياه : وهم أحسن وجوها وأنضر هموما أو : أنضرهم إيّانا.

ب ـ إذا كان الثاني منصوبا بكان أو إحدى أخواتها نحو : الصديق كنته أو كنت إياه ، أو : بظن وأخواتها نحو : خلتينه ، أو : خلتني إياه ، وقد تقدم ذلك مستوفيا.

١٥٧

مباركا ، وغير ذلك.

٢ ـ في النّعوت المقطوعة إلى النّصب ، نحو : الحمد لله الحميد.

٣ ـ في الاسم المشتغل عنه ، نحو : سليما علّمه.

٤ ـ في الاختصاص ، نحو : نحن المصريّين كرام.

٥ ـ في التّحذير ، بشرط العطف ، أو التّكرار ، إذا كان بغير إيّا ، نحو : رأسك والسيف.

٦ ـ في الإغراء بشرط العطف أو التّكرار ، نحو : المثابرة المثابرة على العمل.

٧ ـ في المنادى ، نحو ؛ يا سيّد الرّسل (أي أنادي).

وقد يحذف جوازا إذا دلّت عليه قرينة ، نحو : صديقك ، في جواب من أكرمته؟ والأصل في المفعول به أن يكون مذكورا لكونه مقصودا في المعنى لإتمام الفائدة. وقد يحذف جوازا. وقد يجب حذفه. وقد يمتنع فيحذف جوازا إذا دلّ عليه دليل ، نحو. رعت الماشية ، أي عشبا ، أو كان معروفا ، نحو : شرب سليم فسكر ، (أي شرب الخمر) كما يحذف طلبا للاختصار ، نحو : يغفر الله لمن يشاء ، (أي يغفر الذّنوب) ويحذف وجوبا ، نحو : أفدت ، وأفادني الصّديق ، أي : أفدته إلى غير ذلك من الاعتبارات والاغراض التي يعنى بها البيانيّون في كتبهم.

والمفعول به : صريح وغير صريح. فالصّريح ما وصل إليه فعله مباشرة ، (أي بغير واسطة حرف الجر) ، نحو : فهمت الدرس.

والمفعول به غير الصّريح (١) ما وصل إليه فعله بواسطة حرف (٢) الجرّ ، نحو : ذهبت بسليم.

__________________

(١) ومن المفعول به غير الصريح ما كان مؤوّلا بمصدر ، نحو : علمت أنك مجتهد أي علمت اجتهادك وكذا الجملة المؤوّلة بالمفرد ، في نحو : رأيتك تكتب أي رأيت كتابتك.

(٢) وقد يسقط حرف الجر فينصب المجرور على أنه مفعول به ، ويسمى المنصوب على نزع الخافض نحو : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) أي من قومه واعلم أن من الأغراض التي يحذف المفعول به إذا وقع مصدرا عامله فعل المشيئة ونحوها كان شرطا وجوابه فعلا من لفظ المصدر نفسه نحو : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ) أي من شاء الإيمان ومن الأغراض إذا وقع عائدا إلى الموصول ، نحو : نشهد بما نعلم ، أي بما نعلمه. ومن الأغراض إذا وقع في جملة قد عطفت على جملة فيها مثله نحو : أكتب ما أريد وأنظم ، أي وأنظم ما أريد.

١٥٨

والمفعول به قد يكون واحدا (١). وقد يكون متعدّدا (٢) حسب الأفعال المتعدّية التي تنقسم إلى أربعة أنواع :

١ ـ نوع ينصب مفعولا واحدا ، نحو : حفظ ، وفهم.

٢ ـ ونوع ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر ، وهو جميع أفعال القلوب ، وأفعال التّصيير السّابقة.

فأفعال القلوب هي :

وجد ، وألفى ، ودرى ، وتعلّم ، وجعل ، وحجا ، وعدّ ، وزعم ، وهب ، ورأى ، وعلم ، وظنّ ، وحسب ، وخال.

وأفعال التّصيير هي :

جعل ، وردّ ، وترك ، واتّخذ ، وتخذ ، وصيّر ، ووهب.

٣ ـ ونوع ينصب مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبرا ، كأعطى وسأل ، ومنح ، وكسا ، وألبس ، وأطعم ، وسقى ، وأسكن ، وأنشد ، وأنسى ، وجزي.

والأصل : في المفعولين اللّذين ليس أصلهما مبتدأ وخبرا أن يقدّم ما هو فاعل في المعنى ، نحو : كسا سعد الفقير ثوبا.

٤ ـ ونوع ينصب ثلاثة مفاعيل وهو : أرى ، وأعلم ، وأخبر ، وخبّر ، وأنبأ ، ونبّأ ، وحدّث.

نحو : أرى الله العباد أيّوب صبورا ، ونحو : (يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ) [البقرة : ١٦٧] أعلمني الأستاذ سعدا نبيها.

فالمفعول الأوّل قائم بنفسه ، وأمّا الثّاني ، والثّالث ، فأصلهما مبتدأ وخبر.

وكلّ الأحكام المستحقّة لمفعولي (علم ورأى) السّابقة تسري للمفعولين الثّاني والثّالث من مفاعيل (أعلم وأرى).

__________________

(١) ما ينصب مفعولا واحدا بنفسه دائما كأفعال الحواس ، نحو : شممت المسك وسمعت الأذان ، ورأيت الهلال ، وذقت الطعام ، ولبست الثوب.

(٢) إذا تعددت المفاعيل فالأصل فيها تقديم ما له أصالة في التقدم. وهو ما كان مبتدأ في الأصل ، وذلك في باب (ظن) أو ما كان فاعلا في المعنى ، وذلك في باب (أعطى).

١٥٩

أمّا بقيّة الأفعال الّتي تنصب ثلاثة مفاعيل فلم تقع تعديتها إلى ثلاثة مفاعيل في كلام العرب إلّا وهي مبنيّة للمجهول ، نحو : أنبئت سعدا زعيما ، وهكذا (نبّأ وحدّث ، وأخبر ، وخبّر).

المبحث الثاني : في المفعول المطلق

المفعول المطلق مصدر يوتى به لتأكيد عامله (١) ، أو بيان نوعه ، أو عدده (٢) ، فأقسامه ثلاثة :

١ ـ مؤكّد للعامل ، نحو : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) [النساء : ١٦٤].

٢ ـ مبيّن للنّوع ، نحو : التفت التفاتة الأسد.

٣ ـ مبيّن للعدد ، نحو : تدور الأرض دورة واحدة في اليوم. وينوب عن المصدر في تأدية معناه وإعرابه مفعولا مطلقا (٣).

١ ـ مرادفه في المعنى ، نحو : قمت وقوفا أو وقوفا طويلا.

__________________

(١) المصدر المؤكد لا يثنّى ولا يجمع ولا يتقدّم على عامله لأنه يدلّ على الحقيقة المشتركة بين القليل والكثير. وهي لا تحتمل التعدد ، وأيضا هو بمنزلة تكرير الفعل. وأما المصدر المبيّن فيجوز فيه التثنية والجمع ، نحو : حكمت حكمين أو أحكاما ، لأنّه يدل على الأنواع والأفراد المنطوية تحت الحقيقة وهي قابلة للتّعدّد.

واعلم أنّه ينوب عن المفعول المطلق المؤكّد شيئان : الأول : مرادفه ، أي ما كان بمعناه ، نحو : قمت وقوفا ويكون المرادف نكرة في المؤكّد ، ومعرفة في النوعي.

والثاني ما شاركه في مادته كاسم المصدر له ، نحو : اغتسلت غسلا ، أو كمصدر فعل آخر ، نحو : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) أي تبتّلا ، (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً)[آل عمران : ٣٧].

(٢) وليس خبرا ولا حالا ، وليس من المفعول المطلق ، نحو : علمك غزير ، ولا نحو : ولّى مدبرا ، وأكثر ما يكون المفعول المطلق مصدرا ، والمصدر اسم الحدث الجاري على الفعل ، فخرج اغتسل غسلا ، وتوضأ وضوءا ، وأعطى عطاء ، فإن هذه أسماء مصادر لأنها لم تجر على أفعالها لنقص حروفها عنها.

(٣) سمّي مفعولا مطلقا لأنه لم يقيّد بحرف جر ونحوه : كالمفعول به ، والمفعول فيه ، والمفعول معه ، والمفعول لأجله.

١٦٠